أسامة محمد صبحي السيد عمر1
1 كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر.
بريد الكتروني: osama.omar@qu.edu.qa
HNSJ, 2022, 3(11); https://doi.org/10.53796/hnsj31114
تاريخ النشر: 01/11/2022م تاريخ القبول: 08/10/2022م
المستخلص
يعتبر بحث قضايا الحوار الإسلامي المسيحي من أهم الأبحاث التي تظهر أهمية الحوار الإسلامي مع الأديان الأخرى في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، ولاسيما الحوار الإسلامي المسيحي في العصر العباسي. وقد هدف هذا البحث الى تسليط الضوء على الحوار الإسلامي مع النصارى في العصر العباسي. ومعرفة القضايا والموضوعات التي يتم عليها الحوار الإسلامي مع النصارى في العصر العباسي. وتسليط الضوء على الحوار الإسلامي المسيحي، والموضوعات التي تم تداولها في العهد العباسي. تم في هذا البحث استخدام المنهج الاستقرائي والاستنتاجي والتاريخي في الحديث الحوار الإسلامي. توصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن الاسلام هو دين الحوار القائم على الحق والعلم والتعايش مع الأمم الأخرى بعيداً عن الكراهية. وأن الحوار ليس غاية بحد ذاته بل المراد به الوصول إلى الايمان بالله تعالى والدخول في الدين الحق الصحيح. وكذلك توصل البحث الى ان المجتمع الإسلامي في العصر العباسي قد ضمن حرية العقيدة لغير المسلمين، وضمن لهم سلامة دور عبادتهم وممارسة شعائرهم الدينية.
الكلمات المفتاحية: الإسلام، الحوار، العباسي، النصارى، الآخر
Dialogue with the Other in the Abbasid Time “Christians as a Model”
Osama Mohamed Sobhi El-Sayed Omar1
1 College of Sharia and Islamic Studies, Qatar University.
Email: osama.omar@qu.edu.qa
HNSJ, 2022, 3(11); https://doi.org/10.53796/hnsj31114
Published at 01/11/2022 Accepted at 10/10/2021
Abstract
People use dialogue to exchange opinions and points of view. The main objective of dialogues between people is to reach understanding, even at its lowest levels, on points of disagreement. Dialogues vary to be economic, political, religious…etc., but we can consider religious dialogue as one of the most important topics that people talk about.
In accordance with the noble morals of Islam, it is incumbent upon a Muslim to adhere to the etiquette of the Qur’an when engaging in dialogue with any other party, because Islam is a religion of open dialogue with everyone, based on coexistence, away from compulsions of all kinds.
Dialogue between Muslims and the rest of the followers of other religions, including Christians, started at the dawn of Islam in Mecca until the present time.
Through this research, we will study the Islamic-Christian dialogue in the Abbasid era, the topics that dealt with this dialogue, and the results that emerged.
التمهيد
يستخدم الناس الحوار لتبادل الآراء ووجهات النظر، ويمكننا القول أن الهدف من الحوارات بين الناس هو الوصول للتفاهم ولو بحدوده الدنيا على نقاط الخلاف، ويتعدد الحوار فقد يكون اقتصاديا أو سياسيا أو دينيا…الخ، ولكن يمكننا اعتبار الحوار الديني من أكثر المواضيع التي يتم الحوار بشأنها.
وعملا بأخلاق الإسلام النبيلة، فإنه من الواجب على المسلم أن يلتزم بآداب القرآن عند القيام بالحوار مع أي طرف آخر، لأن الإسلام دين الحوار المنفتح مع الجميع، والقائم على العيش المشترك بعيدا عن الإكراهات بشتى أنواعها.
لا يتوقف المسلم عن التفاعل مع الآخرين اجتماعياً وحضارياً، رائده في ذلك كتاب ربه، وأسوته نبيه – صلى الله عليه وسلم -، إذ القرآن أمر بالإحسان إلى الوالدين والجار، ولو كانوا على غير دين الإسلام، كما حثّ على البر وحسن العشرة مع الذين لم يتصدوا لمقاتلة المسلمين والاعتداء عليهم، كما كانت حياته – صلى الله عليه وسلم – نبراساً في التسامح وحسن التعايش مع الآخرين، ممن اختاروا إلفهم من العقائد والأديان[1]. كما أن دروس التاريخ وسنن الحياة والوضع الراهن ومصلحة الإسلام، ومصلحة الإنسان والحضارة تقتضي أن يلتقي الإسلام والمسيحية لإنقاذ البشرية وإنقاذ الإنسان[2].
والمتأمل في القرآن الكريم يلحظ أن الحوار هو الأسلوب الذي لا يكاد يغيب عن آياته فهو الوسيلة المعبرة عن آراء الآخرين، حيث يعتبر الحوار أهم الوسائل التي يستخدمها القرآن وأبرزها لنقل أحداث القصص وذكر الحجة والبرهان[3].
ذكر الحوار بشتى صوره في القرآن الكريم والسنة النبوية في مواقف كثيرة، ومع فئات عمرية مختلفة، ومع المسلمين والكفار، وهذا كله يدل على أهمية الحوار في التعامل مع مختلف الأجناس البشرية، وأنه من أهم الأساليب التربوية التي تقود الإنسان إلى خيري الدنيا والآخرة، ولا شك أن الحوار في المصدرين التشريعيين منهج لكل محاور، ونبراس يهتدى به في الميادين الحوارية[4]. كما توفر العقيدة أساسا قويا لحوار الأديان حيث تعتبر أن الاختلاف بين الناس هو أحد سنن الله في خلقه وهو واقع بمشيئته سبحانه، كما تقر العقيدة الإسلامية حقوق المعتقد والتفكير والتعبير وهو قاعدة كبرى من قواعد حقوق الإنسان في الإسلام[5].
كانت العلاقة بين الإسلام والديانة المسيحية علاقة متميزة عن علاقة الإسلام مع بقية الديانات الأخرى، والسبب في ذلك هو قرب المسافة زمنياً بين رسالة الإسلام ورسالة المسيح عليه السلام، ومن هنا كان تركيز الإسلام على بناء العلاقة الايجابية مع المسيحية الحقيقية تميز في اتجاهين الأول دعوة المسيحين إلى حقائق دينهم وأصول معتقدهم الذي جاء به المسيح وبخاصة تبشير المسيح أتباعه، وأهل زمانه لمجيء الرسول خاتم الانبياء والمرسلين، رسول الاسلام محمد صل الله عليه وسلم، والاتجاه الثاني لعلاقة الاسلام مع المسيحية بهدم القرآن الكريم لكل العقائد والأفكار والمبادئ الخاطئة، التي دخلت المسيحية الحقيقية التي جاء بها المسيح[6].
إن أكبر فرق بين الإمبراطورية الإسلامية وبين أوروبا التي كانت كلها على المسيحية في العصور الوسطى وجود عدد هائل من أهل الديانات الأخرى بين المسلمين، وأولئك هم أهل الذمة، وكانت الحاجة إلى المعيشة المشتركة وما ينبغي أن يكون فيها من وفاق مما أوجد من أول الأمر نوعا من التسامح الذي لم يكن معروفا في أوروبا في العصور الوسطى[7].
بدأ الحوار بين المسلمين وباقي أتباع الأديان الأخرى، ومنهم النصارى منذ فجر الإسلام في مكة وحتى وقتنا الراهن، ولكن الحوار الذي حمل مدى واسعا وانتشارا بالغا هو الحوار الإسلامي المسيحي في شتّى العصور ومنها العصر العباسي، وذلك لتنوع العناصر البشرية واختلاف انتماءاتها الدينية، وعليه فإنه ومن خلال هذا البحث سنقوم بدراسة الحوار الإسلامي المسيحي في العهد العباسي، والموضوعات التي تناولت هذا الحوار، والنتائج التي صدرت عنه.
أسباب اختيار هذا البحث:
إن من أهم أسباب القيام باختيار هذا البحث ما يلي:
• يعتبر بحث قضايا الحوار الإسلامي المسيحي من أهم الأبحاث التي تظهر أهمية الحوار الإسلامي مع الأديان الأخرى في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، ولاسيما الحوار الإسلامي المسيحي في العصر العباسي.
