محمد محمود شباط1
1 جامعة آيدن إسطنبول، معهد الدراسات العليا ماجستير، قسم تعليم اللغة العربية
بريد الكتروني: mhmdshbatmhmdshbat11@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(2); https://doi.org/10.53796/hnsj325
تاريخ النشر: 01/02/2022م تاريخ القبول: 07/01/2022م
المستخلص
علم الدلالة مستخدم في اللغة العربية منذ عصور، لكن لعدة أسباب نُسِبَ وضع العلم لغير العرب من أهل اللغات الأخرى. مع أنَّ المتتبع لدراسات الأقدمين يجد تجليات الدلالة واضحة، ففي كتاب (الشعر والشعراء) لابن قتيبة الكثير من الأمثلة على الاستخدامات الدلالية في القرون الهجرية الثلاثة الأولى، ما يدل على أصالة علم الدلالة عندهم.
أما حديثاً فقد تبلور مصطلح علم الدلالة في صورته الفرنسية (Semantyque) لدى اللغوي الفرنسي (Boreal) في أواخر القرن التاسع عشر؛ ليُعبر عن فرع من علم اللغة العام، هو: (علم الدلالات) ليقابل (علم الصوتيات) الذي يُعنَى بدراسة الأصوات اللغوية، وأصل اشتقاق الكلمة يوناني (Semantic) بمعنى (يدل) ومصدره (Sema) يعني (إشارة) لينقل هذا الاصطلاح إلى الإنكليزية (Semantics) ويصبح متداولاً بالإجماع.
من هذا نخلص إلى أن علم الدلالة عربي السبق غربي الوضع والتقعيد، وتجدر الإشارة إلى أن أسس وأصول علم الدلالة لدى علماء العربية الأسلاف والمعاصرين تُدرس ضمن (المنهج المعياري) الذي لا يحيدون عنه فيما يعالجون من مسائل الفصحى سواء في الجوانب الصوتية أو الصرفية أو النحوية أو الدلالية، وأنَّ معاييرهم في اللغة مأخوذة من عصر الاحتجاج، والتي تكونت من الفصحى، كونها الجوهر الذي لا نستطيع أن نحيد عنه، مع ضرورة الإشارة إلى أنا لا نستطيع إسقاط المعيارية الغربية على معيارية اللغة العربية لسببين؛ هما: تباين الطريقة، والاختلاف في موضوع الغائية.
إذا كانت العلة التي من أجلها وجدت اللغة هي الفهم المتبادل بين المتخاطبين بها، فإن هذه الغاية تلزمها أن تتموضع في جميع مسالكها؛ لتحقيق تكامل الدلالة، ولهذا يجب أن يوضع لكل لفظ معنىً يُعبر عنه؛ لتتألف لدينا مفردات تعتبر مرتكزات أو وحدات لغوية، تكون هي أساس نشأة اللغة، وهي أيضاً الأكثر تعبيرًا عن ملاءمة حاجات الإنسان التي يحاول التعبير عنها للطرف الآخر، وبما أن عامل الزمن، والتطور الحضاري، ودخول المستجدات على العالم، يدعو الإنسان إلى البحث عن كيفيات في اللغة تعينه على التعبير عن هذه الأشياء بصورة كاملة وواضحة، احتاج إلى الزيادة على أصول مفردات النشأة اللغوية، فدأب إلى وضع وسائل لذلك، فكان الاشتقاق، والتركيب، والترادف، والمشترك ، والرموز اللغوية وغيرها. وهذه الوسائل كلها وُجدت من أجل هدف، وهو: التوسع في الأداء اللغوي للوصول إلى تحقيق الغاية، وهي: إيصال الدلالة[1].
وفي بحثي هذا سأسلط الضوء على استخدامات الدلالة بمختلف ألوانها وصورها، مع الإشارة إلى أن الأشياء في الطبيعة وانطباعاتها التصورية في ذهن الإنسان واحدة، ولكن طريقة الدلالة عليها تختلف بحسب اللغات والمجتمعات، وربما بحسب الأزمنة والأمكنة في بعض حيثياتها؛ هذا والله أسأل أن يسددني لإيصال ما إليه قصدت، وإتمام ما به بدأت.
تطبيقات في علم الدلالة عامة
1- دلالة الألفاظ العامة
1-1 ألفاظ القرءان الكريم نموذجاً
اللفظة القرآنية موضوعة وضعاً غاية في الدقة؛ لتؤدي الغرض منها تاماً بحسب إرادة الواضع لها سبحانه، سواء وصلت تلك الغاية إلى أفهامنا كما هي، أو قصرت أفهامنا عن فهمها، على أن تيسير الفهم للقرءان الكريم سمة عامة من سماته، قال تعالى: (ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدّكر)[2]، وقد كررت تلك اللفظة القرءانية في سورة القمر ثلاث مرات في كل مرة بعد قصة من قصص الأمم الغابرة، وأتت بصيغة الاستفهام؛ لتدل على مزيد وعظ وتذكير لتطبيق أوامر القرءان واجتناب نواهيه. وفي كلمة مدّكر دلالة إيحائية تنقدح في ذهن المتدبر فور قراءتها في النسق الذي أتت بسياقه.
وانظروا أيضاً لفظة (ليت) في مواطن عدة من القرءان الكريم، كلها في غاية الإبداع والدقة في تأدية معنى واحد، وهو: التمني، الذي لن يحصل عليه صاحبه؛ لأنه تمنٍّ بعد فوات الأوان يورثه شدة الندم والتحسر على ما فات، قال تعالى: (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه، ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا)[3] ، وقال: (ويوم يعضُّ الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتى ليتني لم أتَّخذ فلاناً خليلاً)[4]، وقال سبحانه: (وجيء يومئذٍ بجهنَّم، يومئذٍ يتذكر الإنسان وأنّى له الذّكرى، يقول يا ليتني قدَّمت لحياتي)[5] ، وعلى هذا النسق أتت آيات في مواضع أخرى تدعو بدلالتها الضمنية من يقرأها أن يتعظ ولا يرتكب ما ارتكبه المخالف صاحب الحال الذي تتحدث عنه الآيات .
وانظروا في لفظة (زرتم) من قوله تعالى: (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر)[6] لتروا فيها الإيحاء المعتمد على التقابل الدلالي، وهو: (الرجوع) فكل زائر لا بد راجع
استعمال الزيارة بهذا المعنى الصريح هنا فيها الإيحاء بأن الإقامة في القبر ليست دائمة، وسوف تنتهي حتماً إلى بعث وحساب وجزاء، وهو إيحاء تنفرد به لفظة (زرتم) دون غيرها، فلا يمكن مثلا أن تقوم مقامها (قُبرتم)، أو (سكنتم المقابر) إنها زيارة، أي: إقامة مؤقتة يعقبها بعث ونشور[7].
