د. عباس محمد أحمد عبد الباقي1 د. جمال الدين إبراهيم عبد الرحمن أحمد2
1 أ. مشارك، عميد كلية الدراسات العليا، جامعة زالنجي السودان.
بريد الكتورني: abasskbr5@gmail.com
2 أ.مشارك، رئيس قسم اللغة العربية، جامعة نيالا، السودان
بريد الكتروني: Jamaleldin55@gmail.com
HNSJ, 2021, 2(10); https://doi.org/10.53796/hnsj2109
تاريخ النشر: 01/10/2021م تاريخ القبول: 13/09/2021م
المستخلص
أصبح تحليل الخطاب من الموضوعات المهمة في كل مجالات الحياة، وقد أسهمت الدراسات اللسانية بمختلف اتجاهاتها ومدارسها ومناهجها التقليدية والحديثة إسهاما مقدرا في اكتشاف استراتيجيات الخطاب اللغوي، وحققت نتائج كثيرة تتعلق بتحليل الخطاب في ضوء سياقاته المختلفة: اللغوي والاجتماعي والثقافي ولكنها في الغالب تهتم بالسياق اللغوي والبنية السطحية والتفسير التعليلي، دون مقاربة السياق المقامي المؤثر في تشكيل الخطاب.
تبنى الباحث المنهج التداولي؛ لأنه يهتم بالسياق المقامي وتأثيره في إنتاج الخطاب، إذ لا فائدة من دراسة اللغة دراسة شكلية بعيدة عن السياق الاجتماعي والنفسي والثقافي، كما تعتمد التداولية على دراسة الأفعال الكلامية التي تنجز من خلال عملية الخطاب كالالتماس والرجاء والشكر والعتاب والنصح والوعد، وكلها تعد استراتيجيات أساسية في بناء الخطاب اليومي.
الكلمات المفتاحية: المقاربات ــ التداولية ــ السياق الاجتماع ـــ السياق الثقافي ــ إنتاج الخطاب ــ بنية الخطاب ــ تحليل الخطاب.
Discourse analysis in modern linguistics
The deliberative approach is a model
Dr. Abbass Mohamed Ahmed Abdelbaqei 1 Dr. Jamaledin Ibrahim Abdelrahman Ahmed2
1 Associate Professor, Dean of the College of Graduate Studies, University of Zalingei Sudan.
Email: abasskbr5@gmail.com
2 Associate Professor, Head of the Department of Arabic Language, University of Nyala, Sudan
Email: Jamaleldin55@gmail.com
HNSJ, 2021, 2(10); https://doi.org/10.53796/hnsj2109
Published at 01/10/2021 Accepted at 13/09/2021
Abstract
Discourse analysis has become one of the important topics in all areas of life, and linguistic studies, with its various directions, schools, and traditional and modern curricula, have made an appreciable contribution to discovering linguistic discourse strategies. The superficiality and the explanatory interpretation, without approaching the denominational context affecting the formation of the discourse.
The researcher adopted the deliberative approach. Because it is concerned with the maqamid context and its effect on producing the discourse, as there is no benefit in studying language as a formal study away from the social, psychological and cultural context, but rather the union of the two is essential. It also depends on deliberative study of verbal actions that are accomplished through the process of discourse, such as solicitation, hope, thanksgiving, admonition, advice, and promise, all of which are essential strategies in building everyday discourse.
Key Words: Approaches – deliberative – social context – cultural context – discourse production – discourse structure – discourse analysis.
المقدمة:
يتألف مجتمع اليوم من سياقات كثيرة تتطلب خطابات متنوعة، لذلك فالحاجة متجددة وماثلة لاكتشاف استراتيجيات الخطاب وفق منظور أكثر قربا من الخطاب ذاته وملابسات إنتاجه ومعرفة كيفية تطويع تلك الاستراتيجيات واستعمالها وانعكاساتها على الخطاب التداولي اليومي.
كما أن تحليل الخطاب اللغوي تشارك فيه حقول معرفية كثيرة، ولكل حقل اهتماماته وأسسه التي ينطلق منها وينظر من خلالها، الأمر الذي أدى إلى توسع مفهوم الخطاب نفسه توسعا كبيرا وصاحب ذلك التوسع وجود آراء ورؤى متنوعة كلها تبحث عن معاني ومضامين الخطاب وتبعا لذلك فإن عملية تحليل الخطاب تواجه إشكاليات كثيرة، وعليه لا توجد نظرية واحدة تصلح لتكون نظرية كاملة وافية في تحليل الخطاب، بسبب اختلاف المفاهيم والاتجاهات والأدوات.
تدور فكرة البحث حول معرفة الجوانب التداولية المؤثرة في إنتاج وتحليل الخطاب. ويهدف إلى الكشف عن تأثير سياق المقام بعناصره المختلفة في بنية الخطاب، مما يتطلب منهجا يعنى بتحليل الخطاب بالنظر إلى ظروف إنتاجه السياقية. وتبدو أهميته من خلال الوقوف على وظائف اللغة التي تتجاوز الوصف التقريري إلى الكشف عن تأثير اللغة في النشاط الاجتماعي الذي تحمله الصياغات اللغوية في إطار التواصل، واتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي.
المبحث الأول
الخطاب: المفهوم والتحليل
المطلب الأول: مفهوم الخطاب وتحليله.
أولاــ مفهوم الخطاب: ورد في (اللسان) لابن منظور في مادة: (خ ط ب) أن “الخطاب والمخاطبة: مراجعة الكلام، وقد خاطبه بالكلام مخاطبة وخطابا وهما يتخاطبان، والمخاطبة صيغة مبالغة تفيد الاشتراك والمشاركة في فعل ذي شأن”.[1] واتفقت المعاجم اللغوية على هذا المعنى الذي جاء في (اللسان). وعليه فإن معنى (خطب) في اللغة هو توجيه الكلام للغير. وتعود جذور مصطلح الخطاب إلى عنصري اللغة والكلام، فاللغة عموما نظام من الرموز يستعملها الفرد للتعبير عن أغراضه، والكلام إنجاز لغوي فردي يتوجه به المتكلم إلى شخص آخر يُدعى المخاطب[2]. ومن هنا تولد مصطلح الخطاب بعدّه رسالة لغوية يبثها المتكلم إلى المتلقي، فيستقبلها ويفك رموزها. أما الخطاب في الاصطلاح فإن الباحث في الدراسات اللسانية التي عنيت مؤخرا بتحديد مفهوم الخطاب يجد مفاهيم متعددة قامت على اتجاهات مختلفة، منها:
ـــــــ “الخطاب مجموعة من الملفوظات التي تبرهن على موضوع واحد تأسيسا على مجموعة من المعطيات”.[3] هذا المفهوم جعل للخطاب طولا محددا يتجاوز الجملة، كما ركَّز على الوحدات اللغوية التركيبية التي تشرح فكرة ما أو مجموعة من الأفكار.
ــــــــ “كل تلفظ يفترض متكلما ومستمعا ويهدف فيه الأول إلى التأثير في الثاني بطريقة ما”.[4] هذا المفهوم نظر إلى استعمال اللغة ووظائفها وإلى أركان الخطاب وهي وفق هذا التصور: المتكلم، المتلقي الملفوظ وقصد التأثير وأخيرا التفاعل والتواصل.
ــــــ “الخطاب فعالية مشتركة في مبدأ الحوار، باعتبار أن الظاهرة الأساسية في هذه الفعالية هي الحوار”.[5] هذا التصور للخطاب ابتعد عن البنيوية اللغوية واعتمد كثيرا على اعتبارات أخرى مثل: السياق المصاحب، والمتحاورين وخلفياتهم الثقافية وغيرها من العناصر التي يشملها أسلوب الحوار.
ـــــــ “الخطاب هو الصيغة الطبيعية للكلام الأوسع والشامل؛ بل بإمكانه أن يستقبل كل الأشكال”[6] هذه النظرة للخطاب مبنية على أن كل أشكال الكلام تعد خطابا.
