أثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في دول جنوب شرق آسيا دراسة حالة (ماليزيا وسنغافورا)

الدكتور بلال ياسين الكساسبة1

1 الأردن.

HNSJ، 2022، 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3119

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/01/2022م تاريخ القبول: 21/12/2021م

المستخلص

هدفت هذه الدِّراسة للتعرُّف أثر التنمية الاقتصادية على التحوُّل الديمقراطي في دول جنوب شرق آسيا دراسة حالة ماليزيا وسنغافورة في ظل التحولات الديمقراطية في البلدان النامية.

وقد تناولت الدِّراسة طبيعة ونشأة وتطوُّر النظام السياسي لكل من ماليزيا وسنغافورة وتجربتهما الديمقراطية منذ عام 1965 حين استقلتا عن الاستعمار الانجليزي، كذلك بينت الدِّراسة واقع تطور التنمية الاقتصادية وخاصة في الجوانب التعليمية والاستثمارية والتصنيعية،والتعرف على اهم التحديات واجهة الدولتين في مراحل التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي.

واعتمدت الدِّراسة على استخدام المنهج الوصفي التحليلي وتحليل النظم وقد عنى المنهج الوصفي التحليلي بدراسة المسرح السياسي للدولة والأقسام السياسية وبين أثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في دول جنوب شرق آسيا خاصة ماليزيا وسنغافورا أما تحليل النظم فيتمثل في تحويل المدخلات من موارد ومطالب وتأييد إلى مخرجات.

وقد توصَّلت الدِّراسة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات، فقد أظهرت نتائج الدراسة ان التنمية الاقتصادية قد نقلت كل من ماليزيا وسنغافورة من دول زراعية فقيره إلى دول تمتاز بالصناعات الدقيقة والمتطورة، كذلك أوصت الدراسة على الدولتين الماليزية والسنغافورية توزيع التنمية على جميع مكونات الأقاليم داخلهما والتركيز على الإصلاح السياسي تجهيزا لترسيخ القيم الديمقراطية.

الكلمات المفتاحية: التحول الديمقراطي، دولة ماليزيا، دولة سنغافوره، مهاتير محمد، لي كوان يو، التنمية الاقتصادية النمو الاقتصادي

Research title

The impact of economic development on democratization in Southeast Asian countries

Case study (Malaysia and Singapore(

Dr. Bilal Yasin Alkasaspeh1

1 Jordan.

HNSJ، 2022، 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3119

Published at 01/01/2022 Accepted at 24/12/2021

Abstract

This study aimed to identify the impact of economic development on democratic transformation in Southeast Asian countries، studying the case of Malaysia and Singapore in light of the democratic transformations in developing countries.

The study examined the nature، origin and evolution of the political system of both Malaysia and Singapore and their democratic experience since 1965 when they resigned from English colonialism.

The study also showed the development of economic development، especially in the educational، investment and typographical aspects and the challenges facing the two countries in the stages of economic development and democratization.

The study relied on the use of descriptive analytical methodology and systems analysis. The analytical descriptive approach concerned the study of the political theater of the state and the political sections and the impact of economic development on democratic transformation in Southeast Asian countries، especially Malaysia and Singapore. The analysis of systems is the transformation of inputs from resources، demands and support to outputs.

The study found a number of conclusions and recommendations. The results of the study showed that economic development has moved Malaysia and Singapore from poor agricultural countries to countries that are characterized by fine and sophisticated industries.

The study also recommended that the Malaysian and Singaporean countries distribute development to all regions within them، without neglecting regions and neglecting other regions.

Key Words: Democratic transition، Malaysia، Singapore، Mahathir Mohammad، Lee Kuan Yew، economic development، economic growth

الفصل الأول

خلفية الدراسة وأهميتها

تجربة التحول الديمقراطي في كل من ماليزيا وسنغافوره.

    1. خلفية الدراسة:

تعد الديمقراطية اساس التحولات الاقتصادية في الدول الديمقراطية، فلا يمكن ان يكون هنالك تنمية اقتصادية وانفتاح اقتصادي ومنافسه دون ان تكون الدولة قائمة على اسس ومعايير الديمقراطية، لذا فالديمقراطية والتنمية الاقتصادية مفهومان متكاملان يدعم كل منهما الأخر، ومما يزيد الصلة بينهما أنها تنبع من تطلعات الأفراد والشعوب ومن حقوقهم المشروعة.فالتاريخ يظهر إن التجارب التي جرى فيها الفصل بين الديمقراطية والتنمية انتهت في اغلب الأحيان إلى الفشل.وعلى العكس من ذلك.فان الربط بين عمليتي تحقيق الديمقراطية والتنمية يسهم في ترسيخهما معا بصورة دائمة.

وفي ظل تنامى فعالية المجتمع المدني مع المستجدات الدولية المعاصرة وفي ظل الواقع المعولم تعالت الأصوات المنادية بالإصلاح السياسي والتحول الديمقراطى في كثير من الدول الآسيوية، وقد كانت المستجدات المعاصرة في مجمل تداعياتها حول الانتقال الديمقراطي، وقد باتت تشغل حيزاً متنامياً من شواغل المحللين السياسيين إلا أن بعدها السياسي المتمثل في الإصلاحات السياسية أو ما يدرج على تسميته بالتحول الديمقراطى قد اجتذب أنظار العديد من الدارسين في ظل تنامى مجموعة من التطورات السياسية التي شهدتها غالبية دول العالم الثالث متمثلة في تراجع التوجهات السلطوية لصالح تحولات ديمقراطية في إطار ما يعرف “بالثورة الديمقراطية الشاملة.

لقد استطاعتا ماليزيا وسنغافورا أن تحقق قفزه تنموية، استحقت أن يطلق عليها” معجزة”، فقد أستطاعتا أن تتحول من مجتمع زراعي متخلف بعد الاستقلال عن بريطانيا عام 1957، فضلاً عن الصدامات العرقية التي حدثت في أواخر الستينات بين الملايو والصينيين، إلى مجتمع واقتصاد يشهد نمو متسارع على الصعيد الاقتصادي، وخلق تجانس واستقرار وطني بين العرقيات المختلفة المكون لها.

تعد ماليزيا وسنغافورة اليوم من الدول المتطورة والمصنعة للاليات الدقيقية التي تتعلق بالحاسوب هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تعد افضل مناطق العالم سياحيا، كل ذلك بسب وجود قيادات سياسية اخلصت لاوطانها، وعملت لشعوبها رغم الاختلافات العرقية الا انها اصبحت نموذج الدول المنتقلة من العالم الثالث الى العالم المتقدم.

2.1 مشكلة الدراسة:

تكمن مشكلة الدراسة في اثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في دول جنوب شرق اسيا، وباعتبار ماليزيا وسنغافوره حالة الدراسة، حيث تعرضت كل من ماليزيا وسنغافورة لمراحل من التخلف في الديمقراطية والاقتصاد، حيث اضطرت قيادة الدولتان لمحاولات الخروج من ازماتها في التخلف والتبعية لتحقيق نهضة ديمقراطية واقتصادية والتي سنناقشها في هذه الاطروحة.

3.1 أهمية الدراسة:

تبرز أهميـة الدراسـة في اثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في دول جنوب شرق اسيا دراسة حالة (ماليزيا وسنغافورة) وذلك من خلال مجموعة من المعطيات تتعلق بالأهمية العلمية والعملية.

  • الاهمية العلمية

تتمثل الاهمية العلمية في مساهمة هذه الدراسة في توفير دراسة علمية حديثه، قد تفيد الباحثين والمختصين في اثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في دول جنوب شرق اسيا لكل من ماليزيا وسنغافورا، حيث وبالرغم من الظروف الاقتصادية التي عاشتها ماليزيا وسنغافوره من الفقر والبطاله، والتخلف والتبعية الاقتصادية، الا انها استطاعتا ان تحقق نهضة كبيرة  في المجال الاقتصادي خلال العقود الأخيرة، وتحولت من بلدان يعتمد على تصدير المواد الأولية البسيطة الي أكبر الدول المصدرة للسلع والتقنية الصناعية في منطقة جنوب شرق اسيا.

  • الاهمية العملية

تكمن الاهمية العملية لهذه الدراسة في تمكين الباحثين والدارسين من التعرف على تجربة الدولتين في مواجهة التحديات والعقبات التي تقف امام التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي والانتقال من واقع أمم فقيرة محطمة الى بلدان ثرية من خلال القفزات الصناعية والاقتصادية والتخلص من مشكلة البطالة والتغلب جزئياً على مشكلة التمويل في المراحل الأولى من النمو لأنها قللت الحاجة إلى الاستثمارات المرتفعة، ثم استطاعت هذه الدول استخدام التكنولوجيا كألية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.

4.1 أهداف الدراسة:

من خلال الدراسة تم التعرف على اثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في العالم الثالث، وباعتبار ماليزيا وسنغافوره حالة الدراسة ضمن المؤشرات والمعطيات التالية :

  1. التعرف على طبيعة النظام السياسي في ماليزيا وسنغافوره.
  2. الاطلاع على تجربة التحول الديمقراطي في كل من ماليزيا وسنغافوره.
  3. التعرف على واقع مسار الاصلاح السياسي في ماليزيا وسنغافوره.
  4.  التعرف دور الدولة الماليزية والسنغافوربة في التنمية.

5.1 أسئلة الدراسة:

من خلال الدراسة تمت الإجابة على السؤال الرئيس والذي يطرح كالتالي: ما هو اثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في العالم الثالث، وباعتبار ماليزيا وسنغافورة حالة الدراسة؟ والإجابة على الأسئلة الفرعية التالية:

  1. ما هي طبيعة وشكل النظام السياسي في ماليزيا وسنغافورة ؟
  2. كيف نجحت تجربة التحول الديمقراطي في كل من ماليزيا وسنغافورة؟
  3. كيف كان مسار الإصلاح السياسي في ماليزيا وسنغافوره؟
  4.  كيف كان دور الدولة الماليزية والسنغافوره في التنمية؟
    1. منهجية الدراسة:

المنهج الوصفي : تم اعتماد المنهج التحليلي كون هذا المنهج يتصف بالشمول حيث يعنى بدراسة المسرح السياسي للدولة والأقسام السياسية وبين اثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في دول جنوب شرق اسيا خاصة ماليزيا وسنغافورة، كما يعنى هذا المنهج بدراسة العناصر الخارجية والداخلية لواقع التنمية الاقتصادية ومشكلاتها، وكذلك اثرها على سيادة الدولة وتحليل علاقتها الخارجية وتحليل طبيعة المجتمع البشري والأسلوب الاقتصادي وأثره في قوه الدولة وضعفها (David، 2000، p. 26).

  • منهج تحليل النظم

اعتمدت الدراسة في الوصول إلى نتائجها على منهج تحليل النظم، وتتمثل هذه العملية في مجموعة الأنشطة والتفاعلات التي قام بها النظام السياسي الماليزي والسنغافوري، ويحول عن طريقها مدخلاته من موارد ومطالب وتأييد إلى مخرجات، أي قرارات وسياسات تصدر عن أبنية النظام الماليزي والسنغافوري ومؤسساتهما، وبعد ذلك تتم عملية التحويل وهي بمثابة غربلة للمدخلات. وعلى عكس مفهومي المدخلات والمخرجات اللذان يمثلان عمليات تبادلية بين النظام السياسي من جهة وبيئتيه المحيطة من جهة أخرى، فإن عملية التحويل لا تعدو أن تكون عملية داخلية تتم في إطار النظام ذاته.

7.1 مصطلحات الدراسة:

التنمية الاقتصادية : يمكن تعريف التنمية بأنها: “هي الاجراءات التي يتخذها مجتمع معين، وتؤدي إلى زيادة معدلات النُّمو الاقتصادي استنادًا إلى قواه الذاتية، وذلك لضمان تواصل هذا النُّمو واتِّزانه لتلبية حاجيات أفراد المجتمع، وتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية”،فالتنمية بالمفهوم الواسع هي رفع مستدام للمجتمع ككل، وللنظام الاجتماعي نحو حياة إنسانية أفضل، كما عرفت أيضًا بأنها: “تقدم المجتمع عن طريق استنباط أساليب جديدة أفضل، ورفع مستويات الإنتاج من خلال إنماء المهارات والطاقات البشرية، وخَلْق تنظيمات أفضل”.،ويوضح مفهوم التنمية التغيرات التي تحدث في المجتمع بأبعاده الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، الفكرية والتنظيمية، من أجل توفير الحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع، ويرى بونيه “أن النُّمو الاقتصادي ليس سوى عملية توسع اقتصادي تلقائي، تتم في ظل تنظيمات اجتماعية ثابتة ومحددة، وتقاس بحجم التغيرات الكمية الحادثة، في حين أن التنمية الاقتصادية تفترض تطويرًا فعالاً وواعيًا؛ أي: إجراء تغييرات في التنظيمات الاجتماعية للدولة”.( جمعوني، 2010)

النمو الاقتصادي: فيعرف النمو بأنه مجرد الزيادة في دخل الفرد الحقيقي، أما التنمية فالراجح تعريفها بأنها تتحصل في الدخول في مرحلة النُّمو الاقتصادي السريع، بعبارة أخرى: تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة في الدخل الفردي الحقيقي عبر فترة ممتدة من الزمن، وبما أن أي شيء ينمو لا بد له من أن يتغير، فإن التنمية لا تتحقق دون تغير جذري في البنيان الاقتصادي والاجتماعي، ومن هنا كانت  عناصر التنمية هي التغير البياني، الدفعة القوية والإستراتيجية الملائمة( فتحيه،2009،ص9).

التحول الديمقراطي : يشير لفظ “التحول” في اللغة إلى التغير أو النقل، فيقال غير الشيء أي غيره أو نقله من حال إلى حال،اما التحول الديمقراطي اصطلاحا هو عملية يتم بمقتضاها ممارسة مبادئ الديمقراطية في مؤسسات الدولة والمجتمع، أي أنه عملية تمكين الأفراد من اكتساب السلطة من خلال التنافس الحر للحصول على أصوات الناخبين ثم اتخاذ القرارات المناسبة، ويحدث ذلك عندما يستجيب ويتكيف النظام مع المطالب الجديدة حتى يصل إلى مرحلة النضج، فهو عملية معقدة ومستمرة تعبر عن الفترة الزمنية للانتقال من النظام السلطوي إلى النظام الديمقراطي تتم فيها حل أزمة الشرعية والمشاركة والهوية والتنمية أي انتهاج الديمقراطية كأسلوب لممارسة الأنشطة السياسية، ( اسماعيل، 2007،ص 22(

والتحول الديمقراطي كذلك هو تحول يمس النظام في جميع جوانبه النخبة، الهياكل والمؤسسات وكذا التحق الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فالتحول هو تلك العملية التي يهدف من ورائها النظام إلى تفعيل مختلف الأصناف (السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية) المرتبطة أساسا لعملية السياسية( سعيدي،2005).

الملايو

يشير مصطلح عالم الملايو، إلى منطقة واسعة تمتد من الساحل الشرقي لسومطره عبر شبه جزيرة الملايو إلى الغرب والسواحل الشمالية الغربية لبورينو. ومنذ بداية القرن الخامس عشر زادت أوجه الشبه الثقافية واللغوية التي ربطت ما بين تلك الأقاليم من خلال صعود ميناء ملقا على الساحل الغربي لشبه الجزيرة. وإذ تأسست ملقا بواسطة أمير لاجئ من باليمبانغ (شرق سومطره) فإنها سريعا ما أصبحت أكثر موانئ المنطقة ثراء وذلك نتيجة لموقعها الاستراتيجي والبيئة التجارية الجذابة المدعومة من حكامها. لقد اعترفت الممالك على جانبي حدود ملقا بتفوقها، ومن ثم تم تقليد ثقافة الملايو في كثير من أرجاء مجموعة جزر الأرخبيل. وحين اعتنق حاكمها الإسلام حوالي عام ١٤٣٠م، أصبحت ملقا نصيرا ذا شأن للعقيدة الإسلامية مع الحفاظ على الكثير من التقاليد السابقة على الإسلام التي أصبحت تدرج تحت اسم المصطلح العربي “عادات) Raja،1982).

دول جنوب شرق اسيا : تُعتبر منطقة جنوب شرق القارة الآسيوية واحدةً من أهمّ وأبرز المناطق في هذه القارة؛ حيث تُقدّر مساحتها بحوالي أربعة ملايين كيلومتر مربع تقريباً، أمّا عدد سكانها فيقارب ستمئة مليون نسمة، حيث تعتبر جزيرة جاوا الأندونيسية واحدةً من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان من بين سائر المناطق الأخرى في القارة ككل، بل وربما في العالم أيضاً. تتكوّن منطقة جنوب شرق آسيا من عدد من البلدان المهمّة، والتي تلعب بعضها دوراً مؤثراً على الساحة الآسيوية، والعالمية، خاصّةً على الصعيد الاقتصادي.( حاتم،2003، ص410).

وتضم منطقة جنوب شرق آسيا عدداً من الدول المهمّة منها: بروناي، وإندونيسيا، وسنغافورة، وفيتنام، وتايلند، وماليزيا، وكمبوديا، وتيمور الشرقية، وبورما، ولاوس، والفلبين. وقد شكّلت دول جنوب شرق آسيا اتحاداً فيما بينها عرف باسم اتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، حيث يصنّف هذا الاتحاد على أنه مُنظّمة اقتصادية تضمّ في عضويتها عشر دول جنوب آسيوية هي: إندونيسيا، والفلبين، وماليزيا، وسنغافورة، وتايلند، حيث انضمّت هذه الدول في عام ألف وتسعمئة وسبعة وستين ميلادية، أي في عام التأسيس، ومن هنا فإنّ هذه الدول تعتبر الدول المؤسسة لهذا الاتحاد( خالقي، 2003، ص 85).

