واقع التنوع البيولوجي بالمغرب والتهديدات التي تواجهه وآليات حمايته التشريعية والتقنية والتربوية

عادل علالي1

1 باحث في سلك الدكتوراه، كلية علوم التربية، جامعة محمد الخامس، الرباط، المغرب

بريد الكتروني: adel83allali@gmail.com

إشراف د. قفصي محمد

HNSJ, 2022, 3(12); https://doi.org/10.53796/hnsj3121

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2022م تاريخ القبول: 04/11/2022م

المستخلص

يتميز التنوع البيولوجي بالمغرب بالتنوع والاختلاف من حيث الأصناف والمجالات التي يستوطنها بفعل تنوع العوامل الطبيعية والبيئية التي تخلق له ظروفا ملائمة للتطور والتكاثر سواء الأنواع البحرية أو البرية في موائلها المنتشرة عبر التراب الوطني، ولكن رغم هذه الأهمية والفوائد الكثيرة لهذه الثروات، فإنها تتعرض للاستنزاف والتدهور المستمر مما يدفع بلادنا إلى اعتماد مجموعة من التدابير القانونية والتشريعية والتقنية والتربوية. يهدف هذا البحث الى معرفة وضعية التنوع البيولوجي بالمغرب والإخطار التي تهدد استدامته، بالإضافة الى معرفة آليات حمايته التشريعية والتربوية.

Research title

The reality of biological diversity in Morocco, the threats it faces, and its legislative, technical and educational protection mechanisms

Adel Allali1

1 PhD researcher, Faculty of Education Sciences, Mohammed V University, Rabat, Morocco

Email: adel83allali@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(12); https://doi.org/10.53796/hnsj3121

Published at 01/12/2022 Accepted at 04/11/2021

Abstract

The biodiversity in Morocco is characterized by diversity and difference in terms of the inhabited species and areas due to the variety of the natural and environmental factors that create appropriate conditions for evolution and reproduction, whether the marine species or wild ones in their  diffused habitat across the national territory. However، inspite of the importance and the numerous benifits of these resources, they are exposed to constant depletion and deterioration, which pushes our country to adopt a set of juridical, legislative, technical, and educative measures.

This research aims to find the biodiversity situation in Morocco, the dangers that thread its sustainability and the legislative and educative mechanisms to be used for its protection.

مقدمة:

يعتبر التنوع البيولوجي عماد رخاء البشرية وسبل معيشها وثقافتها، لذلك فإن صونه هو صون للإنسانية، ويقدم لها كنوزا من الثروات التي يجب أن نحافظ عليها ونحميها لصالح أجيال الحاضر والمستقبل.

وفي هذا الصدد؛ يعد المغرب من أغنى الدول العربية والمتوسطية من حيث التنوع البيولوجي نظرا لكثرة أنواعه النباتية والحيوانية، إذ يحتل المرتبة الثانية في منطقة البحر الأبيض المتوسط بعد تركيا، وهذا راجع بالأساس إلى الموقع الاستراتيجي الهام الذي يتميز به، نتج عنه تعدد واختلاف في المناطق وكذا المناظر الطبيعية ذات التميز العالمي.

ونظرا لتراجع التنوع البيولوجي في المغرب نتيجة ما يتعرض له من ضغوط عملية التنمية، فعلى مدى الثلاثين عاما الماضية أدى الاستغلال الزائد للأنظمة الإيكولوجية بالمنطقة إلى فقدان الموائل وتهديد العديد من أنواعها، وانحسار نطاق توزيعها الطبيعي، وقد تسارع تدهور الموائل في البيئات البرية نتيجة للمعدلات العالية وغير المسبوقة لأنشطة التنمية الاقتصادية التي قلما أخذت التنوع البيولوجي في اعتبارها ويظهر أيضا إجهاد التنوع البيولوجي البحري والساحلي.

ولهذا السبب سنتطرق في هذا المقال لتشخيص واقع التنوع البيولوجي بالمغرب بمختلف أنواعه النباتي والحيواني. والأخطار التي تهدده وتسرع من وثيرة انقراضه، وآليات حمايته التشريعية والتربوية.

وللإجابة عن هذه الإشكالية؛ سيتم تقسيم المقال إلى ثلاث محاور أساسية:

  • واقع التنوع البيولوجي بالمغرب بين الغنى والندرة؛
  • التهديدات المشاكل التي تهدد استدامة التنوع البيولوجي بالمغرب؛
  • الآليات التشريعية والتربوية الملزمة لحماية التنوع البيولوجي بالمغرب.

المحور الأول: واقع التنوع البيولوجي بالمغرب بين الغنى والندرة

1. تنوع النظم الغابوية والتشكيلات النباتية:

    1. النظم الإيكولوجية الغابوية :

نظراً لموقعه الجغرافي المتميز وتنوع مناطقه البيئية، فإن المغرب يتوفر على أنظمة غابوية غنية ومتنوعة، لعبت على مر العصور أدوارا بيئية واجتماعية واقتصادية أساسية في التنمية المحلية والجهوية. وقد ساهم التوطن والقدرة على التأقلم للتشكيلات الغابوية عبر التاريخ، في هيكلتها وتكوينها على مساحة 9 مليون هكتار (5,8 مليون هكتار من الغابات)، مما أدى إلى نسب متفاوتة للغطاء الغابوي تتراوح بين 2% في المناطق الصحراوية إلى 42% في منطقة الريف.

وتخضع النظم الغابوية المحلية، التي تعتبر مكونا أساسيا للموارد الطبيعية، للظروف المناخية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، والتي تتميز أساسا بنذرة المياه وانقطاع التساقطات لفترة طويلة من السنة، مما يحد من نمو الأشجار الغابوية. وبالفعل فإن تظافر عامل الجفاف، الذي يهدد أكثر من 90 % من التراب الوطني، والاستعمال المفرط للموارد، يؤديان إلى هشاشة النظم الغابوية. ونتيجة لذلك، فإن ظاهرة التصحر تهدد بدرجات متفاوتة 90 % من الأراضي.

كما تلعب عبر وظائفها المتعددة أدوارا مهمة في مجال مكافحة التصحر والمحافظة على التنوع البيولوجي وهيكلة المجال الطبيعي. هذا بالإضافة إلى أدوار أخرى. وعليه فإن الاستثمار في صيانة وتعزيز هذه الأدوار والوظائف، لمن شأنه أن يعطي المدلول الحقيقي للتنمية المستدامة وتجنب الاختلالات اللارجعية للنظم البيئية الغابوية.[1]

