عثمان عمر أبوخريص1
1 كلية الشريعة والقانون، الجامعة الأسمرية الإسلامية، زليتن، ليبيا.
البريد الالكتروني: othmanomar555@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(12); https://doi.org/10.53796/hnsj3128
تاريخ النشر: 01/12/2022م تاريخ القبول: 06/11/2022م
المستخلص
تمثل المعاهدات الدولية بالنظر الى المكانة التي تحتلها في الحياة المعاصرة، العلامة المميزة للأنشطة القانونية الخارجية التي يمارسها أشخاص القانون الدولي ، وتعتبر هي الوسيلة الأساسية التي تسمح لأشخاص القانون الدولي بالمساهمة في السير العادي والملائم للحياة الدولية، كما أنها تشكل في نفس الوقت الاداة المثالية لتحقيق التنمية الدولية وتطورها بمختلف مجالاتها، إن الأهمية المتزايدة للمعاهدات الدولية بوصفها مصدرا رئيسيا للقانون الدولي هي مسألة موضوعية ، لم تقرر برغبة أي دولة ، وإنما فرضتها القوانين التي تحكم تطور المجتمع الدولي، فقواعد القانون الدولي الأكثر عددا ووفرة وتزايدا هي القواعد الاتفاقية الناتجة من المعاهدات الدولية .
فالمعاهدات الدولية في القانون الدولي العام لا تخرج في طبيعتها عن تحقيق منفعة أو مصلحة يهدف إليها أطراف التعاقد علي المعاهدة ، كما وأنها تعد طريقة من طرق إنهاء الحرب بين الدول المتنازعة بالوسائل السلمية، ويجب أن لا تكون متعارضة مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام ، وهي القواعد العامة التطبيق التي لا يجوز الخروج عليها ولا يمكن تغييرها إلا بقاعدة لاحقة من قواعد هذا القانون .
الكلمات المفتاحية: المعاهدة – السيادة – السلطة – القانون الداخلي – القاضي.
The mandatory nature of international treaties in international law
Othman Omar Abokhres1
1 Faculty of Sharia and Law, Al Asmariya Islamic University, Zliten, Libya.
Email: othmanomar555@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(12); https://doi.org/10.53796/hnsj3128
Published at 01/12/2022 Accepted at 06/11/2021
Abstract
International treaties, in view of the place they occupy in contemporary life, represent the distinguishing mark of the external legal activities practiced by persons of international law. International treaties and their development in various fields, the increasing importance of international treaties as a major source of international law is an objective issue, not decided by the desire of any state, but imposed by the laws that govern the development of the international community, the most numerous, abundant and increasing rules of international law are the convention rules resulting from international treaties.
International treaties in public international law do not depart in their nature from achieving a benefit or interest that the parties to the contract aim at, and it is one of the ways to end war between the conflicting countries by peaceful means, and it should not conflict with a peremptory norm of general international law. They are the general rules of application that may not be derogated from and cannot be changed except by a subsequent rule of this law
المقدمة :
ذهب الفقه الدولي في البحث حول اساس القوة الملزمة لقواعد القانون الدولي إلى مذهبين هما المذهب الإرادي والمذهب الوضعي, وكان من أنصار المذهب الإرادي الفقيه جان جاك روسو وتقوم فكرته إلى أن القانون ما هو إلا تعبير عن رغبة الجماعة فهو يستند إلى ارادتهم , وقد اتجه الفقهاء في تطبيق هذا المبدأ إلى اتجاهين : اتجاه يستند إلى الإرادة المنفردة للدولة , واتجاه يستند إلى الإرادة المشتركة أو الجماعية([1])، أما المذهب الوضعي, فإنه يميل الى البحث عن اساس القوة الملزمة لقواعد القانون الدولي خارج نطاق الارادة الجماعية وان هناك عوامل خارج تلك الارادة تكسب القانون الدولي صفته الالزامية وانقسم الفقه بهذا الخصوص الى فريقين : فريق تزعمه الاستاذان ” kelsn ” – ” fedros ” وهم أصحاب المدرسة النمساوية , وفريق ثاني تزعمه الفقيه gorg sill وكان من انصار المدرسة الفرنسية([2])، ومهما يكن من خلاف فقهي في أساس هذ القانون فقد أكد فقهاء القانون الدولي المعاصر على أساس تمتع القانون الدولي بالصفة الالزامية وان قواعده تسمو على جميع النظم القانونية الداخلية, واساسه قائم على الرضا الصريح او الضمني للدول وبالتالي تخضع لأحكام القانون الدولي([3]) .
أهمية البحث:
خلال فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي برز موضوع العلاقة بين النظام القانوني الدولي والنظام القانوني الداخلي بشكل جديد وذلك من خلال اهتمام فقهاء القانون الدولي والقضاء الدولي , بمسألة علاقة اتفاقية روما المنشئة للسوق الاوربية المشتركة وسموها على قواعد القانون الداخلي داخل دول اعضاء الجماعة الاوربية وفقا انص المادة 189 منها , وكان لمحكمة العدل الاوربية حكم مشهور عام 1978 في مسألة تغليب احكام المعاهدة وقرارات الاجهزة الاوربية على القوانين الوطنية في الدول الاعضاء , حيث قضت محكمة العدل الاوربية ووفقا لمبدأ سمو القانون الاوربي بأن احكام المعاهدة والقرارات الصادرة عن اجهزة السوق الاوربية المشتركة للجماعة الاوربية لها قوة القانون، وبالتالي تم منع تطبيق أي نص مخالف لها في القوانين الداخلية , وامتناع استصدار اي قرارات او اجراءات قانونية في المستقبل قد تكون متعارضة مع قانون الجماعة الاوربية([4])، ومازال العمل الدولي يقوم على اثبات اهمية وسمو المعاهدات الدولية من خلال الاحكام القضائية الدولية الصادرة من المحاكم الدولية وكانت العديد منها تؤكد على سمو تلك الاتفاقيات الدولية وباتت تكرس المبادئ القانونية الدولية في اطار النظم القانونية الداخلية، “حيث يمكن الاشارة بنحو خاص الى امثلة محددة من القرارات والآراء الاستشارية للمحكمة الدائمة للعدل الدولي ولمحكمة العدل الدولية القائمة حاليا , حيث اكدت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية ” جامعة بيتر بزماني ” على تبنيها لمبدأ سمو القانون الدولي على القانون الداخلي “, وقد اكدت ايضا محكمة العدل الدولية في حكم صادر لها عام 1932″ انه لا يمكن للدولة ان تحتج بتشريعها الداخلي لتحد من مدى التزاماتها الدولية ” , ولا يستطيع القاضي الدولي , باعتباره جهاز النظام القانوني الدولي الا ان يؤكد في جميع الاحوال على تغليب قواعد القانون الدولي على النظام القانوني الداخلي , وهذا موقف ثابت يدعم مذهب الوحدة مع سمو القانون الدولي , وقد كرس اجتهاد المحاكم سيادة المعاهدة على القوانين الوطنية كيفما كانت طبيعتها 🙁 دساتير , قوانين , تدابير تنفيذية , أو أحكام قضائية .)([5]) .