دولة ماليزيا : ماليزيا دولة إسلامية تقع في الجزء الجنوب الشرقي من قارة آسيا وتطل على بحر الصين الجنوبي من جهة الشمال،وتبلغ مساحتها 329،845 كم2. ويحدها من الجنوب إندونيسيا وتايلاند وبحر الصين الجنوبي من الشمال. ويتألف اتحاد ماليزيا من ماليزيا الغربية التي تتألف من دولة الملايو التي تشغل أراضيها معظم شبة جزيرة الملايو، حيث توجد العاصمة كوالالمبور ومن ماليزيا الشرقية التي تضم ولايتي صباح وسرواك، ومن مجموعة من الجزر الصغيرة التي تقع بالقرب من شبه جزيرة الملايو.

كان الاهتمام بالسياسة التنموية في البلاد بمثابة الجوهر الأساسي لمهاتير الذي قاد البلاد في فترةٍ ذهبيةٍ وقياسيةٍ استمرت حتى 22 عاماً، حيث كان تركيزه ينصب على بناء الإنسان من أجل تحقيق تنميةٍ بشريةٍ متكاملةِ الأبعاد، وتعميق الوعي والحرص الداخليّين لدى كل فردٍ في أهمية تطوير الدولة، وهو ما انعكس إيجاباً على الأفراد لأن ذلك سيُولّدُ لديهم شعوراً بأنهم عناصر حقيقية وفاعلة في البناء والتنمية. إذاً، كانت الرؤية مبنيّة على “تأسيس مجتمعٍ قيميٍّ كامل، يكون المواطنون فيه على درجةٍ من التديّنِ القوي والقيمِ المعنويّةِ والمعاييرِ الأخلاقيةِ الرفيعة( عبدالرحمن،2016).

دولة سنغافوره

تعتبر سنغافورة إحدى المستعمرات البريطانية حتى عام 1960 وهي عباره عن ميناء اقامته شركة الهند الشرقية التابعة للإمبراطورية البريطانية في عام 1819 في نطاق التوسع الأوروبي في آسيا من أجل الأسواق والموارد الطبيعية، وفي عام 1965 انفصلت عن ماليزيا حيث كان اقتصادها في الأساس بمثابة محطة تجارية إقليمية. وكانت القواعد العسكرية البريطانية تمثل نحو خمس الناتج المحلي الإجمالي الاسمي وكان ما لا يقل عن 75٪ من السكان بدون تعليم أساسي. وتبلغ مساحتها 710.3 كلم2 .( بدران،2008).

رغم صغر سنغافوره، حيث تقدر القوى العاملة فيها ما يقارب 3 ملايين شخص فقط، لكنها قادرة على إنتاج ناتج محلي إجمالي يتجاوز 300 مليار دولار أمريكي سنويًا( ابراهيم، 2016).

مهاتير محمد

ولد مهاتير محمد في ديسمبر عام 1925 و درس الطب بسنغافورة ثم الشؤون الدولية بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الامريكية عام 1967 وقد كان لرؤيته التي أوصلت ماليزيا لما هي عليه الان من دولة زراعية تصدر سلع بسيطة لدول متقدمة الى دولة صناعية متقدمة، وقد ألف مهاتير محمد كتاب ” معضلة الملايو” عام 1970م، وهو الكتاب الذي أثار ضجة، انتقد فيه الشعب المالاوي واتهمه بالكسل ودعا فيه الشعب لثورة صناعية تنقل ماليزيا من إطار الدول الزراعية المتخلفة إلى دولة ذات نهضة اقتصادية عالية، وللمصادفة العجيبة فقد تولى رئاسة وزراء ماليزيا عام 1981 ليبدأ في مسيرة اصلاح و تنمية شاملة للدولة، رسمها في خطة سميت 2020 وهو العام الذي اتخذه هدفا لوصول ماليزيا لمصاف الدول المتقدمة وأن تكون الدولة الخامسة في العالم اقتصاديا.

لي كوان يو

وُلد لي كوان يوفي الـ 16 من سبتمبر في العام 1923م. تلقّى تعليمه الجامعي في بريطانيا في جامعة كامبريدج، حيث تخصص في القانون. هو رئيس وزراء سنغافورة الأول؛ الذي يُلقّب برئيس الوزراء الذي ترك شوارع بلاده نظيفة دون علكة. درس القانون في كلية فيتزويليام في المملكة المتحدة، وعام 1950عاد إلى سنغافورة لمزاولة مهنة المحاماة هناك، وفي ذلك الوقت كانت سنغافورة مستعمرة بريطانية، ويعرف “لي كوان” بعقليته العملية وشخصيته القوية الواقعية ويقول البعض إنه يجمع بين الخليط الساحر من الجاذبية والخوف فلقد  جرب الفقر وخشنت عواطفه ومشاعره في الواقع العالمي الذي لا يرحم. ووصف نفسه في واحد من كتبه بـ”مقاتل الشارع”

المبحث الأول: تجربة التحول الديمقراطي لكل من ماليزيا وسنغافوره

تعد التجربة الماليزية والسنغافورية في التنمية من التجارب المهمة، فماليزيا نجحت في المزج بين اقتصاديات العولمة والاحتفاظ بنهج الاقتصاد الوطني لتتحول خلال فترة قصيرة من بلد يعتمد على تصدير المواد الأولية الى واحدة من أكبر الدول المصدرة للسلع والتقنية الصناعية في منطقة جنوب شرقي آسيا.

المطلب الأول : الدوافع والأسباب للتحول الديمقراطي في الدولتين

أولا: الدوافع والأسباب للتحول الديمقراطي في ماليزيا

تعد ماليزيا دولة إسلامية ذات مقومات ﻛبيرة حققت خلال العقود الأربعة الماﺿية قفزات هائلة في التنمية البشرية والاقتصادية حيث أصبحت الدولة الصناعية الأولى في العالم الإسلامي، وﻛذلك في مجال الصادرات والواردات في جنوب شرقي آسيا، وتمكنت من تأسيس بنية تحتية متطورة ومن تنويع مصادر دخلها القومي من الصناعة والزراعة والمعادن والنفط والسياحة، وحققت تقدماً ملحوظاً في ميادين معالجة الفقر والبحث عن عمل والفساد وتخفيض نسب المديونية الى مديات ﻛبيرة، لقد استفادت ماليزيا من الانفتاح الكبير على الخارج عبر اندماجها في اقتصاديات العولمة مع الحفاظ على رﻛائز تنمية اقتصادها الوطني، وتبدو مظاهر التقدم واﺿحة من خلال تحولها من بلد يعتمد بشكل اساس على الزراعة الى بلد مصدر للسلع الصناعية والتقنية خاصة في مجال الصناعات الكهربائية والالكترونية( منارة، 2013).

وقد اظهر تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة لعام 2001، رصد اهم دولة مصدرة للتقنية العالمية وﻛانت ماليزيا في المرتبة التاسعة متقدمة بذلك عن ﻛل من ايطاليا والسويد،ﻛما كانت تجربتها الفائقة النجاح في مواجهة الازمة الاقتصادية لعام 1997، والتي واجهت دول جنوب شرقي آسيا برمتها خير دليل على البرنامج الناجح الذي انتهجته من خلال التزامها بتنفيذ خطة عمل وطنية فرضت من خلالها قيوداً مشددة على سياستها النقدية واعطت البنك المرﻛزي صلاحيات واسعة لتنفيذ خطة طوارئ لمواجهة هروب راس المال الاجنبي وجلب النقد الاجنبي للداخل، اذن الأنموذج الاقتصادي الماليزي اضحى إنموذجا يشار له بالبنان وهو يحتذي بالأنموذج الياباني بالتنمية. لذا فأن تجربة التحول الديمقراطي في ماليزيا كانت نتاج لمجموعة من الاسباب والدوافع والتي من اهمها ( السعد، 2014):

  1. تعدد الأعراق : فنظرا لتعدد الأعراق داخل المجتمع الماليزي، ووجود العديد من الديانات المختلفة بها إلا أن الجميع شارك في التنمية وسياستها وابتعدوا عن الخلافات السياسية، مشيراً إلى أن العمل على تكوين التحالف بين القوى السياسية في ماليزيا من العوامل الأساسية التي أدت إلى نهضتها.
  2. زيادة دخل الفرد : سعت القيادة الماليزية بالعمل على توفير فرص العمل للباحثين عنها والتوجه نحو التصنيع، حيث خصصت الأراضي الزراعية للباحثين عن عمل لاستيعاب العمالة المتكدسة وهو ما ساعد في تحقيق دخل عن طريقها، ولكنه لم يكن كافيا لاستيعاب اليد العاملة، فكان لابد من البحث عن حل آخر، وقد بلغ متوسط دخل الفرد في المجتمع الماليزي 350 دولار سنويا في البداية الى ان وصل إلى 3000 دولار سنويا.
  3. التأكيد على صناعة الشرائح الالكترونية : حيث ركزت ماليزيا على تصنيع “الشرائح الالكترونية” لما تتميز به من استخدام لأيدي عاملة كبيرة، وعلي هذا الأساس تم إعطاء إعفاءات كاملة من الضرائب لهذه الصناعات، التي عمل بها الآلاف، وتم اكتساب المهارات من خلال تلك الصناعات كالمايكروالكترونيك أو المايكروتشيبس.
  4. تقديم التسهيلات الاستثمارية : حيث أكد قادة ماليزيا يانهم قدموا إعفاءات ضريبية تصل حتى عشر سنوات، وتم تزويد المناطق المختلفة بالبنية التحتية، والسماح بالاقتراض للمستثمرين الأجانب من البنوك المحلية.
  5. التأكيد على دعم القطاع الخاص : حيث قامت الحكومة الماليزية بدعم القطاع الخاص حتى تستطيع أن يحقق الربح المطلوب، حيث ان التجربة الماليزية قدمت القروض المُيسرة للقطاع الخاص مع الإهتمام في ذات الوقت بتقديم أجود الخدمات إلى المواطن.
  6. الإهتمام بجودة التعليم : فقد أشار القادة الماليزيين إلى أن العامل الرئيسي في نجاح التجربة الماليزية هو الإهتمام بجودة التعليم، حيث قامت ماليزيا عقب انتهاء الاحتلال الانجليزي بسب انخفاض عدد الجامعات حيث كان في ماليزيا سوى جامعة واحدة، ولكنها أصرت على إيفاد بعثات للتعلم في الخارج، بالرغم ان أن ماليزيا الآن بها الكثير من الجامعات الخاصة والحكومية( الصاوي، 2011).

ثانيا: الدوافع والاسباب للتحول الديمقراطي في سنغافورة

تعد القيادة السنغافورية ممثلة في رئيس وزرائها على مدار ثلاثة عقود “لي كوان يو”، قائد التجربة السنغافورية وهي في نفس الوقت إبراز لأهمية دور القيادة السياسية والاقتصادية التي تسعى إلى تحقيق رفاهية شعوبها، وللاطلاع على تجربة سنعافوره الديمقراطية لابد من الاطلاع على مجمل مؤشرات الاقتصاد الكلي موضحة كما يلي :

  1. القطاع السياحي : فقد كان قطاع السياحة هو المسلك الأول منذ نشأة سنغافورة لإحداث طفرة في معدلات النمو والدخل، حيث كان يوفر فرص عمل بشكل كبير، إلا أنها كانت غير كافية بالمرة لابتلاع حجم البطالة المرتفع، خاصة مع انسحاب القوات البريطانية التي كانت توظف ما يقارب (40ـ) ألف عامل محلي، وذلك بفضل العديد من الإصلاحات الإدارية والمالية ومحاربة الفساد، وتدارك العجز المالي للحكومة(لي كوان، 2007).
  2. قطاع الصناعة، إذ تم إنشاء المصانع والتركيز على الصناعة التحويلية في البداية وتأمين احتياجاتها من الطاقة بواسطة أربعة مفاعلات كهروحرارية يصل إنتاجها إلى حوالي 25 مليار كيلو واط، وقد أقنع “لي كوان” البريطانيين قبل رحيلهم بعدم تدمير أحواض سفنهم بغرض تحويلها للاستخدام المدني. وفي هذه الأثناء ضاعفت سنغافورة من جهودها وقامت بتحسين بيئة العمل وأممت شركات القطاع الخاص التي عانت من نقص في رأس المال أو الخبرة مثل بنك سنغافورة أو خطوط الطيران، ثم عملت على فتح أسواق جديدة وإعادة هيكلة منظومة الاقتصاد بأكملها( مركز الجزيره للدراسات، 2015).
  3. قطاع الاستثمارات: كانت اجتذاب الاستثمارات الأجنبية أولى الخطوات في هذا الطريق هي تدعيم بنية تحتية تنتمي للعالم الأول وتستوعب حجم الاستثمارات المرجو اجتذابها في أوائل الثمانينيات، وقد تمكنت سنغافورة من إقناع الأمريكيين واليابانيين والأوروبيين من تأسيس قاعدة للأعمال بالبلاد في منتصف الثمانينيات، فتحولت سنغافورة إلى واحد من أكبر مصدري الإلكترونيات في العالم، خاصة مع إصرارها على دخول القرن الجديد بصناعات تكنولوجية متطورة ذات تقنية عالية تسمح لها بالوصول إلى أسواق جديدة تغنيها عن الاعتماد على الصناعات التقليدية التي تعاني منافسة شديدة من قبل الدول ذات الأجور المنخفضة نسبيًا كالصين وباقي دول جنوب شرق آسيا(العال، 2004).
  4. القطاع المالي: أما الخطوة الأخيرة في إرساء هذه الجهود التنموية فقامت سنغافوره تدعم القطاع الخدمي متمثلاً في إنشاء قطاع مالي قوي يستوعب كافة التطورات الداخلية وحجم التعاملات البنكية والمصرفية لتلك الاستثمارات الأجنبية الجديدة، حيث كانت حكومة سنغافورة ترمي الى طمأنة المصرفيين الأجانب باستقرار الظروف الاجتماعية والدرجة العالية من البنية التحتية، والتأكيد على سياسات الاقتصاد الكلي العقلانية التي تنتهجها الدولة مع تحقيق فوائض ميزانية تؤدي إلى استقرار قيمة الدولار السنغافوري فيما بعد. وتبع هذه الخطوات إنشاء الوحدات المصرفية الخارجية لتشجيع استقطاب الاستثمارات إلى سنغافورة، مما رفع من نسبة مساهمة القطاع المالي ليصل إلى 27% من دخلها القومي، وأصبح بها أكثر من 60 مصرفًا تجاريًا، بالإضافة إلى بورصة مزدهرة لتبادل العملات الآسيوية وبفوائد تشجيعية، ويوجد بها أكثر من 700 مؤسسة مالية أجنبية تتخذ سنغافورة مقرًا لها وتتوزع أنشطة هذه المؤسسات على مجموعة واسعة من الخدمات والمنتوجات المالية، كالتجارة المالية والعملات وأنشطة رأس المال والقروض والأمن التجاري وخدمات التأمينات المتخصصة وغيرها، مما أسهم في دينامية الصناعة المالية في سنغافورة، ففي عام 2004، اختيرت سنغافورة ضمن العشرة الأوائل الأكثر تقدمًا على مستوى الأسواق المالية عالميًا، وجاء هذا الاختيار ضمن تقرير المنافسة العالمية للملتقى الاقتصادي العالمي، ولديها احتياطي عملات أجنبية يتخطى حاجز الـ 60 مليارًا، حيث أعلنت سلطة النقد السنغافورية (البنك المركزي) نهاية عام 2013 أن حجم الأموال المدارة ارتفع بنسبة 22% في عام 2012 ليصل إلى رقم قياسي عند 1.63 تريليون دولار سنغافوري (1.29 تريليون دولار أمريكي) مقابل 1.34 تريليون دولار سنغافوري سنة 2011.( الشنيطي، 2015).

المطلب الثاني : دور القيادة الماليزية والسنغافورية في التحول الديمقراطي.

اولا: مهاتير محمد

مهاتير محمد أو محاضر محمد ولد في العاشر من تموز/عام  1925،وهو سياسي ماليزي تولى رئاسة الوزراء فكان رابع رئيس وزراء لماليزيا في الفترة من 1981 إلى 2003، وتعد أطول فترة لرئيس وزراء في ماليزيا، وكذلك من أطول فترات الحكم في آسيا، وقد امتد نشاط مهاتير السياسي لما يقرب من 40 عاما، منذ انتخابه عضواً في البرلمان الإتحادي الماليزي عام 1964، حتى استقالته من منصب رئيس الوزراء في عام 2003، وكان لمهاتير محمد دور رئيسي في تقدم ماليزيا بشكل كبير، إذ تحولت ماليزيا من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعي الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من اجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية( القصاص،2003).

ولعل أبرز ما يميز المرحلة المهاتيرية تلك الطفرة الاقتصادية اللافتة؛ والتي أصبحت فيها ماليزيا دولة صناعية متقدمة يساهم فيها قطاعا الصناعة والخِدمات بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي، فقد استطاع مهاتير محمد تحويل ماليزيا من دولة فقيرة ومتخلفة إلى نمو اقتصادي يوازى في تحوله التجرِبة اليابانية؛ وهى التجرِبة التي استلهمها مهاتير نفسه كنموذج للتنمية في ماليزيا، وتمكن من تغيير وجه ماليزيا والنهوض بها تنمويا وجعلها في مصاف الدول الاقتصادية المتقدمة؛ حيث تمكن من الانتقال بها من مجرد دولة زراعية تعتمد على تصدير السلع البسيطة إلى دولة صناعية متقدمة، فأصبح الفكر التنموي للزعيم الماليزي مهاتير محمد مثالاً يحتذي به(عبدالحليم، 2011).

