دحض شبهات المفترين حول جمع القرآن الكريم” دراسة تحليلية نقدية “

د/ محمود متولي حسين الميهي1 د/ عاطف محمد محمود الخولي1

1 الأستاذين المساعدين بكلية العلوم والآداب بطبرجل، جامعة الجوف – المملكة العربية السعودية

بريد الكتروني: mahmoudelmehy79@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj334

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/03/2022م تاريخ القبول: 14/02/2022م

المستخلص

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد :

فهذا البحث يتناول بالدراسة التحليلية النقدية بعض شبهات المشككين حول جمع القرآن الكريم ودحضها والرد عليها، فالقرآن الكريم هذا البيان الساطع والنور المبين تحدى به رب العالمين الخلق أجمعين وما زال التحدي به قائمًا إلى يوم القيامة، ولن يصل المفترون لشيء يؤيد ادعاءاتهم لتكفل الله بحفظه، فقد قال : ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ (الحجر: 9)، فهو آمن من أن يعتريه ما اعترى الكتب قبله من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان.

وقد قسمنا هذا البحث إلى مقدمة ، وتمهيد ، وفصلين ، وخاتمة.

وجعلنا عنوانه ” دحض شبهات المفترين حول جمع القرآن الكريم – دراسة تحليلية نقدية “

وتوصلنا من خلال البحث لعدة نتائج أهمها: القرآن الكريم معجزة خالدة باقية إلي يوم القيامة، محفوظة بحفظ الله، ومهما حاول المشككون والمفترون النيل منه فلن يصلوا لشيء، وسيظل هذا القرآن مرفوع الراية يتحدى المعاندين ويطاول المتكبرين.

نسأل الله – عز وجل – أن يلهمنا الرشاد والسداد ، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، ويتقبله بقبول حسن، إنه ولى ذلك والقادر عليه.

Research title

Refuting the slanderers’ suspicions about the collection of the Noble Qur’an

“Critical Analytical Study”

Dr. Mahmoud Metwally Hussein Al-Mihi 1 Dr. Atef Mohammed Mahmoud Al-Khouli 1

1 Assistant Professors, College of Science and Arts in Tabarjal, Al-Jouf University – Kingdom of Saudi Arabia

Email: mahmoudelmehy79@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj334

Published at 01/03/2022 Accepted at 14/02/2021

Abstract

Praise be to Allah, Lord of the Worlds, prayers and peace be upon our master Muhammad, his family and companions, and those who follow them in goodness until the Day of Judgment:

This research critically and analytically examines some suspicions of related to the collection of the Holy Qur’an. It is main purpose is to refute them. Allah said: “We have, without doubt, sent down the Message; and We will assuredly guard it (from corruption).” (Al-Hijr:9)

This research has been divided into an introduction, a preface, two chapters, and a conclusion.

It came under the title: “Refuting the suspicions of those who invented lies about the collection of the Noble Qur’an – a critical and analytical study.”

We reached several results, the most important of which are: The Holy Qur’an is an eternal miracle that will remain until the Day of Resurrection, preserved with the protection of God, and no matter how the falsifiers and slanders try to undermine it, they will fail.

We ask Allah – Exalted be He – to guide us to the good and to make this paper sincerely done for His own sake and to accept it.

Key Words: refutation – suspicions – falsifiers – collecting the Qur’an – analytical study – critical.

مقدمة

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا. مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾ (الكهف: 1-3).

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، المتفرد بالجلال بكمال الجمال والمتفرد بتصريف الأحوال، رب الأرباب ومسبب الأسباب، وخالق الخلق من تراب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، فتح الله به أعيناً عمياً، وقلوباً غلفاً وآذاناً صماً، أقام الله به الدين، وأذل به الشرك والمشركين، وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يحيد عنها إلا مفتون.

اللهم صلِّ وسلِّم على هذا النبي الكريم، وآله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغرِّ الميامين ومن تبعهم بإحسان من الغر المحجلين.

أما بعد…

فإن القرآن الكريم نور الله في خلقه وسر هدايته لعباده، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ (الشورى: 52-53).

وهو كتاب شهد ملك الملوك أنه أنزله إلى رسوله بعلمه ومعه أعظم الشهود «الملائكة الكرام» قال : ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ (النساء: 166).

وتكفل الله بحفظه، فقال : ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ (الحجر: 9)، فهو آمن من أن يعتريه ما اعترى الكتب قبله من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان، فقد كانت الكتب السماوية قبله موكولة في الحفظ لأتباعها، فغيرها وحرفوها، أما القرآن فتكفل الله بحفظه، فلا تحريف ولا تغيير ولا تبديل، لأنه بشهادة الله كتاب عزيز ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت: 42).

ولأن القرآن الكريم مفجر العلوم ومنبعها، وكتاب الهداية الأعظم، والإعجاز الأكبر والأصل الأصيل لهذا الدين الخاتم، فمنذ نزوله على قلب النبي بدأ الصراع بين الحق والباطل، وبدأ المشركون بإثارة الشبهات والطعون حول القرآن الكريم، وحول شخصية النبي ، فقالوا بأن القرآن أساطير الأولين، وقالوا سحر يؤثر، وقالوا إفك افتراه محمد، واتهموا النبي بالكهانة والسحر والجنون، ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ (الكهف: 5)

وكلما زادت طعونهم في القرآن أفحمهم الله وردَّ عليهم، ولمَّا بَانَ عجزهم وضعفهم عاونهم إخوانهم فى الغي والضلال من اليهود والنصارى لهدم هذا الدين وقالوا – وهم أهل الكتاب – لعبدة الأوثان أنتم أهدى سبيلاً من محمد وأتباعه، وادَّعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن لهم الدار الآخرة خالصة من دون الناس، وزعموا بأن دخول الجنة قاصر عليهم، فتصدى القرآن الكريم لهؤلاء المضلين وفنَّد شبهاتهم ودحضها وبيَّن عُوَارُها، وصدق الله القائل: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ (البقرة: 120)

فاليهود والنصارى لتحريفهم كتبهم التي نزلت على أنبيائهم لم تعد لديهم حجة صحيحة، ولا شيء يستندون إليه، فلذا أخذوا يطعنون في القرآن وأحكامه، ليغيروه ويهدموه، وهيهات، فإن هذا الدين محفوظ بحفظ الله، وقد وعد بنصر أهله ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (الصافات: 171-173) .

والمتتبع لأحداث التاريخ يرى أن سيل الشبهات التي يثيرها المشككون والمبطلون من خصوم الدين لم يتوقف، فلا تزال الشبهات القديمة تظهر حتى اليوم في أثواب جديدة، وحُلىً زائفة، يحاول مروجوها أن يضفوا عليها الطابع العلمي، فمنذ العصور الوسطى وهزيمة النصارى أمام المسلمين وعجزهم عن التغلب عليهم، بحثوا وفتشوا عن سر قوة المسلمين فعلموا أنها تمسكهم بدينهم، والتزامهم بتعاليم قرآنهم، فأخذوا يتلمسون المطاعن في القرآن ويثيرون الشبهات ويشككون في الدين الإسلامي، وسار على نهجهم في العصور الحديثة المبشرون والمستشرقون الذين اهتموا بالدراسات الإسلامية والعربية لا لخدمة الإسلام، بل لنقده والطعن في أصوله، واستغلوا بعض الروايات الضعيفة والواهية التي وردت في المصادر الإسلامية، وبعض الروايات الصحيحة التي حمَّلوها ما لا تحتمل، وفهموها على غير المراد منها، ليشككوا الناس في هذا الدين العظيم، ومما يؤسف له أن بعضاً من أدعياء العلم والثقافة من المسلمين صاروا أذناباً لهؤلاء الملاحدة، وأخذوا يرددون كلامهم، ويطعنون في دينهم، متسربلين بشعار البحث العلمي والحرية الفكرية، وكذبوا في دعواتهم.

وقد سخَّر الله لهذا الدين من ينافح ويدافع عنه، فهم ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (الصف: 8-9)

ولضراوة الهجمات والقرآن ونبي الإسلام في عصرنا الحاضر كتبنا هذا البحث وجعلنا عنوانه: )دحض شبهات المفترين حول جمع القرآن الكريم(

وتوخينا فيه دقة العبارة وسهولة الأسلوب وأمانة النقل، عَلَّنا نساهم في الدفاع عن الدين ورد سهام الطاعنين المفترين.

← وقد قسمنا هذا البحث إلى مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة.

أما المقدمة: فقد تناولنا فيها الحديث عن القرآن الكريم، وبعض أوصافه، وعناية المسلمين به، وبينا أن إثارة الشبهات والطعون حول القرآن الكريم منهج قديم بدأ مع نزول الوحى.

كما تضمنت هذه المقدمة ما يلي:

خطة البحث والدراسة

اقتضت ضرورة هذا العمل أن نقسمه بعد المقدمة والتمهيد إلي فصلين وخاتمة جاءت على النحو التالي:

🡸 التمهيد وفيه:-

  • تعريف الشبهات لغةً واصطلاحاً
  • سبب التسمية ، منشأ هذه الشُّبَه
  • دوافع إيراد الشبهات
  • أهم المصنفات فى هذا العلم
  • منهج القرآن فى الرد على الشبهات

🡸الفصل الأول: جمع القرآن وتاريخه.

🡸الفصل الثاني: الشبهات المثارة حول القرآن الكريم ويشتمل على خمس عشرة مطلبا.

🡸 وأما الخاتمة: نسأل الله حسنها، فقد تضمنت خلاصة البحث ونتائجه.

وأخيراً: نسأل الله أن يتقبله منا ويجعله في ميزان حسناتنا، ووالدينا ومشايخنا، ومن له فضل علينا، ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ (آل عمران: 8).

ونتضرع لربنا: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ».([1])

✍ الباحثان

محمود متولى الميهي عاطف محمد الخولى

تمهيد

تعريف الشبهات لغةً واصطلاحاً

الشبهات لغة: جمع شبهة، يقال شابهه وأشبهه ماثله وتشابها واشتبها أشبه كل منهما الآخر حتى التبسا وشبّهه إياه وبه مَثّله وأمور مشتبهة: مُشْكِلة والشُبهة بالضم الالتباس والمِثل وشُبّه عليه الأمر تشبيهاً لُبِّس عليه، واشتبهت الأمور وتشابهت: التبست لإشباه بعضها بعضاً، واشتبهت الأمور وتشابهت التبست فلم تتميز وتظهر ومنه اشتبهت القبلة، والشبهة فى العقيدة المأخذ المُلبَّسُ سميت شبهة لأنها تُشبه الحق، وشُبّه عليه الأمر لُبِّس وخُلِّط([2]).

فالمعاني السابقة كلها تدور حول معنى الخلط والإشكال والالتباس مما يدل على المراد منها فالشبهة كالليل المظلم لا وضوح فيه ولا بيان.

واصطلاحاً: ما التبس أمره فلا يدري أحلال هو أم حرام وحق هو أم باطل، وقيل الشبهة مشابهة الحق للباطل والباطل الحق من وجه إذا حقق النظر فيه ذهب([3]).

قال ابن القيم “رحمه الله” الشبهة: وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه بل يقوي علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلانها ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشك بأول وهلة فإن تداركها وإلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكاً مرتاباً([4]).

سبب التسمية:

سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل وأكثر الناس أصحاب حُسن ظاهر فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس فيعتقد صحتها، وأما صاحب العلم واليقين فإنه لا يغتر بذلك بل يجاوز نظره إلى باطنها وما تحت لباسها فينكشف له حقيقتها([5]).

منشأ هذه الشُّبَه:

هناك أمور ساعدت على نشأة الشبه وإثارتها ولفت الأنظار إليها وإشاعتها ومن أهم هذه الأمور:

1- روايات واهية ومختلقة وباطلة اشتملت عليها بعض الكتب الإسلامية.

2- روايات صحيحة لها مخارج مقبولة، ومحامل صحيحة، ولكن صرفها أعداء الإسلام إلى محامل ترضى أحقادهم وتشفي نفوسهم المريضة وتحقق ما يسعون إليه من حرب على الإسلام ودس الدسائس له.

  1. ما حصل من بدايات جمع القرآن وأثنائه من أمور استغلت لإثارة الشبه.

كل هذه الأمور وغيرها ساعدت الأعداء على اختلاف ألوانهم وأشكالهم من يهود ونصارى وكفار ومستشرقين ومفتونين من أبناء الإسلام، فيوردون الشبهة، ويضيفون إليها ما شاءت لهم نفوسهم الحاقدة على الإسلام والمسلمين مما هو من وهم الخيال والأوهام، ومن صنيع الأحقاد، ويطيرون به فى كل مطار يحاولون إسقاط الحق وتشويه صورته.

وما هذه الشُّبَه التى ذهبوا إليها إلا شكوك وأوهام تلقفوها من هنا وهناك يروجونها باسم العقل مرة وباسم العلم مرة أخرى، وصدق الله العظيم ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚﭼ البقرة- 120.وقال سبحانه ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﭼ النساء – 89.، وقال عز من قائل ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ الصف- 8. ([6]).

دوافع إيراد الشبهات:

هناك دوافع كثيرة للهجوم على القرآن والنبي والسنة المطهرة يمكن إجمال هذه الدوافع فيما يأتي:

1- دافع نفسي: وهو تزييف الحقائق وتحريفها تعبيراً عن الإخفاق والعجز عن مواجهتها، فالعجز عن مواجهة الخصم يتحول فى الأعم الأغلب إلى الافتراء عليه، كما أن التلبس بالصفات السلبية دافع لوصف الآخرين بها درءاً للاتهام على طريقة “رمتني بدائها وانسلت” وهو ما يُعرف عند علماء النفس بالإسقاط([7]). حيث أن الإسقاط حيلة من الحيل الدفاعية التى يلجأ إليها الفرد للتخلص من تأثير التوتر الناشئ فى داخله ذلك أن الغلبة تكون للفكر الأقوى والإسلام كما يشهد الواقع عقيدة وأخلاقاً هو الأقوى، فقوته ليست من قوة أتباعه كما فى العقائد الأخرى، ولكن قوته ذاتية تتأتى من ربانية هذا الدين لأنه الحق، لأنه الخير، لأنه السلام والأمن، لأنه الحقيقة التى لم تتعرض لزيف أو تحريف أو تشويه.

ومن هنا كان إخفاق الغرب على المستوى الفكري والمعرفي – على الرغم من تفوقه سياسياً واقتصادياً وعسكرياً – دافعاً إلى الخروج عن العقلانية والحوار المنصف، واللجوء إلى القوة وإلى التشويه، والإفساد ظلماً وعدواناً.

2- دافع معرفي: وهو إخفاق الغرب فى مواجهة الإسلام فكرياً على الرغم من هزيمة المسلمين سياسياً واقتصادياً وعسكرياً فى الوقت المعاصر فالافتراء على القرآن والطعن فيه فى القرون الوسطى جاء نتيجة إخفاق الكنيسة فى مواجهة الإسلام عقائدياً حيث تتهاوى عقيدة التثليث أمام عقيدة الوحدانية لله تعالى – يضاف إلى هذا انعزال الكنيسة عن الحياة فى مقابل أن الإسلام دين ودنيا، فلم يكن من سبيل أمام الكنيسة من سبيل لصد النصارى عن الدخول فى الإسلام سوى تشويه رسالة الإسلام، ولا يزال الغرب حتى الآن يمارس إقصاء ونبذ الآخر بمواصلة الطعن فى القرآن وفى نبوة النبي محمد وفى الوقت نفسه ينعت الإسلام بأنه هو الذي يمارس إقصاء الآخر.

3- دافع المصلحة: فالمنتفعون على مستوى العالم بتجارة الرقيق، والربا والخمور والمخدرات وأسلحة الدمار الشامل، ومؤسسات الربا العالمية ومؤسسات الأزياء والتجميل.. إلخ يحاربون “القرآن – الإسلام” لأنه يُحرم هذه الموبقات التى أورثت العالم الغلاء وكان الكثير منها وراء إثارة الفتن والحروب فى العالم الثالث ترويجاً لتجارتهم وجعل هذه البلاد أسواقاً للسلاح والمخدرات وغيرها([8]).

أهم المصنفات فى هذا العلم:

بدأ التشكيك فى القرآن الكريم؛ وإثارة الشبهات حول مصدر الشريعة منذ البدايات الأولى لنزول القرآن الكريم وهكذا فى كل عصر تشتد الحرب على الإسلام حيناً وتهدأ حيناً آخر وقد وقف العلماء بالمرصاد لكل من يثير هذه الفتن والشبهات ومن أهم المصنفات فى هذا العلم:

  1. الرد على ابن الرواندي الملحد للجاحظ “ت255هـ”.
  2. تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة الدينوري “ت276هـ”
  3. التمهيد وإعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني “ت403هـ”
  4. تنزيه القرآن عن المطاعن للقاضي عبد الجبار “ت415هـ”
  5. حقائق الإسلام وأباطيل خصومة للأستاذ عباس محمود العقاد.
  6. شبهات حول الإسلام للأستاذ محمد قطب.
  7. دفاعاً عن القرآن ضد منتقديه لعبد الرحمن بدوي.

وغير هذه الكتب كثير بالإضافة إلى ما تعرض له المفسرون فى كتب التفسير وعلوم القرآن وبخاصة:-

  1. معاني القرآن للفراء.
  2. الكشاف للزمخشري.
  3. مفاتيح الغيب للرازي.
  4. روح المعاني للآلوسي.
  5. تفسير المنار لمحمد رشيد رضا.
  6. التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور.
  7. مناهل العرفان للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.
  8. المدخل لدراسة القرآن الكريم لمحمد محمد أبو شهبة.

منهج القرآن فى الرد على الشبهات:

أرسل الله نبيه محمد هادياً ومبشراً ونذيراً بدستوره الخالد وكتابه المحكم ليخرج الناس من ظلمات الجهل والشك والشرك إلى نور العلم واليقين والإيمان، ومنذ أن دعي النبي الناس إلى الإيمان بالله الواحد والمساواة بين البشر أجمعين، ما انفك المشركون عن مجابهته بالمعارضة والتشكيك فى النبي تارة وفى القرآن تارة أخرى، وبالرغم من كونهم أرباب الفصاحة والبلاغة وعجزهم عن الإتيان بما تحداهم به القرآن من الإتيان بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة منه لم يُسلِّموا لهذا القرآن وهذا النبي بل طعنوا فى القرآن وقالوا أساطير الأولين، وقالوا بأنه سحر يؤثر وأنه إفك افتراه محمد، واتهموا النبي بالجنون والكهانة والسحر وقول الشعر، وكلما زادت طعونهم فى القرآن أفحمهم الله ورد عليهم، ولَمَّا بَانَ عجزهم وضعفهم عاونهم إخوانهم فى الغي والضلال من اليهود والنصارى لهدم هذا الدين وقالوا – وهم أهل الكتاب – لعبدة الأوثان أنتم أهدى سبيلاً من محمد وأتباعه، وادَّعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن لهم الدار الآخرة خالصة من دون الناس، وزعموا بأن دخول الجنة قاصر عليهم، فتصدى القرآن الكريم لهؤلاء المضلين وفنَّد شبهاتهم ودحضها وبيَّن عُوَارُها، وسأذكر فيما يأتي بعضا من هذه الردود على افتراءاتهم:

أولا: كفار مكة هم أول من تعرض لنقد القرآن الكريم وإثارة الشبهات حوله وحول النبي الكريم فقالوا عن القرآن ما يأتي:-

أ- قالوا بأنه أساطير الأولين فحكى الله ذلك قائلاً ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ الفرقان: ٥، وقال : ﭽﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ الأنفال: ٣١ ، وقال : ﭽﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﭼ النحل: ٢٤، فرد عليهم بقوله: ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ الفرقان: ٦.

ب- وقالوا عن القرآن بـأنه سحر وبأنه قول البشر قال ﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭼ المدثر: ٢٤ – ٢٥

فرد الله عليهم بأنه ﭽ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭼ فصلت: ٢ ,وبأنه ﭽﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ الواقعة: ٨٠

جـ- واتهموا النبي بالجنون فقالوا فيما حكاه القرآن عنهم ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ الحجر: ٦، فرد الله عليهم بقوله ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ القلم: ٢، وقال : ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼ التكوير:٢٢

د- وحينما اتهموا النبي بالكهانة والشعر رد الله عليهم بقوله: ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﭼ الحاقة: ٤٠ – ٤٣

هـ- وحينما اتهموا النبي بأنه تَقَوَّله وافتراه وأعانه آخرون عليه حكى الله ذلك ورد عليهم بقوله ﭽ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭼ الطور: ٣٣–٣٤ وقال عنهم ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ الفرقان: ٤، وقال : ﭽ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ السجدة: ٣.

و- واتهموا النبي بأنه تعلم القرآن من أعجمي فحكى الله ذلك ورد عليهم بقوله ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ النحل: ١٠٣

ز- ولما سخروا من النبي من كونه مرسلاً من عند الله وهو مثلهم يأكل الطعام ويمشي فى الأسواق حكى الله ذلك بقوله ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ الفرقان: ٧- فرد الله عليهم بقوله ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ الفرقان: ٢٠

ح- وطلبوا من النبي أن يُبدِّل القرآن أو يأتي بغيره فحكى الله ذلك ورد عليهم بقوله ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ يونس: ١٥-1٦

ولم يكتف القرآن الكريم بالرد على ما أثاره المشركون من شبهات بل قام بالرد أيضاً على ما أثاره أعداء الإسلام من اليهود والنصارى من شُبهٍ ليشككوا فى هذا الدين وهذا النبي، ومعلوم أن عداوة اليهود والنصارى للإسلام قديمة منذ هجرة النبي وصحابته للمدينة المنورة وزادت واشتدت كلما رأوا تقدم الإسلام وكثرة الداخلين فيه وتغلغل مبادئه فى نفوس أتباعه وخير دليل على ذلك ما جاء فى سيرة ابن هشام وغيرها من كتب السيرة فى قصة مقدم النبي المدينة، عن أم المؤمنين صفية -رضي الله عنها- قالت: لما قدم رسول الله غدا إليه أبي وعمى أبو ياسر ابن أخطب، ثم رجعا فسمعت عمي يقول لأبي: أهو هو؟ قال نعم والله، قال أتعرفه وتثبته ؟ قال نعم، قال فما فى نفسك منه قال عداوته والله ما بقيت([9])، وهناك أمثلة كثيرة فى القرآن الكريم توضح الشُبه التى أثاروها والدحض الإلهي لها، من ذلك.