التصورات المذكورة لمفهوم الخطاب تكاد تمثل كل الاتجاهات التي تناولت الخطاب بالتحليل كالاتجاه اللساني البنيوي والاتجاه التداولي الاجتماعي والاتجاه النفسي، وكلها متداخلة ومعنية بدراسة الخطاب الذي بات يشكل نقطة التقاء علوم ومعارف كثيرة تهدف كلها إلى تحليل الخطاب، يقول جابر عصفور: “فخطاب الخطاب يجمع في نسيجه العلائقي ما يصله بدوائر علوم اللغة والاجتماع والسياسة والفلسفة والتاريخ والأدب …والدراسات الثقافية والأدبية وغيرها”[7].
يتداخل مفهوم الخطاب مع مفهوم النص كثيرا لدرجة يصعب تمييز الحدود الفاصلة بينهما والباحث المدقق يجد أن العلماء الذين فرقوا بين النص والخطاب تفرقت آراؤهم وتباينت معاييرهم مثل: معيار الشكل أو الوظيفة أو الخصائص والسمات أو طريقة التأليف أو التصنيف إلى أنواع أو معيار المشافهة والكتابة وغيرها من وجهات النظر، ويميل الباحث إلى الأخذ بالرؤى التي تنظر إلى الخصائص التي يتمتع بها كل من النص والخطاب ثم تحاول الدمج بينهما على أساس أن الخطاب هو السياق التداولي للنص والإنتاج اللفظي للنص وثمرته الملموسة المرئية.[8]
وتظهر أهمية هذه النظرة من خلال جمعها بين مظهرين أساسيين في البنية اللغوية، المظهر الخارجي المتعلق بالنص ويمثله التركيب الصوتي والنحوي والمظهر الداخلي المتعلق بالخطاب ويمثله سياق المقام، وعليه فإن الخطاب يتسم بالآتي:
أـــ وجود المتلقي لحظة إلقاء الخطاب.
ب ـــ يعتمد الخطاب على اللغة الشفوية أكثر من اعتماده على طرق التعبير اللغوي الأخرى.
ج ـــ يعد الخطاب إنجازا لغويا يربط بين بنيته اللغوية وظروفه المقامية.
تؤكد هذه السمات أن الخطاب يحيل على عناصر السياق الخارجية في إنتاجه وتفسيره وهذا يفرض على محلله معرفة شروط الإنتاج والتفسير، وعلى هذا الأساس يمكن أن يكون الخطاب نصا بالنظر إلى بعض الخصائص والسمات فهو نص إنجازي تداولي يؤدي وظائف محددة في سياق محدد.
ثانياــ تحليل الخطاب: تعددت مفاهيم تحليل الخطاب وفقا لتعدد الاتجاهات والنظريات، عرَّف جورج مونان تحليل الخطاب قائلا: “كل تقنية تسعى إلى التأسيس العام والشكلي للروابط الموجودة بين الوحدات اللغوية للخطاب المنطوق أو المكتوب في مستوى أعلى من مستوى الجملة”.[9] هذا المفهوم فتح آفاقا أرحب بالتوجه إلى مستوى النص، مما يقود إلى البحث عن عناصر أخرى غير لغوية تشارك في تحليل الخطاب. وقال هاريس: “يعطي تحليل الخطاب مجموعة من المعلومات عن بنية النص أو نمط من النصوص وعن دور كل عنصر في هذه البنية فاللسانيات الوصفية لا تصف في الحقيقة إلا دور كل عنصر داخل الجملة التي تحتوي عليه، أما تحليل الخطاب_ إضافة إلى هذا_ فهو يعلمنا طريقة بناء الخطاب لإرضاء كل التخصصات تماما مثلما تؤسس اللسانيات الاستدلالات الدقيقة الخاصة بالطرق التي تبنى بها الأنظمة ذات التخصصات المختلفة”.[10]
يجد الناظر إلى مفهوم هاريس لتحليل الخطاب أنه حصره في الدائرة اللسانية ولكنه أشار إلى التخصصات الأخرى مما يفتح الباب أمام العلوم الأخرى لتسهم في عملية التحليل. يقول كوزريو: “إن علم لغة النص _ في رأيي_ ليس في الحقيقة شيئا غير المقدرة التأويلية ونظرية علم اللغة ليست شيئا غير نظرية علم التأويل (التفسير) وذلك باعتبار أن علة إنشاء هذا العلم تقوم على الحقيقة القائلة بأن الأمر يتعلق مع النص حول مستوى مستقل عما هو لغوي، لا يمكن أن يوضحه مستوى الكلام وحده ولا مستوى اللغة المنفردة”.[11]
بينت المقولة أعلاه بجلاء أن علم تحليل الخطاب قد تخطى التركيز على الأداء اللغوي بمفهوم تشومسكي وكذلك تخطى الكلام بمفهوم دي سوسير، فلا يقف عند حدود وصف البنية اللغوية وحدها إذ لابد من الأخذ باستراتيجيات العمليات الأخرى المتعلقة بالإنتاج والتلقي والفهم.
ويقول صامويل باتلر: “يجب أن ندرس كل شيء في ذاته قدر الإمكان، وأن ندرسه كذلك من حيث علاقته، فإذا حاولنا النظر إليه في ذاته مطلقا بقطع النظر عن علاقاته فإننا سنجد أنفسنا شيئا فشيئا قد استنفذناه فهما ودراسة، وإذا حاولنا النظر إليه من خلال علاقاته فقط فسنكتشف أنه لا توجد زاوية في هذا الكون إلا وقد احتل مكانه فيها”.[12]
وانطلاقا من التصورات الكثيرة لمفهوم تحليل الخطاب اتسع مجال البحث فشمل جوانب جديدة جديرة بالدراسة، وأصبح النظر إلى لغة الخطاب بأنها أفعالا ذات أبعاد ووظائف اجتماعية كثيرة ووُضعت الضوابط والقوانين التي تتحكم في كل ملفوظ، وتعدَّت تلك الضوابط البنية الشكلية إلى تضمين كل ما يتعلق بالمعنى في إطار البحث والدراسة، كما برزت المقاربة التداولية التي اهتمت بالخطاب مربوطا بظروف إنتاجه مركزة على فهم علاقة اللغة بمستخدميها وعلاقتها بالسياق المرجعي للعملية التواصلية ويصبح الخطاب من وجهة النظر التداولية: “حدث تواصلي لغوي مرتبط بسياق مقامي محدد، يتطلب وجود مرسل ومستقبل ويتضمن رسالة محددة بقصد التأثير في المتلقي”.[13] وعليه فإن عملية التحليل المبنية على النظرة التداولية ننظر إليها بأنها لا تطرح بديلا جديدا وإنما تمارس قراءة جامعة متأنية لأفكار وجهود مضنية بذلها العماء من أجل الجمع بينها والخروج برؤية تتفق ووظائف اللغة الإنسانية.
المطلب الثاني: مفهوم ومجالات المقاربة التداولية
أولاــ مفهوم التداولية: تشير مادة (د، و، ل) في المعجم العربي -بفتح الدال أو بضمها-إلى معنى جامع هو الانتقال من حال إلى حال فيقال: تداولنا الأمر أي أخذناه بالتنقل، وتداولت الأيام دارت وتنقلت وتداولته الأيادي أي تناقلته هذه مرة وهذه مرة[14]، وهكذا يتحقق معنى (الانتقال) في استعمالات الجذر (د، و، ل) ويشير المعنى اللغوي إلى تداول اللغة بين المتكلم والمخاطب.
