الحماية الجنائية للطريق العام – دراسة تأصيلية تحليلية

مستشار دكتور/ محمد جبريل إبراهيم1

1 نائب رئيس هيئة قضايا الدولة المصرية، عضو الجمعية المصرية للإقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، كلية الحقوق – جامعة القاهرة – قسم القانون الجنائي.

بريد الكتروني: gebrelmohamed865@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj3319

تنزيل الملف 

تاريخ النشر: 01/03/2022م تاريخ القبول: 23/02/2022م

المستخلص

اعطوا الطريق حقه ، ومن هذا المنطلق فقد فرض المشرع الجنائي الحماية الجنائية للطرق العامة ، فإذا كانت الطرق العامة مخصصة للاستعمال المشترك بين الناس كافة ، فإن هذا الاستعمال مشروط بألا يؤدي ذلك إلي إتلاف هذه الطرق أو إساءة استعمالها ، والتعدي عليها أو اقتطاع جزء منها أو إلقاء القاذورات والقمامة والمخلفات فيها ، أو إشغالها بأي مهمات أو بضائع مما يعيق حركة المرور فيها .

ومن هنا فقد أعطي المشرع أهمية كبيرة للشوارع والطرق العامة ؛ لما لها من دور كبير في التنمية الحضارية والعمرانية بربط المجتمعات ببعضها البعض، وتيسير حركة المرور، فجّرم المشرع التعدي علي جسم الطريق بمحاولة أغتصاب جزء منها أو الحفر فيه أو إتلافه، فكفل توفير وتأمين الطرق العامة وعدم تعطيل الحركة عليها أو العبث بها ، وليس ذلك وحسب بل مد ذلك التأمين وهذه الحماية إلي الأراضي الواقعة علي جانبي الطريق بفرض بعض القيود الإدارية عليها .

Research title

Criminal protection of the public road

Analytical study

Doctor Consultant: Mohamed Gibril Ibrahim1

1 Vice President of the Egyptian State Litigation Authority, Member of the Egyptian Association for Political Economy, Statistics and Legislation.

Email: gebrelmohamed865@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj3319

Published at 01/03/2022 Accepted at 23/02/2021

Abstract

Give the road its right, and from this point of view, the criminal legislator has imposed criminal protection for public roads. dirt, rubbish and remnants therein, or occupying them with any tasks or goods that impede the movement of traffic therein.

Hence, the legislator has given great importance to streets and public roads; Because of its great role in civil and urban development by linking societies to each other and facilitating traffic, the legislator criminalized trespassing on the road body by trying to usurp part of it, digging in it or destroying it. Rather, that insurance and this protection were extended to the lands on both sides of the road by imposing some administrative restrictions on them.

مقدمة

تمهيد :

تعتبر الطرق العامة محملة بحقوق الكافة ومخصصة لمنفعتهم بالمرور والسير، ويكون ذلك إما بموجب قانون أي التخصيص الرسمي ، وإما بموجب ما يقوم مقامه وهو التخصيص بالفعل بأن يكون الشارع أو الطريق مطروقاً بالفعل فيمر فيه الجمهور لفترة زمنية طويلة ، أو أن تكون الإدارة قد تولت العناية بالطريق فعّبدته للمرور ، ورصفته وأنارته وغرست فيه الأشجار .

وإذا كانت الطرق العامة مخصصة للاستعمال المشترك بين جميع المواطنين ، فإن هذا الاستعمال مقيد بألا يؤدي ذلك إلي إتلاف هذه الطرق أو إساءة استعمالها ، بالتعدي عليها أو اقتطاع جزء منها أو إلقاء القاذورات والقمامة والمخلفات فيها ، أو إشغالها بأي مهمات أو بضائع مما يعيق حركة المرور فيها .

و لذلك فقد أعطي المشرع أهمية كبيرة للشوارع والطرق العامة ؛ لما لها من دور كبير في التنمية الحضارية والعمرانية بربط المجتمعات ببعضها البعض، وتيسير حركة المرور، فجّرم المشرع التعدي علي جسم الطريق بمحاولة أغتصاب جزء منها أو الحفر فيه أو إتلافه، فكفل توفير وتأمين الطرق العامة وعدم تعطيل الحركة عليها أو العبث بها ، وليس ذلك وحسب بل مد ذلك التأمين وهذه الحماية إلي الأراضي الواقعة علي جانبي الطريق بفرض بعض القيود الإدارية عليها .

ولقد تضمن القانون رقم 146 لسنة 1984 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة بعض قواعد الحماية للطرق العامة بكافة أنواعها ، الطرق الحرة ، والطرق السريعة ، والطرق الرئيسية ، والطرق المحلية، فجّرم التعدي عليها ، وفرض بعض القيود علي الأراضي الخاصة التي علي جانبيها حتي مسافات معينة ، كما تضمن قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956 وتعديلاته بعض الحماية القانونية للطرق العامة الداخلية ضد الإشغالات التي تتم بدون ترخيص ([1] ) .

أهمية الحماية الجنائية للطريق العام :

نظراً لأهمية الطرق العامة سواء الطرق الإقليمية أو الطرق الداخلية ، فقد قرر المشرع فرض حماية جنائية لها لمنع أي إخلال يمكن أن يمسها ، فيؤدي إلى عرقلة السير أو المرور ، وكذلك المساس بالأمن والسلامة العامة ، إذ من الممكن أن يقع الإخلال في باستعمال الطريق العام عن طريق التعدي علي جسم الطريق أو عن طريق إشغاله بالمهمات والمنقولات أو البضائع مما يؤدي إلي عرقلة المرور ، وتعطيل المصالح ([2]) .

ويجب أن يكون هذا الجزاء الجنائي شاملاً لكل شخص يمكن أن يقوم بسلوك غير مشروع بالتعدي علي الطريق سواء كان من المارين مروراً عابراً ، أو كان من ملاك العقارات علي جانبي الطريق ، وذلك من أجل ضمان توفير جزاء رادع ومانع لكل فعل غير مشروع يقع من أي شخص يستغل الطريق العام ([3] ) .

ومرجع أهمية هذه الحماية هو أنها ستوفر ضمان استمرار عمل المرافق العامة بانتظام وباضطراد ، وعدم عرقلة الأنشطة المختلفة ، فإذا أرادت الدولة ضمان تقدمها في المجالات المختلفة لاسيما الاقتصادية منها فلا بد حينئذ من حماية كل الوسائل التي تستعين بها من أجل مزاولة نشاطاتها المختلفة وضمان تحقيقها للمنفعة العامة خصوصاً حمايتها للمرافق العامة والتي من أهمها الطرق العامة التي تعد وسيلة فعالة من أجل تقدم الدولة اقتصادياً واجتماعياً ([4]) .

والحماية الجنائية من أهم أنواع الحماية القانونية وأكثرها فاعلية ، لأنها توفر الردع للإنسان المخل وحريته، بما تتضمنه من نصوص عقابية من أجل حماية قيم وحقوق ومصالح كل فرد في المجتمع، فلا شك أن قانون العقوبات يوفر الحماية لجميع الحقوق أو المصالح من جميع الأفعال غير المشروعة التي تعرقل سير الحياة في يسر وهدوء .

أسباب إجراء هذه الدراسة :

أدي تزايد عدد الحوادث في الطرق ، وتزايد عدد الضحايا بصورة عالية إلي الحاجة الماسة إلي إلقاء الضوء علي مدي توافر الحماية الجنائية للطرق العامة ، ومدي توافر السلامة والأمان في هذه الطرق ومدي مطابقتها للمواصفات ، وعدم التعدي عليها من أي طرف .

فبالرغم من تعاظم دور الدولة في القيام بواجباتها في كل مناحي الحياة المختلفة ، ومن ذلك قيام الدولة بإنشاء الطرق ، ومد الجسور ، وتشييد الكباري ، إلا إن ذلك وحده لم يكن كافياً لتسهيل حركة المرور والحفاظ علي الأرواح ، ويشهد الواقع العملي وقوع العديد من المشكلات التي تؤثر في كفاءة السير وحركة المرور ، والزحام ، وهذا ما تظهره الحوادث الكثيرة التي تقع علي هذه الطرق .

وفي هذه الدراسة محاولة لإلقاء الضوء علي القواعد القانونية التي تضمنها القانون الجنائي لمواجهة التعدي علي الطريق العام ، وما مدي الحاجة إليها في هذا المجال ، وما مدي مناسبتها في هذا الشأن .

