مستشار دكتور/ محمد جبريل إبراهيم1
1 نائب رئيس هيئة قضايا الدولة
بريد الكتروني: gebrelmohamed865@gmail.com
HNSJ, 2021, 2(12); https://doi.org/10.53796/hnsj21212
تاريخ النشر: 01/12/2021م تاريخ القبول: 17/11/2021م
المستخلص
يُعد ارتكاب الغش في تنفيذ العقود الإدارية من أهم تطبيقات إخلال المتعاقد مع الجهة الإدارية في تنفيذ بنود العقد الإداري، ولذلك كانت حتمية العقاب الجنائي لمواجهة ارتكاب المتعاقد لجريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري لما تتصف به هذه الجريمة من خطورة على المرافق العامة، وإضرار بالمال العام، وبعكس أي إخلال آخر يرتكبه المتعاقد مع الإدارة، فإن الغش في تنفيذ بنود العقد يُعد كافياً بذاته لعقاب المتعاقد الذي يرتكب هذه الجريمة.
Fraud in the implementation of administrative contracts
A comparative applied study under Law No. 182 of 2018 regulating contracts concluded by public authorities
Consultant Dr. Mohammed Jibril Ibrahim1
1 Vice President of the State Litigation Authority
Email: gebrelmohamed865@gmail.com
HNSJ, 2021, 2(12); https://doi.org/10.53796/hnsj21212
Published at 01/12/2021 Accepted at 17/11/2021
Abstract
The commission of fraud in the implementation of administrative contracts is one of the most important applications of the contractor’s breach with the administrative authority in the implementation of the terms of the administrative contract. Therefore, the criminal punishment was inevitable to confront the contractor’s commission of the crime of fraud in the implementation of the administrative contract because of the danger that this crime is to public utilities, and damage to public money. Contrary to any other breach committed by the contractor with the administration, cheating in the implementation of the terms of the contract is in itself sufficient to punish the contractor who commits this crime
مقدمة
تمهيد:
نظراً لأهمية العقود الإدارية في وقتنا الحالي؛ التي تعُد من أهم وسائل الإدارة في ممارسة أعمالها، فإننا في هذه الدراسة نلقي الضوء على ما لهذه العقود من حماية جنائية ضد ما يعتريها من إخلال لبنودها والغش في تنفيذها، فيؤدي إلي الإضرار بالمال العام، وتعطيل سير المرفق العام بانتظام واضطراد، ونضرب لذلك مثالاً لغش المقاول في مواد البناء في عملية إنشاء مدرسة أو مستشفى أو الغش في توريد سلع ضرورية لمرفق عام، كتوريد مواد غذائية مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات لتلاميذ المدارس أو للمدن الجامعية ([1]).
وإزاء هذه الأهمية لحسن النية في تنفيذ العقد الإداري فقد أولي المشرع أهمية كبيرة لتعزيز مبادئ الحوكمة فيها، وتطبيق معايير العلانية والشفافية والنزاهة وحرية المنافسة والمساواة وتكافؤ الفرص، وتجنب تعارض المصالح، فاستوجب هذا الأمر معاملة العقد الإداري معاملة خاصة، بتوفير الضمانات الكافية لإبرامه وتنفيذه([2]).
فحرص المشرع على أن تكون الالتزامات الواقعة على المتعاقد مع الإدارة التزامات شخصية يجب تنفيذها بنفسه بطريقة تتفق مع حسن النية، إلا إذا وافقت الجهة الإدارية وفقاً للمحددات والاشتراطات التي تضعها على تعاقده من الباطن، ومع ذلك لا يستطيع أن يتحلل من مسئوليته بالإدعاء بأن الفعل الموجب لمسئوليته وقع من مندوبه دون علمه أو دون رضاه، ففي جميع الأحوال يظل المتعاقد شخصياً و دون غيره مسئولاً أمام الجهة الإدارية المتعاقدة عن الغش في تنفيذ العقد ([3]).
وكذلك منح المشرع للسلطة الإدارية المتعاقدة امتيازات واسعة في مجال العقود الإدارية، منها الإشراف على التنفيذ وفرض الجزاءات الإدارية، والتنفيذ على الحساب، ومصادرة التأمين، هذا بالإضافة إلي اللجوء إلي الجزاء الجنائي عن طريق المحكمة الجنائية المختصة لإنزال العقاب على المتعاقد المقصر أو الذي يقوم بالغش أو التدليس في تنفيذ العقد ([4]).
والعقود الإدارية متميزة في ذلك عن العقود المدنية، نظراً لما تتعلق به من مصالح عامة، وما يترتب على ذلك من آثار من ناحية الاختصاص القضائي وطرق تفسير العقد والقانون الواجب التطبيق، هذا بالإضافة إلي ما تتمتع به الإدارة من سلطات وما يتضمنه هذا العقد من شروط استئنائية غير مألوفة في مجال العقود المدنية([5]).
كما يظهر التباين والاختلاف في المراحل التي يمر بها العقد الإداري من وقت الإعلان عن المناقصة أو المزايدة حتى يتم انعقاد العقد وهناك مبادئ تحكم الإجراءات التمهيدية للعقد والسابقة على التعاقد، وكذلك هناك قواعد ومبادئ تحكم تنفيذ العقد الإداري وفقاً لمبادئ الحوكمة ([6])، وتطبيق معايير العلانية والشفافية والنزاهة وحرية المنافسة والمساواة وتكافؤ الفرص وتجنب تعارض المصالح، ويستتبع ذلك أن يكون للإدارة سلطات تباشرها أثناء تنفيذ العقد وجزاءات توقعها ضد المتعاقد معها سواء كانت غرامات تأخير أو الشراء على حساب المتعاقد المقصر أو فسخ العقد ومصادرة التأمين فضلاً عن المطالبة بالتعويضات، وكل ذلك بشروط وقيود تلتزم بها سلطة الإدارة([7]).
وهناك أيضاً الأسباب والظروف التي تمثل صعوبات مادية غير متوقعة تصادف المتعاقد فتجعل تنفيذ العقد صعباً، والنظريات التي طبقها القضاء الإداري للتغلب على هذه الصعوبات([8](، وهذه الدراسة غير معنية بذلك، وإن كان يمكن أن نعرج للإشارة إلي هذه الموضوعات في معرض البحث في ضوء المبادئ التي أستقر عليها قضاء محكمة القضاء الإداري وقضاء المحكمة الإدارية العليا.
تعريف العقد الإداري:
لم يضع المشرع المصري مثل معظم المشرعين في دول العالم تعريف للعقد الإداري بل ترك هذه المهمة للفقه والقضاء، فأضطلع هذين الأخيرين بمسئولية إعطاء هذه العقود تعريفها ووصفها القانوني الصحيح توصلاً إلي تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاعات الناتجة عنها والقانون الذي يحكمها ([9]).
ويمكن تعريف العقد الإداري بأنه العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق أو بمناسبة تسييره، والتي تظهر فيه نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص ([10]).
ومن المتفق عليه أنه يجوز إبرام عقود بين إحدى الجهات الإدارية والأفراد العاديين دون أن تعتبر عقوداً إدارية بل تبقى عقوداً تخضع للقانون الخاص باعتبارها عقود مدنية([11]).
ومن المتفق عليه أيضاً أنه ليس كل عقد تبرمه الإدارة بقصد إدارة مرفق عام أو تسييره يصبح عقداً إدارياً ما لم تظهر نية جهة الإدارة واضحة من تطبيق القانون العام عليه ([12]).
خصائص العقد الإداري وشروط إبرامه :
نشير إلي أن للعقد الإداري خصائص مميزة، ومن أهمها تمتع هذه العقود بالحماية الجنائية التي يوفرها لها القانون الجنائي([13])، كما أن لهذه العقود خصائص تميزها في مرحلة إبرامها تختلف عن إبرام العقد المدني الذي يخضع للقانون الخاص؛ إذ ترد فيه على حرية الأشخاص المعنوية العامة قيوداً منها ما يتعلق بشكل العقد وموضوعه والنصوص التي تتضمنه ومنها ما يتعلق بحرية اختيار الشخص الذي تريد جهة الإدارة التعاقد معه، ذلك أنه يشترط لإبرام بعض العقود استفتاء هيئات نص عليها القانون، ويشترط في البعض الأخر عرضها على الهيئة التشريعية وصدور قانون بشأنها، و يضاف إلى هذا أن الأشخاص المعنوية تتقيد بنصوص معينة فرضتها القوانين واللوائح، كما أن من العقود الإدارية ما يجب من حيث الشكل أن يكون مكتوباً حتى يتيسر تضمينه الشروط الاستثنائية التي تميزه عن عقود القانون الخاص([14])، وتفصيل ذلك كما يلي:-
أولاً: تمتع العقد الإداري بالحماية الجنائية:
تتمتع فئة معينة من العقود الإدارية بالحماية الجنائية وفقاً لنص المادتين 81، و116 مكرر ( ج ) من قانون العقوبات ([15])، وهذه الحماية تتضمن العقاب على إخلال المتعاقد مع الجهة الإدارية بأي بند من بنود التعاقد وكان هذا الإخلال يترتب عليه ضرر ما، وتتضمن هذه الحماية كذلك تجريم استخدام المتعاقد للغش أو التحايل في تنفيذ هذه العقود، أو استخدام تابعيه لذلك، حتي ولو لم يترتب على ذلك أي ضرر بمصالح الجهة الإدارية المتعاقدة ([16]).
ثانياً:– اشتراط أن يكون العقد الإداري مكتوباً :
قبل حسم الأمر بموجب المادة 32 من اللائحة التنفيذية للقانون 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات الملغي، وتبعتها في ذلك المادة 88 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 182 لسنة 2018 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 692 لسنة2019 التي اشترطت تحرير العقود من أصل وأربع نسخ على الأقل، فقد كانت مسألة شكل العقد الإداري كمعيار مميز له عن العقود المدنية محل خلاف وجدل، حتي انتهى الرأي فيه واستقر الفقه والقضاء على أنه يشترط أن يكون العقد مكتوباً، وهذا الشرط يتعلق بصحة العقد وليس خاصاً بطبيعته، وكما أن العقد الإداري قد يكون غير مكتوب وفى هذه الحالة تكون الشروط الاستثنائية غير المألوفة متضمنة في قواعد تنظيمية أو تشريعية قائمة في الأصل ويخضع لنصوصها العقد مباشرة عند إنشائه وبعد إبرامه وتسرى عليه هذه القواعد([17]).
ويسري هذا الشرط سواء كان العقد الإداري تقليدي أم عقد إلكتروني، حيث ساعد التطور المستمر لتكنولوجيا معالجة ونقل المعلومات باستخدام تقنيات وسائل الاتصال الحديثة إلي ظهور شكل حديث للكتابة وهي الكتابة الالكترونية التي تدون على دعامات غير مادية تتسم بالطابع اللامادي، وقد ألقي هذا التطور التقني بظلاله على قواعد إثبات التصرفات القانونية التي ترتبط بصفة جوهرية بوجود محرر ورقي يتضمن كتابة موقعة على ورق، إلا أن استخدام الوسائط الإلكترونية أدي إلي انفصام الرابطة بين الكتابة والدعامة التي تدون عليها، فهي توفر مفهوماً واسعاً للكتابة يرتكز على اعتبارها رموزاً معبرة عن المضمون بصرف النظر عن دعامتها، فتصلح مجردة ولا تتقيد بالرابطة التقليدية بين الكتابة والورق ([18]).
ولقد حسمت المادة 88 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات الحكومية هذا الأمر فنصت على أنه:- ” وتحرر العقود بين المتعاقد والجهة الإدارية متضمنة كافة الضمانات اللازمة للتنفيذ وذلك كله وفقاً للنماذج الصادرة عن الهيئة العامة للخدمات الحكومية، ويحرر العقد من أصل وأربع نسخ على الأقل يسلم الأصل للإدارة المالية مرفقاً به كافة المستندات، ونسخة لإدارة التعاقدات لحفظها بملف العملية، ونسخة للمتعاقد، ونسخة للإدارة الطالبة أو المستفيدة، ونسخة للإدارة المشرفة على التنفيذ بحسب الأحوال “([19]).
والجدير بالذكر أن العقد غير المكتوب غير مألوف في المجال الإداري بسبب جنوح الإدارة عادة إلى أثبات روابطها التعاقدية بالكتابة إلا أنه لا يزال يؤدى دوراً مكملاً لبعض أنواع العقود الإدارية([20]).
ثالثاً:- الشروط اللازم توافرها في المتعاقدين مع الإدارة :
العقد الذي تكون الإدارة أحد أطرافه سواء كان عقداً إدارياً أو مدنياً إنما يمر حتى يكتمل تكوينه بمراحل متعددة ويسلك إجراءات شتى وفقاً للأحكام والنظم السارية حسب الأحوال([21]).
ويلزم لذلك أن تتوافر في المتعاقد مع الإدارة الشروط التالية:
- يشترط دائماً فيمن يتقدم للتعاقد مع الإدارة أن يكون متمتعاً بحسن السمعة وهذا قيد لمصلحة المرفق العام.
- أن تكون قد ثبتت كفاية المتعهدين أو المقاولين سواء من داخل الدولة أو خارجها في النواحي الفنية والمالية وأن تتوافر في شأنهم شروط الكفاءة والخبرة التي تمكنهم من الوفاء بالتزاماتهم العقدية على الوجه الأكمل ([22]).
- للإدارة الحق في استبعاد من ترى استبعادهم من قائمة عملائها ممن لا يتمتعون بحسن السمعة ولها مطلق التقدير في مباشرة هذا الحق لا يحدها في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة.
- يجوز إصدار قرارات الاستبعاد بالنسبة للمتعهدين والمقاولين كجزاء يسبب العجز في تنفيذ التزام سابق، ويجوز أيضاً استبعاد بعض الأشخاص غير المرغوب فيهم بما يتجمع لدى الإدارة من تقدير عام عن كفاية هؤلاء وقدرتهم دون أن يسبق ذلك ارتباطهم مع جهة الإدارة في عمل ما، وذلك كإجراء وقائي توخياً للمصلحة العامة وحدها ([23]).
- المركز المالي المميز للمتعاقد، وإمكانياته المادية من حيث المعدات والآلات وما غلي ذلك من مكونات التقنية الحديثة.
- حق الإدارة في فسخ العقد ومصادرة التأمين النهائي في الحالات الآتية:
الحالة الأولى: إذا استعمل المتعاقد الغش أو التلاعب في معاملته مع الجهة المتعاقدة.
الحالة الثانية: إذا ثبت أن المتعاقد قد شرع بنفسه أو بواسطة غيره بطريق مباشر وغير
مباشر في رشوة أحد موظفي الجهات الخاضعة لأحكام القانون.
الحالة الثالثة: إذا أفلس المتعاقد أو أعسر ([24]).
- يشطب اسم المتعاقد في الحالتين الأولي و الثانية من سجل المتعاقدين أو المقاولين وتخطر وزارة المالية بذلك لنشر قرار الشطب ولا يخل فسخ العقد ومصادرة التأمين بحق الجهة الإدارية في الرجوع على المتعاقد بالتعويض اللازم ([25] ).
رابعاً: حالة تعاقد إحدى الهيئات الخاصة لحساب الإدارة ومصلحتها :
من البديهي أن العقد الذي لا تكون الإدارة أحد أطرافه لا يجوز بحال أن يعتبر من العقود الإدارية، إلا أنه من المقرر أنه متى استبان أن تعاقد الفرد أو الهيئة الخاصة إنما كان في الحقيقة لحساب الإدارة ومصلحتها فإن هذا التعاقد يكتسب صفة العقد الإداري إذا ما توافرت فيه العناصر الأخرى التي يقوم عليها معيار تمييز العقد الإداري([26]).
خامساً:– الشروط اللازم توافرها في محل العقد :
أياً كان العقد إدارياً أو مدنياً أن يكون للعقد محل وأن يكون المحل مشروعاً وقابلاً للتعامل فيه، فلا يصلح محلاً للالتزام إذا كان التعامل فيه محظوراً قانوناً أو غير مشروع لمخالفته النظام العام وينبني على ذلك أن العقد يقع باطلاً فلا ينعقد قانوناً ولا ينتج أثراً، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ولا يصح إجازة العقد وعلى ذلك يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد([27]).
