حليمة محمد خير البدوي1 د. عاطف آدم محمد عجيب1 أ.د. سليمان يحي محمد1
1 معهد دراسات وثقافة السلام، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، السودان
بريد الكتروني: hopageep122252400@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(10); https://doi.org/10.53796/hnsj3101
تاريخ النشر: 01/10/2022م تاريخ القبول: 08/09/2022م
المستخلص
النزاعات الداخلية من المشكلات التي تعاني منها ولاية غرب كردفان في كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أدي إلى تخلف الولاية وخاصة منطقة الدراسة.
حيث شهدت لقاوة العديد من النزاع بين المكونات المحلية وجيش الحركة الشعبية بيقادة الحلو حتى الان.
تأتي أهمية الدراسة لمعرفة أسباب النزاع بمنطقة الدراسة وأسباب تجدده.
وتكمن المشكلة في تجدد النزاع وعدم الوصول لحل جزري للمشكلة نتيجة لارتباطه بأسباب عديدة توصلت لها الدراسة عن طريق المنهج التاريخي و الوصفي التحليلي عبر توفير البيانات عبر الاستبانة المسح الميداني، وتوصلت الدراسة لأسباب النزاع بمحلية لقاوة ، ومن أهم أسباب النزاع الموارد وسوء التوزيع وحيازة الأرض والمشاكل بين الرعاة والمزارعين وسيطرة بعض الأطراف على الموارد مع وجود بعض المتفلتين بالإضافة للسياسيين.
محلية لقاوة هي إحدى محليات ولاية غرب كردفان وتقع في الجزء الجنوبي الشرقي، وتحدها من الجنوب محلية كيلك، ومن الشرق والشمال الشرقي محليتي الريف الشرقي والدلنج اللتان تتبعان ولاية جنوب كردفان، من الشمال محلية السنوط ومن الغرب محلية الفولة. كانت لقاوة المدينة مركز لقطاع لقاوة الكبرى والتي تشمل كيلك ولقاوة والسنوط.
تتمتع محلية لقاوة بمناخ السافنا الغنية حيث متوسط الامطار اكثر من 500 مل في الموسم، كما تتميز بتنوع الاراضي من طينية وقردودية في الجزء الجنوبي الى اراضي رملية خفيفة وتربه حمراء في التخوم الشمالية، تنتشر سلسلة الجبال الغربية في مناطق متفرقة من لقاوة مثل جبل كمدة الطرين وتلشى وابوتولو والكثير من المرتفعات، هذا التنوع المناخي عكس واقع للتنوع الحيوي من حيث الانواع الحيوانية و النباتية المختلفة والعديد من الانشطة الاقتصادية المتنوعة.
تعرضت المنطقة الى تغيرات كبيرة شملت البيئة والمكون السكاني وتمثلت اهم هذه التغيرات في الآتي:-
التغيرات المناخية في السنوات الاخيرة التي شملت المنطقة ادت الى تغير كبير في المنظومة البيئية مما كان له أثر في مجمل الانشطة الاقتصادية.
تدهور الموارد الطبيعية وانحسار الموارد المائية.
الاستخدام غير المرشد للموارد والقطع الجائر للغابات والحرائق والتوسع الزراعى غير المدروس.
التعدين في البترول والمعادن والتلوث البيئي الذي الحقه بالمنطقة.
التنافس على الموارد والعصبية القبلية خلقت استقطابا حادا.
الواقع السياسي المعقد، وثنائية الصراع بين الحكومة المركزية و الحركة الشعبية وتداخل السياسي والمناطقي والاثني.
كل ماذكر اعلاه القى بظلاله على واقع المنطقة واصبحت بؤرة للتوترات بين الرعاة والمزارعين، والمجموعات العرقية والمجموعات السياسية المسلحة. وللمزيد من التقصى والبحث المنهجى يأتى هذا الاستبيان لتحليل الاسباب من وجهة اصحاب المصلحة للوصول لنتائج تعين على بناء سلام مستدام بالمنطقة.
الهدف نتيجة للمتغيرات المذكورة اعلاه فقدت هدفت الدراسة للتعرف علي اسباب و دوافع النزاعات بمحلية لقاوة ولاية غرب كردفان.
تعد النزاعات عملية ديناميكية تمر بسلسلة متعاقبة من المراحل والأحداث المتكررة بشكل مستمر. حيث يمكن تلخيصها بأربع مراحل أساسية، المرحلة الأولى، والتي قد تكون ظاهرة في العادة وتتعلق ببدء الشعور بالمعارضة وعدم الرضا عن واقع حال معين، المرحلة الثانية هي مرحلة تشخيص أسباب عدم الرضا وتحديد الأطراف المسؤولة واتخاذ القرار بتغيير ومواجهة واقع الحال، المرحلة الثالثة هي طريقة التفاعل العملي والسلوك المنتهج لتغيير واقع الحال، المرحلة الرابعة والأخيرة هي مرحلة التصادم والتعاطي مع ردود الأفعال لدى الطرف الآخر.
النزاعات الداخلية :
يعرف بعض الباحثين النزاع الداخلي بأنه ” التنازع بين مجموعات مختلفة (عرقية، سياسية، دينية..الخ) من خلال مخالفات غير منطقية لأعراف الحياة اليومية للمجتمع” ولكن ممارساتها غير المنطقية لا تمنع حقيقة وجود أسباب وغايات ومطالب منطقية تقف وراءها، كما هو الحال في مطالب العديد من الأقليات ” المكونات” الدينية والعرقية والسياسية، وقد ورد في التاريخ الإسلامي أثر عن الصحابي أبي ذر الغفاري ” قوله : ( عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يحمل سيفه ويخرج باحثاً عنه ) وهو ما يعبر بوضوح عن وجود اسباب منطقية لما تعيشه مجتمعاتنا من ناعات داخلية([1]).
ويعرف كل من جيمس دورتي وروبرت بالستغراف، النزاع الداخلي من الناحية الاصطلاحية بقولهما بأنه : ” وضع تكون فيه مجموعة معينة من الأفراد، وسواء قبيلة أو مجموعة عرقية أو لغوية أو ثقافية أو دينية أو اجتماعيى أو اقتصادية أو سياسية أو أي شيء آخر، تنخرط في تعارض واع مع مجموعة أو مجموعات أخرى معينة لأن كل من هذه المجموعات تسعى لتحقيق أهداف متناقضة فعلاً أو تبدو أنها كذلك “([2]).
ويعرف النزاع الداخلي أيضاً ” بأنه انهيار أو تعطل في النظام الاجتماعي والسياسي القائم دون أن يصحبه بالضرورة بروز لنظام بديل”([3]).
وهنا وجه الاختلاف، حيث أن هذا التعريف يحصر النزاع الداخلي في زاوية ضيقة مما يمهل بقية حالات النزاع فيكون التعريف غير شامل، كونه يركز فقط على حالة انهيار النظام أي انهيار السلطة الحاكمة وتلاشيها، ويهمل حالات النزاع الأكثر وجوداً في العالم فأغلب النزاعات تحدث اليوم مع وجود السلطة الحاكمة.