تحتل المنظومات البيئية الغابوية والسهوبية مكانة مهمة وخاصة أنها تعتبر كنظام بيئي مفتاح للتراث الطبيعي من جهة، وأيضا تلعب دور اقتصادي هام من جهة ثانية، هذه المنظومات تنفرد بمجتمعات نباتية تتوالى انطلاقا من مستوى البحر إلى علو 2700 متر، وتتشكل هذه المجتمعات النباتية بالأساس من تشكيلات طبيعية من النباتات الفيضية (بلوط أخضر، بلوط فليني، الأركان، السنط، الخروب …)، بالإضافة إلى وجود نباتات صمغية (الصنوبر الجبلي والبحري والصنوبر الأسود، العرعر، والأرز). كما هناك بعض النباتات القزمية الغابوية (الأرضية) تتوزع على نطاقات مناخية مختلفة في مناطق شبه رطبة إلى مناطق رطبة في مختلف أرجاء البلاد. وبصفة عامة هذه الثروة النباتية تشغل حوالي 5179 مليون هكتار، بالإضافة إلى وجود امتدادات سهوبية على مساحات شاسعة تقدر بحوالي 3318 مليون هكتار، كما أن المجتمعات النباتية الغابوية تضم حوالي 60 نوعا شجريا.[2] أما فيما يخص المنظومات الصحراوية فإنها تشغل المجالات الصحراوية المتكونة من السهول الحصوية والأكوام الرملية، إضافة إلى وجود مجموعة من التشكيلات لنبات الطلح، إلا أن الإشكال المطروح يبقى هو التطور المحدود للنباتات بسبب ضعف التساقطات المطرية.[3]

    1. تنوع التشكيلات النباتية:

تنتشر بالمغرب الأشجار المورقة، (الدائمة الأوراق؛ بلوط فلين، بلوط الزان، الزيتون البري، الأركان، وأشجار الصمغيات كالأرز، والصنوبر البحري، والصنوبر الأسود، والعرعار…).

  • التنويبيات Abies: لا يتجاوز 6000 هكتار، مستوطن بالمغرب وناذر ينتشر بالجبال الكلسية للريف الشرقي قرب شفشاون، يختلط مع الأرز، يعيش بغاباته حوالي 30 نوعا من الطيور المعششة، وثدييات كالقرد زعطوط، والرث والقضاعة Loutre.
  • الأرز Cedrus atlantica: تغطي غاباته حوالي 132000 هكتار، يتواجد بجبال الريف والأطلس، له قيمة اقتصادية وبيوجغرافية كبرى. تتواجد الأشجار على شكل كتل متفرقة ومختلطة مع أنواع أخرى شجرية أو عشبية في أرز الأطلس المتوسط، وقد تم إحصاء أكثر من 260 نوع من مفصليات الأرجل و30 نوع من الطيور المعششة، وهي بذلك تعتبر من أغنى الغابات بالمغرب.
  • السرويات Cyprès de l’atlas: تغطي حوالي 6000 هكتار من الغابات، وهي نوع مستوطن بالمغرب. وتعتبر الممثل الطبيعي الوحيد من نوعه.
  • البلوط الأخضر Chène vert: الأكثر انتشارا بالمغرب. تغطي غاباته حوالي 1364100 هكتار، نجده بكل المناطق الجبلية، يتكيف مع ظروف إيكولوجية صعبة، يستوطن بكل الأراضي، يسمح بتواجد أنواع أخرى متعددة. في الأطلس المتوسط نجده بكثرة، ويعيش بغاباته أكثر من 400 نوع من مفصليات الأرجل وأكثر من 35 نوع من الطيور.
  • العصفيات Juniperus: العصفيات غير مرتبطة عموما بالوسط، لها انتشار جغرافي كبير. فالعرعار الأحمر مثلا ينتشر على السواحل والمناطق الداخلية. العصفية شجر يتميز بطول حياة وقوة، تنتشر بقمم الجبال الأطلسية، وتغطي حوالي 30000 هكتار. تتواجد بعض الأشجار المسنة التي قد يصل قطرها إلى 5 متر، وتتواجد العصفيات مع عدة أنواع نباتية وحيوانية.
  • الزيتونيات Oleasreales: هو الأكثر تواجدا بالمغرب، يختلط بأنواع مختلفة كالدوم والتبزغة، والمصطكا والجولق والخزامى.
  • الخروبيات Cératanaioies: نوع مستوطن بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وناذرا ما نجده بمفرده حيث يختلط عموما مع العرعار. وهي شجرة قوية يصل علوها من 15 إلى 20 متر وأكثر من متر في القطر.
  • غابات العارعار Tetraclinis articolatal: تغطي حوالي 607900 هكتار، له القدرة على التوالد بالطرح الإنباتي rejet de souche عكس الصمغيات. يتواجد مع عدة أنواع أخرى نباتية وحيوانية.
  • الأركانة Argana spinosa: شجر الأركان مستوطن بالمغرب يغطي حوالي 828300 هكتار. يتواجد بالمناطق النصف قاحلة على شكل أشجار مسنة. وقد استطاع في مناطق تمت حمايتها أن يساهم في تكوين طبقة شجرية جد مهمة ومتنوعة مع أنواع حيوانية ناذرة أو مستوطنة من برمئيات وطيور.
  • الرطم Retamaies et adénocarpaies: نوع من شجيرات مستوطنة بالمغرب، أهم مجموعاتها تتواجد بالواد الداخلي للأطلس المتوسط، هناك نوع به أشواك Steppes à xérophyte épineux، يتواجد على شكل وسيدات دائرية، تنتشر على مساحات شاسعة انطلاقا من علو 2000 حتى 3500 متر أو أكثر. نجد بها أنواع حية مستوطنة بكثرة كما هو الحال بجبال توبقال، أهم أنواعها: Arenaria pungens, Bupleurum spinosum, Cytisus balansae, Alyssum spinosum, Erynacea anthyllis, Onosis atlantica، وأنواع من الثعابين والعظايات والأروية والسنجاب[4].
  • الحلفاء Steppe à armoise: تفضل التربة التي تحتوي على عناصر دقيقة، تتواجد بشرق المغرب. وتمثل مناطق جيدة للرعي، لأن الحيوانات تفضل هذه الأنواع من النباتات خاصة الأبقار. وهي غنية أيضا بالحيوانات من الثدييات والطيور.
  • الحلفاء Steppe à alfa: تمتد على حوالي 3186000 هكتار، تغطي الحلفاء Stipa tenacissima مساحات شاسعة بالمغرب الشرقي، تعيش فيها عدة أنواع من الحيوانات من بينها 3 أنواع من الزواحف الناذرة بالمغرب، وعدة أنواع صحراوية. بالنسبة للطيور 37 نوع معشش معروف، و11 نوعا منها مهددة من بينها الحيوانات الملتحية، 13 نوعا من الثدييات.

2 :تنوع النظم الايكولوجية للمياه الداخلية والأراضي الرطبة ) التنوع الاحيائي المائي(:

تغطي المناطق الرطبة بالمغرب حسب التقارير الوطنية 200 ألف هكتار، تضاف إليها أكثر من 3000 كلم من السواحل البحرية، وشبكة من البحيرات[5]، كما تحتل أهمية بيئية خاصة ترجع إلى خصائصها المائية وكونها مناطق انتقالية بين الأنظمة اليابسة والأنظمة المائية، وتوصف أحيانا بأنها كأس الأرض لأنها تؤدي وظيفة استقبال مياه الصرف والفضلات من المصادر الطبيعية والبشرية. وتتميز بعدد من السمات التي تشمل إنتاجية بيولوجية عالية، وثراء في التنوع البيولوجي والجنسي المتمثل في الثروة السمكية والنباتات والأعشاب الفطرية، والطيور، وتعرف الأراضي الرطبة على أنها أنظمة بيئية تعتمد على العمق الضحل للماء، وهذا الغمر قد يكون دائما أو متقطعا، أو التشبع بالماء عند سطح التربة أو بالقرب منه، والصفات التشخيصية العامة للأراضي الرطبة هي أراضي مبللة وكساء خضري مائي.