وهكذا ألفاظ القرءان الكريم كلها، وهي أكثر وأكبر من أن يحيط بها بحث، واقرؤوا إن شئتم:
المفردة القرآنية | الدلالة الإيحائية |
لفظة (سنسمه) في قوله تعالى: (سنسمه على الخرطوم)[8]. | فضحه على الأشهاد بعلامة واضحة في موضع بارز من جسده. |
لفظة (هاؤم) في قوله تعالى: (هاؤم اقرؤوا كتابيه)[9]. | قمة الفرح بالفوز في الاختبار الدنيوي
بنشره من قبل صاحبه على رؤوس الأشهاد. |
لفظة (الرجع) في قوله تعالى: (والسماء ذات الرجع)[10]. | الرجع كلمة مطلقة استفيد منها دلالة إعجازية للقرآن الكريم إذ تعني رجع أي شيء يصعد في السماء مثل: (بخار الماء مطراً، الأثير في البث الإذاعي حديثاً…) |
2-1 تطبيقات دلالية لدى الأصوليين
لدلالة الألفاظ الشرعية من الكتاب والسنة أهمية بالغة لدى علماء الفقه وأصوله، وذلك لاستفادة استنباط المعنى المراد من اللفظة؛ وباختصار فإن دلالة الألفاظ على الأحكام الشرعية مقسمة لدى الجمهور غير الحنفية إلى: منطوق ومفهوم. والمنطوق كما جاء في كتاب الإحكام في أصول الأحكام للآدمي هو: ما فهم من دلالة اللفظ قطعا في محل النطق[11]، كما في وجوب الزكاة المفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم: (في الغنم السائمة زكاة)؛، وأما المفهوم: (فهو ما فهم من اللفظ في غير محل النطق)[12]وينقسم إلى: مفهوم موافقة، وهو: (ما يكون فيه مدلول اللفظ في محل السكوت موافقاً لمدلوله في محل النطق)، ويسمى أيضاً: فحوى الخطاب، ولحن الخطاب، ومثاله: تحريم شتم الوالدين وضربهما في دلالة قوله تعالى: (فلا تقل لهما أفٍّ)[13]، فإن الحكم المفهوم في محل السكوت من اللفظ موافق له في محل النطق[14]؛ وأما مفهوم المخالفة: (فهو ما يكون فيه مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفاً لمدلوله في محل النطق)، ويسمى دليل الخطاب، وينقسم إلى عشرة أقسام متفاوتة من حيث الاحتجاج بها في القوة والضعف.
الأول: ما ذكر اسم العام مقترناً بصفة خاصة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (في الغنم السائمة الزكاة)[15]دليل على أن غير السائمة لا زكاة فيها.
الثاني: مفهوم الشرط والجزاء، كقوله تعالى: (وإن كنَّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهنّ)[16].
الثالث: مفهوم الغاية، كقوله تعالى في شأن المطلقة البائن بينونة كبرى: (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره)[17].
الرابع: مفهوم إنما، كقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)[18].
الخامس: التخصيص بالأوصاف التي تطرأ أو تزول بالذكر، كقوله صلى الله عليه وسلم: (في السائمة زكاة).
السادس: مفهوم اللقب، كتخصيص الأشياء المذكورة في تحريم الربا.
السابع: مفهوم الاسم المشتق الدال على الجنس، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تبيعوا الطعام بالطعام)[19].
الثامن: مفهوم الاستثناء.
التاسع: العدد، أي: تعليق الحكم بعدد، كتخصيص حد القذف بثمانين جلدة.
العاشر: مفهوم حصر المبتدأ في الخبر، كقوله: (العالم زيد، وصديقي عمرو)[20].
وهكذا نرى طريقة الأصوليين في استخدام دلالة الألفاظ والتي في تفصيلها يطول الكلام، لكني آثرت هنا أن أعطي تصوراً عاماً عن ذلك، وقد اعتمدت كتاب الإحكام في أصول الأحكام للآمدي، واستنبطت منه استدلالاتي التي بسطتها بين يديكم.
2- تطبيقات دلالية في الجوانب اللغوية والنحوية والصرفية والمعجمية
1- 2 تطبيقات لغوية معجمية:
تناول المسائل الدلالية في التراث اللغوي العربي سار باتجاهين، أحدهما: نظري، تمثله الدراسات النظرية للعلاقات الدلالية بين المفردات: (تضاد – ترادف – مشترك – حقيقة – مجاز – خاص- عام). وقد شغلت هذه القضايا مساحات واسعة في أمهات الكتب اللغوية، كالخصائص لابن جني، والمزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي[21].
والآخر تطبيقي يتمثل في الأعمال المعجمية التي بدأت على شكل رسائل لغوية في غريب القرآن والحديث، والتي تطورت على يد الخليل في معجمه الشهير (العين)، ثم توالى بعد ذلك التأليف المعجمي كما يظهر في اتجاهاته المختلفة[22].
ومن أمثلة ذلك في المشترك اللفظي: استخدامات كلمة (عين) التي تدل على معان كثيرة أصلها (عين الوجه)، كما اختار ذلك أبو الطيب اللغوي في كتابه: شجر الدُّر، وبحسب لسان العرب لابن منظور محمد بن مكرم المتوفى سنة (711) للهجرة، فإنها تمتلك قرابة خمسين معنى إضافة إلى معناها الأولي كحرف هجاء، وحاسة إبصار، فهي تعني: الرئيس (عين الجيش رئيسه)، وعين الشمس (قرص الشمس)، وعين الماء وغيرها.
ومن أمثلة المترادف اللفظي: الذي أثبته أعلام اللغة، وعلى رأسهم سيبويه والأصمعي وابن خالويه والأصفهاني، وتكلموا في فائدة الترادف في الاستخدام السياقي للغة؛ فمثلاً كلمة: (نأى وبعُد) تدلان على البعد. واستخدام كلمة: (لا ريب) بدل لا شك وهكذا، مع التنبيه إلى أن الترادف ليس معناه التشابه التام، بل أن يقام لفظ مقام لفظ لمعانٍ متقاربة يجمعها أصل واحد.
ومن أمثلة التضاد اللغوي: والذي يقصد به أن تحمل المفردة الواحدة المعنى وضده في الوقت نفسه، حيث يكون السياق هو الفيصل في تحديد المراد، وتزخر لغة الضاد بالكثير من المفردات المتضادة، وهي ليست بدعًا في لغتنا العربية، بل توجد في كثير من اللغات الحية غيرها، وقد حظيت ظاهرة التضاد باهتمام علماء اللغة قديمًا وحديثًا، فلأبي بكر الأنباري المتوفى سنة )328) كتاب شهير بعنوان: (الأضداد) أحصى فيه أكثر من أربعمئة كلمة تدل على التضاد، وكتاب: (الأضداد) لقطرب محمد بن المستنير، وغيره كثير من المصنفات.
ومن الألفاظ التي تحمل المعنى وضده في العربية: (القرء) للطهر والحيض، (الجلل) للشيء الصغير وللشيء الكبير، (بعته) اشتريته وبعته وهكذا.
نكتفي بهذا القدر لننتقل إلى بعض الاستدلالات النحوية والصرفية بما يتسع له المقام.
2-2 تطبيقات نحوية:
علاقة النحو بالدلالة قديمة قدم النحو، وقد ارتبط كل واحد منهما بالآخر بأقوى الأسباب؛ ومن ثم كان النحو كله دلالة سواء أكان علامات إعرابية، أم أساليب كلامية، أم حروفًا وأدوات نحوية، أم قرائن وسياقات[23]، ويقول ابن مالك في خطبته (الكافية الشافية):
وبعد فغاية النحو صلاح الألسنة والنفس إن تعدم سناه في سنه
بـه انكشـاف حـجب المعاني وجلوة المفهوم ذا إذعــان
إذاً، غاية النحو: صلاح الألسنة، وكشف حجب المعاني[24].
