مستويات المثابرة والإصرار (GRIT) لدى طلبة المدارس في مديرية تربية لواء المزار الشمالي

د. علاء الدين عبدالرزاق الشرمان1

1 مرشد نفسي تربوي/ مديرية التربية والتعليم للواء المزار الشمالي/ وزارة التربية والتعليم الأردنية.

البريد الإلكتروني: Man1985i@yahoo.com.

HNSJ, 2021, 2(11); https://doi.org/10.53796/hnsj21111

تاريخ النشر: 01/11/2021م تاريخ القبول: 05/10/2021م

المستخلص

هدفت الدراسة الى معرفة مستويات المثابرة والإصرار (GRIT)، وهل تختلف باختلاف الجنس لدى طلبة في مديرية تربية المزار الشمالي، وتكونت العينة من (235) طالباً طالبة، حيث بلغ عدد الذكور(145)، وعدد الإناث (185)، وتم اختيارهم بالطريقة المُتيسرة، ولتحقيق أهداف الدراسة تَم استخدام مقياس والمثابرة والإصرار(GRIT)، وأظهرت نتائج الدراسة أن مستويات المثابرة والإصرار لدى عينة الدراسة كان متوسطاً، وكما أظهرت وجود فرقاً دالاً إحصائياً بين المتوسطات الحسابية لتقديرات أفراد العينة تُعزى لمتغير الجنس لصالح الإناث.

الكلمات المفتاحية: المثابرة والإصرار (GRIT).

Research Article

Levels of perseverance and persistence (GRIT) among school students in the North Mazar District Education Directorate

Dr. Ala’aldin Abdel Razzaq Alshorman1

1 Educational Psychological Counselor / Directorate of Education of the Northern Mazar District / Jordanian Ministry of Education. Email: Man1985i@yahoo.com.

HNSJ, 2021, 2(11); https://doi.org/10.53796/hnsj21111

Published at 01/11/2021 Accepted at 05/10/2021

Abstract

The study aimed to find out the levels of perseverance and persistence (GRIT), and whether they differ according to gender among students in the Northern Mazar Education Directorate. The sample consisted of (235) male students, where the number of males reached (145) and the number of females (185), and they were chosen by the available method, and to achieve the objectives of the study, the Perseverance and Persistence Scale (GRIT) was used. It was average, and it also showed that there was a statistically significant difference between the arithmetic means of the estimates of the sample members due to the variable of sex in favor of females.

Key Words: Perseverance and Persistence (GRIT).

المقدمة:

يتـسم عصرنا الحاضر بثـورة معلوماتية تكنولوجيـة فـي شتى ميـادين الحيـاة، وأدت الى تطورات هائلة وتحــديات مختلفة أثرت على العمليــة التربويــة، فأصبحت الحاجة ماسة أكثر لإعداد جيل متعلمين قادر على الاستمرار في التعلم ويتصفون بقدرة عالية على التفكير والمثابرة والإصرار والعزيمة الصلبة، والعمل بحيوية ونشاط ومُسلح بالمعرفة لمواكبتها والتعامل معها وتحقيق الاهداف. وتؤكـد الاتجاهـات الحديثـة فـي ميـدان علم النفس الايجابي على أهمية المثابرة والإصرار(GRIT) في العملية التعليمية وجميع النـشاطات التـي يُمـارسها المتعلم وأصبحت جـزءاً لا يتجزأ مـن استراتيجيات التعليم، وأن اكتـساب الطلبـة للمهـارات غير المعرفية هـدفاً أساسـياً مـن أهـداف التعلم لما لها من دور بارز في النجاح والتحصيل، وحفـــز الـــسلوك تطويره وتوجيهـــه ورفع مستوى وتيرته والمحافظــة علــى اســتمراريته وتوجيـه الانتبـــاه وزيـــادة الجهـــد والاستمتاع بالعمل وتطـــوير اســـتراتيجيات عمل جديدة، والعديد من العمليات والنواتج الإيجابية المرتبطة في مواجهة وتحدي الصِعّاب والمعالجات العميقة للمواد الدراسية.

حيث كان الاعتقاد السائد أن الذكاء هو الوحيد الذي يؤثر على التحصيل الأكاديمي، مما أثار فضول الباحثين للبحث والتوصل الى أنه يتأثر بالعديد من العوامل ولا يتوقف على العوامل المعرفية فقط، بل يشمل أيضاً العوامل غير المعرفية، وقد تتساوى هذه العوامل أو قد تكون أكثر أهمية من العوامل المعرفية في الحقول التعليمية والمهنية، كالضبط الذاتي والمثابرة والإصرار(GRIT) والثقة والدافع والمرونة والفاعلية الذاتية وأنها تؤدي الى تغييرات إيجابية في حياة الطلبة (Khin, 2016). ومما أدى الى زيادة الاهتمام بالعوامل غير المعرفية لدى الطلبة أن امتلاك العوامل المعرفية غير كافية للنجاح والتقدم والأداء الأكاديمي، وما يجعل الطلبة أكثر نجاحاً هو امتلاكهم للعوامل غير المعرفية، فهي من أهم المحددات الهامة للنجاح كالمثابرة والإصرار(GRIT)، الذي يقف وراء السعي الحثيث والتحدي والعزيمة وقوة الإرادة وتجاوز المشكلات والعثرات، وهذا ما يجعل الطالب يتفوق على زملائه وبمتوسط من الذكاء، فهما من المتغيرات التي تفسر النجاحات المختلفة في الحياة اليومية (Duchworth & Gross, 2014).

مشكلة الدراسة

تلعب مستويات المثابرة والإصرار (GRIT) دوراً بارزاً في حياة الطلبة والذي على أساسه تتحدد آمالهم وطموحاتهم المستقبلية، وأكدت العديد من الدراسات على أهميتها كدراسة صنبول (Sunbul, 2019) ودراسة دكوورث وجروس (Duckworh & Gross, 2014) ودراسة ريد وآخرون (Reed et al, 2012) ودراسة دكوورث وآخرون (Duckworth at el, 2007) . وتبلورت مشكلة الدراسة بعد الاطلاع على هذه الدراسات والسابقة وغيرها، كدراسة تشنج (Chang, 2015) ودراسة دكوورث وكوين (Duckworth & Queen, 2009) التي ترى أن المثابرة والإصرار من أهم القوى الدافعة التي تحرك السلوك والتي لا تزال غير معروفة، ونحن بحاجة لإجراء العديد من الدراسات لمعرفة مستوياتها لدى الطلبة وسُبُل تعزيزها والعوامل المؤثرة بها، ودراسة فيلالمور (2015Fillmore, ) التي دعت الى إجراء الدراسات المرتبطة بمستويات المثابرة والإصرار لدى الطلبة للتعرف على مدى تأثيرها في حياة الطلبة، ودراسة الزغول الشرمان (2020) التي تناولت مستويات المثابرة والإصرار وبالرغم من أهميتها إلا أن هناك نقص شديد بالدراسات العربية عنها، وعلى اعتبار أن المثابرة والإصرار من المفاهيم المرتبطة بالأداء الناجح، لذا جاءت هذه الدراسة للكشف عن مستوياتها مما ينعكس بشكل إيجابي على العملية التعليمية ونجاحات الطلبة المختلفة، وتسعى بالتحديد للإجابة عن الاسئلة التالية:

  • ما مستويات المثابرة والإصرار لدى الطلبة؟
  • هل تختلف مستويات المثابرة والإصرار باختلاف الجنس؟

أهمية الدراسة

تتضح أهمية الدراسة النظرية من خلال إسهامها في إعطاء تصور واضح حول مستويات المثابرة والإصرار لدى الطلبة للمرحلة الأساسية العليا ومدى تطوره، وإضافة معلومات للأدب النظري لعلم النفس، وتتجلى الأهمية التطبيقية من خلال النتائج التي ستتوصل اليها الدراسة والتوصيات المنبثقة منها والمتمثلة بمعرفة مستوى المثابرة والإصرار، وكما ستضيف أدوات تتوافر فيها الخصائص السيكومترية التي تساعد الباحثين على استخدامها في بحوثهم المستقبلية، وقد تساهم في إعادة النظر بالخطط والأهداف التربوية والاستراتيجيات التعليمية مما يُمكن الطلبة من استخدام الاستراتيجيات العقلية والتدريب المستمر واكتساب المهارات الضرورية التي تساعد على مواجهة المشكلات وتحديات العصر.

محددات الدراسة

1.تقتصر الدراسة على عينة من طلبة المدارس للمرحلة الأساسية العليا في مديرية تربية لواء المزار الشمالي للعام الدراسي (2020/2021).