• من خلال توفر المصادر والمراجع عن هذا البحث، والقيام بالاطلاع عليها، فإن الباحث قادر على دراسة هذا البحث بتفاصيله المختلفة والمتنوعة.
أهداف البحث:
من أهم أهداف البحث ما يأتي:
• تسليط الضوء على الحوار الإسلامي مع النصارى في العصر العباسي.
• معرفة القضايا والموضوعات التي يتم عليها الحوار الإسلامي مع النصارى في العصر العباسي.
• تسليط الضوء على الحوار الإسلامي المسيحي، والموضوعات التي تم تداولها في العهد العباسي.
مشكلة البحث:
تتضمن مشكلة البحث الأسئلة الآتية، والتي سيقوم البحث بالإجابة عليها من خلال الدراسة:
• كيف كان الحوار الإسلامي مع النصارى في العهد العباسي؟
• ما هي الموضوعات التي تناولها الحوار الإسلامي مع النصارى في العهد العباسي؟
• ما هي الصعوبات والتحديات التي تواجه الحوار الإسلامي مع غيره من الأديان؟
• كيف تمثّلت ثقافة الحوار الإسلامي المسيحي في العهد العباسي؟
مناهج البحث وطرائقه:
تم في هذا البحث استخدام المنهج الاستقرائي والاستنتاجي والتاريخي في الحديث الحوار الإسلامي، ورؤية الإسلام للحوار، وكذلك تم استخدام المنهج الوصفي من خلال وصف ثقافة الحوار الإسلامي مع الأديان الأخرى، وخاصةً الحوار الإسلامي المسيحي في العهد العباسي.
الدراسات السابقة:
هناك العديد من الدراسات التي تمّ من خلالها تناول هذا الموضوع، ومن هذه الدراسات:
• بسّام داود عجك (1998). الحوار الإسلامي المسيحي المبادئ _ التاريخ _ الموضوعات _ الأهداف. رسالة ماجستير. دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع. الطبعة الأولى. سورية.
تضمنت هذه الرسالة موقف القرآن والسنة من المسيحية والمسيحيين ومبادئ الحوار معهم، وكذلك تاريخ الحوار الإسلامي المسيحي، وكذلك موضوعات الحوار الإسلامي المسيحي، وكذلك المواقف والأهداف من الحوار الإسلامي والمسيحي. لم تتعرض الرسالة للحوار الإسلامي المسيحي في العهد العباسي بشكل مستفيض.
. رمضان رضائي (1434). الصلات بين الحضارتين الاسلامية والرومانية. آفاق الحضارة الاسلامية أكاديمية العلوم الانسانية والدراسات الثقافية، السنة 16، العدد 1.
تضمنت هذه الدراسة العلاقة بين الدولة العباسية والدولة الفرنسية، والعلاقة بين هارون الرشيد وشارلمان، وأوضحت نتائج العلاقة بين الحضارتين.
الفصل الأول
أهل الذمة في الدولة العباسية
انتقلت الخلافة إلى بني العباس فازداد حب النصارى للمسلمين كما أن المسلمين غالوا في ملاطفتهم ووثقوا بهم ثقة بلغت أقصاها[8]. كما كان الإسلام دينا وحكما ومدنية في بغداد وسائر المملكة الإسلامية في العصر العباسي، ولعل هذا من الأسباب التي دعت إلى دخول كثيرين في الإسلام في ذلك العصر[9].
كان للعباسيين أثر كبير في دخول عدد عديد في الإسلام من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، أكثر مما فتح في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين، وساعد على ذلك ما لاحظه الأستاذ أرنولد من أن المذاهب النصرانية من يعاقبة ونساطرة وملكانية وغيرها كان بينها من العداء واضطهاد بعضها بعضا أشد مما كان بين أهل دين ودين آخر، فليس عجيبا أن يهرب آلاف من هذا الاضطهاد والعذاب، ويلجئوا إلى عقيدة سهلة هي عقيدة الوحدانية[10].
ولم تكن الحكومة الإسلامية تتدخل في الشعائر الدينية لأهل الذمة، بل كان يبلغ من بعض الخلفاء أن يحضر مواكبهم وأعيادهم ويأمر بصيانتهم[11]. وكثيرا ما كان رجال الشرطة المسلمون يتدخلون بين الفرق النصرانية لمنعهم من المشاجرات، حتى عين حاكم أنطاكية في القرن الثالث الهجري رجلا يتقاضى ثلاثين دينارا من النصارى في الشهر، وعلمه أن يمنع المتخاصمين من قتل بعضهم بعضا[12]. وكان أوَّل من أدخل النصارى المسجِد الجامع فِي خصوماتهم محمد بْن مَسرُوق[13].
وكان الخلفاء يستخدمون النساطرة ويولونهم المدن والقرى، وكان الصيارفة والأطباء والكتاب ومتولي الخزائن غالبا من النساطرة. وأشهر العلماء الذين استخدمهم الخلفاء لترجمة الكتب السريانية واليونانية المجموعة من البلاد القاصية إلى اللغة العربية كانوا من علماء النصارى ولا سيما النساطرة ومنهم إسحاق الطبيب وابنه حنين ويوحنا ماسويه[14].
لما أخذ الموالي الفرس في تنظيم الحكومة وترتيب دواوينها، أحسوا بافتقارهم إلى من يعينهم على ذلك من أهل الذمة في العراق والشام، وكانوا أهل معرفة في الحساب والكتابة والخراج فضلا عن العلوم، فأطمعوهم في بالرواتب والجوائز وسهلوا لهم أسباب المعيشة وقربوهم وأكرمهم فاطمأنوا لتلك الدولة وتقاطروا إلى بغداد وخدموا العباسيين بعقولهم وأقلامهم، بما أنسوه من تسامحهم وإطلاق حرية الدين لهم، فاستخدمهم العباسيون في دواوينهم وولوهم خزائنهم وضياعهم[15].
وانفرد نصر بن هارون بوزارة عضد الدولة، وكان مقيما بفارس[16]، وكان مسيحيا وقد ظلت دواوين الحكومة وخاصة ديوان الخراج فترة طويلة مكتظة بالمسيحين والفرس[17]. كما تحدث بنيامين التطيلي عن الخليفة العباسي المستنجد بالله أبي الظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله العباسي أن له حاشية تضم بعض اليهود علموه اللغة العبرية قراءة وكتابة، كما كان الخلفاء العباسيون محاطين ببطانة وصحبة يهود أو مسيحيين يدارسونهم ويقارنون معهم الأديان في عهد بني بويه وهي الفترة من 334ه-447ه/946م-1055م[18].
وأعاد السلاجقة إنشاء مكاتب إدارية مركزية، ولقد شغلوا المناصب بمسؤولين يهود ومسيحيين توفرت لديهم المتطلبات من المعرفة والعلاقات مع الشبكات التجارية والائتمانية بعيدة المدى لتنفيذها، وكان منهم أبو علي بن فضلان، يهودي من عائلة من جهابذة اليهود، عمل رئيسًا للديوان وسكرتيرًا لزوجة السلطان السلجوقي.
وبالمثل، نُصِّب ابن الموصلية وهو من عائلة سكرتارية مسيحية نسطورية بارزة كرئيس للديوان[19].
كما حرص الخلفاء على تأمين الحماية لأهل الذمة وتعويضهم عن بعض الأضرار التي قد تلحق بهم عن شغب العوام[20]. وكان أهل الذمة يعاملون في مارستانات بغداد معاملة المسلمين[21]، وفي عام 371ه-981م مات أحد كبار الصوفية فمشى في جنازته المسلمون واليهود والنصارى[22].