ومن أمثلة ذلك: قرينة الإسناد مثلاً في قوله تعالى: (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء)[25] يخشى: (مسند)، العلماء: (مسند إليه)، وهو: فاعل مؤخّر، قرينة التخصيص، وهي قرينة معنوية تتفرع عنها قرائن معنوية أخص منها، هي: التعدية والغائية والمعية والظرفية والتوكيد (المفعول المطلق) والملابسة (الحال)، والتفسير (التمييز)، والإخراج والمخالفة والعلامة الإعرابية في التخصيص هي النصب ، ففي قوله تعالى: (يا ليتنا نُرَدُّ ولا نكذِّبُ بآيات ربِّنا ونكون من المؤمنين)[26] فقد قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية الكسائي والمدني وخلف برفع الفعلين، والكلام تبعاً لهذه القراءة يكون خبراً، ولا يكون الفعل واقعاً في جواب الطلب، وهو التمني، وذلك لأنهم تمنوا الرد، ولم يتمنوا عدم التكذيب؛ وقرأ عاصم في رواية حفص والأعمش في رواية المطوعي (بالنصب في الفعلين)؛ لوقوع الفعل في جواب الطلب، وهو التمني، والواو للمعية، والمعية قرينة معنوية متفرعة عن التخصيص، وما بعدها منصوب[27]. وبعد أن استفدنا نظرة في علاقة النحو بالدلالة، أنتقل إلى الاستدلال الصرفي، وعلاقته بعلم الدلالة.
3-2 تطبيقات صرفية:
علم الصرف أو علم الأبنية نتمكن من خلاله من معرفة دلالة أبنية الألفاظ وما تحمله من معانٍ مختلفة بحسب الزيادات التي تطرأ عليها فمثلا نجد للفظة (كتب) اشتقاقات كثيرة مثل (كاتب – يكتب – يكتبون – تكتبون – مكتبة – مكاتبة) وهكذا فلكل من هذه الزيادات معنى وظيفي، وقد أطلق عليها المحدثون المورفيم، وتتمثل في معاني الصيغ الصرفية مثل: الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، والتعريف والتنكير والسوابق واللواحق وغيرها[28]، وتستمد الدلالة الصرفية للألفاظ من أسماء وأفعال ومشتقاتها، كالمثال في قوله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً)[29] فإن كلمة (حفيظ) صفة مشبهة باسم الفاعل، تدل على ثبات واستمرار الصفة في الموصوف، بخلاف اسم الفاعل (حافظ)، فعبارة (حفيظ) على وزن (فعيل) والتي يستفاد منها يستفاد منها استمرار الصفة في الموصوف، ومنها أسماء الله الحسنى (سميع – عليم – حكيم) وهكذا.
3-تطبيقات دلالية فلسفية: للفلاسفة رأيهم في علم الدلالة والذي لم يتفق بشأنه على تفسير واحد فماذا يقولون؟ لنر.
1-3 يعرف علم الدلالة الفلسفي: بأنه العلم الذي يدرس الشروط الواجب توافرها في الكلمة (الرمز) حتى تحمل معنى أو حتى يكون قادراً على حمل معنى[30] وربما كان ارتباط علم الدلالة بالفلسفة والمنطق أكثر من ارتباطه بأي فرع آخر من فروع المعرفة، قال بعضهم: (إنك لا تستطيع أن تقول متى تبدأ الفلسفة وينتهي السيمانتيك، وما إذا كان يجب اعتبار الفلسفة داخل السيمانتيك، أو السيمانتيك داخل الفلسفة[31]). فلاسفة اليونان تناولوا علم الدلالة منذ القديم حيث يعتبر أرسطو مثلا أن المعنى متطابق مع التصور، وميز بين أمور ثلاثة:
أ- الأشياء في العالم الخارجي: (الشجر-الحجر-الحيوانات..).
ب- التصورات تساوي المعنى.
ج- الأصوات تساوي الرموز أو الكلمات.
أما أفلاطون فيرى أن العلاقة بين اللفظ والمعنى لا تعدو أن تكون اصطلاحية عرفية تواضع عليها الناس[32]، وعليه فيكون إطلاق كلمة (خباء) في مجتمع عربي يتبادر إلى ذهن أفراد المجتمع ومن له علم بمصطلحاتهم أنه البيت المؤلف من شعر الماعز والوبر، ويطلق عليه أيضاً (خيمة) فإذا سألت عربياً ما معنى (خباء) فسرها أول ما يفسرها بكلمة خيمة؛ لعرفية ذلك عندهم.
2-3 دلالات فلسفية عربية: ابن سينا (370-427) هجرية تناول علم الدلالة من خلال العلاقة بين اللفظ والمعنى معبراً عنها من جوانب (دلالة مطابقة، تضمن، والتزام) مثلاً يقول في كتابه (القصيدة المزدوجة في المنطق): وقد تجد للمجازي جزأين، أحدهما شرط واسمه المشهور (مقدم )، كقولك في المثال: (إن كانت الشمس طالعة)، والآخر: الجزاء، واسمه المشهور (تال)، كقولك في المثال: (فالنهار موجود)، وفي كل واحدة من هذه الأجناس إثبات ونفي، فالإثبات يسميه القوم (إيجاباً) والنفي (سلباً). والإثبات في الجملة أن تحكم بوجود محمول الحامل، كقولك: (زيد كاتب)، والنفي أن تحكم بعدم وجوده، كقولك: (زيد ليس بكاتب)[33] وهكذا؛ أما الفارابي (260-339) هجرية، فتحت مسمى علم اللسان في كتابه إحصاء العلوم يقول: “وعلم اللسان عند كل أمة ينقسم سبعة أجزاء عظمى”[34]. وهي مبينة حسب الجدول التالي، مع التمثيل:
شجرة، فرس، أحمد، تركيا | الألفاظ المفردة |
يقرض محمد الشعر | الألفاظ المركبة |
الاسم وقوانينه، الفعل وقوانينه ماضٍ وحاضر ومستقبل عربياً، مثل: (قرأ مضارعه يقرأ وسيقرأ) وهكذا | قوانين الألفاظ المفردة |
عربياً التركيب المزجي، مثلاً (حضرمي) لأهل حضرموت، وتركيب الجمل وغيرها. | قوانين الألفاظ عندما تركب |
الإملاء وقوانينه في اللغات كقوانين الهمزات في العربية. | قوانين تصحيح الكتابة |
النحو وقوانينه. | قوانين تصحيح القراءة |
كعلم العروض، واختيار الألفاظ والتراكيب المناسبة زماناً ومكاناً | قوانين تصحيح الأشعار[35] |
4- تطبيقات دلالية في الشعر العربي
الشاعر حالة فنية لغوية، وجدانية إبداعية، واجتماعية، وهو صورة حقيقية تنتقل من بيئته، إلى حجرته، إلى مكتبه، إلى العالم الخارجي، وما يزال تأثير الشعراء قديماً وحديثاً بادٍ واضح في الأوساط العربية على اختلاف شرائحها الاجتماعية، وعلى امتداد طبقاتها الأمية والمثقفة منها، والسياسية وغيرها، وإن كنا لا ننكر أهمية نقل الواقع المجتمعي شعرياً بين عصر وعصر، وبين شاعر وشاعر، فقديماً مثلاً كان الشاعر بمثابة وكالة أنباء، أو أرشيف، أو أي شيء يشبه ما تقوم به اليوم وسائل الإعلام الحديثة، وقد حافظ الشاعر العربي بين الأمس واليوم على مكانة الشعر مع اختلاف الدور والأهمية.
ومنهم أولئك المؤثرين الذين أثبتوا ذواتهم، كلامنا عن أمثال: (امرئ القيس، وأبو نواس، والبحتري، وجرير، والأخطل، والمتنبي، وسيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه وأرضاه، وغيرهم) ولا أدل على مكانةِ وأثرِ الشعر والشعراء في المجتمعات العربية من قول النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا حسان في شأن كفار قريش: (اهجهم وجبريل معك)[36].