تحديد المشكلة محل هذه الدراسة :

تبرز المشكلة في هذه الدراسة أن موضوعها تحيط به بعض الصعوبات من الناحية النظرية ، ومن الناحية التطبيقية علي حد السواء ، فمن الناحية النظرية لا يمكننا أن نجد فكرة واضحة المعالم في شأن انعقاد المسئولية الجنائية للتعدي علي الطريق العام ، ومن ثم تظل ندرة الأبحاث المتعلقة بالمواجهة الجنائية لهذه المخالفات الواقعة علي الطرق العامة قائمة في هذا الشأن ([5] ) .

ومن الناحية التطبيقية فإن المشكلة تبدو في إننا لا نكاد نلمس منهج واضح للجهات الإدارية في اللجوء إلي الطريق الجنائي ضد المتعدين علي الطرق العامة ، فيبدو العزوف واضحاً عن طرق هذا السبيل ، مكتفية بالجزاءات الإدارية التي كفلها القانون لها لتوقعيها علي مرتكبي المخالفات والتعديات علي الشوارع والطرق فتغرمهم أو تسحب رخصهم إذا وقع منهم ما يضر بالشوارع والطرق العامة .

لذلك فإن هذه الدراسة تجتهد في إيجاد فكرة واضحة من حيث النظرية والتطبيق لتدخل القانوني الجنائي في نقاط معينة عند الإخلال أو التعدي علي الشوارع والطرق العامة .

الهدف من الدراسة :

تهدف هذه الدراسة إلي بيان خطورة التعدي علي الطرق العامة ،ومن جهة أخري فإن هذه الدراسة تعكف علي بيان مدي تأثير تدخل القانون الجنائي في مجال حماية هذه الطرق العامة ، كما تهدف هذه الدراسة إلي حث الجهة الإدارية علي اللجوء إلي استخدام الحماية الجنائية للشوارع والطرق العامة ، والتأكيد علي الأخذ بنقاط القوة في مجال تدخل القانون الجنائي في هذا الشأن ، ومعالجة نقاط الضعف ، وذلك عن طريق بيان ما هية المواضع التي تستحق التدخل ، والمواضع التي لا تستأهل هذا التدخل الجنائي والاكتفاء بالتدخل الإداري الذي تتمتع به السلطة الإدارية والمتمثل في الجزاءات المالية إلي أخر هذه السلطات الإدارية في مجال الضبط الإداري .

ومن جهة أخري فإن هذه الدراسة تهدف إلي معالجة القصور الوارد في مواد العقاب المقرر علي من يتعدي علي الطريق العام ، وفقد أصبحت هذه العقوبات لا تتناسب مع خطورة هذه التعديات نظراً لضئالتها .

منهج الدراسة :

اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التحليلي لنصوص القانون الجنائي المصري التي تناولت جرائم التعدي علي الطرق العامة بالتجريم والعقاب، مع الاستشهاد بالتطبيقات القضائية كلما دعت الحاجة إلي ذلك ،هذا مع الإشارة إلى موقف التشريعات العربية المقارنة التي تصدت لهذه المسألة ، والمقصد من ذلك التمًّكن من الوقوف على تقييم جدي ومستنير لسياسة المشرع الجنائي الوضعي في مواجهة الموضوع محل الدراسة، و الاهتداء لفكرة واضحة في سبيل المواجهة الجنائية لحماية الطرق العامة التي تمثل أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية ذات التأثير المباشر على الاستقرار المالي للبلاد .

ولقد اعتمدنا في ذلك علي التركيز علي الخطوط الأساسية للموضوع لاستبيان مقوماته بسهولة ، فلا تطغي كثرة تفاصيله علي جوهره ، فكان اهتمامنا منصباً علي صور التعدي علي الطرق العامة ، والمعالجة الجنائية لهذه الصور بإيجاز غير مقتضب .

خطة الدراسة :

تناولت الدراسة بعد التمهيد السابق دراسة الحماية الجنائية للطرق العامة علي النحو الأتي :

المبحث الأول : الحماية الجنائية للطرق العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

المطلب الأول : محل الحماية الجنائية للطرق العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

المطلب الثاني : الركن المادي لتجريم التعدي علي الطرق العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968

وتعديلاته

المطلب الثالث : الركن المعنوي لتجريم التعدي علي الطرق العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

المطلب الرابع : عقوبة التعدي علي الطريق العام وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

المبحث الثاني : الحماية الجنائية للطرق المحلية وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956

المطلب الأول : محل الحماية الجنائية وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956

المطلب الثاني : الركن المادي لتجريم إشغال الطرق وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956

المطلب الثالث : الركن المعنوي لتجريم إشغال الطرق وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956

المطلب الرابع : عقوبة إشغال الطريق العام وفقاً لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 .

وعلي الله قصد السبيل ؛

المبحث الأول

الحماية الجنائية للطرق العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

فرض القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته الحماية الجنائية علي أنواع الطرق العامة بكافة أنواعها ، ما عدا الطرق الداخلة في حدود القاهرة الكبري ،والأسكندرية ، والطرق الداخلة في حدود المدن والقري التي لها مجالس مدن أو مجالس قري ، وجسور النيل والترع والمصارف التي تشرف عليها وزارة الري ، أما الطرق الحرة ، والطرق السريعة ، والطرق الرئيسية فتخضع لأحكام هذا القانون ، وقرر العقاب علي أي تعدي عليها ، وليس ذلك وحسب بل مد هذه الحماية إلي الأراضي التي تقع علي جانبي الطريق فقرر بعض القيود عليها لخدمة وحماية الطريق العام ، ونعرض فيما يلي لتجريم التعدي علي الطرق العامة وفقاً للقانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته علي النحو الأتي :

المطلب الأول : – محل الحماية الجنائية .

المطلب الثاني :- الركن المادي .

المطلب الثالث :- الركن المعنوي .

المطلب الرابع :- عقوبة التعدي علي الطريق العام .

المطلب الأول

محل الحماية الجنائية للطرق العامة في القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

تعتبر الطرق المخصصة للمنفعة العامة ، أي المخصصة لمرور الجمهور من أملاك الدولة العامة ، سواء كانت هذه الأملاك قد خصصت للمنفعة العامة بالطريق الرسمي أو خصصت بالفعل ، بأن يكون الطريق أو الشارع مطروقاً يمر فيه الجمهور منذ مدة طويلة أو أن تكون جهة الإدارة قد تولت العناية بالطريق أو الشارع وتعهدته بالرصف والإنارة ([6]) .

ولا يشترط أن يكون هذا الطريق قد أُنشُأ علي نفقة الدولة ، أو أن توجد جهة تشرف عليه ، حتي يعتبر هذا الطريق من الأملاك العامة ، فيكفي أن يكون الانتفاع به والمرور عليه مباحاً للكافة ، وأن يكون مستطرقاً لمدة زمنية كافية ، وتمر به المرافق من إنارة ومياة وصرف ، حتي وإن كان أصل هذا الطريق من الأملاك الخاصة للأفراد ولكنهم سمحوا للكافة باستخدامه ، فإنه يصبح بذلك من الأملاك العامة للدولة([7]).

وذلك بعكس الطريق الخاص الذي يخصصه المالك علي نفقته للمرور عليه للوصول إلي ملكه الخاص ، فهذا الطريق يكون مملوكاً ملكية خاصة لصاحبه ؛ وذلك لعدم الانتفاع به من الكافة ، واستخدامه من يكون قاصر علي ملاكه فقط وهم أشخاص محدودين ، ومن ثم يظل هذا الطريق مملوكاً ملكية خاصة ، ويجوز لمالكه منع غيره من المرور فيه ، ويجوز له قفله .

ولقد صدر القانون رقم 229 لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة ونص في مادته الأولي علي إنه :-

تنقسم الطرق العامة إلى الأنواع الآتية :

( أ ) طرق حرة.

( ب) طرق سريعة .

( جـ) طرق رئيسية.

( د) طرق محلية .

وتنشأ الطرق الحرة والسريعة والرئيسية وتعدل وتحدد أنواعها بقرار من وزير النقل، وتشرف عليها الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى ، أما الطرق المحلية فتشرف عليها وحدات الإدارة المحلية “.

ولقد أستهدف المشرع من توزيع الاختصاص بين الهيئة العامة للطرق والكباري ، وبين أجهزة الحكم المحلي بسط الرعاية علي كافة أجزاء الطريق من الجهتين ، و درء الأخطار التي تهدد أمنه في كل الأماكن ، وتوفير ضمانات وصلاحيات حركة المرور في كل الأحوال ، عن طريق إزالة كل المعوقات والعراقيل بالتوسعة والتحسين ([8] ) .