وخلال الفترة البويهية، كان هناك انتشار لمحاكم الولايات في جميع أنحاء العالم الإسلامي الشرقي، وكان يعمل بها عدد كبير نسبيًا من المسؤولين اليهود والمسيحيين[23]
وأما عن جزية أهل الذمة، فلا تؤخذ الجزية من المسكين الذي يتصدق عليه ولا من أعمى لا حرفة له ولا عمل، ولا من ذمي يتصدق عليه ولا من مقعد، وكذلك المترهبون الذين في الديارات إذا كان لهم يسار أخذ منهم وإن كانوا إنما هم مساكين يتصدق عليهم أهل اليسار منهم لم يؤخذ منهم، وكذلك أهل الصوامع[24].
الفصل الثاني
حوارات أبي العباس السفاح
أتى أبو العباس السفاح أول خلفاء بني العباس برجل ثنوي على مذهب المجوس فجمع له العلماء وقال بما ترون؟ قالوا: السيف يا أمير المؤمنين. فقال: نعم السيف لكن بعد إقامة الحجة عليه، ثم أقبل على الرجل وقال له صف لي شبهتك”. فقال رأيت خيرًا وشرًا وعزًا وذلًا وموتًا وحياة فقلت هذا ليس من واحد بل من اثنين واحد للخير وآخر للشرّ، فأطرق السفاح مليا ثم رفع رأسه وقال له أخبرني عن الذي يخلق الخير أيقدر على خلق مقدور الآخر؟ قال لا. قال: ويحك [فـ]ـاتخذت إلهين عاجزين قاصرين ومن لا يقدرَ إلا على بعض المقدورات دون بعض فعاجز عن البعض. فبهت الرجل، فقال له أبقيت لك حجة؟ فقال: لا. قال: الآن فاضربوا عنقه”. فقال له ابن شبرمة: الحمد لله الذي هدى بأولكم أوّلنا وبآخركم آخرنا، ثم ردّ السفاح رأسه إلى الجمع وقال لهم هلا أنفقتم جزءا من أعماركم في قراءة علم تردّون به على من ألحد في دين اللّه يوما من الدهر.[25]
وهذه القصة وإن وجدنا لها مصادرا في كتب التراث إلا أنها غريبة بعض الشيء، لأن المجوس كانوا جزءً من أهل الذمة المنتشرين في حواضر الخلافة حتى إن بعضهم كان مقيما في المدينة في زمن خلافة عمر، فلم يدعهم عمر بن الخطاب للمناظرة والمحاججة ولم يتعرض لهم للسيف كما تذكر قصة أبي العباس السفاح، وهنا نقول إذا كان القصة صحيحة فهذا إجحاف بحق أهل الذمة الذين وفرت لهم الدولة الإسلامية حرية الاعتقاد وممارسته، وإن كانت مكذوبة فهي بهذه الحالة تكون من القصص المدسوسة والمقصود بها النيل من أبي العباس السفاح، فقد كان لبني العباس خصوم كثر وخاصة مع بداية حكمهم بعد تغلبهم على حكم بني أمية.
الفصل الثالث
حوارات أبي جعفر المنصور والهادي
قال سليمان بن المجالد وزير أبي جعفر: خرجت مع أبي جعفر يوما قبل أن نبتني مدينة بغداد، ونحن نرتاد موضعا نبني فيه مدينة يكون فيها عسكره، قال: فبصرنا بقس شيخ كبير ومعه جماعة من النصارى، فقال: اذهب إلى هذا القس نسأله، فمضى إليه فوقف عليه أبو جعفر فسلم عليه ثم قال: يا شيخ أبلغك أنه يبنى هاهنا مدينة؟ قال: نعم؛ ولست بصاحبها. قال: وما علمك؟ قال القس: وما اسمك؟ قال اسمي عبد الله. قال: فلست بصاحبها. قال: فما اسم صاحبها؟ قال: مقلاص. قال: فتبسم أبو جعفر وصغى إلي، فقال: أنا والله مقلاص، كان أبي يسميني وأنا صغير” مقلاصا فاختط موضع مدينة أبي جعفر، وتحول أبو جعفر من الهاشمية إلى بغداد، وأمر ببنائها ثم رجع إلى الكوفة في سنة أربع وأربعين ومائة، وفرغ من بنائها ونزلها مع جنده وسماها مدينة السلام سنة خمس وأربعين ومائة، وفرغ من بناء الرصافة سنة أربع وخمسين ومائة[26].
وحسب هذه القصة نجد أن لغة وثقافة الحوار كانت شائعة بين المسلمين والنصارى، ودليل ذلك إقبال أبي جعفر المنصور على القس والمبادرة بسؤاله وحواره وتصديق كلامه فيما ذهب إليه بخصوص اسم الرجل الذي سيبني الأرض.
ولما قدم بختيشوع الأكبر على المنصور من السوس ودخل عليه في قصره بباب الذهب ببغداد قال: شراب، فقيل له إن الشراب لا يشرب على مائدة أمير المؤمنين، فقال لا آكل طعاما ليس معه شراب، فأخبر المنصور بذلك فقال: دعوه[27]. وهذه القصة تدل على تسامح المنصور مع ضيفه وعدم إلزامه بشرع الإسلام في الخمر، فلم يشأ المنصور هنا أن يمنع الضيف من شرابه ولكن يبقى تصرف المنصور هنا مسألة خلافية لأن المسكر محرم في الإسلام، وما دام محرما فليس مشرعا لنا تقديمه لضيوفنا.
وكان الهادي يستدعي الأسقف تيموثاوس في أكثر الأيام ويحاورُهُ في الدين، ويبحث معه ويناظره، ويطرح عليه كثيرًا من القضايا، وله معه مباحثُ طويلةٌ ضَمَّنَها كتابًا أَلَّفَه الأسقف المذكور في هذا الموضوع، وكان هارونُ الرشيد يفعل مثل هذا أيضًا[28].
الفصل الرابع
حوارات الخليفة هارون الرشيد وشارلمان
من المشهور في بعض كتب التاريخ أن الخليفة هارون الرشيد والامبراطور شارلمان كانا يرتبطان بعلاقات سياسية، وكانت بينهما صلة ودية جعلتهما يتبادلان الهدايا والرسل ويجامل أحدهما الآخر في كثير من الأحوال، حتى قيل أن هارون الرشيد لم يمنحهم ما طلبوه فقط وإنما أعطاهم حق امتلاك القبر المقدس تلك البقعة المقدسة المباركة، وعندما عاد السفراء إلى بلادهم بعث الرشيد معهم إلى شارلمان الهدايا الفاخرة إضافة إلى مواد وعطور ومنتوجات قيمة من البلاد الشرقية، وقبل ذلك بسنوات قليلة كان شارلمان قد طلب من الرشيد فيلاً، وبعث الرشيد إليه بالفيل الوحيد الذي كان يمتلكه[29].
وكان هارون الرشيد في نزاع مستمر مع البيزنطيين وقد أذلهم واضطرت ملكتهم إيريني أن تدفع إليه الجزية السنوية على أن توقف هجماتهم عن بلاد الأناضول، وكان شارلمان نفسه يحرض الثوار الأندلسيين على التمرد ضد عبد الرحمن الداخل وأرسل حملة لمساعدتهم فرجعوا عنها خائبين، كل هذه الأمور ساعدت على استئناف الصلات بين الخليفة هارون الرشيد وشارلمان الكبير، وكان لبطريرك القدس يد فعالة في هذه الصلات، وكان شارلمان هو البادئ في كل منها بالاستفسار، ولم يزد الرشيد على أن يرد السفارة بسفارة وعلى الهدية بهدية مثلها، وفي سنة 802م أرسل شارلمان وفداً آخر إلى هارون الرشيد، فرد عليه الرشيد في سنة 807م بتحف شرقية منها صيوان ملون بألوان متنوعة ومنسوجات من الحرير والكتان وساعة مائية وأواني نحاسية [30].