  • على مستوى البحيرات الطبيعية الدائمة)المياه الداخلية(:

يصل عددها إلى 20 تقريبا؛ تتواجد أساسا بالأطلس المتوسط، أكبرها بحيرة أكلمام سيدي علي مساحتها 337 هكتار، كما يمكن أن نضيف إليها عشرات المستنقعات الشاطئية، أربعة منها مصنفة حسب اتفاقية رامسار وهي المرجة الزرقاء، وأفنورير سيدي علي، وأخنيفيس، وسيدي بوغابة، بالإضافة إلى تواجد أيضا مجموعة من البحيرات العميقة مثل: بحيرة ” إفني” على عمق 61 متر، وبحيرة ” إيسلي” على عمق 92 متر. وفي 2005 أضيفت 20 منطقة أخرى.

  • على مستوى المحميات الرطبة:

يعتبر المغرب من أغنى الدول العربية من حيث عدد المحميات؛ إذ يتوفر على 146 محمية طبيعية، أهمها محمية ” سيدي بوغابة “، ومحمية ” المرجة الزرقاء “، ومحمية ” أخنفيس “، ومحمية ” أفنورير “، هذه المحميات الأربع التي دخلت في لائحة اتفاقية المناطق الرطبة ” رمسار ” سنه 1980. وبعد اتفاقية التنوع البيولوجي بمؤتمر ريو المنعقد بالبرازيل سنة 1992 الذي صادق المغرب عليها، عمل على توزيع شبكة المحميات الطبيعية لتصل الى 160 موقعا ذو أهمية بيولوجية وإيكولوجية؛ منها 29 منطقة رطبة.

3 :تنوع النظم الايكولوجية البحرية والساحلية:

3-1 النظم الايكولوجية البحرية:

للتنوع البيولوجي البحري أهمية حيوية لاستمرار رفاهية الجنس البشري بما يوفره من فرص للعمل، كما تعتبر البحار أكبر خزان للغذاء، ومصدر مهم للمواد الأولية لعدة صناعات حيث أن أكثر المركبات الدوائية المتداولة في العالم من مستخلصات نباتية بحرية، كما يساهم التنوع البيولوجي البحري أيضا في الحفاظ على بيئة الانسان عن طريق المحافظة على جودة المياه، واستقرار المناخ فضلا عن أهميته السياحية بحيث تعتبر البحار والشواطئ من أهم المناطق الترفيهية، والتمتع بجمال الطبيعة مما يؤدي إلى ازدهار الاقتصاد ومنح فرص عمل جديدة[6]. ويعتبر المغرب من أغنى دول العالم من حيث الثروة السمكية وذلك بفضل امتداد شواطئه وخصوصا نتيجة وصول تيارات الكناري وتيارات إبويلينغ التي تحمل معها مواد مغذية بكمية هائلة هي المسؤولة عن إنتاجية المغرب الكبيرة من الأسماك.

الجدول )رقم 01(: أنواع الطحالب البحرية بالمغرب

الطحالب البحرية عدد الفصائل المعروفة عدد الفصائل المقدرة عدد الفصائل المستوطنة عدد الفصائل المهددة عدد الفصائل ذات الأهمية الاقتصادية
الطحالب الخضراء 87 120 9 40
الطحالب السمراء 99 120 18 39
الطحالب الحمراء 303 340 1 52 85
الطحالب الزرقاء 12
كاسيات البذور 4 1
المجموع 505 580 2 79 164

المصدر: Secrétariat d’état auprès du ministre de l’énergie, des mines, de l’eau et de l’environnement, chargé de l’eau et de l’environnement, développement des cadres nationaux de biosécurité, Cadre Nationale de Biosécurité, 2009

3-2 النظم الايكولوجية الساحلية:

يمتد الساحل المغربي على طول 3500 كلم، 600 كلم على سواحل البحر الأبيض المتوسط و2850 كلم على سواحل المحيط الأطلنتي، ومن ثم يتوفر على عدة أنواع من الموائل بها نباتات وحيوانات في غاية التنوع؛ أنواع عديدة ناذرة أو مهددة بالانقراض، ويتركز على الساحل الأطلنتي النشاط الانساني الأساسي في المغرب 61% من الساكنة الحضرية، و80% من النسيج الصناعي، و53% من الطاقة السياحية، و92% من الحركة التجارية البحرية، ويمثل كل هذا ضغوطات قوية؛ وخاصة في غياب التوعية الكافية والإجراءات الوقائية والحمائية اللازمة.

4 . تنوع النظم الايكولوجية القارية والصحراوية :

يوجد المغرب على الحاشية الأطلسية لأكبر مجال صحراوي في العالم، ويعد الجفاف والارتفاع الشديد في درجة الحرارة والعواصف الرملية الهوجاء مميزات المناخ الصحراوي التي تغطي 65 في المائة من المساحة الإجمالية للبلد، يتميز مجالها بالتنوع بين الجبال والسهول الحصوية والكثبان الرملية والواحات، وتمتد الواحات المغربية الكبرى في الأودية قبل الصحراوية على مساحة تقارب 44 ألف هكتار.

تتواجد بها حميلات حول أشجار الأكسيا مثلا… هناك الرق الذي يحتل مجال صحراوي ممتد بتضاريس منبسطة ومغطاة بالحصى (حيث تنتظم مجموعات متفرقة بها نباتات مثل Anabasis, Nucularia hamada. وهناك الإرغ وهي الكتبان الرملية الصحراوية( تفتقر للنباتات والحيوانات إلا في مجال الواد والمناطق الرطبة البحرية والواحات التي تعيش بها حيوانات متكيفة مع الصحراء، مثل الحشرات التي تتواجد بكثرة: مغمدة الأجنحة Coleoptère وأكثر من 500 فصيلة غشائيات الأجنحة hymenoptere أكثر من 100 فصيلة من مفصليات الأرجل، وأكثر من 500 فصيلة من مزدوجات الأجنحة وحرشفيات الأجنحة. وأكثر من 50 مجموعة من الزواحف ممثلة بأكثر من 40 فصيلة؛ أي أكثر من ثلث العدد الإجمالي بالبلد، فهناك 12 نوع من الثعابين والأفاعي؛ كالأفعى ذات القرنين؛ أفعى الرمال التي لا تظهر إلا جزء من رأسها بالرمال والكوبرا.

وتتواجد الطيور بأكثر من 250 فصيلة، كما تشكل بعض الواحات أمكنة للبيات الشتوي للطيور الأوربية المهاجرة وأخرى مقيمة كالحبراية، و40 نوع من الثدييات خاصة القوارض كالمها الحسامي والغزال والأروية المغربية، بعضها مهدد بالانقراض، وبعضها الآخر انقرض وأعيد إدخاله.