وللوقوف على التطبيقات الدلالية في الشعر العربي علينا معرفة الاتجاهات والمعاني التي كان يثبتها الشعراء العرب في أشعارهم والتي تكلم فيها قديماً، ولفت إليها الجرجاني في كتابه (دلائل الأخبار) والذي لفت فيه إلى فكرة السياق، والتي تحاكيها النظرية الدلالية السياقية اليوم، فهو يرى (أن للألفاظ دلالة أولى، ولها عند النظم دلالة ثانية)، وقد قدمت لدراسة المعنى الاجتماعي أو المعنى الدلالي فكرتين تعتبران اليوم من أفضل ما وصل إليه علم اللغة الحديث هما: فكرة (المقام) وفكرة (المقال).
وقد ربط علماء البلاغة بين الفكرتين بعبارتين مشهورتين، الأولى: (لكل مقامٍ مقال)، والثانية: (لكل كلمة مع صاحبها مقام)، وقد لفت اللغويين العرب أيضاً إلى موضوع دلالي حديث هو نظرية الحقول الدلالية الغربية، والتي تشبه إلى حدٍّ كبير معاجم المعاني، فكلاهما قسم موضوعات اللغة على أساس المعاني التي تؤديها، ومن أوائل الذين ألفوا بهذا المجال عمرو بن كركرة الذي ألف (خلق الإنسان والخيل)، والشباني أبو عمرو الذي ألف (الإبل- خلق السموات والأرض – النحلة – الخيل) وغيرهما الكثير.
وبعد هذا التمهيد الذي أوضحت من خلاله ما يمكن أن نستنبطه من إيحاءات دلالية في الشعر العربي قديماً وحديثًا، سوف أخوض غمار المعجم الشعري العربي، مدللاً بعض المعاني التي غطاها، والاهتمامات التي أثبت معانيها، وسأبني على ديوان الشاعر العربي صلاح عبد الصبور (أقول لكم) الذي اتخذه الدكتور فايز الداية نموذجاً تطبيقياً للدلالة العربية الحديثة في كتابه (الدلالة العربية النظرية والتطبيق) متبعاً منهجه الذي يقوم على:
1- رصد الدلالة الحديثة في لغة الشاعر.
2- تتبع الدلالة في الصور الفنية الحديثة، أي: الأشكال البلاغية من تشبيه واستعارة ومجاز ومرسل وكناية.
3- رصد الرموز العامة مما له صلة بالتاريخ الأدبي والاجتماعي، وما كان مستعملاً في التاريخ العربي قديماً في سائر الحواضر العربية.
4- متابعة الرموز التي يلح عليها الشاعر، أي: المفردة، وتركيبها الإضافي والوصفي ورمزيتها الفنية.
التطبيقات:
1-4 صور للمعجم الشعري لصلاح عبد الصبور: من خلال قصائده: (السلام -الحزن – عيد الميلاد – سوناتا – الرحلة – الوافد الجديد – الإله الصغير – الأطلال -ذكريات – الملك لك – لحن).
الدلالة الحديثة:
– درب الزحام: ((لك، لي، لمن داسوه في درب الزحام أُلقي السلام)).
((وفي العصر شفتك يا فتنتي ولم نفترق في الزحام البليد)).
– إن دلالة (الزحام) قديمة فنقول: ((زحم القوم بعضهم بعضاً يزحمونهم زَحماً وزِحاماً، ضايقوهم))، إلا أنها اكتسبت بعداً جديداً من طرفين: الأول موقعيتها عندما تصور مدينة حديثة، وما يكون من اختلاط الناس، وعدم تمييز الغريب في كثرة الناس، والطرف الآخر هو التركيب الإضافي من (درب) و(الزحام)..
الدلالة الحداثية في الصورة:
الإبداع الفني في تصوير الكلمة لدى عبد الصبور:
– (والبسمة البيضاء تهمر فوق خديه محبة).
إن الاستعارة (تهمر) تكتسب جدتها من ارتباطها المجازي بالبسمة الحاملة صفة (البياض)، وقديماً عرفوا في الشعر الوجه المشرق الأبيض، وربطوا بين العطاء والمطر وانهماره، إلا أنَّ العلاقة بين أجزاء التركيب هي الجديدة مع اختيار الفعل (يهمر).
– ((ومشت إلى النفس الملالة والنعاس)).
إن دلالة الملالة الحديثة تهيمن على الصورة الشعرية الاستعارية في (مشت)؛ لأن من سمات العصر المادي ضغطه النفسي، ومحاصرته للإنسان بين جدران المدينة، وفي أصداء جلبتها.
الرمز العام:
-الزحام
– ((لك، لي، لمن داسوه في درب الزحام))
– ((ولم نفترق في الزحام البليد))
– ((ودوّى القطار، وماج الطريق زحاماً من الأرض حتى السماء))
– الزحام ظاهرة من ظواهر الحياة في المدينة الحديثة خاصة، وهو إشارة حادة إلى نمط المعيشة في الحواضر المتطورة. وكان (إليوت) قد جاء بها في قصيدته (الأرض الخراب): ((المدن الزائفة، والجموع المتزاحمة تعبر قنطرة لندن في فجر يومٍ من أيام الشتاء، وكان الضباب داكناً إنني ما كنت أخال الموت قد طوى مثل هذا العدد الضخم)) وتعطي الدلالة في هذا الرمز إضاءة لضياع الإنسان في خضم الكثرة المتدافعة في المدينة تحت وطأة علاقاتها المادية الطاحنة وغياب اللمحات الإنسانية الحقيقية.
2-4 ديوان نزار قباني (قصائد مغضوب عليها): والآن بعد أن أبحرنا في موضوعات الدلالية وتطبيقاتها المختلفة دعونا نحط الرحال مع شاعر عربي معاصر عاش في القرن العشرين وكان له بصمة واضحة في الساحة الشعرية العربية، حيث عالجت دواوينه البالغة خمسة وثلاثين ديواناً معظم قضايا العصر، وإن كان قد برز بل وتفرد في جانبي (المرأة) و(واضطهاد الإنسان العربي)، وعلى نسق الدكتور الداية في ديوان (عبد الصبور) سوف أمضي في اقتطاف الصور الدلالية من قصائد أيقونة الشعر العربي الحديث الشاعر الكبير (نزار قباني) من خلال ديوانه: (قصائد مغضوب عليها).
الشاعر ابن بيئته وعصره وأفكاره ومعتقداته، منها يستمد الكلمات، ومن خلالها يبث المعاني والأفكار التي يتبناها ويثبتها في قصائده، وما يكتب؛ فإذا كتب ناجحاً مؤثراً عاشت كلماته، وارتد صداها لما بعد وفاته، وإلا ماتت وهو حي بين ظهراني الناس.
لنزار قباني الشاعر الذي سيتناوله البحث وجود في عالم الشعر كبير، فكلماته ثبتت، وقصائده ذاعت وبثت، ولمساته في خلواته مع دواته وأوراقه سارت بها الركبان، ولم تبق حبيسة المكان الذي عسعس ليلها فيه، بل لقد تنفس صبحها في كل مكان في هذا الزمان؛ نزار قباني الشاعر السوري الدمشقي المولود سنة (1923)، والمتوفى في لندن سنة (1998)، والمدفون في البلد التي علمته (أبجدية الياسمين)،كما قال – وبحسب وصيته هو – حالة شعرية متكاملة تناول الكتاب والنقاد شعره بالبحث والدراسة، ونيلت بقصائده درجات الماستر والدكتوراه، لا يجد المطلع كثير جهد حتى يقتنع أن ما يميز كلمات تلك المدرسة الشعرية النـزارية هي (التمرُّد) بتشديد الراء كثيراً، نعم لقد تمرد بشكل صارخ على شيئين كان مدار حياة الناس عليهما (الاستبداد السياسي)، (ومعتقدات الناس) حتى في عناوين قصائده قبل سبر أغوارها نشتم تلك الرائحة واضحة تهجم من بعيد، أو إن شئت فقل من قريب، على واقع رأي نزار صاحب الميدان في المجال تبني فكرة الهجوم عليه بشراسة لطيفة هي (أنغام القصائد)، واقرؤوا إن شئتم في ديوان (قصائد مغضوب عليها) عنوان قصيدة (تقرير سري جداً من بلاد قمعستان، لماذا يسقط متعب بن تعبان في امتحان حقوق الإنسان، يوميات كلب مثقف).
