نموذج عملي لاستنباط الأحكام من الحديث الشريف

د. سيد الأمين محمد السالك حويه1

1 أستاذ التعليم العالي، بكلية الشريعة بجامعة العلوم الإسلامية بلعيون.

HNSJ, 2022, 3(11); https://doi.org/10.53796/hnsj31123

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/11/2022م تاريخ القبول: 23/10/2022م

المستخلص

لما أسند إلي تدريس مادة فقه الحديث لشعبتي أصول الدين، والإمامة والخطابة ( المهن القضائية حاليا) في المعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية بانواكشوط،لاحظت الحاجة إلى بيان المنهجية العلمية في كيفية تدريس فقه الحديث، أعني كيفية بناء الأحكام أو الفروع على النص الذي هو كلامه أو فعله أو إقراره صلى الله عليه وآله وسلم، واخترت لذلك صحيح الإمام البخاري لمكانته وشهرته وكثرة شروحه، ولأنه مستغرق لما أخرجه إمامنا مالك في الموطأ من أحاديث الأحكام.

وتجسيدا لهذه الإرادة عملت هذا العرض أو هذه الورقات العلمية في كتاب الحرث والمزارعة، متبعا الخطوات العلمية التي ينبغي أن يتبعها الباحث للوصول إلى الحكم بدقة، ملتزما بقانون الشريعة الضابط الذي هو علم أصول الفقه، وقانون الحديث الخاص الذي هو أصوله (مصطلح الحديث)، وما يكمل هذين العلمين من علوم الشريعة الأخرى.

Research title

Practical modelTo derive rulings from the hadith

Dr. Seyyed Al-Amin Muhammad Al-Salik Haweyeh 1

1 Professor of Higher Education, Faculty of Sharia, University of Islamic Sciences, Belayoun.

HNSJ, 2022, 3(11); https://doi.org/10.53796/hnsj31123

Published at 01/11/2022 Accepted at 23/10/2021

Abstract

of what was assigned to me to teach the subject of Hadith jurisprudence to the divisions of Fundamentals of Religion, Imamate and Public Speaking (currently judicial professions) at the Higher Institute of Islamic Studies and Research in Nouakchott, I noticed the need to indicate the scientific methodology in how to teach the jurisprudence of Hadith, I mean how to base judgments or branches on the text that is his words, deeds or approvals (peace and blessings of Allaah be upon him), and I chose for this Sahih Imam Bukhari for his status, fame and many commentaries, and because it takes up to what our Imam Malik directed in the homeland of hadiths Provisions. As an embodiment of this will, I worked this presentation or these scientific papers in the book of plowing and farming, following the scientific steps that the researcher should follow to reach the judgment accurately, adhering to the law of Sharia which is the discipline that is the science of the origins of jurisprudence, the law of the special hadith that is its origins (the term hadith), and what complements these two sciences from other sciences of Sharia. This haste came to achieve this. God is the grantor of success and He is our suffice and the best deputy.

كتاب: الحرث والمزارعة

باب: المزارعة بالشطر ونحوه

قال الإمام البخاري رحمه الله:

2328 حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا أنس بن عياض، عن عبيد الله عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره «أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر وعشرون وسق شعير، وقسم عمر خيبر فخير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع لهن من الماء والأرض، أو يمضي لهن، فمنهن من اختار الأرض، ومنهن من اختار الوسق، وكانت عائشة اختارت الأرض».

قال ابن حجر: قوله: باب المزارعة بالشطر ونحوه: راعى المصنف لفظ الشطر لوروده في الحديث، وألحق غيره لتساويهما في المعنى، ولولا مراعاة لفظ الحديث لكان قوله المزارعة بالجزء أخصر وأبين([1]).

I- تخريج الحديث:

أولا: أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في ستة كتب على النحو التالي:

1- 41 كتاب الحرث والمزارعة: أ 9- باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة (2329).

ب 11 – باب المزارعة مع اليهود (2331).

ج 17 – باب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله ولم يذكر أجلا معلوما فهما على تراضيهما (2338).

2- 47 كتاب الشركة في موضع واحد: باب مشاركة الذمي والمشركين في المزارعة (2499).

3- 54 كتاب الشروط في موضع واحد: باب الشروط في المعاملة (2720).

4- 37 كتاب الإجارة في موضع واحد: باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما (2285).

5- 57 كتاب فرض الخمس في موضع واحد: باب ما كان النبي يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس، رواه عبد الله بن زيد عن النبي (3157).

6- 64 كتاب المغازي في موضع واحد: باب معاملة النبي أهل خيبر (4248).

ثانيا: أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساقاة في باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع برقم (1551) بست روايات على طريقته رحمه الله كما يلي:

1- عن ابن عمر أن «رسول الله عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع».

2- عن ابن عمر قال: «أعطى رسول الله خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع فكان يعطي أزواجه كل سنة مائة وسق، ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير، فلما ولي عمر قسم خيبر خير أزواج النبي أن يقطع لهن الأرض والماء، أو يضمن لهن الأوساق كل عام، فاختلفن، فمنهن من اختار الأرض والماء ومنهن من اختار الأوساق كل عام، فكانت عائشة وحفصة من اختارتا الأرض والماء».

4- عن ابن عمر قال: «لما فتحت خيبر سألت يهود رسول الله أن يقرهن فيها على أن يعملوا على نصف ما يخرج منها من الثمر والزرع، فقال رسول الله : أقركم على ذلك ما شئنا، ثم ساق الحديث وزاد: وكان الثمر يقسم على سهمان([2]) من نصف خيبر، فيأخذ رسول الله الخمس».

5- عن ابن عمر عن رسول الله أنه دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم ولرسول الله شطر ثمرها».

قال محمد فؤاد عبد الباقي نقلا عن النووي: بيان لوظيفة عامل المساقاة وهو أن عليه كل ما يحتاج إليه من إصلاح الثمر واستزادته مما يتكرر كل سنة كالسقي وتنقية الأنهار وإصلاح منابت الشجر وتلقيحه وتنحية الحشيش والقضبان عنه، وحفظ الثمرة وجذاذها ونحو ذلك.

أما ما يقصد به حفظ الأصل ولا يتكرر كل سنة كبناء الحيطان وحفر الآبار فعلى المالك([3]).

6- عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وأن رسول الله لما ظهر على خيبر أراد إجلاء اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله أن يقرهم بها، على أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله نقركم على ذلك ما شئنا، فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء([4]) وأريحا([5]).

ثالثا: أخرجه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ:

كتاب المساقاة برقم (1449) باب 482 ما جاء في المساقاة([6]).

II- تراجم الرواة:

1- إبراهيم بن المنذر: ابن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسد القرشي.

– قال الذهبي: الحافظ الثقة أبو إسحاق القرشي الأسدي الحزامي المدني.

أقول: قال الحافظ أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي في ألفية الحديث في المؤتلف والمختلف:

883. وفي قريش أبدا حزام وافتح في الانصار برا حرام

سمع من: سفيان بن عيينة والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، ومعن بن عيسى، ومحمد بن فليح، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وابن أبي فديك، وخلق كثير، وأكبر شيوخه سفيان.

وحدث عنه: البخاري، وأخرج له الترمذي والنسائي بواسطة، وبقي بن مخلد، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وثعلب، وأحمد بن إبراهيم السري، ومحمد بن إبراهيم البوشيخي، وأبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، ومسعدة بن سعد العطار.

روى عنه أبو حاتم وقال: صدوق([7]).

قال عثمان بن سعيد الدارمي: رأيت يحيى بن معين كتب عن إبراهيم بن المنذر أحاديث ابن وهب أظنها المغازي.

