البعد التداولي في الخطاب القرآني (سورة يوسف انموذجاً)

كاروان حمه باقي عبدالكريم1

1 جامعة اسطنبول آيدن، تركيا.

بريد الكتروني: abu.kardeen2016@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3151

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/01/2022م تاريخ القبول: 25/12/2021م

المستخلص

يتناول هذا البحث تقصي الأبعاد التداولة في القرآن الكريم من خلال “سورة يوسف”، وقامت الدراسة على رصد درجات التداولية الثلاث، كما أشار إليها “هانسون” ممثلة في والأفعال الكلامية الإشارات والحجاج.

وقد اقتضت طبيعة هذا البحث أن يكون في ثلاث فصول؛ ،فأما المقدمة فقد تناولت فيها تعريف التداولية وأهمية الموضوع وصعوبات التي واجهتها. وأما التمهيد فقد تناولت فيه المعنى اللغوي والاصطلاحي للتداولية، ثم أشرت إلى تعالقها بمختلف العلوم الأخرى, كما تحدثت عن الخطاب القرآني.

وأما الفصل الأول كان الحديث عن الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي وفي منظومة البحث اللغوي الغربي المعاصر ومن ثم كان الحديث فيه عن الأفعال الكلامية ومحدداتها في السورة.. وفي الفصل الثاني تطرقت إلى موضوع الحجاج ومفهومه، في التراث القديم وعند المحدثين، ومفهومه عند الغرب قديما وحديثا، ودلالاته في القرآن الكريم، وأشكاله وأنواعه ثم تعرضت فيه إلى الآليات البلاغية للحجاج المتوفرة في السورة. ومدى تحقق قيمتها الحجاجية. تناولت في الفصل الثالث الإشارات في معناها وتعريفها وأنواعها وتتبعت فيه الآليات الإشارة في السورة موضوع الدراسة في أنواعها الثلاثة وكل محددات الإشارات الشخصية و المكانية والزمانية. وفي الأخير، خاتمة كانت خلاصة لما توصلت إليه في البحث.

الكلمات المفتاحية: الأبعاد التداولية – الخطاب القرآني – الإشارات – الحجاج – الأفعال الكلامية.

Research title

The deliberative dimension in the Qur’anic discourse

(Surat Yusuf as a model)

Karwan Hama Baqi Abdul Karim1

1 Istanbul Aydin University

Email: abu.kardeen2016@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(1); https://doi.org/10.53796/hnsj3151

Published at 01/01/2022 Accepted at 25/12/2021

Abstract

This research deals with the investigation of the dimensions traded in the Holy Quran through “Surat Yusuf” The study was based on monitoring the three degrees of pragmatics, as referred to by “Hanson” represented in verbal acts, signs and arguments, The nature of this research required that it be in three chapters , As for the introduction, it dealt with the definition of pragmatics, the importance of the topic, and the difficulties it faced . As for the preface, it dealt with the linguistic and idiomatic meaning of pragmatics. Then I referred to its relationship with various other sciences, as I talked about the Qur’anic discourse As for the first chapter, the talk was about verbal verbs in the Arabic linguistic heritage and in the contemporary Western linguistic research system, and then it was about verbal verbs and their determinants in the surah. And recently, and its implications in the Noble Qur’an, and its forms and types, then I was exposed in it to the rhetorical mechanisms of pilgrims available in the surah. and the extent to which its pilgrimage value is achieved. In the third chapter, I dealt with the signs in their meaning, definition and types, in which the mechanisms of the sign in the surah under study were followed in their three types and all the determinants of personal, spatial and temporal signs. Finally, a conclusion was a summary of what I found in the research

Key Words: pragmatic dimensions – Quranic discourse – signs – pilgrims – verbal verbs.

مقدمة

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وكماله, والصلاة والسلام على محمد وآله , أما بعد:

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وزينه وكرمه بالعقل، لذلك كان ومازال العقل البشري منصبا على دراسة مختلف العلوم وظواهرها، فاقتضى منه ذلك البحث إيجاد أفضل المناهج التي تمكنه من الوصول إلى الهدف بموضوعية، أسهمت المدارس اللسانية فيما قدمته من دراسات بمناهجها: التاريخية، البنوية، التوزيعية، التحويلية التوليدية، التداولية – خاصة في الدراسات اللسانية المعاصرة، التي أعادت الاعتبار للعامل غير اللساني ، بتفعيل السياق في العملية التواصلية، جعل أفعال الكلام شرطة لنجاحها.

من خلال هذا المقال نحاول أن نشيرالى مفهوم التداولية وربطه بالقرآن الكريم كونه أصدق الكلام وأفضل مقال, وندرس موضوع الحجاج في القرآن الكريم من خلال دراسات اللغوية التداولية, سائلين الله أن يجعله سهلا يسيرا علينا…..

مباحث النظرية في التداولية والخطاب

إن مصطلح Pragmatics الذي يعني التداولية هو في الأصل اليوناني من الجذر (Pragma) الذي يعني العمل Action، ومنه اشتقت الصفة اليونانية Pragmatikos التي تحيل على كل ما يتعلق بمعاني العمل ) ([1])

. وايقترن بالمصطلح في اللغة الفرنسية المعنيان التاليان: ( محسوس) و(ملائم للحقيقة)، أما في الإنكليزية، وهي اللغة التي كتبت بها أغلب النصوص المؤسسة للتداولية- فإن كلمة Pragmatics تدل في الغالب على ما له علاقة بالأعمال والوقائع الحقيقية» ([2])

التداولية: ❖التداولية لغة:

التداولية أو التداوليات أو البراغماتية أو البرجماتية أو الوظيفية أو السياقية… دوال متواترة في اللغة العربية في مقابل كلمة pragmaticus اليونانية ، المشتقة من Pragma وتعني الحركة أو الفعل Action بيد أن مصطلح التداولية يظل الأكثر استعمالا وشيوعا بين الباحثين. وهو مصطلح مركب من وحدتين إحداهما معجمية “تداول” والأخري صرفية “ية ” دالة على مصدر صناعي

وجاء في مقاييس اللغة لابن فارس (ت 395هـ) أن: (الدال والواو واللأم أصلان: أحدهما يدل على تحول شيء من مكان إلى مكان، والآخر يدل على ضعف واسترخاء. فأما الأول فقال أهل اللغة: اندال القوم، إذا تحولوا من مكان إلى مكان، ومن هذا الباب تداول القوم الشيء بينهم: إذا صار من بعضهم إلى بعض)([3])

التداولية اصطلاحاً:

أما عن مصطلح التداولية كما يعرفه الغرب ب : (pragmatique) ظهر لأول مرة سنة (1938م)، على يد الفيلسوف الأمريكي (شارل وليام موریس Charles William | Morris)