نزار الذي تمرد على الاضطهاد في بلدان العالم الثالث، سخر من طريقة تعاطي الإنسان في تلك البلدان مع قضاياه المصيرية، وأشبعها نقداً ساخراً منطلقاً من قناعاته حولها، وكانت تتمحور حول المرأة والدين.
الحداثة في الصورة (كيف، لماذا، هل)
يستخدم نزار قباني أدوات الاستفهام للفت الانتباه على أهمية ما سيأتي بعدها؛ لذلك سمى بعض قصائده بأسمائها، مثل قصيدة: (كيف)
وقصيدة: (لماذا أكتب)
قال نزار: كيف؟
كيف، يا سادتي، يغني المغنّي
بعدما خيّطوا له شفتيه؟
هل إذا مات شاعر عربي..
يجد اليوم، من يصلي عليه؟
لا يبوس اليدين شعري.. وأحرى
بالسلاطين.. أن يبوسوا يديه..[37]
تستخدم أدوات الاستفهام في اللغة العربية للسؤال عن (العاقل، وغير العاقل، والكم والكيف، والعدد).
والجديد في قصيدة نزار أنه استخدم تلك الأدوات للفت الانتباه، وللتوقف طويلاً وبعمق أمام المعاني التي دلَّل عليها من خلال سياق مبدع، حيث استخدم استعارات بلاغية رائعة وجعل تكميم الأفواه يبلغ منتهاه من خلال عبارة (خيّطوا له شفتيه)، ولأدوات الترقيم لدى نزار جمالية خاصة حين يدلل من خلالها في أماكن يستخدمها فيها بشكل مفاجئ على الحبكة الدرامية التي تصور للقارئ المشهد كأنه رأي عين، أما صورة التمرد فيختزلها نزار بشكل جد ساخر من خلال نسق سياقي مبدع، إذ ينقل صورة (تقبيل أيدي السلاطين والمتنفذين في السلطة الدينية) تلك الصورة الشائعة جداً في زمن كتابة القصيدة؛ لتبقى نافخة في روح الجماهير نار التمرد الذي عاشه نزار على طريقته التي أعجبت الكثيرين والكثيرين جداً، ولم تعجب كثر آخرين؛ لأنه تمرد حتى على مسلمات في معتقدات دين هو يعتنقه، وثار عليها ناسباً سبب تخلّف المجتمعات لها، وسبب تصرفاتهم واستخداماتهم الخاطئة بعض الأحيان لها إليها، ذاك أنه أراد الحرية الغربية التي تتمرد على كل قيد بشكل أو بآخر.
البوابة
إن رفع السلاطين سيف القهر
رميت نفسي في دواة الحبر
أو أمر السياف أن يقتلني
خرجت من بوابة سرية
تمر من تحت أساس القصر
هناك دوماً مخرج من بطش.. فرعون يسمى الشعر..[38]
في معجم المعاني: بوّابة: (اسم) مؤنّث بوّاب: باب كبير كمدخل العمائر ونحوها، والبِوابة بكسر الباء: مهنة البوّاب؛ استعار نزار قباني هذا الاسم ببراعة مشيراً إلى أن مهنة الشاعر الحر تشبه البوابة الضخمة الكبيرة التي يخرج من خلالها من كل قيد، فبعد كل القيود التي افترض وقوعها وهي واقعة، قال: (خرجت من بوّابة سريةٍ)، وفي استخدام صيغة اسم المفعول (مخرج) دلالة على أن إيجاد الحلول للخروج من سلطة المستبد من وظيفة الشاعر بوابتها (الشعر).
لماذا أكتب..
أكتب..
كي أفجر الأشياء، والكتابة..
انفجار
أكتب..
كي ينتصر الضوء على العتمة
أكتب..
حتى أنقذ العالم من أضراس هولاكو.
ومن جنون قائد العصابة
أكتب..
حتى أنقذ النساء من أقبية الطغاة
من مدائن الأموات..
من تعدد الزوجات..
من تشابه الأيام.[39]
في القصيدة رائحة التمرد على سلطتي (الحاكم المستبد والذكر المتدين) وعلى العادات والتقاليد تزكم أنوف من يتمرد الشاعر عليهم، وتلهب مشاعر من يتمرد من أجلهم، وفيها إيحاء واضح لفلسفة الشاعر في الحياة، فنزار سوف يخرج النساء من (أقبية الطغاة)، ومن (تعدد الزوجات)، ومن (تشابه الأيام) في إشارة إلى رتابة حياة المرأة القابعة في البيت.
الرمز العام
تقرير سرّي جداً.. من بلاد قمعستان
الله… يا زمان…
لم يبق في دفاتر التاريخ لا سيف ولا حصان
جميعهم قد تركوا نعالهم وهرَّبوا أموالهم
وخلفوا وراءهم أطفالهم
وانسحبوا إلى مقاهي الموت
والنسيان
الله.. يا زمان..
هل تعرفون من أنا؟
مواطن يسكن في دولة قمعستان
وهذه الدولة ليست نكتة مصرية
أو صورة منقولة عن كتب البديع والبيان
فأرض قمعستان جاء ذكرها
في معجم البلدان
وأن من أهم صادراتها
حقائبا جلدية مصنوعة من جسد الإنسان
الله.. يا زمان..
هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض قمعستان
تلك التي تمتد من شمال أفريقيا إلى بلاد نفطستان
تلك التي تمتد من شواطئ القهر، إلى شواطئ القتل، إلى شواطئ السحل، إلى شواطئ الأحزان
وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان
ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة
ويكرهون الورق الأبيض والمداد والأقلام بالوراثة
وأول البنود في دستورها يقضي بأن تلغى
غريزة الكلام في الإنسان
الله.. يا زمان..
قصيدة صورت الواقع العربي في زمن كتابتها بشكل (البديع والبيان)، الله يا زمان، رمز إلى تعجب الشاعر من زمانه وواقعه فيه، وتلك كانت لازمة بعد انتهاء كل مقطع صور حقيقة من الحقائق، (ليست نكتة مصرية) رمزية الشعب المصري وتميزه بالنكاة، (القهر، السحل، القتل) رمز إلى كمية الاستبداد التي تمارس على إنسان قمعستان، والتركيب المزجي المستخدم في اللغة العربية استخدمه نزار قباني هنا؛ ليظهر مدى التصاق القمع بالإنسان العربي، فكل جملة أو كلمة ذات معنى ترمز لشيء من واقع الإنسان (من أفريقيا إلى بلاد نفطستان)، والرمز العام: (أن تلغى غريزة الكلام في الإنسان) الله يا زمان.
