الحقوق السياسية والاجتماعية في الدستور العراقي لعام 2005 ما بين النص والواقع العملي

م.م أحمد حميد عباس الأرناؤوطي1 م .م محمد حسوبي صالح الأرناؤوطي2

1 وزارة الداخلية / مديرية البطاقة الوطنية

2 كلية الامام الكاظم(ع) للعلوم الاسلامية الجامعة

HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj335

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/03/2022م تاريخ القبول: 14/02/2022م

المستخلص

يعد الدستور القانون الاعلى في الدولة , فهو الذي يحدد طبيعة النظام السياسي , وماهية مؤسساته الدستورية والسياسية وكذلك يبين الحقوق السياسية والاجتماعية للأفراد , لما لها من اهمية في ترسيخ مبادئ الديموقراطية . فقد شهد العراق في عام 2005 اقرار دستور جمهورية العراق الدائم , والذي يعد من اول الدساتير التي اهتمت وبشكل واسع بالحقوق السياسية والاجتماعية مــقارنة بالـــدساتير السابقة , بــيد ان الملاحظ ان هناك فــجوة ما بين  الحقوق السياسية والاجتماعية التي اقرها الدستور العراقي لعام 2005 في نصوصه والواقع العملي , اذ ان العبرة لضمان الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطن العراقي ليس في سرد النصوص الدستورية فقط وإنما بتفعيل العمل بها بما يؤمن كامل الحقوق .

Research title

Political and social rights in the Iraqi constitution of 2005 between the text and the practical reality

Lect. Ahmed Hamid Abbas Al Arnaouti 1 Lect. Mohammed Hasobi Saleh Al Arnaouti 2

1 Ministry of the Interior / Directorate of National Card

2 Imam Kadhim (peace be upon him) College of Islamic Sciences University

HNSJ, 2022, 3(3); https://doi.org/10.53796/hnsj335

Published at 01/03/2022 Accepted at 14/02/2021

Abstract

Summary : The constitution is the supreme law of the state. It defines the nature of the political system, the nature of its constitutional and political institutions, as well as the political and social rights of individuals, because of their importance in consolidating the principles of democracy. In 2005, Iraq witnessed the adoption of the permanent constitution of the Republic of Iraq, which is one of the first constitutions that focused extensively on political and social rights compared to previous constitutions. However, it is noticeable that there is a gap between the political and social rights approved by the Iraqi constitution of 2005 in its texts and the practical reality. As the lesson to ensure the political and social rights of the Iraqi citizen is not only in listing the constitutional texts, but in activating them in a way that secures full rights.

المقدمة :-

إن الحقوق السياسية والاجتماعية هي من أهم الحقوق , وقد اتجهت أغلب دساتير العالم إلى إحاطة هذه الحقوق ضمن مبادئ ونصوص دستورية , من أجل الحيلولة دون المساس بها والاعتداء عليها من أي جهة كانت, إذ تعد الحقوق السياسية والاجتماعية من أهم الملامح الأساسية للدساتير الديمقراطية , لأنها تعد بمثابة نهج للدولة تسير عليها من خلال دساتيرها , ويعد من أعلى القوانين الموجودة في الدولة , ومن المتفق عليه من قبل أكثر الباحثين أن الحقوق السياسية والاجتماعية هي من المسلَّمات التي لا يمكن للإنسان أن يعيش من دونها بكرامة , فهي حقوق وحريات ولدت معه والتقت به , فأصبحت مطلباً إنسانياً مقدساً , يدافع عنها ويكافح من أجلها على مدى العصور,فإنقوانين وادي الرافدين تعد من أول القوانين المكتوبة في التاريخ البشري , والتي وضعت قواعد لتنظيم العلاقات بين الأفراد والسلطة على أساس من العدل والمساواة , وكذلك أن الشريعة الإسلامية هي الأخرى التي أعطت الصورة الأبرز لتلك الحقوق , وأن ما تعرض له المواطن العراقي من انتهاك للحقوق والحريات في ظل الأنظمة السابقة , وقد جعل الشرع العراقي في ظل الدستور العراقي الدائم لعام 2005 يؤكد على بلورة وصيانة تلك الحقوق , وتأكيداً كفالتها بما ينسجم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان,وكذلك الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان , إذ إن الحقوق السياسية والاجتماعية تتميز بالصفة الأساسية لكونها تمثل الحقوق الرئيسية لباقي الحقوق الأخرى , فضلاً عن دورها في ترسيخ المبادئ الديمقراطية للنظام , إذ يعد موضوعة البحث عن الحقوق السياسية والاجتماعية في الدستور العراقي لعام 2005 من أكثر المواضيع ذات أهمية وكذلك ذات طابع حساس , وعلى الرغم من أن الدستور العراقي تضمن النص على هذه الحقوق والحريات الأساسية إلا أن هناك العديد من الإشكالات , فعلى الرغم من نص الدستور العراقي لعام 2005 على هذه الحقوق إلا أنه لا زالت هناك فجوة ما بين النص والواقع العملي في تطبيق هذه الحقوق ولاسيما أن التجربة الديمقراطية في العراق هي حديثة العهد وتفتقر إلى ثقافة حقوق الإنسان وحرياته السياسية والاجتماعية .

