مواجهة الأوبئة في الفقه الإسلامي والتشريع الجنائي دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والتشريع الوضعي

مستشار دكتور/ محمد جبريل إبراهيم1 ، الدكتورة / زينب محمد بدوي حسن2

1 نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، عضو الجمعية المصرية للإقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع

بريد الكتروني: gebrelmohamed865@gmail.com

2 مدرس التفسير وعلوم القرآن  بكلية الآداب  جامعة جنوب الوادي بقنا

بريد الكتروني: Dr zenap 55@gmail.com

HNSJ, 2021, 2(11); https://doi.org/10.53796/hnsj21116

تنزيل الملف
تاريخ النشر: 01/11/2021م تاريخ القبول: 23/10/2021م

المستخلص

تناولت هذه الدراسة آليات الفقه الإسلامي لمواجهة مخاطر تفشي الأوبئة ، فالفقه الإسلامي كتقنين شامل رصد أساليب وطرق متعددة لتدابير الوقاية من الأوبئة ، فقد اشتمل علي العديد من التدابير الوقائية من الأمراض الوبائية والاحتياطات الصحية اللازمة للمحافظة علي صحة الإنسان عند ظهور الكوارث الوبائية ، وقد وضع علماء الفقه الإسلامي في اجتهاداتهم قواعد كلية تسمو في روعتها، وعلو غايتها عن مبادئ القانون الوضعي في العصر الحديث – وإن اختلفت الأسماء والمصطلحات – فاتسـم منهج الوقاية في الفقه الإسلامي بالتوسع والشــمول ما بين الحــث والإرشــاد ، وبين الحـظر والمنـع ، وأخذت هذه التدابير عدة صور منها الحجر الصحي كما هو متعارف عليه اليوم، أو عزل المريض بمرضٍ معدٍ ، وكذلك تبني فكرة التباعد الإجتماعي ، ومن مقتضي كل هذه التدابير أن تقترن بالتجريم الوقائي ، بوضع العقوبة الرادعة عند الإقدام علي مخالفة هذه التدابير الوقائية. ثم تناولت الدراسة منهج القانون الوضعي في مواجهة الأوبئة بالمقارنة بمنهج الشريعة الإسلامية ، وبيان نقاط القوة والضعف في النظامين .

مقدمة

كان للفقه الإسلامي فلسفة عبقرية في الوقاية من الأوبئة ، يتفرد بها عن غيره من الأنظمة حتي سبق بها القواعد الوضعية المستحدثة ، وذلك بما تضمنته قواعد الفقه الإسلامي من مناهج وأنظمة متكاملة ، لم تترك شاردة ولا واردة إلا وقد حكمتها .

فاتسم منهج الفقه الإسلامي بالتوسع في وسائل وآليات الوقاية من نقل العدوى ، مع وضع الحلول ووسائل العلاج، وإن كان التركيز إنما ينصب على المنهج الوقائي للفرد وللمجتمع عن طريق المنع والحظر ، وأيضاً بالحث والإرشاد علي السواء، حتي يتم إتخاذ التدابير الوقائية لمنع انتشار العدوى .

فكان أمر الوقاية من الأوبئة من الموضوعات التي تناولها الفقه الإسلامي ، فواجه تفشي الأوبئة بعدة آليات كان منها الحجر الصحي والذي يتضمن صورتان من الإمتناع ، أولهما الإمتناع عن الخروج من الأماكن المصابة بالمرض المعدي ، وثانيهما الإمتناع عن الدخول إلي هذه الأماكن .

ومن آليات مواجهة تفشي الأوبئة في الفقه الإسلامي عزل المريض بمرضٍ معدٍ ، ويأخذ ذلك صورة منع المريض بمرض معدٍ من مخالطة غيره من الأصحاء ؛ حتي لا ينشر العدوي إليهم .

ومن آليات الفقه الإسلامي أيضاً تبني فكرة التباعد الإجتماعي ، والتي تتضمن ابعاد الأفراد عن بعضهم البعض ، وترك مسافات بينية بينهم حتي يتم إطفاء تفشي المرض المعدي .

ولم تتجاهل قواعد الفقه الإسلامي فرض العقاب علي من يتسبب في إلحاق الضرر والأذى بنقل العدوي إلي غيره ، سواء أكان ذلك عن طريق العمد أو عن طريق الخطأ ، فأخضعت الشريعة الإسلامية مخالفة تدابير الوقاية من نقل العدوى للعقوبات المقررة وفقاً للقواعد العامة في قانون العقوبات الإسلامي إذا ما ترتب علي هذه المخالفة ضرر ، وإن كانت هذه العقوبات ليس لها تنظيماً خاصاً .

وفي هذه الدراسة نلقي الضوء علي سمات الفقه الإسلامي في مجال الوقاية من الأوبئة ، وآلياته في منع تفشيها والعقوبات التي يقررها علي منع يتعمد نشر الأمراض المعدية ، أو ينشرها بسلوكياته الخاطئة ، ذلك بالمقارنة مع منهج القانون الوضعي في مجال العزل والحجر الصحي .

أهمية الدراسة :

تتجلي أهمية هذه الدراسة فيما أظهره الواقع من خطورة السلوكيات التي تتسبب في نشر الأوبئة ، ولما تتميز به هذه السلوكيات من تمايز واختلاف ؛ أدي إلي التزايد المستمر في انتشار عدوى الأمراض الوبائية ، وزيادة أعداد الضحايا ، وما يؤدي إليه ذلك من خلل إجتماعي ، فقد يضحي المجتمع كله مصاب بالأمراض المعدية ، ويصبح المجني عليه بين عشية وضحاها جانياً فيقع تحت براثن العقاب ، في حين أنه يستحق المساعدة والأخذ بيده إلي بر الأمان .

فقد ينتقم هذا المريض لمصيره المؤلم، فيقوم متعمداً بنقل مرضه إلي آخرين بقصد قتلهم ، أو إيذائهم فيصبح في محل إتهام ؛ وهو ما يعد صورة من صور الإجرام الحديث الذي لم تحط به النصوص الجنائية التقليدية القائمة حتى الآن بنصوص خاصة ، حيث ظلت هذه النصوص تسعي فقط إلي أن تؤثم ما يمكن أن نطلق عليه الأفعال الإجرامية التقليدية، ولم تنجح إلي الآن محاولات إفـراد قوانين خاصة يمكن تطبيقها علي مثل هذه الصور من صور الإجرام الحديث ([1]) .

لذلك فإن أهمية هذا البحث تكمن في الإحاطة بالقواعد الفقهية التي يشملها التشريع الإسلامي التي تتعلق بالاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية ، واقتراح تطبيقها ووضعها في موضع التنفيذ في نطاق القوانين الوضعية، وربطها بالجانب التطبيقي لإنزالها علي الواقع ، فتفيد في زيادة فاعلية الإجراءات الوقائية للوقاية من الأوبئة .

أهداف الدراسة :-

تهدف الدراسة إلي إلقاء الضوء علي القواعد الفقهية الواردة في التشريع الإسلامي ، التحقق من مدي كفايتها لتوفير الحماية ضد السلوكيات التي تخالف الاحتياطات الصحية للوقاية من أنتشار الأوبئة ، فلا شك أن هذه السلوكيات التي قد تتسبب في نشر الأوبئة و انتقال العدوي تثير الخوف ، وتسبب الرعب ، وبرغم من خطورتها البالغة ، فإن تجريمها في القوانين الوضعية ما زال في صورة احتياطات وقائية بموجب القواعد القانونية القائمة والتي لا يترتب علي مخالفتها إلا عقوبات يسيرة غير رادعة لا تتناسب مع قيمة المصلحة المحمية ، ولا مع بشاعة الجرم المرتكب ، وهو ما يثير الجدل حول مدي توافر الحماية الجنائية للحق في الوقاية من الأوبئة والأمراض المعدية ، الأمر الذي تناولته الشريعة الإسلامية في موضع التطبيق فجرمت كل فعل يتسبب في إحداث الضرر ، وإلحاق الأذى بالغير .

خطة الدراسة :

جاءت الدراسة في فصلين ، يسبقها مقدمة وتعقبها خاتمة علي النحو الاتي :

الفصل الأول : سياسة الفقه الإسلامي في الوقاية من الأوبئة

المبحث الأول : سمات المنهج الإسلامي في الوقاية من الأوبئة .

المطلب الأول : التوسع في وسائل الوقاية من الأوبئة في الفقه الإسلامي .

المطلب الثاني : الحظر و المنع في مجال الوقاية من نقل العدوى في الفقه الإسلامي.

المبحث الثاني : وسائل الوقائية من الأوبئة في الفقه الإسلامي .

المطلب الأول : الحجر الصحي في الفقه الإسلامي .

المطلب الثاني : عزل المريض بمرضٍ معدٍ في الفقه الإسلامي .

المطلب الثالث : فكرة التباعد الإجتماعي في الفقه الإسلامي .

المبحث الثالث : العقاب علي مخالفة التدابير الوقائية في الفقه الإسلامي .

المطلب الأول :العقاب علي نقل العدوي عن طريق العمد .

المطلب الثاني :العقاب علي نقل العدوي عن طريق الخطأ .

الفصل الثاني : سياسة القانون الوضعي في الوقاية من الأوبئة

المبحث الأول : صور الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة بتدابير عامة

المطلب الأول :فرض إجراءات حظر التجول

المطلب الثاني : فرض بعض جراءات الحجر الصحي والبيطري

المطلب الثالث : التطعيم الإجباري

المبحث الثاني : وسائل الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة بتدابير فردية

المطلب الأول : عزل المريض بمرض معد

الفرع الأول : التأصيل القانوني لفكرة العزل

الفرع الثاني : تقييد فكرة العزل .

المطلب الثاني : التعامل مع موتي الأوبئة

المطلب الثالث : الإلتزام بإرتداء الكمامات الواقية

المبحث الثالث : العقاب علي مخالفة التدابير الوقائية في القانون الوضعي

الفصل الأول

سياسة الفقه الإسلامي في الوقاية من الأوبئة

سبقت الشريعة الإسلامية كافة القوانين الوضعية في وضع التدابير الوقائية للوقاية من الأمراض المعدية ، وذلك بأن وضعت بعد القواعد والإجراءات الناجعة في منع أنتشار الأوبئة والأمراض المعدية ، ولقد أتسمت هذه الإجراءات بالتوسع والحزم ، ومن هذه الإجراءات العزل الصحي ، والحجر الصحي والبيطري ، وكذلك فكرة التباعد الإجتماعي ، ذلك ما سنتناوله في هذا الفصل علي النحو الأتي :

المبحث الأول

سمات المنهج الإسلامي في الوقاية من الأوبئة

من يتمعن في منهج الشريعة الإسلامية تجاه الأوبئة، يجد أن هذا المنهج يتوسع في وسائل الوقاية من نقل العدوى ، مع وضع وسائل العلاج، وإن كان التركيز إنما ينصب على المنهج الوقائي للفرد وللمجتمع عن طريق المنع والحظر ، وأيضاً بالحث والإرشاد علي السواء، حتي يتم إتخاذ التدابير الوقائية لمنع انتشار العدوى ، وذلك بتقوية المناعة المكتسبة لدى الناس، ومواجهة الأمراض تحوطاً منها، واتقاء لشرها قبل وقوعها ([2]).

ويعمد منهج الشريعة الإسلامية إلى تجنيب الفرد والمجتمع كل الأسباب والعوامل المؤدية إلى تفشي الأوبئة و الإصابة بالمرض المعدي ؛ حتى يكون الأصل في حياة الناس العافية وليس المرض، وحتى لا يتحول المجتمع كله بفعل الأمراض المختلفة إلى مصحات أو مستشفيات ، ويأخذ هذا المنهج أسلوبين لمنع تفشي الأوبئة أولهما : التوسع في وسائل الوقاية من الأوبئة ([3]) ، وثانيهما : الحظر والمنع ([4])، وفيما يلي سنعرض لأسلوبي الوقاية من الأوبئة في الفقه الإسلامي علي النحو الأتي :

المطلب الأول : التوسع في وسائل الوقاية من الأوبئة في الفقه الإسلامي .

المطلب الثاني : الحظر و المنع في مجال الوقاية من نقل العدوى في الفقه الإسلامي.

المطلب الأول

التوسع في وسائل الوقاية من الأوبئة في الفقه الإسلامي

تتخذ الشريعة الإسلامية منهجاً وقائياً شاملاً كأساس لها، وبما يندرج تحت قاعدة سد الذرائع والتي تقضي بإغلاق جميع السُبُل المـؤدية إلـى المحرمات أو إلى الضرر([5]).

ويندرج تحت هذه القاعدة قاعدة: ” درءالمفاسد مقدَّم على جلب المصالح“([6]) فكل ما يمكن أن يترتب عليه ضرر يُحظر ويُمنع، مع عدم الالتفات إلى المصالح المرجوة من ورائه، أخذاً بقاعدة “الدفع أولي من الرفع“([7])؛ بمعنى أن منعا لشيء قبل وقوعه يُعد أقوى في التأثير في التعامل مع ذلك الشيء الضار مما لو انتظرنا أن يقع ثم نحاول بعد ذلك إزالته، هذا بالإضافة إلى كون الدفع عن طريق الوقاية يُعدُّ أسهل وأيسر وأقل تعقيداً من علاج آثار الضرر الذي حلَّ ووقع ، وهذا قد يجُر أضراراً ومفاسد أخرى معه ، وهذا ما تعنيه عبارة ” الوقاية خيرً من العلاج ” ، ولذلك فقد رصد الفقه الإسلامي وسائل الوقاية من الأوبئة فيما يلي :-

أولاً : الأمر بالتداوي من الأمراض المعدية :

حثت الشريعة الإسلامية علي التداوي ، والأمر به لمن أصابه أي مرضٍ ، وهذا ما لا يتنافي مع التوكل علي الله خالق الداء والدواء ، فإذا تم التداوي يتم حصار المرض فلا ينتقل للأخرين ، ولقد أكدت السنة النبوية الشريفة علي إعلاء قيمة الصحة ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ” من أصبح معافي في جسده آمناً في سربه، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا ” ([8]) .

وروي البخاري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ” ([9]) .

فأمرت السنة النبوية بالتداوي ورغبت فيه ، ففي مسند الأمام أحمد من حديث زياد بن علاقة عن أسامة ، أن شريك قال :

كنت عند النبي صلي الله عليه وسلم وجاءت الأعراب ، فقالوا يا رسول الله : أنتداوى ؟

فقال : ” نعم يا عباد الله تداووا ، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، غير داء واحد

قالوا : وما هو ؟ قال : ” الهرم ” .

وفي لفظ ” إن الله لم ينّزل داء إلا وله شفاءٍ علمه من علمه ، وجهلُه من جهله .

وفي الصحيحين : عن عطاء ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما أنزل الله من داءٍ إلا أنزل له شفاء “

وروي عن مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :” لكل داء دواء ، فإن أصيب دواء الداء ، برأ بإذن الله عز وجل ” ([10]) .

ويتضح مما سبق أن الشريعة الإسلامية تحض علي التداوي والترغيب في السعي للعلاج ، وهذا ما لا يتعارض مع التوكل علي الله سبحانه وتعالى ، فهو من أنزل الداء ، وهو من أنزل الدواء ، فإذا تم التخلص من المرض المعدي بالعلاج والتداوي قلت فرصة انتقاله إلي الغير .

ثانياً : الحد من الاختلاط بين الجنسين في المؤسسات المختلفة :

لم يعد الحديث عن التباعد ومنع الإختلاط بين الجنسين حديثاً متزمتاً رجعياً ، بل نادت به بعض المؤسسات في الغرب لما يحدثه الاختلاط من مشكلات إجتماعية ([11] ) ، فقد ثبت أنَّ الاختلاط بين الشباب والشابات يتناسب طردياً مع انتشار الفاحشة ومن ثمَ انتشار الأمراض والأوبئة المعدية، والحد من الاختلاط بين الجنسين يُعدُّ من قبيل سد الذرائع، فكان المراد هنا أنّ َالاختلاط ذريعة لإثارة الشهوات، وهذه ذريعة للزنا، والزنا ذريعة لتفشي الأمراض المعدية ، فيجب سد كل هذه الذرائع .

كما أمرت الشريعة الإسلامية بغض البصر عن المحرمات وقايةً من الوقوع فيها، وكان النهي للرجل والمرأة علي حد السواء، كما نهت عن خلوة الرجل بالمرأة للوقايةً من وقوع كليهما في الفاحشة([12]).

ثالثاً: في مجال زواج المريض بمرضٍ معدٍ من شخص سليم :

المعاشرة الجنسية هي من أكثر أسباب انتشار الأمراض المعدية ([13]) ؛ لذلك فمن حق أولياء المرأة منعها إذا وافقت على الزواج من شخص مصاب بمرضٍ معدٍ، ونكاح المرأة من غير ولي باطل وفقاً لرأي جمهور العلماء، ومنهم مالك والشافعي وأحمد وجمهور أصحابهم وأتباعهم عدا الحنفية، وعلى رأي الجمهور يكون للأولياء الحق في منع مولِّيتهم من الزواج بمرضٍ معدٍ ، ولا تستطيع المرأة أن تدعي عند القاضي بأن أولياءها عضلوها ؛ لأن الزوج في هذه الحالة ليس كفؤاً لها ، والعضل كما يقول ابن قدامه: “منع المرأة من التزوُّج بكفئها إذا طلبت ذلك “.

رابعاً : في مجال الحمل والإنجاب للمرأة المصابة بمرضٍ معدٍ :

فالمرأة المصابة بمرضٍ معدٍ عليها تجنُّب الحمل والإنجاب، ويلزمها اتخاذ الاحتياطات والوسائل التي تحول دون الحمل، وذلك وقايةً لجنينها من انتقال العدوى إليه ([14]) .

ونشير إلي أنه لا مانع شرعاً من أن تقوم الأم بحضانة طفلها، إذا أصيبت بالمرض المعدي، إلاَّ أنَّ الأحوط عدم إرضاعها لطفلها إذا أمكن تواجد امرأة ترضعه، أو في حال توافر بدائل له عن لبن الأم، أمَّا في حال تعذُّر ذلك فلا مفر من إرضاعه حمايةً له من الهلاك (([15].

خامساً : الحث علي النظافة :

عني الفقه الإسلامي بالنظافة ، فالنظافة في الإسلام عبادة والأدلة على ذلك كثيرة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ) ([16]) ، وقال سبحانه تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ([17]) ، وقال تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) ([18] ) ، وقال صلي الله عليه وسلم (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم .

ولذلك يجب الالتزام بأحكام النظافة الشخصية العامة والاحتياطات الخاصة بتحاشي الأمراض المعدية والوبائية ، ومن ذلك غسل اليدين بالماء والصابون ولبس الكمامات والقفازات، والالتزام بالتوجيهات الصحية الصادرة من الجهات المسئولة واجب شرعاً للتوقي من تفشي الوباء ، ويجوز استخدام المعقمات المشتملة على الكحول في تعقيم الأيادي وتعقيم الأسطح والمقابض وغيرها، حيث أن مادة الكحول غير نجسة شرعاً .

وفي هذا الشأن نشرت صحيفة نيوز ويك الأمريكية تقريراً تحت عنوان ” هل يمكن لقوة الصلاة وحدها وقف الجائحة ؟”

وتضمن التقرير الإشارة إلي السنة النبوية والهدي النبوي عند تفشي الأوبئة ، حيث أشارت الصحيفة إلي أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم – ومنذ ما يقرب من 1400 عام – هو أول من أمر بالحجر الصحي عند اجتياح الوباء ، وذكرت الصحيفة الحديث الشريف بأن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا إليها ، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فراراً منه “

كما أشار التقرير إلي أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم أمر بالنظافة وذكر الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث علي ذلك ، حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” النظافة من الإيمان “، وقال أيضاً :” بركة الطعام تكمن في غسل اليدين قبل وبعد الأكل ” وقال أيضاً : ” اغسل يديك بعد استيقاظك من النوم فلا تعلم أين تحركت يداك خلال نومك ” ([19] ) .

ففي الوقت الذي لم يكن فيه النبي صلي الله عليه وسلم خبيراً بشئون الأوبئة القاتلة قدم نصائح نافعة وناجحة تمنع تفشي الوباء ، وهي نفسها النصائح التي تأخذ بها منظمة الصحة العالمية والهيئات الصحية في شأن مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد ([20]) .

فيا تري من أخبر هذا النبي الكريم بكل هذا البيان ؟

المطلب الثاني

الحظر والمنع للوقاية من الأوبئة في الفقه الإسلامي

باستقراء أصول الفقه الإسلامي تبرز قواعد الحفاظ علي النفس ، وهي قواعد مستلهمة من بعض الآيات الواردة في كتاب الله تعالى ، وبالنظر في السُنة النبوية المطهرة نجدها تؤكد لنا جدية المنهج الإسلامي في وضع المحاذير الصارمة، التي من شأنها شد الانتباه لحظر ارتكاب المخالفات التي تؤدي إلي انتشار الأوبئة ، والأخذ بكل أسباب الحيطة والحذر لضمان عدم الإصابة بها ، والوقوع في العلة([21]).

ولقد وضعت الشريعة الإسلامية الكثير من المحظورات التي من شأنها الحفاظ علي النفس من الهلاك ، والإبتعاد عن مصادر ومسببات نقل عدوى الأمراض المعدية ، ونرصد فيما يلي بعض المحظورات الصارمة للوقاية من نقل العدوي ، وذلك علي النحو التالي :-

أولاً : عدم قتل النفس أو إيذائها :

الثابت أن مقصود الشرع من الخلق خمسة مقاصد، وهي أن يحفظ عليهم دينهم، وأنفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم ؛ لذا أمر الله تعالي بالحفاظ علي النفس وعدم اهلاكها أو إيذائها ومن ذلك قوله تعالي :

” ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ” ([22])، ” ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ” ([23])، وفي ذلك أمر لعدم تعريض النفس للهلاك عن طريق أي سبب كان ، ولا شك أن الإصابة بالأمراض المعدية من المهلكات ، لذا حثت الشريعة الإسلامية علي توقيها .

ومن هنا حرمت الشريعة الإسلامية علي الفرد أن يعرض نفسه للتهلكة ، بل وأمرته أن يحافظ علي جسده ؛ لأن هذا الجسد أمانه سيسأل عنها يوم القيامة ، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ….”

وظهر أهتمام الشريعة الإسلامية بحفظ النفس من خلال سن التدابير الوقائية التي تمنع حدوث الأذى للنفس البشرية عن طريق توفير الوسائل الكفيلة بحفظ النفس ،ووقايتها من الأذى ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير “

وهنا يكمن الفرق بين الشريعة الإسلامية وغيرها من القوانين الوضعية ، فهذه الأخيرة أكتفت بوضع الكثير من النصوص التي تجرم إلحاق الأذى بالنفس ولكنها خلت من وسائل الحفاظ عليها ، بعكس الشريعة الاسلامية التي وفرت الوسائل الكفيلة بحفظ النفس من أي ضرر أو أذي فضلاً عن حفظها من الهلاك والازهاق .

ومن أهم وسائل الحفظ تحريم الإضرار بالنفس أو إلحاق الأذى بها أو الإقدام علي الأنتحار والوعيد الشديد علي ذلك ؛ لأن واهب الحياة هو الله ، والإنسان لا يملك حياته ليتصرف فيها بالأذى أو الإتلاف أو الإزهاق .

ومن أهم وسائل العلاج حرص الشريعة الإسلامية علي توفير وسائل علاج النفس بالتداوي ، وصيانتها وعدم إتلافها، حتي لو أضطر الإنسان غير باغ ولا عاد للمحظور بغرض وقاية النفس من الهلاك ([24]) .

ثانياً : عدم تعريض الغير للخطر :

مثلما أهتمت الشريعة الإسلامية بالحفاظ علي النفس ، أهتمت كذلك بالحفاظ علي حياة وصحة الغير بصرف النظر عن جنس هذا الغير أو عمره أو ديانته أو حتي حالته الصحية ، فقد نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن التبول في الماء أو التغوط في مجراه، كما نهي عن الشرب من الماء النجس أو التوضؤ منه ([25])، وكذلك نهي عليه الصلاة والسلام عن الشرب من فم القربة أو السقاء ([26]).

كما دعا الرسول صلي الله عليه وسلم إلي إماطة الأذى عن الطريق، وجعلها من شعب الإيمان، حيث يقول عليه الصلاة والسلام ” الإيمان بضع وسبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق ” ([27]).

كل ذلك يهدف إلي حماية الناس بغض النظر عن حالتهم ، والحفاظ علي صحتهم وحياتهم من مخاطر انتقال مسببات الأمراض إليهم .

ثالثاً : حظر تعاطي الخمور والمخدرات :

تعاطي الخمور والمخدرات تعد من أسباب نقل العدوى عن طريق حقنها من يد ليد، فيقول الله عز وجل : ” إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ” ([28]).

فلا شك أن المجتمعات التي استباحت تعاطي المخدرات والخمور واستهانت بإدمانها تعاني من انتشار الأمراض المعدية كالإيدز والتهاب الكبد الوبائي ، خاصة بين الفئات التي تتعاطى المخدرات عن طريق الحقن ، فقد تلاحظ في البلاد التي تنتشر فيها العدوى ، زيادة إدمان المخدرات ([29]) .

فمشكلة تعاطي المخدرات شديدة الصلة بمشكلة انتشار عدوي الأمراض المعدية مباشرة عن طريق استعمال الإبر الملوثة في حالة تعاطي المخدر عن طريق الحقن الوريدي ، وهي تمثل مشكلة كبيرة في ظل تعامل الاجهزة الأمنية معها من القانونية البحتة وليس من الناحية الصحية .

رابعاً : حظر كل الممارسات الجنسية غير المشروعة :

توسع الفقه الإسلامي في حظر كل صّور الأعمال غير المشروعة التي يمكن عن طريقها نقل العدوى، فحّرمت الاتصال الجنسي غير المشروع ([30])، فحرمت الزنا، وهو كل وطء في غير ملك وحل سواء أكان مرتكبه محصناً أي متزوجاً، أو غير محصن، فإذا كان الجاني محصناً فحده الرجم حتي الموت ( الإعدام ) ، وإن لم يكن محصناً فحده الجلد ([31]) .