5- تطبيقات دلالية معاصرة
1-5 المعجم الشعري للشاعر محمد شباط
للمعاصرة ذات تفرضها على واقع الناس والشاعر والكاتب، والأديب من أولى الناس باستخدام أدواتها، بل عليه أن يمسك بها على هون، ويقلبها بين منعرجات عقله ومحركات قلبه، ويسعى من ثم سعياً حثيثاً؛ ليخرجها للناس بصورتها الحقيقية التي عايشوها من زمن قريب من زمن كتابتها، وهو ليس بالأمر الهين؛ لأنه وأدواته وكلماته ما زال بين ظهراني الناس، فإن قال رأياً لا يعجب شخصاً أو جهةً ربما تعرض لمحاولات تكميم فاه، ذاك أن الكلمة النابضة ستصبح تاريخاً يثبت مرحلةً بأشخاصها وأبطالها ومؤثريها، لذلك ربما يعيش الشاعر عزلته الممتلئة بالأحداث في كثير من محطات يومه، فإما أن يكون حراً منصفاً تفصح كلمته عن حق مسلوب، أو عن واقع مرير، أو عن بطولات محيرة، لا تروق للكثيرين، وإما أن يوجه دفة الكلمة باتجاه يملأ جيبه، ويرضي أسياده، فعندها يقيناً ستنتحر الكلمة؛ لتموت ميتةً مأساوية، وتذوب بحامض الكبريت البشري، كما تموت ضحايا فراعنة هذا الزمان في زنازين القهر.
سأتناول في المحطة القادمة ديوان (أمانيكم) وديوان (دفاتر الأيام) وديوان (رفرفات العيد) للشاعر السوري محمد شباط، كتطبيقات معاصرة تدلل على واقع الشام، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة من عام (2011) حتى عام (2021).
واقع مرّ فرضته إرادة شعب تاق لنيل ما يليق بإنسان؛ ليعبر عن ذاته عن رأيه عن مكنوناته، وليشارك ببناء بلد وصفها صلى الله عليه وسلم بأنها خير بقاع الدنيا، فقال: (عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده)[40].
وسأمضي على درب زحام عبد الصبور، وتمرد نزار في تطبيقاتي الاستدلالية المعاصرة.
التطبيقات
صور للمعجم الشعري من خلال قصائده: (حفل شواء – بوح القلم – بوح الخواطر-أنين المهجر – التغريبة السورية – كوخ صغير – أغراب – ظَمِئ).
دلالة الواقع
حفل شواء:
طيارات في الأجواء!
ميغ سوخوي حمقاء
…
في الماضي كنا يأتينا: طيار ندعوه إلينا، يا بطل الأبطال يقينا، هول النيران تعادينا…
…
طيارات في الأجواء!
ميغ، سوخوي خرقاء..
حفل شواء في الأرجاء[41]…
– دلالة (حفل الشواء) في حقيقتها ترف باذخ يُدعى إليه علية القوم، أو يتداعى إليه الأصدقاء الذين امتلأت حياتهم ترفاً، إلا أنها اكتسبت بعداً جديداً معاصراً من خلال استخدامها في غير ما وضعت له حقيقة، حيث استعيرت لتعبر عن صورة جدّ أليمة، لا ينساها كل من شاهدها من أهل الشام رأي عين، أو حتى من رأى شاشات التلفزة تعج بها، إنها صورة عالم أكل الباطل فيه أكباد المستضعفين بشتى الوسائل، إنها صورة الشام، وهي تحترق بأيدي فراعنة العصر الذين اتفقت كلمتهم، وأجمعوا على خنقها حتى الموت.
التغريبة السورية
أتـى طفل من الغابات يجـري جـميل وجهه والخد سحري
تمـرّغ رأسه فالحـال مـزري سـخيّ دمعه أهـديه عمري
ضممت الطفل في جنات صدري فـنام معـانقا سحري ونحري
حـكاية طفـلنا تنـبيك قهري حكاية شامنا لو كنـت تدري[42]
حـكاية نـهرنا بـالحب يجري مـآسينا بها قد ضـاق صدري
تهـجـرنا فضاق الناس فـيـنا فـوا أسـفي على حال الهزبر[43]
صورة التغريبة السورية، بل الشتات السوري، والذي التقطت الأبيات الجزء الأكثر شيوعاً من صورته القاتمة، هناك على الحدود مات الكثير، ووصل الكثير، ومازال الكثير عالقاً في الغابات بين البلدان على حدود المجهول، يجرع المر، ويجر أذيال القهر، مصحوباً بإرادة الحياة، متخيلاً كل شتات مر بالبلاد العربية، وكيف أن الشام كانت الحضن الدافئ، فلم تبن خيمة للاجئ، بل كانت بيوت السوريين بيوتاً لهم، وطعام السوريين طعاماً لهم يقدم دون فضل أو منة، وعندما آن أوان رد الجميل تناثرت الخيام البائسة تبكي فرقة الأمة واجتماعها في آن، فرقتها في كل جوانب الحياة، واجتماعها في منع السوري من السكنى في بيت معاصر في بلدانهم، (جميل وجهه والخد سحري) أطفال سوريا أيقونات الجمال العربي وقد دبجت القصائد، وحيكت الحكايات، وغنيت الأناشيد في ساندريلا الخيام (الطفلة السورية الرائعة الجمال)، والتي نال منها بؤس الواقع، فسالت الدمعات تنحدر على خد أسيل، كأنه قطعة نعيم سقطت في وحل جحيم، الله يا زمان. ولقافية الراء مع الياء بحة جمال تعبر عن المشهد.
الدلالة المعاصرة في الصورة
تصوير الواقع وجدانياً، ودلالة الكلمة:
بوح القلم
سكن القلم، سكت القلم! فسألته عن صمته رغم الألم!؟
فأجابني والحزن ينفث حبره قلبي انثلم.
مذ شاهد الأخت البريئة تشتكي مر الألم.
قد صار مزقاً في تقارير الأمم.
قد صار سطراً لا تباليه النظم.
وأجابني: يا صاحبي إني أسير قد كتم..
إني أمير في أغانيهم نعم..
إني أجير في أمانيهم نعم: كي لا يعود المعتصم..
إني خطير في الأمم!! فالحبر ممزوج بدم..
وأجابني:
يا صاحبي قد جف حبري وانعدم
والجسم من هول الهموم قد انقسم
بل قد تشظي صار أشلاءً ودم
فالكل يرجو أن أكون مهادناً جور الأمم
يرجو مديحاً باطلاً
يرجو ثناءً عاجلاً
كي يطمسوا ظلماً وزوراً ما أقاموا من مجازر كالعلم
كي يعبدوا ذاك الصنم
لملمت أشلائي وقمت من العدم
قلت: استقوا أحبارهم، ثم انتقوا أخبارهم، ثم احتضنها يا قلم
قلت احتضنها يا قلم، ولتغمسن حبراً بدم، ولتنبذن كلَّ أفّاكٍ أثم
ولتنهلن من مزن حسان النظم؛ ولتلهبن فينا تباريح الأحبة كي نسود على الأمم[44].
القصيدة بشكل عام صورة لواقع صراع عايشه الشاعر، واقع أبكى حتى القلم، وأعجزه لمدة من الزمن عن البوح بما يجول بخاطره، وعن تصوير مجريات أحداث تجري بسرعة البرق، عاتب الشاعر سلاحه النفاذ (القلم)، لماذا توقفت عن الكتابة؟ أكل تلك الأحداث المتسارعة لم تحرك فيك أسباب البوح، فتكلم الناطق الصامت مفاجئاً صاحبه، مبيناً أن الألم والخذلان يصب فوق رؤوس الناس في الشام بشكلٍ مذهل يجعل القلم يقف شهر صمتٍ أو سنة صمتٍ عن الكتابة وتوثيق الأحداث؛ لتجري من ثم حوارية بين القلم والشاعر تعيد القلم إلى مهمته في التوثيق، والشاعر إلى مهمته في الإملاء على القلم، بشكل بروتوكولي يحتوي عدة حقائق ومجموعة مبادئ، ويحمل نجوى خفية وضراعة إلى الله تعالى أن يسهم هذا القلم بيد هذا الشاعر في بناء طريق مضيئة مزروعة بأنوار الصادقين من الغابرين والمعاصرين على مر السنين.