5 :تنوع الأصناف البيولوجية الوحيشية )التنوع البيولوجي الحيواني( :

يعتبر المغرب من البلدان الرائدة في مجال الأنواع البيولوجية سواء على مستوى الغنى أو التنوع، إلا أن المشكل المطروح هو عدم اكتشاف مجموعة من الأنواع بعدة مناطق، إضافة إلى ضعف الكفاءات في مجال البحث عن التنوع البيولوجي على الصعيد الوطني.[7]

كما يتوفر المغرب على ثروة حيوانية مهمة ومتنوعة، تجمع بين كل أنواع الحيوانات: الثدييات، الزواحف، الحشرات، وإذا اعتمدنا التصنيف الكبير للوحيش نجده يتوزع على الشكل التالي :

1.5 : الوحيش البحري :

حسب الاحصاء الذي قام به L’ENB، فإن الوحيش البحري في المغرب قد بلغ أزيد من 7130 نوع، وقد تجاوز هذا العدد في تعدده ما تم اكتشافه في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، ويتميز الوحيش البحري بالمغرب بوجود ثلاث مجموعات رئيسية:

  • المفصليات Les arthropodes: تمثل أكثر من 1930 نوع خاصة القشريات Les crustacés؛
  • الرخوياتLes mollusques : وتصل إلى قرابة 1600 نوع؛
  • الفقريات Les vertebrés : بحوالي 150 نوع، تتشكل من الأسماك أساسا أما بالنسبة للأنواع الأنديمية فتبلغ حوالي 240 نوع، حيث نجد الرخويات في المقدمة ب 84 نوع، وتنتشر هذه الأخيرة بالخصوص في المناطق الصحراوية.[8]

2.5 :وحيش المياه القارية :

تقدر عدد الأنواع الحيوانية في المياه القارية ب 1575، هذا العدد يعتبر جد ضعيف إذا ما قورن بالمناطق البيوجغرافية الحارة. ولا يمثل سوى 80 % مما يوجد على أرض الواقع، وتمثل الأنواع الأنديمية في هذا المجال قرابة 8,65% وتوجد خاصة في صفوف الحشرات والقشريات.

3.5 :الوحيش البري :

يمثل المجموعة الأكثر وضوحا للأنواع الحيوانية في المغرب، حيث تم التعريف بأزيد من 15290 نوعا منها 14495 من المفصليات، هذه الأخيرة تتشكل من 13460 من الحشرات. نسبة الأنديمية في الوحيش البري تتميز بالارتفاع، حيث أن 2280 صنف لا يوجد في المغرب منها 2155 عبارة عن أنواع مفصلية تحتوي على 1950 حشرة.[9]

المحور الثاني: التهديدات والمشاكل التي تهدد استدامة التنوع البيولوجي بالمغرب

1 : التهديدات المرتبطة بالأنشطة البشرية :

تتمثل عوامل تراجع التنوع البيولوجي في المغرب المرتبطة بالأنشطة البشرية فيما يلي:

    1.  : الرعي الجائر :

يعتبر من العوامل الأكثر تأثيرا على تراجع معدل التنوع البيولوجي، فرغم التشريعات الغابوية الوطنية لتنظيم عمليات الرعي، فإن عمليات التراجع لازالت مستفحلة، ويرتبط هذا العامل بعوامل أخرى على رأسها فقر الساكنة المجاورة للغابات، إضافة إلى الضغط الديمغرافي الذي يساهم في تحويل مجموعة من الأراضي الغابوية والسهوبية إلى أراضي زراعية.

    1. : تجزئة الموائل :

يعرف تدمير الموائل بأنه التهديد الرئيسي الماثل أمام صيانة التنوع البيولوجي. ويمكن تقسيم الموائل؛ إلى موائل طبيعية وهي المناطق البرية والمائية التي تتشكل فيها مجتمعات التنوع البيولوجي إلى حد كبير من النباتات الأصلية والأنواع الحيوانية، والتي لم يؤدي النشاط البشري فيها بالضرورة إلى تغيير الوظائف الإيكولوجية الرئيسية للمنطقة. والموائل المعدلة؛ التي تعرضت بشكل واضح لتغير في الموئل الطبيعي، يحدث في غالب الأحيان عن طريق استحداث أنواع دخيلة من النباتات والحيوانات، مثل المناطق الزراعية. ويمكن لكلا النوعين من الموائل أن يساندا التنوع البيولوجي الهام على كافة المستويات، بما في ذلك الأنواع المستوطنة والأنواع المهددة.

    1. : الحرائق :

تشكل الحرائق أكبر تهديد للغابة سواء تعلق الأمر بالحرائق المتعمدة أو غير المتعمدة، فالأولى تنتشر بكثرة في المناطق الريفية بفعل تهور السكان خاصة المزارعون للقنب الهندي الذين يتعمدون إشعال الحرائق قصد استغلال المجال الغابوي في زراعة الكيف، أما النوع الثاني غير قصدي لكن هذا لا يمنع مسؤولية الفعل البشري فيه إما عن طريق رمي السجائر أومن خلال الخرجات العائلية التي تقوم بإشعال النار قصد الطهي، وعموما قد بدأ معدل الحرائق يرتفع منذ السنوات الماضية إلى الآن. فبعدما كانت المساحة المتضررة من الحرائق تصل إلى معدل متوسط يقدر ب 1883 هكتار سنويا، استمر هذا المعدل في التزايد ليبلغ في الوقت الراهن 3555 هكتار، وتعتبر منطقة الريف الأكثر تضررا من جراء الحرائق للأسباب السالفة الذكر.

4.1: التوسع الحضري على حساب المجالات الطبيعية:

يعتبر أحد أكثر العوامل المساهمة في تراجع المجالات الطبيعية ومكوناتها البيولوجية بالبلد، وقد عرفت نسبة التمدين تطورا متزايدا حيث انتقلت من 8% مع بداية القرن 20 إلى 29% سنة 1960 لتصل هذه السنة إلى 55,1 في سنة 2014، وتقدر المساحات المفقودة سنويا على المستوى الوطني بسبب عوامل التمدين ب 4000 هكتار سنة 2004 وتتجلى أشكال التمدين عموما في العمليات العقارية والصناعية والتجهيزات والعمليات السياحية وغيرها.

5.1: تدهور التربة بفعل تدخل الانسان:

يعتبر التملح من أشكال التدهور السريع للتربة في المحيط المسقي، وتمثل حوالي 160.000 هكتار أي 16% من الأراضي المسقية، وينتج هذا النوع التملح في قحالة المناخ، واستعمال المياه المحملة بالأملاح الدائبة، سواء عن طريق استخدام الأسمدة الكيماوية أو غيرها من التدخلات البشرية.