وحيث أن العقد الإداري يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص إلا أنه يشترط أن يكون المحل مشروعاً وغير مستحيل في ذاته، وأن يكون التعبير عن الإرادة فيه موجوداً أو صحيحاً.
سادساً:- أثر الغلط المادي والحسابي على صحة العقد الإداري:
لا يؤثر في صحة العقد مجرد الغلط في الحساب ولا غلطات القلم المادية، ولكن يجب تصحيح هذا الغلط، ومن المسلم به تطبيقاً لهذا الحكم في مجال العقود الإدارية كانت أو مدنية وإن الغلطات المادية في الكتابة أو في الحساب التي يقع فيها أحد المتعاقدين واجبة التصحيح.
و الغلط المادي لا يؤثر في صحة العقد ويجب تصحيحه وفقا للمادة 123 مدني – سريان هذا الحكم على العقود الإدارية – مثال أن المادة 123 من القانون المدني تنص على أنه “لا يؤثر في صحة العقد مجرد الغلط في الحساب ولا غلطات القلم، ولكن يجب تصحيح الغلط “
وهذا النص يواجه حكم الغلط المادي كالخطأ في الكتابة أو في الحساب، وهو غلط غير جوهري لا يؤثر في صحة العقد وإنما يجب تصحيحه ويسرى هذا الحكم على العقود بوجه عام ومن بينها العقود الإدارية ([28]).
سابعاً:- أثر الغلط الجوهري في صحة العقد الإداري :
العقد الإداري شأنه في ذلك شأن عقود القانون الخاص يقوم أساساً على وجود إرادتين متطابقتين بحيث إذا لم يوجد هذا التراضي أو تحققت شروط صحته كان العقد باطلاً أو قابلاً للإبطال حسب الأحوال، ويكون الغلط الجوهري متوافراً بتوافر شرطين:-
الشرط الأول:- الغلط في الشيء المبيع أو في محل التوريد الذي من شأنه أن يعيب الإدارة ويؤثر في صحة العقد ويجيز للمتعاقد الذي وقع فيه أن يطلب إبطال العقد بسببه يشترط أن يكون جوهرياً، ويعتبر الغلط جوهرياً إذا وقع في صفة للشيء جوهرية في نظر المتعاقدين أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف، ولما ينبغي في التعامل من حسن النية، فإذا لم يكن ثمة غلط وفقاً لما ذكر آنفاً فإنه لا يجوز إبطال العقد للغلط ([29]).
أما الشرط الثاني:- الذي يتوافر به الغلط فهو أن يتصل هذا الغلط الجوهري بالمتعاقد الآخر فلا يستقل به أحد المتعاقدين، ولكن الغلط الواقع على شخص أحد المتعاقدين أو على صفته لا يخول الفسخ إلا إذا كان هذا الشخص، أو هذه الصفة أحد الأسباب الدافعة إلى صدور الرضا من المتعاقد الآخر.
والجدير بالتنبيه أن الغلط لا يلحق اللوائح والقواعد التنظيمية؛ لأن الغلط لا يكون إلا حيث تكون الإدارة هي سبب الالتزام، أي في العقود بصفة خاصة، أما اللوائح والقواعد التنظيمية فليست الإدارة هي سببها وإنما سببها السلطة ومن ثم فلا يقبل فيها الدفع بالغلط .
ثامناً:– الغش و الطرق الاحتيالية التي تبطل العقد :
تطلب القانون المدني في الغش والتدليس الذي يجوز إبطال العقد بسببه أن تكون ثمة طرق احتيالية لجأ إليها أحد المتعاقدين تبلغ حداً من الجسامة بحيث لولاها لما ابرم العقد، ومجرد إيهام الإدارة للمتعاقد أن السعر الذي أرتضى التعاقد به هو سعر مجزى لا يعتبر بحال من الأحوال من قبيل الطرق الاحتيالية التي يجوز وصفها بالتدليس سيما وأن المتعاقد تاجر محترف اعتاد على التعامل في الأسواق وتوريد الأصناف وهو أعلم بمجال السوق وأسعاره ولا يفوت عليه ذلك([30]).
ولقد عرفت المادة الأولي من القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة على أن الاحتيال هو أي فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلي تضليل الطرف الأخر بهدف الحصول على منفعة مالية أو عينية أو أي منفعة أخري، أو التأثير في العملية المطروحة أو لتجنب الالتزام في تنفيذ العقد ([31]).
تاسعاً:– الإكراه الذي يبطل العقد:
لا يتصور وقع الإكراه في التعاقدات الإدارية، فلا وجه لأن يدعي المتعاقد من أنه وقع تحت سلطان الرهبة والخوف من بطش المسئولين إذا لم يذعن للتعاقد، ذلك أنه لم يقم دليل على أن أحداً من المسئولين قد لوح للمتعاقد بأية وسائل لإكراهه على التعاقد بالأسعار المتفق عليها، والقانون يشترط لجواز إبطال العقد للإكراه أن يتعاقد الشخص تحت سلطان رهبة يبعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون وجه حق وتكون هذه الرهبة قائمة على أساس ملموس من الضغوط المادية أو المعنوية.
والرهبة تكون قائمة على أساس إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعيها أن خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال([32]).
الهدف من الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلي بيان خطورة الغش والتحايل الذي يرتكب في مجال العقود الإدارية، ومدي تأثير تدخل القانون الجنائي في مجال العقود الإدارية، وهل يؤدي هذا التدخل إلي تحقيق مصلحة إيجابية، أم أن إقحام قانون العقوبات في مجال العقد الإداري له تأثير سلبي على المصلحة العامة، حيث يؤدي إلي عزوف المتعاقدين عن التعاقدات العامة.
وترصد هذه الدراسة أيضاً نقاط القوة في مجال تدخل القانون الجنائي في تنفيذ العقد الإداري، ونقاط الضعف، وماهية المواضع التي تستحق التدخل، والمواضع التي لا تستأهل هذا التدخل الجنائي، مكتفين بالتدخل الإداري الذي تتمتع به السلطة الإدارية والمتمثل في الجزاءات المالية والضاغطة كالغرامة التأخيرية والتعويض ومصادرة التأمين، وكالفسخ والتنفيذ على الحساب وإنهاء العقد إلي آخر هذه السلطات الإدارية في مجال العقود الإدارية .
ولا شك أن نظرة المشرع إلي تعاقدات الإدارة تعني التزاماً أكيداً بحماية الجهات الحكومية في تعاملاتها سواء ذات الطابع المدني أو الإداري ضد إخلال المتعاقد، فلم يكتف بحماية المال العام من كل الأفعال ذات الصبغة الجنائية البحتة التي تصدر من المتعاقد كالغش أو التحايل، أو الموظف العام المسئول عن التعاقد كالاختلاس أو التربح، إنما مد نطاق هذه الحماية إلي الأموال التي تكون محلاً للعقود الخمسة التي حصرتها مادة العقاب تقديراً منه لتحقيق احتمال النيل من المال العام ضد أي إخلال يقع في نطاق هذا العقد .
ومن جهة آخري فإن هذه الدراسة تهدف إلي معالجة العوار الوارد في مواد العقاب المقرر على المتعاقد مع جهة الإدارة، حيث يتم عقاب المتعاقد بالرغم من عدم ارتكابه للغش أو التحايل، أو مع عدم علمه به، وذلك بما يخالف القواعد العامة في التجريم.
أهمية الحماية الجنائية للعقد الإداري:
نظراً لأهمية العقود التي تبرمها الجهات العامة، فقد قرر المشرع فرض حماية جنائية لها تمنع أي إخلال يمكن أن يمسها، فيؤدي الى عرقلة إبرامها أو تنفيذها، إذ من الممكن أن يقع الإخلال بتنفيذ هذه العقود مما يسبب الإضرار بالمال العام والمصلحة العامة التي تهدف إلي تحقيقها ([33]).
ونري أنه ليس كل سلوك يخل بتنفيذ العقد الإداري يتحتم معالجته بالتدخل الجنائي، ولكن هناك من السلوكيات المخلة بالتنفيذ ما تجدي معها الجزاءات الإدارية كالتأخير في التنفيذ أو عدم مطابقة المواصفات الطفيف، وهناك من السلوكيات والإخلالات العقدية ما لا يجدي معها غير العقاب الجنائي مثل الغش والتحايل والتدليس، وهذا النوع من السلوك الإجرامي، لا بد من أن يكون هنالك حماية جنائية كافية تتصدى له لحماية العقود الإدارية و لضمان سلامتها وضمان تحقيق الهدف الذي أبرمت من أجله.
ويجب أن يكون هذا الجزاء الجنائي شاملا لكل شخص يمكن أن يقوم بسلوك غير مشروع سواء كان الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة أو المتعاقد مع الجهة الإدارية أو المتعاقد من الباطن، من أجل ضمان توفير جزاء رادع ومانع لكل فعل غير مشروع يقع من أي شخص كان مرتبط بالعملية محل العقد الإداري.
ومرجع أهمية هذه الحماية هو أنها ستوفر ضمان استمرار عمل المرافق العامة بانتظام واضطراد، وعدم التباطؤ في تنفيذ الأنشطة المختلفة، وتنفيذها بحسن نية بدون غش أو تحايل ([34])، إذ قد يبرم عقد إداري معين ترى الجهة الإدارية ضرورة إبرامه من أجل تحقيق المصلحة العامة وضمان عمل مرافقها العامة في استمرارية تقديمها للخدمات التي يحتاجها أفراد المجتمع، كما تضمن هذه الحماية عدم استخدام الغش أو التحايل أو التدليس في تنفيذ هذه العقود، بما يعني تنفيذها بصورة مرضية، ومطابقة للمواصفات المطلوبة ([35] ).
فإذا أرادت الدولة ضمان تقدمها في المجالات المختلفة لاسيما الاقتصادية منها فلا بد حينئذ من حماية كل الوسائل التي تستعين بها من أجل مزاولة نشاطاتها المختلفة وضمان تحقيقها للمنفعة العامة خصوصا حمايتها للعقود الإدارية التي تعد وسيلة فعالة من أجل تقدم الدولة اقتصادياً ([36]).
والحماية الجنائية من أهم أنواع الحمايات القانونية وأكثرها فاعلية، لأنها تهدد كيان الإنسان المخل وحريته، بما تتضمنه الحماية الجنائية من نصوص عقابية من أجل حماية قيم وحقوق ومصالح كل فرد في المجتمع، فلا شك أن قانون العقوبات يوفر الحماية لجميع الحقوق أو المصالح من جميع الأفعال غير المشروعة التي تعرقل سير الحياة في يسر وهدوء.
إشكالية الدراسة:
يجد البعض إشكالية كبيرة في تدخل القانون الجنائي في مجال التعاقدات الإدارية، فإذا كان مصير المتعاقد المخل قد ينتهي به للسجن فإنه من الأفضل له أن يمتنع عن التعاقد مع الجهة الإدارية، وما يساند هذا الاتجاه ما ورد في المادة الحادية عشرة من الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم التوقيع عليها بتاريخ ٤ من أغسطس سنة ١٩٦٧ وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم ٥٣٦ لسنة ١٩٨١ والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ ١٥ من أبريل سنة ١٩٨٢ بالموافقة عليها، وتتضمن هذه المادة الحادية عشرة النص على ” عدم جواز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي “.
ونضيف إلي ذلك أن رصد عقوبة جنائية للمتعاقد في حالة مخالفته لبنود التعاقد يجعل المقاولين والموردين والمتعاملين مع الإدارة يعزفون عن التعامل في العقود الإدارية لما قد يلحقهم من عقوبات في حالة عدم تنفيذ العقد بالصورة التي ترتضيها الجهات الإدارية.
لذلك فإن هذه الدراسة تجتهد في إيجاد المبرر الفعلي والواقعي لمواضع تدخل القانوني الجنائي في نقاط معينة لإخلال التنفيذ في العقود الإدارية وخصوصاً في حالات الغش والتحايل، ولا شك أن في ذلك صعوبة لندرة الأبحاث التي تناولت هذا الموضوع من جهة، ولمنهج المشرع المصري في صياغة النص الخاص بتجريم الإخلال بتنفيذ العقود الإدارية بصورة مجملة ومتسعة من جهة آخري، ما يجعل هذه الدراسة تمثل إشكالية ليست سهلة، نستعين بالله على محاولة بسطها وتحليلها واقتراح سد النقص فيها.
خطة الدراسة:
نتناول في هذه الدراسة بعد التمهيد السابق دراسة جريمة ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري بأسلوب البحث التأصيلي التطبيقي، ونتناول الدراسة في أربعة مباحث على النحو الأتي:
المبحث الأول: الركن المفترض في جريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري
المطلب الأول: صفة الجاني
المطلب الثاني: العقود محل الحماية الجنائية
المبحث الثاني: الركن المادي في جريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري
المطلب الأول: تعمد ارتكاب غش في تنفيذ العقد
أولاً:- السلوك الإجرامي في جريمة الغش في العقود الإدارية:
ثانياً: مدي تطلب نتيجة معينة لتعمد ارتكاب غش في تنفيذ العقد:
المطلب الثاني: استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها
النص يكرس للمسئولية المفترضة للمتعاقد:
مخالفة النص للسياسة العامة للتجريم:
وضع المتعاقدين من الباطن والوكلاء والوسطاء:
عدم تطلب الضرر عن استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها:
المبحث الثالث: الركن المعنوي في جريمة ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري بصورتيها
المطلب الأول: القصد الجنائي في الصورة الأولي
المطلب الثاني: القصد الجنائي في الصورة الثانية
إشكالية القصد الجنائي في الصورة الثانية:
المبحث الرابع: العقوبة المقررة لجريمة الإخلال العمدي بالالتزامات العقدية
العقاب في الصورة الأولي
العقاب في الصورة الثانية
وعلي الله قصد السبيل؛
المبحث الأول
الركن المفترض في جريمة الغش في تنفيذ العقد
تنص المادة 116 مكرر فقرة (ج) من قانون العقوبات على أنه:-
” كل من أخل عمداً بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به مع إحدى الجهات المبينة في المادة 119 أو مع إحدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم، أو إذا ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن.
وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة في زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها.
وكل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة.
ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال، المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم .
والعلة من تجريم هذه المخالفات التعاقدية أنها تهدد مصالح عامة مهمة، نظراً لما لهذه العقود من أهمية في تحقيق مصالح تتصف بالعمومية والأهمية الاقتصادية، ومن ثم فإن الإخلال بتنفيذها من شأنه أن يهدد الاقتصاد القومي.
ويشترط لقيام هذه الجريمة توافر ركن مفترض، ويتمثل الركن المفترض في هذه الجريمة في ضرورة توافر صفة خاصة في الجاني، وأن يكون العقد من العقود الواردة في نص المادة 116 مكررا فقرة ( ج ) من قانون العقوبات، ونعرض ذلك في المطلبين الآتيين:
المطلب الأول
صفة الجاني في جريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري
وهي صفة المتعاقد بأن يكون ملتزماً بتنفيذ عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به مع أحدي الجهات التي تعتبر أموالها أموالاً عامة سواء كانت الدولة، أو أحدي شركات المساهمة، وهذه الجهات هي التي حددتها المادة 119 من قانون العقوبات أو مع أحدي شركات المساهمة، وهم العاملون الذين يرتبطون بعلاقة عمل مع أحدي الجهات الخاصة التي تخضع لإدارة أو إشراف أحدي الجهات المعدودة من جهات المال العام طبقاً لنص المادة 119 من قانون العقوبات([37]).