في حين يعرض “فيرشورن” تعريف عريضة بقوله (تدرس التداولية كل شيء إنساني في العملية التواصلية، سواء كان نفسية أو بايولوجية أو اجتماعية) ([4]) يضع النفسن” تعريفه أضيق فيقول (التداولية دراسة العلاقات بين اللغة والسياق كما هي مقعدة أو كما تعكسها بنية اللغة)([5])

أما مصطلح (التداولية) العربي الذي يرجع الأصل في إطلاقه إلى طه عبد الرحمن، وذلك سنة 1970 ([6])

كما حدد ” مسعود صحراوي ” مفهوم التداولية من خلال كتابه: « التداولية عند العلماء العرب » بأنها: « مذهب لساني يدرس علاقة النشاط اللغوي بمستعمليه وطرق وكيفيات استخدام العلامات اللغوية بنجاح، والسياقات والطبقات المقامية المختلفة التي ينجز ضمنها ” الخطاب “، والبحث عن العوامل التي تجعل من ” الخطاب ” رسالة تواصلية واضحة وناجحة، والبحث في أسباب الفشل في التواصل باللغات الطبيعية…» ([7])

● الخطاب القرآني

الخطاب: Discours ❖ مفهومه لغة:

جمعت معاجم العربية على ما جاء في “لسان العرب” في تعريف الخطاب لغة بقوله: «خطب: الخطب: الشأن أو الأمر، صغر أو عظم؛ وقيل: وهو سبب الأمر. يقال: ما خطبك؟؛ أي: ما أمرك؟ وتقول: هذا خطب جليل، وخطب يسير. والخطب: الأمر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن الحال، (…)، وفي التنزيل: (قال ما خطبكم أيها المرسلون) ([8])

، وجمعه خطوب»([9])

مفهومه اصطلاحاً:

ورد لفظ الخطاب في الثقافة العربية، في عدة مواضع؛ إذ ورد في القرآن الكريم بصيغ متعددة منها صيغة الفعل([10])

، نحو قوله تعالى: (وإذا خاطبهم الجهلون قالوا سلاما) ([11])، والمصدر في قوله تعالى: (رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن لا تملكون منه خطابا ) ([12]) وفي قوله لداوود عليه السلام: (وشددنا ملكه واتيناه الحكمة وفصل الخطاب)([13])

الحجاج في سورة يوسف

لا تكاد تخلو كتب التراث العربي الإسلامي وغيرها من تداول مصطلح الحجاج، أو “الاحتجاج” أو “المحاة في عدة مجالات، خاصة في المسائل ذات الطابع الفكري والفلسفي، التي تستدعي الإقناع والتأثير، ويعتريها الخلاف في وجهات النظر والتأويل، هكذا نجده مستعملا في علوم شتی نحوا ولغة وقراءة وحديثا وفقها وأصولا ومنطقا وفلسفة… لذا تعددت تعريفاته، ودارت حول عناصر موضوعية وبنائية ووظيفية شتى، فميدان الحجاج واسع، فتحت له أبواب البحث والدراسة لارتباطه بعلوم كثيرة.

وكان العلم البلاغة الدور الكبير في إبراز أهمية الحجاج أثناء التخاطب، ذلك أنها ترتكز على جانبين اثنين في الخطاب هما:

1- البيان.

2- والحجاج لغاية إقناع المستمع.

وكان الحجاج يستمد حدوده من مرجعية خطابية وخصوصية الحقل يندمج في استراتيجياته الفردية والجماعية، ولا غرابة والحال هذه أن هناك حجاجا خطابيا (لسانيا)، وحجاجا (بلاغا)، وآخر قضائيا أو سياسيا أو فلسفيا…

لذا فمن المفيد جدا لأجل التوضيح، أن نبين وضعية مفهوم الحجاج في مجالاته الاستعمالية الأساسية، لنعطي أوسع الآفاق لدلالاته، فوظيفته المفهومية والمنهجية، قد لا تتحدد إلا في سياقها الخاص، فعلينا أن نكون اطلاعا معرفيا أوليا حول المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الحجاج.

  مفهوم الحجاج: الدلالة اللغوية للحجاج:

تكاد تجمع المعاجم العربية في تعريفها للحجاج على ما جاء في “لسان العرب” لابن منظور”: «يقال حاججته، أحاجه حجاجا حتى حججته: أي غلبته بالحجج التي أدليت بها (…) والحجة: البرهان وقيل : الحجة: ما دافع به الخصم، وقال “الأزهري”: الحنية الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة، وهو رجل محاجج، أي جدل وفي الحديث: فحج آدم موسى أي؛ غلبه بالحجة».([14])

وإذا رجعنا إلى “ابن فارس” وجدناه يحصر مادة (حجج) في أربعة معان كبری: «الحاء والجيم أصول أربعة:

1- فالأول: القصد: وكل قصد حج… ثم اختص الاسم القصد إلى البيت الحرام.

2- والأصل الآخر: الحجة، وهي السنة.

3- والأصل الثالث: الحجاج: وهو العظم المستدير حول العين.

4- والأصل الرابع: الحجحجة: النكوص»([15])

نظرية السلالم الحجاجية:

تطرح هذه النظرية تصورا لعمل المحاججة من حيث هو تلازم بين قول الحجة ونتيجتها، لكن قول الحجة والنتيجة في تلازمها تعكس تعدا للحجة في مقابل النتيجة الواحدة على أن هناك تفاوتا من حيث القوة فيما يخص بناء هذه الحجج، كما أن الحجج قد تنتمي إلى قسم واحد كقولنا: الطالب مجتهد (ن) فقد نجح في المسابقة بامتياز (ق 1) وتحصل على جائزة الجامعة (ق2) ([16])، « والسلم الحجاجي هو علاقة ترتيبية للحجج»([17]) . وكمثال على ذلك جملة: “الطالب مجتهد نجح في المسابقة بامتياز”. ويمكن تمثيلها على النحو الآتي:

تحصل على جائزة

– بامتياز

– نجح في المسابقة

– الطالب مجتهد

أ- أهمية نظرية السلالم الحجاجية:

إن مفهوم السلم الحجاجي في الخطاب من حيث تركيزه على مبدأ التدرج في توجيه الحجج يبين أن المحاجة اللغوية لا ترتبط بالمحتوى وإحالة هذا المحتوى على مرجع محدد، بل هي رهينة القوة والضعف الذي ينفي عنها الخضوع لمنطق الصدق والكذب، وما تجدر الإشارة إليه أن المتكلمين يختلفون في بناء منظومة السلالم إذ أنها متسمة بالخصوصية والذاتية، فالبعض يلخص موقف خصومه، والبعض الآخر يدمجه في برهانه ويتبناه مؤقتا، وتخضع نظرية السلم الحجاجي عند “دیكرو” إلى قانوني النفي والقلب ، فالأول يعني أن نفي حجة الرأي الأول هي حجة للرأي المخالف، وأما الثاني فيعني كون السلم الحجاجي للأقوال المثبتة هو عكس السلم الحجاجي للأقوال المنفية، ومن صور الإفادة من السلم الحجاجي في الخطاب الإشهاري التصريح بالعلامة أو الماركة، فهذه الاستراتيجية الخطابية في حد ذاتها حجة تصنف في أعلى الستلم الحجاجي بناء على المعرفة الخلفية المخزونة في ذهن المتلقي.