ويمكن ان نعرف النزاع الداخلي بأنه نزاع على مصلحة معينة، او على السلطة، أو على الموارد النادرة، او ادعاءات على حالات معينة، بحيث أن الأطراف المتنازعة هدفها ليست فقط الحصول على تلك المنفعة المرجوة، بل تتعداها إلى تحييد ألأضرار، أو التخلص من منافسة الآخر([4]).
وهناك من عرف النزاع بأنه انهيار أو تعطل في النظام الاجتماعي والسياسي القائم دون أن يصحبه بالضرورة بروز نظام بديل كما كان في الصومال وقبله لبنان. وتحدث آخرون عن مفهوم النزاع من خلال تحديد الظروف الموضوعية لبروزه، فيوجد النزاع عندما تلاحظ مجموعتان أو مجموعات أن مصالحها متناقضة أو التعبير عن مواقفها أصبح يتم بعدائية أو تحاول تحقيق أهدافها بأعمال تؤدي إلى الإضرار بالمجموعات الأخرى. وقد تكون هذه المجموعات أفرادا أو مجموعات صغيرة أو كبيرة.([5])
ويعرف النزاع الداخلي أخيراً بأنه ” السلوك العنيف بين مجموعتين أو اكثر لتحقيق مصالح خاصة أو لتغيير أوضاع قائمة لأغراض سياسية واقتصادية واجتماعية([6]).
والسمة العامة للنزاع الداخلي عندما يتصف بكونه كبيراً، يقتصر من حيث جوهر اشكاليته في الغالب، على مسألتي تقسيم السلطة وتوزيع الثروة، في الوقت الذي يتعمق النزاع عندما تؤثر فيه العوامل الإثنية والقبلية والدينية والمذهبية، أن هذه العوامل تزيد من الانقسام والانشقاق الداخلي، وينعكس بالتالي على التماسك السياسي والاجتماعي والأمني في الدولة، وقد يمتد هذا النوع من النزاعات العرقية، العنيفة لدول الجوار وهذا يزيد من حدثه وتأثيره، من خلال الدعم الخارجي من القبائل والإثنيات الممتدة في دول الجوار، أما النزاعات الداخلية الصغيرة يرتقي إلى درجة تهديد السلطة القائمة، بحيث يقتصر على مجموعة من المطالب المتعلقة بالحريات العامة، والانفتاح الديموقراطي، والمطالبة بالمشاركة في الحياة السياسية، وتوفير بعض الخدمات ويمكن إحتواء هذه النزاعات بالحوار والوسائل السلمية وتحقيق حقوق المواطنة([7]).
قد تختلف طبيعة النزاعات الداخلية بحسب موضوعها، وصحيح بأن كل نزاع داخلي يتفرد بخصائصه ومستوى حدته وطبيعة موضوعه، إلا أنه غالباً ما تتوافق هذه النزاعات مع بعض مميزات مشتركة، مثل الشعور بالغضب، والإحباط، والخوف وفقدان التواصل، والميل إلى لوم الآخر، أو تجريده من إنسانيته، والتصعيد واتخاذ القرارات الاستراتيجية في استخدام العنف، أو التفاوض، أو الوساطة، فالشكل قد يتغير ولكن الخصائص متشابهة إلى حد كبير([8]).
عناصر النـــــزاع الداخلي:
يمكن تحديد عناصر النزاع بـ:
1- أطراف النزاع: وهم أفراد التفاعل الاجتماعي المتأزم الذي بلغ مرحلة النزاع وكذلك كل من يقف معهما بصورة مباشرة أو غير مباشرة (المتعاطفون، المستفزون، المصالحون، وغيرهم) ويلحق بأطراف النزاع ضحايا النزاع أيضاً.
2- الأطراف الخارجية: قد يحدث أن تشارك أطراف أخرى غير أطراف النزاع الأصليين في النزاع إنا بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة من خلال دعمها لأحد النزاع، وذلك تحقيقاً لمصالحها وأهدافها الشخصية.
3- موضوع النزاع: حدد بعض الفقهاء المختصين في هذا المجال بأن موضوع النزاع داخل المجتمع قومياً ودينياً وطائفياً يكمن في المصالح المتعارضة بين أطراف النزاع كالموارد أو الثروة او السلطة أو الهوية أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي أو القيم.
مراحل النــــزاع :
يمر النزاع بعدد من المراحل المختلفة قبل أن يتبلور في شكله النهائي وهي([9]):
أ] التشكيل :
وتبدأ هذه المرحلة عندما يكون هناك تعارض وانقسام حول الحقوق بين الأطراف، والشعور بالغبن، وتظهر مجموعة تعتبر نفسها صاحبة حقوق تم هدرها او اتلغاضي عنها من قبل الطرف الآخر.
ب] التصعيد :
وتبدأ المرحلة هذه عندما تصل الأطراف المتنازعة إلى مرحلة التغيير والتهديد العدواني تجاه الآخر، وتستخدم الوسائل المتعددة للتعبير عن لغة الغضب وعدم الرضا، وتتميز هذه المرحلة بتزايد الاستقطاب، وبداية دخول الأطراف في دوامة العنف.
ج] التفاقم :
وتبدأ في هذه المرحلة الموادهة بين أطراف النزاع، وقد يبدأ الصراع المسلح وتنقطه الاتصالات بين الأطراف ويكون الخيار الوحيد أمامهم هو المواجهة المسلحة، ويتم التعبير عن هذه المرحلة بمرحلة حرب الاستنزاف.
د] التحسين :
وفي هذه المرحلة تظهر الدوافع المتداخلة(كالسأم واليأس من الحرب والرغبة الحقيقية في إيقاف الدمار) ووضع حد للحرب.
هـ] التحويل :
وهي مرحلة يتم فيها السماح للنزاع بالتعبير عن نفسه بصورة سلمية، وهي هدف أساسي على المدى الطويل للمساعدة في إقرارالسلام والاستقرار، وحتى يتم التحول بصورة تامة تحتاج هذه التغييرات إلى سيطرة ومراقبة الجهات الراعية لتحقيق المصالحة بين الأطراف سواء المحلية أو العالمية استناداً للعناصر التالية :
- حقوق الإنسان المدنية والسياسية ودعم القضاء المستقل.
- الانتخابات السياسية والتغيرات الدستورية
- التغييرات الاجتماعية والاقتصادية
- خضوع المؤسسة العسكرية للسلطة السياسية الدستورية
مستويات النــــــزاع([10]) :
التناغم (Harmony)، ويعرف بأنه العلاقة بين الأطراف (عرقية، دينية، سياسية، ثقافية…) عندما لا توجد فعلياً أي نزاعات مصالح أو قيم متناقضة. ويظهر ذلك في تعاطف الأطراف مع أي طرف يتعرض لمشكلة أو أزمة.