فحظر الفقه الإسلامي جميع الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والفاحشة هي “ما عَظُمَ قُبْحُه من الأفعال والأقوال” وقد حرَّم الله الفواحش، فقال عز وجل: ” قل إنَّما حرَّم ربِيَ الفواحش ما ظهر منها وما بطـن ” ([32])، ونهانا حتى عن القرب منها: ” ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ” ([33]) والشيطان هو الذي يحرص على نشر الفاحشة، ويقول الله تعالي:” الشيطانُ يَعِدُكُمُ الفقرَ ويأمرُكم بالفحشاء ” ([34])، إذاً فكل من يسير على هذا النهج فيه شبهٌ من الشيطان، وأعظم الفواحش اللواط، فإنه عنوان انتكاس الفطرة البشرية، والذين يمارسونه أحطَّ من الحيوانات وأضل منها، ” ولوطاً إذْ قالَ لِقومِهِ أتأْتُونَ الفاحِشةَ وأنتم تبصرون، أئنكم لتأتونَ الرجالَ شهوةً من دونِ النساءِ بل أنتم قومٌ تجهلون” ([35]).

كذل كمن الفواحش التي جاء الإسلام بتحريمها جريمة الزنا: ” ولا تقربوا الزنا إنَّه كان فاحشةً وساءَ سبيلا ” ([36]). فيجب على الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي منع كل الوسائل التي تدعو إلى الزنا: ” إنَّ الذين يحبون أن تشيعَ الفاحشةُ في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدُّنيا والآخرة ” ([37])،فكل من نشر المواد الخليعة أو روَّج لها أو تساهل في أمرها لغرضٍ في نفسه يدخل في هذه الآية.

وفي الحديث الصحيح: ” لم تظهر الفاحشةُ فيقومٍ قط حتى يُعلنوا بها إلاَّ فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا” ([38])، فهذه الأمراض المعدية تأكيد لهذا الحديث الشريف، ولن تكون الأمراض المعدية الخطيرة مثل مرض الإيدز هو الأخير ما دام الناس يتمادون في فحشهم .

لذا ففي باب الوقاية من الأمراض الوبائية فقد حرمت الشريعة الإسلامية المتعة المحرمة، وغير الشرعية إذ حرمت المباشرة الجنسية في الدبر لما يسبب ذلك من أمراض جسمية ونفسية، قال تعالى : ” ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” ([39]) ، و في السنة النبوية يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : ” لا ينظر الله إلي رجل جامع امرأته في دبرها ” ([40]).

كما أن الشريعة الإسلامية نهت عن مواطأة النساء في الطمث أيام الحيض، فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” أقبل وأدبر، واتق الحيضة والدبر ” ([41])؛ لأن ذلك يسبب ضرراً بليغاً بصحة الرجل والمرأة على السواء، فقد يكون سبباً للالتهابات التي قد تؤدي إلى العقم عند الرجل قال تعالى: – “ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن ” ([42])؛ فالدم النازل من الرحم يعتبر فاسداً، وهو مزرعة للميكروبات التي قد تصيب مجري البول، ولكن الإسلام رغم نهيه القاطع عن الجماع في فترة الحيض فهو ينهي الرجل عن مقاطعة المرأة أو إهمالها ([43]).

ومن هنا يتضح لنا الاختلاف بين القانون الوضعي، والشريعة الإسلامية في تجريم الاتصال الجنسي غير المشروع، فالمشرع الوضعي قد حدد صور الاتصال علي سبيل الحصر في الزنا بالمفهوم القانوني والاغتصاب وهتك العرض والبغاء، أما الشريعة الإسلامية فقد جـّرمت كل صّور الاتصال غير المشروع علاوة علي ذلك فإن التشريع الوضعي قد جعل شكل السلوك الإجرامي سبباً لتخفيف ولتشديد العقاب، أما الشريعة الإسلامية فقد جعلت من صفة الجاني سـبيلاً لتشديد وتخفيف العقاب، فالشريعة الإسـلامية تعاقب علي الرذيلة في ذاتها ولا أهمية لأن تكون الجريمة قد تعـدي أثرها للغـير أو أبتعد ([44]).

لذلك فإننا نري ضرورة تدخل المشـرع من أجل تجريم كل صـور الاتصال الجنسي غير المشروع ([45]) أسوة بمنهج الشريعة الإسلامية في هذا المجال، فإذا كانت الدواعي الصحية قد دفعت التشريعات الوضعية إلي تجريم البغاء في حقبة تاريخية معينة انتشر فيها مرض الزهري وغيره من الأمراض المعدية فإن ظهور الإيدز وكورونا المستجد ، وما يحملانه من خطورة علي النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع لجدير بتدخل المشرع في تلك الآونة لتجريم كل صور الاتصال الجنسي غير المشروع، ورفع قيد الشكوى كأحد القيود علي تحريك الدعوي الجنائية، وجعل جريمة الزنا من حق المجتمع قبل أن تكون من حق الزوج أو الزوجة، فمن أهـم وسائل القضاء علي الظـاهرة القضـاء علـي مسـبباتها ([46]).

****

الحلول التي وضعتها الشريعة الإسلامية لمنع تفشي الأوبئة :-

لم تضع الشريعة الإسلامية النهي فقط، بل وضعت مع النهي الحل للمشكلات التي تتسبب في تفشي الأوبئة وذلك علي النحو الآتي :

تسهيل الزواج وتشجيعه في حالة ثبوت الخلو من الأمراض المعدية :

إذ يقول عز وجل: “وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائـكم ” ([47])، ويقول رسول الله – صلي الله عليه وسلم : ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ” ([48]).

فقد رصد فقهاء الشريعة الإسلامية أسباب نقل العدوى وكان من أهمها الممارسات الجنسية غير المشروعة ؛ ولذا شرع الزواج ليكون طريقاً صحيحاً للعلاقة بين الجنسين يضمن تحقيق الأغراض الطيبة لهذه العلاقة وليس الأمراض المعدية ([49]) ، فإذا كانت الشريعة الإسلامية تضيق على مرتكبي الفواحش، وأوجبت عليهم العقوبات القاسية الشديدة ، فإنها شرعت الطريق السليم لإشباع الرغبات الجنسية عن طريق الزواج، ومن ثمَّ يجب على الدولة وأفراد المجتمع الجد والاجتهاد في تبسيط أمر الزواج والإعانة عليه بتقديم الدعم للراغبين فيه ، وفي إقامة الزواج الجماعي للشباب في المؤسسات المختلفة ، وتوفير الوظائف المناسبة لهم لإقامة الأسر السوية ([50]).

ونعرض في الفصل التالي لصور التدابير الوقائية من الأوبئة في الفقه الإسلامي ، ونشير أخيراً إلي أن ما سبق لم يكن مقارنة بين الشريعة الإسلامية، وبين القانون الوضعي، وحاشا لنا أن نعقد هذه المقارنة بين ما شرعه الله سبحانه وتعالي، وما يتصف به من كمال، وإحكام، وبين ما وضعه البشر من قوانين بما تتصف به من قصور، ونقصان، فتلك إذن مقارنة باطلة، وإنما أوردنا ذلك للاهتداء به وتطبيقه .

المبحث الثاني

وسائل الوقائية من الأوبئة في الفقه الإسلامي

لقد عرفت الشريعة الإسلامية منذ أربعة عشر قرناً من الزمان الوقاية من انتشار الأوبئة ، ولقد وضعت القواعد الكلية في الفقه الإسلامي الحلول لكثير من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات الحديثة ، ومن هذه القواعد الكلية قاعدة سد الذرائع ([51])، فمنهج الفقه الإسلامي في مواجهة الأمراض الوبائية يرتكز علي هذه القاعدة ([52])، لذلك حرص الفقه الإسلامي علي تنظيم الإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية، ومن أهم صور هذه الاحتياطات الحجر الصحي، وكذلك عزل المريض بمرضٍ معدٍ، والتباعد الإجتماعي ونعرض كل ذلك فيما يلي :

المطلب الأول : الحجر الصحي في الفقه الإسلامي .

المطلب الثاني : عزل المريض بمرضٍ معدٍ في الفقه الإسلامي .

المطلب الثالث : فكرة التباعد الإجتماعي في الفقه الإسلامي .

المطلب الأول

الحجر الصحي في الفقه الإسلامي

جاء في الصحيحين عن عامر أبن سعد أبن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ماذا سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم في الطاعون فقال أسامة – قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” الطاعون رجز أرسل علي طائفة من بني إسرائيل وعلي من كان قبلكم – فإذا سمعتم به بأرض فـلا تدخلوا عليـه وإذا وقـع بأرض وأنتم بها فلا تخـرجوا منها فرارا منه ” ([53]).

وقال ابن القيم:” وقد جمع النبي صلي الله عليه وسلم في نهييه عن الدخول إلي الأرض التي هو بها ونهييه عن الخروج منها بعد وقوعه كمال التحرز منه؛ فإن في الدخول في الأرض التي هو بها تعريضاً للبلاء وموافاة له في محل سلطانه، وإعانة الإنسان علي نفسه – وهذا مخالف للشرع والعقل بل تجنبه الدخول إلي أرضه من باب الحمية التي ارشد الله سبحانه إليها وهي حمية عن الأمكنة والأهوية المؤذية – وأما نهييه عن الخروج من بلده ففيه معنيين: أحدهما: حمل النفوس علي الثقة بالله والتوكل عليه، والصبر علي أقضيته والرضا بها ([54] )([55]).

وثانيهما: ما قاله أئمة الطب أنه يجب علي كل محترز من الوباء أن يخرج من بدنه الرطوبات الفضلية – ويقلل الغذاء – ويميل إلي التدبير المخفف من كل وجه إلا الرياضة والحمام فإنهما يحب أن يجزر..” ([56]).

وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب خرج إلي الشام حتي إذا كان يسرع لقيه أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام ([57])، فاختلفوا فقال لابن عباس ادع لي المهاجرين الأولين – قال فدعوتهم – فاستشارهم واخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا فقال له بعضهم خرجت لأمر فلا نري أن ترفع عنه، وقال آخرون معك بقية الناس وأصحاب رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) فلا نري أن تقدمهم علي هذا الوباء، فقال عمر ارتفعوا عني ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم له فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال – ارتفعوا عني ثم قال – ادع لي من ها هنا من مشيحة قريش أمن مهاجرة الفتح فدعوتهم له فلم تختلف عليه منهم رجلان قالوا نري أن ترفع الناس ولا تقدمهم علي هذا الوباء فأذن عمر في الناس أني مصبح علي ظهر فأصبحوا عليه فقال أبو عبيدة بن الجراح يا أمير المؤمنين أفراراً من قدر الله تعالي – قال نعم – نفر من قدر الله تعالي إلي قدر الله تعالي ! ([58]).

أرأيت لو كان لك ابل فهبطت وادياً له عدوتان أحدهما خصبة والأخرى جدبة ألست إن رعيتها الخصبة رعيتها بقدر الله تعالي وإن رعيتها الجدبة رعيتها بقدر الله؟

قال فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيباً في بعض حاجاته فقال أن عندي في هذا علماً سمعت رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) يقول: ” إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ” ([59])([60]).

ونضيف أنه إذا كان عدم الإقدام إلي أرض موبوءة يعد أمراً مفهوماً، فإن عدم الخروج من أرض موبوءة يعد أمراً مستغرباً !

ولجلاء ذلك فإن إعجاز السنة النبوية قد نهت عن عدم الخروج من الأرض الموبوءة؛ لأن الشخص قد يحمل فيروس المرض دون أن يظهر عليه المرض، فينقل المرض إلي أماكن آخري، ويصيب غيره دون أن يعلم ([61]).

ويؤخذ من قول الرسول صلي الله عليه وسلم: ” إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها ” ([62])أمور منها :

  1. تجنب الأسباب المؤدية إلي انتشار الأمراض والبعد عنها .
  2. الأخذ بالعافية التي هي مادة مصالح المعاش والمعاد .
  3. ألا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن وفسد، فيكون سبباً للتلف .
  4. ألا يجاوز المرض الذين قد مرضوا بذلك، فيحصل له بمجاورتهم من جنس أمراضهم وهو ما يدل

عليه الحديث([63]).

والرسول صلي الله عليه وسلم ولكمال شفقته علي الأمة ونصحه لها نهي عن الأسباب التي تعرضهم لوصول المرض إلي أجسامهم، سيما وقد يكون في الجسم تهيؤ واستعداد لقبول المرض، وقد تكون الطبيعة سريعة الانفعال قابلة للاكتساب من أبدان مجاورة ومخالطة؛ لذلك فرض عدم الدخول إلي أرض انتشر بها المرض، وكذلك عدم الخروج منها إن كانوا فيها ([64]) .

تقييد مناسك الحج والعمرة :

أدى تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا القاتل وتفشيه في عدد كبير من دول العالم، إلى اتخاذ دول العالم عددا من الإجراءات الوقائية من أجل الحد من انتشار الفيروس على أراضيها، ومنها ما أعلنت عنه المملكة العربية السعودية، حيث قررت تعليق الدخول إلى المملكة لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتاً، وذلك كإجراء احترازي على خلفية انتشار فيروس كورونا الجديد (19-COVID) ([65]) .

كما فرضت بعض الإجراءات خلال موسم الحج نتيجة تفشى الفيروس، ويري بعض أهل الفقه أنه لا يجوز تعطيل فريضة الحج إلا بموجب أسباب كبرى بينها انتشار الأوبئة، وهى الواقعة التي لن تكون الأولى حال حدوثها حيث يذكر عدد كبير من المؤرخين أن شعائر فريضة الحج تعطلت على مر التاريخ حوالى أربعين مرة ([66]) .

وكانت أول هذه المواسم التي تعطل فيها الحج جزئيا أو كليا جرى في عام 940 ميلادية، وكان بسبب هجوم القرامطة وسفكهم دماء حجاج بيت الله، واقتلاعهم بعد مذبحة رهيبة الحجر الأسود ونقله إلى مدينة “هجر” بالبحرين.

وتبعا لذلك، تقول كتب التاريخ إن موسم الحج تعطل بعد واقعة سرقة الحجر الأسود لعدة سنوات، يقال إنها بلغت عشرة أعوام، لم تؤد فيها مناسك الحج ([67] ).

الموسم الذي تعطل فيه الحج جرى في عام 968 ميلادية، ويقول ابن كثير إن هذا الداء انتشر في مكة المكرمة “فمات به خلق كثير، وفيها ماتت جمال الحجيج في الطريق من العطش ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج”.

وفي عام 1000 ميلادية انقطع المصريين عن الحج في عهد العزيز بالله الفاطمي بسبب شدة الغلاء، كذلك تكرر الأمر في عام 1028 ميلادية، ا ولم يتمكن المصريون من أداء فريضة الحج في عام 1168 بسبب حرب داخلية.

وتعطل موسم الحج في عام 1030 ميلادية، حيث لم يؤد الفريضة إلا مجموعة من العراق، وانقطع أهل خراسان والشام ومصر عن الحج في موسم عام 1039 ميلادية.

أما آخر التواريخ التي تعطل فيها الحج جزئيا أو كليا، فيعود إلى عام 1799، حيث توثقت قوافل الحجيج أثناء الحملة الفرنسية لانعدام الأمن على الطرقات ([68])

المطلب الثاني

عزل المريض بمرضٍ معدٍ في الفقه الإسلامي

عرفت الشريعة الإسلامية كيفية الحفاظ علي صحة الأفراد ، ووقايتهم من الأوبئة و الأمراض المعدية عن طريق عدم مخالطة المرضي ، وأمرت بالفرار من مصادر العدوى والبعد عنها ، والإلتزام بالإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية قبل أن تدعو إليها القوانين الوضعية الحديثة أو تقررها المنظمات العالمية في العصر الحالي ، فحثت علي عدم مخالطة المريض بمرضٍ معدٍ من جهة ، ومن جهة آخري دعت إلي عزل هذا المريض بمرضٍ معدٍ .

أولاً: عدم مخالطة المريض بمرضٍ معدٍ :

يقول الله تعالي:( خذوا حذركم )، ويقول أيضاً سبحانه وتعالي :- ” ولا تقتلوا أنفسكم إنَّالله كان بكم رحيما“([69])وقوله – سبحانه :- ” ولا تلقوا بأيديكم إلى التَّهلُكة ” ([70]).

وفي السنة الشريفة وردت أحـاديث عديدة في الصحيحين عن رسـول الله صلي الله عليه وسـلم تنهي عن مخالطة المرضي الذين أصيبوا بأمـراض معدية كالجذام والطاعون ، ونحوها فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم ” فأرسل إليه النبي صلي الله عليه وسلم ” أرجع فقد بايعناك ” ([71]).

وكذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لا تديموا النظر إلي المجذومين ” ([72]) للفائدة الطبية المترتبة علي ذلك؛ حيث أن الطبيعة نقالة، فإذا أدام النظر إلي المجذوم وخيف عليه أن يصيبه ذلك بنقل الطبيعة، وقد جرب الناس أن المجامع إذا نظر إلي شيء عند الجماع وأدام النظر إليه، انتقل من صفته إلي الولد، وحكي بعض رؤساء الأطباء: أنه أجلس أبن أخ له للكحل، فكان ينظر في أعين الرمد فيرمد، فقال له: اترك الكحل، فتركه فلم يعرض له رمد، قال: لأن الطبيعة نقالة ([73]).

وذكر البيهقي وغيره : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم تزوج امرأة من غفار، فدخل عليها، فأمرها فنزعت ثيابها، فرأي بياضاً عند ثدييها، فانحاز النبي صلي الله عليه وسلم عن الفراش، فلما أصبح قال : ” الحقي بأهلك، وحمل لها صداقها ” ([74]).

كما ذكر عن الرسول صلي الله عليه وسلم في شأن المجذوم أيضاً أنه قال :- ” كلم المجذوم وبينك وبينه قيد رمح أو رمحين ” ([75]) .

فما تأمر به الشريعة الإسلامية هو عدم مخالطة المريض بمرضٍ معدٍ ، وإن كان ذلك لم يأخذ شكل الإلزام، بل ورد كإرشاد للجماعة كسلوك صحيح، يحقق المصلحة لهم جميعاً؛ بالوقاية من الأمراض، والمحافظة علي صحتهم ([76])، فعندما قال عليه الصلاة والسلام : ” فر من المجذوم فرارك من الأسد ” رواه البخاري ومسلم، وعندما أمر بعزل من به مرضٍ معدٍ في قوله : ” لا يوردن ممرضٌ على مصح ” رواه البخاري ومسلم ([77])، فهذه التوجيهات النبوية الشريفة وغيرها تأمر بأن يحذر من العدوى عند وقوع المرض ([78]) .

وحيث يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : ” لا عدوي ([79])، ولا هام ([80])، ولا صفر([81])، ولا يحل الممرض ([82]) علي المصح وليحلل المصح ([83]) حيث شاء ” فقالوا يا رسول الله وما ذاك ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” أنه أذي ” ([84]).

ومن خلال ما سبق يمكن أن نخلص أن الشريعة الإسلامية في حقيقتها ترشد إلي تجنب الأمراض المعدية، فهي ترشد إلي أخذ الحيطة، والحذر، وعدم مخالطة من به مرضٍ معدٍ ، إلا أن ذلك لا يصل إلي حد عزل المريض بمرضٍ معدٍ ، أو حرمانه من ممارسة حياته ([85]).

ثانياً: عزل المريض بمرضٍ معدٍ :

يقول ابن وهب: في المبتلي يكون له في منزله سهم، له حظ في شرب، فأراد من معه في المنزل إخراجه منه، وزعموا أن استقاءه من مائهم الذي يشربونه مضر بهم، فطلبوا إخراجه من المنزل – قال ابن وهب: إذا كان له مال أن يشتري لنفسه من يقوم بأمره، ويخرج في حوائجه، ويلزم هو بيته فلا يخرج، وإن لم يكن له مال خرج من المنزل، وإذا لم يكن فيه شيء، وينفق عليه من بيت المال ([86]).

وقال عيسي – في قوم ابتلوا بالجذام وهم في قرية موردهم واحد، ومسجدهم واحد، فيأتون المسجد فيصلون فيه، ويجلسون فيه معهم، ويردون الماء ويتوضؤون، فيتأذى بذلك أهل القرية، وأرادوا منعهم من ذلك كله – قال: أما المسجد فلا يمنعون الصلاة فيه، ولا من الجلوس، ألا تري إلي قول عمر بن الخطاب للمرأة المبتلاة – لما رآها تطوف بالبيت مع الناس – ” لو جلست في بيتك لكان خيرا لك؟ ” ولم يعزم عليها بالنهي عن الطواف، ودخول البيت، وأما استقاؤهم من مائهم، وورودهم المورد للوضوء وغير ذلك، فيمنعون، ويجعلون لأنفسهم صحيحاً يستقي لهم الماء في آنية، ثم يفرغها في آنيتهم، قال رسول الله صلي الله عليه وسـلم ” لا ضرر ولا ضرار”([87])، وذلك ضرر بالأصحاء، فأري أن يحال بينهم وبين ذلك، ألا تري أنه يفرق بينه وبين زوجته، ويحال بينه وبين وطء جواريه للضرر؟ فهذا منه ([88]).

وقال ابن حبيب عن مطرف في الجذامى: وأما الواحد والنفر اليسير، فلا يخرجون من الحاضرة، ولا من قرية، ولا من سوق، ولا من مسجد جامع؛ لأن عمر لم يعزم علي المرأة وهي تطوف بالبيت، وكذا معيقب الدوسي قد جعله عمر رضي الله عنه علي بيت المال، وكان عمر يجالسه ويواكله، ويقول له: ” كل مما يليك “

فإذا كثروا : رأيت أن يتخذوا لأنفسهم موضعاً، كما صنع بمرضي مكة، ولا يمنعون من الأسواق لتجارتهم، وشراء حوائجهم، أو الطواف للسؤال، إذا لم يكن إمام يرزقهم من الفئ، ولا يمنعون من الجمعة، ويمنعون عن غير ذلك “؛ لأن صون النفوس والأجسام عن المفسدة واجب ([89]).

فقد أختلف الفقهاء في هذه المسألة علي ثلاث أقوال:

القول الأول: يعزل المريض بمرضٍ معدٍ عن الجماعات .

وهـو قول جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية ([90])، واستدل هـذا الرأي بعدة أدلة منها :

1- الحديث الشريف ” لا ضرر ولا ضرار ” حيث أن المصلين يتأذون من المريض المصاب بمرضٍ معدٍ أشد من تأذيهم بمن يأكل بصل أو ثوم، وقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم من يأكلهما أن يقرب المسجد لتأذي الملائكة من رائحتهما ([91]) .

2 – الأثر الذي رواه مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت فقال لها : يا امة الله لا تؤذي الناس لو جلست في بيتك فجلست .

فمر بها رجل بعد ذلك فقال لها : ” إن الذي كان نهاك قد مات فأخرجي ” فقالت : ما كنت لأطيعه حياً واعصيه ميتاً ” ([92]).

القول الثاني: لا يعزل المريض بمرضٍ معدٍ :

وهو قول عند المالكية ([93])، واستدلوا بالأثر السابق عن عمر رضي الله عنه، وقالوا في توجيه الاستدلال: بأن عمر رضي الله عنه لم يعزم علي المرأة المجذومة بالنهي عن الطواف ودخول البيت ([94])، وإنما خاطبها علي سبيل الرفق من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ([95]).

القول الثالث: يمنع المريض بمرضٍ معدٍ عن مخالطة الناس ابتداء وعلي وجه العموم، إذا كان له موضع يبتعد فيه عن الناس، وكان له من يخدمه، فلا يلحق ضرره بهم، وأما لو لم يكن له موضع، ولا خادم، ولكن ترتب علي مخالطته للناس ضرراً لهم فإنه يمنع عنهم، وهذا أحد الأقوال عند المالكية ([96]).

وأري أن الرأي الراجح هو الرأي الثالث لقوة حجته، وضعف حجة الرأي المخالف، فإذا ترتب علي مخالطة المريض بمرضٍ معدٍ للناس ضرراً لهم فإنه يعزل عنهم، وهذا أحد الأقوال عند المالكية ([97]) استناداً لحديث الرسول صلي الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار ( [98] ) .

المطلب الثالث

فكرة التباعد الإجتماعي في الفقه الإسلامي

عرف الفقه الإسلامي ما يعرف حالياً بمصطلح التباعد الإجتماعي عند تفشي الوباء ، فإذا كان عزل المريض المصاب بالوباء واجب شرعي كما هو معروف ، فإن الأصحاء يجب عليهم التقييد بما يسمي بالتباعد الإجتماعي أثناء التعامل مع عامة الناس ، و كذلك أثناء الحجر المنزلي فيجب كذلك التقيد بالتباعد الاجتماعي عن أسرته والمخالطين له من عائلته ، ويقصد بالتباعد الإجتماعي ذلك الإجراء الإحترازي الذي يتم عن طريق الحفاظ على الابتعاد مسافة آمنة عن الآخرين لا تقل عن سته أقدام أي ما يعادل 1.8 متر ([99] ) .

فالمعروف أن الفيروسات صغيرة جدًا وتبقي في الجو وتتعلق في الهواء لفترة ، ولا يمكننا رؤيتها بالعين المجردة ، ويمكن للسعال أو العطس أن يقذف الفيروسات في الهواء لمسافة تصل إلى ستة أقدام (1.8 متر) ،و يمكن أن تعيش الفيروسات على الأسطح مثل المناضد والكراسي ومقابض الأبواب أو الهاتف وكذلك علي الأقمشة ([100] ) .

لذا توصي منظمة الصحة العالمية بالتباعد الإجتماعي بين الاشخاص للمسافات المحددة ، لعدم نقل العدوي بين الناس ، ونحتاج إلى مزيد من السلامة من خلال البقاء في المنزل والابتعاد عن الآخرين وغسل اليدين كثيرًا وتغطية الوجه عند السعال والعطس ([101] ).