أهمية البحث :-

تكمن أهمية البحث على إظهار تنظيم الحقوق السياسية والاجتماعية وفق دستور العراق لعام 2005 , ومدى تطبيق تلك الحقوق من ناحية عملية.

إشكالية البحث :-

إن الإشكالية التي يطرحها هذا الموضوع تتعلق في إثارة التساؤلات الآتية :-

1-هل أن الدستور العراقي راعا في نصوصه كل الحقوق السياسية والاجتماعية التي نصت عليها المواثيق الدولية ؟

2-هل أن المواطن العراقي يتمتع بشكل فعلي بالحقوق السياسية والاجتماعية الواردة في الدستور العراقي لعام 2005 ؟

فرضية البحث :-

بُني البحث على فرضية مدارها أن الحقوق السياسية والاجتماعية , بالرغم من تأكيدها من قبل المشروع العراقي في الدستور الصادر عام 2005 إلا أنها لم تطبق بالمستوى المطلوب على الواقع العملي.

منهجية البحث :-

سوف نعتمد في بحثنا هذا على المنهج الوصفي والمنهج التحليلي للنصوص الثانوية وكذلك على المنهج المقارن , مقارنةً بين النص الدستوري والواقع العلمي للحقوق السياسية والاجتماعية.

هيكلية البحث :-

تم تقسيم البحث إلى مقدمة وثلاثة مباحث ثم خاتمة , تناولنا في المبحث الأول ماهية الدستور والحقوق السياسية والاجتماعية , أما المبحث الثاني تضمن الحقوق السياسية والاجتماعية الواردة في الدستور العراقي الصادر عام 2005 , أما المبحث الثالث تناولنا فيه الواقع التطبيقي ( العملي ) للحقوق السياسية والاجتماعية الواردة في الدستور العراقي عام 2005.

المبحث الأول :- ماهية الدستور والحقوق السياسية والاجتماعية :-

للتعرف على مفهوم الدستور والحقوق السياسية والاجتماعية ينبغي تحديد مفهوم الدستور لغةً واصطلاحاً وشكلاً , وبيان مصادره ومن ثم التعرف على الحقوق السياسية والاجتماعية.

المطلب الأول :- ماهية الدستور :-

أولاً :- الدستور لغةً :- إن أصل كلمة ( الدستور ) فارسي متكون من مقطعين , أما المقطع الأول فهو (دست) ويعني صاحب , أما المقطع الثاني فهو ( ور ) ويعني اليد أو القاعدة , لذلك فهي تعني صاحب اليد أو القاعدة وتعني باللغة العربية الأساس أو القاعدة وهي تعني أيضاً القانون الأساسي([1]).

ثانياً :- الدستور اصطلاحاً :- إن كلمة الدستور لها معنيان , الأول إنها الوثيقة المدونة والتي تحدد صلاحيات المؤسسات الرسمية في الدولة والتي تشمل المؤسسة التشريعية والتنفيذية والقضائية , لذلك فإن أغلب دول العالم لها دستور مكتوب يجيب هذا المعنى , كما أن بعض هذه الدساتير قد تتضمن الحقوق والحريات الأساسية للإنسان.لذلك فإن وجود هذه الحقوق تشكل السمة الأساسية للدساتير المدونة([2]) , لذا فإن الدستور هو مجموعة الأحكام التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها , ومؤسساتها وبيان اختصاصات كل مؤسسة , وكذلك بيان حقوق المواطنين وواجباتهم , ويعد الدستور أساس القوانين السارية في الدولة , ويجب أن لا تخالف القوانين الموجودة في الدولة حكماً أو أحكاماً دستورية([3]) , ويمكن القول بأن الدستور هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم عمل السلطات الرسمية وغير الرسمية وتبين علاقة المواطنين بها وعلاقتهم ببعضهم.

أما المفهوم الشكلي للدستور , ينصرف هذا المعنى الوثيقة الدستورية وما تتضمنه من نصوص , لذا فإن الدستور شكلاً هو عبارة عن القواعد القانونية الواردة في الوثيقة التي تحوي النصوص الدستورية وكل قاعدة قانونية غير واردة في الوثيقة الدستورية لا تعد قاعدة دستورية , لكن الأخذ بهذا المعنى يؤدي إلى إغفال كثير من القواعد القانونية , غير المنصوص عليها في الدستور مع أهميتها الكبيرة بتنظيم عمل السلطات العامة مثل القوانين الانتخابية([4]).

ثالثاً :- مصادر القواعد الدستورية :-

إن مصادر القواعد الدستورية هي ثلاثة مصادر أساسية مباشرة وهي التشريع والقضاء والعُرف سنتناولها تباعاً([5]) :-

1-التشريع :-هو تلك القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة التشريعية في البلاد , لذلك يمكن القول إن القواعد الدستورية المدونة في الوثيقة الدستورية هي عملية تشريعية بحتة يتبنى صياغتها الجهة المختصة بالتشريع (البرلمان أو الجمعية الوطنية الخ….) فإن التشريعات العادية التي تصدر من الجهة التشريعية قد تكون في كثير من الأحيان قواعد دستورية مثل قانون الانتخابات فهذا القانون لا ينص عليه الدستور إلا أنه يعد مصدراً من مصادر القواعد الدستورية.

لذا فإن التشريع يعني أساساً الوثيقة الدستورية , فضلاً عن القوانين العادية التي تعرض لموضوعات ذات صيغة دستورية لاتصالها بتنظيم السلطات العامة السياسية أو بالحقوق الأساسية للأفراد.