قال عبدان بن سعيد الدارمي: سمعت أبا حاتم يقول: إبراهيم بن المنذر أعرف بالحديث من إبراهيم بن حمزة الزبيري، إلا أنه خلط في القرآن، جاء إلى أحمد بن حنبل فاستأذن فلم يأذن له أحمد، وجلس حتى خرج فسلم على أحمدفلم يرد عليه أحمد السلام.

قال الحافظ ابن حجر: ويروي عن الوليد بن مسلم ممن اسمه إبراهيم: إبراهيم بن المنذر الحزامي: إنه ورد في باب من باع نخلا قد أبرت قال لي إبراهيم أخبرنا هشام عن جريج: إبراهيم هذا هو ابن المنذر، قاله المري، وهشام هو ابن سليمان المخزومي نبه عليه المزي قال: لأن ابن المنذر لم يسمع من هشام بن يوسف.

قلت (ابن حجر): ويحتمل أن يكون إبراهيم هو ابن موسى الرازي وهشام هو ابن يوسف([8]).

وقد ورد اسم إبراهيم بن المنذر في سياق من طعن فيه.

قال الحافظ: بعد أن عدد أسباب الجرح بجعلها خمسة: البدعة أو المخالفة، أو الغلط أو جهالة الحال، أو الانقطاع في السند، قال: وأما الغلط فتارة يكثر من الراوي وتارة يقل فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ينظر فيما أخرج له إن وجد مرويا عنده أو عند غيره ومن رواته غير هذا الموصوف بالغلط علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذه الطريق.

وإن لم يوجد إلا من طريقه فهذا قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله، وليس في الصحيح بحمد الله من ذلك شيء، وحيث يوصف نقله بالغلط كما يقال سيئ الحفظ أو له أوهام أو له مناكير أو غير ذلك من العبارات فالحكم فيه كالحكم في الذي قبله، إلا أن الرواية عن هؤلاء أكثر منها عند المصنف في المتابعات منها من الرواية عن أولئك([9]).

قال الحافظ: خ ت س ق إبراهيم بن المنذر الحزامي: أحد الأئمة وثقه ابن معين وابن وضاح والنسائي وأبو حاتم والدارقطني، وتكلم فيه أحمد بن حنبل من أجل كونه دخل إلى ابن أبي دؤاد، وقال الساجي عنده مناكير، وتعقب ذلك الخطيب.

قلت (ابن حجر): اعتمده البخاري وانتقى من حديثه وروى له الترمذي والنسائي([10]).

2- أنس بن عياض: أبو ضمرة الإمام المحدث المعمر بقية المشائخ المدني الليثي.

قال الذهبي: ولد سنة 104هـ وحدث عن صفوان ابن سليم وأبي حازم الأعرض وسهيل ابن أبي صالح وربيعة الرأي، وشريك بن أبي نمر، وهشام بنعروة، وعدة، وعمر دهرا وتفرد في زمانه، حدث عنه: أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأحمد بن صالح ومحمد ابن عبد الله بن الحكم وخلق، حدث عنه من أقرانه: بقية بن الوليد، قال أبو زرعة والنسائي لا بأس به، قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أحدا أحسن خلقا من أبي ضمرة رحمه الله ولا أسمح بعلمه منه، قال لنا: والله لو تهيأ لي أن أحدثكم بكل ما عندي في مجلس لفعلت.

قال الذهبي: عاش 96 سنة مات سنة 200([11]).

3- عبيد الله: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري الإمام الحافظ المجود أبو عثمان القرشي العدوي ثم العمري المدني.

قال الذهبي: ولد بعد السبعين أو نحوها، لحق أم خالد بن خالد الصحابية وسمع منها فهو من صغار التابعين([12]).

سمع من سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، ونافع وسعيد المقبري، وعطاء ابن أبي رباح، وخاله حبيب بن عبد الرحمن وعمر بن شعيب والزهري ووهب بن كيسان وعبد الله بن دينار وأبي الزناد وعبد الرحمن بن القاسم وسمي وعمر بن دينار.

وروى عنه: ابن جريج ومعمر وشعيب وسفيان وحماد بن سلمة وابن المبارك وزائدة وعبد الرزاق ويحيى بن سعيد وكثير غيرهم.

قال أبو حاتم: سألت أحمد بن حنبل عن مالك وأيوب وعبيد الله بن عمر أيهم أثبت في نافع، قال عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية.

قال يحيى بن معين: عبيد الله من الثقات.

وقال عثمان بن سعيد: قلت لابن معين: مالك عن نافع أحب إليك أو عبيد الله قال كلاهما ولم يفضل.

روى جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي سمعت يحيى بن معين يقول: عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة الذهب المشبك بالدر، قلت: هو أحب إليك أو الزهري عن عروة عن عائشة، قال هو أحب إلي.

وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ثقة، وقال النسائي: ثقة ثبت.

قال الذهبي: كان ابن شهاب يقدم قريشا على الناس وعلى مواليهم، فقال قطن بن إبراهيم النيسابوري عن الحسين بن الوليد: قال كنا عند مالك فقال: كنا عند الزهري ومعنا عبيد الله بن عمر ومحمد بن إسحاق فأخذ الكتاب ابن إسحاق فقرأ، قال: إنتسب، قال: أنا محمد بن إسحاق بن يسار، قال: ضع الكتاب من يدك، قال: فأخذه مالك، فقال: انتسب، قال: أنا مالك بن أنس الأصبحي قال: ضع الكتاب، فأخذه عبيد الله فقال: انتسب، قال: أنا عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، قال: اقرأ، فجميع ما سمع أهل المدينة يومئذ بقراءة عبيد الله.

روى محمد بن عبد الرزاق قال: سمعت عبيد الله بن عمر قال: لما نشأت فأردت أن أطلب العلم، فجعلت آتي أشياخ آل عمر رجلا رجلا فأقول ما سمعت من سالم، فكلما أتيت رجلا منهم قال: عليك بابن شهاب فإن ابن شهاب كان يلزمه، قال: وابن شهاب بالشام فلزمت نافعا فجعل الله في ذلك خيرا كثيرا.

قال أبو بكر بن منجويه: كان عبيد الله من سادات أهل المدينة وأشراف قريش فضلا وعلما وعبادة وشرفا وحفظا.

قال الذهبي: كان أخوه عبد الله بن عمر يهابه ويجله، ويمتنع من الرواية مع وجود عبيد الله فما حدث حتى توفي عبيد الله.

قال الهيثم بن عدي: مات سنة سبع وأربعين ومائة، وقال غيره: مات سنة 145 أو التي قبلها([13]).

4- نافع: أبو عبد الله العدوي مولى ابن عمر الإمام الثبت المفتي عالم المدينة.

روى عن: ابن عمر وعائشة وأبي هريرة ورافع بن خديج وأبي سعيد الخدري، وأبي لبابة بن عبد المنذر وأم سلمة وصفية بنت أبي عبيد زوجة مولاه، وسالم وعبيد الله وعبد الله وزيد أولاد مولاه.

روى عنه: الزهري وعبيد الله بن عمر وأخوه عبيد الله وأبو أيوب السختياني، وحميد الطويل، وأسامة بن زيد وابن جريج وزيد بن واقد ويونس بن عبيد ومحمد بن إسحاق وابن أبي ذئب وابن أبي ليلى وشعيب بن حمزة والأوزاعي وأبو معشر نجيح، وجويرية بن أسماء وفليح بن سليمان والإمام مالك والليث وغيرهم.

قال البخاري: أصح الأسانيد، مالك عن نافع عن ابن عمر([14]).

