الغرر وأثاره الاقتصادية (عقد التأمين نموذجا)

حاتم بشير أحمد المسلاتي1

1 طالب ماجستير بقسم الاقتصاد الاسلامي بجامعة اسطنبول صباح الدين زعيم

بريد الكتروني: hatembasher22@gmail.com

HNSJ، 2021، 2(12); https://doi.org/10.53796/hnsj21216

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2021م تاريخ القبول: 21/11/2021م

المستخلص

هدفت هذه الدراسة الى معرفة مفهوم الغرر وأقسامه وما مدى تأثير الغرر على صحة العقود، وبيان تطبيق الغرر في عقود الـتأمين، بالإضافة الى توضيح الاثار السلبية التي يسببها وجود الغرر في المعاملات المالية عامة وفي عقد التأمين خاصة وهو موضوع البحث. أعتمد في البحث على المنهج الاستقرائي والاستنباطي. توصلت الدراسة الى عدة نتائج أهمها أن الغرر الذي يؤثر في المعاملات المالية المعاصرة هو الغرر الكثير الفاحش، وهو موجود في كثير من المعاملات المعاصرة كالتأمين التجاري والتسويق الشبكي والمسابقات التجارية. كما وصلت الدراسة الى أن الكثير من الناس تخسر أموالها؛ بسبب دخولها في معاملات مالية بها جهالة وغرر وتقود إلى أكل الاموال بالباطل بينهم. أوصت الدراسة بضرورة التكثيف من الابحاث المتخصصة في المعاملات المالية والاقتصاد الإسلامي. كما اوصت الدراسة الجهات العامة والخاصة الحكومية والغير الحكومية بالتخلي عن المعاملات التي تخالف الشريعة الاسلامية والعدول عنها إلى البدائل الشرعية.

Research title

Gharar and its economic effects

(insurance contracts as a model)

Hatem Bashir Ahmed Al-Mislaty1

1 Master student at the Department of Islamic Economics at Istanbul University Sabahattin Zaim

Email: hatembasher22@gmail.com

HNSJ، 2021، 2(12); https://doi.org/10.53796/hnsj21216

Published at 01/12/2021 Accepted at 21/11/2021

Abstract

This study aimed to know the concept of gharar (Risk, uncertainty of danger) and its divisions and the extent of the impact of gharar on the validity of contracts، and to clarify the application of gharar in insurance contracts، in addition to clarifying the negative effects caused by the presence of Gharar in financial transactions in general and in the insurance contract in particular، which is the subject of research. I relied in the research on the inductive and deductive method. The study reached several results، the most important of which is that Gharar that affects contemporary financial transactions is a lot of obscene Gharar، and it is present in many contemporary transactions such as commercial insurance، network marketing and commercial competitions. The study also found that many people lose their money; Because it enters into financial transactions in which there is ignorance and deception and leads to the consumption of money unjustly among them. The study recommended the need to intensify specialized research in financial transactions and Islamic economics. The study also recommended public and private governmental and non-governmental bodies to abandon transactions that violate Islamic Sharia and to switch to legal alternatives.

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم الانبياء والمرسلين وبعد:

إن العالم يشهد تطورات في شتى جوانب الحياة و خاصة في جانب المعاملات المالية، وهي من الامور المهمة التي لا غنى عنها في حياتنا، و ظهرت الكثير من العقود المالية التي لم تكن معروفة من قبل، و التي تحتوي على بعض المحظورات الشرعية التي تحوّل مسارها من الحلال إلى الحرام وتفسد التعامل المالي، فيكون لهذا تأثير على الاقتصاد بشكل عام لكثرة الناس الذين يتعاملون بهذه المعاملات و هذا ما يؤدي إلى أكل الناس أموالهم بينهم بالباطل .

و لهذا جاءت الشريعة الاسلامية لإقامة العدل و حماية حقوق الناس، و حفظ الكليات الكبرى منها المال ووضعت لذلك أصولا و قواعد ضابطة.

ومن ضمن هذه القواعد النهي عن المعاملات المالية التي بها غرر، لأن الغرر يعد مفسداً للعقود و المعاملات المالية، واتفق العلماء على أن الغرر الكثير يفسد عقود المعاوضات، مع اختلافهم الفقهي حول الحكم بالبطلان أو الفساد للعقود التي يوجد بها غرر، حيث خلص البحث إلى أن الغرر المؤثر على الاقتصاد و المحرم التعامل به هو الغرر الكثير الفاحش دون البسيط، و لكن ما جرت به العادات وأصبحت في عصرنا هذا من الحاجات أجاز بعض الفقهاء التعامل ببعض المعاملات التي بها غرر كموضوع التأمين الذي كثر الجدل حوله من حيث مدى اشتماله على الغرر .

الكلمات المفتاحية

المعاملات المالية، الغرر، التأمين.

مشكلة البحث:

نحاول توضيح ما أثر الغرر الموجود في عقود التأمين على الاقتصاد ؟

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى عدة أمور:

  1. معرفة مفهوم الغرر و أقسامه و ما مدى تأثير الغرر على صحة العقود
  2. بيان تطبيق الغرر في عقود الـتأمين
  3. توضيح الاثار السلبية التي يسببها وجود الغرر في المعاملات المالية عامة وفي عقد التأمين خاصة وهو موضوع البحث

أهمية البحث:

توضيح مفهوم الغرر في المعاملات المالية كعقد التأمين و ماهي أثاره، وذلك لكون المعاملات المالية من المسائل المهمة التي تحتاجها الامة لتعامُلاتهم المالية فيما بينهم، بحيث يمكن اللافراد والمؤسسات مراجعة هذه المعاملات المحتوية على المحظور الشرعي والبحث عن البدائل المناسبة الخالية من المحظورات الشرعية و التي تتعارض و تتناسب مع أحكام الشريعة الاسلامية .

