عبد المجيد أيت القايد1
1 باحث في سلك الدكتوراه، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة ابن طفيل – القنيطرة، المملكة المغربية.
بريد الكتروني: abdelmajidamir@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(11); https://doi.org/10.53796/hnsj31131
تاريخ النشر: 01/11/2022م تاريخ القبول: 23/10/2022م
المستخلص
يروم هذا البحث المساهمة في إخضاع ظاهرة استغراق الذمة لمجهر التفكير العلمي، من وجهة نظر المقاربة التاريخية، وذلك بمحاولة إبراز بعض تداعيات هذه الظاهرة على جهود التحديث بالمجتمع المغربي قبل الاستعمار، من خلال توضيح دورها في إعاقة تحديث البنيات الاقتصادية والإدارية، وفي اختراق السيادة الاقتصادية والترابية للبلاد، ليخلص في النهاية إلى أن هذه الممارسة هي من بين المثبطات الرئيسة لعملية تحديث المجتمع المغربي قبل الاستعمار، ومن العوامل الأساس التي سهلت اختراق المغرب وإخضاعه للهيمنة الاستعمارية سنة 1912.
الكلمات المفتاحية: عوائق التحديث – ظاهرة استغراق الذمة – الرشوة – السيادة الاقتصادية – الوحدة الترابية
Aspects of the implications of the bribery phenomenon in pre-colonial Morocco
ABDELMAJID AIT ELCAID 1
1 PhD researcher, Faculty of Humanities and Social Sciences, Ibn Tofail University – Kenitra, Kingdom of Morocco.
Email: abdelmajidamir@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(11); https://doi.org/10.53796/hnsj31131
Published at 01/11/2022 Accepted at 23/10/2021
Abstract
This research aims to contribute to subjecting the bribery phenomenon to a scientific thinking microscope From the point of view of the historical approach, by trying to highlight some of the consequences of this phenomenon for Moroccan society’s pre-colonial modernization efforts by clarifying its role in impeding the modernization of economic and administrative structures, In breaching the country’s economic and territorial sovereignty, finally concluding that this practice is among the main disincentives to the process of modernizing Moroccan society before colonization, One of the underlying factors that facilitated Morocco’s penetration into colonial domination in 1912.
Key Words: modernization – bribery – pre-colonial Morocco
مقدمـــــــــــــة
يقول العلامة ابن خلدون، في تحليله للتداعيات الناتجة عن ظاهرة الفساد السياسي وأكل أموال الناس بالباطل:“واعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها، لما يرونه حينئذ من أن غايتها ومصيرها انتهىابُها من أيديهم، وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك(…)[1]. تفيدنا هذه الكلمات العميقة لمهندس نظرية العمران البشري، في الانتباه إلى دور ظاهرة استغراق الذمة، في تعطيل قوى الإنتاج وفي إرباك الدورة الاقتصادية للدول وتقويض أركانها وأسسها. فقد عانت المجتمعات وما تزال من الآثار السلبية لهذه الظاهرة، التي تُعدُّ الرشوة من أشد أنواعها تدميرا وتخريبا للمجتمعات الإنسانية[2]، ومن أكثر وسائل العدوان شيوعا، وأكثر أدوات الاغتناء رواجا حين يعم الفساد. ولعل ذلك ما دعا الشاعر محمد الأسمر المصري أن يقول:
عم الفساد وأصبحت طرق الغنى وقفا على من يرتشي أو يعتدي[3]
لم تكن ظاهرة الرشوة إحدى أخطر آفات العصر الحالي وحسب، بل كانت كذلك منذ العصور السالفة، وهو ما دعا الكثير من أصحاب المصنفات التراثية والتاريخية والفقهية، لإفراد صفحات من كتاباتهم لمناقشة جوانب متعددة من هذه الظاهرة، كما أن الكثير من التشريعات القانونية قديما وحديثا اهتمت اهتماما بالغا بالتأسيس لعقوبات زجرية تطال كل من ثبت في حقه ممارسة فعل الرشوة.
ومن هذا المنطلق أصبح الاهتمام بدراسة الإشكاليات التي تطرحها هذه الظاهرة في سياق البحث التاريخي المعاصر أمرا ملحا، على اعتبار الأهمية التي يحظى بها المنهج التاريخي في الكشف عن الكثير من نقاط الظل والعتمة في مثل هذه المواضيع ذات الصبغة الاجتماعية، وإنارة درب البحث العلمي بنتائج مبنية على خلفية معرفية دقيقة ومصاغة وفق منهج علمي دقيق يتوخى الكثير من الموضوعية والأناة. فالمؤرخ مؤهل أكثر من غيره للإدلاء بدلوه في مثل هذه النقاشات المتشعبة والحساسة، والتي تحتاج إلى منهج علمي هادئ، وإلى النأي بالنفس عن إصدار الأحكام وتوزيع المسؤوليات كما اتُّفِق[4].
وارتباطا بما سبق نتوخى من خلال هذا البحث، المساهمة في النقاش الدائر حول الدينامية التاريخية بمغرب ما قبل الاستعمار، ودورها في تكوين المغرب الراهن، من خلال تسليط بعض الأضواء على جزئية نراها من الأهمية بمكان، في الكشف عن جوانب من أسباب التعثر الذي طال علمية التحديث والعصرنة بالمغرب، واستمرارية بعض الظواهر المعيقة لعملية تحديث البنى السياسية والإدارية، علاوة على محاولة التأصيل التاريخي لبعض القضايا الحساسة والشائكة بالمغرب الراهن. ونروم تحقيق هذه الأهداف من خلال محاولة الإجابة عن هاذين السؤالين:
- إلى أي حد كان لظاهرة استغراق الذمة دور في إعاقة تحديث البنى الاقتصادية والإدارية بمغرب ما قبل الاستعمار؟
- وإلى أي مدى ساهمت هذه الظاهرة في اختراق السيادة الاقتصادية وتقويض الوحدة الترابية المغربية خلال القرن التاسع عشر؟
أعرض الباحثون في التاريخ عن مناقشة هذا الموضوع إعراضا غريبا، فباستثناء تلك الأسطر التي كتبها الراحل محمد المنوني لأول مرة في دورية الوثائق عن سياسية الضبلون[5] سنة 1976، وتلك الإشارات التي وردت على لسان برحاب عكاشة بمعلمة المغرب، والمعطيات الواردة لدى الباحث الجزائري يوسف مناصرية سنة 1990، ثم بعض الأسطر المقتضبة التي وردت لدى بعض الباحثين المغاربة مثل محمد كنبيب وخالد بن الصغير وخديجة بنبوسلهام، لم نعثر على دراسة مفردة للموضوع باستثناء المقالة التي نشرها الباحث محمد جوي بمجلة أمل سنة 1999، والمقالة التي نشرها الطيب بياض سنة 2015 بمجلة زمان[6].