وهذه الفئة يكون لها علاقة تعاقدية مع جهة العمل يحكمها العقد المبرم بين الإدارة والمتعاقد، و ليست علاقة تنظيمية تحكمها قواعد آمرة انتظمتها قوانين العاملين في الدولة، أو القطاع العام، أو العاملين بكادرات خاصة، وإنما تربطها مع جهة عملها رابطة تعاقدية، في عقد من العقود الواردة على سبيل الحصر في المادة 116 مكررا فقرة ( ج )، إلا أن اعتبار أموال جهة التعاقد مالاً عاماً بخضوعها لإشراف أو إدارة جهة عامة، تستحيل مع الطبيعة القانونية لعمل هذا العامل في نطاق سريان أحكام الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات إلا اعتباره في حكم الموظف العام في مواجهة هذا المال، مع سريان كافة أحكام عقد العمل الفردي أو الجماعي الذي يربطه بجهة عمله في غير نطاق ما سبق تحديده ([38] ).
فقد تطلب المشرع في الجاني أن يكون متعاقداً وملتزماً بالالتزامات الناشئة عن هذا العقد أي ملتزماً بتنفيذ عقد مقاولة أو عقد نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة، ما دام العقد صحيحاً منتجاً لآثاره، فلا يجوز الإخلال بتنفيذه بدعوي قابليته للبطلان، فطالما لم يتقرر هذا البطلان فلا يجوز الإخلال بتنفيذه ([39] ).
ويري البعض أنه يمكن القول أن هذه الفئة تمثل ما يسمى بالموظف الحكمي، فمع التسليم بارتباطها بجهة عملها بعلاقة تعاقدية كعقد عمل فردي أو جماعي وليست علاقة تنظيمية تحكمها القواعد الآمرة التي تنتظمها قوانين العاملين في الدولة أو القطاع العام أو العاملين بكادرات خاصة، إلا أن اعتبار أموال جهة عملهم مالاً عاماً بخضوعها لإشراف أو إدارة جهة عامة تستحيل معه الطبيعة القانونية لعمل هذا العامل في نطاق سريان أحكام الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات إلي اعتباره في حكم الموظف العام في مواجهة هذا المال مع سريان كافة أحكام عقد العمل الفردي أو الجماعي الذي يربطه بجهة عمله في غير نطاق ما سبق تحديده ([40]).
مفاد ما تقدم أن المشرع قد اشترط أن يكون المتعاقد مرتبطاً بالعقد مع أحدي الجهات التي أشارت إليها المادة المذكورة آنفاً، وأن يكون الجاني متعاقداً مع أحدي هذه الجهات أو أن يكون متعاقداً من الباطن أو وكيلاً أو وسيطاً متي كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلي فعله، كما يشترط لقيام هاتين الجريمتين توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة الجاني إلي الإخلال بالعقد أو الغش في تنفيذه مع علمه بذلك ([41]).
ومن جهة آخري فإنه يلزم أن تكون الجهة المتعاقدة مع الجاني هي أحدي الجهات التي نصت عليها المادة 119 من قانون العقوبات ولقد حدد المشرع في هذا المادة المقصود بالأموال العامة، حيث نصت على أنه يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكا لإحدى الجهات الآتية أو خاضعا لإشرافها أو لإدارتها:(أ ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية . (ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام. (ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له ([42] ).
( د) النقابات والاتحادات . (هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام.( و) الجمعيات التعاونية . ( ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة. (ر) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة([43] ).
وعلي الحكم أن يستظهر صفة الطاعن والأفعال التي ارتكبتها وتعد إخلالاً بتنفيذ الالتزام أو غشاً، ويستظهر عناصر مساهمته في ارتكاب الجريمة، وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً واضحاً يكشف عن قيامها، وذلك من واقع الدعوي وظروفها.
ولا يكفي في ذلك ما أورده في معرض استخلاصه إدانة الطاعنين بأن الثاني وكيل عن الأول دون أن يقيم الدليل على ذلك، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوي التي أوردها وعول عليها في قضائه مما يدل يقيناً على توافر هذه الصفة.
كما لا يكفي في ذلك أيضاً ما سطره الحكم في معرض رده على دفاع هذا الطاعن من أنه والطاعن الأول كان يتداولان ركوب العربة بمقطورتها إذ أن ذلك لا يفيد في ذاته أن الطاعن الثاني ساهم في إقامة الخزانين السحريين أو علم بوجودهما أو أنه ساهم في اقتراف الجريمة وهو ما لم يدلل الحكم على توافره في حقه ومن ثم فإن الحكم يكون قاصر البيان ([44]).
المطلب الثاني
أن يكون العقد من العقود محل الحماية الجنائية
يجب أن يكون العقد من العقود الواردة في نص المادة 116 مكررا فقرة ( ج ) من قانون العقوبات، وهي عقود المقاولة، والنقل، والتوريد، الالتزام، والأشغال العامة، وهذا يقودنا إلي أنه ليس كل عقد يخضع للحماية الجنائية المقررة في حكم المادة 116 مكررا فقرة ( ج ) فقد أشترط القانون أن يكون العقد من العقود المذكورة سالفاً، وهذه العقود محددة على سبيل الحصر، ومن ثم فلا يخضع غيرها للحماية الجنائية المقررة بموجب هذه المادة ([45] ).
وعقد المقاولة هو عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر، ولقد أختصه المشرع المصري بتعريف واضح كما ورد في المادة 646 من القانون المدني مصري، والتي تنص على أن “المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع أو أن يؤدى عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الأخر ”
وهذه المادة تضع تعريف لعقد المقاولة وتميزه عن باقي العقود وعن كونه عقد معاوضة، وعقد تبادلي ومن العقود المتراخية من حيث المدة الزمنية في أعمال مقاولات التشييد وكذلك فإن عقد المقاولة يمكن في بعض الحالات أن يشمل عقد بيع كما ورد في المادة 647 من القانون المدني المصري.
أما عقد النقل فهو صورة من صور عقد المقاولة وهو عقد يلتزم بموجبه شخص، يدعى الناقل أن ينقل شخصاً آخر أو بضاعة من موضع إلى آخر، ويدعى الطرف الآخر في عقد نقل الأشخاص بـالراكب، وفي عقد نقل البضائع بـالمرسل، وقد ترسل البضائع إلى المرسل ذاته أو إلى شخص ثالث يدعى المرسل إليه([46])، ومن خصائص عقد النقل يمتاز عقد النقل بالخصائص الآتية:
أ – عقد النقل عقد رضائي: حيث يكفي لانعقاده ارتباط الإيجاب بالقبول وتطابقهما، وغالباً ما يكون الإيجاب في عقد النقل عاماً موجهاً للجمهور، وينعقد العقد بقبول الراكب أو المرسل، ومن ثمّ فإن عقد النقل أشبه بعقد إذعان؛ لأن شروطه لا تكون محل نقاش وتمحيص، وإنما يضع الناقل شروطه مسبقاً، ويقتصر القبول على التسليم بهذه الشروط([47]).
ب – عقد النقل عقد ملزم للجانبين: حيث يرتب التزامات متبادلة على عاتق الطرفين معاً.
ج – عقد النقل من عقود المعاوضة: حيث لا ينعقد العمل إلا إذا كان بمقابل أجر، ولا يشترط فيه أن يكون الأجر نقداً، وإنما قد يكون الأجر خدمة قدّمت لحساب الناقل. أما إذا كان النقل دون أيّ أجر، فإنه يعدّ نقلاً مجانياً لا تطبق عليه أحكام عقد النقل، وإنما تطبق بشأنه أحكام المسؤولية التقصيرية.
وبخصوص عقد الالتزام:
فإن فكرة المرفق العام أصبحت من الصعب تميزها، وذلك لأنه إلى جانب العناصر التقليدية الواضحة و المتميزة لالتزام المرفق العام حدث تطور أدى إلى إدخال إضافات و تعديلات جعلت المعايير القديمة غير منطقية بسبب وجود متغيرات كثيرة في عدد من العقود؛ ولذا فإن التعريف القديم لالتزام المرفق العام لم يعد يصلح بسبب التغيرات و التعديلات و الإضافات المتنوعة التي حدثت الآونة الأخيرة، ومحتوى هذا التعريف ” إن عقد الالتزام هو اتفاق تحمل فيه الإدارة المتعاقد معها وهو شخص من أشخاص القانون الخاص بإدارة وتيسير المرفق عام على مسؤوليته ومتحملاً مخاطره مقابل الحصول على رسم من المنتفعين بالمدفوع([48]).
قد عرفت محكمة القضاء الإداري المصرية عقد الالتزام في حكمها الصادر في 25 مارس 1956 بقولها “….إن التزام المرافق العامة ليس إلا عقداً إدارياً يتعهد أحد الأفراد أو الشركات بمقتضاه بالقيام على نفقته وتحت مسؤوليته المالية وبتكليف من الدولة أو إحدى وحداتها الإدارية، وطبقا للشروط التي توضع له بأداء خدمة عامة للجمهور وذلك مقابل التصريح له باستغلال المشروع لمدة محددة من الزمن واستيلائه على الأرباح، فالالتزام عقد إداري ذو طبيعة خاصة، وموضوعة إدارة مرفق عام، ولا يكون إلا لمدة محددة ويتحصل الملتزم بنفقات المشروع وإخطاره المالية ويتقاضى عوضاً في شكل رسوم يحصلها من المنتفعين …”([49] ).
أما عقد الأشغال العامة فهو في حد ذاته يعد عقد مقاولة، ولكن يكون محلة عقار، بأن يكون أحد طرفيه الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة، وطرفه الثاني فرد أو شخص معنوي خاص، وموضوعه القيام بعمل مادي متعلق بعقار نظير أجر محدد في العقد، وأهم أمثلته التعاقد على إنشاء مبني أو إقامة جسر، أو تعبيد ورصف طريق ([50]).
المبحث الثاني
الركن المادي في جريمة الغش في تنفيذ العقد
تنص المادة 116 مكرر فقرة (ج) من قانون العقوبات على أنه:-
” كل من أخل عمداً بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به مع إحدى الجهات المبينة في المادة 119 أو مع إحدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم، أو إذا ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن.
وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة في زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها.
وكل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة.
ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال، المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم .
ولقد انتهج المشرع الجنائي في جرائم ارتكاب الغش في العقود الإدارية سياسة تشريعية قوامها أن يكون تحديد الركن المادي في هذه الجرائم متسماً بالمرونة والاستيعاب، بحيث ينص المشرع على الفعل المجرم بصورة مجملة تتسم بالإجمال والشمول وعدم التحديد الضيق، ومن ذلك ارتكاب الغش، ولهذا الغش صورتين:
الصورة الأولي منها تتسم بالعمومية، وتتمثل في تعمد ارتكاب الغش في تنفيذ العقد.
أما الصورة الثانية فهي تتمثل في استعمال أو توريد مواد مغشوشة لم يثبت غش المتعاقد لها، ونعرض الصورتين في المطلبين التاليين كما يلي:
المطلب الأول
تعمد ارتكاب غش في تنفيذ العقد الإداري
وهي تمثل الصورة الأولي من صور ارتكاب الغش، فيعد تعمد ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري من أهم تطبيقات الإخلال بالالتزامات العقدية، إذ أن مبدأ حسن النية يفرض على المتعاقد ألا يرتكب غشاً في تنفيذه لالتزاماته العقدية، والفرض هنا أن الجاني ينفذ الالتزام المفروض عليه موهماً الجهة المتعاقدة معه بأن التنفيذ قد تم وفقاً للشروط المتفق عليها أو التي يفرضها القانون أو مبدأ حسن النية، في حين أن هذا التنفيذ قد تم بالمخالفة لهذه الشروط([51]).
لقد تضمنت المادة 100 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة ما يحظر على المتعاقد مع الجهات العامة من تقديم بيانات أو مستندات غير صحيحة بالذات أو الواسطة وذلك بغرض الغش أو التلاعب.
ونعرض فيما يلي للسلوك الذي يمثل يعُد غشاً في العقود الإدارية، ومدي تطلب نتيجة معينة على استعمال هذا الغش:
أولاً:- السلوك الإجرامي في جريمة الغش في العقود الإدارية:
الغش هو سلوك مشين يتنافى مع حسن النية المفترض في المتعاقد، ومنه الغش في صفة جوهرية ترغب الإدارة في توافـرها، أو أن يورد صنفاً غير المتفق عليه، أو أن يستعمل خامات أقل جودة مما اتفق عليه، ولا يسوغ القول بالنسبة لعقود التوريد أن يقوم المتعهد الأصلي بتنفيذ التزاماته وحده من غير استعانة بمجهود غيره وإذ جرى العرف على السماح بهذه الاستعانة في الحدود الجائزة في العقود الإدارية فإنه من غير المستساغ توقيع الجزاءات المقررة قانونا على المتعاقد إلا إذا قام الدليل المقنع من واقع الأوراق على تواطؤ المتعاقد أو علمه بغش أو تلاعب من استعان بهم([52]).
وبالرجوع إلى أحكام المادة 100 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 182 لسنة 2018 نجد أنها فرقت في الحكم في الجزاء الإداري بين مجرد إخلال المتعاقد بأي شرط جوهري تضمنته شروط العقد، مثل توريد أصناف مخالفة للشروط والمواصفات المتعاقد عليها، وبين حالة استعمال الغش أو التلاعب في معاملته مع الجهة الإدارية، فجزاء الإخلال بأي شرط جوهري من شروط العقد، كتوريد أصناف مخالفة للمواصفات، بالتطبيق لحكم المادتين101، و101 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 182 لسنة 2018، هو أحد إجراءين:
الأول:- فسخ العقد، الثاني:- التنفيذ على حساب المتعاقد ما دام أن الحاجة إلي التنفيذ ما زالت قائمة، على أن يتم التنفيذ بالشروط والمواصفات ذاتها المعلن عنها والمتعاقد على أساسها، وذلك بأحدي الطرق القانونية المنصوص عليها بالمادة ( 7 ) من القانون.
ويشترط لسلوك أحد هذين الإجراءين أن تقوم إدارة التعاقدات باستنفاد كافة البدائل الممكنة للوصول إلي حلول تتفق مع شروط العقد، وفي حالة عدم إمكانية التوصل إلي حلول منطقيه فعلي الإدارة المذكورة بما يحقق المصلحة العامة اتخاذ أحد الإجراءين المذكورين ([53]).
أما الجزاء الإداري لاستعمال الغش أو التلاعب طبقاً لحكم المادة 100من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 182 لسنة 2018 فهو فسخ العقد تلقائياً، وإعداد مذكرة للسلطة المختصة لمخاطبة إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة للوقوف على رأيها في شطب اسم المتعهد من بين المتعهدين وعدم السماح له بالدخول في مناقصات حكومية، على أن تتولي الإدارة فور ورود رأي مجلس الدولة إخطار الهيئة العامة للخدمات الحكومية بقرار الشطب لتتولي الهيئة إصدار كتاب دوري متضمنا أسم الجهة مصدرة قرار الشطب وتاريخه وأسبابه وغير ذلك من البيانات، وعلة تغليظ الجزاء الإداري على استعمال الغش أو التلاعب ظاهرة، وهي أن المتعاقد الذي يستعمل الغش أو التلاعب إنما يقوم على خداع جهة الإدارة بسوء نيه وهو عالم أن ما يقوم بتوريده لها مغشوش أو مخالف للمواصفات أو بما يقع من تلاعب يستوي في ذلك أن يقع الغش أو التلاعب من نفس المتعاقد أو ممن يستعين بهم في تنفيذ التزاماته التعاقدية، متى ثبت أنه على علم بغشهم أو تلاعبهم ولذات فعله سوت أحكام العقد واللائحة في الجزاء بين المتعاقد الذي يستعمل الغش أو التلاعب وبين المتعاقد الذي يشرع في رشوة أحد موظفي الجهة الإدارية أو بتواطؤ معه إضرارا بها ([54] ).