إشكالية البحث :
ساهمت النظريات الفقهية والقرارات والآراء الاستشارية والقضائية في معرفة مدى اهمية المعاهدات وكيفية تطبيقها في النظم القانونية الداخلية وتحديد الالتزامات الواجب اتباعها من قبل الدول الاطراف في تلك الاتفاقيات , ووجه ذلك ان الدول في تعاملها في ابرام المعاهدات انما تريد الالتزام بما تتعاهد عليه في هذه المعاهدات على سبيل الالزام لا على سبيل الخيار وانما في تعاملها هذا قد بلغت حد التواتر المنشئ لعقيدة قانونية مفادها ان هذا النظام التعاهدي تفرضه هذه العقيدة، وذلك لان الدول التي تبرم معاهدة ما مضطرة للالتزام بها لأنها لا تجد بالمقابل من الدول من يترك لها الخيار في ذلك لان الغرض من التعاهد في المعاهدة هو العمل بها لا الخيار فيها، والدول في تعاملها هذا لا تحتاج الى من يأذن لها ان تتعامل هكذا، وذلك لعدم وجود سلطة دولية عليا فوق الدول لها سلطة الاذن، وانما تستند في تعاملها هذا الى قانونها الدستوري الذي يفوض من يعبر عن ارادتها في ابرام المعاهدات. ذلك لان المعاهدات اداة قانونية ناجمة عن تفويض القانون الوطني من جهة وقبول التعامل الدولي بها من جهة أخرى، وبالتالي فإن السؤال المطروح هو مامدي الزامية المعاهدات الدولية للدول الأطراف فيها وفقا للقانون الدولي وبصرف النظر عن قانونها الداخلي؟ .
منهجية وخطة البحث :
سنقوم بدراسة هذه الفكرة من خلال اتباع المنهج التحليلي مع الأخذ في الاعتبار البعد التاريخي والواقع العملي المقارن وذلك من خلال الفقرات التالية :
الفقرة الاولى : مصادر الالزام في المعاهدات الدولية
الفقرة الثانية : المعاهدات الدولية ومبدأ سيادة الدولة
الفقرة الثالثة : المسؤولية الدولية الناتجة عن الإخلال بالمعاهدات الدولية
الفقرة الاولى : مصادر الالزام في المعاهدات الدولية
سنقوم بالبحث عن هذه الفقرة من خلال الفروع التالية:
الفرع الأول: المصادر الشكلية لإلزامية المعاهدات الدولية
الفرع الثاني : المصالح العليا للدولة
الفرع الأول : المصادر الشكلية لإلزامية المعاهدات الدولية
1- قاعدة العقد شريعة المتعاقدين
بادئ ذي بدء؛ فإن القانون الدولي يسمو على القانون الداخلي في حالة التعارض بينهما انطلاقا من مبدأ أن الأول ينظم العلاقات الدولية بين أشخاصه وفي مقدمتهم الدول استنادا إلى قواعد والتزامات تعهدت وتتعهد بها هذه الأشخاص، في حين أن القانون الداخلي لا يتعدى أثره الحدود الإقليمية للدولة ، ولذا فليس للدولة الحق بالاحتجاج بقانونها الداخلي إذا تعارض مع القانون الدولي ، لأن هذه الأشخاص الدولية إنما تتعهد استنادا إلى قانونها الدستوري الذي يخولها الالتزام بالقواعد والالتزامات التي تبرمها وإلا دخلت في حالة تناقض بما تعهدت به وتعتبر المعاهدات الدولية المصدر الأول والأساس لهذه الالتزامات .
إن النظام القانوني للمعاهدات يقوم على مصدرين قانونيين هما الدستور والقانون الدولي لأنه وبحسب تعريف المعاهدة الدولية فهي تصرف قانوني دولي يلزم اطرافه باعتباره تعبيرا عن السيادة بموجب القانون الوطني، وباعتباره عقد ملزم بين اطرافه بموجب القانون الدولي.
حيث تضمنت المادة 26 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات قاعدة اساسية وهي أن العقد شريعة المتعاقدين pacta sunt servanda فقد نصت على أن ” كل معاهدة نافذة تلزم اطرافها ويجب ان ينفذها الاطراف بحسن نية “([6]).
تعد هذه القاعدة جوهرية بسبب سمتها العالمية ، وهي متفق عليها من جميع النظم القانونية المختلفة ، وهي ذات أهمية قصوى لاستقرار العلاقات التعاقدية ، باعتبارها تقوم على مبدأين اساسيين ، هما سلطان الإرادة واحترام العهد ، فإذا لم تتقيد الدول بالمعاهدات التي تكون طرفا فيها ، فإنها ستنصرف عن إبرامها ، وبالتالي تشيع الفوضى وتنعدم الثقة ، وعليه فإن أطراف المعاهدة لا يمكنهم من جانب واحد التعديل أو التحلل من التزامات وافقوا عليها([7]) .
إضافة الى ذلك نصت الفقرة 3 من اتفاقية فينا على انه ” وإذ تلاحظ أن مبدأي الموافقة الحرة والنية الحسنة وقاعدة أن العقد شريعةً المتعاقدين ، معترف بها عالميا ” ، واستنادا الى المادة 31 الفقرة 1 من اتفاقية فينا بان ” تفسر المعاهدة بنية حسنة وفقا للمعاني العادية التي ينبغي اعطاؤها لتعابير المعاهدة حسب السياق الواردة فيه وفي ضوء موضوع المعاهدة وغرضها ” .
ان الالتزام بالمعاهدة الدولية ينبع اصلا من الارادة الحرة للدول والنية الحسنة بحسب نص الاتفاقية وهي دول يفترض انها ذات سيادة متساوية ، ولها ارادة متساوية في القيمة وحرية غير محدودة في ابرام المعاهدات ، وبالتالي فان اساس الالتزام بها يقوم على قاعدة العقد شريعة المتعاقدين كقاعدة مفروضة من قواعد القانون الدولي العام وليست قاعدة مفترضة من قبل اطرف المعاهدة أنفسهم بحيث تكون قابلة للنقض من جهتهم ، بل هي قاعدة ناجمة عن التعامل الدولي الحائز على العقيدة القانونية كقاعدة قانونية دولية عرفية وليست مجرد مبدأ من مبادئ القانون الدولي الافتراضية واقعة خارج دائرة القانون الاتفاقي او القانون العرفي .
إن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين ليست قمة الهرم حسب النظرية المجردة لكلسن ، لان القانون الدولي ليس قانونا مجردا او مفترضا وانما هو قانون التعامل الدولي كما هو جار بالفعل وليس بما يفترض ان يكون لأنه ليس قانونا فوق الدول قائما بموجب القانون الطبيعي او بموجب القانون الوضعي ، بل هو قانون ارادي من صناعة اشخاصه باعتباره معبرا عن ارادتهم وليس بناء على ارادة سلطة عليا([8]) .
2- الابرام القانوني للمعاهدات :
ان مفهوم ابرام المعاهدة الدولية يعني التعبير عن ارادة الدولة وسيادتها ، ووجه ذلك ان الدول في تعاملها في ابرام المعاهدات انما تريد الالتزام بما تتعاهد عليه في هذه المعاهدات على سبيل الالزام وليس على سبيل الاختيار وانما في تعاملها هذا قد بلغت حد التواتر المنشئ لعقيدة قانونية مفادها ان هذا النظام التعاهدي تفرضه هذه العقيدة . وذلك لان الدول التي تبرم معاهدة ما مضطرة للالتزام بها لأنها لا تجد بالمقابل من الدول من يترك لها هذا الخيار في ذلك لان الغرض من الارتباط في المعاهدة هو العمل بها ، والدول في تعاملها هذا لا تحتاج الى من يأذن لها في ان تتعامل على نحو معين ، وذلك لعدم وجود سلطة دولية عليا فوق الدول لها سلطة الاذن ، فهي في الاصل حرة في ان تعقد او لا تعقد معاهدات مع اشخاص القانون الدولي العام ، وان تلزم او لا تلزم نفسها بمحض ارادتها ، وانها اذا هي رغبت في ذلك فانها تقوم بذلك وفقا لما ترغبه وفي الحدود والنطاق الذي ترتضيه([9]) .