2-القضاء :- مما لاشك فيه أن معظم الأحكام والقرارات القضائية التي تصدر في دولة معينة تؤسس لأحكام ومبادئ عامة ترتبط بتنظيم عمل السلطات العامة كالتشريعية والتنفيذية والقضائية , وبيان الحقوق والحريات العامة , إذ تعد الأحكام والقرارات القضائية مصدراً أساسياً من مصادر القواعد الدستورية , سواء أكان ذلك في مرحلة صياغة الوثيقة الدستورية أو تعديل نصوصها. فهناك شواهد تاريخية على استخدام القضاء كمصدر رئيسي لمعظم القوانين الرومانية والبريطانية , أما في العصر الحديث يعد القاضي أحد مصادر التفسير بالنسبة للقوانين الدستورية الحديثة.

3-العُرف :- إن العُرف كان وما يزال له دور أساسي وفاعل في بناء القواعد الدستورية , وذلك لأن معظم الدساتير القديمة والحديثة تقوم على العُرف بشكل أساسي كما الدستور البريطاني.

رابعاً-أنواع الدساتير :-

توجد عدة طرق لتقسيم الدساتير البعض منها أصبح قليل الأهمية مثل التقسيم إلى دساتير ملكية وجمهورية فقبل عدة عقود من الزمن كان هذا التقسيم يؤخذ به , إذ إن هناك العديد من الملكيات تمارس صلاحيات مهمة إلا أن هذا التقسيم في الدساتير قد تلاشا في نهاية القرن العشرين , أما التقسيم الحديث قائم على التمييز بين الدساتير المدونة وغير المدونة , وكذلك المرنة والجامدة([6] )وسنتناولها تباعاً([7]).

1-الدساتير المدونة ( المكتوبة ) وغير المدونة ( العُرفية ) :-تقسم الدساتير من حيث المصدر إلى دساتير مدونة وغير مدونة,أما الدساتير المدونة ( المكتوبة ) فهي تلك الدساتير المدونة في وثيقة رسمية صادرة عن جهة رسمية مهمتها كتابة الدستور , في حين أن الدساتير غير المدونة ( العرفية ) هي عبارة عن مجموعة أعراف اعتاد عليها المجتمع والسلطة , إذ إن هناك كثيراً من الأعراف تأخذ صفة دستورية ملزمة بالرغم من عدم تدوينها ,لذلك يمكن القول إن هذا التقسيم للدساتير هو نسبي وليس مطلق , حيث إن هناك كثيراً من الدساتير المكتوبة الآن توجد بجانبها أعراف دستورية مثل دستور الولايات المتحدة وفرنسا فإنه قد يكون إلى جانبها بعض التقاليد والممارسات غير المدونة أو غير موثقة , كما أن هناك كثيراً من القواعد الدستورية مصدرها العرف ,لذا يمكن القول إن العرف هو عبارة عن مجموعة من الممارسات يقوم بها الأشخاص ومؤسسات الدولة بشكل مستمرسواء ما يتعلق في علاقة مؤسسات الدولة ببعضها البعض أو في علاقتها مع المواطنين . وللعرف الدستوري ركنان أساسيان هما المادي والمعنوي , أما الركن المادي هو الأخذ بالقاعدة والاستمرار بتطبيقها سواء أكان ذلك من جانب شخصي معين أو مؤسسة من مؤسسات الدولة , لا يكون اعتراض عليها شريطة أن تعبر هذه القاعدة المطبقة عن إرادة العامة وليس إرادة شخصية.

2-الدساتير المرنة والدساتير الجامدة :- تقسم الدساتير من حيث إجراءات تعديلها على نوعين :- دساتير مرنه وأخرى جامدة , فالدساتير المرنة توجد سلطة واحدة لها الحق في تعديلها , إذ لا توجد سلطتان يحصل بينهما اختلاف في تعديل الدستور , لذلك تكون عملية تعديل الدستور سهلة وميسورة , أما الدساتير الجامدة فيتطلب تعديلها إجراءات معقدة ومتعددة ليس من السهل توفرها.

المطلب الثاني :- الحقوق السياسية والاجتماعية

أولاً :-الحقوق السياسية :- إن أغلب دول العالم أكدت في دساتيرها على الحقوق السياسية وكذلك المنظمات الدولية أكدت على ذلك تباعاً , ويقصد بالحقوق السياسية هي الحقوق التي تسمح للأفراد بالمشاركة في الحياة السياسية للتعبير عن السيادة الشعبية من خلال انتخابات عادلة وفقاً للاقتراع العام الذي يعطي فرصة للناخبين بمشاركة أوسع في الحياة السياسية , أيضاً يحق الترشيح للمجالس البرلمانية والمحلية والبلدية بموجب الشروط التي ينتمي إليها قانون كل دولة , وكذلك حق الرأي في الاستفتاءات العامة ومخاطبة السلطات الرسمية من قبل الأفراد([8]). أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فبين الحقوق السياسية في المواد من ( 3-21 ) في المادة الثالثة (لكل فرد حق في الحياة والحرية وسلامة شعبه) , أما المادة السادسة فنصت على أن (لكل إنسان أينما وجد الحق أن يعترف بشخصيته القانونية ) , والمادة السابعة نصت على (الناس كلهم سواسية أمام القانون ) ولهم الحياة بالتمتع بحماية منا كافة دون أي تفرقة , كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يحل بهذا الإعلان , وكذلك أكدت المادة الثامنة على ( أن لكل فرد الحق في اللجوء إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق السياسية التي يمنحها القانون له) , أما المادة العاشرة فقد أكدت على أن (جميع الأشخاص متساوون مع الآخرين في القضايا التي تُنظر أمام المحكمة)([9]).

أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي يتكون من ديباجة و ( 53 ) مادة , فإن المادة (21) منه تنص على أن ( يكون الحق في التجمع العلمي معترف به من قبل الدولة , ولا يجوز أن توضع قيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تُفرض طبقاً للقانون أو التدابير الضرورية لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام([10]).

ثانياً :- الحقوق الاجتماعية :- إن أغلب علماء السياسة وكذلك الاقتصاد يعطون أهمية كبيرة في تعريفاتهم لمفهوم الحقوق الاجتماعية , وبالرغم من ذلك إلا أنه لا يوجد تعريف محدد للحقوق الاجتماعية , فالبحوث الأكاديمية تميز عموماً بين الحقوق الشخصية والحقوق الاجتماعية , لذا فيتغير مفهوم الحقوق الاجتماعية إلى الحقوق التي نصت عليها القوانين والمواثيق وعهود الدساتير الدولية التي عززت التماسك الاجتماعي وضمنت الحد الأدنى للعيش الكريم للإنسان , وهناك من يعرف الحقوق الاجتماعية بأنها الحقوق المصونة التي لا يتعدى عليها أحد والتي تُمنح على أساس المواطنة وليس على أساس الإنتاج , وكذلك عرفت الحقوق الاجتماعية بأنها الإعانات أو المساعدات في مجال الصحة والسكن والعمل والتعليم , والتي ترسم صورة رمزية للدولة([11]) .

أما الدستور الفرنسي الصادر عام 1946م بيَّن أن الحقوق الاجتماعية تتمثل في الحصول على فرص العمل والحق في حماية الأسرة والحق في حماية الصحة والحق في التضامن الوطني([12] ) فالحقوق الاجتماعية تشمل حق المشاركة في حياة المجتمع الثقافية والمساوى في التمتع بالحقوق الاجتماعية والثقافية وبما فيها القضاء على الجهل , وحق رعاية الأسرة ورعايتها([13]) , وبشكل عام فإن الحقوق الاجتماعية لا يمكن فصلها عن الدولة كعنصر فاعل في تحقيقها, كدورها في التعليم والصحة والسكان والتشغيل([14]), لذا يمكن القول بأن الحقوق الاجتماعية هي الحقوق التي أكدتها جميع الكتب السماوية والدساتير والمواثيق والإعلانات الدولية التي تعترف بحق الإنسان وحمايته لكي يرتقي الإنسان إلى أعلى مستويات العيش الكريم.

المبحث الثاني :- الحقوق السياسية والاجتماعية في الدستور العراقي 2005

إن العراق كسائر الدول الديمقراطية الأخرى له نظام سياسي , ولهذا النظام صفات ومميزات , وقد أقرت المادة (61/ أ ) من قانون إدارة الدولة العراقية كتابة مسودة للدستور العراقي في موعد أقصاه 15/8/2005 وقد تبنَّت الجمعية الوطنية العراقية مسودة أو مشروع الدستور العراقي دون التصويت عليه تاركين للشعب الحكم عليه , وقد جرى استفتاء عام بتاريخ 15/10/2005 ودخل الدستور العراقي حيز التنفيذ في 20/5/2006 وحصل على 79% من أصوات الشعب العراقي , إذ يتكون الدستور من 144 مادة مقسمة على ستة أبواب وديباجة , وجاء في الباب الثاني فيه الحقوق والحريات.

المطلب الأول :- الحقوق السياسية في الدستور العراقي 2005

تعد الحقوق السياسية من أقدم أنواع الحقوق التي اهتمت بها الدساتير القديمة ولا تزال تحظى بأهمية كبيرة في الدساتير الحديثة , فهذه الحقوق تُقر للمواطنين فقط من دون الأجانب([15]).

أولاً :- حق المساهمة في الشؤون السياسية :-

نصت المادة ( 20) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 وبشكل صريح على حق المساهمة في الشؤون العامة والحقوق المتنوعة منها بالقول للمواطنين رجالاً ونساءً , حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية , بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح , وكذلك كما أقر الدستور في المادة ( 5 ) بحق المساهمة بالقول ( السيادة للقانون , والشعب مصدر السلطات , وشرعيتها يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية ) . وحفاظاً على الحقوق الواردة في المواد أعلاه يؤكد الدستور على قضية بالغة الأهمية وهي كيفية إسناد السلطة في الدولة , فنصت المادة ( 6 ) منه في أن ( يتم تداول السلطة سلمياً , عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور([16]) ).

أما المادة ( 14 ) من الدستور العراقي فقد أكدت على مبدأ المساواة أمام القانون بالنص ( العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ).

وتعد المادة ( 49 ) في الفقرة الأولى والفقرة الرابعة منها تجسيداً واضحاً بحق المساهمة السياسية بالنسبة للمواطن العراقي , إذ نصت الفقرة الأولى من المادة ( 49 ) على أن ( يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله , يتم انتخابهم بطريقة الاقتراع العام السري المباشر , ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه , وكذلك نصت الفقرة الرابعة من نفس المادة على ( يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من عدد أعضاء مجلس النواب)([17]).