ويتعين لوصم المتعاقد مع الإدارة بالغش في تنفيذ التزاماته وبتوقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة 100 من اللائحة التنفيذية أن يثبت سوء نيته، أي علمه بما يشوب الأصناف التي يوردها من غش أو تلاعب، وأنه وإن كان هذا العلم مفترضاً في المتعاقد مع الإدارة إلا أنه يقبل إثبات العكس، فمتى كانت ظروف الحال التي تنفي هذا العلم عن المتعهد متوافرة فإنه لا يسوغ وصمه بالغش، وظروف الحال التي تنفي هذا العلم كما قد تستفاد مما يصدر من أحكام جنائية في شأن ما نسب إلى المتعاقد من غش، فإنها تستفاد أيضاً مما قد يرد في الأوراق متعلقاً بمدى حسن نية المتعاقد في تنفيذ التزاماته التي يضمنها المتعاقد بصفة عامة، وحجم التعاقد في ذاته وتعدد الالتزامات الواردة به ([55]).
ومن أهم تطبيقات الغش وفقاً لما ورد في المذكرة الإيضاحية لهذا النص، الغش في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو عيارها أو في ذاتية البضائع المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه م عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها وعلي الجملة كل الغش في انجاز الأشغال أو الأشياء الموردة بالمخالفة لبنود العقد، وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجر به العرف أو أصول الصناعة([56] ).
ولا يشترط لتحقيق هذه الصورة من الركن المادي أن يترتب على الإخلال بالالتزام ضرر جسيم، فلا يتطلب المشرع هنا قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب، فلقد وضع المشرع هذه الجريمة في قالب الجريمة الشكلية، فلم يشترط لقيامها في هذه الصورة وهي الغش في تنفيذ الالتزامات العقدية، كسابقتها في الصورة الأولي وهي الإخلال العمدي في تنفيذ الالتزامات التعاقدية الذي يترتب عليه ضرر جسيم، والتي أوردتهما المادة 116 مكررا ( ج ) على سبيل الحصر أن يترتب على الغش ضرر جسيم، ولكن تقع الجريمة بمجرد ارتكاب الغش حتي وإن لم يترتب عليه أي ضرر([57] ).
والغش كما بينته المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 قد يقع بإضافة مادة غريبة إلي السلعة أو بانتزاع شئ من عناصرها النافعة كما يتحقق أيضاً بإخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأنه غش المشتري ويتحقق كذلك بالخلط أو الإضافة بمادة مغايرة لطبيعة البضاعة أو من نفس طبيعتها ولكن صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن الخليط لا شائبة فيه، أو بقصد إخفاء رداءة البضاعة وإظهارها في صورة أجود مما هي عليه في الحقيقة ([58]) .
ولا يشترط في القانون أن تتغير طبيعة البضاعة بعد الحذف أو الإضافة بل يكفي أن تكون قد زيفت، ويستفاد التزييف من كل خلط ينطوي على الغش بقصد الإضرار بالمشتري ([59]).
فالغش هو صورة من صور الإخلال بتنفيذ الالتزامات التعاقدية تتمثل في التضليل أي التنفيذ على نحو مخالف لما تم الاتفاق عليه من مواصفات بين طرفي التعاقد، ولا يلزم لتوافر الركن المادي لهذه الجريمة ضخامة الكمية المغشوشة، ولا يتطلب القانون وقوع ضرر جسيم من جراء الغش، وإنما تقع الجريمة بمجرد وقوع الغش.
ومن المستقر عليه أنه:- ” إذا كان الحكم المطعون فيه فيما أورده في بيانه لواقعة الدعوي وتحصيله لأقوال الشهود من أن العيوب الإنشائية والمعيارية التي ظهرت في المباني التي أقامها الطاعن والمتهم الثالث كانت بسبب الغش في مكونات الخرسانة المسلحة ومخالفاتها للمواصفات الفنية والهندسية تحقق به جريمة الغش في تنفيذ عقد المقاولة الذي ارتبط به الطاعن مع مجلس المدينة، والتي لا يتطلب القانون لتوافرها والعقاب عليها قدراً من الضرر، فإن الحكم يكون قد استظهر أركان تلك الجريمة ودلل على ثبوتها في حق الطاعن بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكررا فقرة ( ج ) من قانون العقوبات ومعاقبته بالعقوبة المقررة لها ([60]).
ولا يتطلب القانون طريقاً خاصاً لإثبات الغش بل يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة، فمتي اطمأنت المحكمة إلي الدليل من جهة أخذ العينة ومن جهة عملية التحليل ذاتها بغض النظر عن عدد العينات المأخوذة وتخلف الطاعن وقت الإجراء؛ فإن المجادلة فيما اطمأنت إليه عن ذلك لا تصح ([61] ).
و الغش في تنفيذ العقد، وهو ما لم يتطلب فيه المشرع حدوث قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب ([62])، فلقد ذهبت محكمة النقض في هذا الشأن إلي أنه يدخل في حكم نص المادة 116 مكررا ( ج ) عقوبات حسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون الغش في عدد الأشياء الموردة أو مقاسها أو عيارها أو في ذاتية البضاعة المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها، وعلي الجملة كل غش في إنجاز الأشغال أو الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد وكل تغيير في الشيء لم يجر به العرف أو أصول الصناعة، حيث لا يلزم لتوافر الركن المادي لجريمة الغش في التوريد ضخامة الكمية موضوع الغش أو جسامة الضرر المترتب عليه، وإن الضرر ليس ركنا في جريمة الغش في التوريد، وأن جريمة الغش في عقد التوريد من الجرائم العمدية التي يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي ([63]).
وتعُد مسألة الغش أو التدليس في العقود الإدارية مسألة على قدر كبير من الأهمية، نظراً لكون هذا النوع من العقود يكون أحد طرفيه هو الحكومة أو إحدى الجهات التابعة لها، مما يعني تعلق هذا الأمر بالأموال والمصالح العامة التي وفر لها القانون حصانة كبيرة، وأحاطها بسياج كبير من الحماية.
ويفرق المشرع في الحكم بين مجرد قيام المتعاقد بتوريد أصناف مخالفة للشروط والمواصفات المتعاقد عليها وبين استعمال الغش أو التلاعب في معاملته الجهة الإدارية، فجزاء توريد أصناف مخالفة للمواصفات، هو رفض الأصناف وتكليف المتعهد بتوريد غيرها أو قبول الأصناف المخالفة مع تخفيض ثمنها أو قيام جهة الإدارة بشراء أصناف مطابقة للشروط على حسابه أو إنهاء التعاقد يختص بهذه الأصناف ومصادرة التأمين بما يوازي 10% من قيمتها، وذلك كله مع توقيع غرامة تأخير واقتضاء المصروفات الإدارية.
أما جزاء استعمال الغش أو التلاعب فهو بالإضافة إلي الجزاء الإداري المتمثل في فسخ العقد وشطب المتعاقد، فيكون بإحالة الواقعة للنيابة العامة لتحريك الدعوي الجنائية ولا يحول ذلك عن تطبيق الجزاءات الإدارية والمالية على المتعاقد المخالف كما أسلفنا ([64]).
ويقع الغش بتوريد عدد ناقص من الأشياء الموردة، أو إنقاص مقدارها أو وزنها أو مقاسها أو معيارها أو في ذاتية الأشياء المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو في صفاتها الجوهرية أو فيما تحتويه من عناصر جوهرية نافعة وخصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها، وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجر به العرف أو أصول الصناعة([65] ).
وقد ساوي المشرع المصري بين الإخلال بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات العقدية والغش في التنفيذ فجعلهما جناية، ولم يعاقب على مجرد التأخير في التنفيذ بل اكتفي في هذا الصدد بالغرامات التهديدية التي تنص عليها كراسة الشروط والتعويضات التي يمكن أن يقضي بها في هذه الحالة، بينما يميز المشرع الفرنسي بين ما إذا كان الفعل إخلالا بتنفيذ عقد فاعتبره جناية وفقاً للمادة 430 من قانون العقوبات الفرنسي، أو تأخيراً أو غشاً في التنفيذ فجعله جنحة وفقاً للمادة 433 من القانون ذاته.
ويلاحظ أن المشرع المصري في الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 81 من قانون العقوبات ضيق من نطاق العقود التي تخضع للتجريم فقصرها على عقدي التوريد وعقد الأشغال العامة، وذلك بعكس نطاق المادة 116 مكررا ( ج ) التي تناولت الإخلال بعقود المقاولة والنقل والتوريد والالتزام والأشغال العامة([66]).
كما ضيق المشرع في هذه الجريمة من حيث الجهة المستفادة من التعاقد فحصرها في القوات المسلحة، كما حصر الغرض من العقد في وقاية المدنيين أو تموينهم.
ويسري التجريم هنا على المتعاقدين من الباطن والوكلاء والبائعين إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام راجعاً إلى فعلهم، ولكن يشترط أن تكون الإدارة على علم بالتعاقد من الباطن؛ لأن العقود الإدارية بوجه عام تحتفي بشخص المتعاقد معها ([67]).
ومن جهة آخري يجب أن يعلم المتعاقد الأصلي بغش وتلاعب من استعان بهم، حيث أنه من المستقر عليه أنه لا يسوغ القول بالنسبة لعقود التوريد أن يقوم المتعهد الأصلي بتنفيذ التزاماته وحده من غير استعانة بمجهودات غيره وإذ جرى العرف على السماح بهذه الاستعانة في الحدود الجائزة في العقود الإدارية فإنه من غير المستساغ توقيع الجزاءات المقررة قانونا على المتعاقد إلا إذا قام الدليل المقنع من واقع الأوراق على تواطؤ المتعاقد أو علمه بغش أو تلاعب من استعانة بهم ([68]).
ولا تخضع هذه الجريمة لأحكام الغش والتدليس الوارد في قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 و المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 والتي تتضمن العقاب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنية ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة.
ويلاحظ أن المشرع فرض عقوبة الجناية على الغش في تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عقد التوريد أو الأشغال الذي ارتبط مع الحكومة لحاجات القوات المسلحة أو لوقاية المدنيين أو تموينهم الواردة وفقاً للمادة 81 عقوبات، وهي بلا شك عقوبة أشد من الواردة في القانون رقم 48 لسنة 1941 بحسبان أنها تتعلق بعقود إدارية لصالح القوات المسلحة، وتنصب على أموال ومصالح عامة يحيطها المشرع بسياج خاص من الحماية، وخصوصاً في زمن الحرب .
***
ولقد تناول المشرع الأردني في قانون العقوبات الصادر برقم 16 لسنة 1960 الغش في العقود الإدارية ونص في المادة 133 منه على أنه:-
” من لم ينفذ في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها جميع الموجبات التي يفرضها عليه عقد تعهد أو استصناع أو تقديم خدمات تتعلق بالدفاع الوطني ومصالح الدولة العامة أو تموين الآهلين فيها، يعاقب بالاعتقال المؤقت وبغرامة تتراوح من خمسين ديناراً إلى مائتي دينار….”
كما نص في المادة 134 على أنه:- ” كل غش يقترف في الأحوال نفسها بشأن العقود المشار إليها في المادة السابقة يعاقب عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة تتراوح من مائة دينار حتى مائتي دينار أردني ” .
كما جّرم المشرع الإماراتي جريمة الغش في هذه العقود في قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 الصادر في دولة الإمارات العربية المتحدة، فنصت المادة 164 من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد على خمس وعشرين سنة كل من أخل عمداً في زمن الحرب بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة أو أية عقود أخرى ارتبط بها مع الحكومة لحاجات القوات المسلحة أو لوقاية المدنيين أو لتموينهم أو ارتكب أي غش في تنفيذها.
فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بالدفاع عن الدولة أو بعمليات القوات المسلحة كانت العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد.
ثانياً: مدي تطلب نتيجة معينة لتعمد ارتكاب غش في تنفيذ العقد:
لا يشترط أن يتحقق أي ضرر عن تعمد ارتكاب غش في تنفيذ العقد الإداري، فتقوم الجريمة حتي ولو لم يترتب على الفعل أي نتيجة، فمن المستقر عليه أنه لا يلزم لتوافر الركن المادي لجريمة الغش في التوريد جسامة الضرر المترتب عليه بل يكفي مجرد وقوع الغش لتقوم الجريمة، ولو لم يترتب عليه أي ضرر([69] ).
فالواضح من سياق نص المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 أنه يعاقب على نوعين من الجرائم:
الأول – هو الإخلال العمدي في تنفيذ أي من العقود المبينة بها على سبيل الحصر، وهذا النوع هو الذي ربط فيه المشرع الإخلال بجسامة النتيجة المترتبة عليه فاشترط الضرر الجسيم ركناً في الجريمة دون ما عداه.
وتكون الجريمة في هذه الحالة من جرائم الضرر إذ يلزم فيها لقيام الجريمة أن ينشأ عن عدم التنفيذ ضرر جسيم يتوقف القول بتوافره على تقدير القاضي حسب العرف الجاري ([70]).
والثاني – وهو الغش في تنفيذ هذه العقود وهو ما لم يتطلب فيه المشرع أي قدر من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب ([71])، وفي هذه الحالة فالجريمة من جرائم الخطر إذ لا يلزم لتوافر الجريمة في هذه الحالة التثبت من أن ضرراً ما قد حدث بالفعل وإنما يتعين القول بوجود الغش أن يكون سلوك المتهم قد بلغ من الزيف درجة تجعل خطر الانخداع به قائماً ولو بدرجة الاحتمال الضعيف ([72] ).
ولقد استقرت أحكام محكمة النقض على أنه لا يلزم لتوافر الركن المادي لجريمة الغش في التوريد جسامة الضرر المترتب عليه، بل يكفي وقوع الغش لتوافر الجريمة ولو لم يترتب عليه ضرر ما، فإن ما نعاه الطاعن على الحكم بعدم وجود أي ضرر في هذا الصدد يكون غير سديد ([73] ).
فلا يلزم لتوافر الركن المادي لجريمة الغش في التوريد ضخامة الكمية موضوع الغش أو جسامة الضرر المترتب عليه، وهو ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض حيث قضت بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه فيما أورده في بيانه لواقعة الدعوي وتحصيله لأقوال الشهود من أن العيوب الإنشائية والمعمارية التي ظهرت في المباني التي أقامها الطاعن والمتهم الثالث، كانت بسبب الغش في مكونات الخرسانة المسلحة ومخالفاتها للمواصفات الفنية والهندسية، وهو ما تتحقق به جريمة الغش في تنفيذ عقد المقاولة الذي ارتبط به الطاعن مع مجلس المدينة، والتي لا يتطلب القانون لتوافر أركانها والعقاب عليها قدرا من الضرر، فإن الحكم يكون قد استظهر أركان تلك الجريمة ودلل على ثبوتها في حق الطاعن بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات ومعاقبته بالعقوبة المقررة لها ([74]).
ولقد جاء قانون التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة رقم 182 لسنة 2018 بأهداف تعزيز مبادئ الحوكمة وتطبيق معايير العلانية والشفافية والنزاهة وحرية المنافسة والمساواة وتكافؤ الفرص وتجنب وتعارض المصالح، فتخضع هذه الأهداف للحماية الجنائية التي يوفرها قانون العقوبات، ومن ثم يخضع ما يخالف هذه الأهداف للتجريم الوارد في المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات.
***
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة عاقب المشرع الإماراتي مرتكب جريمة الغش في تنفيذ بنود العقد الإداري في القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 بشأن إصدار قانون العقوبات، حيث نصت المادة 229 من قانون العقوبات على أنه:- ” يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات من ارتكب عمداً غشاً في تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو توريد أو غيره من العقود الإدارية ارتبط بها مع الحكومة أو إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (5) وتكون العقوبة السجن المؤقت إذا ترتب على الجريمة ضرر جسيم، أو إذا كان الغرض من العقد الوفاء بمتطلبات الدفاع والأمن متى كان الجاني عالماً بهذا الغرض.
ويعاقب بأي من العقوبتين – حسب الأحوال – المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الغش راجعاً إلى فعلهم ([75]).
كما نصت المادة 230 من ذات القانون على أنه:- ” فضلا عن العقوبات المقررة للجرائم الواردة في هذا الفصل يحكم على الجاني بالرد وبغرامة مساوية لقيمة المال موضوع الجريمة أو المتحصل منها على ألا تقل عن خمسة آلاف درهم.
