د/ عبير عبد الصادق محمد بدوي1
1 أستاذ الأدب والنقد المساعد، أستاذ مشارك بجامعة الأزهر، كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية، مصر.
بريد الكتروني: drabirbadwy@yahoo.com
HNSJ, 2021, 2(10); https://doi.org/10.53796/hnsj21017
تاريخ النشر: 01/10/2021م تاريخ القبول: 20/09/2021م
المستخلص
الرواية الإسلامية التاريخية من أهم الروايات في تاريخ أي عصر من عصور الأدب، وحين تشتمل الرواية على حدث جلل تزداد أهميتها ودورها في التعبير عن مرحلة العصر، فتترك أثرًا عظيمًا في نفوس قارئيها، وحين يعبر عنوان الرواية عن مضمونها يكون ملمحًا من ملامحها، ومعبرًا تعبر منه إلى عناصرها، التي استطاع الروائي من خلالها أن يعبر عنها بلغته الشعرية في سرد أحداثها ببناء فني محكم؛ فتُعد لغته أساس العمل الإبداعي الروائي، مما يجعلها تأسر القارئ، وتدفعه إلى الولوج في عوالمها الخفية، كما تعلو شعرية سردها من قيمنا الحضارية والثقافية، وتبث القدوة في أبنائنا، فيستنيروا بها لبناء مستقبل زاهر يَلِيق بماضينا التَّلِيد.
ويهدف البحث إلى توضيح شعرية السرد في رواية “وا إسلاماه” للكاتب علي أحمد باكثير، وكيف أنها تركت أثرًا إيجابيًا في المتلقي، وذلك من خلال شد انتباهه ودفعه لمواصلة تتبع أحداث الرواية، وخلص البحث إلى أن رواية “وا إسلاماه” تضمنت عناصر شعرية السرد كاملة، حيث تضمنت سلسلة متصلة من الأحداث والشخصيات سارت نحو غاية محددة واتجاه محدد، مما يدل على أن باكثير كان على وعي وفهم دقيق بسرد وقائع أحداث الرواية التاريخية الإسلامية، مع الاحتفاظ بعنصر التشويق والإثارة حتى وصل بالرواية إلى نهايتها حاملة رسالتها التي أطلقتها بطلتها من خلال صرختها “وا إسلاماه”.
الكلمات المفتاحية: شعرية، السرد، رواية، وا إسلاماه، باكثير.
The Poetic Narration in The Novel “Wa Islamah” by Ali Ahmad Bakatheer
Dr. Abeer Abdel-Sadiq Muhammad Badawy1
1 Assistant Professor of Literature and Criticism, Associate Professor at Al-Azhar University, Faculty of Islamic and Arabic Studies for Girls in Alexandria, Egypt.
Email: drabirbadwy@yahoo.com
HNSJ, 2021, 2(10); https://doi.org/10.53796/hnsj21017
Published at 01/10/2021 Accepted at 20/09/2021
Abstract
The historical Islamic novel is one of the most important novels in the history of any era of literature, and when the novel includes a glorious event, its importance and role in expressing the era increases, so it leaves a great impact on the hearts of its readers, and when the title of the novel expresses its content, it is a feature of its features, and a way to express it. To its elements, through which the novelist was able to express it in his poetic language in narrating its events in an elaborate artistic construction; His language is the basis of the novel’s creative work, which makes it captivate the reader and pushes him to enter into its hidden worlds, as well as the poetry of its narration surmounting our civilizational and cultural values, and it broadcasts an example to our children, so they enlighten them to build a prosperous future befitting our past.
The research aims to clarify the poetic narration in the novel “Wa Islamah” by Ali Ahmad Bakatheer, and how it left a positive impact on the recipient, by drawing his attention and pushing him to continue tracking the events of the novel. The research concluded that the novel “Wa Islamah” included the poetic elements of the entire narration. , As it included a continuum of events and characters that traveled towards a specific goal and a specific direction, which indicates that Bakathir was aware and accurate understanding of the facts of the events of the Islamic historical novel, while preserving the element of suspense and excitement until the novel reached its end, carrying the message that her heroine launched through her cry “Wa Islamah””
Key Words: poetry, narration, novel, and Islam, Bakathir.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، حمد الشاكرين، وصلواته على محمد سيد المرسلين وعلى آله أجمعين.
أما بعد:
فقد اختار «باكثير» لروايته «وا إسلاماه» فترة زمنية تُعد من أصعب وأحلك فترات تاريخ العالم الإسلامي، حيث أُبيدت شعوب، وهُزمت جيوش، وشُتتت أمم، وأكد «باكثير» على عنايته باختيار هذا العصر التاريخي تحديدًا في بداية روايته بقوله: «هذه قصة تجلو صفحة رائعة من صفحات التاريخ المصري في عهد من أخصب عهوده، وأحفلها بالحوادث الكبرى والعبر الجلى، يطل منها القارئ على المجتمع الإسلامي في أهم بلاده من نهر السند إلى نهر النيل…، ويشاء الله أن تحمل مصر لواء الزعامة في هذا الجهاد الكبير، فتحمي تراث الإسلام المجيد بيومين من أيامها عظيمين كلاهما له ما بعده: يوم الصليبيين في فارسكور، ويوم التتار في عين جالوت»[1]. ومن هنا كان اختيار هذا الموضوع.
- أسباب اختيار الموضوع:
وقع اختياري على رواية «وا إسلاماه» لقلم شاعر، وكاتب مسرحي، وروائي مصري من أصل حضرمي، إندونيسي المولد من أهم كُتاب القصة التاريخية ألا وهو “باكثير”، ومن أسباب اختياري لهذه الرواية أنها تمثل ماضي وحاضر وواقع العالم العربي الإسلامي في صفحة من أهم صفحات التاريخ الإسلامي، كما أن باكثير يعالج من خلالها قضية الفرد ممثلة في قضايا المجتمع؛ قضية صادقة، مضمونها الدفاع عن دين الله ودولة الإسلام، كما أنها أول رواية لأديب غیر مصري تقرر على طلاب المدارس في مصر.
- أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في الوقوف على جماليات شعرية السرد في رواية باكثير، وإبراز ملامحها، والوقوف على مواطن الجمال فيها بإضافة لبنة في هذا المجال إلى ساحة النقد الأدبي.
- أهداف البحث:
يهدف البحث إلى دراسة شعرية السرد في رواية “وا إسلاماه”، والتركيز على عناصرها باستخراج الملامح الإسلاميَّة التاريخية، وربطها بواقع المجتمع المعاصر.
- ومن ثم تمثلت إشكالية البحث في مجموعة من الأسئلة:
- ما مفهوم شعرية السرد؟
- أين تتجلى شعرية السرد في رواية “وا إسلاماه”؟
- ما إمكانية استخلاص شعرية السرد من رواية “وا إسلاماه”؟
- هل استطاع باكثير أن ينقل للمتلقي عناصر شعرية البنية السردية في روايته “وا إسلاماه”؟
- صعوبات البحث:
- عدم وضوح مفهوم الشعرية السردية في الرواية التاريخية لدى بعض الباحثين والدارسين.
- قلّة الدراسات النقدية في شعرية السرد، حيث لا تتعدى بضع صفحات في بعض الكتب، أو بعض المقالات في بعض المجلات الأدبية النقدية.
- ما زالت مراجع الدراسات السردية الخاصة بالرواية نظرية بحته، ذات طابع أكاديمي.
- الدراسات السابقة:
- الرؤية الإسلامية في روايات علي أحمد علي باكثير، رسالة ماجستير، تخصص: أدب عربي حديث ومعاصر، إعداد: منى عبابسة، نصيرة بن زروال، إشراف: فریدة درامنیة، جامعة العربي بن مهيدي، كلية الآداب واللغات، قسم اللغة والأدب العربي، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية،1441هـ- 2019م. حيث عرض البحث لبعض عناصر الرواية.
- منهج البحث:
تتبعت في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي، الذي يصف سردية الرواية محللًا عناصرها.
- خطة البحث:
وقد قسمت البحث إلى مقدمة، وتمهيد، ومبحثين، وخاتمة بها أهم نتائج البحث والتوصيات، ثم مصادر ومراجع البحث.
– التمهيد: تناولت فيه مفهوم الشعرية السردية بين الفكر الغربي و الفكر العربي.
– الفصل الأول: شعرية البنية السردية في رواية “وا إسلاماه”.
– المطلب الأول: الحدث في رواية “وا إسلاماه”.
– المطلب الثاني: الزمان في رواية “وا إسلاماه”.
– المطلب الثالث: المكان في رواية “وا إسلاماه”.
– المطلب الرابع : الشخصيات في رواية “وا إسلاماه”.
– المبحث الثاني: العناصر الجمالية في الخطاب السردي في رواية “وا إسلاماه”. الأبعاد والدلالات.
- المطلب الأول: رمزية العنوان والأبعاد الإسلامية “التاريخية”.
- المطلب الثاني: ثنائية المواقف.
- المطلب الثالث: الاقتباس من القرآن الكريم والسنة النبوية.
– الخاتمة، وقد تضمنت أهم النتائج التي توصلت إليها، وأهم التوصيات، ثم ثبت بأهم المصادر والمراجع .
وأرجو أن يكون هذا البحث لبنة جديدة في مجال دراسات شعرية السرد في الرواية العربية، وإضافة لحركتنا النقدية العربية المعاصرة، ومساعدة على إثراء حركة النقد العربي.
و الله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
تمهيد: مفهوم الشعرية السردية بين الفكر الغربي و الفكر العربي.
مفهوم شعرية السرد:
شغل مفهوم الشعريَّة في الغرب منذ القدم إلى الآن العديد من الدراسات، وتم ربطه بمسأَلة الأَجناس الأَدبيَّة, وهو انشغال يتأَتَّى أساسًا من التصوُّر الغربيّ ذاته للنص الأدبيّ عبر العصور، والمدارس، والبنية النصّيَّة، ويُعد مفهوم الشعرية من المفاهيم المثيرة للنقاش والجدل، وقد بدأ التأسيس لهذا المفهوم من قبل (أرسطو) في كتابه (فن الشعر)، إذ حاول أن يؤسس له بشكل يتناسب والزمن الذي عاش فيه. ولا ترتكز الشعرية على دراسة الشعر فحسب، بل تكمن فيها الدراسة اللغوية، والجمالية، والدلالية، والصوتية.