حيث يؤكد الأطباء والمختصون أن التجمعات تؤدى إلى سرعة تفشي الوباء ، والإصابة بالمرض ، ولذلك لا بد من الأخذ بالأسباب، والابتعاد عن التجمعات بجميع أشكالها وصورها ، ويشمل ذلك جواز إغلاق المساجد لصلاة الجمعة والجماعة وصلاة التراويح، وصلاة العيد، وتعليق أداء المسلمين للحج والعمرة، وتعليق الأعمال، وإيقاف وسائل النقل المختلفة، ومنع التجوال، وإغلاق المدارس والجامعات والأخذ بمبدأ التعليم عن بُعد وأماكن التجمع الأخرى، وغيرها من صور الإغلاق .

ويكشف المؤرخون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كان في تعامله مع الوباء في منتهى الحذر، حيث لم يدخل هو ومن معه إلى الشام، كما حاول إخراج المعافين من أرض الوباء، فضلاً عن قيامه بتحمل المسؤولية كاملة بعد انجلاء هذا الوباء، فرحل إلى الشام وأشرف على حل المشكلات وتصريف تبعات هذه الأزمة ([102] ) .

بالرغم من رفض الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح الخروج من الشام، وقد كان واليًا عليها، عملاً بما جاء في حديث الرسول بعدم الخروج من أرض الطاعون، واعتقادًا أن في ذلك فرارا من قدر الله، وقال حينها مقولته الشهير: “إني في جند المسلمين، ولا أجد بنفسي رغبة عنهم”.

فقام الوالى عمرو بن العاص بتنفيذ الإجراءات التي ارتأها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمواجهة الوباء القاتل في الشام، وهي إجراءات شبيهة بالحجر الصحى، حيث أخذ بن العاص بنصيحة عمر بن الخطاب بالخروج بالناس إلى الجبال؛ لأن الطاعون لا ينتشر هناك؛ فخطب فيهم قائلاً: “أيها الناس، إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتحصنوا منه في الجبال”،

وحين أَراد اللَّه – سبحانه وتعالي – لِلْغمة أَن تَنْقَشع ، وَلِلْوَبَاء أَن يَنْكَشف ، هَيأَ لَه أَسبابه ، فَكَانَت نهَايةُ هذَا الْمَرضِ بَعد إِرادَة اللَّه –سبحَانَه – عَلَى يَدِ عمرِو بْنِ الْعَاصِ، فَحِينَ تَوَلَّى أَمر الشام بَعدَ مُعَاذٍ رَأَى أَنَّ هَذَا الْمرضَ يَشتَعل وَيَنتَشر حال اجتماع الناس، فَأَصدر أَمره بِأَن يهجر النَّاس الْمدن ، وَيَتَفَرقُوا فِي الْجِبَال وَالْمَنَاطق الْمرتَفعة ، فبلَغَ عمَر ما صَنَعَ عَمرو، فَأَعجبه فِعله وما كَرِهه ، وما هِي إِلَّا شهور و أَيام ، إِلَّا وَقَد ارتَفعَ الْبَلَاء ، وانتهَت الْعَدوى ، وعاد النَّاس إِلَى أَرض الشام بعد أَيام الْمَوت ، ومأْساة غَائِرة لَا تُنسي ، وبتلك الطريقة استطاعوا القضاء على الوباء الذي شكّل خطورة كبيرة على دولة الإسلام في تلك الفترة؛ وذلك أخذًا بأسباب الوقاية منه، والقضاء عليه

وكذلك لا يجوز لمن ظهرت عليه أعراض المرض أن يخفي ذلك عن السلطات الطبية المختصة وكذلك عن المخالطين له، كما ينبغي على من يعرف مصاباً غير معترف بالمرض أن يعلم الجهات الصحية عنه ؛ لأن ذلك يؤدي إلى انتشار هذا المرض واستفحال خطره، وعليه تنفيذ كل ما يصدر عن السلطات الطبية المختصة من تعليمات ، وعليها التعامل مع من أصيب بهذا المرض وأخفاه، قال الله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ([103] ) .

وبخصوص الطاعون جاء الحديث الصحيح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم (فليس مِن رجل يَقَعَ الطاعونُ فيَمكُثُ في بَيتِه صابِرا محتَسِبًا يعلَم أنه لا يصيبه إلَّا ما كَتَبَ اللهُ له إلَّا كان له مِثلُ أجْرِ الشَّهيدِ) البخاري .

تعطيل صلاة الجماعة بسبب تفشي مرض كورونا المستجد :

يتفرع عن تبني فكرة التباعد الإجتماعي في أداء صلاة الجماعة ، أن تتم وفق ضوابط معينة ، فقد أفادت دار الإفتاء المصرية، عن حكم ترك صلاة الجمعة والجماعة وغلق المساجد وقت انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”، بأنه : “لا شك أن خطر الفيروسات والأوبئة الفتاكة المنتشرة وخوف الإصابة بها أشد، خاصة مع عدم توافر دواء طبى ناجع لها، لذا فالقول بجواز الترخيص بترك صلاة الجماعات في المساجد عند حصول الوباء ووقوعه بل توقعه أمر مقبول من جهة الشرع والعقل، وإذا أخبرت الجهات المعنية بضرورة منع الاختلاط في الجمع والجماعات بقدر ما وألزمت به، فيجب حينئذ الامتثال لذلك، ويتدرج في ذلك بما يراعى هذه التوصيات والإلزامات ويبقى شعار الآذان ” ([104]) .

والأصل في ذلك ما ورد في الصحيحين أن ابن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير: “إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم»، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: «أتعجبون من ذا، قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عَزْمة -أي: واجبة-، وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدَّحض -أي: والزلل والزلق” ([105]) .

المبحث الثالث

العقاب على مخالفة تدابير الوقاية في الفقه الإسلامي

سبقت الشريعة الإسلامية كافة النظم التشريعية المعاصرة في وضع نصوص تكفل حماية الأنفس من العدوان عليها بأي لون من ألوان العدوان، وذلك بوضع العقوبة المناسبة لكل جُرم ([106])، ففي الشريعة الإسـلامية فإن العقاب علي مخالفة تدابير الوقاية من نقل العدوى يخضع للقواعد العامة للتجريم إذا ترتب علي هذه المخالفة أذي أو ضرر، فيعتبر تعمد نقل العدوى إلي الشخص السليم بأية صورة عمل محرم، ويعد من كبائر الآثام ويستوجب عقوبة دنيوية، وهذه العقوبة تتفاوت بقدر جسامة الفعل وأثره علي الأفراد وتأثيره علي المجتمع ([107]) ، ولا يقتصر العقاب علي تعمد نقل العدوي ، بل وكذلك العقاب علي نقلها بطريق الخطأ ، ونعرض فيما يلي العقاب علي نقل العدوي بطريق العمد ، ثم العقاب علي نقل العدوي بطريق الخطأ ، وذلك علي التفصيل الاتي :

المطلب الأول : العقاب علي نقل العدوي بطريق العمد .

المطلب الثاني : العقاب علي نقل العدوي بطريق الخطأ .

المطلب الأول

العقوبة المقررة علي نقل العدوي بطريق العمد

من المتصور أن يتعمد الشخص نقل عدوى المرض المعدي إلي غيره ، وذلك انتقاماً أو حسداً ، فمن ينقل الدم الملوث إلي شخص سليم دون إجراء الفحوصات الخاصة بالدم، يعتبر مخالفاً للتدابير الوقائية، ومن يستعمل محاقن ملوثة بمسببات الأمراض المعدية من الأطباء والممرضات، يعتبر مخالفاً للتدابير الوقائية، ومن لا يهتم بتعقيم أدوات الجراحة الطبية، ولم يتخذ الاحتياطات الصحية من الجراحين يعتبر مخالفاً للتدابير الوقائية، ومن يقوم بالتخطيط والتدبير لنقل العدوى إلي الآخرين إمَّا بمواقعتهم جبراً أو خداعاً، أو بالتغرير بالأطفال والفتيات الصغيرات، أو بحقن ضحاياهم بالدماء الملوثة بفيروس المرض أو بغير ذلك ([108]).

والرأي السائد بين الفقهاء ([109]) يري أن تعمد مخالفة التدابير الوقائية فيترتب علي هذه المخالفة نقل العدوى الذي يؤدي إلي الموت ، فإن ذلك يعد قتلاً بطريق السبب إذا ترتب عليه القتل، والسبب المؤدي إلي القتل هـو: ما أثر في التلف ولم يحصله أي ما كان علة للموت ، ولكنه لم يحصله بذاته بل بواسطة أخري ([110])، ويري المالكية([111]) ،والشافعية ([112])، والحنابلة ([113]) إلي أن القتل بالسبب مساو للقتل المباشر في وجوب القصاص واستدلوا علي ذلك بأن القتل بالمباشر والقتل بالسبب أدي كـل منهـما إلي إزهاق روح المجـني عليـه فـهما متساويان في النتيجة ([114]).

وإذا كان الشخص الذي يخالف الإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية ويتعمد هذه المخالفة ، ويقصد بها الإضرار بغيره ، فيستخدم ما يحمله من فيروسات كسم يقتل به غيره فيري جمهور الفقهاء من المالكية ([115]) والشافعية ([116]) والحنابلة ([117]) والزيدية ([118]) والأباضية ([119]) والأمامية ([120]) أن القتل بالسم يوجب القصاص، فإذا ضّيف شخص غيره بمسموم فأكل المضيف مع عدم علمه بكون الطعام مسموماً ومات من ذلك وهو بالغ عاقل، فإن ذلك يوجب القصاص ([121]).

وبوصف هذا الفعل بأنه قتل بالتسبب وفقاً للقواعد العامة في الشريعة الإسلامية، إذا ما ترتب علي هذا الفعل موت المجني عليه، فإنه يستوجب العقاب ([122]) .

والعقوبة المقررة للقتل بالسبب تتمثل في عقوبات أصلية، وهي القصاص، والدية في حالة سقوط القصاص، والكفارة عند بعض الفقهاء، وعقوبات تبعية تتمثل في الحرمان من الميرات والحرمان من الوصية ([123]).

وخلاصة ما سبق أن تعمد مخالفة تدابير الوقاية من نقل العدوى في الشريعة الإسلامية تخضع للعقوبات المقررة وفقاً للقواعد العامة في قانون العقوبات الإسلامي إذا ما ترتب علي هذه المخالفة ضرر ، وإن كانت هذه العقوبات ليس لها تنظيماً خاصاً .

المطلب الثاني

العقاب علي نقل العدوي بطريق الخطأ

كما تقع العدوي بفعل عمدي تقع كذلك بفعل غير عمدي ، وقد تتسبب في قتل من يصاب بالمرض ، ويعرف الفقه الإسلامي القتل الخطأ بأنه : أن يفعل الإنسان فعلاً لا يريد به إصابة المقتول فيصيبه ويقتله ([124]) .

وقال ابن المنذر : أن القتل الخطأ أن يرمي الرامي شيئاً فيصيب غيره ، وهذا قول عمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، والنخعي ، والزهري ، وابن شبرمة ، والثوري ، ومالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ([125]) .

وذكر الفقهاء صورتين للقتل الخطأ :

الأولي : الخطأ الواقع في الفعل : وصورته أن يقصد صيداً فيصيب آدمياً ، أو يقصد رمي مشترك فيصيب مسلماً.

الثانية : الخطأ الواقع في القصد : كأن يرمي إنساناً ظناً منه أنه حربي أو مرتد فإذا هو مسلم ([126]) .

فإذا قام المصاب بمرض معدٍ بأي فعل من الأفعال التي من شأنها نشر مرضه في مجتمعه ، أو نقله إلي غيره بدون قصد ، فإن صفة غير العمدية تلحق بالفعل ويعاقب ناقل العدوي علي جريمة نقل العدوي عن طريق الخطأ ، ومن أمثلة النقل غير العمدي للمرض المعدي مخالطة حامل فيروس كوفيد 19 اغيره من الأصحاء بدون علمه بحمل المرض ، مما يسبب نقل الفيروس إليهم بدون قصد .

ولقد تطلب الفقهاء أن يترتب علي الفعل الخطأ نتيجة تتمثل في وفاة المجني عليه ، أما إذا لم يترتب علي الفعل الخطأ أي نتيجة فلا عقاب عليه ، ويترتب علي القتل الخطأ الحكم بعقوبة تتمثل في الدية .

مشروعية الدية :

من ارتكب جناية القتل خطأ يجب عليه الدية إلي أولياء المقتول أخذاً من قوله تعالي :- ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطئا ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلي أهله إلا أن يصدقوا )

وهذه الدية تجب علي العاقلة وفقاً لما ذهب إليه الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ([127]) .

وذهب أبو بكر الأصم ومن نحا نحوه إلي أن دية الخطأ يتحملها الجاني وحده ولا تتحمل العاقلة عنه شيئاً ([128]) .

واستدل أبو بكر الأصم علي ذلك بقول الله تعالي :- ( ولا تزر وازرة وزر آخري ) ([129]) ، وقوله :- ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) ([130]) ، فدلت هاتان الآيتان علي أن كل إنسان يتحمل نتيجة فعله ولا يؤاخذ أحد بفعل غيره .

ويري الجمهور علي أن دية الخطأ تتحملها العاقلة واستدلوا علي ذلك بما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قضي في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بفرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضي عليها بالفرة توفيت فقضي رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل علي عصبتها ([131]) .

وجاء في المغني أن جنيات الخطأ تكثر ودية الآدمي كثيرة فإيجابها علي الجاني في ماله يجحف به ، فاقتضت الحكمة إيجابها علي العاقلة علي سبيل المواساة للقاتل والإعانة له تخفيفاً عنه غذا كان معذوراً في فعله ([132]) .

وجاء في بدائع الصنائع ” ولأن القاتل إنما يقتل بظهر عشيرته فكانوا كالمشاركين له في القتل ([133]) .

ويتضح من خلال ما تقدم رجحان قول الجمهور من فقهاء الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة ، وذلك لأن السنة تؤيد مدعاهم أما الاستدلال بعموم الآيات السابقة فقد خصصتها الأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه وسلم والتي تفيد تحمل العاقلة دية القتل الخطأ .

****

الفصل الثاني

الوقاية من الأوبئة في القانون الوضعي

لم يبخل المشرع الوضعي في سبيل الوقاية من انتشار الأمراض المعدية والوبائية بالتدخل لتجريم السلوكيات التي تمثل خطراً علي الصحة العامة، وذلك بإصدار تشريعات وقائية لمواجهة مخاطر انتقال العدوى وتفشي الأوبئة ([134] ) فالقانون كمجموعة من القواعد العامّة المنظّمة لسلوك الأفراد في المجتمع مدعوّ في غالب الأحيان للتدخّل لمنع السلوك الخطر، وإنّ تدخّله مطلوب بجـّدية في مجال الوقاية من الأمراض المعدية والوبائية ؛ وذلك بتجريم السلوكيات المخالفة للإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية والوبائية ([135]) .

ولقد تعدّدت مواقف المشرع المصري بالتدخل في التجريم الوقائي، وتطوّرت هذه التدخلات دون التوقف عند مجال محدّد لموضوع تدخّله، بل شملت عدة مجالات بفرض بعض الاحتياطات الصحية الوقائية ، وفرض الجزاءات الجنائية لمن يخالفها ، أو يرتكب أفعال من شأنها تهديد الصحة العامة ولقد جاء تدخل القانون الجنائي في مجال الوقاية من الأمراض المعدية عن طريق تدابير عامة ، وآخري فردية ، ونفصل ذلك فيما يلي:

المبحث الأول : أساليب الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة بتدابير عامة.

المبحث الثاني : أساليب الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة بتدابير فردية.

المبحث الأول

أساليب الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة بتدابير عامة

صدرت بعض القوانين في مجال الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية كتدابير وقائية ذات طابع عام، واتسمت بالتوسع في التجريم الوقائي بصورة عامة في عدة مواضع، يمكن أن نرصدها في إطار الحماية الجنائية بفرض حظر التجول ، وفرض إجراءات الحجر الصحي والبيطري ، ووتعميم التطعيم ، وذلك علي النحو الآتي :

المطلب الأول

فرض إجراءات حظر التجول

في إطار خطة الدولة الشاملة لحماية الموطنين من أي تداعيات محتملة لتفشي الأوبئة ، فقد تم فرض حالة حظر التجول والتباعد الإجتماعي ، وتقليل فرص الاختلاط ، لذلك فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 بفرض حظر التجول لمواجهة فيروس كورونا المستجد ([136] ) .

واستناداً للقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن قانون الطوارئ، والذي منح الحق لرئيس الجمهورية أو من يفوضه بفرض عدة تدابير لأحتواء الأزمات الكبرى مثل انتشار الأوبئة ومنها فيروس كورونا ، وتتمثل التدابير الأحترازية والأوامر التي منحها القانون لرئيس الجمهورية أو من يفوضه متى أعلنت حالة الطوارئ في فرض حظر التجول ، و منع الناس من التحرك في طرق البلد أو التنقل فيها ، لظروف استثنائية ، لمدة زمنية معينة ، وهناك فرق بين حظر التجول وفرض الإقامة الجبرية ومن ذلك :

– أن المصُدر لحظر التجول هي السلطة التنفيذية ، بينما الآمر بفرض الإقامة الجبرية هو القاضي

– أن حظر التجول لا يخص شخص معين، بل هو قرار يشمل جميع الأشخاص في البلد مع وجود بعض الإستثناءات ، بخلاف الإقامة الجبرية فإنها تخص أشخاص معينين ، وقد تخص شخص واحد فقط .

– أن الإقامة الجبرية تعد عقوبة ، وهي من بدائل السجن ، ولا يعاقب بها إلا محكوم عليه بسبب جريمة ارتكبها ، بخلاف حظر التجول فإن المخاطبين الخاضعين له لم يرتكبوا جرماً ، ولا يعد عقوبة في حقهم ، بل هو مفروض عليهم بهدف الحفاظ عليهم .

– الحظر يعلن للكافة عن طريق جميع وسائل الإعلام الرئيسية ، من قنوات تلفزيونية وإذاعية محلية رسمية ، وصحف ومجلات ورقية أو إلكترونية وجريدة رسمية ، في حين أن الإقامة الجبرية لا تعلن إلا للمحكوم عليهم بها.

وقد يكون حظر التجول بسبب الكوارث و الأعاصير أو قد يكون بسبب الرياح المحملة بالأتربة التي تعيق الحياة الطبيعية ، أو الحالات التي يخشى فيها من انتشار الأمراض الوبائية المعدية ،أو تسربات الإشعاعات والمفاعلات النووية ، فيتم وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة وكذلك تكليف أي شخص أو مؤسسة بتأدية أي عمل من الأعمال الضرورية خلال فترات محددة .

ومن ذلك أيضاً وضع قيود علي مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها أو تشغيلها ببعض قوتها ، وكذلك تعطيل وسائل النقل الجماعي العامة أو الخاصة في أوقات الحظر .

وفي هذه الأحوال يمكن الإستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة، والتي تستحق على ما يستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة ،و إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع أو تضييق المحظورات السابقة ([137] ) .

أما عن تنفيذ هذه التدابير ومنها وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والمعروف بحظر التجول فقد نص قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 على أن “تتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أومن يقوم مقامه، وإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف إبتداء من الرتبة التي يعينها وزير الحربية سلطة تنظيم المحاضر للمخالفات التي تقع لتلك الأوامر.

فأي شخص يتجاوز المواعيد التي تم تحديدها لحظر التجول والتواجد بالشوارع والطرق العامة تحرر ضده جناية كسر حظر التجول وهي جناية أمن دولة عليا ، حيث تقيد القضية جناية أمن دوله عليا طوارئ ، تنظرها محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ، وهنا تعد أحكامها نهائية ولا يقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن أو المعارضة أو الأستئناف ولا تقبل إلا التظلم أمام الحاكم العسكري ، كما أن حضور المتهم فيها وجوبي .

وتضمن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 عقوبة كسر حظر التجول فتم تحديدها بالسجن و الغرامة المالية والتي تصل لأربعة آلاف جنيه أو أحدي هاتين العقوبتين ([138]) .

والغرامة هنا تخييرية للقاضي لإقترانها بالسجن، أو السجن المشدد فقط دون الغرامة،
ووفقاً للمادة 16 من قانون العقوبات فإن عقوبة السجن هي وضع المحكوم عليه في أحد السجون العمومية وتشغيله داخل السجن أو خارجه في الأعمال التي تعينها الحكومة المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص تلك المدة عن ثلاث سنين ولا أن تزيد على خمس عشرة سنة إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانوناً .

أما الفئات المستثناة من حظر التجول فهم العاملين في الحقل الطبي بالمستشفيات والمراكز الطبية
كما يستثني العاملين في وسائل الإعلام ، والعاملين علي المركبات التي تنقل الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد البترولية والغذائية والحاصلات الزراعية والخضر والفاكهة وما يماثلها ([139] ) .

****

ولقد كان القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 قد تضمن بعض إجراءات الحجر الصحي مثل حظر الخروج أو الدخول من أو إلي الجهات الموبوءة ، فقد أعطي المشرع لوزير الصحة سلطة إصدار القرار باعتبار جهة ما موبوءة ؛ ليُتخذ بشأنها كافة التدابير اللازمة لمنع انتشار العدوى فيها ، حيث نصت المادة 20 من هذا القانون علي أنه :- ” لوزير الصحة العمومية بقرار منه اعتبار جهة ما موبوءة بأحدي الأمراض المعدية وفي هذه الحالة يكون للسلطات الصحية المختصة أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع انتشار المرض من عزل وتطهير وتحصين ومراقبة وغير ذلك ولها علي الأخص أن تمنع الإجتماعات العامة أو الموالد من أي نوع كان وأن تعدم المأكولات والمشروبات الملوثة وأن تزيل الأزيار وتغلق السبل العامة وترفع الطلمبات وتردم الآبار وتغلق الأسواق ودور السينما والملاهي أو المدارس أو المقاهي العامة أو أي مؤسسة أو أي مكان تري في إدارته خطراً علي الصحة العامة وذلك بالطريق الإداري ” .

وتنص المادة 26 من ذات القانون علي أنه :- ” كل مخالفة لأحكام الباب الرابع يعاقب عليها بغرامة لا تقل عن جنية مصري ولا تتجاوز عشرة جنيهات أو بالحبس لمدة شهر فإذا كان المرض من القسم الأول تكون العقوبة غرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز مائة جنية أو الحبس مدة شهرين ويجوز الحكم بمصادرة وسائل النقل وغيرها من الأشياء التي تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة وذلك مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون العقوبات أو أي قانون آخر .

****

ويثير تطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 بشأن حظر التجول و المعمول به في الفترة من 24/3/2010 حتي 27/6/2020 إشكالية في ظل وجود المادة 26 من القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية وتعديلاته ، وهي إشكالية إزدواج العقاب علي نفس الفعل بنصين عقابيين مختلفين ! وهما المادة الثانية عشرة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 ، والمادة السادسة والعشرين من القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الأمراض المعدية ، ولا يحل هذه الإشكالية ورود عبارة ” مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها ” فهذه العبارة التي تصدرت المادة 12 من القرار رقم 768 لسنة 2020 لا تجبر هذه الإشكالية ولا تحلها .

فعند الإلتزام بمدارج التشريع يكون القانون أعلي مرتبة من القرار الوزاري حتي وإن كان صادراً من رئيس مجلس الوزراء استناداً لقانون الطوارئ ، فصحة القرار الوزاري الصادر بموجب تفويض تشريعي رهينة بعدم وجود تضاد أو تناقض بينه وبين نص القانون ، وعند التعارض يتم تطبيق نص القانون .

وعلي كل حال فقد تم إلغاء حظر التجول بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1246 لسنة 2020 برفع حظر انتقال وتحرك المواطنين بكافة أنحاء الجمهورية علي جميع الطرق ، وإعادة فتح المطاعم والصالات الرياضية والمقاهي واستقبال دور العبادة للمصلين لأداء الشعائر الدينية اعتباراً من يوم السبت الموافق 27/6/2020 ، ومن ثم يكون تطبيق نص المادة 12 من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 قاصر علي الفترة من 24/3/2020 حتي 27/6/2020 بالنسبة لحظر التجول و مخالفات الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية في هذه الفترة المذكورة فقط ، ويجب تطبيق النص الواجب التطبيق ، وهو نص المادة 26 من القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الأمراض المعدية لأن تطيق نص المادة 12 من القرار قم 768 لسنة 2020 غير صحيح قانوناً ، وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلي ضرورة التدخل التشريعي لتعديل القانون رقم 137 لسنة 1958 بوضع العقوبات المناسبة .

***

وفي العراق وفي سياق التدخل التشريعي لمواجهة تفشي الأوبئة فقد تضمن قانون الصحة العامة العراقي بعض الإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية  ، فنصت المادة 45 من قانون الصحة العامة العراقي رقم 89 لسنة 1981 والمعدل بالقانون رقم 54 لسنة 2001 علي أنه :-

” تحدد الأمراض الانتقالية والمتوطنة المشمولة بأحكام هذا القانون بتعليمات يصدرها وزير الصحة أو من يخوله “

ونصت المادة 46 من ذات القانون علي أنه :- ”  أولاً – يجوز لوزير الصحة أو من يخوله أن يعلن ببيان يصدره أية مدينة أو أي جزء منها منطقة موبوءة بأحد الأمراض الخاضعة للوائح الصحية الدولية.

ثانياً – للسلطات الصحية في هذه الحالة إتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بمنع انتشار المرض ولها في سبيل ذلك :-

ا – تقييد حركة تنقل المواطنين داخل المنطقة الموبوءة والدخول إليها أو الخروج منها .

ب – غلق المحلات العامة كدور السينما والمقاهي والملاهي والمطاعم والفنادق والحمامات وأي محل عام آخر خاضع للإجازة والرقابة الصحية وكذلك المؤسسات التعليمية والمعامل والمشاريع ودوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط والخاص.

ج – منع بيع الأغذية والمشروبات والمرطبات والثلج ونقلها من منطقة الى أخرى وإتلاف الملوث منها.

د – عزل ومراقبة ونقل الحيوانات والبضائع .