أما التداولية في الاصطلاح فقد عُرفت تعريفات كثيرة لكنها متقاربة لا تختلف كثيرا كما هو الحال عند تعريف النص أو الخطاب، من تلك التعريفات:
_ إن التداولية جانب من جوانب اللغة يهتم بملامح استعمالها: (نفسية المتكلمين، رد فعل المستمعين الطابع الاجتماعي للخطاب، موضوع الخطاب) بمقابل الجانب التركيبي: (الميزات الشكلية للأبنية اللغوية) والدلالي (العلاقة بين الوحدات اللسانية والعالم).[15]
_ التداولية هي دراسة العوامل التي تؤثر في كيفية اختيار الشخص للغة ثم ينتقل تأثير هذا الاختيار إلى الآخرين عن طريق التواصل والتفاعل بين المرسل والمتلقي.[16]
_ التداولية هي دراسة أفعال الكلام.[17]
_ إن التداولية ليست علما محضا بالمعنى التقليدي يكتفي بالوصف والتفسير، وإنما هي علم جديد للتواصل يدرس الظواهر اللغوية في مجال الاستعمال.[18]
_ التداولية هي المبحث الذي يدرس استخدام اللغة والسمات المميزة التي تؤسس وجهته الخطابية داخل صلب اللغة.[19](3)
_ التداولية هي ذلك المجال الذي يركز مقارباته على الشروط اللازمة لكي تكون الأقوال اللغوية مقبولة وناجحة وملائمة في الموقف التواصلي الذي يتحدث فيه المتكلم.[20]
_ التداولية هي دراسة المعنى التواصلي أو معنى المرسل، في كيفية قدرته على إفهام المرسل إليه، بدرجة تتجاوز معنى ما قاله.[21]
_ التداولية فرع من علم اللغة يبحث في كيفية اكتشاف السامع مقاصد المتكلم أو هو دراسة معنى المتكلم.[22] تشابهت مفاهيم التداولية عند الدارسين إلى حد كبير، وتكررت في تعريفهم لها مفردات بعينها مما يؤكد إجماعهم على المفهوم من غير اختلاف يذكر، وعليه فإن سمات التداولية من خلال تلك المفاهيم تتمثل في الآتي:
أــ تهتم التداولية بثلاثة أركان أساسية في التداول الكلامي: المرسل والمتلقي، المقام، الاستعمال العادي (العفوي) للكلام.
ب ــ فهم المعايير التي توجه المنتج، وما الاستراتيجيات التي يستخدمها في عملية الإنتاج.
ج ــ معرفة المرسل والمتلقي والسياق المحدد الذي يرتبط بإنتاج وفهم الخطاب.
د ــ إن المعنى لا يكمن في الكلمات وحدها، ولا يرتبط بالمنتج وحده، ولا المتلقي وحده، إنما يكمن في الفعل التداولي بين المنتج والمتلقي في سياق محدد.
ننتهي إلى أن التداولية تجمع بين كل أطراف الحدث اللغوي لتصل إلى المعنى، فتبدأ بأفعال اللغة ثم تنتقل إلى المتكلم وقصده وثقافته وشخصيته وكذلك المستمع، وتضيف المعرفة المشتركة بينهما وعلاقتهما الاجتماعية، وأخيرا ظروف إنتاج الخطاب المقامية كلها بما في ذلك الزمن والمكان، لتكون المحصلة النهائية فهم اللغة ودراستها في الاستعمال أو التواصل.[23]
وعليه فإن المنهج التداولي هو مستوى تصنيف إجرائي في الدراسات اللغوية يتجاوز المستوى الدلالي ويبحث في علاقة العلامات اللغوية بمؤوليها، مما يبرز أهمية دراسة اللغة عند استعمالها، وبالتالي فإنه يُعنى بدراسة مقاصد المرسِل وكيفية تبليغها وكيفية توظيف المرسِل للمستويات اللغوية في سياق معين[24].
إن المنهج التداولي بهذه الرؤية ليس ضد البنيوية ذات المنهج الوصفي بل هو تطعيم هذا المستوى بمستوى آخر هو السياق التواصلي الذي ورد فيه أي مقطع خطابي.[25]والرابطة بين البنيوية والتداولية قوية لأن كل خطاب لابد أن يُعنى فيه بالتركيب اللغوي مضافا إليه ظروف التواصل. [26]
ثانياــ مجالات التداولية: تدرس التداولية المعنى في ضوء علاقته بموقف الكلام، والموقف الكلامي يشتمل على جوانب كثيرة يمكن أن نجمعها فيما يلي: المتحدث والمستمع، سياق التفوّه، الهدف، الفعل الإنجازي الذي يحدث في موقف معين. تمثل هذه الجوانب محور البحث التداولي.[27] ومعلوم أن التداولية ظهرت بعد البحث التركيبي والدلالي لذلك نلاحظ اتساع مجالات البحث لتشمل الآتي:
أـ الإشاريات: هي تعبيرات وألفاظ تحيل إلى مكونات السياق الاتصالي، ولا يتضح معناها إلا بمعرفة المشار إليه لذلك يطلق عليها المبهمات.[28] وتقسم الإشاريات إلى:
1ــ الإشارات الشخصية: مثل الضمائر بكل تفصيلاتها ويعتمد مرجعها على السياق الذي تستخدم فيه.
2ــ الإشارات الزمانية: وهي تدل على زمان يحدده السياق بالنظر إلى زمان التكلم؛ فزمان المتكلم هو مركز الإشارة الزمنية في الكلام، فإذا لم يعرف زمان المتكلم التبس الأمر على السامع.[29] فإذا قلت مثلا “نلتقي الساعة العاشرة” نجد أن زمان التكلم وسياقه يحددان المقصود بالساعة العاشرة صباحا أم مساء.
3ــ الإشارات المكانية: هي كلمات تشير إلى أماكن يعتمد استعمالها وتفسيرها على معرفة مكان المتكلم، أو على مكان آخر معروف للمخاطب، مثل: هنا، هناك، أمام… ويستحيل على المتواصلين باللغة أن يفسروا كلمات مثل: هنا وهناك وهذا وذاك ونحوها إلا إذا وقفوا على ما تشير إليه بالقياس إلى مركز الإشارة (المكان) فهي تعتمد على السياق المباشر الذي قيلت فيه [30]. مثال: قال شخص: أحب أن أبقى هنا، فهل يعني: في هذا المكتب، أو في هذه المؤسسة، أوفي هذا المبنى، أو في هذه القرية أو في هذه الدولة…فكلمة هنا تعبير إشاري، وإن كان يشير إلى شيء قريب من المتكلم إلا إنه قد يكون بعيداً عن المخاطب، فلا يمكن تفسيره إلا بمعرفة المكان الذي يقصد المتكلم الإشارة إليه.
4ــ إشارات الخطاب: وهي عبارات مختلفة ومتنوعة يستخدمها المتكلم ليشير إلى موقف خاص به مثل قوله: مهما يكن، بالإضافة إلى ذلك، الرأي السابق، الأسبوع الماضي، تلك القصة. والملاحظ أنها إشارات منقولة من وظائفها الأساسية لتؤدي وظائف خاصة يستهدفها المتكلم.
5ــ الإشارات الاجتماعية: وهي ألفاظ أو تراكيب تشير إلى العلاقة الاجتماعية بين أطراف الخطاب توجه نحو اختيار اللفظ المناسب في المقام المحدد كأن يكون مقام احترام، تبجيل، التماس وغيرها من المقتضيات المقامية، مثل: السيد، السيدة، سمو الأمير، فخامة الرئيس، جلالة الملك.
ب ــ الافتراض السابق: يبني المتكلم كلامه على المعلومات المشتركة بينه والمتلقي، فيوجه حديثه إلى السامع على أساس أنه معلوم له، فإذا قال رجل لرجل آخر (أغلق النافذة)، فالمفترض سلفا أن النافذة مفتوحة، وأن المخاطب قادر على إغلاقها، وأن المتكلم في منزلة الآمر، وكل ذلك موصول بسياق الحال وعلاقة المتكلم بالمخاطب. ويقرر فينيمان بأن لأي خطاب: “رصيداً من الافتراضات المسبقة (يضم معلومات) مستمدة من المعرفة العامة، وسياق الحال، والجزء المكتمل من الخطاب ذاته”.[31]
ج ــ الاستلزام الحواري (الخروج عن مقتضى الظاهر):
ترتبط بعض المفردات والعبارات والاستعمالات اللغوية بدلالات معينة تلازم تلك المفردات أو العبارات أو الاستعمالات، ولكن لأسباب تتعلق بأحوال المتحاورين قد يقصد أحد أطراف الحوار معنى ضمني جديد غير مقيد بذلك التلازم الدلالي، وحينها يطلق على هذه المعاني الجديدة (استلزام حواري) أي خروج عن المعنى الأصلي المتعلق بالسياق اللغوي لغرض ما، ويتوزع هذا الاستلزام بين القول والقصد فالقول هو ما تعنيه الكلمات والعبارات بقيمها اللفظية الظاهرة والقصد هو ما يريد المتكلم أن يبلغه إلى السامع على نحو غير مباشر اعتمادا على أن السامع قادر على أن يصل إلى مراد المتكلم بما يتاح له من أعراف الاستعمال ووسائل الاستدلال.[32]
وقد يكون الاستلزام عرفيا ثابتا قائما على ما تعارف عليه أصحاب اللغة من لزوم بعض الألفاظ دلالات بعينها لا تنفك عنها مهما اختلفت بها السياقات وتغيرت التراكيب، من ذلك (لكن) فهي تلزم أن يكون ما بعدها مخالفاً لما يتوقعه السامع، مثل: زيد غني لكنه بخيل، وقد يكون الاستلزام متغيرا تبعا للسياق والحوار، فحين يقال: كم الساعة؟ فإن مقصد المتكلم يختلف حسب السياق الذي وردت فيه الجملة فقد يكون سؤالاً، وقد يكون توبيخاً بسبب التأخر.