أولا: إشكالية المنهج والمصادر
قبل الخوض في الإجابة على أسئلة هذا البحث، حري بنا بادئ ذي بدء الإشارة إلى أن دراسة مثل هذا الموضوع وفق منهج البحث التاريخي، يطرح بعض الصعوبات المنهجية نجملها فيما يلي:
-الحساسية المفرطة التي تلف هذا الموضوع، نظرا لارتباطه بالوجه الآخر للمجتمع، وبالسلوكيات المشينة التي يقترفها الأفراد، وما إلى ذلك من المعطيات التي تجعل الباحث في هذا الموضوع، يبتعد عن دائرة الموضوعية ويقترب أكثر من مجال الذاتية، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية الانزياح عن الضوابط المنهجية لعلم التاريخ.
-الارتباط القوي بين هذا النوع من القضايا والواقع الراهن، ووقوعها عند نقطة التماس بين علم التاريخ وباقي العلوم الاجتماعية الأخرى، وما يطرحه ذلك من إشكاليات تتعلق بصعوبة فهم تعقيدات الموضوع من منظور منهجي أحادي الجانب، خاصة في غياب التراكم الكافي في الدراسات النظرية في مباحث التاريخي الاجتماعي والاقتصادي في سياق التجربة العربية في البحث التاريخي، مقارنة بالتراكم الحاصل في هذا الصدد في التجارب الغربية.
– العلاقة الملتبسة بين هذه الظاهرة وبعض العوائد الاجتماعية والتقاليد المرتبطة بالثقافة السياسية في الماضي، مثل عادة الإغداق بالهدايا والامتيازات على مختلف أصحاب النفوذ الرمزي والروحي (الزوايا والصلحاء والعلماء والأعيان)، من قبل السلطة المركزية.
– إشكالية المصادر التاريخية، حيث يعد هذا الموضوع من القضايا التي أحاطتها المصادر التاريخية التقليدية بسياج من التعتيم، ويصعب كثيرا اختراقها من زاوية الإسطوغرافيات التقليدية.
فقد أجمع الباحثون في التاريخ على أن الخطاب الاسطوغرافي التقليدي، لا يكفي في بناء المعرفة التاريخية بناء كاملا، نظرا لما يتخلل هذا الخطاب من ثغرات منهجية عديدة، لعل أبرزها وضوحا هو إغفالها للكثير من القضايا والأحداث ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية، وتعد مسألة استغراق الذمة من الموضوعات التي يصعب كثيرا الإلمام بتفاصيلها من منظور المدونات الاسطوغرافية التقليدية، وخاصة كتب الحوليات السلطانية، التي أفردت الجزء الكبير من اهتمامها لإبراز الأحداث ذات الصبغة العسكرية والسياسية من منظور محدود لا يكشف دائما عن بعض التفاصيل المهمة المحيطة حتى بالحدث العسكري والسياسي، ولاسيما ما يتعلق من تلك التفاصيل بالوجه الآخر للمجتمع، وما يعتمل فيه من ممارسات مشينة ومحظورة من منظور الذهنية السائدة، والتي كان يغلب عليها الخطاب الديني.
ومن جهة أخرى فمن المعلوم أن الممارسات المشينة في المجتمع، والمحظورة من قبل فئاته المختلفة، غالبا ما تتم في السر ولا تترك آثارا دالة عليها، لهذا قلما نجد تفاصيل تتعلق بمثل هذه الممارسات، وإن عثرنا عليها، فإننا نجدها إما مجتزأة، يأتي الكلام عنها في سياق الحديث عن أمور أخرى، وبالتالي لا تأخذ الحيز الكافي من اهتمام الكتاب التقليديين، أو مُعَبَّرًا عنها بطرق غير مباشرة، باستخدام ألفاظ وعبارات تحتاج مجهودا إضافيا لفهم مضامينها واستيعاب حمولاتها، كأن نجد الكتابات التقليدية تستخدم عبارات مثل “التودد” و”الملاطفة” و”تطييب الخاطر” و”السخرة” و”الكرم والإكرام” للتعبير عن ظاهرة الرشوة.
ولعل هذه الملاحظات وغيرها، هي التي جعلت الباحثين في التاريخ يعرضون إعراضا عن دراسة هذا النوع من الموضوعات.
ثانيا: الرشوة وإعاقة تحديث البنى الإدارية والاقتصادية
ساهمت عادة المتاجرة بالمناصب في الإضرار بالاقتصاد المغربي، فالجهاز الإداري الذي كان مشرفا على تدبير قطاع الجبايات، وهو أهم مورد من موارد خزينة الدولة المغربية في الماضي، عادة ما كان أفراده يستولون على نسبة مهمة من الضرائب لتعويض أموالهم التي أنفقوها وهم يتسلقون دواليب السلطة، وهو ما ترتب عليه إيصال البلاد إلى وضعية مالية حرجة في أواخر القرن التاسع عشر، ورطته في مأزق الاقتراض من الخارج عند مطلع القرن العشرين، والتخلي عن سيادته لفائدة المؤسسات المالية الأجنبية.
كما تنبهنا العديد من الدراسات التاريخية الحديثة إلى خطورة الضغط الجبائي الرهيب، الذي تسبب في إنهاك القدرات الاقتصادية للقبائل، وفي تعطيل القوى المنتجة التي شكلت مادة للجبي في مغرب ما قبل الاستعمار، لاسيما وأن هذه الفروض الجبائية صاحبتها عادات تطورت إلى أن اتخذت شكل رشاوى يقدمها القواد والعمال المخزنيون لكبار موظفي الدولة، استدرارا لعطفهم وكسبا لودهم. ويتطور الأمر ليتخذ أبعادا أخرى، عندما أصبح أعوان المخزن[7] المحليون ملزمون بشراء مناصبهم مقابل مبالغ مالية هامة، وهو ما جعل الحصول على المنصب يتحول في تمثلهم، إلى “رغبة في الحصول على ترخيص لتدبير مقاولة عقارية وبشرية في آن واحد اسمها القبيلة”[8]، والتي كان عليها أن تتحمل كل التبعات والأعباء المالية المترتبة عن هذه الصفقة.