وتنص المادة الثالثة من ذات القانون علي إنه :- “مع عدم الإخلال بأحكام قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، تتحمل الخزانة العامة للدولة تكاليف إنشاء الطرق الحرة والسريعة والرئيسية والأعمال الصناعية اللازمة لها وصيانتها، كما تتحمل وحدات الإدارة المحلية التكاليف المشار إليها بالنسبة للطرق المحلية”.

ويتضح من ذلك أن الطرق العامة تنقسم إلي طرق عامة تشرف عليها الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري ، وإلي طرق عامة تشرف عليها وحدات الإدارة المحلية وهي الطرق المحلية ، ونشير إلي أن الطرق الحرة والطرق السريعة ، والطرق الرئيسية الداخلة في حدود المدن والقري وتمرعليها ، تسري عليها أحكام القانون 84 لسنة 1968 وتعديلاته ، وتشرف عليها تبعاً لذلك الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى .

فمحل الحماية الجنائية هنا هي الطرق التي تخضع لأحكام هذا القانون وهي الطرق العامة التي تشرف عليهاالهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري ، أما الطرق المحلية والميادين الآخري فتخضع لحماية أخري يقررها القانون رقم 140 لسنة 1956 وتعديلاته بشأن إشغال الطرق([9] ) .

ونلاحظ عدم دقة مصطلح الطرق المحلية ، للإشارة إلي الطرق الداخلة في حدود القري والمدن ، فهذه التسمية غير دقيقة ؛لأن كل الطرق تعتبر محلية ولا يوجد ما يطلق عليه طرق دولية ، ولم يكن في ذهن المشرع الإشارة إلي الطرق الدولية في هذا الشأن ، فكان الأولي تسميتها بالطرق الداخلية .

ونشير أيضاً إلي إن هذا القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته لا يسري علي جسورالنيل والترع والمصارف التي تشرف عليها وزارة الموارد المائية والري ،وكذلك لا يسري هذا القانون علي الطرق الخاصة التي يقيمها المالك علي نفقته الخاصة للمرور عليها للوصول إلي ملكه الخاص ، فهذه الطرق تكون مملوكة ملكية خاصة لأصحابها ، واستخدامها يكون قاصر علي ملاكها فقط وهم أشخاص محدودين ، ومن ثم تظل هذه الطريق مملوكة ملكية خاصة ، ويجوز لملالكها منع غيرهم من المرور فيها ، ويجوز لهم تبعاً لذلك غلقها ([10] ) ، فلا يمكن اعتبار طريقاً ما أنه من الأملاك العمومية إلا إذا كانت الحكومة تملكه أو أنها قد قامت بجميع الإجراءات التي يفرضها عليها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة ([11])، ولا يستفاد من ترك الطريق لمرور الغير أنه طريق عام إذ يحتمل أن يكون المرور مبنياً علي التسامح الذي لا يكسب حقاً ([12] ) .

التجريم لا يشمل الأراضي الواقعة علي جانبي الطريق العام :-

التجريم المقرر في القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته، لا يسري علي الأراضي الخاصة الواقعة علي جانبي الطرق العامة ، حيث لا تعتبر هذه الأراضي جزء من الطرق العامة ، أو ملحقة بها ، فلا تأخذ في مقام الحماية حكم الطرق العامة ذاتها ، ولا يأخذ التعدي عليها في مقام التجريم حكم الأفعال المخالفة التي تقع علي الطرق العامة ذاتها ([13] ) .

ولذلك يقرر المشرع بعض القواعد الخاصة التي تخضع لها الأراضي الواقعة علي جانبي الطريق العام ، وذلك بفرض بعض القيود الإدارية عليها([14])، فتعتبر ملكية الأراضي الواقعة علي جانبي الطرق العامة لمسافة خمسين متراً بالنسبة إلي الطرق السريعة ، وخمسة وعشرين مترا بالنسبة للطرق الرئيسية ، وعشرة أمتار بالنسبة إلي الطرق الأقليمية ، وذلك خارج نطاق الأورنيك النهائي المحدد بحدائد المساحة طبقاً لخرائط نزع الملكية المعتمدة لكل طريق ، محملة لخدمة أغراض هذه الطريق بالأعباء الأتية :

( أ ) لا يجوز استغلال هذه الأراضي في أي غرض غير الزراعة ، ويشترط عدم إقامة أية منشآت

عليها .

( ب ) ولا يسري هذا الحكم داخل حدود مجالس المدن إلا في الأجزاء المارة بأراضي زراعية .

( ج ) وللجهة المشرفة علي الطريق أن تأخذ من تلك الأراضي الأتربة اللازمة لتحسين الطريق

ووقايته بشرط عدم تجاوز العمق الذي يصدر بتحديده قرار من مجلس إدارة المؤسسة ويؤدي

لأصحاب هذه الأراضي تعويض عادل .

ومؤدي ما سبق أن الأراضي الواقعة علي جانبي الطرق العامة لمسافة خمسين متراً بالنسبة إلي الطرق السريعة ، وخمسة وعشرين مترا بالنسبة للطرق الرئيسية ، وعشرة أمتار بالنسبة إلي الطرق الأقليمية تحمل ببعض القيود والتي حاصلها أنه لا يجوز استغلال هذه الأراضي في أي غرض غير الزراعة ، ويشترط عدم إقامة أية منشآت عليها ، ولا يسري هذا الحكم داخل حدود مجالس المدن إلا في الأجزاء المارة بأراضي زراعية ، وللجهة المشرفة علي الطريق أن تأخذ من تلك الأراضي الأتربة اللازمة لتحسين الطريق ووقايته بالصورة التي لا تضر بهذه الأراضي ([15]).

وبالرغم من كل هذه القيود إلا أن هذه الأراضي لا تعتبر جزء من الطريق العام ولم تلحق به بحيث يمكن أن تأخذ في مقام التجريم حكم الأعمال المخالفة التي تقع في الطريق العام ذاته ، وحيث أنه لا يجوز القياس في مجال التجريم ، ومن ثم فلا يمكن أن تنطبق مواد تجريم التعدي علي الطريق العام ، علي المخالفات التي تقع علي الأراضي الواقعة علي جانبي الطريق([16]).

المطلب الثاني

الركن المادي لجريمة التعدي علي الطرق العامة في القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

يتكون الركن المادي لجرائم التعدي علي الطرق العامة من السلوك الإجرامي الذي يمثل فعل التعدي ، والنتيجة غير المشروعة ، وأن تربط بين السلوك والنتيجة رابطة سببية .

أولاً :- السلوك :

تتعدد السلوكيات التي تعتبر تعدي علي الطريق العام ما بين إعاقة الإنتفاع بها وحتي إلي اغتصاب جزء منها ، وما بين ذلك من سلوكيات مختلفة مثل عمل مطبات صناعية عليها بإحداث قطع أو حفر أو صنع عوائق عليها ، أو إقامة منشآت عليها بدون إذن من الجهة الإدارية المشرفة علي الطريق .

فقد يتمثل السلوك الذي يعتبر تعدي علي الطريق العام في اغتصاب جزء من جسم الطريق ، ويتم ذلك بوضع اليد عليه وتسويره ، أو استخدامه في تشوين مهمات خاصة ، أو ممارسة أي مظهر من مظاهر الاغتصاب والتملك عليه .

ومن سلوكيات التعدي علي الطريق العام أيضاً إقامة منشآت عليه بغير إذن من الجهة الإدارية ، أياً كانت مادة إنشائها سواء كانت هذه الإنشاءات خرسانية أو خشبية أو حديدية ، ويشترط أن تكون الإنشاءات علي جسم الطريق ذاته حتي يخضع التعدي للتجريم ، أما إذا وقعت هذه الإنشاءات علي حدود الطريق علي الأراضي التي علي جانبي الطريق والمملوكة للأفراد ملكية خاصة ، فلا يخضع البناء عليها للتجريم حتي وإن كانت محملة بقيود إدارية لصالح خدمة الطريق العام ، فالمقصود هنا هي أعمال التعدي بإقامة بناء أو منشآت على الطريق العام ذاته متى وقعت بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق([17] ) .

ويعتبر تعدي علي الطريق العام كذلك أخذ أتربة أو أحجار أو رمال مما يستخدم لإقامة الطريق وتعبيده ، لما يسببه ذلك من إتلاف للطريق وأضرار جسيمة له .