محاور التقارب بين هارون الرشيد وشارلمان الكبير:
فشارلمان لم يتقرب إلى الرشيد ولم يطلب وده وصداقته إلا إذا قضت مصالحهما السياسية التي كان محورها الأمور الآتية:
- أن يعهد الرشيد إلى شارلمان بالقيام على المصالح العباسية فيما يغلب عليه شارلمان من أرض الأندلس، وأن يشد شارلمان أزر الحزب القائم بالدعوة العباسية في تلك البلاد التي اقتطعها بنو أمية عن ملك بني العباس
- أن ينعقد بين العاهلين حلف وتعاون من شأنه أن يطلق يد شارلمان في ملك بني أمية بالأندلس، ويطلق يد الرشيد في ملك الدولة البيزنطية بالمشرق
- أن يسهل الرشيد لزوار بيت المقدس وحجاجه من الفرنجة وأتباع الكنيسة الكاثوليكية سبيل زيارته وحجه، وأن يعفيهم من القيود والتكاليف التي وضعها الرشيد
- إرادة الرشيد في إضعاف هذه الدولة الخارجة على دولته والهاربة من وجه عائلته حتى يتسنى له ضم الأندلس إلى مملكته الواسعة الأطراف
- آمال شارلمان أيضاً التي كانت منصرفة إلى اسقاط دولة القيصر في القسطنطينية أو على الأقل جعل دولته متقدمة عليها في أوروبا
- رغبة الرشيد في إضعاف دولة القيصر، هذا بالاتفاق مع شارلمان أكبر ملك مسيحي في ذلك الوقت [31].
وقد أَنْكر بعض الباحثين من الفرنج حكاية هذه الوفود بدعوى أن مؤرخي العرب لم يذكروها في كتبهم، ولكن هذه الحجة لا تُقْنع؛ لأن كثيرًا من الحوادث حدثت في أوروبا ولم يَذْكُرها مؤرخو العرب لجهلهم بها، خصوصًا وأن بقايا هذه الهدايا محفوظة إلى اليوم، ومن المؤكَّد أنها مصنوعة في الشرق[32].
ومن وجهة نظري كباحث فأرى أن شارلمان قد تقرب من الرشيد حتى يتفرغ لخصومته مع عبدالرحمن الداخل، وأما عن موقف الرشيد من عداء شارمان مع الأمويين في الأندلس، فأقف إزاءه بين مصدق ومكذب، بسبب خصومة الرشيد مع بني أمية ممن أحيوا دولة الأمويين في الغرب بعد أو وأدها العباسيون في الشرق، وبسبب أنفة الرشيد المسلم الذي لا أرى أنه قد يتواطئ مع الرومي لينال من أخيه المسلم رغم ما بينهما من خصومة.
ورُوي أن هارون الرشيد كان له علج طبيب، له فطنة وأدب، فودَّ الرشيد أن لو أسلم فقال له يوما: ما يمنعك من الإسلام؟ فقال: آية في كتابكم حجة على ما انتحله، قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى [عن] عيسى عليه السلام وَرُوحٌ مِنْهُ وهو الذي نحن عليه، فعظم ذلك على الرشيد وجمع له العلماء فلم يحضرهم جواب ذلك حتى ورد قوم من خراسان فيهم علي بن وافد من أهل القرآن فأخبره الرشيد بالمسألة فاستعجم عليه الجواب ثم خلا بنفسه وقال “ما أجد المطلوب إلّا في كتاب الله، فابتدأ القرآن من أوله وقرأ حتى بلغ سورة الجاثية إلى قوله تعالى (وَسَخّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)، فخرج إلى الرشيد وأحضر العلج فقرأها عليه وقال له: إن كان (وَرُوحٌ مِنْهُ) يوجب أن يكون عيسى بعضًا منه تعالى وجب ذلك في السماوات والأرض، فانقطع النصراني ولم يجد جوابًا، فأسلم وسُرَّ الرشيد بذلك وأجزل صلة ابن الوافد. فلما رجع ابن الوافد إلى (بلده) صنف كتاب النظائر في القرآن[33].
وهنا نجد أن الرشيد كان حريصا على الحوار مع من حوله، ومعرفة سبب امتناعهم عن اعتناق الإسلام، وطلب أهل العلم للرد على النصارى ومناظرتهم وإقناعهم بعيدا عن الإكراه والتعصب مع الالتزام بآداب الحوار، كما التزم بأصول الحوار ومنها أهلية أطراف الحوار للحوار.
الفصل الخامس
حوارات المأمون
كان الخليفة المأمون العباسي مثقفاً عميق الثقافة، فكان يستدعي القسيسين من حران وأنطاكية، ويجمع بينهم وبين علماء المسلمين في حوارات عامة وخاصة بحضور عدد كبير من العلماء والفقهاء وأهل الملل وأصحاب المعتقدات.
ويظهر أن وثيقة وصلت إلينا تدل على صورة واضحة من صور الدعوة إلى الإسلام ترجع إلى عهد المأمون وهي في صورة رسالة كتبها ابن عم الخليفة إلى عربي مسيحي كريم المحتد: عظيم المنزلة في البلاط، وكان المأمون يحله من نفسه محل الاحترام والتقدير، وفي هذه الرسالة يرجو من صديقه أن يدخل في الإسلام، وكان رجاؤه في لهجة تنم عن الود وفي لغة تصور في بوضوح مسلك المسلمين السمح تجاه الكنيسة المسيحية في ذلك العصر[34].
كما كان المأمون شديد التحمس فيما قام به من جهود في نشر الإسلام، فأرسل إلى الكفار حتى إلى من كان يقيم منهم في أقصى أجزاء مملكته كبلاد ما وراء النهر وفرغانة يدعوهم إلى الإسلام، ولم يسئ في الوقت نفسه استعمال سلطته الملكية بمحاولة فرض عقيدته على غيره: ذلك أنه لما قدم شخص يدعى يزادنبخت زعيم المانوية في زيارة لبغداد وعقد مناظرة مع المتكلمين المسلمين وأفحمه فيها المتكلمون منهم، حاول الخليفة أن يقنعه باعتناق الإسلام، ولكن يزدانبخت أبى ذلك وقال “نصيحتك يا أمير المؤمنين مسموعة وقولك مقبول، ولكنك ممن لا يجبر الناس عن ترك مذاهبهم، فلم يبد الخليفة شيئا من الاستياء لإخفاق محاولته ووكل به حفظة خوفا من تعصب الغوغاء[35].
وحُكي أن المأمون ناظر ثنويًا فقال له: أسألك عن حرفين هل ندم مسيء قط على إساءته؟ قال الثنوي نعم. قال له المأمون: فالندم على الإساءة إساءة أم إحسان؟ قال: إحسان. قال له: فالذي أساء هو الذي أحسن أم غيره؟ قال: بل هو هو. قال له المأمون: فأرى صاحب الخير هو صاحب الشر وبطل قولكم بأن الذي ينسب إليه الخير غير الذي ينسب إليه الشر، فرجع الثنوي فقال: أنا أزعم أن الذي أساء غير الذي ندم. قال له المأمون: فندم على شيء كان من غيره أو كان منه؟ فسكت الثنوي وعجز وبطل مذهبه[36].
وفي هذا الحوار نجد أن المأمون قد التزم بأصول الحوار في تحرير محل النزاع والاحتكام إلى المعيار المناسب بالشكل المناسب والدليل المناسب بالقدر المناسب والالتزام بالعدل والاستماع للمتحاور معه، بالإضافة لالتزامه بآداب الحوار كالرفق واللين وإيجاز الكلام وبيانه.
وذكر ان المأمون جمع بين العتابي وابن فروة النصراني وقال لهما تكلَّما وأوجزا. فقال العتابي لابن فروة: ما تقول في عيسى المسيح؟ قال: أقول أنه من الله، قال صدقت ولكن من تقع على أربع جهات لا خامس لها: من كالبعض من الكل على سبيل التجزي؛ أو كالولد من الوالد على سبيل التناسل، أول كالخل من الخمر على سبيل الإستحالة، أو كالصنعة من الصانع على سبيل الخلق من الخالق، أم عندك شيء تذكره غير ذلك؟ قال ابن فروة: لا بد أن يكون هذه الوجوه فما أنت مجيبني إن تقلدت مقالة منها. قال العتابي: إن قلت على سبيل التجزي كفرت وإن قلت على سبيل التناسل كفرت، وإن قلت الإستحالة كفرت، وإن قلت على سبيل الفعل كالصنعة من الصانع والمخلوق من الخالق فقد أصبت”، قال ابن فروة: فما تركت لي قولًا أقوله، وانقطع. وإنما ألزمه العتابي الكفر في الأوجه الثلاثة ما عدا الفعل من الفاعل لأن كل وجه منها يؤدي إلى الحدوث والإفتقار[37] .