أولا: الرد على اليهود

أ- عندما قالوا ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﭼ آل عمران: ١٨٣

ب- وعندما ادّعوا أنهم أولياء الله من دون الناس حكى الله ذلك ورد عليهم بقوله ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ الجمعة: ٦ – ٧

جـ- عندما ادَّعوا أنهم غير مكلفين إلا بما أنزله الله عليهم حكى الله ذلك ورد عليهم بقوله ﭽ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ البقرة: ٩١

ثانيا: الرد على النصارى

أ- رد الله عليهم دعواهم بأن الله هو المسيح ابن مريم قال : ﭽﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ المائدة: ١٧

ب- ورد عليهم دعواهم أن الله ثالث ثلاثة فقال سبحانه ﭽ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ المائدة: ٧٣

ثالثا: الرد القرآني على اليهود والنصارى معاً

1- رد الله عليهم دعواهم بأن دخول الجنة قاصر عليهم فقال سبحانه ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭼ البقرة: ١١١ – ١١٢

2- ولما ادّعوا أنهم أبناء الله حكى الله ذلك ورد عليهم بقوله ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ المائدة: ١٨

3- وعندما ادّعوا أن لا دين إلا دينهم وأن لا هدى إلا هداهم حكى الله ذلك وردّ عليهم فقال سبحانه ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭼ البقرة: ١٣٥

فالشبهات السابقة والمطاعن وغيرها كثير جاء فى كتاب الله على لسان المشركين واليهود والنصارى وقام الله بالرد عليهم وإفحامهم ودحض شبهاتهم وبيان زيفها وبطلانها، بل ومما يدعو للعجب أن “من يستعرض تاريخ القرآن الكريم عبر الزمان والمكان يجد أن من بين خصائص هذا الكتاب التى تصل إلى حد الإعجاز أنه كلما اشتد الهجوم عليه من معارضيه ومنكريه ازداد تألقاً وقوة فحقائق القرآن الخالدة تدحض الزيف والافتراء وكل ما يثيره أعداء القرآن من شبهات إنه بحق كما أخبر الله عنه ﭽﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ فصلت: ٤٢

وتقوم آيات القرآن على إقناع العقل وطمأنينة القلب وفضح الزيف والافتراء حتى لا يبقى أمام المتمرد إلا أحد أمرين إما أن يؤمن عن بينة، وإما أن يكفر عن بينة، والقرآن وحده هو القادر على محاورة المتمرد، لأنه خطاب الخالق لخلقه وهو أعلم بهم قال تعالى ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ الملك: ١٤([10]).

فمما سبق يتضح لنا ويتأكد أن رد الشبهات المثارة حول القرآن ونبي الإسلام منهج قرآني أصيل وَرَدَ به القرآن الكريم وكذا السنة النبوية المطهرة ويؤكد أن من أوجب الواجبات على علماء هذه الأمة الإسلامية وأتباع القرآن العظيم أن ينافحوا عن كتاب ربهم ويزودوا عن حياض سنة نبيهم ويكونوا بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الطعن والتشكيك فى خير كتاب أنزل لخير أمة.

رزقنا الله الفهم لكتابه والزود والدفاع عن دينه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

l

الفصل الأول

جمع القرآن الكريم

قبل الحديث عن الشبهات نتحدث عن جمع القرآن وتاريخه فنقول وبالله التوفيق:

جمع القرآن: يطلق تارة ويراد به حفظه وتقييده في الصدور ويطلق تارة ويراد به كتابته في الصحف والسطور، وجمع القرآن بهذا المعنى الثاني مر بأطوار ثلاثة:

1- جمعه في عهد النبي .

2- جمعه في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق- رضي الله عنه.

3- جمعه في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان .

وسأتكلم عن كل جمع منها مبيناً خصائصه ومميزاته والأسباب الباعثة عليه.

جمع القرآن بمعنى حفظه في الصدور

أولاً: حفظ النبي للقرآن

كان النبي ينزل عليه القرآن الكريم فيقرؤه على صحابته على تؤدة وتمهل كي يحفظوا لفظه ويفقهوا معناه؛ وكان النبي شديد العناية بحفظ القرآن وتلقفه، حتى بلغ من شدة عنايته به وحرصه عليه أنه كان يحرك به لسانه ويعالجه أشد المعالجة، حتى كان يجد من ذلك شدة؛ يقصد بذلك استعجال حفظ القرآن خشية أن تفلت منه كلمة أو يضيع منه حرف، وما زال كذلك حتى طمأنه ربه ووعده أن يحفظه له في صدره، وأن يقرئه لفظه ويفهمه معناه ﭧ ﭨ ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﭼ القيامة: ١٦ – ١٩.

وكان من دواعي حفظ القرآن وتثبيته في قلب النبي صلوات الله وسلامه عليه معارضة جبريل عليه السلام إياه بالقرآن في رمضان من كل عام، حتى كان العام الذي توفي فيه الرسول فعارضه مرتين، وفهم النبي من ذلك قرب انتهاء أجله، وكان القرآن شغل النبي الشاغل في سره وعلانيته، وفي حضره وسفره، وفي وحدته وبين صحابته وفي عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، لا يغيب عن قلبه، ولا يألوا جهدا في الائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه والاعتبار بمواعظه وقصصه والتأدب بآدابه وأخلاقه، وتبليغه إلى الناس كافة، فمن ثم كان النبي صلوات الله وسلامه عليه مرجع المسلمين في حفظ القرآن، وفهمه، والوقوف على أسراره، ومراميه.

ثانيًا: حفظ الصحابة للقرآن

وأما الصحابة رضوان الله عليهم فقد جعلوا القرآن في المحل الأول، يتنافسون في حفظ لفظه ويتسابقون في فهم معناه، وجعلوه مسلاتهم في فراغهم، ومتعبدهم في ليلهم، حتى لقد كان يسمع لهم بقراءته دوي كدوي النحل فهم ﭽ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ الذاريات: ١٧ – ١٨؛ ولقد وصفهم واصف فقال: كانوا رهبانا بالليل فرسانا بالنهار، وكان اعتمادهم في الحفظ على التلقي والسماع من الرسول، أو ممن تلقاه من الصحابة من الرسول، وما كانوا يعتمدون في حفظه على النقل من الصحف والسطور؛ لأن الاعتماد في حفظ القرآن على الصحف والمكتوب يفوت على القارئ ركنا مهما من أركان أداء القرآن الكريم على وجهه الصحيح، وهو «علم التجويد».

ومن خصائص هذه الأمة حفظها لكتاب ربها وهو القرآن ففي الحديث الذي رواه مسلم أن رسول الله قال ذات يوم في خطبته: «ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا؛ كل مال نحلته عبدي حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم ينزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان. ([11])

فقد أخبر أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء وإنما محلّه القلوب كما جاء في وصف هذه الأمة «أناجيلهم في صدورهم»([12]) بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرءونه كله إلا نظراً لا عن ظهر قلب.

لذا حفظ القرآن جم غفير من الصحابة منهم الخلفاء الأربعة وحذيفة، وسالم مولى أبي حذيفة، وابن مسعود، وأبو هريرة، وابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو ابن العاص، وأبوه، وغيرهم من المهاجرين، ومن الأنصار: أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وأبو زيد، ومهما يكن من شيء فقد حفظ القرآن الكثيرون من الصحابة في عهد النبي؛ وجاء فى الصحيحين أنه قتل في يوم بئر معونة سبعون من القراء. ([13])

جمع القرآن بمعنى كتابته في عهد النبي

لم يكتف النبي بحفظ القرآن وإقرائه لأصحابه وحفظهم له، بل جمع إلى ذلك كتابته وتقييده في السطور، وكان للنبي كتّاب يكتبون الوحي؛ منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبان وخالد ابنا سعيد وخالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب وغيرهم، فكان إذا نزل على النبي من الوحي شيء دعا بعض من يكتب فيأمره بكتابة ما نزل، وإرشاده إلى موضعه، وكيفية كتابته على حسب ما كان يرشده إليه أمين الوحي جبريل، روي ابن عباس عن عُثْمَانُ كَانَ النَّبِىُّ — مِمَّا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الآيَاتُ فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ وَيَقُولُ لَهُ « ضَعْ هَذِهِ الآيَةَ فِى السُّورَةِ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا ». وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الآيَةُ وَالآيَتَانِ فَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ. ([14])

وعن زيد بن ثابت قال: «كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع»([15]) قال البيهقي: وَإِنَّمَا أَرَادَ – وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ – تَأْلِيفَ مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ، فِي سُورَتِهَا وَجَمَعَهَا فِيهَا بِإِشَارَةٍ مِنَ النَّبِيِّ .

ولم تكن أدوات الكتابة ميسرة في ذلك الوقت، فلذلك كانوا يكتبونه على حسب ما تيسر لهم في الرقاع والعسب والأكتاف واللخاف والأقتاب([16]) ونحوها، وقد كان القرآن كله مكتوبا في عهد النبي ، وإن كان مفرقا، وكانت كتابته بالأحرف السبعة التي نزل بها.

وأما الصحابة فقد كان بعضهم لا يكتب القرآن، اعتمادا على الحفظ وسيلان الأذهان، كما هو شأن العرب في حفظ شعرها ونثرها وأنسابها، وبعضهم كان يكتب ولكن كان مفرقا؛ وكان بعض الصحابة لا يقتصرون فيما يكتبونه على ما ثبت بالتواتر، بل كانوا يكتبون المنسوخ تلاوة وبعض تفسيرات وتأويلات لمعانيه، وذلك كما فعل ابن مسعود وأُبَيّ وغيرهما.

وخلاصة القول: أن القرآن كله كتب بين يدي النبي وإن كان مفرقا، وكذلك كتب بعض الصحابة القرآن أو ما تيسر لهم منه، وإن لم تبلغ كتابتهم في الوثوق مبلغ ما كتب بين يدي النبي، وقد أذن النبي لأصحابه في كتابة القرآن دون السنة، ففي الصحيح: «لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه»([17]) وطبعي أن المكتوب في هذا العهد لم يكن مرتب السور والآيات ضرورة التفريق في العُسُب والأكتاف والرِّقَاع ([18]) ونحوها، وليس معنى هذا أنهم كانوا يقرءونه غير مرتب الآيات- وحاشا- وإنما كانوا يقرءونه مرتب الآيات على حسب ما أوقفهم عليه الرسول، بإرشاد جبريل، عن رب العالمين وعلى ما هو عليه اليوم، والسبب الباعث على كتابته في عهد النبي:

1 – معاضدة المكتوب للمحفوظ لتتوفر للقرآن كل عوامل الحفظ والبقاء، ولذا كان المعول عليه عند الجمع الحفظ والكتابة.

2 – تبليغ الوحي على الوجه الأكمل؛ لأن الاعتماد على حفظ الصحابة فحسب غير كاف؛ لأنهم عرضة للنسيان أو الموت، أما الكتابة فباقية لا تزول.

وإنما لم يجمع النبي القرآن في مكان واحد لما يأتي:

1- ما كان يترقبه النبي من تتابع نزول الوحي ونزول بعض آيات ناسخة لبعض أحكامه وألفاظه.

2- ترتيب آيات القرآن وسوره لم يكن على حسب النزول بل كان حسب تناسب الآي وترابطها وقد تنزل الآية أو السورة بعد الآية أو السورة وتكون في ترتيب الكتابة قبلها، وذلك مثل آية الاعتداد بأربعة أشهر وعشر فإنها ناسخة لآية الاعتداد بحول، مع أن الأولى مكتوبة في المصاحف قبلها، وهي متأخرة في النزول عنها قطعا لوجوب تأخر الناسخ عن المنسوخ.

فلو كتب النبي القرآن كله في مكان واحد- والشأن كما ذكرنا- لكان عرضة للتغيير والإزالة والكشط والمحو، وقد تكون كتابته في موضع واحد متعذرة إن لم تكن مستحيلة في كتاب نزل منجما في بضع وعشرين سنة، فلما انقضى الوحي بوفاة النبي وأمن النسخ، وعرف الترتيب ألهم الله سبحانه الخلفاء الراشدين، فقاموا بجمع القرآن في الصحف، كما حدث في عهد الصديق ، وفي المصاحف كما حدث في عهد عثمان . وهكذا نرى أن كتابته مفرقا في العهد النبوي ضرورة لا محيص عنها.

قال أحد المحققين:

لَمْ يُجْمَعِ القُرْآنُ في مُجَلَّدِ ** على الصحيحِ في حَيَاةِ أَحْمَدِ

للأَمْــــنِ فيــهِ مِنْ خِــلافٍ يَنْشَأُ ** وَخِيفَةَ النَّسْخِ بِوَحْيٍ يَطْرَأُ ([19])

جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق

لما تولى أبو بكر الصديق الخلافة بعد وفاة الرسول كان أول عمل قام به محاربة أهل الردة والقضاء على هذه الفتنة، وبذلك أقام عمود الإسلام، وثبّت دعائمه بعد أن كادت تتقوض، ولما وقعت موقعة اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة استحر([20]) القتل في الصحابة، ومات من حفاظ القرآن خلق كثير قيل خمسمائة ([21])، وقيل سبعمائة، فخشي الفاروق عمر الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه أن يكثر القتل في القراء في بقية المواطن، وربما كان عندهم شيء من القرآن، فيضيع بموتهم، فأشار على أبي بكر أن يجمع القرآن في مكان واحد، وصحف مجموعة بدل وجوده مفرقا في العسب، واللخاف، والرقاع، وغيرها، فتردد أبو بكر أول الأمر، ولكن لم يزل به الفاروق حتى وافق، وثبت عنده أن جمع القرآن ليس من المحدثات، وأن قواعد الدين والشريعة تدعو إليه، فأرسل الصديق إلى زيد بن ثابت، وندبه للقيام بهذا العمل الجليل، فراجعهما، ولم يزالا به حتى ظهر له الحق واستبان له الرشد، وعلم أن الحق فيما أشارا به فجمعه بعد جهد جهيد. روى البخاري في صحيحه، بسنده عن زيد بن ثابت قال: أرسل إليّ أبو بكر مقتل([22]) أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني فقال: إن القتل استحر- اشتد- بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن يجمع القرآن فقلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب، عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله، فتتبع القرآن فاجمعه، فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله قالا: هو- والله- خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع غيره ﭽ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ... حتى خاتمة براءة. ([23])

فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر في حياته ثم عند حفصة بنت عمر، وفي رواية أخرى مع خزيمة أو أبي خزيمة بالشك والأولى هي المعتمدة([24]) ، وقد أخرج ابن أبي داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه، منقطع رجاله ثقات([25])، وقد اختلف في المراد بالشاهدين، فقال الحافظ ابن حجر: المراد بالشاهدين الحفظ والكتابة، وقال السخاوي: المراد بالشاهدين أنهما يشهدان أن ذلك مكتوب كتب بين يدي رسول الله ، وكان غرضهم أن لا يكتب القرآن إلا من عين ما كتب بين يدي رسول الله لا من مجرد الحفظ ([26])، وبهذا تعلم أنهم بالغوا في التوثق في كتابة القرآن، فلم يقبلوه إلا من المصدرين معا، وهما الحفظ والكتابة، وعلى ذلك يحمل قول زيد في الحديث السابق، في الآيتين من آخر سورة التوبة، لم أجدهما إلا مع أبي خزيمة الأنصاري أن المراد أنه لم أجدهما مكتوبتين عند غيره ممن كانوا يكتبون الوحي وليس المراد أنه لم يكن يحفظهما غيره بل كان يحفظهما الكثيرون([27]) ويتلونهما في الصلاة، ومنهم زيد بن ثابت نفسه.

السبب الباعث على الكتابة:

والسبب الباعث على كتابته في عهد أبي بكر، خوف ضياع شيء منه بموت الكثير من القراء والحفاظ في الحروب، وقد يكون عند أحدهم شيء من القرآن المكتوب يضيع بموته، وقد سمعت آنفا أن الاعتماد في الجمع كان على الحفظ والكتابة ولذلك كانت العناية بالغة بالصحف التي جمعت في عهد أبي بكر فكانت عنده حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة ([28]) حتى طلبها منها عثمان في الجمع الثالث.

ما روي من جمع علي للقرآن:

ولا يعارض هذا ما أخرجه ابن أبي داود من طريق ابن سيرين قال: قال عليّ: لما مات رسول الله آليت أن لا آخذ عليّ ردائي إلا لصلاة جمعة حتى أجمع القرآن فجمعته، فقد قال الحافظ ابن حجر، هذا الأثر ضعيف لانقطاعه وبتقدير صحته فمراده بجمعه حفظه في صدره وما تقدم من رواية عبد خير عنه أصحّ، فهو المعتمد، ومراد الحافظ برواية عبد خير ما أخرجه ابن أبي داود بسند حسن عن عبد خير قال: سمع عليّا يقول: أعظم الناس في المصاحف أجراً أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله. ([29])

أقول: وعلى فرض صحة ما روي عن سيدنا علي، وأن المراد بالجمع الكتابة لا يعارض الثابت المشهور من أن أبا بكر هو أول من جمع القرآن، إذ ليس في رواية ابن سيرين التصريح بالأولية بل الذي صحّ عن علي خلافها، وغاية ما تدل عليه أنه سارع إلى كتابة القرآن، فهو كغيره من الصحابة الذي عنوا بكتابة مصاحف لأنفسهم خاصة، ولم تكن لهذه المصاحف من الثقة بها والإجماع عليها، والقبول لها مثلما لمصحف أبي بكر، فجمع الصديق أبي بكر بهذه الاعتبارات يعتبر بحق أول جمع([30]).

وقد امتاز الجمع في عهد أبي بكر بما يأتي:

1 – أنه اقتصر فيه على ما لم تنسخ تلاوته وجرده من كل ما ليس بقرآن.

2 – أنه لم يقبل فيه إلا ما أجمع الجميع على أنه قرآن وتواترت روايته، وأما ما روي عن زيد في آخر سورة براءة فقد علمت المراد منه.

3 – أنه كان مكتوبا بجميع الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.

4 – أنه كان مرتب الآيات على الوضع الذي نقرؤه اليوم، ولم يكن مرتب السور، فكانت كل سورة مستقلة في الكتابة بنفسها في صحف، ثم جمعت هذه الصحف وشدت بعضها إلى بعض.

ومما ينبغي أن يعلم أن الجمع بهذه الدقة الفائقة والتثبت البالغ والاشتمال على هذه المميزات لم يكن لغير صحف أبي بكر فهي النسخة الأصلية الموثوق بها التي يجب الاعتماد عليها، نعم قد كانت هناك صحف ومصاحف لبعض الصحابة كتبوا فيها القرآن، إلا أنها لم تحظ بما حظيت به صحف أبي بكر من الدقة والميزات فبعض الصحابة كان يكتب المنسوخ، وما ثبت برواية الآحاد، وبعض تفسيرات وتأويلات لآيه وبعض أدعية، ومأثورات وغير ذلك اتخذه بعض المارقين وسيلة للطعن في القرآن الكريم.

جمع القرآن في عهد عثمان

لما كان عهد عثمان ، وتفرق الصحابة في البلدان وحمل كل منهم من القراءات ما سمعه من رسول الله ، وقد يكون عند أحدهم من القراءات ما ليس عند غيره، اختلف الناس في القراءات، وصار كل قارئ ينتصر لقراءته، ويخطئ قراءة غيره وعظم الأمر، واشتد الخلاف، فأفزع ذلك عثمان ، وخشي عواقب هذا الاختلاف السيئة في التقليل من الثقة بالقرآن الكريم وقراءاته الثابتة، وهو أساس عروة المسلمين، ورمز وحدتهم الكبرى. أخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف من طريق أبي قلابة قال: لما كان عهد عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين حتى كفر بعضهم بعضا؛ فبلغ ذلك عثمان فقال: أنتم عندي تختلفون فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافا وأشد لحنا، اجتمعوا يا أصحاب محمد واكتبوا للناس إماما ([31]) وقد تحقق ظنه لما جاء حذيفة بن اليمان وأخبره بما وقع بين أهل الشام والعراق من الاختلاف في القراءة في غزوة أرمينية فهاله الأمر، وتشاور هو والصحابة فيما ينبغي، فرأى ورأوا معه أن يجمع الناس على مصحف واحد، لا يتأتى فيه اختلاف، ولا تنازع، فأرسل إلى حفصة رضي الله عنها: أن أرسلي إلينا بالصحف التي كتبت في عهد أبي بكر ثم انتقلت بعد موته إلى عمر ثم بعد عمر إلى حفصة؛ لتكون أساسا في جمع القرآن جمعا يقلل من الاختلاف والتنازع.