ان الدولة تستند في ابرامها الى قانونها الدستوري الذي يفوض من يعبر عن ارادتها في ابرام المعاهدة الدولية ، ذلك لان المعاهدات اداة قانونية ناجمة عن تفويض القانون الوطني من جهة وقبول التعامل الدولي بها من جهة اخرى ، وعليه فلا توجد حاجة الى تفسيرات نظرية لتأسيس قاعدة العقد شريعة المتعاقدين خارج هذا التعامل الناجم عن تقارب القانونين الداخلي والدولي معا في قيام عملية التعاقد وهوما يفهم من حيثيات حكم محكمة العدل الدولية الدائمة في 17/8/1923 في قضية Wimbeldon بين فرنسا والمانيا ، حيث جاء فيه بأن:
سلطة ابرام التعهدات الدولية هي بالتحديد اختصاص من اختصاصات سيادة الدولة([10]) .
والدول عند ابرامها معاهدة ما لا تتنازل عن سيادتها بل ان ابرام اي معاهدة من قبلها انما هو ممارسة لهذه السيادة وهو ما جرى عليه التعامل القضائي والتحكيم كما جاء في قضية اكتساب الجنسية البولندية بين المانيا وبولندة حيث ترى هيئة التحكيم بان كل دولة تعمل وتقرر سياديا في اطار ما تبرمه من التزامات بحيث انها ملزمة ان تتصرف وتقرر طبقا لهذه الالتزامات .
ما يفهم منه بأن السيادة لا تشكل استثناء او عائقا امام احترام الدول لالتزاماتها الدولية ، وذلك لان السيادة هي التي تحدد نطاق عملها بتصرفاتها القانونية من خلال التقييد الذاتي لهذه التصرفات ، ولذا فانه لا يمكن الاحتجاج بالقانون الداخلي في مواجهة المعاهدات الدولية ، لان القانون الداخلي والتصرفات القانونية الناجمة عنه لا يمكن الا ان تستجيب لالتزامات الدولة في المعاهدات التي تبرمها مع الدول الاخرى كنتيجة من نتائج قاعدة العقد شريعة المتعاقدين ، حيث ان العلاقات القائمة بين اطراف المعاهدة تحكمها المعاهدة بغض النظر عن موقف القانون الداخلي لها ، وهو ما تقضي به المادة 27 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 حيث نصت بانه :
” لا يستطيع طرف المعاهدة الاحتجاج بأحكام قانونه الداخلي كذريعة لعدم تنفيذ المعاهدة ” .
ذلك لان القوانين الوطنية هي مجرد وقائع في القانون الدولي باعتبارها تعبيرا عن ارادة وانشطة الدولة شانها شأن القرارات القضائية والاجراءات الادارية وذلك حسبما يراه القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية الدائمة([11]) .
الفرع الثاني : المصالح العليا للدولة
يقصد بالمصلحة العليا للدولة هي الاهتمام بالشيء والنظر اليه باعتباره هاما وأساسيا ، أو هي الشعور الناجم عن الارتباط بهدف ينظر اليه بانه هام ، مؤدى ذلك ان الدولة في سبيل مصلحتها تمارس سلوكا يقوم على اساس حسابات نفعية للمزايا والخسائر الناجمة عن اتيان هذا السلوك بغض النظر عن وجود جزاءات خارجية أو ضغوط اجتماعية ، وبذلك فان الدولة لا تقوم بعقد المعاهدات الدولية الا اذا كانت لها مصلحة في ذلك([12]) .
ان الدول اذ تدير علاقتها مع بعضها البعض ، انما تحرص اساسا على تحقيق مصالحها الخاصة بصرف النظر عن تحديد هذه المصالح وتعيينها ، وبعبارة اخرى فان الدولة في ظل الوضعية الحالية من العلاقات الدولية لا تزال تنظر الى تحقيق مصلحتها القومية ، باعتبار ان ذلك يعتبر من القيم الاساسية ومن الاهداف السامية للسياسة الخارجية ، بما يعني العمل ما أمكن على بلوغه حتى ولو تعارض ذلك مع القيم القانونية للنظام الدولي([13]) .
تعرف مختلف الشعوب والامم والدول المصالح الوطنية والقومية العليا وفق مقاربات مختلفة ، وتتناول هذه الاختلافات متغيرات عدة تشمل التعريف المنهجي، وتعريف المصالح ذاتها ، وعملية البناء وحتى طرق واساليب تحقيق اهداف هذه المصالح ، كما يضيف البعض التباين في استراتيجيات حماية وتطوير مصالحهم الوطنية .
وهي تمثل عادة اهداف الدول وتطلعاتها سواء الاقتصادية او العسكرية او الثقافية، وهي مكون مهم في رسم العلاقات الدولية حيث يعد السعي لتحقيق المصالح الوطنية اساس المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية بمختلف تشكلاتها .
وتشمل المصالح الوطنية عادة الامن والتنمية الاقتصادية والكرامة والهوية الوطنية ، كما تتناول التهديدات الداخلية والخارجية ، وتشمل ازالة الاحتلال والاستعمار والاستقلال وتقرير المصير وعودة اللاجئين للشعوب الواقعة تحت الاستعمار والاحتلال ، كما تشمل الديمقراطية وحقوق الانسان والاعتراف الاممي والوحدة الوطنية للدول المستقلة ، وهي اساس التفكير والتخطيط الاستراتيجي وقاعدة بناء علاقاتها وسياساتها الخارجية الثنائية منها والاممية على حد سواء([14]) .
إن المصالح الوطنية القومية للدولة والتي تقتضي التمسك بمثل عالمية ، وأفكار ومعايير إنسانية كونية ، وحماية مبادئ سامية قد يكون أمرا غير منطقي من الناحية العملية ، لأنه لا يقود إلا إلى فشل السياسة الخارجية للدولة المعنية وربما التوتر في علاقاتها مع الدول الأخرى ، فلابد من أن يستند تحديد المصالح الوطنية على مبدأ أعلى للدولة وهو تأمين البقاء للدولة ولمؤسسات الدولة المتمثل في قوة الدولة ، فالقوة من جهة هي وسيلة لحماية المصالح الوطنية للدول ، مثلما هي غاية بحد ذاتها للمصلحة الوطنية ، أي أن أعلى مرتبة للمصالح الوطنية في المطلق هي تعزيز قوة الدولة الوطنية في المفهوم الشامل ، ولكن نجد على الصعيد العملي أن هناك باستمرار تفاوت بين القوة والمصلحة الوطنية حتى لأكبر الدول وأغناها، فحاجات الدول ومجتمعاتها وتطلعاتها لا نهائية ، ولا توجد دولة تتمتع بعناصر قوة كافية لتحقيق تلك الحاجات أو الرغبات ، لذلك كان لابد من وضع سلم أولويات للمصالح والمفاضلة بينها ، وتتميز قيادة أي بلد عن غيرها من خلال درجة الفهم الذي تبديه لأولويات الدولة والمجتمع وقدرتها على توفير القوة لحمايتها ، ومدى تحقيق التناغم بين القوة والمصالح الوطنية .
إن ثبات المصالح الوطنية خلال فترة من الزمن هو أمر نسبي وفي الغالب ما يعتمد على الاتي :
– درجة ثبات البيئة السياسية التي تصاغ من خلالها السياسات والبرامج والخيارات المتاحة لمتابعة المصالح الوطنية للدولة وحمايتها وخدمتها .