قال النسائي: أثبت أصحاب نافع مالك ثم أبو أيوب ثم عبيد الله ثم يحيى بن سعيد ثم ابن عون ثم صالح بن كيسان ثم موسى بن عقبة ثم ابن جريج ثم كثير بن فرقد ثم الليث بن سعد.

وقد جعل النسائي الرواة عن نافع عشر طبقات:

أولها: مالك وعبيد الله وأبو أيوب.

ثانيتها: صالح بن كيسان ويحيى بن سعيد وابن عون وابن جريج.

ثالثها: موسى بن عقبة وإسماعيل بن أمية وأيوب بن موسى.

رابعتها: يونس بن زيد.. عاشرتها: إسحاق بن ابي فروة وأبو معشر وعبد الله بن نافع([15]).

قال يونس بن يزيد قال نافع: من يعذرني من زهريكم يأتيني فأحدثه عن ابن عمر ثم يذهب إلى سالم فيقول هل سمعت هذا من أبيك فيقول نعم فيحدث به عن سالم ويدعني.

قال إسماعيل بن أويس عن أبيه: كنا نختلف إلى نافع وكان سيئ الخلق، فقلت: ما أصنع بهذا العبد فتركته ولزمه غيري فانتفع به. قال مالك: إذا قال نافع شيئا فاختم عليه، حكى مطرف بن عبد الله عن مالك: إن نافعا كانت به حدة، وكان مالك يلاطفه ويداريه، ويقال: كانت فيه لكنة وعجمة.

قال الذهبي: اختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث وسالم أجل منه، لكن أحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب.

ثم قال: بلغنا أنهم تذاكروا حديث إتيان الدبر الذي تفرد به نافع عن مولاه، فقال ميمون ابن مهران: إنما قال هذا نافع بعد أن كبر وذهب عقله، وروي أن سالما قالوا له هذا عن نافع فقال كذب العبد، إنما كان ابن عمر يقول: يأتيها مقبلة ومدبرة في الفرج.

ثم قال الذهبي: وجاءت رواية أخرى عنه بتحريم أدبار النساء، وما جاء بالرخصة لو صح لما كان صريحا بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل، وقد أوضحنا المسألة في مصنف لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك([16]).

وقد عقب الذهبي بقوله: وقول ميمون بن مهران كبر وذهب عقله قول شاذ، بل اتفقت الأمة على أنه حجة مطلقا([17]).

وعن أبي عبد الله إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: ما سمعت من هشام بن عروة رفثا قط إلا يوما واحدا أتاه رجل فقال: يا أبا المنذر نافع مولى ابن عمر يفضل أباك على أخيه عبد الله بن الزبير فقال: كذب كذب والله ما يدري عاض بظر أمه، عبد الله خير والله، وأفضل من عروة([18]).

أما وفاته: فقد اختلف العلماء في تحديدها، فقال سفيان بن عيينة وأحمد سنة 119هـ وقال الذهبي: الأصح 117هـ([19]).

5- ابن عمر: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح العدوي القرشي رضي الله عنهما، أسلم بمكة مع أبيه ولم يكن بالغا حينئذ، وهاجر مع أبيه إلى المدينة المنورة، وأول غزوة شهدها الخندق.

وجملة ما روى عن رسول الله : ألفا حديث وست مائة وثلاثون حديثا، وأخرج له في الصحيحين مائتا حديث وثمانون حديثا([20]).

أقول: وهو من المكثرين كما هو معلوم من الرواية ومن المتمسكين بسنة رسول الله الورعين، قال الحافظ العراقي في ألفيته:

790 في فتنة والمكثرون ستة أنس وابن عمر الصديقة
البحر، جابر أبو هريرة أكثرهم والبحر في الحقيقة
أكثر فتوى وهو وابن عمرا وابن الزبير وابن عمرو قد جرى
عليهم بالشهرة العبادله ليس ابن مسعود ولا من شاكله

III- لطائف الإسناد:

1- فيه التحديث والعنعنة.

2- هذا حديث مسلسل بالمدنيين، والمسلسل كما قال الحافظ العراقي في ألفيته:

764 مسلسل الحديث ما تواردا فيه الرواة واحدا فواحدا
حالا لهما أو وصفا او وصف سند كقول كلهم سمعت فاتحد

3- هذا الحديث من أفراد عبيد الله قاله العيني([21]).

4- هذا الحديث هو من أعلى درجات الحديث لاتفاق البخاري ومسلم عليه، قال الحافظ العراقي في الألفية:

37 وأرفع الصحيح مرويهما ثم البخاري فمسلم فما…

وقال سيد عبد الله في طلعة الأنوار:

أعلى الصحيح ما عليه اتفقا فما روى الجعفي فردا ينتقى.. إلخ

IV- غريب الحديث:

الوسق: ضبطه ابن الستيني بضم الواو في كتاب الخراج([22]).

وقال القسطلاني: بفتح الواو وكسرها هو ستون صاعا بصاع النبي ([23]).

ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير: قال الحافظ: كذا للأكثر بالرفع على القطع، والتقدير: منها ثمانون ومنها عشرون، وللكشميهيني (ثمانين وعشرين) على البدل، وإنما كان عمر يعطيهن ذلك لأنه قال: ما تركت بعد نفقة نسائي فهو صدقة([24]).

وعلل العلامة بدر الدين العيني الرفع بكونه مبتدأ لخبر محذوف، والنصب بكونه مفعول أعني([25]).

أقول: والصاع هو أربعة أمداد بمده وهو ما يسمى اليوم المد المدني، قال الناظم:

الوسق ستون بصاع المصطفى والصاع أربعة أمداد وفا

بشطر: أي بنصف، إشارة للمساقاة، قاله النووي والقسطلاني([26]).

من ثمر أو زرع: هذه حجة من أجاز المزارعة بل هي عمدته كما سأعرض له بعد قليل، وهي حجة من أجاز المخابرة أيضا.

أن يقطع: قال القسطلاني: بضم الياء من الإقطاع من الماء والأرض.

أو يمضي لهن: قال: يجري لهن قسمتهن على ما كان في حياة رسول الله كما كان من التمر والشعير([27]).

وقسم عمر خيبر: قال الحافظ: صرح بذلك أحمد في روايته عن ابن نمير عن عبيد الله بن عمر، وتعقبه القسطلاني بقوله: مقتضاه أن رواية البخاري بحذفه ليس إلا فلينظر([28]).

قال ابن الستيني: إن عمر رضي الله عنه كان يقطعهن سوى هذه الأوسق اثني عشر ألفا لكل واحدة منهن وما يجري عليهن في سائر السنة([29]).

V- فقه الحديث:

هذا الحديث أعني حديث ابن عمر رضي الله عنهما مع حديث رافع بن خديج هما قطب الرحى – إن صحب التعبير- لباب كبير في الفقه وهو المساقاة كما هو معلوم، ومن ثم صار أصلا لباب آخر هو المزارعة ثم المخابرة والمغارسة.

وقد ثار جدل عريض حول هذين البابين، وبدرجة أقل حول المساقاة، ذلك أن من نفى المساقاة كان نافيا من باب أولى لهما.

أما المثبتون لها فقد اختلفوا كما سيأتي بعد قليل:

لكن يحسن بنا لئلا يتسع الخرق على الراقع أن نحدد المباحث التي سنتطرق إليها لا أقول تفصيلا ولكن بشيء من البيان، فأقول:

سنتطرق إلى حكم المزارعة، وحكم المساقاة، وحكم المخابرة، مركزا على سبب الخلاف، وهذا يقتضي بدوره بعض الاستطراد حول الخراج وبعض أنواعه والأرض المفتوحة عنوة من باب الوجوب الوسيلي – إن صح التعبير- بناء على القاعدة الأصولية: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب».

