تأثير جائحة كورونا على الأمن والسلم الدوليين

د. عبدالرزاق عبدالحافظ الدلابيح1

1 أكاديمية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للحماية المدنية، الأردن

بريد الكتروني: bdalrzaqaldlabyh@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj312

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/01/2022م تاريخ القبول: 10/12/2021م

المستخلص

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف إلى تأثير جائحة كورونا على الأمن والسلم الدوليين ولقد استخدم الباحث المنهج الوصفي من خلال الحديث عن مفهوم الأمن والسلم الدوليين والأمن والسلم الدوليين كمبدأ من مبادئ الأمم المتحدة، و تعريف جائحة كورونا من منظور الأمن الإنساني و الأمن الإنساني وعلاقته بالأمن والسلم الدوليين و الأمن الإنساني من منظور القانون الدولي و الأمن الإنساني من منظور القوانين الوطنية ومن أبرز النتائج إن جائحة كورونا كان لها الأثر الأكبر في تحقيق الأمن الإنساني يتطلب العمل على ثلاثة مستويات مختلفـة، فعلـى المستوى المحلي لا بدمن التوفيق بين الأمن على مستوى الدولة والأمـن الإنـساني وإبـراز دور المجتمع المدني في العمل على هذا المستوى

الكلمات المفتاحية: جائحة كورونا، الأمن والسلم الدوليين.

 

Research title

The impact of the Corona pandemic on international peace and security

Dr. Abdul Razzaq Abdul Hafez Al Dalabih1

1 Prince Al Hussein bin Abdullah II Academy of Civil Protection, Jordan

Email: bdalrzaqaldlabyh@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj312

 

Published at 01/01/2022 Accepted at 10/12/2021

Abstract

This study aimed to identify the impact of the Corona pandemic on international peace and security. And human security from the perspective of international law and human security from the perspective of national laws, and one of the most prominent results is that the Corona pandemic had the greatest impact in achieving human security. Civil society at work at this level.

 

Key Words: Corona pandemic, international peace and security.

 

مشكلة الدراسة وأسئلتها:

تعتبر المبادئ جائحة كورونا من التحديات التي لا يمكن تجاهلها، فهي من الأمور التي أثرت على كافي جوانب الحياة سواء الصحة والتعليم ولقد أثرت بشكل كبير على الأمن والسلم سواء كان على الصعيد الوطني أو الدولي، و. ولهذا جاءت هذه الدراسة بعنوان” تأثير جائحة كورونا على الأمن والسلم الدولي

وهي تسعى للإجابة عن الأسئلة الآتية:

1-ما مفهوم الأمن والسلم الدوليين ؟

2- الأمن والسلم الدوليين كمبدأ من مبادئ الأمم المتحدة؟

3-ما تعريف جائحة كورونا من منظور الأمن الإنساني ؟

4- الأمن الإنساني وعلاقته بالأمن والسلم الدوليين ؟

5- الأمن الإنساني من منظور القانون الدولي؟

6- الأمن الإنساني من منظور القوانين الوطنية؟

هدف الدراسة:هدفت هذه الدراسة التعرف إلى تأثير جائحة كورونا على الأمن والسلم الدولي

أهمية الدراسة: من المؤمل أن تحقق هذه الدراسة أهمية كونها ستدعم تأثير جائحة كورونا على الأمن والسلم الدولي، وكل من يتصدى لمفهوم الأمن والسلم الدولي والباحثين في مجالاتها، وستفتح المجال لمزيد من الدراسات التي تبحث في تأثير جائحة كورنا على كافة الأصعدة و الأمن الإنساني من منظور القوانين الوطنية.

منهج الدراسة:

اتبع الباحث المنهج الوصفي في وصف مفهوم الأمن والسلم الدوليين والأمن والسلم الدوليين كمبدأ من مبادئ الأمم المتحدة، و تعريف جائحة كورونا من منظور الأمن الإنساني و الأمن الإنساني وعلاقته بالأمن والسلم الدوليين و الأمن الإنساني من منظور القانون الدولي و الأمن الإنساني من منظور القوانين الوطنية.

المقدمة:

منذ ظهور فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” في ديسمبر من العام 2019، والحديث لا يتوقف من جانب الباحثين والخبراء حول تداعياته المستقبلية على كافة مناحي الحياة الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والاجتماعية، والأمنية إلى درجة أن مقولة “عالم ما بعد كورونا” باتت مصطلحاً دارجاً يتم تداوله على نطاق واسع، في إشارة إلى التحولات التي قد تحدث في المستقبل نتيجة هذا الوباء المتفشي في العديد من دول العالم.

ولا شك في أن الأمن والسلم الدوليين، كمفهوم وسياسات، يعد أحد أهم المجالات التي قد تشهد تغييرات جذرية في الفترة المقبلة، لا سيما بعد أن انكشفت هشاشة منظومة الأمن الصحي في العديد من الدول المتقدمة التي بدت عاجزة عن التعامل مع هذا الفيروس واحتواء انتشاره السريع؛ ولهذا فإن مرحلة ما بعد كورونا قد تشهد إعادة النظر في مفهوم الأمن والسلم الدوليينلتعيد الاعتبار إلى الأمن والسلم الدوليين بمفهومه الشامل الذي يتضمن أمن الفرد، والمجتمع، والدولة معاً، وتضع الأمن الصحي في مقدمة الأولويات التي ينبغي على جميع دول العالم إدراجها ضمن سياسات الأمن والسلم الدوليين الشامل.

المبحث الأول : مفهوم الأمن والسلم الدوليين

بالرغم من أن مبدأ حفظ السلم والأمن الدوليين من المبادئ الأساسية الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن واضعي هذا الأخير، لم يضعوا مفهوما محددا لهذا المبدأ، مما أدى إلى بروز اختلاف حول تحديد جوهره ومضمونه، وفي هذا الإطار تبرز أهمية تطويق هذا الاختلاف بالرجوع إلى تحليل مفهوم هذا المبدأ، وعليه يجب تفحص المعاني العميقة، التي تشكل في مجملها أبعادا أو ما يسمى ” بمكونات المفهوم ” التي لا يمكن فهمها وتفسيرها إلا بتوضيح المدلول العام الذي يدل عليه المصطلح في إطار نظرة شاملة و متكاملة تتجسد في التفريق بين مفهومي السلم والأمن الدوليين، مع اعتبار أن كلاهما يرتبط بالآخر[1].

يعتبر مفهوم السلم من بين المفاهيم التي تناولها العديد من فقهاء القانون الدولي والعديد من الباحثين والمفكرين، وإن كان الاتفاق بينهم على أن السلم هو حاجة إنسانية تسعى إليها كافة الشعوب والحكومات، بغية تحقيق الاستقرار والتنمية في كافة مجالات، إلا أم اختلفوا في مفهوم موحد له، وإن كان لفظه الصريح يدل على أنه نقيض الحرب، وحالة تتضمن تشكيلة من المبادئ والسلوكيات التي تعكس المستوى النظامي للحال التي ترغب فيها الدول والحكومات وتنشده البشرية جمعاء حيث يعرف أنس.ل.كلود السلم الدولي بناء على العديد من المناهج التي تفضي إلى إرسائه على مستوى الدولي حيث أن كل منهج يركز اهتمامه على جانب واحد من مجموع الجوانب المؤدية للحرب ين الدول، وتضافر هذه المناهج يؤدي إلى السلم الدولي الذي يعني : “..انتفاء للحرب وإحلال للوسائل الودية محل الوسائل القهرية لحسم النزاعات والتي تنجم عن المطالبة بتغيير الوضع القائم بين الدول”[2].

فمصير المجتمع الدولي بحسب انس.ل.كلود، يتوقف على إحلال السلام بين وحداته لتجنب شبح الحرب، والتي تمثل طريقة تقليدية لحسم النزاعات، التي لا مناص من نشو بين وحداته، ومثل هذه الحروب لا يمكن تجنبها، بل لا بد من إيجاد بديل لها حيث تقع مهمة ذلك على عاتق التنظيم الدولي المتمثل في منظمة الأمم المتحدة، التي توفر مجموعة من البدائل السلمية التي تحل محل اللجوء إلى العنف، وتكون قابلة للاستعمال من قبل أطراف النزاع.

أما الفقيه جاستونبوتول، فيعرف السلم الدولي: “على أنه حال مجموعة من الدول تعيش الاستقلال السياسي”. وبحسب جاستون فإن الطريقة التي يصاغ طلب السلام بين الدول تعتمد اعتمادا وثيقا، على التصور السائد عن مغزى الحرب، التي تمثل صورة من العنف المسلح الواقع بين مجموعات بشرية أو بين الحكومات[3].

لذا فإن السلم الذي يسود الدول هو جزء من السلوك الداخل في هذا المركب (الحرب) والميل للسلم، و الميل ضد النزعة للحرب، ليس تلك التي تكون أطرافها دولا فقط، بل أيضا تلك الحروب الأهلية التي تقع داخل الدولة نفسها، لكنها ذات طابع دولي، تمتد آثارها خارج إقليم الدولة والتي اندلعت فيها، وتمثل هذه الأطراف مجموعات عرقية واثنيه.

فمن هنا، يعتقد “جاستون” أن السلم الدولي لا يتحقق إلا إذا تمت مقاومة النزاعات السائدة داخل جسم الدولة، ما يمهد الطريق للسلم مع الدول الأخرى، حيث لا تتجرأ أحداهما على مهاجمة الأخرى.