ثم عهد عثمان إلى زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير([32]) وسعيد بن العاص([33])

وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام([34]) أن ينسخوا الصحف في مصاحف وقال للرهط القرشيين إذا اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش ([35]) فإنما نزل بلسانهم فقاموا بمهمتهم خير قيام وكتبوا المصاحف مرتبة السور على الوجه المعروف اليوم فلما انتهوا أرسل عثمان إلى كل مصر من الأمصار المشهورة بمصحف ليجتمع الناس في القراءة عليه، تلافيا لما حدث في ذلك الوقت من الاختلاف والتنازع، وأمر بما سواها من المصاحف أن يحرق، أو يخرق، وبذلك وفق الله عثمان والصحابة لهذا العمل الجليل، ثم رد الصحف إلى حفصة فبقيت عندها إلى أن توفيت، فأرسل مروان بن الحكم إلى أخيها عبد الله بن عمر عقب انصرافه من جنازتها أن يرسل إليه هذه الصحف فأرسلها إليه فأمر بها مروان فشققت، وفي رواية أنه أمر بها فغسلت، وفي رواية أخرى أنه حرقها([36]) وقال: إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، وكانت وفاتها- رضي الله عنها- عام واحد وأربعين، وقيل عاشت إلى سنة خمس وأربعين.

يدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس قال: «إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي([37]) أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان ([38]) مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف فننسخها ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن أي في كتابته- فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في صحيفة أو مصحف أن يحرق ([39]) وكان ذلك في أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة خمس وعشرين، وهو الوقت الذي ذكر أهل التاريخ أن أرمينية فتحت فيه، وقد روي أن زيد ابن ثابت قال: فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله يقرأ بها فالتمسناها، فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ فألحقناها بسورتها في المصحف، ([40]) كما روي أنهم اختلفوا في كتابة التابوت فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه بالهاء وقال الرهط القرشيون إنما هو التابوت بالتاء فرجعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم. ([41])

جماعة آخرون معاونون:

وقد أخرج ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين قال: جمع عثمان اثنى عشر رجلا من قريش والأمصار، منهم أبيّ بن كعب، وأرسل الرقعة التي في بيت عمر، قال: فحدثني كثير بن أفلح، وكان ممن يكتب، قال: إذا اختلفوا في شيء أخروه، قال ابن سيرين: أظنه ليكتبوه على العرضة الأخيرة.

وممن عاون مع هؤلاء الأربعة بالكتابة أو الإملاء جماعة آخرون منهم: كثير بن أفلح كما تقدم ومالك بن أبي عامر جد مالك بن أنس من روايته، ومن رواية أبي قلابة عنه وأبي بن كعب كما ذكرنا وأنس بن مالك وعبد الله بن عباس، وقع ذلك في رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن ابن شهاب، فهؤلاء الخمسة إلى الأربعة السابقين صاروا تسعة، وهو ما وقف عليه الحافظ ابن حجر من أسماء الاثنى عشر رجلا الذين ذكرهم ابن أبي داود في كتاب «المصاحف»([42]).

كتابة المصاحف مكرمة لسيدنا عثمان:

وقد كانت كتابة المصاحف على هذا الوضع الدقيق البالغ الغاية في التحري والضبط مكرمة من مكرمات ذي النورين عثمان، وما أكثرها.

وقد اتخذ بعض المغرضين من أمر عثمان بتحريق ما عدا المصاحف التي كتبها ووجّه بها إلى الآفاق ذريعة للطعن فيه، مع أنه لم يفعل ما فعل إلا بموافقة من الصحابة، ذكر أبو بكر الأنباري في كتاب «الرد على من خالف مصحف عثمان» عن سويد بن غفلة قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: يا معشر الناس اتقوا الله وإياكم والغلو في عثمان وقولكم حرّاق المصاحف، ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب محمد ، وروي أيضا عن علي أنه قال: لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان، وأخرج ابن أبي داود بسند صحيح من طريق سويد بن غفلة عن علي وفي آخره قال أي عثمان: ما تقولون فقد بلغني إن بعضهم يقول إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا، قلنا: فما ترى قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا: فنعم ما رأيت([43]).

هل يجوز حرق كتب العلم ونحوها

وقد أخذ العلماء من أمر عثمان بتحريق الصحف والمصاحف الأخرى حين جمع القرآن في المصاحف المعتمدة جواز تحريق المصاحف البالية والكتب التي يذكر فيها اسم الله تعالى، وأن في ذلك إكراما لها وصيانة عن الوطء بالأقدام وكان طاووس يحرق الصحف إذا اجتمعت عنده وفيها بسم الله الرحمن الرحيم، وحرق عروة بن الزبير كتب فقه كانت عنده يوم الحرة.

السبب الباعث على جمع عثمان:

وقد تبين مما سبق أن السبب الباعث على جمع عثمان هو رفع الاختلاف والتنازع في القرآن، وقطع المراء فيه، وذلك بجمع الناس على القراءة بحرف واحد، وهو لغة قريش، وأما قبله فكانت الصحف مكتوبة بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، وما تحتمله من قراءات، وقد وفق الله عثمان لهذا العمل الجليل الذي رفع الاختلاف، وجمع الكلمة، وأراح الأمة، ف وأرضاه.

وما أحسن ما قاله الحارث المحاسبي: المشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهدوا من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات، فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات، على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن، فأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصدّيق، وقد قال عليّ: لو وليت لعملت بالمصاحف الذي عمل بها عثمان([44]).

ما امتاز به الجمع في عهد عثمان:

وقد امتاز الجمع في عهد عثمان بما يأتي:

1 – الاقتصار فيه على حرف واحد وهو حرف قريش.

2 – الاقتصار فيه على ما ثبت بالتواتر وما استقر عليه الأمر في العرضة الأخيرة، ولم يكتبوا ما ثبت بطريق الآحاد، ولا منسوخ التلاوة.

3 – ترتيب آياته وسوره على الوجه المعروف اليوم.

4 – تجريده من النقط والشكل ومن كل ما ليس بقرآن بخلاف ما كان مكتوبا عند بعض الصحابة فقد كان فيه بعض تأويلات وتفسيرات لبعض ألفاظه.

المصاحف التي وجه بها عثمان إلى الأمصار

المصاحف جمع مصحف بزنة اسم المفعول من أصحفه أي جمع فيه الصحف، والصحف جمع صحيفة، وهي القطعة من الجلد أو الورق يكتب فيها، هذا في اللغة، وأما في الاصطلاح فقد صار علما على ما جمع فيه القرآن الكريم؛ والظاهر أن التسمية بالمصحف معروفة من زمن الصديق؛ فقد روي أن أبا بكر استشار الناس بعد جمع القرآن، فقال بعضهم نسميه سفرا كما يسمي اليهود فكرهوه، وقال بعضهم نسميه إنجيلا فكرهوه، فقال بعضهم إن في الحبشة مثله يسمّى مصحفا، فارتضى أبو بكر ذلك، وسماه مصحفا ([45]) ولا ينافي هذا كون لفظ «مصحف» عربية الاستعمال، ومخرّجة على القواعد العربية، لجواز أن يكون مما توافقت فيه لغة العرب، ولغة الحبش ومقتضى هذه الرواية أن لفظ المصحف كان معروفا في زمن أبي بكر ، إلا أن ما كتب في عهده اشتهر في الروايات وألسنة العلماء باسم الصحف، وما كتب في عهد عثمان اشتهر باسم المصحف، ولعل اشتهار التعبير عن المكتوب في عهد أبي بكر بالصحف؛ لأن ما كتب فيها كان مرتب الآيات دون السور، أو لعل اشتهار تسمية المكتوب بالمصحف لم تكن إلا بعد زمن الصديق في عهد عثمان وإن كانت التسمية به معروفة من قبل.

عدد المصاحف العثمانية:

وقد اختلف في عدد المصاحف التي كتبت في عهد عثمان، ووجّه بها إلى الأمصار فقيل ستة، وقيل أكثر من ذلك، وقال القرطبي في تفسيره ([46]): قيل سبعة، وقيل أربعة، وهو الأكثر ووجه بها إلى الآفاق فوجه للعراق والشام ومصر بأمهات فاتخذها قراء الأمصار معتمد اختياراتهم ولم يخالف أحد منهم في مصحفه على النحو الذي بلغه وما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم وينقصها بعضهم فذلك لأن كلا منهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه ورواه إذ كان عثمان كتب هذه المواضع في بعض النسخ ولم يكتبها في بعض إشعارا بأن كل ذلك صحيح وأن القراءة بكل منها جائزة، والذي ذكره الشاطبي أنها ثمانية؛ خمسة متفق عليها وثلاثة مختلف فيها، ومراده بالخمسة: الكوفي والبصري والشامي، والمدني العام والمدني الخاص الذي حبسه لنفسه وهو المسمى بالإمام([47]) ، وبالثلاثة: المكي ومصحف البحرين واليمن، وقيل إن مصر سيّر إليها بمصحف أيضا، والذي تميل إليه النفس أن يكون عثمان أرسل بمصحف إلى كل مصر من الأمصار الإسلامية المشهورة، لتكون مرجعا يرجع إليه عند الاختلاف.

الاعتماد في القرآن على التلقي الشفاهي لا على المكتوب:

ولما كان المعول عليه في تلقي القرآن هو الأخذ بالرواية والمشافهة لا على المكتوب في المصاحف، فقد أمر أو أرسل سيدنا عثمان مع هذه المصاحف من يقرئ المسلمين بما فيها، فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب المخزومي مع الشامي، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد القيس مع البصري وهكذا، وقد أجمع أهل كل مصر على ما في مصحفهم، وترك ما عداه، وبذلك زال الخلاف بين القراء، وتوحدت كلمة الأمة([48]).

وبعد هذا البيان لمراحل جمع القرآن أوضح فيما يأتى بعضاً من الشبهات التى أثارها أعداء الإسلام من الملاحدة والمبشرين الذين قالوا بأن طريقة جمع القرآن دليل على أنه ليس المنزل من عند الله بل زادت فيه أشياء ليست منه ونقصت منه أشياء كثيرة واستدلوا على مدعاهم بروايات منقولة عن الصحابة بعضها صحيح وبعضها غير صحيح كما استدلوا بروايات تاريخية وأوَّلوا النصوص حسب ما يوافق أهواءهم المريضة وأفهامهم السقيمة وإليك بعضاً من هذه الشبه والرد عليها.

الفصل الثانى

الشبهات المثارة حول جمع القرآن الكريم

الشبهة الأولى

قالوا إن فى طريقة كتابة القرآن وجمعه دليلاً على أنه قد سقط منه شيء وأنه ليس اليوم بأيدينا كل ما زعم محمد أنه نزل عليه منه فقد جاء فى حديثه قوله “رحم الله فلاناً لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطتهن ويروى أنسيتهن فثبت بهذا من نفس لفظه أنه كان قد أسقط أو أنسى بعض آيات القرآن([49]).

الرد على هذه الشبهة:

الحديث الذي استدل به هذا الطاعن فى كتاب الله مروي فى الصحيحين ونصه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت سمع النبي رجلاً يقرأ فى المسجد فقال “رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا([50]).

والحديث معناه واضح لا لبس فيه فالنبي سمع رجلاً من الصحابة وهو سيدنا عباد بن بشر يتهجد ليلاً ويقرأ القرآن فى صلاته فى مسجد النبي فدعا له بالرحمة والمغفرة لأنه ذكَّر النبي بآيات غابت عن ذهنه ونسيها نسياناً عارضاً بدليل تذكره لها بمجرد سماعها– هذا هو المعنى الظاهر من الحديث أما أعداء الإسلام فادّعوا بأن هذا دليل على ضياع وسقوط أشياء من القرآن وقولهم زائف لما يأتي:

أولا: النسيان طبيعة بشرية خلق الله الناس عليها وقد ذكر العلماء فى اشتقاق لفظ الإنسان وجوهاً منها المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال سمى إنساناً لأنه عهد إليه فنسى، وفى التنزيل ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ طه: ١١٥

وقال الشاعر:

لا تنسين تلك العهود فإنما
سميت إنساناً لأنك ناسياً

وقال آخر:

يا أكثر الناس إحساناً إلى الناس
نسيت عهدك والنسيان مغتفر
وأكثر الناس إفضالاً على الناس
فاغفر فأول ناسٍ أول الناس([51])

فالنسيان العارض للإنسان لا حرج فيه لأنه طبيعة بشرية وفطرة إنسانية ولا يسلم من ذلك أحد من البشر حتى الأنبياء لأنهم من جنس البشر وقد اقتضت حكمة الله أن يكون المرسَل من جنس المرسل إليهم حتى تقوم بهم الحجة وتنقطع عنهم المعاذير، وقد وضح القرآن بعضاً من جوانب البشرية للأنبياء فقال ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﭼ الفرقان: ٢٠.

فالأنبياء لا يخرجون عن الطبيعة البشرية التى فطر الله الناس عليها إلا فيما يتعلق بالعصمة فى التبليغ فالنبي بشر ككل البشر اصطفاه الله واجتباه بالوحي والعصمة عن النقائص البشرية، لذا كان من الأنبياء من نسي([52])، ومنهم من غضب([53])، ومنهم من دعا على قومه([54])، ونبينا محمد ليس بدعاً من الرسل الذين سبقوه.

فالله أمره أن يقول للناس ويوضح لهم أمره بقوله ﭽﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﭼ الكهف: ١١٠، وفى الحديث “إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني([55]).

فالآية والحديث أبلغ تأكيد على أن الرسول بشر مثلنا له كل خصائص البشر وصفاتهم إلا أنه مفضل بالوحي والرسالة وكمّله الله فى خَلْقِه وخُلُقه فكان أكمل البشر أجمعين وسيد الخلق قاطبة؛ فالنسيان فى حقه أو السهو غير قادح من صدقه ولا ينال من مقامه الشريف بل اقتضته حكمة الله تعالى ليستن به، فالنبي لو لم يقع منه سهو فى الصلاة مثلاً ثم وقع لأمته من بعده فكيف تُجْرى أحكام السهو فى الصلاة وكيف يتصرف الأئمة فى حال السهو والنسيان أو الزيادة والنقصان فى الصلاة لو لم يكن فيه تشريع بهذا الخصوص.

ثانياً: فإن الله تعالى قد وعد بحفظ القرآن كما جاء فى قوله تعالى ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ الحجر: ٩، فلو جاز إسقاط شيء من القرآن أو نسيانه لكان ذلك خُلفاً من الله تعالى لوعده والله لا يخلف الميعاد كما جاء فى تقرير ذلك فى كثير من آيات القرآن الكريم([56]).

قال الآلوسي رحمه الله ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ أي من كل ما يقدح فيه كالتحريف والزيادة والنقصان وغير ذلك حتى إن الشيخ المهيب لو غيّر نقطة يرد عليه الصبيان ويقولوا له مَنْ كان الصواب كذا([57]).

وقال يحيى بن أكثم كان للمأمون – وهو أمير إذ ذاك- مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي ؟ قال نعم. قال له: أسلم حتى أفعل بك وأصنع، ووعده. فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما، قال: فتكلم على الفقه فأحسن الكلام ؛ فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا بالأمس ؟ قال له: بلى. قال: فما كان سبب إسلامك ؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنت تراني حسن الخط، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتب نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتريت مني، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها ؛ فعلمت أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي. قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله . قال قلت: في أي موضع ؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﭼ المائدة: ٤٤ ، فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال : ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ فحفظة الله علينا فلم يضع ([58]).

ثالثا: أن الحديث الذي ذكره ثابت ولكنه حَمَّله ما لا يحتمل وفهمه على غير وجهه فالرواية الثانية التى ذكرها وهى صحيحة([59]) أيضاً توضح الأولى وتفسرها وتدل على أن الإسقاط عن طريق النسيان لا العمد ولا يضر نسيان النبي ما دام يحصل له التذكر إما من نفسه أو من مُذكّر كما فى الحديث وقد وضح ابن حجر فى الفتح هذا الأمر أتم توضيح قال رحمه الله: – النسيان من النبي الشيء من القرآن يكون على قسمين، أحدهما: نسيانه الذي يتذكره عن قرب وذلك قائم بالطباع البشرية، وعليه يدل قوله : «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي »([60]).

والثاني: أن يرفعه عن قلبه على إرادة نسخ تلاوته، وهو المشار إليه بقوله : ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣﭼ الأعلى: ٦ – ٧.

أما الأول: فعارض سريع الزوال يدل عليه قوله تعالى: ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ الحجر: ٩، فهذا تكفل من الله تبارك وتعالى أن يحفظ كتابه عن أي نقص أو زيادة، أو تغيير أو تحريف، وقد ثبت أن القرآن الكريم معجزة المعجزات، فوجب التصديق بكل ما جاء فيه.

وأما الثاني: فداخل في قوله تعالى: ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭼ البقرة: ١٠٦ بضم النون وبغير همز، فالنسيان عارض بشري يجوز على الأنبياء فيما ليس طريقه البلاغ من أمور الدين والشريعة، وذلك كالأمور الدنيوية أما ما كان من الدين والشريعة، مما هو واجب البلاغ فيجوز لكن بشرطين:

أ- أن يكون بعد تبليغه كما هنا.

ب- أن لا يستمر على نسيانه، بل يحصل له تذكره إما بنفسه، وإما بغيره، وأما قبل التبليغ فلا يجوز أصلا، وهذا ما قام عليه الدليل العقلي؛ إذ لو جاز النسيان قبل التبليغ أو بعده بدون أن يتذكر، أو يذكره الغير لأدى إلى الطعن في عصمة الأنبياء، ولجاز ضياع بعض الشرائع والأديان، وفي هذا تشكيك فيها وإبطال لها ([61]).

رابعاً: هذا النوع من النسيان لا يزعزع الثقة بالرسول ولا يشكك فى دقة جمع القرآن ونسخه فإن الرسول كان قد حفظ هذه الآيات من قبل أن يحفظها ذلك الرجل ثم استكتبها كتاب الوحي وبلغها الناس فحفظوها ومنهم رجل الرواية عباد بن بشر رضى الله عنه، وليس فى هذا الخبر الذي ذكروه ما يدل على أن أصحاب الرسول قد نسوها جميعاً حتى يخاف عليها وعلى أمثالها من الضياع ويخشى عليها السقوط عند الجمع واستنساخ المصحف الإمام.

خامسا: أن روايات هذا الخبر لا تفيد أن هذه الآيات التي سمعها الرسول من عباد بن بشر قد امحت من ذهنه الشريف جملة غاية ما تفيده أنها كانت غائبة عنه ثم ذكرها وحضرت في ذهنه بقراءة عباد. وغيبة الشيء عن الذهن أو غفلة الذهن عن الشيء غير محوه منه. بدليل أن الحافظ منا لأي نص من النصوص يغيب عنه هذا النص إذا اشتغل ذهنه بغيره وهو يوقن في ذلك الوقت بأنه مخزون في حافظته بحيث إذا دعا إليه داع استعرضه واستحضره ثم قرأه. أما النسيان التام المرادف لإمحاء الشيء من الحافظة فإن الدليل قام على استحالته على النبي فيما يخل بوظيفة الرسالة والتبليغ. وإذا عرض له نسيان فإنه سحابة صيف لا تجيء إلا لتزول. ولا ريب أن نسيان الرسول هنا كان بعد أن أدى وظيفته وبلغ الناس وحفظوا عنه. فهو نسيان لم يخل بالرسالة والتبليغ.ا.ه([62])

وخلاصة الرد على هذه الشبهة: أن النسيان الوارد فيه ليس معناه الإسقاط عمداً أو محو وتبديل ما ثبت فى القرآن الكريم فإن هذا ما تأباه العقول السليمة وترده النصوص الصريحة فى القرآن الكريم لأن الرسول لا ينبغي له، بل ويستحيل عليه أن يفرط فى شيء مما أمره الله بتبليغه أو يبدله من نفسه، قال تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ يونس: ١٥ – ١٦.

وما دامت العناية الإلهية قد تكفلت بحفظ القرآن الكريم , وتبليغه للناس على لسان نبيه , فكيف يعقل أن يكون الرسول قد نسي شيئا من القرآن أو أسقطه ولم يبلغه للناس ولا شك أن نسيان الرسول لم يكن نسيان تبليغ أو بيان أو تعليم وإنما كان نسيان غفلة وغيابا ذهنيا وعدم تذكر ليس إلا.

الشبهة الثانية

قالوا بأن النبي كان قد أسقط أو أُنسى بعض آيات القرآن ويؤيد ذلك قوله فى سورة الأعلى ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﭼ الأعلى: ٦ – ٧ ولنا من هذا الاستثناء أن نزعم أنه قد أسقط أو أُنسى آيات لم يتفق له من يذكره إياها([63]).

الرد على هذه الشبهة:

أقول بأن احتجاجهم بهذه الآية لا ينهض حجة لهم فيما زعموا من نسيان النبي والفهم الصحيح للآية يرد هذا الزعم الباطل وذلك لأنهم تعلقوا بأن “لا” فى قوله تعالى “فلا تنسى” الناهية وبأن الاستثناء حقيقي وهذا يدل على أن الرسول أُنسى آيات لم يتفق له من يذكره إياها.

والرد على هؤلاء الخراصين يقتضي بيان معنى”لا” فى الآية وهل هى النافية أو الناهية، وبيان معنى الاستثناء وهل هو صوري أو حقيقي فأقول وبالله التوفيق

أولًا: “لا” المذكورة فى الآية هى لا النافية وليست الناهية التى تجزم الفعل وهذا قول جمهور المفسرين والمختار الراجح عندهم([64]).

قال ابن كثير – رحمه الله- سنقرئك يا محمد “فلا تنسى” وهذا إخبار من الله تعالى ووعد منه له بأنه سيقرؤه قراءة لا ينساها “إلا ما شاء الله”

وقال الرازي – رحمه الله – والقول المشهور أن هذا خبر والمعنى سنقرئك إلى أن تصير بحيث لا تنسى وتأمن النسيان كقولك سأكسوك فلا تعرى أي فتأمن العرى([65]).