تسببت عادة الاتجار بالمناصب في عرقلة بعض المساعي التحديثية لجاز المخزن، فالسلطان الحسن الأول (حكم المغرب ما بين 1873 و1894) مثلا أحدث إدارة مركزية للمالية أطلق عليها تعبير “جهاز الأمناء”، غير أنها أفرغت من محتواها وظلت مفتقرة لسلطة المراقبة، وذلك أن أعوان المخزن الكبار على الصعيد المحلي مثل القواد، والذين اعتادوا على شراء مناصبهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، لم يكونوا ليتصوروا أي معنى لمناصبهم تلك، دون التحكم المباشر في أنصبة الضرائب والاستئثار بجزء كبير منها، وكان لمثل هذه العادات تأثير مباشر على المداخيل المالية للدولة، فقد قدر الباحث بيير كَيلين عائدات الاحتكارات المستغلة باسم المخزن في بداية القرن العشرين بحوالي ثلاثين ألف بسيطة، وترتبط أسباب تقلص منتج الاحتكارات المخزنية في نظر بيير كيلين إلى هذا الحجم الهزيل، بفساد الإدارة وانعدام النزاهة في الموظفين[9]. ويذهب هذا الباحث بعيدا في تصوره ليؤكد أن رسوم الديوانة، كانت هي الأخرى خاضعة لنفس المنطق السابق، إذ كان الأمناء “يتواطئون مع التجار لإغفال التصريح بجزء من حمولاتهم، كما كانوا يحتفظون بنسبة مهمة من الأموال المجباة”[10]. ويكفي لنعي خطورة هذا الأمر أن نفهم أن الديوانة التي أقيمت قرب مدينة مليلية مثلا، والتي كانت تذر حسب الوكيل القنصلي الفرنسي في تطوان حوالي ثلاثمائة ألف بسيطة، لم يكن السلطان يتوصل منها إلا بخمسين ألفا، وكان الأمناء يستولون على الباقي لحسابهم الخاص. وهذا الأمر هو الذي يبرر كون وظيفة أمين الأمناء مطلوبة جدا، لما كان شائعا بين الناس أن صاحبها كان يغتني في ظرف سنتين[11].
ثالثا: ظاهرة استغراق الذمة واختراق السيادة الاقتصادية
كان المغرب خلال القرن التاسع عشر هدفا مباشرا للمخططات الاستعمارية الأوروبية، ومجالا للتجاذب بين القوى الأوروبية، نظرا لموقعه المتميز في شمال إفريقيا، وأهميته الاقتصادية، لذلك كان اختراق بنية اقتصاده وإدماجه ضمن المنظومة الرأسمالية، من بين الأهداف الأساسية التي جندت لها القوى الأوروبية كل إمكانياتها، وبذلت جهودا حثيثة لبلوغها، وقد برزت بريطانيا العظمى في هذا الصدد، كواحدة من أكثر القوى الأوروبية التي تمكنت من اختراق الاقتصاد المغربي، وتتويج جهودها بتوقيع معاهدة تجارية تعد من نقاط التحول الكبرى في تاريخ المغرب المعاصر، ويتعلق الأمر بالمعاهدة التجارية المغربية البريطانية سنة 1856م[12].
وقد كان لاستغراق ذمم بعض أعوان الدولة المغربية من ناحية، وإصرار القوى الأوروبية على توظيف سلطة المال وسياسة الإرشاء من ناحية ثانية، دور بارز في تسهيل عملية اختراق السيادة الاقتصادية للبلاد، وتظهر تجليات هذا الأمر في ثلاث مؤشرات واضحة، يتمثل أولها في استخدام أسلوب الرشوة أثناء المفاوضات الممهدة لتوقيع اتفاقيات غير متكافئة، أضرت باقتصاد المغرب وخدمت مصالح القوى الأجنبية، مثل معاهدة 1856م مع بريطانيا[13]، ويتجلى ثانيها في توظيف أسلوب الإغراء المالي، لاستدراج بعض التجار والزعامات المحلية في تخوم المغرب وأطرافه لتسهيل عملية الاختراق وفتح الاقتصاد المغربي أمام المؤسسات البنكية والشركات الأوروبية، ويتمثل ثالث تلك المؤشرات في استخدام أسلوب الرشوة أثناء المفاوضات الممهدة لإبرام عقود القروض الأجنبية، التي أغرقت الاقتصاد المغربي بالتزامات مالية كبيرة، ورهنت سيادة البلاد لدى المؤسسات المالية الأوروبية.
ففيما يخص المؤشر الأول، تشير الدراسات والأبحاث المتخصصة، إلى أن النائب البريطاني “جون دراموند هاي” (John Droumand Hay)، تمكن أثناء المفاوضات، التي قادها تمهيدا لتوقيع معاهدة 1856، من اقتناص تنازلات عديدة لصالح بلده، بعد أن استخدم كل الوسائل المتاحة، بما فيها من إغراء مالي، حيث كان قد استأذن حكومته في إرشاء بعض موظفي المخزن[14]، وفي هذا السياق استغل دراموند هاي السنوات الثلاثة (بين 1853 و1856)، التي سبقت مفاوضاته الأخيرة مع النائب السلطاني محمد الخطيب، فاستمال هذا الأخير وكسب وده، وقام بإرشاء مختلف المسئولين المغاربة بمن فيهم الوزير محمد الصفار، والنائب محمد الخطيب، والكتاب الذين استعان بهم النائب السلطاني في المفاوضات[15]، كما استفاد أشخاص آخرون من مبالغ مالية على سبيل الرشوة في هذه المناسبة، ومن ضمنهم التاجر مصطفى الدكالي، وجميع من كانوا مكلفين بالتباحث مع النائب البريطاني، ولاسيما الوزير محمد الصفار والنائب محمد الخطيب، الذين صرفت لهما مكافآتهما المالية “بالجنيه الإسترليني بعد التوقيع على المعاهدة، حيث تقاضى كل واحد من الصفار والخطيب 200 إبرة إنجليزية”[16]. كما استخدم النائب الإنجليزي أسلوبا آخر ساعده على اختراق بنيات المخزن المغربي، ويتعلق الأمر بمجموعة من الأشخاص الذي استفادوا من الحماية الإنجليزية، وما خولته لهم من امتيازات، أمثال بوبكر الغنجاوي، الذي طور علاقات مصلحية وزبونية مع فئات وازنة داخل جهاز الدولة، وجندها لفائدة الإنجليز[17].