أما المفكر “هنري كيسنجر” فقد أورد “، بأن السلام الدولي ليس هدفا بحد ذاته، لكنه ينشأ كنتيجة لقيام نظام دولي مستقر وإذا أصبح السلام الدولي هدفا في حد ذاته، فإن المجتمع الدولي يجد نفسه تحت رحمة أكثر أطرافه عنفا، وذلك أن الأطراف الأخرى، سوف تحاول تهدئة هذا العنف بأي ثمن صيانة للسلام، وهذا في الحقيقة يؤدي إلى عدم الاستقرار، وضياع الأمن الدولي”[4].

فالاستقرار الدولي حسب كيسنجر، لا يتحقق إلا إذا كان هناك رضا بشرعية دولية تصورات وترتيبات عملية متفق عليها، ذات أهداف وأطر محددة تتبلور في إطار الدبلوماسية التي يعتقد كيسنجر أنه على عاتقها يقع التوفيق في الحلول التي من شأنها أن تؤدي إلى تجنب اللجوء أو استعمال قوة السلاح، مما يؤدي إلى عدم استقرار النظام الدولي.

أما “ايمانويل كانت” فقد أورد تعريفا للسلم الدولي متجاوزا بذلك المفهوم المتداول له كعقد بين دولتين أو أكثر إلى مشروع بعيد الأمد لابد من تحقيقه. حيث يعتقد أن السلام الدولي هو” انتقال الدول من الحالة الطبيعية (الحرب) إلى الحالة الموضوعية القانونية “[5]

فمن خلال هذا الطرح، ينفي وجود حالة من السلم الدولي، إلا إذا كانت مؤسسة على الأخلاق، وتحمل مضمونا قانونيا يكتنف مجموعة كبيرة من الشعوب، تعيش مجتمعة في ظل هذا الكيان القانوني[6]

إذا ما يمكن استخلاصه من جملة التعريفات السابقة ما يلي :

– أن جل هذه التعريفات تركز على المفهوم التقليدي للسلم الدولي الذي نحصره في بعده العسكري من خلال تجنب الحرب أو انتفائها مقارنة بالتعريفات الحديثة والتي تحمل دلالات شتى ومتنوعة

– هناك خلط واضح في بعض الأحيان، بين السلم الدولي الذي يكون نتيجة لانتهاء الحرب والسلم الذي يبنى على المعاهدات والاتفاقيات والوسائل القانونية التي تتحدد بمدة زمنية معينة، وهذا الخلط نتيجة الفاصل الزمني الذي يفصل بين هذه التعريفات.

– إن هذه التعريفات تحمل دلالة على أن السلم الدولي لا يمكن تعريفه في غياب العنف مهما اختلفت أبعاده.فمن هذا المنطلق نجد أن مفهوم السلم الدولي، تعدى الطرح العسكري إلى طرح أكثر شمولية في فترة ما بعد الحرب الباردة، وهذا التوسع من المفهوم التقليدي الذي يحصره في بعده العسكري إلى المفهوم الحديث الذي يأخذ في الاعتبار مختلف الجوانب والأبعاد التي تأتي كنتيجة لتطور المجتمعات البشرية، وبروز العديد من المتغيرات على الصعيد الدولي جعلت مفهوم السلم الدولي أكثر مرونة وشمولية.

حيث أن التعريف الحديث، يأتي كنتيجة للمراحل المختلفة التي سبقت محاولات صياغة مفهوم متكامل للسلم، وثانيا كنتيجة للإجماع العالمي حول هذه النماذج الرئيسية. مما سبق نقول أن مفهوم السلم قد تطورت عناصره، في ظل تطور المتغيرات الدولية الحالية. حيث يمكننا أن نستنتج تعريفا عاما وشاملا، لمفهوم السلم الدولي وهو عبارة عن ” حالة من الاستقرار تغيب فيها كافة أشكال العنف المادية والمعنوية بين الدول كوحدات فاعلة في المجتمع الدولي.”[7]

مفهوم الأمن الدولي

يعتبر مفهوم الأمن عامة من المفاهيم ذات الأهمية في العلاقات الدولية وأحد المفاهيم المركزية لها، وعلى الرغم من شيوع استعمال مفهوم الأمن في أدبيات، إلا أنه ليس بالمفهوم القديم نظرا لارتباطه ببروز العلاقات الدولية كحقل علمي مستقل بذاته. حيث يعتبر الأمن أساس استمرار حركية وتفاعل الدول، ومن منطلق تشارك الدول في التهديدات الأمنية، وجب التركيز على البعد الدولي للأمن، الهادف في المقام الأول إلى تثبيت الاستقرار الدولي وإدراك شامل لمقوماته. ويعود استخدام مصطلح الأمن الدولي في العلاقات الدولية إلى أية الحرب العالمية الثانية، إذ اقترن هذا المفهوم باستخدام القوة بين الدول، مع التركيز بوجه خاص على دور الدول الكبرى، ويعكس هذا الطرح يهدد السلامة الحدودية والإقليمية للدول، بسبب الحروب والنزاعات، لا سيما تلك التي تكون أطرافها قوى عظمى[8].

وبحكم أن الأمن الدولي يعني انتفاء التهديد الشامل للدول، فقد حاول العديد من المفكرين ودوائر صناع القرار صياغة مفهوم شامل له، انطلاقا من وحدات مرجعية معنية، فإن كانت المقاربة التقليدية تركز على أن الأمن الدولي يمثل مجموعة من التدابير التي تتخذ في إطار المنظمات الدولية، كمنظمة الأمم المتحدة لتحقيق السلم والأمن الدولي، وتتضمن هذه التدابير الدبلوماسية والإجراءات العسكرية وكذا المعاهدات والاتفاقيات الدولية وغير ذلك [9].

إن المقاربات الحديثة تذهب إلى أبعد من ذلك، فعلى سبيل المثال نرى أن ” باري بوزان”BUZAN BARY يعتبر أن ” الأمن هو التحرر من التهديد، وفي سياق النظام الدولي فهو قدرة الدول والمجتمعات على الحفاظ على كيانها المستقل وتماسكها الوظيفي ضد قوى التغيير التي تعتبرها معادية “[10].

فباري بوزان يعتقد أن الدول تعيش في نظام دولي فوضوي، وتحقيق أمنها لا يتم إلا عن طريق مجموعة من الإجراءات التي تقوم لضمان استمراريتها. وفي هذا السياق فإن تعريف بوزان يعتبر تعريف مكملا لما أورده فريق الخبراء الحكوميين الذي شكله الأمين العام للأمم المتحدة، لإجراء دراسة شاملة لمفاهيم الأمن حيث اورد التقرير: “…فهو من حيث المبدأ، حالة ترى فيها الدول أنه ليس ثمة أي خطر في شن هجوم عسكري أو ممارسة أي ضغط سياسي أو إكراه اقتصادي، بحيث تتمكن من المضي قدما نحو العمل على تحقيق تنميتها الذاتية وتقدمها ” واكتفى التقرير في مجال تعريف الأمن الدولي على أنه: “نتيجة وحاصل أمن كل دولة عضو في المجتمع الدولي”.

فمن خلال التعريفات السابقة نجد:

  1. تعريف الأمن الدولي: يركز على الدولة كوحدة تحليل، إذ يسمح بتحليل تلك المخاطر التي يعترض لها الفرد من طرف الدولة ذاتها التي يقيم ونفيها.
  2. أن معظم التعريفات تركز على مفهوم الأمن الدولي في إطاره العسكري من خلال حصر المفهوم في تلك التهديدات التي تواجه الدولة ضمن منظومة المجتمع الدولي، من طرف وحدات دولية أخرى معادية، وبذلك فالتعريفات التقليدية، تغفل النظر عما يجري من تهديدات داخل الدولة من قمع سياسي، ومتاجرة بالمخدرات………إلخ.
  3. غياب معيار أساسي، من خلاله يمكن إدراك الأمن الدولي الحقيقي، في ظل تطور المجتمع الدولي وكذلك افتقاره التركيز على المدى الطويل والتهديدات المحتملة.

فنتيجة لبروز العديد من المتغيرات التي أعقبت الحرب الباردة، استطاع مفهوم الأمن الدولي أن يعكس طبيعة القضايا الأمنية المستجدة، من خلال إعادة تعريفه وترتيب أولوياته من جديد. وما يعضد هذا التوجه تلك التطورات التي صاحبت العولمة في خضم استقلال العديد من الدول التي كانت تحت سيطرة الاستعمار، بالإضافة إلى اهتزاز المفاهيم والحدود الجغرافية أمام طوفان العولمة ووسائل النقل والاتصال وتطور اهتمام الدول المشتركة، وتزايد الاعتماد المتبادل وبروز فاعلين جدد، غير الدول والمنظمات غير الحكومية وشركات عالمية وأفراد لهم القدرة على التأثير في السياسة العالمية أكثر مما تحدثه بعض الدول.[11]

المطلب الأول : الأمن والسلم الدوليين كمبدأ من مبادئ الأمم المتحدة.

سنتطرق في هذا المبحث إلى دور الأمم المتحدة في إحلال السلم والمحافظة على الأمن الدولي باعتبارها أول تجربة يقوم المجتمع الدولي، أما المطلب الثاني فسيناقش دور هيئة الأمم المتحدة في تطوير مبدأ حفظ السلم والأمن الدوليين باعتبارها الهيئة الأمم المتحدة الأولى التي تعنى بالمحافظة على السلام العالمي وصيانته. أما المطلب الثالث فسنتعرف على دور جامعة الدول العربية في احلال السلم والامن باعتبارها منظمة إقليميه تعنى بشؤون الدول العربية.