ويدخل في العلاقة بين (القول والقصد) أن يقول المتكلم قولا ويقصد عكسه، وكذلك قد يفهم المتلقي شيئا آخر غير المقصود مما ينشأ عنه ما يسمى بـ (سوء التفاهم) الذي يقع كثيرا في الخطاب والحوار بين الناس، لذلك حاول أصحاب التداولية وضع بعض الضوابط التي من شأنها أن تقلل من سوء الفهم وتقرب وجهات النظر بين أطراف الخطاب، فاقترح العالم جرايس (مبدأ التعاون) ويعد من أهم المبادئ التي تهتم بها التداولية لأنه مهم في نجاح المحادثة، ومبدأ التعاون هو: أن تجعل إسهامك في التخاطب بحسب الحاجة، أي يقع في الحال التي ينبغي أن يقع فيها، وفقا للغرض المقبول، ووفقا لاتجاه المبادلة الكلامية.[33] من غير شك أن هذا المبدأ يمثل أساس الاستمرارية في التواصل اللغوي المثمر، ويضم مبدأ التعاون عددا من القواعد التي تحكمه تتمثل في الآتي:
1ـ الكم: ويراعى فيه عدم الإطالة المملة أو الإيجاز المخل، بمعنى أن يكون الخطاب مناسبا وفق الموفق من غير زيادة أو نقصان، ينقل الضروري من المعلومات والأخبار.
2ـ الكيف: ويقصد به أن يكون القول صحيحا وحقيقيا اعتقادا ولا يفقد البرهنة على صحته وصدقه.
3ـ المناسبة: أن يكون القول موافقا للموضوع.
4ـ الطريقة: يراد بها أن يكون القول واضحا بعيدا عن الغموض واللبس[34]. ويبدو مبدأ التعاون واضحا في الخطاب وخاصة في الحوار اليومي العادي بين الناس.
دــ الأفعال الكلامية: إن وظيفة اللغة لا تقتصر على نقل المعلومة والتعبير عن الأفكار، إنما هي مؤسسة تتكفل بتحويل الأقوال التي تصدر ضمن معطيات سياقية إلى أفعال ذات صيغة اجتماعية، قالت أوركيوني: “إن الكلام هو بدون شك نقل للمعلومات ولكنه أيضا تحقيق لأفعال مسيرة وفق مجموعة من القواعد من شأنها تغيير وضعية المتلقي وتغيير منظومة معتقداته أو وضعه السلوكي… “.[35] تأسيسا على هذه الرؤية القاضية بأن اللغة تحقق بجانب نقل المعلومة وظائف أخرى لا تقل أهمية، قامت نظرية الأفعال الكلامية.
ومعنى الفعل الكلامي أنه كل ملفوظ ينهض على شكل دلالي إنجازي تأثيري[36]، أي أن هذه الأفعال ينجزها الإنسان بمجرد التلفظ بها في سياق مناسب، فهناك أعمال لا يمكن إنجازها إلا من خلال اللغة وهذا ما يجعل الخطاب (فعلاً) بمجرد التلفظ به[37]، كقولك: (نطلب الموافقة، أنت طالق، فتحت الجلسة، أغسل يدك) يعني أن مفهوم الفعل في التداولية يتجاوز حد تمثيل المعنى إلى القيام بفعل وممارسة التأثير من خلال استعمال اللغة، والفعل الكلامي يعتمد على الموقف الذي يتم فيه التفوه لذلك لا يمكن دراسة الأفعال الكلامية مستقلة عن الموقف.[38] اهتم التداوليون بالأفعال الكلامية فقسموها تقسيمات كثيرة أشهرها تقسيم أوستن الذي رأى أن الفعل الكلامي مركب من ثلاثة جوانب:
1ـ جانب لفظي: يتألف من أصوات لغوية تنتظم في تركيب نحوي سليم يؤدي معنى محدد ويعرف بالمعنى الأساسي أو الأصلي.
2ـ جانب إنجازي: وهو ما يؤديه الجانب اللفظي من معنى إضافي يكمن وراء المعنى الأساسي مثل: التهديد، التحذير، السخرية، الفخر وغيرها.
3ـ جانب تأثيري: ويبدو في الأثر الذي يحدثه الجانب الإنجازي في المتلقي مثل: الانفعالات المختلفة وهذه الجوانب الثلاثة متصلة لا يمكن الفصل بينها وبين سياقها الذي ترد فيه.[39] ففي الجملة: (إنها ستمطر) يمكن فهم معنى الجملة الأولي الظاهر من الفعل اللفظي (ستمطر) ولكن لا يمكن فهم المعنى الإنجازي هل هو تحذير من الخروج أم هو أمر بحمل المظلة إلا من خلال السياق الذي ورد فيه الفعل اللفظي.
المبحث الثاني: التداولية وتحليل الخطاب
المطلب الأول: الأبعاد التداولية في الخطاب:
تنطلق النظرية التداولية في طريقها لتحليل الخطاب من خلال رؤيتها أن بنية الخطاب الدلالية ترتبط بظروفه المقالية والمقامية ومستعمليه ارتباط تبعية وتعلق.[40]. وانطلاقا من هذه الرؤية فإن التداولية تعتمد عدة مرتكزات وآليات لتحليل الخطاب تتمثل في الآتي:
أولاـــ أركان الخطاب: وتشمل المرسِل والمرسَل إليه والسياق والهدف.
1ـــ المرسِل (المنتج): يمثل المرسِل طرف الخطاب الأول، الذي يتّجه به إلى الطرف الثاني ليكمل دائرة العملية التخاطبية، بقصد إفهامه مقاصده أو التأثير فيه وعليه أن يختار ما يتناسب مع منزلته ومنزلة المتلقي وفق ما يقتضيه المقام. فخطاب التاجر مع زبونه يختلف عن خطابه مع تاجر آخر مثله؛ كما يختلف خطاب ملك أو أمير مع أحد رعاياه عن خطابه مع شخص آخر من أنداده، كما أن مقاصد المرسِل وأهدافه تتنوّع بتنوع بعض العناصر السياقيّة، مما يفرض عليه أطراً معينة لابد أن يستجيب لها فإن كان هدفه الإقناع فإنه يختار من الأدوات اللغوية والآليات الخطابية ما يبلّغه مراده، وإن كان هدفه السيطرة مثلاً، فإنه يعمد إلى الأدوات التي تكفل تحقيقها، وتنعكس هذه العوامل بشتى ضروبها في شكل الخطاب وآلياته وتصبح عنصراً فعّالاً في تحقيق مقاصد الخطاب وآثاره ونتائجه. ولابد أن يمتلك كل منتج المهارات التي تمكنه من التواصل الجيد المؤثر وتتمثل تلك المهارات في الآتي:
1ـ الاهتمام بمرحلة التركيب اللغوي لأن كل خطاب لا يهتم فيه المنتج بمرحلة التركيب يؤدي إلى إنتاج ملفوظ غير مفهوم للمتلقي، الأمر الذي جعل التداولية تهتم بدراسة المنجز اللغوي في إطار التواصل. [41]
2ـ القدرة على التنويع وِفق المقاصد والمواقف فيختصر مرة، ويطيل ثانية، ويكرر ثالثة، ويخفي بعض معانيه ويكشف بعضها الآخر.
3ـ تحديد المقصد ونوع الخطاب تحديدا واضحا لأن ذلك يعين المنتج على اختيار المفردات والعبارات المناسبة ذات القوة الإنجازية الملائمة لنوع خطابه وأهدافه.
