أ. عاتكة الإمام محمد الحسن1
1 طالبة دكتوراه، جامعة الجزيرة، السودان
بريد الكتروني: Atika.alemam11@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(10); https://doi.org/10.53796/hnsj31019
تاريخ النشر: 01/10/2022م تاريخ القبول: 19/09/2022م
المستخلص
هدفت هذه الدراسة إلى: بيان أهمية دراسة السيرة النبوية وتدبرها وأثر ذلك في محبة النبي صلى الله عليه وسلم وترسيخها في النفوس، تم اتباع المنهج الاستقرائي التحليلي من خلال جمع النصوص المتعلقة بالموضوع وتحليلها. وخلُصت الدراسة إلى عدد من النتائج منها: إن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم تُرغِب في اتباع سنته وتُرسِخ في النفوس محبته ، وإن الاقتداء به يتأكد بمحبته التي تنشأ عن معرفته. وقد أوصت الدراسة بضرورة الاهتمام بتدريس السنة النبوية ، وأن تكون السنة بمثابة خارطة الطريق للأمة الإسلامية في حياتها، وأن تلتمس المُثُلَ العليا والأسوة الحسنة في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. الكلمات المفتاحية: السيرة، الخصائص، الصفات، القدوة.
Loving the Prophet, may God bless him and grant him peace (Its truth and effects)
Atika Al-Imam Mohammed Al-Hassan1
1 PhD Student, University of Gezira, Sudan
Email: Atika.alemam11@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(10); https://doi.org/10.53796/hnsj31019
Published at 01/10/2022 Accepted at 19/09/2021
Abstract
This study aimed to illustrate the importance of studying Prophet Mohammed’s biography and understanding it which will lead to loving him. Muslims are much recommended to consider the life story of their prophet so as to imitate it and make it their own life style. By doing that a Muslim will deepen the love of his prophet in his heart and will follow the ideal way of living his life. The study followed the analytical inductive method through collecting related texts to the subject matter and analyzing such.
The study reached to some conclusions among which are: Knowing the prophet ((may Allah bless him(( thoroughly will lead to deepen loving him and encouraging following his sample as that one always follows what one loves. Loving the prophet will be the result of knowing him. The study also recommended encouraging the teaching of the prophet’s biography to students of all ages and that his Sunnat should be a road map for the Muslims and a way of life. Muslims should seek high ideals and best example for their way of life in the prophet’s ((Seerat(( or biography ((may Allah bless him) ).
المقدِّمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنَّ خير ما يتدارسه المسلمون، ويعنى به الباحثون دراسة السيرة النبوية؛ إذ هي النور الذي يُستضاء به، ولقد افترض الله تعالى على العباد طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم ومحبته وتعظيمه وتوقيره والقيام بحقوقه، فلا يتأتى ذلك إلا بمعرفة سيرته صلى الله عليه وسلم، فعلى المسلمين أن يتعلموا السيرة النبوية ويعلموها غيرهم، ويتخذوا منها نبراساً يسيرون على ضوئه. فإنَّ المسلم كلما كانت معرفته بالنبي صلى الله عليه وسلم وأحواله وأوصافه وتفاصيل ما جاء به أكثر، كان ذلك مدعاةً لمحبته صلى الله عليه وسلم تعظيمه، ولا يدخل المسلم في عداد المؤمنين الناجين حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه، بل ومن الناس أجمعين، وقد دلَّ صلى الله عليه وسلم الأمة على كل خير يقربها إلى ربها، وحذرها من كل شر يجلب لها الذل والخزي في الدنيا والعذاب والنكال في الآخرة، وذلك من كمال رأفته ورحمته بأمته، قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾([1]).
أهمية البحث:
محبة النبي صلى الله عليه وسلم تدفع بالمسلمين لدراسة أحواله وأوصافه وتفاصيل ما جاء به، ومن ثم الاقتداء به، والسيرة طريق واضح سهل لفهم الإسلام ، ومن المعلوم أنَّ الله تعالى أنزل القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأحكام كلية ومبادئ شاملة، ولا يمكن لنا أن نتعرف على تطبيق هذه الأحكام وتلك المبادئ إلا عن طريق ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ويقوله ويهدف إليه، ودراسة السيرة تحقق لنا ذلك.
مشكلة البحث:
تتمثَّل مشكلة البحث في الإجابة على السؤال المحوري التالي: ما أثر محبة النبي صلى الله عليه وسلم في حياة الأمة المسلمة؟
أسباب اختيار الموضوع:
حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ملك حبه القلوب، ورغبةً في أن تكون محبة رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه تطبيقاً عملياً وواقعاً معاشاً.وطمعاً في أن نحشر بمحبته صلى الله عليه وسلم في زمرته.
أهداف البحث:
[1] ازدياد محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعميقها في النفوس.
[2] ربط الأمة برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة جوانب شخصيته وأخلاقه.
[3] تنمّية الإيمان، وتزكّية الخُلق بالسيرة النبوية.
[4] إدراك عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدبر سنته والاقتداء به.