غني عن البيان أن قيام هيئة الأمم المتحدة في عام 1919 كان حدثا بالغ الأهمية من حيث أنها مثلت خطوة حاسمة في عملية تنظيم العلاقات الدولية، فهيئة الأمم المتحدة هي أول تجربة في تاريخ البشرية لإنشاء منظمة عالمية من حيث العضوية، ومن حيث شمول الاختصاص وان اهتمت أساسا بقضية السلم والأمن أن يكون وسيلة قوية لتدعيم العلاقات السلمية وحسم المنازعات الدولية على نحو لا يهدد السلام العالمي. وصل عدد الدول المنتمية لهذه المنظمة إلى 58 دولة في أقصاه، وذلك خلال الفترة الممتدة من 28 سبتمبر سنة 1934 إلى 23 فبر اير سنة 1935كانت أهداف الهيئة الرئيسية تتمثل في منع قيام الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية من خلال إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي، كما ورد في ميثاقها، ومن الأهداف الأخرى التي كانت هيئة الأمم المتحدة قد وضعتها نصب أعينها: تحسين أوضاع العمل بالنسبة للعمّ ال ـ معاملة سكّان الدول المنتدبة والمستعمرة بالمساواة مع السكّ ان والموظفين الحكوميين التابعين للدول المنتدبة ـ مقاومة الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة، والعناية بالصحة العالمية وأسرى الحرب، وحماية الأقليات العرقية في أوروبا.[12]

تناولت منظمة هيئة الأمم المتحدة بالتنظيم مشكلة شن الحرب لتحاول الحد من خطورتها فقررت أو نظمت أحكاما تضمنتها المواد(11 – 16) فتنص المادة (12) من عهد هيئة الأمم المتحدة على التزام الدول الأعضاء جميعا، في حالة قيام نزاع يهدد بقطع العلاقة بينها، أن تعرض هذا النزاع على التحكيم أو على المحكمة الدولية، أو على مجلس الهيئة، وينبغي أن يصدر قرار التحكيم أو حكم المحكمة خلال فترة معقولة، أما تقرير مجلس الهيئة فيجب أن يصدر خلال ستة أشهر من عرض النزاع عليه. وتنص المادة (13) من عهد هيئة الأمم المتحدة على أنه إذا قام نزاع بين الدول الأعضاء وعجزت عن تسويته بالوسائل الدبلوماسية (التفاوض، الوساطة، التوفيق)، ورأت أن هذا النزاع قابل للتسوية القانونية، فإنها تعرضه على التحكيم أو المحكمة الدولية، وتتعهد الدول الأعضاء بتنفيذ قرار التنفيذ أو حكم المحكمة بحسن نية، ولا تلجأ إلى الحرب ضد الدولة العضو التي قبلت قرار التحكيم أو حكم القضاء، أما في حالة عدم تنفيذ القرار أو الحكم فإن ليس الهيئة أن يقترح ما يراه مناسبا من تدابير لحمل الطرف الخاسر في النزاع على التنفيذ.

وفي حالة عدم عرض النزاع على التحكيم أو القضاء الدولي تطبيقا لنص المادة (13) فقد حددت المادة (15) من عهد هيئة الأمم المتحدة الإجراءات التي تتبع بشأن عرضه على مجلس الهيئة الذي يقوم بإصدار التوصيات اللازمة بشأن تسويته تسوية عادلة

وواضح مما تقدم أن التنظيم القانوني الذي وضعه عهد هيئة الأمم المتحدة لتسوية المنازعات بين الدول بالطرق السلمية لا يختلف كثيرا عن السلوك المعتاد الذي درجت عليه الدول في السابق. والتجديد الوحيد في هذا الصدد هو أن مبدأ التسوية السلمية للمنازعات قد تحول من مبدأ سياسي الى مبدأ قانوني يعرض من يخالفه للمساءلة القانونية الدولية أما في السابق فقد احتفظت الدول بحرية مطلقة في الاختيار بين التسوية السلمية أو استخدام القوة العسكرية.[13]

مثّلت فلسفة الدبلوماسية التي أتتها هيئة الأمم المتحدة نقلة نوعيه في الفكر السياسي الذي كان سائدًا في أوروبا والعالم طيلة السنوات المائة السابقة على إنشائها، وكانت الهيئة تفتقد لقوة مسلحة

خاصة انها قادرة على إحلال السلام العالمي الذي تدعو إليه، لذا كانت تعتمد على القوة العسكرية للدول العظمى لفرض قرارات والعقوبات الاقتصادية على الدول المخالفة لقرار ما أو لتكوين جيش تستخدمه عند الحاجة، غير أنها لم تلجأ لهذا في أغلب الأحيان لأسباب مختلفة، منها أن أعضاء الهيئة كان جلهم من الدول العظمى التي تتعارض مصالحها مع ما تقرّه الأخيرة من قرارات، فكانوا يرفضون التصديق عليها أو الخضوع لها والتجاوب معها، وغالبا ما قام بعضهم بتحدي قراراتها عنوة وأظهر احتقارً ا لها ولمن أصدرها، فعلى سبيل المثال اهتمت الهيئة جنودً ا إيطاليين باستهداف و حدات من الصليب الأحمر أثناء الحرب الإيطالية الحبشية الثانية، فجاء رد رئيس الحكومة الإيطالية بينيتو موسوليني يقول: «إن الهيئة لا تتصرف إلا عندما تسمع العصافير تصرخ من الألم، أما عندما ترى العقبان تسقط صريعةً، فلا تحرّك ساكنًا»

وبالمقابل فإن الهيئة أثبتت عجزها عن حل المشكلات الدولية وفرض هيبتها على جميع الدول دون استثناء، عندما أخذت دول معسكر المحور تستهزئ بقراراتها ولا تأخذها بعين الاعتبار، وتستخدم العنف تجاه جيرانها من الدول والأقليات العرقية قاطنة أراضيها، خلال عقد الثلاثينيات من القرن العشرين. بعدها بدأت الدول في الانسحاب من هذه المنظمة، وكان نشوب الحرب العالمية الثانية بمثابة الدليل القاطع على فشل الهيئة في مهمتها الرئيسية، ألا وهي منع قيام الحروب المدمّرة، وفشلها في إحلال السلم والأمن الدوليين وما إن وضعت الحرب أوزارها حتى تمّ حل الهيئة، وخلفتها هيئة جديدة هي هيئة الأمم المتحدة، التي ورثت عددا من منظمات ووكالات الهيئة.[14]

دور هيئة الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدولي

من أعظم الآثار التي خلفتها أهوال الحرب العالمية الثانية، زيادة الشعور بأهمية المحافظة على السلام والأمن الدوليين واستقرارهما بواسطة منظمة دولية، حتى توجه الشعوب جهودها لإصلاح ما أفسدته الحرب وتتعاون فيما بينها لتحقيق التقدم الاقتصادي والرقي المعنوي. عقدت عدة اجتماعات تمهيدية لإنشاء المنظمة الدولية الجديدة، ولإقامة نظام جديد للتنظيم الدولي يقوم على مبدأ الأمن الجماعي والتعايش السلمي ونبذ الحرب كوسيلة لحل المشكلات الدولية، حيث تم وضع مشروع تمهيدي لإقامة المنظمة الجديدة ثم دعيت الدول إلى مؤتمر سان فرانسيسكو 1945 للمصادقة على ميثاق الأمم المتحدة، فأكد أن الهدف الأول هو منع الحرب والمحافظة على السلام.[15]

إن في مقدمة الأهداف التي تسعى إليها الأمم المتحدة هي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ويعتبر أحد الأعمدة التي قام عليها البناء المؤسسي الأمم المتحدة، ويعتبر أيضا كأحد المداخل الرئيسية التي توضح مدى أهمية الأمم المتحدة، ومدى الحاجة إليها كآلية تؤكد وجودها على الساحة الدولية، ولتحقيق ذلك لابد لها من هيكلية تمكنها من أداء الوظائف المنوطة اليها وتنفيذ التزاما بها فق ما نص عليه ميثاقها من أهداف ومبادئ.

تتكون منظمة الأمم المتحدة، من ستة (6) أجهزة رئيسية حددها الميثاق في الفقرة الأولى من المادة السابعة، وهذه الأجهزة هي: الجمعية العامة، مجلس الأمن، السياسي الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية ثم الأمانة العامة

وقد حدد الميثاق واجبات وسلطات كل جهاز فتمثل الجمعية العامة الفرع الرئيسي الوحيد الذي يتألف من جميع أعضاء الأمم المتحدة على أساس المساواة في التمثيل، ويجوز للجمعية العامة بموجب الميثاق أن تناقش مسألة أو أمرا يدخل في نطاق أعمال الهيئة، وان تقدم توصياتها بالإجراء الذي ترى اتخاذه بوساطة الأعضاء أو بوساطة الفروع الأخرى.[16]

أما مجلس الأمن فيضطلع بأهم مسؤوليات الأمم المتحدة للمحافظة على السلم والأمن الدوليين إذ خول له الميثاق سلطات خاصة لمباشرة هذه المسؤولية. وتقوم الأمانة العامة بمسؤولية معاونة الفروع الأخرى في أداء واجباتها بأعلى كفاءة ممكنة.