2.تتحدد نتائج الدراسة باستخلاص دلالات الصدق والثبات لأداة القياس والإجابة الكترونياً عن فقراتها من خلال (Google Drive) بسبب جائحة كورونا والتحول للتعلم عن بُعد، وكما تتحدد إمكانية تعميم النتائج فقط على المجتمعات المماثلة لمجتمع الدراسة وعينتها.

التعريفات الإصطلاحية:

المثابرة والإصرار (GRIT): فهي مهارة غير معرفية مهمة كالمهارات المعرفية تماماً، فهي المثابرة والإصرار لمواجهة العقبات والتغلب عليها وتحقيق أهداف بعيدة المدى والتمسك بها لسنوات عديدة وتتطلب العمل الجاد والصلابة والحماس والإيمان بالهدف (Duckworth at el, 2007).

الإطار النظري

ظَهر مفهوم المثابرة والإصرار(GRIT) على يد أستاذه علم النفس في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية انجيلا دكوورث كمفهوم جديد في علم النفس الإيجابي، حيث أطلقت عليه مصطلح (GRIT) على أنه قدرات غير معرفية وعرفته بالمثابرة والإصرار والشغف للأهداف طويلة المدى، فهي نزعة قوية نحو أيّ نشاط يَستثمر فيه الفرد قدراً أكبر من طاقاته ومزيداً من الوقت والاستمرار والمواصلة بالمحاولة لسنوات طويلة من أجل إنجاز المهمات وتحقيق الأهداف وتجاوز الإحباطات والمعيقات (Duckworth et al, 2007). وهذا يماثل ما جاء به جالتون قبل (100) عام، فقد وَجَدَ أنَّ القدرة وحدها لا تجلب النجاح في أي مجال ولا يمكن وصفها وحدها بل يجب دمجها وربطها مع المثابرة الحماس والعمل الشاق، وخَلَصَ الى أنَّ الإنجاز العلمي في جميع المجالات يمكن تفسيره من خلال هذه الأبعاد، وهي تُعد من والسمات الشخصية المميزة للأفراد فهي من الأبعاد المشتركة بين الناجحين (Fillmore, 2015).

وقامت بنشر المفهوم على الصعيد العالمي وصياغته كعنصر أساسي للعديد من النجاحات في مجالات الحياة المختلفة وجانب مُهم من جوانب الشخصية، وكان الهدف منه كوسيلة لمعرفة سبب عمل بعض الاشخاص بجدٍ أكثر واستغلال مواردهم وطاقاتهم أكبر من غيرهم، ولمعرفة السبب وراء عدم قدرة بعض الأشخاص على تحقيق أهدافهم رغم امتلاكهم مستويات مرتفعة من الذكاء ولكنهم يقدمون أداءات غير متكافئة، ولقد بُني على عدد من النظريات كنظرية الالتزام بالهدف والمثابرة والقدرة على التركيز والاحتفاظ مع مرور الوقت، ولا يختلف تطبيقه حسب النوع الاجتماعي أو العمر (Duckworth & Quinn, 2009). فبالرغم من أنها أكدت على أنَّ المقياس يتكون من بعدين، إلا أنَّ هناك عدد من الدراسات قامت باختباره وأكدت على أنه مقياس أُحادي البعد وليس بنية ثنائية، واستخدموا المقياس على أنه يتكون من بُعد واحد فقط هو المثابرة والإصرار(GRIT) وهي من أقوى العوامل المرتبطة بالتحصيل الأكاديمي بشكل أوضح (Gonzalez et al, 2019; Credé et al, 2017)

ويؤكد الشرمان والزغول (2020) أن هذا المفهوم يصف ميل الأفراد للسعي الحثيث لتحقيق أهداف بعيدة المدى والقدرة على تخطي التحديات والعقبات والفشل، ويستلزم الانتباه والاهتمام والقدرة على الصمود والاستمرار لفترة طويلة تمتد الى سنوات من العمل الجاد، وقد يُفسر سبب تباين الأفراد وقدرتهم على التحصيل الأكاديمي والإنجاز المهني وارتباطه الإيجابي بالمعدل التراكمي، وارتباطه أيضاً بالعديد من المتغيرات كالسمات الشخصية والضبط الذاتي والفاعلية الذاتية والإنجاز الأكاديمي والمهني.

ويرى الين وبونيفا وايرتاس (Alan, Boneva & Ertac, 2016) أنها مهارة لا معرفية تشير الى السعي المتواصل لتحقيق الأهداف بعيدة المدى وزيادة الإنتاج ورفع مستويات الإنجاز، وتظهر في فترة الطفولة وتزداد مع التقدم بالعمر وتعتمد على الممارسة والتدريب المكثّف والتعليم، ويتم تطويرها وتعزيزها من خلال البرامج التعليمية والدور الأسري.

وعرفها فاوست (Faust, 2017) على أنها قدرة الفرد على تحديد الأهداف والتمسك بها حتى يتم تحقيقها والتغلب على العقبات والتحدي والمواصلة لتحقيق الأهداف بعيدة المدى. ويرى وي وجاو وونج (Wei, Gao & Wng, 2019) أنها سمة شخصية ذاتية التنظيم غير معرفية تتمثل بالمثابرة والإصرار لتحقيق أهداف بعيدة المدى، وتهتم بتحفيز الفرد على العمل بجد والتمسك بالهدف والتغلب على التحديات.

ويرى كل من بيوزيتو-هوليوود وكوين (Buzzetto-Hollywood & Mitchell, 2019) أنه مثابرة وإصرار وتشير للسعي المستمر والثبات رغم العقبات والإخفاقات لتحقيق الأهداف التي تحتاج الى فترة زمنية أطول لتحقيقها.

وعرفها الشرمان والزغول (2020) على أنها الإلحاح وتحدي الظروف الصعبة والقدرة على الاستمرار والمحاولة في مواجهة العقبات والتغلب عليها، وتحقيق أهداف بعيدة المدى والتمسك بها لسنوات عديدة، وتتطلب العمل الجاد والحماس والإيمان بالهدف، ويستثمر فيه الفرد طاقاته ومزيداً من الوقت من أجل إنجاز المهمات.

ومما سبق يرى الباحث أنها سمة شخصية من أهم العوامل الدافعة، وعرفها على أنها المثابرة والإصرار والاستمرار لتحقيق أهداف بعيدة المدى والحفاظ على الجهد، ووصفها على أنها الشجاعة والتخلي عن الخوف والصبر والتحمل والصُمود، فهي ضرورية لتفسير الاختلافات الفردية في النجاح الأكاديمي.

وتجدر الإشارة الى أهمية المثابرة والإصرار في الأوساط التعليمية، وأهميتها في تعليم الطلبة ودمجها في بيئات التعلم وتصميم بيئات تعلم تعمل على تعزيزها ليصبح جميع الطلاب قادرين على المثابرة والإصرار، وبهذه الطريقة يصبحون منجزين قادرين على مواجهة التحديات وتستمر لديهم الى ما بعد التخرج لتساعدهم على مواجهة مشكلات الحياة وحلها، وأن تطويرها وتنميتها لدى الطلبة أمر ضروري لا يقل أهمية عن تطوير الاستراتيجيات والمهارات المعرفية (Taspinar & Kvlekci, 2018).

وتُعد إحدى العوامل المهمة للنجاح في القرن الحادي والعشرين، حيث أنها تتميز بالعديد من السمات والخصائص من أهمها التخطيط للأهداف الأكاديمية ومعرفة كيفية تحقيقها، والدافع الذي يتمثل بالإرادة القوية والعزيمة لتحقيق تلك الأهداف، والضبط الذاتي حيث يؤكد على تجنب الإغراءات والتركيز على المهمة، والتفكير الإيجابي بالنظر للفشل على أنه فرصة تعلم جديدة يقابلها تحدي جديد (Duckworth, 2016). وذكرت أنها سمة تعويضية مهمة لدى الطلاب، وتساعدهم على تحسين أدائهم وبذل الجهد والمزيد من الوقت لاكتساب المهارات الضرورية ولا ترتبط بالطلاب الاذكياء فقط، وترتكز على المرونة والثبات والاستمرار والصلابة وتلعب دوراً هاماً في جميع المجالات المرتبطة بالفرد، فهي العامل الرئيسي للنجاحات الأكاديمية واستمرار الأفراد في القطاع العسكري والحفاظ على الوظيفة واستمرار العلاقات الأسرية لأنها تحقق الرفاهية والراحة والسعادة (Duckworth et al, 2007).