ويلاحظ أن المشرع الإماراتي لم يشترط حدوث الضرر للعقاب على الغش، فيعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات من ارتكب عمداً غشاً في تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو توريد أو غيره من العقود الإدارية ارتبط بها مع الحكومة أو إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (5)، ولم يشترط حدوث ضرر في هذه الحالة، أما إذا ترتب على الغش ضرر جسيم، فتكون العقوبة السجن المؤقت .
أما المشرع العراقي فإنه لم ينص في المادة 336 من قانون العقوبات على شرط تحقق الضرر على الجريمة، فيعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة، أومن غير الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة يكون قد أخل بطريق الغش أو بأية وسيلة آخري غير مشروعة بحرية أو سلامة المزايدات أو المناقصات المتعلقة بالحكومة أو المؤسسات أو الشركات التي تسهم الحكومة بمالها بنصيب أو التي تجريها الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية، ولم يشترط المشرع حدوث أي ضرر عن الغش.
وإن كان في الفقرة الثالثة من المادة 336 قد نص على الحكم برد الخسارة التي نشأت عن الفعل المنصوص عليه في هذه المادة، فإن ذلك لا يعني اشتراط حدوث الضرر، ولكن يعني أنه في حالة حدوث الضرر يحكم بتعويض هذا الضرر .
المطلب الثاني
استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها
أما الصورة الثانية من صور التدخل بالغش في مجال تنفيذ العقود الإدارية، فهي صورة آخري للإخلال بالالتزامات العقدية، ولكن تتحقق به جنحة لا جناية، حيث يتحقق فيها الركن المادي باستعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها أو علمه بغشها، ولكنه خالف واجب بذل العناية الكافية، والتحري المطلوب للتأكد من صلاحية المادة المستخدمة أو الموردة ([76] ).
ووفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 116 مكررا (ج) من قانون العقوبات فإن كل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو إفسادها يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه أو أحدي هاتين العقوبتين، وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد.
عدم تطلب الضرر في استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها:
لم يتطلب المشرع في الركن المادي لجريمة استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غش المتعاقد لها أن يحدث ضرر، ولم يتطلب القانون وقوع ضرر جسيم من جراء الغش، وإنما تقع الجريمة بمجرد وقوع الغش.
والغش هو صورة من صور الإخلال بتنفيذ العقد تتمثل في التضليل أي التنفيذ على نحو مخالف لما تم الاتفاق عليه من مواصفات بين طرفي التعاقد، والمقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه يشترط في الغش والتدليس على ما عرفته المادة 125 من القانون المدني أن يكون ما استعمل في خداع المتعاقد حيلة وأن تكون هذه الحيلة غير مشروعة قانوناً، وأن النص في المادة المشار إليها يدل على أن الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طرق احتيالية أو أن تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر على المتعاقد الآخر متى كان هذا الأمر يبلغ من الجسامة، بحيث لو علمه الطرف الآخر ما أقدم على التعاقد بشروطه ([77]).
وتلاحظ لنا في هذا النص ملاحظتين هامتين:
الملاحظة الأولي: النص يكرس للمسئولية المفترضة للمتعاقد:
يلاحظ في هذه الصورة من صور الغش أن المشرع يكرس للمسئولية المفترضة للمتعاقد، فهذه الصورة للركن المادي تفترض أن الجاني قصر في التأكد من صلاحية المواد المستعملة أو الموردة محل الالتزام في العقد الذي يرتبط به مع أحدي الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من قانون العقوبات، أو مع أحدي شركات المساهمة بعقد أشغال عامة أو بعقد توريد، فالمسئولية تنعقد هنا لاستعمال المتعاقد في تنفيذه لهذا العقد مادة مغشوشة أو فاسدة، أو ورد بضاعة أو مادة مغشوشة أو فاسدة مع عدم علمه بغشها، ولم يثبت غشه لها ([78]).
وبالرغم من ذلك فإن الجاني يسأل عن الغش ولو انتفي علمه به، ولا محل في هذا الصدد للتحدي بقانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1980، والقول بانتفاء مسئولية المتهم عملاً بالمادة الثانية منه تأسيساً على إثباته حسن نيته، ومصدر الأشياء موضوع الجريمة ما دام أن نص المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات المنطبق على واقعة الغش في التوريد المسندة إلي الطاعن قد خلا من مثل هذا الحكم الوارد بقانون الغش وأقام مسئولية المورد عما يقع من الغش في حالة علمه به على أساس مخالف ([79] ).
والمواد أو البضاعة الفاسدة هي تلك التي لا تصلح للاستعمال، أما البضاعة أو المادة المغشوشة فهي التي لا تطابق المواصفات المحددة، ولم يشترط المشرع في هذه الصورة أيضاً أن يترتب على الإخلال بالالتزام ضرر جسيم على خلاف الحال في الصورة الأولي([80]).
وحيث أن كل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة .
ومؤدي هذا النص أن المشرع اعتبر الجاني مسئولاً عما يقع منه من غش أو فساد في البضاعة أو المواد التي يستعملها أو يوردها ولو لم يثبت ارتكابه الغش أو علمه به، ونشير إلي أنه لم يصل إلي علمنا أنه يوجد نص مشابه لذلك في التشريعات العربية يّجرم فعل غير إرادي أو ارتكبه التابع بغير علم المتبوع.
والمسئولية هنا مفترضة، ومبناها أن الجاني لم يبذل العناية الكافية للتحقق من صلاحية الأشياء المستعملة أو الموردة إلي الجهة الإدارية، إلا أن هذا الافتراض يقبل إثبات العكس فلا تقوم الجريمة متي أثبت الجاني أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد ([81] ).
فإذا لم يثبت الغش في تنفيذ الجاني لالتزاماته قامت جريمة استعمال بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة في أعمال المقاولة أو توريد بضاعة أو مادة من هذا القبيل في عقد توريد دون أن يكون المستعمل أو المورد هو الذي ارتكب الغش في شأنها ودون أن يكون عالماً بغشها أو فسادها وذلك لأنه لم يبذل العناية الكافية للتحقق من نوع البضاعة أو المواد موضوع العقد، ولم يشترط القانون في هذه الجريمة حصول ضرر، إلا أن المشرع عاقب المتعاقد المقصر في حالة حدوث الضرر بالإضافة إلي عقوبة الحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أن المتعاقد لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، فإنه يحكم أيضاً عليه في حالة حدوث الضرر بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة.
ولما كان واجب بذل العناية والتحري للتأكد من نوع البضاعة أو المادة مفروضاً على الجاني فإنه لا يجديه التعلل بانتفاء الغش من جانبه أو علمه بالغش إذ يعتبر رغم ذلك مقصراً، ولكن أباح له القانون إثبات أنه لم يكون مقصراً أو لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد.
ولقد قضت محكمة النقض في هذا الشأن بأن إثبات الحكم قيام الطاعن بصفته متعاقداً بتوريد جبن فاسد لجهة حكومية لم يثبت غشه لها أو علمه بفسادها يوجب تطبيق الفقرة الثانية من المادة 116 مكررا فقرة ج من قانون العقوبات لافتراض عدم بذله العناية الكافية للتحقق من صلاحية الأشياء المستعملة أو الموردة، كما لا يجوز تذرع الطاعن بإغفال لجنة الاستلام تكليفه باستبدال الجبن المغشوش وفقاً لشروط العقد، لا يصلح عذراً لانتفاء مسوليته الجنائية، ولا أثر له على قيام الجريمة، كما أن القانون لم يتطلب طريقة خاصة لإثبات العينة بل يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة ([82]).
الملاحظة الثانية: مخالفة النص للسياسة العامة للتجريم:
بالرغم من أن استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها أو علمه بغشها لا يمثل سلوك إجرامي، إلا أن المشرع جّرم هذا الفعل فيما يخص العقود الإدارية مخالفاً بذلك السياسة العامة للتجريم التي تبني على أن يكون الفعل الإجرامي إرادياً ومقصوداً، فلا يكفي صدور الفعل مادياً وإنما يجب أن يصدر هذا الفعل عن قصد و إرادة، فإن فقد الجاني سيطرته على ارتكاب الفعل وتجرد من الإرادية فإنه لا يصلح أن يكون فعلاً مجرماً ([83]).
فمن لم يرتكب فعلاً أو يشارك فيه، أو لم يعلم به لا ينسب إليه ارتكاب فعل مجرم في مدلوله القانوني، ويلحق بذلك الإكراه أو القوة القاهرة؛ فكل هذه الأفعال الناشئة عن ذلك لا تصلح لأن تكون محلاً للتجريم.
إلا أن المشرع وخروجاً على السياسة العامة للتجريم فقط جرم كل استعمال أو تورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي لعقد توريد أو أشغال عامة أو امتياز، حتي وإن لم يثبت غش المتعاقد لها أو لم يثبت علمه بغشها أو فسادها، وعاقب على ذلك بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أن المتعاقد لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة.
ويرجع مبرر المشرع في تجريم الاستعمال أو التوريد للبضاعة أو المواد المغشوشة أو الفاسدة في عقود الحكومة المنصوص عليها في المادة 116 مكررا ( ج )، بالرغم من عدم ثبوت غش المتعاقد لها أو حتي علمه بغشها أو فسادها، إلي خطورة هذه العقود أو خطورة الأثر المترتب عليها، فلك أن تتخيل توريد أطعمة فاسدة لمدينة جامعية أو تغذية مدرسية لتلاميذ صغار، أو الغش في مواد بناء لمبني حكومي مطروق بكثافة مما يعرضة للسقوط، فهذا النص يجبر المتعاقد على بذل أقصي عناية ممكنة للتأكد من أن المواد أو السلع التي يتعامل فيها صالحة ومطابقة للمواصفات.
وفي تقديرنا أن النص المذكور ينافي أصول التجريم والعقاب من ناحية، كما يخالف الدستور من ناحية آخري، فالقواعد الأصولية في التجريم والعقاب تقضي بعدم صلاحية الأفعال غير الإرادية للتجريم، فهذه الأفعال لا يقوم بها ركن مادي، فلا يكفي لتوافر هذا الركن مجرد صدور الفعل مادياً، وإنما يجب أن يصدر هذا الفعل إرادياً، فإن فقد الجاني سيطرته على ارتكاب الفعل، فإنه لا يصلح لأن يكون محلاً للتجريم، ومن المستقر عليه أنه لا يسوغ القول بالنسبة لعقود التوريد أن يقوم المتعهد الأصلي بتنفيذ التزاماته وحده من غير استعانة بمجهود غيره وإذ جرى العرف على السماح بهذه الاستعانة في الحدود الجائزة في العقود الإدارية فإنه من غير المستساغ توقيع الجزاءات المقررة قانونا على المتعاقد إلا إذا قام الدليل المقنع من واقع الأوراق على تواطؤ المتعاقد أو علمه بغش أو تلاعب من استعانة بهم ([84] ).
ومن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في الجرائم أنها تعكس تكويناً مركباً من الفعل المادي والإرادة الحرة، وأنه لا يجوز أن يجرم الفعل ما لم يكن إرادياً قائماً على الاختيار الحر، والعلائق التي ينظمها القانون محورها الأفعال ذاتها، في علاماتها الخارجية ومظاهرها الواقعية وخصائصها المادية؛ إذ هي مناط التأثيم وعلته وهي التي يتصور إثباتها ونفيها، وهي التي يتم التمييز على ضوئها بين الجرائم بعضها البعض، ولا يتصور أن توجد جريمة في غيبة ركنها المادي، ولا أن يقوم الدليل على توافر علاقة السببية بين مادية الفعل المؤثم والنتائج التي أحدثها، بعيد عن حقيقة هذا الفعل ومحتواه، بما مؤداه أن كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية وليس النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته تعتبر واقعة في منطقة التجريم كلما كانت تعكس سلوكاً خارجياً مؤاخذاً عليه قانوناً، فإذا كان الأمر غير متعلق بأفعال أحدثتها إرادة مرتكبيها وتم التعبير عنها خارجياً في صورة مادية لا تخطئها العين فليس ثمة جريمة.
وأن الأصل في الجرائم العمدية أنها تعكس تكويناً مركباً باعتبار أن قوامها تزامناً بين يد اتصل الإثم بعلمها وعقل واع خالطها ليهيمن عليها ويكون محدداً لخطاها، متوجهاً إلي النتيجة المترتبة على نشاطها، فلا يكون القصد الجنائي إلا ركنا معنوياً في الجريمة مكملاً لركنها المادي ومتلائماً مع الشخصية الفردية في ملامحها وتوجهاتها وهذه الإرادة الواعية هي التي تتطلبها الأمم المتحضرة في مجال التجريم بوصفها ركناً في الجريمة وأصلاً ثابتاً كامناً في طبيعتها، وليس أمراً فجاً أو دخيلاً مقحماً عليها أو غريباً عن خصائصها ذلك أن حرية الإرادة تعني حرية الاختيار بين الخير والشر([85]).
ونشير إلي أنه لم نجد نص مشابه لذلك في التشريعات العربية يجرم فعل غير إرادي أو ارتكبه التابع بغير علم المتبوع.
المطلب الثالث
المتعاقدين من الباطن والوكلاء والوسطاء في جريمة الغش في العقود الإدارية
ورد في عجز المادة 116 مكررا ( ج ) أنه يعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال، المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم.
والمتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء مسئوليتهم لا تعدو أن تكون عن اشتراك في جريمة، والفاعل الأصلي فيها هو المتعاقد الأصلي إذا صدر من أحدهم فعل من أفعال الاشتراك، ووقعت الجريمة بناء عليه، ولا يشترط توافر وصف المتعاقد الآخر فيمن يكون شريكاً في الجريمة، مثال ذلك من يساعد المقاول في عمليته فيمده بمواد أو أدوات غير صالحة ([86]).
ولقد أجازت المادة 25 من القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة لمقدم العطاء أن يعهد ببعض بنود العملية إلي غيره من الباطن على أن يتضمن عطاؤه بياناتهم وخبراتهم، وما سيتم إسناده إليهم من بنود وذلك وفقاً للمحددات وأي اشتراطات أخري تضمنها الجهة الإدارية بكراسة الشروط والمواصفات، ولا يجوز للمتعاقد تغيير أي منهم دون موافقة الجهة الإدارية المتعاقدة وفي جميع الأحوال يظل المتعاقد الأصلي دون غيره مسئولا أمام الجهة الإدارية المتعاقدة عن تنفيذ العقد ([87]).
ونظمت المادة 56 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة لجهة الإدارة أن تسمح لصاحب العطاء أن يعهد ببعض بنود العقد إلي غيره من الباطن، بشرط ألا تمثل تلك البنود الجانب الأكبر أو الجوهري من العملية ([88] ).
وإذا تعاقد المتعاقد الأصلي من الباطن مع آخر خلافاً للقانون فإن المتعاقد الأصلي يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً عن إخلال المتعاقد من الباطن بالتنفيذ، وذلك باعتبار أن تنفيذ الالتزام موكول إليه وحده؛ بحسبان أن شخصية المتعاقد في العقود الإدارية ذات أهمية، ومن ثم إذا عهد إلي غيره دون موافقة كتابية من الجهة الإدارية المتعاقدة معه في هذا التنفيذ يعد مخالفاً للعقد، وإخلالاً منه بالتزاماته العقدية، هذا دون إخلال بإمكان مساءلة المتعاقد من الباطن بوصفه شريكاً بطريق المساعدة إذا توافرت شروط المساعدة كطريق من طرق الاشتراك، ولكن إذا ارتكب المتعاقد من الباطن المذكور غشاً في التنفيذ فإن الفاعل الأصلي لا يسأل عن هذا الغش ما لم يسهم فيه دون إخلال بمساءلته عن الإخلال بالتنفيذ اعتماداً على أنه لم يقم بنفسه بتنفيذ الالتزامات الملقاة عليه بشرط أن يترتب على ذلك ضرر جسيم([89]).
المبحث الثالث
الركن المعنوي في جريمة ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري بصورتيها
يختلف الركن المعنوي في الصورة الأولي وهي تعمد ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري، عنها في الصورة الثانية المتمثلة في استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها.