كما كان من الحوارات التي جرت في بلاط المأمون الحوار بين علي الرضا وجاثليق، فقال الجاثليق كيف أحاج رجلاً يحتج علي بكتاب أنا منكره، ونبي لا أؤمن به” فقال له الرضا: يا نصراني، فإن احتججت عليك بإنجيلك أتقر به، قال الجاثليق وهل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل نعم والله أقر به على رغم أنفي. فقال الرضا: سل عما بدا لك، وافهم الجواب. قال الجاثليق: ما تقول في نبوة عيسى وكتابه. هل تنكر منهما شيئاً؟ قال الرضا: أنا مقر بنبوة عيسى وكتابه، وما بشر به أمته، وأقرت به الحواريون، وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبكتابه، ولم يبشر به أمته، قال الجاثليق: أليس إنما تقطع الأحكام بشاهدي عدل، قال: بلى، قال: فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد من لا تنكره النصرانية، فذكر له الرضا اسم يوحنا الديلمي من أصحاب عيسى فقال الجاثليق: ذكرت أحب الناس إلى المسيح، قال الرضا: فأقسمت عليك هل نطق الإنجيل أن يوحنا، قال: إن المسيح أخبرني بدين محمد العربي، وبشرني به، أنه يكون من بعده، فبشرت به الحوارين، قال الجاثليق: قد ذكر ذلك يوحنا عن المسيح، وبشر بنبوة رجل، ولم يلخص متى يكون ذلك، ولم يسلم لنا القوم فنعرفهم، ثم قرأ له الرضا من الإنجيل التي ذكر فيها النبي واستحلفه قائلاً ما تقول يا نصراني، هذا قول عيسى، فإن كذبت ما ينطق به الإنجيل، فقد كذبت موسى وعيسى عليهما السلام، ومتى أنكرت هذا الذكر وجب عليك القتل، ثم قال الرضا في موضع آخر، يا نصراني والله إنا لنؤمن بعيسى الذي آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وما ننقم من عيساكم شيئاً إلا ضعفه، وقلة صيامه وصلاته، قال الجاثليق: أفسدت والله علمك وضعفت أمرك، وما كنت ظننت إلا أنك أعلم أهل الاسلام، قال الرضا: وكيف ذلك؟ قال الجاثليق: من قولك: أن عيسى كان ضعيفاً قليل الصيام والصلاة، قال الرضا: فلمن كان يصوم ويصلي ؟ فسكت الجاثليق، ثم قال الرضا: يا نصراني، أسألك عن مسألة، قال: سل، قال الرضا: ما أنكرت أن عيسى كان يحيى الموتى بإذن الله ؟ قال الجاثليق: أنكرت ذلك من قبل، أن من أحيى الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص، فهو رب مستحق لأن يعبد، قال الرضا: فإن اليسع صنع مثل ما صنع عيسى، فلم تتخذه أمته رباً، ولم يعبده أحد من دون الله، وأتى له بالأدلة من التوراة، فسكت الجاثليق[38].
وهذا الحوار الذي جرى بين الإمام الرضا والجاثليق من أجمل الحوارات الدينية المعبرة كان بين عالمين ذوي أهلية للحوار مع التزام كل طرف بالعودة للمراجع والبينات التي تدعم حكمه وبيانه، ولم أجد فيه أخطاءً أو خروجا عن محل النزاع، بل حرصا من كل طرف على الاستناد للبراهين التي جاء بها من المصادر المعروفة.
الفصل السادس
حوارات الباقلاني
ومن الحوارات التي سجلها التاريخ حوارات القاضي أبو بكر محمد الباقلاني والذي أوفده المعتضد العباسي
إلى ملك الروم في القسطنطينية، والحوار الذي جرى بينه وبين الملك وحاشيته مذكور ومشهود، ومن يقرأ حواراته يعلم أن شخصيته تكشف عن محاور متمكن موسوعي قلّ أن تجد له مثيلا، فقد كان الباقلاني محاورا مؤهلا سريع البديهة حاضر الحجة.
واسمه هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم الباقلاني، ويلقب القاضي الباقلاني – أيضًا – بسيف السنة، وبلسان الأمة، وبالقاضي[39]. وفي كتاب المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، يقول ابن الجوزي أن عضد الدولة كان قد بعث القاضي أبا بكر الباقلاني في رسالة إلى ملك الروم، فلما ورد مدينته عرف الملك خبره وبين له محله في العلم، فأفكر الملك في أمره وعلم أنه لا يفكر له إذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية أن يقبل الأرض بين يدي الملوك، ثم نتجت له الفكرة أن يضع سريره الذي يجلس عليه وراء باب لطيف لا يمكن أحد أن يدخل منه إلا راكعا ليدخل القاضي منه على تلك الحال عوضا من تكفيره بين يديه، فلما وضع سريره في ذلك الموضع أمر بإدخال القاضي من الباب، فسار حتى وصل إلى المكان فلما رآه تفكر فيه ثم فطن بالقصة، فأدار ظهره وحنى رأسه ودخل من الباب، وهو يمشى إلى خلفه وقد استقبل الملك بدبره حتى صار بين يديه، ثم رفع رأسه ونصب ظهره وأدار وجهه حينئذ إلى الملك، فعجب من فطنته ووقعت له الهيبة في نفسه[40].
كما ذكر الحافظ الإمام محدّث الشام ابن عساكر أن طاغية الروم عرَّض للقاضي أبي بكر يوما بحديث الإفك لقصد التوبيخ به فقال له القاضي ”هما اثنتان قيل فيهما ما قيل زوج نبينا ومريم ابنة عمران وكلٌ قد برأها الله سبحانه مما رميت به”، فانقطع الطاغية ولم يجد جوابا فجزى الله القاضي خيرا على نصره الإسلام والمسلمين[41].
وكذلك من المناظرات الظريفة التي حصلت مع النصارى: أن الباقلاني دخل على المجلس والمجلس فيه بطارقة الروم وفيه رهبانهم وكبراؤهم، فـ الباقلاني ذهب إلى أكبر راهب في المجلس -البابا- وقال له الباقلاني: كيف حالك؟ وكيف حال أولادك وزوجتك؟ وهذا جعل النصارى يثورون، وقالوا: وقر كبيرنا، كيف تقول له ذلك؟ وذلك لأن الرهبان لا يتزوجون ولا لهم أولاد، لأن الزواج عليهم حرام، ولا يتلاءم مع مكانتهم ولا يليق بهم، فقالوا: وقر كبيرنا، أما علمت أننا ننزه هذا عن الأهل والأولاد. قال أبو بكر الباقلاني رحمه الله: فأنتم تنزهون هذا المخلوق عن الزوجة والولد وتعتبرون ذلك عيباً في حقه ولا تنزهون خالقكم وربكم عن الزوجة والولد فانبخعوا[42].
وذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك قصة أخرى تدل على نفس الصفة وهي: لما وصل إلى ملك الروم بالقسطنطينية قال من تلقاه ومن معه: لا تدخلوا على الملك بعمائمكم حتى تنزعوها، وحتى تنزعوا أخفافكم. فرفض الباقلاني، وقال: فإن رضيتم وإلا فخذوا الكتب تقرؤونها ويرسل بجوابها الملك وأعوذ بها، فأخبر بذلك الملك. فقال: أريد معرفة سبب هذا وامتناعه مما مضى عليه رسمي مع الرسل. فسئل القاضي عن ذلك، فقال: أنا رجل من علماء المسلمين وما تريدوه منا ذلك وصغار والله – تعالى – قد رفعنا بالإسلام، وأعزنا بنبينا محمد عليه السلام. وأيضًا، فإن من شأن الملوك إذا وصلتهم رسل من ملك آخر أن يرفعوا قدرهم لاسيما إذا كان الرسول من أهل العلم. فعرف الترجمان الملك بذلك. فقال: دعوه يدخل ومن معه كما يشتهون[43].