ب- المبدأ الحجاجي

يشير إلى المسلمات والأفكار السائدة اجتماعيا، والتي تضمن ترابط الحجج والنتائج في الخطاب مع التصديق بصحتها واقعا، فالكل يعتقد بأن العمل يؤدي إلى النجاح و هبوط درجة الحرارة يؤدي إلى نزول المطر .. إلخ، وبالجملة مكن القول بأن المبادئ الحجاجية العامة تعبر عن الضمير الجمعي في رؤية العالم، والتعارض الخطابي ناتج في الأصل عن التعارض في المبادئ الحجاجية.

ج – المواضع : ([18])

يعد الموضع فكرة مشتركة ومقبولة لدى جمهور واسع عليها يرتكز الاستدلال اللغوي في الخطاب، والموضع من حيث الشكل يتحدد بعلامة أكثر وأقل ضمن منطقة قوة محددة توصف من خلال العلاقات التالية: (+،+)، (+،-) ،( +)، (-،-)، والمثال التالي يوضح ذلك:

1) اشتر لزينب هذه القصة فثمنها عشرون دينارا (+،+).

2) لا تشتر لزينب هذه القصة فثمنها عشرون دينارا (-+).

3) اشتر لزينب هذه القصة فما ثمنها إلا عشرون دينارا (+،-)

4) لا تشتر لزينب هذه القصة فما ثمنها إلا عشرون دينارا (-،-).

وعليه فيمكن القول أن الجملة التي تنجز في مقام مخصوص لا تفضي إلى نتيجة محددة إلا الإحالة على موضع من المواضع .

انطلاقا مما سبق طرحه نخلص إلى القول أن الغربيين تمسكوا بالإرث الأرسطي تمسكا واضحا في مفهومه للحجاج، وأرادوا إخراجه في ثوب جديد، وهذا جوهر الخلاف في مسألة الحجاج مع العرب؛ لأن العرب مفهومهم للحجاج نابع من ثقافتهم ودينهم. كما أن بناء القول الحجاجي يتشكل عن طريق تفاعل بنياته اللسانية وبناء المنطقية، إذ هي عناصر أساسية وضرورية لنجاح العملية الحجاجية.

● الحجاج في الدرس العربي والغربي

الحجاج عند العرب: أ- قديما:

للحجاج جذور قوية ضاربة في القدم، فقد أدى دورا مهما في الحياة العقدية و السياسية، علاوة على استخدام البنية الحجاجية في الخطاب العلمي البلاغي على نحو ما نرى دفاع “عبد القاهر الجرجاني” عن إعجاز القرآن الكريم بإقناع الناس بنظرية النظم، مما طبع دلائله بطبيعة حجاجية واضحة، كما شغل الحجاج بعض القدماء جنسا خاصا من الخطاب، ويتطور المفهوم الحجاجي حسب تعرض المهتمين به. ففي البلاغة العربية) نجد “الجاحظ (255هـ) تعرض للحجاج على أنه “البيان” ويرى أن: «مدار الأمر والغاية التي يجري إليها القارئ و السامع إنما هو الفهم و الإفهام، فبأي شيء بلغت الإفهام وأوضحت المعني، فذلك هو البيان في ذلك الموضع”، ويوضح مفهوم البلاغة والبيان مستشهدا بما لدى الهنود إذ يقول: «أول البلاغة اجتماع آلة البيان، وذلك أن يكون الخطيب رابط الجأش، ساكن الجوارح، قليل اللحظ، متخير اللفظ لا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة ولا الملوك بكلام الستوقة»([19])

، فالحجاج يتم عند الجاحظ «بإفهام القائل السامع قصده بوضوح، بمراعاة مقامات المتكلمين والمستمعين المتفاوتة».([20])

كما اهتم “الجاحظ” بالفعل اللغوي واعتبره الأساس لكل عملية بيانية حجاجية، «والكلام في نظره لا يمكن تمييزه عن البلاغة فهو يضطلع في حياة الفرد بوظيفتين أساسيتين هما: أولا الوظيفة الخطابية وما يتصل بها من إلقاء وإقناع واحتجاج ومنازعة ومناظرة،

والثانية: “البيان والتبيين” أو “الفهم والإفهام”»([21]). ومفهوم البيان عنده تتنازعه وظيفتان أولاهما إفهامية والثانية حجاجية (إقناعيهـ)، ومن العوامل التي جعلت الجاحظ” يهتم بالنزعة الحجاجية، انتماؤه المذهبي إلى المعتزلة وتصدره للدفاع عن العديد من أطروحاتهم.

وفي سبيل إيلاء أهمية بالغة للمقام في الفهم والإفهام، يقول “أبو هلال العسكري” (1392): «فإذا كان موضوع الكلام على الإفهام، (…) فالواجب أن تقستم طبقات الكلام على طبقات الناس، فيخاطب كلام السوقي بكلام الستوقة والبدوي بكلام البدو، (…) ويتجاوز به ما يعرفه إلى ما لا يعرفه، فتذهب فائدة الكلام، وتعدم منفعة الخطاب».([22])

ب- الحجاج حديثا:

إن موضوع الحجاج في الدراسات العربية المعاصرة قد غدا علما قائما بذاته، مؤتمرا بجملة من النظريات المعرفية التي تضبط أوجه استعمالاته في المجالات المختلفة، وقد قادت اجتهادات الغربيين في منتصف القرن الماضي- المفكرين العرب إلى بناء موقف حول هذا الدرس الجديد بالنسبة إليهم، والضارب في أعماق تراثهم في الوقت نفسه، كما منحتهم الفرصة في إدراج مبحث الحجاج في منطق تفكيرهم([23])

سنتعرض لأهم المدارس العربية التي اهتمت بمجال البلاغة المعاصرة بصفة عامة وبلاغة الخطاب بصفة خاصة، وسنبدأ بالمدرسة المصرية، من حيث الأسبقية التاريخية، لأنها تعتبر رائدة النزعة الإحيائية والتطورية سواء على المستوى الإبداعي الشعري والتثري أو على مستوى التنظير النقدي عامة والبلاغي خاصة.