وأكد سينبول (Sunbul, 2019) على أهميتها بالنسبة للطلبة لأنها تعمل على تركيز الجهد والجد في مواجهة الشدائد والتركيز والاهتمام بالأهداف رغم التحديات والاختلافات، وكذلك الصبر والتحمل والصمود حيث يبذلون أقصى ما لديهم من جهد وقدرة أعلى لتحمل المسؤولية، ويمكن وصفها على أنها الشجاعة حيث تتمثل بالتخلي عن الخوف من الفشل أو ما يعيق إنجاز المهمة من أجل تحقيق الهدف بعزم وبذل جهود مميزة.

كما أكدت دكوورث (Duckworth, 2016) على السياق الاجتماعي والثقافي للفرد وتفاعلاته الاجتماعية لما لها من أهمية كبيرة جداً لاكتساب المهارات غير المعرفية وتنميتها كالمثابرة والإصرار،من خلال مواجهة التحديات واستغلال الموارد المتاحة وتحقيق الإنجاز، والأهمية الأكبر للسياقات التعليمية من خلال تصميم مواقف تعلم تُساهم في تعليمها والتركيز على التحديات التي تحتاج الى السعي المتواصل لتجاوزها، ووضع أهداف صعبة تندرج ضمن نطاق التعلم ولا تكون صعبة لا يمكن تحقيقها أو سهلة للغاية، كما توفر السياقات التعليمية بيئة داعمة لتطوير مهارات الطلبة من خلال انخراطهم في المهمات لتحقيق أهدافهم ويواجهون تحديات مثل التعقيد المفاهيمي أو القلق أو غيرها، مع ضرورة رفع التوقعات للطلاب والتأكد على قدراتهم وتوفير الموارد المهمة والوقت والتخطيط المناسب، فالبيئة المدرسية من أهم العوامل لتعلم واكتساب المثابرة والإصرار عن طريق المعلمين والاستراتيجيات المتبعة في التعلم، والانخراط والتفاعل بين المعلم والطالب وتحفيزه ورفع مستوى التوقعات ومساعدته على وضع أهدافه ورسم طموحاته وتقديم التغذية الراجعة وتفعيل الأنشطة اللامنهجية واللعب في التعلم، وبعبارة أُخرى أنها سمة فريدة من نوعها يمكن تنميتها وتطويرها ومهارة يمكن تَعلمها من خلال الممارسة والتدريب المستمر والتعرض للخبرات المناسبة.

ويرى دويك وآخرون) Dweck et al, 2014) أن إشراك الطلبة في مجموعات العمل التعاوني ضمن إطار تعليمي ربما يكون من أهم الأسباب التي تؤدي الى تحسين المثابرة والإصرار لدى الطلبة، فهم يقضون وقتاً أكثر مع بعضهم ويستغرقون وقتاً أطول في المهمات والعمل بالتالي سوف يحسن من ادائهم، وكذلك يتعلمون من بعضهم البعض بشكل أفضل (تعلم الاقران) فهو جزء من العمل الجماعي التعاوني من خلال تشجيع الطلبة ورفع مستوى حماسهم وزيادة مستويات المنافسة لإنجاز المهمات التعليمية، فأنهم سيبحثون عن تحديات جديدة ويضعون أهداف بما يتوافق مع قدراتهم قابلة للتحقيق.

وشددت دكوورث وجروس (Duckworh & Gross, 2014) على دور العلاقات والتنشئة الأُسرية الوالدية الحكيمة التي تعتمد على الحكمة بعيداً عن التسلط وتقدير احتياجات الأبناء النفسية، من حب واحترام وإعطائهم الحرية بالتصرف ومنحهم الثقة والاستماع لهم والتحدث اليهم والاعتماد على الذات وبذل الجهد المضاعف لإخراج ما بداخلهم من طاقات وقدرات كامنة واستثمارها، وأكدت أيضاَ على تشجيعهم على التقليد والمحاكاة من الوالدين وأنَّ يكونوا أمام أبنائهم نموذجاً يُحتذى به للمثابرة ومثال وقدوة لهم، فإن الكثير من النماذج نَمت من خلال تقليد الوالدين فيتمكن الطفل من اكتسابها ويتمكن الوالدان من زرعها في نفوس أطفالهم.

كما أنّ الممارسة التعليمية تُسهم في تحسين المهارات الطلبة للمثابرة وتعمل على صقلها والتأقلم وتحسين مستوى الأداء، وأنَ تطوير المهارات المرتبطة بالمهمة والتدرب عليها فهي عنصر أساسي لتكوين وتطوير المثابرة والإصرار، ويجب التركيز على الممارسة المقصودة والمخطط لها لتقليل من نقاط الضعف والعمل على تقويتها فهي إحدى الآليات الهامة والمعروفة لأداء الأنشطة المختلقة، وتتأثر أيضاً بالجهد المبذول وتعمل على مضاعفته لتحقيق الأهداف وكذلك الثبات والالتزام للتغلب على التحديات، فالأهداف طويلة المدى تستلزم مهارات وعمليات مهمة يرافقها عمل مستمر يمتد لسنوات، فهو يشبه سباق الماراثون يحتاج الى تحمل وصبر وعزيمة وصلابة وليس كسباق الجري القصير، فهي سمة مميزة للأفراد الذين يحرزون الدرجات العالية ولها أثر قوي وإيجابي على جوانب حياتهم (Reed et al, 2012).

وأشارت دكوورث وجروس (Duckworth & Gross, 2014) الى ضرورة وجود أهداف ذات قيمة وواضحة لدى الفرد وإيمان وتمسك بها، فالأهداف بعيدة المدى المرتبطة بالتعلم تستوجب وجود مستوى مرتفع من المثابرة والإصرار وأكدت على ضرورة هرمية للأهداف، فالأهداف ذات المستوى المتدني تخدم تحقيق الأهداف عالية المستوى وتُسهل الطريق أمام تحقيق الأهداف النهائية بعيدة المدى، فكلما ارتفع مستوى الهدف أصبح أكثر عمومية وتجريد وأكثر أهمية واهتمام فهو الغاية التي يطمح اليها، أما الأهداف ذات المستوى المتدني ضرورية لأنها تشكل القاعدة التي ينطلق منها الهدف الأسمى ويلزم تحقيقها دون استسلام، إلا إذا وَجَد أنَّ هناك أهداف أفضل ومنطقية أكثر وذو فعالية أكبر من الموجودة فيتم إستبدالها، فالمثابرة والإصرار من أكثر المتغيرات المهمة التي تعمل على تفسير الأداء على المهمات المرتبطة بأهداف بعيدة المدى.

وأنَّ أهم ما يميزها هو القدرة على التحمل والصبر والثبات والتمسك بالهدف رغم الصعوبات التي تنشأ رغم المعيقات التي قد تمنع من التقدم أو التي تحد من الجهد المبذول والاستمرار لتحقيق الأهداف طويلة المدى (Duckworth, 2016). وحدد بوزيتو-هولييود وميتشيل (Buzzetto-Hollywood & Mitchell, 2019) أن هناك عدد من السمات الشخصية الأكثر ارتباطاً بالمثابرة والإصرار والتي تميزها عن غيرها ومن أهمها: التنظيم الذاتي وهو القدرة على التحكم في السلوكات غير المرغوبة وتفعيل السلوكات المرغوبة، والمرونة: وتُمثل العودة من جديد للتغلب على العقبات والفشل بشكل إيجابي وبثقة وتفاؤل، والثبات: وهو الالتزام والتصميم مع بذل الجهد لتحقيق الأهداف، والقيام بالسلوكات الإيجابية التي تهدف للإنجاز وترتبط بتحقيق الهدف، والوعي وهي اليقظة وإدراك أهمية الأهداف وتحقيقها، عدم الاندفاع التي تقود للتروي والتأني والتفكير قبل اتخاذ القرار، والشجاعة للتغلب على الخوف من الفشل، وهذا ما يساعد الأفراد على النجاح.