وأضاف المشرع من ضمن سلوكيات التعدي علي الطريق العام غرس أشجار علي جسم الطريق العام ، وذلك بدون إذن من الجهة الإدارية المشرفة عليه ، ومد المشرع حظر وتجريم غرس الأشجار علي الجزر الوسطي بالطريق ، ولم يحدد المشرع أي نوع من الأشجار يحظر غرسه ، بل ذكرها بدون تحديد لتشمل أي نوع من الأشجارالمغروسة سواء كانت أشجار النخيل أو أشجار الزينة ، حتي وإن كان الغرض منها التظليل ، والهدف من هذا الحظر هو الحفاظ علي صلاحية الطريق للسير والمرور ، فقد يؤدي غرس هذه الأشجار إلي تضييق الطريق وعرقلة السير عليه .

ومن السلوكيات التي تعد جرائم تعدي علي الطريق العام شغل الطريق بمنقولات أومهمات خاصة وذلك بدون إذن من الجهة المشرفة علي الطريق ، ومن ذلك أيضاً تشوين مخصبات زراعية علي الطريق العام ، أو وضع القازورات علي نهر الطريق .

وأيضاً تقع السلوكيات التي تعتبر تعدي علي الطريق العام بإحداث قطع أو حفر أو إقامة عوائق في وسطها أو ميولها أو أخذ أتربة منها ، فيعتبر ما يقوم به العامة من عمل مطبات صناعية عشوائية علي الطريق العام جريمة في حكم هذا القانون حتي وإن كان الهدف منها الإجبار علي التهدئة وتقليل سرعة السيارات في الأماكن السكنية .

ومن السلوكيات التي تعد تعدي علي الطريق العام أيضاً وضع أو إنشاء أو استبدال لافتات أو إعلانات أو أنابيب أو برابخ تحتها بدون ترخيص من الجهة المشرفة علي الطريق ، وكذلك إحداث أي تلف بالأعمال الصناعية بها . وكذلك جّرم المشرع إتلاف العلامات المبينة للكيلو مترات علي جانب الطريق العام .

وكذلك اعتبر المشرع إغراق الطريق العام بمياة الري أو الصرف أو أية مياة أخري من السلوكيات التي تعتبر تعدي علي الطريق العام . وكذلك إتلاف الأشجار المغروسة علي جانبي الطريق .

ثانياً :- النتيجة غير المشروعة :-

جرائم التعدي علي الطريق العام من جرائم الضرر التي يلزم لتحققها تحقق نتيجة معينة غير مشروعة بناء علي الفعل الإجرامي ، و تتمثل النتيجة غير المشروعة في جرائم التعدي علي الطريق العام في الضرر الذي يلحق بجسم الطريق ، فينقص من منفعته العامة عن طريق إلي عرقلة السير عليه ، وتعسر عملية المرور فيه ، وتعطيل استخدامه في الغرض الذي خصص له هذا الطريق .

فمتي أدي السلوك الإجرامي إلي إحداث قطع أو حفر في الطريق ، أو إقامة عوائق أو ميول فيه ، فكل ذلك يعتبر نتيجة غير مشروعة للسلوك الإجرامي ، وكذلك ما يحدث من اغتصاب لجزء من الطريق والانتفاع به ، وتشوين مهمات عليه ، أو شغل الطريق بمهمات ، أو أخذ رمال أو أحجار مما استخدم في تعبيده وإنشائه ، مما يؤدي إلي حدوث تشققات فيه .

وكذلك قد تتمثل النتيجة في اغتصاب جزء من جسم الطريق بوضع اليد عليه ووضع أكشاك أو إنشاءات عليه ، واستخدامه في أي منفعة كمظهر من مظاهر التملك والاغتصاب ([18] ) .

المطلب الثالث

الركن المعنوي لجريمة التعدي علي الطرق العامة في القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

يتخذ الركن المعنوي لجريمة التعدي علي الطريق العام صورة القصد الجنائي العام ، لذلك يجب أن يكون الجاني عالماً بعناصر جريمته ، أي أن يكون عالماً بأن محل التعدي طريق عام ، وليس طريق خصوصي ملكاً للأفرد ، وإن كان ذلك يمثل جريمة أخري .

وأن يعلم أن من شأن فعله الإضرار بالطريق العام وإتلافه ، ويلزم أن تتجه إرادة الجاني إلي هذه النتيجة ، ومتي توافر لدي الجاني العلم والإرادة ، يتوافر الركن المعنوي لجريمة التعدي علي الطريق العام .

ولا يشترط لقيام هذه الجريمة توافر قصد جنائي خاص ، ويكفي في ذلك القصد الجنائي العام الذي ينصب علي علم الجاني بالإحاطة بالحق الذي يحميه القانون ، فيجب أن يعلم أن من شأن فعله أن يؤدي إلي الإنتقاص من منفعة الطريق العام بعرقلة أو تعطيل السير عليه ، أما إذا ارتكب فعله وهو يعتقد أن تعديه علي طريق خاص به ، أو خاص بأحد أقربائه ، فلا تقوم هذه الجريمة .

ويتحدد نطاق العلم الواجب توافره في القصد الجنائي بأنه يشمل أركان الجريمة ، أما ما يخرج عن هذه الأركان والعناصر ، فلا يشترط أن يعلم به الجاني ، ومن جهة آخري فإن العلم بالقانون هو علم مفترض ، فلا يقبل من الجاني الدفع بأنه كان يجهل وجود مثل هذا التجريم للتعدي علي الطريق العام ، أو وجود هذه الحماية لهذا الطريق ، غير أنه يقبل الدفع بالغلط في الوقائع إذا أثر هذا الغلط علي عنصر العلم الواجب توافره في القصد الجنائي .

المطلب الرابع

عقوبة التعدي علي الطريق العام وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته

جرّم المشرع أفعال التعدي علي الشارع العام واعتبرها جنحة ، وعاقب من يقترفها بعقوبة الحبس مدة لا تزيد علي شهر ، وبغرامة لا تجاوز مائة جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين ، حيث تنص المادة 13 من القانون رقم 146 لسنة 1984 الصادر بتعديل أحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 علي أنه :- ” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي شهر ، وبغرامة لا تجاوز مائة جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين كل من يتعدي علي الطرق العامة بأحد الأعمال الأتية :-

  1. إحداث قطع أو حفر أو إقامة عوائق في وسطها أو ميولها أو أخذ أتربة منها .
  2. وضع أو إنشاء أو استبدال لافتات أو إعلانات أو أنابيب أو برابخ تحتها بدون ترخيص من الجهة المشرفة علي الطريق أو إحداث أي تلف بالأعمال الصناعية بها .
  3. اغتصاب جزء منه .
  4. إقامة منشآت عليها بدون إذن من الجهة المشرفة علي الطريق .
  5. إغراقها بمياة الري أو الصرف أو غيرها .
  6. إتلاف الأشجار المغروسة علي جانبيها أو العلامات المبينة للكيلو مترات .
  7. غرس أشجار عليها أو شغلها بمنقولات بدون إذن من الجهة المشرفة علي الطريق .
  8. وضع قاذورات أو مخصبات عليها .

و مؤدي هذا النص أن المشرع يعاقب علي أي اغتصاب للشارع العام بوضع اليد أو إظهار أي مظهر من مظاهر الحيازة أو التملك عليه ، وكذلك إنشاء أي إنشاءات بدون ترخيص ، أو وضع قاذورات عليه أو مخصبات زراعية ، أو إحداث أي تلفيات في الشارع بالحفر أو القطع ، ووضع عقوبة الحبس مدة لا تزيد علي شهر ، وبغرامة لا تجاوز مائة جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين لمن يقترف هذه الأفعال([19]).

المبحث الثاني

الحماية الجنائية للطرق المحلية وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956

ذكرنا أن القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته بسط الحماية الجنائية علي أنواع الطرق العامة بكافة أنواعها ما عدا الطرق الداخلة في حدود القاهرة الكبري والأسكندرية، والطرق الداخلة في حدود المدن والقري التي لها مجالس مدن أو مجالس قري ، لذلك فقد تكفل القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق بحماية الطرق المحلية التي تقع داخل المدن والقري ضد الإشغالات التي تقع عليها ، فتعرقل حركة السير والمرور عليها ([20] ) .

ونعرض فيما يلي لتجريم إشغال الطرق العامة الداخلية ، وفقاً لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 وتعديلاته علي النحو الأتي :

المطلب الأول : – محل الحماية الجنائية .

المطلب الثاني :- الركن المادي .

المطلب الثالث :- الركن المعنوي .

المطلب الرابع :- عقوبة أشغال الطريق العام .