إن المفهوم الفلسفي الذي ترتكز عليه آليات، ووسائل الأمم المتحدة ينبثق من منطلقات المدرسة المثالية الداعية إلى إحلال السلم والأمن الدوليين في العلاقات الدولية، والاهتمام بتسوية النزاعات بالطرق السلمية من أجل تفادي استخدام القوة في العلاقات الدولية، وهذا ما يتفق مع ما جاء ت به الأمم المتحدة من خلال ما ورد في ميثاقها، أو ما ورد في نصوص صادرة عنها تشترك في الهدف والمفهوم العام

وفي هذا الصدد جاء اهتمام الفصل السادس من الميثاق، المختص بحل النزاعات حلا سلميا وذلك من خلال نص المادة (33)الفقرة الأولى : “يجب على أطراف أي نزاع دولي، من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر، أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء، بطريق المفاوضات والتحقيق والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجؤوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارهم حيث من خلال ما نصت عليه المادة (33)من ميثاق الأمم المتحدة يتضح لنا أن هذه المادة عددت الوسائل والآليات التي تستخدمها الأمم المتحدة للحد من النزاعات الدولية بالطرق السلمية. ومن جهة ثانية، فإن تصنيف هذه الوسائل والآليات لم يكن تصنيفا موحدا، وان كان يشترك في المفهوم العام، وهو الحل السلمي للنزاعات الدولية[17].

المطلب الثاني: تعريف جائحة كورونا من منظور الأمن الانساني

ظهرت أزمة مرض الكورونا المستجد وهي مجموعة من الفيروسات التي يمكنها أن تسببا مثل الزكام والالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (السارز) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية(ميرز). تم اكتشاف نوع جديد من فيروسات كورونا بعد أن تم التعرف عليه كمسبب لانتشار أحد الأمراض التي بدأت في الصين في 2019، حيث يعرف الفيروس الآن باسم فيروس المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، كورونا 2(سارز كوف 2،)ويسمى المرض الناتج عنه مرض فيروس كورونا 2019(كوفيد 19)، تم اكتشاف حالات إصابة بمرض فيروس كورونا 2019 في عدد متزايد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، وتقوم المجموعات المختصة بالصحة العامة، مثل منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، بمراقبة الأمر ونشر التحديثات على مواقعها علية في مارس/آذار2020، كما أصدرت هذه المجموعات توصيات حول الوقاية من المرض وعالجه[18].

المبحث الثاني: الأمن الانساني وعلاقته بالأمن والسلم الدوليين

ماهية الأمن الإنساني:

يساعد تعرف بعض الجهود التي بذلها بعض الفقهاء والهيئات الدولية لوضع تعريف لهذا المفهـوم وبعض ملامح العمل الدولي لتكريسه على تكوين فكرة عن جوهر هذا المفهوم وعلى تعـرف أبـرز عناصره وآليات تحقيقه.

  1. تعريف الأمن الإنساني:

لم يتوصل المجتمع الدولي إلى تعريفٍ متفقٍ عليه لمفهوم الأمن الإنساني أو حتى إلى توافـقٍ حـول مضمونه، فهو أحد المفاهيم التي بدأ تداولها مع نهايات القرن الماضي بهـدف مراجعـة المفـاهيم الأمنية في ظل التطورات الدولية المعاصرة [19]، ورغم أن هذا المفهوم يجد جذوره الراسخة في مفاهيم أخرى في العلاقات الدولية والقانون الدولي الناظم لهذه العلاقات[20]، كحقوق الإنسان والأمن الجماعي الدولي، ورغم أن الأفكار التي استُلهم منها كانت قد نضجت عبر ما يقارب القرن والنصف من عمـر البشرية،[21] إلا أنه أخذ بالتبلور كمفهومٍ له كيانه المستقل وكمصطلحٍ جديدٍ بعد الحرب الباردة[22]، فمنـذ تسعينيات القرن العشرين استُعمل الأمن الإنساني من قبل عددٍ كبيرٍ من الدول والمنظمات الحكوميـة وغير الحكومية بصفته ركيزة لوصف برامج عمل هذه المنظمات ونشاطاتها وتأطيرها ووسيلة للربطين عددٍ كبيرٍ من المبادرات السياسية وإضفاء المزيد من التناسق عليها، حيث انبثقت العديـد مـن الرؤى حول ضرورة إيجاد مبدأ للأمن يواجه التحديات الجديدة خاصـةً تلـك ذات الـصلة بالتنميـة الاقتصادية، فجاء مفهوم الأمن الإنساني الذي يتمحور حول ضمان أمن الأفراد ليعمـل إلـى جانـب التصورات الأمنية التقليدية التي تتمحور حول ضمان أمن الفرد لكن ضمن إطارٍ أوسع يتمثل بدولتـه أو مجتمعه.

  1. تعاريف الفقهاء والهيئات الدولية للأمن الإنساني

كانت البداية الفعلية لتصعيد النقاش عن الأمن الإنساني مع “محبوب الحق” وزير المالية الباكـستاني السابق والخبير الاقتصادي لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “UNDP،”الذي أكد أن محـور الأمـن يجب أن ينتقل إلى ضمان أمن الأفراد من مخاطر متنوعة على رأسها الأمراض والإرهـاب والفقـر والمخدرات ووجود نظام عالمي غير عادل، وذلك عن طريق تحقيق التنميـة وإصـلاح المؤسـسات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة والمنظمات الاقتصادية[23] العالمية، كصندوق النقد الـدولي والبنـك الدولي للتعمير والتنمية، وذلك عبر شراكةٍ حقيقةٍ بين دول العالم كلّها. [24]

تابع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ” UNDP “السير على درب هذه الخطوة الأولى مع تقرير التنميـة البشرية الذي أصدره عام 1994،مؤكداً فيه أنه ثمة تهديداتٍ جديدةٍ يجب أخذها بالحـسبان وإيجـاد آليات مناسبة لمواجهتها [25]، فمفهوم الأمن يجب أن يتغير، سواء من حيث مضمونه بالانتقال من الأمن الذي يرتكز على السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدولة إلى الأمن الذي يرتكـز علـى أمـن الأفراد، من حيث آلية تحقيقه فلا بدمن الانتقال من ضمان الأمن عن طريق التسلح إلى ضـمان 10 الأمن عن طريق تحقيق التنمية المستدامة[26]

وقد أدرك العاملون على برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن مفهوم الأمن يجب أن يقوم على ضمان قدرة الأفراد على التمتع بثمار التنمية البشرية فـي ظـل بيئةٍ آمنةٍ تحقق استدامة نتائجها وتُحسن حياة البشر دون إلحاق الضرر برأس المـال الطبيعـي أي الموارد الطبيعية اللازمة لحياة الأجيال القادمة [27]

وقد عرفت لجنة الأمن الإنساني “Commission Security Human “التي سيتم الحديث عنهـا لاحقـاً، هذا المفهوم الذي أُنشأت من أجل إرساء دعائمه على أنه “حماية الجوهر الحيوي لحياة جميع البشر بطرائق تعزز حريات الإنسان وتحقيق الإنسان لذاته”، ورأت أن الجوهر الحيوي لحياة البـشر هـو مجموعة الحقوق والحريات الأولية التي يتمتع بها الأفراد، وضمان حمايتهم من أوضاع قاسـية قـد يجدون أنفسهم فيها ومن التهديدات واسعة النطاق [28]

في تقريرها الصادر عام 2001 عن مـسؤولية ورأت اللجنة الدولية المعنية بالتدخل وسيادة الدول[29] الحماية أن الأمن الإنساني يعني “أمن الناس، أي سلامتهم البدنية ورفاهيتهم الاقتصادية والاجتماعية، واحترام كرامتهم وقدرهم كبشر، وحماية حقوق الإنسان المملوكة لهم وحرياتهم الأساسية”[30]

أمانها الأمين العام السابق الأمم المتحدة كوفي عنان فقد رأى أن أمن الإنسان يتضمن بأوسع معانيه “ما هو أكثر بمراحل من انعدام الصراعات العنيفة، فهو يشمل حقوق الإنسان والحكم الرشـيد وإمكانيـة

الحصول على التعليم والرعاية الصحية وكفالة إتاحة الفرص والخيارات لكل فرد لتحقيـق إمكاناتـه، وكل خطوة في هذا الاتجاه هي أيضاً خطوة نحو الحد من الفقر وتحقيق النمـو الاقتـصادي، ومنـع الصراعات والتحرر من الفاقة والتحرر من الخوف وحرية الأجيال المقبلة في أن ترث بيئة طبيعيـة صحية، هي اللبنات المترابطة التي يتكون منها أمن الإنسان، والأمن القومي بالتالي[31]

. وبدورها حاولتFrechette Louise، مساعدة كوفي عنان، الأمين العام السابق الأمم المتحدة، إعطاء معنى مبسطاً للأمن الإنساني على أنه “كل الأشياء التي يحبها الرجال والنساء في العالم أينما كـانوا، من غذاءٍ كافٍ ومأوى مناسبٍ وصحةٍ جيدةٍ وتعليمٍ للأولاد وحماية من العنف، سواء أكـان منـشأه الأفراد أم الطبيعة، إلى جانب وجود الدولة التي لا تمارس أي نوع من القـسر علـى مواطنيهـا إلا بموجب القانون”[32]

وقد عرف كل من Thomas Carolineو Wilkin Peter الأمن الإنساني بأنَّه يصف الحالة التـي تـتم فيها تلبية الحاجات المادية الأساسية، والتي يمكن أن تتحقق فيها الكرامة الإنسانية بمـا فـي ذلـك المشاركة الفعالة في حياة المجتمع بشكل كلي لا يتجزأ، دون أن يتم تطبيق ذلـك لـصالح فئـة دون الأخرى.[33]

ورأى Thakur Ramesh من جامعة الأمم المتحدة[34]، أن كل ما من شأنه تحسين نوعية حياة الأفـراد والمجتمع والدولة هو خطوة لتحقيق الأمن الإنساني سواء تمثـل ذلـك بـالتمكين ” empowerment ” الاقتصادي أم الاجتماعي أم السياسي[35]

في حين رأى تايلر أوين أن الأمن الإنساني هو “حماية النواة الحية للبشر كلّهم من المخاطر المحرجة والمضرة سواء أكانت بيئية أو اقتصادية وغذائية أم صحية أم شخصية أو سياسية”، وحاول أوين في تعريفه التوفيق بين المتمسكين بفكرة أن التهديدات الأمنية الحقيقية هي تلك التي تمس أمن الدولـة بشكله التقليدي من جهة، وبين أولئك الذين يرون أن التهديدات الأساسية للأمن هي تلـك العوامـل المرتبطة بفقدان الحياة من الجوع والمرض والكوارث الطبيعية وليس من الحروب. هذا ويلاحظ أن جانباً كبيراً من التعاريف التي تناولت الأمن الإنساني قد اتخذت الطابع التعدادي الذي اعتمد على تعداد إما الأهداف التي يسعى لتحقيقها أو التهديدات التي يعمل الأمـن الإنـساني علـى التصدي لها.