السلام الدائم (Durable Peace)، ويتميز بمستوى عال من التعاون والاتصال بين الأطراف وإدراك لكيفية تحقيق المصالح المتعارضة. وتعطي الأطراف قيمة أكبر لعلاقاتها العامة أكثر من التركيز على مصالحها الخاصة، ويسعى كل طرف لتحقيق مصالحه من خلال آليات ومؤسسية. ولذا لا يحتاج إلى استخدام العنف لتحقيق ذلك.
السلام الثابت (Stable Peace)، ويسمى ” السلام البارد” وفيه يقل الاتصال، والتعاون بين الأطراف ويتم ذلك من خلال نسق النظم الأساسية، والاحترام المتبادل وغياب عام للعنف، وتبقى الأهداف والقيم المتعارضة. وتتنافس الأطراف بطرق عديدة لكن ضمن ضوابط مقبولة ، والتنازع يتم بطريقة غير عنيفة ومن الممكن أن تحدث نزاعات عنيفة في هذا المستوى لكنها عملياً غير مرجحة الحصول.
السلام غير الثابت (Unstable Peace)، ويسمى “الحرب الباردة”. وتنشأ فيه توترات ملموسة واتهامات بين الأطراف. ومن المحتمل أن تتحول إلى عنف علني متقطع. وبالرغم من قلة العنف فيه إلا ان التعايش معدوم فيه. والأطراف لا تعنى كثيراً بعلاقاتها المتبادلة بشكل كاف، ولا تسعى لوضع ضمانات تبعد احتمال استخدام الإكراهات والعنف المادي لتحقيق أهداف محددة. ويبدوا السلام هنا ضعيفاً، ومستويات التوتر بين ارتفاع وانخفاض، وتسعى الأطراف لامتلاك السلام بقصد الردع، والاتفاقات غير واضحة من السهل الإخلال بها.
الأزمة (Crises)، وهي مواجهة متوترة بين مجموعات مسلحة معبأة معنوياً، قد تصل إلى درجة التهديد وصدامات ظرفية(آنية). وتمهد هذه الأوضاع إلى حرب أهلية وشيكة، أو انهيار عام للقانون ونظام الحكم.
تمييز النزاعات الداخلية عن المفاهيم ذات الصلة:
ويجب تمييز النزاعات الداخلية عن المفاهيم ذات الصلة والتي تتداخل من حيث معانيها وقد يشكل إرباكاً في إدارك معنى ومفهوم النزاع الداخلي، ولذا نبحث هنا بعضاً من هذه المفاهيم ونبين الفرق بينهما وبين مفهوم النزاعات الداخلية:
أ- الصراع :
يعتبر مفهوم الصراع من أبرز المفاهيم المشابهة للنزاع، حيث تبدو الوهلة الأولى إشكالية ترجمة مفهوم conflit أو Conflict باللغتين الفرنسية والإنجليزية، إلى اللغة العربية، إذ تعد تحدياً حقيقياً أمام الباحث فيما يخض التمييز بين مصطلحي النزاع والصراع.
ولقد قدم ابن منظور تمييزاً بين الصراع والنزاع، في معجمه ” لسان العرب”، إذ يرى بأن التنازع هو التخاصم ونزاع القوام هو خصامهم، أما الصراع والمصارعة فيدلان على المجابهة الحادة حيث على واحد أن يصرع الآخر.
والصراع محكوم بعقائد فلسفية ومفاهيم قيمية يصعب معها اتفاق الإطراف عليها، ولهذا يعرف الصراع على أنه ( موقف ناجم عن الاختلاف في الأهداف والمصالح القومية)([11]). كما عرف أيضاً على أنه ( شكل من أشكال الصدام بين ثقافات ومصالح غير متجانسة لأطراف غير قادرين على التعايش في البيئة الموجودين فيها)([12]).
إن مفهوم الصراع قد يمتد بجذوره إلى الماضي، ويؤثر على علاقات الحاضر والمستقبل، كما أنه مشحون بالعواطف والمشاعر، لذا فهو متأصل في إدراكات الشعوب على الآخر “عدو دائم”، وهذا يجعل مفهوم الصراع يختلف عن النزاع من حيث العمق والشدة والامتداد، ولذا نبحث عن السلام عندما نكون في صراع، وعن تسوية عندما نكون في نزاع([13]).
ويرى إسماعيل صبري مقلد أن الصراع ينطوي على نضال مرتبط بالقيم والأهداف غير المتوافقة، وبنظريات القوة وصنع القرار في المجتمع الدولي، ويقرر غالباً إلى إلحاق الضرر المادي أو المعنوي بالآخرين، في حين يشير النزاع إلى درجة أقل حدة وأقل شمولاً في الاختلافات([14]).
والاهتلاف ما بين مفهومي النزاع والصراع، يكمن في كون مفهوم النزاع يكون أقل حدة وأقل شمولاً في الاختلافات عن الصراع، فيمكن احتواءه والسيطرة عليه عندما تتعارض القيم والمصالح وتشعر أطرافه أن أهدافها لا تتوافق من ناحية ما، ويناضل كل طرف لاستثمار هذا الموقف من خلال تصعيده يبتغي تحقيق النصر أو عدم الخسارة في الصراع([15])
ب- التوتر Tensions
إن التوتر يشير إلى حالة العداوة والتخوف والشكوك والتصور باختلاف المصالح أو ربما الرغبة في السيطرة أو تحقيق الانتقام، ويبقى في هذا الإطار دون أن يتطور ليشمل مواجهة فعلية وصريحة وجهوداً متبادلة من الأطراف للتأثير على بعضهم البعض. والتوترات إذا تحولت إلى شكل خطير قد تكون بدورها عاملاً مساعداً أو رئيسياً لحدوث النزاع العنيف من خلال تأثيرها على عملية صنع القرار([16]).
والتوتر مرحلة سابقة للنزاعات، وكثيراً ما ترافق انفجار النزاع العنيف، وأسبابها غالباً ما تكون مرتطبة بشكل وثيق بأسباب النزاع، ويختلف عن النزاع كونه بمجرد حدوثه فالعلاقات التعاونية تكون مسنتمرة بين الأطراف، ولكن عند النزاع تنقطع العلاقات التعاونية([17]).
أما عن الفرق بين النزاع والتوتر فإن الأخير قد يكون نتيجة من نتائج النزاع، إذ قد يؤدي النزاع على مسألة معينة إلى أن تصاب العلاقات بين دولتين أو أكثر بالفتور أو الانكماش، وغالباً ما يكون مقترناً بإجراءات دبلوماسية وتحركات عسكرية لا تصل إلى المواجهة المباشرة، وبعبارة أخرى فالتوتر لا يرقى إلى مستوى النزاع المسلح، أي أنه حالة تسبق النزاع العسكري المسلح يعبر عن حالة من الشكوك والمخاوف المتبادلة الناجحة عن تبدل سياسات الأطراف ومواقفها بعضها تجاه البعض الآخر([18]).