فمن ذلك مراد الرسول بإجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب، لكون بعض الروايات صرحت به، ثم نختم بالقول الذي نرى أنه راجح بمعيار الترجيح الحض بناء على قواعد علماء أصول الفقه في ذلك، بما يشمل الجمع – أعني بين الحديثين – إن أمكن أو الترجيح، ثم المصير أخيرا إلى النسخ تبعا لبعض شيوخنا المتأخرين.

هذا وسيكون المعول على روايات هذا الحديث في الصحيح، مع الإشارة – ولا بد من ذلك – إلى حديث رافع كما سبق بيانه في التخريج.

1- حكم المساقاة: لما كان الحكم على الشيء فرعا عن تصوره فإن المساقاة هي: أن يدفع الرجل شجرة لمن يخدمها وتكون غلتها بينهما([30]).

أما حكمها: فقد اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك على قولين:

القول الأول: جوازها مطلقا وبه قال الإمام مالك رحمه الله والثوري والليث والشافعي وأحمد وجميع فقهاء المحدثين وأهل الظاهر وجميع العلماء مستدلين بما سبق من الأحاديث([31]).

القول الثاني: المنع مطلقا وبه قال أبو حنيفة النعمان رحمه الله، وتأول هذه الأحاديث على أن خيبر فتحت عنوة، وكان أهلها عبيدا لرسول الله فما أخذه فهو له وما تركه فهو له([32]).

لكن أبا حنيفة النعمان رحمه الله نوقش في ذلك!

فأما فتح خيبر فمختلف فيه كما سنبينه بعد قليل، وأما كون أهلها عبيدا له فقال النووي: إنه قوله: «نقركم ما أقركم الله» فهذا صريح بأنهم لم يكونوا عبيدا([33]).

كما أن صنيع الإمام البخاري رحمه الله مشعر بذلك، فقد ترجم أحد الأبواب كما سبق بقوله: باب إذا قال: أقرك ما أقرك الله([34]).

وأما فتح خيبر فقال القاضي عياض رحمه الله: وقد اختلفوا في خيبر هل فتحت عنوة أو صلحا، أو بجلاء أهلها عنها بغير قتال أو بعضها صلحا وبعضها عنوة وبعضها جلا عنه أهله، أو بعضها صلحا وبعضها عنوة… ؟!

ثم قال: وهذا أصح الأقوال، وهي رواية مالك ومن تابعه وبه قال ابن عيينة ثم قال: وفي كل قول أثر مروي، وفي رواية لمسلم أن رسول الله لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين، وهذا يدل لمن قال عنوة، إذ حق المسلمين إنما هو في العنوة، وظاهر قول من قال صلحا أنهم صولحوا على كون الأرض للمسلمين، والله أعلم([35]).

وقال الحافظ ابن حجر في الجمع بين روايتي: “لله ولرسوله وللمسلمين” ورواية لليهود وللرسول، قال المهلب: يجمع بين الروايتين بأن تحمل رواية ابن جريج – يعني الأولى – على الحال التي آل إليها الأمر بعد الصلح، ورواية فضيل، يعني الثانية.

على الحال التي كانت قبله، وذلك أن خيبر فتح بعضها صلحا وبعضها عنوة، فالذي فتح عنوة كان جميعه لله ولرسوله وللمسلمين، والذي فتح صلحا كان لليهود ثم صار للمسلمين بعقد الصلح([36]).

لكن الحافظ قال أيضا في مكان آخر بل كتاب آخر عن نفس الروايتين قوله: (كانت الأرض لما ظهر عليها لليهود وللرسول وللمسلمين) كذا للأكثر.

وفي رواية ابن السكن (لله..) فقد قيل إن هذا هو الصواب.

وقال ابن أبي صفرة والذي في الأصل صحيح أيضا، قال: والمراد بقوله: (لما ظهر عليها) أي لما ظهر على فتح أكثرها قبل أن يسأله اليهود أن يصالحوه فكانت لليهود، فلما صالحهم عن أن يسلموا له الأرض كانت لله ولرسوله، ويحتمل أن يكون على حذف مضاف أي ثمرة الأرض، ويحتمل أن يكون المراد بالأرض ما هو أعم من المفتتحة غير المفتتحة، والمراد بظهوره عليها غلبته لهم، فكان حينئذ بعض الأرض لليهود وبعضها للرسول وللمسلمين([37]).

وأما الأرض المفتوحة عنوة فقد قال ابن التين رحمه الله تأول عمر قول الله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم…}([38])، فرأى أن للآخرين أسوة بالأولين فخشي لو قسم ما يفتح أن تكمل الفتوح فلا يبقى لمن يجيء بعد ذلك حظ في الخراج، ورأى أن توقف الأرض المفتوحة عنوة، ويضرب عليها خراجا يدوم نفعه للمسلمين، ولقد اختلف نظر العلماء في قسمة الأرض المفتوحة على قولين شهيرين.

لكن تعقبه ابن حجر بأن في المسألة أقوالا أشهرها ثلاثة:

1- فعن مالك تصير وقفا بنفس الفتح.

2- وعن أبي حنيفة والثوري يتخير الإمام بين قسمتها ووقفيتها.

3- وعن الشافعي يلزمه قسمتها إلى أن يرضى بوقفيتها من غنمها([39]).

وقد بين النووي أن حجة الإمام مالك رحمه الله فعل عمر رضي الله عنه في سواد العراق، بينما حجة الشافعي قسمة خيبر.

ثم زاد النووي بيانا لقول أبي حنيفة: يتركها بين أيديهم بالخراج يوظفه عليها وتصير ملكا لهم كأرض الصلح([40]).

الراجح في المساقاة:

الجواز لهذه النصوص الصريحة عن الصادق المصدوق بأبي هو وأمي على أن أبا حنيفة النعمان عليه شآبيب الرحمة والغفران بنى قوله على كون خيبر مفتوحة عنوة، وقد رأينا أن الصواب أن بعضها فتح عنوة وبعضها صلحا، على أن له رحمه الله أدلة أخرى أخرتها إلى تابع هذه المسألة وأعني به المزارعة لارتباطها بها، وسنراها بعد قليل إن شاء الله.

ملاحظة: يجب التنبيه على أن المساقاة مستثناة بالنص – كما سبق – لكن من أصلين ممنوعين هما: الإجارة المجهولة، وبيع ما لم يخلق([41])، إذا علم هذا فإنني أقول: قد اختلف المجيزون – أعني الذين أجازوا المساقاة- فيما تجوز عليه المساقاة من الأشجار.

فقال داود وأهل الظاهر: تجوز على النخل خاصة.

وقال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله: تجوز على جميع الأشجار وهو قول للشافعي([42]).

وسبب خلافهم: هو كون المساقاة – كما سبق بيانه – مستثناة بالنص فمن رآها رخصة وهو داود في كونها رخصة لكنه: حكم العنب، حكم النخل، في معظم الأبواب.

قال القسطلاني: لأنه في معنى النخل، وبجامع وجوب الزكاة وتأتي الخرص في ثمرتيها([43]).

أقول: فلعل الشافعي رحمه الله جعله من لحن الخطاب في مفهوم الموافقة أو من القياس الجلي: قال شيخ مشايخنا سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم في المراقي:

146 وقيل ذا فحوى الخطاب والذي ساوى بلحنه دعاه المحتذي
دلالة الوفاق للقياس وهو الجلي تعزى لدى أناس

وأما الإمام الحميري قدس الله روحه فقد قال سبب الجواز الحاجة لمصلحة فاقول إنه رحمه الله قد نقح مناط الحكم فعلل به، وهو أعني تنقيح المناط كما يقول شيخ مشايخنا سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم:

754 وهو أن يجي على التعليل بالوصف ظاهر من التنزيل
أو الحديث فالخصوص يطرد عن اعتبار الشارع المجتهد

فالظاهر والله أعلم هو ما ذهب إليه إمام دار الهجرة لأننا نقول – كما سبق بيانه – إن المساقاة مستثناة فعلا، لكن هذا الاستثناء ثابت بالنص، وبالنظر إلى سبب الاستثناء – أعني علته – فهي الحاجة فيعلق الحكم عليها، ومعلوم أن التنقيح – أعني تنقيح المناط – هو المسلك التاسع من المسالك الاثني عشر، فيكون ذلك ظنيا كتشطير الحد على الإماء، والله أعلم.