فالشعرية من وجهة نظر “جيرار جينيت:(Gnette Gerard) ” “نظريَّة عامَّة للأشكال الأدبيَّة”[2]، أي الطبقات العامة المختلفة أو السامية التابع لها النص، والوظيفة الشعرية عند “جاكبسون(Jakobson) ” أهم وظيفة من الوظائف الست، وهذه الأهمية لا تلغي عمل الوظائف الأخرى.
- الرسالة: وهي النص السردي “وا إسلاماه”.
- المرسل: وهو باكثير.
- المرسل إليه: وهو المتلقي.
- الوسيلة أو ” قناة الاتصال”: وتشمل اللغة.
- السياق: المرجعية التاريخية للرواية.
- الشفرة: وهي المضمون الذي تحمله الرواية “أحداث ووقائع التاريخ الإسلامي”.
من خلال ما تقدم يمكن القول: إن النص هو كلّ كلام متّصل ذي وِحدة تقوم على بداية ونهاية، ومن أبرز سماته التماسك والترابط، فكل العناصر السابقة تعمل متآزرة ومتعاونة لإنتاج النص اللغوي، وهذا التفاعل يؤدّي بالنصّ إلى إحداث وظيفته التي تتمثّل في خلق التواصل بين مُنتِج النصّ ومُتلقّيه[3].
لقد أَصْبَح النص فضاءً ذا معانٍ متعدِّدة, وأصبحت الشعريَّة – تبعًا لذلك- بحثًا في هذا الفضاء, فالنصّ إذن موضوع الشعريّة التطبيقي, أمَّا ما يعنيه “جينيت” بقوله: “ ليس النصّ هو موضوع الشعريَّة، بل جامع النصّ“ فهو كلّ العناصر الداخلة في النص التي تولِّد شعريَّته, وبناء على هذا يُعْنَى “جينيت” بما يُسَمِّيه “التعالي النصّيّ”: “أَي ما يجعل النصّ في علاقة خفيّة أم جليّة, مع غيره من النصوص”[4].
“إن الانتباه إلى السرد العربي والوعي به جزء من الأبعاد والمرامي البعيدة، التي نريد تحقيقها من خلال إعادة النظر في تصوراتنا الأدبية القديمة، وامتداداتها في عصرنا الراهن، وتجديد رؤيتنا إلى الإنتاج العربي في مختلف مستوياته وتجلياته”[5].
وسواء أفصح الأديب عن مكونات السرد في العمل الروائي أو أضمره فهناك مكونات “في البيئة المعمارية للنص الروائي، انطلاقًا من كون عناصر الرواية أو مكوناتها تخضع للمقولة التي يريد الروائي إيصالها للقارئ، وإلى قدرته الفنية على البناء الروائي، الذي يحمل هذه المقولة من غير أن يشعر القارئ بالمباشرة والخطابية التي تخرج الرواية عن طبيعة الأدب“[6].
ولم تكن المزية في الشعرية فيما يقوله الشاعر أو فيما يثبته، إنما كانت في طريقة الانتباه، فتكمن شعرية هذه الطريقة في مدى تأثيرها على السامع “ ليس شعري كيف يتصور وقوع قصد منك إلى معنى كلمة دون أن تريد تعليقها بمعنى كلمة أخرى، ومعنى القصد إلى معاني الكلم أن تعلم السامع بها شيئًا لا يعلم”[7]
وقد وردت كلمة السرد في “القرآن الكريم” على شكل توجيه للنبي داوود -عليه السلام- يعلِّمه فيها صناعة الدروع، يقول الله تعالى: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾[8]، أي “نسج الدروع قيل لصانعها سراد، أي اجعله بحيث تتناسب حلقه”[9].
أما في معجم مقاييس اللغة فالسرد: “هو كل ما يدل على توالي أشياء كثيرة يتصل بعضها ببعض”[10].
وهذا معناه أن السرد توالي أشياء كثيرة يربط بعضها ببعض، بمعنى رواية الحديث المتتابع الأجزاء، يشد كل منها الآخر في ترابط و تناسق.
إذًا فالسرد هو: “العملية التي يقوم بها السارد أو الحاكي (أو الراوي)، وينتج عنها النص القصصي المشتمل على اللفظ (أي الخطاب) القصصي، والحكاية (أي الملفوظ) القصصي“[11].
إذن تقوم الحكاية على دعاميتين أساسيتين:
أولًا: قصة تضم أحداث معينة.
ثانيًا: “طريقة تحكي بها هذه القصة، وتسمى هذه الطريقة سردًا”[12].
“فالسرد هو الكيفية التي تروى بها القصة عن طريق هذه القناة نفسها، وما تخضع له من مؤثرات، بعضها متعلق بالراوي والمروي له، والبعض الآخر متعلق بالقصة نفسها“[13].
وكانت الساحة النقدية العربية منذ بداية القرن العشرين على وعي بأهمية التناسق الداخلي في بناء الرواية بين أحداثها وشخصياتها، واستنتج النقاد العرب قواعد معينة حاولوا إلزام المبدع بها، فلكي يعتد بعمله يجب[14]: “أن يكون له في تأليف الحوادث التفصيلية التي تتشعب من القصة الأساسية الأولى وتكون منها بمثابة الأجزاء المكملة، وفي ربط تلك الأجزاء بعضها ببعض، وفي حسن التمازج بين ما يكون في الرواية من معان أخلاقية ومغاز أدبية، وبين جوانب الرواية وأشخاصها، ولا يكون الكاتب في نظرنا جديرًا بأن يقال عنه بأنه روائي إلا إذا وفق إلى ملاحقة هذه الاعتبارات الدقيقة، وفي ذلك تتفاوت أقدار الروائيين“[15]. و“العمل السردي ينشأ عن فن السرد الذي هو إنجاز اللغة في شريط محكي استرجاعي، يعالج أحداثًا خيالية في زمان معين، وحيز محدد، تنهض بتمثيله شخصيات هندسية، يصمم هندستها مؤلف أدبي“[16].
ولا شكَّ أنَّ رواية “وا إسلاماه” من الروايات التاريخيَّة الإسلاميَّة العظيمة، فهي مَلحَمة إسلاميَّة بحقٍّ، سجَّلت وقائع تاريخيَّة حدثت بأسلوبٍ قصصي محبَّب إلى النُّفوس، وكاتبها الأستاذ علي أحمد باكثير بحقٍّ من كُتَّاب الأدب الإسلامي الملتزم، ورائد الرواية التاريخيَّة الإسلاميَّة، وقد عنى فيها بجميع عناصر سرد الرواية التاريخية من عنوانها إلى نهايتها، وهو ما ستوضحه الصفحات القادمة.
المبحث الأول: شعرية البنية السردية في رواية “وا إسلاماه”.
- المطلب الأول: الحدث في رواية “وا إسلاماه”.
وجد باكثير في النص التاريخي مساحة آمنة ونماذج ساطعة يمكن أن تحتذى لشحذ الهمم لواقع محاط بالمحن والانقسامات، فتستطيع الأمة أن تستعيد مجدها ودورها الحضاري في بناء حاضرها ومستقبلها، “والمكان أو الفضاء الروائي يعد عنصرًا شكليًا فاعلًا في الرواية لما يتوفر عليه من أهمية كبرى في تأطير المادة الحكائية وتنظيم الأحداث والحوافز.. وكذلك بفضل بنيته الخاصة والعلائق التي يقيمها مع الشخصيات والأزمنة والرؤيات”[17].
بدأت أحداث رواية “وا إسلاماه” قبل مولد بطلها محمود “قطز” المظفر بسرد باكثير بداية الأحداث من خلال سرد “حوار بين السلطان (جلال الدين) وابن عمه وزوج أخته الأمير (ممدود) حول موقف (خوارزم شاه) عندما تحرش لقتال التتار.. وكان رأى (جلال الدين) أن والده (خوارزم) قد أخطأ في ذلك، لأنه مكن التتار من دخول البلاد، فارتكبوا فظائعهم الوحشية التي قتلوا فيها الرجال، وذبحوا النساء والأطفال، وبقروا بطون الحوامل، وهتكوا الأعراض!
ولكن الأمير (ممدود) دافع عن وجهة نظر عمه (خوارزم) بأنه قاتل التتار دفاعًا عن الإسلام، ونشرًا لمبادئه الخالدة في أقاصي بلاد العالم، وفى سبيل ذلك ضحى بنفسه ومات شهيدًا“[18]. أما عقدة الروایة فقد ظهرت ملامحها في المقدمة من خلال الحدیث الذي دار بین السلطان “جلال الدین بن خوارزم شاه” و ابن عمه “الأمیر ممدود”، كشف هذا الحدیث اللثام عن هجوم التتار على أطراف الدولة الإسلامية إثر تحرش “جلال الدین” بهم، فكانت النتیجة أن استفعل خطر التتار، وأخذوا يسلكون تهديدًا حقیقیًا للأمة الإسلامیة من شرقها إلى غربها، ولكن الأمة الإسلامية في تلك الآونة كانت قد أصابها الوهن، وأصبحت عاجزة عن المحافظة على حدودها، بل حتى عن عقر دارها في بغداد“[19].
و من خلال سير أحداث الرواية يمكن أن نرسم خطًا بيانيًا يمثل هذا التصور:
- المقدمة أو العرض.
- الحادثة الابتدائية.
- نهوض الحركة إلى نقطة تحولها.
- نقطة التحول.
- الهبوط أو الحل.
- الخاتمة[20].
فقد قضى المسلمون تمامًا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر بالقضاء على قائدهم، فلم يبق على قيد الحياة من الجيش أحد بالمرة.. لقد فني الجيش الذي اجتاح نصف الكرة الأرضية. فني الجيش الذي سفك دماء الملايين، وخرب مئات المدن، وعاث في الأرض فسادًا. هنيئًا لكم أيها المسلمون بالنصر العظيم! هنيئًا لك يا قطز.. فقد حان وقت قطف الثمار![21].
