مستشار دكتور/ محمد جبريل إبراهيم1
1 نائب رئيس هيئة قضايا الدولة المصرية، عضو الجمعية المصرية للإقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع
البريد الالكتروني: gebrelmohamed865@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(2); https://doi.org/10.53796/hnsj3218
تاريخ النشر: 01/02/2022م تاريخ القبول: 22/01/2022م
المستخلص
جريمة نقل عدوي الأمراض المعدية من الجرائم التي تمثل خطورة بالغة، لما تسببه من تفشي في الأمراض المعدية بين أفراد المجتمع، وعلي الرغم من خطورة نقل عدوى الأمراض المعدية عن طريق الخطأ مثل نقل مرض كورونا المستجد أو الإيدز أو التهاب الكبد الوبائي كجريمة جنائية، فإن المشرع المصري لم ينشط لتجريمها بقواعد خاصة تاركاً ذلك للقواعد العامة ، فلم ينص علي ذلك في قانون العقوبات ، ولم ينظمه بقانون خاص كما سلكت بعض التشريعات الأخرى .
فأصبحت جريمة نقل العدوى بهذه الأمراض الخطيرة تمثل عبء ثقيلاً علي المجتمع، إذ تهدد الأمراض المعدية الأمن أكثر مما تهدده الجرائم التقليدية الأخرى ؛ لذلك فإن هذا التهديد يتطلب تدخل المشرع لتجريمها، وتحديد نطاقها القانوني، وذلك بنص خاص يقضي بمعاقبة الفاعل الذي ينقل العدوى إلي الغير عن طريق تعمده ذلك أو إهماله، وليس ذلك وحسب بل أيضاً تجريم تعريض الغير لخطر العدوى ، بحيث يعاقب الفاعل علي تعريض الغير لخطر نقل العدوى إلي المجني عليه بمجرد وقوع الفعل بصرف النظر عما يترتب علي ذلك الفعل من نتائج، فلا يعقل أن يترك فعل نقل العدوى بدون تنظيم قانوني اعتماداً علي القواعد العامة في القانون الجنائي، أو القياس علي جرائم آخري منصوص عليها في القوانين القائمة.
الكلمات المفتاحية: عدوي، الأمراض المعدية، عن طريق، الخطا.
Criminal responsibility for transmitting an infectious disease by mistake
Comparative Analytical Study
Mohammad Jibril Ibrahim1
1 Vice President of the State Litigation Authority
Email :gebrelmohamed865@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(2); https://doi.org/10.53796/hnsj3218
Published at 01/02/2022 Accepted at 22/01/2021
Abstract
The crime of transmitting infectious disease infection is one of the crimes that represent a very serious risk, because it causes an outbreak of infectious diseases among members of society. The Egyptian legislator did not actively criminalize it with special rules, leaving that to the general rules. He did not stipulate that in the Penal Code, nor did he regulate it with a special law, as some other legislations did.
The crime of transmitting infection with these dangerous diseases has become a heavy burden on society, as infectious diseases threaten security more than other traditional crimes. Therefore, this threat requires the intervention of the legislator to criminalize it, and to define its legal scope, with a special provision that punishes the perpetrator who transmits the infection to others by deliberately or negligently, and not only that, but also criminalizing exposing others to the risk of infection, so that the perpetrator is punished for exposing others to the risk of transmitting it. Infection to the victim as soon as the act occurred, regardless of the consequences of that act. It is unreasonable to leave the act of transmitting the infection without legal regulation based on the general rules of criminal law, or analogy with other crimes stipulated in existing laws.
Keywords: Infectious, contagious disease, by mistake
المقدمة
نجد في فكرة الخطأ حلولاً لإشكاليات كثيرة فيما يتعلق بتجريم فعل نقل العدوى ، فهذا الفعل يرتكب في الغالب الأعم من الحالات عن طريق الخطأ ، وعليه فإن فكرة الخطأ غير العمدي توفر الحل لحالات تتحقق فيها نتيجة جسيمة كالطبيب الذي يستخدم أدواته الطبية دون تعقيم فينقل العدوي إلي مرضاه ( [1] ) .
كما أن هذه الصورة لا تتطلب كالصورة الأولي روح العدوان وتوافر الأثم ، ولكنها تحمل مجرد خروج عن الالتزام الخلقي بعدم بذل الحيطة الكافية لتفادي الإضرار بالحق الذي يحميه القانون ، فهي عبـارة عن محض إهمال يكفي أحياناً لتقرير المسئولية الجنائية ([2] ) .
ومما لا شك فيه أن حياة الإنسان وسلامة جسده من أهم الحقوق التي يجب أن تشملها الحماية الجنائية، وتعتبر جرائم الاعتداء علي الأشخاص فيما يتعلق بحياتهم أو صحتهم سواء عمداً أو عن طريق الخطأ من أهم الجرائم التي يجب أن ينظمها القانون الجنائي، ولا تكاد أي تشريعات قديمة أو حديثة أن تخلو من النص علي حماية الحق في الحياة، وسلامة الجسد ([3]).
فما أصعب الحياة في ظل الرعب والخوف من الموت الذي يسببه شبح انتقال العدوى، بمرض عز علي البشر إيجاد دواء له، فيصبح من يصاب به أسـير لآلام الحاضر، وعبداً لمخاوف المستقبل ([4]).
فبمجرد أن يصاب الشخص بالمرض المعدي، تظلم الدنيا أمام عينيه، ويفقد الأمل في يومه، ولا يدري ماذا هو فاعل في الغد ([5])، إذ أنه يكون فريسة لأشباح الضعف والهوان، ويقع في هوة من نظرات الآخرين ما بين مستهجن ومسترحم، بعد أن يكون قد أعياه الاستيقاظ بالليل علي أثر الألم، والسأم، وبعد أن تكون قد أنهكته زيارات الأطباء، وأفقرته نفقات الاستشفاء ([6]) .
سلسلة طويلة من المتاعب ستلاقي من يصاب بمرض معدٍ لمجرد خطأ يحدث من الغير ، أولها قلقه علي نفسه، وعلي صحته، وثانيها، خوفه علي من يحب، وثالثها خوف من يحبه منه؛ فالمجني عليه في جريمة نقل العدوى يكون ضحية لمتاعب كثيرة ([7]).
فلا تقف متاعب المجني عليه في جريمة نقل العدوى عن طريق الخطأ علي آلامه الجسدية، أو النفسية وحسب، بل تمتد هذه المتاعب إلي النواحي الإجتماعية، والإقتصادية التي تحيط به، وتمس حياته ([8]).
ويحدثنا الواقع عن جسامة هذه الجريمة التي لا تقف عند حد مجني عليه واحد بل قد تصيب عائلة بأكملها، أو قل مجتمع بأثره ([9])؛ ففي حين يصيب الطلق الناري ضحية واحدة، فإن سرنجة واحدة ملوثة بمرض معد تستخدم عن طريق الخطأ كفيلة بنقل العدوي ، و ينجم عنها آلاف الضحايا، ما بين قتيل، ومصاب ([10]).
وبالرغم من سخاء هذه الجريمة في ضحاياها، فإنها بخيلة جداً في أدلتها، فقد لا يعرف لها فاعل أبـداً، لصعوبة إثباتها، ولتعذر اكتشاف المجني عليه لإصابته ، أو لتأخره في اكتشافها ([11]).
وعلي الرغم من خطورة نقل عدوى الأمراض المعدية عن طريق الخطأ مثل مرض كورونا المستجد أو الإيدز أو التهاب الكبد الوبائي كجريمة جنائية، فإن المشرع المصري لا يزال متناسياً تنظيمها القانوني، فلم ينص علي ذلك في قانون العقوبات ([12])، ولم ينظمه بقانون خاص كما سلكت بعض التشريعات الأخرى، فأصبحت جريمة نقل العدوى بهذه الأمراض الخطيرة تمثل عبء ثقيلاً علي المجتمع، إذ تهدد الأمراض المعدية الأمن أكثر مما تهدده الجرائم التقليدية الآخري([13])؛ لذلك فإن هذا التهديد يتطلب تدخل المشرع لتنظيمها، وتحديد نطاقها القانوني، وذلك بنص خاص يقضي بمعاقبة الفاعل الذي ينقل العدوى إلي الغير عن طريق تعمده ذلك أو إهماله، وليس ذلك وحسب بل أيضاً تجريم تعريض الغير لخطر العدوى([14])، بحيث يعاقب الفاعل علي تعريض الغير لخطر نقل العدوى إلي المجني عليه بمجرد وقوع الفعل بصرف النظر عما يترتب علي ذلك الفعل من نتائج، فلا يعقل أن يترك فعل نقل العدوى بدون تنظيم قانوني اعتماداً علي القواعد العامة في القانون الجنائي، أو القياس علي جرائم آخري منصوص عليها في القوانين القائمة ([15]).
الدوافع لاختيار البحث في هذا الموضوع :
يثير هذا الموضوع الاهتمام لما يتميز به فعل نقل العدوى عن طريق الخطأ من تمايز، واختلاف، فقد يضحي المجني عليه بين عشية وضحاها جانياً، فيقع تحت براثن العقاب، في حين أنه يستحق المساعدة، والأخذ بيده إلى بر الأمان.
فقد ينتقم هذا المريض لمصيره المؤلم، فيقوم متعمداً بنقل مرضه إلي آخرين بقصد قتلهم، أو إيذائهم فيصبح في محل الاتهام ([16])؛ وهو ما يعد صورة من صور الإجرام الحديث الذي لم تحط به النصوص الجنائية التقليدية القائمة حتى الآن ([17])، حيث كانت هذه النصوص تسعي فقط إلي أن تؤثم ما يمكن أن نطلق عليه الأفعال الإجرامية التقليدية، ولم تنجح إلي الآن محاولات إفـراد قوانين خاصة يمكن تطبيقها علي مثل هذه الصور من صور الإجرام الحديث ([18]) ، وإن كانت القوانين الأخيرة قد سدت بعض النقص مثل القانون رقم 152 لسنة 2021 بشأن إجراءات مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية ، وتعديلات القانون رقم 137 لسنة 1958 الصادرة بالقانون رقم 124 لسنة 2020 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية .
ولا شك أن هذه الأفعال تثير اهتمام الباحث القانوني الذي يجد نفسه في حيرة من أمره، هل ناقل العدوى عن طريق الخطأ مجرم يستحق العقاب بموجب القواعد القانونية القائمة، والتي يمكن تطبيقها عليه؟ أم أن ناقل العدوى بريئاً ؟، ولا دخل للقانون الجنائي به، ويكفيه ما يعاني من عناء المرض، سيما في ظل التجاهل القانوني لأفعال نقل العدوي!
والإجابة علي الإشكالية السابقة لا تخرج عن حلين:
الحل الأول: تطبيق النصوص القائمة، عن طريق إعادة قراءتها، وتفسيرها تفسيراً واسعاً ([19])، بهدف استجلاب ما وراء النص من غايات، وما يحمله من معاني، فبالرغم من أن النصوص حين وضعت إنما كانت تستهدف أفعالاً بعينها، إلا أن البحث في غاية التشريع، وفي طبيعة المصلحة المحمية يسمح دائماً بأن يشتمل التجريم في النص الجنائي المتناهي صوراً للسلوك لم تكن معلومة وقت إصدار التشريع ([20]).
الحل الثاني: ضرورة تدخل القانون الجنائي لمواجهة هذا الإجرام الحديث بنصوص حديثة ([21])، وهو منهج القانون الجنائي دائماً حيث يرتبط بعلاقة قديمة مع حالات تفشي الأمراض المعدية ، فتبرز قواعده ونصوصه لمنع انتشار العدوى، إلا أن القواعد الجنائية محدودة، في حين أن الأحداث والمستجدات غير محدودة، بل متجددة ومتطورة، ومهما كانت براعة المشرع الوضعي فلا يمكن أن يلم بكل أحداث المستقبل؛ لذلك برزت ضرورة المواجهة التشريعية لأفعال نقل العدوى بقانون مستقل يواكب التطورات والمستجدات في المجـال الطبي ([22]).
ولقد كان اختيار حل من هذين الحلين سالفي الذكر هو من الدوافع التي دفعتني للبحث في هذا الموضوع، ولم يكن اختيار أحدهما دون الأخر أمراً سهلاً دون البحث في كليهما، فإذا ما عجزت القواعد القانونية القائمة عن توفير الحلول لإشكاليات نقل العدوى، كانت الغلبة للحل الثاني فيدفعنا ذلك للدعوة إلي وضع التشريع الملائم لجريمة نقل العدوى ([23]).
إشكالية البحث في هذا الموضوع:
تتميز الاعتداءات التي تتم عن طريق الخطأ في نقل العدوى بالخروج عن الصور التقليدية للاعتداء علي الحياة أو الجسم، وهو ما يحيط هذا الموضوع بكثير من الصعوبات التي تندرج تحت مظلة عدم وجود النص الذي ينظم هذه الأفعال، ويساعد علي فك طلاسمها، ويثبر أغوارها، ويضع الحلول لكل عقبة تقف حجر عثرة أمام منع وقوع الجريمة، أو عقاب الجاني عند وقوعها ([24]).
وأسباب عدم وجود النص القانوني الذي يحكم هذه الجريمة هي ذاتها الأسباب التي أدت إلي تأخر تدخل الفقه الجنائي في وضع التصورات للحلول المناسبة لهذه الجريمة، فلا شك أن ندرة الأبحاث القانونية في هذا الموضوع تعد إشكالية كبيرة أمام الباحث في المجال القانوني، غير أنه من غير المنكور توافر المؤلفات الفقهية التي تتعلق بالطب الجنائي، إلا أنها لم تقتحم بالبحث موضوع تعمد نقل العدوي بصورة عميقة ([25]).
كما أن ارتباط هذا الفعل بعلم الطب، وارتباطه بجسم الإنسان، وما له من معصومية تتسبب في حساسية الغوص في هذا المجال ([26])، فهذا الفعل نتيجته في معظم الأحيان هو المرض، والمرض في حد ذاته يعد عند قطاع عريض من الناس من العورات التي لا يجوز تناولها علي الملأ ([27]) .
وحظر تناول الحالة الصحية للشخص أدي إلي ندرة التطبيقات القضائية الخاصة بنقل العدوى، فقد يصاب الشخص بالمرض، ويجعل من حالته الصحية سراً من الأسرار لا يمكن كشفها، وهو ما جعل نظر جرائم نقل العدوى في ساحات المحاكم أمراً نادراً ([28]).
ويخلف ارتكاب أفعال نقل العدوى إشكاليات عديدة تتعلق بتقادم الجريمة، ورابطة السببية، والإثبات، والدفاع الشرعي، وهـذه الإشكاليات تعجز القواعد القانونية القائمة عن معالجتها، ويقع علي الباحث وعثاء الطريق للوصـول إلي التوفيق بين ثوابت القانون الجنائي، وما يستجد من ظواهر ([29]).
كما يخلف ارتكاب هذه الأفعال نوعاً من الحيرة لدي سلطات الاتهام عند وضع التكييف القانوني لها، فهل هي جريمة تسميم أم جريمة قتل،…أم إنها جريمة حديثة يلزم وضع قواعد قانونية جديدة لتنظمها ([30]).
كما أن حداثة الجريمة أدت إلي ندرة التطبيقات القضائية الصادرة عن المحاكم في هذا المجال، وهو ما يعني عدم إسهام القضاء في وضع الحلول لإشكاليات الموضوع، فلا شك أن المراجع العربية القضائية التي مست هذا الموضوع مساً عميقاً تكاد تكون معدومة، وهو أمر يشعر بعنائه أي باحث، وخصوصاً الباحث في مجال القانون الجنائي الذي يستنير عادة بأحكام القضاء، مثلما يستنير القضاء بأعمال الفقهاء ([31].
جهود فقهاء القانون في البحث في هذا الموضوع:
لقد حظي هـذا الموضوع بالاهتمام من فقهاء القانون، وكان لفقهاء القانون المدني قصب السبق في البحث في هـذا الموضوع، والمجهود الأوفر طلباً لإلقاء الضوء علي الأضرار التي تصيب المريض بمرض معد، ووضع الحلول للأخذ بيده للشفاء من مرضه، وتعويضه مادياً ومعنوياً عما لحقه من ضرر([32])، فكانت أبحاث المسئولية المدنية للأطباء غزيرة في هذا الشأن ثم جاء بحث الأستاذ الدكتور أحمد السعيد الزقرد بعنوان تعويض ضحايا مرض الإيدز وإلتهاب الكبد الوبائي بسبب نقل دم ملوث ليلقي الضوء علي خطورة سلوكيات نقل العدوي ([33]).
وتبع ذلك أن تنبه الفقه الجنائي لخطورة الأمراض المعدية خاصة بعد واقعة نقل الدم الملوث التي حدثت في فرنسا ونتج عنها عدد من الوفيات ([34])، وتناول بالبحث إسباغ الوصف القانوني لجريمة نقل العدوى عن طريق في ظل القواعد الجنائية القائمة، ومدي صلاحية هذه النصوص لتوفير الحماية الجنائية ضد الأمراض المعدية، فساهم في وضع التصورات والحلول لمعظم الإشكاليات المتعلقة بنقل العدوى، إيماناً منه بأهمية القانون الجنائي في مكافحة الأمراض المعدية منذ زمن بعيد ([35]).