4ـ مراعاة متطلبات سياق المقام خاصة المتلقي فيراعي حاله لغويا واجتماعيا وثقافيا ونفسيا ومن ثم يختار مفردات بعينها تناسب حال المتلقي، وكذلك يراعي المكان والزمان.
5ــ تأسيس الخطاب على منهجية ترتبط فيها المقدمات بالنتائج، والوسائل بالمقاصد، والأسباب بالمسببات، ليجد التعاون من المتلقي فيصغي وينتبه ويركز ويفهم ما يقال. وقد وضع التداوليون بعض المعايير التي يُحكِّمَها المنتج عند بناء الخطاب لضمان جودة الحدث التواصلي وهي:
أـ المعيار الاجتماعي: يظهر المعيار الاجتماعي في العلاقة التخاطبية بين أطراف الخطاب (صلة قرابة صداقة، عمل مشترك…) يعبر المرسل عن هذه العلاقة بلغة خاصة لها تأثيرها في المتاقي.
ب ـ المعيار التوجيهي: يرتبط المعيار التوجيهي بالمرسِل ويؤثر في بناء خطابه لغويا، ويتجسد المعيار التوجيهي من خلال آليات صريحة تسهم في توجيه الخطاب للمرسَل إليه مثل: أسلوب الأمر والنهي والتمني والنداء والاستفهام، وذكر عاقبة الأمور وغيرها من الأساليب العربية وكلها من الأساليب البلاغية التي تخرج من معناها الأصلي إلى معانٍ تستنبط من المقام التواصلي، وهذا الخروج يعد مرتكزا أساسيا من مرتكزات التداولية، ولا يخفى علينا ما في التوجيه من أبعاد تداولية ونفسية تتحكم في انتقاء المفردة فالأمر إذا وجه من صغير إلى كبير كان خروجا عن الأدب، وكذلك إذا كان من صديق لصديقه، فالبعد النفسي باد بوضوح في هذا المعيار ولابد للمرسِل من إدراكه والاهتمام به.
ج ـ معيار تحديد الهدف: يتجلى تحديد الهدف في الخطاب بشقيه المكتوب والملفوظ، ويعد الإقناع من أهم أهداف المرسِل ويستخدم لذلك استراتيجيات كثيرة منها ما يخاطب العواطف ومنها ما يخاطب العقول فيلجأ المرسِل إلى المدح والثناء أو الهجاء والذم، وقد يكثر من ضرب الأمثلة وذكر الأدلة وغير ذلك من الاستراتيجيات والحيل اللغوية[42].
2ـــ المرسَل إليه (المتلقي): يمثل المرسَل إليه طرف الخطاب الثاني الذي يشكل مع المنتج الفعل الاتصالي، وهو يمارس دورا مهما في توجيه المرسِل عند صياغة خطابه، انطلاقا من علاقته بالمرسِل وبموضوع الخطاب. وبناءً على مبدأ التداول فعلى المرسَل إليه الاعتماد على المقام والظروف التي صاحبت الحدث التواصلي اللغوي للوصول إلى الدلالة الحقيقية المستورة في البنية العميقة، بمعنى أن المتلقي لم يعد عنصرا ثانويا بل أصبح عنصرا أساسيا يوجه المعنى ويسهم في بناء الخطاب وتفكيكيه.”[43] وعلى المتلقي أن يتحلى بمهارات واستراتيجيات حُسن الاستماع، والقدرة على فهم الرسالة، وأن تكون لديه الملكة التي تمكنه من تذوق لغة الخطاب فيبدي تفاعله معه. وهذه النقاط كلها تعد من صميم المبادئ التداولية التي نادت بها النظرية التداولية من خلال تركيزها على سياق الحال ومكوناته.
3ـــ السياق العام: تركز التداولية على سياق الحال الذي يضم الظروف والملابسات الثقافية والاجتماعية والنفسية التي تحيط بالإنتاج الكلامي، يقول جون ديبوا: “السياق هو مجمل الشروط الاجتماعية المتفق عليها التي تؤخذ بعين الاعتبار لدراسة العلاقات الموجودة بين السلوك الاجتماعي واستعمال اللغة…وهي المعطيات المشتركة بين المرسِل والمرسَل إليه والوضعية الثقافية والنفسية والتجارب والمعلومات الشائعة بينهما”.[44] وقد شكَّل هذا المفهوم المنطلق الأساس الذي انطلقت منه الدراسة التداولية.
وتهتم التداولية بمكون العلاقة بين المتخاطبين سلبية كانت أم إيجابية فإنها تؤثر في الخطاب، والزمان والمكان فما يصلح لزمن قد لا يصلح لزمن آخر، فتحية الصباح غير تحية المساء، وما يناسب مكانا قد لا يناسب مكانا آخر. ومعرفة عناصر السياق تساعد في عملية التعبير عن المقاصد، ويعد الخطاب ثمرة اجتماع عناصر السياق وخاصة (العلاقة بين المتخاطبين، الزمان، المكان) وقد وضع التداوليون عددا من الخصائص التي يتميز بها السياق وهي:
1ـ الحركة المستمرة النابعة من تتابع الأحداث اللغوية.
2ـ التغير والتجدد تبعا للحال الذي يكتنف الخطاب فحالات الكلام مختلفة بحسب مقاماتها لذلك تنوعت أنماط الكلام لكل نمط خصوصيات تعبيرية يجب مراعاتها في إنشاء الكلام.
3ـ الواقعية والمصداقية التي تضيف للسياق بعدا مهما يرتبط بمقبولية الخطاب.
4ــ الهدف (القصد): تظهر أهمية الهدف بوصفه مرتكزا من مرتكزات التداولية في تحليل الخطاب من خلال الآتي:
أـ يساعد وضوح الهدف وفهمه في استمرار الحوار وضمان قوة تأثير الخطاب.
ب ــ يمثل الهدف الواضح والمفهوم الأساس الذي ينبني عليه الحوار التالي، فإذا خفي الهدف لأي سبب أو لم يتمكن المتلقي من فهمه، فسينقطع الحوار ويتعطل الخطاب.
ج ــ يؤمن الهدف الواضح وصول المعلومة المراد تبليغها إلى المتلقي كاملة.
دــ الهدف الواضح يسهل على المنتج اختيار الوسيلة والاستراتيجية الملائمة لتحقيقه (مفردات بعينها أساليب محددة، إشارات، صور، …).
ه ـ يقوي وضوح الهدف العلاقة بين طرفي الخطاب (المنتج والمتلقي) وبالتالي يكون المناخ التواصلي أكثر تفاعلا وحيوية.
ثانياــ تصنيف الخطاب: كثرت تصنيفات الخطاب إلى (سياسي، ديني، أدبي، إداري …) معظم تلك التصنيفات قامت على أساس موضوع الخطاب أو هدفه ولم تهتم بالسياق عند التصنيف، الأمر الذي جعل التداولية ترى أن الاعتماد على موضوع الخطاب أو هدفه ليس كافيا للتصنيف بالتالي لا يساعد في الوصول إلى المعنى المراد، فما يبدو خطابا دينيا من خلال مقاصد المرسِل الظاهرة قد لا يبدو كذلك عند توظيف عناصر السياق، أي أن ظاهر الخطاب الشكلي لم يعد دليلا كافيا لتصنيف الخطاب في دائرة معينة.[45] تتخذ التداولية من الاستراتيجيات التي وظفها المرسِل في خطابه، بالإضافة إلى دور المرسَل إليه في تفكيك الخطاب معيارا لتصنيفه، بحيث يمكن تصنيف الخطاب حسب الاستراتيجية إلى (إقناعي حجاجي، تلميحي، تقريري…).[46]ولهذا التصنيف مزايا تتمثل في الآتي:
أـ يسهل فهم الخطاب وتحليله، لأن النظر إلى موضوع الخطاب لا يقدم صورة واضحة عن بنائه اللغوي ولا ظروف إنتاجه، كما أن الخطاب الواحد قد يتناول أكثر من موضوع.
ب ــ الاهتداء بالاستراتيجيات التي اتبعها المنتج في التصنيف يعمق المعرفة بكفاءة المنتج في الأداء وقدرة المتلقي على الفهم.
ج ـ إن التصنيف القائم على معرفة الاستراتيجيات لابد له من ربطها بسياق الحال وبالتالي يبرز دور أهم قرينة تقود إلى المعنى.