وحاولت هذه المدرسة إعادة قراءة التراث البلاغي في ظل المقولات النقدية المعاصرة، «وتوالت بعد ذلك الدراسات البلاغية والأسلوبية على حد الستواء محاولة الاستفادة من الدرس النقدي الغربي، لكن يلاحظ أن معظم هذه الدراسات غلب عليها الاهتمام بإعادة بعث التراث العربي القديم بدءا من الجاحظ وصولا إلى “السكاكي” و “القزويني” و”السيوطي”، فقد اهتمت بالتاريخ الذي قطعته البلاغة العربية منذ عصر التدوين حتى عصر التقعيد الرسمي والقبولية النظرية».([24])

لكن المتتبع لحركة البحث في البلاغة المعاصرة داخل المدرسة المصرية سيجد أن كتاب (بلاغة الخطاب وعلم النص) ل “صلاح فضل” يعد من بواكير المصنفات في حقل الدراسات النقدية المعاصرة التي تهتم ببلاغة الحجاج” وبرائدها “بيرلمان”، وقد كان في كتابه هذا يهدف لتبيان أوجه الإقناع في مرحلة دفعته إلى الانتباه إلى “الحجاج”.

وإذا عرجنا إلى المدرسة المغاربية” فإننا نجد جهود “محمد العمري” الذي كانت له الريادة في ذلك، لانتباهه المبكر إلى دور الحجاج في قراءة النصوص البلاغية والخطابية، وهو انتباه ولده لديه اطلاعه المكثف على نصوص التراث العربي والغربي قديمهما وحديثهما. ([25])

ويركز “محمد العمري” في قراءته هذه على الأبعاد التداولية في البلاغة العربية القديمة وعلاقتها بمختلف العلوم الأخرى، لكنه قبل أن يصل إلى تلك الأبعاد نجده يتبع مسيرة البلاغة العربية في اهتمامها بالحجاج من جهة وفي علاقتها بالنصوص الأرسطية من ناحية أخرى.

الحجاج عند الغرب: أ- الحجاج في الفكر الغربي قديما:

أ-1- الحجاج عند السفسطائيين:

تعتبر “الستفسطائية” حركة فلسفية وظاهرة اجتماعية برزت في القرن الخامس قبل الميلاد وقد «تميز روادها بالكفاءة اللغوية وبالخبرة الجدلية، وقد أدى وجودهم دورا كبيرا في تطوير البلاغة القولية التواصلية والحياة الفكرية عامة»([26])، وكانوا يعقدون نقاشات ذات منزع لغوي، الأمر الذي أسفر عن اهتمامهم البالغ بالطرائق الحجاجية والإقناعية.

وقد كان للحجاج والبلاغة الستفسطائية عمق وجدوى، متأتيان من تصورهم للخطاب ومن دوره في تحقيق الوجود وتجسيد الحضور ونفي الغياب، وإن كان هذا الحضور يظل مجازيا إذ هو تجسيد صوتي للغياب العيني، ومن هنا كانت الخطابة والحجاج لإحداث التفاعل الوجودي بين البشر.

وعمد السفسطائيون في «ممارستهم للحجاج إلى بناء حججهم على فكرة “النفعية” المتعلقة باللذة وقد أفضت بهم هذه الفكرة إلى توجيه الحجاج بحسب مقتضى المقام، وتعتبر فكرتا “التوجيه والتوظيف” من الأفكار السفسطائية التي سيكون لها دور بنائي قوي في معظم البحوث الحجاجية المعاصرة”([27])

ويؤكد «أفلاطون أن الحجاج نوعان: إقناع يعتمد العلم وآخر يعتمد الظن»([28]). وهو موضوع الخطابة السفسطائية، وقد رأى أفلاطون” في حجاجه مع السفسطائيين أن هذا النوع الذي يعتمده السفسطائية في طرقهم لإقناع العامة غير مفيد فهو لا يكسب الإنسان المعرفة.

ورأى ” أرسطو” أن خطابهم مبني على أغاليط دلالية متنوعة يتم فيها التلاعب بمعنى المقدمات كي يكون القياس مخالفا للمتوقع وموافقا لمارب السفسطائي الذي يتعمد بالأساس في حجاجه على التفنن في توجيه اللغة فيعتمد على عمليتين في هذا النوع الحجاجي «فلإنجاز المرحلة الأولى يقوم السفسطائي بالاعتماد على ثلاث وحدات لغوية تتميز بما تحمله وتنشئه من تعدد دلالي، وهذه الوحدات بعضها معجمي (الاسم المشترك) وبعضها صرفي (شكل اللفظ) و الثالث صوتي (النبر)، فبهذا يظهر السفسطائي حجاجه متناسقا رغم ما بداخله من عوامل التفكك والتناقض، أما العملية الثانية فيستخدم ما أسماه “أرسطو” (التركيب) ويتمكن بناء على ذلك من إحداث انزلاق في الحكم».([29])

أ-2- الحجاج عند أرسطو:

ارتكزت دراسة “أرسطو” للحجاج على دعامتين أساسيتين: الأولى يختزلها مفهوم الاستدلال والثانية تقوم على البحث اللغوي الوجودي([30])، فالاستدلال الحجاجي عند “أرسطو” «تفكير عقلي بواسطته يتم إنتاج العلم»([31])

وهذا الاستدلال لا ينطلق من فراغ بل من معارف سابقة، وبالتالي يمكن أن نستعمل الاستدلال الحجاجي في الخطاب الفلسفي والبلاغي، «بوصفه تلك المنهجية التي يسلكها الفيلسوف والبلاغي بهدف إرساء حقيقة معينة ضمن مدار واحد، ومركز هذا المدار عرض الحقيقة العقلية أو اللفظية عرضا استدلاليا متماسكا تواكبه اجراءات حجاجية معروضة في تناسق مع إنجازات لسانية وبلاغية وغيرها».([32])

● آليات الحجاج اللغوية في السورة

الحجاج القرآني هو الحوار الذي يراد به الإبانة والإبلاغ والإقناع، وذلك باستخدام الدلائل العقلية والعلمية واللغوية والفطرية والواقعية، والبينات القرآنية والكونية في الأنفس والآفاق، إثباتا لحقيقة الإسلام والإيمان بالله ولقائه ورسله وجزائه، وقضايا الأخرة بعثا وحشرا ونشرا وعرضا وحسابا ومصيرا

اشتمل القرآن الكريم على العديد من القصص بأساليب مختلفة، واستنتاجات عظيمة، وكانت سورة يوسف حافلة في جوهرها بأسلوب العقلاني ألا وهو الحجاج في كل فترة مرت على سيدنا يوسف – عليه السلام -، وقد استخدمه لتقديم حجة بليغة وبرهان وذلك الإقناع المخاطب بما يقال، وسنبين ذلك في بعض ماجاء في السورة:

1. حجاج إخوة يوسف لأبيهم

لما أحس الإخوة بتفضيل أبيهم يعقوب – عليه السلام- يوسف وأخيه ” ونحن عصبة” أي أكبر سنا والأكثر عددا، فكيف يفضلهما علينا بالمحبة “إين أبانا لفي ضلال” أي خطأ في تدبيره.