وأيضاً مما يدل على أن “لا” فى الآية هى النافية وليست الناهية أن الفعل أثبتت فيه الياء “تنسى” ولو كانت الناهية لحذف حرف العلة من آخر الفعل وكتبت “فلا تنس” لكن حرف العلة أثبت فى الرسم القرآني فدل على أن “لا” فى الآية هى النافية وليست الناهية.

ولقد ذهب البعض الى أن “لا” فى الآية هى الناهية وقالوا بأن ثبوت حرف العلة فى آخر الفعل بعدها لمراعاة الفواصل كما فى قوله تعالى ﭽ ﮇ ﮈﭼ الأحزاب: ٦٧، لكن العلماء المحققين ضعفوا هذا الرأي وقالوا بأن ذلك خلاف الأصل وعدول عن ظاهر اللفظ، ولأن النسيان ليس بالاختيار فلا ينهى عنه إلا أن يراد مجازاً ترك أسبابه الاختيارية وفيه تكلف، وحتى على فرض قبول هذا الرأي واعتبار” لا ” ناهية فليس المراد نهى الله تعالى لرسوله بعدم النسيان لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها وإنما المراد منه المواظبة على الأسباب المانعة من النسيان، والمعنى أن الله تعالى يأمر رسوله بالمواظبة على الأسباب التى تؤدى إلى الحفظ وتساعد عليه وتمنع النسيان كالمواظبة على القراءة وكثرة المدارسة.

ثانيًا: الاستثناء الواقع فى الآية استثناء صوري لا حقيقي فليس المراد فى الآية حقيقة الاستثناء وإنما هو استثناء من حيث الشكل وجئ به فى الآية لبيان فضل الله – – على رسوله ويَمُنُّ عليه بأن عدم نسيانه إنما هو فضل من الله وإحسان.

يقول الشيخ الزرقاني – رحمه الله:-

الاستثناء الذي في قوله سبحانه: ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﭼ استثناء صوري لا حقيقي. والحكمة فيه أن يعلن الله عباده أن عدم نسيانه الذي وعده الله إياه في قوله: ﴿فَلا تَنْسَى﴾ إنما هو محض فضل من الله وإحسان ولو شاء سبحانه أن ينسيه لأنساه. وفي ذلك الاستثناء الصوري فائدتان:

إحداهما ترجع إلى النبي حيث يشعر دائما أنه مغمور بنعمة الله وعنايته ما دام متذكرا للقران لا ينساه.

والثانية تعود على أمته حيث يعلمون أن نبيهم فيما خصه الله به من العطايا والخصائص لم يخرج عن دائرة العبودية فلا يفتنون فيه كما فتن النصارى في المسيح ابن مريم.

والدليل على أن هذا الاستثناء صوري لا حقيقي أمران:

أحدهما: ما جاء في سبب النزول وهو أن النبي كان يتعب نفسه بكثرة قراءة القرآن حتى وقت نزول الوحي مخافة أن ينساه ويفلت منه فاقتضت رحمة الله بحبيبه أن يطمئنه من هذه الناحية وأن يريحه من هذا العناء فنزلت هذه الآية. كما نزلت آية ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭼ القيامة: ١٦ – ١٧ ، وآية ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ طه:١١٤.

ثانيهما: أن قوله ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﭼ يعلق وقوع النسيان على مشيئة الله إياه. والمشيئة لم تقع بدليل ما مر بك من نحو قوله: ﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭼ. وإذًا فالنسيان لم يقع للعلم بأن عدم حصول المعلق عليه يستلزم عدم حصول المعلق. فالذي عنده ذوق لأساليب اللغة ونظر في وجوه الأدلة لا يتردد في أن الآية وعد من الله أكيد بأن الرسول يقرئه الله فلا ينسى وعدا منه على وجه التأييد من غير استثناء حقيقي لوقت من الأوقات. وإلا لما كانت الآية مطمئنة له عليه الصلاة والسلام ولكان نزولها أشبه بالعبث ولغو الكلام.

قال العلامة المرحوم الشيخ محمد عبده عند تفسيره للاستثناء في هذه الآية ما نصه: ولما كان الوعد على وجه التأبيد واللزوم ربما يوهم أن قدرة الله لا تسع غيره وأن ذلك خارج عن إرادته جل شأنه جاء بالاستثناء في قوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ فإنه إذا أراد أن ينسيك شيئا لم يعجزه ذلك فالقصد هو نفي النسيان رأسا. وقالوا: إن ذلك كما يقول الرجل لصاحبه أنت
سَهِيمي ([66]) فيما أملك إلا ما شاء الله لا يقصد استثناء شيء وهو من استعمال القلة في معنى النفي. وعلى ذلك جاء الاستثناء في قوله تعالى في سورة هود ﭽ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﭼ أي غير مقطوع. فالاستثناء في مثل هذا للتنبيه على أن ذلك التأبيد والتخليد بكرم من الله وسعة جود لا بتحتيم عليه وإيجاب وأنه لو أراد أن يسلب ما وهب لم يمنعه من ذلك مانع.

وما ورد من أنه نسي شيئا كان يذكره فذلك إن صح فهو في غير ما أنزل الله من الكتاب والأحكام التي أمر بتبليغها. وكل ما يقال غير ذلك فهو من مدخلات الملحدين التي جازت على عقول المغفلين فلوثوا بها ما طهره الله فلا يليق بمن يعرف قدر صاحب الشريعة ويؤمن بكتاب الله أن يتلق بشيء من ذلك ا هـ.

ذلك رأي في معنى الاستثناء وثمة وجه آخر فيه وهو أنه استثناء حقيقي غير أن المراد به منسوخ التلاوة دون غيره ويكون معنى الآية أن الله تعالى يقرئ نبيه فلا ينسيه إلا ما شاءه وهو ما نسخت تلاوته لحكمة من الحكم التي بينها العلماء في مبحث النسخ. والدليل على هذا قوله سبحانه في سورة البقرة: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭼ البقرة: ١٠٦

قال العلامة أبو السعود في تفسيره: وقرئ ما ننسخ من آية أو ننسكها وقرئ ما ننسك من آية أو ننسخها والمعنى أن كل آية نذهب بها على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة من إزالة لفظها أو حكمها أو كليهما معا إلى بدل أو إلى غير بدل ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ أي نوع آخر هو خير للعباد بحسب الحال في النوع والثواب من الذاهبة. وقرئ بقلب الهمزة ألفا أو مثلها أي فيما ذكر من النفع والثواب ا هـ([67]).

وأيا ما يكن معنى الاستثناء في آية ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﭼ فإنه لا يفهم منه أن الرسول نسي حرفا واحدا مما أمر بتلاوته وتبليغه للخلق, وإبقاء التشريع على قراءته وقرآنيته من غير نسخ. وذلك على أن المراد من النسيان المحو التام من الذاكرة

أما إن أريد به غيبة الذهن عنه فقد سبق القول فيه قريبا. ولا تحسبن أن دواعي سهو الرسول ونسيانه تنال من مقامه فإنه دواع شريفة على حد ما قيل:

يا سائلي عن رسول الله كيف سها؟ والسهو من كل قلب غافل لاهي

سـها عن كل شيء سـِرُّهُ فَسَـها عما سـوى الله فالتعظيم لله ([68])

الشبهة الثالثة

قالوا بأن الصحابة حذفوا من القرآن كل ما رأوا المصلحة فى حذفه فمن ذلك آية المتعة أسقطها عليُّ بتة وكان يضرب من يقرأها وهذا مما شنعت عائشة به عليه فقالت إنه يجلد على القرآن وينهى عنه وقد بدله وحرَّفه([69]).

الرد على هذه الشبهة

ما زعمه هذا المدعي لا دليل عليه وإفتراء وكذب يخالف المنهج العلمي الصحيح وإن كان صادقاً فيما ادّعاه فليذكر لنا من أين أتى بهذا الهُراء وما مستنده فيما يقول وصدق الله القائل ﭽ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ النمل: ٦٤– وقد بحثت كثيراً وأضناني البحث فى كتب التفسير وعلوم القرآن والحديث وشروحها وكتب اللغة والأدب والتاريخ والسير وغيرها عَلىِّ أعثر على هذه الرواية الباطلة المنسوبة لأم المؤمنين عائشة فرجعت بخفي حنين ولم أجد شيئاً يسمن أو يغني من جوع، وأقول لهذا المدعي أولاً: ما مرادك بآية المتعة؟ إن كنت تريد متعة النساء فالآية التى يستدل بها القائلون بالمتعة موجودة فى كتاب الله ولم تحذف وهى قوله تعالى ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ النساء: ٢٤

وقد ذهب جمهور المفسرين الى أن المراد بالأجر هنا المهر، قال ابن كثير –رحمه الله- وقوله: ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭼ النساء: ٢٤ أي: كما تستمتعون بهن فآتوهن مهورهن في مقابلة ذلك، كقوله: ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼ النساء: ٢١ وكقولهﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﭼ النساء: ٤ وكقوله ﭽ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﭼ البقرة: ٢٢٩،

وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة، ولا شك أنه كان مشروعًا في ابتداء الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك. وقد ذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى أنه أبيح ثم نسخ، ثم أبيح ثم نسخ، مرتين. وقال آخرون أكثر من ذلك، وقال آخرون: إنما أبيح مرة، ثم نسخ ولم يبح بعد ذلك.

وقد رُويَ عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القولُ بإباحتها للضرورة، وهو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل، رحمهم الله تعالى. وكان ابن عباس، وأبيّ بن كعب، وسعيد بن جُبَيْر، والسُّدِّي يقرءون: “فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة”. وقال مجاهد: نزلت في نكاح المتعة، ولكن الجمهور على خلاف ذلك، والعمدة ما ثبت في الصحيحين، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: نهى النبي عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر([70]).

وفي صحيح مسلم عن الربيع بن سَبْرَة بن معبد الجهني، عن أبيه: أنه غزا مع رسول الله فتح مكة، فقال: “يأيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حَرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا” ([71]).

ثانياً: إن كنت تريد متعة الحج فهى أيضاً موجودة فى كتاب الله وهى قوله تعالى ﭽ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ البقرة: ١٩٦، وجاء فى صحيح السنة عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء([72])، فالمتعة المقصودة فى الحج التمتع بالعمرة إلى الحج وهى مباحة ولم ينهى عنها رسول الله .

وثالثاً: فإن من يرجع إلى منهج الصحابة رضوان الله عليهم- فى التوثيق والضبط والتحرى عند جمع القرآن الكريم يتضح له أنهم أحاطوا القرآن بسياج قوي من الحفظ والعناية، فلم يزيدوا فيه حرفا أو ينقصوا منه حرفا.

قال الشيخ الزرقانى –رحمه الله- احتجاجهم باطل قائم على إهمال النصوص الصحيحة المتضافرة على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أحرص الناس على الاحتياط للقرآن وكانوا أيقظ الخلق في حراسة القرآن ولهذا لم يعتبروا من القرآن إلا ما ثبت بالتواتر وردوا كل ما لم يثبت تواتره لأنه غير قطعي ويأبى عليهم دينهم وعقلهم أن يقولوا بقرآنية ما ليس بقطعي. وقد سبق لك ما وضعوه من الدساتير المحكمة الرشيدة في كتابة الصحف على عهد أبي بكر وكتابة المصاحف على عهد عثمان. فارجع إليها إن شئت لتعرف مدى إمعان هؤلاء المبطلين في التجني والضلال.

وإذا كان هؤلاء الطاعنون يريدون أن يلمزوا الصحابة ويعيبوهم بهذه الحيطة البالغة لكتاب الله حتى أسقطوا ما لم يتواتر وما لم يكن في العرضة الأخيرة وما نسخت تلاوته وكان يقرؤه من لم يبلغه النسخ نقول: إذا كانوا يريدون أن يلمزوا الصحابة والقرآن بذلك فالأَوْلى لهم أن يلمزوا أنفسهم وأن يواروا سوأتهم. لأن المسلمين كانوا ولا يزالون أكرم على أنفسهم من أن يقولوا في كتاب الله بغير علم وأن ينسبوا إلى الله ما لم تقم عليه حجة قاطعة وأن يسلكوا بالقرآن مسلك الكتب المحرفة والأناجيل المبدلة. ([73])

***

الشبهة الرابعة

قالوا بأن القرآن نقص منه ما كان بعض الصحابة يكتبه ولا نجده اليوم فى المصحف من ذلك ما كان يرويه أبي بن كعب ولا نجده اليوم فيه وهو قوله “اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك إلى آخر الوتر([74]).

الرد على هذه الشبهة

معنى هذا القول أن القرآن الذي بأيدي المسلمين ناقص وليس هو كل المنزل من عند الله – – ودليل ذلك عدم وجود دعاء القنوت أو ما سمي بسورتي الخلع والحفد وسورة الخلع هي “اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ونؤمن بك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك”، وسورة الحفد وهى “اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجوا رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق”.

أولا: أجمع المسلمون على أن هذا ليس بقرآن، قال السخاوي رحمه الله: ما حكي عن أُبيّ أنه زاد فى مصحفه سورتين فهذا مما أجمع المسلمون على خلافه([75]).

وأجمع العلماء على أن هذا مما نسخ تلاوته دون حكمه قال الزركشي – رحمه الله – ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت فى الوتر وتسمى سورتي الخلع والحفد([76]).

ثانيا: عدم صحة ما نقل عن أبي بن كعب أنه أثبت هذا الدعاء فى مصحفه على أنه قرآن وكونه أثبته فى مصحفه لا يعني أنه اعتبره قرآناً ولم تقم الحجة عليه أنه قرآن ولو كان ذلك لكان أبي بن كعب أعلم به من غيره.

قال الباقلاني – رحمه الله – لم يشتبه دعاء القنوت فى أنه هل هو من القرآن أم لا، فقيل هذا من تخليط الملحدين لأن عندنا أن الصحابة لم يخف عليهم ما هو من القرآن، ولا يجوز أن يخفى عليهم القرآن من غيره وعدد السور عندهم محفوظ مضبوط، وقد يكون شذ عن مصحفه لا لأنه نفاه من القرآن بل عول على حفظه الكل إياه، على أن الذي يرونه خبر واحد لا يسكن إليه فى مثل هذا ولا يعمل عليه ويجوز أن يكتب على ظهر مصحفه دعاء القنوت لئلا ينساه كما يكتب الواحد منا بعض الأدعية على ظهر مصحفه([77]).

ثالثا: المعروف أن أبياً كان من أقرأ الصحابة وأعظم علمائهم وكان عمر بن الخطاب يسميه سيد المسلمين ومن ضمن الأربعة الذين أمر النبي أن يؤخذ عنهم القرآن، ومن المشاركين فى لجنتي جمع القرآن الكريم ونسخه فى عهد أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، وإذا كان ذلك كذلك فلِمَ لَمْ يضع هاتين السورتين فى المصحف الذي أشرف على جمعه وترتيبه فهذا يدل على عدم ثبوت قرآنيتها عنده.

رابعاً: القراء الذين أخذوا القرآن بسندهم إليه رضي الله عنهم لم يكن من بين ما تلقوه عنه هاتان السورتان المزعومتان ومن هؤلاء الأئمة:

  1. نافع من طريق الأعرج عن أبي هريرة عن أبي بن كعب عن النبي ولم يكن فيما تلقاه هاتان السورتان.
  2. عاصم بن أبي النجود أخذ عن زر بن حبيش عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي بن كعب عن رسول الله ولم يكن منها هاتان السورتان.
  3. الكسائي تلقى القراءة من طريق إسماعيل ويعقوب ابني جعفر قراءة نافع والذي أخذ قراءة أبي بالسند السابق([78]).

فهؤلاء الأئمة وغيرهم قد تلقوا القراءة عن أبي بن كعب ولم يكن فيما تلقوه هاتان السورتان المزعومتان مما يدل على عدم ثبوت ذلك عنه.

ويؤكد هذا أن القرآن الكريم قد انتشر واشتهر وثبت تدوينه وحددت سوره بمصحف عثمان القطعي ولم تكن هاتان السورتان المزعومتان فيه، والثابت فى هذا المصحف وأمثاله أنه قد حرق فى زمن عثمان فمن أين أتى هذا المدعي بدعواه من أن هاتين السورتين فى مصحف أبي بن كعب .

والخلاصة: أن بعض الصحابة الذين كانوا يكتبون القرآن لأنفسهم في مصحف أو مصاحف خاصة بهم ربما كتبوا فيها ما ليس بقرآن مما يكون تأويلاً لبعض ما غمض عليهم من معاني القرآن أو مما يكون دعاء يجري مجرى أدعية القرآن في أنه يصح الإتيان به في الصلاة عند القنوت أو نحو ذلك وهم يعلمون أن ذلك كله ليس بقرآن. ولكن ندرة أدوات الكتابة وكونهم يكتبون القرآن لأنفسهم وحدهم دون غيرهم هون عليهم ذلك لأنهم أمنوا على أنفسهم اللبس واشتباه القرآن بغيره. فظن بعض قصار النظر أن كل ما كتبوه فيها إنما كتبوه على أنه قرآن مع أن الحقيقة ليست كذلك، فما سبق كله يؤكد كون المذكور دعاء فحسب ويرد نسبة إثبات هذا الدعاء على أنه قرآن فى مصحف أبى بن كعب –رضى الله عنه وأرضاه.

***

الشبهة الخامسة

قالوا – أخزاهم الله – بأن كثيراً من آيات القرآن لم يكن لها من قيد سوى تحفظ الصحابة لها وكان بعضهم قد قتلوا فى مغازي محمد وحروب خلفائه الأولين وذهب معهم ما كانوا يتحفظونه من قبل أن يوعز أبو بكر إلى زيد بن ثابت بجمعه فلذلك لم يستطع زيد أن يجمع سوى ما كان يتحفظه الأحياء([79]).

الرد على هذه الشبهة

هذا الزاعم يريد أن يثبت أن فى القرآن خللاً ونقصاً وذلك لموت بعض حفظة القرآن فى الغزوات وذهاب ما كانوا يحفظونه، وللرد عليه أورد عدة أسئلة:-

  1. هل كان النبي يخص واحداً من صحابته أو جماعة من الصحب الكرام بالقراءة عليهم فإذا مات هذا الواحد أو هذه الجماعة ضاع معهم ما كان يحفظونه؟
  2. هل كان عدد حفظة القرآن قليل حتى يضيع القرآن بموتهم؟
  3. هل كان النبي يكتفي بإقراء أصحابه القرآن فقط دون كتابته؟
  4. هل كان من يأخذ القرآن من النبي يكتفي بذلك ولا يعلم غيره من المسلمين؟

والرد على هذه الأسئلة يبدد أوهام هذا الطاعن فى كتاب الله – – فأقول وبالله التوفيق.

أولاً: النبي كان يقرئ كل من حضر فى مجلسه من صحابته ما نزل عليه من القرآن ولا يخص واحداً أو جماعة معينة لذلك فالقرآن نزل لهداية الناس أجمعين ومحال أن يقرئ النبي بعضاً من أصحابه ويترك الآخرين، فكل من كان يحضر مجلس النبي كان يأخذ عنه ويتعلم منه القرآن وغيره.

ثانيًا: عدد حفظة القرآن الكريم لم يكن قليلاً حتى يضيع القرآن بموتهم فقد كان حفاظ القرآن فى حياة النبي جماً غفيراً منهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وابن عمر وابن عباس وأُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وغيرهم كثير وقد قتل من القراء سبعون يوم بئر معونة وسبعون فى يوم اليمامة بل قيل خمسمائة كما سبق وذكرت فى مراحل جمع القرآن.

ثالثًا: النبي لم يكن يكتفي بالقراءة فقط على أصحابه بل كان إذا نزل عليه القرآن دعا بعض من كان يكتب له ويستكتبه ما نزل، وبهذه الطريقة دُوِّن القرآن كله بين يدي النبي ، والكتابة كانت لتأكيد المحفوظ فى الصدور، ولا شك أن الشيء إذا توارد عليه الأمران الحفظ والكتابة يكون هذا أدعى إلى اليقين والوثوق به والاطمئنان عليه.

رابعاً: صحابة النبي كانوا أحرص الناس على كتاب ربهم وكانوا يتعلمونه من النبي ومن بعضهم البعض ويعلمونه غيرهم , فقد كان كتاب الله في المحل الأول من عنايتهم. يتنافسون في استظهاره وحفظه. ويتسابقون إلى مدارسته وتفهمه. ويتفاضلون فيما بينهم على مقدار ما يحفظون منه. وربما كانت قرة عين السيدة منهم أن يكون مهرها في زواجها سورة من القرآن يعلمها إياها زوجها. وكانوا يهجرون لذة النوم وراحة الهجود إيثارا للذة القيام به في الليل والتلاوة له في الأسحار والصلاة به والناس نيام حتى لقد كان الذي يمر ببيوت الصحابة في غسق الدجى يسمع فيها دويا كدوي النحل بالقرآن وكان الرسول يذكي فيهم روح هذه العناية بالتنزيل يبلغهم ما أنزل إليه من ربه. ويبعث إلى من كان بعيد الدار منهم من يعلمهم ويقرئهم كما بعث مصعب بن عمير وابن ام مكتوم إلى أهل المدينة قبل هجرته يعلمانهم الإسلام ويقرئانهم القرآن وكما أرسل معاذ بن جبل إلى مكة بعد هجرته للتحفيظ والإقراء.