أما فيما يتعلق بالمؤشر الثاني، فقد استخدمت القوى الأوروبية أسلوب الإغراق بالأموال والامتيازات، بهدف ربط الاتصال بالمجموعات القبلية النشيطة في المجال التجاري، بغية استمالتها والتزود منها بالمنتجات المحلية، وبخاصة المنتجات التي كان المخزن يحظر تصديرها نحو الخارج، وقد خلف هذا الأمر آثارا بالغة السوء على الحياة الاقتصادية، إذ لم تستطع التجارة المغربية الصمود في وجه المنافسة الشرسة، التي فرضتها الرأسمالية الأوربية بفكرها المتطور، وإمكاناتها المالية الضخمة، ويمكن الاستدلال على هذا الأمر بمنطقة وادي نون في الجنوب المغربي، التي تعد من أنشط المحاور التجارية بالمغرب خلال القرن التاسع عشر بموقعها المتميز، لذلك استهدفتها المخططات الأوربية، موظفة شتى أنواع الإغراء لاستمالة زعماء المجموعات القبلية، “مستغلة رغبة الزعماء القبليين في توسيع أنشطتهم التجارية بعد أن ضاق عليهم الخناق نتيجة المشاريع الفرنسية في غرب إفريقيا، وارتفاع تكاليف النقل في الشمال، ورسوم التصدير في المرسى السلطاني الصويرة”[18].
وفيما يرتبط بالمؤشر الثالث، تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة استغراق الذمة تسربت إلى المفاوضات الممهدة لإبرام عقود القروض بين المغرب والمؤسسات المالية الأجنبية في مطلع القرن العشرين، وخاصة قرض سنة 1904، الذي سبقته مفاوضات طويلة، وامتاز باشتداد المنافسة بين الأبناك والمؤسسات المالية الأوروبية، لدرجة إقدام المكلفين بتدبير المفاوضات نيابة عن المؤسسات المالية الأجنبية، على إرشاء الموظفين والوزراء المغاربة، لتسهيل مهامهم واستمالتهم لصالح هذا البنك أو ذاك، وفي هذا الصدد ينقل بيير كيلين عن أحد الوسطاء بين الحكومة المغربية ومجموعة كَوتش المالية، وهو يتحدث عن مبالغ السخرات والهدايا، التي يتوقع توزيعها على الوزراء والموظفين المغاربة لتسهيل المفاوضات المتعلقة بقرض سنة 1904، قوله: “إن آل التازي سيطالبون ولا شك ببضعة مئات الآلاف من الفرنكات بينما قد يكتفي غرنيط بخمسين ألف فرنك، أما المقري وابن سليمان والجباص وإدريس بن يعيش فإن من شأن عرض سخرة عليهم أن يثير معارضتهم لأنهم سيؤولون ذلك تأويلا سيئا. غير أنه يمكن منح كل واحد منهم بعد توقيع العقد هدية تتراوح قيمتها بين خمسة عشر وعشرين ألف فرنك”[19].
واضح إذن أن مخططات القوى الأوروبية ومناوراتها، كانت تسعى لتدمير بنية الاقتصاد المغربي، التي كانت مبنية على أسس وتوازنات تقليدية محلية، ولا تتماشى مع الفكر الرأسمالي الذي بدأ يتنامى في الضفة الأخرى، وهو ما حافظ للمغرب على استقلاله النسبي إلى غاية أواخر القرن التاسع عشر، ولذلك استغلت القوى الأوروبية تواطؤ بعض المسئولين المغاربة وضعفهم أمام المال، لتقوم بزعزعة توازنات المغرب الاقتصادية والاجتماعية، تمهيدا لوضعه تحت الهيمنة الأوروبية في مطلع القرن العشرين.
رابعا: ظاهرة استغراق الذمة وتقويض الوحدة الترابية
عملت الدوائر الاستعمارية الفرنسية منذ احتلالها للجزائر سنة 1830م، على ابتكار أساليب وأدوات جديدة تمكنها من استكمال بناء مشروعها الاستعماري الضخم، المتمثل في وضع اليد على مصادر الثروة والنفوذ في الشمال الإفريقي، فأعدت خطتها للاستيلاء أجزاء من التراب المغربي انطلاقا من الشرق تمهيدا لبسط الهيمنة التامة على مجمل أراضيه، ورغم أن كل مؤشرات القوة والتفوق كانت لصالح فرنسا بجيوشها الجرارة الحديثة، في مواجهة عدو مغلوب على أمره يتخبط في مشاكل داخلية كثيرة، إلا أن الخطة الفرنسية التي صاغها خبراء لهم باع طويل في مجال الدبلوماسية والإستراتيجية العسكرية، وخبرة طويلة في التعامل مع المسلمين، وعلى رأسهم “ليون روش” (Léon Roches) المتنكر في صفة ترجمان، كانت تقتضي أن يكون التسلل الفرنسي نحو المغرب سلسا وسريا، تفاديا لكل ما يمكن أن يثيره استخدام القوة العسكرية من مشاكل مع القوى الاستعمارية الأخرى المتنافسة مع فرنسا حول المغرب، وفي مقدمتها إنجلترا وألمانيا.
وقد كان للضابط الفرنسي ليون روش، دور محوري في حمل فرنسا على تفضيل أسلوب الدبلوماسية السرية على القوة العسكرية[20]، في سياستها الخارجية نحو المغرب، إذ وجدت نصائحه التي وجهها للحكومة الفرنسية طريقها إلى التطبيق، بعد أن نبهها أن أي تدخل عسكري في تراب المغرب، سيكون فرصة يغتنمها الأمير عبد القادر الجزائري لتكوين “مملكة مستقلة في وجه فرنسا والمغرب”، مشددا على أن استخدام الأسلوب الدبلوماسي مع سلطان المغرب المولى عبد الرحمن (حكم ما بين 1822 و 1859)، سيخدم المشروع الفرنسي أكثر[21].
