المواضع التي انفرد قالون بقراءتها عن سائر القراء العشرة {دراسة لغوية تعليلية}

أ. د. محمد قاسم مختار بدوي1 عبد الملك محمد2

1 أستاذ اللغويات المشارك، كلية الآداب، جامعة كردفان، السودان.

بريد الكتروني: mgmokhtar67@gmail.com

2 كلية الآداب قسم اللغة العربية، جامعة كردفان

بريد الكتروني: muhammadabdulmalik236@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(10); https://doi.org/10.53796/hnsj31016

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/10/2022م تاريخ القبول: 15/09/2022م

المستخلص

الحمد لله الذي جعل القرآن تبيانا لكل شيئ ، لقد حظي علم القراءات اهتماما كبيرا ، من لدن عصر صدر الإسلام الأول لدى من نزل عليهم ، فقد اعتنوا به حق العناية كتابةً وحفظاً وتلاوةً وتدريساً، واستمر ذلك إلى يومنا هذا ، حيث تجد شخصيات تضحو بحياتهم من لدن القرن الأول بالتدريس والتألف ما لا يحصى به العدد في هذا المجال طيلة حياتهم فمنهم مطول وموجز فيه أو مفرد قراءة أو رواية أو جمعا لبعض القراءات كالسبع والثمان والعشر والعشرين بالتأليف ، حتى صارت تلك المؤلفات مفخر المسلمين ووجهة الدارسين الذين سلكوا هذا المنوال ، وهذه الدراسة سلكت هذا المنوال في دراسة القراءات القرآنية ورواياتها، فقد تناول هذا البحث : التعريف بالإمام نافع بن أبي نعيم المدني، والراوي قالون : ( عيسى بن ميناء ) وتعريف القرآن والقراءات لغةً واصطلاحاً وأركان القراءة والمصطلحات المتعلقة بالقراءات ثم التعليل على ما انفرد قالون بقراءته عن سائر القراء العشرة ثم الخاتمة والنتائج والمراجع.

الإطار العام للبحث

المقدمة

لقد أخذت اللغة العربية من قبائل متعددة تتفاوت في فصاحتها، وأنّ الله “عزَّ وجلَّ” لم يجعل على عباده حرجاً في دينهم، ولا ضيق عليهم فيما افترض عليهم، وكانت لغات من أنزل عليهم القرآن مختلفة، ولسان كل صاحب لغة، لا يقدر على رده إلى لغة أخرى إلاّ بعد تكلف ومئونة شديدة، فيسّر الله عليهم أن أنزل كتابه على سبع لغات متفرقات في القرآن بمعان متفقة ومختلفة، ليقرأ كل قوم على لغتهم، على ما يسهل عليهم من لغة غيرهم، وعلى ما جرت به عادتهم، فقوم جرت ألسنتهم بتحقيق الهمزة، وآخرين بتسهيلها وقوم بفتح الألف وآخرين بإمالتها، وكذلك الإعراب واختلافه في لغاتهم، والحركات واختلافها في لغاتهم، وغير ذلك، فتفصح كل قوم، وقرءوا على طبعهم ولغتهم ولغة من قرب منهم، وكان في ذلك رفق عظيم بهم، وتيسير كثير لهم.وكما أنّ القرآن الكريم منزّل على سبعة أحرف كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تمثلت في أمهات لهجات العرب. وقد أكبّ العلماء قديماً وحديثاً في مؤلفاتهم على إبراز هذه القراءات مع توجيهاتها اللغوية ، وتمثل هذه الجهود في كتب القراءات، وكتب اللغة، وبعض كتب اللهجات التي تناولت هذا الجانب بعمق، وعزت كل قراءة إلى قارئها مع بيان توجيهاتها اللغوية.

في هذا الإطار يأتي هذا البحث امتداداً لجهود السابقين بدراسة المواضع التي انفرد قالون عن نافع المدني بقراءتها عن سائر القراء العشرة دراسة لغوية تعليلية.

وتهدف هذه الدراسة إلى التعرف بإمام نافع المدني أحد القراء العشرة وقارئ المدينة المنورة ، والذين أخذو القراءة عنه خاصة الإمام قالون عيسى بن ميناء .

وتهدف أيضا إلى تعريف بعض المصطلحات التي لها علاقة بالقراءات التي تكون سببا لمعرفة مصطلحات القراء الذين نقل عنهم هذه القراءات،

وكما تهدف أيضاً إلى تعليل لغوي لما انفرد قالون بقراءته في القرآن الكريم كاملا عن سائر القراء تعليلا لغويا .