خطة البحث: المنهج المتبع:
المنهج الاستقرائي التحليلي من خلال جمع النصوص المتعلقة بالموضوع وتحليلها.
هيكل البحث: وقد اشتمل البحث على مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة ونتائج وتوصيات، موضحة على النحو التالي:
المقدمة وفيها: (أهمية البحث، مشكلة البحث، أسباب اختيار الموضوع، أهداف البحث، منهج البحث ،هيكل البحث).
المبحث الأول: التعريف برسول الله صلى الله عليه وسلم.
المطلب الأول: نسبه وميلاده وزواجه صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثاني: بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ومبعثه.
المطلب الثالث: صفات الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
المبحث الثاني: مفهوم محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوبها.
المطلب الأول: مفهوم محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
المطلب الثاني: وجوب محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
المبحث الثالث: دوافع محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
المطلب الأول: خصائص الرسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته.
المطلب الثاني: خصائص الرسالة المحمدية.
المبحث الرابع: مظاهر محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
المطلب الأول: طاعة الرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه.
المطلب الثاني: الدفاع عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
المبحث الأول
التعريف برسول الله صلى الله عليه وسلم
المطلب الأول نسبه وميلاده وزواجه صلى الله عليه وسلم:
نسب الرسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن النبي صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم وفخرهم في الدنيا والآخرة، وأشرف الناس نسباً قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: ((كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خمسمائة أُمٍّ فَمَا وَجَدْتُ فيهم سِفَاحًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِليَّةُ))[2]. وعن وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ))[3]. فهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وينتهي نسب عدنان إلى سيّدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام([4]).
ميلاده ونشأته: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، عام الفيل. وقد ولد يتيما، فقد مات أبوه عبد الله وهو حمل في بطن أمه، وعني به جده عبد المطلب واسترضع له (على عادة العرب إذ ذاك) امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها حليمة بنت أبي ذؤيب ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمّه آمنة، لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين توفي جده عبد المطلب، فكفله أبو طالب ([5]).
زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة:
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد، وهي من سيّدات قريش، وفضليات النساء، قال ابن إسحاق: وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه، بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قوما تجارا، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها، من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا. مع غلام لها يقال له ميسرة، ولما أخبرها ميسرة عما أخبرها به من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بعثت إليه عرضت عليه نفسها. فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولدت له قبل أن ينزل عليه الوحي ولده كلهم([6]).
المطلب الثاني بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ومبعثه:
لقد جرت حياة الرسول عليه الصلاة والسلام (الخاصّة والعامة) على قوانين الكون المعتادة؛ فلم تخرج (في جملتها) عن هذه السنن القائمة الدائمة من حيث إنه بشر، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾([7]).
ومن الآيات التي تثبت بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى:﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾([8]). وهذا أبلغ تأكيد من الله على أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر مثلنا له كل خصائص البشر وصفاتهم وهو مع ذلك مفضل بالوحي والرسالة.
ومن الآيات التي تثبت بشريته صلى الله عليه وسلم أيضاً، قول الله تعالى:﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾([9]). ومع كون الرسول صلى الله عليه وسلم بشراً، إلاَّ أن الله عز وجل هيأه تهيئة خاصة تتناسب مع هذا الأمر العظيم الذي اصطفاه له.
مبعثه صلى الله عليه وسلم ونبوته:
أوحي إليه صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، عن عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: ((كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ (وَهُوَ التَّعَبُّدُ) اللَّيَالِيَ أُوْلَاتِ الْعَدَدِ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ[10] وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي[11] حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي[12]، فَقَالَ: أَقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم﴾([13].
وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: ((قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ (قَالَ فِي حَدِيثِهِ): فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ))، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَجُئِثْتُ مِنْهُ فَرَقًا، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾([14])، قَالَ: ((ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ))([15]).
صفاته الخَلْقِية:
قد كمَّل الله سبحانه وتعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ورزقه جمال الظاهر وجمال الباطن، فكان أحسن الخلق صورة، وأكملهم خلقاً صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: ((سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافًا عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنِّي أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخْمًا مُفَخَّمًا[16] يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَطْوَلُ مِنَ الْمَرْبُوعِ وَأَقْصَرُ مِنَ الْمُشَذَّبِ[17] عَظِيمُ الْهَامَةِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ[18] وَإِلَّا فَلَا، يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفْرَةٌ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ، وَاسِعَ الْجَبِينِ أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ[19] فِي غَيْرِ قَرْنٍ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ أَقْنَى الْعِرْنِينِ[20] لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ [21]كَثُّ اللِّحْيَةِ , سَهْلُ الْخَدَّيْنِ[22]، ضَلِيعُ الْفَمِ[23] أَشْنَبُ[24]، مُفْلَجُ الْأَسْنَانِ[25]، دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ[26]، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ، مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ، بَادِنٌ، مُتَمَاسِكٌ[27]، سَوَاءُ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضُ الصَّدْرِ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ[28] أَنْوَرُ الْمُتَجَرَّدِ[29] مَوْصُولٌ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ[30] وَالسُّرَّةِ بِشَعَرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ عَارِي الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ, أَشْعَرُ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ , طَوِيلُ الزِّنْدَيْنِ[31] رَحْبُ الرَّاحَةِ سَبْطُ الْقَصَبِ[32] شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ[33] سَائِلُ الْأَطْرَافِ[34] خُمْصَانُ الْأَخْمَصَيْنِ[35] مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ[36], إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعًا يَخْطُو تَكَفِّيًا[37] وَيَمْشِي هَوْنًا ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ [38]إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا خَافِضُ الطَّرْفِ , نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلَاحَظَةُ[39], يَسُوقُ أَصْحَابَهُ[40], يَبْدَأُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ)) ([41]).