قال النووي: قوله: (بشطر ما يخرج) فيه بيان الجزء المساقى عليه من نصف أو ربع من الأجزاء المعلومة فلا تجوز على مجهول كقوله على أن لك بعض الثمر.

ثم نقل اتفاق المجيزين على جوازها بما اتفق عليه المتعاقدان من قليل أو كثير([44]).

أما خيار المساقاة ومدتها فيؤخذ من قوله «نقركم على ذلك ما شئنا»، كما سبق وتحمل رواية ما أقركم الله أي بما قدر الله أنا نترككم فيها، فإذا شئنا فأخرجناكم تبين أن الله قدر إخراجكم.

قاله ابن حجر، ثم قال: وفيه جواز الخيار في المساقاة للمالك لا إلى أصل، وأجاب من لم يجزه باحتمال أن المدة كانت مذكورة ولم تنقل، أو لم تذكر لكن عنيت كل ستة بكذا، أو أن أهل خيبر صاروا عبيدا للمسلمين، ومعاملة السيد لعبده لا يشترط فيها ما يشترط في الأجنبي([45]).

قال النووي بعدما ساق رواية الموطإ «أقركم ما أقركم الله» جامعا بينها مع رواية الصحيحين «ما شئنا» قال العلماء: هو عائد على مدة العهد المراد إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ثم نخرجكم إذا شئنا، لأنه كان عازما على إخراج الكفار من جزيرة العرب كما أمر به آخر عمره، كما دل عليه هذا الحديث وغيره.

ثم قال: احتج أهل الظاهر بهذا على جواز المساقاة مدة مجهولة.

وقال الجمهور: لا تجوز المساقاة إلا إلى مدة معلومة كالإجارة وتأولوا الحديث على ما ذكرناه، وقيل: جاز ذلك في أول الإسلام خاصة للنبي ، وقيل: معناه أن لنا إخراجكم بعد انقضاء المدة المسماة، وكانت سميت مدة، ويكون المراد: بيان أن المساقاة ليست بعقد دائم كالنكاح والبيع، بل بعد انقضاء المدة تنقضي المساقاة فإن شئنا عقدنا عقدا آخر وإن شئنا أخرجناكم.

وقال أبو ثور: إذا أطلقنا المساقاة اقتضى ذلك سنة واحدة، والله أعلم([46]).

2- في حكم المزارعة والمخابرة.

فإن المزارعة: هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، ويكون البذر من مالكها، فإن كان البذر من العامل فهي المخابرة([47]).

قال ابن جزي: أما المزارعة فهي الشركة في الزرع، وتجوز بشرطين عند ابن القاسم:

أحدهما: السلامة من كراء الأرض بما تنبت.

الثاني: تكافؤ الشريكين.

ثم قال: وأما المغارسة: فهي أن يدفع الرجل أرضه لمن يغرس فيها شجرا، ثم ذكر أنواعها([48]).

قال القسطلاني: وهما – يعني المزارعة والمخابرة – إن أفردتا عن المساقاة بطلتا للنهي عن المزارعة في مسلم، وعن المخابرة في الصحيحين، ولأن تحصيل منفعة الأرض ممكنة بالإجارة، فلم يجز العمل عليها ببعض ما يخرج منها كالمواشي بخلاف الشجر فإنه لا يمكن عقد الإجارة عليها فجوزت المساقاة.

ثم نقل عن ابن المنذر وابن خزيمة والخطابي صحتهما وأنهم حملوا أخبار النهي على ما إذا شرط لأحدهما زرع قطعة معينة وللآخر أخرى([49]).

قال النووي: قوله: من ثمر أو زرع، احتج به الشافعي وموافقوه وهم الأكثر في جواز المزارعة تبعا للمساقاة، وإن كانت المزارعة عند هؤلاء تجوز منفردة فتجوز تبعا للمساقاة، فيساقيه على النخل ويزارعه على الأرض كما جرى في خيبر.

وقال مالك: لا تجوز المزارعة لا منفردة ولا تبعا إلا ما كان من الأرض بين الشجر.

وقال أبو حنيفة وزفر: المزارعة والمساقاة فاسدتان سواء جمعهما أو فرقهما ولو عقدتا لفسختا.

وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد وسائر الكوفيين وفقهاء المحدثين وأحمد وابن خزيمة وابن سريج: تجوز المساقاة والمزارعة مجتمعتين، وتجوز كل واحدة منهما منفردة.

ثم قال: وهذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر، ولا يقبل دعوى كون المزارعة في خيبر إنما جازت تبعا للمساقاة، بل جازت مستقلة، ولأن المعنى المجوز للمساقاة موجود في المزارعة قياسا على القراض، فإنه جائز بالإجماع، وهو كالمزارعة في كل شيء، ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار مستمرون على العمل بالمزارعة.

ثم قال رحمه الله: وأما الأحاديث السابقة في النهي فسبق الجواب عنها وأنها محمولة على ما إذا اشترط كل واحد قطعة معينة من الأرض.

قال: وقد صنف ابن خزيمة كتابا في جواز المزارعة واستقصى فيه وأجاد، وأجاب عن الأحاديث والله أعلم([50]).

أقول: إن النووي نفسه رحمه الله قال عند قوله: «فكان يعطي أزواجه كل سنة مائة وسق» قال العلماء هذا دليل على أن البياض الذي كان بخيبر الذي هو موضوع الزرع أقل من الشجر([51]).

قال القسطلاني: في هذا الجديث جواز المزارعة والمخابرة لتقرير النبي لذلك واستمراره في عهد أبي بكر إلى أن أجلاهم عمر رضي الله عنهما، وبه قال ابن خزيمة وابن المنذر والخطابي، وصنف فيهما ابن خزيمة جزءا بين فيه علل الأحاديث الواردة بالنهي عنهما، وجمع بين أحاديث الباب، ثم تابعه الخطابي وقال: ضعف أحمد بن حنبل حديث النهي وقال هو مضطرب.

قال الخطابي: وأبطلهما مالك والشافعي وأبو حنيفة لأنهم لم يقفوا على علته.

ثم وافق القسطلاني النووي على الجواز وعلى التأويل ذاته لكنه زاد: والمعروف في المهب إبطالهما فمن أفردت الأرض بمخابرة أو مزارعة بطل العقد، وإذا بطلت فتكون الغلة لصاحب البذر لأنها نماء ماله.

قال: فإن كان البذر للعامل فلصاحب الأرض عليه أجرتها أو المالك، يقصد إن كان البذر للمالك، فللعامل عليه أجرة مثل عمله وعمل ما يتعلق به من آلته، كالبقر إن حصل من الزرع شيء أولهما فعلى كل منهما أجرة مثل عمل الآخر لنفسه وآلاته، في حصته لذلك إن أراد أن يكون الزرع بينهما على وجه مشروع بحيث لا يرجع أحدهما على الآخر بشيء، فليستأجر العامل من المالك نصف الأرض بنصف منافعه ومنافع آلاته ونصف البذر إن كان منه، وإن كان البذر من المالك استأجر المالك العامل بنصف البذر ليزرع له نصف الأرض ويعيره نصف الأرض الآخر، إن شاء استأجره بنصف البذر ونصف منفعة تلك الأرض ليزرع له باقيه في باقيها، وإن كان البذر لهما آجره نصف الأرض بنصف منفعته ومنفعة آلاته أو أعاره نصف الأرض وتبرع العامل بمنفعة بدنه وآلته فيما يخص المالك أو أكراه نصفها بدينار مثلا واكترى العامل ليعمل على نصيبه بنفسه بدينار وتقاصا([52]).