ففي الصورة الأولي يتخذ الركن المعنوي صورة القصد الجنائي العام، فيجب أن يعلم الجاني بأنه مرتبط مع أحدي الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من قانون العقوبات أو مع أحدي شركات المساهمة بأحد العقود المنصوص عليها في المادة 116 مكررا ( ج ) أو أنه متعاقد من الباطن أو وكيل أو وسيط، ويجب أن يعلم بأنه قد أخل بكل أو بعض الالتزامات الناشئة عن العقد، فجهل الجاني بأحد الأمور السابقة ينفي القصد الجنائي لديه، كذلك يتعين أن تتجه إرادة الجاني إلي الإخلال بالالتزام ولا يكفي لقيام الجريمة أن يكون هذا الإخلال قد حدث نتيجة إهمال الجاني.
الواقع أن عبارة النص تفيد عدم استلزام وقوع ضرر، وقد ذهب البعض إلي أن القصد الجنائي في هذه الحالة هو قصد متعدي، فالضرر ليس عنصراً في الركن المادي لهذه الجريمة وإنما شرط عقاب، وبالتالي لا يلزم أن يعلم به الجاني، فهذه الجريمة في صورتها الأولي هي جريمة عمديه، ويشترط لقيامها توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلي الإخلال بالعقد مع علمه بذلك ([90])، وفي صورتها الثانية، عمدية أيضاً ولكن العلم والإرادة فيها مفترضين، ونفصل ذلك في المطلبين التاليين:
المطلب الأول
القصد الجنائي في الصورة الأولي
من المقرر أن جريمة الإخلال بالالتزام التعاقدي المنصوص عليها في المادة 116 مكررا (ج) من قانون العقوبات يتوافر ركنها المادي بالامتناع عن التنفيذ كليًا أو جزئيًا أو تنفيذ الالتزام على نحو يخالف نصوص العقد أو قواعد القانون التي تحكمه أو اعتبارات حسن النية التي يلتزم بها المتعاقد وأن يترتب على ذلك ضرر جسيم، كما أن هذه الجريمة هي جريمة عمديه يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد مع علمه بذلك ([91] ).
و لما كان من المقرر أن جناية الإخلال العمدى في تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عقد المقاولة أو ارتكاب أي غش في تنفيذ هذا العقد المنصوص عليها في المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات هى جريمة عمديه يشترط لقيامها توفر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بتنفيذ العقد أو الغش في تنفيذه مع علمه بذلك، ومن ثم فإن القصد الجنائي في هذه الجريمة يُعد من أركانها، فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولقد أستقرت أحكام النقض على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر القصد الجنائي، حيث خلت مدوناته من إيراد الدليل على أن الطاعنين قد عمدوا إلى الإخلال بعقد المقاولة الذي ارتبط به الطاعن الأول مع الوحدة المحلية، فإنه يكون معيباً بالقصور في البيان([92] ).
ومن ثم فإن جناية الغش في عقد التوريد المنصوص عليها في المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات هي جريمة عمديه يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي وذلك باتجاه إرادة المتعاقد إلي الغش في تنفيذ العقد مع علمه بذلك، ومن ثم فإن الركن المعنوي في جريمة الغش يُعد من الأركان الأساسية التي لا تقوم الجريمة إلا به، ولذلك يجب أن يكون ثبوته فعلياً فيها، فإذا خلا الحكم من إيراد الدليل على أن الطاعنة قد عمدت إلي غش اللبن المورد إلي المستشفى للإخلال بعقد التوريد أو الغش في تنفيذه، فإنه يكون معيباً بالقصور في البيان بما يوجب نقضه ([93] ).
ويتعين عدم الخلط بين الخطأ الجسيم وبين الغش إذ أن كلاً منهما يمثل وجهاً للإجرام يختلف عن الآخر اختلافاً تاماً ويناقضه، فالخطأ هو جوهر الإهمال أما الغش فهو محور العمد وإن جاز اعتبارهما صنوين في مجال المسئولية المدنية أو المهنية، إلا أن التفرقة بينهما واجبة في مجال المسئولية الجنائية، يؤكد ذلك أن المشرع أدخل بالمادة 116 مكررا من قانون العقوبات جريمة الإضرار العمد في ذات التعديل الذي استحدث به جريمة الإهمال الجسيم فاستلزم الغش ركنا معنوياً في الجريمة الأولي، بينما اكتفي بالخطأ الجسيم ركنا في الجريمة الثانية ([94] ).
ولقد استقرت أحكام محكمة النقض على أن الركن المعنوي يعد من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر هذا الركن، فإنه يكون معيباً بالقصور في البيان بما يوجب نقضه، والإحالة إذ لا وجه للقول بأن العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعنة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة بيع لبن مغشوش مع توافر العلم بذلك وفقاً لنصوص القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانونين رقمي 552 لسنة 1955، و80 لسنة 1961 أخذاً بالقرينة القانونية المنصوص عليها في القانونين الأخيرين التي افترض بها المشرع وجود العلم بالغش في حق المشتغل في مجال التجارة ما لم يثبت حسن النية، ذلك أن مدونات الحكم قد خلت البتة مما يفيد توافر هذا الشرط في حق الطاعنة ([95]).
أما عن القصد الجنائي الخاص فإن المشرع لم يتطلب ذلك في هذه الجريمة، فيكفي لقيامها توافر العلم والإدارة، دون أن يشترط لذلك توافر قصد جنائي خاص.
المطلب الثاني
القصد الجنائي في الصورة الثانية
أما الصورة الثانية للركن المادي فقد اكتفي المشرع بإتيان الجاني لسلوكه المادي، حيث لم يشترط علمه بغش أو فساد البضاعة أو المواد المستعملة أو الموردة، فقد افترض المشرع علم الجاني بالغش أو الفساد، فتكون المسئولية مفترضة، إلا أن الأمر يتعلق هنا بقرينة قابلة لإثبات العكس، حيث تنتفي الجريمة أن أثبت الجاني أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد.
ولقد استقرت أحكام محكمة النقض على أن نص المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات قد جري في فقرته الثانية على أن كل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو عله بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو إحدي هاتين العقوبتين، وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال المتعاقد من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤدياً عقلا إلي النتيجة التي انتهت إليها متي أقامت قضائها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق ([96]).
ومن ثم فإن جريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري هي جريمة عمدية، ولا يتصور وقوعها بالإهمال أو التقصير، فهي من قبيل الجرائم الإقتصادية، وهذا الوصف له تأثيره على الركن المعنوي للجريمة، فالركن المعنوي للجرائم الإقتصادية يتسم بالضعف، وكثيراً ما يسوي القانون بين وقوع الجريمة الإقتصادية بالعمد أو بالخطأ ([97]).
هذا عن العلم بالواقع أما العلم بالقانون فهو مفترض ولا يعذر أحد بجهله بالقانون، لذا لا يجدي الجاني أن يتمسك بجهله أن المشرع قد جرم هذا الفعل وعاقب عليه، فالجهل هنا ينصب على قاعدة قانونية عقابية مما لا يجوز الدفع بانتفاء العلم بها حتى على فرض ثبوته، إلا في ظروف استثنائية بحتة ([98] ).
ومن الواضح أن المشرع في هذه الجريمة قد ضيق من تأثير القصد الجنائي في قيام الجريمة، بحيث تقوم مهما اتصف الركن المعنوي بالضعف، لما لهذه الجرائم من أثر فادح الضرر على الاقتصاد القومي وحركة السوق والبيع والشراء والتأثير على البورصة، والاستثمارات الداخلية والخارجية، ومن ثم يقر المشرع العقاب على هذه الجرائم مهما كانت نية الجاني، حتى وإن لم يقصد تحقيق نتيجة معينة تمس بالضرر الاقتصاد القومي أو زعزعة الثقة بالعملات أو النقود الرسمية ([99]).
إشكالية القصد الجنائي في الصورة الثانية:
في الصورة الثانية اعتبر المشرع الجريمة جنحة،وعاقب عليها بالحبس أو الغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو احدي هاتين العقوبتين، وفي كل الأحوال توقع على الجاني عقوبة الغرامة التي تساوي قيمة الضرر الناشئ عن الجريمة، ومن ثم يكون المشرع قد جعل من تعويض الضرر وهو في الأصل جزاء مدني عقوبة جنائية ([100]).
فقد نص المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 116 مكرراً ( ج ) على أن كل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها، فالركن المعنوي يتمثل في إهمال مفترض، ويعاقب المتهم ولو لم يثبت غشه لهذه المواد أو علمه بغشها أو فسادها إذ أن المشرع اعتبر الجاني مسئولاً عما يقع من غش أو فساد في البضاعة أو المواد التي يستعملها أو يوردها ولم يثبت ارتكابه الغش أو علمه به ومسئوليته في هذا الشأن مبناها افتراض عدم بذله العناية الكافية للتحقق من صلاحية الأشياء المستعملة أو الموردة، إلا أن هذا الافتراض يقبل إثبات العكس فلا تقوم الجريمة متي ثبت أن الجاني لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد في المادة المستخدمة أو الموردة ([101]).
فلم يشترط المشرع العلم بالغش أو الفساد ممن استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي عقد من العقود محل الحماية، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها.
مفاد ما تقدم أن القانون قد ألقي على عاتق الجاني واجب العلم بنوع البضاعة أو المواد محل العقد، فإذا لم يبذل العناية الكافية للتحقق من صلاحية البضاعة وقعت الجريمة في حقه، أما إذا تعذر عليه هذا العلم سقط عنه هذا الواجب وانهار الركن المعنوي للجريمة، وبذلك يكون المشرع قد ألقي على عاتق المتهم إثبات عدم قدرته على العلم بالغش أو الفساد، مما يعد مخالفة للأصل في المتهم البراءة، مما يعيب النص بشبهة عدم الدستورية ([102] ).
ولا محل في هذا الصدد للتحدي بقانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1980 والقول بانتفاء مسئولية الطاعن عملاً بالمادة الثانية منه تأسيساً على إثباته حسن نيته ومصدر الأشياء موضوع الجريمة ما دام أن نص المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات المنطبق على واقعة الغش في التوريد المسندة إلي الطاعن قد خلا من مثل هذا الحكم الوارد بقانون الغش وأقام مسئولية المورد عما يقع من الغش في حالة عدم علمه به على أساس مخالف ([103] ).
ولقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1962 أن المشرع أقام قرينة مؤداها مسئولية المورد أو المستعمل ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ويعني ذلك افتراض الخطأ لدي الجاني ولكنه افتراض قابل لإثبات العكس، حيث سمح القانون للمتهم بنفيه إذا أثبت استحالة علمه أي القوة القاهرة أو الحادث الفجائي الذي حال دون علمه ([104] ).
المبحث الرابع
العقوبة المقررة لجريمة الإخلال العمدي بالالتزامات العقدية
تختلف العقوبة المقررة لهذه الجريمة باختلاف الصورة التي يتخذها الركن المادي، حيث قد تتمثل الجريمة في تعمد ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري، أو قد تكون مجرد استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لعقد إداري ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها، فتختلف العقوبة على حسب صورة الركن المادي، وذلك على النحو الآتي:-
المطلب الأول
العقاب على تعمد ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري
فيما يتعلق بالعقاب في الصورة الأولي المتمثلة في تعمد ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري، فقد اعتبر المشرع الجريمة جناية، وعاقب عليها بالسجن إذا وقعت في صورتها البسيطة وشدد العقوبة إلي السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة في زمن حرب، وترتب فيها أضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو مصلحة قومية لها.
ووفقاً للمادة 16 من قانون العقوبات على أنه:- ” عقوبة السجن هي وضع المحكوم عليه في أحد السجون العمومية وتشغيله داخل السجن أو خارجه في الأعمال التي تعينها الحكومة المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص تلك المدة عن ثلاث سنين ولا أن تزيد على خمس عشرة سنة إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا “
فيعاقب المشرع على ارتكاب هذه الصورة من هذه الجريمة بالسجن، وهذا دون إخلال بتطبيق عقوبة المصادرة طبقاً للمادة 30/1 من قانون العقوبات على الأشياء التي كانت موضوعاً للغش في تنفيذ العقود، وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة في زمن حرب، وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها .
ولقد استقرت أحكام محكمة النقض فيما يخص الغرامة التي تساوي قيمة الضرر على أنه:- ” لما كانت عقوبة الإخلال بتنفيذ عقد المقاولة المسندة إلى الطاعن طبقاً لنص الفقرة الأولي من المادة 116 مكرر(ج) من قانون العقوبات هي السجن فضلاً عن وجوب الحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة عملاً بحكم الفقرة الرابعة من المادة سالفة الذكر، وأن عقوبتي الرد والغرامة المساوية لقيمة ما أختلس أو استولى عليه ليست واجبة في هذه الجريمة إذ لم ترد حصرا في المادة 118 من قانون العقوبات، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتغريم الطاعن مبلغ 406.527.180 جنيهاً لم يبين ما إذا كان هذا المبلغ يمثل قيمة الضرر الذى ترتب على جريمة الإخلال التي دانه عنها وسنده في تقدير قيمة هذا الضرر, أم أن هذا المبلغ يمثل قيمة ما استولى عليه بغير حق وهي جريمة لم يسند إليه ارتكابها – ولم تكن موجودة في أمر الإحالة – ورغم منازعته في قيمة المبالغ المنصرفة من حساب المقاولة التي أسند إليه تنفيذها- أم الاثنين معا- وبالتالي يكون الحكم قضي بعقوبة لم يقررها الشارع مما يدل على اختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة وعدم إستقرارها في عقيدة المحكمة الإستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على الأساس الذى كونت عليه محكمة الموضوع عقيدتها , وهو ما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلي بحث باقي أوجه الطعن([105]).
المطلب الثاني
العقاب على استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها
أما الصورة الثانية من هذه الجريمة وهي صورة استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها، فيعاقب مرتكبها بعقوبة الجنحة وهي الحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين، وفي جميع الصور المتقدمة يحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة، ويجوز الحكم بكل أو ببعض التدابير المنصوص عليها في المادة 118 مكررا من قانون العقوبات ([106]).
ووفقاً للمادة 18 من قانون العقوبات فإن عقوبة الحبس هي وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا.
ويلاحظ في هذا الشأن أن المادة 118 من قانون العقوبات لم تقرر الغرامة النسبية بالنسبة إلي مرتكبي الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر ( ج ) وهو ما قررته هذه المادة بنفسها فيما نصت عليه من غرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة، وهذه الغرامة نوع من الغرامات النسبية، فلها طبيعة مختلطة، أي تجمع بين العقوبة والتعويض، وبناء على ذلك فإنه إذا قضت المحكمة بالغرامة في الصورة الثالثة من الركن المادي لهذه الجريمة وهي استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها فإن هذه الغرامة بوصفها عقوبة بحته – فإن ذلك لا يحول دون الحكم بالغرامة النسبية باعتبار أنها ليست عقوبة بحتة، بل تجمع بين العقاب والتعويض ([107] ).