منهجية البحث:

أعتمد في البحث على المنهج الاستقرائي و الاستنباطي، وذلك باستقراء كتب المعاملات المالية وكتب التأمين والبحث عن موضوع الغرر في العقود و المعاملات المالية ومن ثم استنباط ما يمكن استنباطه حول أثر الغرر في عقود التأمين على الاقتصاد مستعينا بالمراجع العلمية لهذا الموضوع

كما أن في البحث نوضح مفهوم الغرر و أقسامه، و أخير أثر الغرر في العقود على الاقتصاد .

هيكلية البحث:

يتكون البحث من مقدمة ومبحثين وخاتمة

المبحث الاول: ماهية الغرر

المطلب الاول: تعريف مفهوم الغرر

المطلب الثاني: الفرق بين الغرر و غير من الالفاظ ذات المعنى

المطلب الثالث: أقسام الغرر و حكمه

المبحث الثاني: الغرر في عقود الـتأمين و أثرها على الاقتصاد .

المطلب الاول: تعريف مفهوم التأمين

المطلب الثاني: الغرر في عقد التأمين.

المطلب الثالث:أثر الغرر في عقد التأمين على الاقتصاد .

الاضافة المتوقعة من الباحث عن الدراسات السابقة:

سيتم دراسة الغرر بشكل أوسع و التفرقة بين الغرر و بعض المصطلحات القريبة منه بالمعنى، بالإضافة إلى معرفة مدى أثر الغرر في عقود الـتأمين على الاقتصاد.

الدراسات السابقة:

توجد هناك الدراسات و البحوث التي تكلمت عن الغرر و التأمين و حكمها الشرعي و منها:

  • محند أو إدير مشنان، الغرر و أثره في التأمين التجاري، مجلة أفاق علمية، م 11، ع 02، (2019) 12-36.

أهم ما توصل إليه :

  1. استند المانعون للتأمين التجاري على أنه: عقد معاوضة مالية، تضمن غرار معتبار، وصدقت عليه تعريفات الغرر، وانطبقت عليه أنواعه.
  2. لم يسلم المجيزون للتأمين التجاري بأدلة المانعين، وبينوا أن التأمين التجاري من عقود المشاركات وهو أقرب إلى التطوعات منه إلى المعاوضات.
  3. نفى المجيزون عن التأمين التجاري صفة الغرر الكثير، بالنظر إلى أنه ليس عقدا بين شركة التأمين وكل مؤمن على حدة، ولكنه عقد بين شركة التأمين من جهة، ومجموع المؤمنين من جهة أخرى.
  4. ـ ألزم المجيزون المانعين بجواز التأمينات الاجتماعية والتأمين التبادلي، وذلك إما أن يقولوا بتحريم الكل ليسلموا من التناقض، وحينئذ يدخل في هذا التحريم التأمين التعاوني والتأمينات الاجتماعية، واما أن ُيَسُّووا بين التأمين التجاري والتعاوني والتأمينات الاجتماعية في الإباحة.
  5. أدلة المانعين مع ما فيها من الوجاهة والقوة، إلا أدلة المجيزين أقوى منها، حينما نفوا عنصر المعاوضة المحضة، وأثبتوا أن الغرر مغتفر، وألزموا المانعين بعدم التفريق بين أنواع التأمين مع اتحاد العلة فيها.
  6. يبدو لي أن الرأي الراجح في هذه المسألة هو القول بجواز التأمين التجاري.
  • ماهر حسين حصوة ” عقد التأمين التجاري بين الغرر والحاجة الفقهية (دراسة تحليلية مقاصدية)، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية و الدراسات الاسلامية، م 16. ع 1، (2019)، 493-518.

أهم ما توصل إليه:

  1. ان رتبة النهي عن الغرر في العقود تقع في دائرة مكملات الحاجي، ولذلك أجاز الفقهاء كثيرا من العقود التي تشمل على غرر اليسير لئلا يعود المكمل على أصله بالإبطال
  2. مرد تحديد الغرر اليسير من الكثير يرجع إلى العرف و أهل الخبرة، فإن كان الغرر مما يقضي إلى النزاع عند أهل الصنعة وفي العرف فيعتبر من الغرر الكبير، إلا فلا
  3. ينطبق الغرر محلا لقاعدة ما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، وكل ما يرفع الحرج والمشقة عن المكلفين فضلا عما يحفظ عليهم ضرورتهم من صحة ومال وهو من المصالح الراجحة .
  4. يتوافق عقد التأمين التجاري مع أصول المالكية في الأخذ بالاستحسان الذي يستند إلى الضرورة وهو بمعنى الحاجة الفقهية، كما يتوافق مع الاستحسان بالمصلحة والتي من أهم صوره رفع الحرج، وقد أجاز مالكية الاندلس كراء الارض بالجزء منها (الخماسة) مخالفين مذهب مالك استنادا إلى الحاجة الفقهية.
  5. لاتصلح فتوى الشاطبي في الاشتراك بالألبان مستندا لتجاوز العقود التي تتضمن الغرر التفاتا إلى الحاجة الفقهية و المصلحة الراجحة كما في عقد التأمين التجاري.
  • تريحان ترميجان، الغرر و تطبيقاته في المعاملات المالية المعاصرة، رسالة ماجستير، جامعة سوراكرتا المحمدية، 1437ه، 2015م.

نتائج التي توصل إليها الباحث:

  1. أن الغرر هو ما كان مستور العاقبة و هو يشمل المجهول، وما يدري حصوله، وما لا تعرف صفاته.
  2. ضابط الغرر المؤثر، 1- أن يكون الغرر في عقود المعاوضات، 2- أن يكون كثيرا، 3- أن يكون في المعقود عليه أصالة، و ألا تدع للعقد حاجة.
  3. أن المعاملات المالية المعاصرة التي تحتوي على غرر المؤثر هي التسويق الشبكي، أوراق اليانصيب، والتأمين التجاري
  4. أن التأمين التعاوني و الاجتماعي جائزان شرعا، والغرر فيهما غير مؤثر، اما التجاري فهو غير جائز لأن الغرر فيه كثير ومؤثر.