– مدى توفير خيارات سياسية جديدة أمام صانعي القرار والمخططين أم عدمه من أجل إدامة المصالح تلك .
وبما أن البيئة السياسية أو الدولية التي تؤثر في تحديد تلك المصالح وترتيبها متغيرة ، مثلما أن توفر الخيارات السياسية أمر يخالف من حين لآخر، فإننا نجد أن المصالح الوطنية الأساسية الثابتة نسبيا قد تتغير مع مرور الزمن([15]) ، وفي مجال المعاهدات الدولية يرى الفقيه Hegel بأن الدول لها أن لا تلزم نفسها باحترام تعهداتها الا اذا بقيت مصلحتها في تلك المعاهدات ، ومن اقواله ايضا([16]): ” انه لا توجد سيادة في العالم تمسك بمثل هذا التعهد عندما يصبح بدون مزاياه وأنها ترسل فرقا من قواتها المسلحة ضد مصالحها الطبيعية ، وانه اذا ما توصلت الامانة في التمسك بالمعاهدات الى هذا الحد فان ذلك سوف يكون امانة وعفة فوق مستوى الانسان ” .
الفقرة الثانية : المعاهدات الدولية ومبدأ سيادة الدولة
نبين في هذه الفقرة الاطار المفاهيمي لمبدأ السيادة في الفرع الأول
وأثر المعاهدات الدولية على مبدأ سيادة الدولة بالفرع الثاني .
الفرع الأول : الإطار المفاهيمي لمبدأ سيادة الدولة :
1- تعريف فكرة السيادة :
السيادة مفهوم قانوني- سياسي يتعلق بالدولة باعتباره أحد أهم خصائصها وسماتها الرئيسية ، وهي شرط من الشروط الأساسية لاعتبار أي كيان سياسي دولة .
يرتبط مفهوم السيادة بمفهوم الاستقلال . فالدولة المستقلة هي الدولة السيدة القادرة على ممارسة مظاهر سيادتها على الصعيدين الداخلي والخارجي بحرية دون تدخل من أحد ، على هذا فإن مفهوم السيادة ينطوي على معنيين :
المعنى الاول : السيادة تعني السلطة العليا والمطلقة التي تتمتع بها الدولة لمزاولة وظائفها وممارسة صلاحياتها داخل إقليمها الوطني دون أن تنازعها أو تتد خل فيها أية دولة أخرى، وهذا هو المعنى الاساسي والمركزي لمفهوم السيادة، وهو ما يطلق عليه تسمية السيادة الاقليمية ، والمعنى الثاني : الأهلية التي تتمتع بها الدولة للدخول في علاقات والتعامل على قدم المساواة ، بندية وتكافؤ مع الدول الأخرى علي الصعيد الدولي ، وهذا المعنى يرتبط بمفهوم الشخصية الدولية([17]) .
ان السيادة هي التي تخول الدولة الحق بالتشريع وتطبيق قوانينها ومحاكمة الأشخاص والأفعال داخل إقليمها الوطني ، والحق بالدخول بعلاقات مع الدول الأخرى وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وإرسال ممثلين ودبلوماسيين يمثلونها في الدول الأخرى ، والحق بالتمتع بالحصانات والامتيازات في الدول الأخرى وأمام محاكمها ، وهذه هي الحقوق التي يشملها مفهوم السيادة في القانون الدولي . والسيادة هي التي تكفل المساواة والتكافؤ بين الدول واحترام الاستقلال السياسي والسلامة الاقليمية للدولة ، وتوجب عدم تدخل أية دولة في شؤون دولة أخرى .
وتكمن ممارسة الدولة لسيادتها في المظاهر التالية :
– وضع الدستور وشكل الحكم في الدولة .
– سن التشريعات والقوانين والانظمة .
– هيكلية الدولة وتقسيم سلطانها واختصاص كل منها .
– ضبط حدودها البرية والبحرية والجوية وممارسة سياسة الضبط والرقابة عليها .
– الانضمام الى المعاهدات والمنظمات الدولية .
– توقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية .
– قبول أو عدم قبول البعثات الدبلوماسية والقنصلية .
2- فكرة السيادة في القانون الدولي:
ارتبطت فكرة السيادة في القانون الدولي العام مع ظهور الدولة القومية في أوروبا بعد معاهدة وستفاليا سنة 1648 التي أنهت حرب الثلاثين عاماً الدينية في القارة الاوروبية ، حيث أقرت هذه المعاهدة مبدأ سيادة الدولة باعتبار هذه السيادة هي سلطة الدولة العليا والمطلقة على إقليمها ، أي حق الدولة في ممارسة وظائفها وصلاحياتها واختصاصاتها داخل إقليمها القومي دون تدخل من أية دولة أخرى ، هذا المفهوم لمبدأ السيادة كما أقرته معاهدة وستفاليا جاء متأثراً بمفهوم مبدأ السيادة كما بلوره الفيلسوف الفرنسي ( Jean Bodan 1530-1596 ) الذي يعتبر أول من بلور نظرية متكاملة لمبدأ السيادة، وقد أقرت معاهدة وستفاليا بعد ذلك مبدأ السيادة في العلاقات الدولية كمبدأ يكفل المساواة والتكافؤ بين الدول ويمنع تدخل دول في شؤون دول أخرى ،واعتبر أن أي تدخل من قبل دولة ما في شؤون دولة أخرى عملاً غير مشروع، هذا المفهوم لمبدأ السيادة، الذي أقرته معاهدة وستفاليا والذي حكم وهيمن على العلاقات بين دول القارة الاوروبية خلال القرن الثامن عشر والنصف الأول من القرن التاسع عشر، سرعان ما انتشر ليشمل العلاقات بين دول العالم جميعاً في المرحلة التي تلت([18]) .
وجاءت معاهدة “مونتافيديو ” في العام 1933، المتعلقة بحقوق وواجبات الدول لتأكد على هذا المفهوم عندما اعتبرت أن جميع الدول متساوية وتتمتع بنفس الحقوق وبنفس الأهلية لممارستها ، وبأنه لا حق لأية دولة التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى ، وتبنى ميثاق الامم المتحدة الموقع في العام 1945 هذا المفهوم ايضا ، وحدد المبادئ التي على منظمة الأمم المتحدة والدول الأعضاء العمل بموجبها لتحقيق مقاصد المنظمة ، وهي مبدأ المساواة في السيادة ، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة ، ومبدأ الامتناع عن التهديد أو إستخدام القوة ضد وحدة أو سلامة أراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة .
وبمقتضى هذا الميثاق فإن جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة متساوون في الحقوق والواجبات ، ولهم الحق في المشاركة والتصويت في أعمال المنظمة وفقاً لقاعدة أن لكل دولة صوت واحد([19]) .
الفرع الثاني: أثر المعاهدات الدولية على مبدأ سيادة الدولة
على الرغم من أن جوهر مفهوم السيادة كما أقرته معاهدة وستفاليا لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر منذ هذه المعاهدة ، إلا أن مجال ومدى وحدود السيادة هي التي خضعت للتطور والتغيير عبر الزمن ، فخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عصر انبعاث الدولة القومية ، لم تقبل الدول بأي قيد على سيادتها ، فمارست سلطة مطلقة دون أي قيد أو حدود داخل إقليمها الوطني .
غير أن هذا الموقف بدأ يتغير بعد النصف الثاني من القرن العشرين ، فالدول بدأت تقبل من أجل مصالحها ومصالح المجتمع الدولي ، بعض القيود والحدود على تصرفاتها الداخلية والخارجية ، فأخضعت بعض صلاحياتها السيادية لبعض القيود، حيث تلتزم الدولة بالالتزامات المنصوص عليها في المعاهدة التي هي طرف فيها وهذا ما يقيدها في حال التزمت بها .