لكل تلك الاعتبارات سيكون لسلطة المال دور محوري في تسهيل مهمة فرنسا الاستعمارية، فقد فهم المكلفون بتنفيذ المشروع الاستعماري الفرنسي بالمغرب، أن شراء الذمم والضمائر، ورشوة المفاوضين والمبعوثين المغاربة، أسلوب ناجح من شأنه أن يمكن فرنسا من التقدم بخطى ثابتة، وسيمكنها من التهام أجزاء واسعة ومهمة استراتيجيا من التراب المغربي، وكذلك كان. فقد استغلت فرنسا الفرصة الثمينة التي أتيحت لها بعد هزيمة الجيش المغربي في معركة إيسلي عام 1844، لتعد اتفاقية ملغومة لتخطيط الحدود بين المغرب والجزائر، أجبرت السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام على المصادقة عليها[22] مستخدمة أسلوب الرشوة مرة أخرى، حيث اشترت ذمم وزراء وموظفين نافذين في الإدارة المغربية[23]، كان لهم دور كبير في حمل السلطان على وضع ختم المصادقة على الاتفاقية، وعلى رأس قائمة المشبوهين بتلقي مبالغ مالية على سبيل الرشوة في هذه القضية؛ الوزير محمد ابن إدريس الذي تشير الوثائق والمصادر إلى استفادته من مبلغ 25900 فرنك، وباشا طنجة محمد بن عبد المالك بن عبو الريفي، الذي تلقى مبلغا ماليا قيمته 18000 فرنك، ثم باشا العرائش بوسلهام بن علي أزطوط الذي رشاه الفرنسيون بما قيمته 10368 فرنك[24].
لقد كانت لهذه الاتفاقية عواقب وخيمة على الوحدة الترابية المغربية، فبمقتضاها فقد أجزاء واسعة من ترابه الواقعة على الحدود مع الجارة الشرقية، ونتيجة لذلك ألحقت قبائل مغربية بكاملها بالمستعمرة الفرنسية، وتحديدا القبائل التي كانت تسكن المنطقة الواقعة بين وادي تافنا ووادي كيس.
ورغم أن الفصل الخامس من الاتفاقية يؤكد اعتراف فرنسا بمغربية تلك القبائل، غير أن السلطات الفرنسية استدركت الأمر في الفصل الثالث من الاتفاقية ذاتها، وأصرت على أن الأرض التي سكنتها تلك القبائل تعود ملكيتها للجزائر، بذريعة أن تلك القبائل لجأت إليها هربا من الصراعات القبلية وأن الملك الفرنسي متعها بالعفو من أداء أية مغارم لولاته في الجزائر، مراعاة لشروط الصلح والمهادنة بين الطرفين ![25].
خريطة (1) التسرب الفرنسي في الأراضي المغربية من جهة الشرق بين 1845 و1907
المصدر: خالد بن الصغير، بريطانيا وإشكالية الإصلاح…، مرجع سابق، (2011: ص. 471)، بتصرف
وفي الشمال، تعرضت الوحدة الترابية لمؤامرة أخرى، حاكت خيوطها السلطات الاسبانية، التي عملت بدورها على قضم أجزاء من التراب المغربي في الشمال، موظفة في ذلك أسلوب الإغراء المالي، فقد استغل حكام مدينة مليلية المحتلة، مبادرة السلطان الحسن الأول الرامية إلى تعيين الحدود بين الطرفين، ليشتروا ذمة المبعوث المخزني حمان السعيدي المكلف إلى جانب القائد العربي بن حميدة الشركَي بالإشراف على تنفيذ أوامر السلطان، مقابل عشرة آلاف ريال، كانت كافية ليوافق الممثل المخزني على توسيع مجال مدينة مليلية المحتلة، ليشمل أراض من القبائل الريفية المجاورة[26].
وقبل ذلك تكرر نفس سيناريو الحدود الشرقية، في قضية الحدود الشمالية للمغرب على نحو أكثر فداحة. فقد أدى اقتطاع أجزاء من أراضي القبائل الريفية، بعدما رفض السلطان المطالب الاسبانية لتوسيع حدود مدينة مليلية المحتلة، إلى استفزاز القبائل الواقعة على حدود المدينة، مما أثار مشاكل ومناوشات بينها وبين حاكم مليلية، كانت موضوعا لمراسلات عديدة بين السلطان المغربي مولاي الحسن والحكومة الاسبانية من جهة، وبينه وبين نائبه محمد بركاش من جهة ثانية.
عبرت الحكومة الاسبانية عن احتجاجها على ما يلحق رعاياها في مليلية من ضرر تسبب فيه أهل الريف، وهو ما اعتبره السلطان في أول الأمر، تجاوزا لا يمكن السكوت عنه، يقول مولاي الحسن مخاطبا النائب محمد بركاش:
” ]…[ وبعد وصل كتابك بأن باشدور إسبانيا أعاد الشكاية بما قد قدمت الإعلام به لحضرتنا الشريفة من إضرار أهل الريف بأهل بادسوالنكَورومليلية]…[.
فأما إضرار أهل الريف بأهل المحال المذكورة، لم نرضه وقد تكدر الخاطر عليهم من أجله فإنا لا نوافق على ما فيه خرق وضرر لمطلق الناس، وأحرى لهذه الدولة المُحبة ]…[[27].
ولم يفت السلطان التحري عن الأمر، خاصة وأنه توصل بشكاية أخرى من القبائل الريفية، تتهم فيها حاكم مليلية بتعمد افتعال المشاكل معها، وهو ما أكدته الرسالة السلطانية نفسها:
“]…[غير أنه لما وجد الحال أهل تلكم النواحي رفعوا لنا شكايتهم بجوارهم أهل الحصون المذكورة قبل أن توجه شكايتهم المتضمنة لسرقة حمار وربطة من الجلد ليهودي من مليلية]…[.
بحثنا من وجدهم الحال بحضرتنا الشريفة من هداية الريف عن ذلك، فأجابوا بأن حاكم مليلية جاد في التحزب برعاع مزوجة وبني شيكر الذين لا يسعون في خير بين المسلمين والنصارى، وأراد أن يدفع لهم بلاد الحدود يحرثونها بالمنفعة وإسكانهم بالدور التي أدخلت في الحدود الصبنيولية، وأن أرباب تلك الدور لما سمعوا بذلك أصابتهم الغيرة وإن رأوهم يتصرفون فيها لا محالة تقع الفتنة بينهم وبينهم وهذا زائد ما تشكو به من قبل من كونه يبني الحصون والأبراج بالحدادة ويستميل فساد القبيلة إليه حسبما قدمناه لك، وأن بقيوة وبني يطفت مشتغلون بإخراج النصارى من النكوروبادس]…[“[28].