فإجتمعوا على تدبير مكيدة له وهو إلقاءه في الجب، بعد أن “قال قائل منهم” أي أحد الإخوة، وهو عدم قتله، فقتله أشد إثما، وبذلك محاولين إقناع الأب بأخذه معهم ليلعب ويرتع بشرط أن يحموه ويحافظوا عليه، قال الله تعالى: “إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا بينا ونحن غصبة إن أبانا لفي ضلال مبين، إقتلوا يوسف أو إطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيگم وتكونوا من غيره وما صالحين، قال قائل مهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابات الجب يلتقط بعض السيارة إن كنتم فاعلين، قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له الناصځون، أرسله معا غدا يتغ ويلعب وإنا له لحافظون، قال إني ليتني أن تقوا به و أخاف أن يأكله البيب وأثم غافلون، قالوا لين أكله الذئب وخ غصبة إنا ن لخاسرون فلما ذهبوا به وأجمعوا على أن يجعلوه في غيابات الجب وأوحينا إليه أثبتهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ، وجاءوا أباهم عشاءا يكون، قالوا يا أبانا إنا هنا نستيق وتركنا يوسف عند مثاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين، وجاءوا على قميصه بدم گذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون” ([33])

المتأمل في هذه الآيات يرى إبتداءها بلام التوكيد، وذلك بقصد القول وتحقيق بالفعل، وهم لا يشكون في حب أبيهم ليوسف عليه السلام- وأخيه، وقد بينت الآيات درجة التفاوت في الحقد والضغينة كما هو واضح وجلي في قوله تعالى (والمشروح سابقا) ([34])

قد وصل إخوة يوسف إلى حد التفكير في أن النبي يعقوب – عليه السلام- في ضلال في حب يوسف وأخيه (( إن أبانا لفي ضلال مبين)) ([35])

وقد استعملوا أسلوب الأمر، وهم غير مترددين في فعلتهم بل جادين مواصلين متشاورين في الإتيان بالفعل، “قتلوا يوسف أو إطرحوه أرضا”، وهو التخلص منه إما بالقتل أو رميه في أرض قاحلة، وذلك ليخلو قلبه عن حب يوسف و يتحول حبه إليهم، وبعد الجريمة يتوبون “وثكونوا من بعيره وما صالحين”.

وقد جاء أسلوب أمر ونهي المتمثل في قوله تعالى ((لا تقتلوا يوسف و القوة في غيابات الجب))، المستعملين في النصح والإرشاد، وبعد أن عزموا، ذهبوا إلى أبيهم طالبين منه أن يترك يوسف يذهب معهم “وإنا له لحافظون”، وقد جاء قبل هذه الأية أساليب عديدة تمثلت في:

أسلوب النداء: “يا أبانا”.

أسلوب الإستفهام: “مالك لا تأمنا على يوسف”

أسلوب الأمر: “أرسله معنا غدا يلعب ويرغ” المتمثل في الحث على إرساله والإغراء في حفظه.

أسلوب التوكيد:”ان له لحافظون”، التعهد في الحماية ([36])

وهذه الأساليب استعملها الإخوة لإقناع الأب، وهي لم تستعمل إلا في الإفتراء والكذب والتنمية في الكلام وذلك لتصديق يعقوب -عليه السلام-، وقد إصطنعوا حب أخيهم ولبسوا قناع اللاكراهية والحماية وذلك في قوله تعالى: ((قالوا لين أكله الذئب ونحن غصبة إلا إذا لخاسرون)) ([37])، وهمهم الأكبر هو التخلص من يوسف عليه السلام.

ورغم الحوار واستئمان أبيهم على أخيه ، إلا أنه لم يكن مرتاحا وذلك في قوله تعالى: (( قال إني ليختني أن تذهبوا به و أخاف أن يأكله الأب وأثم غافلون )) ([38]).

لم تجد المحاورة بين الأب وأبناءه نفعا، للمحافظة على أخيهم وأصروا على فعلتهم، وهانت عليهم الأبوة والأخوة، وذلك في قوله تعالى:(( فلما ذهبوا به وأجمعوا على أن يجعلوه في غيابات الجب وأوحينا إليه لثتيهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون )) ([39]).

وهنا قد أحاط الله تعالى النبي يوسف عليه السلام بالعناية ([40])، وبشره بقوله” لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون”، وجاء الإخوة في الليل متصنعين الحوادث والبكاء، فقد ادعوا في الأقوال والأفعال متأسفين في فقدان أخيهم، وذلك في قوله تعالى: (( وجاءوا أباهم عشاءا يبكون، قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين )) ([41])

قد تعذروا بعذر كاذب، قائلين ” يا أبانا إنا ذهبنا نستبق”، أي نتسابق في الجري والرمي بالسهام وتركناه عند زادنا، فأكله الذئب، متأكدين من بطلان حجتهم وعدم تصديق النبي يعقوب لهم، فقالوا: “وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين” ([42])

وبالإضافة أنهم إختاروا الليل لأنه مناسب للتمويه، وعدم كشف ملامحهم الحقيقية في رواية ماحدث ولأن الليل ستار ظلامه حالك، إختاروا ذلك الوقت لخداع والدهم وتصديقه لهم وحتى لا يشك بفعلتهم، إلا أنهم تسرعوا في حبك الجريمة، أن جاءوا على قميص يوسف بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ، لذلك كانت الحجة ناقصة وملغاة من الحقيقة ([43])

ورغم ذلك كان حزن النبي يعقوب على طريقة الأنبياء، كما هو موضح وصريح في قوله تعالى: )) قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصون)) ([44])

وعليه ننفي عنه تعدد الروايات بشأن حزنه، فهو لم يكن حزن بالمعنى الجاهلي المتمثل في الضرب والصراخ والعويل……… إلى غير ذلك، بل كان صابرا محتسبا متأملا مستعينا بالله سبحانه وتعالى.

ومن ذلك فإن الحجج القائمة في هذه الآيات والمحاورات أتت للإطاحة بيوسف عليه السلام وإبعاده عن أبيه، وقد جسدت السورة الكريمة سوء الأخلاق والمعاملة، والضغينة والحسد الذي قد يحمله الأبناء في تفضيل بعضهم على بعض، والمكائد التي تنجم عنها.