المطلب الأول

محل الحماية الجنائية في قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956

تكفلت المادة الأولي من قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956 بتحديد نطاق تطبيق هذا القانون فقررت أنه تسرى أحكامه على الميادين والطرق العامة على أختلاف أنواعها أو صفتها ، الداخلة في حدود البلاد التي لها مجالس بلدية ، وهو ما يعني أن الطرق المعنية في هذا الشأن هي الميادين و الشوارع المحلية ، والتي تخصص لمرور الناس وانتفاعهم ، وهي بهذه المثابة تعتبر من أملاك الدولة العامة، سواء أكانت قد خصصت للمنفعة العامة بالطريق الرسمي أو خصصت بالفعل ، بأن يكون الطريق أو الشارع مستطرقاً يمر فيه الناس منذ مدة طويلة ، أو أن تكون جهة الإدارة قد أشرفت عليه وتعهدته بالرصف والإنارة ([21]) .

ومؤدي ذلك القول أن الحماية الجنائية في هذا القانون تشمل الطرق الداخلية التي تكون داخل حدود المدن والقري التي لها مجالس مدن أو مجالس قروية ، وكذلك الميادين التي تربط هذه الطرق ، ولا تدخل تحت نطاق هذه الحمايةالطرق العامة التي تشرف عليها الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري ، وهي الطرق الحرة والطرق السريعة ، والطرق الرئيسية ، حتي وإن مرت داخل هذه القري أو المدن([22] ) .

ولا يشترط أن تكون هذا الطرق قد أُنًشئت علي نفقة الدولة حتي تعتبر من الأملاك العامة ، فيكفي أن يكون الانتفاع به والمرور عليه مباحاً لجميع الناس ، وأن يكون مستطرقاً لمدة زمنية كافية ، وتمر به مرافق مياة الشرب والصرف الصحي ، والكهرباء ، حتي وإن كان أصل هذا الطريق من الأملاك الخاصة للأفراد ولكنهم سمحوا للكافة باستخدامه ، فإنه يصبح بذلك من الأملاك العامة للدولة ([23] ) .

ولا يدخل في نطاق الحماية الجنائية لهذا القانون جسورالنيل والترع والمصارف التي تشرف عليها وزارة الموارد المائية والري([24] ) .

وكذلك لا يسري هذا القانون علي الطرق الخاصة التي يخصصها المالك علي نفقته للمرور عليها للوصول إلي ملكه الخاص ، فهذه الطرق تكون مملوكة ملكية خاصة لأصحابها ؛ وذلك لعدم الانتفاع بها من الكافة ، واستخدامها من ثم يكون قاصر علي ملاكهافقط وهم أشخاص محدودين ، ومن ثم تظل هذه الطريق مملوكة ملكية خاصة لهم ، طالما لم يتم استطراقها من الجمهور ،ويجوز لملالكها منع غيرهم من المرور فيها ، ويجوز لهم قفلهاأو غلقها ، وتظل هذه الطرق ملكاً خاصاً لصاحبها ولا يستخدمه غيره إلا من يأذن لهم دون غيرهم من الجمهور، علي أن يبين هذه الخصوصية بعلامة مادية ، بأن يسد طرفي الطريق أو الجسر أو القنطرة بباب أو بدرابزين أو بجنزير لمنع مرور الجمهور ([25]).

كما أن استطراق الأرض المملوكة للأفراد ليس من شأنه وحده تخصيصها للمنفعة العامة ، إلا أن استمرار هذا الاستطراق إلي المدة اللازمة لكسب ملكيتها بالتقادم الطويل يترتب عليه كسب الدولة لملكيتها بالتقادم وتخصيصها للمنفعة العامة بمجرد اكتمال هذه المدة ([26] ) .

ومؤدي ذلك أن الطرق الداخلية ، والميادين المخصصة للمنفعة العامة ، أي المخصصة لإستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة ، وتكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما بموجب أداة قانونية مما أورده النص ، وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة بأداة قانونية من السلطة المختصة ، وإما بموجب التخصيص الفعلي بأن يكون الطريق أو الميدان مخصصاً للإستعمال العام بالفعل أي مطروقاً يمر فيه الناس والدواب ووسائل النقل دون تحديد أو تخصيص من فترة زمنية طويلة كافية لإستمرار تخصيصه بالفعل للنفع العام ، ويثبت ذلك من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام ولا يشترط لاعتبار شئ من ذلك مخصصاً للنفع العام وجود مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد بها الطريق أو الميدان ، كما لا يشترط أن يتم الصرف علي شئ منها بمعرفة الحكومة ، وحاصل الأمر أن اعتبار هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة لا يحتاج إلا لاعتباره متروكاً لاستطراق الجمهور ([27] ) .

المطلب الثاني

الركن المادي لجريمة إشغال الطرق وفقاً للقانون رقم 140 لسنة 1956

يتكون الركن المادي لجرائم التعدي علي الطرق الداخلية العامة من السلوك الإجرامي الذي يمثل فعل التعدي ، والنتيجة غير المشروعة ، وأن تربط بين السلوك والنتيجة رابطة سببية .

أولاً :- السلوك :

عدد المشرع السلوكيات التي تعتبر إشغالاً للطريق العام ، فجّرم إشغال الطريق العام الداخلي في اتجاه أفقي أو رأسي ، بأي نوع من أنواع الإشغالات ، أو القيام بأي عمل من أعمال الحفر أوالبناء أوالهدم أوالرصف للطرق الداخلية ،أو إقامة أي منشآت عليها بدون إذن من الجهة الإدارية المختصة ([28]).

وقد يتمثل السلوك الذي يعتبرإشغالاً للطريق العام في مد الأنابيب والأسلاك فوق أو تحت سطح الأرض أو وضع حجر تفتيش للمجاري ، أو عمل فتحات أو مزلقانات في الأرصفة وما شابه ذلك .

ومن سلوكيات إشغال الطريق أيضاً وضع أرفف وحاملات للبضائع ومظلات ” تندات “وسقائف وما شابه ذلك أمام المحلات ، فتقتطع أجزاء من الطريق العام .

ومن ذلك أيضاً ترك منقولات خارج المحلات أو المصانع أو المخازن أو المنازل لمدد طويلة ، ولكن يسمح بترك هذه المنقولات لأقصر مدة تلزم للشحن أو التفريغ ، بشرط عدم تعطيل أو عرقلة المرور .

ومن سلوكيات إشغال الطريق أيضاً وضع بضائع ومهمات وفترينات ومقاعد ومناضد وصناديق وأكشاك وتخاسيب وما شابه ذلك ، بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة .

وأضاف المشرع للسلوكيات التي تعد إشغالاً للطريق وضع المعدات اللازمة لإقامة الحفلات أو الزينات أو الأفراح أو الموالد ، بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة .

وكذلك يعد من سلوكيات إشغال الطريق ترك أو تشوين مهمات البناء في الطريق العام ، وكذلك تشوين مخلفات الهدم علي الطريق العام لمدة طويلة مما يؤدي إلي عرقلة المرور وتعطيل السير في هذا الطريق .

ومن التعديات الواقعة علي الطريق العام أيضاً إنشاء أكشاك خشبية – أو من أي المواد الأخري – علي إفريز الطريق العام الذي يعد من الأموال العامة والانتفاع بهذه الأكشاك بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة([29]).

ويلاحظ أن كل السلوكيات السابقة والتي تعد من إشغالات الطريق يعتبرها المشرع جريمة وفقاً للقانون 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق ، ولكن يشترط أن تقع بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة ، ووفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنظمة له ، وهو ما يعني أن كل التصرفات والسلوكيات سالفة الذكر قد تسمح بها الجهة الإدارية ، وحينئذ لا تعد جريمة ([30] ) .

وأخيراً فقد أضاف المشرع من ضمن سلوكيات إشغال الطريق العام غرس أشجارعلي جسم الطريق العام بطريقة عشوائية ، وذلك بدون إذن من الجهة الإدارية المختصة، مما يؤدي إلي المساس بجمال تنسيق المدينة ، وإذا تم غرس هذه الأشجار بترخيص من لجهة الإدارية ، فإن هذه الأشجار تعتبر من الأملاك العامة ، أياً كان نوعها ، وأياً كان من غرسها .

ويلاحظ فيما سبق أن إشغال الطريق قد لا يمثل جريمة وفقاً للقانون رقم 140 لسنة 1956 في حالة ما إذا كان الإشغال قد تم بموجب ترخيص من جهة الإدارة وفقاً للشروط المبينة في القرارات المنفذة لهذا القانون ، فإشغال الطريق قد يكون مشروعاً عندما يكون بمقتضي ترخيص من الجهة الإدارية ، بشرط أن يكون هذا الترخيص ما زال سارياً ، أما إذا انقضت مدة الترخيص أو انتهي مفعوله بإلغائه لأي سبب ، يكون إشغال الطريق تعدياً علي الأملاك العامة ([31] ) .