ان من اهم الركائز التي اعتمد عليها مهاتير في سياسته لحكم البلاد والتي كانت سبب في تطور ونهضة ماليزيا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي من أهمها( عبدالحليم، 2011):

  1. تحقيق الوحدة بين الشعب الماليزي : لعل من الأمور اللافتة للنظر في تجربة مهاتير هي قدرة المجتمع الماليزي على تجنب الصراعات والخلافات بين المجموعات العِرْقية الثلاثة المكونة للسكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة وهي: المالايو الذين يمثلون 58% من السكان، والصينيون الذين تبلغ نسبتهم 24%، والهنود البالغ نسبتهم 6%. فقد عمل على الوحدة بين فئات الشعب مع اختلاف دياناتهم؛ حيث توجد الديانة الأساسية وهي الإسلام بالإضافة للديانات الأخرى مثل البوذية والهندوسية.
  2. التنمية والتقدم : تعتبر التنمية الركيزة الثانية في خطة التنمية تمثلت في البحث عن دولة مناسبة تقوم بعملية الدعم لماليزيا في تجربتها نحو التقدم والتنمية؛ وكانت هذه الدولة هي اليابان التي أصبحت من أكبر حلفاء ماليزيا في مشروعها نحو التنمية والتقدم.
  3. جذب الاستثمار: حيث عمل على جذب الاستثمار نحو ماليزيا وتوجيه الأنظار إليها، كما قام مهاتير محمد بإدخال التكنولوجيا الحديثة والتدريب عليها حتى يتم الانتقال بالبلاد سريعا إلى مرحلة أخرى أكثر تقدما مع تحقيق إمكانيات التواصل مع العالم الخارجي.
  4. التعليم والتكنولوجيا : تبنى مهاتير محمد المنهج التنموي والذى دفع بالمالايا نحو النهضة التنموية؛ وذلك من خلال توفير مستويات عالية من التعليم والتكنولوجيا، كما شجع على تعلم اللغة الإنجليزية، وقام بإرسال البعثات التعليمية للخارج والتواصل مع الجامعات الأجنبية.
  5. الانفتاح والتواصل مع العالم الخارجي: وفي إطار سياسته الاقتصادية عمل على تجهيز المواطن الماليزي بكافة الوسائل العلمية والتكنولوجية كي يستطيع الانفتاح والتواصل مع العالم الخارجي والتعرف على الثقافات المختلفة، ثم بعد ذلك الدفع به إلى سوق العمل من أجل زيادة الإنتاج وخفض مستوى البطالة بين أفراد الشعب؛ حيث كان يهدف لتفعيل الجزء الأكبر من المجتمع الأمر الذي يعود بارتفاع مستوى التنمية الاقتصادية للبلاد في نهاية الأمر.
  6. القضاء على الفقر: فقد عمل على خفض أعداد المواطنين ممن هم تحت خط الفقر من% 52 في عام 1970 إلى% 5 فقط في 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن من 1247 دولار في عام 1965 الى 8862 في عام 2002، وانخفضت البطالة إلى % 3.
  7. اما فيما يتعلق بأهم المحاور التي انطلقت عليها سياسة مهاتير وهي: محور التعليم ومحور التصنيع ويأتي المحور الاجتماعي، موضحة كما يلي (مطاوع،2011).
    1. محور التعليم : كان اهتمام مهاتير محمد بالتعليم منذ مرحلة ما قبل المدرسة الابتدائية؛ فجعل هذه المرحلة جزءًا من النظام الاتحادي للتعليم، واشترط أن تكون جميع دور رياض الأطفال وما قبل المدرسة مسجلة لدى وزارة التربية، وتلتزم بمنهج تعليمي مقرر من الوزارة، وإلى جانب ذلك كان إنشاء الكثير من معاهد التدريب المهني التي تستوعب طلاب المدارس الثانوية وتؤهلهم لدخول سوق العمل في مجال الهندسة الميكانيكية والكهربائية وتقنية البلاستيك، وكان من أشهر هذه المعاهد معهد التدريب الصناعي الماليزي، والذي ترعاه وزارة الموارد البشرية، وقد أصبح له تسعة فروع في مختلف الولايات الماليزية، كما أنشأت الحكومة الماليزية العديد مما يعرف بالمدارس الذكية التي تتوفر فيها مواد دراسية تساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم واستيعاب التقنية الجديدة؛ وذلك من خلال مواد متخصصة عن أنظمة التصنيع المتطورة وشبكات الاتصال ونظم استخدام الطاقة التي لا تحدث تلوثًا بالبيئة، وتنفذ عملية التدريس والتعليم في هذه المدارس وفقًا لحاجات الطلاب وقدراتهم ومستوياتهم الدراسية المختلفة.
    2. محور التصنيع.. بطريقة الاهتمام بالتعليم دخلت ماليزيا في مرحلة صناعية مهمة؛ حيث شجعت الصناعات ذات التقنية العالية وأولتها عناية خاصة، كما عملت على التصنيع في الأسمنت والحديد والصلب، وتصنيع السيارات الماليزية الوطنية (بريتون)، ثم التوسع في صناعة النسيج وصناعة الإلكترونيات والتي صارت تساهم بثلثي القيمة المضافة للقطاع الصناعي وتستوعب 40% من العمالة. وقد كان ذلك بعد أن توافر لديها جيل جديد من العمالة الماهرة المتعلمة والمدربة بأحدث الوسائل فأصبح في مقدورها إثبات وجودها بل والمنافسة على الصدارة.

ولعل من مؤشرات نجاح الأداء الاقتصادي لماليزيا في الفترة المهاتيرية ذلك التوسع الذي حدث في استثمارات القطاع الصناعي؛ حيث أنشئ أكثر من 15 ألف مشروع صناعي بإجمالي رأس مال وصل إلى 220 مليار دولار، وشكلت المشروعات الأجنبية حوالي 54% من هذه المشاريع ما يعكس مدى الاطمئنان الذي يحمله المستثمر الأجنبي لماليزيا من ناحية الأمان وضمان الربحية العالية، بينما مثلت المشروعات المحلية 46% من هذه المشاريع. وكان لهذه المشروعات عظيم الأثر والنفع على الشعب الماليزي؛ حيث وفرت مليوني وظيفة، إلى جانب الفائدة الكبرى المتمثلة في نقل التقنية الحديثة وتطوير مهارات العمالة الماليزية( اسماعيل، 2014).

ج- المحور الاجتماعي: فقد تحققت في فترة ولاية مهاتير محمد طفرة ملحوظة في مشروعات الاتصالات والمعلومات التي كانت تحظى باهتمام ودعم حكومته كعنصر مهم من عناصر خطته التنموية، وكان يسميه “الاقتصاد المعرفي”، وبالفعل أصبحت ماليزيا محطة إقليمية وعالمية في مجال صناعة الاتصالات والمعلومات والإنترنت. ولعب مهاتير دورا بارزا في إدارته للأزمة المالية التي عصفت بكل دول شرق آسيا؛ ففي نهاية التسعينيات تعرضت العملة الماليزية وهي “الرينجيت” إلى مضاربات واسعة بهدف تخفيض قيمتها، وظهرت عمليات تحويل نقدي واسعة إلى خارج ماليزيا وبالأخص من جانب المستثمرين الأجانب، وبدا أن النجاح الذي حققته على وشك التحول إلى فشل(بابكر،2010)

ثانيا : “لي كوان يو سنغافورة

تعد القيادة السنغافورية ممثلة في رئيس وزرائها على مدار ثلاثة عقود “لي كوان يو”، قائد التجربة السنغافورية الابراز في القيادات على المستوى السياسي والاقتصادي التي تسعى إلى تحقيق رفاهية شعوبها ، لي كوان يو  من مواليد 16 ايلول عام 1923 الى 23  اذار/2015 فقد كان سياسياً سنغافورياً وأول أمين عام وعضو مؤسس لحزب العمل الشعبي، وهو أول رئيس وزراء لجمهورية سنغافورة وحكمها لمدة ثلاث عقود متتالية، ٱشتهر بصفته مؤسس الدولة وناقلها من العالم الثالث إلى الأول خلال أقل من جيل، وفي سنة 1990 ترك لي كوان منصب رئاسة الوزراء ومنصب أمين عام الحزب السياسي لكنه بقي رئيسًا شرفياً له وشخصية سياسية مهمة، وقد اعتمد لي الانجليزية لغة المشتركة لدمج أطياف المجتمع السنغافوري ولتسهيل التجارة مع الغرب. مع ذلك، أمر بالثنائية اللغوية في المدارس Allison، 2015)).

تلقي لي كوان تعليمه الجامعي في جامعة كامبريدج ببريطانيا في القانون، ثم عاد إلى سنغافورة وعمل محاميًا لعدة سنوات، بعدها أسس حزب “العمل الشعبي” في منتصف الخمسينيات، ثم فاز الحزب بانتخابات رئاسة سنغافورة عام 1959، وعين رئيسًا للوزراء وعمره 35 عامًا، وبعد 6 سنوات أعلن “لي كوان” استقلال سنغافورة عن ماليزيا عام 1965،واستمر بعد ذلك لمدة 25 عامًا رئيسًا في منصبه، عمل على جعل سياسة سنغافورة هي الحياد وعدم الانحياز، وهي سياسة شبيهة بسياسة سويسرا، مع الاهتمام بالجانب العسكري وتبادل الخبرات مع الدول ذات الخبرة العسكرية مثل بريطانيا والولايات المتحدة وحتى إسرائيل، وكانت المجهودات تنصب على الأمن القومي والاقتصاد وقضايا المجتمع السنغافوري إلى حد سواء(السيد، (2015.

في عهد لي كوان يو تطورت سنفافورة الى درجة عالية من التقدم الصناعي والازدهار الاقتصادي، واهم الانجازات التي احدثها لي كوان هي ما يلي ) بدران، 2008  (:

  1. معدل دخل الفرد : حيث بلغ معدل دخل الفرد السنوي قفز من 435 دولارا إلى 22 ألف دولار.
  2. الازدهار ومستوى المعيشة : وعن الازدهار احتلت سنغافورة تلقائيا الصفوف الأولى. واذا كان تقديرا للمستقبل، حلت سنغافورة في الاوائل. فسنغافورة من اكثر بلدان الارض امنا ومن اكثرها اطمئنانا كما هي نموذج في المحافظة على البيئة ومثال في المحافظة على مستوى المعيشة.
  3. . اكبر مركز تجاري ومالي: حيث تمكن لي كوان يو في 31 عاما من تحويل الجزيرة النائية إلى أهم مركز تجاري ومالي في العالم. وبفضل سياساته الحكيمة، أصبحت سنغافورة من كبرى الأسواق المالية التي تضم أكثر من 700 مؤسسة اجنبية و60 مصرفا تجاريا إضافة الى بورصة مزدهرة لتبادل العملات الصعبة بحجم 60 مليار دولار.
  4. الفقر والبطالة : لقد وضع كوان يو نصب عينيه تحويل بلاده من جزيرة متهالكة يسكنها الفقراء وتعاني من تدني مستوى التعليم وارتفاع معدلات البطالة وتنعدم فيها الموارد الطبيعية الى دولة حديثة. فأخرج بلاده من محنتها باتباع سياسات اقتصادية حازمة، وغرس قيم الاحساس بالواجب والجدية بالعمل والتسامح الديني في نفوس مواطنيه ومحاربة التسيب والمخدرات التي كانت متفشية بشكل كبير. فأنشأ ‘مجلس التنمية الاقتصادية’، وأعطى الجهاز الحكومي صلاحيات واسعة لتطبيق ومتابعة وتطوير الاقتصاد السنغافوري وتشجيع الصناعات المحلية(رشيد، 2016).
  5. سوق المال والصناعة : في عام 2004، اختار الملتقى الاقتصادي العالمي سنغافورة ضمن العشرة الاوائل لأكثر أسواق المال العالمية تقدما بسبب المناخ الاستثماري والنظم السارية والتطور الكبير الذي تشهده. ومن أبرز شركائها التجاريين الولايات المتحدة واليابان وماليزيا والصين والمانيا وتايوان وهونغ كونغ. واستوعبت سنغافورة في زمن قياسي كل متطلبات العصر، وأضحت واحدة من أغنى أغنياء بلدان آسيا والعالم، في حين قفز سكانها من 150 الف شخص عام 1819 إلى 3.7 ملايين نسمة حاليا. ويتغذى الاقتصاد السنغافوري على الصناعات المحلية. اما الاراضي الزراعية فتشكل أقل من 10 % فقط من اجمالي مساحة الدولة البالغة 329،845 كم2..
  6. المايكرو اقتصادية : تعتبر الركائز المايكرو-اقتصادية والاستقرار السياسي ومصداقية إطار العمل القانوني والقضائي بالإضافة إلى الجودة العالية للإشراف على الحقل المالي عوامل أدت إلى إيجاد بيئة مواتية لأنشطة تدبير الثروة في سنغافورة. كما أن هذه الدولة الآسيوية تمتلك تجربة عميقة في الاستثمار. ففي عام 2003، نمت الأرصدة المسيرة بواسطة المؤسسات الموجودة فيها بنسبة 35% لتصل إلى 465.2 مليار دولار سنغافوري.

وتعتبر سنغافورة حاليا من اكبر مصدري اسطوانات الكمبيوتر في العالم وواحدة من اهم مراكز صيانة السفن. كما تقدم خدمات مالية لمعظم بلدان المنطقة ما يشكل 27 % من دخلها القومي. وتملك مؤسسات اعلامية متقدمة: 9 اذاعات و3 شبكات تلفزيون و8 صحف محلية تخضع لرقابة شديدة وصارمة من السلطات المحلية( دسوقي، 2016)

المطلب الثالث : الاصلاحات الاقتصادية والسياسية في ماليزيا وسنغافوره

اولا: الاصلاحات الاقتصادية في ماليزيا

لقد سارت عملية الإصلاح الاقتصادي مع الإصلاح الاجتماعي، فقد نجحت ماليزيا في خفض معدلات الفقر من 49.3% من السكان عام 1970 إلى نحو 5% في عام 2004، وحرصت السياسات الاجتماعية أيضًا على توفير السكن الملائم من خلال شراكة بين القطاع العام والخاص، حيث استطاعَا أن يوفرا ما يزيد على متطلبات الخطة العامة للدولة في هذا المجال، وانخفضت معدلات البطالة في ماليزيا لتصل إلى نحو 2.7% عام 2001، وهو معدل يعادل أو يفوق نسبتها في العديد من البلدان المتقدمة.

تميزت التجربة الاقتصادية الماليزية بالذاتية في التعامل مع أزمة عام 1997 الاقتصادية، فكما هو الحال مع الدول الأخرى المتضررة من الأزمة، كان هناك مضاربة قصيرة في بيع العملة الماليزية ” رينجت ” وانخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمعدل ينذر بالخطر، وتدفقت رؤوس الأموال إلى خارج البلاد، وانخفضت قيمة العملة الوطنية بشكل حاد، كما انخفض مؤشر بورصة كوالالمبور المركب، ورغم شدة وطأة الأزمة الاقتصادية، إلا أن الحكومة تعاملت معها بحكمة بالغة، فقد تم تشكيل مجلس عمل وطني اقتصادي للتعامل مع الأزمة النقدية، حيث اتجه المجلس إلي تحجيم الفساد وإصلاح الجهاز الإداري للدولة ومحاربة المضاربة على العملة الوطنية في الخارج، وفرض بنك الرقابة على رؤوس الأموال، وعمل علي تثبيت سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، كما رفضت ماليزيا حزم المساعدات الاقتصادية من صندوق النقد الدولي، الأمر الذي أثار دهشة واستغراب العديد من المحليين وخبراء الاقتصاد، وفي أقل من عامين نجحت ماليزيا في النهوض من كبوتها الاقتصادية من جديد.