أقول: كاد العلامة القسطلاني يكون حنفيا، وكان يكفيه أن يفعل كما فعل أبو القاسم بن جزي الكلبي رحمه الله في القوانين إذ جعل المغارسة على ثلاثة أوجه، إما إجارة أو جعل أو متردد بينهما على أن هذا الأخير له خمسة شروط فلينظر مخافة التطويل([53]).

قال العلامة بدر الدين محمود العيني: هذا الحديث عمدة من أجاز المزارعة.

قال ابن بطال: اختلف العلماء في كراء الأرض بالشطر والثلث والربع.

أ- فأجاز ذلك علي وابن مسعود وسعد والزبير وأسامة وابن عمر ومعاذ وخباب، وهو قول سعيد بن المسيب وطاووس وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري وأبي يوسف ومحمد وأحمد.

أقول: هؤلاء هم المجيزون للمساقاة والمزارعة كما سبق بيانه عند النووي والقسطلاني.

ب- وكرهت ذلك طائفة روى عن ابن عباس، وابن عمر وعكرمة والنخعي، وهو قول مالك وأبي حنيفة والليثي والشافعي وأبي ثور، قالوا: لا تجوز المزارعة وهي كراء الأرض بجزء منها، ويجوز عندهم المساقاة.

أقول: هذا كذلك لكن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول بها لكنه رجع لما أخبره رافع بن خديع مع أنه كان يفعل ذلك كما صرح به، رضي الله عنه على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر وصدرا من إمارة معاوية كما ثبت هذا الباب من الصحيح – أعني كتاب المزارعة – الحديث رقم (2343 و2344).

وللمفارقة فقد قال الحافظ عند شرحه لحديث ترك ابن عمر للمزارعة: وقد استظهر البخاري لحديث رافع (بحديث جابر (2340) «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها فإن لم يفعل فليمسك أرضه» وبحديث أبي هريرة [رقم 2341 بزيادة أخاه بعد ليمنحها] ردا على من زعم أن حديث رافع أو أنه مضطرب وأشار إلى صحة الطريقين عنه حيث روى (2344) عن النبي صصوقد روى [2339] عن عمه عن النبي وأشار إلى أن روايته بغير واسطة مقتصرة على النهي عن كراء الأرض، وروايته عن عمه مفسرة للمراد وهو ما بينه ابن عباس في روايته (2342) من إرادة الرفق والتفضيل وأن النهي عن ذلك ليس للتحريم([54]).

ج- قال: ومنعها أبو حنيفة وزفر قالا: لا تجوز المزارعة ولا المساقاة بوجه من الوجوه ثم بدأ بسوق أدلتهم فقال:

1- المزارعة منسوخة بالنهي عن كراء الأرض بما تخرج.

2- وهي إجارة مجهولة لأنه قد لا تخرج شيئا.

3- وادعوا أن المساقاة منسوخة بالنهي عن المزابنة.

4- ذكر الطحاوي حديث رافع (نهى النبي عن المزارعة).

5- حديث ابن عمر «كنا لا نرى بأسا حتى زعم رافع أن النبي نهى عن المخابرة».

6- ومثله: نهى عن كراء الأرض.

7- حديث الضحاك: «أن النبي نهى عن المزارعة».

8- حديث جابر أن رسول الله قال: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يؤاجرها»، وفي لفظ «من لم يدع المخابرة فليؤذن بحرب من الله عز وجل».

وقد أجاب أبو حنيفة رحمه الله عن حديث الباب بقوله: إن معاملة النبي أهل خيبر لم تك بطريقة المزارعة والمساقاة بل كانت بطريقة الخراج على وجه المن عليهم والصلح، لأنه ملكها غنيمة فلو كان أخذ كلها جاز، وتركها في أيديهم بشطر ما يخرج منها فضلا، وكان ذلك خراج مقاسمة وهو جائز كخراج التوظيف، ولا نزاع فيها، وغنما النزاع في جواز المزارعة والمعاملة.

وخراج المقاسمة: أن يوظف الإمام في الخارج شيئا مقدما عشرا أو ثلثا أو ربعا، ويترك الأراضي على ملكهم منا عليهم، فإن لم تخرج الأرض شيئا فلا شيء عليهم.

قال العيني: وهذا تأويل صحيح لأنه لم ينقل عن أحد من الرواة أنه تصرف في رقابهم أو رقاب أولادهم.

وقال أبو بكر الرازي الجصاص رحمه الله في شرحه لمختصر الطحاوي: ومما يدل على أنها شرط من نصف الثمر والزرع كان على وجه الجزية أنه لم يكن في يرو في شيء منه الأخبار أنه أخذ منهم الجزية إلى أن مات ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما إلى أن أجلاهم عمر ولو لم يكن ذلك لأخذ منهم الجزية حين نزلت آية الجزية.

والخراج الموظف أن يجعل الإمام في ذمتهم بمقابل الأرض شيئا من كل جريب يصلح للزراعة صاعا ودرهما.

قال العينين رحمه الله – وحق له – فإن قلت: روي أن النبي قسم أراضي خيبرة على ستة وثلاثين سهما، وهذا على أن أنها ما كانت خراج قسمة، قلت: يجوز أنه قسم خراج الأراضي بأن جعل خراج هذه الأرض لفلان وهذه لفلان.

فإن قلت: روي أن عمر رضي الله عنه أجلى أهل خيبر ولم يعطهم قيمة الأرض فدل ذلك على عدم الملك، قلت: يجوز أنه ما أعطاهم زمان الإجلاء وأعطاهم بعد ذلك([55]).

والراجح والله أعلم جواز المزارعة والمغارسة لكن يمنع فيهما وفي المساقاة أمران:

أولهما: أن يشترط أحدهما لنفسه شيئا إلا اليسير.

ثانيهما: اشتراط السلف([56]).

كما أن المزارعة والمخابرة ينبغي أن تكونا تابعتين للمساقاة جمعا بين الأدلة، ولا يتم الجمع لهذا أعني أن نحمل النهي الوارد في حديث رافع بن خديج على فهم ترجمان القرآن رضي الله عنهما الذي سقته سابقا أثناء كلام العلامة القسطلاني أو أنه على استقلالهما.

ومحاولة بعض العلماء رحمهم الله إعلال حديث رافع أو اضطرابه فقد تبين لك مما نقلته عن الحافظ بن حجر تهافت هذه الدعوى، كما أن أمير المؤمنين في الحديث بلا نزاع قد فهم ذلك بدليل تخريجه لحديثي جابر وأبي هريرة رضي الله عنهم فينتفي بذلك قول الخطابي رحمه الله وقبله ابن خزيمة رحمه الله بأن الأئمة المانعين أعني الحميرية والمطلبية وبقية المجتهدين قدس الله أرواحهم وأعلى في الجنان مكانهم لم يفطنوا لتلك العلة لأنها ليست موجودة أصلا.

ولك أن رواية رافع هي فقط مقتصر على النهي عن كراء الأرض فصار ذلك كالإجمال فروى الرواية الثانية عن عمه التي هي كالبيان للأولى والتفسير كما سبق بيانه – والله أعلم – لأنه سقوط العلة – وهي الاضطراب مؤذن بسقوط المعلول كما هو معلوم في بابه من أصول الفقه.