ثانياً :- حق تأسيس الأحزاب السياسية والجمعيات :-

إن حرية تأسيس الأحزاب السياسية هي إحدى ركائز النظام الديمقراطي , فلا يمكن أن يسمى النظام السياسي نظاماً ديمقراطياً من دون وجود الأحزاب السياسية , إذ تأخذ الأحزاب دور الوسيط بين السلطة والمجتمع , وتعد التعددية الحزبية إحدى دعامات الإرادة الشعبية , فإن معظم الدساتير تتضمن إدراج حرية إنشاء الأحزاب السياسية([18]) ومنها الدستور العراقي لعام 2005 قد كفل حرية تأسيس الأحزاب السياسية وأحال موضوع تنظيم تفاصيل حرية تأسيس الأحزاب إلى المشروع العادي , وقد ضمن الدستور العراقي حرية الانضمام إلى الأحزاب السياسية([19]) , إذ نص الدستور العراقي لعام 2005 في المادة ( 39 ) الفقرة الأولى منه على ( حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية أو الانضمام إليها مكفولة , ويُنظم ذلك بقانون ) , أما الفقرة الثانية من نفس المادة أعلاه تنص على ( لا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي حزب أو جمعية أو جهة سياسية , أو إجباره على الاستمرار في العضوية فيها )([20]).

ثالثاً :- حرية التعبير عن الرأي :-

إن حرية التظاهر والتعبير عن الرأي وحرية الصحافة والإعلام والنشر , تعد مقياساً أساسياً للنظم الديمقراطية في العالم , إذ يلاحظ أن أغلب دول العالم المتطورة من الناحية السياسية والاجتماعية وكذلك الاقتصادية تكفل الحريات آنفاً في دساتيرها , فيما يلاحظ أن الدول ذات الأنظمة السياسية المتسلطة والشمولية تمنع هذه الحريات أو تحذفها , ومنها النظام السياسي في العراق قبل عام 2003 , إلا أن الدستور العراقي لعام 2005 قد كفل هذه الحقوق والحريات في مواده , والمادة ( 38 ) من الدستور تنص على الآتي([21]) :-

1-حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.

2-حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.

3-حرية الاجتماع والتظاهر السلمي , وتنظم بقانون.

أما المادة ( 37 ) فقد نصت في الفقرة ثالثاً على ( أن تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني([22] ).

المطلب الثاني :- الحقوق الاجتماعية

إن الدستور العراقي لعام 2005 تضمن الحقوق الاجتماعية من أجل احترام الحقوق والحريات الاجتماعية لا بد أن يتم النص عليها في صلب الدستور , إذ يعد الدستور خير ضامن للحقوق الاجتماعية لأن النص عليها يضمن أيضاً عدم تجاوز سلطة الدولة عليها([23]) , تأكيداً على ما سبق فقد تضمن الدستور العراقي لعام 2005 الحقوق والحريات الاجتماعية والتي سنبينها كالآتي :-

أولاً :- الرعاية الاجتماعية

فقد نصت المادة ( 29 ) أولاً :-

أ-على أن ( الأسرة أساس المجتمع , وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية )

ب-( تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة , وترعى النشئ والشباب , وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم ) وكذلك نصت الفقرة ثانياً من نفس المادة أعلاه على ( أن للأولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم , وللوالدين حق على أولادهم في الاحترام والرعاية , ولاسيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة ) , كما نصت الفقرة ثالثاً من نفس المادة على أن ( يحظى الاستقلال الاقتصادي للأطفال بصوره كافة وتتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة بحمايتهم ) , أما الفقرة الرابعة من نفس المادة تنص على أن ( تمنع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع)([24])

وأكدت المادة ( 30 ) أيضاً على الرعاية الاجتماعية للأفراد , فقد نصت الفقرة الأولى على أن (تكفل الدولة للفرد والأسرة – وبخاصة الطفل والمرأة – الضمان الاجتماعي والصحي , والمعوقات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة , تؤمن لهم الدخل المناسب , والسكن الملائم , أما الفقرة ثانياً من نفس المادة نصت على أن (تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة , وتعمل على وقايتهم من الجهل والحقوق والفاقة , وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم , وينظم ذلك بقانون([25]) ).

ثانياً :- الحقوق الصحية والبيئية :-

تعد العناية بالواقع الصحي والبيئي من أولويات الدول ذات النظم السياسية المتقدمة , فالدستور العراقي أكد في مواده على الحقوق الصحية والبيئية , إذ نصت المادة ( 31 ) من الفقرة الأولى على ( أن لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية , وتعنى الدولة بالصحة العامة , وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف أنواع المستشفيات والمؤسسات الصحية ) , كما نصت الفقرة ثانياً من نفس المادة على أن ( للأفراد والهيئات إنشاء مستشفيات أو مستوصفات أو دور علاج خاصة , وبإشراف من الدولة , وينظم ذلك بقانون )([26]) , أما المادة (32) نصت على أن ( ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة , وتكفل تأهيلهم بغية دمجهم في المجتمع , وينظم ذلك بقانون )([27]) , وكذلك المادة (33) من الدستور العراقي لعام 2005 أكدت على ضرورة توفير ظروف بيئية سليمة , إذ نصت الفقرة الأولى منها على أن ( لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة ) وكذلك الفقرة الثانية من نفس المادة نصت على أن ( تكفل الدولة حماية البيئة والتنوع الإحيائي والحفاظ عليهما)([28]).