وارتفعت راية الإسلام وتهاوت راية التتار. وغطّت “وا إسلاماه” تاريخًا حافلًا من تاريخ الأمة الإسلامية أيام التتار بأسلوب سردي غير ممل ولا مبعثر، ترتّب الأحداث والوقائع من غير تكلّف ولا مشقة، وقدمت أحداث تلك الفترة التاريخية على طبق من ذهب لمن ليس على دراية كافية بها بأسلوب راقٍ، وتدفقت فيه المعلومات والأحداث في سياق درامي مشوق؛ فهي توظيف أدبى راقٍ لإحدى أعظم قصص المجد في تاريخنا الإسلامي وأدبنا العربي، واستطاع أحمد علىّ باكثير أن يأثر القارئ بين سطورها منذ بدايتها وحتى النهاية.
والرواية مليئة بالأحداث الرئيسة والفرعية؛ تناول الكاتب فيها فترة حسَّاسة من التاريخ الإسلامي، تعرَّض فيها العالم الإسلامي لهجمةٍ شرسة من التتار القادِمين من الشرق والصليبيين القادمين من الغرب، محاولًا فهم التاريخ لأخذ العبرة والعظة والاستفادة منه لإحياء التراث الإسلامي، ولذلك “فإنَّ أعماله الروائيَّة التاريخيَّة تُثِير التأمُّل في الواقع الراهن أكثر ممَّا تثير التأمُّل في الواقع القديم، وهي لم تأتِ عَفْوَ الخاطر، ولكنَّها جاءت حَصِيلةَ احتِدامٍ معنوي في نفس الكاتب، وإجابةً على تساؤلاتٍ مؤلمة تتعلَّق بالواقع العربي والإسلامي، وبالتكالُب الاستعماري الغربي والشيوعي والصِّهيَوْني الذي يُذكِّر بتحالفات الأمس البعيد، وبالمحاولات التي تصدَّت لمواجهة ذلك الصراع، وأعادت إلى الإنسان العربي المسلم امتلاك مصيره”[22].
ویتضح لنا مما سبق أن الروایة التاریخیة لا ترتبط بالزمن الماضي فقط، بل تعبر عن الحاضر والمستقبل أیضًا، وتسهم في وضع رؤیة جدیدة لمستقبل أفضل، وهذا ما ركز عليه باكثير في عرضه لـ “وا إسلاماه”.
- المطلب الثاني: الزمان في رواية “وا إسلاماه”.
يمثل عنصر الزمن الضلع الثاني من أضلع سردية الرواية لارتباطه الوثيق بالفضاء المكاني “ولقيمته البنيوية العالية، التي تفوق لدى بعض النقاد قيمة الفضاء الروائي المعروض.. ومن هنا أيضًا قيل بأن التحديدات الزمنية لوضعية الحكي أكثر أهمية من التحديدات المكانية في الرواية“[23].
و“زمن الرواية متعدد الأبعاد، إذ يحتمل وقوع أكثر من حدث في وقت واحد، أما في الخطاب السردي فيصعب ذلك، لأن السرد ذو طبيعة خطية، لا بد فيه من بداية تنطلق منها الحكاية المروية في خط تصاعدي إلى أن تبلغ النهاية دون أن يتاح للكاتب أو للراوي التوقف، أو الخلط بين حدثين“[24]، ومن خلال النظر في رواية “وا إسلاماه” نجد القصة تقع في الماضي، أي في زمن تاريخي مضى وانقضى، فعلى لسان كاتبها يقول: “هذه قصة تجلو صفحة رائعة من صفحات التاريخ المصري في عهد من أخصب عهوده، و-أحفلها بالحوادث الكبرى والعبر الجلى، يطل منها القارئ على المجتمع الإسلامي في أهم بلاده من نهر السند إلى نهر النيل، وهو يستيقظ من سباته الطويل على صليل سيوف المغيرين عليه من تتار الشرق وصليبيي الغرب، فيهب للكفاح والدفاع عن أنفس ما عنده من تراث الدين والدنيا“[25] يستلهم التاريخ لرفع معنويات الحاضر.
وقد اعتمدت الرواية على البعد الزمني اعتمادًا كبيرًا، بدا ذلك في فصول الرواية التي بلغت ستة عشر فصلًا في حوالي مائتين وثمان وعشرين صفحة .
“فقد وقعت في فترة من فترات الدولة الأيوبية، وهي الفترة التي انتقل فيها الحكم من الأيوبيين إلى المماليك، وغزو التتار لمدينة بغداد، إضافة إلى تولى شجرة الدر حكم مصر، ومحاربة قطز للتتار، وانتصاره عليهم في معركة عين جالوت“[26]، تقريبًا الفترة المحصورة بين القرن الحادي عشر والرابع عشر الميلادي، وجميعها أحداث تاريخية حقيقية.
“فكان الفضاء الزماني للرواية حيث وقعت الأحداثُ فضاءً حافلًا بالفتن الشِّداد، والابتلاءات العظام، والحروب النفسيَّة الشَّرِسَة في الصِّراع الصَّليبي التتري ضد الإسلام من جهةٍ، وصِراع حكَّام الأقاليم والولايات الإسلامية الداخلي من جهة أخرى، بكافَّة صور هذين الصراعين”[27]. ومن هنا نستطيع تقسيم الفضاء الزمني لرواية “وا إسلاماه” إلى:
- زمن تاريخي: وهي الفترة التي وقعت فيها الأحداثُ تاريخيًا.
- زمن اجتماعي: وهي الفترة التي ملئت بالفتن الشِّداد، والابتلاءات العظام، والحروب النفسيَّة الشَّرِسَة في الصِّراع الصَّليبي التتري ضد الإسلام من جهةٍ، وصِراع حكَّام الأقاليم والولايات الإسلامية الداخلي من جهة أخرى.
- زمن نصي: وهي الفترة التي ينجح الكاتب فيها في توظيف أحداث الرواية.
“ومن المفترض وقوع مجموعة علاقات قائمة على ترتيب وقوع الأحداث في الواقع، وترتيب حدوثها في السرد، ونقصد به الترتيب الزمني.”[28].
فالكاتب يجعلنا نعيش الحوادث التي وقعت في الماضي فنمضي معها، وفيها كما لو كانت حاضرة أمامنا الآن. وهذا ما نجح فيه باكثير من خلال عرضه لترتيب أحداث “وا إسلاماه” “كما اعتمد على توظيف زمن المستقبل مع استعمال أفعال مضارعة في اللغة، ويشير السرد المتقدم إلى تموقع الراوي خلف الأحداث بحيث يكون على دراية تامة بمصائر الشخصيات ومعطيات القصة بصفة عامة“[29]، فقد جاء على لسان السارد: قال المنجم للسلطان جلال الدين: “إنَّك يا مولاي ستهزم التتار ويهزمونك، وسيولد في أهل بيتك غلامٌ يكون ملكًا عظيمًا، ويهزم التتار هزيمة ساحقة”[30]، “فباكثير دائمًا يستَشرِف المستقبل رغم أنَّ أغلب أعماله تاريخيَّة تَعُود إلى الزمن الماضي.”[31].
كما نلاحظ أن النص احتوى على كثير من الاسترجاعات السردية، بمعنى إيراد حدث سابق إضافة إلى أنه ” یعني أن یترك الراوي مستوى القص الأول لیعود إلى بعض الأحداث الماضیة، ویرویها في لحظة لاحقة لحدوثها”[32]، لربط أجزاء وأحداث الرواية بعضها ببعض، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن استشرافات المستقبل مستندًا على أحداث الماضي.
وقد جمع باكثير بين:
- الاسترجاع الخارجي، الذي يعود إلى ما قبل بداية الرواية.
- الاسترجاع الداخلي، الذي يعود إلى ماض لاحق لبداية الرواية قد تأخر تقديمه في النص.
- الاسترجاع المزجي، وهو ما يقع بين النوعين[33].
“ولما كان لا بد للرواية من نقطة انطلاق تبدأ منها، فإن الروائي يختار نقطة البداية التي تحدد حاضره، وتضع بقية الأحداث على خط الزمن من ماض ومستقبل، وبعدها يستطرد النص في اتجاه واحد في الكتابة غير أنه يتذبذب ويتأرجح في الزمن بين الحاضر والماضي والمستقبل“[34]، ومن هنا يتزامن الماضي والحاضر والمستقبل في النص الروائي .
ومن هنا نقول إن هناك خطين للزمن الروائي، خط الزمن الزمني وخط النص الزمني.
خط الزمن الزمني:
ماض حاضر مستقبل
حاضر ماض مستقبل حاضر مستقبل ماض ماض
خط النص الزمني:[35]
وقد جمع باكثير في روايته “وا إسلاماه” بين الخطين، ونجح في ترتيبهما. “إن ترتيب سرد الأحداث في الرواية وأولوية ذكرها هو جزء أساسي من تشكيل الرواية تشكيلًا فنيًا، وهو يعتمد أساسًا على مهارة الكاتب وإتقانه لحرفته“[36].
- المطلب الثالث: المكان في رواية وا إسلاماه.
تتكون الافتتاحية الروائية في الأعم الأغلب من عنصرين أساسين هما: الماضي والمكان، وقد عالج الروائيون في بداية روايتهم وصف المكان وتقديم الماضي بما يعرف الآن بالفلاش بك “فيبدأون في لحظة من لحظات حياة الشخصيات، ثم يعودون إلى الوراء ربما لسنوات طويلة، لإعطاء القارئ الخلفية اللازمة وإدخاله في عالم الرواية الخاص، وكانت هذه الافتتاحية تستغرق حيزًا كبيرًا نسبيًا من الرواية، نجح بعض الروائيين في اختصاره بالعودة إلى نفس الشخصيات“[37]، وهذا ما فعله باكثير في افتتاح روايته “وا إسلاماه “، “قال السلطان جلال الدین ذات لیلة للأمیر ممدود ابن عمه وزوج أخته، وكان یلاعبه الشطرنج في قصره بغزنة: غفر االله لأبي وسامحه،…ماكان أغناه من التحرش بالقبائل التتریة المتوحشة، إذن لبقيت تائهة في جبال الصين وقفارها، ولظل بيننا وبينهم ظل منيع“[38].
و”إذا تأملنا تحليلات السرد الأدبي نلاحظ أن جل اهتمامها بالأحداث ووظائف الشخصيات وزمن الخطاب والحال أن المكان لايعيش منعزلًا عن باقي عناصر السرد، وإنما يدخل في علاقات متعددة مع المكونات الحكائية الأخرى للسرد كالشخصيات والأحداث والرؤيات السردية…وعدم النظر إليه ضمن هذه العلاقات والصلات التي يقيمها يجعل من العسير فهم الدور النصي الذي ينهض به الفضاء الروائي داخل السرد” [39].