المبحث الاول

الغرر وأثاره الاقتصادية

ينقسم هذا المبحث الى مطلبين اثنين، حيث المطلب الاول نبيت مفهوم الغرر والمصطلحات المشابهة له وحكمه، والمطلب الثاني سنوضح فيه أقسام الغرر وضابط الغرر المؤثر و الغير مؤثر على الاقتصاد

  1. مفهوم الغرر والمصطلحات المشابهة وحكمه

في هذا المطلب نتكلم عن مفهوم الغرر وبعض المفاهيم المشابهة بالفرع الاول، والفرع الثاني حول حكم الغرر من الادلة الشرعية

    1. مفهوم الغرر و بعض المصطلحات المشابهة له:

الغرر لغة:هو اسم مصدر تغرير، و الخطر[1]، أي تعريض المرء نفسه أو ماله للهلكة، وقيل أصل الغرر، النقصان، ومن قول العرب غارت الناقة إذا نقص لبنها [2]

أما الغرر في اصطلاح الفقهاء:

فقد عرفه القرافي رحمه الله ” بأنه لا يدري هل يحصل أم لا “[3].

هل يحصل أم لا “[4].

أي ان طرفا العقد لا يدريان هل يحصل البيع أم لا، كبيع السمك في الماء لا يدري البائع هل يقدر على تسليم السمك، ولا يدري المشتري صفت السمك، و هل سيحصل عليه أم لا، و اما ما علم حصوله وجهلت صفته فهو بيع مجهول كبيع ما في كمه فهو يحصل عليه ولكن لا يدري أي شيء هو؟

و عرفه الكاساني رحمه الله “ما ستوى طرفاه الوجود والعدم بمنزلة الشك”[5].

و عرف السرخسي رحمه الله الغرر بأنه ” ما كان مستور العاقبة”[6].

أما ابن تيمية رحمه الله عرف الغرر بأنه ” ما لا يقدر على تسليمه سواء كان معدوما أو موجودا”[7].

حيث قسم ابن تيمية الغرر ثلاثة أنواع

  1. المعجوز عن تسليمه، كالبعير الشارد و السمك في الماء
  2. أو معدوم كحبل الحبلة .
  3. مجهول، أي المعين الذي يجهل جنسه و قدره، مثل بعتك ما في جيبي، والشيئ الذي بالجيب مجهول المقدار والصفة .

و من خلال تعريفات الفقهاء للغرر انهم و إن تفاوتوا في تحديد مفهوم الغرر إلا أنهم اتفقوا على أنه لا يضمن، أو ما كان مستور العاقبة .

    1. المصطلحات المشابهة لمعنى الغرر

من بين المصطلحات المشابهة للغرر والتي لها معنى قريب منه أو يكون معناها جزء من معنى الغرر، الجهالة، الغبن، القمار، الغرور، التدليس و الغش.

  1. الغرر و الجهالة

الجهالة هو ما علم حصوله و جهلت صفته، كبيع الانسان ما كان في جيبه أو بيع ما في بيته، فالشيئ المراد بيعه مجهول الصفة و المقدار

والغرر كما عرفناه هو ما لا يدري المتعاقدان ايحصل أم لا، كالسمك في الماء، أو الطير في الهواء .

و الغرر والجهالة كل واحد منهما أعم من الاخر من جهة، و أخص من جهة أخرى، فيوجد كل واحد منهما مع الاخر وبدونه، و لهذا ثلاث صور:

  1. وجود الغرر مع الجهالة، مثل شراء حصان شارد مجهول الاوصاف، و لا يدري المتعاقدان على حصوله، فهذا بيع غرر لتردد المتعاقدان لحصوله، ومجهول الاوصاف
  2. وجود الغرر بدون الجهالة، مثل: شراء فرس شارد معلوم الاوصاف للمشتري، هنا البيع موصوف وغير مجهول، ولكن يوجد غرر و ذلك لأن المتعاقدان لا يدري أي منهما أيحصل أم لا .
  3. وجود الجهالة بدون الغرر و ذلك مثل: شراء حجر يراه المشتري و حصوله متيقن، و لكن ما نوع هذا الحجر و ماهي صفاته هنا توجد الجهالة، لعدم معرفة الشيء و أوصافه[8]..
  4. الغرر والغَبن:

الغبن: هو النقصان، يقال غبنه في البيع والشراء غبنا، أي نقصه

والغبن اصطلاحا هو عدم تساوي أحد العوضين بالأخر، أي بأن تكون قيمته أكثر أو أقل وينقسم الغبن إلى غبن يسير و فاحش

الغبن اليسير: هو ما يدخل تحت تقويم المقومين من أهل المتخصصين في معرفة الاسعار في السوق، مثلا: اشترى شخص سلعة بمائة ليرة ثم عرضها على المختصين لمن لديهم معرفة بأسعار السوق وقدرهُ بعضهم بتسعين ليرة ومنهم مائة أو أكثر أو أقل قليلا فهنا وقع غبن يسير يتسامح الناس فيه

الغبن الفاحش: يكون عكس ذلك حيث عند عرض السلعة التي اشتراها الشخص بمائة قدرها أهل الاختصاص بأسعار السوق بأقل من ذلك بكثير، سبعون أو ستون مثلا فهنا وقع غبن فاحش [9].

و كذلك عن قيام المشتري بشراء شيء ما بمائة ليرة من عند البائع وهو يعرف أن ثمنها في سوق ارتفع الى المئتين أو أقل قليلا فهنا وقع الغبن كذلك .

و الفرق بين الغبن والغرر هو أن الغبن يكون عدم تساوي أحد العوضين و يتم فيه حصول الشيء ويكون موصوفا

أما الغرر فهو لا يدري المتعاقدان أيحصل على الشيء أم لا.