ثالثاــ السياق الاجتماعي والثقافي: إن نشأة الثقافة ونموها لا يتم دون اللغة، وإذا كانت اللغة تمثل مجموعة القواعد أو النظام المستقر بصورة تجريدية في ذهن الإنسان فالثقافة كذلك مجموعة من المعايير المادية والمعنوية المستقرة بصورة تجريدية في ذهن أفراد المجتمع.[47]
إن السياق الثقافي هو الذي فرض على كلمة (عامل) أن تدل في العصر الجاهلي على كل من يعمل بيديه، والجمع لها (عمَّال وعَمَلة)؛ ثم صارت في عصر الإسلام تدل على الوالي المعيَّن من قبل الخليفة والجمع لها (عمَّال) فقط. ومع نشأة علم الكلام أصبحت كلمة (العامل) تعني السبب والدافع، والجمع لها (عوامل) فقط. ثم في العصر الحديث أصبحت كلمة (عامل) تحمل كل هذه المدلولات، ولكن إذا جمعت على (عمَّال) انصرف الذهن إلى من يعملون بأيديهم، وإذا جمعت على (عاملون) انصرف إلى موظفي الدولة؛ وإذا جمعت على (عوامل) انصرف الذهن إلى الأسباب والدوافع، وهكذا يصبح للمحيط الثقافي أثرٌ في تحديد مفهوم الكلمة.
رابعاـ مفهوم الفعل ومعناه: تعد اللغة في مجمل مفاهيمها الاتصالية منظومة من الاستعمالات وفق إنتاج المتكلم وهو ما ينعت بـ (القصدية) وتشمل (الحالات الشعورية، الاعتقادات، الرغبات المقاصد الإدراكات وكذلك ضروب الحب والكره والمخاوف والآمال… [48] وعليه يرى التداوليون مفهوما أوسع للفعل أثناء الخطاب، يعبر عن كل هذه المقاصد التي يحملها الخطاب.
يرتبط مفهوم الفعل في التداولية بالمبدأ الأساس الذي قامت عليه النظرية وهو أن قيمة الأشياء تقاس بآثارها ونفعها، لذلك فالفعل في التداولية يتحول إلى عمل ينجزه المتلقي. وبناء على ذلك تكون للأفعال في الحدث التواصلي المعاني الآتية:
أـ المعنى اللغوي: ويطلق عليه فعل التلفظ ويراد به إطلاق الأفعال في جمل مفيدة ذات بناء نحوي سليم وذات دلالة لغوية مرجعها المستوى الصوتي والصرفي والنحوي والمعجمي[49] وبالتالي تحمل معنى معين مستمد من تلك المستويات اللغوية فقولك: (الباب مفتوح) معنى الجملة مفهوم ولكن المراد بالضبط غير واضح فلا ندري هل الجملة إخبارية، أم تحذيرية، أم فيها تخيير بين البقاء على مضض أو الخروج فلا نصل إلى حقيقتها إلا من خلال الموقف الفعلي الذي قيلت فيه الجملة أي سياق المقام.
ب ـ المعنى العملي الحقيقي: ويطلق عليه معنى قوة التلفظ ويتصل هذا النوع من التصنيف بالوظائف التي تصاحب الصيغ الكلامية، وبمعنى أدق هو عمل ينجز بقول ما، وهذا الصنف من الأفعال هو الأهم لأنه يتضمن قوة إنجازية، ومن أمثلته: الأمر الصريح الوعد والتحذير… [50]والفرق بين المعنيين: معنى التلفظ ومعنى الإنجاز هو أن الأول مجرد قول شيء أما الثاني فهو القيام بالفعل المضمن في القول.
ج/ المعنى التأثيري: ويسمى معنى أثر التلفظ، وهذا النوع يرتبط بالتسبب في نشوء آثار في العواطف والأفكار كالإقناع والإرشاد، بمعنى أن الكلمات التي ينتجها المتكلم في بنية لغوية سليمة محملة بمقاصد معينة في سياق محدد تعمل على تبليغ رسالة وتحدث أثرا في المتلقين[51].
ينبني هذا التقسيم على أساس النظرية التداولية القائم على دراسة اللغة في الاستعمال وعدم فصلها عن سياقها المقامي. وعليه فإن هذا التقسيم تميز بالآتي:
أـ وضع هذا التقسيم وظائف اللغة في الاعتبار وأضاف بعدا جديدا تمثل في الكشف عن النشاط الاجتماعي التواصلي الذي تحمله الصياغات اللغوية المنتجة في إطار التواصل.
ب ـ أعطى هذا التقسيم القيمة الحقيقية للأفعال بلاهتمامه بالبعد الإنجازي المنبثق من الخطاب اللفظي.
ج ـ يتميز بالدقة التي تجعلك تقف على المؤثرات الفعلية النفسية أو الاجتماعية وراء اختيار وانتقاء الكلمات والأساليب المحددة في الموقف المعين.
يمكن أن نستشف من هذا الطرح التداولي لبنية اللغة وارتباطها بالخطاب أن وظيفة اللغة لا تقبع في ذلك الإطار التواصلي المحض، بل تتعدى وظيفة اللغة ذلك المستوى إلى مستوى التأثير على الواقع وقلبه من خلال انتقاء بعض العبارات (الأفعال الكلامية) التي تؤدي دورا لا يستهان به على مستوى التأثير على المتلقين مهما كانت خلفياتهم الاجتماعية والنفسية والثقافية، على أساس أن الخطاب قوة بلاغية تتجلى في قوة التلفظ به، وقوة أخرى تأثيرية على مستوى المتلقي تتجلى من خلال الأعراض التأثيرية والنتائج المنجزة[52].
الخاتمة:
ظهر من المادة المقدمة أهمية التداولية البالغة في الدرس اللغوي، فهي تقدم نموذجا لدراسة الخطاب وتحليله في ضوء السياق والظروف المحيطة بالتخاطب، وخلصت الدراسة إلى عدد من النتائج:
1/ التأكيد على وجود صلة قوية بين اللغة والنفس، لأن اللغة ليست أصواتا فحسب، بل يدخل فيها الجانب النفسي للمتحدث والمتلقي.
2/ إنه لا فائدة من دراسة اللغة دراسة شكلية بعيدة عن السياق الاجتماعي والثقافي، بل لا بد من اتحاد الاثنين.
3/ تقوم الدراسة التداولية على تحليل المعنى الذي يرمي إليه المتكلم من خلال ما يقول، ودراسة عمليات الاستدلال التي يقوم بها المتلقي، وهو يحلل الخطاب حتى يصل للمعنى المطلوب.
4/ تتطلب الدراسة التداولية النظر في مضمون الخطاب، وفق اعتبارات مختلفة منها: شخصية المنتج والمتلقي، مكان وزمان الخطاب، والظروف التي تكتنف الخطاب.
5/ تتجه المقاربة التداولية إلى دراسة الأدوات الإشارية، التي لا يتحدد مرجعها إلا من خلال السياق المادي والاجتماعي، غير أنها تجعل اللغة تتجدد فيما تحيل إليه فهي تشكل بنية أساسية في الخطاب.
6/ يشكل المنتِج المركز الذي من خلاله يمكن أن نحدد مسألة نسبية القرب والبعد المادي والاجتماعي بالنسبة لأطراف الخطاب.
7/ تهتم النظرية التداولية بمعنى الفعل وأثره الذي ينجز من خلال عملية الخطاب كالالتماس والرجاء والشكر والعتاب والنصح والوعد والقبول والرفض وغيرها من المعاني الإنجازية.
8/ تختلف قوة المعاني الإنجازية للأفعال بسبب اختلاف سياق الحال وليس بسبب البنية اللغوية للفعل.
9/ إن التداولية لا تنكر دور الاتجاهات الأخرى في التحليل الخطابي، ولكنها تضيف إليها رؤية واستراتيجيات جديدة تمكنها من مقاربة الحدث التواصلي مربوطا بظروف الاستعمال.
10/ للتداولية علاقات حميمية مع حقول معرفية مختلفة: علم النفس، علم الاجتماع، الفلسفة وغيرها وعليه قدمت التداولية آليات جديدة من خلال دراسة تفاعلها المثمر مع المعارف الأخرى.