يمكن القول أن ماليزيا سعت إلي تطبيق نموذج الإقتصاد الإسلامي، من خلال خطط التنمية التي استهدفت جوهر الإسلام من حيث الاهتمام بالإنسان، والارتقاء بإمكانياته ومساهمته في عملية التنمية، وهو ما انعكس في تبني سياسات تعليمية وصحية واجتماعية واقتصادية أدت إلى ارتفاع معدلات التنمية البشرية والاقتصادية في ماليزيا، وقد قامت التجربة الماليزية وفق الرؤية الإسلامية للنظام الاقتصادي علي عدد من المبادئ:

  1. الملكية المزدوجة، حيث يجمع النظام الإسلامي بين الملكية العامة والملكية الخاصة، فالإسلام يحمي الملكية الخاصة ويرعاها إذا كانت من مصادر مشروعة، ويضع قيد المصلحة العامة على توسع ولي الأمر في الملكية العامة
  2. الحرية الاقتصادية التي تكفل للقطاع الخاص حرية ممارسة النشاط الاقتصادي بما لا يؤثر على حرية الآخرين، على أن تعمل في إطار المصلحة العامة للمجتمع، وأن تقوم الدولة بتهيئة المناخ المناسب للقطاع الخاص، وتراقب نشاطه لكي يكون متفقًا مع قواعد الشريعة الإسلامية.
  3. العدالة الاجتماعية التي تُبنى على التكافل العام والتوازن الاجتماعي، والتي تتمثل في التوزيع العادل للدخل والثروة بين كافة أفراد المجتمع دون تمييز بينهم بسبب الدين أو الجنس أو السن أو اللون، أو غير ذلك من الأسباب
  4.  وصول نسبة الفائدة إلي الصفر، والذي يتوافق مع تحريم الربا في الشريعة الإسلامية، حيث اعتمدت التجربة الماليزية في التنمية على القيم الإسلامية والمهارات التكنولوجية العالمية، وفي ظل تلك القيم، وتطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي، حققت ماليزيا ارتفاعا في معدلات التنمية البشرية، والقضاء على الفقر والبطالة، وحققت طفرة في الصادرات، وقد كان لوجود دور للدولة أهمية كبيرة في بناء التنمية، والقدرة على استرداد دور الدولة في أوقات الأزمات، وقد اتسمت التجربة الاقتصادية بالتدرج في تبني تجربة المؤسسات المالية الإسلامية من قبل الدولة، كما كان لاعتماد الدولة على الذات ورفض محاولات الهيمنة على الأجندة الوطنية للتنمية دور هام أيضا في نجاح التجربة الماليزية. تزامنت عودة انتعاش الاقتصاد الماليزي مع الانفاق الحكومي الهائل والعجز في الميزانية في السنوات التي أعقبت الأزمة، لكن سرعان ما تمتعت ماليزيا بانتعاش اقتصادي أسرع مقارنة بجيرانها، حيث عاد اقتصاد البلاد إلى مستويات ما قبل الأزمة، وأصبح القطاع المصرفي أكثر قدرة على مقاومة الصدمات الخارجية، وانتهي الحساب الختامي للموازنة العامة إلي فائض هيكلي، موفراً الأمان ضد هروب رؤوس الأموال، وعادت أسعار الأصول بشكل عام إلى مستويات ما قبل الأزمة، على الرغم من آثار الأزمة المالية العالمية، وغدت ماليزيا أيضاً أكبر مركز مصرفي ومالي في العالم الإسلامي.

ثانيا: الاصلاحات الاقتصادية في سنغافوره

سطرت سنغافورة أكبر قصة نجاح اقتصادي في العالم، وأصبح صعودها الاقتصادي نموذجًا يحتذى به دوليًا، بالنسبة إلى بلد يفتقر إلى الأراضي والموارد الطبيعية، ولكن من خلال تبني سياسات منفتحة على الخارج، وتطبيق «رأسمالية السوق الحرة»، والتعليم، وسياسات واقعية صارمة، استطاعت سنغافورة التغلب على عيوب الجغرافيا، وتصبح رائدة في التجارة العالمية، مع صغر حجمها الذي يبلغ 719 كم2. في الأسطر القادمة نتوغل في التاريخ والجغرافيا؛ لنعرف كيف استطاع هذا البلد أن يحقق هذه المعجزة الاقتصادية(الردادي، 2017).

نالت سنغافورة استقلالها الرسمي يوم 9 آب 1965، وأصبح «يوسف بن إسحاق» أول رئيس لها، ولي كوان يو رئيسًا للوزراء. حيث ظهرت بعد الاستقلال المشاكل الاقتصادية، وارتفاع نسبة البطالة وازدياد العاطلين عن العمل، وتدهور الاوضاع الاقتصادية بحيث كان أكثر من ثلثي السكان يعيشون في الأحياء الفقيرة، والمستوطنات العشوائية، على أطراف المدينة. فضلًا عن وقوع الجزيرة بين دولتين كبيرتين تُكنان مشاعر غير ودية لها، هما: «إندونيسيا وماليزيا». بالإضافة إلى افتقارها إلى الموارد الطبيعية، والصرف الصحي، والبنية التحتية المناسبة، وإمدادات لا تكفي من المياه. نتيجة لهذه الاوضاع والظروف بدأت قيادات سنغافوره البحث عن سياسات لاصلاح الواقع السياسي والاقتصادي لها لتبدأ بما يلي (بن هدنة، 2015):

  1. الاعتماد على الذات، وبالعمل الجاد، فبدأ في النظر إلى أهم مشكلاته الطارئة، وهي: البطالة المنتشرة بشكل كبير في الدولة، ولكن خلال الحقبة الاستعمارية كان الاقتصاد يتمركز على التجارة الوسيطة، وهذا النشاط الاقتصادي لم يعد يقدم إلا فرصًا ضئيلة للعمل، كما أنه بخروج القوات البريطانية التي كان لها تأثير ملحوظ في الاقتصاد السنغافوري، تفاقمت مشكلة البطالة بشكلٍ أكبر، ما زاد من الضغوط الشعبية لخلق فرص عمل جديدة.
  2. إنشاء مجلس التنمية الاقتصادية: حيث قامت الحكومة السنغافورية بإنشاء مجلس التنمية الاقتصادية ليتولى هندسة جذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن من أجل جذب المستثمرين كان على سنغافورة أن تخلق بيئة آمنة، وأن تخفض معدلات الضرائب، وأن تزيل أيه عوائق من النقابات العمالية. ولجعل ذلك ممكنًا كان على مواطني البلد أن يتنازلوا عن جزء من حريتهم لصالح حكومة أكثر استبدادًا؛ لتضبط الفوضى، وتبدأ مسار التنمية الصناعية التي تخطط لها (الردادي، 2017).
  3. تطوير البنية التحتية : بدأت سنغافورة في التركيز على تنمية الموارد البشرية لديها، بالإضافة إلى الاهتمام بالبنية التحتية، فقامت بإنشاء العديد من المدارس الفنية، ودفعت الشركات الأجنبية على تدريب عمالها غير المهرة في مجال تكنولوجيا المعلومات، والبتروكيماويات والإلكترونيات. أما العمال الذين لم يتمكنوا من الحصول على وظائف صناعية، فقد ألحقتهم الحكومة في قطاع الخدمات، كالسياحة والنقل، وكان لاتباع استراتيجية أن تقوم الشركات متعددة الجنسيات بتدريب وتثقيف القوى العاملة لديها عظيم الأثر على الاقتصاد السنغافوري.
  4. التركيز على القطاع الصناعي : في العام 1970 أصبحت سنغافورة تصدر بشكل أساسي المنسوجات والملابس والإلكترونيات الأساسية. وبحلول العام 1990 كانت تقوم بتصنيع الشرائح الإلكترونية الدقيقة، وتقدم الخدمات اللوجستية، وتجري البحوث في مجال التكنولوجيا الحيوية والأدوية وتصميم الدوائر المتكاملة وكذلك هندسة الطيران، وفي عام2001 أصبحت الشركات الأجنبية تمثل 75% من الإنتاج الصناعي و85% من الصادرات الصناعية.
  5. القطاع السياحي : صناعة السياحة في سنغافورة من الصناعات المزدهرة أيضًا، وتجذب أكثر من 10 مليون زائر سنويًا، وتمتلك سنغافورة اكبر حديقة للحيوانات في العالم، ويوجد بها رحلات ومحميات طبيعية. وفنادق فاخره، كذلك أصبحت صناعة السياحة الطبية وسياحة الطهي في البلاد من الصناعات الرائدة؛ وذلك بفضل تراثها الثقافي، وتقدم التكنولوجيا الطبية بها(ابراهيم، 2016).

المبحث الثاني : اثر التحول الديمقراطي في التعليم والاستثمار والتصنيع.

المطلب الاول : في مجال التعليم

اولا: التعليم في ماليزيا

في بداية الألفية الجديدة بدأ اسم ماليزيا يلمع وبدأ العالم كله يتحدث عن المارد الآسيوي الذي أصبح واحداً من أقوي النمور الاقتصادية التي يشار إليها بالبنان، فالدولة لم تنم اقتصادياً بدون تعليم جيد، وهذه كانت هي الحقيقة التي وعاها جيداً مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي وبدأ بها في بناء دولته التي يباهي بها الأمم.
فحينما تولي مهاتير محمد رئاسة وزراء ماليزيا عام 1981 كانت ماليزيا دولة فقيرة يعيش حوالي 25٪ من سكانها تحت خط الفقر، ولكنه قرر إحداث نقلة حقيقية في بلاده، ومن هنا وضع خطة لتطويرها وتنميتها اعتمدت علي ثلاثة ركائز أساسية هي:

  1. الركيزة الثانية: وحدة البلاد، وتجنب الصراعات، والخلافات بين السكان الذين ينقسمون لثلاثة فئات وهم: المالايو ويمثلون 58٪ من السكان، والهنود 6٪، والصينيين 24٪.
  2. الركيزة الثانية: فكانت الاهتمام بالتعليم.
  3. الركيزه الثالثة: هي التصنيع،

ومن ذلك نجح مهاتير محمد في نقل بلاده من دولة زراعية فقيرة تعتمد علي تصدير بعض السلع البسيطة مثل المطاط والقصدير إلي دولة صناعية متقدمة، وبذلك تمكن خلال 22 عاماً قضاها في منصبه من القضاء علي الفقر، ورفع متوسط الدخل من 1247 دولاراً في العام إلي 8862 دولاراً عام 2002، وانخفضت نسبة البطالة بين الماليزيين إلي 3٪ فقط، ولأن النهضة التعليمية هي ما يهمنا في هذا المجال فقد أولى مهاتير التعليم أهمية كبرى وقد اتبع مجموعة من الاستراتيجيات التعليمية للنهوض بالامة الماليزية موضحة كما يلي (مطاوع، 2011):

  1. الزامية التعليم : حيث اهتم مهاتير بجميع مراحل التعليم، فجعل مرحلة التعليم ما قبل المدرسة رياض الأطفال جزء من النظام الاتحادي للتعليم، واشترط أن تكون جميع دور رياض الأطفال مسجلة لدي وزارة التعليم، وملتزمة بمنهج تعليمي مقرر من الوزارة، كما تمت إضافة مواد دراسية تنمي المعاني الوطنية وتعزز روح الانتماء لدي تلاميذ المرحلة الابتدائية، وفي المرحلة الثانوية أصبحت العملية التعليمية شاملة، حيث يدرس الطالب بجانب العلوم والآداب مواد خاصة بالمجالات الفنية والمهنية التي تمنح الطلاب فرصة تنمية وصقل مهاراتهم، بالإضافة إلي إنشاء الكثير من معاهد التدريب المهني التي تستوعب طلاب المدارس الثانوية، وتؤهلهم لدخول سوق العمل في مجال الهندسة الميكانيكية والكهربائية. (ثابت، 2017).
  2. التركيز على المواد التكنولوجية: ولأن الكمبيوتر واحداً من أهم المواد التكنولوجية التي يجب دراستها والاهتمام بها قامت الحكومة الماليزية عام 1996 بوضع خطة تنمية شاملة من أهم أهدافها إدخال الكمبيوتر والربط بشبكة الإنترنت في كل مدرسة، بل وفي كل فصل دراسي، حتي بلغت نسبة المدارس المرتبطة بشبكة الإنترنت عام 1999 تقدر بـ 90٪ من المدارس الماليزية.
    كذلك تم إنشاء العديد من المدارس الذكية التي تساعد الطلاب علي دراسة التكنولوجيا واستيعاب التقنيات الحديثة من خلال مواد متخصصة في أنظمة التصنيع وشبكات الاتصال ونظم استخدام الطاقة النظيفة.( مطاوع، 2011).
  3. زيادة المخصصات المالية للتعليم: حيث أن الحكومة الماليزية قامت بزيادة المخصصات المالية للتعليم بحيث أصبحت توجه له حوالي 24٪ من إجمالي النفقات الحكومية بحيث يتم إنفاق هذه المبالغ علي بناء مدارس جديدة، خاصة المدارس الفنية، وإنشاء معامل للعلوم والكمبيوتر ومنح قروض لمواصلة التعليم العالي داخل وخارج البلاد، كذلك جعلت الدولة التعليم إلزامياً وأصبح القانون الماليزي يعاقب الآباء الذين لا يرسلون أبناءهم إلي المدارس، بالإضافة إلي الاستفادة من نظم التعليم المتطور في الدول المتقدمة، حيث تم إنشاء أكثر من 400 معهد وكلية خاصة تقدم دراسات وبرامج تتواءم مع جامعات في الخارج، وأتاحت الحكومة الفرصة للطلاب لاستكمال دراستهم في الخارج، بل وعملت الحكومة علي تقوية العلاقة بين مراكز البحوث والجامعات وبين القطاع الخاص، بحيث فتحت المجال لاستخدام أنشطة البحث العلمي لخدمة الأغراض التجارية، ومن ثم لم تعد الحكومة مطالبة بدعم الأنشطة البحثية بمفردها بل يشاركها في ذلك مؤسسات القطاع الخاص (محمود، 2017).
  4. تعليم المرأة : كذلك اهتمت الحكومة الماليزية بتعليم المرأة حتي إنها تقدم قروضاً بدون فوائد ليتمكن الآباء من تعليم بناتهن، ومنح الفقراء مساعدات مجانية.

ثانيا: التعليم في سنغافوره

يعتبر التعليم اساس العمل الذي قام به قادة سنغافورة في اطار التحول الديمقراطي، وقدادرك رئيس الوزراء لي كوان حقيقة أن التعليم عامل حاسم في لم شمل الأعراق المتنافرة والمتناحرة وتطوير القوى العاملة لتحقيق الأهداف الاقتصادية ولعبت الحاجات الإقتصادية في سنغافورة دورًا هاما في تحديد معالم سياسة التعليم، تتفوق سنغافورة من ناحية التعليم وبحالة من الحذر الشديد عند النظر في السياسات الجديدة للتأكد من فعاليتها وأنها مطبقة على أرض الواقع، الأمر الذي ولد أنظمة متينة شديدة الفاعلية.وقد قامت ستغافوره بمجموعة من اجراءات الاصلاح للمؤسسة التعليمية كان من اهمها(قبوري، 2014):

  1. بناية المدارس : ومع بداية الحكم الذاتي لسنغافورة بعد استقلالها من ماليزيا عام 1965م شهدت بناء العديد من المدارس وتوظيف العديد من المدرسين ومع حلول السبعينيات عندما ترسخت سنغافورة كدولة مستقلة بدأت تدرك الحكومة أن هناك الكثير من الهدر لأن الطلاب يتركون المدرسة نظرا لان المهارات التي تتطلبها الوظائف يمكن اكتسابها بسهولة في مواقع العمل، الأمر الذي أدى ألى نشوء مرحلة إصلاحات تركز على ” الجدارة أو الكفاءة ” حيث تم التركيز على المناهج الدراسية وتوحيد الكتب الدراسية وإنشاء هيئة تفتيش المدارس ولم يكن هناك أي فكرة للابتكار او لتطوير المناهج الدراسية تجري بمبادرة من المدرس أو المدرسة.
  2. مرحلة التعليم القائم على اقتصاد المعرفي : حيث في أواخر الثمانينيات بدأت وزارة التعليم بدراسة الكيفية التي يمكن أن يستجيب بها التعليم للاحتياجات المتغيرة التي طرأت نتيجة الاقتصاد القائم على المعرفة وكانت الاستجابة في إنشاء عدد من المدارس المستقلة والمتمتعة بإدارة ذاتية.
  3. اصلاح نظام التعليم : ومع حلول التسعينيات أدركت الحكومة أن وجود عدد قليل من المدارس البارزة لم يكن كافيا، وقد عرفت المرحلة الثالثة لإصلاح نظام التعليم في سنغافورة باسم ” النموذج المركز على القدرة ” التي أطلقت فيها مبادرات إصلاحية اهم هذه المبادرات .
  4. مبادرة مدارس التفكير كان أولها في عام 1997م وهي مبادرة مدارس التفكير، تعلم الأمة ” قائمة على أربع مبادئ :

– إعادة النظر في أجور المعلمين.

– إعطاء قادة المدارس مزيدا من الاستقلالية.

– إلغاء التفتيش واستحداث التميز المدرسي.

– تقسيم المدارس لمجموعات يشرف عليها موجهون مختصون مكنهم من التطوير واستحداث برامج جديدة

  1. مبادرة ” تعليم أقل، تعلم أكثر: حيث في عام 2005م جرى إطلاق مبادرة جديدة وهي مبادرة ” تعليم أقل، تعلم أكثر ” ركزت على طرائق التدريس وتقليل حجم المحتوى لإفساح مجال التفكير.
  2. من أهم أهداف التعليم الاهتمام بالفرد وأن يكون:
  3. شخص واثق يميز الخطأ من الصواب، مرن قادر على التكييف، صاحب تفكير مستقل ونقدي ويتواصل مع الآخرين بصورة فاعلة.
  4. متعلم موجه ذاتيا ويسعى ويثابر للتعلم.
  5. مسهم نشيط قادر على العمل بفعالية ضمن الفريق ويأخذ زمام المبادرة ويتحلى بروح الابتكار.
  6. مواطن يهتم بمصلحة وطنه ومتجذر بأرضه يملك وعيا مدنيا قويا وعلى إطلاع بما يجري من حوله.
  7. نظام التعليم : تتبع سنغافورة نظام تعليم تنافسي ” بهدف توفير فرص متساوية في التعليم للجميع بغض النظر عن مجموعاتهم العرقية أو مكانتهم الاقتصادية والاجتماعية ”
  8. مسارات التعليم : وتتبع سنغافورا مسار ست سنوات في المرحلة الابتدائية وسنتان متوسطة وسنتان ثانوية، وجرى تطبيق التعليم الابتدائي المجاني منذ عام 1974م وهي مرحلة إلزامية للأطفال فوق 6 ودون 15 عاما وتترتب عقوبة مالية قدرها 5000 دولار على أولياء الامور الذين يمتنعون من إرسال أطفالهم للمدرسة أو السجن أو بكلا العقوبتين معا لكن يحرص الآباء على تعليم أطفاله مدة 10 سنوات لأنهم يدركون أهمية التعليم.
  9. الاهتمام بالمعلمين وإعطائهم علاوات سنوية سخية تعتمد على تقويم معقد إلى حد ما ل 16 مجال، منها الاسهامات التي يقدمونها للمدرسة والمجتمع، ويدخل المعلمين معهد التعليم الوطني ويراقبوا لثلاث سنوات لتحديد أي المسار يناسبهم ويجري التعرف على موهبة القيادة مبكرا وعندئذ يحضر هؤلاء المعلمين لأدوار قيادية مستقبلية لأنهم يعتبروا القيادة الضعيفة هي سبب رئيسي للفشل ) مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية، 2016).