والتوتر يسبق النزاع ويمثل الجزء الأساسي منه، ومع ذلك فالتوتر ليس هو النزاع فقد يوجد التوتر ويستمر التعاون بين الأطراف المختلفة ومع ذلك فإن أسباب التوتر قد تكون أقرب إلى أسباب النزاع، وهذا ما نشهده في الحالة العراقية كالتوترات المستمرة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية.
ج- الأزمة Crises :
يواجه مفهوم الأزمة مشكلة كونه مفهوماً عاماً يبحث عن تعريف ومعنى علمي متخصص، فالبعض يعاملونه كمرادف للضغط أو الانهيار أو الكارثة أو العنف الكامن، إلا أن هناك اتجاهاً عاماً من قبل المتخصصين في السياسة والتاريخ في استخدام هذا المصطلح للتدليل على نقطة تحول تميز ناتج حدث ما بشكل مرغوب أو غير مرغوب فيه بين الحياة والموت، العنف واللاعنف ، الحل أو النزاع الممتد([19]).
والأزمة هي موقف مفاجئ تتجه فيه العلاقات بين طرفين أو أكثر نحو المواجهة بشكل تصعيدي نتيجة لتعارض قائم بينها في المصالح والأهداف، أو نتيجة لإقدام أحد الأطراف على القيام بتحدي عمل يعده الطرف الآخر المدافع، ويمثل تهديداً لمصالحه وقيمه الحيوية، ما يستلزم تحركاً مضاداً سريعاً للحفاظ على تلك المصالح، مستخدماً في تلك مختلف وسائل الضغط وبمستوياتها المختلفة، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو حتى عسكرية، ويعرف ماكليلاند الأزمات الدولية بأنها عبارة عن تفجرات قصيرة تتميز بكثرة وكثافة الأحداث فيها([20]).
وتتميز الأزمة بكثرة الأحداث فيها وقصر مدتها وإن لم تتم إدارتها بشكل جيد تتحول إلى حرب عرفها شارل هوفمان بأنها ” تهديد كبير ومفاجئ في وقت قصير” .
ومن الناحية الاجتماعية تعرف الأزمة بأنها توقف الحوادث المنتظمة، والمتوقعة، واضطراب العادات والأعراف، مما يستلزم التغيير السريع لاستعادة التوازن، ولتكوين عادات جديدة أكثر ملاءمة.([21])
وتحمل الأزمة ثلاث خصائص رئيسية:
– عنصر المفاجأة : كون الأزمة لا تكون متوقعة بالنسبة لصانع القرار.
– عنصر التهديد : أي أن درجة التهديد التي تواجه وحدة صنع القرار كبيرة.
– عنصر الزمن: من حيث محدودية وقت الاستجابة للأزمة، إذ أن صانع القرار لا يملك متسعاً من الوقت للتعامل مع الأزمة بحكم أنها مفاجئة.
د- العنف Violence :
هو الاستخدام غير المشروع للقوة المادية بأساليب متعددة لإلحاق الأذى بالأشخاص والإضرار بالممتلكات، ولا يوجد تعريف دقيق للعنف ولكن من تعريفاته أنه ” الفعل ضد إرادة الآخر أو إجباره على التصرف ضد إرادته، وذلك باستخدام القوة أو الإذلال” ، ويقول عالم الاجتماع اللأمريكي ” هـ. نيورج” بأنه ” أفعال التدمير والتخريب وإلحاق الضرر، والخسائر التي توجه ضد أهداف أو ضحايا مختارين، أو ظروف بيئية، أو وسائل، أو أدوات، وهو سلوك يميل إلى إيقاع أذى جسدي بالأشخاص، أو خسارة بأموالهم أو ممتلكاتهم، وبغض النظر إذا كان هذا السلوك فردياً أو جماعياً”.
والتفسيرات النظرية الفلسفية والاجتماعية تقسم العنف إلى ثلاث أنواع نموذجية أساسية، أولها ما يسمى ” العنف الآتي من الأعلى” ويعرف أيضاً بأنه ” العنف الرسمي” وهو الذي تستخدمه أجهزة الدولة، والثاني هو العنف الثوري المعادي للإمبريالية والموجه ضد المستغلين والاستعماريين وضد أجهزة الدولة البرجوازية، والنموذج الثالث هو الذي يلازم أشكال الجرائم العامة والعصابات المنظمة([22]).
وهنا يتضح لنا أن هنالك عنف أخر يقابل العنف الرسمي يمكن أن نسميه بالعنف الشعبي ” الغير رسمي” ، وهو الذي يمارسه المواطنون أو جماعات داخل الدولة لإبداء اعتراضاتها ضد سياسات وأحكام الدولة أو للحصول على مكاسب منها أو لتغيير النظام.
وتختلف ظاهرة العنف باختلاف المجتمعات وتباين الحضارات وترتبط بحالة المجتمع والقيم الساندة فيه، وقد يكون العنف سياسياً وقد يكون غير سياسي، وقد يكون مباشراً أو غير مباشر، وقد يكون نفسياً أو ثورياً، أو يكون من قبل الدولة أو من قبل المليشيات([23]).
ويختلف مفهوم العنف عن الحرب كذلك، فالأخيرة وإن مثلث إحدى صور الأول، إلا أن العنف مفغهوم له شموله وخصوصيته عن مفهوم الحرب، فإحداث الضرر، أو إلحاق الأذى، أو استغلال الموارد، كلها تعد أهدافاً أساسية للطرف المعنى من أجل تحقيق أهدافه، كما أن مفهوم العنف هنا لا يقتصر على الجانب العضوي فقط، حيث قد يمتد إلى المجالات العاطفية والنفسية([24]).
ولاية غرب كردفان ومحلية لقاوة
ولاية غرب كردفان تأسست عام 1994م[25] ضمن ولايات السودان الست وعشرون ولاية قبل اتفاقية السلام وانفصال جنوب السودان ،حيث تم تزويبها في عام 2005م ضمن اتفاقية السلام الشامل ثم عادت مره أخري في 11/7/2013م ضمن ولايات السودان الثمانية عشر ولاية وبذات حدودها الجغرافية القديمة مع تغيير في محلياتها و وحداتها الإدارية[26].
الموقع الجغرافي
تحتل ولاية غرب كردفان موقعاً متميزاً بين ولايات السودان حيث انها تقع بين خطي عرض 9:20 درجة الى 14:15 درجة شمالاً وخطي طول 27:30 درجة الى 32 درجة شرقاً[27] يحدها من جهة الشمال الشرقي ولاية شمال كردفان وفي الشرق ولاية جنوب كردفان ومن الجنوب دولة جنوب السودان ومن الغرب والشمال الغربي ولايتي شرق وشمال دارفور.