قال عبادة بن الصامت : كان الرجل إذا هاجر دفعه النبي إلى رجل منا يعلمه القرآن ([80])،وكان يسمع لمسجد رسول الله ضجة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا. ومما يدل على حرصهم على القرآن ما جاء عن عمر بن الخطاب فى قصة إيلاء النبى قال- رضى الله عنه – وكان لي جار من الأنصار فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله فينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك([81]) فكل هذا يدل على أن القرآن لم يذهب منه شئ وهذا هو الحق الذى لا مرية فيه “فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ”(يونس 32)

الشبهة السادسة

قالوا بأن ما كان مكتوباً منه على العظام وغيرها فإنه كان مكتوباً عليها بلا نظام ولا ضبط وقد ضاع بعضها. وهذا ما حدا العلماء إلى الزعم أن فيه آيات نسخت حرفا لا حكما. وهو من غريب المزاعم. وحقيقة الأمر فيها أنها سقطت بتة بضياع العظم الذي كانت مكتوبة عليه ولم يبق منها سوى المعنى محفوظاً في صدورهم([82]).

الرد على هذه الشبهة

يرد عليهم: بأن ما كان مكتوبا من القرآن على العظام ونحوها كان غير منظم ولا مضبوط الخ فينقضه ما ثبت في جمع القرآن من أن ترتيب آياته كان توقيفيًا وأن الرسول كان يرشد كتاب الوحي أن يضعوا آية كذا في مكان كذا من سورة كذا. وكان يقرئها أصحابه كذلك ويحفظها الجميع ويكتبها من شاء منهم لنفسه على هذا النحو حتى صار ترتيب القرآن وضبط آياته معروفا مستفيضا بين الصحابة حفظا وكتابة. ووجدوا ما كتب عند الرسول من القرآن, مرتب الآيات كذلك في كل رقعة أو عظمة وإن كانت العظام والرقاع منتشرة وكثيرة مبعثرة. وقد قررنا غير مرة أن التعويل كان على الحفظ والتلقي قبل كل شيء ولم يكن التعويل على المكتوب وحده فلا جرم كان في الحفظ والكتابة معا ضمان للنظام والترتيب والضبط والحصر.

وأما قولهم في هذا الاحتجاج: وقد ضاع بعضها فيظهر أنهم استندوا في ذلك إلى ما ورد من أنه فقدت آية من آخر سورة براءة فلم يجدوها إلا عند خزيمة بن ثابت فظن هؤلاء أن هذا اعتراف منا بضياع شيء من مكتوب القرآن. وليس الأمر كما فهموا بل المعنى أن الصحابة لم يجدوا تلك الآية مكتوبة إلا عند خزيمة بخلاف غيرها من الآيات فقد كانت مكتوبة عند عدة من الصحابة ومع ذلك فقد كان الصحابة يقرؤونها ويحفظونها ويعرفونها بدليل قولهم: فقدت آية. وإلا فما أدراهم أنها فقدت من الكتابة لو لم يحفظوها؟

وأما قولهم في هذا الاحتجاج أيضاً: إن ضياع ذلك البعض دعا الصحابة إلى دعوى النسخ وهو من غريب المزاعم فهو قول أثيم أرادوا به الطعن على النسخ وإنكاره والنسخ واقع نقلاً وجائز عقلاً وعليه إجماع جماهير المسلمين.

***

الشبهة السابعة

ادعوا بأنه لما قام الحجاج بنصرة بني أمية لم يبق مصحفاً إلا جمعه وأسقط منه أشياء كثيرة قد نزلت فيهم وزاد فيه أشياء ليست منه وكتب ستة مصاحف جديدة بتأليف ما أراده ووجَّه بها إلى مصر والشام ومكة والمدينة والبصرة والكوفة وهي القرآن المتداول اليوم. وعَمَد إلى المصاحف المتقدمة فلم يبق منها نسخة إلا أغلى لها الخل وطرحها فيه حتى تقطعت. وإنما رام بما فعله أن يتزلف إلى بني أمية فلم يبق في القرآن ما يسوءهم. ([83])

الرد على هذه الشبهة

وللرد على هذه الشبهة أقول: بأنها شبهة باردة لا تستحق الردَّ؛ فإنَّها تحمل في طيَّاتِها أمارات بطلانِها وردها، ولكن نذكر ما أجاب به أهل العلم عن هذه الكذبة، وهي أجوبة كثيرة، منها:

1- أن الروايات التي تعلقوا بِها في هذه الشبهة في غاية الضعف، ولا تقوم بمثلها حجة، فقد استدلوا بأثر مروي عن عوف بن أبي جميلة ضعيف جدًّا ([84]).

2- أنه لو حصل مثل ذلك لنقل إلينا نقلاً متواترًا، لأنه مِمَّا تتوافر الدواعي على نقله وتواتره. فلما لم ينقل إلينا بالنقل الصحيح، علم أنه كذب لا أصل له.

3- أنه من الْمحال عقلا وعادةً سكوت جميع الأمة عن تغيير شخص لكتابِها الذين تدين الله به، وأئمة الدين والحكم إذ ذاك متوافرون، فكيف لا ينكرون، ولا يدافعون عن كتاب ربِهم؟

4- أن الحجاج لم يكن إلا عاملاً على بعض أقطار الإسلام، ومن المحال أن يقدر على جمع المصاحف التي انتشرت في بلاد المسلمين شرقها وغربِها، فذلك مِمَّا لا يقدر عليه أحدٌ لو أراده.

5- أن الحجاج لو فرض أنه استطاع جمع كل المصاحف وإحراقها، فإنه من المحال أيضًا أن يتحكم في قلوب الآلاف المؤلفة من الحفاظ، فيمحو منها ما حفظته من كتاب الله. ([85])

ويدل على ذلك أن أكثر المواضع التي ادُّعي أن الحجاج غيَّرها هي في جميع المصاحف على تلك الصورة التي زعموا أن الحجاج غيرها إليها، وقرأها القراء بِهذا الوجه، وبعضها رسم على الصورتين في المصاحف وقرئ بقراءتين، كما نقله إلينا القراء وعلماء الرسم العثماني، كما أن جل هذه المواضع لم ينقل إلينا نقلاً متواترًا قراءة أحد من القراء بِما يوافق الوجه الذي يزعمون أنه كان ثم غُيِّر، مثل: (شريعة ومنهاجًا)، و(أَنَا آتِيكُم بِتَأْوِيلِهِ)، و(مِنَ الْمُخْرَجِينَ)، في قصة نوح ، و(مِنَ الْمَرْجُومِينَ) في قصة لوط ?، و(نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعَايِشَهُم)، فلو صحَّ هذا النقل لنُقِل إلينا من القراءات في هذه المواضع ما يوافق ما كانت مكتوبةً به أوَّلاً.

6- أنه بفرض أن الحجاج كان له من الشوكة والمنعة ما أسكت به جميع الأمة على ذلك التعدي المزعوم على الكتاب الكريم، فما الذي أسكت المسلمين بعد انقضاء عهده.

7- أنه يحتمل أن الحجاج إنَّما غيَّر حروفًا من بعض المصاحف التي تخالف مصحف عثمان، فقد روي أنه لَمَّا قدم العراق وجد الناس يكتبون في مصاحفهم أشياء، كانوا يكتبون: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما)، و(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج) وأشياء غير هذا، فبعث إلى حفاظ البصرة وخطاطها، فأمر نصر بن عاصم وأبا العالية وعليَّ بن أصمعَ ومالك بن دينار والحسن البصري وأمرهم أن يكتبوا مصاحف ويعرضوها على مصحف عثمان. ([86])

وقد كان -فيما روي- من أشد الأمراء نظرًا في المصاحف، وكان شديد الحرص على أن يتَّبع الناس مصحف عثمان، فوكَّلَ عاصمًا الجحدري وناجية ابن رُمْحٍ وعليَّ بن أصمعَ بتتَبُّع المصاحفِ، وأمرهم أن يقطعوا كل مصحفٍ وجدوه مخالفًا لمصحف عثمان، ويعطوا صاحبه ستين درهمًا. ([87])

8- أن الحروف التي زعموا أن الحجاج غيَّرها ليس فيها حرفٌ واحد في إثبات خلافة بني أمية وإبطال خلافة غيرهم.

9- ومن المعروف أيضاً أن الدولة العباسية قامت على أنقاض الدولة الأموية وقد غيروا كثيراً من سياسات بني أمية فى إدارة شؤون البلاد، ولم يدخروا وسعاً فى تبيين مثالب بن أمية، والتقرب إلى الرعية بإبراز العدالة والإنصاف والدفاع عن الحق، فلو وجد العباسيون شيئاً من هذا التغيير فى المصحف الشريف لكانت هذه أعظم الفرص المواتية لبني العباس ليظهروا ذلك باعتباره مثلباً كبيراً فى حق بني أمية وإضفاء للشرعية والعدل والحق على حكمهم([88]).

فكل هذه دعاوى ساقطة تحمل أدلة سقوطها في ألفاظها وتدل على جرأة القوم وإغراقهم في الجهل والضلال. ﭽ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﭼ الرعد: ٣٣. نسأل الله السلامة بمنه وكرمه. آمين.

***

الشبهة الثامنة

قالوا: إن القرآن كما حصل فيه نقص عند الجمع حصلت فيه زيادة دليل ذلك ما ورد أن عبد الله ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، وفي رواية كان يحك المعوذتين من مصحفه، ويقول: إنما أمر النبي أن يتعوذ بهما ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله. ([89]).

الرد على هذه الشبهة

يرد عليها بعدة أمور:-

أولاً: عدم صحة النقل فإن ما نسب إلى ابن مسعود غير صحيح ومخالف لإجماع الأمة ولا يعقل، بل يستحيل أن يحصل إنكار مثل هذا من صحابي جليل كعبد الله بن مسعود صاحب النبي الذي كان لا يفارقه وشهد كثيراً من نزول الوحي وهو الأعلم من غيره بما هو قرآن وما هو ليس بقرآن.

قال الإمام النووى: أجمع المسلمون علي أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن وأن من جحد شيئا منه كفر وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه ([90]).

وقال الفخر الرازي: الأغلب على الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود باطل.

وقال ابن حزم: وَكُلُّ مَا رُوِيَ, عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَأُمَّ الْقُرْآنِ لَمْ تَكُنْ فِي مُصْحَفِهِ فَكَذِبٌ مَوْضُوعٌ لاَ يَصِحُّ ; وَإِنَّمَا صَحَّتْ عَنْهُ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ, عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ, عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَفِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَتَيْن([91])

ثانياً: قد ثبت بِما لا مجال للشك معه أنَّ المعوذتين قرآنٌ منَزَّلٌ.

فقد ورد التصريح بقرآنيتهما عن النَّبِيّ كما جاء عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَتَانِ، فَتَعَوَّذُوا بِهِنَّ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَعَوَّذْ بِمِثْلِهِنَّ، يَعْنِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ.([92]) وعَنْه أيضًا أنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ?: أُنْزِلَ أَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ، الْمُعَوِّذَتَيْنِ.([93])

كما ورد أنه صلَّى بِهما صلاة الصبح، وفي قراءتِهما في الصلاة دليلٌ صريح على كونِهما من القرآن العظيم.

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: بَيْنَا أَقُودُ بِرَسُولِ اللهِ ? فِي نَقَبٍ مِنْ تِلْكَ النِّقَابِ، إِذْ قَالَ: أَلاَ تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟ فَأَجْلَلْتُ رَسُولَ اللهِ ? أَنْ أَرْكَبْ مَرْكَبَ رَسُولِ اللهِ ?، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ تَرْكَبُ يَا عُقْبَةُ؟ فَأَشْفَقْتُ أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً، فَنَزَلَ وَرَكِبْتُ هُنَيْهَةً، وَنَزَلْتُ وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ ?، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ؟ فَأَقْرَأَنِي: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، وَ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَتَقَدَّمَ فَقَرَأَ بِهِمَا، ثُمَّ مَرَّ بِي فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ؟ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَقُمْتَ. ([94])

ثالثاً: يحتمل أن إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين والفاتحة على فرض صحته, كان قبل علمه بذلك فلما تبين له قرآنيتهما بعد تم التواتر وانعقد الإجماع على قرآنيتهما كان في مقدمة من آمن بأنهما من القرآن.

قال بعضهم: يحتمل أن ابن مسعود لم يسمع المعوذتين من النبي ولم تتواترا عنده فتوقف في أمرهما. وإنما لم ينكر ذلك عليه لأنه كان بصدد البحث والنظر والواجب عليه التثبت في هذا الأمر ا هـ.

ولعل هذا الجواب هو الذي تستريح إليه النفس لأن قراءة عاصم عن ابن مسعود ثبت فيها المعوذتان والفاتحة وهي صحيحة ونقلها عن ابن مسعود صحيح وكذل إنكار ابن مسعود للمعوذتين جاء من طريق صححه ابن حجر([95]). إذاً فليحمل هذا الإنكار على أولى حالات ابن مسعود جمعا بين الروايتين.

رابعاً: أننا إن سلمنا أن ابن مسعود أنكر المعوذتين وأنكر الفاتحة بل أنكر القرآن كله فإن إنكاره هذا لا يضرنا في شيء لأن هذا الإنكار لا ينقض تواتر القرآن ولا يرفع العلم القاطع بثبوته القائم على التواتر.

ولم يقل أحد في الدنيا: إن من شرط التواتر والعلم اليقيني المبني عليه ألا يخالف فيه مخالف. وإلا لأمكن من هدم كل تواتر وإبطال كل علم قام عليه بمجرد أن يخالف فيه مخالف ولو لم يكن في العير ولا في النفير. قال ابن قتيبة: ظن ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن. لأنه رأى النبي يعوذ بهما الحسن والحسين فأقام على ظنه ولا نقول إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار([96]) ***

الشبهة التاسعة

زعم بعض غلاة الشيعة أن عثمان ومن قبله أبو بكر وعمر أيضا حرفوا القرآن وأسقطوا كثيرا من آياته وسوره. واستشهدوا فى تأييد اتهاماتهم بما يأتى:-

1- ما رووه عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله: أن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد كان سبعة عشر ألف آية.

2- ما روى محمد بن نصر عنه أنه قال: كان في سورة لم يكن اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم. وروى محمد بن جهم الهلالي وغيره عن أبي عبد الله أن لفظ ﴿أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ﴾ في سورة النحل ليس كلام الله بل هو محرف عن موضعه وحقيقة المنزل أئمة هي أزكى من أئمتكم.

3- قالوا: إن القرآن كانت فيه سورة تسمى سورة الولاية ([97]) وأنها أسقطت بتمامها وأن أكثر سورة الأحزاب سقط إذ أنها كانت مثل سورة الأنعام فأسقطوا منها فضائل أهل البيت. وكذلك ادعوا أن الصحابة أسقطوا لفظ ﴿وَيْلَكَ﴾ من قبل ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ وأسقطوا لفظ عن ولاية علي من بعد ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾ وأسقطوا لفظ بعلي بن أبي طالب من بعد ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ وأسقطوا لفظ آل محمد من بعد ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ إلى غير ذلك. ([98])

فالقرآن الذي بأيدي المسلمين اليوم شرقا وغربا أشد تحريفا عند هؤلاء الشيعة من التوراة والإنجيل وأضعف تأليفا منهما وأجمع للأباطيل ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.

الرد على هذه الشبهة:

وننقض هذه الشبهة بما يأتي:-

أولاً: أنها اتهامات مجردة عن السند والدليل وكانت لا تستحق الذكر لولا أن رددها بعض الملاحدة والمستشرقين كجولدتسيهر وغيره وربما يخدع بها بعض المفتونين. ويكفي في بطلانها أنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يقيموا عليها برهانا ولا شبه برهان.

والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء

ولكن هكذا شاءت حماقتهم وسفاهتهم ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮜ ﭼ الحج: ١٨.

ثانياً: فإن هذا المصحف (العثمانى) هو الوحيد المتداول فى العالم الإسلامى بما فيه من فرق الشيعة، منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، ونذكر هنا رأى الشيعة الإمامية (أهم فرق الشيعة) كما ورد بكتاب أبى جعفر “الأم”:

إن اعتقادنا فى جملة القرآن، الذى أوحى الله تعالى به إلى نبيه محمد هو كل ما تحويه دفتا المصحف المتداول بين الناس لا أكثر، وعدد السور المتعارف عليه بين المسلمين هو 114 سورة. أما عندنا ” أى الشيعة ” فسورة الضحى والشرح تكونان سورة واحدة، وكذلك سورتا الفيل وقريش، وأيضًا سورتا الأنفال والتوبة.

أما من ينسب إلينا أن القرآن أكثر من ذلك فهو كاذب([99]).

ثالثاً: أن بعض علماء الشيعة أنفسهم تبرأ من هذا السخف ولم يطق أن يكون منسوباً إليهم وهو منهم فعزاه إلى بعض من الشيعة جمح بهم التفكير وغاب عنهم الصواب قال الطبرسي في مجمع البيان ما نصه: أما الزيادة فيه أي القرآن فمجمع على بطلانها. وأما النقصان فقد روي عن قوم من أصحابنا وقوم من الحشوية. والصحيح خلافه. وهو الذي نصره المرتضى واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء ا هـ.

وقال الطبرسي([100]) أيضا في مجمع البيان ما نصه: أما الزيادة في القرآن فمجمع على بطلانها وأما النقصان فهو أشد استحالة. ثم قال: إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم يبلغه شيء فيما ذكرناه لأن القرآن مفخرة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟ ا هـ.

رابعاً: أن التواتر قد قام والإجماع قد انعقد على أن الموجود بين دفتي المصحف كتاب الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير ولا تبديل. والتواتر طريق واضحة من طرق العلم. والإجماع سبيل قويم من سبل الحق. ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ﴾.

خامسًا: أن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو الذي يزعمون أنهم يناصرونه ويتشيعون له بهذه الهذيانات صح النقل عنه بتحبيذ جمع القرآن على عهد أبي بكر ثم عهد عثمان. وقال في جمع أبي بكر ما نصه: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله. وكذلك قال في جمع عثمان ما نصه: يا معشر الناس اتقوا الله وإياكم والغلو في عثمان وقولكم: حراق مصاحف فوالله ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب رسول الله وقوله: لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان وبهذا قطع الإمام ألسنة أولئك المفترين ورد كيدهم في نحورهم مخذولين.

ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭼ آل عمران: ٨.

سادسًا: أن الخلافة قد انتهت إلى علي كرم الله وجهه بعد أبي بكر وعمر وعثمان فماذا منعه أن يجهر وقتئذ بالحق في القرآن وأن يصحح للناس ما أخطأ فيه أسلافه على هذا الزعم والبهتان؟ مع أنه الإمام المعصوم في عقيدة أولئك المبطلين ومع أنه كان من سادات حفظة القرآن ومن أشجع خلق الله في نصرة الدين والإسلام.

ولقد صار الأمر بعده إلى ابنه الحسن فماذا منعه الآخر من انتهاز هذه الفرصة كي يظهر حقيقة كتاب الله للأمة. هذه مزاعم لا يقولها إلا مجنون ولا يصدق بها إلا مأفون!! ([101])

الشبهة العاشرة

قالوا: كيف يكون جمع القرآن عن إجماع من الصحابة مع أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَرِهَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَسْخَ الْمَصَاحِفِ وَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ وَيَتَوَلاَّهَا رَجُلٌ وَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّهُ لَفِى صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ يُرِيدُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَلِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ اكْتُمُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِى عِنْدَكُمْ وَغُلُّوهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فَالْقُوا اللَّهَ بِالْمَصَاحِفِ ([102])

قالوا: يريد بذلك الكلام الطعن على جمع القرآن. وهذا يدل بالتالي على أن القرآن الموجود بين أيدينا ليس موضع ثقة ولم يبلغ حد التواتر.

الرد على هذه الشبهة

ولنقض هذه الشبهة أقول:-

أولا ً: لم يكن اعتراض ابن مسعود على نص القرآن أو على صحة نقله وإنما لأن عثمان بن عفان لم يضمه للجنة نسخ المصاحف وهذا ما صرح به عثمان قَالَ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، يَدْعُو النَّاسَ إلَى الْخِلَافِ وَالشُّبْهَةِ، وَيَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لَمْ أُوَلِّهِ نَسْخَ الْقُرْآنِ، وَقَدَّمْت زَيْدًا عَلَيْهِ، فَهَلَّا غَضِبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حِينَ قَدَّمَا زَيْدًا لِكِتَابَتِهِ وَتَرَكَاهُ، إنَّمَا اتَّبَعْت
أَنَا أَمْرَهُمَا، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا حَسَّنَ قَوْلَ عُثْمَانَ وَعَابَ ابْنَ مَسْعُودٍ. ([103])

ثانياً: عدم إشراك ابن مسعود فى لجنة الجمع لأنه كما قال ابن حجر: والعذر لعثمان في ذلك أنه فعله بالمدينة وعبد الله بالكوفة ولم يؤخر ما عزم عليه من ذلك إلى أن يرسل إليه ويحضر وأيضا فان عثمان إنما أراد نسخ الصحف التي كانت جمعت في عهد أبى بكر وان يجعلها مصحفا واحدا وكان الذي نسخ ذلك في عهد أبى بكر هو زيد بن ثابت كما تقدم لكونه كان كاتب الوحي فكانت له في ذلك أولية ليست لغيره([104])

ثالثاً: صوَّب العلماء اختيار عثمان زيدَ بن ثابتٍ لِهذا العمل، وعللوا ذلك بأمور، منها:

1- أن زيدًا كان هو الذي قام بجمع القرآن في عهد أبي بكر، لكونه كاتبَ الوحي، ولَمَّا كانت المهمة الجديدة، وهي نسخ المصاحف، مرتبطة بالمهمة الأولى -كان اختار زيد أولى من اختيار ابن مسعودٍ، فقد كان لزيد في ذلك أوليةً ليست لغيره.