المطلب الثاني : في مجال الاستثمار

اولا: الاسنثمار في ماليزيا : تعد ماليزيا من انشط البلدان بتوفير بيئة العمل المناسبة لجذب الاستثمارات الى البلد من خلال البنى التحتية وقوانين العمل للشركات داخل ماليزيا ومن خلال حوافز الاستثمار، اذ أدى الاستثمار الأجنبي الى دفع الاداء الاقتصادي و خاصة الصناعي، ولم تتوقف فوائد الاستثمار الى اقامة صناعات على الارض فحسب وانما هذه الاستثمارات تدفع الى استثمارات اخرى وهو ما يعرف بمضاعف الاستثمار.(محمد،2011).

وتختلف أهداف الاستثمار بحسب الجهة التي تقوم بالاستثمار، اذ يكون الهدف من عملية الاستثمار هو تحقيق نفع عام اذا قامت به الحكومة، أو يكون هدفه هو تحقيق ربح اذا قام به القطاع الخاص، في ما يأتـي بيان أهداف و دوافع الاستثمار بالنسبة للمستثمر والبلد المضيف:(طارق واخرون،2011،ص،24).

وقد وضعت قادة ماليزيا الاقتصاديين تسهيلات واسعه للمستثمر، وذلك للاستقادة ما يلي( درج، 2015):

1- الحصول على مواد الخام من الدولة المستثمر فيها من اجل استخدامه في صناعة ذلك البلد.

2- الاستفادة من القوانين المشجعة للاستثمار والإعفاءات الضريبية المقررة لجذب المستثمرين.

3- الاستفادة من الأجور المنخفضة للأيدي العاملة في الدول المستثمر فيها.

4- تحقيق أرباح في الدول المضيفة تفوق كثيرا الأرباح داخل موطنه.

5- سهولة منافسة الشركات المحلية من حي جودة الانتاج وانخفاض الاسعار لتملكها احيانا للتكنولوجيا المتطورة ورؤوس الأموال الضخمة

وكان من دوافع البلد المضيف للاستثمار تحقيق ما يلي :

1- معالجة البطالة واستحداث فرص تشغيل في المشاريع التي يتم الاستثمار فيها.

2- تحسين ميزان المدفوعات من خلال زيادة الصادرات خاصة في الاستثمارات المخصصة للتصدير.

3- التعويض عن الاستيراد من خلال زيادة الانتاج المحلي.

4- محاولة الدولة توسيع الاسواق فيها واستحداث اسواق جديدة وتحسين حركة التجارة داخليا وخارجيا.

ولهذه المزايا العديدة للاستثمار الاجنبي استطاعت ماليزيا التنافس من الدول الاخرى لجذب الاستثمارات الاجنبية اليها من خلال استخدام الحوافز التي ذكرت اعلاه وذلك لاستهداف الاستثمار الاجنبي، اذ تعتبر ماليزيا من اكثر الدول النامية نجاحا في استخدام الحوافز لتوجيه الاستثمار الأجنبي نحو صناعات وقطاعات معينة، وتنتهج الحكومة الماليزية سياسة التعديل المستمر لهياكل وطبيعة الحوافز المقدمة في ضوء حاجات التنمية الوطنية، ففي البداية كان التشجيع عام لجذب الاستثمار الاجنبي وشركات متعددة الجنسية ثم تم التركيز على صناعات وقطاعات تكون الحوافز فيها اكبر لتنميتها، وكل ذلك تم بتخطيط متقن ورقابة فعالة وقيادة محنكة( بشير، 2003).

ففي عام 1958 تضمنت الحوافز الممنوحة إعفاءات ضريبية للاستثمار في صناعات احلال الواردات الغذائية والمشروبات والبلاستك والكيمياويات وصناعة الطباعة والنشر، وفي عام (1968) تم تعديل الحوافز لتشغيل صناعات كثيفة الاستخدام لرأس المال شملت اعفاءات لضريبة الارباح، وتم تحرير كافة القيود الخاصة بحقوق الملكية في الشركات تحت مظلة “قانون تشجيع الاستثمارات” وكان من اهمها الاجراءات الآتية (محمد،2011،ص، 5) :

  1. نسبة حصص الأجانب في رؤوس اموال الشركات المحلية و تقسم الى:

أ- السماح بالاستحواذ على(100%) من الحقوق الملكية في شركاتهم وكذلك عند قيامهم بتصدير (80%) أو أكثر من منتجات تلك الشركة.

ب-السماح للشركات التي تصدر ما بين (51%-79%) من منتجاتها بنسبة مناظره من(51%-79%) من حقوق الملكية الاجنبية لتلك الشركات.

ج-السماح للشركات التي تصدر ما نسبته (20%-50%) من منتجاتها بتملك (51%) من حقوق الملكية الاجنبية،وقد روعي في هذا القانون اهمية العوامل التي تتضمن التشابكية و مدى استخدام المواد الخام المحلية وحسن اختيار أماكن توطين تلك الشركات وكذلك القيم المضافة.

  1. الاعفاءات الضريبية: بموجب قانون “تشجيع الاستثمار” فان الشركات يمكنها ألاستفادة من هذا القانون اذا ما قامت بإنتاج سلع معينة، اذ يتم اسقاط جزء من الضرائب المستحقة على دخل الشركة، كما يتم خصم المصروفات الخاصة بالبحث والتطوير و كذلك تدريب العمالة المحلية.
  2. التأميم الاجباري: كما قامت الحكومة بتوقيع اتفاقيات مع مختلف الدول لضمان الشركات من التأميم الاجباري، والذي يتيح انتقال الأموال بحريه، وتحويل الأرباح وعوائد رأس المال الى الخارج، ويسهل هذه العملية هيئة التطوير الصناعي وهي المركز الوحيد الذي يتعامل مع الطلبات المقدمة من المستثمرين الأجانب للاستثمار في ماليزيا(عبد الرزاق، 2008).

ثانيا: الاستثمار في سنغافوره

لسنغافورة خبره كبيره في مجال الاستثمار حيث ومنذ استقلالها سعت سنغافورة الى وضع الاستراتيجيات والخطط للنهوض بالاقتصاد، فقط وضعت خطتين استراتيجيتن هي كما يلي ( السلاموني، 2015)

  1. استيراد أحدث التطورات التكنولوجية العالمية لزيادة إنتاجية رأس المال والعمالة وذلك من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوظيف المواهب الأجنبية كوسيلة لنقل المعرفة.
  2. توفير البيئة القانونية، والفكرية، والحوكمة الرشيدة للنمو ورعاية المواهب المكتسبة من أجل خلق مجالات للابتكار والتقدم التكنولوجي. وفي هذا الصدد، تحتل سنغافورة المرتبة الأولى في نظام الحوافز الاقتصادية لاقتصاد قائم على المعرفة، والرابعة في العالم من حيث الابتكار في مؤشر اقتصاد المعرفة للبنك الدولي. كما يصنف البنك الدولي السنغافوري في المرتبة الأولى في العالم في تقريرها عن جودة مزاولة أنشطة الأعمال.
  3. تأسيس مجلس التنمية الاقتصادي : ولتعزيز القطاع الصناعي تم تأسيس مجلس التنمية الاقتصادي في الستينيات والذي ساهم مباشرة في بناء اقتصاد حديث ومتطور عن طريق إقامة صناعات وطنية مملوكة للدولة تم إشغالها بأفضل المهارات والقدرات المتوافرة محليًا أو بعد تدريب هذه العمالة، ويخلو هذا المجلس من أي توجيه أو سيطرة حكومية، فهو مكون من رجال الأعمال والخبراء ذوي الرؤية، مما ترتب عليه بالتبعية اتخاذ قرارات تنموية بناء على مدى جدواها الاقتصادية، ورؤاها بعيدة المدى.
  4. جذب استثمارات الشركات المتعددة الجنسيات : إلا أنه وبعد سنوات من التجربة قرر “لي كوان” وحكومته أن أفضل وسيلة لتعزيز الاقتصاد بجانب كل ما سبق من جهود هي جذب استثمارات الشركات المتعددة الجنسيات، لذا كان المسلك الثالث والمكمل للخطوات السابقة وهو اجتذاب الاستثمارات الأجنبية وقد اتبغ مجموعة من الخطوات ومن اهمها ( مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية،2016):
  5. تدعيم بنية تحتية تنتمي للعالم الأول وتستوعب حجم الاستثمارات المرجو اجتذابها في أوائل الثمانينيات. وبالفعل، تمكنت الدولة من إقناع الأمريكيين واليابانيين والأوروبيين من تأسيس قاعدة للأعمال بالبلاد في منتصف الثمانينيات، فتحولت سنغافورة إلى واحد من أكبر مصدري الإلكترونيات في العالم، خاصة مع إصرارها على دخول القرن الجديد بصناعات تكنولوجية متطورة ذات تقنية عالية تسمح لها بالوصول إلى أسواق جديدة تغنيها عن الاعتماد على الصناعات التقليدية التي تعاني منافسة شديدة من قبل الدول ذات الأجور المنخفضة نسبيًا كالصين وباقي دول جنوب شرق آسيا،
  6. لجأت قادة سنغافورة إلى رفع كلفة العمالة الأجنبية في الصناعات القائمة على الأجور المنخفضة لإجبارها على التحول نحو الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، بيد أن هذه السياسات لم تثمر عن نتائج فعلية إلا في نهاية الثمانينيات، أي بعد عشرين عامًا على الإصلاح الاقتصادي والتعليمي، حيث تعد أحد كبار مصدري التكنولوجيا في العالم مثل أجهزة الكمبيوتر ومستلزماتها.

المطلب الثالث : القطاع الصناعي

اولا: القطاع الصناعي في ماليزيا

اشار تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة لعام 2001 ان بوادر التقدم اصبحت واضحة في ماليزيا من خلال تحولها من بلد يعتمد بشكل اساس على الزراعة الى بلد مصدر للسلع الصناعية والتقنية خاصة في مجال الصناعات الكهربائية والالكترونية، حيث تعد ماليزيا من الدول التي لها تجربه رائده في عملية التصنيع، فقد مثلت اليابان القدوة الصناعية التي اخذ منها الماليزيون كيفية اعداد الخطط، كما ان ماليزيا طورت صناعتها من تلك التي تعتمد على كثافة العمل الى صناعات تعتمد على كثافة راس المال وتحديدا الصناعات التكنولوجية التي لها قيمه مضافه كبيره، وقد مرت تجربة ماليزيا في التصنيع بمراحل متنوعه من اهمها ما يلي( علي، 2008):

  1. مرحلة صناعات إحلال الواردات: فقد قامت ماليزيا في مطلع الستينيات بتطبيق سياسة إحلال الواردات وعلى اساسها قامت صناعات صغيرة الحجم واخرى لإنتاج السلع التي تحل محل السلع المستوردة كالصناعات الغذائية ومواد البناء والتبغ والبلاستك والكيميائيات، وتم اصدار قانون تشجيع الاستثمار عام (1968) لجذب الاستثمارات الأجنبية في تلك المجالات.
  2. مرحلة الصناعات التصديرية: بدأت مرحلة الصناعات التصديرية في مطلع السبعينيات اذ شجعت الحكومة دخول الاستثمارات في مجال الالكترونيات وصناعات النسيج من خلال توفر العمالة الرخيصة وحوافز ضريبيه مغريه واصدار تراخيص منتجات اجنبيه وانشاء مناطق تجاره حرة، وعملت الحكومة على استضافة شركات متعددة الجنسية لتشغيل خطوط الانتاج في ماليزيا، كما سمحت للشركات الأجنبية التي تنتج سلع للتصدير للتملك ملكيه تامه دون اشتراط المساهمة المحلية.

هذه المراحل التي تم تطبيقها في ماليزيا زادت من قدرتها في مجال الصناعة مما دعا ذلك الى انطلاق ماليزيا الى الخارج للاستفادة من الخبرات والتقنية خاصة اليابان والصين موضحة كما يلي (عبد العظيم، 2000)،

  1. الاتجاه شرقاً:أعلنت ماليزيا سياسة “النظر شرقاً”عام (1981) الى اليابان وامتد العمل بها الى عام (1991)، وهدفت هذه السياسة الى تشجيع الماليزيين على الاقتداء والتعلم من التجربة اليابانية مثل اخلاقيات العمل والمنهجية الصناعية والتطور التقني والأداء الاقتصادي المتميز من خلال سياسة ماليه ونقدية متوازنة وحكيمة ولسياسة النظر شرقاً جانبان مهمان:
  2. الاخذ بالقيم الشرق أسيوية كالانضباط بالعمل والتطبيقات الادارية المنضبطة مع التركيز على العمل الجاد والاخلاص.
  3. التحديث والتصنيع بحلول (2020) اذ وضع ذلك في تصور رؤيا استشرافية للمستقبل لتكون ماليزيا عاصمة المعلوماتية ودولة عظمى في العالم.

2– التصنيع العنقودي: انتهجت ماليزيا في نموذجها التصنيعي ما يسمى بطريقة “التصنيع العنقودي” الذي يقوم على أساس وجود علاقات ترابط على شكل عنقود تنتظم حبّاته بين الوحدات الإنتاجية والنشاطات المتصلة بها، وتمثلها ثلاثة عناصر هي (الصناعات والموردون وخدمات الاعمال) وذلك في اطار منظومة من البنى التحتية والمؤسسات الاقتصادية التي تشمل تنمية الموارد البشرية والتقنية والخدمات الداعمة والتمويل والتأمين ونظام الحوافز.

3- دور المؤسسات في التنمية الاقتصادية: هناك العديد من المؤسسات والهيئات ساهمت في إنجاح عملية التنمية الصناعية نذكر منها:

  1. الهيئة الماليزية للتنمية الصناعية: وتعد المحطة الوحيدة للمستثمرين الذين ينوون إنشاء استثمارات صناعية أو ذات صلة بالقطاع الصناعي في ماليزيا، وتقوم الهيئة بتوفير كل المعلومات عن الفرص الأستثمارية في ماليزيا كما تتم جميع الإجرائيات والتصاريح والتصديقات الضرورية لقيام الاعمال الاستثمارية، هذا الى جانب مسؤوليات اخرى أهمها(شريف، 2003).
  • استضافة شركات متعددة الجنسية لفتح مراكز تشغيل وتوزيع في ماليزيا
  • توفير الخدمات الأساسية وتيسير الوصول للعمالة المدربة والمؤهلة.
  • تقديم الحوافز والمنح والامتيازات الاستثمارية.

ب – الهيئة الإنتاجية القومية: وهي هيئة اتحادية تهتم بزيادة الانتاجية الكلية في الاقتصاد الماليزي اي تهتم بإنتاجية عوامل الإنتاج وهي العمل وراس المال، أنشأت عام (1962) كمراكز انتاجية بالتعاون بين الحكومة الماليزية ومنظمة العمل الدولية والصندوق الخاص للأمم المتحدة، وتحول في عام (1966) الى مركز حكومي يهتم بالإنتاجية الكلية ويعمل على جودة الانتاجية الماليزية وترقيتها من اجل تنمية اقتصادية متوازنة و من مهامها تقديم مقترحات حول سياسة وتخطيط الانتاجية كما تشجع على الامتياز في التطبيقات النظامية في مجال الانتاجية والمنافسة الى جانب اجراء البحوث والنشاطات التدريبية وتنمية النظم الادارية في مجال الجودة والانتاجية وتطبيق تقنية المعلومات.

ج– هيئة تنمية التجارة الخارجية الماليزية: أسست عام (1993) ومهمتها ترويج وتشجيع التجارة الخارجية الماليزية والقيام بتقديم معلومات للمصدرين والموردين الماليزيين وتطوير وتشجيع للمنتجات الماليزية مع التركيز على المنتجات الصناعية والقيام بأجراء الدراسات عن الأسواق الخارجية للمنتجات الماليزية من اجل تحسين وضعها التنافسي وتقوم برامج التدريب في تدريب مهارات المصدرين الماليزيين في مجال التسويق الدولي وحماية الاستثمارات الماليزية في الخارج( الشرقاوي، 2012).

د- هيئة التصنيع الثقيل الماليزية: وقد بدأت الهيئة بالاستثمار في مجال الحديد والصلب ومشروع السيارة الوطنية “بروتون” بالشراكة مع شركة ميتسوبوشي اليابانية والسيارة الوطنية الثانية “رودوا” بالشراكة مع دايهاتسو اليابانية، بالاضافة الى اقامة مجمع الحديد والصلب العملاق. ومن خلال نجاح التجربة الصناعية الماليزية نرى انعكاسات هذا النجاح على الاقتصاد الماليزي وعلى دخل الفرد والأمر الذي لا يختلف عليه اثنان أن نجاح الصناعة في اي بلد يعد نجاح الاقتصاد ككل.