وهذه كلها إن دلت على شيء فإنما تدل على سرعة بديهة القاضي ونباهته وحضور جوابه، وعلى ضرورة أن يكون المحاور من أهل العلم القادرين على رد الحجة بالحجة مع ثبات في الموقف ورجحان في الرأي وصدع بالحق وثقة بالنفس.
الفصل السابع
حوارات أخرى
وبعيداً عن قصور الأمراء والخلفاء، وفي مدينة يغلب على سكانها التنوع الديني والثقافي وفي ظل ثقافة التسامح التي عرفها المسلمون، فقد كانت الحوارات تجري في الطرقات والأسواق بين المسلمين وأتباع الأديان الأخرى، فقد كانت بغداد حاضرة ثقافية ودينية اجتمعت فيها مختلف الديانات والثقافات والأعراق من العراق وما حولها، ولم تخلُ مجالسهم من نقاشات حول الأديان والفرق والمذاهب.
ولعل من أوائل ما نقل في هذا الصدد حوار أبي حنيفة النعمان بن ثابت مع طائفة من الملاحدة حول سببية العالم[44]. ونقل صاحب عيون المناظرات قصة فيلسوف نصراني قدم بغداد، وأسلم بعد حواره مع نخبة من علماء المسلمين، جمعهم الخليفة في قصره، منهم الصالحي والجبائي والكعبي والأشعري[45].
وعن بعض العلماء أنه أُسر بالروم فقال لهم: لم تعبدون عيسى؟ قالوا له: لأنه لا أب له. قال: فآدم أولى لأنه لا أبوين له”، قالوا: كان يحيى الموتى قال فحزقيل أولى لأن عيسى أحيى أربعة نفر وأحيى حزقيل ثمانية آلاف. [فـ] ـقالوا كان يبرىء الأكمه والأبرص. قال: فجرجيس أولى لأنه طُبخ وأُحرق ثم قام سالمًا[46].
وقال نصراني متفلسف لبعض المسلمين: ألستم تزعمون أن الروح إذا خرجت من الجسد يُصعد بها علِيّين إن كانت سعيدة أو ينزل بها إلى سجين إن كانت شقية، قال “نعم”، قال: “فأنا أجعل شخصًا في إناء رصاص وأفرغ عليه من الرصاص فهذه الروح من أين تخرج إذا مات؟” قال له المسلم: إذا ناديته وهو في إناء الرصاص أيسمع صوتك؟ قال: “نعم”، قال: “من أين وصل إليه صوتك من هناك تخرج روحه، فانقطع النصراني[47].
قال صاحب بهجة الإشراق إن نصرانيا متفلسفا ورد من بلاده إلى الخليفة ببغداد يطلب المناظرة لعلماء المسلمين على قدم العالم والتزم أن يرجع إلى الإسلام إن قامت عليه الحجة فرأى الخليفة أن يجمع له علماء العصر من أصول الدين إذ لا يتقدّم لهذا الأمر سواهم فبعث إلى الصالحي فقدم من خراسان وهو من شيوخ المعتزلة وبعث إلى أبي علي الجبائي وهو من المعتزلة أيضا وإلى أبى الحسن الأشعري شيخ أهل السنة فقدما من البصرة، واستحضر أبا القاسم الكعبي من بغداد، وجمعهم للكلام مع هذا الرجل في مسألة حدوث العالم والرّد على من قال بقدمه، قال علماؤنا رضي الله عنهم: وهو باب عظيم من فتحه الله عليه ولو بعد عشرين سنة فهو مرحوم لأنه الفرق بين المؤمن والكافر[48].
الخاتمة
وفي هذا الموقف يمكن الاشارة إلى بعض النقاط المهمة التي توصل إليها البحث:
- الاسلام هو دين الحوار القائم على الحق والعلم والتعايش مع الأمم الأخرى بعيداً عن الكراهية.
- الحوار ليس غاية بحد ذاته بل المراد به الوصول إلى الايمان بالله تعالى والدخول في الدين الحق الصحيح.
- ضمن المجتمع الإسلامي في العصر العباسي حرية العقيدة لغير المسلمين، وضمن لهم سلامة دور عبادتهم وممارسة شعائرهم الدينية.
- أعطى المجتمع الاسلامي في العصر العباسي لغير المسلمين دورا بارزا في المجتمع، فلم يغلق الباب دون أهل الذمة في أي باب من أبواب الأعمال سواء سياسية أو عسكرية وغيرها.
- اهتم الخلفاء والعلماء في العصر العباسي بفتح قنوات الحوار مع الآخر لمناقشة القضايا العقدية والدينية المختلفة.
- اتسمت الحوارات التي جرت في حضرة الخلفاء وفي مجالس العامة بالاتزان ووضوح الفكرة وعمق النقاش والعدالة والأهلية وحرص المسلمين على دعوة غير المسلمين للإسلام بالحجة والبرهان والإقناع.
- كان من نتاج التسامح مع الآخر وتقبله في العصر العباسي إقبال الكثير من غير المسلمين على اعتناق الإسلام.
المصادر والمراجع
ابن الأثير، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري عز الدين ابن الأثير (توفي 630هـ/1233م)، الكامل في التاريخ، دار الكتاب العربي، بيروت، 1417هـ-1997م.
Ibn al-Athīr, Abū al-Ḥasan ʻAlī ibn Abī al-karam Muḥammad ibn Muḥammad ibn ʻAbd al-Karīm ibn ʻAbd al-Wāḥid al-Shaybānī al-Jazarī ʻIzz al-Dīn Ibn al-Athīr (tuwuffiya 630h / 1233m), al-kāmil fī al-tārīkh, Dār al-Kitāb al-ʻArabī, Bayrūt, 1417h-1997m
ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين (توفي 751هـ/1350م)، أحكام أهل الذمة، رمادي للنشر، الدمام، (ط1)، 1418هـ-1997م.
• Ibn Qayyim al-Jawzīyah, Muḥammad ibn Abī Bakr ibn Ayyūb ibn Saʻd Shams al-Dīn (tuwuffiya 751h / 1350m), Aḥkām ahl al-dhimmah, Ramādī lil-Nashr, al-Dammām, (Ṭ1), 1418h-1997m.
أرنولد، سير توماس (توفي 1930م)، الدعوة إلى الإسلام، ترجمة الدكتور حسن إبراهيم حسن وآخرون، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1971م.
Arnūld, Siyar Tūmās (tuwuffiya 1930m), al-Daʻwah ilá al-Islām, tarjamat al-Duktūr Ḥasan Ibrāhīm Ḥasan wa-ākharūn, Maktabat al-Nahḍah al-Miṣrīyah, al-Qāhirah, 1971m.
المعيطة، قيس سالم، ضوابط الحوار في الفكر الإسلامي، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد (3) العدد 1، 2007م، صفحة 162.
al-Maʻāyiṭah, Qays Sālim, Ḍawābiṭ al-Ḥiwār fī al-Fikr al-Islāmī, al-Majallah al-Urdunīyah fī al-Dirāsāt al-Islāmīyah, Jāmiʻat Āl al-Bayt, al-mujallad (3) al-ʻadad 1, 2007m, ṣafḥah 162.
أمين، أحمد (توفي 1954م)، ضحى الإسلام، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة.
• Amīn, Aḥmad (tuwuffiya 1954m), Ḍuḥá al-Islām, Muʼassasat Hindāwī lil-taʻlīm wa-al-Thaqāfah, al-Qāhirah.
الأنطاكي، يحيى بن سعيد بن يحيى (توفي 1066م)، تاريخ الأنطاکي المعروف بصلة تاريخ أوتيخاء، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمري، جروس برس، طرابلس، 1990.
• al-Anṭākī, Yaḥyá ibn Saʻīd ibn Yaḥyá (tuwuffiya 1066m), Tārīkh al-Anṭākī al-maʻrūf Baṣalah Tārīkh awtykhāʼ, taḥqīq : ʻUmar ʻAbdussalām Tadmurī, Jarrūs Bris, Ṭarābulus, 1990.