مشكلة البحث :

تكمن مشكلة هذا البحث في عملية تنشيط دور المهتمين باللغة العربية بصفة عامة وبالقراءات بصفة خاصة ، لأن القراءات القرآنية لغات العرب الفصيحة ، ولأن القرآن نزل على سبعة أحرف ، فقد سُمع منهم اختلافات كثيرة كالتذكير والتأنيث والإمالة والفتح والهمز والإبدال والتسهيل والإختلاس وغير ذلك ، ومن هنا يظهر إحساس الباحث بضرورة التعرف على العلاقات بين لغات العرب والقراءات القرآنية فاختار رواية وقالون كمجال لتطبق دراسته

لذلك يمكن صياغة مشكلة هذا البحث في السؤال الرئيسي الآتي:

ما هي لغات العرب التي انفرد ورودها في رواية قالون عن نافع ؟

وتفرع من هذا السؤال الرئيسي إلى أسئلة فرعية كالآتي :

1- من هو إمام نافع المدني ؟

2_ من هو إمام قالون الراوي عن الإمام نافع المدني ؟

3- ما هي ماهي المصلحات المتعلقة بالقراءات ؟

4- ما هي المواضع التي انفرد قالون بقراءتها وما وجهها في اللغة ؟

أهمية البحث :

تتحدد أهمية هذا البحث في الآتي :

1- إضافة معرفية في إبراز العلاقة بين القرآن الكريم والقراءات.

2- توضيح العلاقة بين القراءات القرآنية وعلوم اللغة.

3- توضيح انفرادات قالون عن نافع المدني .

4- إظهار شخصيات الإمام نافع المدني والإمام قالون لدى طلبة العلم الذين شاع روايته في دولهم .

6- العلاقة الرابطة بين القراءات واللغة .

أهداف البحث :

يهدف البحث إلى تحقيق الآتي:

1- إظهار شخصيات الإمام نافع المدني .

2- التعرف على إمام قالون الراوي عن نافع المدني .

3- لفت النظر إلى المصطلحات المتعلقة بالقراءات .

4- تعليل وتوجيه لما انفرد قالون بقراءته عن سائر القراء العشرة .

أسئلة البحث :

1- هل توجد ترجمة لإمام نافع المدني عند علماء التراجم والطبقات الأوائل ؟

2- هل توجد ترجمة لإمام قالون عن نافع المدني كراوي عنه ؟

3- هل توجد مصطلحات متعلقة بالقراءات ؟

4- هل توجد مواضع انفرد قالون بقراءتها في القرآن الكريم ؟

5- هل توجد علاقة بين القراءات واللغة العربية ؟

فروض البحث :

1- توجد ترجمة لإمام نافع المدني خاصة عند علماء التراجم والطبقات الأوائل .

2- توجد ترجمة لإمام قالون عن نافع المدني كراوي عنه عند علماء الترجم والطبقات.

3- توجد مصطلحات متعلقة بالقراءات خاصة في المصنفات القراءت .

4- توجد مواضع انفرد قالون بقراءتها في القرآن الكريم عن سائر القراء العشرة .

5- توجد علاقة بين القراءات واللغة العربية بصفة عامة وخاصة .

منهج البحث :

يتبع الباحث في هذه الدراسة منهج الوصفي التحليلي لذلك يؤدي إلى نتائج واقعية بين القراءات واللغة بصفة عامة وخاصة ، فقد استخدم الباحث أسلوب التحليلي حتى وصل إلى النتائج المثمرة .

حدود البحث :

الحد الزماني: في الفترة ما بين 2020- 2022.

الحد المكاني: القراءات القرآنية.

الحد الموضوعي: المواضع التي انفرد قالون بقراءتها عن سائر القراء العشرة { دراسة لغوية تعليلية }.

الإمام نافع بن أبي نعيم رحمه الله

اسمه وكنيته :

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيمٍ أبو رويمٍ الأصبهانيّ الإمام، حبر القرآن ومقرئ المدنية، ويقال: أبو عبد الله بن عبد الرّحمن، مولى جعونة بن شعوبٍ اللّيثيّ، حليف حمزة عمّ رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم ، قال ابن مجاهد: أخبرني بهذا النسب محمد بن الفرج قال: أخبرنا محمد بن إسحاق المسيبي، وقيل: حليف العبّاس، أخي حمزة، أصله أصبهانيّ، وقد ينسب إلى جده، ويكنى : أبو رويمٍ ، و أبو الحسن ، و أبو نعيمٍ ، أبو محمّدٍ ولكن أشهرها أبو رويم.