وقام فيلمور (Fillmore, 2015) بتصنيف الطلبة الى مستويين المرتفع أو المنخفض من المثابرة والإصرار ولم يجد أي فروق بين الذكور والإناث فيها، ووَجَد أن هناك ارتباط إيجابي بينها وبين الأداء داخل الغرفة الصفية وأن الطلبة ذوي المستويات العالية منها هم أعلى تحصيل أكاديمي، فهي مؤشراً كبيراً على الاستمرار في التعلم والنجاح على المستوى الجامعي والرضا والارتياح والاستقرار العاطفي والنضال والتضحية والكفاح المستمر، أما الطلبة الذين يتمتعون بمستويات متدنية منها فقد شككوا في قدراتهم وكفاءاتهم وكانوا يحدثون أنفسهم بأنهم لا يستحقون أن يكونوا طلبة طب، وأظهروا علامات القلق والارتباك وعدم السيطرة على الانفعالات وكان لديهم عادات عمل خاطئة وضعيفة وغير متناسقة وأبدوا رغبة قليلة بالمثابرة للتعلم، ونظروا للفشل بأنه شيء كبير والمهمة أصبحت صعبة وظهرت عليهم علامات الاستسلام وعدم القدرة على مواصلة التحدي وأفكار سلبية عن الذات وعدم امتلاكهم لأساليب التعلم والدراسة.

وأوجَدَ ثالير وكوفل (Thaler & Koval, 2015) أن هناك أربعة مكونات رئيسية للمثابرة والإصرار(GRIT)، تبدأ بالشجاعة في مواجهة التحديات فتمنح الفرد القوة والثقة لخوض المغامرة المحسوبة بعيداً عن التهور والتركيز على الانتصار حتى لو كان بعيد المنال، ثانياً المرونة وهي العودة من جديد بعد الفشل وتحدي ما يُعيق النجاح والانطلاق كالسهم والاستمرار نحو الأهداف، ثالثاً الممارسة والتدريب المستمر التي تجعل المثابرة والإصرار ديناميكية، رابعاً الصلابة والإلحاح المستمر والاهتمام المُركز لتحقيق الهدف والذي يمتد لسنوات عديدة، وتختلف المثابرة بين الأفراد من حيث الأهداف، فمنهم من يركز على الهدف الأساسي للمهمة والتقدم للأمام ويكتفي بالتعزيز الداخلي، ومنهم من يركز على ذاته وجلب انتباه الآخرين للحصول على التعزيز الخارجي المؤقت.

وأكدت العديد من الدراسات على العلاقة الإيجابية بين المثابرة والإصرار والتحصيل الأكاديمي، وأنَّها قوة شخصية حاسمة لتطوير التحصيل الأكاديمي لدى الطلبة وترتبط بشكل سلبي بالاندفاعات وبشكل إيجابي بأداء المهمات والتخطيط وتجاوز الإخفاقات السابقة والسيطرة المعرفية وتنظيم السلوك، وقدمت دكوورث وآخرون (Duckworth et al, 2007) أول دراسة لتأثير المثابرة والإصرار(GRIT) على التحصيل الأكاديمي، ووجدت أنّ مستوى المثابرة والإصرار المرتفع ارتبط بمستويات عالية من التحصيل الأكاديمي، وأنها لا تقل أهمية عن الذكاء، وأوصت المعلمين بضرورة تعزيزها لدى الطلبة وتشجعيهم عليها لأن النجاح الأكاديمي والإنجاز يرجع الى قدرات معرفية وغير معرفية مثل المثابرة والإصرار وضبط الذات والممارسة المستمرة المكثفة، وأنَّ الأفراد الذين لديهم مستوى مرتفع من المثابرة والإصرار هم أكثر جدية وممارسة وثبات واجتهاد ولا يتأثرون بالفشل ويركزون على أهداف بعيدة المدى، وقوة التحدي والنضال والاجتهاد وبذل ما لديهم من طاقات لإتقان التعلم، وقدرة على تحديد الأهداف والتركيز عليها والممارسة المستمرة والتدريب المُكثف ليصبحوا مؤهلين وممارسين في المستقبل، ويظهرون مستويات عالية من المرونة وتقبل الفشل ولا يتأثرون به وينظرون اليه على أنه جزء من التعلم وفرصة لتعلم شيء جديد، وأنَّ الأفراد الأقل مثابرة وإصرار هم مُشتتين وغير مجتهدين وغير قادرين على وضع الأهداف التعليمية بعيدة المدى. وللدلالة على أهميتها وأثرها البليغ في النجاح والتعلم والتحصيل الأكاديمي، بدأت بعض الجامعات بتطبيق مقياس المثابرة والإصرار للقبول في الدراسات العليا، مثل جامعة النخبة فيسكفا ندربيلت وجامعة شيكاغو، من خلال تقديم اختبارات تتضمن مشكلة ما أو من خلال بروتوكولات معينة ضمن المقابلات الأولى لمعرفة مستوياتها لدى الطلبة وتعتمد على قبولهم الجامعي، وأنها لا تقتصر على سنوات الدراسة الجامعية والجانب الأكاديمي بل تتعدى الى ما بعد التخرج من الجامعة ولمدى أطول (Duckworth et al, 2011).

وأضاف وي وآخرون (Wei et al, 2019) أنها مصدر تحفيزي إيجابي للطلبة تُؤثر على التعلم وتُحسن الأداء الأكاديمي وتُعزز الحصول على أعلى المستويات، فتساعد على التحكم بوقت وطريقة التعلم وتدعم الاستمرار والتحدي لتحقيق الأهداف. وكما لها علاقة مباشرة مع الدرجات المرتفعة والتحصيل الأكاديمي الأفضل فنجد أن الطلبة الذين لديهم مستويات مرتفعة منها يتصفون بصفات جيدة كاختيار المهمات الأكثر تحدياً بما يتناسب مع قدراتهم ولا يعيقهم الفشل أو المعيقات ويبذلون جهداً أكثر من غيرهم، ولديهم القدرة على النجاح بشكل أكبر والقدرة على التحمل والصبر ومتابعة الدراسة، فهي سمة تعمل على تحفيز الطلاب وزيادة حماسهم وبذل المزيد من الجهد .(Alan et al, 2016)

الدراسات السابقة

وأما دراسة تشانج (Chang, 2014) التي هدفت الى فحص أثر المثابرة والإصرار(GRIT) على العرق والجنس والأداء الأكاديمي للطلبة، وشملت عينة الدراسة (2035) طالباً وطالبة من أكاديمية تعليمية خاصة تقع جنوب الولايات المتحدة، وبلغت نسبة الإناث (67%) ونسبة الذكور (33%)، وقام الباحث باستخدام مقياس المثابرة والإصرار (GRIT-S) والحصول على معدلات الطلبة السابقة واستخدم تحليل الانحدار المتعدد، وتوصلت الدراسة الى عدد من النتائج كان أهمها أن المثابرة والإصرار مؤشر على التباين في التحصيل الأكاديمي والنجاح وهي أيضاَ مهمة في التنبؤ بالمعدل التراكمي، فالطلبة الذين لديهم مستويات أعلى من المثابرة والإصرار هم أكثر احتمالاً للحصول على معدل تراكمي أعلى، كما حصلت الإناث على مستوى أعلى من الذكور في المثابرة والإصرار.

وقد قام فيلمور (Fillmore, 2015) بدراسته على طلاب الطب في مادة التشريح، حيث هدفت الى فحص النظريات الضمنية لطلاب الطب والمثابرة والإصرار من أجل فهم أفضل لنتائج تعلم الطلاب علاقتهما بالتحصيل الأكاديمي، وبلغت عينة الدراسة من طلاب الطب السنة الثانية والثالثة والرابعة، وبلغ عددهم (283) طالباً، وقام بأجراء مقابلات فردية مع (25) طالباً لمعرفة كيف يحدد طلاب الطب أهدافهم وكيف يعملون بجد لبلوغ تلك الأهداف ومراقبة تقدمهم لتحقيقها، واستخدم مقياس المثابرة والإصرار ومقياس النظريات الضمنية للذكاء، وأظهرت الدراسة أن الطلبة الذين يعتقدون بأن الذكاء يمكن تطويره وأنَّه مُكتسب كانوا أكثر الطلبة مثابرة وإصرار كما ساعدتهم لبذل الجهد والمثابرة لتحقيق الأهداف ومراقبة تقدمهم بشكل أفضل من الطلبة الذين يرون أن ذكائهم فطري ثابت، وأظهرت أنّ المثابرة والإصرار داعماً إيجابياً للتحصيل والمعدل التراكمي.