نستشف من هذه الرسالة السلطانية، أن مسألة الحدود المشار إليها آنفا، لم تكن ـ شأنها شأن قضية الحدود الشرقية ـ سوى وسيلة وذريعة لاستدراج المغرب إلى مستنقع من المشاكل، يبتدئ بالاحتجاج على ما اعتُبِر تعديا من طرف القبائل الريفية على أهالي مليلية ـ وهو في الواقع لم يكن أكثر من رد فعل طبيعي على السلوكيات المستفزة لحاكم مليلية، وهو ما فهمه السلطان نفسه ـ وينتهي بمطالبة المغرب بأداء تعويضات مقابل الأضرار الناجمة عن الاعتداءات المزعومة، وهو ما حدث فعلا. فما لبثت الحكومة الإسبانية أن خلقت من مشكلات بسيطة بين سلطات مليلية وقبائل الريف المغربي، قضية معقدة وشائكة أوفدت على إثرها سفيرا مفوضا لبحثها مع السلطان مولاي الحسن، ولم يكن ذلك السفير سوى القبطان إرسينيو مرطنيس دكمبوس، ويذكر عبد الرحمن ابن زيدان أن المخزن المغربي عامل موفد إسبانيا هذا، معاملة السفراء، وعاد إلى حكومته راضيا مرضيا، بعد أن تمكن من إنجاح مهمته، وفي يده عقد تضمن التزاما من الطرف المغربي، بأداء تعويض مالي قيمته أربعة ملايين ريال، لم يتمكن المغرب من استكمال أدائه إلا في العهد العزيزي، يقول ابن زيدان:
“وكان قد وقع الفصال في قضية أهل الريف مع مليلية على أربع ملايين من الريال أخرج منها من بيت مال مراكش ستمائة ألف ريال ودفعت لأمناء الجديدة ليدفعوها لنائب إسبانيا واستكمل الباقي في الدولة العزيزية”[29].
تطورت الأمور على نحو أكثر إثارة بعد ما يزيد عن تسع سنوات، حيث أوعز السلطان مولاي الحسن إلى عمال قبائل الريف وأعيانها، للتواصل مع حكام مليلية بهدف رسم الحدود بين الطرفين، فأقدمت سلطات المدينة على شراء ذمم من كلفهم المخزن بتنفيذ المهمة، وهما القائد العربي بن حميدة الشركَي وحمان السعيدي، بمبلغ مالي قيمته عشرة آلاف ريال ـ كما أسلفنا، مقابل تسهيل مأمورية الإسبان في وضع اليد على أجزاء من أراضي قبائل الريف المجاورة لمليلية، فأثار الأمر غضبا عارما في أوساط قبائل الريف، التي اغتُصبت أراضيها. احتوى السلطان في بادئ الأمر ردود أفعال القبائل الريفية، لكنه سرعان ما تأكدت له الخروقات الإسبانية التي رافقت محادثات تعيين الحدود، وهو ما أفصح عنه في رسالة له لقبيلة بني شيكر بتاريخ 12 رمضان 1308 هـ / 21 مارس 1891م[30]، جاء فيها:“وصل كتابكم بأن القائد العربي بن حميدة الشركي لما طلب منكم الخروج معه للحدادة خرجتم معه ووقفتم في البعد منها احتياطا من تشويش النصارى. ولما رأيتموهم أرادوا الزيادة على الحدود الأولى والرشم بعلامة تكون واقفة وتمييزها طردتم المسلمين الذين أرادوا ذلك، ففروا لعند النصارى لكونهم اتفقوا معهم على الزيادة في الحدادة بمال له بال(…)”[31].
خاتمــــة
لا شك أن ظاهرة استغراق الذمة، هي من الممارسات المشينة في المجتمع، ومن السلوكيات ذات الأثر السلبي على كافة أوجه العمران البشري، فضلا عن كونها من الظواهر الممتدة في الزمن، والمستعصية على الحل نظرا لكونها تلامس المستويات الذهنية في شخصية الفرد.
وقد اتضح في متون هذا البحث أن لهذه الظاهرة دور بارز في إعاقة تحديث البنيات الاقتصادية والإدارية بمغرب ما قبل الاستعمار، نظرا لكونها من المثبطات التي أعاقت إنتاج توجه تحديثي أصيل مستنبت من التربة المغربية، فقد كانت من ضمن الأسباب التي ساهمت في مضاعفة الضغط الجبائي الذي أنهك القدرات الاقتصادية للقبائل، باعتبارها من أهم القوى المنتجة، التي شكلت مصدرا أساسيا من مصادر الجباية، مما عرض من جهة، بيت مال الدولة لأزمة مالية لم تسعفها في مباشرة الإصلاحات الضرورية للنهوض بالمجتمع، ومن جهة ثانية أفقر سكان البوادي، وعرقل تحول ذهنياتهم من التفكير في إنتاج ما يكفي لتغطية حاجيات المعاش، إلى التفكير في الإنتاج بهدف تحقيق الكسب والثراء.
كما تبين من ناحية أخرى، أن هذه الظاهرة كانت من ضمن الأسباب التي سهلت على القوى الأوروبية اختراق المنظومة الاقتصادية المغربية، وزعزعة توازناتها التقليدية، وإدماجها قسرا ضمن منظومة التبادلات الرأسمالية، دون أن يكون المغرب على استعداد تام لذلك، مما مهد تدريجيا لبسط الهيمنة الاستعمارية عليه، وعلى صعيد آخر ساهمت هذه الظاهرة بشكل كبير في اختراق الوحدة الترابية المغربية، وقضم أجزاء مهمة استراتيجيا من ترابه الواقع على الحدود الشرقية والشمالية، مما يسر على القوى الاستعمارية عملية التسرب لغزو التراب المغربي فيما بعد.
قائمة المصادر والمراجع المعتمدة
- الوثائق والمصادر
- وثائق مديرية الوثائق الملكية بالرباط
- وثائق الخزانة الحسنية بالرباط
- كناش رقم 630، الخزانة الحسنية بالرباط
- دورية الوثائق، المجموعتان الأولى والثانية، 1976، منشورات مديرية الوثائق الملكية.