6.1: إدخال الأنواع الغريبة:

الأنواع الغريبة الغازية هي أنواع يشكل إدخالها أو انتشارها خارج موائلها الطبيعية تهديدا للتنوع البيولوجي. وبينما لا يصبح سوى نسبة ضئيلة من الكائنات التي تنقل إلى بيئات جديدة، أنواعا غازية، إلا أن تأثيراتها السلبية على الأمن الغذائي، وصحة النباتات والحيوانات والإنسان والتنمية الاقتصادية؛ يمكن أن تكون واسعة النطاق وكثيفة. ويعد انتشار الأنواع الغريبة الغازية واحدا من التهديدات الرئيسية التي يتعرض لها التنوع البيولوجي على المستوى العالمي، وتكون الآثار قاسية بوجه خاص على الجزر والنظم الإيكولوجية المشتتة.

7.1: القنص الجائر:

يعتبر القنص عاملا مؤثرا في انقراض أو تناقص أعداد الحيوانات بالغابات. وهذا التراجع المستمر في الأصناف الحيوانية لم يكن وليد اليوم بل يعود إلى عقود خلت، حيث تحيلنا المصادر التاريخية إلى مجموعة من الأحداث التي توضح بشكل جلي تدخل الإنسان عن علم أو جهل في تدهور التنوع البيولوجي. أما اليوم فالصيد الجائر بالغابات المغربية أدى إلى تراجع كبير للحيوانات كالطيور، الأرانب، ابن آوى، والخنازير.

2 : التهديدات المرتبطة بالعوامل الطبيعية :

    1.  : أثر التغيرات المناخية على تراجع مساحة التشكيلات النباتية وانقراض الأنواع الوحيشية :

إن التنوع الغني للحياة على وجه الأرض كان عليه أن يتأقلم دوما مع تغير المناخ، وكانت الحاجة إلى التكيف مع الأنماط الجديدة لدرجة الحرارة وسقوط الأمطار مؤثرا رئيسيا على التغيرات الاطرادية التي أنتجت أنواع النباتات والحيوانات التي نشهدها اليوم. والواقع أن تغير المناخ يتماشى تماما مع بقاء النظم الايكولوجية ومع وظائفها، تلك النظم التي نعتمد عليها لتدبير ضروريات الحياة، ومع ذلك وطبقا لتقييم الألفية للنظم الايكولوجية الذي نشر في سنة 2006، فإن تغير المناخ يشكل الآن واحدا من أكبر التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي لكوكب الأرض عامة، ومن المتوقع أن يصبح أداة متزايدة الأهمية للتغير في العقود القادمة.

2.2 :عامل التلوث الهوائي والمائي :

يتميز هذا العامل بخطورته على الأنواع البيولوجية، وتظهر هذه الخطورة على سبيل المثال في رمي المياه المستعملة الخاصة بالمدن والمراكز الحضرية والوحدات الصناعية في السواحل، أو المجاري المائية، مما ينتج عنه آثار وخيمة على التنوع البيولوجي في هذه الأوساط عبر فقدان الأنواع وتدهور الموائل.[10]

ويعتبر التلوث من أكثر المخاطر التي تهدد التنوع البيولوجي لأن التلوث يصيب كل مكونات الكرة الأرضية من هواء وتربة وماء، وهذه المكونات الثلاث تعتبر ضرورية للتنوع البيولوجي ولهذا اختتم مؤتمر ريو باتفاقيتين هامتين، الأولى تهم التغيرات المناخية، والثانية تهم التعدد الحيوي، وفيما يتعلق بهذا الأخير فقد اتفقت 180 دولة منهم الو.م.أ. على حماية والحفاظ على التعدد الحيوي، والاستفادة جميعا من موارده دون استنزافه وتجنب مسببات ضياعه وانقراضه.[11]

3.2 : عامل التعرية والتصحر :

فيما يخص التعرية فإنها تهدد عدة مناطق خاصة التعرية الريحية بكل من الجهة الشرقية ومناطق أخرى كورزازات، زاكورة، والراشيدية، حيث أن هذه المناطق الثلاث الأخيرة تعاني من انجراف مهول للتربة حيث نجد أن 300.000 هكتار مهددة بانجراف تربتها.

أما بالنسبة للتصحر فهو ينتج عن عدة أسباب، فبالإضافة إلى تأثير عوامل الطقس، هناك أيضا الكثير من العوامل البشرية تؤدي إلى هذه الظاهرة، من بينها الاستغلال المفرط وغير العقلاني للأراضي مما يؤدي إلى استنزاف التربة، وهناك عدة أمثلة على غابات مهددة بالتصحر مثل غابة معمورة وبعض غابات الأطلس وغابات الجنوب الشرقي. كما نجد أن عوامل أخرى تساهم في ظاهرة التصحر كالتغيرات المناخية.

المحور الثالث: الآليات التشريعية والقانونية والتربوية الملزمة لحماية التنوع البيولوجي بالمغرب

أسفر التطور العلمي خلال السنوات الماضية عن رسم توجه جديد للتنوع البيولوجي، إن الاكتشافات العلمية الجديدة أظهرت الثراء الحقيقي والتنوع الكبير في البيئات الطبيعية سواء البرية والبحرية، لكن في مقابل ذلك لم يكن التاريخ منصفا لبعض الأصناف التي انقرضت فعلا لعدم التدخل في الوقت المناسب، أو أن عدم وجود المعلومات حال دون ذلك، ومن هنا يتضح أن الآليات الدولية المعنية بحماية التنوع البيولوجي بمختلف أنواعه البرية والبحرية تختلف من حيث الزمان والأدوات المستعملة وحتى المكان وفقا لتقاسيم البيئات الطبيعية المختلفة، وهذا يعود لأسباب مختلفة؛ فالبعض من الأنشطة المعنية بحماية التنوع البيولوجي ذكرت سريعا، والبعض الآخر أدرج ضمن المبادئ العامة. هذا لا يعني عدم وجود آليات تتناول حماية التنوع البيولوجي؛ لكن النظر إلى هذه العناصر كوحدة وظيفية تتفاعل فيما بينها لم يكن إلا بعد 1992، وبعد ذلك تنامى مفهوم التنوع البيولوجي وازدادت أهميته بشكل لافت؛ فلم يعد يقتصر موضوع حمايته على مؤتمر أطراف اتفاقية التنوع البيولوجي بل امتد ليطال جمعية الأمم المتحدة وأجهزتها الفرعية، فأصبح موضوعا يتداول في أروقتها، ويناقش من قبل مجموعات عمل خصصت لتناول جميع الأمور المعنية بحمايته وإدارته على نحو مستدام، كما حضي التنوع البيولوجي باهتمام العديد من المنظمات الإقليمية المعنية بحماية البيئة عموما والتنوع البيولوجي خصوصا. لهذا فإن للآليات المؤسساتية دور هام وفاعل في تطور وتنفيذ الآليات القانونية، وإبرام الاتفاقيات الدولية والآليات الملزمة بحماية التنوع البيولوجي.