صفاته الخُلُقِية:
النبوة اصطفاء إلهي ولقد جرت سنة الله في خلقه أن يصطفى بعض عباده لمهمة النبوة والرسالة، قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾([42])، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾([43]). والناظر في هذه العقيدة، و في سيرة الرسول الكريم ، يجد العنصر الأخلاقي بارزا أصيلا فيها، تقوم عليه أصولها التشريعية وأصولها التهذيبية على السواء، وقد بلغ رسول صلى الله عليه وسلم قمة الكمال الإنساني المجانس لنفخة الله في الكيان الإنساني، حتى أصبح قرآناً يمشي على الأرض قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾([44]). وقال الله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾([45]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾([46]، وقال سبحانه: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾([47]). وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾([48]).
عن عطاء بن يسار قال: ((لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾([49])، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا ))([50]).
عن أنس، قال: ((لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قَالَ: ((فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟))([51]).
المبحث الثاني
مفهوم محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوبها
المطلب الأول: مفهوم محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم:
اختلف في تفسير محبة النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال ذكرها القاضي عياض فقال: ((وحقيقة المحبة: الميل إلى ما يوافق الإنسان، وتكون موافقته له إما لاستلذاذه بإدراكه كحب الصور الجميلة والأصوات الحسنة والأطعمة والأشربة اللذيذة وأشباهها مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له، أو لاستلذاذه بإدراكه بحاسة عقله وقلبه معاني باطنة شريفة كحب الصالحين والعلماء، وأهل المعروف المأثور عنهم السير الجميلة والأفعال الحسنة، فإن طبع الإنسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلاء، أو يكون حبه إياه لمرافقته له من جهة إحسانه له وإنعامه عليه فقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها[52].
و الميل إما أن يكون حسيا أو عقليا أو قلبيا.
ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يميل قلب المسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلا يتجلى فيه إيثاره صلى الله عليه وسلم على كل محبوب. ومن محبة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيثار سننه على الرأي والمعقول، ونصرته بالمال والنفس والقول، وعلامة محبته اتباعه ظاهراً وباطناً، فمن اتباع ظاهره: أَداء الفرائض واجتناب المحارم والتخلق بأخلاقه والتأدب بشمائله وآدابه، والاقتفاء لآثاره، فمحبة السنة إنما تنشأ عن محبة صاحبها، قال ابن القيم: ولما كانت المحبة التامة مَيْل القلب بكليته إلى المحبوب كان ذلك الميل حاملاً على طاعته وتعظيمه، وكلما كان الميل أقوى كانت الطاعة أتم والتعظيم أوفر.
هذا الميل يُلازم الإيمان بل هو روح الإيمان ولبّه، فأي شيء يكون أعلى من أمر يتضمن أن يكون الله ورسوله أحب الأشياء إلى العبد وأولى الأشياء بالتعظيم وأحق الأشياء بالطاعة.
وبهذا يجد العبد حلاوة الإيمان كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: ((أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))([53]).
فعلّق وجود حلاوته بما هو موقوف عليه ولا يتم إلا به وهو كونه أحب الأشياء إلى العبد هو ورسوله صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم : ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره. وإذا غُرست شجرة المحبة في القلب، وسُقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم، أثمرت أنواع الثمار، وأتت أكلها كل حين بإذن ربها، وأثمرت الطاعة والموافقة. وتثبت هذه المحبة باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأعماله وأخلاقه، فبحسب هذا الاتباع يكون منشأ هذه المحبة وثباتها وقوتها، وبحسب نقصانه يكون نقصانها. كلما كانت المحبة أقوى كانت لذة الطاعة والخدمة أكمل.
وكل من كان متصفاً بصفات الجلال والجمال كالقوة والرحمة وغيرهما، أو كان منزهاً عن الصفات الرذيلة، فإن ذلك يوجب له المحبة))([54]).
المطلب الثاني: وجوب محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أعمال القلوب، ورابطة من أوثق روابط النفوس تربط المسلم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتجعل قلبه وهمه وفكره وإرادته متوجهة لتحصيل ما يحبه الله ورسوله، فمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم من لوازم الإيمان وواجباته فلا يتحقق الإيمان ولا يستحق المؤمن اسم الإيمان بدونها. عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ((قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) ([55]).
وعن عبد الله بن هشام قال: ((كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الآنَ يَا عُمَرُ))([56]).