- ابن زيدان (عبد الرحمن)، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، الجزءالثاني، تحقيق علي عمر، منشورات مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2008.
- المراجع العربية المطبوعة
- أبودرار (عبد السلام)، “الرشوة وتجذرها في ممارسة السلطة وفي التصورات الشعبية”، ضمن رهانات التاريخ الاجتماعي، إعداد أحمد بوحسن، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة كراسات الكلية رقم 2، الطبعة الأولى، 2011.
- أفا (عمر)، التجارة المغربية في القرن التاسع عشر: البنيات والتحولات1830-1912، دار الأمان، الرباط، ط.1، 2006.
- بنبوسلهام (خديجة)، المخزن والمجتمع في النصف الأول من القرن التاسع عشر: عهد مولاي عبد الرحمن بن هشام، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الرباط، الطبعة الأولى، 2013.
- البركة (محمد)، “الرشوة والاجتماع البشري بالأندلس : دراسة لعلاقة الارتشاء بخراب العمران”، التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وتاريخ الذهنيات بالمغرب والأندلس: قضايا وإشكالات، الجزء الثالث، تنسيق محمد الشريف، منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، ط.1، 2020، ص ص. 203-213.
- بن الصغير (خالد)، المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر(1856-1886)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 1997.
- بن الصغير (خالد)، بريطانيا وإشكالية الإصلاح بالمغرب 1886 -1904، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة رسائل وأطروحات رقم 62، الطبعة الثانية، 2011.
- بياض (الطيب)، المخزن والضريبة ضريبة الترتيب 1880-1915، منشورات افريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2011.
- بياض (الطيب)، “الحدود المغربية: أراض فقدناها بسبب مفاوضين مرتشين”، مجلة زمان، العدد 21، يوليوز 2015.
- جوي (محمد)، “الرشوة في سياسة الدول الأوربية تجاه المغرب خلال القرن التاسع عشر”، مجلة أمل، عدد 17، 1999، الدار البيضاء.
- حركات (إبراهيم)، المغرب عبر التاريخ، ج.9، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1985.
- ابن خلدون (عبد الرحمن)، المقدمة، تحقيق هيثم جمعة هلال، دار مكتبة المعارف، بيروت، الطبعة الثانية، 2013.
- الصديقي (عبد الرزاق)، “اتفاقية لالة مغنية وملابساتها”، مجلة بحوث (مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية)، العدد التاسع،2001.
- قبش (أحمد)، مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي، منشورات دار الرشيد، (د.م)، الطبعة 3، 1985
- القبلي (محمد) وآخرون، تاريخ المغرب تحيين وتركيب، منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، الرباط، 2011.
- كنبيب (محمد) المحميون، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة بحوث ودراسات رقم 47، الطبعة الأولى، 2011.
- كَيلين (بيير)، الاقتراضات المغربية 1902-1904، تعريب المصطفى برنوصي، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 2007.
- المدن (عبد الهادي)، التجارة في وادي نون خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ط.1، 2018
- مناصرية (يوسف)، مهمة ليون روش في الجزائر والمغرب 1832-1847، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1990.
- المراجع باللغات الأجنبية
- Ben-Srhir, Khalid, « The life of Boubeker El-ghanjaoui: from a cameleer to a wealthy notable in precolonial Morocco (1870-1905)”, in subversives and Mavericks in the Muslim Mediterranean: A Subaltern History, edited by Odile Moreau and Stuart Schaar, New York, USA: university of Texas press, 2021, pp. 24-56.
- Caillé Jacque, une mission de Léion Roches à Rabat en 1845, publication de l’istitut des hautes-études Marocaines, Casablanca, Tome 43, 1947.
- Miller, Susan Gilson, A History of modern Morocco, Cambridge university press, New York, 2013.
- Park, Thomas Kerlin, Boum, Aomar, historical dictionary of Morocco, in historical dictionaries of Africa, The Scarecrow press, lanham, Maryland. Toronto. Oxford, 2nd ed, 2005.
- Pennell, C. R, Morocco since 1830 : a history, University Press, New York 2000.
- Pennell, C.R, Morocco from empire to independence, oneworld, England, 2003.
الهوامش:
- ) عبد الرحمن ابن خلدون، المقدمة، تحقيق هيثم جمعة هلال، دار مكتبة المعارف، بيروت، الطبعة الثانية، 2013،ص. 313 ↑
- ) لتفاصيل أكثر حول هذا الموضوع راجع: محمد البركة، “الرشوة والاجتماع البشري بالأندلس : دراسة لعلاقة الارتشاء بخراب العمران”، التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وتاريخ الذهنيات بالمغرب والأندلس: قضايا وإشكالات، الجزء الثالث، تنسيق محمد الشريف، منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، ط.1، 2020، ص ص. 203-204 ↑
- ) أحمد قبش،مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي، منشورات دار الرشيد، (د.م)، الطبعة 3، 1985، ص 400. ↑
- ) من بين التوجهات الجذابة في البحث التاريخي الراهن، والتي من شأنها إعادة الاعتبار لصنعة المؤرخ، وتسهل الاستفادة من خدماته، ذلك الذي يروم الانطلاق من الظرفيات الحالية وربطها بالبنيات الممتدة في الزمن، لتقديم إجابات رصينة عن الأسئلة والإشكالات التي تشغل الناس في الحاضر. ↑
- ) يقصد بسياسة الضبلون، رشوة القناصل والسفراء والمبعوثين الأجانب للموظفين والوزراء والمبعوثين المغاربة بهدف الحصول على تنازلات تخدم مصالح القوى الأجنبية خلال القرن التاسع عشر، أثناء إبرام المعاهدات التجارية والقروض ومعاهدات تخطيط الحدود، نعكف حاليا على إعداد أطروحة لنيل الدكتوراه في هذا الموضوع، ستناقش عما قريب. ↑
- ) تم ذكر الأبحاث الواردة أعلاه ضمن قائمة المصادر والمراجع الخاصة بهذا البحث. ↑
- ) “المخزن”: هو تعبير يطلق على الدولة المغربية التقليدية خلال مرحلة ما قبل الاستعمار. ↑
- ) الطيب بياض، المخزن والضريبة ضريبة الترتيب 1880-1915، منشورات افريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2011، ص. 172 ↑
- ) بيير كَيلين، الاقتراضات المغربية 1902-1904، تعريب المصطفى برنوصي، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 2007.، ص. 6-7 ↑
- ) المرجع نفسه، ص. 7 ↑
- ) نفسه، الصفحة نفسها. ↑
- ) اعتمدت القوى الأوروبية بشكل كبير على المعاهدات والاتفاقيات، كعنصر أساسي في علاقاتها مع المغرب، حرصا منها على التأسيس لمرجعية قانونية لإثبات حقوقها وتأكيد وجودها، لاسيما في سياق بلغ فيه التنافس فيما بينها أوجه، وقد شكل الاعتماد على المعاهدات القديمة والعمل على تحيينها باستمرار، وتجاوز ما هو متقادم فيها، وإعطاء الأولوية لنصوص المعاهدات باللغات الأوروبية، إضافة إلى الحرص على جعل المخزن المغربي يلتزم بمدأ الدولة المفضلة أو الأكثر تفضيلا، المرتكزات الأساسية التي قامت عليها سياسة الدول الأوروبية إزاء المغرب. للمزيد حول هذا الموضوع راجع: محمد كنبيب، المحميون، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سلسلة بحوث ودراسات رقم 47، الرباط ، الطبعة الأولى، 2011، ص ص. 78-79. ↑
- ) لمزيد من التفاصيل حول هذه المعاهدة وأهميتها راجع:
– C.R. Pennell, Morocco from empire to independence, oneworld, England, 2003, p.120.