2- أن جمع القرآن في زمن عثمان كان بالمدينة، وكان ابن مسعودٍ إذ ذاك بالكوفة، ولم يؤخر عثمان ما عزم إليه من ذلك إلى أن يرسل إليه ويحضر، فقد كانت الفتنة تدق الأبواب بعنفٍ، وكان لا بد من معاجلتها قبل أن تستشري.

3- أن فضل ابن مسعود على زيد بن ثابت لا يسوِّغ تقديمه عليه في نسخ المصاحف، فقد كان ابن مسعود إمامًا في الأداء، وكان زيدٌ إمامًا في الخط والكتابة، مع كونه في المحل الشريف في حفظ القرآن، وحسن الخط والضبط، وكان من خواص كتبة النَّبِيّ ?، فكان اختيار الأعلم بالكتابة والخط والضبط أولى من اختيار الأقدم في التلقي والحفظ.

رابعًا: رضاء عبد الله بن مسعود عن فعل عثمان وقد أشار إلى ذلك ابن أبي داود في كتاب المصاحف حيث عقد له بابًا سماه “رضاء عبد الله بن مسعود لجمع عثمان المصاحف. ([105]) قال القرطبى:وما بدا من عبد الله بن مسعود من نكير ذلك فشيء نتجه الغضب ولا يعمل به ولا يؤخذ به ولا يشك في أنه الله عنه قد عرف بعد زوال الغضب عنه حسن اختيار عثمان ومن معه من أصحاب رسول الله وبقي على موافقتهم وترك الخلاف لهم([106])،

قال ابن العربى: وَقَدْ أَبَى اللَّهُ أَنْ يُبْقِيَ لِابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ أَثَرًا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَرَاجَعَ أَصْحَابَهُ فِي الِاتِّبَاعِ لِمُصْحَفِ عُثْمَانَ وَالْقِرَاءَةِ بِهِ، وذكر الإمام الذهبى أنه وَرَدَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ وَتَابَعَ عُثْمَانَ وَلِلَّهِ الحَمْد ([107]).

ومما يدل أيضاً على رضاء ابن مسعود ما ذكره ابن الأثير: أنهم لما نسخوا الصحف ردها عثمان إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف وحرق ما سوى ذلك وأمر أن يعتمدوا عليها ويدعوا ما سوى ذلك. فكل الناس عرف فضل هذا الفعل إلا ما كان من أهل الكوفة، فإن المصحف لما قدم عليهم فرح به أصحاب النبي، ، وإن أصحاب عبد الله ومن وافقهم امتنعوا من ذلك وعابوا الناس، فقام فيهم ابن مسعود وقال: ولا كل ذلك فإنكم والله قد سُبِقتم سبقاً بيناً فأَرْبِعوا على ظَلْعِكم. ولما قدم عليٌّ الكوفة قام إليه رجل فعاب عثمان بجمع الناس على المصحف، فصاح به وقال: اسكت فعن ملإٍ منا فعل ذلك، فلو وليت منه ما ولي عثمان لسلكت سبيله ([108]).ومعنى أربعوا على ظلعكم أى كفوا واقتصروا على ما بكم من عيب ونقص ([109]).

وأخيراً أقول: بأن استنكار ابن مسعود لعدم إشراكه فى لجنة الجمع قد يكون بسبب أنه أراد أن يتشرف بهذا الشرف وهو خدمة القرآن الكريم لأن النبي قال “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” وابن مسعود تعلّم وعلّم وفهم وأفهم غيره وشرح وفسر وبلغ القرآن فأراد ألا يترك باباً يتعلق بخدمة القرآن يمكنه المشاركة فيه إلا وفعله، فاستنكاره كان من باب المسارعة فى الخيرات وليس رداً لما فعلوه بدليل أنه قال لست بخيركم وفى ذلك فليتنافس المتنافسون، ونحن نرى كثيراً من ذلك من أهل الخير فى زماننا فحاكم بلاد الحرمين يتشرف بتلقيبه بالخادم ولكن خادم من، خادم الحرمين الشريفين وهو شرف دونه شرف وفضل دونه فضل.. والله أعلم.

***

الشبهة الحادية عشرة

يقولون: كيف يكون القرآن متواترا. مع ما يروى عن زيد بن ثابت أنه قال في الجمع على عهد أبي بكر ما نصه: فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع غيره وهما ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ﴾ إلى آخر السورة. ثم كيف يكون القرآن متواترا مع ما يروى أيضا عن زيد بن ثابت أنه قال في الجمع على عهد عثمان ما نصه: فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله شهادته بشهادة رجلين: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾([110])

الرد على هذه الشبهة:

وللرد على هذه الشبهة أقول: بأن هذا كذب وافتراء لأن كلام زيد بن ثابت هذا لا يبطل التواتر فمراده من الفقد وعدم الوجدان هو فقد الرقاع أو الألواح المكتوب عليها هذه الآيات المذكورة وإلا فمن أعلم زيداً بفقدها ان لم تكن محفوظة عنده وعند غيره من الصحابة فالمعتمد عليه فى النقل هو حفظ الصدور قال ابن الجزرى –رحمه الله- الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة ([111])

وقال العلامة الزرقانى –رحمه الله- مفنداً لهذه الشبهة:-

أولا: أن كلام زيد بن ثابت هذا لا يبطل التواتر. وبيان ذلك أن الآيتين ختام سورة التوبة لم تثبت قرآنيتهما بقول أبي خزيمة وحده. بل ثبتت بأخبار كثرة غامرة من الصحابة عن حفظهم في صدورهم وإن لم يكونوا كتبوه في أوراقهم. ومعنى قول زيد: حتى وجدت من سورة التوبة آيتين لم أجدهما عند غيره أنه لم يجد الآيتين اللتين هما ختام سورة التوبة مكتوبتين عند أحد إلا عند أبي خزيمة فالذي انفرد به أبو خزيمة هو كتابتهما لا حفظهما وليس الكتابة شرطا في المتواتر بل المشروط فيه أن يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب ولو لم يكتبه واحد منهم فكتابة أبي خزيمة الأنصاري كانت توثقا واحتياطا فوق ما يطلبه التواتر ويقتضيه فكيف نقدح في التواتر بانفراده بها.

ثانيا: يقال مثل ذلك فيما روي عن زيد في آية سورة الأحزاب: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ فإن معناه أن زيدا لم يجدها مكتوبة عند أحد إلا عند خزيمة بن ثابت الأنصاري([112]). ويدل على أن هذا هو المعنى الذي أراده زيد بعبارته تلك قول زيد نفسه فقدت آية من سورة الأحزاب الخ فإن تعبيره بلفظ فقدت يشعر بأنه كان يحفظ هذه الآية وأنها كانت معروفة له غير أنه فقد مكتوبها فلم يجده إلا مع خزيمة وإلا فمن الذي أنبأ زيدا أنه فقد آية؟

ثالثا: أن كلام زيد فيما مضى من ختام التوبة وآية الأحزاب لا يدل على عدم تواترهما حتى على فرض أنه يريد انفراد أبي خزيمة وخزيمة بذكرهما من حفظهما. غاية ما يدل عليه كلامه أنهما انفردا بذكرهما ابتداء ثم تذكر الصحابة ما ذكراه وكان هؤلاء الصحابة جمعا يؤمن تواطؤهم على الكذب فدونت تلك الآيات في الصحف والمصحف بعد قيام هذا التواتر فيها. ([113])

***

الشبهة الثانية عشرة

يقولون: كانت الآيات تكتب على الحجارة وسعف النخل والعظام خوفا عليها من الضياع وبقي جانب كبير منها محفوظا في صدور الرجال. وقد نشأ عن ذلك عدة مشاكل يعتبرها الباحثون فيه كافية لإثبات كون القرآن الحالي لا يحتوي جميع الآيات التي نطق بها محمد وبعضها يختلف في القراءة واللفظ والمعنى.

ويقولون بعبارة أخرى: إنه من المستحيل أن يكون القرآن الحالي حاويا لجميع ما أنزل إذ من المؤكد أنه ذهب منه جانب ليس بقليل وأنسي منه جانب آخر قال ابن عمر: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله. قد ذهب منه كثير. ولكن ليقل: قد أخذت ما ظهر منه. ([114]) فهذا يثبت ان القرآن الحالي لا يتضمن جميع ما كان مسطورا في اللوح المحفوظ. ولا هو طبق ما نطقت به شفتا محمد سيما أن في آيات عديدة منه اختلافات مدهشة ولا يعلم نصها الصحيح أحد([115])

الرد على هذه الشبهة

والرد على هذه الشبهة يتلخص فيما يأتى:-

أولاً: قولهم إنه من المستحيل أن يكون القرآن الحالي حاويا لجميع ما أنزل الخ كلام مجرد من السند والحجة لا يستحق الرد فإن استندوا إلى ما ذكروه مما نسبوه لابن عمر فقد زادوا الطين بلة لأن هذه النسبة إلى ابن عمر نسبة خاطئة كاذبة وعلى فرض صحتها فهي موقوفة وليست بمرفوعة إلى النبي وعلى فرض رفعها فهي معارضة للأدلة القاطعة المتوافرة في تواتر القرآن وسلامته من التغيير والزيادة والنقصان ومعارض القاطع ساقط مهما كانت قيمة سنده في خبر الواحد.

ثانياً: أن نهايتهم التي ختموا بها هذه الشبهة أقبح من بدايتهم لأنهم رتبوها على تلك الأكاذيب والمهاترات ثم زادوا فيها اتهاما جديدا مجردا من السند والحجة أيضا وهو أن في آيات عديدة من القرآن اختلافات مدهشة ولا يعلم نصها الصحيح أحد وهكذا خرجوا من اتهام إلى اتهام واحتجوا بكذب على كذب والحق الذى لا مرية فيه أن القرآن الحالي وصل إلينا محفوظا من كل عبث كما نطق به الرسول وكما خطه الله تعالى. ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ, تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾.

ثالثاً: زعمهم بأن فيه اختلافات مدهشة فقد جاء فى الأحاديث الصحيحة نزول القرآن على سبعة أحرف تسهيلاً وتيسيراً على الأمة الإسلامية لاختلاف لهجاتها وتنوع قبائلها وهذا لا تناقض فيه حتى يعدوه تناقضاً، ونصوص القرآن الصحيحة تواترت وحفظها جمع كثير من الصحابة يؤمن تواطؤهم على الكذب وأخذ عنهم الآلاف ونقلوه لمن بعدهم إلى يومنا هذا فادعاؤهم أن نصوص القرآن الصحيحة لا يعلمها أحد باطل مردود.

***

الشبهة الثالثة عشرة

طعن بعض الْملاحدة في تواتر القرآن واستدلوا بحديث أنس في حصر من جمع القرآن في عهد النبي :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ النَّبِيُّ ? وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ
أَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ قَالَ وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ. ([116])

وفي رواية قتادة قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ؟ قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا زَيْدٍ. ([117]) فقالوا: كيف يكون القرآن متواترًا، مع ما يروى عن أنس مِن حَصْر مَن جمع القرآن في هؤلاء الأربعة.

الرد على هذه الشبهة

ويجاب عن حديث أنس بوجوه:

أولاً: الجواب بأن الحصر في كلام أنس إضافي، لا حقيقي.

أي أن قول أنس (أَرْبَعَةٌ) لا مفهوم له؛ وليس الحصر في كلامه حقيقيًّا، بل هو حصر إضافي، أي: بالإضافة إلى غيرهم، وإلا فأين الخلفاء الأربعة، وأين سالْم مولى أبي حذيفة، وأين أبو موسى وغيرهم. ولذلك ثلاثة أدلة:

الدليل الأول: كثرة الحفاظ من الصحابة:

فقد روي حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي ?، وثبت في الصحيح أنه قُتِل يوم بئر معونة سبعون مِمَّن جمع القرآن، وروي أنه قتل في وقعة اليمامة مثلهم.

فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه يومئذ، فكيف الظن بِمن لم يُقتل مِمَّن حضرها، ومن لم يحضرها وبقي بالْمدينة أو بمكة أو غيرهما.

الدليل الثاني: استحالة إحاطة أنس بحال كل الصحابة وأنَّهم لم يجمعوا القرآن كله.

أي بتقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه، وإلا فكيف له الإحاطة بكل من جمع القرآن مع كثرة الصحابة وتفرقهم في البلدان، وهذا لا يتم إلا إن كان لقي كل واحد منهم على انفراده، وأخبره عن نفسه أنه لم يكمل له جمع القرآن في عهد النبي ?، وهذا في غاية البعد في العادة. وقد يكون مراده: الذين علمهم من الأنصار أربعة، وأما غيرهم من الْمهاجرين والأنصار الذين لا يعلمهم فلم ينفهم، ولو نفاهم كان الْمراد نفي علمه، وإذا كان الْمرجع إلى ما في علمه لم يلزم أن يكون الواقع كذلك. كما أنه لم يذكر في هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من كبار الصحابة، الذين يبعد كل البعد أنَّهم لم يجمعوه، مع كثرة رغبتهم في الخير وحرصهم على ما دون ذلك من الطاعات، وكيف نظن هذا بِهم، ونحن نرى أهل العصور اللاحقة يحفظ القرآن منهم في كل بلدة ألوف، مع بعد رغبتهم في الخير عن درجة الصحابة؟ مع أن الصحابة لم يكن لهم أحكام مقررة يعتمدونَها في سفرهم وحضرهم إلا القرآن، وما سمعوه من النبي ?، فكيف نظن بِهم إهماله؟ فكل هذا وشبهه يدل على أنه لا يصح أن يكون معنى الحديث أنه لم يكن في نفس الأمر أحد جمع القرآن إلا الأربعة الْمذكورون. ([118])

الدليل الثالث: اختلاف الرواية عن أنس في تحديد الأربعة

فمِمَّا يدل على إرادة الحصر الإضافي اختلاف الرواية عن أنس ? في تحديد الأربعة، ففي رواية: أبي ومعاذ وزيد وأبو زيد، وفي رواية أخرى أبو الدرداء مكان أبيٍّ، وهذا دليل على عدم إرادة الحصر الحقيقي، فهو صادق في كلتا الروايتين ؛ لأنه ليس معقولاً أن يكذب نفسه، فتعين أن الْمراد بالحصر هنا حصر إضافي، بأن يقال: إن أنسًا ? تعلق غرضه في وقت ما بأن يذكر الثلاثة، ويذكر معهم أبي بن كعب دون أبي الدرداء، ثم تعلق غرضه في وقت آخر بأن يذكر الثلاثة، ويذكر معهم أبا الدَّرْداء دون أُبَيِّ بن كعبٍ([119]).

كما اختلف العلماء في تحديد أبي زيدٍ الْمذكور في هذا الحديث، فبعضهم يَجعله سعد بن عبيد الأوسي، وبعضهم يجعله قيس بن السكن الخزرجي، وبعضهم يصحح أنَّهما جميعًا جمعا القرآن على عهد رسول الله ? ([120])

والاختلاف في تحديد الْمعدود الْمحصور يدل على عدم إرادة الحصر الحقيقي.

ثانيًا: الجواب بتقدير مراد أنس بالحصر الإضافي:

وذلك بوجوه:

الأول: أن الْمراد به: لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بِها إلا أولئك.

الثاني: أن الْمراد: لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته، وما لم ينسخ غيرهم.

الثالث: أن الْمراد بجمعه: تلَقِّيهِ من فِي رسول الله بغير واسطة، بخلاف غيرهم، فيحتمل أن يكون تلقى بعضه بالواسطة.

الرابع: أنَّهم تصدوا لإلقائه وتعليمه، فاشتهروا به، وخفي حال غيرهم عمن عُرف حالهم، فحصر ذلك فيهم بحسب علمه.

الخامس: أن الْمراد بالجمع في هذا الحديث الكتابة، فلا ينفي أن يكون غيرهم جمعه حفظًا عن ظهر قلب، وأما هؤلاء فجمعوه كتابة، وحفظوه عن ظهر قلب.

السادس: أن الْمراد أن أحدًا لم يفصح بأنه جمعه بمعنى أكمل حفظه في عهد رسول الله إلا هم، بخلاف غيرهم، فلم يفصح أحد منهم بأنه أكمل حفظه إلا عند رسول الله? حين نزلت آخر آية منه، فلعل هذه الآية الأخيرة وما أشبهها ما حضرها إلا أولئك الأربعة مِمَّن جمع جميع القرآن.

ثالثًا: مع التسليم بثبوت كلام أنس على الحصر الحقيقي، فإن ذلك لا يقدح في تواتر القرآن.

فلو ثبت أنه لم يجمعه إلا الأربعة، لم يقدح ذلك في تواتر القرآن ؛ فإن أجزاءه حفظ كلَّ جزءٍ منها خلائق لا يحصون، يحصل التواتر ببعضهم، وليس من شرط التواتر أن ينقل جميعُهم جميعَه، بل إذا نقل كل جزء عدد التواتر صارت الجملة متواترة بلا شك، ولم يخالف في هذا مسلمٌ ولا ملحدٌ. ([121])

***

الشبهة الرابعة عشرة

قالوا: جاء فى القرآن من كلام أبي بكر قوله فى سورة آل عمران ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ آل عمران: ١٤٤.

قال ذلك أبو بكر يوما مات محمد وكادت تنشق لذلك عصا أمته، لأنه كان فى نفوسهم أنه لا يموت ثم لما جمع القرآن ضم إليه هذا الكلام، وكذلك جاء فيه من كلام عمر لفظاً قوله ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ البقرة: ١٢٥، ومعنى أشياء كثيرة حتى إن محمدا ًنفسه قال إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه([122]).

الرد على هذه الشبهة

إن مجرد تلاوة أبي بكر لهذه الآية فى رده على عمر وتهدئة الناس لا يعني مطلقاً وبهذا السذاجة أنها من كلام أبي بكر تفوَّه بها أو قالها وذلك:-

  1. لأن جميع الصحابة ومنهم أبو بكر يحفظونها ويعلمون أنها من القرآن وأنها من كلام الله تعالى وترتيبها فى سورة آل عمران ونزلت قبل وفاة النبي ببضع سنين.
  2. ولأن الكثير من الصحابة يعلمون سبب نزولها ومكان وتاريخ نزولها.

وقد ورد فى الروايات الصحيحة أنها نزلت فى غزوة أحد عتاباً من الله تعالى على الصحابة لفرارهم من القتال بعدما أصيب المسلمون وشاع بين المقاتلة أن رسول الله قد قتل فقال بعض المسلمين: ليتَ لنا رسولا إلى عبد الله بن أُبي فيأخذ لنا أمانًا من أبي سفيان، وبعض الصحابة جلسوا وألقوا بأيديهم، وقال أناس من أهل النفاق: إن كان محمدا قد قتل فالحقوا بدينكم الأول، فقال أنس بن النضر عمُّ أنس بن مالك: يا قوم إن كان قتل محمد فإن ربَّ محمد لم يُقتل وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله ؟ فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله ومُوتُوا على ما مات عليه ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء يعني المسلمين، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني المنافقين، ثم شدّ بسيفه فقاتل حتى قتل.

ثم إن رسول الله انطلق إلى الصخرة وهو يدعو الناس فأول من عرف رسول الله كعب بن مالك، قال عرفتُ عينيه تحت المغفر تزهران فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله فأشار إليّ أن اسكتْ فانحازت إليه طائفة من أصحابه، فلامهم النبي على الفِرار فقالوا: يا نبي الله فديناك بآبائنا وأُمهاتنا، أتانا الخبرُ بأنك قد قُتلت فرُعبت قلوبنا فولّينا مدبرين فأنزل الله تعالى هذه الآية ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾([123])

وأيضاً زعمهم أن آية ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ من كلام عمر قول ظاهر البطلان لأن الثابت عن عمر أنه قال للنبي لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ في سورة البقرة. وهناك فرق بين كلمة عمر في تمنيه الذي هو سبب النزول وبين كلمة القرآن النازلة بذلك السبب فأنت ترى أن الآية جاء فيها الفعل بصيغة الأمر ولم يقرن بلفظ لو. أما تمني عمر فجاء الفعل فيه بصيغة الماضي وقرن بلفظ لو. وتحقيق القرآن أمنية أو أمنيات لعمر لا يدل على أن ما نزل تحقيقا لهذه التمنيات يعتبر من كلام عمر. بل البعد بينهما شاسع والبون بعيد، فتلك مكرمة من الله لعمر أن يوافقه فى مراده.

***

الشبهة الخامسة عشرة

روايات يوهم ظاهرها سقوط شيء من القرآن، ومنها:

أ- ما روي أن أبيّا كان يقرأ: ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام.

ب- ما روي أن عمر بن الخطاب قال لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل الله علينا أن «جاهدوا كما جاهدتم أول مرة» فإنا لا نجدها، قال أسقطت فيما أسقط من القرآن.

ج- ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال: كنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات ما نسيناها، غير أني حفظت منها: ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة.

د- ما روي في الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا غدرا، قال أنس: ونزل فيهم قرآنا قرأناه حتى رفع «أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا».([124])

هـ- ما روي عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن الزبير يقرأ ﭽ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﭼ، «ويستعينون بالله على ما أصابهم».

وما روي عن ابن عباس وأبي أنهما قرءا: ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ «من نفسي فكيف أطلعكم عليها».

ز- ما روي عن علي أنه قرأ وَالْعَصْرِ(1) ونوائب الدهر إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2).

الرد على الشبهة

1 – إن هذه الروايات أغلبها باطلة لم يصح منها شيء، وإنما هي غرائب ومناكير رواها الذين أولعوا بهما، وليس أدل على بطلانها من رواية «أكاد أخفيها من نفسي» وهل يعقل أن يخفي الله شيئا من نفسه ومن رواية «والعصر ونوائب الدهر»، فقد تواتر عن علي أنه كان يقرأ بقراءة الجماعة، وهل يعقل أن يدع عليّ شيئا يرى أنه من القرآن، ثم لا يثبته ولا سيما أنه قد آلت إليه الخلافة، وصار صاحب الكلمة النافذة بين المسلمين! إن هذا إلا بهتان مبين.