وإذا كانت معظم الاتفاقيات الدولية اليوم تتناول النهوض بحقوق الإنسان والاهتمام بالأقليات وتحقيق التنمية ، والنهوض بحقوق الافراد في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقانونية ، وهي مجالات تسعى كل دولة مساندها والمساهمة في دعمها ، فإن هناك جوانب في بعض الاتفاقيات قد تمس المعتقدات الدينية، والسيادة الوطنية ، مما يجعلها محط تحفظ أو إعلان تفسيري ، كما حصل في اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة باعتبارها اتفاقية أثارت جدلا واسعا مند دخولها حيز التنفيذ سنة 1981 م بين مختلف شعوب العالم بين مؤيد ومعارض، فرغم توقيع ما يقارب 186 دولة على هذه الاتفاقية إلا أنها تعرضت لأكبر عدد من التحفظات فيكفي أن نذكر أن 16 دولة عربية تحفظت على المادة ,16 إضافة إلى العديد من الدول الأوربية والصين وغيرها من دول العالم التي تحفظت على مجموعة من مواد الاتفاقية، وعلى سبيل المثال فالمملكة المتحدة؛ وهي دولة ديمقراطية عريقة لها تحفظات أطول وأشمل من تحفظات بعض البلدان العربية والإسلامية على مواد بعض الاتفاقيات، رغم اختلاف خلفية وفلسفة هذه التحفظات، فقد ارتكزت تحفظاتها على عدم مخالفة قوانينها الداخلية.
لاشك أن مبدأ التحفظات هو حق كفله القانون الدولي وتمارسه جميع الدول بما لها من سيادة لرعاية مصالحها وحماية خصوصياتها ، والتحفظات وسيلة معمول بها في القانون الدولي، وهي إمكانية تتيحها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الصادرة سنة 1969م، وقد عرفت هذه الاتفاقية التحفظ بأنه (إعلان من جانب واحد، أيا كانت صيغته أو تسميته وتصدره دولة ما حينما توقع معاهدة أو تصدقها أو تقبلها أو تقرها أو تنضم إليها، مستهدفة به إبعاد أو تغيير الأثر القانوني لبعض أحكام المعاهدة في تطبيقها على تلك الدولة).
إن تطور العلاقات بين الدول والمتغيرات المصاحبة للعولمة وثورة التكنولوجيا هي التي حتمت تكييف مبدأ السيادة وبالتالي تقييد الحقوق والصلاحيات والوظائف السيادية للدولة بما يكفل مصالح المجتمع الدولي ، وبذلك لم يعد التدخل في الشؤن الداخلية للدولة أمراً غير مشروع ، كما كان في الماضي ، بل أمراً جائزاً ، تبرره الحقائق الراهنة ، ومن أبرز نواحي الشؤون الداخلية للدولة التي طالها التدخل الدولي هي علاقة الدولة مع رعاياها خاصة في مجال حقوق الانسان والحريات العامة ، والسياسات المالية والاقتصادية والادارية للدولة ، وطال التدخل أيضاً جميع نواحي العلاقات الاقتصادية بين الدول .
وأبرز مظاهر التدخل في شؤون الدول التي تحد من السلطات والصلاحيات السيادية للدول نجدها في ميثاق الأمم المتحدة الذي جعل صلاحيات واختصاصات هذه المنظمة تشمل بالإضافة للنواحي السياسية والامنية ، المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها التي كانت تعتبر تقليدياً من صميم الاختصاص الداخلي للدول .
ونجدها أيضاً في معاهدة ماسترخت الموقعة في العام 1991 والمنشئة للاتحاد الاوروبي ، والمعاهدات المعدلة لها ، والتي أنشأت مؤسسات إتحادية فوق المؤسسات الوطنية للدول الأعضاء ، وكذلك نجدها في نظام المحكمة الجنائية الدولية الذي جعل أصحاب السيادة في الدول المصدقة لهذا النظام ، من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات والوزراء والنواب والموظفين الرسميين ، خاضعين لاختصاص المحكمة في حال ارتكابهم جرائم دولية .
ان سيادة الدولة بالرغم من المحاولات التي يقوم بها المجتمع الدولي لتقييدها إلا أنها ما زالت تعتبر الأداة الضرورية لتنظيم العلاقات بين الدول ، وهي ستبقى ما بقيت الدولة ، كل ما في الأمر أن الدولة لم تعد مطلقة اليد في شؤونها الداخلية كما كانت في الماضي ، بل أصبحت محكومة ومقيدة بضوابط وشروط تضمن عدم تعارض إدارتها لشؤونها الداخلية مع التزاماتها ومسؤولياتها الدولية .
الفقرة الثالثة : المسؤولية الدولية الناتجة عن الإخلال بالمعاهدات الدولية
ان أغلب المعاهدات والاتفاقيات الدولية تتضمن بندا، أو مجموعة من البنود ، التي تشير في مجملها إلى أن الدول الموقعة على هذه المعاهدة تلتزم بتنفيذها وتطبيقها على مواطنيها والدول المجاورة ، والمقيمين فيها ، وتشير بعض المعاهدات الدولية إلى أنها ستعمل على تعديل بعض البنود من قوانينها الداخلية بما ينسجم مع نصوص تلك المعاهدات التي هي طرف فيها ، ومن جهة اخرى تثير المعاهدات الدولية التي تدمجها الدولة في نظامها القانوني الداخلي وتمس بالحقوق المكتسبة لأفراد الدولة مسألة مدى تحمل الدولة لمسؤوليتها الناجمة عن تنفيذ تعهداتها الدولية؟.
من خلال ذلك نبين في هذه الفقرة الفروع التالية : الفرع الأول نبين فيه مفهوم المسؤولية الدولية ووسائل تحققها والفرع الثاني مظاهر المسؤولية في عدم وفاء الدولة بالمعاهدات الدولية.
الفرع الأول : مفهوم المسؤولية الدولية ووسائل تحققها
1- مفهوم المسؤولية الدولية:
مجموعة من القواعد القانونية المطبقة على أشخاص القانون الدولي في حالة ارتكاب أمر أو فعل مخالف للالتزامات الدولية تلحق ضرراً أو أضراراً بطرف آخر من أطراف القانون الدولي ، وحتى تقع المسؤولية لا بد من توافر عناصر وأركان الخطأ والعلاقة السببية ، بمعنى تحمل أي دولة تقوم بانتهاك وخرق القانون الدولي والمعاهدات الدولية المختلفة ، للنتائج المتحققة عن ذلك ، ويترتب عليها الوقف الفوري للممارسات غير القانونية ، وإصلاح الضرر المترتب عن هذه الممارسات([20]) ، وترتكز هذه المسؤولية في القانون الدولي على مبدأ المساواة بين الدول في الشخصية القانونية ، والاعتراف للدولة بسلطات واسعة يستوجب تحمل المسؤولية وفقا للمبدأ القائل حيث توجد السلطة توجد المسؤولية([21]) .
غير أن التعامل الدولي يكشف عن خروج قيام المسؤولية الدولية على أساس الخطأ ، ويؤسسها على المساواة في تحمل الأعباء وكذلك المخاطر ، وفي ذلك يقول القاضي الإيطالي Anziloty ” يكفي أن يكون العمل المنسوب للدولة مخالفا للواجبات الدولية الوضعية التي التزمت الدولة القيام بها نحو الدولة الأخرى “([22]).