– وفي استخدام نون التوكيد دلالة طافحة بالأمل، موثقة للألم في قوله: (ولتنهلن، ولتلهبن ولتغمسن). وفي تجسيد القلم بشخصٍ يحاور ويصرح عن كمية الألم التي تملأ كيانه على سبيل الاستعارة المكنية دلالة تشير إلى أن الأشياء في سوريا تعبت وملت، وتمنت أن تأخذ قسطاً من الراحة.
الرمز العام
1- التهجير
الحدث الأكبر في العقد الأخير هو التغريبة السورية وأسبابها ونتائجها والإجماع على أنها التغريبة الأكبر في العصر الحديث على مستوى العالم، حدث بحجم تهجير الشعب بأكمله داخلياً وخارجياً حري به أن يكون محور يدور حوله الكتاب والأدباء والشعراء وغيرهم، بل وحري أن تؤلف الروايات وتؤدى الأفلام التي تحكي حال موجعة لكل صاحب ضمير، مؤلمة لكل من عنده مسحة من إنسانية، مؤثرة بكل من كان له قلب.
لذلك حضرت تداعيات الحدث بقوة في ديوان الشاعر الذي عايشه لحظة بلحظة رأي عين ووجع قلب، بل لقد تمزقت أركان بيته وهو داخله مع أسرته، وصعد الباصات الخضراء مع أسرته، وأتى من الغابات وعايش وحوش الحدود مع أسرته، وحرم من ثم من أسرته، فلا عجب أن تكون رمزية التهجير وتداعياته سيدة المشهد في أشعاره.
– بوح الخواطر
قد لا يعرف طعم الفقد إلا من فقد…
أو لا يعرف طعم الوجد إلا من أوجعت روحه آلام موجدته…
فرفقاً يا أبي إني مهاجر…
أتوق لحضنك الدافي، أقسم يا أبي، أنا لا أكابر…
أتوق لضمةٍ من حضن أمي..
بوح الخواطر[45]…
ما من مهجر إلا وجال في خاطره الأشخاص المقربين إليه، والذين أجبر على الابتعاد عنهم إلى أمد غير معلوم، وهذا ما يسمى بالشتات، شتات العائلة، وشتات المهجر، ما يؤدي إلى جرح صعب برؤه، وآلام تأكل معه وتشرب، لذلك فإني أرى هنا أن تلك الصورة هي إحدى الصور التي يعايشها ملايين الأفراد، كإحدى تداعيات التهجير في سورية. وقد استخدم الشاعر القسم الصريح ليعبر عن كمية الألم الممزوج بقهر قاتم مربد ومن ثم جعل القصيدة تتنفس من خلال عبارة (بوح الخواطر).
– المتيمة
قل للمتيمة التي: أحببتها بطفولتي، ورأيتها عصفورة غريدة في رحلتي..
قل للمتيمة التي أحببتها بمسامعي ومدامعي ورشفتها كعسيلة عسلت فيها قهوتي..
يا حلوتي يا طفلتي وأميرتي هلا أنرت الدرب لي في رحلتي …
قل للمتيمة التي:
أحببتها بمسامعي ومدامعي، ورأيتها في قهوتي..
من قبل أن أحظى بها في جنتي..
قل للمتيمة التي:
خبأتها في مهجتي..
هل تذكرين حبيبتي: يوم التقينا في رياض حديقتي..
يوم التقينا والهوى في مقلتينا والجوى يكوي كلينا…
هل تذكرين حبيبتي؟
فالياسمين تناثرت والأقحوان تفتحت والأرجوان سما بنا في يومنا يا غادتي..
يوم اغتربنا بالرغم عنا قلتها:
يا للهوى، ياللمتيمة التي، قضت مضاجع غربتي..
دالت دويلتنا التي، كانت لنا في قريتي..
وغدوت ألثم حسرتي، أيضاً أصارع كربتي..
وأدور في الفلك الذي..
كنا به يا حلوتي[46]..
من تداعيات التهجير فرقة الزوج عن زوجه، وهي صورة حاضرة في التغريبة السورية، رسمها الشاعر من خلال تجربة شخصية عاناها، فهي أطلال ما تزال فيها محبوبته (زوجه) لكنها باتت كالمهجورة، لابتعاد ركني تأسيسها عن بعضهما (دالت دويلتنا التي كانت لنا في قريتي). صورة دلالية وجدانية عميقة.
– ظَمِئ
وظمئت في دار الغريب فشدني شوق إلى قطر الـندى بديارنا
لشقائق النعمان في وجه الضحى للنرجس الوسنان فـوق دثارنا
لسنابل القمح المـليئة بالـصبا للـوردة الحـمراء في أسرارنا
للكين للصفصاف في مرجٍ غدا كغلالةٍ خضراء مـن أعمارنا[47]
ظمئ الشاعر في دار مهجره فذكرته تلك الحاجة الطبيعية لظمأ عتيق دائم، تعددت صوره في دياره، شقائق النعمان، أي: الدحنون بلهجته، النرجس المحيط بأسوار الدار، سنابل القمح، والمرج وجماله، وهو مرج الصفّر الذي ذكره حسان بن ثابت رضي الله عنه في أشعاره. تلك هي صورة الشوق إلى الديار بتفاصيلها لدى كل مهجر.
2- القهر
تجسدت صورة هذا الرمز العام في التغريبة السورية من خلال القصة القصيرة جداً، وبعض المقطوعات الأدبية، والتي عبرت عن واقع معاصر عاشه المهجر السوري، وما زال.
قهر: تبَّت يد من يسرقون الفرحة من عيون أطفالنا، وألف تبّ[48]…
عدة كلمات اختصرت كمية غاية في الكثرة من القهر الذي حمله السوري في مختلف أماكن الحرمان والشتات التي وصل إليها.ونلاحظ كمية الغضب التي تدل عليها (تبت، وألف تب).
– صبر النَّفَس:
عاهد أباه فيما بينه وبين ذاته على الصبر والمصابرة؛ وبقي على العهد خمس سنوات يتنفس غاز ثاني أكسيد الاعتقال!!
وحين تنفس أكسجين الفرج، أراد أن يكون أول عمل يقوم به هو تقبيل رجلي والده..
لكن الأكسجين ووالده لم يجتمعا معاً!!
فقد فارق والده الحياة منذ خمسة أشهر مضت..
انقطع الأكسجين، وعاد يتجرع كربون العذاب[49]…
التغييب القسري في معتقلات القهر والديكتاتورية، وصورته المتعددة الوجوه، حاضرة بقوة في التغريبة السورية، حاملة في ثناياها كمية قهر تنأى بحملها الجبال، ولكن حملها السوري مرغماً. لاحظوا دلالة الأكسجين وكربون العذاب على القهر.
– الخيمة
أثبتت وجودها بقوة في قهر التغريبة السورية، ولتعبر بشكل صارخ عن حجم الظلم الذي يأكل أكباد أيتام الشام ومستضعفيها.
– بيت يتيم
استرق أحمد الطفل ذو خمس السنوات لحظة دفء في حضن أمه، فغط بنوم عميق لخمس دقائق!!!
رأى خلالها بيتاً فاخراً تحيطه الأشجار المثمرة والأزاهير رائعة الألوان، واستمع بشغف لتمتمة العصافير بأصواتها الرائعة، واستمتع برقراق مياه الجدول قرب البيت..
ليستيقظ على صوت الرعد يغرق خيمتهم والخيام المجاورة[50]…
يوجد الآلاف مثل أحمد استبدلت قصور أهليهم الفارهة بالخيمة، أطفال في عمر الزهور تكالبت عليهم ظلمات اليتم والتهجير، والخيمة التي لا تقي من حر صيف، ولا قر شتاء، يا له من قهر. نلاحظ التناقض بين ما يحلم به أحمد (تمتمة العصافير، رقراق المياه) في بيت فاره، وبين الواقع الذي ينزف ألماً وملخصه (صوت الرعد المرعب الذي أغرق المخيم بأكمله).