أن حب المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم تابع لحبه لله عز وجل: وذلك لأن محبة الله تعالى هي أساس المحبة الشرعية، لأن الله هو المحبوب لذاته، وكل ما سواه مما يحب شرعا فمحبته تابعة لمحبة الله عز وجل. وإن محبة الله توجب محبة ما يحبه الله.
ومحبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم على درجتين: فرض وفضل، أما الفرض فهي المحبة التي تقتضى قبول ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وعدم طلب الهدى من غير طريقه. ثم حسن الاتباع له فيما بلغه عن ربه، من تصديقه في كل ما أخبر به وطاعته فيما أمر به من الواجبات، والانتهاء عما نهي عنه من المحرمات، ونصرة دينه والجهاد لمن خالفه بحسب القدرة، فهذا القدر لا بد منه، ولا يتم الإيمان بدونه. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾([57]).
وأما الفضل هو المحبة التي تقتضى حسن التأسي به، وتحقيق الاقتداء بسنته، في أخلاقه، وآدابه، ونوافله، وتطوعاته، وأكله، وشربه، ولباسه، وحسن معاشرته لأزواجه، وغير ذلك من آدابه الكاملة، وأخلاقه الطاهرة. والاعتناء بمعرفة سيرته وأيامه، واهتزاز القلب من محبته، وتعظيمه، وتوقره ومحبة استماع كلامه، وإيثاره على كلام غيره من المخلوقين ([58]).
المبحث الثالث
دوافع محبة الرسول الله صلى الله عليه وسلم
المطلب الأول: خصائص الرسول الله صلى الله عليه وسلم:
رسول صلى الله عليه وسلم أحق أن يحب وذلك لما اختصه الله به من الخصائص والصفات التي يمكن إلا أن يحب من تميز وتفرد بها، فالحب في قلب الإنسان يرتبط بدوافع وبواعث تبعث عليه مهمتها أن تحرك القلب وتدفعه نحو محبوباته. وتتعدد هذه الدوافع وتتنوع بحسب تنوع المحبوبات واختلافها. فمن الحب ما تدفع إليه البواعث الحسية، أو العقلية، أو القلبية. وذلك لوجود صفات قامت بالمحبوب واتصف بها من كمال، أو جمال، أو إحسان، أو غير ذلك ، وإذا نظرنا إلى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فسنجد أنه قد جمع من دواعي الحب ما يجعل ألا مناص للقلوب من أن تحبه، وذلك لكثرة ما خصه الله به من أنواع الفضائل، وما أجراه على يديه من الخيرات لأمته. ،ومن ذلك حرصه على هدايتهم ورشدهم وإسلامهم وشدة ما يعنتهم ويضر بهم في دنياهم وأخراهم وعزته عليه ورأفته ورحمته بمؤمنيهم[59] قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾([60]). ومن خصائصه أن جعله الله أمنة لأمته من عذاب الدنيا.قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾([61]).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا))([62]). ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أنَّ الله اصطفاه للرسالة الخاتمة وجعله خاتم النبيين، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾([63])، وقال أيضاً: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾([64]). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ)) ([65]). ومما اختصه الله به أن أمر بطاعته، قال تعالى:﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾[66].
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم عصمته:﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾([67]). ومن خصائص رسول ربنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه أنه صاحب المقام المحمود وهو الشفاعة العظمى في أن يقضي الله بين الخلائق يوم القيامة.
ومن خصائصه أيضاً أنه سيد ولد آدم، وأنه صاحب المقام المحمود والحوض المورود بيده لواء الحمد، وتحته آدم أبي هريرة بلفظ: ((أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ)) ([68]) وأمته خير الأمم قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[69].
ومن خصائصه: كرَّمه الله بصلاته وصلاة ملائكته عليه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾([70])، والصلاة من الله تتضمن الثناء عليه ومن الملائكة الدعاء له صلى الله عليه.
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ بَيْنَ يَدَيْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ))([71]).
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أنَّ معجزته (وهي القرآن الكريم) باقية إلى يوم القيامة، عن أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ)). فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
المطلب الثاني: خصائص الرسالة المحمدية:
إنَّ المنهج الذي جاء مع محمد صلى الله عليه وسلم منهج يسعد البشرية كلها ويقودها إلى الكمال المقدر لها في هذه الحياة، وتختص الرسالة المحمدية عن الرسالات السابقة بجملة من الخصائص منها أنها خاتمة لما قبلها من الرسالات مهيمنةً عليها فلا يقبل الله من أحد دينا إلا باتباع رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم أكرم الرسل، وأمته خير الأمم، وشريعته أكمل الشرائع. قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾([72])، وقال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾([73])، وقال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾([74]). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ))([75]).
ومن خصائصها الاستقامة مع الفطرة ورفع الحرج ، قال الله تعالى: ﴿وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾([76])، وقال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾([77]).
ومن خصائص الرسالة المحمدية أن الرسالة المحمدية كانت رحمة للبشرية، وأنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم إنما أرسل رحمة للعالمين قال الله تعالى:﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾.