2- حجاج إمرأة العزيز للنسوة :

لما سمعت النسوة بالخبر راحت كل واحدة منهن تتكلم عن الحادثة، وتحتقرن امرأة العزيز (زلخية)، أنها وقعت في حب فتاها وهي التي ربته في بيتها، فكان على إمرأة العزيز أن تدبر أمرا لتسقطهن وتخرصهن عنها، فأعدت لهن مأدبة وقامت بإستدعائهن، قال الله تعالى: “وقال نسوة المدينة إمرأت العزیز تراود قاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين ، فلما سمعت بمكره أرسل إليه وأعد لهن ممكنا وءا كل واحدة منهن سكينا وقالت فرج عليهن لما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن ولن خاش پلو ماها بشرا إن هذا الا مل كريم، قالت لكن الذي ألمني فيه ولقد راوه عن نفسه فاستعصم ولين لم يفعل ما أمره لسجن ويكون من الصاغرين، قال رب الستين أحب إلي مما يدلخوئيني إليه وإلا تصرف عني گيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين، فاستجاب له ربه قصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم” ([45])

وبعد مجيئهم للزيارة وجلوسهن أعطت لكل واحد منهن سكينا، لقطع الطعام به، “فلما رأينه أكبرنه ” أي أعظمنه وأجلنه ، فمن الدهشة “قطعن أديهن”، أي جرحن من الدهشة أيديهن وقلن “حاش لله” معاذ الله “ماهذا بشرا” أي من الجنس البشري، لأن جماله غير معهود ، “إن هذا إلا ملك كريم” من الملائكة لا من البشر ([46])

وقد فسر ابن عاشور صيغة المراودة فقال:”ومجيء فعل تراود’ بصيغة المضارع مع كون المراوضة مضت لقصد إستحضار الحالة العجيبة، والإنكار عليها في أنفسهن ولومها على صنيعها وجملة “قد شغفها حبا ” في موضع التعليل لجملة “تراود فتاها” وجملة “إنا لنراها في ضلال مبين ” إستئناف إبتدائي لإظهار اللوم والإنكار عليها، والتأكيد ب “إن” و”اللام” لتحقيق إعتقادهن ذلك، والضلال هنا: مخالفة طريق الصواب، أي: هي مفتونة العقل بحب هذا الفتى وليس المراد الضلال الديني” ([47]).

رفض النبي يوسف ما دعته إليه إمرأة العزيز واستعصم” أي المبالغة في عصم نفسه ([48])، وبذلك إستجاب الله لدعائه وصرف عنه كيدهن “فاستجاب له ربه فيصرف عنه گيده إنه هو السميع العليم”، فالله سبحانه وتعالى سميع الدعاء مجيب. فعند ذلك قال يوسف “السجن أحب إلي مما يدعونني إليه”، واستعان بالله عليهن، أو سيقع بين أيديهن ويكون من الجاهلين، الذين خالفوا أمرك ونهيك ([49])

فسر ابن عاشور قوله الله تعالی” وجملة إنه هو السميع العليم في موضع العلة لا “استجاب”، لكن قال تعالى فاستجاب” المعطوفة بفاء التعقيب ، أي اجاب دعاءه بدون مهلة لأنه سريع الإجابة وعليم بالضمائر الخالصة”([50]).

وكل هذه الحجج القائمة إن دلت فهي تدل على نقاوة ونزاهة الأنبياء واحتسابهم وإرجاعهم الأمور إلى الله، وأن اللهو الدنيا ليس بدائم، في مقابل جنة النعيم، وسنبين ذلك في النقاط التاليه لقصة يوسف – عليه السلام-:

أ- امتناعه عن طاعة امرأة العزيز في قضية المراودة ” إنه ربي أحسن مثواي “ ([51])

ب – الفرار من معصية الله، بعد أن غلقت الأبواب “قد قميصه من تبر” ([52])

ج- فشل النسوة في محاولة إغرائه على ارتكاب الفاحشة ” وقطعن أيديهن وفل كاش ماها بشرا إن هذا إلا ملك كريم” ([53])

د. إيثار السجن على ارتكاب الفاحشة، “السجن أحب إلي مما يدعونني إليه” ([54])

3- قضية صاحبي السجن والدعوة إلى الله

مكن الله سبحانه وتعالى ليوسف تفسير الأحلام، فأتاه رجلين من السجن قاصين عليه الحلم، راجين تأويلا منه فاستغل يوسف – عليه السلام – الفرصة في الدعوة الى الله قبل تفسير المنام، لأن حاجتهما إلى معرفة تفسير الحلم سيجعلانهما أكثر إنتباها واستماعا لما يقال، وهذا من دهاء وفطنة يوسف عليه السلام-، قال تعالى:”واتبع ملة ابائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ماكان لنا أن تشرك باللير من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون، ياصاحبي السجن أرباب متفرقون خير أم الله الواج القهار، ماعون من دونه الا أسماء سميتموها أثم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم الا يته أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” ([55])

فقد مهد لهم أنه على هذه العقيدة وقد عقلها منذ نشأته متبعا أباءه، ثم يتوغل -عليه السلام- شيئا فشيئا في لطف ولين في حديثه إليهما بهدف التأثير فيهما وإقناعهما بفساد معتقدهما وبطلان ما يعبدون من دون الله ودعوتهما إلى توحيد الله سبحانه وتعالی۔ وتنزيهه عن الشرك، فيناديهما بلفظة (صاحبين) تقربا وتحببا إليهما، قصد التأثير فيهما عاطفيا ليستمعا ويصغيا إلى رسالته ليدخل بذلك صلب الموضوع ألا وهو الدعوة الى الله والإبتعاد عن الشرك ويطرح القضية بطريقة موضوعية ([56])

طارحا بعد ذلك سؤال “أزباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار” ([57])، وهنا استفهام تقريري، لعقد المقارنة بين تعدد الآلهة في الوجود خير، أم الله الواحد الأحد، لأن تعدد الألهة يقع الإختلاف في الحكم.

وهنا أقام عليهما الحجة ببطلان تعدد الألهة وعبادتها التي لا أساس لها من الصحة، فهي لا تنفع ولا تضر في شيء، وما هي إلا أصنام صنعوها آباءهم و إتباعهم في عبادتها وتأليهها، داعيا إياهم بوحدانية الله وعبادته وحده لا شريك له، مالك كل شيء.

القيم الحجاجية المتجلية في السورة:

أتت سورة يوسف حافلة بالحجاج منذ بداية الآيات، كما أنها من أحسن القصص التي ذكرت في القرآن، قال تعالى:” نحن نقص عليك أحسن القصصن بما أوحينا إليك ها القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين” ([58])، وهنا قد خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ذاكرا له قصته ( أي قصة يوسف)، “ألك من أنباء الغيب” أي ماكان غائبا عنك، والذي يجهله فنبأه به الله عن طريق الوحي، ثم ذكر سبحانه وتعالى في نهايتها” لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب” ([59]).

وذلك لتبيين أن قصة يوسف من القصص التي ينتفع بها، فقد بين الله تعالى فيها الكيد والمكر وجزاء الصابرين بطريقة تغزو أحداثها العقل.