وقد تقوم المسؤولية للدولة على أساس الإخلال بمصالح مشروعة أي خرق التزام دولي ، أو بعبارة أخرى القيام بعمل غير مشروع تقوم عليه دلائل يمكن إثباتها بسهولة بمعنى أن المسؤولية الدولية مؤسسة على رابطة السببية بين نشاط الدولة والعمل غير المشروع وفقا لقواعد القانون الدولي .
2- وسائل تحقق المسؤولية الدولية عن المعاهدات الدولية :
هناك طرق ووسائل يتم عادة استخدامها لتحقيق المسؤولية الدولية ، ولإيجاد الحلول للازمات الناتجة عن انتهاك المعاهدات الدولية ، منها :
1 – وقف الممارسات التي تشكل الانتهاكات أيا كانت أشكالها أو مسمياتها ، وتقديم الضمانات اللازمة والفورية ، لوقف هذه الممارسات .
2 – تنفيذ إعادة أعمار الأضرار المتحققة عن الانتهاكات ، المادية والمعنوية([23]) .
ويطلب من المجتمع الدولي وضع آليات لتحقيق كل ما سبق، إما من خلال الأمم المتحدة، أو غيرها من المؤسسات الدولية ، وغالبا ما يتم ذلك بواسطة :
– المساعي الدبلوماسية والحميدة : ويقوم بهذه المساعي طرف ، أو أطراف ثالثة، أو مؤسسات دولية وذلك بهدف حل الخلاف أو وقف النزاع .
– الوساطة : وهي تدخل دول من أجل إيجاد حلول عادلة ترضي الأطراف المتنازعة .
– لجان التحقيق : وهذه تهدف إلى الكشف عن الحقائق ووضعها في تقرير ورفعه إلى الأمم المتحدة والهيئات الدولية لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
– التحكيم الدولي : ويتم مثل هذا الأجراء بموافقة أطراف النزاع والتعهد بقبول النتائج والتوصيات الناتجة عن هذه اللجنة ، ذلك انه يتم اختيار أعضائها بالتوافق . وفي حال عدم الالتزام بالمسؤوليات الدولية ، فإن هناك مجموعة من الإجراءات العقابية التي يمكن تطبيقها ، ومنها :
– وقف العضوية في المنظمات الدولية والإقليمية .
– قطع العلاقات الدبلوماسية ووقف التمثيل بكافة أشكاله .
– فرض العقوبات الاقتصادية ، وهي الأكثر شيوعا هذه الأيام كما حصل مع ليبيا وإيران وغيرها.
– القيام بضربات عقابية أو رادعة، كما حصل في البوسنة والهرسك.
– احتلال مؤقت، كما هو حاصل في العراق وأفغانستان وغيرها من المناطق.
– محاصرة المطارات والموانئ ، كما حصل مع العراق أيام الحرب الإيرانية العراقية .
الفرع الثاني – مظاهر المسؤولية في عدم وفاء الدولة بالمعاهدات الدولية
من المعلوم أن المعاهدة هي ” اتفاق مكتوب بين شخصين أو أكثر من الأشخاص الدولية من شأنه أن ينشئ حقوقاً والتزامات متبادلة في ظل القانون الدولي ” .
ولقد أشارت مقدمة ” ميثاق الأمم المتحدة ” إلى ضرورة إيجاد الشروط ” التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي ” .
ومما لا شك فيه أن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين : pacta sunt servanda هي الأساس الذي تقوم عليه الالتزامات القانونية الناشئة عن الاتفاقات الدولية ، فإذا أقدم شخص دولي على انتهاكها ، فإنه يكون قد ارتكب فعلاً غير مشروع مما يرتب عليه المسؤولية الدولية ، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو هل يعتبر العقد الدولي ، وهو اتفاق دولي ذو طابع تجاري أو مدني بحت بمثابة معاهدة ؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد من التمييز بين تصرفات الدولة بصفتها سلطة عامة تخضع لأحكام القانون العام وبين تصرفاتها المدنية والتجارية من بيع وشراء الخ.. أي بصفتها فرداً عادياً تخضع لأحكام القانون الخاص([24]) .
وبالرجوع إلى تعريف المعاهدة المشار إليه أعلاه ، يتبين أن الاتفاق الدولي الذي يعتبر معاهدة هو الذي ينشئ حقوقاً والتزامات متبادلة في ظل القانون الدولي ، وهو فرع من القانون العام ، أما الاتفاق الدولي الذي يعتبر عقداً دولياً فإنه ينظم علاقات يحكمها القانون الخاص ، وتتكفل قواعد القانون الخاص بتحديد القانون الداخلي الواجب التطبيق عليه والمحكمة المختصة بنظر المنازعات الناشئة عنه ، وعلى الرغم من أن العقود الدولية لا تعتبر بمثابة معاهدات ، إلا أن قاعدة “العقد شريعة المتعاقدين” ذات تطبيق عام على كافة أنواع الاتفاقات التي يبرمها أشخاص القانون العام ، وبالتالي فإن عدم تنفيذ الاتفاقات الدولية ذات الطابع التجاري أو المدني البحت يمكن أن يشكل فعلاً غير مشروع يرتب المسؤولية الدولية .
أما العقد الذي يبرم بين دولة وبين شخص أجنبي سواء أكان شخصاً طبيعياً أم اعتبارياً ، فإنه لا يعتبر معاهدة أو عقداً دولياً ، وبالتالي فإن المسؤولية الدولية لا تترتب لمجرد مخالفة الدولة لأحكام هذا العقد ، وإنما قد تشكل تلك المخالفة انتهاكاً لالتزاماتها الدولية نحو الأجانب المقررة في الاتفاقات الدولية التي هي طرف فيها أو في العرف الدولي ، مما يرتب عليها المسؤولية الدولية إذا تبنت دولة المضرور مطلبه . ومن ذلك اتخاذها إجراء تمييزياً ضد الأجانب أو مخالفتها لأحكام القانون الداخلي في علاقاتها التعاقدية معهم([25]) .
وتقع مسؤولية الدولة في عدم التزامها بالمعاهدات الدولية من خلال نشاطها التشريعي والقضائي والإداري إذا كان هذا النشاط غير مشروع دوليا ، وأحدث أضرار لدولة أخرى ، أو لأفرادها لأن القاعدة العامة تقضي بعدم جواز التهرب من الالتزامات الدولية بدعوى الاختصاص الداخلي([26]) ، وتكمن هذه المسؤولية في العناصر التالية :
1 ـ مسؤولية الدولة عن أعمال سلطتها التشريعية :
تشريع الدولة لا يعد قانونا ساريا في مواجهة الدول الأخرى، بل مجرد وقائع مادية، بمعنى انه لا يمكن للدولة أن تتذرع باستقلال سلطتها التشريعية ، أو سوء استخدام الإجراءات التشريعية للتملص من الالتزامات الدولية ، وهو ما عبرت عنه المحكمة الدائمة للعدل الدولية في 25 مايو 1926 في قضية مصالح بعض المواطنين الألمان في سيلزيا العليا البولندية بقولها ” إن القوانين الداخلية تعد في نظر القانون الدولي، وفي رأي المحكمة بمثابة وقائع مادية أو أعمال معبرة عن سلوك الدول ونشاطها شأنها شأن الأحكام القضائية والإجراءات الإدارية “([27]) .