  1. الغرر والقمار:

القمار يعني الرهان يقال قامر فلانا أي راهن و الرهان هنا اللعب والمسابقة بين الطرفين وعلى من فاز منهما يستحق المال و اختلف العلماء في تعريف القمار

قال لبن عابدين: القمار هو تمليك على سبيل المخاطرة

وعرف الماوردي القمار: ” هو الذي يخلو الداخل فيه من أن يكون غانما إن أخذ وغارما إن أعطى

فالقمار هو كل مراهنة لا يشرك فيها أحد إلا هو رابح أو خاسر[10].

والفرق بين القمار والغرر أن القمار يكون في المسابقات و الالعاب، أما الغرر فيكون في المعاوضات كالبيع، ويقال باع غررا و لعب قماراً.

  1. الغرر والغرور:

الغرور يكون نتيجة لقول أو فعل أو موقف اتخذه شخص ليخدع به أخر مثلا: لو اشترى أحد فرس ضائعة والبائع لا يدري مكانها، والمشتري يدري فقد يغرر به ليبيعه الفرس الذي لا يعلمه أين، والبيع هنا دخل تحت الغرور .

أما الغرر لا يكون نتيجة قول أو موقف، وإنما يكون لكون العاقدين جاهلين لا يدريان بحقيقة الامر مثل لو اشترى حصان ضائع ولا يعلم أوصافها، فهذا بيع به غرر، كذلك أن للمغرور حق الفسخ في بعض الحالات، أما الغرر فهو يجعل العقد غير صحيح[11].

  1. الغرر والتدليس والغش:

التدليس: يعني الخداع و هو يكون بإيقاع المتعافد في غلط يدفعه إلى التعاقد أو بإفساد عناصر العقد الموضوعية و لتدليس عنصران

عنصر موضوعي وهو استعمال طرق احتيالية

عنصر معنوي و هو الذي يؤدي إلى التعاقد

والغش يقصد به الخديعة والتحايل بقصد الاضرار بالغير

والفرق بين كلا من الغرر والتدليس والغش، هو أن الغرر لا يدري المتعاقدان من حصوله أو لا، كما أوضحنا، بينما التدليس يكون الخداع عند ابرام العقد، و الغش يكون الشيء معلوما وموصوفا ولكن الوصف به خديعة تضر الغير.

و يختلف الغش عن التدليس، بحيث التدليس يكون أثناء العقد، أما الغش يقع غالبا بعد تكوين العقد .[12]

1-3- حكم الغرر من الادلة الشرعية:

سنبين في هذا الفرع حكم الغرر في الشريعة الاسلامية وذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

  1. من القرآن الكريم:

ليس في القرآن الكريم آية صريحة بها كلمة غرر، إلا أن الايات أتت تأمر بالعدل وعدم أكل أموال الناس بالباطل، ومن ذلك قوله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[13].

وقال تعالى في سورة المطففين { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}[14].

تدل الآيات على تحريم أكل أموال الناس بالباطل و أن المال لا يؤخذ من صاحبه بغير حق، يقول ابن العربي في تفسيره لكلمة الباطل أي لا يحل شرعا ولا يفيد مقصوداً، لأن الشرع نهى عنه، وحرم تعاطيه كالربا و الغرر [15].

  1. من الاحاديث النبوية:

نجد أن الاحاديث النبوية نصت على مفهوم الغرر، كما أنها بينت حكمه منها

كما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ” نهى صلى الله عليه وسلم عن البيع الغرر”[16].

و عن أبي سعيد الخدري قال ” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما في بطون الأنعام حتى تضع وعمّا في ضروعها إلا بكيل و عن شراء الغنائم حتى تقسم وعن شراء الصدقات حتى تقبض وعن شراء العبد وهو إبق وعن ضربه الغائص”[17]

وهناك أحاديث أخرى مرويه عن الصحابة رضي الله عنهم منهم عن أبوهريرة، و ابن عباس، تنهى عن بيع الغرر بصفة عامة، كما هناك أحاديث أخرى مروية تنهى عن بعض البيوع التي بها غرر، كالنهي عن البيعتان في بيعه، وبيع الحصاة، وبيع الملامسة، وبيع المنابذة، وبيع المضامين و الملاحيق، وبيع حبلة الحبلة.

فمن هذه الاحاديث استخرج العلماء في الفقه الاسلامي أحكام الغرر وتحريمها والنهي عن أي بيع به غرر، وعلة ذلك هي الجهالة المفضية إلى المنازعة، و لهذا يعد بيع الغرر من أكل أموال الناس بالباطل .

  1. أقسام الغرر و ضابط الغرر المؤثر والغير المؤثر

ينقسم الغرر إلى ثلاث أقسام غرر يسير وغرر متوسط وغرر كبير أو فاحش وهذا سيكون بالفرع الاول، وسنبين ضابط الغرر المؤثر و الغير المؤثر.

قسم العلماء من أهل الفقه الغرر إلى غرر يسير و غرر متوسط وكبير أو فاحش.

  1. أقسام الغرر
  2. الغرر اليسير:

الغرر اليسير هو ما يتسامح الناس فيه غالبا، ويشترط عدم قصده مهما كان قليلا، وهذا النوع جائز، ولا أثر له على صحة العقد،

و الامثلة على الغرر اليسير،، إجارة الدار بقيمة ثابته لكل شهر مع أن بعض الشهور تكون ناقصة يوم أو يومين[18]،استعمال الماء عند دحول الحمام بالأجرة

والفقهاء وضعوا قاعدة فقهية مهمة حول الغرر اليسير و هي من أهم القواعد الفقهية الاسلامية في المعاملات وهي ( الغرر اليسير معفو عنه)، وهذه القاعدة تندرج تحت القاعدة الفقهية الكبرى ( المشقة تجلب التيسير)، والغرر اليسير المتسامح فيه هو الذي يكون تابع لأصل مباح، ولا يكون مقصود بنفسه، وقد تسامح الشرع في الغرر اليسير التابع لحاجة الناس إليه، ولأنّ في منعه يؤدي إلى منع أصله المباح.