مولده :

ولد : في خلافة عبد الملك بن مروان، سنة بضعٍ وسبعين من الهجرة الشريفة وأصله من أصبهان، وجوّد كتاب الله على عدّةٍ من التّابعين، وقيل: كان أسود اللّون، وكان طيّب الخلق، يباسط أصحابه، وسيم الوجه ، وداره المدينة المنورة ، وهو من الطبقة الثانية بعد الصحابة .

شيوخه:

قرأ على طائفة كبيرة من تابعي أهل المدينة، بحيث إنّ موسى بن طارقٍ حكى عنه، قال: قرأت على سبعين من التّابعين ، قال أبو عمرو الداني: قرأ على الأعرج وأبي جعفر القارئ، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب ويزيد بن رومان، وصالح بن خوات،

وروى عن فاطمة بنت علي بن أبي طالب وزيد بن أسلم وأبي الزناد وعامر بن عبد الله بن الزبير ومحمد بن بحيي بن حبان ، وخلق كثير غيرهم .

تلاميذه :

تلا عليه خلق كثير فنهم : إسماعيل بن جعفرٍ، وإسحاق بن محمّدٍ المسيّبيّ، وعثمان بن سعيد ورش، وعيسى بن ميناء قالون ، وإسماعيل بن جعفر والأصمعي وخالد بن مخلد وسعيد بن أبي مريم ومحمد بن مسلم المدني وأبو قرة موسى بن طارق والقعنبي و مالك وعيسى بن وردان الحذاء، وسليمان بن مسلم بن جماز،و إسحاق المسيبي والواقدي، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن أبي أويس، و الليث بن سعد، وخارجة بن مصعب، وابن وهب وأشهب، ومروان الطاطري ، وسقلاب ومعلي بن دحية ، وكورم المغربي والغاز بن قيس. وخلق كثير.

مكانته العلمية :

قال سعيد بن منصور: سمعت مالكا يقول: قراءة أهل المدينة سنة. قيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإن لم يكن فقراءة عاصم.

وقال مالك: نافع إمام الناس في القراءة، وروى أبو خليد الدمشقي واسمه عتبة عن الليث بن سعد أنه قدم المدينة سنة عشر، فوجد نافعا إمام الناس في القراءة لا ينازع.

و المحفوظ عن الليث أنه قال: في سنة ثلاث عشرة، قال ابن وهب وغيره عنه، وقال أحمد بن هلال المصري: قال الشيباني: قال لي رجل ممن قرأ على نافع: إن نافعا كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك. فقلت له: يا أبا عبد الله أو يا أبا أتتطيب كلما قعدت تقرئ؟ قال: ما أمس طيبا ولكني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وآله وسلم. وهو يقرأ في في، فمن ذلك الوقت أشم من في هذه الرائحة.

وقال الأصمعي: عن فلان قال: أدركت المدينة سنة مائة ونافع رئيس في القراءة، وكان متعبدا، وربما قال نافع: كنت أقرأ جالسا فمرّ بي عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود فقال لي: يا أخي، متى تقرأ قائما، إذا كبرت، إذا سقمت، قال نافع: فما قرأت بعد ذلك قاعدا إلا خيّل لي أنه يمثل بين عيني .

قال ابن مجاهد: وكان نافع عالما بوجوه القراءات، متبعا لآثار الأئمة الماضين .

قال أبو قرة: سمعت نافعا يقول: قرأت على سبعين من التابعين .

وروى هارون بن موسى القروي عن أبيه عن نافع بن أبي نعيم أنه كان يجيز كل ما قرئ عليه، إلا أن يسأله إنسان أن يقفه على قراءته فيقفه عليها. وعن الأعشي قال: كان نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه، إلا أن يسأله.

وقال نافع: تركت من قراءة أبي جعفر سبعين حرفا. وجلست إلى نافع مولى ابن عمر ومالك صبي. رواها الأصمعي عنه ،أبو مصعب الزهري، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كنا نقرأ على ابن جعفر القارئ، وكان نافع يأتيه فيقول: يا أبا جعفر ممن أخذت صرف كذا وكذا؟ فيقول: من رجل قارئ من مروان بن الحكم. ثم يقول له: ممن أخذت صرف كذا وكذا؟ فيقول: من رجل قارئ من الحجاج بن يوسف فلما رأى ذلك نافع، تتبع القراءة يطلبها.

وقال إسحاق المسيبي: قال نافع: قرأت على هؤلاء فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شذ فيه واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة .

وقال الأصمعي: سألت نافعا عن “الذئب” و”البئر” فقال: إن كانت العرب تهمزها فاهمزها،

وروى الحلواني عن قالون أن نافعا كان لا يهمز همزا شديدا ويمد ويحقق القراءة ولا يشدد، ويقرب بين الممدود وغير الممدود. وقال عبيد بن ميمون التبان: قال لي هارون بن المسيب: قراءة من تقرئ؟ قلت: قراءة نافع، قال: فعلى من قرأ نافع ؟ قال: على الأعرج وقال الأعرج: قرأت على أبي هريرة -رضي الله عنه. وقال عثمان بن خرزاذ: حدثنا عبد الله بن ذكوان حدثنا إسحاق بن محمد المسيبي عن نافع أخبره أنه أدرك أئمة يقتدى بهم في القراءة منهم: الأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، ومسلم بن جندب وغيرهم.

وروى: إسحاق المسيّبيّ، عن نافع، قال : أدركت عدّة من التّابعين، فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم، فأخذته، وما شذّ فيه واحد تركته، حتّى ألّفت هذه القراءة.

الإمام نافع محدثاً :

لم يكن الإمام نافع قارئا فحسب ، بل كان إماماً محدثا وقارئاً يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية، صاحب دعابة وطيب أخلاق ، قال عنه النّسائي: ليس به بأس.وقال أبو حاتم: صدوق، وليّنه: أحمد بن حنبلٍ – أعني في الحديث – أمّا في الحروف فحجّة بالاتّفاق ، ووثّقه: ابن معينٍ.

وذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن عديّ في (الكامل) : له نسخة عن الأعرج، نحو من مائة حديثٍ، وله نسخةٌ أخرى عن أبي الزّناد، وله من التفاريق قدر خمسين حديثاً، ولم أر في أحاديثه شيئاً منكراً وأرجو أنه لا بأس به، وقال يحيى ثقة ، وقال أبو حاتم صدوق صالح الحديث وقال بن وهب عن الليث بن سعد أدركت أهل المدينة وهم يقولون قراءة نافع سنة، و يَنْبَغِي أَنْ يُعدَّ حَدِيْثُه حَسَناً، ولكن لم يخرجوا له شيئا في الكتب الستة .

وفاته :

قال ابن مجاهد حدثني عبد الله بن أبي بكر ثنا أبي ثنا محمد بن إسحاق يعني المسيبي عن أبيه قال لما حضرت نافعا الوفاة قال له أبناه اوصنا قال : {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

وتوفي سنة 169ه تسع وستين ومائة للهجرة النبوية الشريفة .

قال عنه الإمام الشاطبي رحمه الله :

فَأَمَّا الْكَرِيمُ السِّرِّ في الطيِّبِ نَافِعٌ … فَذَاكَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَدينَةَ مَنْزِلَا

وَقَالُونُ عِيْسَى ثُمَّ عُثْمانُ وَرْشُهُمْ . .. بِصُحْبَتِهِ المَجْدَ الرَّفِيعَ تَأَثَّلَا

الراوي قالون : (عيسى بن ميناء)

اسمه :

أبو موسى عيسى بن مينا – بالقصر، أو ميناء بالمد – بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد بن عمر بن عبد الله المدني الزرقي ويقال المري مولى بني زهرة، أصله من الروم ، وكان جد جده – عبدالله – من سبي الروم أيام عمر بن الخطاب، قارئ أهل المدينة في زمانه ونحويهم، قيل: إنّه كان ربيب نافع.

لقبه :

قالون : كلمة رومية معناها: جيد، والذي أطلق عليه هذا اللقب شيخه نافع، فقد كان إذا قرأ عليه يقول له (قالون) أي جيد، يلاطفه بلغته، قال ابن الجزري: وقد اختص به كثيرًا وهو الذي سماه قالون لجودة قراءته فإنّ قالون بلغة الرومية جيد، وقال: سألت الروم عن ذلك فقالوا : نعم غير أنّهم نطقوا لي بالقاف كافا على عادتهم.

مولده :

ولد قالون سنة عشرين ومائة، وقرأ القرآن على نافع مرات كثيرة، واختص به كثيرًا ،

وقيل : إنّه كان ربيب نافع، وروي عنه قوله ( قرأت على نافع قراءته غير مرة) وقد بلغ من كثرة قراءته على شيخه أن قال له: (كم تقرأ علي! اجلس إلى أسطوانة حتى أرسل إليك من يقرأ) وهي شهادة له من شيخه بالقدرة على التعليم، ودلالة على حب الإمام نافع لتلاميذه ورغبته لهم أن يتقدموا في حياته ويصبحوا شيوخا، إلاّ أنّ قالون مع اشتغاله بالتعليم لم ينقطع عن شيخه، قال النقاش :(قيل لقالون : كم قرأت على نافع؟ قال : ما لا أحصيه كثرة، إلا أنّي جالسته بعد الفراغ عشرين سنة) وقد انقطع قالون لإقراء القرآن وتعليمه، وتعليم العربية، وطال عمره، فقد عاش نحو مائة سنة كشيخه، وبعد صيته، وتولى منصب شيخه بعده.