المساحة
تبلغ مساحة ولاية غرب كردفان حوالي 114000 كلم مربع[28] أي ما يعادل مليون فدان صالحة للزراعة والرعي والنشاط ألغابي.
تقسم التربة الي 16 مليون فدان ارض رملية 8 مليون فدان أراضي قردود و أربع مليون فدان اراضي طينية يبلغ معدل الامطار السنوي في الشمال 250 مل وفي الوسط 450 مل اكثر من 650 في جنوب الولاية وتتنوع الحشائش والغابات حيث تتمتع معظم اجزاء هذه الولاية بامطار غزيرة في فصل الخريف وأمطار موسمية تبدأ في يونيو وحتى اكتوبر من كل عام[29].
الغابات
ادى تنوع المناخ الى وجود غابات متنوعة تغطي 40 من مساحة الولاية حيث نجد اشجار الهشاب والطلح والابنوس والقنا والدليب وغيرها فالولاية تتمتع بثروة غابية ضخمة[30].
المعادن والبترول
تزخر الولاية بثروة معدنية هائلة لم تستغل بعد مثل الحديد والذهب ولعل من اهم الثروات التي تم اكتشافها البترول حيث تتمتع الولاية بكميات وفيرة منه في حقول أبو جابرة وهجليج ودفرة والبرصاية وبليلة والتومات وغيرها من المعادن[31].
الثروة الحيوانية
يبلغ تعداد الثروة الحيوانية بالولاية اكتر من 7مليون و280 الف رأس من الإنعام أهمها الأبقار والضان الحمرى والإبل والماعز[32] .
المراعي:
تتمتع هذه الولاية بخاصية جوده التربة وكثرة الأمطار وتتراوح نسبة الامطار مابين 300ـ400 ملم في العام من مما اوجد قطاعا نباتيا وشجريا متميزا شكل مرعى جديد يمتد في مساحه شاسعة[33].
تقسم ولاية غرب كردفان إلي أربعة عشر محلية وهي[34]
الرقم | اسم المحلية | الرقم | اسم المحلية |
1 | السلام | 8 | الميرم |
2 | بابنوسة | 9 | النهود |
3 | ابيي | 10 | غبيش |
4 | لقاوه | 11 | ابوذبد |
5 | كيلك | 12 | الخوي |
6 | السنوط | 13 | الاضية |
7 | الدبب | 14 | ودبندة |
السكان:
إجمالي سكان الولاية للعام 2013م 1894172نسمه التركيبة السكانية(رجال/نساء) 48% ذكور و52% إناث الكثافة السكانية /كلم2 7/16 نسمة /كلم مربع متوسط أفراد الأسرة 6 فرد للأسرة ,معدل النمو السنوي 2.7% نسبة الحضر (الريف) (الرحل) الحضر 19.1 % الريف 70.6 % الرحل10.3 %[35] ، حركه السكان في غرب كردفان حركة موسمية دائمة لفئات الرعاة عبر المراحيل المختلفة من محلية إلي أخري والي بعض الولايات المجاورة صيفا وخريفا حركة المزارعين الموسمية إلي مناطق الزراعة هجرات غير ثابتة بسبب الأوضاع الأمنية من و إلي الولاية، نتيجة للحروب في دولة جنوب السودان المجاورة والاحتكاكات والتوترات القبلية الداخلية أدت إلى نزوح وتتشرد عدد كبير من السكان من و إلي داخل الولاية واحداث حراك سكاني كبير جدير بالدراسة والتقييم ، وكذلك الحرب في دارفور زادة معدلات النزوح والهجرة الي الولاية في بعض المحليات مما ادى الي التغيير في التركيبة السكانية والاقتصادية والاجتماعية.
محلية لقاوة
تأسست محلية لقاوة عام ٢٠٠٠ تقع بين خطي طول٢٨٢٩ وعرض١١١١ عدد المدن الكبرى لقاوة ،جنقارو، الاراك القري الكبري٣٠ قرية والصغري٨١ قرية عدد السكان ١٠٧٢١٧ نسمة حسب التعداد السكاني لسنة٢٠١٠ م التركيبة السكانية قبائل المسيرية الزرق ،النوبة ،الداجو وقبائل اخري الموارد المالية تعتمد في مواردها علي الذاتية من الضرائب والمبالغ المحولة والدعم الولائي من الانشطة الاقتصادية رعوي، زراعي، تجاري وخدمي اهم المحاصيل فول سوداني ،سمسم، لوبيا صمغ عربي بالإضافة الي المنتجات الغابية فحم، حطب ،تبلدي. المؤسسات والمنشات بها (٢) مدارس ثانوية بنين وبنات بالاضافة الي المداس ال مكتوم الثانوية هي منحة من دولة الامارات التي يعمل بها ابن المنطق حمدان ابو التل انشا مدرستين ثانوية للبنات والبنين بطراز حديث واستاذة اكفاء وتعليم داخلي مجاني لبس وكتب ووجبات .وبها (٧٦) مدرسة اساس بنين بنات ومختلطةو(١١) رياض اطفال وبها كلية الاداب جامعة السلام. وفي الناحية الصحية بها مستشفي لقاوة وحوالي (٢٧)
وحدة صحية يوجد قسم شرطة وعدد خمسة مراكز شرطية كما توجد حامية للجيش ووحدة امن ومن ناحية خدمات المياه يوجد بها (٢٠) دونكي و(١٥) حفير وسد وعدد مقدر من المضخات. والاسواق يوجد بها عدد(٧) من الاسواق من المؤسسات الخدمية يوجد ديوان ذكاة وخدمات بيطرية ونيابة ومحاكم وادارة الاراضي والمياة والبنك الزراعي وغابات و الكهرباء.
التحليل و المناقشة :
شمل الاستبيان 13سؤال 10 أسئلة رئيسة بالإضافة لسؤال عن الانطباع الشخصي بما يبين شخصية المبحوث، يمكن تبويب الأسئلة إلى ثلاث أقسام مفتاحية :
أ/ القسم الأول معلومات شخصية عن المبحوث :النوع والعمر والمستوى التعليمي ومدة الإقامة بالمنطقة
ب/القسم الثاني يتناول أهم أسباب النزاع وأكثرها تكرارا : الموارد و القبلية والمواسم الزمنية للنزاع
ج/ القسم الثالث يعنى بالوضع السياسي الراهن وانعكاسه على المجموعات السكانية والحركات المسلحة وانتشار السلاح والمتفلتين وقاطعي الطرق الخ.
تم اختيار عينة عشوائية بسيطة من سبعين شخصا تمثل مسرح النزاع ( الوجود المستمر بالمنطقة) وليس شرطا أن يكون المبحوث احد أطراف النزاع، كما لم يتم وضع إطار جغرافي حسب الاتجاهات أو فئوي حسب العمر في البحث وهذا خلق اثر في تركيبة المبحوثين.