1 : الآليات التشريعية والقانونية الوطنية لحماية التنوع البيولوجي وضمان استدامته :

لقد كان المشرع المغربي على الدوام في الطليعة بخصوص المجال البيئي، فالترسانة القانونية كانت مزودة بمجموعة من القوانين منذ بداية القرن 20 مثل ظهير 1917 حول استغلال والحفاظ على الغابة، أو ظهير 1934 حول المنتزهات الوطنية. ولقد ركزت هذه النصوص بالخصوص على القنص، الصيد في الأنهار، حماية بعض الأنواع والمناظر الطبيعية، خلق مجالات ترفيهية. وعموما فإن هذه النصوص لم تكن كافية لردع المخاطر المحدقة بالتنوع البيولوجي في الوقت الراهن، لقدمها من جهة ومن عدم السهر على تتبع هذه القوانين والقيام بعملية زجر المخالفين من جهة ثانية، وبالتالي فغالبيتها تبقى على الرفوف دون عملية المراقبة والتتبع وتفعيل القوانين.

لقد أحصت الدراسات الوطنية حول التنوع البيولوجي أزيد من 240 نص قانوني حول التنوع البيولوجي الوطني، وتأتي في المقدمة الأشجار ب 138 نص أي 47% لكن مع غياب أي نص لحماية النباتات البرية رغم المخاطر المحدقة بها. وفي سبيل حماية موارده البيولوجية، إضافة إلى النصوص السالفة الذكر، وقع المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية أغلبها يهدف إلى حماية والحفاظ على الأنواع البيولوجية، ويمكن إحصاء حوالي 50 اتفاقية وقع عليها المغرب أهمها اتفاقية ريو سنة 1992 ثم صادق عليها بعد ثلاث سنوات.

    1.  : النصوص التشريعية والقانونية المتعلقة بالأنواع البيولوجية النباتية المحلية :

هناك نوع واحد منظم قانونيا وهو الطحالب الحمراء (Gelidium Sesquipedale)، والمسؤول عن حماية هذا النوع هو الإدارة المكلفة بالصيد البحري التي تفرض تعليمات صارمة في وقت استغلال هذا النوع، أما بالنسبة لنبيت المياه القارية فهو غير مقنن رغم الضغط الممارس عليه، ففي مجموعة من المواقع الرطبة يتم استغلال بعض الأنواع بإفراط وخاصة في بعض الأنشطة المرتبطة بالصناعة التقليدية (كصناعة الحصير مثلا) أو علف الماشية وخاصة في الفترة الصيفية، أما بالنسبة للنبيت البري فرغم أعداده الهائلة المهددة فهو غير محمي على الصعيد الوطني إلا بعض الأنواع المحمية بنصوص دولية مثل CITES)). [12]

2.1: النصوص التشريعية والقانونية المتعلقة بالأنواع البيولوجية الوحيشية المحلية :

يطغى على الوحيش المحمي قانونيا بالمغرب تطبيقه على بعض المجموعات من دون أخرى، حيث نجد في المرتبة الأولى الطيور ب 333 نوع أي 52% من مجموع الأنواع المحمية، حيث ترتكز النصوص المنظمة لاستغلال هذه الأنواع من الطيور على أربعة ظهائر رئيسية، وهي: ظهير 1923 حول عقود تأمين للقنص، ظهير 1922 حول تصدير بيض الإوز البري، ظهير 1962 حول التنظيم الدائم للقنص، النظام السنوي لفتح وإغلاق القنص.[13]

أما بالنسبة للحماية الدولية فتتلخص في بعض النصوص على حمايتها في بعض الاتفاقيات مثل: (CITES , IUCN, BONN) التي يلتزم بها المغرب وخاصة ما يتعلق بالأنواع المهاجرة، ويأتي ترتيب الأنواع الحيوانية بالمغرب المحمية دوليا حسب درجة الأهمية على الشكل التالي: الأسماك (85 نوعا)، الثدييات (21 بحرية و 17 برية)، ثم الزواحف (22 برية و6 سلاحف بحرية)، البرمائيات (8 أنواع). وفي الأخير نجد الرخويات وكلها بحرية.[14]

3.1: النصوص التشريعية والقانونية المنظمة للمجالات المحمية الوطنية :

ويمكن تقسيم هذه المجالات إلى نوعين:

  • المنتزهات الوطنية والطبيعية بالمغرب:

وهي عبارة عن منتزهات وطنية تم خلقها في مناطق جذابة على المستويات البيولوجية، العلمية والسياحية، أو الاجتماعية، كانت دائما في حاجة إلى الصيانة والحماية ضد كل أشكال الضرر، لهذا نجد أنه في هذه النطاقات تمنع جميع العمليات التي من شأنها المس أو تحويل أو تدهور الأماكن، وتوجد في المغرب عدة منتزهات وطنية وطبيعية أهمها: المنتزه الوطني لتوبقال، والمنتزه الوطني لإفران، المنتزه الوطني لخنيفرة، المنتزه الوطني لسوس ماسة، والمتنزه الوطني تالسمطان….

  • المحميات البيولوجية بالمغرب:

بعد اتفاقية التنوع البيولوجي بمؤتمر ريو المنعقد بالبرازيل سنة 1992 الذي صادق عليها المغرب بعد أربع سنوات من انعقاده كما سلف الذكر، عمل على توزيع شبكة المحميات الطبيعية لتصل إلى 160 موقعا ذو أهمية بيولوجية وايكولوجية منها 29 منطقة رطبة، ومن أهم هذه المحميات: محمية “سيدي بوغابة”، “المرجة الزرقاء”، محمية “أخنيفيس”، ومحمية “أفنورير”، هذه المحميات الأربع التي دخلت في لائحة اتفاقية المناطق الرطبة ” رمسار” 1980.

وفيما يخص التشريعات والقوانين الموجهة لحماية التنوع البيولوجي في هذه المجالات نلاحظ أنه رغم كثرتها حيث أن عدد النصوص يفوق 250 نصا إلا أنها تعتبر جد قديمة زمنيا، أي قبل الاهتمام العالمي بحماية الحياة البيولوجية في العقود الأخيرة. وترجع النصوص الصادرة بالمغرب بهذا الشأن إلى عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. وقد تم تجديد بعضها لمسايرة الإيقاع العالمي، ومن التهديدات المرتبطة بهذا الجانب أيضا نجد تعدد القطاعات المسؤولة عن حماية التنوع البيولوجي بصفة عامة والمحميات الطبيعية بصفة خاصة، مما يؤدي إلى غياب التنسيق في هذه القطاعات، وهذا الغياب في التنسيق له نتائج سلبية على الأنشطة المنجزة داخل المحمية.

الجدول )رقم 02(:أهم النصوص القانونية الصادرة لحماية المجالات ومواردها البيولوجية

المجال موضوع وتاريخ تبني النص المنظم
المجال الغابوي نصوص عامة:

  • ظهير 10 أكتوبر 1917 حول الحفاظ واستغلال الغابات.
  • ظهير 1949 لخلق صندوق غابوي.
  • ظهير 1976 حول المشاركة السكانية في تنمية الاقتصاد الغابوي.
  • مذكرة 15 يناير 1921 حول حق المسارات في الغابات العمومية.
  • مذكرة 8 شتنبر 1918 حول شروط الاستغلال والبيع، وبيع المنتوجات الغابوية.