اينهارد (توفي 840م)، سيرة شارلمان، ترجمة: عادل زيتون، دار حسان للطباعة والنشر، دمشق، (ط1)، 1989.
• aynhārd (tuwuffiya 840m), sīrat Charlemagne, tarjamat : ʻĀdil Zaytūn, Dār Ḥassān lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, Dimashq, (Ṭ1), 1989.
بابواسحق، رفائيل (توفي 1964م)، تاريخ نصارى العراق منذ انتشار النصرانية في الأقطار العربية إلى أيامنا، مطبعة المنصور، بغداد، 1948م.
• bābwāsḥq, Rafāʼīl (tuwuffiya 1964m), Tārīkh Naṣārá al-ʻIrāq mundhu intishār al-Naṣrānīyah fī al-aqṭār al-ʻArabīyah ilá ayyāminā, Maṭbaʻat al-Manṣūr, Baghdād, 1948m.
الباقلاني، القاضي أبو بكر محمد بن الطيب (توفي 403هـ/1013م)، التقريب والإرشاد الصغير، قدم له وحققه وعلق عليه: د. عبد الحميد بن علي أبو زنيد، مؤسسة الرسالة، بيروت، (ط2)، 1418هـ-1998م.
• al-Bāqillānī, al-Qāḍī Abū Bakr Muḥammad ibn al-Ṭayyib (tuwuffiya 403h / 1013m), al-Taqrīb wa-al-Irshād al-Ṣaghīr, qaddama la-hu wa-ḥaqqaqahu wa-ʻallaqa ʻalayhi : D. ʻAbd al-Ḥamīd ibn ʻAlī Abū Zanīd, Muʼassasat al-Risālah, Bayrūt, (ṭ2), 1418h-1998m.
بن إبراهيم، القاضي أبو يوسف يعقوب (توفي 182هـ/798م)، كتاب الخراج، تحقيق: محمود الباجي، دار بوسلامة للطباعة والنشر والتوزيع، تونس.
• ibn Ibrāhīm, al-Qāḍī Abū Yūsuf Yaʻqūb (tuwuffiya 182h / 798m), Kitāb al-Kharāj, taḥqīq : Maḥmūd al-Bājī, Dār bwslāmh lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr wa-al-Tawzīʻ, Tūnis.
الجابري، عدنان بن سليمان بن مسعد، أسلوب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير – رضي الله عنه – وتطبيقاته التربوية. رسالة: ماجستير في التربية الإٍسلامية بقسم التربية – الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، (١٤٣٣/ ١٤٣٤هـ).
• al-Jābirī, ʻAdnān ibn Sulaymān ibn Musʻad, uslūb al-Ḥiwār min khilāl sīrat Muṣʻab ibn ʻUmayr-Raḍī Allāh ʻanhu-wa-taṭbīqātuhu al-Tarbawīyah. Risālat : mājistīr fī al-Tarbiyah alʼinslāmyh bi-Qism al-Tarbiyah-al-Jāmiʻah al-Islāmīyah bi-al-Madīnah al-Munawwarah, (1433/1434h).
الجيوسي، عبدالله، أسلوب الحوار في القرآن الكريم (خصائصه الإعجازية وأسراره النفسية)، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد (2) العدد 2، 2006م.
• al-Jayyūsī, Allāh, uslūb al-Ḥiwār fī al-Qurʼān al-Karīm (khaṣāʼiṣuhu al-iʻjāzīyah wa-asrāruhu al-nafsīyah), al-Majallah al-Urdunīyah fī al-Dirāsāt al-Islāmīyah, Jāmiʻat Āl al-Bayt, al-mujallad (2) al-ʻadad 2, 2006m.
جرايسون، جينيفر راشيل، اليهود في الحياة السياسية في بغداد العباسية، 908-1258، أطروحة دكتوراة، جامعة جون هوبكنز، بالتيمور، ماري لاند، 2017.
Grayson, Jennifer Rachel, Jews in the Political Life of Abbasid Baghdad, 908-1258, PhD dissertation, Johns Hopkins University, Baltimore, Maryland, 2017.
الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد (توفي 597هـ)، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا ومصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، (ط1)، 1412هـ-1992م.
• al-Jawzī, Jamāl al-Dīn Abū al-Faraj ʻAbd al-Raḥmān ibn ʻAlī ibn Muḥammad (tuwuffiya 597h), al-muntaẓim fī Tārīkh al-Umam wa-al-mulūk, taḥqīq : Muḥammad ʻAbd-al-Qādir ʻAṭā wa-Muṣṭafá ʻAbd-al-Qādir ʻAṭā, Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, Bayrūt, (Ṭ1), 1412h-1992m.
دعجك، بسام داود، الحوار الاسلامي المسيحي، دار قتيبة للطباعة والنشر، دمشق، رسالة ماجستير، 1998.
• dʻjk, Bassām Dāwūd, al-Ḥiwār al-Islāmī al-Masīḥī, Dār Qutaybah lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, Dimashq, Risālat mājistīr, 1998.
رحلة بنيامين التطيلي (توفي 569هـ/1173م (، ترجمة عزرا حداد، دراسة د. عبدالرحمن عبدالله الشيخ، المجمع الثقافي، أبوظبي، 2002.
• Riḥlat Binyāmīn al-Tuṭīlī (tuwuffiya 569h / 1173m (, tarjamat ʻAzrā Ḥaddād, dirāsah D. ʻAbd-al-Raḥmān Allāh al-Shaykh, al-Majmaʻ al-Thaqāfī, abwẓby, 2002.
رضائي، رمضان، الصلات بين الحضارتين الاسلامية والرومانية، آفاق الحضارية الإسلامية، أكاديمية العلوم الانسانية والدراسات الثقافية، العدد الأول، السنة 16، 1434.
• Riḍāʼī, Ramaḍān, al-ṣilāt bayna al-ḥaḍāratayn al-Islāmīyah wa-al-Rūmānīyah, Āfāq al-ḥaḍārīyah al-Islāmīyah, Akādīmīyat al-ʻUlūm al-Insānīyah wa-al-Dirāsāt al-Thaqāfīyah, al-ʻadad al-Awwal, al-Sunnah 16, 1434.
زيدان، جرجي (توفي 1332هـ/1914م)، تاريخ التمدن الإسلامي، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة.
• Zaydān, Jirjī (tuwuffiya 1332h / 1914m), Tārīkh al-Tamaddun al-Islāmī, Muʼassasat Hindāwī lil-taʻlīm wa-al-Thaqāfah, al-Qāhirah.
السقار، منقذ بن محمود، الحوار مع أتباع الأديان – مشروعيته وآدابه، رابطة العالم الإسلامي.
• Zaydān, Jirjī (tuwuffiya 1332h / 1914m), Tārīkh al-Tamaddun al-Islāmī, Muʼassasat Hindāwī lil-taʻlīm wa-al-Thaqāfah, al-Qāhirah.
السكوني، أبو علي عمر (توفي 717هـ)، عيون المناظرات، تحقيق: سعد غراب، تونس، منشورات الجامعة التونسية، 1976. \
• alskwny, Abū ʻAlī ʻUmar (tuwuffiya 717h), ʻUyūn al-Munāẓarāt, taḥqīq : Saʻd Ghurāb, Tūnis, Manshūrāt al-Jāmiʻah al-Tūnisīyah, 1976.
الكلداني، القس بطرس نصري، ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان، دير الآباء الدومنيكيين، الموصل، 1905.
• al-Kildānī, al-Qiss Buṭrus Naṣrī, Dhakhīrat al-adhhān fī tawārīkh al-mashāriqah wa-al-Maghāribah al-Suryān, Dayr al-Ābāʼ aldwmnykyyn, al-Mawṣil, 1905.
متز، آدم (توفي 1917م)، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، نقله إلى العربية: محمد عبدالهادي أبو ريدة، دار الكتاب العربي، (ط5).