ثانياً :- النتيجة غير المشروعة :-

جرائم إشغال الطريق العام من جرائم الضرر التي يلزم لتحققها تحقق نتيجة معينة غير مشروعة بناء علي الفعل الإجرامي ، و تتمثل النتيجة غير المشروعة في جرائم إشغال الطريق العام في الضرر الذي يلحق بجسم الطريق ، فيؤدي إلي عرقلة السير عليه ، وتعسر عملية المرور فيه .

فمتي أدي السلوك الإجرامي إلي إحداث تضييق للطريق بإقامة عوائق أو أرفف فيه ، فكل ذلك يعتبر نتيجة غير مشروعة للسلوك الإجرامي ، وكذلك ما يحدث من وضع بضائع ومهمات وفترينات علي جزء من الطريق والانتفاع به ، وتشوين مهمات عليه ، أو شغل الطريق بمهمات وبضائع لفترة طويلة .

فالنتيجة في جرائم إشغال الطريق تتمثل في عرقلة وتعطيل المرور فيه ، أو المساس بجمال وتنسيق المدينة بغرس الأشجار بصورة عشوائية في الطريق العام ، أو شغله في اتجاه أفقي أو رأسي ، واستخدامه في أي منفعة غير المرور والسير بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة .

المطلب الثالث

الركن المعنوي لجريمة إشغال الطرق وفقاً لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956

يتخذ الركن المعنوي لجريمة إشغال الطريق العام صورة القصد الجنائي ، لذلك يجب أن يكون الجاني عالماً بعناصر جريمته ، أي أن يكون عالماً بأن محل التعدي طريق عام من الطريق الداخلية التي تشرف عليها المجالس المحلية ، وألا يكون طريق خصوصي ملكاً للأفرد ، وإن كان ذلك يمثل جريمة آخري .

وأن يعلم أن من شأن فعله عرقلة وتعطيل السير علي الطريق العام ، ويلزم أن تتجه إرادة الجاني إلي هذه النتيجة ، ومتي توافر لدي الجاني العلم والإرادة ، يتوافر الركن المعنوي لجريمة إشغال الطريق العام .

أما إذا كان المتعدي يمسك بيده ترخيص من جهة الإدارة ، وأن هذا الترخيص ما زال سارياً فلا تقع الجريمة ، حتي وإن قامت الجهة الإدارية بإلغاء هذا الترخيص فيما بعد فلا يسري هذا الإلغاء في حقه إلا من تاريخ إخطاره بهذا الإلغاء ([32] ) .

المطلب الرابع

عقوبة إشغال الطريق العام وفقاً لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956

جرّم المشرع إشغالات الطريق العام واعتبرها جنحة ، وعاقب من يقترفها بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد على ثلاثمائة جنية([33]) .

فنصت المادة 14 من القانون رقم 140 لسنة 1956 المعدلة بالقانون رقم 129 لسنة 1982 علي إنه :- ” كل مخالفة لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه .

ويحكم على المخالف بإزالة الأشغال في ميعاد يحدده الحكم، فإذا لم يقم المحكوم عليه بالإزالة قامت الجهة المختصة بإجرائها على نفقته .

أما فيما يتعلق بإشغلات الطريق بحجرات التفتيش ومواسير صرف المياه فلا يحكم بإزالتها إلا إذا طلبت ذلك الجهة الإدارية المختصة.

وللمحافظ المختص قبل الفصل في الدعوى ـ وبعد إعطاء المهلة اللازمة ـ وفي أحوال المخالفات الجسيمة التي يكون معها في استمرار الأشغال خطر واضح على الصحة العامة أو الأمن العام إصدار قرار مسبب بوقف سريان ترخيص البناء أو الهدم حسب الأحوال، وذلك حتى تتم إزالة المخالفات ويجوز في الأحوال المذكورة التحفظ على المحل بوضع الأختام عليه بناء على طلب تقدمه السلطة المختصة إلى القاضي الجزئي ويكون للقاضي الجزئي المختص إلغاء التحفظ بناء على طلب صاحب الشأن في أي وقت قبل الفصل في الدعوى وينتهي التحفظ وفي جميع الأحوال بإزالة المخالفة .

وإذا استمرت أعمال البناء أو الهدم يحكم بالحبس مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين([34] ).

وفي حالة العود لجريمة إشغال الطريق ، فقد نصت المادة 15 من ذات القانون علي إنه : –

” يحكم بإغلاق المحل الذى استعملت منقولاته في الأشغال إذا سبق الحكم خلال سنتين في ثلاث مخالفات مماثلة وقعت باستعمال منقولات هذا المحل على ألا تجاوز مدة الإغلاق خمسة عشرة يوماً ويحكم فضلاً عن ذلك بمصادرة المنقولات إذا كان الأشغال فيه مالا يجوز الترخيص فيه .

ويحكم بمصادرة الأشياء التي استعملت في – أشغال لا يجوز الترخيص فيه – إذا سبق الحكم خلال سنتين في ثلاث مخالفات مماثلة على المخالف أو لاستعمال تلك الأشياء.

ومؤدي ما تقدم أن كل إشغال للطريق بأعمال حفر أو بالبناء أو الهدم أو الرصف أو مد الأنابيب والأسلاك ، وكذلك بغرف تفتيش للمجاري ، وكذلك وضع أرفف وحاملات للبضائع ومظلات وسقائف ، أو ترك منقولات خارج المحال إلا لأقصر مدة ، أو وضع مناضد أو فترينات ومقاعد ، كل ذلك يعاقب عليه بالغرامة التي لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه .

ويجب أن يتضمن الحكم إلزام المخالف بإزالة الأشغال في ميعاد محدد ، فإذا لم يقم المحكوم عليه بالإزالة قامت الجهة المختصة بإجرائها على نفقته .

ويجوز للمحافظ – قبل الفصل في الدعوي – إصدار قرار مسبب بوقف سريان ترخيص البناء أو الهدم حسب الأحوال، فإذا استمرت أعمال البناء أو الهدم يحكم بالحبس مدة لا تزيد على شهر ، وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين.

تقدير العقوبة المقررة لمخالفة القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق :-

الملاحظ علي العقوبات الواردة في هذا القانون أنها عقوبات يسيرة ، ولا تتناسب البتة مع السلوكيات التي تتسبب في عرقلة وتعطيل مرفق حيوي وهو الطريق العام .

فعقوبة الغرامة التي لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد على ثلاثمائة جنية لا تحقق أي ردع في مجال الشارع العام ، وما يسببه ذلك من اختناق وتكدس يعطل انسياب المرور ، ويعرقل حركة السير ، وهو ما يتسبب في أهدار الجهد والوقت ، لذلك نهيب بالمشرع التدخل لتعديل هذه النصوص غير المناسبة .

ومن جهة أخري نهيب بالمشرع أن تخضع جميع الطرق العامة لقانون واحد بصرف النظر عن الجهة التي تشرف عليها ، وخصوصاً الطرق الداخلية المحلية ، وبقية الطرق الأخري ([35] ) ،فلا يوجد أي داع لخضوع الطرق المحلية للقانون 140 لسنة 1956 ، وبقية الطرق الأخري للقانون رقم 84 لسنة 1968 ، إذا ما تم حذف المادة الثانية من هذا الأخير([36]).

****

خاتمة الدراسة

تناولنا في الدراسة ومن خلال مقدمتها مفهوم الطرق العامة ، وأهمية الحماية الجنائية للطرق العامة ، والهدف من الدراسة ، وإشكالية الدراسة ومنهجها وخطتها .

وبعد ذلك قسمنا هذه الدراسة إلي مبحثين ، تناولنا في المبحث الأول الحماية الجنائية للطرق العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته ، وذلك من خلال عرض محل الحماية الجنائية للطرق العامة وفقاً لأحكام هذا القانون ، ثم من خلال عرض الركن المادي لتجريم التعدي علي الطرق العامة ، ثم عرض الركن المعنوي لتجريم التعدي علي الطرق العامة ، وبعد ذلك عرضنا عقوبة التعدي علي الطريق العام وفقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 وتعديلاته .

وفي المبحث الثاني من الدراسة عرضنا الحماية الجنائية للطرق المحلية وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956 ، وذلك من خلال عرض محل الحماية الجنائية وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956 ، ثم عرضنا الركن المادي لتجريم إشغال الطرق ، ثم عرضنا الركن المعنوي لتجريم إشغال الطرق وفقاً لأحكام قانون إشغال الطرق رقم 140 لسنة 1956 ، ثم عرضنا بعد ذلك عقوبة إشغال الطريق العام وفقاً لأحكام هذا القانون .