شيوخه :

قرأ قالون على نافع عبدالرحمن بن أبي نعيم محمد بن جعفر بن أبي كثير، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعرض القرآن أيضا على عيسى بن وردان الحذاء.

تلاميذه :

انتهى إليه رئاسة الإقراء في زمانه بالحجاز. ورحل إليه النّاس، قال ابن الجزري : قرأ عليه بَشَرٌ كثير منهم ولداه أحمد وإبراهيم، وأحمد بن يزيد الحلواني، ومحمد بن هارون أبو نشيط، وحمد بن صالح المصري، وسمع منه إسماعيل القاضي، وموسى بن إسحاق الأنصاري القاضي، وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم بن ديزيل ومحمد بن عبد الحكم القطري. وعثمان بن خرزاذ الأنطاكي، وتلا عليه: ابنه؛ أحمد، والحلوانيّ، وأبو نشيط.

صفته :

نقل معظم من ترجم له أنّه كان أصم، قال ابن حاتم : ( كان أصم يقرئ القراء، ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة) وقال علي بن الحسن الهسنجاني الحافظ: كان قالون شديد الصمم، فلو رفعت صوتك، لا إلى غاية لا يسمع فكان ينظر إلى شفتي القارئ، فيرد عليه اللحن والخطأ،

وقال أبو محمد البغدادي: (كان قالون أصم لايسمع البوق، وإذا قرأ عليه قارئ فإنه يسمعه) وقيل إنّ الصمم أصابه في آخر عمره بعد أن أخذت القراءة عنه.

وقال الذهبي: قالون أبو موسى عيسى بن مينا، مقرئ المدينة، وتلميذ نافع.

وقال شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي : عيسى بن ميناء قالون المدني المقرئ، صاحب نافع، أمّا في القراءة فثبت، وأمّا في الحديث فيكتب حديثه في الجملة، سئل أحمد بن صالح المصري عن حديثه فضحك وقال: تكتبون عن كل أحد.

وفاته :

توفي رحمه الله سنة عشرين ومائة. ورّخه غير واحد، وعاش نيِّفًا وثمانين سنة. وغلط من قال: توفي سنة خمسٍ ومائتين غلطا بينا.

روايته عن الإمام نافع المدني رحمه الله:

فقد روى قالون القراءة عرضا وسماعا عـن عبـد الرحمن بن أبي نعيم نافع عن أبي جعفـر يزيد القعقاع وشيبة بن نصاح القاضي وأبي داود عبد الرحمن بن هرمـز الأعرج وأبي عبد الله مسلم بن جندب الهذلي وأبي روح يزيد بن رومان عن أبي هريرة وعبد الله بن عبّاس وعبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن ربِّ العِزّة جلّ جلاله.

قال عنه الإمام الشاطبي رحمه الله :

فَأَمَّا الْكَرِيمُ السِّرِّ في الطيِّبِ نَافِعٌ … فَذَاكَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَدينَةَ مَنْزِلَا

وَقَالُونُ عِيْسَى ثُمَّ عُثْمانُ وَرْشُهُمْ . .. بِصُحْبَتِهِ المَجْدَ الرَّفِيعَ تَأَثَّلَا

القراءات في اللغة :

القراءات: جمع قراءة، وهي مصدر لفعل قرأ، وقرأت الشيء أي جمعته وضممت بعضه إلى بعض، ويقال أيضا : قرأ يقرأ قراءة وقرآناً. والاقتراء: افتعال من القراءة. وقد تحذف الهمزة منه تخفيفا، فيقال: قران.

والقراءات جمع قراءة، وهي في اللغة مصدر قرأ يقال: قرأ، يقرأ، قراءة، وقرآنا، بمعنى تلا، فهو قارئ.

وقيل : القراءات جمع قراءة أي إنها من قرأ، وجرى إطلاق السلف لفظة (قراءة) للتعبير عن صنيع القرّاء في أداء نصّ القرآن المجيد، وقرأه يقرؤه قرءا وقراءة وقرآنا، والقراءة في اللغة الجمع، وكل شيء جمعته فقد قرأته- سمي القرآن قرآنا لأنّه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد.