أبرز مبادرات الدول في مجال تكريس مفهوم الأمن الإنساني:

تولت دولتان زمام المبادرة في مجال دعم مفهوم الأمن الإنساني على الصعيد الدولي همـا اليابـان وكندا، فالرؤية اليابانية لمفهوم الأمن الإنساني اتسمت بالاتساع وقامت بشكلٍ أساسـيٍ علـى فكـرة التحرر من الفقر وتقاربت مع ما طرحه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وكان هدفها الرئيسي تـأمين الحاجات الأساسية للإنسان، الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية والغذائيـة، وتـرى حكومـة اليابان أن الأمن الإنساني يقوم على حماية حياة الأفراد وكرامتهم والحفاظ عليها، وهو ما يتم تحقيقه، وتجلى هذا الاهتمام الياباني بمفهوم الأمن الإنـساني فـي العديـد مـن بضمان الحرية من الفقر المبادرات الدولية التي أطلقتها الحكومة اليابانية وكان من أبرزها المبادرة التي أسفرت عن إنـشاء لجنة الأمن الإنساني عام 1999 على النحو الذي سيتم التطرق إليه لاحقاً

. أما الرؤية الكندية فركزت على فكرة التحرر من الخوف والحد من استخدام القوة والعنف، عن طريق عدد من السبل، كمكافحة انتشار الألغام الأرضية والكف عن تجنيد الأطفـال وتـشجيع دور القـانون، وانعكست الدولي الإنساني ومكافحة انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة وإصلاح القطاعات الأمنية

اهتمامات كندا هذه بمبادرة أطلقتها عام 1999 أسفرت عن إنشاء شبكة الأمـن الإنـساني Human” “Network Security التي تضم في عضويتها عدداً من الدول بقيادة كندا والنرويج وسويسرا إلى جانب تشيلي والأردن والنمسا ومالي وايرلندا واليونان وسلوفاكيا وتايلاند وجنوب أفريقية وهولندا، بهدف العمل على الوصول إلى رؤية مشتركة عن الأمن الإنساني. [36]

ولعله من الصواب أن يتم التوفيق بين الاتجاهين السابقين عن الأمن الإنساني فالاقتصار على التحرر من الفقر، يظهر هذا المفهوم وكأنه “قائمة تسوق” على حد تعبير بعض الفقهاء، أما الاكتفاء بالتحرر من الخوف فقد يجعله يقترب من الأمن بمفهومه التقليدي.[37]

مقاربة الأمن الإنساني وبعض مفاهيم القانون الدولي العام:

على الرغم من أن الدراسات الأمنية والسياسية والاجتماعية قد استحوذت -إلى حدٍ ما- على دراسة الأمن الإنساني إلا أنه يقترب -إلى حدٍ كبيرٍ- من مفاهيم راسخة في القانون الدولي كتلك التي تتعلق بحقوق الإنسان والأمن الجماعي الدولي، ولعل مقارنة الأمن الإنساني بهذه المفاهيم ستوضح مـدى إمكانية عده مفهوماً جديداً يحمل قيمة مضافة بالنسبة إلى القانون الدولي.

– الأمن الإنساني وحقوق الإنسان: يتقاطع مفهوم الأمن الإنساني مع المفاهيم السائدة في منظومة حقوق الإنسان، ويتقارب معهـا مـن نواحٍ متعددة، خاصةً بعد توسع المفاهيم التي أضحت تُعد جزءاً من هذه المنظومة التي بـدأت تـدخل جيلها الرابع، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن مدى الاختلاف بين الأمن الإنسـاني وحقوق الإنسـان، وطبيعة العلاقة بينهما في ظل إقرار وجود مثل هذا الاختلاف، وقد رأى فريقٌ من الفقـه أن الأمـن الإنساني يعد جزءاً من حقوق الإنسان في حين يرى جانب آخر أنه على العكس مـن ذلـك حقـوق الإنسان هي جزء من الأمن الإنساني، ويذهب فريق ثالث إلى أن مفهوم الأمن الإنساني هو وسـيلة توفيقية بين حقوق الإنسان ومفاهيم أخرى في نطاق القانون الدولي. وقد دفعت بعض النصوص التي تضمنتها الوثائق الدولية الأساسية لحقوق الإنـسان مـن اتفاقيـات وإعلانات جانباً من الفقه إلى التساؤل عن مدى إمكانية عد الأمن الإنساني حقاً من حقوق الإنـسان كونها تتحدث عن ضمان أمن الفرد بمستوياتٍ مختلفةٍ، أمنه الشخصي وأمنه ضمن المجتمـع الـذي ينتمي إليه وأمنه ضمن النظام الدولي الذي يعيش فيه، فالمادة الثالثة من الإعلان العـالمي لحقـوق الإنسان تتضمن الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية، [38]وكذلك المادة التاسعة مـن الإعـلان نفسه التي تنص على عدم جواز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه بـشكلٍ تعـسفيٍ، وكـذلك المادة الثانية والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على حق الفرد كعـضو فـي المجتمع في الحصول على ضمانات اجتماعية وضمان حقوقه الاجتماعية والتربوية كلّها التي لا غنى، والمادة الثامنة والعشرين من الإعلان نفسه عنه لكرامته وللنمو الحر لشخصيته التي تنص على حق كل فرد في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بموجبه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان

إلا أن مضمون الأمن الإنسـاني لا يمكن حصره بهذه المسـتويات الثلاثـة التـي تـضمنتها هـذه الحقوق، فهنالك تكامل بين حقوق الإنسان والأمن الإنساني، فإذا كانت حقوق الإنسان تنطوي علـى المطالبة باحترام حريات أساسية للبشر؛ فإن ذلك يدفع للتساؤل عن ماهية هذه الحريات التـي علـى المجتمع الاعتراف بها وتعزيزها، وهنا يمكن للأمن الإنساني أن يسهم في تحديد أهمية التحرر مـن أوجه انعدام الأمن بمستوياته كلّها، فالحريات المرتبطة بالأمن الإنساني هي فئة مهمـة مـن فئـات حقوق الإنسان، وعلى حد ما ذهب إليه أمارتيا سن “SenAmatyea، “العضو في لجنة الأمن الإنساني الذي عد حقوق الإنسان صندوقاً عاماً يجب أن يملأ بمطالباتٍ محددةٍ تستند إلى دوافع مناسبة تمليها حاجات الإنسان، ومن المنتظر أن يساعد الأمن الإنساني على ملئ جزءٍ معينٍ مـن هـذا الـصندوق العظيم الشأن من خلال أساليب مبررة، بإظهار أهمية التغلب على انعدام أمن الإنسان [39]

. لكن من جهة أخرى يرى جانب آخر من الفقه أن حقوق الإنسان هي جزء مـن الأمـن الإنـساني، فحقوق الإنسان هي مجموعة مصالح يحميها القانون في حين أن الوصول إلى تحقيق الأمن الإنساني يتضمن توفير ظروف آمنة أو شعور آمن، وهو يتضمن ما هو أوسع من تلك المصالح التي يحميهـا القانون كالحماية من المخاطر الناجمة عن عمل الطبيعة وحماية ضحايا هذه الكوارث علـى سـبيل المثال. ويرى جانب من الفقه الدولي أن الأمن الإنساني هو السبيل للتوفيق بين فكرتين راسختين في ميثاق الأمم المتحدة، تعزيز حقوق الإنسان من جهة وضمان السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للـدول من جهة أخرى.[40]

ويمكن القول: إن حقوق الإنسان من شأنها أن تُشكل إطاراً معيارياً يحدد جانباً من مـضمون الأمـن الإنساني، فالوثائق الدولية المتعددة التي تضمنت حقوق الإنسان من إعلانات واتفاقيات قد تـضمنت العديد من عناصر الأمن الإنساني، واحترام مضامينها يؤدي إلى تحقيقه بعناصره المتعـددة، كمـا أن انتهاكات حقوق الإنسان ما هي إلا تهديدات وجد الأمن الإنساني للتصدي لها لتعزيز منظومة حقوق الإنسان إذ هنالك انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان تُرتكب تحت ذرائـع تتعلـق بضمان الأمن بمفهومه التقليدي، إلا أن إدخال الأمن الإنساني في سياق مفهوم الأمن لن يؤدي إلـى مثل هذه النتيجة

إذاً هنالك تناسب قوي بين المفهومين قد يصل إلى حد التماهي، فالأمن الإنساني شرط لإرساء حقوق الإنسان كما أن تحقيق بعض جوانب الأمن الإنساني هو غاية من غايات حقوق الإنـسان، وإن كـان تناول الأمن الإنساني كحق يمكّن من إدخاله في منظومة حقوق الإنسان، إلا هـذه الحقـوق يـصعب تحقيقها في حال غياب الأمن الإنساني، ومن ثم يمكن النظر إليه على أنه عامل من عوامـل تنميـة حقوق الإنسان.