والدليل على إباحة الغرر اليسير المعفو عنه، قوله تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[19]، وقوله سبحانه { مَا جَعَلَ عَلْيكُمْ فِي الدِّينِ مِن حَرِجٍ}[20].

و عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال” من باع نخلا وقد ابرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع”[21]

قال شيخ الاسلام ابن تيمية ” جواز النبي صلى الله عليه وسلم إذا باع نخلا وقد أبرت أن يشترط المبتاع ثمرتها فيكون قد اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها، لكن على وجه التبع للأصل فظهر أنه يجوز الغرر اليسير ضمنا وتبعا مالا يجوز من غيره”

و أجمع العلماء على أن الغرر إذا كان يسيراً لا يؤثر على صحة العقد وذلك كبيع أساس الدار تبعا لها

  1. الغرر المتوسط:

هو الغرر الذي قارب الغرر الكبير من جهة و اليسير من جهة أخرى، فاختلف الفقهاء هل يلحق بالغرر الكبير فيكون ممنوعا أو يلحق بالغرر اليسير فيكون معفوا عنه

بعض الفقهاء يرى أن الغرر المتوسط يلحق بالغرر الكبير فيجعله باطل العمل به، مثل بيع الجوز أو اللوز في قشرته حيث هذا البيع يكون الغرر فيه متوسط، واختلف الفقهاء فيه، حيث منعه الشافعية واعتبروه من البيع الذي به غرر كبير.

وبعض الفقهاء يرى العكس في الغرر المتوسط ويلحقه بالغرر اليسير المتسامح فيه، حيث أجاز الامام مالك بيع الجوز أو اللوز في قشرته واعتبر أن البيع به غرر يسير متسامح فيه.

وكذلك من الغرر المتوسط المختلف في إلحاقه بالغرر الفاحش أو اليسير، شراء أنثى الحيوان على شرط أنها حامل، فمنعه الاحناف، وأجازه البعض الاخر.

وقد ذكر ابن رشد مسألة المبيعات أنها على نوعين، الاول بيع الحاضر المرئي وهذا لا خلاف فيه، والثاني بيع الغائب أو متعذر الرؤية هنا اختلف العلماء فقال الشافعي وهو أشهر الأقوال بيع الغائب لا يجوز بحال من الاحوال سواء وصف أم لم يوصف، وقال الامام مالك يجوز بيع الغائب على الصفة إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير فيه قبل القبض صفته، وقال أبو حنيفة يجوز بيع الغائب أي العين الغائبة من غير صفة، ثم له إذا جاء على صفة فهو لازم وعند الشافعي لا ينعقد البيع أصلا في الموضعين.

فهنا كان راي أبوحنيفة أنه إذا كان خيار الرؤية أنه لا غرر هناك وإن لم تكن له رؤية، والامام مالك رأى أن بيع الغائب الموصوف وغير مقترن بجهالة من الغرر اليسير، والشافعي رأى أنه من الغرر الكبير الفاحش.[22]

  1. الغرر الكبير الفاحش:

هو الغرر الذي يكون الخطر والخديعة فيه كبيرين، ويظهر أثر ذلك غالبا في حدوث النزاعات والغرر الكثير هو الذي لا يكون فيه العفو والتسامح بين الناس، فالغرر الفاحش يؤدي إلى بطلان العقد وعد صحته هو الغرر المؤثر في العقود والمعاملات المالية ومثال على الغرر الفاحش بيع حبلة الحبلى، ونهت الشريعة الاسلامية هذا النوع من الغرر في المعاملات المالية[23] حيث جاء في حديث عن أبي سعيد الخدري أن نبي صلى الله عليه وسلم” نهى عن شراء ما في بطون الانعام حتى تضع وعما في ضروعها إلاّ بكيل وعن شراء العبد وهو ابق”[24].

ووضع العلماء قاعدة فقهية للغرر الكبير الفاحش وهي ( الغرر الكثير يفسد العقود)، وهذه القاعدة مستمدة من القاعدة الكبرى في الفقه ( الضرر يزال).

والدليل على أن الغرر الكثير باطل التعامل به قوله تعالى { يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}[25]، أن الله تعالى اباح التجارة القائمة على التراضي، وحرم أكل أموال الناس بالباطل و الغرر الكثير يفضي إلى التنازع و التخاصم وفيه أكل الاموال بين الناس بالباطل.

و كذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع الغرر

و اجمع الفقهاء على أن العقد الذي فيه غرر كثير فإنه فاسد، وذلك كبيع الطير في الهواء، وشراء أوراق اليانصيب أو التأمين التجاري وهو من المعاملات المالية المعاصرة الذي به غرر .

و لمعرفة أن العقد به غرر مؤثر أو لا، هناك ضوابط أو شروط إن وجدت في العقد فإن الغرر كثير و مؤثر.

2-2- الغرر المؤثر والغير المؤثر

و بعد أن عرفنا ماهو الغرر اليسير و المتوسط والكثير، نبين الان الضوابط أو الشروط التي إن وجدت يكون الغرر كثير و مؤثر في العقد و أما غير ذلك فيعتبر غرر غير مؤثر .