كما أكدت المادتين 26 ، 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 بنصها على وجوب أن ينفذ الأطراف المعاهدة بنية حسنة ، كما لا يجوز لأي طرف أن يستظهر بأحكام قانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذ المعاهدة ، وفي نفس السياق نصت المادة 13 من مشروع لجنة القانون الدولي للأمم المتحدة حول حقوق الدول وواجباتها بقولها ” على كل دولة أن تنفذ بحسن نية الالتزامات التي تفرضها عليها المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي ، وليس لها أن تحتج للتحلل من هذا الواجب بأحكام دستورها أو تشريعها “([28]) .
ويكون العمل التشريعي غير مشروع دوليا إما نتيجة القيام بعمل ، كإصدار تشريع يحرم الأجانب من حقوقهم التي كانت قد التزمت بها الدولة في وقت سابق باحترامها بمقتضى معاهدة دولية ، هو تشريع ملزم في نظامها الداخلي ، لكنه يعتبر غير مشروع على الصعيد الدولي، ويلزمها بالتعويض عن الأضرار التي قد تنجم عنه ، وكذلك امتناع الدولة عن إصدار تشريع تلزمها به معاهدة دولية، أو أي مصدر آخر للقانون الدولي يعتبر عملا غير مشروع ينسب للدولة وتتحمل وزره .
2 – مسؤولية الدولة عن أعمال سلطتها التنفيذية :
تنسب للدولة وتسأل عن أعمال سلطتها التنفيذية عن أعمال موظفيها دون تمييز في السلم الإداري ، فالقرار الإداري الذي اتخذ لتنفيذ تشريع مخالف لمعاهدة دولية لا ريب هو قرار مشروع على المستوى الداخلي ، لكنه غير مشروع من وجهة نظر القانون الدولي ، ومثال ذلك المسائل المتعلقة بعقود الامتياز ، والقروض ومسائل التعديات على أموال الأجانب سواء بالمصادرة أو نزع الملكية للمنفعة العامة ، أو التأميم والأساس هنا هو احترام الحقوق المكتسبة للأفراد .
كما تنسب للدولة أعمال السلطات العسكرية وقت السلم ووقت الحرب ، ومن أمثلة القضايا في هذا السياق قضية الأنشطة الحربية وشبه الحربية في نيكاراغوا عام 1989 .
حيث قضت محكمة العدل الدولية بمسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية لخرقها التزاماتها الدولية المتمثلة في ” المادة 2 الفقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة ، المادة 18 الفقرة 20 من ميثاق تنظيم الدول الأمريكية ، المادة 8 من الاتفاقية المتعلقة بحقوق وواجبات الدول ، المادة 3 الفقرة 1 من الاتفاقية المتعلقة بحقوق وواجبات الدول في حالة الحرب الأهلية([29]) .
3 ـ مسؤولية الدولة عن أعمال سلطتها القضائية :
ويظهر ذلك إما في إصدار أحكام قضائية متناقضة مع الالتزامات الدولية، أو في الامتناع عن إصدار أحكام من الواجب على الدولة إصدارها، حيث تقوم الفرضية الاولى عندما يصدر القاضي الداخلي حكما يقضي بمنح حقوق سيادية كاملة للدولة في المنطقة المجاورة للبحر الإقليمي، أو يجري محاكمة شخص جرى تسليمه على جرائم عديدة غير واردة في قرار التسليم علما أن المحاكمة لا تتعدى الجريمة التي سلم من أجلها المطلوب تسليمه.
أما الفرضية الثانية أي الامتناع عن إصدار حكم ، حيث يرفض القضاء الداخلي بشكل أو بأخر إصدار حكم في القضية ، أو أن يقوم بتعطيل بعض الإجراءات اللازمة . وعليه فاستقلال القضاء والحجية التي تتمتع بها أحكامه تتعلق بالقانون الداخلي وحده فقط([30]) .
الخاتمة
من خلال هذا البحث تبين ان إلزامية المعاهدة الدولية لأطرافها، يعتمد على ارادة الدولة الطرف التي ارتضت الالتزام بهذا الاتفاق الدولي, وهو ما أكدته اتفاقيتا فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969م، وعام 1986م حيث جاءت لتؤسس مبدأ إلزامية المعاهدات الدولية على ثلاث مبادئ أساسية وهي: مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”، ومبدأ “حسن النية”، وأخيرا مبدأ “سمو أولوية الالتزامات الدولية على الالتزامات الناشئة عن القانون الوطني، ويعتبر هذا المبدأ الأخير أي سمو المعاهدات الدولية أو الالتزامات الناشئة عن المعاهدات الدولية وأولويتها في التطبيق على ما عداها، مبدأ ثابت وراسخ في القانون الدولي نادى به الفقه واعترفت به الدول وحكمت به المحاكم الدولية منذ زمن بعيد في جميع القضايا التي عرضت عليها، باعتبار أن القاعدة الاتفاقية لم تعد محصورة في المجالات التقليدية المعروفة في السابق، وهي المجالات المحددة الاختصاصات ذات الطبيعة الدولية، بل اتسعت بشكل متسارع في الآونة الأخيرة تحت تأثير العولمة، لتسهيل مجالات جديدة وبمفاهيم جديدة كذلك حيث اكتسحت المجال الوطني للدولة، لتعالج مسائل من صميم اختصاص الدولة وأصبحت بمقتضى هذا الوضع تشكل دفعا قويا لتأكيد وترسيخ مبدأ سمو القواعد الاتفاقية الدولية على حساب القوانين الوطنية، وهو ما يقوم به القضاء الدولي حيث يعمل باستمرار على اضفاء طابع الالزام على قواعد المعاهدات الدولية ولا يملك القدرة على فهم القوانين الداخلية لأنه يسير وفق المفاهيم القانونية الدولية والمصادر الاصلية للقانون الدولي .
المراجـع
1. علي صادق ابوهيف , القانون الدولي العام , منشأة المعارف، الإسكندرية .
2. حامد سلطان , القانون الدولي في وقت السلم ، دار النهضة العربية ، سنة 1962 .
3. علي ابراهيم, النظام القانوني الدولي الداخلي صراع أم تكامل, دار النهضة العربية , 1997.
4. عبد القادر القادري, ، قضايا القانون الدولي العام ، دار توبقال للنشر .
5. زهير الحسني . النظام القانوني للمعاهدات الدولية في القانون العراقي ، مجلة العلوم السياسية، العدد44 سنة 2021 .
6. عبد المنعم القاضي ، المعاهدات ” قراءة قانونية وعملية ” ، المعهد الدبلوماسي ، الطبعة الاولى ، الدوحة ، سنة 2014 .
7. علي ابراهيم ، الوسيط في المعاهدات الدولية ، دار النهضة العربية ط1، 1995 .
8. علي رضا عبد الرحمن ، مبدأ الاختصاص الداخلي أو المجال المحجوز للدولة في ظل التنظيم الدولي المعاصر ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، سنة 1997.
9. احمد عبد الونيس شتا ، الدولة العاصية ، ” دراسة في التعارض بين مواقف الدول والتزاماتها الدولية ، اطروحة دكتوراة ، جامعة القاهرة ، سنة 1986.
10. جواد الحمد ، المصالح الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني ، مقال منشور بمركز دراسات الشرق الاوسط ، الاردن ” الصفحة الرسمية للمركز ” .
11. اسماعيل صبري مقلد ، العلاقات السياسية الدولية ، المكتبة الاكاديمية ، الطبعة الاولى ، القاهرة ، سنة 1991.
12. علي جعفر عبدالسلام ، شرط بقاء الشيء على حاله أو نظرية تغير الظروف ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، سنة 1970.
13. عبد الحميد متولي، الوجيز في النظريات والانظمة السياسية ومبادئها الدستورية ، دار المعارف، 1959 .
14. صلاح احمد حمدي ، دراسات في القانون الدولي ، الطبعة الاولى ، منشورات ELGA ليبيا ، سنة 2002 .
15. وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية في الاسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث، دار الفكر، سنة 2001 .
16. عصام العطية ، القانون الدولي العام ، الطبعة الثالثة ، المكتبة القانونية ، بغداد ، سنة 2010 ،
17. شارل روسو ، القانون الدولي العام ، تعريب شكر الله خليفة ، عبد المحسن سعد ، الاهلية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1982.
18. أحمد عبد الحميد عشعوش، عمر ابوبكر باخشب ، الوسيط في القانون الدولي العام ، مؤسسة شباب الجامعة ، الاسكندرية ، سنة 1990.
19. الخير القشي ، تقييم نظام الشرط الاختياري لمحكمة العدل الدولية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، سنة 1999.
. Nguyen Quoc Dinh-Patrick Daillier Allain Pellet , OP.CIT .20
21. David Ruzie , Droit international public , 14 ème édition, Dalloz, Paris
الهوامش:
- () د. علي صادق ابوهيف , القانون الدولي العام , منشأة المعارف، الإسكندرية، ص 80. ↑
- () د. حامد سلطان , القانون الدولي في وقت السلم ، دار النهضة العربية ، سنة 1962 , ص 15. ↑
- () د. حامد سلطان , المرجع السابق, ص 17. ↑
- ) ) د.علي ابراهيم, النظام القانوني الدولي الداخلي صراع أم تكامل, دار النهضة العربية , 1997, ص 68 . ↑
- )) د. عبد القادر القادري, ، قضايا القانون الدولي العام ، دار توبقال للنشر, ص 85. ↑
- () د. زهير الحسني . النظام القانوني للمعاهدات الدولية في القانون العراقي ، مجلة العلوم السياسية، العدد44 سنة 2021 ص 87. ↑
- () د. عبد المنعم القاضي ، المعاهدات ” قراءة قانونية وعملية ” ، المعهد الدبلوماسي ، الطبعة الاولى ، الدوحة ، سنة 2014 ، ص 91 . ↑
- () د. علي ابراهيم ، الوسيط في المعاهدات الدولية ، دار النهضة العربية ط1، 1995، ص 629 – 632 . ↑
- () د. علي رضا عبد الرحمن ، مبدأ الاختصاص الداخلي أو المجال المحجوز للدولة في ظل التنظيم الدولي المعاصر ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، سنة 1997 ، ص 270 . ↑
- () د . زهير الحسني ، النظام القانوني للمعاهدات الدولية في القانون العراقي ، مرجع سابق ، ص90 ومابعدها. ↑
- () يقر القضاء الدولي ذلك ، ففي تحكيم مونتيجو بين الولايات المتحدة وكولومبيا في سنة 1875 جاء فيه بان ” المعاهدة تسمو على الدستور وان تشريعات الجمهورية يجب ان تتلاءم مع المعاهدة لا ان تتلاءم المعاهدة مع القانون ” .وفي فتوى لمحكمة العدل الدولية الدائمة في قضية معاملة الوطنيين البولنديين في دانزك حيث قضت بانه ” وطبقا للمبادئ العامة المسلم بها ، فان الدولة لا تستطيع ازاء دولة اخرى التمسك باحكامها الدستورية ، وانما فقط بالقانون الدولي والالتزامات الدولية المبرمة بشكل صحيح من جهة وعلى العكس من ذلك فان الدولة لا تستطيع الاحتجاج بدستورها في مواجهة دولة اخرى من اجل التحلل من الالتزامات التي يفرضها عليها القانون الدولي والمعاهدات النافذة من جهة اخرى ” ، وفي حكمها سنة 1926 في قضية سليزيا العليا البولندية ، وكذلك ما قضت به محكمة العدل الدولية في قضية نوتبوم في حكمها سنة 1955 ، وما حكم به القاضي كاسيسي في قضية بلاسكيله امام المحكمة الجنائية ليوغسلافيا سابقا في 1996 بقوله : ” لا يمكن لاي شخص من اشخاص القانون الدولي الاستناد على احكام التشريع الوطني او النقص في التشريع الوطني من اجل الخروج عن التزاماته الدولية. ويسرى هذا المبدا على قانون المجموعة الاروبية من حيث رجحان القانون الدولي على قانون هذه المجموعة ” وفـــي قضيــــــــــــــــة Commission ضد المانيا جاء في قرار مجلس الدولة الفرنسي رجحان الاتفاقيات الدولية التي تبرمها المجموعة على نصوص قانون المجموعة الاوربية الفرعي الذي يحكم تفسير هذا القانون طبقا لتلك الاتفاقيات قدر الامكان . ↑
- () د. احمد عبد الونيس شتا ، الدولة العاصية ، ” دراسة في التعارض بين مواقف الدول والتزاماتها الدولية ، اطروحة دكتوراة ، جامعة القاهرة ، سنة 1986 ، ص676 . ↑
- () د. احمد عبد الونيس شتا ، الدولة العاصية ، مرجع سابق ، ص 677 ↑
- () د. جواد الحمد ، المصالح الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني ، مقال منشور بمركز دراسات الشرق الاوسط ، الاردن ” الصفحة الرسمية للمركز ” . ↑
- () د . اسماعيل صبري مقلد ، العلاقات السياسية الدولية ، المكتبة الاكاديمية ، الطبعة الاولى ، القاهرة ، سنة 1991 ، ص130 وما بعدها . ↑
- () د . علي جعفر عبدالسلام ، شرط بقاء الشيء على حاله أو نظرية تغير الظروف ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، سنة 1970 ، ص 108 . ↑
- () د. عبد الحميد متولي، الوجيز في النظريات والانظمة السياسية ومبادئها الدستورية ، دار المعارف، 1959 ص 126 . ↑
- () د . صلاح احمد حمدي ، دراسات في القانون الدولي ، الطبعة الاولى ، منشورات ELGA ليبيا ، سنة 2002 ، ص21 . ↑
- () د. وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية في الاسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث، دار الفكر، سنة 2001 ، ص118 . ↑
- () د . عصام العطية ، القانون الدولي العام ، الطبعة الثالثة ، المكتبة القانونية ، بغداد ، سنة 2010 ، ص517 ↑
- () شارل روسو ، القانون الدولي العام ، تعريب شكر الله خليفة ، عبد المحسن سعد ، الاهلية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1982 ، ص 109. ↑
- () د. أحمد عبد الحميد عشعوش، عمر ابوبكر باخشب ، الوسيط في القانون الدولي العام ، مؤسسة شباب الجامعة ، الاسكندرية ، سنة 1990 ، ص524 . ↑
- () د . شارل روسو ، القانون الدولي العام ، مرجع سابق ، ص 132 . ↑
- () د. عصام العطية ، القانون الدولي العام ، مرجع سابق ، ص 517 ومابعدها. ↑
- () د . شارل روسو ، القانون الدولي العام ، مرجع سابق ، ص 117 وما بعدها . ↑
- () د . علي صادق ابوهيف ، القانون الدولي العام ، مرجع سابق ، ص 194 . ↑
- )( Nguyen Quoc Dinh-Patrick Daillier Allain Pellet , OP.CIT , P.748 . ↑
- () د. احمد عبد الحميد عشعوش وآخرون، الوسيط في القانون الدولي العام ، مرجع سابق ، ص 532 . ↑
- )( David Ruzie , Droit international public , 14 ème édition, Dalloz, Paris, P 211 . ↑
-
() د . الخير القشي ، تقييم نظام الشرط الاختياري لمحكمة العدل الدولية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، سنة 1999 ، ص43 . ↑