التعريف الاصطلاحي للقراءات :

القراءات : هو علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية، وطريق أدائها اتفاقاً واختلافاً مع عزو كل وجه لناقله، وكل خلاف نسب لإمام من الأئمة العشرة مما أجمع عليه الرواة عنه فهو قراءة.

القرآن الكريم في اللغة :

مصدر قرأ ، يقرأ ، قراءة ، قرآنا .

اصطلاحا : وأما تعريف الذي أجمع عليه كثير من العلماء العقيدة والفقه وعلماء علوم القرآن : هو كلام الله المعجز المنزّل على رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام التحدي بأقصر سورة منه،المتعبد بتلاوته،المكتوب في المصحف،المنقول إلينا بالتواتر .

أركان القراءة :

وأركان القراءة الصحيحة ثلاثة ، كما بين ذلك ابن الجزري وهي :

1- كلّ قراءةٍ وافقت العربيّة ولو بوجهٍ، أي موافقتها لوجه من وجوه النحو سواء أكان أفصح أم فصيحا.

2- َكل قراءة وافقت أحد المصاحف العثمانيّة ولو احتمالًا، أي أن تكون ثابتة ولو في بعضها تحقيقية صريحة ، أو تقديرية احتمالية .

3- كَل قراءةٍ صحّ سندها، يعني التواتر بأن ينقل جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب عن جماعة كذلك من أول السند إلى منتهاه .فهي القراءة الصّحيحة الّتي لا يجوز ردّها ولا يحلّ إنكارها،(10)

يقول ابن الجزري رحمه الله :

فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِ …… وَكَانَ ِللرَّسْمِ احْتِمَالاً يَحْوِي

وَصَحَّ إسْناداً هُوَ الْقُرآنُ …… فَهَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَرْكَانُ

وَحَيثُماَ يَخْتَلُّ رُكْنٌ أَثْبِتِ …… شُذُوذَهُ لَوْ أنَّهُ فِي السَّبعَةِ

فَكُنْ عَلى نَهْجِ سَبِيلِ السَّلفِ …. فِى مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أوْ مُخْتَلَفِ

القارىء : وهو على ثلاثة أقسام :مبتدئ، ومتوسط، ومنتهٍ،1- فالمبتدئ : من أفرد إلى ثلاث روايات،2- المتوسط : إلى أربع أو خمس،3- المنتهي : من عرف من القراءات أكثرها وأشهرها.

القراءة : هي ما نسب لأحد الأئمة من القراء العشرة مما أجمع عليه الرواة كقراءة نافع وأبو عمرو البصري ونحوهما.

الرواية : هي ما ينسب للراوي عن الإمام القارئ،. كرواية قالون عن نافع، والدوري عن أبي عمرو ولو أخذ عنه بواسطة شخص أو أكثر .

المفردات : كل ما انفرد به القارئ أو الرواي بقراءته عن سائر القراء أو نسبت قراءته إليه وحده

دون غيره .

ذكر ما انفرد قالون بقراءته عن سائر القراء العشرة

قوله تعالى :{ أؤنبئكم }من قوله تعالى : {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }(سورة آل عمران – الآية : 15)

قوله تعالى : { أشهدوا } من قوله تعالى : {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (سورة الزخرف – الآية : 19)

* انفرد قالون بقراءة { أؤنبئكم }- { أشهدوا } بهمزتين أولاهما مفتوحة وثانيتهما مضمومة ومدة بعد الهمزة الأولى : أي بإدخال الألف بين الهمزتين وتسهيل الهمزة الثانية { أَاؤُنَبِّئُكُمْ }- { أَا0شْهِدُواْ } على أنّ الهمرة الهمزة المخففة قدر بقاء الإستثقال على حالة مع التخفيف فأدخل بينهما ألفاً ليحول بين الهمزتين بحائل يمنع من اجتماعهما.

فالحجة : أنه كره الجمع بين همزتين متواليتين، فخفّف الثانية، وعوّض منها مدّة كما قالوا. آدم وآزر، وإن تفاضلوا في المدّ على قدر أصولهم.

قوله تعالى : { يؤده إليك } و{ لا يؤده إليك }- وقوله تعالى : { نؤته منها } و{ نؤته منها} المواضع الأربعة في آل عمران قوله تعالى :{ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}الآية : 75.

وقوله أيضاً : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ }الآية : 145.

قوله تعالى :{ نوله ما تولى- ونصله جهنم } الموضعان في سورة النساء من قوله تعالى :

{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }الآية : 115.

قوله تعالى : { أرجه وأخاه } تكرر مرتين في الأعراف و الشعراء .

موضع الأعراف : قوله تعالى { قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ } الآية : 111.

موضع الشعراء : قوله تعالى { قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ } الآية : 36 .