ثالثاً :- الحقوق التعليمية والثقافية :-

يعد حق التعليم ورعاية المؤسسات الثقافية من الحقوق الأساسية التي أكدت عليها المواثيق والدساتير الدولية,ومنها الدستور العراقي لعام 2005 فقد نصت المادة ( 34 ) في الفقرة الأولى على أن ( التعليم عامل أساس لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة , وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية , وتكفل الدولة مكافحة الأمية ), أما الفقرة الثانية من نفس المادة أعلاه نصت على ( إن التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله),وكذلك الفقرة ثالثاً تنص على أن ( تشجع الدولة البحث العلمي للأغراض السلمية بما يخدم الإنسانية,وترعى التفوق والإبداع والابتكار ومختلف مظاهر النبوغ ) , أما الفقرة الرابعة من المادة (34) تنص على أن ( التعليم الخاص والأهلي مكفول , وينظم بقانون )([29]). كما نصت المادة (35) على أن ( ترعى الدولة النشاطات والمؤسسات الثقافية بما يتناسب مع تاريخ العراق الحضاري والثقافي وتحرص على اعتماد توجهات ثقافية عراقية أصيلة )([30]) , وكذلك المادة (36) نصت على أن ( ممارسة الرياضة حق لكل عراقي , وعلى الدولة تشجيع أنشطتها ورعايتها , وتوفير مستلزماتها )([31]).

رابعاً :- حق العمل والملكية :-

يعد تأمين حق العمل وحماية الملكية من أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لضمان مستوى معيشي لائق للفرد , ولتوفير فرص متكافئة للجميع , وحق العمل يعني الحق في المشاركة في إنتاج وخدمة أنشطة المجتمع الإنساني([32]) , فقد أكدت أغلبية دساتير العالم ومنها الدستور العراقي لعام 2005 على هذا الحق , إذ نصت المادة (22) من الدستور العراقي لعام 2005 في الفقرة الأولى منها على ( أن العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة ) , أما الفقرة الثانية منها فقد نصت على أن ( ينظم بقانون , العلاقة بين العمال وأصحاب العمل على أسس اقتصادية , مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية , وكذلك الفقرة الثالثة من نفس المادة على أن (تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية , أو الانضمام إليها , وينظم ذلك بقانون )([33]) , أما حق الملكية وضرورة حمايتها من قبل الدولة أكدت عليها المادة ( 23 ) من الدستور بالنص على أن ( الملكية الخاصة مصونه , ويحق للمالك الانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها , في حدود القانون , وكذلك الفقرة ثانياً من نفس المادة أعلاه تنص على أن ( لا يجوز نزع الملكية إلا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل , وينظم ذلك بقانون ) , أما الفقرة الثالثة من نفس المادة :-

أ-على أن ( للعراقي الحق في التملك في أي مكان في العراق , ولا يجوز لغيره تملك غير المنقول , إلا ما استثني بقانون .

ب-يحظر التملك لأغراض التغير السكاني ([34]) , والمادة ( 24 ) من الدستور تنص على أن ( تكفل الدولة حرية الانتقال للأيدي العاملة والبضائع ورؤوس الأموال العراقية بين الأقاليم والمحافظات , وينظم ذلك بقانون ) .

خامساً :- الحرية الدينية :-

تعني اعتناق الفرد ما يؤمن به , وممارسة شعائره الدينية الخاصة به , دون أن يتعدى على الآخرين , وتعد الحقوق الدينية من أساسيات الحقوق الاجتماعية التي نص عليها الدستور العراقي لعام 2005 , إذ جاءت المادة (42) من الدستور على أن ( لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة )([35]) , أما المادة ( 43 ) نصت في الفقرة الأولى منها :-

أ-إتباع كل دين أو مذهب أحرار في ممارسة الشعائر الدينية , بما فيها الشعائر الحسينية.

ب-إدارة الأوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية , وينظم ذلك بقانون , أما الفقرة الثانية منها فقد نصت على أن (تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها)([36]).

المبحث الثالث :- واقع الحقوق السياسية والاجتماعية في العراق وفق دستور العام 2005

إن النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 تأسس على الديمقراطية التوافقية المتمثلة بصراع الأحزاب والكتل السياسية فيما بينها التي انعكست سلباً على الواقع السياسي والاجتماعي في العراق , إذ بالرغم من تأكيد الدستور العراقي على الحقوق السياسية والاجتماعية فهو يعد الدستور الأول منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 الذي أكد على هذه الحقوق وبشكل صريح مقارنتاً بالدساتير السابقة , إلا أن الواقع السياسي والاجتماعي في العراق قد ثبت عكس ذلك , وهذا ما نبينه في هذا المبحث :-