ثالثاً – لوزير الصحة تكليف أي من ذوي المهن الطبية والصحية بتقديم الخدمات الطبية للمواطنين عند حدوث الأوبئة وفي حالات الطوارئ وللمدد التي تتطلبها تلك الحوادث والحالات ” ([140] ) .

ويتضح من نصوص هذا القانون أن السلطات الصحية في العراق لها في حالة تفشي الأوبئة أن تصدر قرارا بتقييد حرية تنقل المواطنين ، وبوضع قيود علي حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة وكذلك تكليف أي شخص أو مؤسسة بتأدية أي عمل من الأعمال الضرورية خلال فترات محددة .

ومن ذلك أيضاً وضع قيود علي مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها ، وكذلك تعطيل وسائل النقل الجماعي العامة أو الخاصة في أوقات الحظر ، ومنع بيع الأغذية والمشروبات والمرطبات والثلج أو نقلها من منطقة الى أخرى وإتلاف الملوث منها .

وفي الأردن فقد أوجب المشرع الأردني في قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008 علي السلطات الصحية في حالة تفشي مرض وبائي في المملكة أو أي منطقة فيها أن تتخذ جميع الإجراءات وبصورة عاجلة لمكافحته ومنع انتشاره ، والإعلان عن هذا الوباء بوسائل الإعلام المختلفة ويتم نشر الإعلان في الجريدة الرسمية .

ويكون الوزير مخولاً باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للقضاء على الوباء ، وله في سبيل ذلك عزل المصابين أو المعرضين للإصابة أو المشكوك في إصابتهم ومنع انتقالهم وإعطاء الأمصال والمطاعيم والمعالجة والتفتيش وإتلاف المواد الملوثة ودفن الموتى ومعاينة وسائل النقل ووضع اليد على العقارات ووسائل النقل للمدة التي تقتضيها الضرورة مقابل تعويض عادل ([141] ) .

وباستقرار نصوص هذا القانون يتضح أن المشرع الأردني أوجب علي السلطات الصحية في الأردن في حالة تفشي مرض وبائي أن تصدر قرارا بمنع انتقال المواطنين وحظر تجولهم لحين ارتفاع الوباء عن البلاد .

ويلاحظ أن المشرع الأردني ونظراً لخطورة تفشي الأمراض الوبائية فقد ألزم السلطات الصحية باتخاذ الإجراءات الوقائية ، ولم يترك لها حرية الاحتيار في ذلك ، بحث إذا لم تقم بإتخاذ هذه الإجراءات تكون مقصرة في أداء مهامها .

وفي قطر صدر المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 1968 بشأن الإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية والذي تم تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2020 ، وأعطي الحق للوزير بقرار منه عند ظهور مرضٍ معدٍ ، اعتبار جهة ما موبوءة بهذا المرض، وفى هذه الحالة يكون للجهة الصحية المختصة أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتشار العدوى من عزل وتطهير وتحصين ومراقبة وغير ذلك .

ولها على الأخص أن تمنع الاجتماعات العامة من أي نوع كان ، وأن تعدم المأكولات والمشروبات الملوثة وأن تزيل أواني حفظ مياه الشرب وسبل المياه العامة وأن ترفع الحنفيات وتردم الآبار وتغلق الأسواق و المدارس والمقاهي العامة أو أية مؤسسة أو مكان ترى في إدارته خطراً على الصحة العامة .

ولمجلس الوزراء، بناءً على اقتراح الوزير، وبغرض الحد من انتشار المرض المعدي، أن يتخذ الإجراءات والتدابير العامة المناسبة للمحافظة على الصحة العامة، بما في ذلك فرض القيود على حرية الأشخاص في التجمع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة ([142] ) .

وفي الكويت صدر القانون رقم 8 لسنة 1969 بشأن الإحتياطات الطبية للوقاية من الأمراض السارية ، والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1980 ، والمعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2020 ، وقد منح هذا القانون وزير الصحة والسلطة التنفيذية الحق في اتخاذ تدابير واحتياطات أكثر قسوة في حال تفشي مرض وبائي ما ، مثل عزل مناطق بأكملها، ومنع التجول، وتخويل الأطباء والمعاونين الصحيين وغيرهم ممن يعينهم وزير الصحة دخول المساكن في أي وقت ودون إذن أصحاب تلك المنازل للبحث عن المرضى وعزلهم وإجراء التطعيم والتطهير وغير ذلك من الإجراءات الصحية اللازمة، وإتلاف المأكولات والمشروبات بل واتخاذ أي تدابير أو احتياطات أخرى يراها وزير الصحة ضرورية، وهي سلطة واسعة تتغول علي حقوق الإنسان والحريات الفردية والأساسية، إلا أنها مقبولة في ظل هذا الظرف الاستثنائي المتمثل في تفشي الأوبئة ([143] ) .

ولا شك في أن من أهم ما نص عليه القانون المذكور هو العقوبات الواردة فيه حيث أن المواد 15 ، 16 ، 17 من هذا القانون ترتب العقاب علي مخالفة أي مادة من مواده ، وهي الحبس والغرامة بحسب الأحوال وعلى النحو التفصيلي الوارد في القانون، وبهذا يكون المشرع قد أنقذ السلطة التنفيذية من معضلة قانونية ، وهي عدم وجود نص قانوني يرتب عقوبة على مخالفة لوائح الضبط، وعدم جواز قيام السلطة التنفيذية بإصدار قرار بتجريم أي فعل وتقرير عقوبة على ارتكابه، لمخالفة ذلك لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وهكذا تكون المواد 15 ، 16 ، 17 ذات الطبيعة الجنائية من أفضل حسنات القانون رقم (8) لسنة 1969 رغم أنها لم تسلم من النقد إذ أن العقوبات الواردة فيها يسيرة ولا تتناسب مع جسامة وخطورة الأفعال المرتكبة .

ومن ناحية أخرى، ومن نافلة القول أن للدولة الحق في منع أي أجنبي من دخول البلاد وإبعاد أي أجنبي مقيم فيها، وهو حق سيادي لها سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية، ولا شك بأن مثل هذه الإجراءات لو اتخذت بناء على أسباب سائغة تتعلق بحماية الصحة العامة فإنها ستكون مقبولة قانون .

ونفاذاً للقانون رقم 8 لسنة 1969 بشأن الإحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية سالف الذكر فقد صدر قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي رقم 279 لسنة 2020 بشأن حظر التجول ، وسرعان ما تم تطبيق هذا القرار في حكم حديث لمحكمة كويتية صدر برقم 264 لسنة 2020 دائرة جنح الأحداث في جلسة 31/3/2020 ضد حدث خالف قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية رقم 279 لسنة 2020 بشأن تنظيم حركة المرور والتجول الصادر بتاريخ 22/3/2020 .

لأن المتهم في تاريخ 22/3/2020 وفي تمام الساعة السادسة والنصف مساءً تواجد بالطريق العام في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وذلك بأن قاد مركبة وتجول بها في الطريق العام بالمخالفة للقوانين والقرارات الوزارية الصادرة بهذا الشأن ، مع علمه بصدور القرار رقم 279 لسنة 2020 بشأن حظر التجول في الفترة من الساعة الخامسة مساء وحتي الرابعة صباحا .

فقدم للمحاكمة وتم معاقبته بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 15 /1 من القانون رقم 8 لسنة 1969 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية بالحبس لمدة ثلاثة أشهر ([144] ) .

المطلب الثاني

فرض بعض إجراءات الحجر الصحي و البيطري

من مظاهر الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة فرض بعض الإجراءات الوقائية لتجنب انتشار العدوى ، ومن ذلك ما تضمنه القانون رقم 44 لسنة 1955 في شأن إجراءات الحجر الصحي ، فقد تضمن هذا القانون في المادة 28/2 منه جواز عزل الشخص المشتبه في إصابته بأحد الأمراض الموجبة للعزل إذا رأت السلطات الصحية أن هناك يمثل خطراً بالغاً من انتقال العدوى منه إلي الأخرين .

كما تضمن هذا القانون بعض إجراءات الحجر الصحي الخاصة بنظام الرقابة علي سفر الحجاج المسافرين من الأراضي المصرية والعائدين إليها ، والحجاج العابرين الذين يمرون بالموانئ المصرية إذا كان بينهم مريضاً بمرض كورنتيني ، ورغب ربان السفينة في إنزاله بأحد الموانئ المصرية ، فقد نصت المادة 93 من هذا القانون علي أنه : ” إذا حدثت إصابة بأحد أمراض الطاعون أو الكوليرا أو الحمى الصفراء علي ظهر سفينة الحجاج التي تنقل حجاج أجانب عند عودتهم عن طريق قناة السويس ورغب ربان السفينة في إنزال المصاب بأحد المواني المصرية فعليه أن يتجه بالسفينة مباشرة إلي المحطة الصحية بالطور “

كما نصت المادة 94 من ذات القانون علي أنه : ” عند وصول أية سفينة حجاج إلي المحطة الصحية بالطور علي الوجه المبين بالمادة السابقة فعلي السلطة الصحية أن تنزل المصاب وأن تطبق علي السفينة الأحكام المبينة بالقسم 51 من هذا القانون بشأن الأحكام الخاصة لكل من الأمراض الكورنتينية “

***

كما تضمنت المادة 11 من قانون الأمراض المعدية وتعديلاته خضوع الحجاج للتطعيم والتحصين ضد الأمراض المعدية قبل مغادرتهم الأراضي المصرية وفقاً للإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير الصحة العمومية، وله أن يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع دخول أي مرض من الأمـراض المـعدية عـن طريق الحجاج، وذلك كله مع عدم الإخلال بقانون الحجر الصحي رقم 44 لسنة1955 ، والمعدل بالقانون رقم 45 لسنة 1958، و13 لسنة 1968 والذي تضمن أحـكاماً خاصـة بالمراقبـة الصـحية لنـقل الحجاج أثناء موسم الحج ([145]) .

ونشير إلي أنه قد تم إصدار السلطات المصرية قرارها بمنع من هم دون الخامسة عشر، ومن هم فوق الخامسة والستون من عمرهم من السفر إلي المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج أو العمرة، خشية انتشار مرض أنفلونزا الخنازير، وذلك أبان ظهور هذا المرض في البلاد ([146]).

وفي ذات الشأن كان قد صدر قرار وزير الصحة العمومية رقم 339 لسنة 1959 في شأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية بالنسبة لعمال التراحيل، ولقد حدد من ينطبق بشأنهم هذا القرار، وبعد ذلك اشترط ضرورة حمل عمال التراحيل لبطاقة صحية توضح تحصينهم ضد الأمراض المعدية، ومنع هذا القرار انتقال عمال التراحيل ما لم يحملوا هذه البطاقة الصحية واستلزم هذا القرار ضرورة إبلاغ السلطة الصحية بجهة عمل عمال التراحيل للتأكد من حالتهم الصحية والشهادات الصحية التي يحملونها ([147]).

وفي هذا الشأن وبمناسة إعلان منظمة الصحة العالمية في تاريخ 11/3/2020 عن أن فيروس كورونا المستجد وباءً عالمياً ويمثل جائحة فقد صدر قرار رئيس مجلس الورزاء رقم 718 لسنة 2020 بتعليق حركة الطيران الدولي من وإلي البلاد ، وذلك لمنع خروج أو دخول أي شخص للبلاد ([148] ) .

***

وفي سبيل حماية الإنسان من نقل العدوى ببعض الأمراض التي تنتقل من الطيور صدر المرسوم الملكي في 21 مايو 1930 بشأن منع انتشار مرض البستاكوزيس بين الإنسان والطيور ([149]) .

وبعد إلغاء هذا المرسوم بالقانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 فقد صدر قرار وزير الصحة رقم 379 لسنة 1970 بتحديد طريقة فحص الطيور المخصصة للزينة لمنع انتقال الأمراض منها إلي الإنسان، وتضمن المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 الحماية من انتقال المرض من الحيوانات القادمة من الخارج، فورد في الباب الثالث الذي خصصه المشرع للمراقبة التي تباشرها وزارة الصحة العمومية بالنسبة للأشخاص والحيوانات والبضائع والأشياء القادمة أو المستوردة من الخارج بغرض منع انتشار الأمراض المعدية ، كما تناول هذا الباب أيضاً كيفية مراقبة الحجاج لمنع دخول الأمراض المعدية عن طريقهم ([150]).

ولقد تضمن القانون رقم 137لسنة 1958 سالف الذكر وتعديلاته في المادة رقم 23 منه :

” أنه لوزير الصحة أن يتخذ الإجراءات اللازمة لمنع انتقال العدوى من الإنسان أو الحيـوان أو بواسـطة الحشرات أو أي وسيلة أخري ” ([151]).

إلا أن إجراءات الحجر البيطري و الحماية الحقيقة ضد انتقال الأمراض المعدية من الحيوان إلي الإنسان ([152]) نجدها قوية وجلية في قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 حيث نظم المشرع المصري أحكام الحجر البيطري في الفصل الثاني من الباب الثاني – الخاص بالصحة الحيوانية وذلك في الكتاب الثاني الخاص بالثروة الحيوانية في المواد 133 ، و 134 ، و135 ([153]).

وقد أكد المشرع علي حظر دخول الحيوانات المستوردة إلا بعد استيفاء إجراءات الحجر البيطري؛ وذلك للتأكد من خلوها من الأمراض الوبائية والمعدية، فإن كان استيراد الحيوانات الحية لغرض ذبحها، فإنه يجب إجراء عملية الذبح خلال مدة ثلاثين يوماً علي أن تودع خلال هذه المدة في محجر بيطري لمنع تسرب الأمراض المعدية.

ولقد نصت المادة 108 من ذلك القانون علي سلطة وزير الزراعة في تنظيم تصدير واستيراد الحيوانات والدواجن والطيور الحية، وله حظر التصدير والاستيراد متى اقتضت ذلك تنمية الثروة الحيوانية أو المحافظة عليها، وله أيضاً سلطة إصدار قرارات في مسائل عدة تخص موضوعات الحجر البيطري مثل تحديد الأمراض المعدية والوبائية، وتحديد أنواع الحيوانات واللحوم والمنتجات والمتخلفات الحيوانية ([154]).

ولقد أصدر وزير الزراعة القرار رقم 46 لسنة 1967 بشأن تحديد الحيوانات والأمراض المعدية والوبائية التي تطبق عليها أحكام الحجر البيطري ([155]).

كما أصـدر القـرار رقم 47 لسنة 1967 بشأن تحديد لائحة الحجر البيطري([156]).

ويعاقب علي مخالفة المادة 133 بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثين جنيهاً ولا تزيد علي مائة جنيهاً أو بأحدي هاتين العقوبتين، وذلك فضلاً عن مصادرة الحيوانات أو اللحوم أو المنتجات أو المتخلفات المهربة ( م 140 ) من قانون الزراعة، كما نصت الفقرة الثانية من ذات المادة علي معاقبة الشروع بعقوبة الجريمة ذاتها ([157]).

وبالرغم من ذلك فقد ظهر التخبط أثناء أزمة تفشي مرض جنون البقر أو الحمى القلاعية أو أنفلونزا الطيور في مصر، وكذلك إبان ظهور مرض أنفلونزا الخنازير، فقد أعلنت السلطات عن فرض حظر علي نقل الدواجن بين المحافظات، ووسعت نطاق الإجراءات المفروضة أصلاً علي استيراد الطيور الحية وشددت ضوابط الحجر الصحي، وقامت بالتخلص من الحيوانات أو الطيور الحية أو المريضة أو الميتة، وأغلقت حديقة الحيوان في القاهرة فضلاً عن سبع حدائق مماثلة في أنحاء مصر لمدة أسبوعين بعد نفوق 83 طائر بعضها نفق بسبب إصابته بالمرض، كما قررت السلطات الإدارية القضاء علي عشرة آلاف طائر بعد أن ظهر الفيروس في مزرعة دواجن بالقرب من القاهرة، وأجبرت الحكومة الأهالي للتخلص من الدواجن التي يقومون بتربيتها في المنازل ([158]).

****

وفي فلسطين فقد أوجب المشرع الفلسطيني في قانون الصحة العامة رقم 20 لسنة 2004 علي وزارة الصحة اتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية اللازمة لحصر انتشار الأمراض المعدية ومن ذلك الحجر الصحي ، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة بمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية والوراثية بالوسائل كافة ، وعليها مراقبة معدلات انتشار تلك الأمراض من خلال جمع المؤشرات اللازمة ([159]) .

وأوجب المشرع على الوزارة اتخاذ ما يلزم لمنع تفشي الأوبئة ومن ذلك :- فرض التطعيم الواقي أو العلاج اللازم ، ومصادرة المواد الملوثة أو أية مواد يمكن أن تكون مصدراً للعدوى وإتلافها بالتنسيق مع الجهات المختصة ، وكذلك تجهيز و دفن الموتى جراء تلك الأمراض بالطريقة التي تراها مناسبة.

وإذا أصيب شخص أو اشتبه بإصابته بأحد الأمراض المعدية المحددة من الوزارة، وجب الإبلاغ عنه فوراً إلي أقرب مؤسسة صحية، والتي عليها إبلاغ الجهة المعنية بذلك في الوزارة ، ويقع واجب الإبلاغ المنصوص عليه في المادة السابقة على :-

  • كل طبيب قام بالكشف على المصاب أو المشتبه بإصابته وتأكد من ذلك أو توقعه
  • كل من تشمله – لهذا الغرض – تعليمات الوزارة في حينه.

و يجوز للوزارة عزل المصاب بالأمراض الوبائية أو المشتبه به أو المخالط لأي منهما في المكان المناسب وللمدة التي تحددها أو إخضاعه للمراقبة الصحية أو إيقافه مؤقتاً عن مزاولة عمله ، و  على الوزارة توفير العلاج المناسب مجاناً للأمراض الوبائية التي تحددها.

لوزارة الصحة الفلسطينية فرض الحجر الصحي في فلسطين لمنع انتقال الأمراض الوبائية منها وإليها ، وذلك بقرار من الوزير المختص .

وبهدف منع انتقال الأمراض الوبائية من فلسطين وإليها يجوز للوزارة بالتنسيق مع الجهات المعنية القيام بما يلي :-

  1. المعاينة الصحية لوسائل النقل البرية والبحرية والجوية العامة والخاصة .
  2.  إجراء الفحوصات الطبية على المسافرين القادمين والمغادرين .
  3. عزل الحيوانات ومراقبتها.
  4. تحديد الشروط الصحية الواجبة لدخول البضائع أو المواد المستوردة من الخارج ([160] ) .

ويلاحظ أن المشرع الفلسطيني لم يعطي للسلطات الصحية خيارات اتخاذ الاجراءات الوقائية لمنع انتشار الأوبئة بل أوجب عليها ذلك بحيث لو لم تقم بذلك تكون هذه السلطات مقصرة في أداء واجبها ، وذلك لخطورة التعامل مع مثل هذه الحالات .

ولقد فرض المشرع الفلسطيني العقاب علي مخالفة هذه الإجراءات فنص في المادة 81 من قانون الصحة العامة الفلسطيني علي أنه :

مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام هذا القانون، بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تزيد على ألفي دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين “

وتنص المادة 82 من ذات القانون علي أنه :- ” 1- تكون عقوبة الحبس وجوبية، إذا ترتب على المخالفة خسارة في الأرواح أو أضرار جسيمة في الأموال .

  1. تضاعف العقوبة في حال تكرار المخالفة “

المطلب الثالث

فرض التطعيم الإجباري

يعتبر التطعيم والتحصين من أهم الواجبات التي تقوم بها الدولة تجاه مواطنيها لتحقيق أعلي معدلات الصحة ، ويمكن للسلطات النظر في إمكانية تطعيم الأشخاص المعرضين بحكم ممارستهم لمهن معينه لمخاطر العدوى ([161])، كنوع من الإجراءات التي تتخذها السلطات الإدارية للمحافظة علي الصحة العامة، ومنع انتشار الأمراض المعدية المتوطنة ([162])؛ فالتطعيم الإجباري يعد التزاماً قانونياً مفروضاً علي الأفراد من قبل الدولة بوصفها سلطة ضبط تتجاوز المصلحة العامة المبتغاة من الفائدة الخاصة التي تعود علي المتلقين له سواء في مرحلة الطفولة ([163])، أم عند السفر إلي خارج الدولة أو القدوم إليها ([164]).

ولقد تناول المشرع المصري تنظيم عمليات التطعيم الواقي من الأمراض المعدية، وفرض عقوبات علي مخالفتها، مبتدئاً بمرض الجدري كمرضٍ معدٍ حيث صدر الأمر العالي في 17 ديسمبر 1890 بشأن التطعيم الواقي من مرض الجدري المعدل بالأمر العالي الصادر في 6 أغسطس سنة 1897 والذي تم تعديله بالقانون رقم 9 لسنة1917 ثم صدر أخيرا قرار وزير الصحة العمومية في 13/4/1959 بشأن تنظيم عمليات التطعيم ضد الجدري ([165]).

وبمناسبة انتشار وباء الكوليرا صدر القانون رقم 10 لسنة 1917 بشأن الاحتياطات التي يعمل بها للوقاية من الكوليرا، ولقد تم تعديل هذا القانون بالقانون رقم 3 لسنة1927 ولقد صدرت تشريعات عديدة أخرى بشأن تداول الطعم الواقي من مرض الكوليرا منها القانون رقم 144لسنة 1947، والقانون رقم 149 لسنة 1947 بفرض بعض القيود للوقاية من الكوليرا، والقانون رقم 150 لسنة 1947 بفرض عقوبة علي مخالفة أوامر الاستيلاء والتكاليف الصادرة في سبيل مكافحة وباء الكوليرا، واتخاذ تدابير للمحافظة علي الصحة العامة عند ظهور وباء الكوليرا أو الطاعون ([166])

ولقد صدر القانون رقم 109 لسنة 1931 بشأن التطعيم باللقاح الواقي من الأمراض المعدية، وتبعة القانون رقم 24 لسنة1940 الخاص بالإلزام بالتحصين الواقي من الدفتريا، وعدل بالمرسوم بقانون رقم 307 لسنة 1952.

ولقد صدر القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 متضمناً النص علي إلغاء القوانين السابقة في المادة 27 منه ، ومقرراً في بابه الثاني تنظيم عمليات التطعيم والتحصين ضد الأمراض المعدية ([167])، وجرم الإخلال بواجب التطعيم للوقاية من الأمراض المعدية فنص في المادة الثانية منه علي أنه يجب تطعيم الطفل بالطعم الواقي من مرض الجدري خلال ثلاثة أشهر علي الأكثر من يوم ولادته وذلك بمكاتب الصحة أو بالوحدات الصحية الأخرى أو بواسطة المندوب الصحي الذي تسند إليه السلطات الصحية المختصة هذا العمل ([168])([169]).

ونلاحظ أنه قد شملت هذه التشريعات تطعيم الأطفال، فقد عني المشرع المصري بالأطفال منذ عهد بعيد إذ نص في سنة 1940 كما أسلفنا تحت رقم 24 علي تحصين الأطفال بالمصل الواقي من الدفتريا والجدري ([170])، كما وردت عمليات التطعيم الواقي من الأمراض المعدية في قانون الطفل ولقد تأكد ذلك منذ تاريخ انضمام مصر لأحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ([171]).

وقد صدر قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 معتنياً بأمر التطعيم والتحصين، فنصت المادة (25) من هذا القانون علي أنه: ” يجب تطعيم الطـفل وتحصينه بالطعوم الواقية من الأمـراض المعدية، وذلك دون مقابل بمكاتب الصحة ([172])، وفقاً للنظم والمواعيد التي تبينها اللائحة التنفيذية ([173])، ويقع واجب تقديم الطفل للتطعيم أو التحصين علي عاتق والده أو الشخص الذي يكون الطفل في حضانته، ويجوز تطعيم الطفل أو تحصينه بالطعوم الواقية بواسطة طبيب خاص مرخص له بمزاولة المهنة، بشرط أن يقدم من يقع عليه واجب تقديم الطفل للتطعيم أو التحصين شهادة تثبت ذلك إلي مكتب الصحة أو الوحدة الصحية قبل انتهاء الميعاد المحدد، وإذا خالف الشخص المخاطب بهذا الواجب القانوني ([174])، فإن المادة 26 من هذا القانون تقضي بمعاقبته بالغرامة التي لا تقل عن عشرين جنيهاً، ولا تزيد علي مائتي جنيه ([175]).

ونفاذاً للقانون المذكور صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3452 لسنة 1997 باللائحة التنفيذية لقانون الطفل، ونظم الفصل الثالث منه تطعيم الطفل وتحصينه ضد الأمراض المعدية، وذلك في المواد من 26 إلي 30 من هذه اللائحة([176]).

ولقد أثار موضوع التطعيم الإجباري من قبل جدلاً واسعاً، علي خلفية انتشار بعض الأمراض المعدية التي ظهرت في العالم فأثارت الذعر بين المجتمعات، مما حدا بالسلطات إلي إتباع سياسة التطـعيم الإجباري للوقاية من هذه الإمراض كنوع من الضبط الإداري ([177])، إلا أن فكرة التطعيم الإجباري منذ نشأتها لم تكن مقبولة لدى البعض لافتقادها مبررات الضرورة العلاجية، وشرط الرضا من جهة، ومن جهة أخرى لما يمارس من ممارسات تجارية في عمليات التطعيم، وعدم الثقة في صلاحيتها، ونسوق فيما يلي لمبررات الرافضون للتطعيم الإجباري وكذلك لحجج المؤيدون له:

أولا: مبررات الرافضون للتطعيم الإجباري:

بدأ التطعيم الإجباري في الانتشار في بدايات القرن التاسع عشر علي يد الطبيب الإنجليزي إدوارد جينيرز بعد نجاحه في حماية ثلاثة عشر فرداً من مرض الجدري وذلك بحقنهم بسائل (live infectious) مأخوذ من قروح وقشور مصابين بالجدري البقري، تسببت تلك العملية في إحداث مرض الجدري البقري وهو مرض حمي فيروسي خفيف الوطأة، وإعطاء مناعة ضد مرض الجدري، وأطلق إدوارد جينيرز علي المادة التي قام بحقنها (vacca).