ولقي بحث الأستاذ الدكتور جميل عبد الباقي الصغير الصادر بعنوان القانون الجنائي والإيدز صيتاً ملموساً في مجال القانون الجنائي، حيث اتسم بالحداثة، والجدية في هذا المجال، وتناول فيه المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي مرض الإيدز ([36]).
كما تناول الأستاذ الدكتور/ السيد عتيق هذا الأمر في بحثه الصادر بعنوان الدم والقانون الجنائي وشرح فيه ملابسات قضية الدم الملوث التي حدثت في فرنسا في غضون عام 1980 ([37]).
كما قام الدكتور فتوح عبد الله الشاذلي بإصدار عدة ابحاث في القانون والإيدز تناول فيها التعريف بالإيدز والمسئولية الجنائية المترتبة علي نقله ([38]).
منهج البحث:
لقد قمت في هذا البحث بعرض وتحليل التطور مشكلة نقل عدوي الأمراض المعدية وذلك استخدام المنهج التحليلي الاستقرائي ، وعن طريق طرح بعض التساؤلات الافتراضية التي تثور حول هذا الموضوع، والتي تؤرق الباحث في جرائم نقل العدوى، ومن هذه التساؤلات :
– ما هي الحلول القانونية لإشكاليات اكتشاف نقل العدوي، والإثبات، والتقادم، وعدم ثبات الضرر وتطور النتيجة في جريمة نقل العدوى؟
– ما هي الحلول القانونية لمواجهة تعريض الغير لخطر العدوى، وكذلك الامتناع عن علاج المريض بمرض معدي والنكول عن مساعدته؟
– ما مدي انطباق القواعد الجنائية القائمة علي جريمة نقل العدوى عن طريق الخطأ ، وهل يمكنها توفير الحماية الجنائية ضد نقل العدوى؟
وأخذنا المنهج الإفتراضي فيما سبق لعدم تنظيم الأمر حتي الآن ووضعنا الحل المناسب له، وفيما يلي سنحاول بمشيئة الله تعالي البحث عن الإجابات للتساؤلات السابقة، ووضع الحلول للإشكاليات المتعلقة بالموضوع، ووضع التصورات العملية لإيجاد مخرج لأزمة عدم وجود النص الذي يحكم جريمة نقل العدوى عن طريق الخطأ ، عن طريق بسط المشكلة ثم عـرض الحلول المتاحة، ثم اختيار الحـل الأنسب ، وكل ذلك يتضح من خلال التمعن في موضوع البحث .
خطة البحث
لذلك رأينا أن تفسم البحث إلي مبحثين رئيسيين، يتكون كل منهما عدة مطالب ويحتوي كل مطلب منها علي بعض الموضوعات التي تساعد علي جمع شتات هذا الموضوع، وربط جوانبه بعضها البعض، وإلقاء الضوء علي المستجدات فيه، فكان منطقياً أن نمهد لموضوع البحث بفكرة عامة عن نقل العدوى ثم بعد ذلك ندخل في الموضوع علي النحو الأتي :-
المبحث الأول : ما هية الخطأ غير العمدي في نقل العدوي وصوره
المطلب الأول : تعريف الخطأ غير العمدي وعناصره في نقل العدوي
المطلب الثاني :المعيار الذي يتحدد علي أساسه الخطأ في تجريم فعل نقل العدوى
المطلب الثالث : صور الخطأ غير العمدي في مجال نقل العدوى
المبحث الثاني :جريمة القتل الخطأ و الإصابة الخطأ عن طريق نقل العدوي
المطلب الأول : أركان جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ بنقل العدوى
الفرع الأول :الركن المادي لجريمتي القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوى
الفرع الثاني :الركن المعنوي لجريمتي القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوي
المطلب الثاني : عقوبة القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوى ..
وعلي الله قصد السبيل ،،،
المبحث الأول
ماهية الخطأ غير العمدي في نقل العدوي وصوره
لقد أدي التقدم العلمي في العصر الحديث والتوسع في استخدام الآلات إلي تزايد عدد الجرائم غير العمدية من قتل خطأ ، وإصابة غير عمدية في مجالات الحياة المختلفة ، في مجالات الطب والصيدلة ، والهندسة الوراثية، وما صاحب ذلك من استحداث للتجارب الطبية ، وزرع الأعضاء ، وجمع الدم من أوساط مختلفة من الناس وهو ما يؤدي إلي المساس بجسد الإنسان علي نحو قد يصل إلي القتل ، وفيما يلي نستعرض تعريف الخطأ غير العمدي وصوره ، ثم نبين المعيار الذي يتحدد علي أساسه الخطأ في جرائم نقل العدوي .
المطلب الأول
تعريف الخطأ غير العمدي وعناصره في نقل العدوي
تختلف التشريعات الجنائية في وضع تعريف للخطأ : فالبعض منها أغفل وضع هذا التعريف وترك ذلك لاجتهاد الفقه والقضاء ( [39] ) ، والبعض الآخر يحدد معني الخطأ بنص في القسم العام من قانون العقوبات ( [40] ) ، وتدور هــــــــــــــذه التعريفات بين التوسع والإيجاز علي حسب تضمنها عناصر الخطأ ([41] ) .
وإذ لم يضع المشرع المصري تعريفاً للخطأ ([42] ) فقد اجتهد الفقه في تعريفه علي أنه :- ” تصرف الجاني علي نحو لا يأتيه الشخص العادي إذا وجد في نفس ظروفه” ( [43] ) .
أو هو التصرف الذي لا يتفق مع الحيطة التي تتطلبها الحياة الاجتماعية ( [44] ) .
أو هو إخلال الجاني عند تصرفه بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون ، وعدم حيلولته تبعاً لذلك دون أن يفضي تصرفه إلي إحداث النتيجة الإجرامية في حين كان ذلك في استطاعته وكان واجباً عليه ( [45] ) .
ويعرف الخطأ أيضاً بأنه ” عدم مراعاة القواعد العامة أو الخاصة للسلوك والتي من شأن مراعاتها تجنب وقوع النتيجة غير المشروعة ” ( [46] ) .
عناصر الخطأ غير العمدي :-
يقوم الخطأ غير العمدي علي ثلاثة عناصر :
الأول :- اتجاه إرادة الجاني إلي إتيان السلوك بإرادة واختيار([47] ) وهو شرط عام ولازم في الخطأ والعمد علي السواء ؛ لأنه من طبيعة الركن المعنوي ذاته ، فإذا انتفي هذا العنصر تخلف الركن المعنوي من أساسة ، ومن ثم فإن الركن المعنوي في هذا النوع من الجرائم هو إرادة ارتكاب الفعل أو الترك الخاطئ مجردة عن أي قصد جنائي عام أو خاص ( [48] )
الثاني :- تخلف إرادة النتيجة إن كانت الجريمة ذات نتيجة ، فالعمد لا يقوم إلا إذا اتجهت إرادة الجاني إلي تحقيق النتيجة الإجرامية ، سواء بطريق مباشر أم غير مباشر ، أما الخطأ فمن شروطه عدم توافر هـذه الإرادة ، ويسـتوي توقع الجاني للنتيجة الإجرامية ، أو عدم توقعها ، واعتقاده أنه في إمكانه تجنبها ، دون أن يسلك سلوكاً يؤدي لتفادي وقوعها ( [49] ) .
فقد لا يتوقع الجاني حدوث النتيجة فلا يبذل جهداً للحيلولة دونها ، في حين كان ذلك في استطاعته ، وكان من واجبه – ، وقد يتوقع الجاني إمكان حدوث النتيجة ، ولكن لا تتجه إلي ذلك إرادته ، بل يرغب عنها ويأمل في عدم حدوثها ، ويتوقع – معتمداً أو غير معتمد علي احتياط – إنها لن تحدث ( [50] ) .
الثالث :- الإخلال بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون، ولفظ القانون هنا يحمل علي أوسع معانية ( [51] ) ، فيشمل كل قواعد السلوك الصادرة عن الدولة ، ويعني ذلك أن هذا الواجب قد يكون مقرراً بنص في القانون أو بمقتضي العرف أو الخبرة الإنسانية العامة ( [52] ) فالقانون إذ يصرح للأشخاص بأنواع من السلوك خطيرة في ذاتها لما قد تحققه من فائدة للمجتمع كإجراء التطعيم ضد الأمراض المعدية ، وإجراء العمليات الجراحية ، ونقل الدم ، فإنه يفرض عليهم – في نفس الوقت – التزام الحيطة والحذر في مباشرة هذه التصرفات ، فإذا مارس أحد الأشخاص عمله بدون حذر أو بدون روية أو قصّر في اتخاذ التدابير الواجبة ، فأدي ذلك إلي المساس بحقوق الغير التي يحميها الشرع والقانون الوضعي كان مخطئاً وتعين عقابه ( [53] ) ، مثال ذلك الطبيب الذي يقوم بنقل الدم من مجموعات الخطر إلي مريض دون إجراء فحص لهذا الدم ، أو استخدام جهاز الغسيل الكلوي دون تعقيمه ، أو استخدام أدوات غير معقمة في خلع الأسنان ، أو استخدام محاقن غير بلاستيكية وغير معقمة ( [54]).
المطلب الثاني
المعيار الذي يتحدد علي أساسه الخطأ في تجريم فعل نقل العدوى
المعيار الذي يتحدد علي أساسه الخطأ قد يكون معياراً شخصياً ، أو معياراً موضوعياً ، إلا أن المعيار المختلط هـو الأرجح والذي يتمثل في مراعاة الظروف الشخصية للجاني ، علي أساس موضوعي قوامه الشخص العادي ( [55] ) .
و المعيار الشخصي يتمثل في قياس السلوك الذي صدر عن المتهم في ظروف معينة علي أساس سلوكه المعتاد ، فإن كان هذا السلوك اقل حيطة وحذراً مما اعتاده في مثل هذه الظروف نسب إليه الإخلال بواجباته ، أما إذا طابق حذره في سلوكه الواقعي الحذر الذي ألف التزامه فلا وجه لأن ينسب إليه هذا الإخلال .
أما المعيار الموضوعي فيعني قياس سلوك المتهم بسلوك شخص مجرد ، قد يكون الشخص المعتاد أو شخصاً شديد العناية والحذر ، ووفق هذا المعيار يكون إخلال المتهم بواجبات الحيطة والحـــــــذر رهناً بنزوله عما يلتزم به الشــــــخص المجرد دون نظر إلي ما يلتزم به المتهم عـــــــادة في سلوكه ( [56] ) .
والمعيار الشخصي لا يمكن الأخذ به وحدة فقياس سلوك المتهم الواقعي بسلوكه المألوف يناقض مصلحة المجتمع التي تتطلب التزام قدر أدني من الحيطة والحذر ، وهذا القدر يحدد علي نحو موضوعي طبقاً لما تمليه مصلحة المجتمع دون اعتبار لما ألفه المتهم في سلوكه ، والمعيار الشخصي يصطدم بالعدالة إذ يفرق بين الناس في المسئولية دون سند من القانون ، فالشخص الذي اعتاد حذراً شديداً يسأل إن نزل دون ذلك في تصرفه ، أما الشخص المهمل فلا يسأل أن أتي مثل هذا التصرف , بل قد لا يسأل أن نزل دون ذلك طالما أنه لم يهبط عما اعتاده من إهمال ، وهذه التفرقة بالإضافة إلي ذلك تجعل وضع المهمل أفضل من وضع الحذر ، ويأبى المنطق القانوني ذلك ( [57] )
كما لا يمكن الأخذ بالمعيار الموضوعي وحدة أيضاً ؛ لأنه لا يطبق في صـــورة مطلقة ، وإنما يتعين أن تراعي في تطبيقه الظـــــروف التي صـــــــدر فيها التصرف ، ويعني ذلك افتراض أن الشخص المعتاد قد أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت بالمتهم حينما أتي تصرفه ( [58] ) ، ثم التساؤل عما إذا كان قد التزم في ظروفه القدر من الحيطة والحذر الذي كان الشخص المعتاد يلتزم به في هذه الظروف ، فإن التزم به لم ينسب إليه الإخلال وإن هبط دونه نسب إليه ذلك ، ومن ثم فإن الظروف التي تحيط بالجاني تتزاوج مع الجانب الموضوعي لإيجاد معيار للخطأ ، وهذا المعيار هو المعيار المختلط ، والذي أساسة موضوعي ويأخذ في الاعتبار ظروف المتهم التي يتعين الاعتداد بها ، لذلك أمكن القول أن هذا المعيار موضوعي في الأصل وتضاف إليه بعد ذلك عناصر شخصية ( [59] ) .
المطلب الثالث
صور الخطأ غير العمدي في مجال نقل العدوى
أورد المشرع المصري صور الخطأ غير العمدي في بعض النصوص ( [60] ) بمناسبة الجريمة غير العمدية دون أن يخصص لها نصاً خاصاً ، كما أنه لم يذكرها جميعاً في كل نص ، إشارة إلي عدم حصرها ، فنستطيع القول أن تجريم فعل نقل العدوي الذي يمكن أن يحدث عن طريق الخطأ يجد في القواعد القائمة حلول يمكن أن تنطبق عليه ، وعلي سبيل المثال المادتين 238 و244 من قانون العقوبات ، وتتعلق الأولي بجريمة القتل غير العمدي ، وتتعلق الثانية بجريمة الجرح والإصابة الخطأ ( [61] ) ؛ فإن المادتين السابقتين يمكن تطبيقهما تطبيقاً مناسباً علي فعل الجاني الذي ينقل العدوى إلي الغـــــــير عن طــــــــــــريق الخطأ ، حيث تنص المادة 238 من قانون العقوبات المصري علي أنه :-
” من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم إحترازه ، أوعدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل علي ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين ….”
كما تنص المادة 244 من قانون العقوبات علي أن :- ” من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تجاوز مائتي جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين ” ( [62] ) .
والسؤال المطروح هو هل المشرع يحدد صور الخطأ غير العمدي علي سبيل المثال أم علي سبيل الحصر ؟
الملاحظ علي صياغة هذه النصوص سالفة الذكر وغيرها ( [63] ) أنها وإن كانت تشمل علي أهم صور الخطأ فإنها لا تنطوي علي حصر لصور الخطأ ، فلم يرد المشرع أن يقصر نطاق الخطأ علي صور معينة دون غيرها ، وإنما جاءت هذه الصور في النص علي سبيل المثال ، فالخطأ لا يمكن حصره ، وطبيعة الجريمة غير العمدية ذاتها تنافي ذلك ، كما أن المشرع استعمل عبارات رحبة تتسع لكل ما يتصور من حالات الخطأ ، مثلما أردف في نص المادة 360 عقوبات عبارة عامة تتسع لشتي أنواع الخطأ وهي عبارة ” ……أو بسبب إهمال آخر”
ونبين فيمـا يلي المقصود بكل صورة من صور الخطأ التي وردت في النصوص السابقة :-
الرعونة :-
يقصد بالرعونة سوء التقدير ونقص المهارة والدراية ، والجهل بما يجب العلم به ([64]) ويشمل هذا التعريف :
أ- الشخص الذي يقدم علي عمل وهو غير مقدر خطورته ، أو غير مدرك لما يحتمل أن يترتب عليه من أثار ، مثال ذلك من يلقي بمخلفات العيادات والمستشفىات الملوثة في أماكن مرور الناس ، فتصيبهم بعدوي الأمراض القاتلة .
ب- أن يقدم الشخص علي عمل دون أن تتوافر لدية المهارة المتطلبة لأدائه ، كالطبيب الذي يقدم علي إجراء عملية جراحية لشخص دون أن يكون مؤهلا لذلك ، فيتسبب في موت المريض ( [65] ) .
ج – أن يجهل الجاني ما يجب عليه العلم به ، كالصيدلي الذي يجهز دواء يجاوز النسبة المقررة للمادة المخدرة به ( [66] ) .
التفريط : هو صورة من صور التقصير في أداء الواجب .
ويقصد به عدم أداء الشخص لواجبه علي النحو المطلوب منه ، مثال ذلك الأم التي تترك صغيرها لمرضعة مصابة بمرض معد فتنقل إليه المرض ، وفي هذا الصدد قضت المحاكم الفرنسية بإدانة الوالدين عن إصابة خطأ لأنهما عهدا بابنهما إلي مرضعة وهما يعلمان أنها مصـابة بمـرض الزهـري المعدي ويتوقعان أنها قد تنقله إليه وهو ما حدث فعلا ( [67] ) .
الإهمال :
ويقصد به إتخاذ الجاني موقفـــــــاً ســــــــــــــلبياً تجاه ما يتعين عليه مراعاته لتجنب حدوث الواقعة الإجرامية ( [68] ) وتضم هذه الصور حالات الخطأ عن طريق الامتناع ، مثال ذلك إهمال صاحب البناء في صيانته فينهار ويصيب سكانه بالأذى فيقتل بعضهم ويصاب الآخرين بجراح ( [69] ) .
عدم الإحتراز :- وهي صورة من يدرك ما يحيط بسلوكه من مخاطر ، و لا يتخذ الإحتياطات الكافية لمنع وقوع الجريمة .