ومن خصائصها الشمول: فهي شاملة لجميع الأمور كافلة بكل الشرائع في سائر الأزمان؛ فكان أحق الرسل بها من كانت رسالته عامة لجميع الخلق وكتابه شاملاً لجميع الأمر قال الله تعالى:﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الإِسلام؛ ليبطل به الملل كلها، بنسخ سائر الديانات، وإظهار فساد العقائد الزائفات لما في طبيعته وما من صاحب دين غير الإسلام، ينظر في الإسلام نظرة مجردة من التعصب والهوى حتى يقر باستقامة هذا الدين وقوته الكامنة، وقدرته على قيادة البشرية قيادة رشيدة، وتلبية حاجاتها النامية المتطورة في يسر واستقامة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾([78]).
ومن خصائص الرسالة المحمدية أن الله قد تكفل الله ببقائه وحفظه من التحريف، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾([79]) أي: في حال إنزاله وبعد إنزاله، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل ([80]).
المبحث الرابع
مظاهر محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
المطلب الأول: طاعته وتعظيمه الاقتداء به:
أولاً: طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتِّباعه:
من مظاهر محبة الرسول صلى الله عليه طاعته وتعظيمه؛ فإنَّ المحبَّ لِمَنْ يحبُّ مطيعُ، وكلما قَوِيَ سلطانُ المحبَّةِ في القلب كان اقتضاؤُه للطَّاعَةِ وترك المخالفة أقوى، فمن لوازم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتصف العبد بمتابعته له ظاهرا وباطنا، في أقواله وأعماله وجميع أحواله. قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾([81]).
فمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، أساس من أسس العبودية التي ينبغي أن يكون عليها من كان يرجو الله، والحصول على ولايته والفوز يوم القيامة. وصدق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم هو حقيقة معنى شهادة أن محمداً رسول الله، وتحقيقه بأن محمداً رسول الله، وألا يعبد الله بغير ما شرعه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم([82])، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾([83]). قال ابن كثير:((هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله، وأفعاله، وأحواله )) ([84]).
وهذا الأصل العظيم دلت عليه نصوص كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾([85])، وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾([86]).وقد جمع الله بين هذا الأصل (صدق المتابعة) والذي قبله (الإخلاص) في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾([87]).
وهو صلى الله عليه وسلم في كل ما قام به كان مثالاً عالياً، وقدوة رائدة لكل من يريد التقدم والفلاح، ملتزماً بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمحبة المجردة لا توجب هذا الأثر ما لم تقترن بإجلال المحبوب وتعظيمه([88]).فمن مظاهر محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيمه وتوقيره والأدب معه الإكثار من ذكره والصلاة والسلام عليه: إذ أنها من أعظم ما يربط قلب المسلم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويجعله متذكرا له دائما، ومن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ذكره ، وقد أمر المولى عز وجل بالإكثار من الصلاة عليه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾([89])،وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى علي واحدة، صلى الله عليه عشرا)).
والتعظيم يكون بالثناء عليه بما هو أهله، ويدخل في ذلك الصلاة والسلام عليه، كما يشمل الأدب في الخطاب معه والحديث عنه صلى الله عليه وسلم، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم هو من أطاعه واقتدى به وآثر ما يحبه الله ورسوله على هوى نفسه، وظهرت أثار ذلك عليه من موافقته في حب ما يحبه وبغض ما يبغضه.
المطلب الثاني: الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم:
إنَّ الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجب الواجبات على المسلمين، ومن أبرز مظاهر محبته صلى الله عليه، وقد أوجب الله تعزيزه ونصره بكل طريق وإيثاره بالنفس والمال في كل موطن وحفظه وحمايته من كل مؤذ، وافترض على العباد طاعته صلى الله عليه وسلم ومحبته وتوقيره والقيام بحقوقه. وإن كان الله قد أغنى رسوله عن نصر الخلق ، وقال الله تعالى أيضاً: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾[90] ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾([91]).
وقد قام المسلمون بأداء ما افترضه الله عليهم من محبة نبيه وتوقيره وإكرامه وبره واتباعه وطاعته حق قيام، فكانوا يؤثرونه على الأهل والأوطان والأموال، حتى باعوا أنفسهم وأموالهم لرب العالمين. نصرة لدينه، ودفاعا عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد دفعت محبة رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بالغلامان للنيل ممن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: ((بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: يَا عَمِّ، هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا، قَالَ: فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الْآخَرُ، فَقَالَ: مِثْلَهَا، قَالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ، قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: ((أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُ، فَقَالَ: ((هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟)) قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: ((كِلَاكُمَا قَتَلَهُ ))’ ([92]). ومنها أيضاً ما روى أنه لما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة من الحرم ليقتلوه، قال له أبو سفيان بن حرب: ((أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك لضرب عنقه وإنك في أهلك؟ فقال زيد: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذى هو فيه تصيبه شوكة وإني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً))[93]. وتتجسد محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه حينما تسابق الصحابة رضوان الله عليهم إلى طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشيه القوم في غزوة أحد فقال: من يشتري لنا نفسه فقام زياد بن السكن في خمسة نفر من الأنصار، فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فرجل فيقتلون دونه حتى كان آخرهم زياد بن السكن وترس أبو دجانة دون رسول الله بنفسه يقع النبل في ظهره وهو منحن حتى كثر فيه النبل([94])، وقالت نسيبة بنت كعب المازنية رضي الله عنها: ((خرجت يوم أحد لأنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ما أسقي به الجرحى، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والربح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقمت أباشر القتال، وأذب عنه بالسيف، وأرمي عن القوس حتى حصلت الجراحة إليّ رئي على عاتقها جرح أجوف له غور، فقيل لها من أصابك بهذا؟ قالت ابن قمئة[95]. لقد ظهر من حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جعلهم يفدونه بكل عزيز وغال، ويؤثرونه على الأهل والأوطان والأموال.