المطلب الأول :- واقع الحقوق السياسية في العراق

إن حق المساهمة ( المشاركة السياسية ) , تعد من أهم الحقوق السياسية , إذ شهد العراق بعد عام 2003 مشاركة سياسية ( شعبية ) , مما ولد الرغبة في أن يكون للمواطن صوت في العملية السياسية , إذ بالرغم من تأكيد الدستور العراقي على حق المشاركة السياسية إلا أن الواقع أثبت أنها لم تكن بالمستوى المطلوب , فقد شهدت العملية الديمقراطية الانتخابية العام 2005 إلى هذه اللحظة تراوح نسبة المشاركة للمواطنين ما بين الزيادة والنقصان , إذ إن العملية الديمقراطية في العراق بقيت ولمدة طويلة منذ إقرار الدستور لعام 2005 تفتقر إلى وجود قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات([37]) , إذ لم تعكس الانتخابات التشريعية لعام 2005 الصورة الحقيقية للمجتمع العراقي بغياب المكون النسبي منها , أما انتخابات العام 2010 بالرغم من المشاركة الكبيرة فيها والتي بلغت 62% من الناخبين إلا أنها شهدت أيضاً تطبيقاً حقيقياً لإرادة الجماهير العراقية من خلال إقصاء الكثير من الشخصيات السياسية التي تستمتع بشعبية كبيرة , أما انتخابات 2018 فقد شهدت غياب الإرادة الشعبية العراقية وبشكل شبه تام , إذ بلغت نسبة المشاركة فيها 42% , فبالرغم من أن هذه النسبة مقبولة قانونياً إلا أنها مرفوضة شعبياً , فبالإضافة إلى تشكيك الكثير من المختصين بالشأن الانتخابي بنتائجها([38]) إضافة إلى ذلك يمكن بيان الأسباب التي أدت إلى ضعف المشاركة في الانتخابات التشريعية بعد عام 2003 إلى([39]):-

1-غياب الرؤى الصحيحة عند الكتل السياسية والأحزاب في إدارة العملية السياسية في العراق بعد عام 2003.

2-لم يكن هناك دور للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في صياغة القوانين الانتخابية الفعاله , مما أدى إلى صعوبة تفعيلها.

3-تأخير سن قانون الأحزاب السياسية المنظمة للعملية الانتخابية , مما ولد ضعف أداء العملية السياسية بشكل عام , والانتخابية بشكل خاص.

4-قيام الكيانات السياسية بتقديم مرشحين غير مؤهلين من ناحية قانونية , مما يمكن تسميتها (بالتزوير الانتخابي).

5-تشكيل مفوضية انتخابات على أساس طائفي وعرقي , مما أدى إلى ضعف ثقة الناخب بالمفوضيه.

6-إن التجربة الانتخابية في العراق بعد عام 2003 تعد تجربة حديثة , لذا يحتاج الناخب إلى تثقيف انتخابي مكثف , إلا أن ما يلاحظ ضعف دور الكيانات السياسية في هذا المجال.

7-ضعف الدور الأمني وحظر التجوال.

أما التداول السلمي للسلطة يشكل ضرورة في البلدان التي تتبنى العمل في مبدأ الديمقراطية والتعددية الحزبية,إذ لا يمكن أن تكون هناك تعددية حزبية وهي أساس النظام الديمقراطي في ظل احتكار السلطة , فيما يخص الواقع العراقي يعد عام 2003 فقد أكد الدستور العراقي لعام 2005 في المادة (61) منه على التداول السلمي للسلطة عبر الوسائل الديمقراطية , ولكن هذا لم يكن سوى حبر على ورق , فقد شهد الواقع العراقي ظهور ظاهرتي التناحر والتخوين ما بين الأحزاب السياسية , وقد أدى هذا التناحر والتخوين ما بين الأحزاب إلى حد التصفيات الجسدية , وكذلك عدم وجود معارضة سياسية فعالة([40]).

لذا أصبحت عملية التداول السلمي للسلطة في العراق مطلباً صعب المنال بسبب تمسك بعض القوى السياسية بالسلطة وتفضيلهم مصالحهم الخاصة على مصالح الشعب , وعدم إتاحة الفرصة للقوى السياسية الأخرى إلا بشكل شكلي بالرغم من وجود انتخابات ديمقراطية , فقد تم التشكيك بنزاهة هذه الانتخابات عدة مرات .

كذلك يستهدف الدستور العراقي حق المرأة , إذ جاء في (ف4م49) على أن ( يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من عدد أعضاء مجلس النواب ) إلا أن هذا النص بحسب بعض المختصين يتناقض مع ما ورد في المادة (14) من الدستور التي تنص على أن ( العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ) فكيف تم الأخذ بمبدأ المساواة ثم التمييز بين المواطنين ليبت المرأة موطنة ولها الحق في المساهمة في الحياة السياسية , وعليه كان من الأفضل ترك تقدير حجم شراكة المرأة وحجمها في مجلس النواب للشعب([41]). أما فيما يتعلق بالأقليات بالرغم من تأكيد الدستور العراقي على حقوقهم السياسية إذ نصت المادة (49ف1) على أن يراعي مجلس النواب تمثيل سائر مكونات الشعب فيه , فبالرغم من إعطاء حصة للأقليات في مقاعد البرلمان إلا أن دورهم في البرلمان كان دوراً شكلياً. إذ لم يكن لهم دور فعال للمشاركة في صياغة السياسة العامة للبلد بسبب هيمنة الكتل الكبرى السياسية على مناصب الدولة , إضافة إلى ذلك أن مقاعد الأقليات في البرلمان لا تتناسب مع نفوسهم. على سبيل المثال أن نفوس الأيزيديين في العراق بلغت الخمسمائة ألف نسمة , إلا أن حصتهم في البرلمان العراقي مقعد واحد([42]), وهذا ينافي ما أكدت عليه المادة (49) في الفقرة الأولى من الدستور العراقي.