11/ تختلف التداولية عن المعنى الدلالي والمعنى النحوي؛ لأن المعنى الدلالي والنحوي يتقيدان بقواعد، أما التداولية فتعتمد على المبادئ البلاغية وفي مقدمتها سياق المقام.
12/ قدمت التداولية حلولا كثيرة للمشكلات التي واجهت المقاربات التي لم تهتم بالتواصلية.
المراجع:
القرآن الكريم.
1/إبراهيم السعاقين، التداولية ونظرية النص، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1 1997م.
2/ إبراهيم أنيس، دلالة الألفاظ، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط/2، 1986م.
3/ إبراهيم صحراوي، تحليل الخطاب الأدبي (دراسة تطبيقية)، دار الآفاق، الجزائر، ط1 1999م.
4/ ابن عاشور، التحرير والتنوير، دار سحنون للطباعة والنشر، تونس، 1992م.
5/ ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد، لسان العرب، دار صادر، بيروت، 1997م.
6/ أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة، المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2000.
7/أحمد المتوكل، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط/1 1986م.
8/ أحمد عبد الرحمن حماد، العلاقة بين اللغة والفكر -دراسة اللزومية بين الفكر واللغة، دار المعرفة الجامعية القاهرة، ط/1، 1985م.
9/ أرمينكو فراسواز، المقاربة التداولية، ترجمة سعيد علوش، مركز الإنماء القومي، الرباط 1986م.
10/ أسمهان الصالح، النظرية التوليدية التحويلية وتطبيقاتها في النحو العربي، منشورات جامعة حلب 1990م.
11/ إفنيش ميلكا، اتجاهات اللسان، ترجمة سعد عبد العزيز مصلوح، المجلس الأعلى للثقافة القاهرة.
12/ إلهام أبو غزالة، مدخل إلى علم لغة النص تطبيقات لنظريات دي بوجراند وديسلر، الهيئة المصرية للكتاب، ط2، 1999م.
13/ أندرية مارتيني، مبادئ ألسنية عامة، ترجمة ريمون رزق الله، دار الحداثة، بيروت، ط1 1990م.
14/ أوليفي روبو، لغة التربية – تحليل الخطاب البيداغوجي، ترجمة عمر أوكان، مكتبة أفريقيا الشرق 2002م.
15/باختين ميخائيل، الخطاب الروائي النفسي، ترجمة محمد برادة، دار الفكر للدراسات والتوزيع القاهرة ط/1، 1987م.
16/ براون ويول، تحليل الخطاب، ترجمة: محمد الزليطني ومنير التريكي، جامعة الملك سعود الرياض 1997م.
17/ بشير إبرير، من لسانيات الجملة إلى علم النص، مجلة التواصل، الرياض، العدد 114 2005م.
18/ تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، عالم الكتب، القاهرة، ط5، 2006م.
19/ جابر عصفور، خطاب الخطاب، دار مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، دبي الإمارات 1999م.
20/ جاك روبول، التداولية اليوم، ترجمة سيف الدين دغموس، دار الطليعة، بيروت، ط1 2003م.
21/ جان بياجيه، البنيوية، ترجمة عارف منيمنة وبشير أوبري، منشورات دار عويدات، بيروت ط3 1983م.
22/ جلال شمس الدين، موسوعة مرجعية لمصطلحات علم اللغة النفسي، الإسكندرية، مطبعة الانتصار للطباعة والنشر، 2003م.
23/ خليفة برحادي، في اللسانيات التداولية، بيت الحكمة، بغداد، ط1، 2009م.
24/ خولة طالب الإبراهيمي، مبادئ في اللسانيات، دار القصبة، الجزائر، 2000م.
25/ داؤد عبدة، محاضرات في علم اللغة النفسي، الكويت، المطبوعات الجامعية، ط1 1984م.
26/ دي بوجراند، النص والخطاب والإجراء، ترجمة د. تمام حسان، عالم القاهرة، ط/1 1998م.
27/رابح بوحوس، رابح بوحوس، اللسانيات وتحليل الخطاب، عالم الكتب الحديث، إربد، الأردن 2009م.
28/ راضية خفيف بوبكري، التداولية وتحليل الخطاب، مجلة الموقف الأدبي، دمشق اتحاد الكتاب العرب، العدد 399، 2004م.
29/ ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ترجمة كمال بشر، دار غريب، القاهرة، ط1 1962م.
30/ سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط/4، 2005م.
31/ أبو يعقوب يوسف السكاكي، مفتاح العلوم، تحقيق نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت ط/2، 1987م.
32/ السيد محمود احمد، علم النفس اللغوي، جامعة دمشق، ط2، 1995م.
33/ شاردو باتريك، معجم تحليل الخطاب، ترجمة عبد القادر المهيري، دار سيناترا، تونس 2008م.
34/ شريفة بلحوت، طبيعة النص، المركز العربي، الجزائر، 2009م.
35/ صابر الحباشة، التداولية والحجاج مداخل ونصوص، دار صفحات للدراسات والنشر دمشق 2008م.
36/ صبحي إبراهيم الفقي، علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق، دار قباء، القاهرة، ط/1 2000م.
37/ صلاح فضل، النظرية البنائية في النقد الأدبي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة ط2،1987م.
38/ طه عبد الرحمن، في أصول الحوار وتحديد علم الكلام، المركز الثقافي العربي، بيروت ط/2 2000م.
39/ ــــ تجديد المنهج في تقويم التراث، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط/2، 2005م.
40/ عادل فاخوري، علم الدلالة عند العرب، دراسة مقارنة مع السيماء الحديثة، دار الطليعة بيروت ط/2، 1994م.
41/ عبد الجبار غريبة، التعريف والتنكير في اللغة العربية، حوليات الجامعة التونسية، العدد 24 1985م.
42/ عبد الجليل مرتاض، اللغة والاتصال، دار هومة، الجزائر، ط/2، 1995م.
43/ عبد الحميد مصطفى، دراسات في اللسانيات العربية، دار الحامد، عمان، ط1، 2004م.
44/ عبد العزيز بن إبراهيم العصيلي، علم اللغة النفسي، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عمادة البحث العلمي، ط1 2006م.
45/ عبد القادر محمد مايو، علم نفس اللغة من منظور معرفي، دار القلم العربي، ط1 1998م.
46/ عبد الهادي الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية، بيروت، دار الكتاب الجديد ط1، 2004م
47/ عبد الواسع الحميري، الخطاب والنص (المفهوم والعلاقة)، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر بيروت 2008م.
48/ علي زوين، منهج البحث اللغوي بين التراث وعلم اللغة الحديث، دار الشؤون الثقافية العامة بغداد ط/1، 1986م.
49/ علي عبد الواحد وافي، نشأة اللغة عند الإنسان والطفل، دار نهضة مصر للنشر، ط/1 2002م.
50/ ـــــ اللغة والمجتمع، دار المعارف، القاهرة، ط/3، 1983م.
51/ علي محمود حجي الصراف، في البرجماتية، الأفعال الإنجازية في العربية المعاصرة، دراسة دلالية ومعجم سياقي، مكتبة الآداب القاهرة ط1، 2010م.
52/ عمر أبو خرمة، بلاغة الخطاب وعلم النص، لونجمان، القاهرة، ط1، 1996م.
53/ عمر بلخير، تحليل الخطاب المسرحي في ضوء النظرية التداولية، منشورات الاختلاف الجزائر ط1 2003م.
54/ الغالي أحرشاو، الطفل واللغة تأطير نظري ومنهجي، المركز الثقافي العربي بيروت، ط1 1993م.
55/ فاروق عثمان السيد، سيكلوجية الفروق الفردية والقدرات العقلية، دار القلم، بيروت، ط2 1989م.
56/ فان دايك، النص والسياسة إقصاء الحدث في الخطاب التداولي الدلالي، ترجمة عبد القادر قنيني الدار البيضاء، 2000م.
57/ فردينان دي سوسير، علم اللغة العام، ترجمة د. بوئيل يوسف عزيز، دار آفاق عربية الأعظمية بغداد 1984م.
58/ كريم ذكي حسام الدين، اللغة والثقافة دراسة أنثرولغوية لألفاظ القرابة في الثقافة العربية منشورات كلية الآداب جامعة الزقازيق القاهرة، ط2، 1989م.