بلغت جملة المبحوثين 70 فردا منهم 62 رجل و8 نساء بنسبة بلغت 89% و11% على التوالى، يشير هذا الى تصدر الرجال للنزاعات رغم ظهور نسبة النساء وهذا يتسق مع مسرح النزاعات الفعليه بالمنطقة حيث يعمد الاطراف الى ابعاد الاسر والاطفال.
شكل رقم (1) : يوضح نوع المبحوثين:
بينما تباينت اعمار المبحوثين بين 25 الى اكثر من 55 عام (جدول رقم 2) حيث بلغت اعلاها الفئة الشبابية ( 25-35 عام ) بنسبة بلغت 33% وادناها فئة 46- 56 عام (14%)
شكل رقم ( 2): الفئات العمرية للمبحوثين :
اما السؤال عن فترة الاقامة بالمنطقة فقد تراوحت اجابات المبحوثين بين (5-10 سنه) وتمثل16% واكثر من 10 سنه بنسبة بلغت 84% مما يعكس المام المبحوثين بواقع المنطقة والخلفية التامة وانهم لاعبين اساسيين.
شكل رقم (3): مدة الاقامة بالمنطقة :
هنالك تباين في المستوى التعليمي حيث ان نسبة الجامعين فما فوق بلغت 59% بينما نسبة الامية بلغت 6% (جدول رقم 4) هذا العامل يوضح مدى المام المبحوثين بأسباب النزاع ولكنه ربما يتحيز السؤال الى نظرة فوقية تبعد عن اصحاب المصلحة الحقيقيين وتتحيز لعوامل اكثر تعقيدا.
شكل رقم (4): المستوى التعليمى
توضح اسئله المجموعه الاولى ان عينه المبحوثين من ذوى الاقامة الطويلة ولكن ربما يتحيز البحث الى فئة الشباب و المتعلمين مما يسقط البعد التاريخى الاهلى للمنطقة ويعطى نسبة اكبر للمتغيرات الاخرى ( السياسية والاقتصادية وتقاطع المصالح ) كما ان زيادة نسبة الشباب تشير الى التعصب و الانطباع اكثر من الحكمة و الخبرات التراكمية وهذا يؤشر الى ان العصبية تؤثر على مسار التعايش السلمى.
يحمل جيل الشباب ثقافات مكتسبة من بيئة الحضر ترتكز حول الذات و البعد المعرفي والثقافة الوافدة والاعتماد في التلقي على الوسائط اكثر من المجالس،اذ يحاول اسقاط هذه المعايير على المجتمعات الريفية مما يؤدى الي حالة من التنافر، مع مجموعات ترى ان ذلك محاولة لفرض الذات ومسخ للهويه مما يوسع دائرة النزاع و تشعبه.
القسم الخاص باسئلة النزاع حول الموارد فقد جاءت اجابات المبحوثين عن اسباب النزاع بان العصبية القبلية تاخذ اعلى نسبة (50%) اما نزاعات الموارد،ضعف وغياب التنمية، واسباب سياسية اخرى فقد جاءت النسب 21%،16%13% على التوالى( جدول رقم 5)،تتداخل مسببات النزاع بما يصعب الفصل بينها حيث ان النفوذ القبلى يرتبط بحيازة الموارد والتحكم فيها بما يقود الى التنافس
اما غياب التنمية وسوء توزيع الخدمات وعدم كفايتها ولان التنمية هي الزراع السياسي وعكس مراكز النفوذ خاصة في منطقة تشهد الاستقطاب و الصراع السياسي في ظل حقبة ثنائية المؤتمر الوطني والحركة الشعبية و التغلغل بالمداخل العرقية –(العرب و النوبة ) فان الاسباب السياسية وغياب التنمية مجتمعه تمثل 29% مقابل المؤشر التراكمي للأسباب العرقية ونظام ملكية الموارد(71 %)– المياه و المرعى و الحواكير , اما بتحليل مشكلة الموارد فنجد ان هيمنه وسيطرة بعض الاطراف تمثل 50% كما في الاسباب العرقية ويتسق ذلك مع شح الموارد وسوء التوزيع بفعل العوامل الطبيعية ( موقع العد، الحفاير– المراعى والزراعة) ويوضح هذا سوء الادارة و عملية تشكيل لجان الخدمات من اثنية واحدة وضعف القدرات الادارية حيث تتكامل عناصر العصبية ومحاولة السيطرة وضعف القدرات الادارية لتكون المحصلة نزاعات متكررة حول الموارد تزداد ضراوة كلما تباعدت الاثنيات حيث تزداد العصبية و سياسة الفزع بما يوسع دائرة الصراع ويستحضر عوامل اخرى تحت الرماد ( الوجود التاريخى و البعد السياسى).
وبسؤال المبحوثين عن اكثر الموارد سببا للنزاع فقد اظهر البحث ان حيازة الارض تاخذ اعلى نسبة (41%) وذلك بسبب نظام الحيازة الجماعية (نظام الحواكير “) و مع التغيرات المناخية وانحسار الموارد المائية وتدهور المراعي وتغير المسارات بسبب انفصال الجنوب وانتشار شركات التنقيب عن البترول ادى لتغير الواقع الجغرافي وتداخل المناطق الزراعية مع الرعوية ولكن نلاحظ ان النزاع بسبب الزراعة ياخذ اقل نسبة (9%) وهذا يفسره ان جميع الاراضى الزراعية مملوكة قبليا وتدار بواسطة الشيخ او السلطان مما يسهل السيطرة على تنازع المزارعين فيما بينهم.
جدول رقم (7): اكثر الموارد تكرارا في مسببات النزاع
وبالسؤال عن اكثر فئات المجتمع التي تسبب النزاع (جدول رقم 8) يتضح ان نسبة 64% والتي تمثل المتفلتين هي اكثر فئات المجتمع التي تسبب النزاع مقارنة مع نسبة 29% للسياسيين وذلك نسبة لان مجموعة المتفلتين عبارة عن مجموعة متفرقة من العصابات تحتكم للمصلحة الشخصية اكثر من مصلحة الجماعة لذلك نجدها اكثر فئات المجتمع المسببة للنزاع تجمعهم المصالح ويرجع ذلك الي انعدام دور الادارة الاهلية وانتشار السلاح في ايدي المواطنين وايضا وجود اسواق خارج نطاق سيطرة الدولة ( اسوق السمبك و السويق والمناطق المحررة ) كل هذه الاسباب مجتمعة جعلت تلك النسبة العالية للمتفلتين هي الاكثر تكرارا للنزاعات اما السياسين فجاؤا في المرتبة الثانية مقارنة بالادارة الاهلية وذلك كما اسلفنا لتضارب المصالح و محاولة الكسب عن طريق التحشيد للقواعد وقبول الحكومة السابقة للضغوط القبلية و المحاصصه السياسية ، ظهر دور الادارة الاهلية ولو بنسبة ضعيفة لكنه لايعفي الادارة الاهلية من لعب الدور السالب بعدم السيطرة او بالتعصب او ضعف الخبرات الاداريه وتجاوز المجموعات الشبابية لسلطه الادارة الاهلية .