وكان التطعيم بالمجان للفقراء وإلزامياً لكل الأطفال في شهور حياتهم الثلاث الأولي، ويعاقب الآباء الذين لا يقومون بتطعيم أبنائهم بالسجن أو بالغرامة.

ويسود الاعتقاد أن معارضة التطعيم الإجباري أمراً مستجداً، وحدث فقط مع ازدياد أعداد التطعيمات التي يتلقاها الفرد الآن، ولكن في الحقيقة بدأت مناهضة فكرة التطعيم الإجباري مع صدور أول قانون للتطعيم في بريطانيا سنة 1840 للتطعيم ضد الجدري، ولم تخٌـُب نار تلك المعارضة حتى اليوم، ولم تختلف حجج المعارضون في الماضي عن حججهم اليوم، ويمكن حصر هذه الحجج فيما يلي:

1- العمل الطبي الذي يستند إلي سبب الإباحة لابد له من توافر شروط معينة فيه حتي ينتج أثره المبيح في نفي الصفة الجنائية عما يتضمنه من أفعال ماسة بسلامة الجسم…… وأبرز هذه الشروط الواجب توافرها في العمل الطبي: رضاء المريض بالعلاج والخضوع لكافة ما يستوجبه الإجراء الطبي من أعمال يتم ممارستها علي جسمه .

ففي النطاق الطبي يعد مبدأ الرضا ذا أهميه كبيرة فالرضاء الصادر من المريض إلي الطبيب المعالج بمثابة التصريح بالمساس بالجسم للعلاج أو لإجراء عملية جراحية ولذلك يلزم القانون الطبيب في الحالات العادية التي لا تدخل في حالة الضرورة، وحالات تحتاج إلي إنقاذ المريض كما لو كانت حالته لا تسمح باتخاذ الموافقة من المريض نظراً لحالته في غير هذه الحالات لا بد من اتخاذ الموافقة المسبقة لإجراء أي عملية تمس بجسم الإنسان، وفي حالة الرفض فلا يجوز القيام بأي إجراء بدون الرضاء ([178]).

وإذا كان لا يجوز إجبار المريض علي العلاج، إذ أن من حقه قبول العلاج أو رفضه ([179]) ؛فمن ثم فإن الشخص – ومن بـاب أولي – يكون حراً في قـبـول التطعيم أو رفضه .

2 – ومن جهة أخرى فإنه لا بد أن ينطوي العمل الطبي علي قصد الشفاء، وتوافر المصلحة العلاجية حتي يكتسب صفة المشروعية التي تنفي كل مسئولية جنائية عن الطبيب الذي يقوم به ([180])، وبالرغم من أن أحداً لم يضع تعريفاً وضابطاً محدداً للمقصود بالمصلحة العلاجية أو قصد الشفاء بوصفة واحداً من أهم شروط مشروعية ذلك العمل – وربما كان هذا السكوت والعزوف من جانب الفقه عن وضع معيار يتحدد بمقتضاه كنه المصلحة العلاجية المنتجة للأثر المبيح في العمل الطبي يبرره أن صور المرض بوجه عام والممارسات الطبية علي وجه الخصوص كانت محددة للغاية حتى وقت قريب بحيث لم تكن ثمة حاجة تدعو إلي الدخول في مثل هذه المسائل الفنية المحضة والتي يعد أهل الخبرة من الأطباء هم أصحاب الرأي فيها دونما نزاع – ورغم هذا القصور في تحديد المقصود بالمصلحة العلاجية من الوجهة القانونية إلا أنه يمكن ومن خلال تحليل التطبيقات التي وضعها واستقر عليها فقه القانون الجنائي للحق في سلامة الجسد أن نتلمس صور المصلحة العلاجية التي تبيح العمل الطبي بما يتضمنه من أفعال ماسة بالجسم لم تكن لتمر مرور الكرام لولا وجود قصد الشفاء والمصلحة العلاجية([181]).

3 – كما أن الطابع التجاري للطعوم، وغرض تحقيق الربح أدي إلي وجود أزمة ثقة فيها إذ يصعب جداً القطع بيقين أن عمليات تصنيع الطعوم، وتصديرها، واستيرادها قد جاءت جميعها وبكافة مراحلها من أجل الوقاية من الأمراض فقط، وخلوها من وجود المقابل المادي المدفوع إذ ما جدوى مثل هذه الإجراءات للقائمين بها إن لم تعـود عليهم بربح مادي وفير ([182]).

ثانيا: مبررات المؤيدون للتطعيم الإجباري:

1- ليس هناك ما يؤدي إلي زعزعة الثقة في التطعيم الذي تقوم به السلطات المعنية حيث أنه يقع علي عاتق القائم بعملية التحصين التزام محدد بسلامة الشخص المحصن، إذ ينبغي ألا يؤدي ذلك إلي الإضرار به؛ وهذا يقتضي أن يكون المصل Vaccin سليماً لا يحمل للشخص عدوي مرض من الأمراض وأن يعطي بطريقة صحيحة ([183]) .

والقائم بعملية التحصين يتمثل في وزارة الصحة بحكم تنظيمها؛ حيث أن من مسئولياتها توفير الوقاية والعلاج، وفقاً للقرار الجمهوري رقم 242 لسنة1996 بشأن تنظيم وزارة الصحة والسكان الذي يحدد أهداف وزارة الصحة بأنها الحفاظ علي صحة المواطنين عن طرق تقديم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، والعمل علي تحسين صحة الأفراد، كما يدخل في اختصاصات الوزارة العمل علي توفير الدواء واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان جودته وفعاليته ([184]) .

ويكمل جهود وزارة الصحة في توفير الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية بعض المؤسسات الطبية التعليمية التابعة للجامعات، وللقوات المسـلحة والشرطة وبعض الهيئات الأخرى ([185])، ويشرف علي تقديم الرعاية الصحية في مصر المجلس الأعلى للرعاية العلاجية التأمينية ومجلس الصحة المسئول عن وضع خطة عامة لضمان العلاج الطبي لجميع المواطنين.

2- يعد التطعيم الإجباري عملاً طبياً يهدف إلي تحصين الأفراد ضد الأمراض المعدية والأوبئة حفاظاً علي الصحة العامة أما عن فعالية المصل أو التحصين فهذا التزام بعناية ينبغي أن يبذل فيه القائم به الجهد واليقظة في اختياره واتفاقه مع الأصول العلمية الحديثة حتى يحصل علي النتيجة المرجوة وهي التحصين ضد الوباء أو المرض المخشي منه وبذلك فإن التطعيم الإجباري لا ينفصل عن العمل الطبي – فإذا كان العمل الطبي البحت يهدف إلي العلاج فإن التطعيم يهدف إلي الحفاظ علي الصحة العامة وتحصين الأفراد ضد الأمراض المعدية والأوبئة ([186]).

3 – وغالباً ما يكون التحصين إجبارياً، وليس رضائي، وتقوم به الدولة ممثلة في وزارة الصحة لمواجهة وباء ما مما يوجب الإلزام، وهذا ما يجعلها مسئولة عن المضار والحوادث التي قد تنتج عن عملية التحصين أياً كان المكان الذي تجري فيه، إذ أنها المكلفة بضمان سلامة المواطنين في هذا الصدد وهذا الالتزام بتحقيق نتيجة يترتب علي الإخلال به أثاره مسئوليتها، وهذا ما نص عليه القانون الفرنسي صراحة ([187]).

وفي مصر أيضاً تسأل الدولة باعتبارها متبوعة عن الأخطاء الصادرة من تابعيها فالقائمين بعمليات التطعيم الإجباري هم دائماً من العاملين لدي وزارة الصحة ([188]).

***

المبحث الثاني

أساليب الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة بتدابير فردية

صدرت بعض التشريعات كحلول وقائية فردية لمواجهة نقل العدوى، وذلك بالتوسع في التجريم الوقائي بصورة فردية، ويمكن أن نرصد هذه التشريعات في عزل المريض بمرضٍ معدٍ، وكذلك في إجراءات التعامل مع موتي الأوبئة ، والإلزام بإرتداء الكمامات الواقية ، وذلك علي التفصيل الآتي: –

المطلب الأول

عزل المريض بمرضٍ معدٍ

اعتنق المشرع المصري فكرة التحفظ علي المرضى بمرضٍ معدٍ ([189]) وعزلهم عن المجتمع، وذلك في عدة حالات كسياسة لمواجهة الأمراض المعدية والوقاية منها، ويتم ذلك عن طريق فصل المرضى عن غيرهم، عدا موظفي الصحة القائمين بالعلاج، بطريقة تمنع انتشار العدوى حتى تمام شفائهم ([190]).

ومنهج المشرع المصري في شأن العزل قد تدرج من حيث الوجوب والجواز، فيكون العزل وجوبياً وفي أماكن محددة ومخصصة لذلك في حالات معينة، كما ورد في نص الماد 16 من القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 ، وقد يكون العزل جوازياً، فيتم في منزل المريض، كما جاء بالمادة 17 من ذات القانون ([191]).

ويكون العزل بتخصيص أماكن خاصة لتجميع المرضى بمرضٍ معدٍ خطير في أماكن تخصص لهم كمستعمرات منعزلة ، وقد يكون في المستشفى أو في وحدة الرعاية الصحية، أو تخصيص أماكن في المرافق العامة لهؤلاء المرضى، مثل تخصيص أماكن في المـدارس، أو وسائل النقل، أو في الحدائق العامة، أو في الأماكن التي تمارس فيها الأنشطة الاجتماعية، والرياضية والثقافية ([192]) ، وقد يكون العزل في منزل المريض ذاته .

ونسوق فيما يلي تأصيل لفكرة العزل، ثم الحد منه وتقييده وذلك في الفرعين الآتيين:

الفرع الأول

التأصيل القانوني لفكرة عزل المريض بمرضٍ معدٍ

تستند فكرة التحفظ علي المريض، وعزله عن الأصحاء إلي القانون لمواجهة الأمراض المعدية والوقاية منها، ونشير إلي أن العزل هنا أو التحفظ علي المريض لا يمثل عقوبة عليه بقدر ما هو حماية له ولغيره ؛ لذلك فقد وردت فكرة التحفظ علي المريض وعزله في القانون رقم 131 لسنة 1946 بشأن مكافحة الجذام – والذي أعطي للسلطات الصحية سلطة واسعة في مقـاومة هذا المرض حيث أجاز لهذه السلطات سلطة الكشف الطبي الجبري علي كل من يشتبه فيه بالإصابة بمرض الجذام، وكذلك سلطة التحفظ علي المريض بهذا الوباء، وأيضاً عزله، وقد صدر قرار وزير الصحة العمومية محدداً كيفية تقرير عزل المصابين بمرض الجذام ([193]).

وبمقتضي ذلك يتم حالياً عزل مرضى الجذام في مستعمرات معزولة، مثل مستعمرة العامرية، ومستعمرة قنا، ومستعمرة أبو زعبل الكائنة في منطقة أبو زعبل التي تم إنشائها منذ عام 1933 بمنطقة أبو زعبل بمحافظة القليوبية .

وأيضاً تضمن قانون الأمراض المعدية رقم 137 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 النص علي جواز عزل المرضي أو المشتبه في إصابتهم بأحد أمراض القسمين الثاني والثالث، ويتم العزل بالنسبة لأمراض القسم الثاني في منزل المريض أو في ألاماكن التي تخصص لهذا الغرض متي توافرت فيها الشروط التي تقـررها السلطات الصحية، وبالنسبة إلي أمراض القسم الثالث فيترك للمريض اختيار مكان العزل ما لم تقرر هذه السلطات ضرورة عزله في مكان أخـر ([194]).

كما تضمنت المادة 18 من ذات القانون جواز العلاج عن طريق المؤسسات الأهلية المرخص لها في ذلك، وأن تقبل علاج المرضي بأحد الأمراض الواردة في القسمين الثاني والثالث إذا خصصت لهذا الغرض قسماً مستقلاً عن باقي أقسامها، ويحدد وزير الصحة العمومية بقرار منه الاشتراطات الواجب توافرها في تلك المؤسسات للترخيص لها بذلك، وفي جميع الأحوال التي يتم فيها العزل خارج المعازل الحكومية يجب أتباع التعليمات التي تصدرها السلطات الصحية في هذا الشـأن ([195]).

كما تضمنت المادة 19 من القانون سالف الذكر علي أن للسلطات الصحية المختصة أن تراقب الأشخاص الذين خالطوا المريض، وذلك خلال المدة التي تقررها، ولها أن تعزل مخالطي المصابين بالكوليرا أو الطاعون الرئوي أو الجمرة الخبيثة الرئوية في ألاماكن التي تخصصها لذلك، ولها أن تعزل المخالطين المصابين بأمراض أخري إذا امتنعوا عن تنفيذ إجراءات المراقبة علي الوجه الذي يحدده ([196]).

وبالنسـبة للأجنبي الذي يثبت حمـلة للفيروس، وانتظاراً لإتمام إجراءات ترحيله تجيز المادة ( 17) من القانون سالف الذكر عزل الأجنبي المصاب سواء في منزله، أو في الأماكن التي تخصص لهذا الغرض متي توافرت الشروط التي تقررها السلطات الصحية ([197]) ، فإذا لم يوجـد المكان المناسب لعزل الأجنبي سلم لسفارة دولته التي تلتزم بمراقبته إلي حين مغادرته للبلاد ([198]).

كما طبقت سياسة العزل علي المصاب المسجون حيث توجب المادة 47 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 علي مدير أو مأمور السجن إخطار الإدارة الطبية بمصلحة السجون ومفتش صحة الجهة عند إصابة مسجون بمرضٍ معدٍ أو الاشتباه في ذلك، كما تقرر المادة 49 من القانون ذاته وجوب عزل المسجون بأمراض معدية عن باقي المسجونين، ويعد ذلك تماشياً مع ما هو معمول به دولياً ([199]).

كما توجب المادة 46 من ذات القانون وضع المسجون عند إيداعه بالسجن تحت الاختبار الصحي مدة عشرة أيام يجري خلالها الفحص الطبي له، ولا يسمح له بالاختلاط بغـيره مـن المسـجونين ولا أداء العـمل ولا الزيـارة من الخارج([200]).

ويذكر أن المرضى بمرضٍ معدٍ ليسوا هم وحدهم من يمارس عليهم العزل فقد تقرر ذلك من قبل في القـانون رقم 141 لسنة 1944 بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية – فأجاز حجز المصاب في قواه العقلية إذا كان من شأن هذا المرض أن يخل بالأمن أو النظام العام أو يخشى منه علي سلامة المريض أو سلامة الغير([201]).

وأوجب هذا القانون علي طبيب الصحة إذا رأي شخصاً مصاباً بمرضٍ عقلي…..أن يأمر بحجزه بواسطة البوليس ([202]).

إلا أنه يجدر القول أن العزل المقصود في المواضع السابقة يكون بغرض توفير نوع من الرعاية ولا يقتصر علي تقديم العلاج، بل يتضمن دعماً معنوياً واجتماعياً للمريض ولأسرته يتم توفيره عن طريق المتخصصين ([203]).

الفرع الثاني

تقييد فكرة عزل المريض بمرضٍ معدٍ

إن فكرة عـزل المريض بمرضٍ معدٍ هي فكرة مقيدة بضوابط وشروط ولا يجب التوسع فيها، فالعزل وعدمه يتوقف علي نوع المرض المعدي ومدى خطورته، فليس كل الأمراض المعدية الواردة في الجدول الملحق بالقانون رقم 137 لسنة 1958 وتعديلاته من الخطورة بمكان بحيث تستدعي عزل المريض، فليس من المستساغ معاملة مريـض الإيدز كمريض البرد أو الـزكام أو السعال ([204]).

ومن جهة آخرى فإن تقرير أمر العزل والبت فيه لا ينبغي أن يكون بيد القانونيين وحدهم، أو الأطباء وحدهم ([205])؛ فالفئة الأولي لا تستطيع تقدير مدى خطورة المرض، أو كيفية انتقاله، والفئة الثانية أيضاً لم تحسم هذه القضية بعد، ناهيك عما في الموضوع من أبعاد قانونية شائكة ؛ لذلك يلزم تضافر الجهود لاستظهار ما شاب الأمر من غموض ([206]).

وإذا قلنا بوجوب العزل بالنسبة للمصابين بأمراض معينة مثل كورونا المستجد و الإيدز، وعدم وجوبه بالنسبة للمصابين بأمراض أخرى (مثل مرضي السعال الديكي) وذلك علي حسب خطورة المرض المعدي، فإنه يجب مراعاة بعض الضمانات والتي تتمثل في ضرورة توفير العناية الطبية اللازمة، والإمكانيات العالية في مكان العزل، كما يلزم توفير الدعم النفسي، والرعاية الاجتماعية للمريض لعدم تفاقم الخطورة، كما يجب حصر نطاق المرض في الشخص المعزول، وعدم انتقاله للمقربين منه مثل زوجته أو أقربائه الذين يمكن عزلهم عزلاً منزلياً .

وبالرغم من أن العزل الوارد في المواضع سالفة الذكر هو مجرد إيداع حاملي المرض، أو المصابين به في مراكز متخصصة لتوفير قدر من الرعاية الصحية والدعم المعنوي لهم، إلي جانب ضمان تحييد خطر انتقال العدوى أو تخصيص أماكن خاصة لهم، إلا أن هذا الإجراء قد يتعارض مع نص المادة 54 من الدستور المصري الصادر في 2014 والتي تقرر أن ” الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد، إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق…. ” ([207]).

كما تنص المادة 62 من دستور 2014علي أنه: ” حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه، ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون”

وواضح مما سبق أنه لا يجوز حبس أي إنسان أو تقييد حريته إلا إذا كان قد ارتكب جريمة وكانت ضرورة التحقيق في هذه الجريمة تستلزم هذا التقييد ([208])، فإذا كان أمـر تقييـد حـرية الإنسـان لا يكون إلا عند ارتكابه جريمة، فمن ثم فإن عزل المريض بمرضٍ معدٍ اتقاء العدوى، يعد اعتداء علي الحق في الحرية ([209]).

ولذلك يجب أن يكون العزل مقيداً بكون المرض شديد الخطورة مثل مرض كوفيد 19 أو الجذام أو مرض الإيدز، فلا يعزل المصاب بالسعال الديكي أو الأنفلونزا، فمناط العزل أن يكون هذا المرض من الأمراض التي تهدد الصحة العامة بصورة خطيرة ، فمن ثم يكون هذا الإجراء ضرورياً لحماية المجتمع من مخاطر العدوى ، فلا يتخذ من المرض سبباً لتقييد حرية الفرد؛ والتي هي في جوهرها التزام السلطة بغل يدها عن التعرض للشخص المريض في بعض نواحي أنشطته المادية والمعنوية ([210]).

ولقد استقرت أحكام محكمة القضاء الإداري المصرية علي أنه:” الحرية الشخصية حق مقرر للفرد لا يجوز الحد منه أو انتقاصه إلا لمصلحة عامة في حدود القوانين واللوائح المنظمة لهذا الحق، ولما كان حق التنقل هو فرع من الحرية الشخصية فإنه لا يجوز مصادرته بغير علة ولا مناهضـته دون مسوغ أو تقييـد بلا مقتض ([211]).

ولقد قرر المجلس الدستوري الفرنسي لحرية الذهاب والإياب قيمة دستورية، واعتبرها من الحريات الأساسية التي تدخل في نطاق الحرية الشخصية ، وبقراره الصادر في 4 مايو سنة 1988 أكد المبدأ الذي أنتهجه بصدد هذه التجربة إذ الغي القرار الصادر من الإدارة برفض تجديد جواز سفر أحد الموظفين مقرراً أنه: ” لا يجوز وضع قيود علي حرية التنقل سوي القيود المنصوص عليها في القانون والتي تشكل التدابير الضرورية في المجتمع الديمقراطي لصيانة أمن الوطن وحفظ النظام العام ومنع الجرائم وحماية الصحة والأخلاق والقانون وحماية حريات الآخرين “([212]).

أما الفقه الإسلامي فقد اقر للأفراد الحق في حرية الانتقال، إلا أن ممارسة هذا الحق يجب أن تكون في الحدود المرسومة له، والأصل أن لهذا الحق مجال واسع فلم يُقيد الفقه الإسلامي ممارسته إلا في أضيق الحدود، والقيود التي قررها الفقه الإسلامي علي هذا الحق تلتقي مع الأصول العامة في السياسة الشرعية الإسلامية، إذ تهدف في النهاية إلي تحقيق منفعة، أو درء أذي، ومن أمثلة ذلك تقييد حرية الانتقال بسبب انتشار مرضٍ معدٍ، ولا يوجد قيد علي حق الإنسان في الغدو والرواح داخل البلاد طالما توافق ذلك مع السياسة الشرعية التي ينتهجها الفقه الإسلامي ([213]).

***

المطلب الثاني

التعامل مع موتي الأوبئة

لا يمر وباء إلا ويكون له ضحايا كثيرة وجثث يلزم التعامل معها ، فالميت علي إثر الإصابة بالوباء يلزمه تجهيز كالغسل والتكفين والدفن ، إلا أن موتي الأوبئة ليسوا كغيرهم ، فبمجرد الإصابة بالوباء يتحول المصاب إلي مصدر رعب للآخرين فينفضّون من حوله ويهربوا ، وإذا مات يتركونه وكأن يد الموت تمتد إليهم من جسده المسجى ، ولا يهتمون بغُسل ولا تكفين ولا صلاة ولا دفن .

ولأن كل هذه الإجراءات من الأهمية بمكان، فقد تكفلت منظمة الصحة العالمية بتنظيمها وببيان التعامل بموجبها([214]) ، وفيما يلي نعرض لهذه الإجراءات :

أولاً : تغسيل الميت بالوباء وتكفينه :-

قامت منظمة الصحة العالمية بوضع بعض الإجراءات فيما يخص غُسل الميت بسبب وباء ، فيجب أن يتخذ المغسلين الإحتياطات والتدابير الوقائية الصارمة لإتمام الغُسل بدون ضرر ، ويضع وزير الصحة بقرار منه القواعد والإجراءات الصحية التي تخضع لها حالات الوفاة الناتجة عن الإصابة بالأمراض المعدية الوبائية التي يحددها، بما في ذلك الاشتراطات الخاصة بتصريح الدفن، ومكانه، وإتمام غسل المتوفى وتكفينه والصلاة عليه وغير ذلك من الطقوس الدينية المتبعة لدفن الموتى ، و يتم الدفن في هذه الحالة تحت إشراف السلطات الصحية المختصة ، ويمكن أن يتم ذلك وفقاً لما يلي :-

أولاً :- يجب إبلاغ أجهزة الخدمات الوقائية والطب الوقائي عند حدوث الوفاة .

ثانياً :- لا يجوز غُسل الميت بسبب الوباء بمعرفة ذويه إلا إذا كانت لديهم الإمكانيات لذلك .

ثالثاً :- أن يتم الغسل للميت بمرض وبائي بوضعه في حمام مائي مطهر بدون لمس أو تدليك ، من قبل المغسلين ، فيجوز تغسيل الموتى بسبب الوباء وتكفينهم بدون اللمس المباشر، عن طريق رش الماء عن بُعد ، وإن تعذر ذلك يسقط وجوب الغُسل .

رابعاً :- يجب أن يكون الغسل في مكان مغلق ومستقل ومجهز لهذه العملية ، ويطهر بالمواد المطهرة قبل وبعد عملية الغُسل ، ويجوز غُسل موتي الأوبئة بأجهزة التحكم عن بعد ، والتي تجمع بين الوفاء بشروط وسنن غسل الموتى في الشريعة الإسلامية ، وبين الإشتراطات الصحية والبيئية اللازمة .

خامساً :- يجب التخلص من كل الأدوات المستخدمة في عملية الغُسل بعد تمام الغسل ، عن طريق الحرق أو الدفن ، ويفضل أستخدم الأدوات ذات الاستخدام الواحد ولمرة واحدة .

سادساً :- علي القائمين بعملية الغسل ارتداء البدل والكمامات والقفازات التي تمنع نفاذ أي شيء إليهم أثناء عملية الغسل .

سابعاً :- التكفين في ثلاث أثواب يلف بها الميت وفقاً للشرع ، وتسد كل منافذه بالقطن أو القماش لمنع تسرب ما به من سوائل .

ثانياً : دفن موتي الأوبئة :

بداية لا يجوز بأي حال من الأحوال منع أو الإمتناع عن دفن جثة أي ميت ، ولكن بشرط إتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة ([215] ) .

ولقد وضعت منظمة الصحة العالمية مجموعة من الإحتياطات الصحية الوقائية التي يلزم إتخاذها عند دفن الموتى المتأثرين بالأوبئة ، ونهيب بالمشرع المصري للتدخل لتنظيم ذلك وتعديل القانون 137 لسنة 1958 للوقاية من نقل العدوي بما يتناسب مع التقاليد والأعراف المصرية في شأن دفن الموتى ، لأن هذه الإجراءات تهدف إلي حماية المجتمع من انتشار العدوي ، وهذه الإجراءات تتمثل فيما يلي :-

أولاً :-يتم الدفن بمعرفة السلطات الصحية المختصة ، و لا يجوز دفن الجثة من قبل ذويها ، وإن كان يسمح لهم بحضور مراسم الدفن .

ثانياً :- تدفن الجثة بمعرفة الطب الوقائي وشعبة الأوبئة بالإدارة الصحية المختصة ، بالتعاون مع الوحدات المحلية والإدارية بالمحافظة .

ثالثاً :- لا يجوز نقل الجثة خارج المنطقة التي تمت فيها الوفاة ، ويتم الدفن في المقبرة المخصصة لذلك داخل نطاق المدينة التي حدثت فيها الوقاة .

رابعاً :- يتم التجهيز للجثة عن طريق متخصصين متخذين للإحتياطات الصحية الصارمة ، ويتم سد منافذ الجثة كافة لمنع تسرب الإفرازات منها ، ولف الجثة بقماش مشبع بمحلول الفورمالين ، ويكون القماش من ثلاث طبقات.

خامساً :- توضع الجثة في تابوت معدني في توضع في قاعدته طبقة من مادة الفحم أو نشارة الخشب مضافاً إليها مادة الفورمالين المطهرة وتسد جنبات التابوت وفتحاته باللحام.