وأما دراسة بازلايز وآخرون (Baselais et al, 2016) هدفت الى معرفة أثر المثابرة والإصرار في التحصيل الأكاديمي للطالب في الفيزياء وقياس مستوياتها ونسبة التباين والاختلاف بينهم وعلاقتها بالتحصيل الأكاديمي، حيث بلغت عينة الدراسة (156) من طلبة السنة الأولى في الفصل الدراسي الثاني في كلية الفنون التطبيقية في كيبيك مونتريا، حيث بلغت نسبة الذكور (53%) ونسبة الإناث (47%)، واستخدم الباحثين مقياس المثابرة والإصرار (GRIT)، حيث أشارت نتائج الدراسة الى عدم وجود أيُّ ارتباط بين المثابرة والإصرار والتحصيل الأكاديمي للطلبة في الفيزياء، وأكدوا على عدم وجود فروق بين الجنسين في المثابرة والإصرار، وأنَّ الطلبة من المستويات التعليمية الأعلى حصلوا على مستويات مرتفعة من المثابرة والإصرار، والطلبة الأكبر من حيث العمر كان لديهم مستويات أعلى منها، هذا يدل على أنها تنمو وتتطور مع التقدم بالعمر، حيث أنَّ كبار السن لديهم خبرة أكثر في الحياة ولديهم مثابرة وإصرار على تحقيق أهداف بعيدة المدى ولديهم ثبات واجتهاد.

وفي دراسة أجراها كل من تشانغ ولين (Lin & Chang, 2017) هدفت الى معرفة العلاقة بين المثابرة والإصرار(GRIT) وسمات الشخصية الكبرى والبيئة الأسرية في المدارس الثانوية في تايوان، شارك في الدراسة (1504) طالب من المدارس الثانوية، واستخدم الباحثان معادلة خط الانحدار المتعدد لتحديد تأثير المتغيرات المستقلة على المثابرة والإصرار، وتوصلت الدراسة الى أن طلاب المدارس الذين لديهم مستويات مرتفعة يميلون الى إظهار مستوى أكاديمي أعلى ورضا أكاديمي أفضل، وأن هناك علاقة إيجابية بين البيئة الأسرية والمثابرة والإصرار والأسلوب الوالدي.

وفي نفس السياق أجرى هودج وآخرون (Hodge et al, 2017) دراسة مستعرضة هدفت الى معرفة دور المثابرة والإصرار في النتائج الأكاديمية والمشاركة الأكاديمية، ومستوى المثابرة والإصرار وفقاً للنوع الاجتماعي، حيث تكونت عينة الدراسة من (395) طالباً وطالبة من الجامعات الاسترالية، حيث بلغ عدد الذكور (50) والإناث (345)، وتم استخدام التحليل الإحصائي واختبار (t) للعينات المستقلة والانحدار ونمذجة المعادلات البنائية، وتوصلت نتائج الدراسة الى أنَّ المثابرة والإصرار تعمل على تحسين النتائج الأكاديمية والتحصيل وبلغت نسبة الارتباط الإيجابي بينها (0.49)، وأنَّها تتوسط العلاقة بين المشاركة الأكاديمية والنتائج الأكاديمية ولا يوجد فروق بين الجنسين في المثابرة والإصرار.

وأما في دراسة التي أجراها بازلايز وآخرون (Bazlais et al, 2018) والتي تهدف الى معرفة العلاقة بين المثابرة والإصرار(GRIT) والنظريات الضمنية في الذكاء والتحصيل الأكاديمي، وشملت عينة الدراسة (306) طالباً وطالبة من كلية اللغة الانجليزية من جامعة ماكجيل في كندا، وبلغ عدد الذكور (135) وبلغ عدد الإناث (168)، وتم توزيع الاستبانات على الطلبة عبر الانترنت واستخدام تحليل الارتباط بيرسون، وتوصلت الدراسة الى أن المثابرة والإصرار ليس لها علاقة بالتحصيل الأكاديمي أو المعدل التراكمي للطلاب وكانت نسبة الارتباط منخفضة جداً، وكما ارتبطت النظريات الضمنية في المثابرة والإصرار وتحسين المستوى التحصيلي.

وقام ماسون (Mason, 2018) بدراسة هدفت الى معرفة العلاقة بين المثابرة والإصرار بالتحصيل الأكاديمي لدى طلبة جامعة جنوب إفريقيا وبلغت عينة الدراسة (121) طالباً وطالبة، وتم جمع البيانات باستخدام مقياس المثابرة والإصرار (GRIT)، واستخدام التحليل الإحصائي وتحليل الانحدار، ونتج عن الدراسة أنَّ هناك ارتباط إيجابي بين المثابرة والإصرار والتحصيل الأكاديمي، وأنَّ الطلبة الذين حصلوا على مستويات مرتفعة منها حصلوا على درجات أكاديمية أعلى وأنها مُتغير مُهم لجميع الطلاب ولجميع المراحل.

وقد أجرى هوارد ونيشلسون وتشسنيوت (Howard et al, 2019) دراسة هدفت الى معرفة أثر الأسلوب الوالدي الإيجابي على المثابرة والإصرار(GRIT) وأثرهما على النجاح الأكاديمي، وبلغت عينة الدراسة (226) طالباً جامعياً من جامعة في جنوب شرق الولايات المتحدة من مساق علم النفس، واستخدموا مقاييس لقياس متغيرات الدراسة، وتم استخدام نمذجة المعادلات البنائية، وأشارت النتائج الى أن المثابرة والإصرار تتوسط العلاقة بين الاسلوب الوالدي والنجاح الأكاديمي، ولها تأثير واضح على النجاح الأكاديمي، وأنَّ الأسلوب الوالدي له أثر إيجابي في تشجيع المثابرة والإصرار وتنميتها لدى الطلبة ومنحهم الاستقلال النفسي، فهو من أهم المتغيرات يتم الاعتماد عليها لتنمية وتطوير واكتساب المثابرة والإصرار لدعم النجاح الأكاديمي، كما دعا الآباء والمعلمين لتشجيع الطلبة على تبني أهداف قابلة للتحقيق، وتشجيعهم على المثابرة والإصرار ليكونوا مجتهدين وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة والممارسة والتدريب وبناء الثقة بالنفس.

وفي دراسة الطولية التي أجراها بوزيتو وميتشيل(Buzzetto & Mitchell, 2019) هدفت لمعرفة ما إذا كانت المثابرة والإصرار(GRIT) عاملاً مساهماً في استمرار الطالب ونجاحه وهل هي الحل النهائي لنجاح الطلاب؟، وبلغت عينة الدراسة (120) طالباً في قسم الأعمال بجامعة ماريلاند الشرقية في الولايات المتحدة، بدأت الدراسة في خريف عام 2014 ومتابعة الطلاب على مدى خمس سنوات ومتابعة المعدل التراكمي، وتوصلت نتائج الدراسة الى أن هناك علاقة إيجابية كبيرة بين درجات المثابرة والإصرار وكل من المعدل التراكمي، وأكدت على اهتمام القطاعات التعليمية بالعوامل المؤثرة بالتحصيل الأكاديمي وتنميتها وبناء المثابرة والإصرار لدى الطلبة لدورها الإيجابي المتميز، وقد يكون انخفاضها لدى الطلاب يعود لعدم التدرب وقلة الممارسة واستغلال طاقاتهم بالشكل المطلوب وعدم وضوح الهدف.

أما الدراسة التي أجراها الشرمان والزغول (2020) التي هدفت الى الكشف عن النموذج السببي المقترح للضبط الذاتي والفاعلية الذاتية والمثابرة والإصرار (GRIT) والتحصيل الأكاديمي، والكشف عن مستوياتها لدى الطلبة، وتكونت عينة الدراسة من (895) طالباً وطالبة من جامعة اليرموك، واستخدم الباحثان مقاييس التقرير الذاتي لجمع المعلومات وتحليلها باستخدام النمذجة البنائية (SEM) واستخراج المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية وتحليل التباين، وتوصلت نتائج الدراسة الى قبول النموذج السببي المقترح ومطابقته لبيانات الدراسة، وتوصلت الى وجود مستويات متوسطة من المثابرة والإصرار(GRIT) لدى الطلبة.

التعقيب على الدراسات السابقة

من خلال مراجعة الدراسات السابقة ذات الارتباط موضوع الدراسة، حيث اشارت نتائجها الى أن الدرجات المرتفعة من المثابرة والإصرار ارتبط بمستويات مرتفعة من التحصيل الأكاديمي لدى الطلبة، كما أشارت الى مدى أهميتها وأثرها الواضح على جميع مجالات الحياة والرضا عنها، وأُجريت العديد من الدراسات التي تناولت المثابرة والإصرار (GRIT) وقد تباينت في نتائجها؛ من أجل توضيح وفهم العلاقات مع المتغيرات الأخرى التي لها ارتباط وتأثير مباشر معها، وقد استفادت هذه الدراسة من الدراسات السابقة بإثراء الأدب النظري المُتعلق بمتغير الدراسة وتحديد منهجها وصياغة مشكلتها، وما يُميزها أنها من أولى الدراسات التي سيتم دراستها في البيئات العربية -على حد علم الباحث، لتوقير معلومات إضافية تساعد المعلمين والطلبة على كيفية الاستفادة منها وتوظيفها ضمن المقررات الدراسة والأنشطة التعليمية المختلفة.