عدم مراعاة القوانين واللوائح والقرارات :
ويطلق علي هذه الصورة من الخطأ ” الخطأ الخاص ” تمييزا لها عن الخطأ العام الذي يتسع لسائر صوره ، وهي مستقلة عن صّور الخطأ التي يغني تحقيقها عن البحث في توافر إحدي الصور الآخري، ولكن لا تغني عن توافر عناصر الخطأ ( [70] ) ،وتتحقق تلك الصورة إذا لم يطابق سلوك الجاني القواعد التي تقررها القوانين واللوائح والقرارات ، ومن أمثلة ذلك قيام شخص غير مؤهل بإجراء عملية جراحية لآخر في مكان غير مرخص أو معد لذلك فيؤدي إلي وفاته ، أو أقدام الراغب في الزواج بدون تقديم شهادة صحية تثبت خلوه من حمل فيروس الإيدز ( [71] ) .
ويجب أن يفهم اصطلاح اللوائح في أوسع مدلول بحيث يشمل كل قواعد السلوك الآمرة الصادرة عن الدولة أياً كانت السلطة التي اختصت بإصدارها ، وخاصة القواعد التي تستهدف منع النتائج الإجرامية التي تقوم بها الجرائم غير العمدية ( [72] ) ، كاللوائح المنظمة للمرور ، واللوائح الخاصة بالصحة العامة وتنظيم المهن المختلفة ، ويتسع لفظ اللائحة في هذا المعني للقوانين في مدلولها الدستوري ، ومن أهمها نصوص قانون العقوبات ، كما تشمل أيضاً التعليمات الإدارية علي اختلاف أنواعها ( [73] ) .
ومن هنا يجد النقل غير العمدي للفيروسات جذوره في انعدام التبصر أو عدم الانتباه وعدم اتخاذ الاحتياطيات اللازمة من جانب المريض أو من جانب العاملين في الحقل الطبي بمناسبة إجراء عمليات جراحية أو نقل الدم أو نقل الأعضاء ( [74] ) .
المبحث الثاني
جريمة القتل الخطأ و الإصابة الخطأ عن طريق نقل العدوي
عادة ما يأخذ الفقهاء جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ معاً لدراستهما سوياً حيث تتفق الجريمتين في معظم العناصر المكونة لهما، ولا تختلفان إلا في النتيجة الإجرامية الناتجة عنهما، ولذلك يسهل دراسة أركانهما سوياً([75]).
وفي مجال نقل العدوى عن طريق الخطأ تبدو الجريمة المنصوص عليها في المادة 238 من قانون العقوبات والخاصة بالقتل الخطأ ، و المادة 244 عقوبات الخاصة بالإصابة الخطأ في قانون العقوبات المصري ، والمادتين 221-6 و 222-19 من قانون العقوبات الفرنسي التي تعاقب علي القتل والإصابة الخطأ ([76] ) ، هي التكييف القانوني المناسب لفعل الجاني الذي ينقل العدوى إلي الغير بإهمال وعدم احتراز ( [77] ) .
فتنص المادة 238 من قانون العقوبات المصري علي أنه ” كل من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم مراعاته للقوانين واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين….”
كما تنص المادة 244 من قانون العقوبات المصري علي أن ” من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تجاوز مائة جنية ، أو بأحدي هاتين العقوبتين ” ([78] ) ، وفيما يلي نعالج أركان جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ عن طريق نقل العدوي ، ثم نردف ذلك بتوضيح مدلول الخطأ في المطلبين التاليين :-
المطلب الأول
أركان جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ بنقل العدوى
ونعرض فيما يلي للركنين المادي والمعنوي لجريمتي القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوى ، وذلك علي التفصيل الآتي :-
الفرع الأول
الركن المادي لجريمتي القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوى
يتكون الركن المادي في جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ بنقل العدوى من سلوك خاطئ ، ونتيجة ضارة ، وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر علي النحو الأتي:-
1– السلوك الخاطئ :-
الســلوك الخاطــــئ المكون لجـــريمة القتل أو الإصابة الخطأ قـــد يكون في صورة خطأ عـــام ( [79] ) ، مثل الإهمال أو عدم الاحتياط أو الرعونة أو عدم الانتباه ، أو قد يكون في صــــــــورة خطأ خاص مثل مخالفة القــــــــوانين واللوائح والأنظمة والقرارات المتعلقة بالمهن المختلفة ([80] ) .
ويتمثل الإهمال في صورة الامتناع عن اتخاذ احتياط تمليه قواعد الخبرة الإنسانية ، كالمصاب بمرض معد الذي يخالط الأصحاء دون اتخاذ الاحتياطات التي تحول دون إصابة أي منهم بالمرض ، أما عدم الاحتياط فيأخذ صورة مسلك إيجابي كان يجب أن يمتنع عنه الجاني ، كالمصاب الذي يعاشر زوجته دون تدبر العواقب ، أما الرعونة فهي تعني سوء التقدير ، كالممرضة التي تجمع بين مصابين بمرض معد مع آخرين معافين فتنتقل إليهم العدوى ، أو تعطي أحد المرضي دواء دون الرجوع للطبيب ، وذلك سلوك إيجابي ([81] ) .
أما الخطأ الخاص ( [82] ) فهو مخالفة القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات المتعلقة بالمهن المختلفة ، ويتمثل في خطأ الأطباء والممرضات وأصحاب المهن التي تحتم عليهم قواعد وأصول المهنة إتباع تعليمات معينة ، للحيلولة دون قتل أو إصابة الآخرين ، فعدم التزام الأطباء والجراحين وأطباء الأسنان والممرضات لقواعد وأصول المهنة أو مخالفتها يترتب عليه ضرر قد يصل إلي حد الوفاة بالنسبة للمجني عليه ([83] ) .
ونشير إلي أن المقصود بالقوانين واللوائح والأنظمة والقرارات المتعلقة بالمهن المختلفة هي القاعدة القانونية التي تشمل القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية، كالقرار بقانون أو اللوائح، وكذلك القرارات الصادرة عن الأفراد العاديين ، كالأنظمة التي يضعها رب العمل لتنظيم العمل داخل المستشفى ، ويلتزم بها كل طبيب يقبل العمل في المنشأة كالتعليمات المتعلقة بمعاملة المرضي، والمصابين بأمراض معدية، وتشمل القرارات كذلك القرارات الإدارية الفـــــــردية ، والأوامـــــــر التي تصدر عن رجال الإدارة في مستشفى في حدود اختصاصهم ، ومن ثم فلا تنحصر حالات المخالفة علي مخالفة اللائحة بمعناها الدســــــــتوري ([84] ) .
والحالات التي تنتقل فيها العدوى بسبب الإهمال أو الرعونة أو عدم الاحتراز أو عدم مراعاة القوانين واللوائح الخاصة بتدابير الوقاية من انتشار الأمراض المعدية من السهل تصورها ، بل أن مظاهرها تبدو للعيان، مثال ذلك الجراح الذي يجري عملية جراحية بأدوات ملوثة دون أن يقوم بتعقيمها، وطبيب الأسنان الذي يستخدم أدوات غير معقمة ، والممرضة التي تقوم باستعمال حقنة واحدة مع أكثر من مريض بالمخالفة للقوانين واللوائح التي تحذر تكرار استعمال هذه الأدوات أو تتطلب ضرورة تعقيمها قبل إعادة استعمالها ( [85] ) .
كذلك يتم انتقال هذه الفيروسات نتيجة عدم مراعاة القواعد المقررة لفحص الدم قبل نقله للمريض ، ولذلك تنعقد مسئولية الطبيب عن عملية نقل الدم الملوث بمرض الزهري ، حيث أنه إذا كان الطبيب لا يلتزم في الأحوال المستعجلة بنقل دم نقياً نقاوة لا شك فيها ؛ لأن التأكد من ذلك غير مستساغ في ظل ظروف العلم الحالية وعلي الأخص لكون وجود فترة خمول تختفي فيها الأعراض وتكون نتيجة التحليل سلبية ، فإن الطبيب بما يلتزم به من العناية والدقة ومراعاة القواعد المسلم بها في المهنة يكون مسئولاً إذا انتقل إلي المريض دما ملوثاً بالمرض في وقت مما يمكن كشفه ، علي الأخص إذ لم تكن ثمة ضرورة عاجلة لنقل الدم ([86] ) . ولا يخلي مسئولية الطبيب عن ذلك أن يكون العرف قد جري في المستشفىات علي عدم فحص دم من ينقل منه الدم في كل وقت يحتاج الأمر إلي نقل الدم فيه ، لأنه لا يكفي لإخلاء الطبيب من المسئولية عن فعله أن يكون متفقاً مع ما تعارف عليه ، ومثل هذا العرف لا يرفع عن المحاكم حريتها في التقرير وحقها في أن تقرر أنه لا يتفق مع قواعد الحيطة أو غير كاف ( [87] ) .
كذلك ينتقل الدم الملوث نتيجة خلط دم ملوث بدم سليم عن طريق الإهمال أو عدم الانتباه من العاملين في بنوك الدم وإذا كان الدم الملوث يمكن نقله عن طريق جزيئات صغيرة قد لا تري بالعين المجردة فأن أي وسيلة لذلك تكفي لقيام المسئولية ، فالطبيب أو الجراح المصاب بأحد الأمراض التي تلوث الدم ومع ذلك يقدم علي إجراء عملية جراحية وهو مصاب إصابة من شأنها أن تنقل العدوى إلي المريض يسأل جنائياً ، وتطبيقاً لذلك حكم في فرنسا سنة 1874 علي مولدة بتهمة القتل والجرح الخطأ بالحبس سنتين وغرامة 50 فرنك لأنها أصيبت في أصبعها بالزهري ، وبدلاً من أن تترك عملها وتنقطع للعلاج إلي أن تشفي من مرضها تسببت باستمرارها في العمل في إصابة نحو مائة شخص منهم عشرة أطفال وتوفي ثلاثة منهم علي أثر ذلك ( [88] ) .
وكذلك قضت محكمة ” دويه ” في سنة 1924 بمسئولية الطبيب ؛ لأنه أجري عملية ولادة وفي أصبعه خراج ملوث ( [89] ) .
أما المستشفىات التي تقوم بإجراء عمليات الغسيل الكلوي علي نفس الجهاز لأكثر من مريض دون تعقيمه مما يؤدي إلي انتقال العدوى إلي كل من يستخدم هذا الجهاز ، فيعد ذلك سلوكاً خاطئاً يستوجب العقاب ( [90] ) .
ولقد تم إحالة 29 طبيباً وممرضة إلي محكمة جنح الدرب الأحمر بتهمة القتل والإصابة الخطأ وإحداث عاهة مستديمة نتيجة نقل دم ملوث إلي سيدة أثناء إجرائها عملية غسيل كلوي بأحدي المستشفىات مما أدي إلي وفاتها وإصابة سبعة عشر آخرين بدم ملوث بفيروس الإيدز والتهاب الكبد الوبائي ([91] ) .
وكذلك يمكن أيضاً تصور السلوك الخاطئ من أشخاص لا يعملون في الحقل الطبي كالصانع الذي يقوم باستعمال مثقاب الأذن دون أن يقوم بتطهيره ؛ فيؤدي ذلك إلي إصابة الغير بعدوي أحد فيروسات الدم ، وهو نفس الوضع بالنسبة للحلاق الذي ينقل العدوى للغير نتيجة تكراره لاستخدام أدوات ملوثة ، ومن يقوم بعملية الوشم مستخدماً نفس الآلة مع عدد من الأشخاص أحدهم مصاب بأحد الأمراض التي تلوث الدم ، فالسلوك في القتل والإصابة الخطأ قد يقع من العاملين في الحقل الطبي أو غيرهم ، ولا عبرة لشخص الجاني ما دام سلوكه مؤديا لتحقيق النتيجة ([92] ).
فالشــــــــــــــخص المصاب بالإيدز يكون مذنباً بجريمة الاعتداء إذا كان يعلم بإصابته ، و لم يعلن عن هـــــــــــــــذه الإصابة بالمرض قبل اتصاله جنســــــياً بدون حماية الطرف الآخـــــــــــر؛ لأن عدم إعلان الطرف الأخر بذلك يجعل من موافقته علي الاتصال الجنسي موافقة غير مشـــــــــــروعة أو غير قانونية وباطلة ( [93] ) .
2- النتيجة الإجرامية في جرائم القتل الخطأ والإصابة الخطأ بنقل العدوي :-
إذا كــــــــــــــــان الجـــــــــزاء في الجرائم العمدية لا يتوقف علي تحقق ضـــــــــرر ، فإن الأمر علي عكـــــــس ذلك في جــــــرائم القتل الخطأ والإصابة الخطأ التي يلزم فيهما تحقق الضرر ، فالفاعل في الجريمة غير العمدية عموماً لا يعتبر مســــــــــــــــــئولاً عن فعله إلا إذا تحقق ضرر نتيجة تصـــــــرفه الإرادي الخاطئ ([94] ) .
ومعيار العقاب في الجرائم غير العمدية هو جسامة الضرر الذي حاق بالحق الذي يحميه القانون ، وليس جسامة الخطأ ، حيث أنه لا عقاب بدون حدوث الضرر ([95] ) .
وتختلف النتيجة الإجرامية في جرائم الإصابة الخطأ بالفيروسات عن النتيجة الإجرامية في جرائم القتل الخطأ ([96] ) ، ففي الأولي تتمثل النتيجة في الإصابة الخطأ بنقل العدوى في أن ينتج عن السلوك الخاطئ للجاني ضرر هو عبارة عن نقل عدوي أحدي الفيروسات التي تلوث الدم ، وما يمكن أن يترتب علي ذلك من حدوث الإصابة المؤكدة بأحد الأمراض التي تسببها هذه الفيروسات خاصة الإيدز وما ينجم عنه من عدم قدرة المجني عليه علي القيـام بأعماله ، وما يصيبه من قلق واضطراب نفسي يؤثر علي حياته ( [97] ) ، فنقل العدوى وحدة كاف لتحقق النتيجة وخاصة بعد أن تم تعديل نص المادة 244 من قانون العقوبات الخاصة بالجرح غير العمدي بإضافة كلمة الإيذاء بالقانون رقم 120 لسنة1960 وأصبحت تتسع لكل الحالات كالضرب غير العمدي ، وأيضاً نقل الأمراض المعدية التي تنتشر أو تصيب الغير نتيجة الإهمال ( [98] ) .
أما النتيجة في القتل الخطأ فتتمثل في الوفاة الناتجة عن الإصابة بالفيروس ، فلا يتوقف الأمر عند حد الخلل الصحي بل ينتج عن نقل العدوي تحقق الوفاة ، وقد نصت المادة 238 من قانون العقوبات علي الظروف المشددة ، حيث تكون وفاة المجني عليه في جرائم القتل غير العمدي ظرفاً مشدداً لتغليظ العقوبة لجسامة النتيجة الإجرامية ، وبالرغم من ذلك تظل جرائم القتل الخطأ المصحوبة بالظروف المشددة جنح رغم أن العقوبة قد تصل إلي عشر سنوات ، ولا محل للحكم بالغرامة ؛ لأن الحبس وجوبي ( [99] ) .
وبناء علي ذلك فإنه إذا لم يترتب علي السلوك الخاطئ تحقق ضرر ما – سواء الإصابة أو القتل – فلا مسئولية علي الجاني إذ أن المسئولية في جرائم الإهمال مسئولية عينية مرتبطة بالنتيجة غير المشروعة التي أسفر عنها تصرف الفاعل ( [100] ) ، فلا بد إذاً من أن ينشأ عن السلوك الإجرامي ضرراً يصيب المجني عليه ( [101]).
فإذا قام طبيب بنقل دم إلي مريض دون اتخاذ التدابير الوقائية مخالفاً بذلك اللوائح والقوانين التي توجب تحري صلاحية الدم قبل نقله ، ولكن لم يترتب علي ذلك إصابة المجني عليه بأي من الفيروسات التي تلوث الدم فلا مسئولية عن قتل أو إصابة خطأ ؛ لأن الأمر يتطلب علي الأقل حدوث ضرر ولو كان هذا الضرر يتمثل في نقل عـدوي أحـدي الفيروسات إلي المجني عليه ( [102] ) .
وطبقاً للنص الفرنسي فإن النتيجة تتحقق في حالة الاعتداء المادي علي سلامة الجسم ، والذي يترتب عليه العجز الكلي عن العمل خلال أكثر من ثلاثة أشهر ، وفوق كل ذلك فإن الإصابة بالفيروس في حد ذاته ضرر كبير([103]) .
وطبقاً للنص المصري فإصابة المجني عليه وإيذاؤه في سلامة جسمه أو صحته تتحقق بها النتيجة الإجرامية إذا ما انتقل لجسمه فيروس معد أو قاتل كالإيدز أو الزهري أو السيلان أو الالتهاب الكبدي الوبائي ( [104] ) .
إشكاليات النتيجة في جريمة القتل والإصابة الخطأ :-
يتبادر إلي الذهن في مسألة ارتكاب السلوك الخاطئ دون أن ينتج عنه نتيجة ، أو تراخي تحققها بعد ارتكاب الخطأ بفترة طويلة من الزمن .
الإشكالية الأولي : تتعلق بعدم تحقق نتيجة للفعل الخطأ .
هل يفلت المخطئ من العقاب لمجرد عدم تحقق النتيجة لأسباب خارجة عن إرادته ؟ كعدم كفاية الفيروسات المستخدمة أو خمولها ، أو قوة مناعة المجني عليه ؟
فالجراح الذي لم يعقم أدواته ، وكذلك طبيب الأسنان ، والممرضة التي تستخدم سرنجة واحدة لأكثر من مريض ، والمستشفى الذي لا يعقم جهاز الغسيل الكلوي بالرغم من تعاقب المرضي عليه ، فكل هذه السلوكيات تمثل جريمة غير عمدية، إلا أنه لأسباب خارجة عن إرادة الجاني تتمثل في قوة المناعة لدي جسم المجني عليه أدت إلي أن العدوي لم تعمل عملها ، فقضت مناعة الجسم لدي المجني عليه علي الفيروس ، فهل يفلت الجاني من العقاب ؟ بالرغم من ارتكابه للجريمة !!