الخاتمة:
غاية كل علم تطبيقاته العملية، أو إضافة معرفية تساهم في تطوير غيره من العلوم التي تنبني عليه، وقد كان بحثي عبارة عن تطبيقات عملية واقعية قديمة وحديثة في علوم مختلفة، يدخل فيها علم الدلالة الذي وضعت قواعده ونظرياته حديثاً، واكتشفت استخداماته لدى علماء العربية منذ قرون سلفت، وباعتقادي فإن البحث في ماهيته وطريقة استخداماته في شتى علوم اللغة والفلسفة والاجتماع، والفقه وأصوله سيكشف لنا الكثير من جمالية هذا العلم حين يوظف بالشكل الصحيح في تلك العلوم، وقد رأينا مثلاً كم هو دقيق في توصيف الرمز العام والصورة الحديثة والمعاصرة لدى الشعراء والأدباء، وربما لا نجانب الصواب إن قلنا بأنه يشبه اللوغاريتم الرياضي حين يختصر لنا فكرة عاشها الناس رأي عين، ومعاناة قلب، وحسرة فؤاد، فوافقوا الشاعر في قصيدته هذه أو تلك، حين عبر بقوله مثلاً: (قمعستان)، وحين عبر الآخر بقوله: (ولم نفترق في الزحام البليد).
هذا والله أسأل أن يلاقي البحث القبول والفائدة المرجوة منه، والحمد لله أول كل خير وآخره.
قائمة المصادر والمراجع:
1- القرآن الكريم.
2- الحديث الشريف:
أ- البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله، صحيح البخاري، ط1، 2002- 1432.
ب- السجستاني، أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، سنن أبي داود، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرون، ط1، دار الرسالة العالمية، 2009-1430.
ج- النيسابوري، أبي الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، الجامع الصحيح، ط1، المطبعة العامرة في دار الخلافة العلية.
3- الداية، فايز، علم الدلالة العربية النظرية والتطبيق دار الفكر: دمشق، الطبعة الثانية 1996م.
4- حماسة، محمد عبد اللطيف، النحو والدلالة، مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى2000م.
5- حسين، عبد الكريم، بحث بعنوان: الدلالة العربية، جامعة بابل.
6- الرئيس، أبو علي، ابن سينا الملقب بالرئيس، منطق المشرقيين والقصيدة المزدوجة في المنطق، المكتبة السلفية لمؤسسيها: محب الدين الخطيب ومحمد عبد الفتاح، القاهرة: السكة الجديدة.
7- الفارابي، أبي نصر، إحصاء العلوم دار الفكر العربي: بيروت الطبعة الأولى1996.
8- قباني، نزار، قصائد مغضوب عليها من خلال: Noor-book.com
9- شباط، محمد، ديوان أمانيكم، دار نون فور: حلب، الطبعة الأولى 2019.
10- شباط، محمد، ديوان دفاتر الأيام ورفرفات العيد، لم يطبعا بعد.
11- عبر الإنترنت. Almerga.com
12- موقع الملتقى العلمي للتفسير وعلومه عبر الإنترنت.
13- موسوعة الدكتور النابلسي عبر الإنترنت (الروائع العلمية).
14- الآمدي، علي بن محمد التغلبي، سيف الدين أبو الحسن، الإحكام في أصول الأحكام، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1402هجرية.
15- العطية، جرجس، موقع شبكة صوت العربية عبر الإنترنت، الدكتور جرجس العطية، بحث بعنوان: الدلالة عند اللغويين العرب.
16- النعيمي، زينب مديح جبارة، الدلالة النحوية بين القدامى والمحدثين 2009. من خلال
Wasitjornalforhumanitias
الهوامش:
- البتول، آيات، بحث بعنوان الاشتقاق العربي، ص1. ↑
- سورة القمر (22)، (32)، (40). ↑
- النبأ (40). ↑
- الفرقان (27)، (28). ↑
- الفجر (24). ↑
- التكاثر (1-2). ↑
- موقع الملتقى العلمي للتفسير وعلومه، على الشابكة. ↑
- القلم: (16). ↑
- الحاقّة: (19). ↑
- الطارق: (11). ↑
- الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، بيروت، المكتب الإسلامي، ط1402، الجزء الثالث، ص66. ↑
- المصدر السابق، ج3، ص69. ↑
- الإسراء (23). ↑
- عمدة الأحكام، ج3، ص69. ↑
- المصدر السابق، ج3، ص69. ↑
- الطلاق (6). ↑
- سورة البقرة (230). ↑
- البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، بن المغيرة، أبو عبد الله، صحيح البخاري، ط1، 2002م، 1432هـ، كتاب بدء الوحي، رقم الحديث: 1. ↑
- الجامع الصحيح، أبي الحسن مسلم بن الحجاج، ط1، المطبعة العامرة، رقم الحديث: 1592 ↑
- عمدة الأحكام، ج3، ص70. ↑
- د. جرجيس العطية، أيوب، الدلالة عند اللغويين العرب بتصرف بسيط، شبكة صوت العربية. ↑
- المرجع السابق. ↑
- د. مديح جبارة النعيمي، زينب. الدلالة النحوية بين القدامى والمحدثين. جامعة واسط، كلية التربية الأساسية، مجلة واسط للعلوم الإنسانية العدد 12، ص10. ↑
- د. عبد اللطيف محمد حماسة، القاهرة، دار الشروق، الطبعة الثانية 2000، بتصرف بسيط. ↑
- فاطر (28). ↑
- الأنعام (27). ↑
- مجلة واسط العدد 12، ص21. ↑
- د. حسين، عبد الكريم. جامعة بابل-كلية العلوم الإسلامية. بحث بعنوان: الدلالة الصرفية. ↑
- النساء (80) ↑
- د. عمر، أحمد مختار، علم الدلالة، القاهرة، مكتبة لسان العرب، ط5، 1998، ص11. ↑
- المرجع السابق، ص15. ↑
- موقع المرجع على الشابكة (almerga.com). ↑
- ابن سيناء الحسين بن عبد الله بن الحسن، منطق المشرقيين والقصيدة المزدوجة في المنطق، د.ط، مؤسسة هنداوي، ص62-63. ↑
- أبي نصر، الفارابي، إحصاء العلوم. دار الفكر العربي، 1996، ص17. ↑
- إحصاء العلوم، للفارابي، ص .18 ↑
- البحاري ،رقم الحديث 4123 ↑
- من ديوان (قصائد مغضوب عليها). ↑
- من ديوان (قصائد مغضوب عليها). ↑
- قصائد مغضوب عليها. ↑
- أبو داود، رقم الحديث: 2483، وأحمد بسند صحيح. ↑
- شباط محمد، دفاتر الأيام. قصيدة بعنوان: حفل شواء، ص19. لم يطبع بعد ↑
- شباط، محمد ديوان أمانيكم دارن، فور، المنشية القديمة، حلب، سوريا، الطبعة الأولى، 2019، ص56 تم نقل العمل والطباعة إلى غازي عينتاب – تركيا. ↑
- المرجع السابق ص56. ↑
- المرجع السابق، ص51. ↑
- المرجع السابق، ص42. ↑
- المرجع السابق، ص46. ↑
- شباط، محمد من ديوان رفرفات العيد، لم يطبع بعد. ↑
- من ديوان دفاتر الأيام، ص17. ↑
- من ديوان أمانيكم، ص58. ↑
-
المرجع السابق، ص59. ↑