سادساً :- يوضع التابوت المعدني داخل صندوق خشبي سمكه 2 سم وجوانبه غير قابلة لنفاذ السوائل ، ويحكم غلقه بالمسامير .

سابعاً :- يتم دفن الميت في قبر يحفر بعمق مترين تحت الأرض مع إضافة المواد المطهرة إلي قاع القبر وإلي التراب الذي يغطي به التابوت .

ثامناً :- يكون الدفن بحضور وإشراف السلطات الصحية بالتعاون مع السلطات الإدارية ويحرر محضر بذلك ، وتسلم شهادة الوفاة إلي ذوي المتوفي بعد إنتهاء إجراءات الدفن .

تاسعا:- لا يجوز نقل جثة المتوفي إلا بعد إنقضاء سنتين من تاريخ الدفن ، وبعد الحصول علي تصريح بذلك من السلطات الصحية المختصة .

***

ويلزم في حالة تفشي الأوبئة التعامل مع نقل الجنائز وتجهيزها بكل حرص ، واتخاذ كافة الوسائل الإحترازية ، فيكون دخول الجنائز إلى البلاد بغية دفنها فيها أو المرور منه حسب الشروط التالية:

أ – أن يكون دخول الجنازة أو مرورها عن طريق المنافذ الرسمية الحدودية للبلد سواء كانت بحرية أو جوية أو برية والتي تعينها الجهات الصحية المختصة .

ب – أن يكون برفقة الجنازة شهادة وفاة وإجازة نقل متضمنة أسم ولقب وسن المتوفى ومحل وتاريخ وسبب الوفاة صادرة من الجهة الصحية المختصة في محل الوفاة أو محل الدفن في حالة فتح القبر وإخراج الجثة, ومحررة بلغة البلد الذي صدرت منه أو بإحدى اللغات العربية أو الانجليزية أو الفرنسية على أن تصدق من قبل السفارة المصرية أو من يقوم مقامها في البلد المنقولة منه الجنازة.

ج – أن توضع الجثة في تابوت معدني سبق تغطية قاعة بطبقة سمكها خمسة سنتمترات من مادة ماصة كالفحم النباتي أو نشارة الخشب أو مسحوق الفحم مضافاً إليها مادة مطهرة.

د – يجب أن تلف الجثة بقماش مشبع بمحلول مطهر ويقفل التابوت المعدني إقفالاً محكماً بواسطة اللحام ويوضع داخل صندوق خشبي ويثبت بصورة محكمة ويكون سمك هذا الصندوق الخشبي سنتمترين وتكون جوانبه غير قابلة لنفاذ السوائل منها ويحكم إقفاله بواسطة مسامير لولبية.

هـ – لا يجوز نقل جثة الشخص المتوفي بسبب أحد الأمراض الوبائية إلا بعد انقضاء سنتين من تاريخ الدفن, وبشرط الحصول على إجازة خاصة من الجهة الصحية المختصة .

  المطلب الثالث

الإلتزام بإرتداء الكمامات الواقية

لم يكن – حتي عهد قريب – يوجد أي إلتزام قانوني يحتم علي الأشخاص إرتداء الكمامات الطبية لمنع انتشار الأوبئة والأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الجهاز التنفسي والرذاذ حال العطس أو السعال أو التحدث عن قرب ، حتي صدر قرار رئيس مجلس الوزراء في مصر برقم 1069 لسنة 2020 بتاريخ 19/5/2020 والذي تضمن في مادته الحادية عشرة أنه : ” يلتزم العاملون والمترددون علي جميع الأسواق أو المحلات أو المنشآت الحكومية أو المنشآت الخاصة أو البنوك أو أثناء التواجد بجميع وسائل النقل الجماعية سواء العامة أو الخاصة بإرتداء الكمامات الواقية وذلك لحين صدور إشعار آخر “

ولقد رتب القرار علي مخالفة هذا الإلتزام عقوبة قاسية ، حيثنص القرار في مادته الرابعة عشرة على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها، يُعاقب كل من يخالف حكم المادة الحادية عشرة من هذا القرار بغرامة لا تجاوز أربعة آلاف جنيه، ويُعاقب كل من يخالف باقي أحكام هذا القرار بالحبس وبغرامة لا تجاوز أربعة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين “

ويستند القرار إلي القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن قانون الطوارئ، والذي منح الحق لرئيس الجمهورية أو من يفوضه بفرض عدة تدابير لاحتواء الأزمات الكبرى مثل انتشار الأوبئة ومنها فيروس كورونا ، وتتمثل التدابير الأحترازية والأوامر التي منحها القانون لرئيس الجمهورية أو من يفوضه متى أعلنت حالة الطوارئ في فرض إرتداء الكمامات .

ولا شك أن أجواء الخوف والرعب من تفشي الوباء قد دفع التشريعات المختلفة إلي فرض المزيد من الإحتياطات والتدابير الوقائية لمنع انتشار العدوي ، ولقد سهل الفزع الذي يخلقه الوباء لتقبل الناس لكل هذه القيود ودفعهم للتخلي طوعاً عن بعض حرياتهم من أجل الحفاظ علي صحتهم والحرص علي حياتهم ([216]) .

ويتضح مما سبق أن مجال تطبيق القرار من حيث المكان يسري علي جميع الأماكن العامة بدون استثناء بما فيها الشوارع العامة والطرقات الخاصة ، وجميع الأسواق أو المحلات أو المنشآت الحكومية أو المنشآت الخاصة أو البنوك أو أثناء التواجد بجميع وسائل النقل الجماعية سواء العامة أو الخاصة، ولا يسري هذا القرار علي المكاتب الخاصة أو داخل المنازل .

ومن حيث الأشخاص فإن هذا القرار يخاطب به جميع الأشخاص دون التقيد بجنس أو بسن معين، فيسري علي الأطفال بهدف الحفاظ علي صحتهم، وإن كانت المسئولية الجنائية لا تنعقد بالنسبة لهم في حالة مخالفة القرار بسبب صغر السن ([217] )، ومن حيث الزمان فإن القرار يسري في أي وقت ليلاً أو نهاراً ، طالما ظل هذا القرار سارياً .

ولقد لقي قيد إرتداء الكمامات الطبية سنده العلمي في الأدلة الصحية والدعم الواقعي الذي يؤيد إرتداء الكمامات الطبية سواء كان الفرد سليم صحياً ، أو مصاباً بالمرض ؛ لأن في ذلك حماية للصحة العامة من زيادة تفشي الوباء

المبحث الرابع

العقاب المقرر في القانون الوضعي لمخالفة التدابير الوقائية

المفترض في التشريعات أنها تواكب التطورات في المجتمع، والواضح من خلال استطلاع القوانين والقـرارات المتعلقة بالأمراض المعدية أن معظمها قد وضع منـذ أكثر من قرن أو نصف قرن من الزمان، فأصبحت العقوبات المقررة بموجبها غير مناسبة ([218]).

فقد صدر القانون رقم 15 لسنة 1912 بشأن الاحتياطات الصحية من الأمراض المعدية وذلك لمواجهة انتشار بعض الأمراض المعدية والتي كان من أهمها الطاعون في عام 1912.

كما صدر القانون رقم 10 لسنة 1917 بشأن الاحتياطات التي يعمل بها للوقاية من الكوليرا – والقانون رقم 21 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 18لسنة1928 بشأن طلب فرش الحلاقة إلى الإقليم المصري.

والقانون رقم 10 لسنة1931 بشأن التطعيم باللقاح الواقي من الأمراض المعدية والقانون رقم 44 لسنة1947 بشأن تداول التطعيم باللقاح الواقي من مرض الكوليرا والقانون رقم 149لسنة1947 بشأن القيود الواجبة الإتباع للوقاية من الكوليرا والقانون رقم 953 لسنة1947 باتخاذ تدابير للمحافظة علي الصحة العامة عند ظهور وباء الطاعون أو الكوليرا ([219]).

ومن قبل ذلك صدر الأمر العالي في 31 يناير 1889 بشأن الرقابة الصحية علي الأشخاص القادمين للقطر المصري من جهة موبوءة ببعض الأمراض المعدية، وكذلك الأمر العالي في 17 ديسمبر 1890 بشأن التطعيم الواقي من مرض الجدري، بل أن وزارة الداخلية قد تدخلت بقرار في 14 يونيه 1914 بهدف مراقبة الحجاج والتأكد من خلوهم من الأمراض قبل الدخول إلي القطر المصري.

بل أن المشرع المصري قد افرد قانوناً خاصاً للأمراض الزهرية وهو القانون رقم 158 لسنة 1950 للحد من انتشارها – ونهيب بالمشرع إصدار قانون مماثل لمواجهة مرض الإيدز الذي لا يقل خطورة عن الأمراض الزهرية حتي يترك المشرع أمره لمجرد قرارات وزارية، خاصة وأن مبررات إصدار تشـريع لمقاومة الأمراض الزهرية، هي نفسها المبررات التي يمكن الاستناد إليها لإصدار تشريع للوقاية من مرض الإيدز ([220]).

وقد وضعت هذه القوانين والقرارات في وقت لم يكن العلم قد توصل لاكتشافاته العلمية المعاصرة في شأن الأمراض المعدية، والتي رغم كثرتها وعظمتها لم تكشف كل الغموض الذي يحيط بالأمراض المعدية الوبائية([221]).

وعلي سبيل المثال فإن المشرع المصري لم يواكب التطورات الاجتماعية في مجال مكافحة الأوبئة من خلال العقوبات المقررة في القانون رقم 137لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية وتعديلاته ؛حيث أن عدم مراعاة التدابير المقررة في الباب الرابع من قانون مكافحة الأمراض المعدية في مصر يعرض المخالف للعقوبة المنصوص عليها في المادة 26 من القانون المذكور، وهي الغرامة التي لا تقل عن جنية مصري ولا تجاوز عشرة جنيهات أو الحبس لمدة شهر، وهي عقوبة لا تتناسب البتـة مع قيمة المصلحة محل الحماية ، ولا مع خطـورة الأمراض المعدية ([222]).

فهذه العقوبة علي مخالفة التدابير الوقائية تعد صورة غير جدية للعقاب ، لما تتسم به العقوبة من خفة وضعف ، وكذلك فإنها تطبق علي من يمتنع من الأشخاص المذكورين في المادة 13 من القانون ذاته عن التبليغ فوراً عن إصابة شخص أو الاشتباه في إصابته بفيروس الإيدز، ولم يرتب المشرع أية مسـئولية جنائية علي المريض نفسه عن عدم التبليغ ([223])، إلا في القانون رقم 131لسنة1946 بشأن مكافحة الجذام، والقانون رقم 158لسنة1950 بشأن الأمراض الزهرية الذي تضمن إلزام المريض بأن يعالج نفسه لدي طبيب مرخص بمزاولة المهنة ( مادة 2)([224]).

ومن جهة أخري فإنه بالنسبة للتعامل في الدم ومشتقاته فإن هذه التشريعات لم تتعرض لمدي مسئولية الطبيب أو مراكز الدم الرئيسية والفرعية عن نقل العدوي أو عن الآثار السلبية التي تنتج عن عمليات نقل الدم غير السليمة نتيجة تلوث الدم بالأمراض المعدية ([225]).

وإن وجدت قواعد تحدد المسئولية لمراكز الدم في مواجهة من يتطوع بدمه ولكن لم تحدد هذه القواعد أركان لتلك المسئولية ([226])، وهل هي مسئولية مدنية أم جنائية؟ إذ لم يشّرع النص الجنائي الخاص بالمسئولية الجنائية عن نقل الدم الملوث بمرض خطير للمتلقي، وهذا يعني بلا شك أن هذه المسئولية تركت لتحكم بالقواعد العامة ([227]).

وإن كان كل ذلك يرجع إلي أن بعض الفقه يري أن التدابير العقابية لن يكون لها مبرر بالنظر إلي البواعث النبيلة ، وأن الجزاءات الجنائية قلما يكون لها مقتضي في هذا المجال لعدم جدواها ([228])، وأن قانـون العقـوبات لا يلعب في مجـال الوقـاية غـير دور شـديد التواضع، وأن الوقـاية الفعـالة ضـد مخاطر انتقال العدوى تتطلب علي العكس تراجعاً من قانون العقوبات ([229]).

إلا أن جانباً آخر يرى عكس ذلك، ويرى أهمية تدخل المشرع الجنائي لحماية المجتمع من انتشار الأمراض المعدية ومن تفشي الأوبئة ، وأن تدخل المشرع إزاء حماية المجتمع من عدد قليل من الأمراض المعدية وترك الباقي بغير احتياط يعد نقصاً في التشريع يصيبه بالعطب فيجب تلافيه ([230]) ، خاصة وأن الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان تجيز تدخل القانون الجنائي في مكافحة الأمراض المعدية وأجازت حجز الأشخاص الذين يحتمل قيامهم بنشر المرض ([231]).

وأياً كانت التشريعات المتعددة الصادرة بهدف الحماية من العدوى بالفيروسات الخطيرة، إلا أنها نصوص قد تبقي جامدة لا محل لها من التطبيق؛ إذ لم تتوفر للجهات الملزمة بتطبيقها الإمكانيات التي تسمح لها بتوفير آليات التطبيق من فحص طبي وتحاليل مجانية سريعة بدون مقابل، وضمان السرية ([232]).

وعلي ذلك يمكن أن يفلت المجرم من العقاب لعدم إمكانية تطبيق النص ، أو بحجة أنه مريض ويكفيه ما يعاني من آلام المرض ، فالأمر لا يتعلق إذاً بالمسئولية الجنائية للمريض من حيث كونه مريض، ولكن يتعلق بالمسئولية الجنائية للجاني الذي يستخدم مرضه كسلاح للقضاء علي الأبرياء وذلك أن حامل الفيروس سواء كان مصاباً بالمرض أم لا ! يعد بمثابة خطر لما يسببه من عدوي([233]).

وحيث أن العقوبة المناسبة للسلوك الإجرامي تعد من أهم آليات الحماية الجنائية الفعالة للحق في السلامة الجسدية، وآية ذلك أن خفة العقوبات التي وضعها المشرع المصري للوقاية من الأمراض المعدية، أو الأمراض الزهرية، أو الجذام، وأخيراً مرض كورونا المستجد أدت إلي مخالفة هذه التدابير بكل سهولة ويسر ([234])، كما أدت خفة هذه العقوبات إلي تشجيع ذوي النفوس الضعيفة علي ارتكاب جرائم ماسة بالحق في السلامة الجسدية، ومن هنا فإننا نكاد نجزم بأن هذه العقوبات قد أخفقت في توفير الحماية الجنائية للفرد ضد السلوكيات التي تمثل اعتداء علي الحق في السلامة الجسدية، أو تدابير الوقاية من الأوبئة .

فما زال الردع غائباً ، والمسئولية الجنائية غير منعقدة بصورة جدية عن مخالفة تدابير الوقاية ، وإن انعقدت فإن العقوبة لا تحقق الردع، بل تغري علي عدم احترامها؛ إذ لا تتناسب البتة مع خطورة نقل الأمراض المعدية ([235]وهو الأمر نفسه الذي يتعلق بالعقوبات المقررة لمخالفة قانون الأمراض الزهرية ([236])، وقانون مكافحة الجذام ([237]) .

ولا شك أن ذلك يعني عدم توافر الحماية الجنائية لمواجهة هذه الأمراض المكتشفة في ظل قصورهذه التشريعات القديمة، فبالنسبة لمرض كوفيد 19 الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا فلا يمكن أن تطبيق عليه الأحكام الواردة في القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الأمراض المعدية ، بعد أن تم إدارجه ضمن القسم الأول في الجدول الملحق بهذا القانون بموجب قرار وزيرة الصحة رقم 145 لسنة 2020 .

وفي المقابل لذلك نجد أن كثيراً من التشريعات المقارنة قد واجهت الأوبئة بسن تشريعات خاصة أو تعديل التشريعات القائمة ، وهو ما حدث علي إثر تفشي فيروس كورونا المستجد وإعلان منظمة الصحة العالمية عن جائحة كورونا ، فقد عكفت معظم الدول علي قوانينها لتقنين القواعد التي يمكن بها مواجهة الجائحة ، أو تعديل القوانين القديمة لتواكب ما جد من تطورات طبية ، وهو ما حدث في الكويت بتعديل القانون رقم 8 لسنة 1969 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية بالقانون رقم 4 لسنة 2020 ، وفي قطر تم تعديل القانون رقم 11 لسنة 1968 بشأن الأمراض المعدية بموجب القانون رقم 9 لسنة 2020 ([238] ) .

ولا شك أن هذه العقوبات الواردة في القوانين الصحية ، وقوانين الإحتياطات الصحية تعد غير رادعة و لا تعد مواكبة لخطورة تفشي الأوبئة ، خصوصاً فيما يتعلق بالتشريع المصري الذي لم يضع تشريعاً يتضمن عقوبات مناسبة ، في حين سعت كثيراً من الدول إلي مواكبة التطورات الهائلة في مجال مكافحة الأمراض المعدية ([239])، فقد أصبحت مسألة تفشي الأوبئة محل تحديث تشرعي في دول عربية عديدة ، وكذلك مسألة نقل العدوى من شخص مريض إلي شخص سليم أصبحت محل تجريم في أكثر الدول الأوربية ([240])، مثل النمسا وسويسرا وتشيكوسلوفاكيا تجرم العلاقات الجنسية غير المحمية بالشرعية؛ لأنها تشكل أهم طرق ووسائل نقل العدوى، وكذلك في ألمانيا فإن نقل العدوى يمثل فعل مضر بالصحة، وفي سويسرا يمثل إصابة بدنية خطيرة – وأيضـاً تبنت الدنيمارك قانوناً يعاقب عن فعل نقل فيرس الإيدز ([241]).

وبإستقراء مسالك التشريعات المقارنة في مادة الوقاية من الأوبئة علي خلفية حداثة هذه الأفعال كأفعال تجريم، نجد أن رجال القانون بدورهم كانوا مجبرين علي القيام بوضع قواعد التجريم في مجال الوقاية من الأوبئة ، ولكن نظراً لغياب القواعد القانونية المشتركة فإن كل دولة تواجه مثل هذه الأوضاع بوضع القواعد التي تناسبها كأساس يمكن البناء عليه ([242]).

ولا نحبذ في هذا الشأن أن يصدر قانون خاص ليحكم مرض معين ، فلا ميزة في سن قانون لمواجهة مرض كوفيد 19 علي وجه الخصوص ، فقد يأتي اليوم الذي يكتشف فيه العلم لقاح لهذا المرض فيقضي عليه فيكون أثر بعد عين ، ولا يكون لهذا القانون محلاً للتطبيق ، لذلك فالأفضل سن قانون لمواجهة الأوبئة علي وجه العموم ، ولا يكون قاصراً علي مرض معين .

وإن كان هذا لا يقدح في جدية وأهمية تخصيص قانون خاص لمواجهة مرض معين ، كمرض الإيدز عن طريق سن تشريع خاص به مثال ذلك المرسوم بقانون رقم 62 لسنة 1992 الصادر بدولة الكويت في شأن الوقاية من مرض متلازمة العوز المناعي المكتسب ( الإيدز) وفي هذا المرسوم بقانون واجه المشـرع الكويتي هذا المرض بكثير من الإجـراءات الوقائية فنصت المادة ( 11 ) منه علي أنه :

” الشخص المصاب بفيروس الإيدز الذي لم يخطر الجهة المختصة بوزارة الصحة بحالته حال علمه بذلك، وكذلك في حالة عدم التزامه بالإجراءات الصحية والإرشادات الوقائية التي تقررها الوزارة، وكذلك في حالة عدم توقيه نقل عدوي المرض إلي الغير يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي ستة شهور، وبغرامة لا تجاوز خمسمائة دينار أو بأحدي هاتين العقوبتين “

فبمقتضي هذه المادة يلتزم المصاب بفيروس الإيدز بإخطار الجهة المختصة بوزارة الصحة بحالته حال علمه بذلك.

وكذلك نصت المادة 15 من ذات المرسوم بقانون علي أنه : –

” مع عدم الإخلال بأي عقوبة اشد يكون منصوصاً عليها في القوانين الأخرى يعاقب كل من يخالف أحكام المواد 2 و3 و7 و11و 13 من هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد علي ستة شهور وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة دينار أو بأحدي هاتين العقوبتين، ويعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تجاوز سبعة آلاف دينار كل من علم أنه مصاب بفيروس الإيدز وتسبب بسوء قصد في نقل العدوى إلي شخص آخر “.

ويلاحظ أن هـذه المـادة تتضمن التجـريم لمخالفـة أحـكام المرسوم بقـانون رقـم 62 لسـنة1992، ووضـعت عقوبة الحبس والغرامة كعقـوبة لمخالفـة هـذه التدابير سواء بقصد أو بغير قصد ([243]).

****

الخاتمة

الفقه الإسلامي كتقنين شامل رصد أساليب وطرق متعددة لتدابير الوقاية من الأوبئة ، فقد اشتمل علي العديد من التدابير الوقائية من الأمراض الوبائية والاحتياطات الصحية اللازمة للمحافظة علي صحة الإنسان عند انتشار الأوبئة ، وقد وضع علماء الفقه الإسلامي في اجتهادهم قواعد كلية تسمو في روعتها، وعلو غايتها عن مبادئ القانون في العصر الحديث – وإن اختلفت الأسماء والمصطلحات – فاتسـم منهج الوقاية في الفقه الإسلامي بالتوسع والشــمول ما بين الحــث والإرشــاد ، وبين الحـظر والمنـع ، وأخذت هذه التدابير عدة صور منها الحجر الصحي كما هو متعارف عليه اليوم، أو عزل المريض بمرضٍ معدٍ ، وتبني فكرة التباعد الإجتماعي ، ومن مقتضي التجريم الوقائي أن يقترن بالعقاب والردع بوضع العقوبة علي مخالفة التدابير الوقائية ، فتكون مخالفة تدابير الوقاية من نقل العدوى في الشريعة الإسلامية خاضعة للعقوبات المقررة وفقاً للقواعد العامة في قانون العقوبات الإسلامي إذا ما ترتب علي هذه المخالفة ضرر ، وإن كانت هذه العقوبات ليس لها تنظيماً خاصاً .

وبعرض منهج المشرع الوضعي في مجال الوقاية من الأوبئة ، يتضح بجلاء تفوق الشريعة الإسلامية التي اتسم منهجها بالتوسع في الوقاية من الأوبئة ، ووضعت العقاب الرادع لكل مخالفة لقواعد الوقاية الوبائية .

قائمة المراجع :-

أولاً التفسير وعلوم القرآن :

  1. أحكام القرآن لابن العربي الملكي المتوفي سنة 543 هجرية – طبعة دار الفكر العربي .
  2. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي – المالكي – المتوفي سنة 671 م – طبعة دار العلم للتراث .

ثانياً كتب الحديث :-

  1. السنن الكبرى للبيهقي – المتوفي سنة 458 ه – طبعة دار الفكر العربي .
  2. سنن الترمذي المتوفي سنة 279 ه – طبعة دار الكر – بيروت الطبعة الثانية 1983 .
  3. سنن الدارقطني – المتوفي سنة 385 ه – دار المعرفة – بيروت 1966 م .
  4. سنن النسائي – شركة مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي وأولاده 1963 م .
  5. سنن اب داود – دار الفكر – بيروت لبنان .
  6. المشترك مع الصحيحين للإمام الحاكم النيسابوري – دار الكتب العلمية – بيروت 1990 م .
  7. نيل الأوطار للشوكاني – دار الجيل – بيروت 1973 م .

ثالثاً : كتب المذاهب الفقهية :

( أ ) الفقه الحنفي :

  1. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي – المتوفي سنة 743 ه –دار الكتاب

الإسلامي .

  1. المبسوط للسرخسي – المتوفي سنة 490 هـ .
  2. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني – طبعة 1996 .
  3. الفتاوي الهندية للشيخ نظام وجماعة من علماء الهند – دار الفكر 1991 م .
  4. حاشية بن عابدين –دار الفكر للطباعة والنشر .

( ب ) الفقه المالكي :

  1. بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد – دار الفكر – بيروت 1998 .
  2. حاشية الدسوقي علي الشرح الكبير – طبعة دار إحياء الكتب العربية .
  3. شرح الزرقاني علي مختصر خليل – طبعة دار الفكر – بيروت 1398 هـ .
  4. مواهب الجليل لشرح مختصر خليل – للحطاب – طبعة دار الفكر 1992 .
  5. المدونة الكبري للإمام مالك بن أنس – طبعة دار الفكر – بيروت .
  6. الشرح الصغير للدردير – دار الفكر للطباعة والنشر .

( ج ) الفقه الشافعي :

  1. نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج للرملي – مصطفي البابي الحلبي وأولاده .
  2. مغني المحتاج إلي معرفة ألفاظ المنهاج – للشيخ الشربيني – مطبعة الحلبي

1377 هـ .

  1. شرح جلال الدين علي المنهاج – دار إحياء الكتب العربية .
  2. حاشية قليبوبي علي المنهاج – دار إحياء الكتب العربية .
  3. المهذب للشيرازي – مصطفي الحلبي – طبعة ثالثة 1396 هـ .
  4. روضة الطالبين للإمام زكريا يحي بن شرف النووي – المكتبة الإسلامية – بيروت 1405 هـ

( د ) الفقه الجنبلي :

  1. إعلام الوقعين عن رب العالمين – لابن القيم الجوزية – دار الحديث – ط 1997 .
  2. الإقناع في فقه الإمام أحمد – للمقدس – دار المعرفة – بيروت .
  3. الإنصاف في معرة الراجح من الخلاف علي مذهب الغمام أحمد بن حنبل – منشورات محمد علي بيضون – دار الكتب العلمية – بيروت .
  4. الروض المربع بشرح زاد المستنقع – للبهوتي – دار الفكر 1982 .
  5. كشاف القناع عن متن الإقناع – للعلامة الشيخ منصور بن يونس البهوتي – طبعة دار الفكر

1982 .

  1. منار السبيل في شرح الدليل علي مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، للشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم

ضويان – طبعة دار الكتب العلمية بيروت – الطبعة الأولي 1418 ه .