والإجابة علي هذا التساؤل تثير القلق بالنسبة للوضع في مصر ! حيث أن الجاني في هذه الجريمة بلا شك سيفلت من العقاب ؛ لأنه لا يوجد في التشريع المصري أي نص يعاقب علي السلوك الخاطئ الذي لم ينتج عنه ضرر ([105] ) ، ومعظم التشريعات التي تتعلق بالصحة في مصر هي تشريعات وقائية، لا ترتب مسئولية جنائية ، وإن قررت بعض الجزاءات فإنها تعد جزاءات غير رادعة ([106] ) .
أما الوضع في فرنسا فإنه في ظل قانون العقوبات السابق لم يكن السلوك الخاطئ الذي لم يترتب عليه ضرر للغير محلاً للمسئولية ، فلا عقاب عليه ، إلا أنه في ظل قانون العقوبات الجديد وبوضع المادة 223-1 فقد تم تقنين الحماية من السلوكيات الخاطئة بتجريمها لمجرد أن هذه السلوكيات تعرض الغير للخطر، وأصبحت المادة 223-1 المذكورة سالفاً القاعدة العامة لما يسمي جرائم تعريض الغير للخطر، ونحن نثمن هذا النهج من المشرع الفرنسي ، ونهيب بالمشرع المصري أن يسلك نفس النهج لمحاصرة بعض السلوكيات الخاطئة، ولتدعيم الشعور باحترام القانون .
سيما وأن فكرة تعريض الغير للخطر ليست غريبة علي المشرع المصري، فقد تضمنها قانون العقوبات في المادة 285 التي تقضي بمعاقبة كل من يعرض للخطر طفلاً لم يبلغ سنه ســــبع سنين كاملة بتركه في محل خال من الآدمـــــــــــيين أو حمل غــــــــيره علي ذلك بالحبـــــس مـــدة لا تزيد علي سنتين ( [107] ) .
والإشكالية الثانية : تتعلق بتأخر ظهور النتيجة ، وعدم ثباتها .
من المسلمات العلمية أن نقل الفيروس إلي دم المجني عليه سيؤدي حتماً إلي نقل المرض إليه ، ومن غير المعقول أن تثبت حالة المريض علي ما هي بعد أن ينتقل إليه المرض إذ أن حالته سوف تتدهور مع مرور الوقت ، غير أنه لا يمكن التنبأ بهذا الوقت الذي تمر به مراحل المرض ! منذ فترة حضانة الفيروس حتي الوفاة ، خصوصاً لو كان المرض المنقول هو مرض الإيدز الذي سيؤدي حتماً إلي الوفاة ، إذاً تمر النتيجة بمراحل تبدأ بانتقال الفيروس ، ثم المرض ، ثم الوفاة ، ومنذ اكتشاف النتيجة في مراحلها الأولي – مرحلة انتقال الفيروس إلي دم المجني عليه – فما هي الجريمة التي يسأل عنها الجاني ، إذا كان المرض المنقول للمجني عليه هو الإيدز الذي سيؤدي للموت حتماً ؟؟
في معرض الإجابة علي هذا التساؤل فإن النتيجة التي يجب العقاب عليها هي النتيجة المتحققة ، والمستقرة حال تقديم الجاني للمحاكمة ، ومن ثم يسأل الجاني عن جريمة إحداث عاهة مستديمة غير عمدية ؛ لأن النتيجة المحققة والمستقرة أثناء المحاكمة هي مجرد الإصابة بالفيروس ، ولم تصل بعد إلي حد الموت ومن ثم فلا يجوز معاقبة الجاني علي الموت وهو لم يحدث ، حتي وإن كان محقق الوقوع آجلاً أو عاجلاً .
أما إذا تحققت الوفاة قبل المحاكمة أو إثنائها و قبل صدور حكم نهائي علي الجاني فإنه يسأل عن جريمة قتل خطأ ، حيث أنه يجوز للمحكمة أن تعدل الاتهام الموجه إلي الجاني طالما لم يصدر حكم في الدعوي ( [108] ) ، وفي جميع الأحوال لا يسأل الجاني إلا عن النتيجة المتحققة بالفعل عند محاكمته ، مع جواز تعديل الاتهام إذا تطورت النتيجة قبل صدور الحكم النهائي ، فالنتيجة المتحققة بالفعل هي القدر المتيقن في حق الجاني خاصة وأنه لم يتعمد إحداث النتيجة المتحققة أو المتوقعة أو المنتظرة ( [109] ) .
- رابطة السببية في جرائم القتل الخطأ والإصابة الخطأ بنقل العدوي :-
يلزم لقيام جريمة القتل أو الإصابة الخطأ بنقل العدوي أن تتوافر علاقة السببية بين السلوك الخاطئ ، والنتيجة الإجرامية ، أي يجب إثبات أن السلوك الخاطئ هو الذي أدي إلي الضرر الذي لحق بالمجني عليه سواء تمثل في موته أو في مجرد نـقل الفيروس إليه ([110] ) ، فلا يكفي لقيام جريمة القتل أو الإصابة الخطأ أن يقع سلوك خاطئ من جانب المتهم ، وأن يترتب علي هذا الســـــــــــلوك نتيجة ، وإنما يلزم أن يكون هناك رابط بين هذا السلوك وهـــــــــذه النتيجة ([111] ) .
ورابطة السببية تقتضي أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل أو الجرح اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل أو الجرح بغير قيام هذا الخطأ ([112] ) .
ولا تثور الصعوبة إذا أدي سلوك الجاني بمفرده إلي إحداث نتيجة ودون أن تتداخل معه عوامل آخري في إحداثها ؛ لأنه في هذه الحالة تكون النتيجة مترتبة عليه مباشرة ، ولكن تثور الصعوبة في مجال رابطة السببية بنقل الدم الملوث في حالة اشتراك أكثر من ظرف في إحداث النتيجة الإجرامية ، فليس من السهل في كل الحالات رد الضرر المتحقق إلي شخص معين بالذات ([113] ) .
ولذلك يبرز الســــــــــــــؤال حـــول أثر تعدد الأسباب التي أدت إلي الضرر المتحقق علي علاقة السببية ؟؟ ساهم الواقع العملي وأحكام القضاء في وضع بعض الحلول للتساؤل السابق ، فلقد أدانت محكمة جنح FONTAINEBLEAU بفرنسا ([114] ) قائد سيارة بناء علي المادتين 319 ( القتل الخطأ ) و 320 ( الإصابة الخطأ ) من قانون العقوبات الفرنسي القديم لأنه تسبب في نقل فيروس الإيدز إلي سيدة خضعت لعملية نقل دم ملوث في 23 يناير 1985 وذلك بعد أن صدمها بسيارته في 15/12/1985 مما أخضعها لعمليات نقل دم متكرر نتج عنها إصابتها بفيروس الالتهاب الكبد الوبائي ثم إصابتها بفيروس الإيدز في أكتوبر 1985 إذ تبين بعد البحث والتحقيق أن الدم الذي تم نقله للمجني عليها في 23 يناير 1985 خاص بأحد المتبرعين الحاملين لهذا الفيروس وينتمي لأحدي مجموعات الخطر لكونه سجيناً ، فهل يجوز الاعتداد أيضاً بمسئولية المركز الطبي لنقل الدم وهو المصدر الوحيد للدم الذي ثبت تلوثه ، وبالتالي فهل يشارك في المسئولية المدنية ، والجنائية إلي جانب قائد السيارة ؟ أجابت محكمة استئناف باريس علي هذا التساؤل حين أكدت في 7 يوليو 1989 علي صحة الحكم الصادر من محكمة جنح FONTAINEBLEAU علي أساس أن الضرر الذي لحق بالمجني عليها بسبب الحادث المروري الذي تعرضت له يرجع سببه الأساسي والمباشر لخطأ قائد السيارة مما جعلها تضطر للخضوع لعملية نقل دم ثبت تلوثه ([115] ) .
وبالتالي لا تنتفي رابطة الســـببية في هذا المجال إذا ســــــاهمت عـــــــوامل آخــــــــري في إحـــــــداث النتيجة الإجرامية طالما كانت من العوامل العادية المألوفة ، وتتفق والســـــير العادي للأمور ( [116] ) ، وقضي أيضاً بتوافر علاقة السببية حتي ولو اقتضت الإصابة إجراء جراحة أدت إلي حدوث إصابة أشد جسامة ([117] ) ، أو اعتلال صحة المجني عليه ([118] ) . وتوجد صورة آخري للاشتراك في مجال نقل عدوي الأمراض التي تلوث الدم عن طريق العلاقات الجنسية وهي حالة تعدد العلاقات الجنسية للمجني عليه مع أشخاص ثبت إيجابية دمائهم لفيروس الإيدز باكتشاف وجود الأجسام المضادة لهذا الفيروس إذ سوف يكون من الصعب إثبات توافر علاقة السببية بين إصابة المجني عليه لفيروس الإيدز وخطأ الشخص الذي تسبب في هذه الإصابة ( [119] ) وهو ما يمثل عقبة كئود في مجال إثبات علاقة السببية عند تعدد الأخطاء وصعوبة الفصل بينها ( [120] ) .
فهذا الأمر تواجهه صعوبة بالغة علي اعتبار أن ثبوت إيجابية الدم لفيروس كالإيدز بوجود الأجسام المضادة لهذا الفيروس لا تعني في كل الأحوال وجود الفيروس في الدم، حيث ثبت أن إيجابية الدم لا تسمح لنا أن نفترض وجود الفيروسات إلا في 85% من الحالات وبالتالي فإنه يوجد حوالي 15% من الأشخاص من ذوي الدم الإيجابي يكونوا حاملين للأجسام المضادة دون أن يكونوا حاملين للفيروس وهذا ما يجعل الأمر صعباً سواء في إثبات إصابة المجني عليه نفسه بفيروس الإيدز ، أو رد هذه الإصابة إلي شخص محدد ضمن الذين اتصل بهم جنسياً وبصفة خاصة في الفترة السابقة علي عام 1988 حيث أن التحاليل الموجودة حينئذ لا تسمح إلا بتحديد الأجسام المضادة لفيروس الإيدز في الدم ([121] ) ، ومع ذلك فقد توصل العلماء بعد ذلك التاريخ لنوع من الاختيارات الدقيقة التي تكشف عن وجود فيروس الإيدز نفسه في دم الإنسان المصاب حتي ولو كان الدم خالياً من الأجسام المضادة ، بل أن دقة الاختبارات يمكنها اكتشاف ولو جزء من جينات فيروس الإيدز ( [122] ) .
وعلي الرغم من ذلك فلو تم إثبات وجود فيروس الإيدز في دماء بعض المتصلين جنسيا بالمجني عليه فإنه سيكون من الصعب تحديد من منهم الذي تمكن من نقل الفيروس إليه إلا إذا توافر اختبار يستطيع أن يحدد نوع أو شكل فيروس الإيدز في دم المجني عليه وبالتالي نسبته إلي شخص محدد ضمن هؤلاء ، وهو أمر في غاية الصعوبة حالياً ( [123] ) .
إلا أننا نري أن حل هذه الإشكالية يكمن في إنه إذا تعددت الأخطاء ، فإنه يتعدد تبعاً لذلك المسئولين عن هذه الأخطاء ، بمعني أن يتم محاسبة كل من اشترك في إحداث الضرر كلا بقدر جسامة خطؤه ، ولا يستبعد إلا من كان خطؤه غير مؤثر في إحداث النتيجة ( [124] ) ، ويعد كل من ساهم بخطئه في النتيجة مسئولا عنها بصفته فاعل أصلي ، وليس شريكاً مع المتهم ؛ لأن الاشتراك لا يكون إلا في الجرائم العمدية ( [125] ) .
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأنه ” لا ينفي علاقة السببية في القتل الخطأ و الإيذاء الخطأ أن تكون ثمة عوامل آخري من شأنها أن تساعد علي حدوثه ، ولا يجدي المتهم محاولة إشراك متهم آخر في الخطأ الذي أنبني عليه وقوع الحادث ، إذ الخطأ المشترك بفرض قيامه لا يخلي مسئولية أحد الجناة ، وأن تعددت الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مسئولية كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه ويستوي أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله ” ([126] ) .
وفي فرنسا قررت الغرفة الجنائية لمحكمة النقض – في مرات عديدة – أن الضرر الناشئ عن أخطاء متعددة مرتكبة بطريقة معاصرة ومتتابعة من أشخاص متعددين ينجم عنه مسئولية كل واحد جنائياً ، فتعدد الأخطاء يترتب عليه تعدد المسئوليات بدون أن تستبعد واحدة منهن الآخري ([127] ) ؛ لذلك فالغرفة الجنائية بمحكمة النقض الفرنسية قررت أن كل من ارتكب خطأ ساهم في مجموعه في الحدث الخطر ، وخلق بعدم احــــــترازه الخــــــطر الجســــــــــــــــيم بالنسبة للمجني عليه ، يكون مســــــئولاً عن خطؤه ([128] ) .
ويعد تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر من عدمه من الأمور التي يقدرها قاضي الموضوع ، حيث أن توافر رابطة السببية من عدمه تعد مسألة موضوعية ، لا رقابة لمحكمة النقض فيها ما دام تقدير القاضي لها قد جاء سائغاً ( [129] ) .
إشكالية التقادم في جرائم الإصابة والقتل الخطأ :
تعد جرائم الإصابة والقتل الخطأ من الجنح التي تتقادم فيها الدعوي الجنائية بمرور ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب الواقعة الإجرامية ، والتقادم من النظام العام ، أي أنه لا يجوز مخالفته ( [130] ) .
ولقد اعتنق المشرع فكرة التقادم لعلة تشريعية تتمثل في أفول أدلة الجريمة بعد مرور هــــــذا الزمن ، ونسيان المجتمع لأثار الجريمة ، وإحداثها ( [131] ) .
وفي خصوص موضوع البحث فإن الإصابة والقتل الخطأ بالفيروسات والجراثيم ليس من اليسير تطبيق قواعد التقادم عليهما ! وذلك لعلة واقعية وهي عدم اكتشاف واقعة الإصابة بالفيروس إلا بعد مضي مدة التقادم ، فالشخص الذي يتلقي من آخر دماً ملوثاً بفيروس الإيدز أثناء عملية جراحية ، وهو لا يعلم بحالة هذا الدم ، فإنه من المؤكد أنه سيصاب بالفيروس ، ولكنه لا يكتشف هذه الإصابة إلا بعد مرور فترة من الزمن قد تتعدي الثلاث سنوات بعد أن تكون صحته قد تدهورت ( [132] ) .
وإذا قدم الجاني للمحاكمة فـإنه يمكن تفلته من العقاب بتطبيق قواعد التقادم الثلاثي علي جريمته إذا ثبت للقاضي أن الواقعة قد وقعت قبل ثلاث سنوات من تاريخ تقديمه للمحاكمة.
والراجح أنه يجب الاستغناء عن فكرة التقادم في مجال جريمتي الإصابة والقتل الخطأ بنقل العدوى ، وعدم سقوطهما بالتقادم تحقيقاً للعدالة ( [133] ) ، وإلي أن يتم ذلك فإنه يجب أن تبدأ مدة التقادم من تاريخ اكتشاف الضرر ، وليس من تاريخ حدوث الخطأ الذي أنتج ذلك الضرر ؛ فحدوث الضرر هو الذي يعطي للمجني عليه مؤشراً للعلم بالواقعة الإجرامية ، ونتيجتها ، فقد يرتكب الجاني جريمته ، ولا ينتج ضررها إلا بعد فترة طويلة من الزمن تؤدي إلي سقوط الجريمة بالتقادم ، وعلي فرض اكتشاف واقعة الاعتداء بعد وقوعها مباشرة فأن التحاليل الطبية لا تظهر حدوث النتيجة في حينها ؛ لأن الفحص قد تم قبل ظهور الأجسام المضادة للفيروس ، ولذلك فإن فكرة التقادم غير مناسبة لجريمة الإصابة أو القتل الخطأ ، وإن كان لا بد من تطبيقها ، فيلزم أن تبدأ من تاريخ حدوث الضرر ، وليس من تاريخ حدوث الخطأ .
الفرع الثاني
الركن المعنوي لجريمتي القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوي
يمثل الخطأ في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ذات الأهمية التي يمثلها القصد الجنائي في جرائم القتل والإيذاء العمدي ، فيعتبر الخطأ هو الركن المعنوي بالنسبة للقتل أو الإيذاء غير العمدي ( [134] ) .
بمعني أنه إذا انتفي القصد الجنائي في الجرائم العمدية ، وانتفي الخطأ في الجرائم غير العمدية كان القتل أو الإيذاء عرضياً فلا تقوم مسئولية جنائية في هذه الحالة ( [135] ) .
وحيث أنه وفقاً لمبدأ أنه ” لا جريمة بدون ركن معنوي ” ولما كان الخطأ هو الذي يمثل الركن المعنوي في الجرائم غير العمدية ، وبالتالي فلا مسئولية جنائية دون خطأ والذي يعد من أهم المبادئ الأساسية في القانون الجنائي الحديث أياً كان النظام القانوني الذي يؤخذ به سواء كان هـذا النظـام لاتينيـاً أو أنجلو سكسونياً فـلا بد من توافر الخطأ ([136] ) .