2 – إن هذه الروايات على فرض صحتها تحمل على أن ذلك كان قرآنا، ثم نسخ لفظه وبقي معناه كما تدل على ذلك رواية الصحيحين في أصحاب بئر معونة.

3 – إن بعض هذه الروايات محمول على التفسير والتوضيح، ويكون الراوي سمع من يقرؤها مفسرا ومبينا لمعناها فظن أن الكل قرآن، ولعل هذا يظهر في وضوح في الرواية المتعلقة بقوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ الآية والرواية المتعلقة بقوله تعالى: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ.

فمما سبق يتضح لنا بطلان هذه الشبهة وسقوطها كما سقط ويسقط كل متحدٍ للقرآن، وسيظل هذا القرآن مرفوع الراية يتحدى المعاندين ويطاول المتكبرين وصدق الله ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ الحجر: ٩.

ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ الصف: ٨ – ٩.

ومما سبق أيضًا تأكد لنا: خلو القرآن من الزيادة والنقصان والتحريف وأنه الوثيقة الربانية الوحيدة التى حفظت -بحفظ الله- من التغيير والتبديل وصدق الله القائل ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭼ فصلت: ٤١ – ٤٢.

l

الخاتمة

وبعـد: فهذا ما يسَّره الله ولسنا نزعم أننا وصلنا ببحثنا إلى الكمال فالكمال لله وحده، وحسبنا أننا اجتهدنا بقدر طاقتنا البشرية. متضرعين إلى الله أن نكون قمنا ببعض الواجب علينا نحو هذا الدين العظيم.

ونحمد الله () أن وفقنا وأعاننا ويسر لنا إتمام هذا البحث، فإليه يرجع الأمر كله، ونسأله () أن يقبل هذا العمل ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وقد توصلنا من خلال هذا البحث إلى ما يلي:

أولاً: إعجاز القرآن الكريم وأنه لا يزال غضا طريا ، ولم يجمع فى حياة النبي للأمن من الخلاف وترقب نزول الوحى.

ثانياً: وجود كتاب الوحي والذين كانوا يكتبون ما يملي عليهم رسول الله من لسان الوحي.

ثالثاً: إطلاق لفظ الكتاب على القرآن في كثير من آياته الكريمة، وهذا فيه إشارة إلى أنه كان مكتوباً.

رابعاً: اهتمام النبي الله والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوة آياته، ومن ذلك الاهتمام العناية بكتابته.

خامساً: ثبت بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة التي تدل على أن القرآن قد كُتب كله على عهد النبي ، تدويناً في السطور، علاوة على حفظة في الصدور.

سادساً: السبب الرئيس لإثارة الشبهات حول القرآن محاولة اليهود والنصارى نزع الثقة عن القرآن وخلخلة الإيمان به حتى لا يظل هو النص الإلهى الوحيد المصون من كل تغيير أو تبديل، أو زيادة أو نقص.

سابعاً: تبرير ما لدى أهل الكتاب (اليهود والنصارى) من نقد وجه إلى الكتاب المقدس بكلا عهديه : القديم (التوراة) والجديد (الأناجيل) ليقطعوا الطريق على ناقدى الكتاب المقدس من المسلمين ، ومن غير المسلمين.

ثامناً: اليهود والنصارى لتحريفهم كتبهم التي نزلت على أنبيائهم لم تعد لديهم حجة صحيحة، ولا شيء يستندون إليه، فلذا أخذوا يطعنون في القرآن وأحكامه، ليغيروه ويهدموه.

تاسعاً: سار على نهج اليهود والنصارى المبشرون والمستشرقون في العصور الحديثة الذين اهتموا بالدراسات الإسلامية والعربية لا لخدمة الإسلام، بل لنقده والطعن في أصوله، وليشككوا الناس في هذا الدين العظيم.

عاشراً: سيل الشبهات التي يثيرها المشككون والمبطلون من خصوم الدين لم يتوقف، فلا تزال الشبهات القديمة تظهر حتى اليوم في أثواب جديدة، وحُلىً زائفة.

الحادي عشر: مما يؤسف له أن بعضاً من أدعياء العلم والثقافة من المسلمين صاروا أذناباً لهؤلاء الملاحدة، وأخذوا يرددون كلامهم، ويطعنون في دينهم، متسربلين بشعار البحث العلمي والحرية الفكرية.

الثاني عشر: هذا الدين محفوظ بحفظ الله، وقد وعد بنصر أهله ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾

الثالث عشر: خلو القرآن من الزيادة والنقصان والتحريف وأنه الوثيقة الربانية الوحيدة التى حفظت -بحفظ الله- من التغيير والتبديل وصدق الله القائل ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭼ فصلت: ٤١ – ٤٢.

وفى الختام: نقول لمن حاول إثارة الشبهات والتشكيك في كتاب الله , أو في رسول الله , أو في شيء من دين الله: اعلم أنك بفعلك هذا قد جنيت على نفسك , وأوديت بها إلى مهاوي الردى , واعلم أن “هذا الدين متين،”وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ ” فارفق بنفسك وأشفق عليها.

يا ناطِحَ الجَبَلِ الأَشَم بِرأْسِهِ *** أشفق عَلَى الرأس لاَ تُشْفِقْ عَلَى الجَبَلِ

وإنما مثل هؤلاء المشككين كوَعْلٍ غَرَّه قَرْنَاه, فرَأَى ذاتَ يومٍ صَخْرةً عظيمة راسيةً شامخةً , فأراد أن يفتتها فنطحها, فتحطم قرناه، وأما الصخرة فما أحست من ذلك بشيء

كناطِحٍ صَخْرةٍ يوماً ليُوهنُها *** فلَمْ يُضِرْها وأَوْهَى رَأْسَه الوَعْلُ

فالإسلام كالبحر الخضم , لا يضره من ألقى فيه بحجارة محاولا إيذاءه.

ومَا يَضُرُ البَحْرَ أمْسَى راسياً *** إذا رَمَى إِليه صَبِي بحَجَرْ

فدين الله دائمًا هو الغالب، جعلنا الله -تعالى- من أتباعه وأنصاره، اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الصافات: 180-182).

وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ثبت المصادر والمراجع

القرآن الكريم جل من أنزله.

  1. إتحاف فضلاء البشر فى القراءات الأربعة عشر ، لشهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد الغنى الدمياطى ت/ أنس مهرة ، ط دار الكتب العملية – لبنان – الأولى 1419هـ 1998م.
  2. الإتقان فى علوم القرآن ، لعبد الرحمن جلال ادين السيوطى – ت/ محمد أبو الفضل إبراهيم ط دار التراث – القاهرة.
  3. الإتقان في علوم القرآن، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، ت/ محمد أبو الفضل إبراهيم مكتبة دار التراث – القاهرة.
  4. أحكام القرآن، لأبي بكر بن عبد الله المعروف بابن العربي، ت/ على محمد البجاوي – دار الفكر.
  5. أحكام القرآن، لأحكام بن على الرازي الجصاص، أبو بكر، ت/ محمد الصادق قمحاوي – دار إحياء التراث العربي – بيروت 1405هـ.
  6. إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ، لمحمد بن محمد العمادي أبو السعود – ط دار إحياء التراث العربى – بيروت.
  7. أسباب النزول، لأبي الحسن علي بن أحمد النيسابوري الواحدى، ت/ محمد صلاح حلمي سعد مكتبة الرحاب – القاهرة.
  8. أسرار عن القرآن – الجزء الثالث من كتاب مقالة في القرآن لجرجس سال، تعريب هاشم العربي، ط نور الحياة .
  9. أضواء البيان فى إيضاح القرآن بالقرآن ، لمحمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطى – ط دار الفكر بيروت 1415 هـ 1995م.
  10. إعراب القرآن ، لأبى حعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس ، ت/د/ زهير غازى زاهد ط عال الكتب – بيروت 1409هـ 1988م.
  11. إعراب القرآن الكريم لقاسم حميدان دعاس الناشر : دار المنير ـ دار الفارابى : دمشق
  12. إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين الدرويش دار النشر : دار الإرشاد ـ سورية
  13. الأعلام ، لخير الدين الزركلى – ط دار العلم للملايين – بيروت – السابعه 1986م.
  14. أنوار البروق في أنواع الفروق، لأبي العباس أحمد بن إدريس القرافي، ت/ خليل المنصور – دار الكتب العلمية – بيروت 1418هـ 1998م.
  15. أنوار التنزيل وأسرار التأويل ، لناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازى البيضاوى ت/ د/ عبد الحميد مصطفى ، الشيخ / عبد الحميد فرغلى – ط المكتبة القيمة – القاهرة.
  16. الإيضاح فى علوم البلاغة ، للخطيب القزوينى ، ت/ الشيخ / بهيج عزاوى، ط دار إحياء العلوم بيروت 1419هـ 1998م
  17. البحر المحيط، لمحمد بن يوسف، الشهير بأبي حيان الأندلسي – دار الكتب العلمية – بيروت – الأولى 1422هـ 2001م.
  18. البداية في التفسير الموضوعي – دراسة منهجية موضوعية، للأستاذ الدكتور/ عبد الحي حسين الفرماوي – الطبعة السابعة ذو الحجة 1425هـ يناير 2005م.
  19. البدور الزاهرة فى القراءات العشر المتواترة ، للشيخ عبد الفتاح القاضى – ط مكتبة الكليات الأزهرية.
  20. البرهان فى علوم القرآن ، لبدر الدين محمد عبد الله الزركشى ، ت/ محمد أبو الفضل إبراهيم – ط دار إحياء الكتب العربية – عيسى البابى الحلبى – الأولى 1376هـ 1957م.
  21. بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، ت/ أ/ عبد العليم الطحاوي – طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1412هـ 1992م.
  22. بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة ، لعبد لرحمن جلال الدين السيوطى، ت/ محمد أبو الفضل إبراهيم – ط المكتبة العصرية – بيروت.
  23. البلاغة العربية/ لعبد الرحمن حسن حبنكة.
  24. البلاغة الواضحة للأستاذين على الجارم ، ومصطفى أمين صـ146 ط دار المعارف – لبنان.
  25. البيان فى عد آى القرآن ، لأبى عمرو عثمان بن سعيد الأموى الدانى ، ت/ غانم قدورى الحمد ، ط مركز المخطوطات والتراث – الكويت – الأولى 1414هـ 1994م.
  26. تاج العروس من جواهر القاموس ، لمحمد بن عبد الرازق الحسينى الزبيدى – ط دار الهداية.
  27. التبيان فى إعراب القرآن ، لمحب الدين عبد الله الحسين بن أبى البقاء العكبرى ، ت/ على محمد البجاوى – ط دار إحياء الكتب العربية.
  28. التبيان فى أقسام القرآن ، لابن القيم الجوزية – ط دار الفكر – بيروت.
  29. التحرير والتنوير، لمحمد الطاهر بن عاشور – دار سحنون – تونس 1997م.
  30. التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي الكلبي.
  31. التعريفات ، لعلى بن محمد بن على الجرجاني ، ت/ إبراهيم الإبيارى – ط دار الكتاب العربى – بيروت الأولى 1405هـ.
  32. تفسير القرآن العظيم، لإسماعيل بن عمر بن ضوء القرشي البصري، أبو الفداء عماد الدين ابن كثير – ت/ طه عبد الرؤوف سعد – مكتبة الإيمان – المنصورة.
  33. التفسير القرآني للقرآن/ للشيخ عبد الكريم يونس الخطيب – ط دار الفكر – القاهرة.
  34. التفسير الكبير ، أو مفاتيح الغيب ، لفخر الدين الرازى ، ت/ سيد عمران ط دار الحديث – القاهرة.
  35. التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي، ت/ سعد عمران دار الحديث – القاهرة.
  36. التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق، للدكتور/ صلاح الخالدي.
  37. التفسير الموضوعي ومنهج الحق في هداية الخلق، للأستاذ الدكتور/ محمود بسيوني فودة – مطبعة الأمانة – الأولى 1408هـ 1987م.
  38. التفسير الموضوعي: نماذج تطبيقية في ضوء القرآن الكريم، للأستاذ الدكتور/ محمد السيد عوض.
  39. التفسير الوسيط للقرآن الكريم المؤلف : د. محمد سيد طنطاوى ( شيخ الأزهر)
  40. تهذيب الكمال، ليوسف بن الزكر عبد الرحمن أبو الحجاج المزي – مؤسسة الرسالة بيروت – الأولى 1400هـ 1980م.
  41. التوقيف على مهمات التعاريف ، لمحمد عبد الرؤوف المناوى ، ت/د/ محمد رضوان الداية ، ط دار الفكر – دمشق – الأولى 1410هـ.
  42. جامع البيان فى تأويل آى القرآن ، للإمام محمد بن جرير بن يزيد ، أبو جعفر الطبرى ، ت: أحمد محمد شاكر – ط مؤسسة الرسالة – الأولى 1420هـ 2000م.
  43. الجامع الصحيح المختصر، لمحمد بن إسماعيل البخاري، ت/د/ مصطفى الديب البغا – دار ابن الكثير – اليمامة – بيروت – الثالثة 1407هـ 1987م.
  44. الجامع الصحيح المسمى بصحيح مسلم ، لأبى الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيرى النيسابورى.
  45. الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسننه وأيامه ، المسمى بصحيح البخارى ، لمحمد بن إسماعيل بن المغيرة البخارى – ط دار ابن كثير – اليمامة – بيروت – الثالثة 1407هـ 1987م
  46. الجامع الصحيح، المسمى صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري – طبعة دار الجيل – بيروت.
  47. الجامع الصحيح، سنن الترمذي، لمحمد بن عيسى الترمذي، ت/ أحمد محمد شاكر – دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  48. الجامع لأحكام القرآن ، لأبى عبد الله محمد بن أحمد الأنصارى القرطبى – ط دار الحديث – القاهرة. الثانية 1416هـ 1996م.
  49. الجدول في إعراب القرآن محمود بن عبد الرحيم صافي الناشر : دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق الطبعة : الرابعة ، 1418 هـ.
  50. جواهر البلاغة فى المعانى والبيان والبديع ، للسيد أحمد الهاشمى – ط دار الكتب العلمية بيروت – السادسة.
  51. حاشية الشهاب ، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوى ، لأحمد بن محمد شهاب الدين – ط دار صادر – بيروت.
  52. الحاوي في فقه الشافعي، لأبي الحسن على بن محمد بن حبيب البصري الشهير بالماوردي – دار الكتب العلمية – بيروت – الأولى 1414هـ 1994م.
  53. حجة القراءات، لعبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، ت/ سعيد الأفغاني – مؤسسة الرسالة – بيروت – الثانية 1402هـ 1982م.
  54. الحجة فى القراءات السبع ، للحسين بن أحمد بن خالويه ، ت د/ عبد العال سالم مكرم – ط دار الشروق – بيروت – الرابعة 1401هـ.
  55. الحجة فى القراءات السبع ، للحسين بن أحمد بن خالويه ، ت د/ عبد العال سالم مكرم – ط دار الشروق – بيروت – الرابعة 1401هـ.
  56. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، لأى نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهانى – ط دار الكتاب العربى – بيروت – الرابعة 1405هـ.
  57. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني – دار الكتاب العربي – بيروت.
  58. الدر المصون في علم الكتاب المكنون، لأحمد بن يوسف بن عبد الدايم المعروف بالسمين الحلبي، ت/ أحمد محمد الخراط ,دار القلم ,دمشق – الأولى 1414هـ 1994م.
  59. الدر المنثور فى التفسير بالمأثور ، لعبد الرحمن جلال الدين السيوطى – ط دار الفكر – بيروت 1993م.
  60. روح البيان فى تفسير القرآن، لإسماعيل حقى بن مصطفى البروسوى, ط دار إحياء التراث العربى– بيروت.
  61. روح المعاني في تفسير القرآني العظيم والسبع المثاني، لمحمود الألوسي، أبو الفضل – دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  62. زاد المسير فى علم التفسير ، لعبد الرحمن على بن محمد الجوزى ، ط المكتب الإسلامى – بيروت الثالثة 1404هـ.
  63. السبعة فى القراءات ، لأبى بكر أحمد بن موسى بن مجاهد البغدادى ، ت/د/ شوقى ضيف ، ط دار المعارف – القاهرة – الثانية 1400هـ.
  64. السراج المنير فى الإعانة على معرفة بعض معانى كلام ربنا الحكيم الخبير، لمحمد بن أحمد الخطيب الشربينى – ط دار المعرفة – بيروت – الثانية.
  65. سنن ابن ماجة، لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني ابن ماجة، ت/ محمد فؤاد عبد الباقي – دار الفكر – بيروت.
  66. سنن أبى داود ، لسليمان بن الأشعث الأزدى أبو داود ، ت/د/ عبدالقادر عبد الجبير ، ط دار الحديث – القاهرة 1420هـ 1999م.
  67. سنن الدارقطني، لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن دينار البغدادي – دار المعرفة – بيروت 1386هـ 1966م.
  68. السنن الصغرى، لأحمد بن الحسن بن علي البيهقي، أبو بكر، ت د/ محمد ضياء الرحمن الأعظمي – مكتبة الرشد – الرياض 1422هـ 2001م.
  69. سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى – ط مؤسسة الرسالة – الثالثة 1405هـ 1985م.
  70. شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي الناشر : المكتب الإسلامي بيروت
  71. شرح المفصل للزمخشري لعلى بن يعيش ، ط دار الطباعة المنيرية – مصر.
  72. شرح النووي على صحيح مسلم، لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي – دار إحياء التراث العربي – بيروت – الثانية 1392هـ.
  73. شعب الإيمان، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي – دار الكتب العلمية – بيروت – الأولى 1410هـ.
  74. صفوة التفاسير، للأستاذ الدكتور/ محمد على الصابوني – دار الصابوني – القاهرة.
  75. علم البيان/ للأستاذ عبد العزيز عتيق – ط دار النهضة العربية: بيروت – لبنان 1405هـ 1982م.
  76. عون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق العظيم آبادي – دار الكتب العلمية – بيروت – الثانية 1415هـ.
  77. فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن على بن حجر العسقلاني – دار المعرفة – بيروت 1379هـ.
  78. الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي، للإمام المناوي ت/ أحمد مجتبي دار العاصمة – الرياض.
  79. فتح القدير الجامع بين فنى الرواية والدراية من علم التفسير، لمحمد بن على بن محمد الشوكاني.
  80. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، ت/عبد الرزاق المهدي– دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  81. الكشف والبيان ، لأبى إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبى النيسابورى/ الإمام أبى محمد بن عاشور ، ط دار إحياء التراث الغربى – بيروت، الأولى ، 1422هـ 2002م.
  82. كشفُ العَمَى والرَّيْنِ عنْ نَاظِرِي مُصْحَفِ ذِي النُّورَيْنِ، وهي من تأليف مُحَمَّدٌ العاقِبُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ مَايَابِي الجَكَنِيُّ الشنقيطي (ت: 1312 هـ)،دار إيلاف للنشر والتوزيع- الكويت-1427هـ.
  83. اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي دار الكتب العلمية.
  84. لباب التأويل في معاني التنزيل، لعلاء الدين على بن محمد بن إبراهيم الشهير بالخازن دار الفكر – بيروت.
  85. لباب النقول فى أسباب النزول ، لعبد الرحمن جلال الدين السيوطى – ط مكتبة الصفا – القاهرة – الأولى 1423هـ 2002م.
  86. اللباب فى علوم الكتاب ، لأبى حفص عمر بن على بن عادل الحنبلى ت/ الشيخ/ عادل أحمد عبد الموجود ، والشيخ / على محمد معوض – ط دار الكتب العلمية – بيروت اأولى 1419هـ 1998م.
  87. لسان العرب ، لمحمد بن مكرم بن منظور الإفريقى المصرى ، ط دار صادر – بيروت.
  88. لوامع الأنوار البهية، لشمس الدين أبو العون محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي – مؤسسة الخافقين – دمشق – الثاني – 1402هـ 1982م.
  89. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، لنور الدين على بن أبى بكر الهيثمى – ط دار الفكر – بيروت 1412هـ.
  90. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لنور الدين على بن أبي بكر الهيثمي – دار الفكر – بيروت 1412هـ.
  91. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي ت/ عبد السلام عبد الشافي محمد – دار الكتب العلمية – لبنان 1413هـ 1993م – الأولى.
  92. مختصر المعاني/ لسعد الدين التفتازاني – ط دار الفكر الأولى 1411هـ.
  93. مدارك التنزيل وحقائق التأويل ، لأبى البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفى ، ت/ مروان محمد الشعار – ط دار النفائس – بيروت 2005م.
  94. المستدرك على الصحيحين ، لمحمد بن عبد الله الحاكم النيسابورى ، ت/ مصطفى عبد القادر عطا ، ط دار الكتب العلمية – بيروت – الأولى 1411هـ 1990م.
  95. مسند أحمد، لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، ت/ شعيب الأرنؤوط – مؤسسة الرسالة – الثانية 1420هـ 1999م.
  96. المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير ، لأحمد بن على الفيومى – ط المكتبة العلمية – بيروت.
  97. معالم التنزيل ، لمحى السنة ، أبى محمد الحسين بن مسعود البغوى ، ت/ محمد عبد الله النمر ، ط دار طيبة للنشر والتوزيع – الرابعة 1417 هـ 1997م
  98. معالم سور القرآن وإتحافات درره، للأستاذ الدكتور/ جمعة على عبد القادر طبعة مكتبة رشوان – الثانية.
  99. معانى القرآن ، لأبى زكريا – يحيى بن زياد ، المعروف بالفراء ت/ د/ عبد الفتاح إسماعيل شلبى ، ط الهيئة المصرية للكتاب 1973م.
  100. معجم القراءات القرآنية – الدكتور عبد اللطيف الخطيب – ط دار سعد الدين – دمشق الأولى سنة 1422هـ 2002م.
  101. المعجم الوسيط ، تأليف/ إبراهيم مصطفى – أحمد الزيات – حامد عبد القادر – محمد النجار – ط دار الدعوة.
  102. مفتاح العلوم/ للسكاكي.
  103. مفردات غريب القرآن ، لأبى القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى ، ت/ محمد سيد كيلانى ، ط دار المعرفة – لبنان.
  104. المفصل في صنعة الإعراب – الزمخشري الناشر : دار ومكتبة الهلال بيروت
  105. موطأ مالك، لمالك بن أنس، أبو عبد الله الأصبحي – دار القلم – دمشق – الأولى 1413 هـ 1991م.
  106. موسوعة بيان الإسلام الرد على الإفتراءات والشبهات، المؤلف: نخبة من كبار العلماء-  الناشر: دار نهضة مصر للنشر،سنة 2011م.
  107. النشر فى القراءات العشر ، لمحمد بن محمد بن الجزرى ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
  108. نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور ، للإمام برهان الدين أبى الحسن البقاعى – ط دار الكتب العلمية – بيروت 1415هـ 1995م.
  109. النكت والعيون ، لأبى الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردى البصرى ، ت / السيد بن عبد المقصود عبد الرحيم ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