جدول رقم (8): اكثر فئات المجتمع التي تسبب النزاع:
واستكمالا لاكثر الفئات اثرا جاء السؤال عن مظاهر العصبية العرقية (جدول رقم 9) ان مسالة التعايش السلمى مفقودة وتظهر في حالة عدم قبول الاخر بنسبة 55%يكمن ذلك في التعصب للقبيلة والتي جاءت نسبتها 35% ويفسر ذلك مساله الانكفاء و الفواصل الاثنية و( عقدة التمركز حول الذات ) وعدم قبول افراد المجتمع لبعضهم البعض وهذا يدل علي وجود خلل او فجوة في النسيج الاجتماعي للمجتمع في المنطقة وذلك ما تؤيده النسبة المنخفضة جدا للمكون الثقافي المحلي الذي يمثل نسبة 10%
جدول رقم (9:)اهم مظاهر الاسباب السياسية الاكثر اثرا في النزاعات
انعكاس الوضع السياسى على النزاعات كمسبب ( الجدول رقم 10) نجد ان احتمالية الاجندة السياسية ذات الغرض تاخذ اعلى نسبة (41%) يفسر ذلك استقلال النفوذ بينما نسبة 13% تمثل التدخلات الخارجية و نسبة 37% تمثل عدم العدالة ونجد ان هذه النسبة واحدة من العوامل ذات الاثر الاكبر في حدوث النزاعات سواء كانت عدم عدالة في توزيع الثروة او الموارد او السلطة فكلها تؤدي الي اثارة الفتن وبالتالي النزاع اما اذا ما تم مقارنتها بالاجندة السياسية لفرض الذات والتي تمثل نسبة 41% وهي نسبة كبيرة جدا ومن اكثر الاسباب المؤدية الي قيام النزاعات .
شكل رقم (10):اهم مظاهر الاسباب العرقية والقبلية
هنالك علاقة بيئية بين الانسان و الطقس ، يقول علماء الطبيعة ان للعوامل البيئية انعكاسا مباشرا على سلوك الانسان ( درجة الحرارة – الخضرة و الخريف ) بالإضافة لأسباب الاحتكاكات فان السؤال عن فصول السنة الاكثر تكرارا للنزاع ( جدول رقم 11)فقد ظهر ان فصل الصيف اعلاها 40% اما الشتاء فهو ادنى الفصول لحدوث النزاعات (1%) بينما فترة الخريف تأخذ المرتبة الثانية (36%) ويتضح من تحليل هذا المؤشر ان فترات التقارب بين المجموعات المختلفة تزداد فيها الاحتكاكات( فصلى الصيف و الخريف ) وذلك للتداخل في الخدمات و الموارد ( خريفا في الاسواق والمرعى وصيفا في الموارد المائية وضيق المناطق الرعوية) حيث يظهر عامل حيازة الارض مرة اخرى وخاصة بين المزارعين و الرعاة حيث يرفض اى طرف التعدي على أراضيه سواء بالزراعة أو الرعي
شكل رقم (11) اكثر فصول السنه التي يتكرر فيها النزاع :
أما سؤال ما هي أكثر الأسباب مدعاة لتكرار النزاعات فقد اظهر جدول رقم (12) أن أهم الأسباب هو عدم الحل الجذري للنزاعات (50%) وهذا يؤشر إلى أن النزاع يتناسل ويتطور من مرحلة إلي أخرى بمعنى عدم إزالة الترسبات وكثير من العوامل تطل برأسها مثل الخدمات التنموية – الصراع السياسي– بسط النفوذ أو بسبب عدم إشراك أصحاب المصلحة وتقام مؤتمرات الصلح و معالجة النزاعات بصورة فوقية وجلسات تشريفية من المسئولين دون ان يتم النقاش و التحليل المتعمق .
شكل رقم (12) يوضح اكثر الاسباب تكرارا في النزاعات
النتائج:
خلصت الدراسة الي ان أكثر اسباب النزاعات الداخلية متمثلة في النزاع حول الموارد وحيازة الارض وضعف التنمية بالمنطقة وعدم فعالية دور الادارة الاهلية.
علي النحو التالي :-
1/- النعرات العنصرية وعدم قبول الاخر.
2/- حيازة الارض
3/- اجندة سياسية لفرض الذات
4/- السرقة والنهب
التوصيات:
نوصي لمتخذي القرار بالاتي:
- العمل على ترسيم الحدود والمراحيل.
- تفعيل دور الادارة الاهلية.
- الحد من انتشار السلاح في ايدي المواطنين.
- العمل علي تطوير وتنمية المنطقة بإدخال الخدمات التنموية.
- اقامة الندوات والمؤتمرات التي تعزز عملية السلام ورتق النسيج الاجتماعي.
المراجع:
أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصر، ط1، مجلد1، عالم الكتب، القاهرة، 2008.
أحمد فؤاد رسلان، نظرية النزاع الدول، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1986..
إسماعيل صبري مقلد، الاستراتيجية والسياسة الدولية، المفاهيم والحقائق الأساسية، بيروت، مؤسسة الأبحاث العربية، 1979.
إسماعيل صبري مقلد، نظريات السياسة الدولية، مطبعة جامعة الكويت، الكويت، 1982.
السيد عليوه، صنع القرار في منظمات الإدارة العامة القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1987
اسماعيل صبري مقلد، العلاقات السياسية الدولية، دراسة في الأصول والنظريات، منشوات ذات السلاسل، الكويت.
جيمس دورتي، روبرت بالستغراف، النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية، ترجمة،د. وليد عبد الحي، كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع، الكويت، ط1، 1985.
حسين عمر الشيخاني، الدبلوماسية وأهميتها كوسيلة لحل النزاعات الدولية سلمياً، ط3، مركز أبحاث القانون المقارن، اربيل، 2009.
زياد الصمادي، حل النواعات نسخة منقحة للمنظور الأردني، برنامج دارسات السلام الدولي، جامعة السلام التابعة للأمم المتحدة، كستاريكا، 2009.
سعد حقي توفيق، مبادئ العلاقات الدولية، المكتبة القانونية، ط5، بغداد، 2010.
صادق الأسود، علم الاجتماع السياسي: أسسه وأبعاده، جامعة بغداد، كلية العلوم والسياسية، بغداد، 1990.
صالح يحيى الشاعري، تسوية النزاعات الدولية سلمياً، ط1، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2006.
عبد المنعم المشاط، ماهر خليفة، تحليل وحل النزاعات: الإطار النظري، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، القاهرة، .1995
عبد الوهاب الطيب البشير، الأقليات العرقية والدينية ودورها في التعايش القومي في أثيوبيا، مركز البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة أفريقيا العالمية، الخرطوم، 2009.
عبد الناصر حريز، الإرهاب السياسي: دراسة تحليلة، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1996.