***
الخاتمة
تناولت الدراسة جريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري، ولقد بينت في مقدمتها تعريف العقد الإداري، و أهمية العقود الإدارية التي تبرمها الجهات العامة؛ بحسبان هذه العقود تُعد من أهم وسائل الإدارة في القيام بدورها في تسيير المرفق العام، حيث تمثل العقود الإدارية التصرفات التي تعقدها الجهات الإدارية مع آخرين بقصد إحداث آثار مادية هامة تكون في صورة إنشاءات أو توريدات أو التزامات أو نقل بضائع أو أشخاص من مكان إلي آخر، بالإضافة إلي العديد من التصرفات العقدية الآخري، فكان لزاماً على المشرع أن يلي هذه العقود الإدارية حماية جنائية بصورة معينة ضد أي غش أو تحايل، وهو ما يمثل في حد ذاته حماية لأموال ومصالح الدولة بصورة غير مباشرة، فأستهلينا الدراسة بتمهيد عرضنا فيه لمفهوم الحماية الجنائية للعقد الإداري وأهميتها، ثم عرضنا لجريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري، وذلك من خلال أربعة مباحث تضمنتها الدراسة عرضنا فيها لأركان جريمة الغش في تنفيذ العقد الإداري، فعرضنا للركن المادي للغش في تنفيذ العقد الإداري والذي يتضمن صورتين وهما تعمد ارتكاب الغش في تنفيذ العقد الإداري، واستعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غش الجاني لها، ثم عرضنا للركن المعنوي للجريمة في صورتيها، حيث تستلزم الصورة الأولي توافر العلم والإدارة، فلا يتصور وقوع الجريمة بالخطأ أو الإهمال، أما الصورة الثانية فإن المشرع لم يشترط علم الجاني بغش أو فساد البضاعة أو المواد المستعملة أو الموردة، فقد افترض المشرع علم الجاني بالغش أو الفساد، فتكون المسئولية مفترضة، إلا أن الأمر يتعلق هنا بقرينة قابلة لإثبات العكس، حيث تنتفي الجريمة أن أثبت الجاني أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد ([108] ).
نتائج الدراسة:
أولاً:- خلصت الدراسة إلي أن تدخلات القانون الجنائي في العقود الإدارية ضرورية وحتمية في الإخلالات التي تمثل جريمة في ذاتها، كالإخلالات المتمثلة في الغش والتدليس والتحايل، وإفشاء الأسرار، أما الإخلال التي تتمثل في التأخير في التنفيذ أو التنفيذ بصورة مخالفة للمواصفات، فإن تدخل القانون الجنائي في شأنها لا يكون مناسب؛ لأن ذلك يعني استباحة عقاب المتعاقد بعقوبات جنائية في مجال التعاملات العقدية، وهو أمر غير مرغوب فيه.
ثانياً:- كما خلصت الدراسة إلي أن تعرض المتعاقد مع جهة الإدارة للعقاب على أثر إخلاله بالتزاماته العقدية إلي جانب مجافاته للعدالة فإنه كذلك لا يتفق والمصلحة العامة، إذ ينتهي تهديد المتعاقد بالعقاب إلي أحدي نتيجتين:
النتيجة الأولي: إما إلي خروج المقاولين أو متعهدي التوريد الأمناء الأكفاء من سوق التعامل مع الدولة، أو انصرافهم عن الاشتراك في المناقصات مستقبلاً، فيتلقف زمام هذه التعاقدات غير الإكفاء وغير الأمناء من المقاولين، وتقع المنازعات والإشكالات التي تنتهي في الأخير إلي تعطيل المرافق العامة، وبخاصة بالنسبة للأعمال الإنتاجية والاقتصادية والعمرانية الضخمة ذات الأهمية الخاصة وبما تتطلبه من كمال فني ودراسات وأبحاث وتجارب لا تتوافر إلا في طائفة معينة من الشركات الكبرى بما لها من إمكانيات فنية ومالية وإدارية وما تملكه من آلات وأدوات خاصة.
والنتيجة الثانية: أن يعمد هؤلاء المقاولين إلي تأمين أنفسهم بأن يحتسبوا من ضمن أسعار التكلفة، وبالتالي من ضمن أسعار عطاءاتهم مبلغاً للاحتياط ضد تلك الأضرار والأخطار المحتملة وتكون النتيجة زيادة عامة في الأسعار التي تتم بطريق المناقصة، مما يفوت على جهة الإدارة غرضها في الحصول على أصلح الأيدي العاملة بأفضل الأسعار وأنسبها، وهذه كلها نتائج يجب تفادي الأسباب المؤدية إليها؛ لأنها لا تتفق والمصلحة العامة كما سبق القول.
وما يؤيد وجهة نظرنا أن القانون يعطي للمتعاقد فرص واسعة للتنصل من المسئولية العقدية، وذلك عن طريق أثبات توافر القوة القاهرة، أو عن طريق الظروف الطارئة، أو عن طريق العقبات المادية غير المتوقعة، أو عن طريق فعل الأمير، ومن ثم يكون من باب أولي عدم تقرير العقاب على عقابه جنائياً عند إخلاله بتنفيذ بنود العقد والاكتفاء بالجزاءات العقدية.
ثالثاً:- ولقد أظهرت الدراسة أن نصوص الحماية الجنائية للعقود الإدارية الحالية لا تتناسب مع ما يهدف إليه المشرع من تطبيق أحكام القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة، والسعي إلي تطبيق أساليب الإدارة الحديثة، والانتقال مرحلياً إلي استخدام تكنولوجيا المعلومات في الإجراءات، فإن ذلك يستوجب بالضرورة استبدال النماذج الورقية في إطار إبرام العقود الإدارية وإجراءات المناقصات والمزايدات بآخري إلكترونية، وفي حالة اعتماد هذه الإجراءات الإلكترونية في مجال العقود الإدارية، فإنه يتم إرسال العروض الفنية والمالية وحوبيا عبر بوابة المشتريات الحكومية المصرية، وكل ذلك ينقصه التأمين التقني والفني، إلي جانب الحماية الجنائية ضد الاعتداءات التي تمس بوابة المشتريات الحكومية وسلامة وسرية المعاملات الإلكترونية بين جهة الإدارة والمتعاملين معها، وهذه الحماية الجنائية لا تغطي أساليب الإدارة الحديثة في إبرام التعاقدات وتنفيذها.
رابعاً:- كما أظهرت الدراسة أنه بالرغم من أن استعمال الجاني أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها أو علمه بغشها لا يمثل سلوك إجرامي، إلا أن المشرع جّرم هذا الفعل فيما يخص العقود الإدارية في نص المادة 116 مكررا ( ج ) مخالفاً بذلك السياسة العامة للتجريم التي تبني على أن يكون الفعل الإجرامي إرادياً ومقصوداً، فلا يكفي صدور الفعل مادياً وإنما يجب أن يصدر هذا الفعل عن قصد و إرادة، فإن فقد الجاني سيطرته على ارتكاب الفعل وتجرد من الإرادية فإنه لا يصلح أن يكون فعلاً مجرماً.
فمن لم يرتكب فعلاً أو يشارك فيه، أو لم يعلم به، لا ينسب إليه ارتكاب فعل مجرم في مدلوله القانوني، ويلحق بذلك الإكراه أو القوة القاهرة؛ فكل هذه الأفعال الناشئة عن ذلك لا تصلح لأن تكون محلاً للتجريم.
خامساً:- كما أظهرت الدراسة أن هناك تكرار لتجريم الإخلال التعاقدي في المادتين 81 عقوبات، 116 مكررا ( ج )، وكان حرياً بالمشرع أن يكتفي بنص المادة 116 مكررا ( ج )، مع إضافة التشديد الوارد في المادة 81 عقوبات إلي المادة 116 مكررا ( ج )، وما يؤيد وجهة نظرنا أن الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكررا ( ج ) من قانون العقوبات، ما هي إلا توسيع لنطاق الجريمة المنصوص عليها في المادة 81 من قانون العقوبات .
توصيات الدراسة:
أولاً:- توصي الدراسة بإلغاء العقاب الجنائي الوارد في نص المادة 116 مكرر ( ج ) للمتعاقد الذي يخل بالتزاماته العقدية الخاصة بالتأخير في التنفيذ أو التقصير فيه، والاكتفاء بالجزاءات العقدية التي منحها القانون للجهة الإدارية المتعاقدة تجاه المتعاقد عند إخلاله ببنود العقد، والإبقاء فقط بالجزاء الجنائي لأفعال الغش والتدليس والتحايل والتواطؤ.
ثانياً:- كما توصي الدراسة بمجاراة وموافقة ما ورد في نص المادة الحادية عشرة من الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم التوقيع عليها بتاريخ ٤ من أغسطس سنة ١٩٦٧ وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم ٥٣٦ لسنة ١٩٨١ والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ ١٥ من أبريل سنة ١٩٨٢ بالموافقة عليها، وتتضمن هذه المادة الحادية عشرة النص على ” عدم جواز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي، ويتم ذلك عن طريق إلغاء العقوبات المقررة على المتعاقد عند مخالفته لبنود العقد.
مع العلم بأن إلغاء العقوبات المقررة للمتعاقد المخالف لبنود العقد لا يخل بالإبقاء على العقوبات المقررة لارتكابه أثناء تنفيذ العقد للغش والتدليس والتحايل،وكذلك لأي فعل يُعد في ذاته جريمة وفقاً للقواعد العامة في قانون العقوبات.
ثالثاً:- كما توصي الدراسة بضرورة التدخل الجنائي لتقرير الحماية الجنائية ضد الاعتداءات الإلكترونية التي تمس بوابة المشتريات الحكومية وسلامة وسرية المعاملات الإلكترونية بين جهة الإدارة والمتعاملين معها، حيث أن الحماية الجنائية الحالية لا تغطي أساليب الإدارة الحديثة في إبرام التعاقدات وتنفيذها، والنصوص القائمة لا تتناسب مع استخدام تكنولوجيا المعلومات في الإجراءات الحديثة و المتبعة في إبرام وتنفيذ العقود الإدارية المزمع تطبيقها وفقاً للتشريعات الجديدة.
رابعاً:- كما تهيب الدراسة بالمشرع الجنائي للتدخل بإلغاء عقاب من لم يرتكب فعلاً أو يشارك فيه، أو لم يعلم به و لا ينسب إليه ارتكاب فعل مّجرم في مدلوله القانوني، ويلحق بذلك الإكراه أو القوة القاهرة؛ فكل هذه الأفعال الناشئة عن ذلك لا تصلح لأن تكون محلاً للتجريم، لذلك فإن استعمال المتعاقد أو توريده بضاعة أو مواد مغشوشة لم يثبت غشه لها أو علمه بغشها لا يمثل سلوك إجرامي، فحرياً بالمشرع أن يلغي تجريم هذا الفعل فيما يخص العقود الإدارية في الفقرة الأخيرة من نص المادة 116 مكررا ( ج )، لمخالفة ذلك للسياسة العامة للتجريم التي تبني على أن يكون الفعل الإجرامي إرادياً ومقصوداً، فلا يكفي صدور الفعل مادياً وإنما يجب أن يصدر هذا الفعل عن قصد و إرادة، فإن فقد الجاني سيطرته على ارتكاب الفعل وتجرد من الإرادية فإنه لا يصلح أن يكون فعلاً مجرماً.
والله من وراء القصد،،
قائمة المراجع
أولاً: المراجع العربية:-
المستشار / إبراهيم سيد أحمد: الحماية الجنائية للعقود الإدارية والمدنية فقهاً وقضاءً – دار الكتب القانونية طبعة 2005.
د. إبراهيم طه الفياض: العقود الإدارية-النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي والمقارن مع شرح قانون المناقصات الكويتي رقم (37) لسنة 1946، ط1، مكتبة الفلاح، 1981.
د / أحمد شوقي عمر أبو خطوة: القسم الخاص في قانون العقوبات – جرائم الاعتداء على الأشخاص – دار النهضة العربية – ط 1993.
د/ أحمد عثمان عياد: مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية– دار النهضة العربية – طبعة 1973
د/ أسامة أبو الحسن مجاهد: خصوصية التعاقد عبر الإنترنت – دار النهضة العربية 2000.
د/ السيد خليل هيكل: العقود الإدارية – دراسة مقارنة مع التعمق ودراسة خاصة للقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات – دار النهضة العربية.
د/ أيمن سعد سليم: الشروط التعسفية في العقود – دار النهضة العربية – ط 2021.
د/ بشار رشيد حسين: المسئولية التعاقدية للإدارة في تنفيذ العقود الإدارية – دراسة مقارنة – إصدار المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية – ط 2018.
المستشار / بهاء المري: جرائم الأموال العامة الجزء الأول جرائم العدوان على المال العام – العربية للنشر والتوزيع – ط 2018.
المستشار / بولس فهمي: جرائم العدوان على المال العام في التشريع المصري بين النظرية والتطبيق – إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2020.
د/ حمدي عبد الرحمن: الوسيط في النظرية العامة للالتزامات – دار الفكر العربي -طبعة أولي 1999 .
د/ جابر جاد نصار: المناقصات العامة – دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي والقانون النموذجي للأمم المتحدة – الطبعة الثانية – دار النهضة العربية 2002.
د/ حمدي على عمر: سلطة القاضي الإداري في توجيه أوامر للإدارة – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – ط 2003.
د/ رحمة الجلولي: حماية الطرف الضعيف في العقد الإداري – مجلة بحوث ودراسات قانونية – تونس 2015
د/ رمسيس بهنام: الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية – منشأة المعارف بالإسكندرية.
د/ زكريا المصري: العقود الإدارية ما بين الإلزام القانوني والواقع العملي – دراسة مقارنة محلية ودولية – دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع بالمنصورة 2014 .
د/ سليمان محمد الطماوي: الأسس العامة للعقود الإدارية – دراسة مقارنة – دار الفكر العربي – ط 2017 .
المستشار /سمير صادق: العقد الإداري في مبادئ الإدارية العليا – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991.
د/ طارق سلطان: سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد معها في العقود الإدارية وضوابطها – دار النهضة العربية – ط 2010.
د/ عبد الحميد خليفة مفتاح: إنهاء العقد الإداري – دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية – ط 2007 .
مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – دار النهضة العربية 2021.
د/ محمد عوض رضوان: الغش والاحتيال في مجال العقود الإدارية في التشريعين الوضعي والإسلامي – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية سنة 2017.
د/ محمد عيد الغريب: تدخل قانون العقوبات في مجال تنفيذ العقود المدنية – مكتبة غريب الطبعة الأولي 1988.
د/ محمد فؤاد مهنا: مبادئ وأحكام القانون الإداري في جمهورية مصر العربية – مؤسسة شباب الجامعة 1973
د/ محمد لبيب شنب: شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء – منشأة المعرف بالإسكندرية – ط 2004.
ثانياً: المراجع الفرنسية:
Andre De Laubadadere Franck Modern Pirre De LVOLVE Traite des Contrats Administratif
AUBERT (J.L): le contrat , Droit des Obligations, Dalloz , 2000.
A.Hachich: Lathorie do L’inprevision dan les contrats administratf etud compare du droit Francais et droit de l.E.A.U. thsn ,1962.
De Laubadere (A) Trait Theorique et Pratique des control Administratifes ( L.G.D.I ) Le Ed T3 1956.P.
Denis Tallon, in Bianca-Bonell Commentary on the International Sales Law, Giuffrè: Milan (1987), p 582-583, Available at (http://www.cisg.law.pace.edu/cisg/biblio/tallon-bb79.html).
Denis Tallon, in Bianca-Bonell Commentary on the International Sales Law.
GUETTIER ( Ch): droit des contrat administratifs , Paris , PUF , Co 11 , Thmis Droit Public , 2004.
Jean L’huillier: Les Contrats Administratifs Tiennent –ils lieu de loi al’administration chronique Dalloz .
Levasseur ( G ): Rapport sur les Sancions de l’ inxecuion des contrats en droit pnal francais. Trav , de lass , Henri capitant , T.xvil, Paris 19
LEBRETON (G.): Droit administratif general, 2 ed Dalloz ,Paris 2000
Merle et Vitu :Traite de droitCriminele ,dr. pen. Special , par Vitu.ed. Cujas,paris 1982 ,V.2, No, 485
Merle et Vitu :Traite de droitCriminele ,dr. pen. Special , par Vitu.ed. Cujas,paris 1982 ,V.2, No, 485
NiklasLindström, changed Circumstances and Hardship in the International Sale of Goods, Nordic Journal of Commercial Law (2006/1), note 30-31, Available at(http://www.cisg.law.pace.edu/cisg/biblio/lindstrom.html)
RICHER ( L.): droit des contrat administratifs ,3 eme edition L.G.D.J. 2002
Veron( M.): erreursur le droit, Dr.pen.No.12..