الأمن الإنساني والمفاهيم التقليدية للأمن:

أعاد الأمن الإنساني التفكير في مفهوم الأمن بطريقة تجعل من الأفراد ومشاركتهم محوراً أساسياً في رسم السياسات الأمنية [41]، فهو يقدم مفهوماً يحتوي على ركائز جديدة سواء من حيـث المـضمون فالوحدة الأساسية فيه هي الفرد، أم من حيث إدارة أو طريقة رسم السياسات الأمنية إذ يولي الأمـن الإنساني أهمية لمشاركة المؤسسات غير الحكومية في الدولة، وأخيراً من حيث التهديدات[42] فلـم يعـد الهدف هو الاكتفاء بحماية الحدود الإقليمية بواسطة قوات عسكرية ضد عدوان محتمل من دولـة أو دول أخرى بل هنالك تهديدات جديدة لا بدمن أخذها بالحسبان

ولم يأتِ الأمن الإنساني لاستبدال النظرة التقليدية للأمن الوطني أو أمن الدولة، بل ليكمله، فلا توجـد دولة قادرة على الحفاظ على سلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي إن لم يكن أفرادها بمنـأى عـن التهديدات الأمنية الجديدة، كما أن الأمن الإنساني لا يمكن إدراكه إلا في حال وجود دولة آمنة يـسود فيها حكم القانون وقادرة على حماية مواطنيها من تلك التهديدات، فضمان أمن الدولة لا يؤدي إلى ضمان أمن الفرد بشكل آلي في حين العكس صحيح وبالانتقال إلى تأثير الأمن الإنساني في الأمن الجماعي الدولي يمكن القول: إن قضية الأمـن شـكلت بعداً جوهرياً في العلاقات الدولية منذ نشأة مفهوم الدولة القومية ذات السيادة إثر معاهدة وسـتفاليا عام 1648،وأخذت الدول تطمح إلى ضمان أمنها الذاتي، وأدى التنافس في هذا المجال بما تميز بـه من فرديةٍ وتشتتٍ إلى إدراك الدول لحقيقةٍ راسخةٍ مفادها أن البقاء ضمن هذه الصيغة لن يـؤدي إلا إلى نتيجةٍ عكسيةٍ تأتيها بالمزيد من التهديدات لأمنها، مما دفعها إلى البحث عـن صـيغةٍ لنظـامٍ مشتركٍ تتمكن عبره من تنسيق الجهود للوصول إلى الأمن المنشود، وكان الأمن هو الغاية وجماعية العمل هو وسيلة تحقيقه، فظهرت فكرة الأمن الجماعي محدثةً صدى كبيراً فـي الفكـر القـانوني الدولي الذي شهد محاولاتٍ عدة لوضع تعريف يعبر عن جوهر هذه الفكرة التي تقوم على التـصدي الجماعي لعضو في جماعة معينة يقوم بانتهاك القيم أو القواعد السائدة فيها، فالأعضاء فيهـا إنمـا يدركون بأن الخطر موجه إلى مصالح فرد من أفرادها

وقد نزع جانب من الفقه الدولي إلى حصر جوهر الأمن الجماعي باستخدام القوة المسلحة حين رأى أن الأمن الجماعي” نظاميرتكز على التزام الدول بأن تشارك بقواتها ضد الدولة المعتدية فور تقريـر العدوان عن طريق إجراءات خاصة بذلك”، وركز فريق فقهي آخر على الإطار التنظيمـي الـدولي الفعال للأمن الجماعي فعرفه بأنه “نظامفيه تعتمد الدولة في حماية حقوقها إذا ما تعرضـت لخطـرٍ خارجيٍ ليس على وسائلها الدفاعية الخاصة أو مساعدة حلفائها، وإنما على أساس مـن التـضامن والتعاون الدولي المتمثل في تنظيم دولي مزود بالوسائل الكافية والفعالة لتحقيق هذه الحماية”[43]

. يمكن القول: إنتحقيق الأمن عبر العمل الجماعي فكرة جذبت اهتمام المجتمع الدولي وجعلت الـدول تبحث عن أمنها في إطار التجمعات الإقليمية، كما في حالة الحلف المقدس أو الوفاق الأوروبـي، إلا أن الأمر انتقل إلى المنظمات الدولية، حيث أثرت الحربين العالميتين، الأولى والثانية، ونتائجها -إلى حدٍ كبيرٍ- في مفهوم الأمن الجماعي، إذ لم يعد مقبولاً استمرار حالة غياب نظـام يـضمن التكافـل الدولي لتحقيق السلم والأمن الدوليين، فتبلور مفهوم الأمن الجماعي عبر فكرة التنظيم الدولي التـي يمكن عدها أداةً لوضع هذا المفهوم حيز التنفيذ [44]عن طريق ما توفره من إطارٍ للتعـاون وتنـسيق الجهود بين الدول الأعضاء فيها، بل إن العديد من المنظمات الدولية اتخذت مـن الأمـن الجمـاعي، وقد شكل قيام هيئة الأمم المتحدة خطوةً مهمةً على طريق تحقيق فكرة الأمن كمـسؤولية أساساً لقيامها [45]مشتركة بين الدول جميعها من خلال إرساء التضامن لردع العدوان، فانطلقت من أن أي عـدوان أو تهديد به ضد أي دولة عضو هو عدوان موجه إلى الدول الأعضاء كلّها ومن ثم تقع عليها مسؤولية، وقد تنوعت الأفكار الواردة في عهد الهيئة التي تُشكل أسـس تحقيـق الأمـن التضامن لردعه[46] الجماعي عبر معالجته في نطاقٍ عالميٍ شاملٍ، فمن الحل السلمي للمنازعات الدولية إلى الحـد مـن ظاهرة التسلح إلى تعزيز التعاون بين الدول في شتى المجالات، إلا أن أكثر ما يتجلى به هـو نـص المادة العاشرة من عهد الهيئة بما نص عليه من التزام الدول باحترام وضمان سلامة أقاليم بعضها بعضاً واستقلالها السياسي ضد أي عدوان خارجي، والمادة المادة السادسة عـشرة التـي تـضمنت، لكـن عقبـاتٍ عديـدةٍ حالـت دون تدابير متنوعةٍ كوسيلة بيد الهيئة لضمان تحقيق هذا الهدف[47] ديمومة الهيئة وآمال تحقيق الأمن الجماعي من خلالها لعل أبرزها تحقيق الهيئة للصفة العالميـة في ظل رفض بعض الدول تحمل مسؤولياتها في ظل نظام أمنٍ جماعيٍ لا تستأثر بالسيطرة عليه، إلى جانب عدم تحريمها الشامل لاستخدام القوة [48]

وعلى الرغم من ذلك كانت الهيئة محاولـة لوضـع نظام الأمن الجماعي على المحك، ورصد متطلباته، تمهيداً للانتقال إلى تجربةٍ أكثر نضوجاً تمثلت في الامم المتحدة التي أتت بمنهجية للسـلام الاجتماعي والاسـتقرار الأمني، وزوِدت بوسـائل سـلميةٍ، ويقـدم ميثـاق وقسريةٍ لتحقيق غاياتها التي كان على رأسها الحفاظ على السلم والأمن الدوليين الأمم المتحدة نموذجاً تتكامل عبره مجموعة دعائم لقيام نظام للأمن الجماعي على الصعيد الـدولي، يتضمن مجموعة مبادئ تحكم عمل المنظمة وسلوك الدول الأعضاء فيها، ويـنص علـى مجموعـة أجهزة كل منها مخول لأداء دور في إرساء هذا النظام، لكن يبقى مجلـس الأمـن صـاحب الـدور المركزي في تحريك آليات العمل الجماعي، من تدابير قسرية وغير قسرية التي تشكل وسيلةً لضمان السلم والأمن الدوليين والركيزة الأساسية لقيام منظمة الأمم المتحدة[49].