  1. الغرر الغير المؤثر:

الغرر اليسير هو الذي لا يؤثر في العقد بل يبقى العقد صحيحا، قال النووي في الغرر الذي لا يؤثر في العقد (هو الغرر الذي إذا دعت الحاجة إلى في العقد و لا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة، او كان يسيرا جاز العقد)

أما العقد المؤثر بعكس ذلك وخاصة في عقود المعاوضات المالية كالبيع، أما في العقود الاخرى غير المعاوضات كالتبرع والهبة مثلاً مهما كان فيها من غرر كثير فإنه لا يؤثر في صحتها، لأن الطرف الاخر لم يبذل شيء يخشى ضياعه من جراء الغرر [26]

  1. الغرر المؤثر:

الغرر المؤثر على الاقتصاد و المعاملات المالية بصفة عامة هو الغرر الكثير الذي يعد أحد أسباب الازمات الاقتصادية بالعالم، ويكون هذا الغرر مؤثر في عقود المعاوضات المالية

و لا يكون الغرر مؤثر إلا إذا توفرت فيه الضوابط أو الشروط الاتية:

الشرط الاول:

أن يكون الغرر كثيراً فالغرر اليسير لابأس به كما أوضحنا سالفا، حيث أجمع العلماء على أن الغرر القليل جائز و متسامح فيه أما الكثير فلا .

الشرط الثاني:

أن لا يكون الغرر مما لا يمكن التحرز عنه إلا بمشقة غير معتادة، وذلك كمعرفة أساس البيت وكذلك مقدار استعمال الماء في الحمام و مدة المكث فيه. فهذه العقود حكم الفقهاء عليها بالصحة إذ الغرر فيها لا يمكن التحرز عنه إلا بمشقة.

الشرط الثالث:

أن لا يكون للعقد حاجة يشترط لتأثير الغرر في العقد ألا يكون الناس في حاجة إلى ذلك العقد، فإذا كانت هناك حاجة إلى العقد لم يؤثر العقد فيه، و لو كان الغرر كثيرا في عقد من عقود المعاوضات، والمراد بالحاجة هي أن يصل المرء إلى حالة بحيث إذا لم يتناول الممنوع يكون في جهد ومشقة ولكنه لا يهلك.

الشرط الرابع:

أن يكون المعقود عليه أصالة بحيث أن الغرر الذي يؤثر في صحة المعاملات المالية هو ما كان في المعقود عليه اصاله، لأن الغرر التابع لا يؤثر في العقد عملا بالقاعدة الفقهية ( يفتقر في التوابع ما يفتقر في غيرها)، مثال ذلك بيع الحمل مع الشاة فهذا جلئز لان الحمل هنا تابع للأصل وهي الشاة، أما بيع الحمل الذي في بطن أمه دون الشاة فهذا لا يجوز لأن مجهول والحمل في بطن أمه هو الاصل في العقد.

الشرط الخامس:

أن يكون في المعاوضات المالية، الغرر الكثير المؤثر لا يكون إلا في المعاوضات المالية كالبيع و الايجارة والشركة، و أحلت الشريعة الاسلامية جميع المعاملات المالية إلا إذا وجد نص من الكتاب أو السنة يحد من هذه المعاملات، كنهي عن بيع الغرر، لأنه يؤثر في العقود المعاوضات و يسبب البغضاء والعداوة بين الناس و يؤدي لأكل الاموال بينهم بالباطل، أما في غير العقود المالية فإن الغرر لا يؤثر فيها كالتبرعات و الهبة .[27]

المبحث الثاني: الغرر والتأمين

الخطر لقد فكر الانسان في رفع الخطر بعد وقوعه أو التخفيف من اثره، مثل غرق السفن في البحر،و حريق مصنع أو موت عامل أثناء العمل، و وقوع مثل هذه المخاطر يسبب كوارث اقتصادية و اجتماعية، فسلك سبلا لتخفيف من هذه الاخطار في حال وقوعها فوضعوا نظام التأمين .

  1. مفهوم التأمين

قبل ان نعرف التأمين نفرق بين نوعين من التأمين، أولا التأمين التجاري، ثانيا التأمين التكافلي أو التعاوني[28].

أولا: التأمين التجاري:

هو عقد يتم بين شركة التامين و المستأمن، حيث تتعهد هذه الشركة بمقتضاه بدفع مبلغ من المال و هو مبلغ التأمين عند وقوع خطر معين في مقابل التزام المستأمن بدفع مبلغ مالي، وتسعى شركات التأمين التجاري تحقيق الربح من هذه العقود وهو الفرق ما تأخذه من المستأمنين من أقساط و ما تدفعه لهم عند وقوع الاخطار

ثانيا: التأمين التعاوني أو التكافلي

هو قيام مجموعة من الاشخاص بالتكافل فيما بينهم في تحمل الضرر الذي يصيب أحدهم أو أكثر، بدفع تعويض مناسب للمتضرر من خلال ما يتبرعون به من أقساط.

  1. حكم التأمين

و بحث العلماء المعاصرين مدى مشروعية التأمين منذ أكثر من ستين عاما، وصدرت فتاوى شرعية و آراء مختلفة تتردد بين الاباحة والحرمة، حيث يرى الفريق الاول أن نظام التأمين نظام جديد جائز، و لا يقاس على غيره من العقود، ولا ينظر إلى العقد بمفرده، وإنما ينظر إليه كنظام ذو أهداف اقتصادية يخفف المخاطر على الانسان في مزاولته النشاطات التجارية ذات المخاطر العالية، ولا سيما أن الشريعة دائما تراعي حاجات ومصالح الناس، و أن الاصل في العقود هو الاباحة، وأول من تبنى هذا الرأي مصطفى الزرقا، و عبدالوهاب خلاف، رفيق المصري[29]

و أما قول الفريق الثاني من أهل الفقه والعلم و هم الاغلب، يرون أن عقد التأمين التجاري

لا يصح؛ لكونه عقد به غرر و أن الغرر هو ركنه الاساسي، فالمشترك لا يدري كم من القسط يدفع، ولا يدري كم سيأخذ عوضا، ولا يعلم هل سيحصل خطر أم لا، و هذا رأي أغلب أعضاء المجمع الفقهي الاسلامي، و للحاجة الملحة لنظام التأمين و ضعوا صيغة تكون مقبولة شرعا من قاعدة ( يغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات) أي يكون دفع الاقساط تبرعا لا معاوضة وهو مايطلق عليه بالتأمين التعاوني أو التكافلي[30].