ومن غير الضروري حتي يتحقق الخطأ أن يكون المتهم عالماً بأنه يحمل فيروس من الفيروسات التي تلوث الدم ، وبالرغم من ذلك قصر في اتخاذ التدابير و الاحتياطات اللازمة لوقاية غيره من الإصابة ([137] ) بل يتحقق الخطأ ولو كان المتهم لا يعلم أنه مصاب بالفيروس ، ويجهل حالته هذه متي كان من الأشخاص الأكثر تعرضاً للإصابة بالفيروسات ، ومع ذلك أحجم إرادياً عن القيام بالفحوص الطبية المقررة للتأكد من خلوه أو إصابته بالفيروسات وعلي ذلك يكون المتهم مســــــــئولا إذا علم بحالته الصحية أو لو كان يجهل هـــــــــــذه الحالة متي كان هــــــــذا الجهل راجعا إلي خطأ شخصي من جانبه ([138] ) .
فالخطأ غير العمدي هو إخلال الجاني عند تصرفه بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون ، وعدم حيلولته تبعاً لذلك دون أن يفضي تصرفه إلي إحداث النتيجة الإجرامية في حين كان ذلك في استطاعته وكان واجباً عليه ([139] ) .
وجوهر الخطأ غير العمدي هو إخلال بالتزام عام يفرضه المشرع ، هو الالتزام بمراعاة الحيطة والحذر والحرص علي الحقوق والمصالح التي يحميها القانون ([140] ) .
ويقوم الخطأ غير العمدي علي عنصرين : عنصر مادي ، وعنصر نفسي :-
العنصر المادي :- ويتمثل في خروج المتهم ، أو نزوله عن مستوي الحيطة والحذر، والحرص علي الحقوق والمصالح التي يحميها القانون ، والمصدر العام لواجبات الحيطة والحذر قد يكون القانون واللوائح أو قد يكون قواعد الخبرة العامة ، وقد يكون قواعد الخبرة الفنية أو المهنية ، تلك القواعد التي تفرض علي المتهم قدراً من الحيطة والحذر لا يجب النزول عنه ، وهو مسلك الرجل المعتاد إذا وجـد في نفس ظروف المتهم ([141] ) .
ومن أمثلة الخــــــــروج عن قواعد الخبرة الفنية الطبيب الذي يجري عملية جراحية بدون تعقيم الأدوات المستخدمة وفحــــص الدم المســــــــــتخدم في العملية ، مما ترتب عليه إصابة المريض بفيروس قاتل .
ومن أمثلة الخروج عن قواعد الخبرة العامة الشخص الذي ينتمي لمجموعات الخطر ، ويقدم علي معاشرة زوجته دون اتخاذ الاحتياطات التي تحول دون إصابتها بالعدوى ، كاستخدام العازل الطبي أو نحو ذلك ، ولكنه لم يفعل.
العنصر النفسي :- ويتمثل في العلاقة النفسية ما بين إرادة الجاني والنتيجة الإجرامية التي تحققت بخطئه ، وهذه العلاقة تأخذ صورتين :
الصورة الأولي :- وفيها لا يتوقع الجاني علي الإطلاق النتيجة الإجرامية ، مع إنه كان في استطاعته ومن واجبه أن يتوقعها ( [142] ) ويلام الجاني في تلك الحالة ؛ لأنه كان في استطاعته أن يتوقع النتيجة الإجرامية التي هي متوقعة في حد ذاتها ، وإن كان قد توقعها الجاني لاستطاع الحيلولة دون حدوثها ،فالطبيب الذي يتلقي دما من متبرع ينتمي إلي مجموعات الخطر والشواذ ، كان يجب عليه أن يتوقع أن يكون دما ملوثا بالفيروسات ، وطالما توقع ذلك فإنه سوف يكون باستطاعته ومن واجبه الحيلولة دون حدوث النتيجة ، وهي إصابة المريض بفيروس الإيدز ، نتيجة نقل دم ملوث له ، فهذا الطبيب لم تتجه إرادته إلي إصابة هذا المصاب الجريح بفيروس الإيدز ، وعلي الرغم من أنه كما يتوقع الإصابة كأثر لفعله وكان من واجبه أن يحول دون حدوثها ، أو قام بفحص الدم الملوث فهذا الخطأ كان بالإمكان تجنبه ، وكذلك الممرض الذي يستخدم المحاقن الزجاجية أو المعدنية مع أكثر من مريض ، فإرادته لم تتجه إلي إصابة أي من المرضي بالفيروس ، ولكنه كان في استطاعته توقع حدوث النتيجة الإجرامية ، لأنها متوقعة وكان من واجبه أن يحول دون حدوثها أو أحجم عن استخدام هذه المحاقن المستعملة وأبدلها بأخرى غير مستعمله .
الصورة الثانية :- وفيها يتوقع الجاني حدوث النتيجة الإجرامية ، ولكنه اعتمد علي احتياط غير كاف للحيلولة دون حدوثها ، وتفترض تلك الصورة أن الجاني قد توقع الإصابة أو الوفاة ، ولكن إرادته لم تتجه إليها ، ولم ترحب بها واعتمد علي قدراته ومهارته في الحيلولة دون حدوثها ([143] ) فيعد هذا خطأ في التقدير ، وطالما كان ذلك خطأ في التقدير ، فإنه يكون ما زال داخل إطار الخطأ ، ولم يتعداه إلي دائرة القصد الاحتمالي ، ومثال ذلك مصاب الإيدز الذي يعاشر زوجته مستخدماً عازلاً طبياً ، ويتوقع أن تصاب ، ولكنه اعتمد علي مهارته في الحيلولة دون ذلك فحـــــــدثت النتيجة الإجــــــــــرامية ؛ فيلام الجـــــاني لخطئه في التقدير ( [144] ( ، وكذلك الطبيب الذي يجري عملية جراحية بأدوات غير معقمة كالمنظار ، معتمداً علي وسيلة أخري في التعقيم غير كافية ، ورغم توقعه حدوث الإصابة بالفيروس إلا أنه اعتمد علي احتياط غير كاف ( [145] ) .
وقد طرأ علي فكرة الخطأ غير العمدي تطور تمثل في التمييز بين الخطأ الواعي ، والخطأ غير الواعي فالقانون الفرنسي القديم لم يكن يعرف التمييز بين درجات الخطأ وتميزه بين خطأ واع أو غير واعي ، حيث أصبح الخطأ الواعي في القانون الجديد ظرفاً مشــــــــــــــدداً يؤدي إلي مضاعفة مقدار العقوبة في جرائم القتل والاعتداء علي سلامة الجســــــــــم المنصوص عليها في المواد 221-6 وحتى 222-19 فقرة 2 والمادة 222-7 والمواد R625-6 و 322-5 مــــن قانون العقوبات الجــــديد ([146] ) .
وفي الحقيقة فإن الصورة الثانية من الخطأ غير العمدي ، والمتعلقة بالخطأ الواعي والتي فيها يتوقع الجاني حدوث النتيجة الإجرامية ، ولكنه اعتمد علي احتياط غير كاف للحيلولة دون حدوثها ، فإن ما يتبادر إلي الذهن هو كيف نفرق بين توقع النتيجة في الخطأ الواعي ، وتوقع النتيجة في القصد الاحتمالي ؟؟ ففي كل من الخطأ الواعي ، والقصد الاحتمالي يتوافر توقع النتيجة ، مما يجعل الفصل بينهما أمراً دقيقاً ويتسم بالصعوبة ([147] ) .
وفي معرض الإجابة علي التساؤل السابق فإن الخطأ الواعي ، يتحقق إذا توقع الجاني حدوث النتيجة المترتبة علي نشاطه ، ولكنه لم يقبلها ، ويأمل في عدم تحققها أو يعتقد أنها لن تتحقق معتمداً علي مهارته وحذقته ( [148] ) ولذلك يطلق علي هذه الصورة من الخطأ مع التبصر أو الخطأ مع التوقع ([149] ) .
مثال ذلك قيام الجاني بحقن المجني عليه بالدم الذي يشك في تلوثه ويتوقع إصابة المجني عليه من هذا الدم ، ولكنه لا يقصد إيذاء المجني عليه ، ويحاول منع إلحاق الإذي به ، ويغفل اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع حدوثها.
أما القصد الاحتمالي : “فيتمثل في الحالة التي يكون فيها الجاني قد توقع النتيجة باعتبارها ممكنة الوقوع أي أنها قد تقع أو لا تقع ولم يمنعه هذا التوقع من إتيان سلوكه أو العمل علي تجنبها ” ومعني ذلك أن القصد الاحتمالي يتوافر في جميع الفروض التي يتوقع فيها الجاني النتيجة كأثر ممكن ومع ذلك يقدم عليه قابلاً أي نتيجة له ([150] ) .
ويذهب الرأي الغالب في الفقه إلي المساواة بين القصد الاحتمالي والقصد المباشر من حيث القيمة القانونية ، فالصلة بين إرادة الجاني والنتيجة الإجرامية متوافرة في القصد الاحتمالي وتأخذ صورة قبول النتيجة ، بينما تتمثل هذه الصلة في حالة القصد المباشر في صورة الرغبة في حدوث النتيجة ولا يوجد فارق بينهما فكلاهما يعبر عن اتجاه الإرادة نحو تحقيق النتيجة سواء بالرغبة أو بالقبول ([151] ) .
وهذا المفهوم للقصد الاحتمالي هو ما اعتنقه القضاء المصري الذي ذهبت أحكامه إلي القول بأن القصد الاحتمالي يقوم مقام القصد الأصيل أي القصد المباشر في تكوين ركن العمد ([152] ) وهو أيضاً ما استقر عليه القضاء المقارن في العديد من الدول مثل إيطاليا وألمانيا وسويسرا ([153] ) وما قننته العديد من التشريعات العقابية ([154] ) .
ومما سبق يتضح أن كل من الخطأ الواعي ، والقصد الاحتمالي يشتركان في إمكان توقع الجاني للنتيجة الإجرامية ، لكن في صورة القصد الاحتمالي يقبل الجاني النتيجة ، ولا يتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع وقوعها ، أما في صورة الخطأ الواعي فإن الجاني لا يقبل النتيجة ويأمل في عدم وقوعها وقد يعمل علي تفاديها إلا أنه لم ينجح في ذلك ([155] ) .
أهمية التفرقة بين الخطأ الواعي ، وبين القصد الاحتمالي .
في الحقيقة فإن التفرقة بين الخطأ الواعي ، وبين القصد الاحتمالي لا تخلو من الأهمية لأن التمييز بين القصد الاحتمالي ، والخطأ الواعي يعد فاصلاً بين الجريمة العمدية وبين الجريمة غير العمدية ( [156] ) ؛ إذ أن الجاني الذي يتوافر لديه القصد الاحتمالي يسأل عن فعله باعتباره جريمة عمديه ، في حين أنه إذا اقتصر القصد الجنائي لديه علي الخطأ الواعي ؛ فإن فعله لا يعدو أن يكون جريمة غير عمديه ، الأمر الذي يستتبع المغايرة في العقاب في كل من الحالتين ( [157] ) .
***
المطلب الثاني
عقوبة القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوى
عقوبة القتل الخطأ والإصابة الخطأ في صورتها البسيطة:-
تنص المادة 238/1 علي معاقبة مرتكب جريمة القتل الخطأ بالحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر والغرامة التي تجاوز مائتي جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين ، أما بالنسبة للإصابة الخطأ فقد نصت المادة 242 من قانون العقوبات المصري علي عقاب المتسبب خطأ في إيذاء المجني عليه بالحبس لمدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تجاوز مائتي جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين .
عقوبة القتل والإصابة الخطأ في صورتها المشددة :-
أتخذ المشرع من بعض الظروف سبباً للتشديد سواء أكانت تلك الظروف متعلقة بجسامة الخطأ من الجاني ، أو بجسامة الضرر الناتج عن الجريمة ، أو إلي جسامة الخطأ والضرر معا ، في مجال القتل والإصابة الخطأ بنقل الدم الملوث نجد إمكان تصور هذه الظروف المشددة علي النحو الآتي :
أ- التشديد الراجع إلي جسامة خطأ الجاني :
تشدد عقوبة القتل والإصابة الخطأ إذا أخل الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفتـه ( [158] ) ، ولإعمال هذه الظروف يجب أن يتوافر شرطان : يتصل أولهما بصفة الجاني إذ يتعين أن يكون من ذوي الوظائف – العامة أو الخاصة – أو المهن أو الحرف أياً كان طبيعة العمل المسند إليه ، ويتعلق ثانيهما بالسلوك الذي أتاه الجاني إذ ينبغي أن يكون منطوياً علي إخلال جسيم بما تفرضه عليه أصول مهنته أو حرفته أو وظيفته ( [159] ) .
وبالتالي يكون لهذا الظرف المشدد أهمية في مجال نقل الفيروسات التي تلوث الدم ، وذلك في حالة ما إذا كان انتقال أحد هذه الفيروسات الذي نتجت عنه الوفاة أو الإصابة حدثت بسبب إخلال الجاني بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته ، إذ يشدد عقاب الكيميائي الذي يهمل في تحليل الدم قبل استعماله ، ثم يتبين أن هذا الدم كان ملوثا مما أدي إلي وفاة المجني عليه أو إصابته ، كما يشدد عقاب الجراح أو طبيب الأسنان أو الممرضة أو أخصائي المعمل إذا استعمل أحد هؤلاء أداة حقن أو وخز أو أي أداة جراحية بدون تعقيم ، وكذلك الحلاق الذي يستعمل أمواسا وآلات دون تعقيمها إذا أدي ذلك الاستعمال إلي نقل أحد هذه الفيروسات إلي العميل وأدت إلي وفاته أو إصابته ، فإذا ما توفر هذا الظرف تشدد عقوبة القتل الخطأ إلي الحبس الذي تتراوح مدته بين سنة وخمس سنوات والغرامة التي تتراوح بين مائة وخمسمائة جنية أو أحدي هاتين العقوبتين ( نص م 238-2) وبالنسبة للإصابة الخطأ فإن توافر هذا الظرف يشدد العقوبة مدة لا تزيد علـي ســــــنتيـن وغــــــــــــــــــرامـة لا تجـــــــــــــــــــاوز ثلاثمائة جنيهـاً أو أحــــــــــــــــــــدي هــــــــاتين العقوبتين ( مادة 244) ( [160] ) .
التشديد الراجع إلي جسامة الضرر :
في الجرائم غير العمدية فإن جسامة الضرر تحدد مقدار العقاب ( [161] ) ، فإذا ترتب علي نقل الدم الملوث موت ثلاثة أشخاص أو أكثر وهذا غالباً ما يحدث في الواقع العملي علي نحو ما حدث في قضية الدم الملوث بفرنسا فإن العقوبة للقتل الخطأ ترتفع إلي الحبس الذي لا تقل مدته عن سنه ولا تجاوز سبع سنين ، أما إذا ترتب علي نقل الدم الملوث إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص فإن العقوبة هنا تكون الحبس الوجوبي ( [162] ) وغني عن البيان أن السلوك الخاطئ الذي يفضي إلي القتل الخطأ لأكثر من ثلاثة أشخاص يكون من الجسامة بمكان مما يوجب تشديد العقوبة ، وقد أتخذ المشرع من مجرد تحقق النتيجة – وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص – قرينة علي جسامتها مما يسلب القاضي سلطته في تقديرها كما هو الشأن في الظروف الراجعة إلي جسامة الخطأ فأستبعد في القتل والإصابة الخطأ الذي ينجم عنها وفاة أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص كعقوبة الغرامة وجعل الحبس وجوبيا بالتـالي يكون الحكم معيباً إذا وقف القاضي عند حد الغرامة ([163] ) .
التشديد الراجع إلي جسامة الخطأ والضرر :
إذا قام صاحب المهنة أو الوظيفة أو الحرفة بنقل دم ملوث إلي المرضي ، وترتب علي ذلك وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص فإن العقوبة ترتفع لمدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز عشر سنوات أما إذا ترتب علي نقل الدم الملوث إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص وارتكب الفاعل من ذوي المهن السابقة فإن العقوبة ترتفع لتصل إلي الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد علي خمس سنوات ( [164] ) ، وليس هذا التشديد إلا لما تفصح عنه الجريمة من خطــــــــــــورة بالغة علي المجتمع تسوغ تغليظ عقوبتها ( [165] ) .
****
الخاتمة
عرضنا في هذا البحث لمجمل الإشكاليات القانونية التفصيلية المتعلقة بأفعال نقل العدوى عن طريق الخطأ ، ومدي المسئولية الجنائية عنها في ظل القواعد القانونية القائمة ، وما هو المأمول من تشريعات قانونية لمواجهة القصور التشريعي في هذا الصدد.
ولقد مهدنا للبحث بالدوافع لاختيار البحث في هذا الموضوع ، إشكالية البحث في هذا الموضوع ، جهود فقهاء القانون في البحث في هذا الموضوع ، وقسمنا البحث لمبحثين ، وفي المبحث الأول عرضنا لما هية الخطأ غير العمدي في نقل العدوي وصوره ، وعرضنا تعريف الخطأ غير العمدي وعناصره في نقل العدوي ،والمعيار الذي يتحدد علي أساسه الخطأ في تجريم فعل نقل العدوى ثم عرضنا لصور الخطأ غير العمدي في مجال نقل العدوى.