– وجاءت هذه الآيات كأدلة واضحة، لصدق الوحي ووقوعه، ولتدل على صدق نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم. ” ، فمهما كنت حريصا على إيمانهم وتصديقهم ، وقدمت لهم الحجج والبراهين القاطعة والحجج البالغة فإن أكثرهم يبقى معارضا ([60])، قال تعالى وما أكثر الناس لو حرصت بمؤمنين([61])

، وهنا يقول تعالى لنبيه محمد: “وما أكثر الناس” مشركي قومك، يا محمد “ولو حرصت ” على أن يؤمنوا بك فيصدقوك “بمؤمنين” أي = بمصدقيك ولا متبعيك ([62])

قد بين يوسف عليه السلام قبل تفسيره لمنام الرجلين، واستغل الفرصة الدعوتهما إلى التوحيد مبينا ذلك في أسلوب حجاجي عقلي خالص، وذلك راجيا أن تتفتح قلوبهم على الهدى وتقبل النصح والإرشاد، قال تعالى” يا صاحبي السجن أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار “ ([63])

– دعوة الإسلام واضحة بينة صريحة تستند إلى حجج وبراهين، يتخلله أسلوب إقناع بالأدلة العقلية، قال تعالى مخاطبة رسوله ليبين لهم الطريق الصحيح: قال تعالى: “قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني و ان الله وما أنا من المشركين” ([64])

كما أنه وجه سبحانه وتعالى آيات عديدة للمعارضين والمعاندين على الإعتبار بآثار الأمم المكذبة السابقة ([65])، قال تعالى” أفلم يسيروا في الأرض فينظر كيف كان عاقبة الذين من قبلهم” ([66]).

زادت محن يوسف – عليه السلام- مدة طويلة، ثم جعل الله له فرجا وعاقبة حميدة، قال تعالى: “حتى إذا استيأست الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا نجئ من تشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين” ([67])

وهنا يبين الله تعالى و يطمئن رسله بالفرج القريب إذا كذبوا بما أخبروه عن الله “جاءهم نصرنا” هند شدة الكرب “فجي” فننجي “من نشاء” من عبادنا المؤمنين “ولايرد بأسنا” عقوبتنا وبطشنا “عن القوم المجرمين الذين خالفوا أمره ([68])

. ولعل سورة يوسف واحدة من هذه القصص الذي يجسد هذه القيم والدروس والعبر إنطلاقا من سرد یوسف رؤياه على أبيه، ونصح يعقوب عليه السلام- له بإخفاء الأمر عن إخوته خوفا عليه من أذيتهم وصولا إلى تحقق هذه الرؤيا، رؤيا يوسف – عليه السلام – ، وبين رؤيا وتحققها حياة يوسف وأبيه الملأى بالإبتلاءات والمحن والأحزان والأشجان والآلام والآمال وبالصبر والتجلد، والدعاء والتضرع وتفويض الأمر الله عز وجل ([69])

الخاتمة

حاول هذا البحث أن يكشف عن الأبعاد التداولية في الخطاب القرآني، من خلال المدونة المدروسة (سورة يوسف)، ممثلة في درجاتها الثلاث؛ الأفعال الكلامية والإشارات والحجاج ، وما يتصل بها من قضايا تداولية، فأفضى إلى جملة من النتائج، وإن كنت أضع الكل باب من الأبواب أو فصل من الفصول شنه خلاصة، أضمنها

تعددت واختلفت الروابط والعوامل الحجاجية في السورة الكريمة، نظرا لما تؤديه هذه الروابط من دور فعال في انسجام الخطاب الحجاجي هذا من ناحية، وتوجيه الخطاب القرآني وجهة قوية من ناحية أخرى، كما اشتملت على أساليب أخرى (الاستفهام، الأمر، الهي…) إذ أننا رأينا كيف أنها توجه القول حجاجيا.

وعلى امتداد البحث لم نجد ما ينقص من قدسية النص القرآني، بل في كثير من الأحيان وجدنا تطابقا بین ما ذهب إليه المفسرون وعلماء القرآن، وما توصلنا إليه من خلال تطبيق آليات المنهج التداولي بمفهومها المعاصر، فالتداولية ترتكز على مقاصد الكلام التي لا تظهر إلا من خلال الاتصال اللغوي في مقام معين، التجسدها أفعال الكلام بقوتها الإنجازية).

في الأخير لا أدعي الإلمام والإحاطة بكل الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع، ويبقى المجال مفتوحا دائما، والأفق فيه أوسع، لمن أراد التغلغل في حيثيات هذا المنهج المتشعبة والمتداخلة فيما بينها.

وختام القول أن الحمد لله رب العالمين

المصادر والمراجع:

– القرآن الكريم

– ابن خراف (ابتسام)، الخطاب الحجاجي السياسي في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة، دراسة تداولية، أطروحة دكتوراه، جامعة باتنة، 2009-2010م.

– ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بیروت، لبنان، دط، 2003م.

– أبو عبد الرحمن جمال بن ابراهيم القرشي، قصة يوسف عليه السلام، تفسیر فوائد عبر مواعظ، دار النشر مكتبة طالب العلم ، جمهورية مصر

– الجاحظ (أبو عثمان عمرو بن حر): البيان والتبين، تح: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 7، 1998، ج 1.

– الريفي (هشام): الحجاج عند أرسطو ضمن كتاب أهم نظريات الحجاج في التقاليد العربية، إشراف: حمادي صمودة منوبة، جامعة تونس، دط، دت

– الكيلاني (محمدي): تاريخ الفلسفة اليونانية من منظور معاصر، دار التنوير، ط1، 2008.

– خفيف بو بكري (راضية): التداولية و تحليل الخطاب، (مقاربة نظرية)، محلة الموقف الأدبي، العدد 399، تموز 2004.

– سالم محمد (محمد الأمين الطلبة) : الحجاج في البلاغة المعاصرة، دار الكتاب الحديد المتحدة، بيروت، لبنان، ط1، 2008م.

– عبد الهادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية، دار الكتاب الجديد المتحدة بیروت، لبنان، دار الكتب الوطنية، بنغازي- ليبيا، طا، آذار مارس، 2004م.

– أحمد مزاوغي، أساليب الإقناع في سورة يوسف

– إسماعيل علوي (حافظ): الحجاج، مدارس و أعلام

– طالبس (ارسطو): الخطابة، تح: عبد الرحمان بدوي، دار القلم، بیروت، دط

-علوي (حافظ إسماعیلی) : الحجاج مفهومة ومجالاته، دراسات نظرية وتطبيقية في البلاغية الجديدة ،ج1.

– عبد الكريم الخطيب، القصص القرآني ، في منطوقه ومفهومه،

– بلانشيه، فيليب: التداولية من أوستن إلى غوفمان،

-ابن فارس(أبو الحسن أحمد بن زکریا الرازي: مقاییس اللغة، تح: عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بیروت، لبنان، دط، دت، مج 2،.