اعتَمَد باكثير في روايته” وا إسلاماه “على أماكن التاريخ الإسلامي على امتدادها المكاني من بغداد إلى مصر إلى سمرقند مرورًا بغزة ولاهور وخلاط، وجميعها بلاد وديار إسلامية، حرص الكاتب عليها حتى لا تخرج الرواية عن المسار الذي ارتآه لروايته، و قد تنوعت الأماكن في الرواية بين أماكن مفتوحة وأماكن مغلقة، وقد كان لكل مكان دوره ومساحته في الرواية، فمن الأماكن المفتوحة المدن وأماكن الحروب، وعلى سبيل المثال وليس الحصر:
1- سمرقند: إحدى قواعد جيوش جنكيز خان التي كان يهجم منها على الشرق الإسلامي، وهى الآن مدينة الاتحاد السوفيتي، وسكانها أكثرهم من المسلمين.
2- غزنة: عاصمة مملكة السلطان جلال الدين، وهى الآن من المدن الكبرى في أفغانستان.
3- لاهور : عاصمة المملكة الجديدة التي أقامها جلال الدين في الهند بعد أن فر من جيوش التتار، واستطاع أن يجعلها قلعة حصينة، ويهجم منها على التتار وينتصر عليهم، وهى من المدن الكبرى اليوم في باكستان.
4- خلاط : إحدى مدن الأكراد، اختطف أهلها محمود وجهاد.
5- المنصورة : عاصمة محافظة الدقهلية الآن في مصر، وتم فيها الانتصار على الصليبيين والقضاء عليهم، وسجن فيها الملك لويس التاسع في دار ابن لقمان، التي لا تزال متحفًا وأثرًا حديثًا يؤكد شجاعة المصريين ومقاومتهم لكل معتد أثيم.
6- عين جالوت : حدثت فيها المعركة الخالدة التي تخلص فيها المسلمون من التتار وفظائعهم الوحشية.
7 – فارسكور: مدينة مصرية صغيرة قرب دمياط، شهدت كثيرًا من البطولات المصرية.
- الهند: هي المكان الذي هرب فیه “محمود” و “جهاد” بعد الإطاحة بالسلطان “جلال الدین”.
ثانيًا: الأماكن المغلقة:
أهم أماكن رواية “وا إسلاماه” المغلقة، والتي كان لها دور بارز في أحداث الرواية:
- القصر: حيث سكنه معظم شخصيات الرواية الأساسية “محمود” و”جهاد” ومرورًا بالسلطان “جلال الدین”.– المسجد: وبالرغم من ذكره مرة واحدة في الرواية؛ إلا أن دوره كان أكثر تأثيرًا، فقد استثمره باكثير كـ “منبر للعلماء الربانیین المحصلين، الذین یدعون بكل صدق إلى الثورة على الظلم والفساد ورفضه“[40].
- المطلب الرابع : الشخصيات في رواية “وا إسلاماه”.
” يمثل مفهوم الشخصية عنصرًا محوريًا في كل سرد، بحيث لا يمكن تصور رواية بدون شخصيات “[41] ” ومن ثم كان التشخيص هو محور التجربة الروائية”[42]
وقد حشد الكاتب شخصيات روايته من واقع تاريخ القصة، وأضفى عليها شخصيات خيالية لجذب انتباه المتلقي، فقدم الشخصية المثالية المشبعة بالتضحية والفداء وكانت الشخصية الرئيسة في النص الروائي، وبطلها الملك المظفر سيف الدين قطز: (هو محمود ابن الأمير ممدود ابن أخت السلطان جلال الدين) لازم خاله في حروبه وهو صغير، واختطفه أحد الأكراد، وباعه لأحد تجار الرقيق، وأطلق عليه اسم (قطز)، وقد قاد الجيوش الإسلامية ضد الأعداء، فانتصر على الصليبيين في موقعة (المنصورة)، وعلى التتار في موقعة (عين جالوت)، ولُقب بالملك (المظفر) وكانت نهايته على يد صديقه (بيبرس) الذى تسرع في قتله طمعًا في السلطان، وكان يتصف بقوة البنية، ومتانة الأعصاب، وصرامة الإرادة، وصدق الإيمان، ويُـعد قاهر التتار، ومُـجدد شباب الإسلام. يضرب بنزاهته وعدله، وشجاعته وحزمه، وصبره وعزمه، ووفائه وتضحيته، وحنكته السياسية وكفايته الإدارية، وإخلاصه في خدمة الدين والوطن مثلًا عاليًا للحاكم المصلح والرجل الكامل. وكأنه يرسم نموذجًا ليقتدي به شباب الأمة( النموذج الإيجابي [43] (protagoniste، وكان السلطان سيف الدين قطز على رأس السلطة في مصر وكان يدرك أن بقاء دولته الفتية يتوقف على اجتيازه ذلك الامتحان الكبير المتمثل في الغزو المغولي للممالك الإسلامية الذي استشرى خطره، وأن يثبت أنه بحق أهل للثقة التي أولاها إياه الأمراء في مصر ورجل الساعة بالفعل بعد اجماعهم على عزل الملك المنصور علي ابن المعز أيبك وتنصيبه على دولة المماليك وأخذ سيف الدين في إعداد الجبهة الداخلية، وحرص على رص الصفوف والتصالح مع المخالفين[44] “فاستطاع باكثير أنْ يُصوِّر بعض صفحات التاريخ الإسلامي الخالد، ويُعبِّر عن نماذجه الفذَّة في قصَّته “وا إسلاماه” حينما اتَّخذ نماذج إنسانيَّة تشبَّعت برُوح العقيدة، وانتصرَتْ لها وبها”[45].
كما تُقدِّم الرواية نماذج مشرفة للعلماء العامِلين متمثلين في شخصيَّات “ابن تيميَّة” و “العز بن عبدالسلام” وغيرهما من الذين نهضوا بمسؤوليَّاتهم كقيادةٍ روحيَّة للأمَّة، وكانوا أمثلة رائعة في علوِّ الهمَّة، وثبات الموقف، وجُرأة الرأي، والتعالي على الصغائر والدَّنايا. وتنقسم شخصيات الرواية إلي: الشخصیات الرئیسة :والتي تمثلت كما ذكرنا في شخصیة “محمود”، قطز بطل الروایة، ثاني الشخصيات الرئيسة “جهاد”: (بنت السلطان جلال الدين)، وحبيبة قطز، تربت معه، واختطفت معه، وبيعت في سوق الرقيق، وأطلق عليها اسم (جلنار)، تقلبت بها ظروف الحياة حتى التقت بقطز ثم تزوجته، وهى بطلة القصة التي أثارت حماسة الجيش باستشهادها في معركة (عين جالوت) وبقولها لزوجها: ( لا تقل وا زوجاه، ولكن قل وا إسلاماه )، الكلمة التي كانت عنان الروایة ومفتاحها عندما أصیبت في معركة عین جالوت، وقال لها زوجها:« وزاوجاه! واحبیبتاه»، ردت علیه: « لا تقل واحبیبتاه قل واإسلاماه»[46]، و لفظت أنفاسها الأخيرة. وهى التي قتلت الصبى التتري الذى أراد قتل قطز في أثناء هذه المعركة.
الشخصیات الثانویة:
و هي الشخصية التي يكون مساسها بالأحداث لأجل بيان بعض جوانب شخصية البطل.
– جلال الدين: ( ابن خوارزم شاه) حارب التتار، وانتصر في كثير من المعارك التي خاضها ضدهم، ولما أيقن أنه مهزوم لا محالة، خشى على أهله ونسائه أن يقعن أسرى في يد التتار المتوحشين فأغرقهم بنفسه في النهر، ثم خاضه وفر إلى الهند، وأقام له مملكة صغيرة في (لاهور)، وانتصر على التتار مرة أخرى، ولكنه استنجد بملوك المسلمين فلم ينجدوه، فقرر قتالهم قبل قتال التتار، وارتكب في البلاد الإسلامية من الفظائع كما يرتكب التتار، وكان في نيته أن يواصل غزوه حتى مصر والشام، ولكنه رجع إلى بلاده ليواجه (جنكيز خان). و قد عاقبه الله على ما أنزل بالمسلمين دون ذنب باختطاف ابنته (جهاد) وابن أخته (محمود)، وحزن عليهما حزنًا شديدًا كان سببًا في إصابته بالجنون حتى قتل غدرًا بيد مختطف الطفلين، وكان كرديًا موتورًا منه.
-الأمير ممدود: ابن عم السلطان جلال الدين، وزوج أخته، ووالد (محمود) الذى أصبح بعد ذلك السلطان سيف الدين قطز، وكان الید الیمنى للسلطان، وداعمًا أساسیًا لخوض المعركة ضد التتار، تاركًا وراءه زوجته، وصبیًا في المهد.
– خوارزم شاه : (والد السلطان جلال الدين)، ملك عظيم تحرش بالتتار المتوحشين وقاتلهم، ولكنه هُـزم، فقد كان متهمًا بتوسيع ملكه لخدمة دنياه، وخدمة الإسلام بنشره في أقصى البلاد، فضحى بنفسه، ومات شهيدًا.
– شخصیة “جيهان خاتون”: هي أخت “جلال الدین بن خوارزم شاه”، وزوجة “ممدود”، وأم للملك “المظفر قطز”.
– الشيخ سلامة : رجل هندي، حارس محمود وجهاد، یعیش في قصر السلطان “جلال الدین” منذ زمن طویل، وهو الذى ساعدهما في عبور النهر بعد غرق أهلهما، بعد أمر كل من “عائشة خاتون” و”جیهان خاتون”، أن یأخذهما ویهرب بهم إلى بلاد أخرى، ثم عاش معهما في قريته بالهند، ثم اختطف معهما، ولكن تاجر الرقيق لم يرغب في شرائه معهما فزودهما بنصائحه التي كان لها أثرها في هدوء أعصابهما، ثم ظل حزينًا عليهما لا يتذوق طعامًا حتى مات من الحزن.