59/ محمد الخولي، قواعد تحويلية للغة العربية، دار المريخ الرياض، ط1، 1981م.
60/ محمد العبد، النص والخطاب والاتصال، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة.
61/ محمد جعفر، الدلالة النفسية للألفاظ في القرآن الكريم، دار جامعة القادسية، بغداد، ط/1 2007م.
62/ محمد خطابي، لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب، المركز الثقافي العربي الكويت، ط1
1991م.
63/ محمد عابد الجابري، تحليل الخطاب العربي المعاصر، دار الطبعة، بيروت، ط/1 1985م.
64/ محمد محمد يونس علي، المدارس اللسانية، المدرسة التداولية ظهورها وتطورها، دار المعرفة الجامعية القاهرة، ط1، 2006م.
65/ محمد مفتاح، مسائل في مفهوم النص، منشورات كلية الآداب والعلوم، جامعة محمد الخامس جدة، 1997م.
66/ محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، دار المعرفة الجامعية القاهرة، 2006م 2000م.
67/ مصطفى ناصف، اللغة والتفسير والتواصل، سلسلة عالم المعرفة، العدد الثالث،1993م.
68/ ملفوف صالح الدين، مفهوم النص في المدونة النقدية العربية، المركز الجامعي، الجزائر.
69/ ميشال زكريا، الألسنية التوليدية والتحويلية وقواعد اللغة العربية، دار القلم، بيروت، ط1 1987م.
70/ نايف خرما، أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، المجلس الوطني للثقافة، الكويت 1978م.
71/ نعمان بوقرة، التصور التداولي للخطاب اللساني عند ابن خلدون، مجلة الرافد، العدد 79 الجزائر 2006م.
71/ نهاد الموسى، اللغة العربية فقي العصر الحديث قيم الثبوت وقوى التحول، دار الشروق عمان الأردن، ط1، 2007م.
72/ ـــــ الازدواجية في العربية ما كان وما هو كائن وما ينبغي أن يكون، ندوة اللغة العربية مطبعة الجامعة الأردنية عمان 1988م.
73/ نواري سعودي أبو زيد، في تداولية الخطاب الأدبي المبادئ والإجراء، بيت الحكمة الجزائر، ط1 2009م.
74/ نوال محمد عطية مكتبة، علم النفس اللغوي، الأنجلو المصرية، ط1، 1975.
75/ نور الدين السيد، الأسلوبية وتحليل الخطاب، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر
1997م.
76/ يسمينة عبد السلام، نظرية الأفعال الكلامية في ظل جهود أوستين، مجلة المحبر، جامعة بسكرة الجزائر، العدد العاشر، 2014م.
- ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد، لسان العرب، دار المعارف القاهرة، ج14، مادة خطب ص354. ↑
- دي بوجراند، النص والخطاب والإجراء، ترجمة د. تمام حسان، عالم القاهرة، ط/1، 1998م، ص73. ↑
- محمد العبد، النص والخطاب والاتصال، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، ط/1، 2005م، ص7. ↑
- أحمد المتوكل، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية -بنية الخطاب من الجملة إلى النص، الرباط، 2001م، ص21. ↑
- أوليفي روبو، لغة التربية – تحليل الخطاب البيداغوجي، ترجمة عمر أوكان، مكتبة أفريقيا الشرق، 2002م، ص41. ↑
- سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط/4، 2005م، ص15. ↑
- جابر عصفور، خطاب الخطاب، دار مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، دبي، الإمارات، 1999م، ص35. ↑
- عبد الواسع الحميري الخطاب والنص (المفهوم والعلاقة)، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، 2008م، ص90. ↑
- إبراهيم صحراوي، تحليل الخطاب الأدبي (دراسة تطبيقية)، دار الآفاق، الجزائر، ط1، 1999م، ص18. ↑
- محمد خطابي، لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب، المركز الثقافي العربي، الكويت، ط1، 1991م، ص23. ↑
- عمر أبو خرمة، بلاغة الخطاب وعلم النص، لونجمان، القاهرة، ط1، 1996م، ص43. ↑
- نواري سعودي أبو زيد، في تداولية الخطاب الأدبي المبادئ والإجراء، بيت الحكمة، الجزائر، ط1، 2009م، ص29. ↑
- مسعود صحراوي، التداولية عند علماء العرب، دراسة تداولية للأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي، دار الطليعة، بيروت ط1 2005م، ص67. ↑
- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، 1997م، مادة (د و ل)، ج11، ص252. ↑
- يسمينة عبد السلام، نظرية الأفعال الكلامية في ظل جهود أوستين، مجلة المحبر، العدد العاشر، 2014م، جامعة بسكرة الجزائر ص99. ↑
- المقال السابق، ص100. ↑
- المقال نفسه، ص103. ↑
- مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، ص16. ↑
- أحمد المتوكل، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية البنية التحتية أو التمثيل الدلالي التداولي، دار الأمان، الرباط، 1995م ص19. ↑
- صلاح فضل، بلاغة الخطاب وعلم النص، لونجمان، القاهرة، ط1، 1996م، ص25. ↑
- عبد الهادي الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية، بيروت، دار الكتاب الجديد، ط1، 2004م، ص22. ↑
- محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص6. ↑
- عبد الحميد مصطفى، دراسات في اللسانيات العربية، دار الحامد، عمان، ط1، 2004م، ص120. ↑
- محمد خطابي، لسانيات النص إلى انسجام الخطاب، ص49. ↑
- فان دايك النص والسياق، ص46. ↑
- راضية خفيف بوبكري، التداولية وتحليل الخطاب، مجلة الموقف الأدبي، العدد 399، 2004م، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، ص79. ↑
- عادل فاخوري، علم الدلالة عند العرب، دراسة مقارنة مع السيماء الحديثة، دار الطليعة، بيروت ط/2، 1994م، ص70. ↑
- محمد خطابي، لسانيات النص إلى انسجام الخطاب، ص51. ↑
- أرمينكو، فرانسواز، المقاربة التداولية، ص45. ↑
- محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص21. ↑
- ج.ب. براون وَ ج. يول، تحليل الخطاب، ترجمة: محمد الزليطني ومنير التريكي، جامعة الملك سعود، الرياض، 1997م، ص96. ↑
- محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص33. ↑
- عبد الهادي الشهري، استراتيجيات الخطاب، ص121. ↑
- جاك روبول، التداولية اليوم، ترجمة سيف الدين دغموس، دار الطليعة، بيروت، ط1، 2003م، ص54. ↑
- (1) مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، ص41. ↑
- المرجع السابق، ص42. ↑
- مسعود صحراوي، الأفعال الكلامية عند الأصوليين، مجلة الدراسات اللغوية، الرياض، 2004م، ص199. ↑
- صابر الحباشة، التداولية والحجاج مداخل ونصوص، دار صفحات للدراسات والنشر، دمشق، 2008م، ص50. ↑
- أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص44. ↑
- مصطفى ناصف، اللغة والتفسير والتواصل، سلسلة عالم المعرفة، العدد الثالث،1993م، الكويت ص 156. ↑
- عبد الهادي الشهري، استراتيجيات الخطاب، ص23. ↑
- عبد الهادي الشهري، استراتيجيات الخطاب، ص32. ↑
- أبو يعقوب يوسف السكاكي، مفتاح العلوم، ص127. ↑
- المرجع السابق، ص73. ↑
- دي بوجراند، النص والخطاب والإجراء، ترجمة د. تمام حسان، عالم الكتب، القاهرة، ط/1، 1998م، ص39. ↑
- عبد الواسع الحميري، الخطاب والنص (المفهوم، العلاقة والسلطة)، المؤسسة الجامعية للنشر، بيروت، 1998م، ص49. ↑
- د. عبد الحميد لطفي، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، ص70. ↑
- طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط/2، 2005م، ص144. ↑
- محمد حماسة عبد اللطيف، مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي، دار الشروق، القاهرة، ط/1، 2000م، ص123. ↑
- مسعود صحراوي، التداولية عند علماء العرب، ص24. ↑
- المرجع السابق، ص28. ↑
-
صلاح فضل، البلاغة والخطاب وعلم النص، الشركة العالمية للنشر، لونجمان، ط/1، 1996م، ص85. ↑