تدل على أن نظام الأمن الجماعي في ظل الأمم المتحدة إن مراجعة أهداف الأمم المتحدة ومبادئها يقوم على الحفاظ على السلم والأمن الدوليين[50] أو إعادتهما إلى نصابهما عن طريق تكـريس حظـر استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية؛ وتدل في الوقت نفسه على أن من بين الأهـداف التي تسعى هذه المنظمة لتحقيقها حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً وتنمية العلاقـات الوديـة بين الأمم المتحدة، ومن ثم على الرغم من أن نظام الأمن الجماعي قد أخذ بالحسبان التهديدات العـسكرية إلا أنه لم يغفل أهمية الاهتمام بجوانب أخرى غير ذات طابع عسكري، وهو ما أخذ يترسخ يوماً بعد يوم في إطار عمل الأمم المتحدة الأمر الذي يدل على أن مفهوم الأمن الإنساني قد ترعرع في أروقة الأمم المتحدة التي تضم من الأجهزة ما يكفل تطوره وتكريسه

أخرج مفهوم الأمن الإنساني مفهوم الأمن الجماعي من إطاره التقليدي الذي يعرف بالمفهوم السلبي للأمن الجماعي، ويأخذ بالحسبان غياب النزاعات المسلحة الدوليـة وضـمان الـسلامة الإقليميـة والاستقلال السياسي للدول، ليضعه في إطارٍ جديدٍ يهتم إلى جانب ذلك بالفرد كإنسان وما قد تتعرضهو على سبيل المثال يساوي بـين خـسارة له إنسانيته من مخاطرٍ فأعطى معانيمتعددةٍ للأمن الأرواح البشرية الناجمة عن عنف النزاعات المسلحة وتلك الناجمة عن مخاطر أخرى، كالأوبئـة و الفقر والمخاطر البيئية، بل إنه يذهب إلى أن الفارق الوحيد هو أن المخاطر المرتبطة بالفئة الثانيـة، وهو مـا أطلـق لديها قابلية أكبر للانتشار فقد تمتد لتشمل في تهديدها حياة فئة أوسع من البشر عليه جانب من الفقه المفهوم الإيجابي للأمن الجماعي، هذه المخاطر أوضحها تقرير الفريق الرفيع المستوى المعني بالتهديدات والتحديات والتغيير المعنون ” عالم أكثر أمناً: مـسؤوليتنا المـشتركة”، الصادر عن الأمم المتحدة عام 2004 الذي أكد أهمية إيجاد نظام مجدد للأمن الجماعي الدولي بأخـذ 85 التهديدات الجديدة للأمن بالحسبان وهو ما يشكل جوهر الأمن الإنساني [51].

وبهذه الصورة يصبح الأمن الإنساني مكملاً للمفهوم التقليدي للأمن، بوصفه يعالج مشكلات ويمتلـك وسائل لا توجد في ظل المفهوم التقليدي[52]، كما أنه من الممكن عده وسيلة للجمع بين بنود متعـددة على جدول أعمال الأمم المتحدة في مجالات السلم والأمن والتنمية وتحقيق التكامل فيما بينها.

ويجب عدم الفصل بين أمن الدول وأمن مواطنيها، فقد يتم تحقيق الأمن على مستوى الدول دون أن يطـال ذلك تحقيق أمن مواطنيها، بل قد تكون الدول في بعض الأحيان مصدر تهديدٍ لأمن الأفراد، كما أن أي نظام عالمي للأمن يجب أن يبنى من مستوى القاعدة، أي الأفراد، وحتى القمة أي الدول.

الخاتمة

ما سبق يمكن القول: إن جائحة كورونا كان لها الأثر الأكبر في تحقيق الأمن الإنساني يتطلب العمل على ثلاثة مستويات مختلفـة، فعلـى المستوى المحلي لا بدمن التوفيق بين الأمن على مستوى الدولة والأمـن الإنـساني وإبـراز دور المجتمع المدني في العمل على هذا المستوى، وعلى المستوى الإقليمي لا بدمن التنسيق والتعـاون في حل القضايا التي تتطلب العمل على هذا المستوى كما فـي حالـة التـصدي لقـضايا اللاجئـين والمشكلات الناجمة عنها، أما على المستوى الدولي فتبرز أهمية تعزيز التعاون متعدد الأطراف فـي تحقيق التنمية ومواجهة الجوع والفقر والمخاطر البيئية والاستجابة للجيل الجديـد مـن التهديـدات الأمنية، كما لا بدمن بعض الإصلاحات في نظام الأمم المتحدة بحيث يصبح أكثر استجابة لمتطلبـات الأمن الإنساني ووضع ضوابط لمنع إساءة استخدام هذا المفهوم كمبرر للتـدخلات الدوليـة غيـر المشروعة في شؤون الدول بذريعة عدم استجابتها لتحقيق متطلبات الأمن الإنساني فـي سياسـاتها الداخلية، وذلك في ظل اتساع عناصر هذا المفهوم وعدم وجود توافق دولي حول مضمونه

إذاً مفهوم الأمن الإنساني يكرس ويطور ويحقق الانسجام بين مفاهيم عدة موجـودة فـي القـانون الدولي، فهو يكرس مركز الفرد في القانون الدولي ويتناسب مع العديد من القواعد العرفية والاتفاقية التي تعالج وضعه، سواءكفرد أو كمجموعة أفراد، كما أنه يطور مفهوم الأمـن الجمـاعي الـدولي ويكسبه أبعاداً جديدةً، ومن شأنه التوفيق بين السعي لتحقيق الأمن الجماعي الدولي وحماية حقـوق الإنسان بحشد الجهود لجعل ضمان أمن الإنسان وسلامته هي غاية العمل الدولي، لكنه مـن جهـةٍ أخرى من الممكن أن يكون محلاً للجدل في سياق المسائل المرتبطة بالسيادة وحـدودها والتـدخل الدولي الإنساني، فمن الممكن أن يصبح الأمن الإنساني مبرراً جديداً لممارسة هذا التدخل بحجة عدم قدرة دولة ما على ضمانه لمواطنيها أو عدم رغبتها في ذلك، فيأتي دور طرف دولي ما، كأن يكـون منظمة دولية أو دولة أو مجموعة دول، لتأخذ المبادرة لتحقيقه، وهو ما يؤكد ضرورة وضع ضوابط قانونية لمثل هذا السلوك الذي من المحتمل تطوره وترسيخه على الصعيد الدولي.

المصادر والمراجع:

أنس. ل. كلود، النظام الدولي والسلام العالمي، ترجمة عبد الله العريان، دار النهضة، القاهرة، 1964م.

جاستونبوتول، الحرب ,والمجتمع، ترجمة عباس الشربيني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993م.

  1. محمد حسنين هيكل، الحل والحرب، شركة المطبوعات للنشر والتوزيع،بيروت،1983م.

إيمانويل كانط، نحو السلام الدائم، ترجمة نبيل الخوري، دار صادر، بيروت، ط/1، 1985م.

فريال حسن خليفة، الدين والسلام عند كانط، مصر العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2000م.

  1. طرشي ياسين، ادارة الامم المتحدة لعمليات حفظ السلام ما بعد الحرب الباردة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة باتنة، 2008. 2009.

حسن نافعة، دور الأمم المتحدة في تحقيق السلم والأمن الدوليين في ظل التغيرات الدولية الراهنة، مركز الدراسات العربية، القاهرة، ط/1، 1996م.

  1. علي أحمد حسن حاج، حرب أفغانستان التحول الجي واستراتيجي إلى الجيو ثقافي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، عدد 286، ديسمبر 2002م.

حسين عدنان السيد، نظرية العلاقات الدولية، دار امواج للنشر والتوزيع، بيروت، ط/1، 2003م.

جامعة الأمم المتحدة هي جامعة دولية تابعة للأمم المتحدة مقرها الرئيسي في العاصمة اليابانية طوكيو ولها فروع في بـاريس ونيويورك.

  1. وولفجانج أماديوس برولهارت ومارك بروبست، الأمن الإنساني: دور القطاع الخاص في تعزيـز أمـن الأفـراد، مركـز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الطبعة 1،أبوظبي، 2009،ص5

المراجع الأجنبية:

Louise Frechette: the United Nations Deputy Secretary-General, a statement to a high-level panel discussion on the occasion of the twentieth anniversary of the Vienna International Centre (VIC), Octover 9, 1999. 08/02/01

Definisions of Human Securiy, The global development research center” GDRC”, p.9 < http://www.gdrc.org/sustdev/husec/Definitions.pdf>

  1. GredOberleitner, Human security and human rights , p.10.

الهوامش:

  1. .أنس. ل. كلود، النظام الدولي والسلام العالمي، ترجمة عبد االله العريان، دار النهضة، القاهرة، 1964، ص 304

  2. جاستونبوتول، الحرب ,والمجتمع، ترجمة عباس الشربيني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص 10

  3. محمد حسنين هيكل، الحل والحرب، شركة المطبوعات للنشر والتوزيع،بيروت،1983، ص 81.

  4. .إيمانويل كانط، نحو السلام الدائم، ترجمة نبيل الخوري، دار صادر، بيروت، ط/1، 1985، ص 15.

  5. فريال حسن خليفة، الدين والسلام عند كانط، مصر العربية للنشر والتوزيع،القاهرة، 2000،ص 144 وما بعدها.

  6. .طرشي ياسين، ادارة الامم المتحدة لعمليات حفظ السلام ما بعد الحرب الباردة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة باتنة، 2008. 2009، ص 1

  7. طرشي ياسين، مرجع سابق،

  8. طرشي ياسين، مرجع سابق

  9. حسن نافعة، دور الأمم المتحدة في تحقيق السلم والأمن الدوليين في ظل التغيرات الدولية الراهنة، مركز الدراسات العربية، القاهرة، ط/1، 1996،ص97.

  10. .علي أحمد حسن حاج، حرب أفغانستان التحول الجي واستراتيجي إلى الجيوثقافي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، عدد 286، ديسمبر 2002، ص30.

  11. حسين عدنان السيد، نظرية العلاقات الدولية، دار امواج للنشر والتوزيع، بيروت، ط/1، 2003، ص212.

  12. ارتينا فيشر : المجتمع المدني ومعالجة المنازعات : التجاذبات والإمكانيات والتحديات، مركز البحوث برغهوف للإدارة البناءة للنزاعات، النسخة الأولى، 2006، ص06.

  13. ارتينا فيشر : المجتمع المدني ومعالجة المنازعات : التجاذبات والإمكانيات والتحديات، مركز البحوث برغهوف للإدارة البناءة للنزاعات، النسخة الأولى، 2006، ص06.

  14. عبد الغني عبد الحميد محمود : المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، طبعة 2003، مصر، ص 06.

  15. عبد الغني عبد الحميد محمود : المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، طبعة 2003، مصر، ص 06.