الباحثة: أحبك يا رسول الله من كل كياني…أحبك ملء قلبي ووجداني…أحبك وافتديك بنفسي وأمي وأبي وأولادي وإخواني…أحبك فلولاك ما كان هذا مكاني …أحبك فأنت الذي أضاء دياجري وظلامي…أحبك بك تتيمتُ وازداد هيامي…أحبك وشوقي إليك أشجاني.
خاتمة:
من خلال دراسة هذا الموضوع خلصت إلى عدد من النتائج والتوصيات وهي على النحو التالي:
أولاً: النتائج:
[1] إن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم تُرغِب في اتباع سنته وتُرسِخ في النفوس محبته.
[2] إن التعبير الحقيقي عن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم يتمثل في صدق الاتباع له، والاقتداء به وتعظيمه وتوقيره والقيام بحقوقه.
[3] إن الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم يتأكد بمحبته التي تنشأ عن معرفته.
التوصيات: توصي الباحثة بـ:
[1] ضرورة الاهتمام بتدريس السنة النبوية وتدبرها.
[2] أن تكون السنة بمثابة خارطة الطريق للأمة الإسلامية في حياتها.
المصادر والمراجع:
[1] ابن إسحاق، السير والمغازي، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، ط/1، 1398هـ، 1978م.
[2] ابن القيم الجوزية، طريق الهجرتين وباب السعادتين، دار السلفية، القاهرة، مصر، ط/2، 1394هـ.
[3] ابن القيم الجوزية، موسوعة فقه القلوب، تحقيق: المعتصم بالله البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط/3، 1416هـ، 1996م.
[4] ابن رجب، استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس، مطبعة الإمام، مصر.
[5] ابن رجب، كلمة الإخلاص وتحقيق معناها، زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت.
[6] ابن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ط/1، 1968م.
[7] ابن عطية أبو محمد عبد الحق بن غالب، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/1، 1422هـ.
[8] ابن كثير: البداية والنهاية تحقيق: مصطفى عبد الواحد، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت، لبنان، 1395هـ، 1976م.
[9] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: (ت: 774هـ)، دار عالم الكتب، الرياض، ط/5، 1416هـ، 1996م.
[10] ابن هشام، السيرة النبوية، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط/2، 1375هـ، 1955م.
[11] أبي نعيم الأصبهاني: دلائل النبوة، تحيقق: الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس، دار النفائس، بيروت، ط/2، 1406هـ، 1986م.
[12] البخاري، صحيح البخاري، تحقق: محمد زهير بن ناصر، دار طوق النجاة، ط/2، 1422هـ.
[13] البغوي: شرح السنة، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، محمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، دمشق، بيروت ط/2، 1403هـ، 1983م.
[14] البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، تحقق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط/1، 1420هـ.
[15] البيهقي: شعب الإيمان، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار أحمد الندوي، الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند ط/1، 1423هـ، 2003م.
[16] البيهقي، دلائل النبوة، تحيقق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، دار الريان للتراث، ط/1، 1408هـ، 1988م.
[17] السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبدالرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، ط/1، 1420هـ، 2000م.
[18] سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، بيروت، القاهرة، ط/17، 1412هـ، ط/4، 1397هـ.
[19] القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، دار الفكر الطباعة والنشر والتوزيع، 1409هـ، 1988م.
[20] مسلم بن الحجاج، الجامع الصحيح، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
[21] النَّبْهَاني: وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، دار المنهاج، جدة، ط/2، 1425هـ.
[22] النووي: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط/2، 1392هـ.
[23] الواقدي: المغازي، دار الأعلمي، بيروت، ط/3، 1409هـ، 1989م.