  1. المبدع شرح المقنع – لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم محمد بن محمد عبد الله بن محمد بن مفلح الحنبلي

– دار الكتب العلمية بيروت – طبعة أولي 1997 .

رابعاً : المراجع الحديثة في الفقه الإسلامي :

  1. د/ أحمد شوقي الفنجري : الطب الوقائي في الإسلام – تعاليم الإسلام الطبية – الهيئة المصرية العامة للكتاب ط 2013 .
  2. د / حسن الشاذلي : الجنايات في الفقه الإسلامي – دراسة مقارنة – دار الكتاب الجامعي .
  3. د / عبد الحليم منصور: الأحكام الفقهية لتجاوز حدود حق الاستمتاع بالزوجة في الفقه الإسلامي

والقانون الجنائي- ط 2002 .

  1. أ / عبد القادر عودة : التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي – مؤسسة الرسالة –

الطبعة الرابعة عشرة 1417 هـ .

  1. فضيلة الشيخ الدكتور / محمد سيد طنطاوي: المقاصد الشرعية للعقوبات في الإسلام – ط 2007 .
  2. د/ مهند سليم محمد المجلد: أحكام الحجر الصحي في القانون المصري والنظام السعودي مقارناً بالفقه الإسلامي- ط 2009 .
  3. د / محمد عبد الغني شامة : الإسلام إصلاح وتهذيب – عرض وتحليل للحدود والتعزير – مكتبة وهبة – طبعة 2011 .
  4. د / يوسف القرضاوي: رعاية البيئة في شريعة الإسلام – دار الشروق بالقاهرة – ط 2001 .

خامساً : الكتب القانونية العربية :

  1. د / أحمد حسني أحمد طه : المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل هعدوي الإيدز في الفقه الإسلامي والقانون الجنائي – دار الجامعة الجديدة – ط 2007 – .
  2. د/ أحمد محمد لطفي : الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – دار الجامعة الجديدة للنشر – طبعة 2005
  3. د/ الغريب إبراهيم محمد الرفاعي: دفع الضرر العام بإثبات الضرر الخاص، دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون – دار الكتب القانونية – السبع بنات .
  4. د / عثمان عبد الرحمن عبد اللطيف : الأوبئة العالمية والمسئولية الدولية – دار النهضة العربية 2020 .

د مستشار / محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة – دراسة مقارنة – دارالنهضة العربية – ط 2020 .

سادساً : الكتب القانونية الأجنبية :

  1. المراجع الفرنسية :-

Merle (R.) et Vitu (A.); traite de droit criminal Droit penal special par vitu t. 2ed (cujas ) paris 1982.

Merle (R.) et Vitu ; – traite de droit criminal t.I.Droit penal general 6 eme ed cujas (paris ) 1984.

PRADEL (J.) ; droit penal compare ed dalloz. 1995.

RASSAT ( M.L.); droit penal special infractions des et contre les particuliers dalloz 2 edition 1999et edition 1997.

STEFANI, ( G.) LEVASSEUR ( G.) et BOULOC (B.) ; Droit penal general 16 eme ed dalloz 1997.

VERON ( M.) ; droit penal special 7 eme ed armand colin 1999.

VIRIDIANA ( F.); I’erreur Sur le droit commentaire d’arret travaux diriges de droit penal procedure penology dirige par Gabriel Roujou de Boubee ellipses ed 2001.

2-: المراجع باللغة الإنجليزية:

Andrew Ashworth; principles of criminal law Oxford university press fourth edition 2003.

Antonio Cassese ; international criminal law Oxford University press edition 2003.

Donald H.J.Herman; torts private law suits about aids in aids and the law a guide for the public edited by harlon Dalton.

Ian Loveland ; Frontiers of criminalits sweet – Maxwell third edition 1995.

Janet dine and james gobert ; cases materials on criminal law Oxford University press fourth edition 2003.

John E; Douglas , ann W.burgess, allen G. Burgess and Robert K.Ressler ;

crime classification manual jossey- Bass second edition 2006.

John langone ; Aids ; the facts little brown company edition 1991.

Jonathan herring criminal law palgrave Macmillan fourth edition 2005.

Michael J Allen ; cases and materials on criminal law seventh edition London sweet Maxwell 1997.

Neil Small ; Aids the challenge avbury edition 1993.

Nigle G Foster and Satish Sule ; Germay legal system and laws Oxford university press third edition 2002.

P.R. Glazebrook ; statutes on criminal law fifteenth edition Oxford University press 2005/2006.

Richard Elliot ; criminal law hiv / aids final candian Hiv/Aids legal netword and Canadian aids society montreal 1996.

Richard May ; criminal evidence London sweet and Maxwell third edition 1995.

Richard Ward and Amanda ; Walker and Walker’s English legal system Oxford University press Ninth edition 2005.

Sepulveda ( J.) ; Fineberg ( H.) and mann ( J.) ; Aids , Prevention through education ; A.world view Oxford University press 1992.

Smith and Hogan, Criminal law eleventh edition 2005.

Web Sits ( internet ):

-http”wwwaidslaw.ca maincontent issues criminal la final report.

-http.w.w.w.montreal ca/doc/csc/scc/en indix html.

-Candian hiv/aids legal network Canadian aids society internet w.w.w.aids law ca / or throught national aids cleari

  1. () د / مهند سليم المجند : جرائم نقل العدوى – دراسة مقارنة بين القانون المصري والفقه الإسلامي والنظام السعودي – مكتبة حسن العصرية للطباعة والنشر والتوزيع – ط 2012 – ص 180.
  2. () د / محمد عبد الغني شامة : الإسلام إصلاح وتهذيب – عرض وتحليل للحدود والتعزير – مكتبة وهبة – ص 25.
  3. ()د/ أحمد شوقي الفنجري : الطب الوقائي في الإسلام – تعاليم الإسلام الطبية – الهيئة المصرية العامة للكتاب ط 2013 – ص 15 .
  4. () د / يوسف القرضاوي: رعاية البيئة في شريعة الإسلام – دار الشروق بالقاهرة – ط 2001 – ص 23.
  5. () الشاطبي: الموافقات في أصول الشريعة 3/257- 300.
  6. ()السيوطي:الاشباة والنظائر – ص 179 – 223، وابن نجيم – الأشباه والنظائر – ص 90 -، الزرقا: المدخل الفقهي العام، فقرة 590.
  7. ()السيوطي: المرجع السابق – ص 560.
  8. () أخرجه ابن ماجه والبخاري في الأدب المفرد ، ورمز له السيوطي بالحسن ، والخبرهنا عن عبد الله بن محصن ،وقال الترمزي حسن غريب .. مشار إليه في الطب النبوي – ص 275 .
  9. () أخرجه الترمذي وابن ماجه ورمز له السيوطي بالحسن ، مشار إليه في الطب النبوي – ص 276 وما بعدها .
  10. ()أخرجه الأمام أحمد وأبو داود – واللفظ له – ، والترمذي والنسائي في الكبري – مشار إليه في الطب النبوي – ص 275 .
  11. ()https://www.albayan.ae/science-today/studies-research
  12. () د/ أحمد شوقي الفنجري : الطب الوقائي في الإسلام – مرجع سابق – ص 207.
  13. () صدر مرسوم في عام 1929 يوجب علي محرري وثائق الزواج أن يحصلوا من راغبي الزواج علي إقرار كتابي بخلوهم من الأمراض المعدية السرية – انظر خطاب وزارة الصحة إلي وزارة العدل في 13/2/1929، ومنشور وزارة العدل للمحاكم الشرعية في 16/5/1929.
  14. ()قدرت بعـض الإحصائيات أن فيروس الإيدز ينتقل من الأم المصابة إلي جنينها بنسبة 1 إلي 3 أثناء فترةالحمل، إذ أن دم الأم المصابة يتصل بدم الجنين من خلال المشيمة، بل أنه يمكن أن تتم العدوى في لحظة

    الوضع أو حتى بعد الولادة من خلال لبن الثدي … انظر د / شكري صالح إبراهيم : الإيدز وأثره في

    التفريقبين الزوجين – مرجع سابق – ص 315 .

  15. () د / أحمد شرف الدين: الأحكام الشرعية للأعمال الطبية- الطبعة الثانية 1987 – ص 109. ود / أحمد محمد لطفي أحمد: الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – دار الجامعة الجديدة 2007 – ص 296.
  16. ()سورة المائدة أية 6 .
  17. ()سورة البقرة أية 222 .
  18. ()سورة المدثر، أية 4 .
  19. () رواه البخاري (162) ، ومسلم (278 ) ، أورده تقرير نشرته مجلة نيوز ويك الأمريكية تحت عنوان ” هل يمكن للصلاة أن توقف تفشي الوباء ؟ ” أوردت فيه أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم المتعلقة بالطهارة والحجر الصحي .
  20. ()https : //alsharq . com /article / 22/3/2020 .
  21. () د / أحمد حسني أحمد طه: المسئولية الجنائية عن نقل عدوي الإيدز في الفقه الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي – دار الجامعة الجديدة 2005 – ص 30.
  22. () سورة البقرة – الآية 195.
  23. () سورة النساء – الآية 29.
  24. ()د/ أحمد شوقي الفنجري : الطب الوقائي في الإسلام – مرجع سابق – ص 207.
  25. () قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ” لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة ” صحيح البخاري – ج 1 – ص 81.
  26. () نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الشرب من فم القربة أو السقاء، وأن يمنع جاره أن يغرز خشبة في داره ” أخرجه : مسلم ( 1609 )
  27. () صحيح البخاري – ج 4 – ص 145.
  28. () سورة المائدة: الآية -90 و91.
  29. ()مستشار د / محمد جبريل إبراهيم : المشكلة الجنائية والمدنية التي يثيرها مرض كورنا المستجد – مركز الأهرام للطباعة والنشر – ط 2021 – ص 156.
  30. () راجع: د/ أحمد محمد لطفي أحمد: الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – مرجع سابق – ص 54.
  31. () د/ محمد نيازي حتاته: جرائم البغاء – دراسة مقارنه – رسالة جامعة القاهرة – ص 125.
  32. () سورة الأعراف ” الآية: 33.
  33. () سورة الأنعام: الآية: 51.
  34. () سورة البقرة : الآية: 26.
  35. () سورة النمل: الآية 55.
  36. () الإسراء: الآية 32.
  37. () سورة النور: الآية – 19.
  38. () سنن أبن ماجه – 2/1322 – حديث رقم 4019 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – دار إحياء الكتب العربية – القاهرة – 1902.
  39. () سورة البقرة: الآية 222.
  40. () أخرجه الترمذي في الجامع ( 1165 ) كتاب الرضاع، وابن الجارود في المنتقي ( 729 ) والجرجاني في تاريخ جرجان ( 1/327 ) وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع ( 7801 ).
  41. () أحرجه الترمذي في الجامع ( 2980 ) كتاب تفسير القرآن.
  42. () سورة البقرة: الآية 222.
  43. () د/ أحمد شوقي الفنجري: الطب الوقائي في الإسلام – مرجع سابق- ص 205.
  44. () د / عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي مرجع سابق – ص 199 ، الشيخ جاد الحق علي جاد الحق: بحوث وفتاوي إسلامية في قضايا معاصرة – ص 322، ود/ لاشين محمد يونس – دور الشريعة الإسلامية في حماية الإنسان من مرض الإيدز – مجلة المحاماة – السنة الثانية والعشرون سبتمبر 1998 – ص 254.
  45. () أقيمت عدة دعاوي للطعن في بعض المواد الواردة في الباب الرابع من قانون العقوبات المصري بعدم الدستورية، إلا أنها رفضت بناء علي سند شكلي وهو صدور هذه المواد قبل صدور الدستور، علي أنه لو ورد أي تعديل علي هذه المواد في ظل الدستور المتضمن أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع فسيقضي بعدم دستوريتها .انظر حكم المحكمة الدستورية العليا في حكمها رقم 34 لسنة 10 ق دستورية بجلسة 3 فبراير 1990، حيث ورد في منطوق الحكم: “……..وحيث أنه ترتيباً علي ما تقدم، ولما كان مبني الطعن هو مخالفة المواد 273 و274 و275 و276 من قانون العقوبات للمادة الثانية من الدستور لخروجها علي مبادئ الشريعة الإسلامية التي تجعل الزنا من جرائم الحدود علي ما سلف بيانه، وإذ كان القيد المقرر بمقتضي هذه المادة – بعد تعديلها في 22 مايو 1980 والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية، لا يتأتي إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، وكانت المواد المشار إليها من قانون العقوبات لم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المذكور فإن النعي عليها وحالتها هذه بمخالفة المادة الثانية من الدستور – يكون في غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوي…..”

    وانظر أيضاً الدعوي رقم 226 لسنة 26 ق دستورية – بجلسة 8/10/2006 والتي قضي فيها ” بعدم قبول الدعوي لسابقة الفصل فيها “.

  46. () تقدم الدكتور / عبد المهيمن بكر سالم أثناء عمله باللجنة التشريعية لتعديل القانون الجنائي باقتراح تجريم الزنا ولو من غير الزوجين بمعناه في الشريعة الإسلامية بعد أن قدر أن ليس في مثل هذا التجريم اعتداء علي الحرية الشخصية فهي مكفولة بالزواج واقترح لتفادي الافتراء في شأن التجريم وهو لصيق بالاعتبار أن يكون مبدأ إثباته حتي لا يكون ذريعة للإضرار بالناس وانتهاك حرماتهم – راجع د/ عبد المهيمن بكر سالم: القسم الخاص في قانون العقوبات – دار النهضة العربية – ط 1977 ص 721.
  47. () سورة النور: الآية 32.
  48. () صحيح البخاري – الجامع للصحيح – 3/412 – الترمزي – السنن 1/201.
  49. ()د / أحمد محمد لطفي أحمد : الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – مرجع سابق – ص 57 .
  50. () د/ أحمد شوقي الفنجري: الطب الوقائي في الإسلام – مرجع سابق – ص 202.
  51. () معناها: أن الفعل السالم عن المفسدة متي كان وسيلة للمفسدة، منع منه، فالذريعة هي الفعل الذي ظاهره الإباحة ولكنه يفضي إلي فعل المحظور – ويّرد أصل القاعدة إلي قول الرسول صلي الله عليه وسلم ” دع ما يريبك إلي ما لا يريبك ” راجع: د/ شريف محسن محمود : مصادر تشريع الأحكام في الفقه الإسلامي – المقطم للنشر والتوزيع 2004 – ص 23.
  52. () د/ محمد الحبش: بحث بعنوان الإيدز وباء العصر – قراءة في منهج الإسلام في مواجهة الفحشاء – منشور علي شبكة الانترنت في موقع:http://thawra.alwehda.gov.sy.
  53. () أخرجه أيضاً مسلم وأبو داود والترمذي وأبن ماجه والنسائي، وأحمد – انظر أبن القيم – ص 35.
  54. ()د/ أحمد شوقي الفنجري : الطب الوقائي في الإسلام – مرجع سابق – ص 209.
  55. () ” ذكر الفقه الإسلامي نوعين من الحجر الصحي ، النوع الأول : الإمتناع عن الخروج من الأرض الذي ظهر فيهاالوباء ، والثاني : الإمتناع عن الدخول إلي أرض ظهر فيها الوباء …” انظر في تفصيل ذلك د / عثمان عبد

    الرحمن عبد اللطيف : الأوبئة العالمية والمسئولية الدولية …- مرجع سابق – ص 84 .

  56. () انظر – د/ أحمد السعيد الزقرد: تعويض ضحايا مرض الإيدز- دار الجامعة الجديدة – هامش ص 50.
  57. () وهو ما يعرف في التاريخ الإسلامي بطاعون عمواس – وهو وباء وقع في بلاد الشام في عهد عمر بن الخطاب سنة 18 هجريه بعد فتح بيت المقدس، وإنما سمي بطاعون عمواس نسبة إلى بلدة صغيرة في فلسطين بين الرملة وبيت المقدس وذلك لأن الطاعون نجم بها أولاً ثم انتشر في بلاد الشام فنُسب إليها. وقال الواقدي: “توفي في طاعون عمواس من المسلمين في الشام خمسة وعشرون ألفاً”، وقال غيره: “ثلاثون ألفاً”.و من أبرز من ماتوا في الوباء أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم من أشراف الصحابة ، و عُرفت هذه السنة بعام الرمادة للخسارة البشرية العظيمة التي حدثت فيها.راجع البداية والنهاية: لأبن كثير – الجزء السابع- طبعة مكتبة الصفا 2003 م – 1423هـ – ص 63..
  58. () د / نسرين عبد الحميد: المسئولية الجنائية عن نقل عدوي مرض أنفلونزا الطيور- دار الكتب القانونية – ص 104.
  59. () وأخرجه أيضاً أبو مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي وأحمد – وابن القيم -ص 35.
  60. () راجع: الأمراض المعدية، وأساليب مكافحتها، وحكم تعمد نقل العدوي بها للدكتور / الغريب إبراهيم محمد الرفاعي – دفع الضرر العام بإثبات الضرر الخاص – دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون – دار الكتب القانونية – السبع بنات – ص 85.
  61. () د/ مهند سليم محمد المجلد: أحكام الحجر الصحي في القانون المصري والنظام السعودي – مرجع سابق – ص 65 .
  62. () الحديث صحيح: رواة البخاري كتاب الطب باب ما يذكر في الطاعون برقم ( 5397) 5/2163 وباب ما يكره في الاحتيال في الفرار من الطاعون برقم ( 6572 ) 6/2557 ومسلم كتاب الطب، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها برقم ( 2118 ) 4/1738.
  63. () نيل الاوطار: للشوكاني، 7/375- طبعة دار الجيل – بيروت 1973.
  64. () انظر زاد المعاد – لشمس الدين أبي عبد الله محمد – ابن قيم الجوزية – تحقيق محمد عبد القادر عطا –– طبعة شركة التقوي – الجزء الثالث – ص 83.
  65. () د مستشار / محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية للوقاية من الأوبئة – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – ط 2020 – ص 56 .
  66. ()مقال لمفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام مفاده إن الناظر في التاريخ الإسلامي يجد أن توقف فريضة الحج بسبب الأزمات والأوبئة قد تكرر في كثير من السنوات عبر القرون، حتى زمن قريب؛ وذلك لأسباب عديدة، منها: البرد الشديد، وانتشار الأمراض، واشتداد العطش، والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الأمني، والاضطرابات الاقتصادية والغلاء الشديد، وثوران الرياح والعواصف، وفساد الطريق، ونحو ذلك. جريدة الوطن المصرية في عددها الصادر في يوم الاثنين الموافق 14/6/2021 .
  67. ( )د/ عبد العزيز بن سعود العويد : معجم تاريخ الحج – ط 2001 – ص 16 .
  68. () الأستاذ / جمعه علي : انقطاع الحج، مجلة مركز البحوث والدراسات الاسلامية، مجلد 5، عدد 10، كلية دار العلوم، 2009.
  69. () سورة النساء: الآية 29.
  70. () سورة البقرة: الآية 195.
  71. () وأخرجه أيضاً الأمام أحمد، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن جرير، وأخرجه مسلم – كتاب السلام – باب اجتناب المجذوم ونحوه – حديث رقم 2231.
  72. () حديث صحيح أخرجه ابن ماجه ( 3543) كتاب الطب، وأحمد ( 2076)، وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع ( 7269)، والسلسلة الصحيحة ( 1064).
  73. () الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لأبن قيم الجوزية – تحقيق الأستاذ / سيد عمران – دار الحديث – ط أولي 2002 ص 245.
  74. () إسناده ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده ( 12/ ص 423 ) حديث رقم 15974، والحاكم في مستدركه (4/ص34 ) من طريق زيد بن كعب بن عجزة عن أبيه…..وسكت عنه وقال الذهبي: قال ابن معين: زيد ليس بثقة.
  75. () أخرجه أبن السني وأبو نعيم في الطب عن عبد الله بن أبي أوفي ، ورمز له السيوطي بالضعف في الجامعالصغير من 5-41 مشار إليه في الطب النبوي ص 215 .
  76. () راجع – الوقاية في الإسلام – د/ أسامة عبد الله قايد: المسئولية الجنائية للأطباء – مرجع سابق – ص 80.
  77. () أخرجه البخاري ( 5771) كتاب الطب، ومسلم ( 2221) كتاب السلام.
  78. () د/ سلطان بن إبراهيم الهاشمي: موقف الشريعة الإسلامية من الأمراض المعدية – رسالة – جامعة قطر – منشور علي شبكة الانترنت – sultan.i@qu.edu.qa – ص 4.
  79. () لا عدوى : أي لا يعدي شئ شيئاً.
  80. () هام: اسم طائر من طيور الليل كانوا يتشاءمون به فيصدهم عن مقاصدهم.
  81. () صفر: كان العرب يزعمون أن في البطن حية تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه.
  82. () الممرض: أي ذو الماشية المريضة.
  83. () المصح: ذو الماشية الصحيحة.
  84. () أخرجه البخاري معلقاً – كتاب الطب – باب الجذام – حديث رقم 5707، ومسلم في كتاب السلام باب لا عدوى ولا طيره ولا هامه – حديث رقم 2220.
  85. () راجع الآراء الفقهية في عزل المريض بمرضٍ معدٍ في بحث للدكتور / سلطان بن إبراهيم الهاشمي: موقف الشريعة الإسلامية من الأمراض المعدية – مرجع سابق – ص 5.
  86. () انظر – الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لأبن قيم الجوزية- المرجع السابق – تحقيق الأستاذ سيد عمران – دار الحديث – طبعة أولي 2002 – ص 243.
  87. () حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام ( 2/ ص 333 ) حديث رقم 2341، وأحمد في مسنده حديث رقم 2862 ورواه الألباني في إرواء الغليل ( 3/ص 408 ) حديث رقم 896 جميعا من طريق عكرمة عن أبن عباس.
  88. () انظر – الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لأبن قيم الجوزية- المرجع السابق – ص 244.
  89. () الفروق للقرافي ( 4/237 ).
  90. () مواهب الجليل ( 2/184 ) حاشية الدسوقي ( 1/389 ) التاج والإكليل ( 2/556 ) نهاية المحتاج ( 2/160 ) معني المحتاج ( 1/476 )، أسني المطالب ( 1/215 ) مطالب أولي النهي ( 3/699 ).
  91. () د/ الغريب إبراهيم محمد الرفاعي: دفع الضرر العام بإثبات الضرر الخاص، دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون – دار الكتب القانونية – السبع بنات – ص 89.
  92. () المنتقي شرح الموطأ ( 3/81 ).
  93. () مواهب الجليل ( 2/184) حاشية الدسوقي.
  94. () الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم – ص 278 – ط – دار إحياء العلوم.
  95. () المنتقي شرح الموطأ ( 3/81 ).
  96. () مواهب الجليل ( 2/184 )، وحاشية الدسوقي ( 1/389 ) الطرق الحكمية – ص 279.
  97. () مواهب الجليل ( 2/184 )، وحاشية الدسوقي ( 1/389 ) الطرق الحكمية – ص 279.
  98. () أورد تقرير نشرته صحيفة نيوز ويك الأمريكية تعاليم النبي محمد صلي الله عليه وسلم فيما يتعلق بالوقاية من الأوبئة ،تضمن الأمر بالحجر الصحي والنظافة كما وردت في أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم .
  99. ()د / عثمان عبد الرحمن عبد اللطيف : الأوبئة العالمية والمسئولية الدولية – دار النهضة العربية 2020 – ص 100 .
  100. ()اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005 الخاصة بمنظمة الصحة العالمية .
  101. ()انظر موقع منظمة الصحية العالمية علي شبكة الانترنت : http://www.emro.who.int/ar/health-topics/infectious-diseases/index.html
  102. () د/ مهند سليم محمد المجلد: أحكام الحجر الصحي في القانون المصري والنظام السعودي –مرجع سابق – ص 66 .
  103. ()سورة البقرة أية 195 .
  104. () دار الإفتاء المصرية – فتوي رقم 4993 بتاريخ 17/3/2020 .
  105. ()رواه البخاري (616)، ومسلم (699)
  106. () فضيلة الشيخ الدكتور / محمد سيد طنطاوي: المقاصد الشرعية للعقوبات في الإسلام – ط 2007 – ص 109.
  107. () د / عبد الحليم منصور: الأحكام الفقهية لتجاوز حدود حق الاستمتاع بالزوجة في الفقه الإسلامي والقانون الجنائي- ط 2002 – مرجع سابق – ص 258.
  108. () د / أحمد محمد لطفي: الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – مرجع سابق – ص 461.
  109. () د / أحمد حسني أحمد طه: المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز في الفقه الإسلامي – مرجع سابق – ص 35.
  110. () د/ أحمد محمد لطفي أحمد: الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – مرجع سابق – ص 461.
  111. () بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد – دار الفكر – بيروت 1998 – ص 134 .
  112. () الحاوي الكبير، جـ 15 ص 185.
  113. () المبدع شرح المقنع، جـ 7 ص 196.
  114. () يري الأحناف أن القتل بالتسبب لا يوجب القصاص، وإنما يوجب الدية علي العاقلة – للمزيد انظر تبيين الحقائق، 6/102، والعناية، 10/214، والبحر الرائق، 8/334، ومجمع الأنهر، 2/618.
  115. () المدونة،4/656، منح الجليل شرح مختصر خليل – لمحمد بن أحمد بن عليش 9/88- طبعة دار الفكر – بيروت – حاشية الصاوي علي الشرح الصغير 4/339
  116. () تحفة المحتاج 8/382 مغني المحتاج 5/218، إعانة الطالبين، 4/113
  117. () الإنصاف،9/440، والمغني،8/212، كشاف القناع، 5/509، وشرح منتهي الإرادات، 3/256، نيل المآرب، 2/242
  118. ()البحر الزخار، 6/229
  119. () شرح النيل وشفاء العليل، 15/219
  120. () شرائع الإسلام، 4/182، الروضة البهية، 10/152
  121. () ذهب الحنفية والظاهرية إلي أنه لا يجب القصاص في القتل بالسم مطلقاً لأنه أكله باختياره من غير إلجاء حسي ولا شرعي من الجاني، ولأنه ارتكب جناية ليس لها حد مقدر. للمزيد يراجع المبسوط للسرخسي،26/153، بدائع الصنايع 7/235، ورد المختار 6/542، وتبيين الحقائق 6/101، ومجمع الأنهر 2/622.
  122. () تراجع توصيات الندوة الفقهية الطبية الإسلامية عن ” رؤية إسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الإيدز ” التي عقدت في الكويت خلال الفترة من 23-25 جمادي الآخرة سنة1414هـ، 6-8 ديسمبر سنة1993 م المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، الكويت ص 4.
  123. () عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي – الجزء الثاني – مرجع سابق – ص 113.
  124. () المغني ، 9/205 .
  125. () الإجماع لابن المنذر ، ص 114 ، طبعة مكتبة الصفا – القاهرة .
  126. () بدائع الصنائع ، 7/234 ، المغني 9/306 ، البحر الرائق 8/330 ، تحفة الفقهاء 3/103 أحكام القرآن للجصاص ، 2/316 ، الفتاوي الهندية 6/3 .
  127. ()بدائع الصنائع جـ 7 – ص 377 ، بداية المجتهد جـ 2 – ص 337 ، وروضة الطالبين جـ 7 – ص 200 وما بعدها ، الحاوي الكبير للماوردي جـ 16 – ص 156 ، المبدع شرح المقنع جـ 7 –ص 201 ، المغني جـ 11 ، ص 553 .
  128. () بدائع الصنائع جـ 7 ص 377 وما بعدها ، ومفاتيح الغيب جـ 5 – ص 382 الطبعة الثانية دار الغد العربي .
  129. () سورة الأنعام آية رقم 164 .
  130. () سورة الأنعام آية رقم 164 .
  131. () سنن النسائي جـ 8- ص 42 .
  132. () المغني لابن قدامة جـ 11 – ص 553 .
  133. ()بدائع الصنائع للكاساني جـ 7 – ص 378 .
  134. ()صدر القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الأحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية والمعدل بالقانون رقم55 لسنة 1979 ، وغيره من القوانين التي تهدف إلي الوقاية من نقل عدوي الأمراض الخطيرة .
  135. ()صدر هذا القرار ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 24/3/2020 .
  136. ()راجع المادة الأولي من قرار ئريس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 .
  137. ()المادة الثانية عشرة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 .
  138. ()المادة الثالثة عشرة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 .
  139. ()أضيفت الفقرة (ثالثاً ) من هذه المادة بموجب المادة (4) من قانون  التعديل الثامن لقانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981، والصادر برقم 54 لسنة 2001 فأصبحت بالشكل المذكور
  140. ()راجع قانون الصحة العامة الأردني رقم 47 لسنة 2008 المواد 21 وما بعده .
  141. ()راجع المادة 10 من المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 1968 الصادر في قطر بشأن الإحتياطات الصحية للوقاية منالأمراض المعدية والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2020 .
  142. ()راجع مواد القانون رقم 8 لسنة 1969 بشأن الاحتياطات الطبية للوقاية من الأمراض السارية والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1980 والمعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2020 .
  143. ()الحكم رقم 264 لسنة 2020 دائرة جنح الأحداث الكويتية بجلسة 31/3/2020 .
  144. () راجع المادة 83 وما بعدها من قانون الحجر الصحي رقم 44 لسنة 1955.
  145. () تم الطعن علي هذا القرار بموجب الطعن رقم 16020 لسنة 17 ق، ونظر الطعن أمام محكمة القضاء الإداري بقنا التي أصدرت حكمها في الشق العاجل بجلسة 13/1/2011 برفض طلب وقف التنفيذ، وإحالة الشق الموضوعي إلي هيئة المفوضين، إلي أن تم إلغاء القرار أمام المحكمة الإدارية العليا.
  146. () المواد الأولي والثانية والرابعة من القرار رقم 339 لسنة1959 في شأن الاحتياطيات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية بالنسبة لعمال التراحيل – راجع الأستاذ / عادل السيوي – الرسالة السابقة – ص 27.
  147. () بموجب هذا القرار تم تعليق حركة الطيران الدولي حتي 31/3/2020 وتم مد العمل بهذا القرار بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 .
  148. () البستاكوزيس هو مرض بكتيري فيروسي يصيب الطيور وينتقل للإنسان وهو ناتج عن الإصابة بنوع من الفيروسات أو البيكتريا وتنتقل العدوي للإنسان عن طريق استنشاق الفيروسات والبيكتريا من فضلات وريش الطيور المصابة ومن أعراضه مثل الأنفلونزا التي يمكن أن تتطور إلي نزلة شعبية أو التهاب رئوي والسخونة والآلام في العضلات والمفاصل.
  149. () د/ عادل يحيي قرني: الحماية الجنائية للحق في الصحة – مرجع سابق – ص 212.
  150. () مادة 23 من قانون الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية رقم 137لسنة1958 المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 .
  151. () حددت المادة 124 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المقصود بالحيوان بأنه الحيوانات والدواجن والطيور التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة، ولقد صدر قرار وزير الزراعة رقم 29 لسنة 1967 بتحديد الحيوانات والطيور وهي: ” الفصيلة البقرية والجاموس والأغنام والماعز والفصيلة الخيلية (الخيل – البغال – الحمير) والجمال والخنازير والحيوانات الوحشية والأرانب والدجاج والبط والإوز والرومي والحمام ” راجع الوقائع المصرية – في 2 مايو سنة 1967 – العدد 63.
  152. () الجريدة الرسمية في 10 سبتمبر سنة 1966 – العدد 206.
  153. () تنص المادة 135 من القانون رقم 53 لسنة 1966 علي أنه: ” يصدر وزير الزراعة قرارات في المسائل الآتية: تحديد أنواع الحيوانات أو اللحوم والمنتجات والمتخلفات الحيوانية وكذلك الأمراض المعدية والوبائية التي تنطبق عليها أحكام هذا الفصل.تحديد نظام وإجراءات العمل في المحاجر البيطرية والرسوم المقررة علي الحيوانات التي تخضع للحجر البيطري وحالات الإعفاء منها………………….. )
  154. () الوقائع المصرية العدد 63 في 2/5/1967 وهو المعدل بالقرار رقم 13 لسنة 1980 – الوقائع المصرية – العدد 135 في 9/7/1980.
  155. () الوقائع المصرية العدد 63 في 3/5/1967 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 1981ثم القرار رقم 47 لسنة 1982 – الوقائع المصرية العدد 235 في 17 / 10/ 1982.
  156. () د/ رضا عبد الحليم عبد المجيد: النظام القانوني لكوارث الأصناف الحيوانية والنباتية بالتطبيق علي جنون البقر – أنفلونزا الطيور – تلف المزروعات – دراسة مقارنة بالقانون الفرنسي – مرجع سابق – ص 13.
  157. () د/ نسرين عبد الحميد نبيه: المسئولية الجنائية عن نقل عدوى مرض أنفلونزا الطيور في الشريعة والقانون – مرجع سابق – ص 86.
  158. ()راجع الفصل الثالث من قانون الصحة العامة الفلسطيني رقم 20 لسنة 2004 المواد 9 و10و11 .
  159. () راجع قانون الصحة العامة الفلسطيني رقم 20 لسنة 2004 المواد 12 و 13 و 14 و15 .
  160. () يراجع – د/ نسرين عبد الحميد نبيه: المسئولية الجنائية عن نقل عدوي مرض أنفلونزا الطيور في الشريعة والقانون – مرجع سابق – ص 73.
  161. () د / محمد أنس قاسم جعفر، ود / عبد العظيم عبد السلام: النشاط الإداري – المرجع السابق – ص 45.
  162. () تنص المادة 25 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 علي أنه يجب تطعيم الطفل وتحصينه بالطعوم الواقية من الأمراض المعدية، وذلك دون مقابل بمكاتب الصحة والوحدات الصحية وفقاً للنظم والمواعيد التي تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون..”.
  163. () د/ أسامة أحمد بدر: ضمان مخاطر المنتجات الطبية – دراسة مقارنة – دار الكتب القانونية – ص 269
  164. () انظر الوقاية في التشريع المصري – الدكتور / أسامة عبد الله قايد – المسئولية الجنائية للأطباء – مرجع سابق – ص 83 وما بعدها.
  165. () ألغيت هذه القوانين بالمادة 27 من القانون رقم 137لسنة1958.
  166. () تضمن القانون رقم 137لسنة1958 في مواده 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9 تنظيم عمليات التطعيم والتحصين ضد الأمراض المعدية.
  167. () راجع د/ شريف سيد كامل: الحماية الجنائية للأطفال – مرجع سابق – ص 105.
  168. () د/ السيد محمد عتيق: القتل بدافع الشفقة – مرجع سابق – هامش ص 85.
  169. () انظر المواد 2، 3، 6 من القانون رقم 24 لسنة 1940 والمذكرة الإيضاحية للقانون المنشور في الوقائع المصرية عدد 45 في 25 ابريل لسنة 1940 وقرارات أغسطس سنة 1940.
  170. () د/ شريف سيد كامل: الحماية الجنائية للأطفال – مرجع سابق – ص 105.
  171. () وهذا النص يقابل ما تقضي به المادة الثانية من القانون رقم 137 لسنة 1958 في شأن الاحتياطيات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1979 ، ولكنه جاء بصورة شاملة لكل الأمراض المعدية.
  172. () وفقا للمادة ( 27 ) من هذه اللائحة:( أ ) يجب تقديم الطفل للتطعيم بالطعم الواقي من مرض الدرن قبل اكتمال الشهر الأول من عمره.