وتعتبر التجربة الماليزية في مجال التصنيع من التجارب الصناعية الرائدة في العالم وذلك للأسباب التالية (السعد، 2014)

  1. ان التجربة الصناعية تمت في ظل أنظمة حكم مستقرة، أعطت للقطاع الخاص دوره في الحياة الاقتصادية.
  2. مثلت اليابان دور قاطرة النمو في ماليزيا اذ شكل التعاون فيما بينهما اساسا للنهضة التنموية، وكان للاستثمار الياباني دور كبير في تمويل التنمية.
  3. ان الصناعات الاستراتيجية يجب أن يتوفر لها دعم حكومي قوي عند بداية انطلاقها خاصة في مجال البحث والتطوير واستيعاب التقنية، وان تحفيز الصناعات الفرعية المتصلة بالصناعات الاستراتيجية امر مهم جدا ليتم بناء شبكة صناعية متكاملة تحقق التقدم الصناعي المطلوب.
  4. يمكن وصف الأنماط الصناعية في ماليزيا على اساس التطور الانتاجي من انتاج منتجات أساسية “زهيدة الثمن” الى أنتاج منتجات ثانوية “ذات قيمة مضافة” و يعد ذلك من اهم الدروس المفيدة من الناحية الفنية للدور الذي تلعبه الصناعات الأساسية في الاقتصادات النامية.
  5. التعاون الحكيم من قبل الدولة مع الأستثمار الأجنبي المباشر، وتكييف القوانين الخاصة بهذا الاستثمار والمرحلة الراهنة والمستقبلية التي تتطلع وتتعامل معها الحكومة.

ثانيا: القطاع الصناعي في سنغافوره

يتألف القطاع الصناعي في سنغافورة من نحو 10 ألف مؤسسة توظف 417 ألف عامل في عام 2014، وتراجع الناتج الصناعي السنوي في البلاد بنحو 0،5% في نيسان عام 2015، في حين سجلت المجموعة التي تشكل قطاع صناعة الطب الحيوي ارتفاعاً قدره 23،1% في نيسان 2016، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015، ونما قطاع صناعة الأدوية بنحو 27،9% بفضل إنتاج مكونات أدوية فعالة، كما سجل ناتج شريحة التقنية الطبية زيادة قدرها 9،4% في ظل زيادة الطلب على الأجهزة الطبية) صنـدوق النقـد الـدولي، 2015 )

ومقارنة بالفترات نفسها من العام الماضي، ارتفعت مجموعة الصناعات الإلكترونية بنحو 5،8% في مارس 2016، بينما سجلت أشباه الموصلات زيادة بنحو 21،7%. وإجمالاً ارتفع قطاع الإلكترونيات بنسبة 3% خلال الربع الأول. وسجلت مجموعة الصناعات العامة ارتفاعاً سنوياً بنحو 0،9% في مارس الماضي، وانخفضت مجموعة صناعة الكيماويات بنحو 4،9% على نحو سنوي في مارس 2016، في حين سجلت الشرائح الأخرى نمواً قدره 9،8% بفضل انتعاش قطاع العطور والمواد الغذائية والمشروبات. وسجلت فيه فئة صناعة الفضاء ارتفاعاً قدره 10،8%، بفضل ارتفاع الطلب على صيانة المحركات وانخفاضاً في الهندسة الملاحية والأرضية بنحو 24،7% وفي البحرية بنحو 35%.وقد ارتفع ناتج القطاع الصناعي بنحو 2،3% إلى 306،6 مليار دولار سنغافوري. وبلغ صافي الفائض التشغيلي في قطاع الصناعة زيادة بنحو 7،3% إلى 33،8 مليار دولار سنغافوري في 2014، كما ارتفعت القيمة المضافة للقطاع بنسبة قدرها 6،2% إلى 63،7 مليار دولار سنغافوري في 2014(الطيب، 2014).

وقد بدأت مؤشرات الاقتصاد بحالة من الارتفاع وخاصة في مجال الصناعة، حيث بدأت سنغافورة تسير نحو الاعتماد على نفسها من خلال اتباع استراتيجية واضحة ادت الى ما يلي (عبدالحي، 2016) :

  1. صعود سلّم القيمة المضافة منتقلة من الصناعات الخفيفة مثل النسيج، والملابس، والمواد البلاستيكية إلى صناعات متطورة كالإلكترونيات، والمواد الكيميائية، والهندسة الدقيقة، وعلوم الطب الحيوي. بالإضافة إلى ذلك، مضى هذا التطور جنبًا إلى جنب مع زيادة كبيرة في الخدمات، وخاصة الخدمات المصرفية.
  2. اتباع إستراتيجية النظر إلى الخارج والتصدير من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية.
  3. وضع قوانين وسن تشريعات تهدف إلى وضع معايير للعمالة الصناعية وتقديم تسهيلات لرأس المال الأجنبي.
  4. إنشاء مناطق صناعية، ذات بنى تحتية وبأسعار دعم عالية مع السماح بحرية دخول السلع وإعفائها من الرسوم الجمركية.
  5. استيراد أحدث التطورات التكنولوجية العالمية لزيادة إنتاجية رأس المال والعمالة، وذلك من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوظيف المواهب الأجنبية وسيلةً لنقل المعرفة.
  6. الاهتمام بصناعة الحديد والفولاذ والصناعات الخدمية مثل شركة النقل البحري وشركة النقل الجوي وشركات أخرى كبرى في مجالات متعددة كالتأمين والنفط.
  7. الاعتماد على السياحة الصناعية والتي تعتبر ثالث أكبر مصدر للعملة الأجنبية في سنغافورة، ويصل إلى سنغافورة حوالي خمسة ملايين ونصف المليون سائح سنويًا، أي ما يزيد عن عدد سكان الجزيرة(عبدالحي، 2016)

المبحث الثالث: الانجازات التي حققها التحول الديمقراطي في كل من ماليزيا وسنغافورة

المطلب الاول : الانجازات على المستوى الاجتماعي والسياسي والتجاري

اولا: الانجازات على المستوى الاجتماعي لماليزيا

كانت ماليزيا قبل نحو أربعة عقود مجتمعــًا زراعيـًا لا يعرف سوى زراعة الأرز والمطاط وبعض النباتات والفاكه.، لكن التطور حدث، لتتحول من معدل فقر يصل إلى 70 في المئة، إلى بلد معدل الفقر بها نحو 5 % فقط، وليزيد دخل الفرد السنوي من 350 دولارًا ليصبح في الوقت الحالي 18000 دولار ( ثابت، 2017).

لعل من الأمور اللافتة للنظر في تجربة ماليزيا قدرة المجتمع هناك على تجنب الصراعات والخلافات بين المجموعات العِرْقية الثلاث الرئيسية المكونة للسكان، وهي: الملايو الذين يمثلون 50% من السكان، والصينيون الذين تبلغ نسبتهم 24%، والهنود البالغ نسبتهم 6%. (الجيزاوي، 2016).

لقد عمل النظام السياسي الماليزي على تعزيز الوحدة بين فئات الشعب مع اختلاف دياناتهم؛ حيث توجد الديانة الأساسية وهى الإسلام بالإضافة للديانات الأخرى مثل البوذية والهندوسية،  وينص الدستور الماليزي على أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام مع ضمان الحقوق الدينية للأقليات الدينية الأخرى؛ لذلك لزم التوحد بين جميع الأطراف لتسير البلاد كلها من أجل الاتجاه نحو هدف واحد والعمل وفق منظومة تتكاتف فيها جميع الفئات، وقد قامت التجربة الماليزية نحو تعزيز التنمية التي تمثلت في البحث عن دولة مناسبة تقوم بعملية الدعم لماليزيا في تجربتها نحو التقدم والتنمية؛ وكانت هذه الدولة هي اليابان التي أصبحت من أكبر حلفاء ماليزيا في مشروعها نحو التنمية والتقدم.،وتتمثل الركيزة الثالثة في العمل على جذب الاستثمار نحو ماليزيا وتوجيه الأنظار إليها، لقد اهتم رئيس وزراء ماليزيا الأسبق مهاتير محمد بإدخال التكنولوجيا الحديثة والتدريب عليها حتى يتم الانتقال بالبلاد سريعـًا إلى مرحلة أخرى أكثر تقدمـًا، مع تحقيق إمكانيات التواصل مع العالم الخارجي) عبدالحليم، 2011)

تبنت الحكومة المنهج التنموي والذى دفع بالبلد نحو النهضة التنموية؛ وذلك من خلال توفير مستويات عالية من التعليم والتكنولوجيا، كما شجعت على تعلم اللغة الإنجليزية، وأوفدت بعثات تعليمية للخارج وحرصت على التواصل مع الجامعات الأجنبية، وفي إطار سياسته الاقتصادية، عمل مهاتير محمد على تجهيز المواطن الماليزي بجميع الوسائل العلمية والتكنولوجية كي يستطيع الانفتاح والتواصل مع العالم الخارجي والتعرف على الثقافات المختلفة، ثم بعد ذلك الدفع به إلى سوق العمل من أجل زيادة الإنتاج وخفض مستوى البطالة بين أفراد الشعب؛ حيث كان يهدف لتفعيل الجزء الأكبر من المجتمع الأمر الذى يعود بارتفاع مستوى التنمية الاقتصادية للبلاد في نهاية الأمر ( ثابت، 2017).

واستطاع أن يحول ماليزيا من دولة زراعية يعتمد اقتصادها على تصدير السلع الزراعية والمواد الأولية البسيطة مثل المطاط والقصدير وغيرهما إلى دولة صناعية متقدمة، وأصبحت معظم السيارات التي توجد بها صناعة ماليزية خالصة، وزاد نصيب دخل الفرد زيادة ملحوظة فأصبحت واحدة من أنجح الدول الصناعية في جنوب آسيا.. مما أدى إلى تقوية المركز المالي للدولة ككل.

بدأت ماليزيا تقليد اقتصاديات النمور الآسيوية الأربع (كوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ وسنغافورة)، وألزمت نفسها بالانتقال من كونها تعتمد على التعدين والزراعة إلى اقتصاد يعتمد بصورة أكبر على التصنيع، وبوجود الاستثمارات اليابانية، ازدهرت الصناعات الثقيلة في غضون سنوات، وأصبحت صادرات البلاد محرك النمو الرئيسي. حققت ماليزيا باستمرار معدل نمو محلى إجمالي أكثر من 7٪ مع انخفاض معدلات التضخم في الثمانينيات والتسعينيات(عبدالحي، 1993).

ثانيا: الانجازات على المستوى الاجتماعي لسنغافورة

تعد سنغافورة دولة مدينة، وقد تم تمدين كل سنغافورة تقريبًا، فانتشرت المباني ومظاهر المدنية مثل المتنزهات والمرافق الاخرى، وتُعد سنغافورة مركزًا مزدحمًا وحيويًا للأنشطة الصناعية، والتجارية والمالية. ويقع مركز الأعمال والإدارة الرئيسي للمدينة في جزيرة سنغافورة، حيث ترتفع المباني الحديثة فوق مستودعات وأرصفة الميناء. وتعتبر سنغافورة الميناء الرئيسي لجنوب شرقي آسيا، وأكثر الموانئ نشاطـًا في العالم من حيث حمولة السفن، وهى من أكثر الدول ازدهارًا في آسيا، ويتمتع شعبها بمستوى عالٍ في مجال الخدمات الصحية، والتعليمية، والإسكان، والمواصلات.

ولكن كيف تحولت سنغافورة من الاستقلال عام 1957، ثم الانفصال عن الاتحاد الماليزي عام 1965، إلى دولة متقدمة اقتصاديـًا؟(  ثابت،. 2015).

بعد الاستقلال ظهرت دولة سنغافورة بمساحة 710.3 كلم2، وان كانت في الاصل عبارة عن مرفأ لأحد الموانئ التي أقامتها شركة الهند الشرقية التابعة للإمبراطورية البريطانية في عام 1819 في نطاق التوسع الأوروبي في آسيا من أجل الأسواق، وعند استقلالها كانت عائدات القاعدة العسكرية البريطانية بها تمثل ثلاثة أرباع دخلها القومي،  بدأت سنغافورة كدولة صغيره نشأت بمخض الصدفة دون موارد وعدد سكانها يصل إلى نحو 5 ملايين نسمة، وجاء رئيس الوزراء الأول بعد الاستقلال لي كوان يو ليواجه العديد من المشاكل كالبطالة وأزمة السكن والفساد الإداري والركود الاقتصادي، هذا إضافة إلى أن شعب سنغافورة هو مجموعة غير متجانسة ترجع أصولها إلى الصين والهند والجزر المالاوية وغيرها(  عبدالسلام، 2015).

في واقع الامر وبسب هذه الامكانيات الشحيحة وصعوبة التضاريس والجغرافية وقلة الموارد كان من المفترض ان تكون سنغافورة دولة شديدة البؤس والفقر، لكن واقع الأمر مختلف اليوم، وبعد 50 عامـًا على الاستقلال عن الاتحاد الماليزي، تعتبر سنغافورة إحدى أغنى دول العالم على الإطلاق وتقع في المرتبة الثالثة عالميًا، ويعتبر دخل الفرد السنغافورى أحد أعلى الدخول في العالم، وتتمتع بمرتبة مرموقة عالميـًا في مستوى المعيشة، والاقتصاد، والتكنولوجيا والأمان ( الشامي، 2016).

لقد ارتكزت التجربة السنغافورية على مبدأ منصة التصدير، والتخصص في الصناعات الإلكترونية الدقيقة والتكنولوجيات المتقدمة للإعلام والاتصال، وذلك باستقطاب كبريات الشركات العالمية وتوطينها في سنغافورة مع تقديم تسهيلات ضريبية مغرية، فضلاً عن اليد العاملة المؤهلة خاصة في ميدان الصناعات الدقيقة بفضل النظام التربوى والتعليمى الجيد الذى يتميز به هذا البلد القزم جغرافيًا، ونظرًا لهذه الامتيازات والأرباح التي يمكن أن تجنيها الشركات المتعددة الجنسيات بفضل انخفاض تكلفة الإنتاج والقدرة على المنافسة الخارجية من حيث الجودة والأسعار فقد اتخذت هذه الشركات من سنغافورة منصة لتصدير منتجاتها إلى دول جنوب شرق آسيا وبقية الدول الآسيوية، ووصلت صناعاتها الرقمية إلى العديد من دول العالم ونافست دولًا عريقة في ميدان التكنولوجيات الرقمية والصناعات الدقيقة كاليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية(ثابت، 2014).

وفي رواية لرئيس وزراء سنغافورة لي كوان يو وصانع نهضتها، متحدثا عن تجربته في بناء نهضة سنغافورة قائلاً: منذ 25 عامـًا أحضر زملائى العالِم سيدنى بريمير للقائى، وكان عالمـًا متخصصـًا في علم الميكروبات، وشرح لي أن دولة صغيرة كسنغافورة إذا كانت لديها عزيمة وتبنت تطوير هذا العلم فإنها ستصبح ذات شأن؛ لأن هذه العلوم أساسية للتقنية، فقلنا فلنحاول، وبدأنا بتأسيس المعهد العلمي للجينات البيولوجية واستقدمنا خبراء من بريطانيا والسويد واليابان ووسعنا عملنا معهم. وتابع لي كوان يو قائلًا: لقد نبيِّن أن الذين يأتون إلينا ويلتحقون بدراسات إنسانية في بلادنا، فإن بعضهم لا يعود لبلاده لأنهم يحصلون على ما يريدون وهكذا ننمو بسرعة. (بدران،  2008).

إن النهضة التي شهدتها سنغافورة هي نتاج التحول الذى جعل دولة سنغافورة الصغيرة المساحة، قليلة الموارد والتي تحاصرها التحديات البيئية والسياسية نموذجـًا تنمويـًا متفردًا، ومن خلال ذلك يمكن القول إن هناك عدة عوامل لنجاح سنغافورة، ومن أهمها أن حكومة سنغافورة تطبق قواعد ولوائح صارمة على الجميع، ولما كانت اللوائح تتسم أيضـًا بالمرونة فقد مكنت الشعب من النمو والتطور بشكل سريع، وذلك لأن اللوائح تهدف إلى مساعدة الناس للحصول على حياة أفضل، ومن ثم فإن كل هذه العوامل مجتمعة هي السبب في التطور(المهيني، 2015)

  الآن، يستطيع حوالى 91% من سكان سنغافورة القراءة والكتابة، وتعد هذه النسبة من أعلى النسب في جنوب شرقى آسيا.

هكذا تمكنت سنغافورة من تحقيق هذه المُعجزة وانتقل دخل الفرد السنوي من ألف دولار عند الاستقلال إلى ثلاثين ألف دولار في بداية الألفية الثانية. كما استطاعت أن تصل بحجم الاستثمار الأجنبي المباشر داخل سنغافورة بما يزيد الآن على 260 مليار دولار أمريكي، في حين شكلت الاستثمارات السنغافورية في الخارج ما يتجاوز 200 مليار دولار(عبدالرحمن، 2016).

المطلب الثاني : الواقع السياسي والتحول الديمقراطي

اولا : الواقع السياسي والتحول الديمقراطي في ماليزيا

يعتبر النظام السياسي لماليزيا نظاما اجتماعيا وظيفته ادارة موارد المجتمع استنادا الى سلطة مخولة له وتحقيق الصالح العام عن طريق سن وتفعيل السياسات، وفي صورته السلوكية يمثل النظام السياسي المجموعة المترابطة من السلوك المقنن الذى ينظم عمل كل القوى والمؤسسات والوحدات الجزئية التي يتألف منها (الحديثى، 2013).