  1. الغرر في عقد التأمين التجاري وأثره على الاقتصاد

بعد أن عرفنا أن الغرر منهي عنه في الشريعة لحديث ابن عمر رضي الله قال ( نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر )، وعن أبي هريرة رضي الله عنه ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وبيع الغرر)[31] ووضحنا أن الغرر المقصود به هو الفاحش الكثير الذي لا يدري المتعاقدان أحصل أم لا، و عقد التأمين التجاري هو عقد معاوضة ؛ لأن الشركات تقوم به لأجل الربح، وليس لتعاون، و يشترط في عقد المعاوضة المالية العلم بمقدار ما يحصل عليه كمتعاقد، مع أن عقد التأمين التجاري لا يدري العاقدان أيحصل أم لا، لأن كلا منهما لا يعرف كم سيحصل من المال و لا مقدار ما سيدفع، وهنا يكون الغرر واضحا و كثير.[32]

3-1- أثر غرر الـتأمين التجاري على الاقتصاد:

لم تنهى الشريعة الاسلامية عن شيء إلا و كان لمصلحة الناس، وقد نهت التعامل بالمعاملات المالية التي بها غرر ومنها عقود التأمين التجاري، وذلك لما فيه من مساوئ اقتصادية كثيرة على الاقتصاد منها:

  1. ربح شركات التأمين أرباحا طائلة، و قيام المؤمن بدفع أموال طائلة وبدون أي مردود، مما تضره أكثر في نشاطه الاقتصادي، مقابل في حال حصول خطر لا يعلم قيمة التعويض مع احتمال تكون غير مناسبة لضرر الذي وقع
  2. من أثارها أيضا تكديس الاموال لدى جهات معينة من الناس، و التامين يساعد على تكديس الاموال بيد قلة من الناس، وهذا يؤدي إلى خلق طبقات قلة غنية و أغلب الناس فقيرة، بل حتى بعض الناس ذوي النشاط التجاري البسيط يصيبه افلاس بسبب الاجبار على دفع الاقساط التأمينية وهو عاجز عن ذلك .
  3. الاصل أن شركات التأمين تعمل على دعم العملية الاستثمارية داخل البلد مما يساعد على تحريك العجلة الاقتصادية وتوفير فرص عمل، وهذا أفضل من بقاء الاموال مكدسه، ولك المعمول به للأسف هو قيام أغلب شركات التأمين بإيداع الأموال إما في البنوك الربوية أو إيداعها في شركات تأمين عالمية لإعادة التأمين، وهذا بضر المساهمون في التأمين و الاقتصاد البلد بشكل عام.
  4. التعمد لإتلاف المال للحصول على التأمين، كأن يتسبب في حرق ماله و خاصة إذا حس أنه ستحصل له خسارة في تجارته، فيعمد إلى إتلافها؛ للحصول على مبلغ التأمين و يعوض خسارته، وهذا يسبب خسارة شركات التأمين مما يؤثر كذلك على اقتصاد الدولة خاصة عندما يكون هذا في الشركات الكبرى، وهذا كله بسبب الاغراء والطمع في الحصول على مبالغ التأمين.[33]

الخاتمة

أولاً: النتائج

  1. الغرر الذي يؤثر في المعاملات المالية المعاصرة هو الغرر الكثير الفاحش، وهو موجود في ا من المعاملات المعاصرة كالتأمين التجاري و التسويق الشبكي و المسابقات التجارية.
  2. أن الكثير من الناس تخسر أموالها؛ بسبب دخولها في معاملات مالية بها جهالة و غرر المفضية إلى أكل الاموال بالباطل بينهم.
  3. تكدس الاموال بأيدي قلة من الناس و تعطيلها عن الانتاج، و إبطال حقوق الاخرين، و دفع الناس إلى إهلاك أموالهم لأجل الحصول على مبالغ التأمين.
  4. من الاثار السلبية للغرر على الاقتصاد هو التلاعب في أسعار الاسواق المالية وتفشي البطالة في المجتمع، و تأثر في الانتاج التي تسببها المضاربات الوهمية والمحتوية على الغرر و الجهلة والقمار و هذه من أكثر الأثار المؤثرة على الاقتصاد
  5. إن بالبحث في علوم الشريعة الاسلامية نستطيع معالجة هذه القضايا المالية و توضيح احكامها.

ثانياً: التوصيات:

  1. التكثيف من الابحاث المتخصصة في المعاملات المالية والاقتصاد الاسلامي، لإيجاد البدائل المناسبة الخالية من المحضورات الشرعية و المؤثرة على الافتصاد
  2. نوصي الجهات العامة و الخاصة الحكومية والغير الحكومية جماعة أو أفراد بالتخلي عن المعاملات التي تخالف الشريعة الاسلامية و العدول عنها إلى البدائل الشرعية .

المراجع

أولا: القرءان الكريم:

سورة البقرة الآية، 286

  1. سورة النساء الآية، 29.

سورة الحج الآية، 78

سورة المطففين الآية 1،2،3

ثانيا: الأحاديث النبوية:

  1. أخرجه مسلم في صحيحه، ج3، ص 1153، حديث رقم 1513.
  2. صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب من باع نخلا عليها ثمر
  3. سنن ابن ماجة، باب النهي عن بيع الغرر، حديث (2196).

سنن البيهقي، باب النهي عن بيع الغرر، حديث رقم (10628)، (10629).