    ( ب ) يتم إعطاء الطفل عند بلوغه شهرين من عمره جرعة أولي من طعم شلل الأطفال وجرعة أولي من الطعم الثلاثي أو الرباعي وجرعة أولي من طعم الالتهاب الكبدي الفيروسي ب.

    ( جـ ) تعطي للطفل الجرعة الثالثة من الطعوم الثلاثة المذكورة عند بلوغه ستة أشهر.

    ( د ) يعطي الطفل جرعة رابعة من طعم شلل الأطفال وجرعة من طعم الحصبة، عند بلوغه تسعة أشهر.

    ( هـ ) يعطي الطفل جرعة منشطة من طعم شلل الأطفال وأخري منشطة من الطعم الثلاثي، عند بلوغه ثمانية عشر شهرا.

  173. () المقصود هنا هو والد الطفل أو من يكون الطفل في حضانته وفقاً لنص المادة 25 من القانون 12 لسنة 1996.
  174. () د/ شريف سيد كامل: الحماية الجنائية للأطفال – مرجع سابق – ص 106.
  175. ()تضمنت هذه المواد وجوب تطعيم الطفل وتحصينه بالطعوم الواقية من الأمراض المعدية، وذلك دون مقابل، بمكاتب الصحة والوحدات الصحية، وفقا للنظم والمواعيد المبينة. ويقع واجب تقديم الطفل للتطعيم أو التحصين على عائق والده أو الشخص الذى يكون الطفل في حضانته.ويجوز تطعيم الطفل أو تحصينه بالطعوم الواقية بواسطة طبيب خاص مرخص له بمزاولة المهنة، بشرط أن يقدم من يقع عليه واجب تقديم الطفل للتطعيم أو التحصين شهادة تثبيت ذلك إلى مكتب الصحة أو الوحدة الصحية قبل انتهاء الميعاد المحدد.
  176. () في مجال وقاية الإنسان من الأمراض المعدية يتم التطعيم والتحصين ضد هذه الأمراض خاصة للأطفال، وكذلك عند الدخول أو الخروج من البلاد، ويمكن الإشارة إلي التشريعات التالية في مجال التطعيم:القانون رقم 1 لسنة 1926 بشأن مقاومة الملاريا.

    القانون رقم 131 لسنة 1946 بشأن مقاومة الجذام.

    القانون رقم 123 لسنة 1956 بشأن التحصين ضد الدرن.

    القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية.

  177. () د / أسامة عبد الله قايد : المسئولية الجنائية للأطباء – مرجع سابق – ص 107 وما بعدها .
  178. () . T.GI, Paris, 4 oct. 1995 , D. 1996.28, note JCP. 1996.11.22615, note laude
  179. () د/ محمود نجيب حسني: أسباب الإباحة في التشريعات العربية – جامعة الدول العربية – معهد الدراسات العربية العالية 1962 رقم 84 ص 119 .
  180. () د/ مهند صلاح أحمد: الحماية الجنائية للجسم البشري في ظل الاتجاهات الطبية الحديثة – مرجع سابق – ص 262
  181. () د/ نسرين عبد الحميد نبيه : وباء أنفلونزا الخنازير بين وجوب تصدي التشريعات له وآثاره المدمرة علي الاقتصاد العالمي – مرجع سابق – ص 236
  182. () د / محمد حسين منصور: المسئولية الطبية – منشأة المعارف بالإسكندرية ص 168.
  183. () القرار منشور في الجريدة الرسمية – العدد 30 بتاريخ 1 أغسطس 1996.
  184. () تشارك جهات عامة أخري في تقديم خدمات الرعاية الصحية المباشرة للمواطنين أبرزها الهيئة العامة للتأمين الصحي، وهيئة المستشفيات التعليمية، والمؤسسة العلاجية، والقطاع الخاص.
  185. () د/ أسامة أحمد بدر: ضمان مخاطر المنتجات الطبية – دراسة مقارنة – دار الكتب القانونية ص 268.
  186. ()L.75-401,25 mai 1975
  187. () د/ محمد حسين منصور: المرجع السابق ص 169.
  188. () وهو ما يتوافق مع الرأي الشرعي والقرارات الدولية ومن ذلك ما جاء في قرار المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالاشتراك مع مجمع الفقه الإسلامي ومنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الكويتية: حيث جاء فيه ما نصه ( تؤكد المعلومات الطبية المتوافرة حالياً أن العدوي بفيروس الإيدز لا تحدث عن طريق المعايشة أو الملامسة أو التنفس أو الحشرات في الأكل أو الشرب أو المراحيض أو حمامات السباحة أو المقاعد وأدوات الطعام وغير ذلك من أوجه المعايشة في الحياة العادية )
  189. () المادة الأولي من القانون رقم 44 لسنة 1955 الخاص بإجراءات الحجر الصحي.
  190. () راجع د/ الغريب إبراهيم محمد الرفاعي : دفع الضرر العام بإثبات الضرر الخاص – دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون – دار الكتب القانونية – سنة 2011 – ص 104.
  191. () تجيز المادة 28/2 من قانون الحجر الصحي عزل الشخص المشتبه في إصابته بأحد الأمراض الموجبة للعزل إذا رأت السلطات الصحية أن هناك خطراً بالغاً من انتقال العدوى منه ، وكذلك تجيز المادة العاشرة من القانون رقم 137لسنة 1958 في شأن الاحتياطيات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية هذا العزل – وفي ولاية تكساس في سنة 1987 صدر تشريع يسمح بعزل الأشخاص الذين يحملون فيروس مرض الإيدز .
  192. () تنص المادة الأولي من القانون رقم 131 لسنة 1946 بشأن مكافحة الجذام علي أنه: ” لوزير الصحة العمومية بقرار يصدره ة أن يأمر بإجراء الكشف الطبي علي الأفراد والجماعات للوصول إلي حصر المصابين بمرض الجذام ” كما تنص المادة الثالثة من ذات القانون علي أنه: ” للسلطة الصحية إذا اشتبهت في إصابة شخص بمرض الجذام أن تكلفة الحضور للكشف الطبي في المكان والميعاد اللذين تحددهما له فإذا لم يحضر جاز إحضارة بواسطة البوليس وبناء علي أمر كتابي من الطبيب المختص ” كما تنص المادة العاشرة من ذات القانون علي أنه: ” يجب أن يكون علاج المصاب بالجذام إجبارياً ولو لم يكن المصاب به معزولاً طبقاً للنظام الذي يضعه وزير الصحة العمومية بقرار منه فإذا انقطع المصاب غير المعزول عن العلاج ترفع السلطة الصحية أمره إلي اللجنة المنصوص عليها في المادة ( 5 ) لتقرير عزله أن كان في انقطاعه عن العلاج ما يعرض الغير لخطر العدوى وذلك بغير إخلال بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ” وتنص المادة الرابعة من القانون المذكور علي أنه: ” إذا ثبت من الكشف الطبي علي شخص أنه مصاب بمرض الجذام تتحفظ السلطة عليه وترفع أمره إلي اللجنة المنصوص عليها في المادة ( 5 ) في مدي 24 ساعة من تاريخ الكشف وإلي أن يصدر قرار اللجنة لا يجوز للمريض أن ينتقل من المحل الذي يقيم فيه إلي محل أخر إلا بتصريح خاص من السلطة الصحية، ولهذه السلطة أن تتخذ جميع الاحتياطيات اللازمة لمنع انتقال العدوى ومنها تطهير مساكن الأشخاص الذين تثبت إصابتهم بمرض الجذام وأماكن عملهم وملابسهم ومفروشاتهم أما إذا اقتضت الضرورة إعدام الملابس والمفروشات فيجب التحفظ عليها لحين أخذ موافقة الوزارة علي ذلك، كذلك يكون لها الحق في عزل المصاب مؤقتاً إلي أن تتخذ الإجراءات اللازمة لعزله نهائياً ” وتنص المادة الخامسة من ذات القانون علي أنه : ” كل من تثبت إصابته بمرض الجذام يعزل ويصدر بعزله أمر من لجنة مؤلفة من ثلاثة أطباء أخصائيين يعينون بقرار من وزير الصحة العمومية ”
  193. () د/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – مرجع سابق – ص55 .
  194. () د/ الغريب إبراهيم محمد الرفاعي : دفع الضرر العام بإثبات الضرر الخاص – دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون – دار الكتب القانونية – ص 85.
  195. () د/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – مرجع سابق – ص 55.
  196. () د/ أحمد محمد لطفي أحمد: الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – مرجع سابق – ص 190.
  197. () د/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – مرجع سابق – ص 55.
  198. ()J-rgens.R , HIV/AIDS in prisons: final report , Montreal, Canada HIV / AIDS legalnetwork , Canadian Aids Society , 1996 , pp. 81 -88 ( Responsibility of prison systems ).
  199. () د/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – مرجع سابق – ص 55.
  200. () المادة الرابعة من القانون 141 لسنة 1944بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية.
  201. () المادة الخامسة من ذات القانون.
  202. () راجع الدراسة الميدانية لحالات مصابة بالإيدز –د/ محمد حسن غانم: سيكولوجية مرضي الإيدز – ط1 القاهرة –دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع 2008 – ص 187.
  203. () تنظم المادتان 16، و17 من القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية المعدل بالقانون 55 لسنة 1979 العزل الوجوبي، والعزل الجوازي علي حسب نوع المرض المعدي، فيكون وجوبياً بالنسبة لأمراض القسم الأول، وجوازياً بالنسبة لأمراض القسم الثاني والثالث.
  204. () د / أحمد محمد لطفي: الإيدز وأثاره الشرعية والقانونية – مرجع سابق – ص 195.
  205. () يجب أن يشارك في تقرير عزل المريض بمرضٍ معدٍ أخصائي نفسي، وأخصائي اجتماعي لتحديد مدي ملائمة العزل من عدمه .
  206. () راجع أيضاً نص المادة 54 من دستور 2014، وكذلك – ٍراجع د/ أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية- مرجع سابق – ص 56 حيث يري سيادته أن كل إجراء جنائي يسمح به القانون يجب أن يكون مقيداً بالضمانات القانونية درءً لخطر التحكم في مباشرته وإلا كان مخالفاً لقرينة البراءة .
  207. () يري البعض أنه إذا لم تكن هناك جريمة فلا يوقع تدبير سالب للحرية أو مقيد لها مع الاحتفاظ بأخذ تعهد بكفالة أو بغير كفالة لعدم مساسه بالحريات وعلي أي حال إذا أخذت الدولة بأي تدبير منعي يجب النص قانوناً عليه ؛ لأنه لا تدبير إلا بنص – راجع د / محمد محمد مصباح القاضي: الحماية الجنائية للحرية الشخصية…. – مرجع سابق – ص 21.
  208. (2) Foutouh El Chazli : le sida au regard du droit egyptien , in droit et sida , comparais on internationale , C N R S –Op.Cit , 1994,P .158.
  209. () د/ محسن العبودي: الحريات الاجتماعية بين النظم المعاصرة والفكر السياسي الإسلامي، دراسة منشورة في حقوق الإنسان، إعداد الدكتور محمود شريف بسيوني، الدكتور محمد السعيد الدقاق، الدكتور عبد العظيم وزير، المجلد الثالث – دراسة تطبيقية عن العالم العربي 1989 ص 68
  210. () حكم رقم 3551 لسنة 7ق قضاء إداري جلسة 28/12/1954 منشور في مؤلف د/ نعيم عطية: المنع من السفر – مرجع سابق – ص 5 وما بعدها – وكذلك حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3316 لسنة 49 ق عليا جلسة 24/3/2007 الدائرة الأولي عليا ”
  211. ()leclercq , no. 309,p. 191.
  212. () د/ صبحي عبده سعيد: السلطة والحـرية في النظـام الإسلامي – دراسـة مقـارنة – الناشر دار الفـكر العـربي 1982 ص 134.
  213. () راجع اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005 الخاصة بمنظمة الصحة العالمية .
  214. ( )ما زلنا نجدد الدعوة للمشرع للتدخل التشريعي وتنظيم أمر تجهيز موتي الأوبئة ودفنهم ، لأن الوقائع الحديثةأظهرت القصور التشريعي في هذا الأمر حينما أعترض الأهالي علي دفن موتي الأوبئة في مقابر البلد .
  215. ( )مستشار د / محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية للوقاية من الأمراض المعدية –دراسة مقارنة –دار النهضة العربية 2020 – ص 124 .
  216. ( )يعتبر صغر السن من أحد أسباب امتناع المسئولية الجنائية في القانون المصري ، وعلة ذلك أن الشخص فيالسنوات الأولي من عمره لا يكتمل إدراكه ونموه العقلي فهو غير كامل الأهلية التي تسمح له بتفهم ما هية أفعاله والنتائج المترتبة عليها .
  217. () القانون رقم 158لسنة1950 بشأن الأمراض الزهرية، والقانون رقم 137لسنة1958 قد صدرا في الخمسينات من القرن الماضي، وما زالا ساريين حتي الآن.
  218. () راجع وجهة نظر معتبرة للدكتور /عبد الحميد بلقاضي: تقييد التدخل الجنائي بالحد الأدنى وحدود اعتباره مبدأ موجها للسياسة الجنائية المعاصرة – مجلة الحقوق – مجلس النشر العلمي – جامعة الكويت – العدد الثالث – السنة الثلاثون – سبتمبر 2006 – ص 221.
  219. () القانون رقم 158 لسنة 1950 الخاص بمكافحة مرض الزهري. منشور في الوقائع المصرية – في 18/9/1950 العدد 91.
  220. () بالرغم من أن التقدم في العلوم الطبية قد أدي إلي القضاء علي الكثير من الأمراض المعدية إلا أن ظهور الممارسات الطبية والعلمية الحديثة قد أفرزت إشكاليات جديدة لا تقوي العقاقير التقليدية علي شفاءها – راجع د/ عادل يحيي قرني: الحماية الجنائية للحق في الصحة – مرجع سابق – ص 11.
  221. () د/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – مرجع سابق – ص 69.
  222. () يمكن اعتبار المريض شريكاً في جريمة عدم التبليغ إذا كان هو المحرض علي عدم التبليغ، أو هو الذي أشار بمنع المكلف بذلك.
  223. () الأستاذ / عادل السيوي: الرسالة السابقة – ص 35.
  224. () د / أحمد إبراهيم المعصراني: المسئولية الجنائية عن عمليات نقل الدم الملوث – الرسالة السابقة – ص231.
  225. () باستقراء القرار بقانون رقم 178 لسنة 1960 نجده لا يتعلق إلا بمسئولية مركز الدم أو بنك الدم في مواجهة من يتطوع بدمه، لا في مواجهة من ينقل إليه.
  226. () د/ أحمد إبراهيم المعصراني: المسئولية الجنائية عن عمليات نقل الدم الملوث – الرسالة السابقة – ص232.
  227. () د/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – ص 107.
  228. () د/ أحمد إبراهيم المعصراني: المسئولية الجنائية عن عمليات نقل الدم الملوث – الرسالة السابقة- ص227.
  229. () د/ خالد موسي توني: المسئولية الجنائية في مجال عمليات نقل الدم – رسالة دكتوراه جامعة القاهرة – ص 539 .
  230. () د/ جميل عبد الباقي الصغير: القانون الجنائي والإيدز – مرجع سابق – ص 23.
  231. () د / أمين مصطفي محمد: الحماية الجنائية للدم من عدوي الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي – مرجع سابق – ص 37.
  232. () د/ جميل عبد الباقي الصغير: المرجع السابق – ص 24.
  233. () يرجع السبب في ذلك إلي كون هذه القوانين ترمي إلي الوقاية والتدابير الاحترازية، ولم تتناول المسئولية الجنائية في حالة نقل العدوى.
  234. () د/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – مرجع سابق – ص 69.
  235. () القانون رقم 137لسنة 1958 بشأن الأمراض المعدية.
  236. () القانون رقم 131 لسنة 1946 بشأن مقاومة الجذام.
  237. ()مستشار . د / محمد جبريل إبراهيم : المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل العدوي – مرجع سابق – ص 81 .
  238. () راجع القانون رقم 9 لسنة 2020 بشأن الأمراض المعدية الصادر في قطر ، والقانون رقم 4 لسنة 2020 بشأن الأمراض السارية الصادر في الكويت .
  239. () د/ أمين مصطفي محمد : الحماية الجنائية للدم – مرجع سابق – ص 30.
  240. () د/ السيد محمد عتيق : المشكلة القانونية التي يثيرها مرض الإيدز من الوجهة الجنائية – المرجع السابق – ص75.
  241. () انظر د / السيد محمد عتيق: المشكلة القانونية التي يثيرها مرض الإيدز من الوجهة الجنائية – مرجع سابق – ص 16.
  242. () المرسوم بقانون رقم 62 لسنة 1992 الذي صدر في دولة الكويت بشأن الإيدز.