لقد مرت الحياة السياسية لماليزيا قبل الاستعمار البريطاني باعتمادها على شكل الانظمة الامبراطورية، حيث كانت شبه جزيرة ماليزيا مكونه من مجموعة من الولايات، اما سكان ماليزيا الاصليين فهم تمازج من الاعراق والاثتيات واللهجات المختلفة، وحضروا الى ماليزيا نتيجة هجرات الاقليات العرقية، وكان معظمهم من الفلاحين المتمركزين في المناطق القريبة من حافات الانهار وهم مستثنين من المشاركة في السياسة العامة للامبراطورية، وقد بدت مظاهر الديمقراطية في ماليزيا من خلال ثلاث معطيات وهي ما يلي (التميمي، 2004 ):

  1. التعددية الحزبية: وفقا لمعيار العدد المحض تعرف ماليزيا تعددية حزبية بشكل واسع ويمكن تناول تلك التعددية على مستويين أولهما مستوى الأحزاب الشريكة في الائتلاف الحاكم* ولا يقل عددها عن 14 حزبا، وثانيهما مستوى الأحزاب التي تقف في الجبهة المعارضة وهي الأخرى كبيرة العدد إذ تصل إلى أكثر من ثلاثين حزب هذا ويرجع العدد الكبير “نسبيا” للأحزاب في ماليزيا إلى طبيعة الشكل الفدرالي للدولة حيث لكل ولاية أحزابها الخاصة بجانب الأحزاب الأخرى التي تمارس نشاطها على المستوى القومي، كما أن التعددية الحزبية في ماليزيا تعكس التركيبة العرقية القائمة في البلاد، لتجنب الصراع بين عناصر المجتمع الماليزي، وعلى هذا النحو فان الأحزاب في ماليزيا ” لا تعبر عن أفكار سياسية ” على نحو ما تؤكده الخبرة الغربية، بقدر ما تعبر عن الواقع الماليزي المركب
  2. الاصلاح السياسي: اشغلت ماليزيا موقعا محوريا في عملية الإصلاح السياسي، الا انها تأخذ بالطابع الأسيوي الذي كثيرا ما يشهد غلبة حزب قائد في ظل هذه التعددية الحزبية، إذ يعد حزب الجبهة الوطنية التنظيم القومي القائد في البلاد ويمثل تحالف 14 حزبا تمثل مختلف العرقيات المتواجدة في البلاد.
  3. الانتخابات: وهي من اهم المظاهر الديمقراطية لأي دولة، وبسب التنوع العرقي والاثني والطائفي لمايزيا سعى قادتها قبيل الاستقلال لإنشاء تحالف من أكبر الأحزاب للملايو والصينية والهندية، بما يضمن حالة من الاستقرار والتعايش المشترك تمكِّن الجميع من المحافظة على خصوصيتهم الطائفية والعرقية. وتمكنت الأحزاب المشاركة في ذلك التحالف من تقاسم “الكعكة” بهدوء، ومن حل المشاكل الطائفية والعرقية خلف الأبواب المغلقة، بعيدًا عن الإثارة الإعلامية والاستعراضات السياسية.

وقد ساعد النظام السياسي في ماليزيا على ايجاد تعددية حزبية وبذلك نجد انه يسمح بقيام عدة احزاب كما يتيح قدرا واسعا للقوى السياسية كلها في البلاد لتعبر عن مواقفها واهدافها، فالتعددية الحزبية في ماليزيا تتميز بالتعايش السلمى والامن والاحترام المتبادل بين اطراف المعادلة السياسية وهى النتيجة الطبيعية لانتشار الثقافة التعددية السياسية والعمل على اساسها(ايمان، 2013).

  كذلك ان وجود نظام حكم فيدرالي يجمع 14 ولاية ماليزية وهناك حكومة فيدرالية مركزية يرأسها رئيس الوزراء الذى يفوز حزبه في الانتخابات على مستوى الدولة وهو ذو صلاحيات واسعة، كما ان هناك حكومات محلية للولايات يرأس كل منها رئيس الوزراء الذى يفوز حزبه في الانتخابات على مستوى الدولة، وقد وفر نظام الحكم مجموعة من الضمانات والاجراءات التي تعطى للدولة صبغة مالاوية كالملكية ولغة المالايو ودين الدولة الاسلام، وتضمن سيطرة المالايو على الحياة السياسية وعلى الخدمة المدنية فضلا عن إعطائهم بعض المزايا الاقتصادية والتعليمية( السيد، 2015).

ثانيا: الواقع السياسي والتحول الديمقراطي لسنغافوره

تعتبر سنغافورة احد الجمهوريات البرلمانية التي تتبع لنظام وستمنستر للحكومات البرلمانية والتي تمثل مختلف الدوائر الانتخابية، وبشكل دستور سنغافورة الديمقراطية التمثيلية كنظام سياسي للأمة، والحزب الحاكم في سنغافوره حزب العمل الشعبي الذي يهيمن على العمل السياسي في اغلب شؤون الدولة وخاصة البرلمان وفي كل الانتخابات منذ الحكم الذاتي الذي حصل عام 1959، وتقع معظم الصلاحيات التنفيذية على عاتق الحكومة التي يرأسها رئيس الوزراء، ومركز رئيس سنغافورة هو صوري احتفالي اعطي بعض صلاحيات النقض عام 1991 في قرارات رئيسية قليلة مثل استخدام الاحتياطي الوطني وتعيين المناصب القضائية وهو ينتخب بالتصويت الشعبي، والفرع التشريعي للدولة هو البرلمان(التميمي،2004).

اما بالنسبة لمؤشرات الديمقراطية فاعتبرت الانتخابات من المؤشرات الرئيسة على اعتبار ان الدولة ديمقراطية، ففي سنغافورة ومنذ تعديل قانون الانتخابات البرلمانية عام 1991 أصبحت تجري الانتخابات البرلمانية في سنغافورة على أساس تعدد الدوائر الانتخابية بنظام الانتخاب الفردي، حيث يتألف البرلمان من أعضاء منتخبين، وممثلي دائرة انتخابية وأعضاء معينين، ويتم انتخاب معظم النواب في الانتخابات العامة على أساس الحاصل على أعلى الاصوات، ولا زال هنالك قوانين وعقوبات في سنغافورة تشمل العقوبة البدنية القضائية على شكل الضرب بالعصا، وخاصة فيما يتعلق بالجرائم مثل الاغتصاب والعنف والشغب وتعاطي المخدرات وتخريب الممتلكات وبعض جرائم الهجرة. وتفرض سنغافورة عقوبة الإعدام الإلزامية في حالات القتل من الدرجة الأولى والاتجار بالمخدرات وجرائم الأسلحة النارية( منقريوس، 2009).

واظهر استطلاع اجرته مؤسسة “استشارات المخاطر السياسية والاقتصادية” في سبتمبر 2008، أن معظم المستطلعين يعتبرون أن هونغ كونغ وسنغافورة هما أفضل النظم القضائية في آسيا، بينما اندونيسيا وفيتنام أسوأ نظامين(الغرايبة، 2013)

تقيم سنغافورة علاقات دبلوماسية مع 175 دولة، على الرغم من أنها لا تحتفظ بلجان عليا أو سفارات في العديد من تلك البلدان. وهي عضو في الأمم المتحدة الكومنولث والآسيان وحركة عدم الانحياز، ولأسباب جغرافية واضحة، فالعلاقات مع ماليزيا واندونيسيا هي الأكثر أهمية ولكن السياسات الداخلية للدول الثلاث غالبا ما تهدد العلاقات فيما بينهما(الاشعابي، 2016).

كما تتمتع سنغافورة بعلاقات جيدة مع العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وتشارك مع الأخيرة في ترتيبات دفاع القوى الخمسة (FPDA) إلى جانب أستراليا وماليزيا ونيوزيلندا. وتحتفظ بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة التي تنظر إليها على أنها قوة استقرار في المنطقة لموازنة القوى الإقليمية، تؤيد سنغافورة مفهوم إقليمية جنوب شرق آسيا، وتلعب دورا نشطا في رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)، وهي أحد الأعضاء المؤسسين. وهي أيضا عضوة في منتدى (ابيك) آسيا والمحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي التي يتواجد مركز أمانتها العامة في سنغافورة. وتقيم سنغافورة علاقات وثيقة مع سلطنة بروناى ويتواجد لها مرافق تدريب عسكرية هناك) الشرعة، 1999).

المطلب الثالث : التبادل التجاري لكل من ماليزيا وسنغافوره

اولا: التبادل التجاري لماليزيا مع الدول الاخرى

يعتبر التبادل التجاري من مؤشرات التنمية الاقتصادية لأي دولة، فهو مقياس لصادرات وواردات الدولة ويحدد قدرة وامكانية الدولة الاقتصاديىة، وقد انتقلت ماليزيا من تجارة الزراعة الى تجارة المواد المصنعة وخاصة الاجهزه الالكتروتية، لذلك يعتمد اقتصاد ماليزيا على الصناعات الالكترونيـة والكهربائيـــة، وقـــد تقـــدمت كـــثيراً في تقنيـــات التكنولوجيـا الحديثـة، ومـن أهـم صـناعاتها أيضـاً الصــــناعات الخفيفــــة والصــــناعات المعدنيــــة، والمنســوجات والملابــس الجــاهزة، والســيارات، والأثاث الخشبي. كمـا تتميـز ماليزيـا بثرواتهـا الطبيعـة مـن بـترول وغاز طبيعي، وخامات معدنية كالحديـد والـذهب والقصدير. كــذلك تتميــز ماليزيــا بزراعــة المطــاط الطبيعــي والنخيـل والكاكـاو والأرز وأشـجار الأخشـاب وجـوز الهند والتوابل.

من اهم صادرات ماليزيا الى العالم الدوائر الالكترونية الاليكترونية المتكاملة، غازات نفط وهيدروكربونات غازية، زيوت نفط غير خام، زيت نخيل وجزيئاته، زيوت نفط خام، وغيرها من المنتجات، حيث بلغ إجمالي قيمة الصادرات إلى العالم نحو 228. 5 مليار دولار أمريكي عام 2013 م. وهي بذلك تحتل المركز 23 من حيث ترتيب المصدرين على مستوى العالم، في العام نفسه. كلمات بمعنى: من الدول المستوردة من ماليزيا

لقد تم بيع هذا المنتج من قبل شركة ماساتشوستس للتصدير بنسبة 13٪ من إجمالي قيمة واردات الدول المستوردة من ماليزيا، عام 2013 م، تلتها الصين بنسبة 13٪ من إجمالي قيمة واردات الدول المستوردة من ماليزيا. في العام نفسه. استوردت المملكة العربية السعودية من ماليزيا ما قيمته حوالى 0٪ 5 من إجمالي قيمة واردات الدول المستوردة من ماليزيا، عام 2013 م (وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية،2013) اما واردات ماليزيا الى العالم فقد بلغ إجمالي قيمـة واردات ماليزيـا مـن العـالم حوالى 206. 3 مليار دولار أمريكي عام 2013 م، على استعداد لتدويرها من قبل شركات ذات مسئولية محدودة عن الشركة العالمية للمصانع والمقاولات، ومن اهم الدول المصدرة لماليزيا حيث تعتبر الصين في المرتبة الأولى وقد شغلت الصين بين الدول المصدرة لماليزيا إلى نسبية بلغت 16٪ 4 من إجمالي قيمة الصادرات المصدرة لماليزيا. عام 2013 م. تلتها سنغافورة مقارنة نسبية بلغت 12. 3٪ من إجمالي قيمة الصادرات الدول المصدرة لماليزيا. في العام نفسه. 0٪ من إجمالي قيمة الصادرات المصدرة لماليزيا، عام 2013 (مركز المعلومات والدراسات، 2015).

ثانيا: التبادل التجاري لسنغافوره مع الدول الاخرى

يقوم الاقتصاد السنغافوري على نظام السوق الحر وهو من الاقتصاديات الناجحة والمتطورة حيث تحتل دولة سنغافورة مكانه مرموقة عالميا وفق التقارير الدولية التي تصدر عن المنظمات والهيئات، حيث يحتل الاقتصاد السنغافوري المرتبة الاولى من بين 189 شملها بلدا تقرير سهولة ممارسة أنشطة الاعمال لكل من عام 2012 الى 2014 والصادر عن البنك الدولي، ويعتمد الاقتصاد السنغافوري اعتمادا كبيرا على الصادرات خاصة من الالكترونيات الاستهلاكية ومنتجات تكنولوجيا المعلومات. ووفق تقرير التجارة العالمي 2013 والصادر عن منظمة التجارة العالمية فقد حلت سنغافورة في المرتبة الرابعة عشر في الصادرات والمرتبة الخامسة عشر بالنسبة للواردات حسب القيمة لعام 2012 على مستوى دول العالم وشكلت صادرات سنغافورة ما نسبته 2.2 %من إجمالي صادرات العالم و 2.0 %من إجمالي واردات العالم السلعية.

ولقد أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة السنغافورية أن التجارة الخارجية لجمهورية سنغافورة خلال عام 2012 حققت نموا بنسبة 1.7 %مقارنة مع عام 2011 ووصلت إلى ما يقارب 9.787 مليار دولار، وقد وشكلت الواردات ما نسبته.248 %من إجمالي التجارة الخارجية لسنغافورة لعام 2012،والصادرات الوطنية شكلت ما نسبته928. %أما الجزء المتبقي والمكون من إعادة التصدير شكل ما نسبته9.22%من إجمالي التجارة الخارجية لسنغافورة خلال 2012.

وقد بلغت قيمة الصادرات الوطنية لسنغافورة ما يقارب 228 مليار دولار أمريكي خلال عام 2012 بنمو نسبته 1.3 %مقارنة مع 2011،وتبلغ نسبة الصادرات غير النفطية منها ما يقارب 63 %ووصلت قيمتها إلى 142 مليار دولار أمريكي، والنسبة المتبقية والبالغة 37 %عبارة عن صادرات نفطية، وقد وصلت قيمة واردات سنغافورة خلال عام 2012 إلى ما يقارب 380 مليار دولار أمريكي محققة نموا 3.2 %مقارنة مع 2011.وتبلغ قيمة وارداتها من النفط بنسبة ومشتقاته 124 مليار دولار أمريكي حيث تبلغ نسبتها32.6%من إجمالي الواردات خلال 2012، وتركزت 41.4 %من واردات سنغافورة خلال عام 2012 في الآلات ومعدات النقل. لسلع المصنعة والمصنفة حسب المادة، فقد شكلت ما نسبته 6.2 %من إجمالي واردات سنغافورة خلال عام 2012(العنانبة، 2014).

الخاتمة والنتائج والتوصيات

الخاتمة:

شكَّلت خاتمة الدِّراسة حصيلة النتائج التي تمثل الإجابة عن أسئلة الدِّراسة بالاضافة الى تقديم مجموعة من التوصيات, وقد تناولت الدِّراسة اثر التنمية الاقتصادية على التحول الديمقراطي في دول جنوب شرق اسيا ماليزيا وسنغافورة وقد بينت الدراسة ان التجارب التنموية لدول مثل ماليزيا وسنغافورة وجنوب شرق آسيا لتقدم أنموذجا فريدا ومتميزا للمجتمعات النامية اذ أثبتت هذه الدول تفوقا كبيرا عن شعوب آسيا في مسارها نحو التنمية مما جعلها من بين الدول القلائل التي حققت التنمية بمعدلات رفعتها إلى مصاف القوى المتقدمة في عالم اليوم وهو ما يعطيها أهمية خاصة عند مقارنتها بالتجارب التي مرت ومازالت تمر بها تلك المجتمعات

لقد شهد عالم اليوم متغيرات سريعة باتجاه تبلور نظام جديد بهياكل جديدة تتضمن أطرا إقليمية تتفاعل سلبيا او ايجابيا تبعا لطبيعة الالتقاء او التعارض للمصالح وربما الثقافات والايديولوجيات, لقد أدركت دول ماليزيا وسنغافورة وبعد الاستقلال مباشرة ضرورة إحداث تغيرات بنيوية في اقتصادياتها بهدف تمكينها من تحقيق التنمية وتطويرها ومن ثم تحسين مكانة هذه الدول على الصعيد العالمي تبعا لمستوى تطورها الاقتصادي بدرجة أساس .

وعند الشروع بعملية التنمية تبنت هذه الدول النمط الرأسمالي الاسيوي في التنمية، ان هذا المنهج ذو ميزة جعلته يختلف عن النمط الرأسمالي الغربي ،من ناحية كونه يعطي الدور الاكبر للدولة في توجيه الاقتصاد هذا فضلا عن حرية السوق كما يختلف عن النمط الغربي من ناحية إعطائه الاولوية لمصلحة الجماعة على مصلحة الفرد في حفاظه على القيم الآسيوية.

ان القيم الاجتماعية تؤدي اثرا بارزا في نجاح التجربة التنموية الماليزية والسنغافورة وان كل القيم الاجتماعية الاسيوية تصب في وعاء واحد هو خدمة أغراض التنمية فقيمة أولوية الجماعة على الفرد تؤكد ان قيمة الانسان الاسيوي تتوقف على انتمائه للجماعة ،ويتفرع عن هذه القيمة سلوكيات النظام والانضباط والتعاون.