أما بالنسبة لاستدلالات الإمام النعمان رحمه الله وبقية السادة الأحناف فإنني أقول:

أما بالنسبة لدعوى النسخ فقد جمعت لكم بين الأدلة، والنسخ يعول عليه في الأصول، أعني أصول الحديث التي هي مصطلحه وأصول الفقه ما لم يمكن الجمع، أما دعوى نسخ المساقاة بالمزابنة فلا يصح بل الصحيح جوازها نصا كما تبين مما سبق.

وأما بالنسبة لأحاديث النهي كأحاديث جابر وابن عمر ورافع فقد سبق البيان بأنا جمعنا بينها وبين حديث الباب بعدم جواز استقلال المزارعة والمخابرة والمغارسة بنفسها، اللهم إلا على الكراهة لكنها تصح تبعا للمساقاة.

وأما دعوى أن المزارعة والمساقاة إجارة مجهولة لأنها قد لا تخرج شيئا فقد سبق أن بينت لكم أن المساقاة مستثناة من ذلك – أعني من الإجارة وبيع ما لم يخلق – وهذا أولى عندي – والله أعلم – من جواب النووي – رحمه الله- السابق الذي تابعه عليه من جاء بعده بقياس المزارعة على المضاربة لأن هذه لم يختلف فيها.

كما أنني أقول كذلك: إن القياس إن قابل النص يكون فاسدا فساد اعتبار كما هو معلوم في محله من القوادح عند علماء أصول الفقه، يقول شيخ مشايخنا سيد عبد الله بن الحاج ابراهيم:

799 والخلف للنص أو اجماع دعا فساد الاعتبار كل من وعى

وهذا أظهر عندي – والله أعلم – مما قاله بعض شيوخنا – أعني الإمام أحمد بن لمرابط – نائب المفتي العام للجمهورية الإسلامية الموريتانية، حين قال في نظم منثور الدرر:

كراء الارض بالذي تنبت فيه خلف على نحو الذي ستجتليه
فالبعض في جواز هذا استظهرا حديث عبد الله نجل عمرا
وبحديث ابن خديج رافع وغيره استدل كل مانع
وابن خديج حين أخبر الخبر ترك ذلك الكراء ابن عمر

ثم قال بعد:

في مسلم ما قد رواه ابن عمر ما رافع راه في الجعفي فسر([57])

فقد اعتبر حفظه الله رجوع ابن عمر ترجيحا أو أنه بلغه النسخ، كما رجح حديث رافع بكونه في البخاري وحديث ابن عمر في مسلم.

فأقول: أما رجوع ابن عمر رضي الله عنهما فهو من باب الكراهة والورع ليس إلا، وآية ذلك ما رواه البخاري في الصحيح في كتاب الحرث والمزارعة باب (18) ما كان من أصحاب النبي يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمرة، حديث (2345) عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنت أعلم في عهد رسول الله أن الأرض تكرى، ثم خشي عبد الله أن يكون النبي قد أحدث في ذلك شيئا لم يكن يعلمه فترك كراء الأرض([58]).

وفي حديث (2343) عن نافع أن ابن عمر كان يكري مزارعه على عهد النبي وأبي بكر وعمر وعثمان وصدرا من إمارة معاوية، وإنما قدمت حديث سالم لجلالته فإنه يبعد مع هذا مع قول ابن عباس السابق (2342) [أن النبي لم ينه فيه عنه ولكن قال أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ شيئا معلوما]، إلا حمل فعله رضي الله عنهم جميعا إلا على الورع، وهو كان من أكثر الصحابة ورعا كما هو معلوم، أما بالنسبة لكون حديث رافع في البخاري فحديث ابن عمر كما سبق في الصحيحين والموطأ.

والمعروف في علم مختلف الحديث من المصطلح أن الجمع هو المقدم على الترجيح والنسخ، يقول الحافظ العراقي:

779 والمتن إن نافاه متن آخر وأمكن الجمع فلا تنافر

وكذلك في علم أصول الفقه، يقول شيخ مشايخنا رحمه الله:

867 والجمع واجب متى ما أمكنا إلا فللأخير نسخ بينا

وقد جمعت بتوفيق الله فله الحمد أو هكذا أعتقد، لكن فضيلة الإمام ناقل فقط لأقوال الحازمي وابن شاهين في ردهم على الخطابي والله أعلم.

3- وأخيرا: بقيت من باب الوفاء بالوعد، وإلا فهي استطراد مسألة إجلاء اليهود من خيبر ومعنى مراد الرسول بإجلاء اليهود والنصارى.

أقول: فالإجلاء: هو الإخراج عن المال والوطن على وجه الإزعاج والكراهة.

ما سببه: فقد أخرج البخاري في كتاب الشروط باب (14) إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك حديث (2730) عن ابن عمر قال: لما فدع أهل خيبر عبد الله بن عمر قام خطيبا فقال: إن رسول الله عامل يهود خيبر على أموالهم وقال: «نقركم ما أقركم الله» وإن عبد الله ابن عمر خرج إلى ماله هناك فعدي عليه من الليل ففدعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا وتهمتنا وقد رأيت إجلاءهم… الحديث، وفيه مجيء ابن أبي الحقيق…

ثم زاد الحافظ ابن حجر سببين آخرين وقعا له فقال:

الأول: روى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: ما زال عمر حتى وجد الثبت عن رسول الله أنه قال: «لا يجتمع بجزيرة العرب دينان» فقال: من كان له من أهل الكتابين عهد فليأت به أنفذ له وإلا فإني مجليكم فأجلاهم، أخرجه ابن أبي شيبة وغيره.

ثانيهما: ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة من طريق عثمان بن محمد الأخنس قال: لما كثر العيال – أي الخدم في أيدي المسلمين وقووا على العمل في الأرض أجلاهم عمر.

قال الحافظ: ويحتمل أن يكون كل هذه الأشياء جز علة في إخراجهم ثم قال بعد: قال المهلب: في القصة دليل على أن العداوة توضح المطالبة بالجناية.

ثم قال بعد: وفيه أن أفعاله وأقواله على الحقيقة حتى يقوم دليل المجاز (الرد على ابن الحقيق: كيف بك إذا خرجت من خيبر تعدو بك قلوصك، قال: كانت تلك هزيلة من أبي القاسم، قال: كذبت يا عدو الله)([59]).

أما مراد الرسول بإجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب فقال النووي: قوله (فأجلاهم عمر إلى تيماء وأريحا) هما ممدودتان وهما قريتان معروفتان وفي هذا دليل على أن مراد النبي بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، إخراجهم من بعضها وهو الحجاز خاصة لأن تيماء من جزيرة العرب لكنها ليست من الحجاز. والله أعلم.

ولله در الشاطبي رحمه الله حين قال في آخر نظمه:

فيا خير غفار ويا خير راحم ويا خير مأمول جدى وتفضلا
أقل عثرتي وانفع بها وبقصدها حنانيك يا الله يا رافع العلا
وآخر دعوانا بتوفيق ربنا أن الحمد لله الذي وحده علا

قائمة المصادر والمراجع:

فتح الباري ج5/276، طبعة مصححة على طبعة الشيخ عبد العزيز بن باز، طبعة دار الفكر، بيروت.

المنهاج في شرح مسلم بن الحجاج، طبعة دار الفكر 1401هـ 1981م ج10/2010، وانظر صحيح مسلم بضبط محمد فؤاد عبد الباقي، عند الحديث المذكور رقم (1551).

شرح الزرقاني لموطأ الإمام مالك طبعة دار الفكر بدون تاريخ ج3/363، وما بعدها. الموطأ 33 كتاب المساقاة، باب ما جاء في المساقاة، ج2/703، طبعة محمد فؤاد عبد الباقي.