– الشيخ العز بن عبد السلام: من علماء المسلمين، يُعد من أعظم شيوخ عصره، كان له نفوذ سياسي وديني كبير، وقد ساعد قطز في جمع الأموال لحرب التتار، وأثر في شخصيته تأثيرًا واضحًا، وله فتاوى جريئة ضد المماليك ونهبهم أموال الشعب، وأنه يجب مصادرة هذه الأموال للانتفاع بها للمصلحة العامة.
-غانم المقدسي : تاجر دمشقي من الأعيان، وهو الذى اشترى محمودًا وجهادًا، وكان رجلًا صالحًا يحب الصداقة ويحضر مجالس العلم، وكان يعاملهما معاملة طيبة ويعتبرهما بدلًا من أبنائه، وعرف ما بينهما من علاقة حب طاهر فوعدهما بأن يعتقهما ويزوجهما، ولكنه مات قبل تحقيق ذلك، فترك وصية لابنه لتنفيذ وعده، وقضى جل حیاته في البر والتقوى.
– موسى بن غانم المقدسي: لم ينفذ وصية والده بعتق (قطز وجلنار) وعمل على التفريق بينهما، وكان يقسو عليهما، ويراود (جلنار) عن نفسها، كما كان كثير اللهو والفسوق.
– الظاهر بيبرس: أحد رجال المماليك، تعرف على قطز عند بيعهما في سوق الرقيق، ثم أصبح من أمراء المماليك، وتعاون مع قطز في صد التتار، وله بطولات كثيرة في المعارك الحربية التي دارت ضد الصليبيين والتتار.. وكان شرسًا في طباعه، قوى الشكيمة، يسعى إلى السلطة، مما دفعه إلى التسرع في قتل صديقه (قطز) لظنه أن يحسده على بطولاته، ولكنه ندم عندما علم أن السلطان (قطز) كان يفكر في توليته سلطانًا على مصر مكانه.
– الصالح نجم الدين أيوب: ملك مصر أيام هجوم الصليبيين عليها، واستعد لصدهم على الرغم من مرضه الذى مات فيه قبل أن يرى انتصار بلاده عليهم في موقعة المنصورة.
– شجرة الدر: زوجة الملك الصالح نجم الدين أيوب، كانت ذات ذكاء ودهاء، تولت حكم مصر بعد وفاة زوجها فترة من الزمن، ثم تنازلت عنه بعد أن استنكر الخليفة العباسي أن تتولى الحكم امرأة، وبعد أن ثار عليها الأيوبيون لمقتل (توران شاه) ابن زوجها، وكانت سببًا في إثارة الصراع بين (عز الدين أيبك وأقطاي) للزواج بها، ففضلت عز الدين مما أثار عليها (أقطاي)، وحرك المؤامرات ضدها وضد زوجها وأراد الانتقام منها، فأسرعت باستثارة قطز عليه فقتله، ثم أخذت تسيطر على زوجها السلطان عز الدين، وتتحكم في الدولة مما دفع كلا منهما إلى التخلص من الآخر، وكانت أسرع منه فأمرت خدمها بقتله في الحمام، فأسرع مماليكه بالانتقام منها، فولوا ابنه سلطانًا ، فأمرت جواريها فضربنها (بالقباقيب) حتى ماتت.
– عز الدين أيبك: زوج شجرة الدر بعد موت زوجها (الصالح نجم الدين أيوب)، وتولى الحكم بعدها مشاركًا للملك الصغير ( الملك الأشرف) ثم مستقلًا بالملك بعد أن قبض عليه ورماه في سجن القلعة، ولقب بالملك (المعز)، وقد ثار عليه (أقطاي) لانتصاره عليه في زواجه من شجرة الدر، ولسجنه الملك الأشرف، ثم اختلف مع زوجته شجرة الدر، فدبرت مع خدمها خطة لقتله بالقصر.
– توران شاه : ابن الملك الصالح أيوب، ولم يقدر جميل شجرة الدر التي سلمته مقاليد الحكم بعد أن تنازلت عنه، وهددها بالقتل، وانهمك في الشراب والفساد، مما أغضب المماليك عليه فقتلوه.
– جنكيز خان : من قواد جيوش التتار الذين اجتاحوا الشرق الإسلامي، كان سببًا في هزيمة جلال الدين ودفعه لإغراق أهله بيده في النهر خوفًا عليهم من وحشية التتار وفظائعهم.
– هولاكو : حفيد جنكيز خان وقائد من قواد التتار الذين ارتكبوا فظائع وحشية في بغداد.
– سيف الدين بغراق: من أعظم قواد جلال الدين، استطاع أن يهزم جيش الانتقام الذى أعده التتار للمسلمين.
– فارس الدين أقطاي: من كبار المماليك، ومن أعداء عز الدين أيبك، ومن المنافسين له في الحكم وفى حب شجرة الدر، وأثار الفتن ضدهما، فقتله قطز بتدبير من شجرة الدر.
– المنصور : ابن عز الدين أيبك، الذى تولى الحكم بعد قتل شجرة الدر وعمره خمسة عشر عامًا، وقد قام قطز بعزله لكثرة مفاسده، وانصرافه عن مشاغل الملك، وحتى يستطيع قطز التفرغ لقتال التتار.
-لويس التاسع: ملك فرنسا وقائد الجيوش الصليبية، هُزم في موقعة المنصورة، وسُجن في دار ابن لقمان، ولم يفرج عنه إلا بعد أن دفع فدية كبيرة دفعتها زوجته.
-الملك الأشرف: أحد ملوك المسلمين الذين رفضوا نجدة جلال الدين في حرب التتار فأقسم جلال الدين أن يغزون بلاده، وليفعلن بها كما يفعل التتار المتوحشون عقابًا لعدم مساعدته لجلال الدين.
والعديد من الشخصيات الثانوية التي لعبت دورًا هامًا في أحداث الرواية، وكانت مكونًا أساسًا من مكونات سرد الرواية وسببًا في نجاحها.
“ولما كانت الشخصية من منظور النقد الروائي التقليدي، والكتابة الروائية التقليدية معًا؛ هي كائنًا حيًا مسجلًا في الحالة المدنية: يولد، فيعيش، فيموت، بمعنى أن شخصيات الرواية بصفة عامة، وشخصيات الرواية التاريخية بصفة خاصة صورة للذين يحيون في المجتمع“[47]. وهذا ما صنعه ويصنعه باكثير في رواياته التاريخية .
المبحث الثاني
العناصر الجمالية في الخطاب السردي في رواية وا إسلاماه. الأبعاد والدلالات.
استخدم الكاتب أسلوبًا سردیًا اعتمد على ضمیر الغائب الذي یلائم القص التاريخي، مثل: “ نزاهته، عدله، شجاعته، حزمه، صبره، عزمه ووفائه وتضحيته، حنكته السياسية، وكفايته الإدارية، وإخلاصه ..” [48]“ فاللغة في الواقع تكشف في كل مظاهرها وجهًا فكريًا ووجهًا عاطفيًا، ويتفاوت الوجهان كثافة حسب ما للمتكلم من استعداد فطري، وحسب وسطه الاجتماعي، والحالة التي يكون عليها” [49]، وجمع باكثير بين نوعين من السرد:
أولًا- السرد التقریري المباشر: مثل قول المنجمين: “إنك یا مولاي ستهزم التتار ویهزمونك، وسیولد في أهل بیتك غلام یكون ملكًا عظيمًا على بلاد عظیمة، ویهزم التتار هزیمة ساحقة” [50].
ثانيًا- السرد التحلیلي: مثل وصفه للشيخ غانم المقدسي: “ومات الشیخ غانم المقدسي بعد حیاة عدیدة قضاها في البر والتقوى، والإحسان إلى الفقراء والمساكین، والإنفاق على الیتامى والأرامل، فبكاه الناس وأسفوا لفقده وترحموا علیه“ [51].
- المطلب الأول : رمزية العنوان والأبعاد الإسلامية “التاريخية”:
العنوان عتبة قراءة النص الأدبي، فهو واجهة النص ومحركه الأول، ومن خلاله ينطلق المتلقي للوقوف على احتمالات كثيرة من التفسير والتأويل، ويقوم بدور الرمز الاستعاري المكثف لدلالات النص. “فكل عنوان هو مرسلة ” “Massage صادرة من “مرسل” Adress إلى “مرسل إليهAdressee“، وهذه المرسلة محمولة على أخرى هي ” العمل” فكل من ” العنوان ” وعمله” مرسلة مكتملة ومستقلة، أما الوظيفة العملية، فتمثل التفاعل السيميوطيقي، ليس بين المرسلتين فحسب، وإنما بين كل من المرسل والمرسل إليه أيضًا، وعلى قاعدة المرسلتين، وإن بشكل غير مباشر إن” المرسل” يتأول ” عمله” فيتعرف منه على مقاصده، وعلى ضوء هذه المقاصد يضع عنوانا لهذا العمل“[52]والسؤال هنا هل اختار باكثير عنوان روايته مسبقًا أم بعد الانتهاء من كتابتها؟ وما مقصده من لفظة “وا إسلاماه” التي نطقت بها بطلة روايته قبل استشهادها؟ بداية “لا يمكن للقارئ أن يهتدي إلى دلالة العنوان إلا بعد أن يقطع شوطًا عظيمًا في قراءة الرواية أو يتمها، فيقف على الأسرار المختبئة في زوايا السرد، وعندئذ يقارن بين انطباعه الأولي والمعنى الروائي الذي استحصد في نهاية المطاف، بعد الوقوف على البنية العميقة للرواية“[53]، وقد لجأ الأديب إلى الرمز “وا إسلاماه” ليبرز اجتياح التتار لبلاد الإسلام، وإبادتهم للشعوب الإسلامية، وأكد باكثير على هذا المعنى في مواطن عديدة من روايته يقول في بدايتها: “هذه قصة تجلو صفحة رائعة من صفحات التاريخ المصري في عهد من أخصب عهوده، وأحفلها بالجولات الكبرى والعبر الجلى، يطل منها القارئ على المجتمع الإسلامي في أهم بلاده من نهر السند إلى نهر النيل“[54]. “وهنا مكمن الرؤية الإسلامية لدى “باكثير”، حيث تأكيده عبر الشاهد التاريخي على مدى قدرة المبادئ والقيم الإسلامية على مد أجيال الحاضر بكل ما يحتاجون إليه من رصيد روحي ومادي، للخروج من أزمات الحاضر الخانقة، فكأن المؤلف يستنهض الهمم الإسلامية لدفع أخطار التتار الجديدة في كل أرض تعرضت للاعتداء، عبر الدعوة إلى استلهام مثل تلك المبادئ السامية التي حركت أجدادنا فيما مضى، وقادرة على أن تحرك الأحفاد فيما يأتي، لاستعادة مجد الأمة، ورد عدوان المعتدين“ [55]، فنجح في إسقاط الماضي على الحاضر.