ثالثا: الكتب و الأبحاث:

  1. أنور، محمد فياض، بحث أثر الغرر على عقود المعاوضات، رسالة جامعة الاسلامية العالمية، اسلام أباد، 1404ه.
  2. البدوي، أحمد زكي، معجم المصطلحات القانونية، ط 1، لبنان، دار الكتاب، 1989م.
  3. البدوي، حسام حامد، الغرر و أحكامه من منظور شرعي، كلية الشريعة والقانون، الاردن 2010م.
  4. ترميجان، تريحان، الغرر و تطبيقاته في المعاملات المالية المعاصرة، رسالة ماجستير، جامعة سوراكرتا المحمدية، اندونيسيا، 1437ه، 2015م
  5. ابن تيمية، القواعد النورانية، تحقيق، حمد بن الخليل، ط 1، السعودية، 1422ه.
  6. أبوحبيب، سعدي، القاموس الفقي،ط2،دمشق، دار الفكر، 1408ه،ص 272.
  7. الخثلان، سعد بن تركي، فقه المعاملات المالية المعاصرة، ط 2، السعودية، دار الصميعي لنشر والتوزيع، 2012م.
  8. درادكه، ياسين أحمد، نظرية الغرر في الشريعة الاسلامية، رسالة دكتوراة، جامعة الازهر، منشورات وزارة الاوقاف، م1973.
  9. الرازي، زين الدين الحنفي، مختار الصحاح، تحقيق يوسف الشيخ، ط 5، بيروت، المكتبة العصرية .
  10. السرخسي، المبسوط، بدون الطبعة، بيروت، ج 13.
  11. شبير، عثمان، فقه المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الاسلامي، ط 6، دار النفائس، 2007م.
  12. الضرير، الصديق، الغرر و أثره في العقود، ط 1، السعودية، 1386ه.
  13. ابن العربي، أحكام القرآن، ج 3.
  14. القرافي، كتاب الفروق، ج 3 .
  15. الكاساني، بدائع الصنائع، ط 2، دار الكتب العلمية، 1406ه، ج 5.
  16. . المصري، رفيق يونس، فقه المعاملات المالية، ط 1، دمشق، دار القلم،2005 م.
  17. مجمع الفقه الاسلامي الدولي، المنبثق عن المؤتمر الاسلامي، دورة الانعقاد الثانية، بجدة، ربيع، 1406ه،1985م.

الهوامش:

  1. – سعدي أبوحبيب، القاموس الفقي،ط2،دمشق، دار الفكر، 1408ه،ص 272.
  2. – زين الدين الحنفي الرازي، مختار الصحاح، تحقيق يوسف الشيخ، ط 5، بيروت، المكتبة العصرية، ص 225
  3. – القرافي، كتاب الفروق، ج 3، ص 265.
  4. – القرافي، كتاب الفروق، ج 3، ص 265.
  5. – الكاساني، بدائع الصنائع، ط 2، دار الكتب العلمية، 1406ه، ج 5، ص 163.
  6. – السرخسي، المبسوط، بدون الطبعة، بيروت، ج 13، ص 68.
  7. – ابن تيمية، القواعد النورانية، تحقيق، حمد بن الخليل، ط 1، السعودية، 1422ه، ص 171.
  8. – محمد فياض أنور، أثر الغرر على عقود المعاوضات، رسالة جامعة الاسلامية العالمية، اسلام أباد، 1404ه، ص42.
  9. – حسام حامد البذوي، الغرر و أحكامه من منظور شرعي، كلية الشريعة والقانون، الاردن 2010م، ص9.
  10. – تريحان ترميجان، الغرر و تطبيقاته في المعاملات المالية المعاصرة، رسالة ماجستير، جامعة سوراكرتا المحمدية، اندونيسيا، 1437ه، 2015م،ص 10.
  11. – الصديق الضرير، الغرر و أثره في العقود، ط 1، السعودية، 1386ه، ص 35.
  12. – أحمد زكي البدوي، معجم المصطلحات القانونية، ط 1، لبنان، دار الكتاب، 1989م، ص 88.
  13. – سورة النساء الاية 29.
  14. – سورة المطففين الاية 1،2،3.
  15. – ابن العربي، أحكام القرآن، ج 3، ص 138.
  16. – سنن البيهقي، باب النهي عن بيع الغرر، حديث رقم (10628).
  17. – المصدر السابق، حديث رقم (10629).
  18. – الصديق الضرير، الغرر و أثره في العقود، ص 102.
  19. – سورة البقرة الأية، 286.
  20. -سورة الحج، الاية، 78.
  21. – صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب من باع نخلا عليها ثمر.
  22. – الصديق الضرير، أثر الغرر في العقود، ص 103، 104.
  23. – تريحان ترميجان، الغرر وتطبيقاته في المعاملات المالية المعاصرة، ص 12
  24. – سنن ابن ماجة، باب النهي عن بيع الغرر، حديث (2196).
  25. – سورة النساء الآية، 29.
  26. -ياسين أحمد درادكه، نظرية الغرر في الشريعة الاسلامية، رسالة دكتوراه، جامعة الازهر، منشورات وزارة الاوقاف، 1973، ص 95.
  27. – تريحان تر

    ميجان، الغرر وتطبيقاته في المعاملات المالية المعاصرة، ص 13،14،15.

  28. – سعد بن تركي الخثلان، فقه المعاملات المالية المعاصرة، ط 2، السعودية، دار الصميعي لنشر والتوزيع، 2012م، ص 167،168.
  29. – رفيق يونس المصري، فقه المعاملات المالية، ط 1، دمشق، دار القلم،2005 م، ص 277، 278، 279.
  30. – مجمع الفقه الاسلامي الدولي، المنبثق عن المؤتمر الاسلامي، دورة الانعقاد الثانية، بجدة، ربيع، 1406ه،1985م.
  31. -أخرجه مسلم في صحيحه، ج3، ص 1153، حديث رقم 1513.
  32. – عثمان شبير، فقه المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الاسلامي، ط 6، دار النفائس، 2007م، ص 93.
  33. – أيمن خليل، أثار التأمين الايجابية و السلبية، مجلة الهدي النبوي، باب الفقه، العدد 46، 2011،اصدار جماعة دعوة الحق، مصر.