قوله تعالى : {ومن يأته مؤمنا ً}من قوله تعالى : { وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى } طه الآية : 75 .

قوله تعالى : { وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ } من قوله تعالى : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }النور الآية : 52 .

قوله تعالى : {فألقه إليهم} من قوله تعالى : {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} النمل الآية : 28.

قوله تعالى :{نؤته منها } من قوله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ }الشورى الآية : 20 .

* ففي هذه المواضع كلها انفرد قالون بقراءة الهاء المتصلة بالفعل المجزوم باختلاس كسرة الهاء دون الصلة ،

والحجّة : أنّ الأصل عنده (يؤديه إليك)، فزالت الياء للجزم، وبقيت الحركة مختلسة على أصل ما كانت عليه وكذلك بقية المواضع .

قوله تعالى : { لاتعْدّوا في السبت }- من قوله تعالى : { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } الآية : 154 نساء .

* انفرد قالون بإسكان العين وتشديد الدال في هذا الموضع ، ويرى ابن خالويه وغيره: أنّ إسكان العين وتشديد الدّال، قبيح، لجمعه بين ساكنين ليس أحدهما يحرف مد ولين في كلمة واحدة.

قوله تعالى : { أمن لايهْدّي } – من قوله تعالى : { قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }يونس الآية : 35 .

* انفرد قالون بإسكان الهاء وتشديد الدال، والحجة : أنّه جمع بين ساكنين: أنه أراد نيّة الحركة في الهاء. ومثل هذا إنما يحسن فيما كان أحد الساكنين حرف مدّ أولين، لأن المدّ الذي فيه يقوم مقام الحركة .

قوله تعالى : { وهم يخْصّمون } من قوله تعالى : { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ }يس الآية : 49 .

* انفرد قالون بإسكان الخاء وتشديد الصاد ، وحجة اخلاس حركة الخاء وإخفائها أنّ أصله يفتعلون فالخاء ساكنة فلما كانت ساكنة في الأصل يختصمون وأدغمة التاء في الصاد لم يكن أن يجتمع الساكنان المشدد والخاء فأعطاها حركة مختلسة أو مخفاة ليدل بذلك أن أصل الخاء السكون فدل على أصلها أنه سكون بعض الحركة فيها لأنّ الحركة المختلسة والمخفاة حركة ناقصة .

قوله تعالى : { إن أنا إلا } من قوله تعالى : { قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف آية : 188.

وقوله تعالى : { إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ }في الشعراء الآية : 115.

وقوله تعالى : { وما أنا إلا } من قوله تعالى { قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ }الأحقاف الآية : 9 .

* انفرد قالون بإثبات الألف في الوصل والوقف في هذه المواضع الثلاثة ، فالحجة في أثباتها: أنه أتى بالكلمة على أصلها وما وجب في الأصل لها، لأن الألف في (أنا) كالتاء في (أنت).

قوله تعالى : { إن وهبت نفسها للنبي إن أراد }و { بيوت النبي إلا }من قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }[الآية : 50 الأحزاب ].

وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}[الآية : 53 الأحزاب .]

* انفرد قالون بتشديد الياء من غير همز في هذين الموضعين خاصة في الوصل دون الوقف ، طردا لأصله في الهمزتين المكسورتين ، لم يفعل ذلك غيره وذلك لأن مذهبه في الهمزتين المكسورتين تسهيل الأولى منهما، فعدل عن التسهيل إلى الإبدال ، فأبدل الهمزة الأولى ياءً وأدغم الياء التي قبلها فيها فيقرآن ياء مشددة مكسورة حال الوصل .

قوله تعالى : { عادا الاؤلى } من قوله تعالى :{ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} (النجم -الآية : 50)

* انفرد قالون بنقل ضمة الهمزة إلى اللام قبلها ، إلا أنه لم يحذف الهمزة بعد نقل حركتها بل أبقاها ساكنة وحذف الواو ، فتكون قراءته بإدغام التنوين في اللام المضمومة وبهمزة ساكنة بعدها حال الوصل، فإنما همز ليدل بذلك على الهمزة التي كانت في الكلمة قبل الإدغام.

الخاتمة :

والحمد لله أولا وآخرا ، فهذه جملة ما انفرد به الإمام قالون عن نافع المدني عن سائر القراء العشر ، فما كان من توفيق فمن الله ورسوله، وما كان من خطأ أو زرلة أو نسيان فمني ومن عجزي والله ورسوله بريئان منه،

وسلم لإحدى الحسنيين إصابة ولاخرى اجتهاد رام صوبا فأمحلا

قائمة المصادر والمراجع :

1- كتاب التهذيب لما انفرد به كل واحد من القراء السبعة ، لأبي عمرو الداني( المتوفى سنة 444ه) تحقيق : الأستاذ الدكتور حاتم صالح الضامن بغداد- العراق ، النشر : دار الزيتون .