وهذا المقطع من السرد، يشرح دلالة عنوان رواية باكثير:
“قد بلغ الاهتمام بالعنوان حدًا كبيرًا يكشف عن جهد يكاد يوازي الجهد المبذول في صياغة العمل الروائي نفسه. وإذا كانت الرواية تهدف إلى الكشف عن بنية بعينها، يستخلصها القارئ بعد الفراغ من القراءة، فإن العنوان يضع يد القارئ على هذه الدلالة في شيء من التكثيف والتركيز دفعة واحدة” [56]، وقد نجح باكثير في اختيار عنوان روايته ومطابقته لأحداثها وشخصياتها.
والحق أن التاريخ العربي الإسلامي معين لا ينضب، يرفد الكُتاب بالأحداث والشخصيات والوقائع التي تعينهم على التعبير عن معانيهم المعاصرة وأداء رسالتهم.
- المطلب الثاني: ثنائية المواقف:
الخير والشر، الحق والباطل، الحب و الكره، السلام والحرب، الوطن والمنفى، الحرية والعبودية، حقارة الدنيا وغرور متاعها، السياسة بمغانمها ومغارمها، وشروطها القاسية، التاريخ والحاضر، الواقع والمستقبل، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الدين والدنيا، الشراء والبيع، ثنائيات عديدة سردت في رواية “وا إسلاماه”، فقد شحنت الرواية بعبق التاريخ وسحر اللغة، وطهارة الحب وذكريات الماضي، عنى باكثير في سرد وقائع وأحداث تاريخية حقيقية، وكمنت براعته في جذب انتباه المتلقي في إطار انطلق منه لعرض قضية الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله، فوصف الجهاد في سَبِيل الله بالنفس والمال، وما ينتظر المجاهدين من أجرٍ عظيم عند الله تعالى، وذلك من خِلال عرضه لجهاد الإيرانيين بقِيادة جلال الدين خوارزم شاه والأمير ممدود والد قطز ضد التتار، وجِهاد المصريين والشاميين ضدَّ الصليبيين القادِمين من الغرب والتتار القادِمين من الشرق“ [57] أيها الأعداء !أيها الأصدقاء!- أجل ستكونون أصدقائي إذا أعدتم ولدي إلى- رحماكم بي !أما تعرفون من أنا؟ أنا التعس الشقي ! أنا الوحيد الطريد، ذهب ملك أبي فمات في الجزيرة غما، وذبح التتار إخوتي وأعمامي، وسبوا جدتي وعماتي – نعم جدتي تركان خاتون بنت الملوك وأم الملوك، أما فيكم من شهدها وهي تنثر الذهب والدر على الغني والفقير، والبعيد والقريب، والمقيم والغريب، أليس فيكم أيها اللصوص، أيها الأصدقاء، أيها الأعداء، أيها الكرماء، أيها الأنذال … ” [58].
العديد والعديد من الثنائيات في رواية “وا إسلاماه “المشحونة بكثافة التاريخ وسحر اللغة، وطهارة الحب وذكريات الماضى. “فلنأخذ من الماضي بقدر، نأخذ منه ما يدفع ويرفع وينفع، وندع منه ما يثبط ويُقعد وينيم، إننا لا نريد أن نعود إلى الزمان الماضي، فالزمان يمشي أبدًا لا يقف ولا يعود، ولا نعود إلى مثل معيشة الزمان الماضي ونترك ثمرات الحاضر، ولكن نعود إلى المُثل العليا وإلى الفضائل التي لا تفقد قيمتها بمرور الزمن، فكما أن الذهب والألماس لا يغيره القِدم ولا يصدأ كما يصدأ الحديد، فإن في المعاني ما هو كالألماس والذهب في المعادن” [59].
فقد “غطّت “وا إسلاماه”، تاريخًا حافلًا من تاريخ الأمة الإسلامية أيام التتار بأسلوب سردي غير ممل ولا مبعثر، ترتّب الأحداث والوقائع من غير تكلّف ولا مشقة، وقدمت أحداث تلك الفترة التاريخية على طبق من ذهب لمن ليس على دراية كافية بها، بأسلوب راقٍ، وتدفقت فيه المعلومات والأحداث في سياق درامي مشوق؛ فهي توظيف أدبى راقي لإحدى أعظم قصص المجد في تاريخنا الإسلامي وأدبنا العربي، واستطاع أحمد علىّ باكثير، أن يأثر القارئ بين سطورها منذ بدايتها وحتى النهاية” [60].
-المطلب الثالث كثرةُ الاقتباسات من القرآن الكريم والسنة النبوية:
كثرت اقتباسات باكثير في روايته من القرآن والسنة، ولا غرو فالرواية تاريخية إسلامية منبعًا وأصلًا وجذورًا، أساسها الدعوة إلى الجهاد، وإعلاء كلمة الحق، ونصرة دين الله، وحب الشهادة والسعي لها، وهي المعاني التي دارت على ألسنة شخصيات الرواية، وظهرت ضمن أحداثها.
- أولًا- الاقتباس من القرآن الكريم:
- يبدأ المؤلف مقدمة الرواية بالآية الكريمة الرابعة والعشرين من سورة التوبة من قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾[61].
- “سيكون لك من معونة الله وتوفيقه إذا أخلصت الجهاد في سبيله ما يشرح لك صدرك، ويضع عنك وزرك الذي أنقض ظهرك، ويرفع لك بهزيمة التتار عند الله وعند الناس ذكرك”[62] من سورة الشرح.
- “وظل وجهه مسودا وهو كظيم “حين بشر السلطان جلال الدين بجارية وعلم أن أخته ولدت ذكرًا، قال باكثير: “فقد تغير جلال الدين لَمَّا بُشِّرَ بالأنثى”[63] من قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾[64].
- حين سأل السلطان الأمراء “فيما يجيب التتار به، فأشار معظمهم أن يرسلوا إلى هولاكو جوابًا لطيفًا يتقون به شره، ويخطبون به وده، ويتفقون معه على مال يؤدونه جزية إليه كل سنة لئلا يهجم على بلادهم فيهلك الحرث والنسل، وقالوا إنه لا فائدة من مقاومة التتار، وإن اللين معهم أنفع من الشدة، فغضب الملك المظفر غضبًا شديدًا، واحمر وجهه حتى كاد الدم ينبثق منه، وجعل يقول بصوت أجش: إن الله تعالى يقول في كتابه [65]: ﴿حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[66].
- وحين تقاعس أمراء المسلمين عن الخروج لقتال التتار، وشبههم الملك المظفر بالمنافقين في عهد الرسول -ﷺ – ، إذ يقول الله فيهم[67]: ﴿ْ وَلَو أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾[68].
- قال الملك المظفر فرحًا بما حقق من نصر وانتصار على التتار خاطبًا في جيشه: ﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[69]،﴿كم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾[70].
- حين تذكر شهداء المعركة وزوجته[71] ردد قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون﴾[72].
- كما أن أجمل ما اقتبسه المؤلف “علي أحمد باكثیر” من القرآن الكریم تصویر لهزیمة ملك فرنسا في دمیاط، “حیث قال الملك الخاسر: سآوي إلى جبل یعصمني من الموت.
قال المسلمون: لا عاصم من أمر االله إلا من رحم. قیل: یا أرض القتال أبلعي أشلاءك، ویا سماء الموت أقلعي، وغیض الدم وقضي الأمر، واستوت سفینة الإسلام على جودى النصر، وقیل بعدا للقوم الظالمین“[73].
من قوله تعالى: ﴿قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ،وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾[74].
– حين علم الشيخ ابن عبد السلام حقيقة أمر قطز في زيارته لابن الزعيم أخبره بأنه من بيت السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه، وأن اللصوص اختطفوه وابنة السلطان وهما صغيران، فعجب الشيخ من هذا الحديث وتلا قوله تعالي[75]: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[76].
– ثانيًا: الاقتباس من السنة النبوية:
– قول “قطز” لصدیقه: «لقد فرجت كربي، فرج االله كربك یوم القیامة«[77] مأخوذ من حدیث الرسول ﷺ الذي یقول فیه: “من فرج عن أخیه كربة من كرب الدنیا فرج االله عنه كربة من كرب یوم القیامة”.
– الرؤيا التي رآها وبشره بها النبي ﷺ في أنه سيحكم مصر وسيهزم التتار، مأخوذ من حدیث الرسول ﷺ الذي یقول فیه: “من رآني فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل بي” [78].
– وضوح الرؤية ونقاء الهوية:
” كان قطز على اعتقاد جازم بأن النصر لا يكون إلا من عنده سبحانه وتعالى، ولذلك كان اهتمامه بالجانب الإيماني عند الجيش وعند الأمة، وعظم دور العلماء، وحفز شعبه لحرب التتار من منطلق إسلامي وليس من منطلق قومي أو عنصري، وكانت كلمة وا إسلاماه غاية ورؤية وهدفًا وسببًا من أسباب النصر” [79].
“الرواية إذن لغة؛ واللغة إذن أناقة؛ والأناقة هنا هي وصف تجميلي بالضرورة… وليس الوصف لدى نهاية الأمر إلا صورة جميلة ذات ألوان وأشكال وأبعاد وأصباغ.. فالسرد من حيث هو لا يكون إلا باللغة! والوصف من حيث هو لا يكون إلا في اللغة. ولا ينبغي أن يطغو الدفق السردي على الوصف فيمحوه من على سطح النص الروائي؛ كما لا ينبغي أن يطغى الوصف على الدفق السردي فيحول بينه وبين التدفق والمضي نحو الأمام لتطوير الحدث، وبلورة ملامح الشخصيات وما تضطرب فيه من حيز وزمان”[80]خلت لغة روايته من العامية والركاكة
استخلص باكثير الكثير من العبر والعظات من خلال روايته، يقول ساردًا على لسان بطلها قطز: “ما أحقر هذه الحياة الدنيا لذوي النفوس الشاعرة، وما أهونها على من ينظر في صميمها، ولا ينخدع بزبرجها وباطل نعيمها، لقد كتب الله عليها أن لا يتم فيها شيء إلا لحقه النقصان، ولا يربح فيها امرؤ إلا أدركه الخسران“[81].