الهوامش:
- (1) سورة التوبة، الآية (128). ↑
- (1) ابن كثير: البداية والنهاية، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1395هـ، 1976م، كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ذكر نسبه الشريف وطيب أصله المنيف، ج1، ص: 191. ↑
- (2) مسلم بن الحجاج، الجامع الصحيح، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، كتاب الْفَضَائِلِ، بَابُ فَضْلِ نَسَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَسْلِيمِ الْحَجَرِ عَلَيْهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، أخر2، ج4، ص: 1782، ح2، حديث رقم (2276). ↑
- (3) ابن هشام، السيرة النبوية، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط/2، 1375هـ، 1955م، ج1، ص: 1ــ2. ↑
- (1) المصدر السابق،ج1، ص: 158ـــ179. ↑
- (2) ابن إسحاق، السير والمغازي، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، ط/1، 1398هـ،1978م، ص: 81ـــ82. ↑
- (3) سورة إبراهيم، الآية (4). ↑
- (4) سورة الكهف، الآية (110). ↑
- (1) سورة الأعراف، الآية (188). ↑
- (2) فجئه الحق: جاءه الوحي بغتة. النووي: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط/2، 1392هـ، ج2، ص: 199. ↑
- (3) غطني: عصرني وضمني، المصدر السابق، ج2، ص: 199. ↑
- (4) أرسلني: أطلقني، المصدر نفسه، ج2، ص: 199. ↑
- (5) سورة العلق، الآيات (1ـــ5). ↑
- (1) سورة المدثر، الآيات (1ـــ5). ↑
- (2) أخرجه مسلم في صحيحه، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ج1، ص: 143، حديث رقم (161). ↑
- (3) فخما مفخما: عظيم القدر معظما في الصدور والعيون. البغوي: شرح السنة، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، محمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، دمشق، بيروت، ط/2، 1403هـ، 1983م، ص: 276. ↑
- (4) المشذب: الطويل البائن، المصدر السابق، ج13، ص: 277. ↑
- (5) إن انفرقت عقيصته فرق: العقيصة: الشعر المعقوص، وهو نحو من المضفور. أبي نعيم الأصبهاني: دلائل النبوة، تحيقق: الدكتور محمد رواس قلعجي، عبد البر عباس، دار النفائس، بيروت، ط/2، 1406هـ، 1986م، ج1، ص: 627، حديث رقم (565). وفرة واحدة والوفرة: الشعر إلى شحمة الأذن والمراد أنه لا يتكلف لذلك. البغوي: شرح السنة، ج13، ص: 277. ↑
- (6) أزجّ الحواجب سوابغ: تقوس مع طول في أطرافها وهو السبوغ فيها. لأبي نعيم الأصبهاني: دلائل النبوة،ج1، ص: 627، 565. ↑
- (7) أقني العرنين: طويل الأنف مع دقة أرنبته. عبد الرؤوف بن تاج العارفين: فيض القدير، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط/1، 1356هـ، ج5، ص: 76، 6493. ↑
- (8) الشمم: الشمم ارتفاع قصبة الأنف وإشراف الأرنبة. المصدر السابق، ص: 76. ↑
- (9) سهل الخدين: ليس فيهما نتوء ولا ارتفاع. البغوي: شرح السنة، ج13، ص: 278. ↑
- (1) ضليع الفم: عظيم الفم. المصدر السابق، ج13، ص: 278. ↑
- (2) أشنب : أي في أسنانه رقة وتحدد. الأصبهاني: دلائل النبوة، ج1، ص: 627. ↑
- (3) مفلج الأسنان: الفلج فرجة بين الثنايا والرباعيات البغوي: شرح السنة، ج13، ص: 278. ↑
- (4) المسربة: هي الشعر المستدق ما بين الصدر والسرة. المصدر السابق، ص: 278. ↑
- (5) بادن متماسك: معتدل الخلق يمسك بعض أعضائه بعضا. المصدر نفسه، ص: 278. ↑
- (6) الكراديس: الأعضاء. المصدر نفسه، ج13، ص: 278. ↑
- (7) أنور المتجرد: مشرق الجسد، المصدر نفسه، ج13، ص: 278. ↑
- (8) اللبة: النّقرة الّتي فوق الصّدر. النَّبْهَاني: وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، دار المنهاج، جدة، ط/2، 1425هـ، ج1، ص: 67. ↑
- (9) طويل الزندين: الزندان العظمان اللذان في الساعدين المتصلان بالكفين وصفه بطول الذراع. الأصبهاني: دلائل النبوة، ج1، ص: 627. ↑
- (10) سبط القصب: القصب كل عظم ذي مخ مثل العضدين والذراعين وسبوطها امتدادها يصفه بطول العظام. المصدر السابق، ج1، ص: 627. ↑
- (11) شثن الكفين والقدمين: غليظهما البغوي: شرح السنة، ج13، ص: 279. ↑
- (12) سائل الأطراف: طويلها طولا معتدلا. النَّبْهَاني: وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ج1، ص: 68. ↑
- (13) خُمصان الأخمصين: متجافيهما عن الأرض. المصدر السابق، ج1، ص: 68. ↑
- (14) مسيح القدمين ينبو عنهما الماء: أي أملسهما ومستويهما لا ثبات للماء عليهما. الأصبهاني: دلائل النبوة، ج1، ص: 627. ↑
- (15) إذا زال زال قلعاً، يخطو تكفأ: أي اذا مشى رفع رجليه بقوة. البغوي: شرح السنة، ص: 280. ↑
- (16) ذريع المشية يعني واسع الخطا. الأصبهاني: دلائل النبوة، ج1، ص: 627. ↑