الجرح والتعديل ج2/139، وتاريخ بغداد جزء 6 ص: 181.

هدي الساري نسخة ابن باز ص 355، سير أعلام النبلاء 10/689، برقم 255، طبعة مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، بيروت، 1992م 1412هـ.

سير أعلام النبلاء ج9 ص 86 ترجمة 25، التاريخ ليحيى بن معين 43، طبقات خليفة خياط 276، التاريخ الكبير ج2 ص 32، التاريخ الصغير ج2 ص 288، تاريخ الفسوي ج1 ص 190، الجرح والتعديل لأبي حاتم ج2 ص 289، العبر ج1/332، شذرات الذهب ج1/358.

شذرات الذهب ج1/219، التاريخ الكبير 5/395، التاريخ الصغير 1/322، الجرح والتعديل 5/326، الثقات لابن حبان 3/146، الكامل لابن الأثير، في التاريخ 5/374، تهذيب الكمال: 887-888، تهذيب التهذيب 3/9، تذكرة الحفاظ 1/161.

التاريخ الكبير 8/84، والصغير 2/59، وتاريخ الفسوي 1/646، الجرح والتعديل 8/451، تهذيب الأسماء واللغات 2/123، وفيات الأعيان 5/367، تهذيب الكمال 1404، تهذيب التهذيب 10/412، طبقات الحفاظ 40، تذكرة الحفاظ 1/99، العبر 1/147.

طبقات الحفاظ 40، خلاصة تهذيب الكمال 400، شذرات الذهب 1/154، سير أعلام النبلاء 5/95.

صحيح البخاري مع كشف المشكل لابن الجوزي 1/27 الطبعة الأولى، 1420هـ 2000م طبعة دار الحديث ت مصطفى الذهبي.

عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعلامة: بدر الدين محمود العيني، الطبعة الأولى، دار الفكر، 9/21.

إرشاد الساري: الطبعة السادسة بالمطبعة الأميرية بولاق سنة 1304هـ 4/178.

المنهاج شرح مسلم بن الحجاج طبعة دار الفكر 1401هـ 1981م 10/210، وانظر إرشاد الساري 4/178.

الهوامش:

  1. () فتح الباري ج5/276، طبعة مصححة على طبعة الشيخ عبد العزيز بن باز، طبعة دار الفكر، بيروت.
  2. () جمع سهم بمعنى النصيب.
  3. () المنهاج في شرح مسلم بن الحجاج، طبعة دار الفكر 1401هـ 1981م ج10/2010، وانظر صحيح مسلم بضبط محمد فؤاد عبد الباقي، عند الحديث المذكور رقم (1551).
  4. () قال النووي: بين الشام والمدينة، المنهاج، ج10/209، وهي تبعد حاليا 350 كلم عن المدينة المنورة.
  5. () قال ياقوت: مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن والشام، بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك.
  6. () انظر شرح الزرقاني لموطأ الإمام مالك طبعة دار الفكر بدون تاريخ ج3/363، وما بعدها. الموطأ 33 كتاب المساقاة، باب ما جاء في المساقاة، ج2/703، طبعة محمد فؤاد عبد الباقي.
  7. () الجرح والتعديل ج2/139، وتاريخ بغداد جزء 6 ص: 181.
  8. () هدي الساري نسخة ابن باز ص 355، سير أعلام النبلاء 10/689، برقم 255، طبعة مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، بيروت، 1992م 1412هـ.
  9. () هدي الساري، الفصل 9 ص 544.
  10. () هدي الساري ص 549.
  11. () سير أعلام النبلاء ج9 ص 86 ترجمة 25، التاريخ ليحيى بن معين 43، طبقات خليفة خياط 276، التاريخ الكبير ج2 ص 32، التاريخ الصغير ج2 ص 288، تاريخ الفسوي ج1 ص 190، الجرح والتعديل لأبي حاتم ج2 ص 289، العبر ج1/332، شذرات الذهب ج1/358.
  12. () سير أعلام النبلاء، ج6/304 الترجمة رقم 120.
  13. () شذرات الذهب ج1/219، التاريخ الكبير 5/395، التاريخ الصغير 1/322، الجرح والتعديل 5/326، الثقات لابن حبان 3/146، الكامل لابن الأثير، في التاريخ 5/374، تهذيب الكمال: 887-888، تهذيب التهذيب 3/9، تذكرة الحفاظ 1/161.
  14. () التاريخ الكبير 8/84، والصغير 2/59، وتاريخ الفسوي 1/646، الجرح والتعديل 8/451، تهذيب الأسماء واللغات 2/123، وفيات الأعيان 5/367، تهذيب الكمال 1404، تهذيب التهذيب 10/412، طبقات الحفاظ 40، تذكرة الحفاظ 1/99، العبر 1/147.
  15. () طبقات الحفاظ 40، خلاصة تهذيب الكمال 400، شذرات الذهب 1/154، سير أعلام النبلاء 5/95.
  16. () سير أعلام النبلاء 5/95 الترجمة 34 والمراجع السابقة.
  17. () نفس المراجع السابقة.
  18. () سير أعلام النبلاء 5/95، التاريخ الكبير 8/84، والصغير 2/59، تهذيب الكمال 1404، وفيات الأعيان 5/367، العبر 1/147، تذكرة الحفاظ 1/99.
  19. () نفس المراجع السابقة.
  20. () صحيح البخاري مع كشف المشكل لابن الجوزي 1/27 الطبعة الأولى، 1420هـ 2000م طبعة دار الحديث ت مصطفى الذهبي.
  21. () عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعلامة: بدر الدين محمود العيني، الطبعة الأولى، دار الفكر، 9/21.
  22. () عمدة القاري 9/21.
  23. () إرشاد الساري: الطبعة السادسة بالمطبعة الأميرية بولاق سنة 1304هـ 4/178.
  24. () فتح الباري 6/279.
  25. () عمدة القاري 9/21.
  26. () المنهاج شرح مسلم بن الحجاج طبعة دار الفكر 1401هـ 1981م 10/210، وانظر إرشاد الساري 4/178.
  27. () هدي الساري 4/178.
  28. () فتح الباري 6/279، وهدي الساري 4/178.
  29. () عمدة القاري 9/22.
  30. () القوانين الفقهية لابن جزي، طبعة دار الفكر، بدون تاريخ ص (240).
  31. () المنهاج شرح مسلم بن الحجاج للنووي ص 209.
  32. () نفس المرجع السابق.
  33. () نفس المرجع السابق.
  34. () انظر ص (1) من هذا البحث.
  35. () المنهاج 10/209.
  36. () فتح الباري 6/387.
  37. () فتح الباري 6/387.
  38. () سورة الحشر الآية 10.
  39. () فتح الباري 5/285.
  40. () المنهاج 10/210.
  41. () القوانين الفقهية (240).
  42. () المنهاج (10/209).
  43. () إرشاد الساري: (4/169).
  44. () المنهاج (10/210).
  45. () فتح الباري (5/672).
  46. () المنهاج 10/210.
  47. () إرشاد الساري 4/169.
  48. () القوانين الفقهية 241-242.
  49. () إرشاد الساري 4/169.
  50. () المنهاج 10/210.
  51. () نفس المرجع والصفحة السابقتين.
  52. () هدي الساري (4/178).
  53. () القوانين الفقهية (242).
  54. () فتح الباري (5/294).
  55. () عمدة القاري: (9/21-22).
  56. () القوانين الفقهية (242).
  57. () رسالة مرقونة ص (40) المزارعة.
  58. () رواه مسلم في البيوع (1548) وأبو داود برقم (3294).
  59. () فتح الباري 5/672.