نتائج البحث
- عنوان رواية وا إسلاماه تراثي، تاريخي، إسلامي، عربي، فحمل من المعاني المشعة التي يذهب فيها عقل المتلقي كل مذهب.
- حسن تقديم باكثير لروايته وا إسلاماه فتح المجال أمام المتلقي لمعرفة مضمونها.
- ساعد تقسيم باكثير لرواية وا إسلاماه إلى فصول على التحكُّم في مسار السرد وإيقاعه، وكذلك تحوُّلات الأحداث والشخصيَّات.
- ضربت رواية وا إسلاماه نماذج مشرفة لشخصيات مؤثرة في تاريخ العالم الإسلامي ينبغي أن تحتذى أمثال : سيف الدين قطز، الشيخ العز بن عبد السلام، الشيخ ابن تيمية، وغيرهم.
- صورت وا إسلاماه القيم والمثل الدينية وأبرزتها، لأخذ القدوة والاحتذاء بها.
- حشدت رواية وا إسلاماه الكثير من الصراعات والمواقف والأحداث، وتصاعدت من بداية الرواية إلى نهايتها من الصراع على السلطة والنفوذ إلى الحروب الدامية بين العرب المسلمين أنفسهم، بالإضافة إلى الفتن الداخلية التي قطعت أرحام الأمة وأواصلها .
- دلت رواية وا إسلاماه على امتلاك باكثير لعدة الروائي الواقعية.
- ربط باكثير في روايته وا إسلاماه الماضي بالحاضر برؤية فنية شاملة عناصر سرد الرواية، جمع فيها بين روعة الخيال، وصدق التاريخ، وجاذبية الذكرى.
- التزم باكثير بالشكل الفني للرواية مستخدمًا جميع عناصر سردها من: أحداث، وشخصيَّات، وزمان، ومكان، وأساليب لغوية أروع استِخدام، والحبكة الفنية، إضافة إلى لغته العربيَّة الفُصحَى .
التوصيات
- الاهتمام بالفترات المهمة في تاريخنا الإسلامي والعربي من الجانب الأدبي مثل فترة رواية “وا إسلاماه”.
- إعادة النظر في النصوص التي تركها لنا العرب القدامى، وتناولها بصورة جديدة تواكب العصر، وتغير رؤيتنا إلى الماضي، ونوجهها وجهة أخرى تسهم في تطوير النص العربي أدبًا ونقدًا.
المصادر والمراجع
- الأدب العام والمقارن دانييل هنري باجو، ترجمة د/ غسان السيد، اتحاد الكتاب العرب – دمشق- ط/ 1997م.
- الأسلوبية والأسلوب، د/عبد السلام المسدي، الدار العربية للكتاب- طرابلس- ليبيا- ط/ الثالثة، بدون.
- بناء الروایة “دراسة مقارنة لثلاثیة نجیب محفوظ”، سیزر أحمد قاسم، الهیئة المصریة العامة للكتاب للنشر- القاهرة – ط/ 1978م.
- بنية الشكل الروائي، حسن بحرواي، المركز الثقافي العربي-بيروت- ط/ الأولى، 1990م.
- بنية النص السردي( من منظور النقد الأدبي )، د/ حميد لحمداني، المركز الثقافي العربي- بيروت – ط/ الأولى 1991م.
- تحليل النص السردي تقنيات ومفاهيم ،محمد بوعزة، الدر العربية للعلوم- بيروت- لبنان، ط/ الأولى 1431هـ- 2010م.
- تفسير الجلالين الميسر، جلال الدين المحلي و جلال الدين السيوطي، حققه وعلق عليه: فخر الدين قباوة، مكتبة لبنان – بيروت – لبنان ، ط/ الأولى ، 2003م.
- تقنيات البنية السردية في الرواية المغاربية دراسة في بنية الشكل، د/إبراهيم عباس، المؤسسة الوطنية – الجزائر- ط/2001 م.
- دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، تصحيح/ السيد محمد رشيد رضا، دار المنار بمصر –القاهرة- ط /الثالثة 1366ه-1960م.
- السرد العربي مفاهيم وتجليات، سعيد يقطين، مطابع الدار العربية للعلوم -بيروت- ط/ الأولى 1433هـ -2012م.
- سلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت، د/ علي محمد محمد الصلابي، مؤسسة إقرأ للنشر والتوزيع والترجمة- القاهرة – ط/ الأولى 1430هـ – 2009م.
- في نظرية الرواية ( بحث في تقنيات السرد)، د/ عبد الملك مرتاض،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت – ط/ ديسمبر 1998م.
- قاموس السرديات، جيرالد برنس، ترجمة السيد إمام، ميريت للنشر والمعلومات – القاهرة، ط/ الأولى، 2003م.
- قراءة الرواية مدخل إلى تقنيات التفسير، روجرب. هينكل، ترجمة د/ صلاح رزق، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، الأولى- القاهرة، بدون .
- المثاقفة والمنهج في النقد الأدبي، مساهمة في نقد النقد، د/إبراهيم خليل، دار مجدولاي للنشر والتوزيع-عمان-الأردن، ط/ الأولى، 2010-2011م.
- مدخل إلى نظرية القصة تحليلًا وتطبيقًا، سمير المرزوقي وجميل شاك، ط/ 1985م.
- مدخل لجامع النصّ, جيرار جينيت, ترجمة: عبد الرحمن أيوب، دار توبقال للنشر- العراق – ط/2، 1986م.
- مصادر نقد الرواية في الأدب العربي الحديث، د/إبراهيم الهواري، دار المعارف- القاهرة – ط/ الأولى،1983م.
- المصطلح السردي معجم مصطلحات، جيرالد برنس، ترجمة: عابد خزندار، المجلس الأعلى للثقافة، ط/ الأولى 2003م.
- معجم مقاييس اللغة لأبى الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق عبد السلام محمد هارون،دار الفكر ، 1399 ط/ هـ – 1979م.
- موسوعة الحروب الصليبية (5)المغول ( التتار) بين الانتشار والانكسار، علي محمد محمد الصَّلاَّبِّي، الأندلس الجديدة، مصر،ط/ الأولى، 1430 هـ – 2009م.
- النقد الأدبي، أحمد أمين، ط/ مؤسسة هندواي للتعليم والثقافة- القاهرة- 2012م.
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، ط/ مكتبة مصر – القاهرة.
ثانيًا: – المراجع الإلكترونية:
- مقال:” وظائف اللغة عند جاكبسون”، بواسطة: إسراء أبو رنة،٩ يوليو ٢٠١٩م. https://sotor.com/
- مقال :”إحدى إبداعات على أحمد باكثير..رواية “وا إسلاماه” توظيف راق للتاريخ الإسلامي تأثر بها جيل كامل ” كتبت آلاء عثمان، نشر الأثنين،10نوفمبر 2014 م، https://www.youm7.com/
- مقال وا إسلاماه.. صيحة النصر الخالدة، أ.د. راغب السرجاني 22/12 / 2010م https://islamstory.com/ar/artical/
- مقال”:الاتجاه الإسلامي في روايات علي أحمد باكثير التاريخية”، د. حسن سرباز
- 24/11/2011 ميلادي – 27/12/1432 هجري.
- مقال:”باكثير وريادة التصور الإسلامي في الرواية التاريخية”، الأحد، 9 مايو 2010 https://ahmedmrashad.blogspot.com/
- مقال: “باكثير رائد الرواية التاريخية الإسلامية وا إسلاماه نموذجًا”، د. محمد علي غلام نبي غوري من أبحاث مؤتمر علي أحمد باكثير ومكانته الأدبية، المنعقد بالقاهرة في 18 – 21 جمادى الآخرة 1431هـ، 1- 4 يونيه حزيران 2010م، تاريخ الإضافة: 16/1/2012 م – 21/2/1433 ه.
https://www.alukah.net/literature_language/0/37552/
– مقال:” الرؤية الفنية والفكرية للتاريخ في رواية (وا إسلاماه) “محمد عباس عرابي، بتاريخ 23/08/2017، العدد- 73، https://www.adabislami.org/index.php
– مقال :”إحدى إبداعات على أحمد باكثير..رواية “وا إسلاماه” توظيف راق للتاريخ الإسلامي تأثر بها جيل كامل ” كتبت آلاء عثمان، نشر الأثنين،10نوفمبر 2014 م، https://www.youm7.com/
– مقال :”إحدى إبداعات على أحمد باكثير..رواية “وا إسلاماه” توظيف راق للتاريخ الإسلامي تأثر بها جيل كامل ” كتبت آلاء عثمان، نشر الأثنين،10نوفمبر 2014 م، https://www.youm7.com/
ثالثًا: الرسائل العلمية:
- الرؤية الإسلامية في روايات علي أحمد علي باكثير، رسالة ماجستير، تخصص: أدب عربي حديث ومعاصر، إعداد: منى عبابسة، نصيرة بن زروال، إشراف: فریدة درامنیة، جامعة العربي بن مهيدي – كلية الآداب واللغات، قسم اللغة والأدب العربي-الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية- 1441هـ- 2019م.
- روايات علي أحمد باكثير، دراسة في الرؤية والشكل، رسالة ماجستير، إعداد: عبد الله عمر محمد الخطيب، المشرف: د/ سمير قطامي، كلية الدراسات العليا – الجامعة الأردنية ،2003م.