الطريقة والإجراءات

منهج الدراسة:

لتحقيق أهداف الدراسة تم استخدام المنهج الوصفي الذي يعتمد على دراسة الظاهرة كما توجد في الواقع ووصفها وصفاً دقيقاً، ولمناسبته لطبيعة وأغراض الدراسة.

مجتمع الدراسة:

تكون مجتمع الدراسة من طلبة المرحلة الأساسية المتوسطة (الصف السابع والثامن والتاسع)؛ في مديرية تربية لواء المزار الشمالي لعام(2020/2021).

عينة الدراسة:

تم اختيار عينة الدراسة بالطريقة العشوائية من بين المدارس في اللواء، وتكونت من (235) طالباً طالبة، حيث بلغ عدد الذكور(145)، وعدد الإناث (185).

أداة الدراسة:

استخدم الباحث مقياس المثابرة والإصرار (GRIT)، الذي قام الشرمان والزغول (2020) بترجمته من اللغة الانجليزية الى اللغة العربية وتكييفه على البيئة الأردنية، حيث تكون المقياس بصورته الأولية من (12) فقرة، وموزعة على بُعدين هما، المثابرة والإصرار ولها (6) فقرات، والشغف لتحقيق الأهداف ولها (6) فقرات، ووفقاً لتدرج ليكرت الخماسي.

صدق وثبات المقياس:

قام الشرمان والزغول (2020) بالتحقق من صدق المقياس من خلال الصدق الظاهري وعرضه على مجموعة من المُختصين في اللغة الإنجليزية للتأكد من وعرضها على مُختصين باللغة الإنجليزية للتأكد من صحة الترجمة، ثم ترجمته بشكل عكسي للتأكد من سلامة الفقرات مع المحافظة على المدلول الأصلي لكل فقرة وإعادة الصياغة وإجراءات التعديلات اللازمة على اللغة العربية، ثم عُرض المقياس بصورته الأولية الجديدة على مُختصين ومُحكمين من أعضاء الهيئة التدريسية من (جامعة اليرموك والجامعة الهاشمية وجامعة العلوم والتكنولوجيا وجامعة فيلادلفيا) وبلغ عددهم (15) مُحكم، وطُلب منهم إبداء آرائهم وملاحظاتهم حول مدى انتماء كل فقرة للمجال الذي تنتمي اليه، ووضوح المعنى والصياغة اللغوية وإجراء أي تعديلات مناسبة كتعديل أو حذف أو دمج، حيث أشار (85%) من المُحكمين أن المجالين مُتداخلين مع بعضها البعض، وأنَّ هناك فقرات تتداخل مع بعضها واجمعوا على أن هذا المقياس هو أُحادي البُعد (مثابرة وإصرار) وليس ثنائي البُعد، وهذا يتطلب دمج الفقرات تحت مجال واحد فقط وإخراجه بصورته النهائية. ثم استخدم الباحثان صدق البناء من خلال تطبيقه على عينة استطلاعية من خارج عينة الدراسة مكونه من (350) طالباً وطالبة من جامعة اليرموك، وذلك للتحقق من دلالات صدق فقرات المقياس بصورته الجديدة والمكونة من (12) فقرة، ولحساب قيم معاملات ارتباط الفقرات بالمقياس، وأشارت نتائج التحليل الى أن الفقرات (5، 11) حصلت على مُعامل ارتباط مُصحح أقل من (0.20)، حيث تم حذفها وإعادة حساب معامل الارتباط المصحح للفقرات، وأصبح المقياس بصورته النهائية يتكون من (10) فقرات، وجميعها كانت مقبولة لأغراض الدراسة. واستخدم الباحثان التحليل العاملي الاستكشافي لمعرفة مدى تشبع فقرات المقياس وأظهرت أن الفقرات تشعبت بتشبعات تزيد عن (0.40) ضمن البعد الذي تتبع له، وتراوحت بين (0.507) و(0.756)؛ وإجراء التحليل العاملي التوكيدي للتحقق من صحة وموثوقية نتائج التحليل العاملي الاستكشافي، ومعالجة مؤشرات التعديل وبهذا أصبح المقياس مُكوَّنًا من (10) فقرات. وللتحقق من ثبات المقياس قام الباحثان بحساب معامل الاتساق الداخلي لفقرات المقياس وتم استخدام معادلة كرونباخ ألفا (Cronbach-Alpha)، وتبيّن أن قيم معاملات ثبات الاتساق الداخلي كرونباخ ألفا لفقرات مقياس المثابرة والإصرار ككل بلغت (0.757).

أما مؤشرات صدق وثبات المقياس في الدراسة الحالية فقد قام الباحث بإجراءات الصدق من خلال الصدق الظاهري، وعرضه على عينة من المُحكمين بلغ عددهم (10) مُحكماً، في تخصصات علم النفس والإرشاد النفسي والقياس والتقويم، وطُلب منهم إبداء الآراء حول المقياس من حيث سلامتها اللغوية ووضوحها، أو أي ملاحظات وتعديلات يرونها مناسبة، ولم يُبدي المحكمون أي تعديلات أو ملاحظات ترتبط بحذف أي فقرة من المقياس، وبقي مكوناً من (10) فقرات، واعتمد الباحث ما نسبته (80%) من إجماع المُحكمين. وللتحقق من مؤشرات صدق البناء، فقد تم حساب معاملات الارتباط بيرسون بين فقرات المقياس وبين الدرجة الكلية للمقياس، والجدول (1) يبين ذلك.

الجدول (1) قيم معاملات الارتباط بين فقرات المقياس وبين الدرجة الكلية للمقياس

رقم الفقرة مضمون الفقرات معامل الارتباط
1 تجاوزت كثيراً من الصعوبات حتى أحقق إنجازاً هاماً. .734**
2 تُشغلني الأفكار والمشاريع الجديدة عن الأفكار والمشاريع السابقة. .772**
3 تتغير اهتماماتي من سنة إلى أخرى. .759**
4 لا تحد العقبات والمصاعب من عزيمتي أبداً.

أعتبر نفسي شخصاً مكافحاً.

.751**
5 .739**
6 أقوم بتحديد هدف ما، ولكنني أسعى لتحقيق هدف آخر مختلف غيره. .722**
7 أجد صعوبة في المحافظة على تركيزي لتحقيق أهداف تحتاج بضعة أشهر لإنجازها. .756**
8 أقوم بإتمام ما أبدأ به. .818**
9 لقد أنجزت أهدافاً استغرقت سنوات من العمل. .758**
10 أنا شخص مجتهد ومثابر. .828**

*دال عند مستوى دلالة 0.05 ** دال عند مستوى دلالة 0.01

ويُلاحظ من الجدول (1) أن قيم معاملات ارتباط الفقرات تراوحت بين (0.722-0.828)، وقد تم اعتماد المعيار لقبول الفقرة بأن لا يقل معامل ارتباطها عن (0.20)، وبذلك فقد قُبلت فقرات المقياس جميعها حيث لم يتم حذف أي فقرة من فقرات المقياس.

وكما تم التحقق من ثبات المقياس من خلال استخدام ثبات الإعادة، وذلك بحساب معامل الثبات الإعادة (Test-Retest)على عينة من خارج عينة الدراسة الأصلية ومكونة من (50) طالباً وطالبة، وأعيد تطبيق الاختبار بفاصل زمني مقداره أسبوعان واستخراج معامل الثبات عن طريق معامل الارتباط بيرسون بين التطبيقين حيث بلغ معامل الثبات (0.873)، وكما تم التحقق من الثبات باستخدام معادلة كرونباخ ألفا (Cronbach-Alpha)، للتحقق من ثبات الاتساق الداخلي حيث بلغت (0.90)، مما يدل على أن المقياس يتمتع بنسبة ثبات مرتفعة ومناسبة لأغراض الدراسة.

نتائج الدراسة

للإجابة عن السؤال الأول والمتعلق بمستوى المثابرة والإصرار (GRIT)؛ حُسبت المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لتقديرات أفراد عينة الدراسة على كل بُعد من أبعاد مقياس المثابرة والإصرار (GRIT) لدى الطلبة وعليها مُجتمعةً، ويبين جدول (2) ذلك.