وفي المبحث الثاني عرضنا لجريمة القتل الخطأ و الإصابة الخطأ عن طريق نقل العدوي فعرضنا لأركان جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ بنقل العدوى ، فعرضنا الركن المادي لجريمتي القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوى ، ثم عرضنا الركن المعنوي لجريمتي القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوي.
وأخيراً عرضنا عقوبة القتل والإصابة الخطأ بنقل العدوى، ثم ختمنا البحث بالنتائج التي توصل إليها البحث ، وأخيراً للتوصيات التي وضعها البحث للأخذ بها بعين الاعتبار .
نتائج البحث
خلصنا من البحث إلي النتائج الآتية:
1- القانون الجنائي ما زال هو الملاذ الأخير الذي تهرع إليه المجتمعات عند تفشي الأمراض المعدية، فمن الملحوظ أن لقواعده أهمية كبيرة في ردع السلوك الإجرامي الذي يتسبب في نقل العدوى، فبعد أن كان دور هذه القواعد ينحصر في مجرد الوقاية من الأمراض المعدية، فقد برز دورها العقابي الرادع في منع انتشار العدوى، كما ظهر في الكثير من الدول التي نظمت تجريم نقل عدوي مرض الإيدز بقواعد عقابية حازمة .
2 – سلوكيات نقل العدوى تعد من أخطر الجرائم ؛ لأن خطورتها لا تقتصر علي المجني عليه وحسب، وإنما تتعداه إلي غيره من المحيطين به، كما أن هذه الخطورة تتعدي الزمان والمكان بحسبان أن أثر الاعتداء يظل لفترة طويلة ويصيب بالضرر أكثر من شخص حتى أنه قد يشمل المجتمع بإثره في فترات زمنية طويلة .
3- أن هناك قصور تشريعي في مجال نقل العدوى عن طريق الخطأ ، حيث لا توجد نصوص مباشرة تجرم الاعتداء بنقل العدوى رغم خطورة تلك الجريمة، وإن وجدت بعض النصوص التي تجرم نقل عدوي بعض الأمراض مثل الزهري فإنها تكون ذات عقوبات غير رادعة لا يمكن تطبيقها علي الأمراض الخطيرة.
4- كما أن القوانين التي تعرضت لنقل العدوى وردت متفرقة ومتشتتة ولم يجمعها قانون واحد، كما اتصفت هذه القوانين بإنها في معظمها قوانين وقائية، ولم تنظم المسئولية الجنائية لناقل العدوى، وما تضمنته من عقاب كان لمخالفة قواعد الوقاية من المرض، و كان هذا العقاب بسيطاً لا يتناسب مع خطورة المرض.
5- عدم مواكبة التشريعات القائمة للتطورات الهائلة في المجتمع، فمن خلال استطلاع القوانين والقرارات المتعلقة بالأمراض المعدية نجد أن معظمها قد وضع منذ أكثر من نصف قرن، في وقت لم يكن العلم قد توصل فيه لاكتشافاته العلمية المعاصرة في شأن الأمراض المعدية ، وإن كانت القوانين الأخيرة قد سدت بعض النقص مثل القانون رقم 152 لسنة 2021 بشأن إجراءات مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية ، وتعديلات القانون رقم 137 لسنة 1958 الصادرة بالقانون رقم 124 لسنة 2020 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية .
6- بالإضافة إلي عدم وضوح بعض المفاهيم في التشريع المصري، مثل مفهوم المرض المعدي، ومفهوم الجواهر السامة، وقصور مفهوم الضرب والجرح وإعطاء المواد الضارة، فهذه المفاهيم أصبحت تثير الجدل أكثر مما تزيله.
7- كما خلصنا إلي أن الشريعة الإسلامية تضمنت بعض القواعد القانونية التي تجرم فعل نقل العدوى، واتسمت هذه القواعد بأنها قواعد وقائية، حيث جرمت السلوك الذي يعرض الغير لخطر العدوى، كما أمرت الشخص المريض بالتداوي، وعدم تسببه في نشر مرضه علي المحيطين به.
8- تزايد ارتكاب جريمة نقل العدوى عن طريق الخطأ غير العمدي، فهي ترتكب أكثر ما ترتكب عن طريق الخطأ غير العمدي سواء عن طريق الأشخاص، أو في المنشآت الطبية العامة أو الخاصة.
9- هناك صعوبة في مساءلة الأشخاص المعنوية العاملة في المجال الطبي في التشريع المصري عن جرائم القتل والإصابة الخطأ بالعدوى،أو تعريض الغير لخطر الإصابة بالعدوى؛ حيث لا توجد نصوص جنائية في قانون العقوبات المصري تقرر المسئولية الجنائية لهذه الأشخاص عن هذه الجرائم، بالرغم من أن السلوك الإجرامي للأشخاص المعنوية العاملة في المجال الطبي يفوق بكثير السلوك الإجرامي للشخص الطبيعي، نظراً لما يملكه من قوة،ووسائل،وفروع كثيرة تفوق قدرات الشخص الطبيعي.
10- ترتكب جريمة نقل العدوى بالسلوك الإيجابي، وترتكب أيضاً بالسلوك السلبي، ولا يوجد سبب أو مبرر قانوني للتفرقة في جرائم الامتناع الإيجابية بين الجرائم العمدية والجرائم الغير عمديه ليقر القضاء العقاب علي الأخيرة دون الأولي في الجرائم المتعلقة بالاعتداء علي الحياة والسلامة الجسدية.
11- قامت بعض الدول بتنظيم نقل العدوى بتشريعات مستقلة، وجرمت الاعتداء بنقل العدوى؛ فعاقبت بالسجن عشر سنوات والغرامة، كل من يعلم أنه مصاب بالإيدز وتسبب في نقله إلي آخر، ومن هذه الدول الكويت وكندا وإنجلترا وبعض الولايات الأمريكية.
12- اتجهت السياسة التشريعية الجنائية في معظم الدول التي نظمت جريمة نقل العدوى إلي الاتجاه نحو التجريم الشكلي لمواجهة الاعتداء قبل وقوعه وذلك بالعقاب علي أي سلوك إيجابي أو سلبي يهدد بالخطر دون اشتراط تحقق الضرر، وهو ما يعرف بسياسة التجريم الشكلي.
13- اتصفت بعض التشريعات بالجور علي حقوق المرضي ولم تراعي التوازن بين الحق في حماية المجتمع من الأمراض المعدية، وحق المريض في ممارسة حقوقه.
****
توصيات الباحث
ننتهي من هذا البحث إلي التوصيات الآتية :
1- لزوم التدخل التشريعي الفوري لتنظيم جريمة نقل العدوى بالأمراض المختلفة وإفراد عقوبات معينة علي حسب خطورة المرض المعدي محل الجريمة باعتبار أن جريمة نقل العدوى جريمة مستقلة تتصف بخصائص مميزة.
2- إعادة النظر في السياسة التشريعية الوقائية التي تبناها المشرع المصري تجاه الأمراض المعدية ، والتي أصبحت عاجزة عن توفير الحماية الجنائية ضد الاعتداء علي الحق في الحياة والصحة، مع ضرورة تبني السياسة التشريعية العقابية بما يتناسب مع المعطيات العلمية الحديثة والتطور العلمي الهائل في المجال الطبي.
3- ضرورة تحديد المضمون القانوني الدقيق للمرض المعدي، وترتيب الأمراض المعدية بحسب خطورتها، وما يكون منها قابل للشفاء، أو غير قابل له، وذلك حتى يتمكن القاضي من تطبيق صحيح القانون، وإنزال العقاب المناسب لكل جريمة علي حده حسب خطورة المرض .
5 – يجب اعتناق التشريع الذي يجرم كل امتناع عن تقديم المساعدة الطبية لشخص في خطر، لخطورة ما يترتب علي هذا الامتناع من نتائج إجرامية كالوفاة، والإصابة بعاهة مستديمة، خصوصاً في حالة امتناع المنشآت الطبية عن قبول المريض أو تقديم المساعدة الطبية له بسبب عدم مقدرته علي سداد مصروفات العلاج في الحال.
6- كما يجب اعتناق فكرة تجريم تعريض الغير لخطر العدوى بمجرد حمل الفيروسات المسببة للمرض دون مبرر، وهذه الفكرة تحمل في طياتها تجريم أي سلوك خطر يمثل تهديد بإحداث ضرر لحياة الشخص أو سلامته الجسدية أو ينذر بحدوث هذا الضرر، كما تحمل هذه الفكرة تجريم كل سلوك إجرامي ينتج عنه ضرر يلحق حقاً أو مصلحة يحميها القانون، سيما في ظل مخاطر تداول الفيروسات والميكروبات، والبكتريا.
7- وضع جريمة نقل العدوى في قالب الجريمة الشكلية التي تتم بمجرد إتيان السلوك المادي دون التوقف علي حدوث النتيجة، نظراً لما تتصف به هذه الجريمة من صفات تجعلها مستحيلة الاكتشاف والإثبات، ومن ثم فالتجريم الشكلي هو الأكثر ملائمة لجريمة نقل العدوى التي تتدرج فيها النتيجة المرضية من سوء إلي سوء، فلا تستقر علي حالة واحدة.
8- تجريم مخالفة المريض بمرض معدٍ للتعليمات العلاجية، والتدابير الوقائية التي تضعها السلطات المختصة له، كالالتزام بعدم مغادرة دور العلاج، أو الإنقطاع عن تلقي الخدمات الطبية، لمنع نشر مرضه علي الآخرين.
9- إضافة أفعال التبرع بالدم الملوث من جانب المتبرعين الحاملين للأمراض المعدية للأفعال المجرمة قانوناً، إذا كانوا يعلمون بحقيقة حالتهم الصحية، مع تشديد العقاب في حالة تعمد الإصابة أو إزهاق روح الضحية.
10- تفعيل دور الخطأ في نطاق التجريم والعقاب لمواجهة مخاطر نقل العدوى إذ أدي التطور العلمي إلي زيادة كبيرة في الإجرام غير العمدي والذي يخرج عن نطاق الصور التقليدية للجرائم غير العمدية، كما يجب وضع حدود فاصلة وواضحة بين الخطأ غير العمدي والقصد الاحتمالي الذي يتشابه في أحوال كثيرة مع الخطأ الواعي.
11- إرساء المسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية العاملة في المجال الطبي في قانون العقوبات، والنص علي تجريم نقل العدوى الذي يتم في المنشآت الطبية بقواعد تفصيلية، نظراً لخطورة الجرائم التي تقع داخل هذه المنشآت.
12 – إعادة تنظيم موقف القانون من واجب الإبلاغ عن الأمراض المعدية، والمسئولين عن التبليغ، والسلطة المختصة بتلقي البلاغات، ووضع عقوبات رادعة للمريض الذي يلتزم الصمت، ولم يخطر شريكة بحقيقة مرضه، أو لم يخطر السلطات المختصة بإصابته بالمرض المعدي.
13- حقوق الإنسان مصونة في جميع التشريعات، فلا ينبغي أن تتخذ الدعوة إلي حماية المجتمع من الأمراض المعدية ذريعة للمساس بحقوق الفرد وسلامته، بما في ذلك عزله أو حرمانه من الحصول علي حقوقه، أو التمتع بالخدمات العامة، أو انتهاك إسراره.
14- تجريم السلوك التمييزي ضد المرضي بمريض معدٍ، ولا ينبغي أن يكون تجريم نقل العدوى حرباً عليهم، وإنما حرباً علي السلوكيات الإجرامية الخاطئة التي تتسبب في نقل المرض، فتعريض هؤلاء المرضي للمشقة أو التفرقة دون غيرهم يخالف المبادئ الأخلاقية، ويؤدي إلي رغبتهم في الانتقام.
***
قائمة المراجعٍ
أولا: المراجع العربية:
- الكتب:
د/ أحمد تمام: تعريض الغير للخطر في القانون الجنائي – دراسة مقارنة – دار
النهضة العربية – ط 2004.
د/ أحمد حسني أحمد طه: المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز في الفقه
الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي – دار الجامعة الجديدة
– ط 2007.
د/ أحمد شوقي أبو خطوة : جرائم التعريض للخطر العام – دار النهضة العربية –
طبعة 1992.
د/ أحمد محمد لطفي : الإيدز وآثاره الشرعية والقانونية – دار الجامعة الجديدة للنشر
– طبعة 2005.
د/ السيد محمد عتيق: المشاكل القانونية التي يثيرها مرض الإيدز من الوجهة الجنائية –
دار النهضة العربية 2002.
————- : الدم والقانون الجنائي – دار النهضة العربية 1997.
د/ الغريب إبراهيم محمد الرفاعي: دفع الضرر العام بإثبات الضرر الخاص –
دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون – دار الكتب القانونية –
ط 2011.
د/ أمين مصطفي محمد : الحماية الجنائية للدم – دار الجامعة الجديدة للنشر – ط
2008.
د/ جميل عبد الباقي الصغير: القانون الجنائي والإيدز – دار النهضة العربية 1995.
——————: جرائم الدم – دار النهضة العربية 1997.
د/ حسن محمد ربيع: المسئولية الجنائية في مهنة التوليد – دراسة مقارنة – دار
النهضة العربية – طبعة 1995.
د/ حمد سلمان سليمان الزيود:المسئولية المدنية عن عمليات نقل الدم الملوث –
دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي
– دار النهضة العربية 2009.
د/ خالد موسي توني: المسئولية الجنائية في مجال عمليات نقل الدم – دار النهضة
العربية – طبعة 2005.
د/ سعيد الصايغ: الإيدز والمناعة – بيروت – لبنان – شركة المطبوعات للنشر –
الطبعة الأولي – 1988.
د/ طلعت الشهاوي: المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل مرض الإيدز – الطبعة
الأولي، دار النهضة العربية 2013.
د/ عادل يحيي قرني: الحماية الجنائية للحق في الصحة بين النظرية والتطبيق – دار
النهضة العربية – 2010.
د/ عاطف عبد الحميد حسن: المسئولية وفيروس مرض الإيدز – المسئولية المدنية
الناشئة عن عملية نقل دم ملوث بفيروس مرض الإيدز
– دار النهضة العربية – 1998.
د/ عبد القادر الحسيني إبراهيم: المسئولية الجنائية للطبيب عن تعريض المرضي
للخطر عمداً –دراسة مقارنة – ط 2010.
—————– المسئولية الجنائية الناشئة عن الإصابة بالفيروسات –
دار النهضة العربية – طبعة 2007.
—————: التجارب الطبية بين الإباحة والتجريم – دراسة مقارنة
– دار النهضة العربية – طبعة 2009.
د/ محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات – القسم العام – دار النهضة العربية
طبعة 1989 .
—————: أسباب الإباحة في التشريعات العربية – محاضرات لقسم
الدراسات القانونية – عام 1962.
—————: النظرية العامة للقصد الجنائي – دار النهضة العربية –
ط 1988.
د/ نسرين عبد الحميد نبيه: المسئولية الجنائية عن نقل عدوي مرض أنفلونزا الطيور
في الشريعة والقانون – مكتبة الوفاء القانونية –
الطبعة الأولي – سنة 2009.
ثانياً: المراجع الفرنسية:
André Aurengo, Daniel Couturier , Dominique Lecourt ; Politique de santé et principe de precaution , editions. P.U.F. 2011.
Patrick Canin :
droit penal general – editions Hachette 2019.
Patrick Mistretta ;
droit penal Medical. editionCujas 2013. P.245.
BYK ( C.) ;
Le sida ,mesures de santé publique et protection des droitindividuels , D. 1991.
Cedric Ribeyre ;
Fin de Vie etdroit Penal. edition Cujas2014.
Claude Rambaud , Georges Holleaux ; La responsabiliteJuridique de L’ infirmiere . editionLamarre. 2014.
DEMEESTER (M.) ;
Contamination par transfusion du virus resposabilitestindemnisation du sida., D.S.1992 chro.
Dominique Lecourt:
la santé face au principe de precaution – editions .P.U.F.2009.
EL CHAZLI ( F.):
Le sida au regard droitegyptien rapport presente au colloque international surdroit et sidacomparaison international paris du 26-28 Oct. 1991.
Gilles (M.)
Sida et droitpenal , R.S.C. , 1996.P98 .
HAUSSER (F.) ;
Sida et prison quellespolitiques ,quellesreglementatons?insida et libertes,Acts sud1991.
LAMPERT FAIVRE (Y.R);
-Lindemnisation des victims post-transfusionnelle du sida ,hieraujourd’hui ,et Demain Rev. crimdr civ 1993
-Principles d’mdemnisation des victims post. Transfusionnelle du sida D 1993.
LEESJONES (N);
Les differents Aspects juridiques des problemes proses par le sida aux ETATS-UNIIS colloque international ”droitetsidacomparaison international paris October. 1991.
ثالثاً: المراجع باللغة الإنجليزية:
Antonio Cassese ;
international criminal law Oxford University press edition 2003.
Ian Loveland ;
Frontiers of criminalits sweet – Maxwell third edition 1995.
Janet dine and jamesgobert ;
cases materials on criminal law Oxford University press fourth edition 2003.
John E; Douglas ,annW.burgess, allen G. Burgess and Robert K.Ressler ;
crime classification manual jossey- Bass second edition 2006.