- (1) الملاحظة: النّظر باللّحاظ؛ وهو: شقّ العين ممّا يلي الصّدغ. النَّبْهَاني: وسائل الوصول إلى شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ج1، ص: 68. ↑
- (2) يسوق أصحابه: يقدّمهم بين يديه. المصدر السابق، ص: 68. ↑
- (3) دلائل النبوة، البيهقي، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، دار الريان للتراث، ط/1، 21408هـ، 1988م، باب حديث هند بن أبي هالة في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ج1، ص: 285. ↑
- (4) سورة الحج، الآية (75). ↑
- (5) سورة الأنعام، الآية (124). ↑
- (6) سيد قطب، في ظلال القرآن،ج6، ص: 3657. ↑
- (7) سورة آل عمران، الآية (159). ↑
- (8) سورة الفتح، الآية (29). ↑
- (1) سورة التوبة، الآية (128). ↑
- (2) سورة الأنبياء، الآية (107). ↑
- (3) سورة الأحزاب، الآية (45). ↑
- (4) البخاري، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، باب كراهية السخب في السوق، باب الانبساط إلى الناس، ط/1، 1422هـ ،ج1، ص: 66، حديث (2125). ↑
- (5) أخرجه مسلم في صحيحه، باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، ج4، ص: 1804، حديث رقم (2309). ↑
- (1) القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ج3، ص: 29ـــ30. ↑
- (1) أخرجه البخاري في صحيحه، باب حلاوة الإيمان، ج1، ص: 12، حديث رقم (16). ↑
- (2) ابن القيم الجوزية، موسوعة فقه القلوب، تحقيق: المعتصم بالله البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط/3، 1416هـ، 1996م، ج2، ص: 1783ـــ1784. ↑
- (3) أخرجه البخاري في صحيحه، باب: حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، ج1، ص: 12،حديث رقم (15). ↑
- (1) أخرجه البخاري في صحيحه، باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، ج8، ص: 129، حديث رقم (6632). ↑
- (2) سورة التوبة، الآية (24). ↑
- (3) ابن رجب الحنبلي، استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس، مطبعة الإمام، مصر، ص: 34ـــ35. ↑
- (1) القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى. دار الفكر الطباعة والنشر والتوزيع، 1409هـ، 1988م ج1، ص: 15. ↑
- (2) سورة التوبة، الآية (128). ↑
- (3) سورة الأنفال، الآية (33). ↑
- (4) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان، باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته، ج1، ص: 189. ↑
- (1) سورة الأنعام، الآية (124). ↑
- (2) سورة الأحزاب، الآية (40). ↑
- (3) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، ج4، ص: 186، حديث رقم (3534). ↑
- (4) سورة المائدة، الآية (92). ↑
- (5) سورة المائدة، الآية (67). ↑
- (6) صحيح مسلم، ج4، ص: 1782، حديث رقم (2278). ↑
- (1) سورة آل عمران، الآية (110). ↑
- (2) سورة الأحزاب، الآية (21). ↑
- (3) أخرجه البخاري في صحيحه، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)، ج1، ص: 95، حديث رقم (438). ↑
- (1) سورة المائدة، الآية (48). ↑
- (2) سورة المائدة، الآية (3). ↑
- (3) سورة آل عمران، الآية (85). ↑
- (4) أخرجه مسلم في صحيحه، باب وجوب إيمان أهل الكتاب برسالة الإسلام، ج1، ص: 134، حديث رقم (240). ↑
- (5) سورة الحج، الآية (78). ↑
- (6) سورة البقرة، الآية (185). ↑
- (1) سورة المائدة، الآيتان (15/16). ↑
- (2) سورة الحجر، الآية (9). ↑
- (3) السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، ط/1، 1420هـ، 2000م، ج1، ص: 429. ↑
- (1) سورة آل عمران، الآيتان (31/32). ↑
- (2) ابن رجب، كلمة الإخلاص وتحقيق معناها، زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط/4، 1397، ص: 21. ↑
- (3) سورة الأحزاب، الآية (21). ↑
- (4) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 6/392. ↑
- (5) سورة الحشر، الآية (7). ↑
- (1) سورة آل عمران، الآية (31). ↑
- (2) سورة الكهف، الآية (110). ↑
- (3) ابن القيم، طريق الهجرتين وباب السعادتين، ج1، ص: 271. ↑
- (4) سورة الأحزاب، الآية (56). ↑
- (1) سورة الطور، الآية (48). ↑
- (2) سورة الحديد، الآية (25). ↑
- (3) أخرجه البخاري في صحيحه، باب من لم يخمس الأسلاب ومن قتل لقتيلاً فله سلبه، ج4، ص: 91، حديث رقم (3141). ↑
- (1) ابن هشام، السيرة النبوية، ج2، ص: 172. ↑
- (2) انظر: سيرة ابن اسحق، ج1، ص: 116. وابن هشام، السيرة النبوية، ج4، ص: 31. ↑
-
(3) الواقدي: المغازي، دار الأعلمي، بيروت، ط/3، 1409هـ، 1989م، باب غزوة أحد، ج1، ص: 269. ↑