- بحث: “العنوان في الرواية العربية .. الرمز و الأبعاد الثقافية”، د/ محمد سيد أحمد متولي، 12مارس 2017م، https://www.nama-center.com/Home
الهوامش
- رواية وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، ط/مكتبة مصر – القاهرة- بدون، 3. ↑
- الأدب العام والمقارن، دانييل هنري باجو، ترجمة د/ غسان السيد، اتحاد الكتاب العرب – دمشق- ط/1997م،191. ↑
- انظر: مقال وظائف اللغة عند جاكبسون، بواسطة: إسراء أبو رنة،٩ يوليو ٢٠١٩م. https://sotor.com/ ↑
- انظر/ مدخل لجامع النصّ, جيرار جينيت, ترجمة: عبد الرحمن أيوب، دار توبقال للنشر-العراق- ط/2، 1986م، 90-91. ↑
- السرد العربي مفاهيم وتجليات، سعيد يقطين، مطابع الدار العربية للعلوم – بيروت- ط/ الأولى 1433هـ-2012م، 63. ↑
- تقنيات البنية السردية في الرواية المغاربية دراسة في بنية الشكل، د/إبراهيم عباس، المؤسسة الوطنية -الجزائر- ط/ 2001 م، 27. ↑
- دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، تصحيح: السيد محمد رشيد رضا، دار المنار بمصر- القاهرة ، ط / 1366ه- 1960 م ، 315. ↑
- سورة سبأ:[ آية:11]. ↑
- تفسير الجلالين الميسر، جلال الدين المحلي و جلال الدين السيوطي، حققه وعلق عليه: فخر الدين قباوة، مكتبة لبنان – بيروت– لبنان، ط/ الأولى 2003م،ج/22،429. ↑
- معجم مقاييس اللغة لأبى الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر- دمشق- ط/ 1399هـ – 1979م,3/157. ↑
- مدخل إلى نظرية القصة تحليلًا وتطبيقًا، سمير المرزوقي، جميل شاكر، ط/ 1985م، 73-74. ↑
- بنية النص السردي(من منظور النقد الأدبي)، د/ حميد لحمداني، المركز الثقافي العربي-بيروت- ط/ الأولى، 1991م، 45. ↑
- بنية النص السردي( من منظور النقد الأدبي)، د/ حميد لحمداني، المركز الثقافي العربي- بيروت- ط/ الأولى، 1991م، 45. ↑
- انظر: تقنيات البنية السردية في الرواية المغاربية دراسة في بنية الشكل، د/إبراهيم عباس، المؤسسة الوطنية – الجزائر- ط/ 2001 م، 20. ↑
- مصادر نقد الرواية في الأدب العربي الحديث، د/إبراهيم الهواري، دار المعارف، ط/ الأولى، 1983م،85. ↑
- انظر: في نظرية الرواية( بحث في تقنيات السرد)، د/ عبد الملك مرتاض، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت – ديسمبر 1998م، 255. ↑
- بنية الشكل الروائي، حسن بحرواي، المركز الثقافي العربي- بيروت- ط/ الأولى 1990م، 20. ↑
- راجع: رواية وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، ط/ مكتبة مصر – القاهرة- 4. ↑
- الرؤية الإسلامية في روايات علي أحمد علي باكثير، رسالة ماجستير، تخصص: أدب عربي حديث ومعاصر، إعداد: منى عبابسة، نصيرة بن زروال، إشراف: فریدة درامنیة، جامعة العربي بن مهيدي – كلية الآداب واللغات، قسم اللغة والأدب العربي-الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية- 1441هـ- 2019م، 66. ↑
- انظر: النقد الأدبي، أحمد أمين، مؤسسة هندواي للتعليم والثقافة- القاهرة- ط/ 2012م، 129. ↑
- انظر: مقال وا إسلاماه.. صيحة النصر الخالدة، أ.د. راغب السرجاني 22/12 / 2010م https://islamstory.com/ar/artical/ ↑
- مقال/الاتجاه الإسلامي في روايات علي أحمد باكثير التاريخية، د. حسن سرباز
24/11/2011 ميلادي – 27/12/1432 هجري. ↑
- بنية الشكل الروائي، حسن بحرواي، المركز الثقافي العربي- بيروت- ط/ الأولى 1990م، 20. ↑
- المثاقفة والمنهج في النقد الأدبي، مساهمة في نقد النقد، د/إبراهيم خليل، دار مجدولاي للنشر والتوزيع-عمان- الأردن- ط/ الأولى 2010-2011م، 104، 196. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 3. ↑
- رسالة روايات علي أحمد باكثير، دراسة في الرؤية والشكل، رسالة ماجستير، إعداد: عبد الله عمر محمد الخطيب، المشرف: د/ سمير قطامي، كلية الدراسات العليا – الجامعة الأردنية ،2003م،23. ↑
- مقال: باكثير وريادة التصور الإسلامي في الرواية التاريخية، الأحد، 9 مايو 2010 https://ahmedmrashad.blogspot.com/ ↑
- انظر: قاموس السرديات، جيرالد برنس، ترجمة السيد إمام، ط/ ميريت للنشر والمعلومات – القاهرة- الأولى 2003م، 140. ↑
- راجع: المصطلح السردى معجم مصطلحات، جيرالد برنس، ترجمة عابد خزندا، المجلس الأعلى للثقافة، ط/الأولى 2003م،63 . ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 10. ↑
- انظر: مقال: باكثير رائد الرواية التاريخية الإسلامية وا إسلاماه نموذجا، د. محمد علي غلام نبي غوري من أبحاث مؤتمر علي أحمد باكثير ومكانته الأدبية، المنعقد بالقاهرة في 18 – 21 جمادى الآخرة 1431هـ، 1- 4 يونيه حزيران 2010م، تاريخ الإضافة: 16/1/2012 م – 21/2/1433 ه. https://www.alukah.net/literature_language/0/37552/ ↑
- بناء الروایة “دراسة مقارنة لثلاثیة نجیب محفوظ”، سیزر أحمد قاسم، الهیئة المصریة العامة للكتاب للنشر، ط/ 1984 م، 40. ↑
- بناء الروایة “دراسة مقارنة لثلاثیة نجیب محفوظ”، سیزر أحمد قاسم، 58. ↑
- المرجع السابق، 41. ↑
- راجع: بناء الروایة “دراسة مقارنة لثلاثیة نجیب محفوظ”، سیزر أحمد قاسم،42. ↑
- المرجع السابق ، 43. ↑
- انظر/ المرجع السابق،44. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 4. ↑
- بنية الشكل الروائي، حسن بحرواي، المركز الثقافي العربي- بيروت- ط/ الأولى 1990م، 25- 26. ↑
- الرؤية الإسلامية في روايات علي أحمد علي باكثير، رسالة ماجستير، تخصص: أدب عربي حديث ومعاصر، إعداد: منى عبابسة ، نصيرة بن زروال، إشراف: فریدة درامنیة، جامعة العربي بن مهيدي – كلية الآداب واللغات، قسم اللغة والأدب العربي- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية- 1441هـ- 2019م،50. ↑
- () تحليل النص السردي تقنيات ومفاهيم ،محمد بوعزة، ط/ الدر العربية للعلوم- بيروت- لبنان، الأولى 1431هـ- 2010م،39. ↑
- () قراءة الرواية مدخل إلى تقنيات التفسير، روجرب. هينكل، ترجمة د/ صلاح رزق، ط/ الهيئة العامة لقصور الثقافة ، الأولى- القاهرة ،240. ↑
- انظر: تقنيات البنية السردية في الرواية المغاربية دراسة في بنية الشكل، د/إبراهيم عباس، المؤسسة الوطنية – الجزائر- ط/ 2001 م، 9. ↑
- (2) موسوعة الحروب الصليبية (5)المغول ( التتار) بين الانتشار والانكسار، علي محمد محمد الصَّلاَّبِّي، الأندلس الجديدة، مصر، الطبعة: الأولى، 1430 هـ – 2009م، 8. ↑
- الإسلامية و المذاهب الأدبية، د. نجيب الكيلاني، مؤسسة الرسالة- بيروت – 4، ط/1985م، 107. ↑
- وا إسلاماه،194. ↑
- انظر/ في نظرية الرواية ( بحث في تقنيات السرد)، د/ عبد الملك مرتاض، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت– ديسمبر، ط/1998م،84. ↑
- وا إسلاماه ، علي أحمد باكثير،3. ↑
- الأسلوبية والأسلوب، د/عبد السلام المسدي، الدار العربية للكتاب- طرابلس ليبيا- ط/ الثالثة، 40. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 11. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 59. ↑
- () العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي، د. محمد فكري الجزار، ط/ الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998 م، 19. ↑
- العنوان في الرواية العربية .. الرمز و الأبعاد الثقافية، د/ محمد سيد أحمد متولي، 12مارس 2017م، https://www.nama-center.com/Home ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 3. ↑
- مقال: الرؤية الفنية والفكرية للتاريخ في رواية (وا إسلاماه) محمد عباس عرابي، بتاريخ 23/08/2017، العدد- 73، https://www.adabislami.org/index.php ↑
- العنوان في الرواية العربية .. الرمز و الأبعاد الثقافية، د. محمد سيد أحمد متولي،12مارس 2017م، https://www.nama-center.com/Home ↑
- راجع / رواية وا إسلاماه: الفصل الرابع، 43- 60. ↑
- رواية وا إسلاماه:54. ↑
- السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت، د/ علي محمد محمد الصلابي، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة-القاهرة- ط/ الأولى 1430هـ – 2009م،11. ↑
- مقال :”إحدى إبداعات على أحمد باكثير..رواية “وا إسلاماه” توظيف راق للتاريخ الإسلامي تأثر بها جيل كامل ” كتبت آلاء عثمان، نشر الأثنين،10نوفمبر 2014 م، https://www.youm7.com/ ↑
- سورة التوبة: [ آية: 24]. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير،7. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير،12. ↑
- سورة النحل: [ آية: 58]. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 179، 180. ↑
- سورة التوبة: [ آية: 29]. ↑
- وا إسلاماه ، علي أحمد باكثير، 185-186. ↑
- سورة التوبة: [ آية :46]. ↑
- سورة محمد: [ آية :7]. ↑
- سورة البقرة: [آية :249]. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير، 200. ↑
- سورة آل عمران: [آية: 169]. ↑
- وا إسلاماه، علي أحمد باكثير،135. ↑
- سورة هود: [ آية: 43-44]. ↑
- وا إسلاماه، 96. ↑
- سورة آل عمران: [ آية: 26]. ↑
- وا إسلاماه،99. ↑
- وا إسلاماه،104. ↑
- انظر: السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت، د/ علي محمد محمد الصلابي، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة-القاهرة- ط/ الأولى 1430هـ – 2009م /139. ↑
- في نظرية الرواية ( بحث في تقنيات السرد)، د/ عبد الملك مرتاض، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت – ط/ ديسمبر 1998م، 257. ↑
-
وا إسلاماه،205. ↑