نصوص خاصة:

  • ظهير 4 مارس 1925 المتعلق بحماية وتحديد غابات الأركان.
  • مذكرة 1 ماي 1938 المتعلق بحق استعمال الساكنة المحلية للأركان.
  • ظهير 15 غشت 1928 المتعلق بتحديد النظام القانوني لنبات البرسيم.
  • ظهير 8 شتنبر حول الحفاظ واستغلال الجوز.
المناطق المحمية
  • ظهير 11 شتنبر 1934 المتعلق بخلق منتزهات وطنية.
  • مذكرة إيقاف 20 مارس 1946 المتعلقة بخلق لجنة استشارية للمنتزهات الوطنية
القنص
  • ظهير 21 يوليوز 1923 المتعلق بتأمين القنص (أو الظهائر التي عدلته).
  • ظهير 2 يونيو لخلق المجلس الأعلى للقنص وصندوق القنص.
  • مذكرة وزارية ب 3 يونيو 1962 المتعلق بتقنين دائم للقنص (أو المذكرات المعدلة لها).
  • المذكرة الوزارية غشت 1988.
حماية الصحة النباتية
  • ظهير 17 نونبر 1950 المتعلق بتنفيذ إجراءات لمحاربة الطفيليات الشجرية.
  • مذكرة 14 يناير 1950 المتعلقة بتنظيم المراقبة على الإنتاج أو سير اتفاق تشجير بعض الأنواع النباتية المزروعة (والمذكرات اللاحقة).
  • مذكرة 20 يونيو 1950 المتعلقة بالأمن الصحي للنباتات أو المنتوجات النباتية الموجهة للتصدير.
البذور
  • ظهير 25 يوليوز 1969 المنظم للإنتاج والمتاجرة بكل البذور والنباتات.
  • ظهير 19 شتنبر 1977 المعدل للظهير رقم 169- 69-1 ب 25 يوليوز 1969.
الوحيش الأليف
  • ظهير 1 يوليوز 1914 على مستوى الأمن الصحي للمنتوجات الحيوانية المصدرة.
  • ظهير 10 شتنبر 1993 المتعلق بالإجراءات الصحية البيطرية لتصدير الحيوانات، الأغذية الحيوانية، الإنتاج ذو الأصل الحيواني.
الصيد القاري
  • ظهير 11 أبريل 1922 المتعلق باستغلال المجاري المائية النهرية وممارسة الصيد القاري.
  • مذكرة 3 يناير 1994 حول شروط إدخال الأسماك والقشريات في المياه البرية العمومية.
الصيد البحري
  • ظهير 31 مارس 1919 المتعلق بالصيد البحري.
  • مرسوم 2 فبراير 1974 المنظم للصيد بالشباك المحفورة.
  • مذكرة 9 يناير 1997 المتعلقة بالتشريع المؤقت لصيد بعض الأنواع.
  • مذكرة 20 يناير 1994 المتعلقة بتشريع صيد الصدفيات في بعض النطاقات للساحل المتوسطي.
  • مذكرة 1 أكتوبر 1993 المتعلقة بمنع استغلال الطحالب البحرية في الساحل الأطلنتي.
  • مذكرة 26 أكتوبر 1993 للمنع المؤقت لصيد زعنفيات الأقدام وثدييات بحرية أخرى، إضافة إلى أنواع بحرية أخرى كرأسيات الأرجل.
  1. :التربية الجغرافية وأهميتها في حماية التنوع البيولوجي واستدامته:

تعد التربية الجغرافية ضرورة ملحة في هذا العصر، ولاسيما ما يشهده العالم من أزمات وتلوث بيئي طال مناحي الحياة جميعا، والذي فرض على المعنيين بالبيئة والصحة والتربية والإعلام في المجتمع تسليط الضوء على قضايا البيئة، وتقديم تربية جغرافية بيئية تنمي وعي أفراد المجتمع جميعا، وتنبههم إلى الأخطار التي تهدد البيئة عموما والتنوع البيولوجي خصوصا، وترشد سلوكهم في العناية بالبيئة وضرورة المحافظة عليها.

ولا يخفى الدور الذي تضطلع عليه المناهج الدراسية في تقديم تربية جغرافية بيئية مناسبة لتلاميذ المدارس. حيث تحقق تربية عامة شاملة لجميع الطلبة، وتوحد رؤيتهم وأفكارهم وثقافتهم حول البيئة بصفة عامة، والتنوع البيولوجي بصفة خاصة وواجبهم نحوهما.

إن مادة الجغرافيا تعد إحدى المواد الدراسية المتضمنة مفاهيم تربوية بيئية مهمة، كما تعتبر الجغرافيا أحد الفروع الرئيسية في مناهج المواد الاجتماعية، حيث تعتبر الأهداف التعليمية في هذه الأخيرة ذات أهمية خاصة لأنه ومن خلال صياغتها يعرف الأستاذ كيف يتم توجيهها لتلامذته داخل البيئة الصفية، وكيف يمكن أن يعمل على تحقيقها أثناء عملية التدريس، ولقد حدد مؤتمر تيبيليسي سنة 1977 أهداف التربية البيئية في المجالات الآتية:

• الاتجاهات : بغية تطوير القيم والشعور بالاهتمام بالبيئة وتحفيز الأفراد للإسهام الفعال في حمايتها وتحسينها.

• المهارات : وذلك من أجل اكتساب المهارات المعرفية والفنية للتعرف على المشاكل البيئية وحلها.

• المعارف : وتأتي عن طريق الوعي بالمشكلة البيئية وذلك بالتلقين والتدريب والدراسة، وإيجاد إطار معرفي ذو صلة اتجاه البيئة.

• وأخيرا المشاركة: وهي التي توفر الإسهام الفعال لمختلف الأفراد والجماعات في العمل على حل المشكلات البيئية.

ويعتبر التنوع البيولوجي جزء لا يتجزأ من البيئة، لذلك تبقى من أهم مجالات التربية من أجل التنوع البيولوجي، هي التربية الجغرافية البيئية، التي جاءت ردا على الأخطار المتزايدة والمتفاقمة، والتي يواجهها الإنسان والتنوع البيولوجي في بيئته، والتي تنتج عن سلوك الإنسان الخاطئ مع بيئته. والتربية الجغرافية كمفهوم تربوي حديث هو نتيجة تفاعل مفهومي التربية والجغرافيا، ووليدهما.