VEDEL (G.) et DELVOLVE (P.): droit administratif, Tomel,P.U.F.2001
الهوامش:
- () د / رمسيس بهنام: الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية – منشأة المعارف بالإسكندرية – ص 124. ↑
- () انظر المادة الثانية من القانون 182 لسنة 2018 بإصدار تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة. ↑
- ( ) انظر نص المادة 25 من قانون التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة رقم 182 لسنة 2018، وانظر د/ جابر جاد نصار: العقود الإدارية – دار النهضة العربية – الطبعة الثانية – بدون سنة نشر – 25. ↑
- ( )د/ محمد عيد الغريب: تدخل قانون العقوبات في مجال تنفيذ العقود المدنية – مكتبة غريب الطبعة الأولي 1988 – ص 3. ↑
- () د/ السيد خليل هيكل: العقود الإدارية –دراسة مقارنة مع التعمق ودراسة خاصة للقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن
المناقصات والمزايدات – دار النهضة العربية – ص 7. ↑
- () الحوكمة في مجال العقود الإدارية هي إخضاع كل إجراءات إبرام العقود الإدارية ومراحل تنفيذها للقوانين والأسس التي تضبط المؤسسات وتحقق الرقابة الفعالة عليها، وتنظم العلاقات بين هذه المؤسسات وبين أصحاب المصالح المتعاملين معها، وتهدف الحوكمة إلي تحقيق الشفافية والنزاهة والمساواة ومكافحة الفساد. ↑
- ()د/ محمود عاطف البنا: العقود الإدارية – دار العلوم – الرياض 1984 – ص 160، د/ محمد فؤاد مهنا: مبادئ وأحكام القانون الإداري في جمهورية مصر العربية – مؤسسة شباب الجامعة 1973 – ص 756، د/ جابر جاد نصار: المناقصات العامة – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية 1996 – ص 47. ↑
- (( د/ أنس جعفر، ود / أشرف أنس جعفر: العقود الإدارية – دراسة مقارنة لنظم المناقصات والمزايدات بالتطبيق على القانون 182 لسنة 2018 الخاص بالتعاقدات العامة في مصر ولائحته التنفيذية مع دراسة لعقود B.O.T وعقود الشراكة مع القطاع الخاص- ص 284 . ↑
- () عرفت محكمة النقض العقد الإداري بأنه العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق أو بمناسبة تسييره، والتي تظهر فيه نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص يراجع في هذا المعني حكم محكمة النقض في الطعن رقم 498 لسنة 29 ق – جلسة 7/7/1964، وكذلك استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن العقد يعتبر إدارياً إذا كان أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً ومتصلاً نشاطه بمرفق عام ومتضمناً شروطاً غير مألوفة في نطاق القانون الخاص، فإذا فقد العقد شرطاً من الشروط التي يتحقق بتوافرها مناط العقد الإداري فإنه يكون من عقود القانون الخاص…إدارية عليا في الطعن رقم 10228 لسنة 55 ق – جلسة 22/1/2019. ↑
- ()المستشار /سمير صادق: العقد الإداري في مبادئ الإدارية العليا – الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991 – ص 9. ↑
- ()د/ جابر جاد نصار: العقود الإدارية – دار النهضة العربية الطبعة الثانية – ص 25. ↑
- ()د/ محمد أنس قاسم جعفر: النشاط الإداري – دار النهضة العربية – ط 2000 – ص 215. ↑
- () د/ عبد الرحمن بن على بن محمود: بحث في الحماية الجنائية للعقود الإدارية- دراسة تطبيقية تأصيلية مقارنة – بحث جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية- كلية الدراسات العليا، الرياض- 2008، ص 36. ↑
- ()د/ وهيب عياد سلامة: دروس في العقود الإدارية مع التعمق – التوازن المالي للعقد، وفكرة التعويض غير القائم على الخطأ – دار النهضة العربية – ص 54. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية مقارنة –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – دار النهضة العربية 2021 – ص 111. ↑
- () نشير إلي أن استخدام الغش والتحايل يعاقب عليه إذا تم في أي عقد سواء إداري أو غير إداري، ولكن الإخلال بالتنفيذ لا يعد جريمة إلا في العقود الإدارية، إلا إذ ا نص قانون العقوبات بنص صريح كما هو الحال في جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات كما هو وارد بخصوص عقود الوديعة أو الإجارة أو عارية الاستعمال أو الرهن، فإن الأشياء والأمتعة والبضائع إذا كانت قد سلمت على وجه عقد الوديعة أو الإيجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت قد سلمت للجاني بصفته وكيلا بأجر أو مجانا بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره، فإن الإخلال بالعقد وعدم تنفيذه هنا يعد خيانة أمانة ويعاقب مرتكبه بالمادة 341 من قانون العقوبات، في نهج من المشرع لحماية روح التعاون بين الناس في ثقة واطمئنان، حيث نصت المادة 341 المذكورة على عقابه بالحبس ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنية مصري. ↑
- ()د/ السيد خليل هيكل: العقود الإدارية –دراسة مقارنة مع التعمق ودراسة خاصة للقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن
المناقصات والمزايدات – دار النهضة العربية – ص 44 . ↑
- ()د/ محمد أحمد سلامة محمد مشعل: الوسائل الحديثة في إبرام العقود الإدارية – دراسة مقارنة – دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع
ط2019 – ص555. ↑
- ()انظر أهمية أثبات العقد الإداري بالكتابة د / عاطف عبد الحميد حسن: مبدأ الثبوت بالكتابة في ضوء التطور التكنولوجي الحديث – دار النهضة العربية 2002 – ص 176. ↑
- () د/ جابر جاد نصار: المناقصات العامة – دراسة مقارنة في القانونين المصري والفرنسي والقانون النموذجي للأمم المتحدة –
الطبعة الثانية 2002 – دار النهضة العربية – ص 126. ↑
- ()د/ ثروت بدوي: بحث بعنوان المعيار المميز للعقد الإداري – منشور في مجلة الاقتصاد والقانون – العدد 37 – سنة 1971. ↑
- () د/ سليمان محمد الطماوي – الأسس العامة للعقود الإدارية – مطبعة عين الشمس – ص59، د/ زكريا المصري: العقود الإدارية ما بين الإلزام القانوني والواقع العملي – ص 102. ↑
- ()د/ السيد خليل هيكل: العقود الإدارية –دراسة مقارنة مع التعمق ودراسة خاصة للقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن
المناقصات والمزايدات – مرجع سابق– ص 8. ↑
- () د/ جابر جاد نصار: العقود الإدارية – مرجع سابق – ص 262. ↑
- ( ) مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – دار النهضة العربية 2021 – ص 121. ↑
- ()نقض مدني – الطعن رقم 87 لسنة 31 ق – جلسة 23/11/1965 –س 16 – ص 1126. ↑
- ()د/سليمان محمد الطماوي: الأسس العامة للعقود الإدارية-دراسة مقارنة، دار الفكر العربي 2008 – ص 480 . ↑
- ()الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع – فتوى رقم 521 في تاريخ 9 من يونيه سنة 1964- جلسة 3/6/1964. ↑
- ()د/ إبراهيم طه الفياض: العقود الإدارية-النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي والمقارن مع شرح قانون المناقصات الكويتي رقم (37) لسنة 1946، ط1، مكتبة الفلاح، 1981- ص196 . ↑
- () د/ بشار رشيد حسين: المسئولية التعاقدية للإدارة في تنفيذ العقود الإدارية – دراسة مقارنة – إصدار المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية – ط 2018 – ص 106. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 21. ↑
- ()د/ بشار رشيد حسين: المسئولية التعاقدية للإدارة في تنفيذ العقود الإدارية – مرجع سابق – ص 107. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 33. ↑
- () نقض مدني – الطعن رقم 401 لسنة 29 ق – جلسة 30/4/1964. ↑
- ( ) د/سعاد الشرقاوي : العقود الإدارية- دار النهضة العربية – القاهرة 1999 – ص 87 . ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 33.
- ()المستشار / بولس فهمي: جرائم العدوان على المال العام في التشريع المصري بين النظرية والتطبيق – الهيئة المصرية العامة للكتاب 2020 – ص 39. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 28208 لسنة 64 ق جلسة 8/1/1997 – س 48 – ص 54. ↑
- ( )د/ أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية 2013 – ص 403. ↑
- ()المستشار / بولس فهمي: جرائم العدوان على المال العام في التشريع المصري بين النظرية والتطبيق – مرجع سابق – ص 43 ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 23905 لسنة 65 ق جلسة 21/1/1998. ↑
- ( ) مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 37. ↑
- ( ) يراجع في ذلك د/ رمسيس بهنام: الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية – منشأة المعارف بالإسكندرية – ص 124. ↑
- () نقض جنائي – الطعن رقم 23905 لسنة 65 ق جلسة 21/1/1998. ↑
- ( ) مستشار دكتور محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – مرجع سابق – ص 65. ↑
- ()د/ عزيزة حامد الشريف: نظرية العقد الإداري – مرجع سابق – ص 51 . ↑
- ( ) د/ جمال عثمان جبريل: العقود الإدارية –إبرام العقد الإداري وصحته وفقاً للقانون رقم 89 لسنة 1998 – الطبعة الرابعة – ص 58 . ↑
- () د / سليمان محمد الطماوي: الأسس العامة للعقود الإدارية – مرجع سابق – ص 108. ↑
- ( ) حكم محكمة القضاء الإداري – في 25 مارس 1956 – المبادئ – السنة العاشرة – ص 209. ↑
- ( )د/ السيد خليل هيكل: العقود الإدارية – مرجع سابق – ص 41. ↑
- ( ) د/ رمسيس بهنام: الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية – مرجع سابق – ص 125. ↑
- () نقض جنائي – الطعن رقم 551 لسنة 46 ق – جلسة 31 /10/1976 . ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 77. ↑
- ( )يتم بناء على طلب المتعاقد الذي تم شطب اسمه إعادة قيده إذا انتفي سبب الشطب بصدور قرار من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية ضده أو بحفظها إدارياً، أو يصدر حكم نهائي ببراءته مما نسب إليه على أن يعرض قرار إعادة قيده على الهيئة العامة للخدمات الحكومية لنشره بطريق النشرات المصلحية وعلي بوابة التعاقدات العامة. ↑
- () د/ أنس جعفر، ود / أشرف أنس جعفر: العقود الإدارية – مرجع سابق – ص 275. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 1987 لسنة 38 ق – جلسة 21/4/1969 ↑
- ( )المستشار / إبراهيم سيد أحمد: الحماية الجنائية للعقود الإدارية والمدنية فقها وقضاء – مرجع سابق – ص 36. ↑
- مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 77.
()مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 86. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 1175 لسنة 32 ق جلسة 12/11/1962 – س 13 – 723. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 5738 لسنة 59 ق – جلسة 20/3/1996 – س 47 – ص 378 . ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 2152 لسنة 36 ق – جلسة 6/3/1967 – س 18 – ص 308. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 2152 لسنة 36 ق – جلسة 6/3/1967 – س 18 – ص 308. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 155 لسنة 32 ق جلسة 29/4/1973 –س 74 – ص 365. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق –ص156. ↑
- ( ) د/ رمسيس بهنام: الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية – مرجع سابق – ص 125. ↑
- ( ) د/ أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – مرجع سابق – ص 397. ↑
- ( )أجازت المادة 25 من القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة للمورد أن يعهد ببعض بنود العملية محل التعاقد إلي غيره من الباطن . ↑
- ()إدارية عليا في الطعن رقم 943 لسنة 13 ق جلسة 16 / 1971 مكتب فني مج السنة السادسة عشرة – العدد الأول – ص 150. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 604 لسنة 51 ق – جلسة 15/11/1981. ↑
- () د/ أحمد صبحي العطار: جرائم الاعتداء على المصلحة العامة – مرجع سابق – ص 399. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 2152 لسنة 36 ق – جلسة 6/3/1967 . ↑
- () د/ رمسيس بهنام: الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية – مرجع سابق – ص 125. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 604 لسنة 51 ق – جلسة 15/11/1981. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 5738 لسنة 59 ق جلسة 20/3/1996 – س 47 – ص 378. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق –ص156. ↑
- ( )د/ رمسيس بهنام: الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية – المرجع السابق – ص 125. ↑
- () نقض مدني – الطعن رقم 9410 لسنة 78 ق – الدوائر المدنية – جلسة 16/3/2017. ↑
- ( )المستشار / إبراهيم سيد أحمد: الحماية الجنائية للعقود الإدارية والمدنية فقها وقضاء – مرجع سابق – ص 37. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 6160 لسنة 56 ق – جلسة 5/3/1987 – س 38 – ص 399. ↑
- () د/ محمد عوض رضوان: الغش والاحتيال في مجال العقود الإدارية في التشريعين الوضعي والإسلامي – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية سنة 2017 – ص 11. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 6160 لسنة 56 ق جلسة 5/3/1987 – س 38 – ص 399. ↑
- () نقض جنائي – الطعن رقم 119 لسنة 24 ق – جلسة 129/4/1973 –س 24 – ص 580. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 219. ↑
- ( )إدارية عليا في الطعن رقم 943 لسنة 13 ق جلسة 16 / 1971 مكتب فني مج السنة السادسة عشرة – العدد الأول – ص 150. ↑
- ()المحكمة الدستورية العليا جلسة 1/2/1997 في القضية رقم 59 لسنة 18 قضائية دستورية – مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا – ج 8 – ص 286. ↑
- ()مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 199. ↑
- ( )انظر المادة 25 من قانون التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة رقم 182 لسنة 2018. ↑
- ( )انظر المادة 56 من اللائحة التنفيذية لقانون التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة. ↑
- ( )د/ أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – مرجع سابق – ص 404. ↑
- () نقض جنائي – الطعن رقم 355 لسنة 64 ق – جلسة 20/9/2003 – س 54 – ص 842. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 355 لسنة 64 ق – جلسة 20/9/2003 – س 54 – ص 842. ↑
- () نقض جنائي-الطعن رقم 1887 لسنة 65 ق جلسة 1997/1/15 س 48 ص 107. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 551 لسنة 46 ق جلسة 31/10 /1976. ↑
- ( )نقض جنائي – الطعن رقم 1276 لسنة 39 ق – جلسة 27/10/1969. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 551 لسنة 46 ق – جلسة 31 /10/1976. ↑
- ()نقض جنائي – في الطعن رقم 604 لسنة 51 ق – جلسة 15/11/1981. ↑
- () د/ أمال عبد الرحيم عثمان: جرائم التموين – بدون دار نشر القاهرة 1983 – ص 21. ↑
- ( ) مستشار / محمد وجدي عبد الصمد: الإعتذار بالجهل بالقانون –دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة –طبعة نادي القضاة – 1987 –ص 136. ↑
- () ترجع هواجس المشرع من التعامل في العملات المشفرة أو النقود الرقمية إلي المخاطر التي قد يحدثها الاستخدام غير المشروع لهذه العملات في تمويل الإرهاب أو كمنصة لغسل الأموال، لما تتصف به هذه التعاملات من عدم الكشف عن أطرافها، وسرية مصادرها وغموض مصارفها. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 197. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 6160 لسنة 56 ق – جلسة 5/3/1987 – جلسة 5/3/1987 – س 38 – ص 339. ↑
- ( ) د/ أحمد فتحي سرور: القانون الجنائي الدستوري – عدم دستورية القرائن التي ينص عليها القانون للإثبات ضد المتهم – ط 2006 – ص 307. ↑
- ( ) نقض جنائي – الطعن رقم 6160 لسنة 56 ق – جلسة 5/3/1987 – س 38 – ص 339. ↑
- ( ) راجع المستشار / بهاء المري: جرائم الأموال – مرجع سابق – ص 320. ↑
- ()نقض جنائي – الطعن رقم 664 لسنة 80 ق – جلسة 10/12/2014 الدوائر الجنائية – مكتب فني – سنة 65 – ق 127 – ص
954. ↑
- () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 203. ↑
- ( )د/ أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – مرجع سابق – ص 408. ↑
- ( ) مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم: الحماية الجنائية للعقود الإدارية – مرجع سابق – ص 207. ↑