نتائج الدراسة :-

لقد تبين من خلال الدراسة تعدد الجهات التي تشرف علي الطرق العامة ما بين الوحدات المحلية ، والوزارات ،والهيئات العامة ، وهذا ما انعكس علي عدم فاعلية الرقابة الحمائية للطرق والشوارع العامة ضد التعديات التي تقع عليها .

كما خلصنا من هذه الدراسة بأن النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الجنائية لأملاك الدولة بالرغم من كثرتها ، إلا أنها لم تنجح في منع التعدي علي هذه الأملاك بصورة متوازنة ، الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في هذه التشريعات ، وإزالة ما بها من قصور .

كما خلصت الدراسة إلي أن هذه النصوص القانونية بالرغم من كثرتها ، إلا أنها تفتقر إلي القواعد التي تضمن تنفيذها ، وتسعي لتحقيقها ، في ظل عدم وضع المشرع للوسائل العملية والتنفيذية لحماية الطرق العامة ، فحتي إن وجدت النصوص العقابية النظرية التي تجرم التعدي علي هذه الأملاك إلا أن آليه تنفيذها ظلت غائبة ، فأمتدت أيادي المتعدين إلي هذه الأملاك في غيبة الحماية الواقعية لأملاك الدولة تنزع منها بدون خوف أو ردع .

التوصيات التي تضعها الدراسة :

توصي الدراسة بإعادة النظر في العقوبات المقررة كجزاء للتعدي علي الطرق العامة ، فهي عقوبات ضئيلة لا تحقق الردع العام أو الخاص لمرتكب هذه الجرائم ذات البعد الإقتصادي والإجتماعي الخطير ، وفي هذا الشأن وفيما يتعلق بالحماية الجنائية للطرق العامة والشوارع الداخلية ، فإن العقوبات المقررة للتعدي عليها عقوبات بسيطة ، وضعيفة لا تؤدي لأي ردع ، مما يشجع علي التعدي علي هذه الأملاك العامة .

كما توصي الدراسة بتوحيد الجهة التي تشرف علي الطرق العامة ، لوضع المسئولية علي عاتق جهة واحدة ، ولا تتعدد الجهات التي تشرف عليها ، فلا شك أن ذلك التعدد في الجهات التي تشرف علي الطرق العامة يمثل عقبة في حمايتها ؛ وذلك لأن كل جهة تتنصل عن مسئوليتها ، وتلقي بالمسئولية علي الجهة الأخري ، ولذلك فكان من اللازم توحيد الجهة التي تشرف عليها .

وتقترح الدراسة فرض الحماية المادية علي الطرق العامة وذلك عن طريق إنشاء إدارة خاصة لإزالة أي تعدٍ يقع عليها علي غرار بوليس حفظ الدومين العام في فرنسا ، وذلك حتي يسند لهذه الإدارة مهمة إزالة أي تعدٍ فوري علي الطرق العامة سواء أكانت طرقاً عامة إقليمية أو داخلية .

كما توصي الدراسة بجمع القوانين التي تخص الطرق العامة في قانون واحد ، حيث تتعدد التشريعات التي تخص الطرق العامة فمنها القانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984 بشأن الطرق العامة ، والقانون رقم 140 لسنة 1956 وتعديلاته برقم 129 لسنة 1982 ، وكذلك القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن حماية البيئة الأرضية والهوائية من التلوث ، وقانون المرور رقم 155 لسنة 1999 وتعديلاته برقم 161 لسنة 2021 ، وكذلك قانون النظافة رقم 159 لسنة 1953 .

وفي ختام الدراسة نسأل الله عز وجل أن نكون قد وفقنا في بيان الحماية الجنائية للطرق العامة ووضعنا أيدينا علي ما بها من قصور .

المراجع

د / أحمد صبحي العطار : جرائم الاعتداء علي المصلحة العامة – دراسة في القسم الخاص من قانون

العقوبات المصري – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1993 .

المستشار / أحمد عبد الظاهر الطيب : موسوعة التشريعات الجنائية – طبعة 2007 .

د/ أحمد عبد اللطيف : جرائم الأموال العامة – دراسة تحليلية تأصيلية تطبيقية – دار النهضة العربية 2005 .

د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية ط 2013 .

الأستاذ / السيد عبد الوهاب عرفة : أملاك الدولة العامة والخاصة في ضوء المادتين 87 و 970 من القانون

المدني –الناشر المكتب الفني للموسوعات القانونية بالإسكندرية .

المستشار / بهاء المري : جرائم الأموال –الجزء الأول – جرائم العدوان علي المال العام – العربية للنشر

والتوزيع – طبعة 2018 .

المستشار / بولس فهمي : جرائم العدوان علي المال العام في التشريع المصري بين النظرية والتطبيق –

الهيئة المصرية العامة للكتاب – ط 2020 .

د / حاتم عبد الرحمن منصور : جرائم الاعتداء علي المصلحة العامة – دار النهضة العربية – سنة 2004 .

د / حسني أحمد الجندي : شرح قانون العقوبات – جرائم الأموال – دار النهضة العربية 1985 .

المستشار الدكتور / رفيق محمد سلام : جرائم المال العام – علماً وعملاً – دار النهضة العربية .

د/ رمسيس بهنام : القسم الخاص في قانون العقوبات – الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العمومية –

منشأةالمعارف بالإسكندرية .

د/ رفعت محمد رشوان : الجرائم المضرة بالمصلحة العامة – دار النهضة العربية – طبعة 2001 .

د/ سليمان سليمان عبد الحميد سليمان : النيابة العامة بين سلطتي الاتهام والتحقيق – دراسة مقارنة بين

الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية والقانون المصري والفرنسي واللبناني – دار النهضة العربية – الطبعة الأولي 2010 .

د / سمير الششتاوي : الموسوعة الذهبية في قضايا الأموال العامة – المجلد الخامس – مركز العدالة للمحاماة

والإستشارات القانونية – طبعة 2006 .

المستشار / عبد الرحيم علي علي : أملاك الدولة العامة ومنازعاتها في ضوء الفقه والقضاء – طبعة 2001 .

المستشار / عبد الفتاح حسن أبو كريشة : الحلول العملية لمشكلات التعدي علي أملاك الدولة المعروضة

أمام القضاء – ملحق العدد الثالث لمجلة هيئة قضايا الدولة – السنة السابعة

والأربعون – يوليو – سبتمبر 2003 .

د/ فتوح عبد الله الشاذلي : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار المطبوعات الجامعية 1996 .

د/ فوزية عبد الستار : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية – ط 1983 .

د / مأمون محمد سلامة : قانون العقوبات – القسم الخاص – الجزء الأول الجرائم المضرة بالمصلحة العامة –

دار الفكر العربي – ط 1988 .

مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية لأملاك الدولة العقارية – دراسة تطبيقية – دار النهضة العربية – 2021 .

مستشار دكتور / محمد سمير : الحماية الجنائية للآثار – دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة – دار النهضة العربية

طبعة 2012 .

د/ محمد عبد الحميد أبو زيد : حماية المال العام – دار النهضة العربية – طبعة 1978 .

د/ محمد عبد الشافي إسماعيل : الحماية الإجرائية للمال العام في التشريع المصري – دار النهضة العربية

1999 .

المستشار / محمد علي سكيكر : الوجيز في الجرائم المضرة بالمصلحة العامة – طبعة نادي القضاة 2011 .

د/ محمود صالح العادلي : الوجيز في شرح جرائم الاعتداء علي المصلحة العامة – دار النهضة العربية .

د/ محمود كبيش : دروس في الجرائم المضرة بالمصلحة العامة – دار النهضة العربية .

………………………..: مساهمة المجني عليه في الإجراءات الجنائية – الطبعة الأولي – دار النهضة

العربية – ط 2001 .

المستشار / معوض عبد التواب : التجنيح القضائي في ضوء مشروع وزارة العدل 1993 – دار النهضة

العربية – ط 1995 .

أ / نوفل علي عبد الله صفو الدليمي : الحماية الجزائية للمال العام – دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع

بالجزائر – ط 2005 .

الهوامش:

  1. ( ) مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية لأملاك الدولة العقارية – دراسة تطبيقية –دار النهضة العربية 2021 – ص 365 .
  2. () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية لأملاك الدولة العقارية – دراسة تطبيقية –دار النهضة العربية 2021 – ص 365 .
  3. ( ) من الأمور التي بيّنها الشّارع حقّ الطّريق، فالطّريق يعدّ من المرافق العامّة، لا يختصّ بأحد، ولا يستأثر به أحد، ولذلك فقد أولى الشّارع حقّ الطّريق اهتمامًا بالغًا، فجعل المحافظة على الطّريق شعبة من شعب الإيمان، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ”.