جدول (2): المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لتقديرات أفراد عينة الدراسة على كل بُعد من أبعاد مقياس المثابرة والإصرار (GRIT) لدى الطلبة مرتبة تنازليا وفق المتوسط الحسابي

الرقم البُعد المتوسط

الحسابي*

الانحراف

المعياري

الرتبة المستوى
6 3.78 1.24 1 مرتفع
7 3.77 1.21 2 مرتفع
2 3.59 1.15 3 متوسط
3 3.56 1.30 4 متوسط
9 3.26 1.24 5 متوسط
4 3.11 1.05 6 متوسط
8 3.07 1.09 7 متوسط
5 3.05 1.12 8 متوسط
10 3.00 1.16 9 متوسط
1 2.78 1.04 10 متوسط
المثابرة والإصرار (GRIT) ككل 3.30 0.63 متوسط

ويُلاحظ من الجدول (2) أن مستوى المثابرة والإصرار (GRIT) لدى الطلبة ككل (متوسط) بمتوسط حسابي (3.30). حيث جاءت الفقرة رقم (6) التي نصت على ” أقوم بتحديد هدف ما، ولكنني أسعى لتحقيق هدف آخر مختلف غيره” في المرتبة الأولى بمتوسط حسابي (3.78) وبمستوى (مرتفع)، تلاها في المرتبة الثانية الفقرة رقم (7) التي نصت على ” أجد صعوبة في المحافظة على تركيزي لتحقيق أهداف تحتاج بضعة أشهر لإنجازها” وبمتوسط حسابي (3.77) بمستوى (مرتفع)، أما الفقرة رقم (1) التي نصت على ” تجاوزت كثيراً من الصعوبات حتى أحقق إنجازاً هاماً” فقد جاءت في المرتبة الأخيرة، وبمتوسط حسابي (2.78) وهي من أدنى مستويات المتوسط.

نتائج السؤال الثاني الذي نص على: “هل تختلف مستويات المثابرة والإصرار (GRIT) لدى الطلبة باختلاف الجنس؟”.

حُسبت المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لتقديرات أفراد عينة الدراسة على مقياس المثابرة والإصرار، وفقاً لمتغير الجنس:

جدول(3):المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لأفراد عينة الدراسة

مقياس

المثابرة والإصرار(GRIT)

الجنس المتوسط الحسابي الانحراف المعياري الدلالة الاحصائية
ذكر 3.21 0.71 0.000
أنثى 3.40 0.67

ويُلاحظ من الجدول (3) وجود فروق ظاهرية بين المتوسطات الحسابية لتقديرات أفراد عينة الدراسة على مقياس المثابرة والإصرار(GRIT) وفقاً لمتغير الجنس.

مناقشة النتائج

مناقشة نتائج السؤال الأول: الذي ينص على “ما مستوى المثابرة والإصرار(GRIT) بين الطلبة”.

وللإجابة عن هذا السؤال تم حساب المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لتقديرات أفراد العينة، وأظهرت النتائج الى أن الطلبة كان لديهم مستويات متوسطة من المثابرة والإصرار (GRIT).

يُفسر الباحث هذه النتيجة من خلال المنهاج الدراسية وطبيعة المحتوى الذي يقوم بطرح نماذج واقعية للمثابرة والإصرار، واستخدام أساليب التدريس التي تقوم على ربط المحتوى العلمي بحياة الطلبة وبواقعهم الملموس وأحداثهم اليومية، لسهيل عملية التعلم واستدامته فتزيد دافعيتهم ويشعرون بالرضا والسعادة أثناء التعلم، ويتخلون عن الشعور السلبي تجاه أنفسهم ويمنحهم مشاعر إيجابية تجعلهم أكثر قدرة على بذل الجهد والمثابرة والإصرار بدرجات عالية.

وقد يعزو الباحث السبب الى التنشئة الأسرية والأساليب الوالدية المستخدمة في التعامل مع الأبناء ورعايتهم من خلال مراقبتهم وتحسس احتياجاتهم وتلبية متطلباتهم ومعاملتهم بطريقة حسنة، وتوفير الأمان الأسري لهم ليتمكنوا من بناء تصورات راقية عن والديهم وبناء جسور من الثقة العالية بينهم تنعكس على ثقتهم بذاتهم فتزيد من مستويات مثابرتهم وإصرارهم، وبنفس الوقت يكون الوالدين نموذج للأبناء يتعلمون منهم ويقلدونهم، وتتفق هذه النتيجة مع دراسة (Duckworth, 2016) ودراسة هوارد وآخرون (Howard et al, 2019) حيث أكدوا على أهمية التنشئة الاسرية والمعاملات الحكيمة داخل الأسرة، ويكون الوالدين نموذجاً من المثابرة والإصرار للأطفال ليقلدونهم، فالأسلوب الوالدي من أهم الآليات لتنميتها.

وقد يفسر الباحث هذه النتيجة من خلال البرامج التربوية التي تركز على تنمية المثابرة والإصرار والورش التدريبية التي تساهم في تعزيزها، فهي سمة يمكن تعليمها واكتسابها بالممارسة والتدريب المُكثف حيث تُعد الممارسة مَطلب أساسي لتنمية قدرات الطلبة وللتعامل مع معيقات والضغوطات الأكاديمية، وتتفق هذه النتيجة مع دراسة الين وآخرون (Alan et al, 2016) ودراسة فازونيا وآخرون (Vazonyi et al, 2019) في التأكيد على أهمية البرامج التدريبية والممارسة لتعلمها وتطويرها حيث تُعد من متطلبات القرن واحد وعشرون، واكسابهم المهارات المرتبطة بها كالثبات وتحديد الهدف والصمود حيث أصبحت هدف أساسي في الميادين التربوية.

ويمكن رد هذه النتيجة الى نظرية آدلر التي ترى أن مشاعر النقص والعجز التي يعيشها الأفراد تقودهم للكفاح والعمل بجد واجتهاد ومثابرة العالية للوصول الى التميز، وأنَّ هذا النوع من المشاعر سيمنحهم القوة التي تدفعهم لخوض التحديات وتحويلها من نقص الى تفوق والتغلب على المشاعر السلبية، فتصبح أسلوب حياة يتصف به. وقد يكون السبب هو قدرة الطلبة على تبني أهداف مستقبلية واضحة ذات قيمة شخصية، ووعيهم بها وترتيبها وفقاً لأولويات تحقيق الهدف، ويسيرون بخطى ثابتة دون تراجع أو استسلام مؤمنين ومتمسكين بها (Buzzetto & Mitchell, 2019; Werner et al, 2019). وتختلف هذه النتيجة مع دراسة اوشير وآخرون (Usher et al, 2018) حيث ترى أن جميع الطلبة لديهم مستويات منخفضة من المثابرة والإصرار.

مناقشة السؤال الثاني: والذي ينص على “هل تختلف مستويات المثابرة والإصرار (GRIT) باختلاف الجنس؟”

أظهرت نتائج التحليل الإحصائي أن الطالبات حصلن على مستويات مثابرة وإصرار (GRIT) أعلى منها لدى من الطلاب في مدارس لواء المزار الشمالي.

أن تفوق الإناث في المثابرة والإصرار على الذكور يمكن أن يكون بسبب نظرة الإناث للمدرسة وتطلعاتهن المستقبلية، فالمدرسة هي المكان الوحيد الذي تجده كمُتنفس لها والطريق الوحيد لإثبات ذاتها أكاديمياً وللتخلص من القيود المفروضة عليها، فيتكون لديهن إحساساً عالياً بأن لديهن القدرة على الإنجاز ودافعية داخلية تمنحهن الثقة لبذل المزيد من المثابرة والإصرار والجهد لإنجاز المهمات المطلوبة للحصول على تحصيل أكاديمي أفضل، وبسبب القيود على الأنثى المفروضة والقوانين الصارمة عليها للبقاء في المنزل، مما يجعلها قادرة على المتابعة والمثابرة والإصرار من خلال استثمار الوقت المنزلي لإنجاز المهمات فيصبحن مثابرات في المدرسة ومثابرات في المنزل ويبذلن جهداً إضافياً أكثر من الذكور لتحقيق أهدافهن المستقبلية.