  16. .رجب عبد المنعم متولي : الأمم المتحدة بين الإبقاء والإلغاء في ضوء التطورات الدولية الراهنة، بدون طبعة، بدون دار نشر،. 60 ص، 2005

  17. ميثاق الامم المتحدة، المادة 3

  18. مايو كلنك. مرض فيروس كورونا 2019كوفيد19،2020)،موجود على الرابط وتم زيارتها بتاريخ 20/8/2020.https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/coronavirus/symptoms-causes/syc-20479963:

  19. نظر في ذلك كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى في افتتاح مؤتمر المرأة في مفهـوم وقـضايا أمـن الإنسان: المنظور العربي والدولي الذي عقدته منظمة المرأة العربية في أبو ظبي في المدة ما بين 11 -13/11/2008.هذا ويرى Baldwin David أن تحديد معنى الأمن مهما كان مستواه يتطلب الإجابة عن أربعة أسئلة جوهرية، مـن المطلـوب تحقيق أمنه؟ ما القيم التي يدافع عنها مفهوم الأمن؟ ما التهديدات التي تواجه الأمن؟ ما وسائل تحقيق الأمن؟ انظر في ذلك: KantiBajpai, Human Security: Concept and Measurement, Kroc Institute Occasional Paper #19:OP:1, August 2000, p.10

  20. GredOberleinter, Human security and human rights, european Training and research Centre For Human Rights And Democracy, Occasional paper series, Issue NO.8, June 2002, p1.

  21. غادة على موسى، إعادة النظر في استراتيجيات الأمن الإنساني في المنطقة العربية، أوراق مختارة من المؤتمر الدولي للأمـن الإنساني في الدول العربية، 14-15/3/2005،عمان، الأردن، نُشر من قبل منظمة اليونيسكو، 2008،ص11

  22. Alice Edwards, Human Security and the rights of refugees: transcending territorial and disciplinary borders, Michegan Journal Of International Law, Vol.30, p763.

  23. Human Security: Concept and Measurement, Op.cit,p.5-6. ومن المبادرات التي سبقت عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مبادرة استوكهولم حول الأمن والحكم العـالمي عـام 1991 فـي تقريرها المعنون “مسؤولية مشتركة في التسعينات” التي أكدت فيه التحديات الجديدة لمفهوم الأمن

  24. – Human Security: Concept and Measurement,Op.cit, p11-12.

  25. عبر التقرير عن الأمن الإنساني كما يلي: “human security is a child who did not die, a disease that did not spread, a job that was not cut, an ethnic tension that did not explode in violence, a dissident who was not silenced. Human security is not a concern with weapons-it is a concern with human life and dignity”

    تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1994،الفصل الثاني، بعد جديد للأمن الإنساني، ص22

  26. تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1994،مرجع سابق، ص2410 –

  27. ادة علي موسى، المرجع السابق، ص12.

  28. تقرير لجنة الأمن الإنساني المعنون “أمن الإنسان الآن: حماية الناس وتمكينهم”، نيويورك، 2003،ص4.

  29. أسستْ هذه اللجنة استجابةً لنداء الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، في تقرير الألفية المقدم إلى الجمعية العامـة 14 للأمم المتحدة، إذْ أعلن رئيس الوزراء الكندي آنذاك، جون كريتيان، في مؤتمر الألفية عام 2000 عن إنشاء لجنة دوليـة معنيـة بالتدخل والسيادة، تكون مهمتها دعم نقاش عالمي شامل عن العلاقة بين التدخل وسيادة الدول يقوم على أساس التوفيق بين واجـب المجتمع الدولي الذي يحتم عليه أن يتدخل أمام الانتهاكات الواسعة للقواعد الإنسانية وضرورة احترام سيادة الـدول، وفـي عـام 2001 انتهت اللجنة بعمل تقريرها حول سيادة الدول والتدخل ومسؤولية الحماية.

  30. قرير اللجنة الدولية المعنية بالتدخل وسيادة الدول “ICISS “عن مسؤولية الحماية، كانون الأول، 2001 ص 15.

  31. قرير الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان ” نحن الشعوب، دور الأمم المتحدة في القرن الحادي والعـشرين” عـام.2000

  32. Louise Frechette: the United Nations Deputy Secretary-General, a statement to a high-level panel discussion on the occasion of the twentieth anniversary of the Vienna International Centre (VIC), Octover 9, 1999. 08/02/01

  33. Definisions of Human Securiy, The global development research center” GDRC”, p.9 < http://www.gdrc.org/sustdev/husec/Definitions.pdf>

  34. جامعة الأمم المتحدة هي جامعة دولية تابعة للأمم المتحدة مقرها الرئيسي في العاصمة اليابانية طوكيو ولها فروع في بـاريس ونيويورك.

  35. definition of human security,Op.cit, p.2

  36. كيت كراوز، المرجع السابق

  37. كيت كراوز، المرجع السابق

  38. – كذلك المادة 25 من الإعلان نفسه والمادة “9 “من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعيـة والثقافيـة والمـادة “16 “من الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان

  39. قرير لجنة الأمن الإنساني المعنون “أمن الإنسان الآن: حماية الناس وتمكينهم”، مرجع سابق،ص.

  40. Errol Mendes: Human security, International organizations and international law: The Kosovo Crisis exposes the “tragic flaw” in the U.N. Charter, 1999.

  41. تقرير لجنة الأمن الإنساني المعنون “أمن الإنسان الآن: حماية الناس وتمكينهم”، مرجع سابق، ص.3.

  42. – GredOberleitner, Human security and human rights , p.10.

  43. د. مفتاح عمر درباش، دور مجلس الأمن في تسوية المنازعات وحفظ السلم والأمن الدوليين، المركـز العـالمي لدراسـات وأبحاث الكتاب الأخضر، دار الكتب الوطنية، بنغازي، 2007،ص127

  44. إسماعيل صبري مقلد، العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات، منشورات جامعة الكويت، الطبعة الثانيـة،.303ص، 1979

  45. د. محمد عزيز شكري، مدخل إلى القانون الدولي العام، منشورات جامعة دمشق، دمشق، ط8،2001،مرجع سـابق، ص 75.158

  46. د.حسن نافعة، الأمم المتحدة في نصف قرن: دراسة في تطور التنظيم الدولي منذ 1945،عالم المعرفة، رقم 202،المجلـس 76 الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1995،ص22.

  47. د. حسن طوالبة، نظام الأمن الجماعي بين النظرية والتطبيق: دراسة سياسية في ضوء تطور النظام الـدولي، عـالم الكتـاب 77 الحديث، أربد، دار جدار للكتاب العالمي، عمان، 2005،ص 101،99،98.

  48. د.علي حرب، نظام الجزاء الدولي: العقوبات الدولية ضد الدول والأفراد، منشورات الحلبـي الحقوقيـة، بيـروت، الطبعـة 78 الأولى، 2010،ص269.وقد لخص إينيس كلود تجربة عصبة الأمم في تطبيق نظام الأمن الجماعي بقوله: “إن تجربـة العـصبة في هذه الناحية كشفت عن إخفاقها في الانتقال بالأمن الجماعي من مجرد كونه فكرة نظرية إلى نظام له وجود فعلي في المجتمـع الدولي. ولم يكن إخفاق تطبيق نظام الأمن الجماعي راجعاً في الجانب الأكبر منه إلى عدم إلى عدم استطاعة هذا النظام أن يعمـل بنجاح، وإنما لأن هذا النظام لم يطبق في الواقع بطريقة تضمن نجاحه. إن المؤسسات الضعيفة التي قامت علـى تطبيقـه نـشأت وهي لا تبشر بأي أمل في إمكانية تحقيق هذا النظام على أي نحو فعال، إن مشروع الأمن الجماعي الذي تبناه ويلسون في أعقـاب الحرب، ربما أخذ نجاحه الأكبر في ميدان الإيديولوجية النظرية، ولكنه مني بالإخفاق على أيدي الدوائر التي كـان بيـدها اتخـاذ القرارات ووضع السياسات” ورد في إسماعيل صبري مقلد، المرجع السابق، ص314

  49. DaneshSarooshi, Op.Cit, p.6 يقسم الدكتور زهير الحسني نظام الأمن الجماعي في الأمم المتحدة إلى: أ- نظام الأمن الجماعي الإجباري: يضم هذا النظام مجموعة السلطات التي يمارسها مجلس الأمن عبر قراراته الملزمة. ب- نظام الأمن الجماعي الاختياري: ويشترك فيه كل من مجلس الأمن والجمعية العامة من خلال قراراتهما غير الملزمة. انظر في ذلك: د.زهير الحسني، التدابير المضادة في القانون الدولي، دمشق، 1988،دون دار نشر، ص118

  50. نظر المادة 1 المتضمنة أهداف الأمم المتحدة والمادة 2 المتضمنة المبادئ.

  51. وقد عرف هذا التقرير تهديد الأمن الدولي بأنه “أي حادثة أو عملية تؤدي إلى وقوع خسائر في الأرواح على نطـاق واسـع أو الحد من فرص الحياة وتلحق الضرر بالدول، بوصفها الوحدات الأساسية للنظام الدولي”، انظر وثيقـة الجمعيـة العامـة رقـم.إليه المشار التقرير المتضمنة، 2004 /12/2 تاريخ A/59/565

  52. وولفجانج أماديوس برولهارت ومارك بروبست، الأمن الإنساني: دور القطاع الخاص في تعزيـز أمـن الأفـراد، مركـز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الطبعة 1،أبوظبي، 2009،ص5.