-Thomas k. Park, Aomar Boum, historical dictionary of Morocco, in Historical dictionaries of Africa, N° 95, The scarecrow press, inc. Lanham, Maryland. Toronto . Oxford,2nd ed, 2005, pp. 36-37. ↑
- ) عمر أفا، التجارة المغربية في القرن التاسع عشر: البنيات والتحولات 1830-1912، دار الأمان، الرباط، ط.1، 2006، 48. ↑
- ) عمر أفا، نفسه، ص. 42؛ خالد بن الصغير، المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر (1856-1886)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 1997، ص. 120؛ إبراهيم حركات، المغرب عبر التاريخ، ج.9، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1985، ص. 226؛ محمد القبلي وآخرون، تاريخ المغرب تحيين وتركيب، منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، الرباط، 2011، ص. 467. ↑
- ) محمد كنبيب، المحميون، م.س، ص. 83 ↑
- ) khalid ben-srhir, « The life of Boubeker El-ghanjaoui: from a cameleer to a wealthy notable in precolonial Morocco (1870-1905)”, in subversives and Mavericks in the Muslim Mediterranean: A Subaltern History, edited by Odile Moreau and Stuart Schaar, New York, USA: university of Texas press, 2021” op.cit, p. 48 ↑
- ) عبد الهادي المدن، التجارة في وادي نون خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ط.1، 2018، ص ص. 7-8. ↑
- ) بيير كَيلين، الاقتراضات المغربية…، م.س، ص. 196. ↑
- ) اعتمد الاستعمار الفرنسي طرقا عديدة للسيطرة على المغرب، منها “استخدام الإجراءات العسكرية من جهة، وتكتيكات الإقناع، وحتى الرشوة من جهة ثانية”. راجع:
Susan Gilson Miller, A History of modern Morocco, Cambridge university press, New York, 2013, p.95. ↑
- يوسف مناصرية، مهمة ليون روش في الجزائر والمغرب 1832-1847، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1990،ص. 51. ↑
- ) رفض السلطان المغربي مولاي عبد الرحمن التوقيع على معاهدة الحدود المغربية الجزائرية، واتهم الطرف الفرنسي بالتغرير بمبعوثه حميدة بن علي الشجعي، كما استشاط غضبا على هذا الأخير لضعفه أمام المال وارتكابه تجاوزات اعتبرها السلطان المغربي خطيرة، ولذلك رفض المعاهدة في البداية وقام بعزل حميدة بن علي الشجعي من مهامه كعامل لمنطقة وجدة. لمزيد من التفاصيل راجع: رسالة السلطان مولاي عبد الرحمن بن هشام إلى نائبه بوسلهام بن علي أزطوط بتاريخ 27 ربيع الأول عام 1261هـ، دورية الوثائق، المجموعة الأولى، 1976، ص. 456. ↑
- ) تشير الأبحاث التاريخية إلى انغماس عدد من الموظفين النافدين في الإدارة المغربية في الماضي في علاقات مالية “مشبوهة” مع مجموعة من الأطراف، وذلك خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وتشكل مرحلة حكم الحاجب أحمد بن موسى (1894-1900)، من أكثر المراحل التي استشرت فيها الرشوة في دواليب المخزن. راجع:
C. R, Pennell. Morocco since 1830 : a history, University Press, New York, 2000, p. 111. ↑
- ) دورية الوثائق، المجموعة الأولى، منشورات مديرية الوثائق الملكية، الرباط، 1976، ص. 18؛ عبد الرزاق الصديقي، “اتفاقية لالة مغنية وملابساتها”، مجلة بحوث (مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية)، العدد التاسع، سنة 2001، ص. 96؛ Jacque Caillé, une mission de Léion Roches à Rabat en 1845, publication de l’istitut des hautes-études Marocaines, Casablanca, Tome 43, 1947, p.40 ↑
- دورية الوثائق، المجموعة الثانية، م.س، ص. 12 ↑
- ) محمد جوي، “الرشوة في سياسة الدول الأوربية تجاه المغرب خلال القرن التاسع عشر”، مجلة أمل، عدد 17، 1999، الدار البيضاء، ص ص. 148 -149. الطيب بياض، “الحدود المغربية: أراض فقدناها بسبب مفاوضين مرتشين”، مجلة زمان، العدد 21، يوليوز 2015، ص. 23 ↑
- ) عبد الرحمن ابن زيدان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، الجزء الثاني،تحقيق علي عمر، منشورات مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2008، ص ص. 411-412 ↑
- ) نفسه، ص. 412 ↑
- ) نفسه، ص. 417. ↑
- ) محمد جوي، “الرشوة في سياسة الدول الأوربية….”، م.س، ص. 149 ↑
-
) كناش رقم 630، الخزانة الحسنية بالرباط، ص. 25. ↑