Jonathan herring criminal law palgrave Macmillan fourth edition 2005.
Josh Powell;
Aids and Hiv – Related Diseases.Insight books 1996.
L.B. Curzan ;
criminal law Longman law fourth edition sweet Maxwell 1996.
Nigle G Foster and SatishSule ;
Germay legal system and laws Oxford university press third edition 2002.
P.R. Glazebrook ;
statutes on criminal law fifteenth edition Oxford University press 2005/2006.
Russell Heation ;
criminal law Oxford University press second edition 2006.
Richard Elliot ;
criminal law hiv / aids final candianHiv/Aids legal netword and Canadian aids society montreal 1996.
Richard Ward and Amanda ;
Walker and Walker’s English legal system Oxford University press Ninth edition 2005.
William A schabas ;
- genocide in international law Cambridge university press edition 2000.
- an introduction to the international criminal court Cambridge university press second edition 2004.
Web- Sits ( internet ):
-http”wwwaidslaw.ca maincontent issues criminal la final report.
-http.w.w.w.montrealca/doc/csc/scc/en indix html.
-Candianhiv/aids legal network Canadian aids society internet w.w.w.aids law ca / or throught national aids clearing house.
الهوامش:
- ) راجع د / أحمد حسني أحمد طه : المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز – دار الجامعة الجديدة باللاسكندرية –ط 2007 – ص 92 ، وأيضاً راجع نقد فكرة القصد الاحتمالي في التشريع المصري : د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم العام – دار النهضة العربية 2013 – ص 644 . ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية – الطبعة الثالثة – ط 2013 – ص 663 . ↑
- () د/ محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات – المرجع السابق – ص 65. د / هدي حامد قشقوش: جرائم الاعتداء علي الأشخاص – دار الثقافة الجامعية – طبعة 1994 – ص11. ↑
- () د/ محمد حسن غانم: سيكولوجية مرضي الإيدز – التعريف – الوبائيات – الأسباب – الوقاية – العلاج والإرشاد – دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة – طبعة 2008 – ص 38. ↑
- () د/ محمد حسن غانم: سيكولوجية مرضي الإيدز – المرجع السابق – ص 143. ↑
- () مستشار دكتور محمد جبريل إبراهيم : موتي بلا جنائز في ظل كوفيد 19 – در النهضة العربية 2020 – ص 45 . ↑
- () د / محمد صادق صبور: مرض نقص المناعة المكتسب إيدز – الطبعة الثالثة – 1993 – ص 19. ↑
- () د /عاطف عبد الحميد حسن: المسئولية وفيروس مرض الإيدز – دار النهضة العربية طبعة 1998 –
ص 5. ↑ - () Johne. Douglas, ann w. Burgess, Allen G. Burgess and Robert: Crime Classification second edition 2006. P. 485 ” The use of biological agents as weapons since biological weapons are made up from living organism they are often considered more dangerous than chemical weapons because they are hard to control and it is difficult to predict how the organism will react mutate and spread. OP. Cit., P. 486 ↑
- () د/ خالد موسي توني: المسئولية الجنائية في مجال عمليات نقل الدم – دار النهضة العربية – ط 2005 – ص 4. ↑
- () د/ أمين مصطفي محمد: الحماية الجنائية للدم من عدوي الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي – دار الجامعة الجديدة – ط 2008 – ص 94. ↑
- () د/ جميل عبد الباقي الصغير: القانون الجنائي والإيدز – دار النهضة العربية طبعة 1995 – ص 31. ↑
- () نظمت بعض القوانين المصرية نقل عدوي بعض الأمراض مثل مرض الجذام بالقانون رقم 131 لسنة 1946 ، والأمراض الزهرية بالقانون رقم 158 لسنة 1950. ↑
- () د/ أحمد حسام طه تمام: تعريض الغير للخطر في القانون الجنائي – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – ط 2004 – ص 53. ↑
- () د / أحمد حسني أحمد طه: المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز في الفقه الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي – دار الجامعة الجديدة – طبعة 2007 – ص 108. ↑
- () راجع د/ محمد حسن غانم: سيكولوجية مرضي الإيدز – مرجع سابق – ص 191 و200، ود / جميل عبد الباقي الصغير – القانون الجنائي والإيدز – مرجع سابق – ص 30. ↑
- () د / مهند سليم المجند : جرائم نقل العدوي – دراسة مقارنة بين القانون المصري والفقه الإسلامي والنظام السعودي – مكتبة حسن العصرية للطباعة والنشر والتوزيع – ط 2012 – ص 180. ↑
- () Fayer ( Jacques ) et Khaiat (Lucette ) , droit et Sida: la situation Francaise rapport presente au colloque international sur droit et sida comparaison internationale paris du 26-28 Octobre 1991 , P.4. ↑
- () د / شريف سيد كامل: تعليق علي قانون العقوبات الفرنسي الجديد – الطبعة الأولي 1998 –دار النهضة العربية – ص 41. ↑
- () راجع د / فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز –دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية – طبعة 2001 – ص 129. ↑
- () د / شريف سيد كامل : شرح قانون العقوبات – القسم العام –النظرية العامة للجريمة والنظرية العامة للجزاء الجنائي – الطبعة الأولي 2013 – دار النهضة العربية – ص 11 . ↑
- () د/ أحمد حسني أحمد طه: المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز – مرجع سابق – ص 108. ↑
- () د / مهند سليم المجند : جرائم نقل العدوي – دراسة مقارنة – مرجع سابق – ص 172. ↑
- () د / مهند سليم المجند : جرائم نقل العدوي – دراسة مقارنة – المرجع السابق – ص 175. ↑
- () يوجد مؤلف الدكتور / أحمد شوقي عمر أبو خطوة: القانون الجنائي والطبي الحديث – ط 2007 دار النهضة العربية، ومؤلف د/ محمد سامي الشوا: الخطأ الطبي أمام القضاء الجنائي ط 1993 دار النهضة العربية، وغير ذلك من المؤلفات. ↑
- () د/ أحمد عبد الدايم: أعضاء جسم الإنسان ضمن التعامل القانوني – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت 1999- ص 67. ↑
- () راجع حكم محكمة مصر الإبتدائية الصادر بجلسة 14/3/1949 – المحاماة لسنة 29 – ص 202 رقم 117 حيث قضت بأن “.. الأمراض في ذاتها من العورات التي يجب سترها حتي ولو كانت صحيحة، فإذاعتها في محافل عامة وعلي جمهرة المستمعين يسئ إلي المرضي إذا ذكرت أسماؤهم وبالأخص بالنسبة للفتيات ؛ لأنه يضع العراقيل في طريق حياتهن ويعكر صفو آمالهن وهذا خطأ يستوجب التعويض… “، وانظـر د/ رامي متولي القاضي: مكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية في التشريع المصري والمقارن – دار النهضة العربية – ط 2011 – ص 92. ↑
- () د/ مدحت عبد الحليم رمضان : الحماية الجنائية لشرف واعتبار الشخصيات العامة – دار النهضة العربية 1999- ص 20 . ↑
- () راجع هذه الإشكاليات د/ أمين مصطفي محمد: الحماية الجنائية للدم – مرجع سابق – ص 100، 101. ↑
- () راجع التعليق علي قضية الدم الملوث التي حدثت في فرنسا في 1980 للدكتور السيد عتيق: في مؤلفه الدم والقانون الجنائي – دار النهضة العربية – طبعة 1997 – ص 23. ↑
- مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم : المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل العدوي – دار النهضة العربية 2020 – 160 . ↑
- () انظر د/ أحمد السعيد الزقرد: تعويض ضحايا مرض الإيدز والا لتهاب الكبدي الوبائي بسبب نقل دم ملوث – دار الجامعة الجديدة – طبعة 2007 – ص 49. ↑
- () صدر هذا البحث للدكتور أحمد السعيد الزقرد وطبع بمكتبة دار الجامعة الجديدة بالإسكندرية سنة 2007. ↑
- ()Le Monde , 18 decembre 1991 . ↑
- () راجع د/ جميل عبد الباقي الصغير: القانون الجنائي والإيدز – مرجع سابق 31، ود/ فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – مرجع سابق – ص 86. ↑
- () صدر هذا البحث بعنوان القانون الجنائي والإيدز وطبع في دار النهضة العربية – سنة 1995. ↑
- () د / السيد عتيق: الدم والقانون الجنائي – دار النهضة العربية 1997. ↑
- () انظر دكتور / فتوح عبد الله الشاذلي: أبحاث في القانون والإيدز – ط 2001 – ص 67. ↑
- ) يضم هذا الاتجاه بعض التشريعات الجنائية ومنها قانون العقوبات المصري الصادر سنة1937 وقانون العقوبات الفرنسي الصادر سنة1810 والألماني الصادر سنة1870 والأردني الصادر سنة 1951 والجزائري الصادر سنة1966 والعراقي الصادر سنة1969 ↑
- ) عرف قانون العقوبات السويسري في المادة 18/3 الخطأ غير العمدي بأنه ” يعتبر مرتكباً جناية أو جنحة بالإهمال كل من يتصرف بعدم تبصر آثم دون أن يدرك أو يضع في حسبانه نتائج فعله ، ويكون عدم التبصر إثما إذا كان الفاعل قد اغفل الاحتياطيات التي تقتضيها الظروف ووضعه الشخصي ” ↑
- ) ويدخل في هذا الاتجاه قانون العقوبات السويسري الصادر سنة1937 في المادة 18/3 منه وقانون العقوبات اليوناني الصادر سنة1950 في المادة 28منه ، والروماني الصادر سنة1968 في المادة 19/1،2منه واللبناني الصادر سنة 1943 ، والسوري الصادر سنة 1949 في المادة 190منه ، والكويتي الصادر سنة1960 في المادة 44منه . ↑
- ) تضمن مشروع قانون العقوبات المصري الذي اعد سنة 1966 تعريفا للخطأ في المادة 27 منه والتي نصت علي ” تكون الجريمة غير عمدية إذا وقعت النتيجة الإجرامية بسبب خطأ الفاعل ويعتبر الخطأ متوافرا سواء توقع الفاعل نتيجة فعله أو امتناعه وحسب أن في الإمكان اجتنابها أو لم يحسب ذلك أو لم يتوقعها وكان في استطاعته أو واجبه000) . ↑
- ) د/ رمسيس بهنام – القسم الخاص من قانون العقوبات سنة 1982 ص 327 . ↑
- ) د/ رءوف عبيد : ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية في قضاء النقض المصري – القاهرة سنة1956 ص 200 . ↑
- ) د/محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم العام – المرجع السابق ص 663 . ↑
- ) د مأمون محمد سلامة : قانون العقوبات – القسم الخاص – مرجع سابق ص 92 ، – والنظرية الغائية للسلوك في القانون الجنائي ، المجلة الجنائية القومية 1969 العدد الثاني – ص 129 ، والأحكام العامة للمسئولية الجنائية ، مجلة القانون والاقتصاد – عدد خاص – 1983 ص 473 ↑
- ) د/ محمود محمود مصطفي : شرح قانون العقوبات – القسم العام – مرجع سابق – ص383 . ↑
- ) د/ رءوف عبيد : مبادئ القسم العام – مرجع سابق ص273 . ↑
- ) ويجب التمييز هنا بين الخطأ ، والقصد الاحتمالي : فإذا اقترن التوقع بقبول الجاني للنتائج المتوقعة كان القصد احتماليا ، أما إذا لم يقبلها كان خطأ غير عمدي . ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم العام – المرجع السابق ص 671 . ↑
- ) د/ محمود محمود مصطفي : شرح قانون العقوبات – القسم العام – مرجع سابق – ص388 . ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم العام – مرجع سابق – ص667 . ↑
- ) د / أسامة عبد الله قايد : المسئولية الجنائية للأطباء – مرجع سابق – ص 147 . ↑
- ) انظر قرار وزير الصحة رقم 336لسنة1986 المنشور في الوقائع المصرية بتاريخ 26/10/1986 عدد 241 – ص 10 . ↑
- ) د/ حسني الجندي : شرح قانون العقوبات : القسم العام – مرجع سابق ص 321 . ↑
- ) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد جـ 1 رقم 528 ص 779 . ↑
- ) د/ رءوف عبيد : مبادئ القسم العام – المرجع السابق ص 284 . ↑
- Frany,59,S. 187, Mezger, Lehrbuch, 46,S.359,Maurach, 46, S 491, Schmidt , p 119 , Bayer, p. 300 ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم العام – مرجع سابق ص 671 ↑
- ) في بعض النصوص ذكر المشرع بعض صور الخطأ وفي بعضها ذدرها جميعا فالمواد 139 الخاصة بهرب المحبوسين ، 147 الخاصة بفك الاختام و 151 الخاصة بسرقة المستندات اقتصرت علي الإشارة إلي “الإهمال ” في حين أضافت المادة 163 الخاصة بتعطيل المخابرات التلغرافية صورة ثانية هي ” عدم الاحتراس” أما المادتان 238 و244 الخاصتان بالقتل والجرح غير العمديين فقد ذكرتا صورا عديدة للخطأ فنصتا علي الرعونة وعدم الاحتياط والتحرز والاهمال والتفريط وعدم الانتباه والتوقي وعدم مراعاة وأتباع اللوائح 0 ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – المرجع السابق ص 677 . ↑
- ) انظر التعليق علي هاتين المادتين الأستاذ / سيد حسن البغال : موسوعة التعليقات علي قانون العقوبات والقوانين المكملة له الجزء الأول طبعة أولي 1965 دار الفكر العربي ص 561 و 586 . ↑
- ) في المادة 169 عقوبات لم يذكر المشرع صورة من صور الخطأ مكتفيا بذكر ( من تسبب بغير عمد في حصول حادث لاحدي وسائل النقل العامة ) وفي المادة 139 عقوبات ( الحارث الذي يؤدي إهماله إلي هرب المقبوض عليه) . وفي المادتين 147 و 148 عقوبات الحارث الذي يترتب علي إهماله فك الأختام ، وفي المادة 82 عقوبات من سهل بإهماله و تقصيره إرتكاب جريمة من جرائم أمن الدولة . ↑
- ) Garraud,V,no . 2051, p. 410. Garcon , art . 319, 320 bis, no . 23. ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 50587 لسنة 72 ق – جلسة 16/4/2003 . ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 15055 لسنة 83 ق – جلسة 10/6/2014 . ↑
- ) TC. Seine , 22Juillet 1887,p.4. ↑
- ) د/ رءوف عبيد : جرائم الإعتداء علي الأشخاص والأموال – المرجع السابق ص 165 ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 4864 لسنة 5 ق – جلسة 6/2/2016 . ↑
- ) Merle et Vitu , no, 463,p . 456. ↑
- ) أصدر السيد محافظ أسيوط قراراً يوجب علي الراغبين في الزواج تقديم شهادة صحية تثبت خلوهم من حمل فيروس الإيدز – انظر جريدة الأهرام الصادرة بتاريخ 13/5/1994 العدد الأسبوعي ص 6 من الملحق الأسبوعي ↑
- ) Garcon , art . 319 ,320 bis , no . 27. ↑
- ) نظراً لوجود علاقة بين حدوث عدوي الإيدز وبين تكرار استخدام الإبر الملوثة فقد أصدر وزير الصحة القرار رقم 336لسنة1986 بتعميم استخدام المحاقن الزجاجية والمعدنية والتي تستخدم لمرة واحدة بدلا من المحاقن الزجاجية والمعدنية المعدة للاستعمال المتكرر ، وأيضا نظرا لخطورة مرض الكلب فقد اعتبر الخطأ متوافراً بعدم أتباع ما يقضي به منشور وزارة الداخلية رقم 23لسنة1927 الذي يقضي بإرسال المعقورين إلي مستشفى الكلب – راجع نقض 30يونية سنة1953 مجموعة أحكام محكمة النقض س 4 رقم 264 ص 1032 ↑
- ) د/ جميل عبد الباقي الصغير : القانون الجنائي والإيدز – مرجع سابق ص 65 ↑
- ) أ/ محمود إبراهيم إسماعيل : مرجع سابق – رقم 139 – 130 . وفي الفقه الإنجليزي :
Michael t molon and Gaeme Broadbent cases , materiels on criminal law op . Cit ., P . 28 smith and Hogan Op . Cit ., P . 81 , 82 , 83 , L.B. curzon , criminal law , seventh 1994 , pp. 38: 39:Nigel Foster and Satish sule , German legal system , Op . Cit pp. 320 :321 . Alan Reed and peter seago, criminal law , Op . Cit ., pp. 66:72. ↑
- ) د/ محمود كبيش : تطور مضمون الخطأ غير العمدي في قانون العقوبات الفرنسي – دار النهضة العربية – ص 38 . ↑
- ) Nigel Foster and satish sule , Op . Cit ., P . 320. ↑
- ) Art.221-6 Le fait de causer dans conditions et selon les distinctions prevus a l,article 121-3 . par maladresse , imprudence , inattention , negligence ou manquement a une obligation de securite ou de prudence imposee par la loi ou les reglements , la mort d, autrui constitue un homicide involontaire puni de trois ans d,emprisonnement et de 45 .000 Euros d,amende.
En cas de violation manifestement delibere a une obligation de particuliere securite ou de prudence imposee par la loi ou les reglements les peines encourues sont portees a cinq ans d,emprisonnement et a 75 .000 Euros d,amende .