ويتفق الباحث مع دراسة ستيوارت (Stewart, 2015) بأن الاختلاف بين الجنسين قد تعود لطريقة تفكيرهم أو لطبيعة الاهتمامات المختلفة من حيث الإجابة على فقرات المقياس، ففي المقياس لم يتم تحديد الجانب الذي يقيسه كالجانب الأكاديمي أو المهني، فعلى سبيل المثال عبارة (أنا مجتهد) إذا فكر الطالب بالجانب الأكاديمي والاجتهاد من المحتمل أن يجيب ينطبق علي تماماً، وإذا فكر بالجانب المهني من المحتمل أن يجيب بدرجة متوسطة، فلذلك قد تتغير إجابة الطلبة على الفقرة كلياً إذا تم تحديد الجانب الذي تقيسه.

وقد يعزو الباحث ارتفاع مستوى المثابرة والإصرار لدى الإناث الى قدرتهن على التحمل ومقاومة الإغراءات والتفكير العميق بالمهمات على اختلافها، والتمكن منها قبل الخوض فيها لتذليل الصعوبات ومقاومة الإحباط والاستمتاع بأداء المهمة، وهذا يتفق مع دراسة دكوورث وآخرون (Duckworth et al, 2007) أن المثابرة والإصرار(GRIT) لإنجاز المهمات الأكاديمية تتطلب بذل الجهد وتحمل المشقة وقدرة عالية على مقاومة الإغراءات وتأجيل الإشباع، وأنَّ الإناث لديهن قدرة على الالتزام بالمهمات الأكاديمية وقدرة أعلى في التحمل مع بذل الجهد للوصول الى القمة والإنجاز بعيداً عن التسويف الأكاديمي، وكما لديهن قدرة أكبر على تصحيح مسارات العمل والتقييم والتصحيح الذاتي.

وأن الإناث يتمتعن بقدر عالية من السعادة والتفاؤل والمرتبطة بالمثابرة والإصرار، ولديهن ورضا أكثر عن حياتهن مما يدفعهن للاستمرار وبذل الجهد لإنجاز المهمات وهذه النتيجة تتفق مع دراسة دكوورث (Duckworth, 2016) أن السعادة والرضا يرتبطان ببذل الجهد والمثابرة لإنجاز المهمات المطلوبة دون كَلل. وقد يعود الى امتلاك المعلمات واهتمامهن في مدارس الإناث بالكفايات التدريسية والأساليب والاستراتيجيات من خلال عقد الدورات التأهيلية مما ساعد على توظيفها بشكل مناسب داخل الغرفة الصفية، والتي من شأنها غرس قيمة المثابرة والإصرار(GRIT) لدى الطالبات وصقل مهاراتهن وتنميتها.

وتتفق هذه النتيجة مع ودراسة تشانج (Chang, 2014) ودراسة ستيوارت (Stewart, 2015) ودراسة اريول وآخرون(Oriol et al, 2017) ودراسة تابيار وكيليكسي (Taspiar & Kulekei, 2018) ودراسة اوشر واخرون (Usher et al, 2019) ودراسة الشرمان والزغول (2020)، أن الإناث حصلن على مستويات أعلى من الذكور بالمثابرة والإصرار، وكما اختلفت مع دراسة فاوست (Faust, 2017) ودراسة هودج (Hodge et al, 2017) حول أن كلا الجنسين لا يوجد فروق بينهم في المثابرة والإصرار.

التوصيات

بناءاً على نتائج الدَّراسة يوصي الباحثان بما يأتي:

  1. العمل على تنمية المثابرة والإصرار لدى الطلبة ولقدرتها على تنمية كفاءاتهم وتعزيز مهاراتهم.
  2. عقد الدورات التدَّريبية والورش العمل من قبل وزارة التربية والتعليم لتنميتها لدى الطلبة، ولما لها من أثر ملحوظ في تحسين التحصيل الأكاديمي لديهم.
  3. ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لاختبار صدق مقياس المثابرة والإصرار (GRIT) لدى عينات وشرائح عمرية مختلفة.

المراجع

المراجع العربية

الشرمان، علاء الدين والزغول، رافع. (2020). نموذج سببي للعلاقة بين الضبط الذاتي والفاعلية الذاتية الأكاديمية والمثابرة والإصرار (GRIT) والتحصيل الأكاديمي. رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة اليرموك، الأردن.

المراجع الإنجليزية

Bazelais, P., Lemay, D. J., & Doleck, T. (2016). How Does Grit Impact College Students’ Academic Achievement in Science?. European Journal of Science and Mathematics Education, 4(1), 33-43.‏

Bazelais, P., Lemay, D., Doleck, T., Hu, X., Vu, A., & Yao, J. (2018). Grit, Mindset, and Academic Performance: A Study of Pre-University Science Students. Eurasia journal of mathematics, science and technology education, 14.

Buzzetto-Hollywood, N., & Mitchell, B. C. (2019). GRIT AND PERSISTENCE: FINDINGS FROM A LONGITUDINAL STUDY OF STUDENT PERFORMANCE. Issues in Informing Science & Information Technology, (16), 377-391.

Chang, W. (2014). Grit and Academic performance: Is Being Gritting Bettre?. Open Access Dissertations. paper 1306.

Chen. X, Zhang. G, Yin. X, Li. Y, Cao. G, García. C. G & Guo. L. (2019). The Relationship Between Self-Efficacy and Aggressive Behavior in Boxers: The Mediating Role of Self-Control. Front. Psychol. 10(12), 1-9.

Credé, M., Tynan, M. C., & Harms, P. D. (2017). Much ado about grit: A meta-analytic synthesis of the grit literature. Journal of Personality and social Psychology, 113(3), 492-511.

Duckworth, A. & Quinn, P. (2009). Development and Validation of The Short Grit Scale (Grit-S). Journal of Personality Assessment, 91 (2),166-174.

Duckworth, A. L. (2016). Grit: The Power of Passion and Perseverance. New York, NY: Scribner.

Duckworth, A. L., Peterson, C., Matthews, M. D., & Kelly, D. R. (2007). Grit: perseverance and passion for long-term goals. Journal of personality and social psychology, 92(6), 1087.

Duckworth, A., & Gross, J. J. (2014). Self-control and grit: Related but separable determinants of success. Current directions in psychological science, 23(5), 319-325.

Duckworth, A., & Gross, J. J. (2014). Self-control and grit: Related but separable determinants of success. Current directions in psychological science, 23(5), 319-325.

Dweck, C. S., Walton, G. M., & Cohen, G. L. (2014). Academic Tenacity: Mindsets and Skills that Promote Long-Term Learning. Bill & Melinda Gates Foundation.‏

Faust, L. E. (2017). A Study of Grit and Self-efficacy in Students in Development Placements. Theses and Dissertation (All). 1513 .http://Knowledge.Library.iup.edu/etd/1513

Fillmore, E. P. (2015). Grit and Beliefs About Intelligence: The Relationship And Role These Factors Play In The Self-Regulatory Processes Involved In Medical Students Learning Gross Anatomy. Indiana University.

Fillmore, E. P. (2015). Grit and Beliefs About Intelligence: The Relationship And Role These Factors Play In The Self-Regulatory Processes Involved In Medical Students Learning Gross Anatomy. Indiana University.

Gonzalez, O., Canning, J. R., Smyth, H., & MacKinnon, D. P. (2019). A Psychometric Evaluation of the Short Grit Scale. European Journal of Psychological Assessment. http://dx.doi.org/10.1027/1015-5759/a000353.

Hodge. B, Wright. B & Bennett. P. (2017). The Role GRIT In Determining Engagement And Academic Outcomes For University students. Research In Higher Education, 59(4), 448-460.

Howard, J. M., Nicholson, B. C., & Chesnut, S. R. (2019). Relationships between positive parenting, overparenting, grit, and academic success. Journal of College Student Development, 60(2), 189-202.

Khine, M. S., & Areepattamannil, S. (2016). Non-cognitive skills and factors in educational attainment. Springer.

Lin, C. L. S., & Chang, C. Y. (2017). Personality and family context in explaining grit of Taiwanese high school students. Eurasia Journal of Mathematics, Science and Technology Education, 13(6), 2197-2213.‏

Mason. H. D. (2018). Grit And Academic Performance Among First Year University students: A Brief Report. Journal of Psychology in Africa, 28(1), 66-68.

Sunbul. Z. A. (2019). How Grit Mediates Relation Between Personality and GPA In University Students? Cypriot Journal of Educational Science, 14(2), 257-265.

Taspinar. H. K & Kulekci. G. (2018). GRIT: An Essential Ingredient of Success In The EFI Classroom. Intrenational Journal of Languages Education And Teathing, 6(3), 208-226.

Wei, H., Gao, K., & Wang, W. (2019). Understanding the relationship between grit and foreign language performance among middle school students: The roles of foreign language enjoyment and classroom environment. Frontiers in psychology, 10, 1508.‏