عمر عبد الحفيظ شنان، نزاعات الدولة الداخلية، الأسباب والتداعيات، دار الجماعة الجديدة، الإسكندرية، 2015.
غالينا لوبيموفا، سيكولوجية النزاه، ترجمة د. نزار عيون السود، مطبعة اتحاد كتاب العرب، دمشق، 2007.
كمال حداد، النزاعات الدولية، دراسة قانونية دولية في علم النزاعات، الدار الوطنية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، 1988.
محمد أحمد عبد الغفار، فض النزاعات في الفكر والممارسة الغربية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزء الأول، الجزائر، 2003.
محمد أبي بكر عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، دار الكتاب العربي، بيروت، 1981.
مصطفي عثمان إسماعيل، إدارة النزاعات بين الإسلام والغرب، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2014، ص38.
منير محمود بدوي، مفهوم النزاع: دراسة في الأصول النظرية للأسباب والأنواع، مجلة دراسات مستقبلية، العدد (3)، جامعة أسيوط، عمان، 1997.
رسائل جامعية و اوراق عليمة:
بوزرب رياض، النزاع في العلاقات الجزائرية المغربية 1963 – 1988، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق، قسم العلوم السياسية، جامعة قسنطينة، الجزائر، 2008.
هاجر جيلاني عبد الله عبد الرحيم، الآليات التقليدية لإدارة النزاع ودرء الأزمات: دراسة حالة جنوب دارفور، أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في دراسات السلام، كلية الدراسات العليا، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، الخرطوم، 2015.
الانترنيت :
إبراهيم غرابية، ظاهرة الحرب، عرض لكتاب غاستون بوتول “ظاهرة الحرب”، موقع الجزيرة، متاح على الانترنت: Http://www.aljazeera.net/Knowledgegate/books/2007/9/6
جان ماري مولّر، قاموس الأعنف، ترجمة محمد علي عبد الجليل، متاح على الموقع الإلكتروني التالي : Http://www.maaber.org/nonviolence_a/conflit_a.htm
قسم البحوث والدراسات، أنواع النزاع ومفهومه، الجزيرة نت، متاح على الموقع الإلكتروني: http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/0AF41534-E226-4538-8F40-0197CB1DBE93 .
المقابلات
- أمانة الحكومة – ولاية غرب كردفان 2021.
- وزارة الزراعة – ولاية غرب كردفان2021.
- محلية لقاوة – إدارة المعلومات2021.
- سلطان الجبال الغربية صالح أزرق أغسطس 2020.
- ناظر المسيرية الزرق الصادق الحريكة عز الدين أغسطس 2020.
الهوامش:
- / قسم البحوث والدراسات، أنواع النزاع ومفهومه، الجزيرة نت، متاح على الموقع الإلكتروني: http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/0AF41534-E226-4538-8F40-0197CB1DBE93 آخر زيارة 8-12-2016. ↑
- / جيمس دورتي، روبرت بالستغراف، مصدر سابق، ص147. ↑
- / قسم البحوث والدراسات، أنواع النزاع ومفهومه، مصدر سابق. ↑
- / د. كمال حداد، النزاعات الدولية، دراسة قانونية دولية في علم النزاعات، الدار الوطنية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، 1988، ص11. ↑
- / قسم البحوث والدراسات، أنواع النزاع ومفهومه، مصدر سابق. ↑
- \ Peter Waltensteen, Understanding Conflict Resolution, sage Publisher, 2000, P.47. ↑
- / عمر عبد الحفيظ شنان، نزاعات الدولة الداخلية، الأسباب والتداعيات، دار الجماعة الجديدة، الإسكندرية، 2015، ص18. ↑
- / د. كمال حداد، مصدر سابق، ص13. ↑
- / هاجر جيلاني عبد الله عبد الرحيم، الآليات التقليدية لإدارة النزاع ودرء الأزمات: دراسة حالة جنوب دارفور، أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في دراسات السلام، كلية الدراسات العليا، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، الخرطوم، 2015، ص30 ↑
- / قسم البحوث والدراسات، أنواع النزاع ومفهومه، مصدر سابق. ↑
- \ Joseph Frankel, international politics conflict and harmony, London, penguin press, 1969, P.43. ↑
- \ Steven L. spegiel, conflict in world politics by Steven L. spegiel and keneth N. J. wintrop publisher, inc, 1971, P. 4. ↑
- / بوزرب رياض، النزاع في العلاقات الجزائرية المغربية 1963 – 1988، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق، قسم العلوم السياسية، جامعة قسنطينة، الجزائر، 2008، ص18. ↑
- / إسماعيل صبري مقلد، الاستراتيجية والسياسة الدولية، المفاهيم والحقائق الأساسية، بيروت، مؤسسة الأبحاث العربية، 1979، ص99. ↑
- / عمر عبد الحفيظ شنان، مصدر سابق، ص16. ↑
- / جيمس دورتي، روبرت بالستغراف، مصدر سابق، ص140. ↑
- / محمد أحمد عبد الغفار، مصدر سابق، ص 128- 129. ↑
- \ K. J. Holsti: international, politics, after work for analysis, N. J. Premtic hall 1974, P.P. 452 – 456. ↑
- / د. منير محمود بدوي، مفهوم النزاع: دراسة في الأصول النظرية للأسباب والأنواع، مجلة دراسات مستقبلية، العدد (3)، جامعة أسيوط، عمان، 1997، ص8. ↑
- / جيمس دورتي، روبرت بالستغراف، مصدر سابق، ص126. ↑
- / د. السيد عليوه، صنع القرار في منظمات الإدارة العامة القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1987، ص256. ↑
- / د. ياسر أبو حسن أبو، ظاهرة العنف السياسي في العالم العربي، مركز الراصد للدراسات السياسيةوالاسترايجية، الخرطوم، 2008، ص ص13 ، 9 ، 7 . ↑
- \ John Darby, The effects of Violence On Peace Processes, first published, united states institute of peace press, Washington, D.C, 2001, P.37. ↑
- \ Abu Nimr, OP. Cit., P.28. ↑
- https://ar.wikipedia.org/wiki/ ↑
- نفس المرجع السابق ↑
- نفسه ↑
- تقرير المساحة وزارة التخطيط العمراني ولاية غرب كردفان 2014م. ↑
- تقرير المساحة وزارة التخطيط العمراني ولاية غرب كردفان 2014م. ↑
- تقرير الغابات وزارة الزراعة ولاية غرب كردفان 2014م. ↑
- مستندات ، أمانة الحكومة ، ولاية غرب كردفان 2012م . ↑
- الثروة الحيوانية ولاية غرب كردفان تقرير خارطة أمراض الحيوان 2010م. ↑
- وزاره الزراعة ولاية غرب كردفان تقرير المراعي 2014م. ↑
- مستندات ، أمانة الحكومة ، ولاية غرب كردفان 2012م . ↑
-
إدارة الأحصاء ، تقرير السكان ، ولاية غرب كردفان 2014م ↑