Art.222-19 Le Fait de causer a autrui , dans les conditions et selon les distinctions prevues a l,article 121-3 . par maladresse , imprudence, inattention, negligence ou manquemement a une obligation de securite ou de prudence imposee par la loi ou les reglements une incapacite totale de travail pendant plus de trois mois est puni de deux ans d,emprticuliere et de 30.000 Euros d,amende. Encas de violation manifestement delibere a une obligation particuliere de securite ou de prudence imposee par la loi ou les reglements les peines encourues sont portees a trois ans d,emprisonnement et a 45.000Eurosd,amende . ↑
- ) راجع صور الخطأ العام : د/ جميل عبد الباقي الصغير – جرائم الدم – مرجع سابق ص 115 . ↑
- ) Garcon (E.) , art 319.320 No. 22 et Garraud No. 2054 P.413 et 414 , Voir l,inobservation des reglements chez , , gattegno (p.) Droit penal special . Op .Cit ., p . 56 , Rassat (M.L.), Droit penal special .Op.Cit., No.293.P.280. ↑
- ) د/ جميل عبد الباقي الصغير : جرائم الدم – مرجع سابق ص 115 . ↑
- ) راجع صور الخطأ الخاص – د/ جميل عبد الباقي الصغير – المرجع السابق –ص 118 ود/ محمود نجيب حسني : القسم الخاص – مرجع سابق – ص 408 . ↑
- ) Merle (R.) et Vitu (A.) , traite de droit criminel , droit penal special , Oip.Cit ., No, 1777 pp. 1435:1436. ↑
- ) د/ محمود كبيش : تطور مضمون الخطأ غير العمدي في قانون العقوبات الفرنسي – دار النهضة العربية – ص 38 ↑
- ) Garcon (E.) ,art 319 .320 No . 22 et Garraud No.2054 P.413 et 414, Voir l,inobservation des reglements chez, Gattegno (P.) Droit penal special . Op . Cit ., P .56, Rassat (M.L.), Droit penal special . Op . Cit ., No. 293 . P. 280 . ↑
- ) Paris, 25/4/1945 D. 1946 P. 190 ANDRE TUNE. ↑
- ) د/ محمد إبراهيم المعصراني : المسئولية الجنائية عن عمليات نقل الدم الملوث – الرسالة السابقة – ص 202 . ↑
- ) د/ محمد فائق الجوهري – المرجع السابق – ص 431 . ↑
- ) Gaz.Pal . 1924-2 P . 454. ↑
- ) ولقد حدث بالفعل في قضية نقل الدم الملوث بمستشفى أحمد ماهر والتي تتلخص وقائعها في قيام العاملين ببنك الدم ووحدة الغسيل الكلوي بمستشفى أحمد ماهر بنقل دم ملوث لمرضي الفشل الكلوي مما أصابهم بالإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي نتيجة ذلك وقد بلغ عدد المصابين المعلن عنهم ثمانية عشر شخص مات منهم عشرة أشخاص ، وتم إدانة المتهمين في هذه القضية عن جريمة القتل والإصابة الخطأ وعوقب تسعة وعشرين منهم في هذه القضية بالحبس لمدة سنة والشغل وكفالة مائتي جنية ، وقد اكد هذا الحكم وجود خطأ من الاطباء والعاملين في المستشفى ترتب عليه حدوث هذه الكارثة . ↑
- ) القضية رقم 8930لسنة2001 جنح الضرب الأحمر ، والمستأنفه برقم 5255لسنة2002 جنح مستأنفه الدرب الأحمر . ↑
- ) د/ خالد موسي توني : المسئولية الجنائية في مجال عملية نقل الدم – رسالة سابقة – ص 384 . ↑
- ) قضت المحكمة العليا في كندا في 3 سبتمبر 1998 في حكمها في قضية كيورير بأن عملية الاتصال الجنسي بدون حماية الطرف الآخر تعتبر إعتداء مشدد وتصل عقوبته إلي السجن خمس سنوات :
See the Full text of the supreme court ,s judgement in R.V. Cuerrier Can be Found at {h TT P:WWW umontreal CA/doc/CSC-SCC/en index. Html}.and See also Richard elloitt. Op . Cit ., P. 65 . ↑
- ) د/ حسنين عبيد : الوجيز في قانون العقوبات – القسم الخاص – جرائم الإعتداء علي الأشخاص – ط 1998 دار النهضة العربية رقم 60- ص 103 . ↑
- ) هناك رأي يري أنه يجب الأخذ بمعيار جسامة الخطأ ، لتحقيق الردع الخاص الذي يجب أن تكفله العقوبة ، ولقد أخذ قاون العقوبات المصري بالاتجاهين فأخذ بمعيار جسامة الخطأ وجسامة الضرر . راجع في هذا الخلاف د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات : القسم الخاص – دار النهضة العربية – الطبعة الثالثة – رقم 389 – ص 600 . ↑
- ) المستشار / عزت حسين : جرائم القتل بين الشريعة والقانون – مرجع سابق – ص 117 . ↑
- )Merle (R.) et Vitu (A.) , traite de droit criminel , droit penal special , Op. Cit., No 1786, P.144. ↑
- ) د/ أبو اليزيد المتيت – جرائم الإهمال – مؤسسة شباب الجامعة – الطبعة الرابعة – ص 31 . ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 15055 لسنة 83 ق جلسة 10/6/2014 . ↑
- ) د/ أبو اليزيد المتيت – المرجع السابق – ص 99 . ↑
- ) BOLONGO ( G.L. ) , OP. Cit ., P . 60. ↑
- ) إذا لم تحدث نتيجة مهما توافر الخطأ في مسلك الشخص ، ومهما كان جسيماً فلا عقاب عليه ، ولا شروع فيه 000) نقض فرنسي 29ديسمبر 1937 0دالوز الاسبوعي 1938 0 ص 133 . ↑
- ) Art.222-19 Le Fait de causer a autrui , dans les conditions et selon les distinctions prevues a l,article 121-3 . par maladresse , imprudence, inattention, negligence ou manquemement a une obligation de securite ou de prudence imposee par la loi ou les reglements une incapacite totale de travail pendant plus de trois mois est puni de deux ans d,emprticuliere et de 30.000 Euros d,amende. Encas de violation manifestement delibere a une obligation particuliere de securite ou de prudence imposee par la loi ou les reglements les peines encourues sont portees a trois ans d,emprisonnement et a 45.000Eurosd,amende . =
Art.222-20:Le fait de causer a autrui , par la violation manifestement deliberee d,une obligation particuliere de securite ou de prudence imposee par la loi ou le reglement ” une incapactie totale de travail d,une duree inferieure ou egale a trois mois , est puni d,un an d,emprisonnement et de 15.000 Eruos D,amende . ↑
- ) د/ جميل عبد الباقي الصغير – المرجع السابق – جرائم الدم –ص 267 و د/ عبد المهيمن بكر سالم – المرجع السابق – ص 652 . ↑
- ) النتيجة الإجرامية المتمثلة في الإصابة الخطأ وإيذاء الشخص في سلامة جسمه أو صحته ، تكون قد تحققت فإذا لم تحدث هذه النتيجة مهما توافر من خطأ في مسلك الشخص ، ومهما كان جسيماً فلا عقاب عليه ولا شروع فيه ولم تحدد تلك المواد وسيلة الإيذاء فيمكن أن تكون أداة ملوثة بفيروس أو الشخص الجاني نفسه أو الأستعانة بحيوان يحمل في دمه الفيروس أو إعطاء المجني عليه أطعمة فاسدة أو مشروبات منتهية الصلاحية كالنبيذ الضار . ( نقض فرنسي 29 ديسمبر 1937 – دالوز الاسبوعي 1938 ص 133) . ↑
- ) راجع القرار بقانون رقم 137لسنة1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية . ↑
- ) د/ أمين مصطفي : الحماية الجنائية للدم – مرجع سابق –ص 126 . ↑
- ) نقض جنائي 3/6/1998 مجموعة المكتب الفني – السنة 49 – قاعدة 102- ص 778 ، ونقض 1/6/2014 مج – السنة 65 ق – 230-ص 650 . ↑
- ) د/ خالد موسي توني : الرسالة السابقة – ص 388 . ↑
- ) Veron (M.), Droit penal special Op . p. 71 , Bolongo (G.L.) : Droit penal special . Op . Cit ., P. 62. Andrew Ashworh , principles of criminal law fourth edition 2003 . p. 123 , Willam Wilson , criminal law . Op . Cit ., P . 95. the prosecution must prove that the death was caused by the defendant,s act ” See Also Catherine Elliott and frances quinn, Op . Cit ., P . 41 . ↑
- ) د/ مأمون محمد سلامة – القسم الخاص – المرجع السابق – ص 98 . ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 9529 لسنة 4 ق – جلسة 3/9/2014 . ↑
- ) د/ فتوح عبد الله الشاذلي : القسم الخاص – مرجع سابق – ص 553 و ص 654 . ↑
- ) TGI , Fontainebleau 16 dec . 1988 tisjuris- D.NO2146 cit . parLEGALLOU (A.)., sida et droit penal OP. cit. P.152. ↑
- )Ca Paris 28 nov. 1991 , D. 1992 , P. 8 Note DORSNEDOLIVET (A.). ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 6475 لسنة 82 ق – جلسة 1/1/2014 . ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 12754 لسنة 82 ق – جلسة 2/4/2014 . ↑
- ) Crim 23 Fv 1972 , Bull . crim. N76. ↑
- ) DANTI – JUAN ( M.) , quelques reflexions en droit penal , Francases sur problemes poses par le sida rev. dr . pen . crim . 1988. p. 638. ↑
- ) د/ أمين مصطفي : الحماية الجنائية للدم – مرجع سابق – ص 128 . ↑
- ) د/ محمد حلمي وهدان : الإيدز ومشكلة العالم المعاصر ونظرة مستقبلية إسلامية – ص 1 بحث منشور علي شبكة المعلومات علي موقع :
htt://WWW.inlamsetcom/Arabic/abioethics/aids/helmey.htal. ↑
- ) د/ أمين مصطفي محمد – المرجع السابق – ص 128 . ↑
- ) د/ أمين مصطفي محمد : المرجع السابق – ص 128 . ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 26135 لسنة 84 ق – جلسة 22/1/2015 ، وراجع د/ جميل عبد الباقي الصغير : جرائم الدم – مرجع سابق – ص 151 ، ود/ عبد المهيمن بكر سالم : المرجع السابق – ص 652 و ما بعدها . ↑
- ) Jonathan herring, criminal law , OP . Cit ., P . 69 , Raynond Youngs , English , French and German Comparative law . Op. Cit ., P. 299 ( it is an essential element of tortious liability in all three legal systems that the defendant,s tortious act omision caused the plaintiff,s loss) ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 15055 لسنة 83 ق – جلسة 10 / 6 / 2014 . ↑
- ) Lyon 13 Juill 1973 G.P.1973 . 2.820-R.S.C1974.89. ↑
- ) Cass Crm 23 Juill 1986 , G. P 1987 . 1 . 104 note Doucet R.S.C. 1987. 199. obs . Levasseur. ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 9529 لسنة 4 ق – جلسة 3/9/2014 . ↑
- ) د/ أحمد فتحي سرور :الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية – مرجع سابق – ص 145 . ↑
- ) أري أن الأخذ بالتقادم قد يفتح الباب علي مصراعية أمام المجرمين لإرتكاب الجرائم والفرار من العقاب المقرر لها ، سيما وأن مدة التقادم في الجنح ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب الواقعة الإجرامية ، وهي فترة ليست طويلة يمكن هروب الجاني خلالها بسهولة ، كما أن علل التقادم ليست مقنعة لأن الادلة الجنائية يسهل الاحتفاظ بها ، ومن الجرائم ما لا يمكن نسيانه وخاصة من كان مجني عليه فيها ، واشير إلي أن الشريعة الإسلامية لا تعترف بقواعد تقادم الجرائم ، فتطبق العقوبة علي الجاني مهما طال الزمن . ↑
- ) د/ محمد حلمي وهدان : وبائية متلازمة العوز المناعي المكتسب “الإيدز” ص 6 مطبوعات منظمة الصحة العالمية – المكتب الاقليمي لشرق البحر المتوسط بالاسكندرية 1991 . ↑
- ) هناك جرائم لا تسقط بالتقادم مهما طالت المدة حيث تنص المادة 65 من القانون رقم 25لسنة1966 بأصدار قانون الأحكام العسكرية علي أنه :-” لا تنقضي الدعوي العسكرية في جرائم الهروب والفتنة ” ↑
- ) د/ مأمون محمد سلامة : الأحكام العامة للمسئولية الجنائية ، مجلة القانون والاقتصاد – عدد خاص 1983 ص 479 . ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني : القسم الخاص – المرجع السابق – ص 402 . ↑
- ) HURTADO POZO (J), ” Le principe de la legalitie , le rapport de Causalite et la culpabilite : Reflexion sur la dogmatique penal ” Revue penale Suisse 1987, p . 46. ↑
- ) د/ جميل عبد الباقي الصغير – القانون الجنائي والإيدز – المرجع السابق – ص 63 . ↑
- ) د/ فتوح عبد الله الشاذلي أبحاث في القانون والإيدز – المرجع السابق – ص 131 . ↑
- ) د/محمود نجيب حسني : شرح قانون العقوبات – القسم العام – المرجع السابق ص 663 و د/ مأمون محمد سلامة – القسم العام – مرجع سابق – ص 92 . ↑
- ) د/ فوزية عبد الستار : النظرية العامة للخطأ غير العمدي : دار النهضة العربية – القاهرة 1977 ص 9 . ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني : القسم الخاص – مرجع سابق – ص 402وما بعدها . ↑
- ) Nigel foster and satish sule , German legal system and law . OP.Cit>, P . 320 (the negligence is not punishable unless clearly stated under the provision of the appropriate offenccatnongh nor defined by the cod the jurisprudence recognizes conscious and unconscious negligence the former has an awareness that an offence may be fulfilled but hopes it will be avoided whereas unconscious negligence has no awareness that either a breach of duty is occurring or that it is an offence ” ↑
- ) Nigel foster and satish sule , German legal system and law . OP.Cit>, P . 320 ↑
- ) أ / محمد عبد المحسن كاظم : فكرة الخطأ وعلاقتها بالمسئولية الجزائية – المجلة العربية للفقه والقضاء – مرجع سابق – ص 71 ↑
- ) د/عبد القادر حسيني إبراهيم : الرسالة السابقة – ص 759 . ↑
- )A.VITU. Droit penal special , op . cit ., N 1770.,p.1427 et 1428. ↑
- )DELOGU ( T ) , ” La culpababilite ..OP. Cit. ” NO. 439,P. 228.. ↑
- ) د/ نبيل مدحت سالم : النظرية العامة للخطأ : المرجع السابق – ص 116 . ↑
- ) الاستاذ / محمد عبد المحسن كاظم : فكرة الخطأ وعلاقتها بالمسئولية الجزائية – المجلة العربية للفقه والقضاء – مرجع سابق – ص 71و72 وما بعدهما . ↑
- ) استاذنا الدكتور المرحوم / مأمون محمد سلامة – القسم العام – المرجع السابق – ص 338 . ↑
- ) د/ حسنين عبيد – جرائم الإعتداء علي الأشخاص – مرجع سابق – ص 45 . ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 20244 لسنة 84 ق – جلسة 12/4/2016 . ↑
- ) GALSSER (S) , Les infractions d’omission . Op . cit ” P . 913. ↑
- )BAYER (V) , Les infraction non intentionnelles.. Op . Cit ” P. 268. ↑
- ) د/ نبيل مدحت سالم : النظرية العامة للخطأ – مرجع سابق – ص 116 ، ود/ أحمد شوقي أبو خطوه : القسم العام – مرجع سابق – ص 354 . ↑
- ) د/ محمود نجيب حسني : النظرية العامة للقصد الجنائي – دار النهضة العربية – القاهرة – ط 3 سنة1988 ص 207 . ↑
- ) Delogu , “la culpabilite ..Op . Cit ” No . 309 , P. 205 et No.429 . P 288 . ↑
- ) Michel Jefferson , Criminal law , Op . Cit ., P. 334. ↑
- ) د/ حسنين عبيد – جرائم الإعتداء علي الأشخاص – المرجع السابق – ص 107 . ↑
- ) د/ محمد إبراهيم المعصراني : المرجع السابق – ص 211 . ↑
- ) د/ عوض محمد – مرجع سابق – ص 130 ، ود حسن صادق – مرجع سابق – ص 261 ، ود / محمود نجيب حسني – مرجع سابق – ص 420 . ↑
- ) نفض جنائي – الطعن رقم 4864 لسنة 5 ق – جلسة 6/2/2016 . د/ أحمد حسني أحمد طه : المسئولية الجنائية الناشئة عن نقل عدوي الإيدز – مرجع سابق – ص 93 . ↑
- ) نقض 17/11/1996 مجموعة المكتب الفني س 47 – ق رقم 173 – ص 1203 . ↑
- ) نقض جنائي – الطعن رقم 2470 لسنة 85 ق – جلسة 9/3/2016 . ↑
- ) اجتمعت الظروف المشددة من جسامة الخطأ والضرر الذي ترتب عليه إصابة ما يزيد علي ثمانية عشر شخصاً بالإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي ، لقي غالبيتهم حتفهم ، في وقائع الدعوي رقم 8930لسنة2001 جنح الضرب الأحمر . ↑