خاتمة عامة :

نستخلص من خلال هذا المقال ما يلي :

  • أن المغرب يتوفر على موارد بيولوجية تجمع بين الغنى والتنوع، فهذه الأخيرة أصبحت تشكل شريكا ضروريا ومهما في تحقيق النمو والتنمية الاقتصاديين، ولكن هذه الثروة البيولوجية تصطدم ببعض العوامل التي تساهم في تدهورها بل انقراض بعض الأنواع في أحيان كثيرة، وهذا ما استدعى لفت انتباه المشرع المغربي الذي أصدر مجموعة من النصوص القانونية والتشريعية لتنظيم واستغلال هذه الموارد وحمايتها من كل الاستغلالات غير المعقلنة، إلا أن هذه النصوص لا ترقى إلى الفعالية اللازمة على المستوى التطبيقي، ما يجعل المغرب يخسر العديد من أنواعه البيولوجية سنويا.
  • وفي هذا الصدد؛ تعد التربية الجغرافية ضرورة ملحة في هذا العصر، ولاسيما ما يشهده العالم من أزمات وتلوث بيئي طال مناحي الحياة جميعا، والذي فرض على المعنيين بالبيئة والصحة والتربية والإعلام في المجتمع تسليط الضوء على قضايا البيئة، وتقديم تربية جغرافية بيئية تنمي وعي أفراد المجتمع جميعا، وتنبههم إلى الأخطار التي تهدد البيئة عموما والتنوع البيولوجي خصوصا، وترشد سلوكهم في العناية بالبيئة وضرورة المحافظة عليها.

المصادر والمراجع :

1. ظهير 10 أكتوبر 1917 حول الحفاظ واستغلال الغابات.

2. ظهير 1949 لخلق صندوق غابوي.

3. ظهير 1976 حول المشاركة السكانية في تنمية الاقتصاد الغابوي.

4. مذكرة 15 يناير 1921 حول حق المسارات في الغابات العمومية.

5. مذكرة 8 شتنبر 1918 حول شروط الاستغلال والبيع، وبيع المنتوجات الغابوية.

6. ظهير 4 مارس 1925 المتعلق بحماية وتحديد غابات الأركان.

7. مذكرة 1 ماي 1938 المتعلق بحق استعمال الساكنة المحلية للأركان.

8. ظهير 15 غشت 1928 المتعلق بتحديد النظام القانوني لنبات البرسيم.

9. ظهير 8 شتنبر حول الحفاظ واستغلال الجوز.

10. ظهير 11 شتنبر 1934 المتعلق بخلق منتزهات وطنية.

11. مذكرة إيقاف 20 مارس 1946 المتعلقة بخلق لجنة استشارية للمنتزهات الوطنية

12. ظهير 21 يوليوز 1923 المتعلق بتأمين القنص (أو الظهائر التي عدلته).

13. ظهير 2 يونيو لخلق المجلس الأعلى للقنص وصندوق القنص.

14. مذكرة وزارية ب 3 يونيو 1962 المتعلق بتقنين دائم للقنص (أو المذكرات المعدلة لها).

15. المذكرة الوزارية غشت 1988.

16. ظهير 17 نونبر 1950 المتعلق بتنفيذ إجراءات لمحاربة الطفيليات الشجرية.

17. مذكرة 14 يناير 1950 المتعلقة بتنظيم المراقبة على الإنتاج أو سير اتفاق تشجير بعض الأنواع النباتية المزروعة (والمذكرات اللاحقة).

18. مذكرة 20 يونيو 1950 المتعلقة بالأمن الصحي للنباتات أو المنتوجات النباتية الموجهة للتصديرظهير 25 يوليوز 1969 المنظم للإنتاج والمتاجرة بكل البذور والنباتات.

19. ظهير 19 شتنبر 1977 المعدل للظهير رقم 169- 69-1 ب 25 يوليوز 1969.ظهير 1 يوليوز 1914 على مستوى الأمن الصحي للمنتوجات الحيوانية المصدرة.

20. ظهير 10 شتنبر 1993 المتعلق بالإجراءات الصحية البيطرية لتصدير الحيوانات، الأغذية الحيوانية، الإنتاج ذو الأصل الحيواني.ظهير 11 أبريل 1922 المتعلق باستغلال المجاري المائية النهرية وممارسة الصيد القاري.

21. مذكرة 3 يناير 1994 حول شروط إدخال الأسماك والقشريات في المياه البرية العمومية.ظهير 31 مارس 1919 المتعلق بالصيد البحري.

22. مرسوم 2 فبراير 1974 المنظم للصيد بالشباك المحفورة.

23. مذكرة 9 يناير 1997 المتعلقة بالتشريع المؤقت لصيد بعض الأنواع.

24. مذكرة 20 يناير 1994 المتعلقة بتشريع صيد الصدفيات في بعض النطاقات للساحل المتوسطي.

25. مذكرة 1 أكتوبر 1993 المتعلقة بمنع استغلال الطحالب البحرية في الساحل الأطلنتي.

26. مذكرة 26 أكتوبر 1993 للمنع المؤقت لصيد زعنفيات الأقدام وثدييات بحرية أخرى، إضافة إلى أنواع بحرية أخرى كرأسيات الأرجل.

27. برنامج العمل – المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر 2012-2016

28. علي ايت احساين، المشاكل البيئية، الطبعة الثانية، 2010/2011، ص 13.

29. Lhafi abdeladim, et autres, 50 ans de développement humain, perspectives 2025, C.N.E.T, P20.

30. Mustapha Marraha ; chef du service de la chasse et de la cynégétique ; HCEFLCD

31. Secrétariat d’état auprès du ministre de l’énergie, des mines, de l’eau et de l’environnement, chargé de l’eau et de l’environnement, développement des cadres nationaux de biosécurité, Cadre Nationale de Biosécurité, 2009.

32. Sécrétariat d’état chargé de l’environnement, stratégie nationale pour la conservation et l’utilisation durable de la diversité biologique,2004, P41

33. Ctherin Aubertin, Florence Pinton, Valerie Boisvert, les marches de la biodiversité, IRO, édition paris,2007, P21.

34. Berraho Abdellatif et autres, biodiversité et équilibres écologiques, centre national de documentation du Maroc, 2006 , p.p 133-142

35. Rapport sur l’état de l’environnement du Maroc, 2011, P 176 .

الهوامش:

  1. برنامج العمل- المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر 2012-2016
  2. Lhafi abdeladim, et autres, 50 ans de développement humain,perspectives 2025,C.N.E.T, P20.
  3. Mustapha Marraha ; chef du service de la chasse et de la cynégétique ; HCEFLCD
  4. Secrétariat d’état auprès du ministre de l’énergie, des mines, de l’eau et de l’environnement, chargé de l’eau et de l’environnement, développement des cadres nationaux de biosécurité, Cadre Nationale de Biosécurité, 2009.
  5. Sécrétariat d’état chargé de l’environnement,stratégie nationale pour la conservation et l’utilisation durable de la diversité biologique,2004,P41
  6. Ctherin Aubertin, Florence Pinton, Valerie Boisvert, les marches de la biodiversité, IRO, édition paris,2007, P21.
  7. Berraho Abdellatif et autres, biodiversité et équilibres écologiques, centre national de documentation du Maroc 2006 , P 133.
  8. Berraho Abdellatif et autres, 2006 , P 133.
  9. Berraho Abdellatif et autres, Maroc 2006 , P 133
  10. Rapport sur l’état de l’environnement du Maroc, 2011, P176 .
  11. علي ايت احساين، المشاكل البيئية، الطبعة الثانية، 2010/2011، ص 13.
  12. Berraho Abdellatif et autres, 2006 , P 139.
  13. Berraho Abdellatif et autres, 2006 , P 140.
  14. Berraho Abdellatif et autres, 2006 , P 142 .