الهوامش:

  1. () البخارى فى صحيحه/ كتاب الدعوات /حديث رقم 5958
  2. () ينظر: أساس البلاغة للزمخشري 1/235، القاموس المحيط 1/1610، لسان العرب 13/503، تاج العروس 36/411، المصباح المنير 4/433.
  3. () ينظر: التعريفات 1/165، التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي 1/422، المعجم الوسيط 1/471.
  4. () مفتاح دار السعادة جـ1/140.
  5. () مفتاح دار السعادة 1/140، 141.
  6. () ينظر: رفع الالتباس بدفع الشبه المنسوبة لابن مسعود وابن عباس، ص 83، نقلاً عن كتاب النور المبين فى دفع شبهات المستشرقين، للأستاذ الدكتور: عبد المنعم رماح ص15.
  7. () الإسقاط: حيلة لا شعورية تتلخص فى أن ينسب الإنسان عيوبه ونقائصه ورغباته المستكرهة التى لا يتعرف بها إلى غيره من الناس أو الأشياء أو الأقدار…. وذلك تنزيهاً لنفسه وتخففاً مما يشعر به من القلق أو الخجل أو النقص أو الذنب. أصول علم النفس د./ أحمد عزت راجح: طبع دار الكتاب العربي – القاهرة – السابعة – سنة 1967م.
  8. () ينظر: موسوعة بيان الإسلام، الرد على الافتراءات والشبهات / القسم الأول، القرآن جـ1/46 وما بعدها، ط دار نهضة مصر، إعداد نخبة من العلماء ، منهج القرآن فى الرد العلمي على الشبهات والافتراءات، د./ محمد داود، مجلة منبر الإسلام، ص24، حمادي الآخرة 1434هـ
  9. () السيرة النبوية لابن هشام 3/52، الروض الأنف 2/376، دلائل النبوة للبيهقي 2/533.
  10. () موسوعة بيان الإسلام 1/48، 49.
  11. () جزء من حديث أخرجه مسلم فى صحيحه /كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها- باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار، ج4/2197/ رقم2865.
  12. (). المراد كتابهم المقدس وهو القرآن لأن المسلمين ليس لهم أناجيل، وإنما ذلك للنصارى، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره عن قتادة في قوله: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) [الأعراف: 154] قال موسى: رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلها أمتي!! قال: تلك أمة أحمد، قال: ربي إني أجد في الألواح نبي أمة هم الآخرون السابقون رب فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد، قال رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها، رب اجعلهم أمتي! قال تلك أمة أحمد، قال قتادة فذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد. أ.ه ج3/478
  13. () صحيح البخارى كتاب الجهاد والسير / رقم 2899، ومسلم فى صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة /رقم 677. ويوم بئر معونة كان فى السنة الرابعة للهجرة راجع: الروض الأنف 3/378.
  14. () أخرجه أبو داوود فى سننه كتاب الصلاة / حديث رقم786.
  15. () أخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب / حديث رقم3954 ، والبيهقى فى شعب الإيمان 1/342.
  16. ()الرقاع جمع رُقْعة وقد تكون من جلد أو قماش أو ورق، العسب: جمع عسيب طرف الجريد العريض كانوا يكشطون الخوص ويكتبون فيه، والأكتاف جمع كتف وهي العظام العريضة من أكتاف الحيوان كالإبل والبقر والغنم، واللخاف بكسر اللام: جمع لخفة بفتح فسكون، وهي الحجارة الرقيقة، والأقتاب: جمع قتب وهي الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه. لسان العرب 8/27.
  17. () صحيح مسلم / كتاب الزهد والرقائق/ حديث رقم 3004.
  18. () أما ما كان مكتوبا في القطعة الواحدة فقد كان مرتب الآيات ولا ريب. والعُسُب جمع عسيب وهي جريد النخل، والأكتاف جمع كتف والكتف عظم عريض يكون في أَصل كتف الحيوان من الناس والدوابّ كانوا يكتُبون فيه لقِلة القَراطِيس عندهم، والرِّقاع جمع رُّقْعة وهى الخِرْقَة.
  19. () ينظر: منظومة كشفُ العَمَى والرَّيْنِ عنْ نَاظِرِي مُصْحَفِ ذِي النُّورَيْنِ، وهي من تأليف مُحَمَّدٌ العاقِبُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ مَايَابِي الجَكَنِيُّ الشنقيطي (ت: 1312 هـ)، وهو نظم في رسم المصحف، ويقع في 417 بيتا من بحر الرجز.
  20. ()أي كثر واشتد. لسان العرب 4/177.
  21. () فضائل القرآن لابن كثير ص 58.
  22. () أي زمن قتال أهل اليمامة سنة اثنتي عشرة فى خلافة الصدِّيق رضى الله عنه.
  23. () صحيح البخاري/ كتاب فضائل القرآن/ باب جمع القرآن/حديث رقم 4701.
  24. () أبو خزيمة الذي وجدت عنده آخر سورة التوبة غير خزيمة الذي وجدت عنده آية الأحزاب، فالأول هو أبو خزيمة بن أوس بن يزيد بن أصرم من بني النجار شهد بدرا وما بعدها وتوفي في خلافة عثمان، وأما الثاني فهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه ابن ثعلبة يعرف بذي الشهادتين شهد بدرا وما بعدها، وقتل وهو مع علي بصفين. فتح الباري 9 / 15.
  25. () المصاحف 1/26، الإتقان 1/162.
  26. () جمال القراء 1/302، المرشد الوجيز 1/55، فتح البارى 9/14.
  27. () وقد ثبت في الروايات أن عمر كان يحفظها وأن عثمان كان يحفظها أيضا وأن أبي بن كعب كان يحفظها (فتح الباري 9 /15) ولو لم يحفظها إلا هؤلاء الحفاظ الكبار الخمسة لكفى، فالواحد منهم في معيار العدالة والضبط والثقة يعتبر بألف.
  28. ()لأن أباها الفاروق كان أوصى بذلك، فهي زوج رسول الله ، وأحق من يرعى هذه الأمانة الغالية ولأنها كانت تحفظ القرآن.المدخل لأبى شهبة ص270
  29. () المصاحف 1/34، فتح البارى 9/12،13.
  30. () المدخل لأبى شهبة ص271.
  31. () المصاحف 1/76، فتح البارى 9/18.
  32. ()هو الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي، الأسدي أبوه الزبير حواري رسول الله ، وابن عمته السيدة صفية، وأمه السيدة أسماء بنت الصديق، ذات النطاقين كما سماها رسول الله ، وهو أول مولود ولد للمهاجرين بالمدينة، وكان أشبه الناس بجده الصديق، وهو أحد العبادلة الأربعة الذين اشتهروا بالعلم، ورواية الأحاديث، وعنوا بحفظ القرآن، وأحد شجعان العرب، وقد دانت له معظم الأقطار الإسلامية بعد موت يزيد بن معاوية، وولي الخلافة ثم قتل شهيدا أثناء حصار الحجاج له بمكة سنة ثلاث وسبعين الإصابة 4/89. وقد أَهَّلته صفاته الخلقية، وخصائصه العلمية، ولا سيما بالقرآن أن يكون أحد الأربعة الذين كتبوا المصاحف في عهد سيدنا عثمان، ف وأرضاه.
  33. () هو الصحابي الجليل سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي، الأموي، أبو عثمان، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: له صحبة، وقال الحافظ ابن حجر: كان له يوم مات النبي تسع سنين وقتل أبوه يوم بدر، قال ابن سعد: وعدوه لذلك في الصحابة، وحديثه عن عثمان وعائشة في صحيح مسلم، وكان من فصحاء قريش ولذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة المصاحف قالوا فيه: إن عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص؛ لأنه كان أشبه الصحابة لهجة برسول الله، وقد ولي إمارة الكوفة، وغزا طبرستان ففتحها، وغزا جرجان، وكان حليما وقورا، مشهورا بالكرم والبر، وكان معاوية يقول: لكل قوم كريم، وكريمنا سعيد، وقد ولاه معاوية إمارة المدينة، مات بقصره بالعقيق سنة ثلاث وخمسين. الإصابة 3/107.
  34. ()هو عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي، قال ابن حبان: ولد في زمن النبي ، ولم يسمع منه، ثم ذكره في ثقات التابعين، وما قيل من أنه كان ابن عشر في حياة النبي هو وهم، مات أبوه وهو يجاهد في الشام في طاعون عمواس، فتزوج سيدنا عمر أمه، فنشأ في حجره، وتزوج بنت سيدنا عثمان، وقد ذكره البغوي والطبراني في الصحابة، وذكره البخاري وأبو حاتم في التابعين، وكان من أشراف قريش وابنه أبو بكر أحد الفقهاء السبعة مات سنة ثلاث وأربعين،الإصابة 5/29.
  35. () يريد إذا اختلفتم في رسم لفظ من ألفاظ القرآن فاكتبوه بالرسم الذي يوافق لغة قريش كما يدل على ذلك قصة اختلافهم في كتابة لفظ «التابوت»..
  36. ()لا تنافي بين الروايات لجواز أن تكون غسلت أولا ثم شققت ثانيا ثم حرقت ثالثا.
  37. ()أي كان يجمع أهل الشام مع أهل العراق للغزو والفتوحات.
  38. ()أرمينية بكسر الهمزة- وتفتح- وسكون الراء وكسر الميم بعدها ياء مثناة خفيفة ساكنة ونون مكسورة، وياء خفيفة مفتوحة، وقد تثقل كما قال ياقوت وهو إقليم كبير يشتمل على بلدان كثيرة أكبرها أرمينية، وأذربيجان بفتح الهمزة وسكون الذال وفتح الراء وكسر الباء بعدها ياء مخففة ثم جيم مفتوحة ممدودة وهما إقليمان، وصارا يعرفان بالقوقاز، وهما الآن تحت الحكم الروسي.
  39. () صحيح البخاري- كتاب فضائل القرآن- باب جمع القرآن رقم 4702.
  40. () صحيح البخاري- كتاب فضائل القرآن- باب جمع القرآن رقم 4702.
  41. () فتح الباري ج 9/ 20.
  42. () فتح الباري 9 / 19. المصاحف 1/88.
  43. () المصاحف 1/76، فتح الباري 9 / 19.
  44. () الإتقان 1 / 60.
  45. ()الإتقان ج 1 ص 51.
  46. () ج 1 ص 54.
  47. () من العلماء من يجعل «المصحف الإمام» خاصّا بالمصحف الذي احتفظ به عثمان لنفسه، وهو الموافق لما هنا، ومنهم من جعل المصحف الإمام عاما لجميع المصاحف التي كتبت بأمر عثمان، والتي وزعها على الأمصار، وأبقى منها واحدًا لنفسه.المدخل لأبى شهبة ص279
  48. () ينظر خلاصة ما سبق فى: المرشد الوجيز1/48، البرهان للزركشى 1/233، الإتقان 1/160 وما بعدها، مناهل العرفان 1/239، المدخل لأبى شهبة 260 0
  49. () تولى كبر هذا الإفك مستشرق إنجليزي اسمه جرجس سال وذكره فى كتابه المسمى أسرار عن القرآن وهو الجزء الثالث من كتاب مقالة فى الإسلام تعريب وتذييل هاشم العربي ص 33.
  50. () أخرجه البخاري فى صحيحه كتاب الشبهات/ باب شهادة الأعمى جـ2/940/رقم 2512 وسمى هذا الرجل الذي سمعه النبي وهو عباد بن بشر – ومسلم فى صحيحه كتاب صلاة المسافرين وقصرها/ حديث رقم 788.
  51. () تفسير الرازي 2/301، تفسير القرطبي 1/193.
  52. () كآدم ” ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما”. طه 115.
  53. () كموسى ” فلما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح ” الأعراف 154.
  54. () كنوح ” وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا” نوح 26.

    وموسى قال: ” ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم ” يونس 88.

  55. () متفق عليه، أخرجه البخاري فى صحيحه كتاب الصلاة رقم 2392، ومسلم فى صحيحه كتاب المساجد رقم 572.
  56. () ينظر: تنزيه القرآن الكريم عن افتراءات المضلين، أ.د. / السيد اسماعيل على سليمان، ص 102.
  57. () روح المعاني 7/263.
  58. () تفسير القرطبي 10/5،6.
  59. () رواية “أنسيتها” الحديث فى البخاري كتاب فضائل القرآن،/ حديث رقم 4751.
  60. () البخارى فى الصحيح /كتاب الصلاة / حديث رقم 392.
  61. () فتح الباري 9/86 بتصرف، المدخل لأبي شهبة ص 291.
  62. () مناهل العرفان 1/266.
  63. () أسرار عن القرآن ص33، موسوعة بيان الإسلام 1/26.
  64. () تفسير القرطبي 10/276، تفسير الرازي 31/130، البحر المحيط 10/456.
  65. () تفسير ابن كثير 4/216، وتفسير الرازي 31/130.
  66. () أى شريكي والمساهمة المشاركة والمقاسمة.
  67. () إرشاد العقل السليم 1/179.
  68. () مناهل العرفان 1/267.وينظر أيضا خلاصة ما سبق فى: تفسير الرازى 31/130، روح المعانى 15/316.
  69. () أسرار عن القرآن ص 33، 34.
  70. () صحيح البخارى كتاب النكاح حديث رقم 4825، ومسلم فى صحيحه كتاب النكاح / رقم 1406 واللفظ له.
  71. () فى الصحيح كتاب النكاح / رقم 1406، تفسير ابن كثير 2/258.
  72. () البخارى فى صحيحه كتاب التفسير / رقم 4246. والمراد بالرجل فى الحديث سيدنا عمر بن الخطاب وكان ينهى عن المتعة قال النووى – رحمه الله- فى شرح صحيح مسلم: لم يرد إبطال التمتع بل ترجيح الإفراد عليه أ.هـ 8/206.
  73. () مناهل العرفان 1/270.
  74. () أسرار عن القرآن 34.
  75. () جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي 1/203.
  76. () البرهان 2/37، الإتقان 2/68.
  77. () إعجاز القرآن للباقلاني 1/291.
  78. () ينظر: غاية النهاية فى طبقات القراء 1/353، وما بعدها.
  79. () جرجس سال 21، 34.
  80. () مسند أحمد 5/324، عمدة القارى للإمام العينى 18/291.
  81. () أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب الطلاق /1479، إرشاد السارى للقسطلانى 8/92.
  82. () ينظر جرجس سال صـ 34.
  83. () أسرار عن القرآن ص34، شبهات مزعومة حول القرآن 87،105.
  84. () المصاحف 1/142 وعوف وإن كان ثقةً، إلا أنه متهم بالقدر والتشيع، وهذا الأثر -إن ثبت عنه- مما يؤيد دعوى الشيعة وقوع التحريف في القرآن، فهو متهم فيه. الضعفاء للعقيلى 3/429.
  85. () ينظر: نكت الانتصار لنقل القرآن ص 399.
  86. () ينظر: نكت الانتصار لنقل القرآن ص 396.
  87. () ينظر: تأويل مشكل القرآن 1/37، نكت الانتصار لنقل القرآن ص 396.
  88. () ينظر: آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره، د/ عمر رضوان 1/428.
  89. () تنظر هذه الشبهة فى مقدمة القرآن لمونتجمرى واط ص 46. موجز دائرة المعارف الإسلامية 8180،وهذه الروايات فى مسند أحمد 5/129.
  90. () ينظر: المجموع شرح المهذب 3/396.
  91. () ينظر: المحلى لابن حزم 1/13.
  92. () مسند الإمام أحمد5/137.
  93. () مسلم فى صحيحه كتاب صلاة المسافرين / حديث رقم 814.
  94. () أبو داوود فى السنن كتاب الصلاة /رقم 1462.،والنسائي فى سننه كتاب الاستعاذة / رقم 5437.
  95. () فتح الباري 8/742.
  96. () مشكل القرآن 1/34، الإتقان 1/214،مناهل العرفان 1/275.
  97. () نص سورة الولاية ﴿بسم الله الرحمن الرحيم ياأيها الذين آمنوا بالنبي والولي الذين بعثناهما يهديانكم إلى صراط مستقيم نبي وولي بعضهما من بعض، وأنا العليم الخبير، إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم، فالذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبين، إن لهم في جهنم مقام عظيم، نودي لهم يوم القيامة أين الضالون المكذبون للمرسلين، ما خلفهم المرسلين إلا بالحق، وما كان الله لينظرهم إلى أجل قريب فسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين﴾ الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب1/13، الشيعة والسنة إحسان إلهى 1/16.
  98. () مذاهب التفسير لجولد تسيهر 294، الشيعة والسنة إحسان إلهى 1/139، روح المعانى للآلوسى 1/24.
  99. () حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين 1/40.- ط المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية السادسة 2013 م.
  100. () الطبرسي من رؤساء الشيعة, وكتابه مجمع البيان هو المرجع عندهم ينظر تفسيره 1/30.
  101. () مناهل العرفان 1/280.
  102. () أخرجه الترمذى فى سننه /كتاب التفسير /رقم 3104 وقال حديث حسن صحيح. وهذه الشبهة افتراها بروكلمان فى كتابه تاريخ الشعوب العربية ص112، وبلاشير فى مقدمة القرآن ص58-63.
  103. () أحكام القرآن لابن العربى 2/612، معرفة القراء الكبار 1/36.
  104. () فتح البارى 9/19.
  105. () المصاحف 1/68.
  106. () تفسير القرطبى 1/53.
  107. ()أحكام القرآن لابن العربى 2/612، سير أعلام النبلاء 1/434.
  108. () الكامل فى التاريخ 1/492.
  109. () ينظر لسان العرب مادة ربع 8/99، وظلع 8/243.
  110. () ينظر آراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره د/عمر رضوان 1/463، مقدمة القرآن لواط ص41.
  111. () النشر ا/14.
  112. () أبو خزيمة الذي وجدت عنده آخر سورة التوبة غير خزيمة الذي وجدت عنده آية الأحزاب وقد سبق بيان ذلك فى جمع أبى بكر للقرآن وسبب جعل الرسول شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجلين قصة ذكرها أبو داوود فى سننه وهى أَنَّ النَّبِىَّ — ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِىٍّ فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِىُّ — لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ فَأَسْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ — الْمَشْىَ وَأَبْطَأَ الأَعْرَابِىُّ فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الأَعْرَابِىَّ فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ وَلاَ يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِىَّ — ابْتَاعَهُ فَنَادَى الأَعْرَابِىُّ رَسُولَ اللَّهِ — فَقَالَ إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ وَإِلاَّ بِعْتُهُ. فَقَامَ النَّبِىُّ — حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الأَعْرَابِىِّ فَقَالَ « أَوَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ ». فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ لاَ وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ — « بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ ». فَطَفِقَ الأَعْرَابِىُّ يَقُولُ هَلُمَّ شَهِيدًا. فَقَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ. فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ — عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ « بِمَ تَشْهَدُ ». فَقَالَ بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ — شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. كتاب الأقضية /حديث رقم 3609.
  113. () مناهل العرفان 1/284.
  114. () الإتقان 2/66.
  115. () مناهل العرفان 1/286.
  116. () رواه البخاري في صحيحه / كتاب فضائل القرآن / حديث4718، وقد صرح أنس في هذه الرواية بصيغة الحصر، قال الحافظ: وقد استنكره جماعة من الأئمة.( يعني التصريح)، انظر فتح الباري 9/52.
  117. () رواه البخاري في صحيحه/ كتاب الْمناقب/ حديث 3599، ومسلم في صحيحه /كتاب فضائل الصحابة / حديث 2465 واللفظ له.
  118. () الإتقان 1/192 وما بعدها، شرح النووى 16/19، فتح البارى 9/52.
  119. () مناهل العرفان 1/243.
  120. () أسد الغابة في معرفة الصحابة 6/128..
  121. () الإتقان 1/192 وما بعدها، شرح النووى 16/19، فتح البارى 9/52، البيان للشيخ عبد الوهاب غزلان ص151.
  122. () أسرار عن القرآن، ص 50.
  123. () تفسير البغوى 2/114، روح المعانى 3/287.
  124. () صحيح البخارى / كتاب المغازى/ حديث رقم 3863.