• Mez, Ādam (tuwuffiya 1917m), al-Ḥaḍārah al-Islāmīyah fī al-qarn al-rābiʻ al-Hijrī aw ʻaṣr al-Nahḍah fī al-Islām, naqalahu ilá al-ʻArabīyah : Muḥammad ʻbdālhādy Abū Rīdah, Dār al-Kitāb al-ʻArabī, (ṭ5).
المصري، أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي المصري (توفي 350هـ/961م)، كتاب الولاة وكتاب القضاة، تحقيق محمد حسن محمد المزيدي، حسن إسماعيل وأحمد فريد، بيروت، دار الكتب العلمية، 1424هـ-2003م (ط1).
• al-Miṣrī, Abū ʻUmar Muḥammad ibn Yūsuf ibn Yaʻqūb al-Kindī al-Miṣrī (tuwuffiya 350h / 961m), Kitāb al-wulāh wa-kuttāb al-Quḍāh, taḥqīq Muḥammad Ḥasan Muḥammad al-Mazīdī, Ḥasan Ismāʻīl wa-Aḥmad Farīd, Bayrūt, Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1424h-2003m (Ṭ1).
المنجد، محمد صالح، كتاب دروس للشيخ محمد المنجد، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، الجزء 129، صفحة 23.
• al-Munajjid, Muḥammad Ṣāliḥ, Kitāb Durūs lil-Shaykh Muḥammad al-Munajjid, Durūs ṣawtīyah qāma btfryghhā Mawqiʻ al-Shabakah al-Islāmīyah, al-juzʼ 129, ṣafḥah 23.
الهوامش:
- منقذ بن محمود السقار، الحوار مع أتباع الأديان – مشروعيته وآدابه، رابطة العالم الإسلامي، صفحة 5. ↑
- قيس سالم المعايطة، ضوابط الحوار في الفكر الإسلامي، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد (3) العدد 1، 2007م، صفحة 162. ↑
- عبدالله الجيوسي، أسلوب الحوار في القرآن الكريم (خصائصه الإعجازية وأسراره النفسية)، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد (2) العدد 2، 2006م، صفحة 3. ↑
- عدنان بن سليمان بن مسعد الجابري، أسلوب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير – رضي الله عنه – وتطبيقاته التربوية. رسالة: ماجستير في التربية الإٍسلامية بقسم التربية – الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، (١٤٣٣/ ١٤٣٤هـ)، صفحة 41. ↑
- المعايطة، ضوابط الحوار في الفكر الإسلامي، صفحة 162. ↑
- بسام داود دعجك، الحوار الاسلامي المسيحي، دمشق، دار قتيبة للطباعة والنشر، رسالة ماجستير، 1998، صفحة 9. ↑
- آدم متز (توفي 1917م)، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، نقله إلى العربية محمد عبدالهادي أبو ريدة، دار الكتاب العربي، (ط5)، ج1، صفحة 75. ↑
- رفائيل بابواسحق (توفي 1964م)، تاريخ نصارى العراق منذ انتشار النصرانية في الأقطار العربية إلى أيامنا، بغداد، مطبعة المنصور، 1948، صفحة 66. ↑
- أحمد أمين (توفي 1954م)، ضحى الإسلام، القاهرة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، صفحة 334. ↑
- أمين، ضحى الإسلام، صفحة 320-322. ↑
- متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، صفحة 88. ↑
- متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، صفحة 90. ↑
- أنظر أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي المصري (توفي 350هـ/961م)، كتاب الولاة وكتاب القضاة، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل وأحمد فريد المزيدي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1424هـ-2003م (ط1)، صفحة 282. ↑
- القس بطرس نصري الكلداني، ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان، الموصل، دير الآباء الدومنيكيين، 1905، صفحة 389-390. ↑
- جرجي زيدان (توفي 1332هـ/1914م)، تاريخ التمدن الإسلامي، القاهرة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، الجزء 4، صفحة 149. ↑
- أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري عز الدين ابن الأثير (توفي 630هـ/1233م)، الكامل في التاريخ، بيروت، دار الكتاب العربي، 1417هـ-1997م، الجزء 7، صفحة 368. ↑
- سير توماس أرنولد (توفي 1930م)، الدعوة إلى الإسلام، ترجمة الدكتور حسن إبراهيم حسن وآخرون، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1971، صفحة 82. ↑
- أنظر رحلة بنيامين التطيلي (توفي 569هـ/1173م (، ترجمة عزرا حداد، دراسة د. عبدالرحمن عبدالله الشيخ، أبوظبي، المجمع الثقافي، 2002، صفحة 62-64-65. ↑
- جينيفر راشيل جرايسون، اليهود في الحياة السياسية في بغداد العباسية، 908-1258، أطروحة دكتوراة، جامعة جون هوبكنز، 2017، صفحة 113. ↑
- يحيى بن سعيد بن يحيى الأنطاكي (توفي 1066م)، تاريخ الأنطاکي المعروف بصلة تاريخ أوتيخاء، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمري، طرابلس، جروس برس، 1990، صفحة 28. ↑
- متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، صفحة 92. ↑
- متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، صفحة 85. ↑
- جرايسون، اليهود في الحياة السياسية في بغداد العباسية، صفحة 66. ↑
- القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم (توفي 182هـ/798م)، كتاب الخراج، تحقيق: محمود الباجي، تونس، دار بوسلامة للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 126. ↑
- أبو علي عمر السكوني (توفي 717هـ)، عيون المناظرات، تحقيق: سعد غراب، تونس، منشورات الجامعة التونسية، 1976، صفحة 206. ↑
- محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (توفي 751هـ/1350م)، أحكام أهل الذمة، الدمام، رمادي للنشر، 1418هـ-1997م، الطبعة الأولى، الجزء 3، صفحة 1177. ↑
- بابواسحق، تاريخ نصارى العراق منذ انتشار النصرانية في الأقطار العربية إلى أيامنا، صفحة 80. ↑
- جرجي زيدان، تاريخ التمدن الإسلامي، صفحة 150. ↑
- اينهارد (توفي 840م)، سيرة شارلمان، ترجمة: عادل زيتون، دمشق، دار حسان للطباعة والنشر، 1989، الطبعة الأولى، صفحة 106-108. ↑
- أنظر رمضان رضائي، الصلات بين الحضارتين الاسلامية والرومانية، آفاق الحضارية الإسلامية، أكاديمية العلوم الانسانية والدراسات الثقافية، العدد الأول، السنة 16، 1434، صفحة 15. ↑
- رمضان رضائي، الصلات بين الحضارتين الاسلامية والرومانية، صفحة 8-13. ↑
- أحمد أمين (توفي 1954م)، هارون الرشيد، القاهرة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، صفحة 129. ↑
- أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 207-208. ↑
- سير توماس أرنولد، الدعوة إلى الإسلام، صفحة 104. ↑
- سير توماس أرنولد، الدعوة إلى الإسلام، صفحة 104. ↑
- أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 212-213. ↑
- أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 213. ↑
- بسام داود دعجك، الحوار الاسلامي المسيحي المبادئ والموضوعات والأهداف، صفحة 186-188. ↑
- القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (توفي 403هـ/1013م)، التقريب والإرشاد الصغير، قدم له وحققه وعلق عليه: د. عبد الحميد بن علي أبو زنيد، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1418هـ-1998م، الطبعة الثانية، الجزء الأول، صفحة 23. ↑
- جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (توفي 597هـ)، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا ومصطفى عبدالقادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1412هـ-1992م، الطبعة الأولى، الجزء 15، صفحة 96. ↑
- أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 249. ↑
- محمد صالح المنجد، كتاب دروس للشيخ محمد المنجد، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، الجزء 129، صفحة 23. ↑
- القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني، التقريب والإرشاد الصغير، صفحة 46. ↑
- منقذ بن محمود السقار، الحوار مع أتباع الأديان – مشروعيته وآدابه، صفحة 22. ↑
- أنظر أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 217. ↑
- أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 218. ↑
- أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 218. ↑
-
أبو علي عمر السكوني، عيون المناظرات، صفحة 232-233. ↑