ان الديموقراطية عملية تاريخية متطورة ذات صور وأشكال متعددة وان هذا التعدد في الصور والاشكال جاء منسجما مع تاريخ الشعوب وتقاليدها وظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ،ان الديموقراطية كمفهوم في تطور دائم يستمد حركته التطورية من حركة التاريخ التي ال تتوقف .فنجد في كل عصر هناك مفهوم للديموقراطية يختلف بدرجة او أخرى عن المفهوم الذي ساد قبله ولكن على الرغم من هذا التعدد والتغير يبقى جوهر العملية الديمقراطية والمحور الاساسي الذي تقوم عليه هو حكم الشعب لنفسه وبنفسه ، اما فيما يخص الديموقراطية الليبرالية فنرى انها تجربة في إطار النموذج الغربي قد أنتجت آليات محددة ترسخت واكتسبت استقلالية على الاساس الفلسفي والاجتماعي لهذا النموذج والمرتبط بالنظرية الليبرالية

وبالتالي ان عملية التطور التنموي في دول ماليزيا وسنغافورة لم تقتصر على مجرد عمليات التقدم التقني والمادي بل امتدت لتشمل الترتيبات المؤسسية القائمة والتنظيم المجتمعي والسلوكيات اليومية للأفراد والجماعات .وان الانسان هو جوهر عملية التنمية واداتها الرئيسة , مع المحافظة على القيم الاجتماعية

النتائج

لقد اظهرت نتائج الدراسة ان التنمية الاقتصادية قد نقلت كل من ماليزيا وسنغافورة من دول زراعية الى دول تمتاز بالصناعات الدقيقة، ويمكن تلخيص نتائج الدراسة كم يلي:

  1. ان عملية التنمية الاقتصادية في ماليزيا وسنغافورة كان لها تخطيط دقيق ونظرة بعيدة المدى, كما وان لها عوامل اقتصادية وسياسية ساعدت على نجاحها، وان ما وصلت اليه ماليزيا هو تدبير وحسن قيادة الدولة المتمثلة برئيس الوزراء الاسبق (مهاتير محمد) الذي قادها في الفترة من 1981 الى2003, كذلك لي كوان يو الذي كانت فترة رئاسة للحكومة السنغافورية من 1959 الي 1990.
  2. جاءت التنمية في ماليزيا وسنغافورة ببرامج انمائية في سبيل تطوير الموارد البشرية اولا والاقتصادية ثانيا فوضعت برامجها بشكل يعطي دفعة قوية للاقتصاد .
  3. عالجت ماليزيا وسنغافورة ازمة (1997) التي ضربت دول جنوب شرق آسيا بأجندات وطنية فرضت من خلالها قيوداً على سياستها النقدية من خلال اشراف البنك المركزي الماليزي والسنغافوري على دخول وخروج النقد الاجنبي, اذ ضيقت الخناق على خروجه بينما عملت على جذبه بشتى الوسائل, وفي هذه الازمة رفضت ماليزيا وسنغافورة اقتراحات صندوق النقد والبنك الدوليين ومساعداتهم وشقت طريقها وطنيا.
  4. تعتبر تجربة ماليزيا وسنغافورة في مكافحة الفقر من ابرز التجارب التي تكللت بالنجاح في دول العالم الاسلامي ,فقد استطاعت خلال ثلاثة عقود (1970-2000) تخفيض معدل الفقر من (52,4 %)الى (5,5%) وهذه نسبة خيالية ولافتة للنظر واتخذت الحكومة فلسفة وسياسة ناجحة جداَ لمواجهة الفقر.
  5. لقد استفادت ماليزيا وسنغافورة من تجربة اليابان في كيفية اعداد الخطط في عملية التصنيع فقد كانت اليابان القدوة الصناعية في ماليزيا وسنغافورة من خلال الاستفادة منها في مجال التدريب الصناعي وبرنامج التبادل الثقافي والذي اتاح الفرصة للماليزيين لدراسة التجربة اليابانية من جوانبها المختلفة.
  6. من خلال هيئة تنمية التجارة الخارجية الماليزية والسنغافورية والتي كانت مهمتها ترويج وتشجيع التجارة الخارجية والقيام بتقديم معلومات للمصدرين والموردين الماليزيين وتشجيع المنتجات مع التركيز على المنتجات الصناعية.
  7. تعد ماليزيا وسنغافورة بلد نشيط دائم الحركة, اذ قامت الحكومة بتوفير بيئة العمل المناسبة لجذب الاستثمارات من خلال حوافز الاستثمار.
  8. استطاعت ماليزيا وسنغافورة ان تنهضا برأس المال البشري وتحويله الى طاقة وميزة تنافسية عالية تم توجيهها الى استثمارات فعالة مبعثها هو ايمانها بأن سر نهضتها ونموها يكمن في عقول ابنائها وسواعدهم.
  9. في مجال التعليم تولت الحكومة الماليزية والسنغافورية مسؤولية تمويل التعليم اذ حرصت الحكومة على تقديم خدمات التعليم الاساسية مجاناً, وبلغ حجم دعم الحكومة الماليزية للتعليم في المتوسط الى (20,4%) من الميزانية العامة للدولة .
  10. اهتمت ماليزيا وسنغافورة بقطاع الصحة واعتبرته يمثل جزءاً رئيسياً من استراتيجية التنمية الشاملة بعد ان ادركت ان الوضع الصحي الافضل هو وسيلة وهدف للتنمية الاقتصادية.

التوصيات

وفي ضوء الاستنتاجات اعلاه يمكن ابداء التوصيات الاتية كبرامج ودعم للتنمية في كل من ماليزيا وسنغافورة حيث  إن التحدي الرئيسي الذي تواجهه الدولتين هو ضمان أن تصبح العولمة قوة نافعة لسكان العالم كله، بدلا من ترك البلايين منهم ضحايا تخلف حافل بالبؤس. ويجب أن تتبنى قواعد العولمة الشاملة للجميع على قوة السوق وهي قوة عظيمة تُستمد منها عوامل التمكين، ولكن قوى السوق لن تستطيع وحدها أن تبلغ هذا الهدف. وتوصي الدراسة بما يلي :

  1. على الدولتين الماليزية والسنغافورية الحفاظ على التنوع العرقي وان يكون وجود العرقيات المختلفة ادوات تواصل وليس قطع واعتبار التنوع العرقي مصدر إنماء لا مصدر هدم.
  2. على الدولتين الماليزية والسنغافورية الاستفادة من التكتلات الإقليمية بتقوية الاقتصادات المشاركة بما يؤدي إلى قوة واستقلال هذه الدول.
  3. على كل من الدولتين الماليزية والسنغافورية الاستفادة من التنمية البشرية ورفع كفاءة رأس المال البشري, فالإنسان هو عماد التنمية تقوم به ويجني ثمارها.
  4. توزع التنمية على جميع مكونات الاقاليم داخل كل من الدولتين الماليزية والسنغافورية دون القصور على مناطق وإهمال مناطق أخرى، مما يترتب عليه الكثير من المشكلات مثل التكدس السكاني والهجرة إلى المناطق المعنية بالتنمية وتكريس الشعور بالطبقية وسوء توزيع الدخل.
  5. اهتمام كل من ماليزيا وسنغافورة بتحسين المؤشرات الاجتماعية لرأس المال البشري ، من خلال تحسين الأحوال المعيشية والتعليمية والصحية للسكان الأصليين، سواء كانوا من أهل البلاد الأصليين أو من المهاجرين إليها من المسلمين الذين ترحب السلطات بتوطينهم.
  6. على الدول العربية الاقتداء بالدولة الماليزية والسنغافورية في نهضتها الاقتصادية والتي انتقلت من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي متطور.
  7. على الدول العربية ان تنتهج الاصلاحات الحقيقية التي انتهجتها ماليزبا وسنغافورة من خلال الالتزام بالأنظمة القانونية ومكافحة الفساد.
  8. على الدول العربية الاستفادة من التجربة الشرق جنوب اسيوية من نقل الخبرات والدراسات للاستفادة من ذلك .
  9. على الدول العربية الاستفادة من التنوع الاجتماعي والعقائدي والعرقي الذي يعتبر نسيج اجتماعي موحد لدى دول جنوب شلاق اسيا , ومجتمع ديمقراطي متجانس يخلق حالة من الاستقرار والثبات .
  10. على الدول العربية تشجيع الصناعات الصغيرة و المتوسطة, التي من شأنها تكوين رأسمال الصناعة المتطورة, ودمج الصناعات المتشابهة منها لتقوية الاقتصاد.
  11. البدء بأنشاء صناعات تنتج ما تستورده البلدان العربية من سلع خاصه الغذائية منها لتوفير العملة الصعبة التي تهدر في شراء هذه السلع.
  12. التركيز على الصناعات التصديرية, والصناعات ذات القيمة المضافة.
  13. تفعيل دور الاستثمار المباشر عن طريق قوانين تكفل توجيهه نحو الصناعات المرغوب تفعيلها حسب المرحلة الراهنة.
  14. تطوير الصناعات الثقيلة والتركيز على تلك الصناعات الثقيلة التي تعتمد على مواد اوليه من داخل البلدان العربية.

قائمة المراجع

ابراهيم , اشرف (2016). كيف استطاعت سنغافورة أن تتحول من قِزمٍ مُقفر إلى مارد اقتصادي عملاق؟ موقع ساسة بوست, 15, كانون الثاني , www.sasapost.com

إسماعيل , إسراء أحمد (2007). تأثير التحول الديمقراطي على الاستقرار السياسي في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة ماجيستر في 1 العلوم السياسية، مصر.

بابكر ,أسامة (2010)عندما يكون رأس الدولة مفكراً: مهاتير محمد: وسطية إسلامية = نهضة اقتصادية, صحيفة سودالاس,21,اب, السودان

بدران , مارون ( 2008) .لي كوان يو: حكاية فرد صنع تاريخ دولة, جريدة القبس الالكتروتية, 3, ايلول , الكويت.

بدران , مارون (2008). تجربة مؤسس سنغافورة الحديثة وباني نهضتهاِ حكاية فرد صنع تاريخ دولة , جريدة القبس الكويتية, 22,تموز, الكويت.

بشير, محمد شريف 2003,استثمار البشر في ماليزيا,على موقع اون لاين2003.

بقدى ,كريمة (2012). الفساد السياسي واثره على الاستقرار السياسي في شمال افريقيا ( دراسة حالة الجزائر ) , رسالة ماجستير , كلية الحقوق والعلوم السياسية , جامعة ابو بكر بلقايد _ تلمسان ,الجزائر.

بن هدنة , ليلى ( 2015). لي كوان يو قائد النهضة في سنغافورة, مؤسسة دبي للإعلام 24, نيسان , دبي , الامارات .

التميمي , سعد علي حسين ( 2004). تجربة التنمية الماليزية دراسة في الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعيـة، أطروحة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية ، كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد , العراق.

ثابت , ياسر (2014). ماليزيا وسنغافورة والبرازيل.. ثلاث تجارب ناجحة لتحول الدول من التخلف إلى التقدم, جريدة الصباح المصرية ,11, تشرين اول , القاهرة , مصر.

الجيزاوي , احمد ( 2016). خواطر إقتصياسية التجربة الماليزية في التنمية الإقتصادية ” من المطاط إلى التصنيع “قناة مصر ثلاثين 16, كانون ثاني , مصر /www.misrtalateen.com

حاتم , سامي عفيفي (2003). التكتلات الاقتصادية بين التنظير والتطبيق، ط4 ،جامعة حلوان، القاهرة، مصر.

  الحديثى , عطا الله سليمان ( 2013). تعدد القوميات في ماليزيا ودورها في تطور نظامها السياسي واستقراره , جامعة بغداد , كية التربية للبنات , مجلة كلية التربية , العدد الثالث عشر ,العراق.

خالقي , علي (2003). رابطة دول جنوب شرق آسيا ( الأسيان ) ASEAN ” نموذج الدول النامية للإقليمية المنفتحة, مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا- العدد السادس, جامعة الجزائر , الجزائر

درج , علي احمد(2015). التجربة التنموية الماليزية والدروس المستفادة منها عربياً, مجلة جامعة بابل . العلوم الصرفه والتطبيقية , العدد(23), العراق.

دسوقي , عبد العليم سعد سليمان (2016) . ي كوان يو… صانع معجزة سنغافورة الاقتصادية, جريدة الوقائع المصرية ,3, كانون ثاني , سوهاج, مصر.

الردادي , عبد الله ( 2017). جاذبية الاستثمار الأجنبي, جريدة العرب الدولية , العدد (14041) السعودية.

رشيد , يوسف ( 2016).سنغافورة من التخلف الى العالمية.. قصة بلد كان يحتضر ويفتقر لكل مقومات الدولة,موقع ساسة بوست, 38,حزيران, مصر.

السعد , محمد نجيب ( 2014). من تجارب الشعوب.. قصة النجاح الماليزية, صحيفة الوطن العمانية1, شباط , رقم العدد12425 ,مسقط, عمان.

سعيدي ,الهام ثابت (2005). التحول الديمقراطي في الجزائر، الملتقى الأول، طبعة عملية التحول الديمقراطي, 10 تشرين اول,الجزائر.

السلاموني , هاني ( 2015). تجربة سنغافورة في التنمية الاقتصادية, صحيفة المصري اليوم , 4,نيسان, مصر.

الشامي , رحاب (2016). سنغافورة من أخطر بقاع الأرض إلى أغنى ثالث دولة في العالم, جريدة البوابه المصرية ,30, تشرين اول ,مصر.

الشنيطي، عمر(2015). سبعة دروس مستفادة من تجربة سنغافورة،  جريدة الشروق، 19 , ايلول, مصر.

الصاوي , عبد الحافظ( 2011). التجربة الماليزية, مركز الجزيرة للدراسات . 10, تشرين اول , الدوحة , قطر.

طارق,محمد واخرون2011,الاستثمار الاجنبي المباشر في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية, مجلة اقتصاديات شمال افريقيا (العدد -1) ,الجزائر.

الطيب, حسونه (2014). سنغافـورة بلد صغير وشعـب يـرسم مساراً اقتصادياً نحو العالمية’ صحيفة الاتخاد الاماراتية , 3,كانون ثاني , الامارات .

العال، حسن ( 2004). إصلاح سوق العمل وإعادة الثقة إلى الاقتصاد.. تجربة سنغافورة مثالاً، صحيفة الوسط البحرينية، 10 , تشرين ثاني, البحرين.

عبد الرزاق,علي(2008), التجربة الماليزية في التنمية الانسانية, بحث مقدم الى جامعة عين شمس, مصر.

عبد العظيم, حمد جمال ( 2003).التحول لديمقراطي في الصين، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، مصر.

عبد العظيم,عادل (2000),استخدام الحوافز لاستهداف الاستثمار الاجنبي المباشر في ماليزيا, المعهد العربي للتخطيط, الكويت.

عبدالحليم , سميحة ( 2011). النهضة الماليزية ومهاتير محمد ..كيف حقق ذلك؟جريدة الشعب المصرية , القاهرة, مصر.

عبدالحي ,وليد(2016). كيف نهضت سنغافورة؟ موقع ساسة بوست,30, ايار, مصر. /www.sasapost.com

عبدالرحمن , مصطفي (2016). سنغافورة.. من جزيرة الفقر إلى أغنى دول العالم, بوابة الشرق الالكترونية , 28,كانون ثاني , الدوحة , قطر.

علي , ابوعلاء محمد (2007). صندوق النقد الدولي ودوره في توسيع مفهوم العولمة الاقتصادية   , مركز الابخاث والدراسات الاجتماعية , الجزائر

علي , محمود (2016).صندوق النقد.. ماذا فعل في اقتصاديات الدول؟ موقع البديل, القاهرة , مصر . elbadil.com

علي ,عبد الرزاق( 2008).التجربة الماليزية في التنمية الانسانية, بحث مقدم الى جامعة عين شمس,مصر.

العنانبة , أحمد محمد ( 2014). دراسة تحليلية لواقع التجارة الخارجية بين دولة الامارات العربية المتحدة وجمهورية سنغافورة, وزارة الاقتصاد الاماراتية, 13,كانون ثاني , الامارات.

الغرايبة , إبراهيم ( 2017). سنغافورة ودروس التقدم بلا موارد, صحيفة العد الاردنية , عمان , الاردن .

الاشعابي , محمد ( 2016). خمسون عاماً من العلاقات. “مصر” و “سنغافورة”.. بدأت بصداقة وعادت بانطلاقة, صحيفة الاهرام المصرية ,31, تشرين اول , مصر.

فتحيه , بناني ( 2009). السياسة النقدية والنمو الاقتصادي – دراسة نظرية – مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية، جامعة أمحمد بوقرة – بومرداس، 2008 – 2009,الجزائر.

قبوري , عاطف ( 2014). بعض ملامح التجربة التعليمية في سنغافورة, نادي الكتاتيب للقراءة بمكة المكرمة, 7, تشرين اول , السعودية .

القصاص, محمود (2003). مهاتير محمد: من شاب متمرد الى بطل قومي, شبكة البي بي سي ,3, تشرين ثاني ,لندن, news.bbc.co.uk

شريف , بشير, محمد ( 2003).؟ استثمار البشر في ماليزيا,على موقع اون لاين.

لي كوان يو ( 2005). من العالم الثالث إلى الأول – قصة سنغافورة 1965-2000, العبيكان للنشر , ط1 , ترجمة معين الامام ,

لي كوان يو( 2007). من العالم الثالث إلى الأول ” قصة سنغافورة” 1965-2000الطبعة الثانية.ترجمة معين الامام ,مكتبة العبيكان ,الرياض , السعودية .

 محمود , الامام محمد ( 2017). تجارب تنموية اسلامية ناجحة.. ماليزيا, موقع اسلام اون لاين, 16, نيسان,مصر. /islamonline.net

محمود , نورس أحمد (2017). التعليم في الإقليم, 1, اذار, قناة (ا ر ت ) http://www.nrttv.com

مناره, جمال (2013). التجربة الماليزية بداية لانتعاش اقتصادي أم دعاية إعلامية؟ شبكة الاعلام العربية , 20, ايار,مصر.

مطاوع , نادية( 2011). لتجربة الماليزية.. نموذج للنهضة التعليمية, صحيفة الوفد المصرية ,18,ايلول , مصر.