2- كتاب السبعة في القراءات: لأحمد بن موسى بن العباس التميمي، أبو بكر بن مجاهد البغدادي (المتوفى: 324هـ) تحقيق: شوقي ضيف ، النشر: دار المعارف – مصر ، الطبعة: الثانية، 1400هـ.

3- سير أعلام النبلاء :لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)النشر: دار الحديث- القاهرة ، الطبعة: 1427هـ-2006م .

4- طبقات القراء السبعة وذكر مناقبهم وقراءاتهم: لعبد الوهاب بن يوسف بن إبراهيم، ابن السَّلَّار الشافعي (المتوفى: 782هـ) تحقيق: أحمد محمد عزوزالنشر: المكتبة العصرية – صيدا بيروتالطبعة: الأولى، 1423 هـ – 2003 م .

5- تهذيب التهذيب: لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ)النشر: مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند ، الطبعة: الطبعة الأولى، 1326هـ.

6- هداية القاري إلى تجويد كلام الباري: لعبد الفتاح بن السيد عجمي بن السيد العسس المرصفي المصري الشافعي (المتوفى : 1409هـ)النشر : مكتبة طيبة، المدينة المنورة ، الطبعة : الثانية .

7- أصول القراءات الأربعة عشر ، ( نيل الوطر ) للتوفيق إبراهيم ضمرة حفظه الله.

8- لسان الميزان: لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ)المحقق: دائرة المعرف النظامية – الهند، النشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1390هـ /1971م .

9- ميزان الاعتدال في نقد الرجال: لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)تحقيق: علي محمد البجاوي، النشر: دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1382 هـ – 1963 م .

10- النشر في القراءات العشر: لشمس الدين أبو الخير ابن الجزري، محمد بن محمد بن يوسف (المتوفى : 833 هـ) تحقيق : علي محمد الضباع (المتوفى 1380 هـ)النشر : المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية].

11- النهاية في غريب الحديث والأثر، : لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ)النشر: المكتبة العلمية – بيروت، 1399هـ – 1979متحقيق: طاهر أحمد الزاوى – محمود محمد الطناحي.

12- متن «طيّبة النّشر» في القراءات العشر ، لشمس الدين أبو الخير ابن الجزري، محمد بن محمد بن يوسف المتوفى: 833هـ .

13- البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدُّرة – القراءاتُ الشاذةُ وتوجيهها من لغة العرب: لعبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (المتوفى: 1403هـ)النشر: دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان.

14- مناهل العرفان في علوم القرآن: لمحمد عبد العظيم الزُّرْقاني (المتوفى: 1367هـ)النشر: مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، الطبعة: الطبعة الثالثة.

15- الحجة في القراءات السبع لحسين بن أحمد بن خالويه، أبو عبد الله (المتوفى: 370هـ) تحقيق: د. عبد العال سالم مكرم، الأستاذ المساعد بكلية الآداب – جامعة الكويت ، النشر: دار الشروق – بيروت ، الطبعة: الرابعة، 1401 ه .

16- متن الشاطبية = حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع للقاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني، أبو محمد الشاطبي (المتوفى: 590هـ) تحقيق: محمد تميم الزعبي ،النشر: مكتبة دار الهدى ودار الغوثاني للدراسات القرآنية الطبعة: الرابعة، 1426 هـ – 2005 مـ .

17- لقراءات وأثرها في علوم العربية : لمحمد محمد محمد سالم محيسن (المتوفى: 1422هـ) النشر: مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة ، الطبعة: الأولى، 1404 هـ – 1984 م .

18- القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية: لمحمد حبش ، النشر: دار الفكر – دمشق ، الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1999 م.

19- منجد المقرئين ومرشد الطالبين : شمس الدين أبو الخير ابن الجزري، محمد بن محمد بن يوسف (المتوفى: 833هـ) النشر: دار الكتب العلمية الطبعة: الأولى 1420هـ -1999م .

20- القراءات روايتا ورش و حفص دراسة تحليلية مقارنة: رسالة في الماجستير التفسير والحديث ، جامعة الشارقة الإمارات ، الباحثة : حليمة سال ، الإشراف : الدكتور محمد عصام مفلح القضاة .

21- الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها : لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي طبعة : مؤسسة الرسالة.

والحمد لله ربّ العالمين .