    قال الإمام النّوويّ -رحمه الله- في شرحه للحديث، معنى “إماطة الأذى” أي: إبعاده وتنحيته، والمقصود بالأذى: كل ما يؤذي النّاس من قاذورات أو حجر أو مدر أو شوك أو غيره”، وقد جعل الشّرع الحنيف الأجر الثّواب على رفع الأذى من الطّريق، فقال صلّى الله عليه وسلّم: “بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ فأخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له”، وأحاديث كثيرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم- في هذا الصّدد، فإماطة الأذى عن الطّريق من أفعال المؤمنين الصّادقين، لأنّهم يؤمنون بأنّ هكذا أفعال تدخلهم جنّة عرضها السّماوات والأرض .

  4. () مستشار دكتور / محمد جبريل إبراهيم : الحماية الجنائية للعقود الإدارية – دراسة تطبيقية –في ظل القانون رقم 182 لسنة 2018 بشأن التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة – مرجع سابق – ص 33 .
  5. ( ) تتعدد التشريعات التي تخص الطرق العامة فمنها القانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984 بشأن الطرق العامة ، والقانون رقم 140 لسنة 1956 وتعديلاته برقم 129 لسنة 1982 ، وكذلك القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن حماية البيئة الأرضية والهوائية من التلوث ، وقانون المرور رقم 155 لسنة 1999 وتعديلاته برقم 161 لسنة 2021 ، وكذلك قانون النظافة رقم 159 لسنة 1953 .
  6. ()مستشار / عبد الرحيم علي علي : أملاك الدولة العامة ومنازعاتها – مرجع سابق – ص 82 .
  7. ( ) نقض مدني – في الطعن رقم 5 لسنة 48 ق جلسة 1/12/1983 – س 34 – ص 1757 .
  8. ( )إدارية عليا – الطعن رقم 2005 لسنة 32 – جلسة 27/1/1990 س 35 – ص 862 .
  9. ( )نقض جنائي – الطعن رقم 13179 لسنة 63 ق جلسة 16/10/1999 مكتب فني – السنة 50 – ص 536 .
  10. ( )نقض جنائي – الطعن رقم 239 لسنة 50 ق جلسة 27/4/1999 مكتب فني – ق 50 – ص 57 .
  11. ( )نقض مدني – الطعن رقم 16 لسنة 3ق – جلسة 7/12/1933 س 1 – ص 277 .
  12. ( )نقض مدني – الطعن رقم 251 لسنة 22 ق – جلسة 22/12/19955 – س 6 – ص 1608 . .
  13. ( )نقض جنائي – الطعن رقم 11573 لسنة 60 ق – جلسة 11/6/19997 مجموعة الأحكام الصادرة من الهيئتين العامتين

    للمواد الجنائية والمدنية في أربعين عاماً من 1960 – 2000 .

  14. ( )نقض جنائي – الطعن رقم 9041 لسنة 59 ق جلسة 2/2/1990 س 41 – ص 392 .
  15. ( )إدارية عليا – الطعن رقم 3707 لسنة 29 ق – جلسة 31 /5/1986 – س 31 – ص 1780 .
  16. ( )نقض جنائي – الطعن رقم 11573 لسنة 60 ق – جلسة 11/6/1997 – مشار إليه في مجموعة الأحكام الصادرة من الهيئتين العامتين للمواد الجنائية والمدنية في أربعين عاماً من 1960 – 2000 – إعداد المستشار يحيي إسماعيل –ط 2000 –

    ص 500 وما بعدها .

  17. ( )راجع نقض جنائي – الطعن رقم 11676 لسنة 4 ق جلسة 19 / 4 /2014 – س 65 .
  18. ( )المستشار / أحمد عبد الظاهر الطيب : موسوعة التشريعات الجنائية – مرجع سابق – ص 858 .
  19. ( )اعتبر المشرع الجنائي إلقاء أشياء في الطريق مخالفة ، حيث ورد في قانون العقوبات فيالمادة 377 فقرة 1 أنه :-
    يعاقب بغرامة لا تجاوز مائة جنيه كل من ارتكب فعلاً من الأفعال الآتية :
    1-من ألقى في الطريق بغير احتياط أشياء من شأنها جرح المارين أو تلويثهم إذا سقطت عليهم، ونشير إلي أنه لا مجال لتطبيق هذا النص في التعدي علي الطرق العامة ، ومن جهة آخري فإن النص الخاص هو الذي يسري في مقابل النص العام عند تطابق الواقعة .
  20. ( )صدر القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق العامة ، وتم تعديله بالقانونين رقمي 56 لسنة 1957 ، و174 لسنة 1960 ، والقرار الجمهوري رقم 1356 لسنة 1961 ، والقانون رقم 209 لسنة 1980 ، والقانون رقم 187 لسنة 1981 ، والقانون رقم 129 لسنة 1982 .
  21. ()مستشار / عبد الرحيم علي علي : أملاك الدولة العامة ومنازعاتها – مرجع سابق – ص 82 .
  22. ( )المستشار /أحمد عبد الظاهر الطيب : موسوعة التشريعات الجنائية – مرجع سابق – ص 131 .
  23. ( ) نقض مدني – في الطعن رقم 5 لسنة 48 ق جلسة 1/12/1983 – س 34 – ص 1757 .
  24. () صدر القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق العامة بخصوص الميادين والطرق الداخلة في حدود البلاد التي لها مجالس بلدية ، ولقد قسمت اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بموجب قرارار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 395 لسنة 1956 الطرق الخاضعة له إلي نوعين :النوع الأول : الطرق المرصوفة وتنقسم إلي أربعة درجات : ممتازة ، وأولي ، وثانية ، وثالثة ، والنوع الثاني : الطرق غير المرصوفة وتنقسم إلي درجتين : أولي ، وهي الطرق الترابية التي لها رصيف ، وثانية وهي الطرق الترابية التي ليس لها رصيف .
  25. ( )المادة الثانية من الأمر العالي الصادر في 26 من أغسطس سنة 1989 في خصوص أحكام مصلحة التنظيم .
  26. ( )نقض مدني – الطعن رقم 5 لسنة 48 ق – جلسة 1/12/1983 – س 34 – ص 1757 .
  27. ( )إدارية عليا – الطعن رقم 1089 لسنة 33ق – جلسة 9/3/1991 المجموعة الإدارية الحديثة – الجزء 27 – ص 320 –

    قاعدة 60 .

  28. ( )المستشار / أحمد عبد الظاهر الطيب : موسوعة التشريعات الجنائية – مرجع سابق – ص 132 .
  29. ( )إدارية عليا – الطعن رقم 2647 لسنة 59 ق جلسة 5/3/1997 مج السنة 48 – الجزء الاول – ص 426 .
  30. ( )المادة 12 بعد تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1960 الصادر بتعديل القانون رقم 140 لسنة 1956 بشأن إشغال الطرق .
  31. () إدارية عليا – الطعن رقم 2691 لسنة 30 ق – جلسة 2/4/1988 .
  32. ( )راجع قواعد الترخيص بإشغال الطريق في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 140 لسنة 1956 الصادرة بالقرار رقم 395 لسنة

    .

  33. () تنص المادة 11 من قانون العقوبات علي إنه :- ” الجنح هي الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الأتية :- – الحبس –

    الغرامة التي يزيد أقصي مقدار لها علي مائة جنيه .

  34. () كانت المادة 14 من القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطريق العام المعدلة بالقرار بقانون رقم 177 لسنة 1981 تنص علي أنه :- ” كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تقل عن شهر وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ويحكم علي المخالف بأداء ضعف رسم النظر وخمسة أضعاف رسم الإشغال المستحقة والمصروفات إلي تاريخ إزالة الإشغال ، كما يحكم بإزالة الإشغال في ميعاد يحدده الحكم . ومؤدي ذلك أن التعديل الأخير الصادر بالقانون رقم 129 لسنة 1982 قد خفف العقوبة الواردة في المادة 14 من القانون رقم 140 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 177 لسنة 1981 بإلغائه عقوبة الحبس .
  35. ( )نثمن توزيع الإشراف علي الطرق ما بين الوحدات المحلية ، والهيئة العامة للطرق والكباري ، ولكن أختلاف القواعد التي تخضع لها الطرق ليس له مبرر ، وخصوصاً التساهل الملحوظ في العقوبات المقررة للتعدي علي الطرق الداخلية .
  36. ( )المستشار / أحمد عبد الظاهر الطيب : موسوعة التشريعات الجنائية – مرجع سابق – ص 125 .