-أبو الهلال العسكري (الحسن بن عبد الله بن سعد): الصناعتين، تح: محمد البخاري، دار الفكر العربي، ط2، دت

-مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، بيروت، 2005م.

الهوامش:

  1. () ينظر: لوصيف، الطاهر: التداولية اللسانية، ص 6
  2. () بلانشيه، فيليب: التداولية من أوستن إلى غوفمان، ص 17
  3. () ابن فارس(أبو الحسن أحمد بن زکریا الرازي: مقاییس اللغة، تح: عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بیروت، لبنان، دط، دت، مج 2، ص : 314.
  4. () شظايا لسانية: 59
  5. () المصدر نفسه: 59
  6. () ينظر: في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ص 28
  7. () مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، بيروت، 2005م، ص 5
  8. () سورة الحجر/57
  9. () ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بیروت، لبنان، دط، 2003م، 98/ 5 ، مادة( خطب)
  10. () ينظر: عبد الهادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية، دار الكتاب الجديد المتحدة بیروت، لبنان، دار الكتب الوطنية، بنغازي- ليبيا، طا، آذار مارس، 2004م، ص 34
  11. () سورة الفرقان/ 63
  12. () سورة النبأ/ 37
  13. () سورة ص 38
  14. ) ) ابن منظور (أبو الفضل جمال الدين محمد بن مکرم): لسان العرب المحيط، دار صادر، بیروت، لبنان، ط1، مج 11، مادة حجج، ص: 570.
  15. ) ) ابن فارس (أبو الحسن أحمد بن زکریا الرازي): مقاییس اللغة، مج 2، ص:30.
  16. ( ) المبخوت (شکري): نظرية الحجاج في اللغة، ص:363
  17. ( ) علوي (حافظ إسماعیلی) : الحجاج مفهومة ومجالاته، دراسات نظرية وتطبيقية في البلاغية الجديدة ، ج 1 ص : 58.
  18. ( ) ينظر: المبخوت (شکري): نظرية الحجاج في اللغة، ص:383.
  19. ( ) الجاحظ (أبو عثمان عمرو بن حر): البيان والتبين، تح: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 7، 1998، ج 1، ص :76.
  20. ( ) خفيف بو بكري (راضية): التداولية و تحليل الخطاب، (مقاربة نظرية)، محلة الموقف الأدبي، العدد 399، تموز 2004، ص:03
  21. ( ) الجاحظ (أبو عثمان عمرو بن يحر): البيان والتبين، ص: 220
  22. ( ) أبو الهلال العسكري (الحسن بن عبد الله بن سعد): الصناعتين، تح: محمد البخاري، دار الفكر العربي، ط2، دت، ص:35
  23. ( ) ابن خراف (ابتسام)، الخطاب الحجاجي السياسي في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة، دراسة تداولية، أطروحة دكتوراه، جامعة باتنة، 2009-2010م، ص:170.
  24. ( ) سالم (محمد) : الحجاج في البلاغ المعاصر، بحث في بلاغة النقدي المعاصر، ص :243.
  25. ( )  المرجع نفسه : ص : 243
  26. ( ) الكيلاني (محمدي): تاريخ الفلسفة اليونانية من منظور معاصر، دار التنوير، ط1، 2008، ص:85.
  27. ( ) سالم محمد (محمد الأمين الطلبة) : الحجاج في البلاغة المعاصرة، دار الكتاب الحديد المتحدة، بيروت، لبنان، ط1، 2008م، ص: 27.
  28. ( ) إسماعيل علوي (حافظ): الحجاج، مدارس و أعلام، ص:10
  29. ( ) الريفي (هشام): الحجاج عند أرسطو ضمن كتاب أهم نظريات الحجاج في التقاليد العربية، إشراف: حمادي صمودة منوبة، جامعة تونس، دط، دت، ص: 237
  30. ( ) سالم محمد (محمد الأمين الطلبة) : الحجاج في البلاغة المعاصرة، ص:36.
  31. ( ) طالبس (ارسطو): الخطابة، تح: عبد الرحمان بدوي، دار القلم، بیروت، دط، ص:245.
  32. ( ) أعراب (حبیب)، الاستدلال الحجاجي، ص: 127.
  33. ( ) سورة يوسف، الآية08الى 18
  34. ( ) ينظر إبن عاشور، التحرير والتنوير، ص220
  35. ( ) سورة يوسف، الآية8
  36. ( ) بتصرف، عبد الكريم الخطيب، القصص القرآني ، في منطوقه ومفهومه، ص 417، 413
  37. ( ) سورة يوسف، الآية 12
  38. ( ) سورة يوسف ، الآية 13
  39. ( ) سورة يوسف، الآية15
  40. ( ) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ص 222
  41. ( ) سورة يوسف، الآية 15 الى 17
  42. ( ) www.pdffactory.com بتصرف
  43. ( ) ينظر، إبن عاشور، التفسير المنير ، ص236
  44. ( ) سورة يوسف، الآية18
  45. ( ) سورة يوسف، الآية 30 الی 34
  46. ( ) بتصرف، أبو عبد الرحمن جمال بن ابراهيم القرشي، قصة يوسف عليه السلام، تفسیر فوائد عبر مواعظ، دار النشر مكتبة طالب العلم ، جمهورية مصر، ص 34
  47. ( ) إبن عاشور، التفسير المنير، ص 261
  48. ( ) نفس المرجع، ص 254
  49. ( ) بتصرف، عبد الرحمان القرشي، قصة يوسف ، ص 43
  50. ( ) السابق، ابن عاشور، التفسير المنير، ص 267
  51. ( ) سورة يوسف الآية 23
  52. ( ) سورة يوسف، الآية25
  53. ( ) سورة يوسف، الآية32
  54. ( ) سورة يوسف، الآية33
  55. ( ) سورة يوسف، الآية 38 الی 40
  56. ( ) أحمد المزواغي ، أساليب الإقناع في سورة يوسف، ص 241
  57. ( ) سورة يوسف، الآية39
  58. ( ) سورة يوسف، الآية 1
  59. ( ) سورة يوسف الآية111
  60. ( ) الرحمان القرشي، قصة يوسف ، ص 55
  61. ( ) سورة يوسف، الآية 103
  62. ( ) السابق، الرحمان القرشي، قصة يوسف ، ص 124
  63. ( ) سورة يوسف، الآية39
  64. ( ) سورة يوسف، الآية108
  65. ( ) دحمان حياة، تجليات الحجاج في الخطاب القرآني، ص 258
  66. ( ) سورة يوسف، الأيت109
  67. ( ) سورة يوسف، الآية110
  68. ( ) الرحمان القرشي، قصة يوسف،ص132
  69. ( ) أحمد مزاوغي، أساليب الإقناع في سورة يوسف، ص 286