تعد حرية تكوين الأحزاب السياسية إحدى الأسس التي ترتكز عليه سائر الحريات الفردية والجماعية الأخرى لكونها من أهم الحريات السياسية ؛ إذ أصبحت ضمانة مهمة لسائر الحريات الأخرى , حيث تقوم الأحزاب السياسية في المجمعات والنظم الديمقراطية بتعزيز دعامة حرية الرأي والتعبير بكل الوسائل , وحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات وحرية التعبير([43]) ومنها الدستور العراقي لعام 2005 , إذ جاء في المادة (38-39) منه تأكيد على حرية التعبير بكل الوسائل وحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات , أما من ناحية واقعة إلى الآن لم يشرع قانون بتنظيم حرية التعبير والتظاهر السلمي , حيث لم ينجح البرلمان العراقي بمختلف دوراته في تشريع وتمرير هذا القانون الذي شهد نقاشات حادة على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية , إذ بقيت مسودة قانون حرية التعبير والتجمع التي كان لمنظمات المجتمع المدني دور كبير في دراستها وتنضيجها في خانة مجلس النواب , وبقيت المادة (38) من الدستور بلا قانون خاص بتنظيمها ونفاذها , إضافةً إلى ذلك أن الدستور العراقي لعام 2005 قد قيَّد حرية التظاهر السلمي بقيدين مرنين وهما الآداب العامة والنظام العام , حسب نص المادة (38) منه , والمتعارف أن مثل هذين القيدين أساساً لمقتل الحقين المذكورين , حيث يمكن أن تقوم السلطة التنفيذية باستغلالهما من أجل تعطيل حرية التظاهر السلمي والاجتماعي وحرية التعبير , وذلك من خلال الإدعاء بأن التظاهرات الأخيرة التي شهدها العراق قد تجاوزت الآداب العامة([44]) , ويمكن القول إن التظاهرات الأخيرة التي شهدها العراق هي خير دليل على ذلك. أما فيما يخص حرية تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات التي نص عليها الدستور العراقي لعام 2005 في المادة (39) الفقرة أولاً على ( حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية , أو الانضمام إليها , مكفول , وينظم ذلك بقانون ) , إلا أن قانون الأحزاب شهد تأخراً في إصداره مما أدى إلى فوضى في عمل الأحزاب السياسية , إذ شهدت الساحة السياسية تناحراً كبيراً ما بين الأحزاب العامة لسوء تنظيمها , وكثرة أعدادها , إذ تستهدف الانتخابات دخول الكثير من الأحزاب السياسية فيها رغم عدم امتلاكها للشروط الواجبة في تأسيس الحزب , وهذا ما أثر سلباً على واقع البيئة السياسية والاجتماعية([45]).

وبعد عشر سنوات من إقرار الدستور العراقي صدر قانون الأحزاب السياسية وحمل الرقم (36) لسنة 2015 أما فيما يخص الجمعيات في العراق بالرغم من الدور الإيجابي الذي قامت به هذه الجمعيات في عدة نواحي سواء كانت سياسية أو اجتماعية , إلا أنها شهدت بعض المعرقلات([46]) أثرت على حرية عملها سلباً , ويمكن إدراج هذه المعوقات بالآتي :-

1-تضييق مساحة عمل منظمات المجتمع المدني من قبل السلطات , وضعف التشريعات الخاصة في عملها , مما أدى إلى ضعف في فاعليتها.

2-سوء الأوضاع الأمنية أدى إلى الانعدام الشبه التام لنشاطاتها.

3-من المعوقات التي تواجه منظمات المجتمع المدني هي عملية تسجيلها , إذ إن دائرة تسجيل هذه المنظمات هي دائرة المنظمات غير الحكومية التابعة لأمانة مجلس الوزراء , وليست تابعة لوزارة شؤون المجتمع المدني , إذ كانت تابعة لوزارة التخطيط في بدايتها , وكانت عملية التسجيل سهلة , إذ بالرغم من صدور قانون المنظمات غير الحكومية من أمانة مجلس الوزراء عام 2010 إلا أن التعليمات لا تزال غير مقرة بشكلها النهائي في هذه الدائرة , وبهذا فإن عملية تسجيل منظمات المجتمع المدني يعيق من فاعليتها.

4-ومن المعوقات الأخرى لمنظمات المجتمع المدني تتمثل بصعوبة الانتقال بشرائح المجتمع العراقي من شرائح قبلية إلى شرائح مدنية , إذ إن الولاء للقبيلة أو العشيرة أدى إلى عدم انخراط الكثير من المواطنين إلى منظمات المجتمع المدني.

5-نقص الخدمات والتوزيع غير العادل للدخل , وارتفاع معدلات البطالة والفقر أدى إلى غياب الطبقة الوسطى في المجتمع , إذ شعرت الكثير من الفئات للتهميش والإقصاء , هذا من جانب , ومن جانب آخر غياب الدعم الحكومي للقطاع الخاص مما انعكس سلباً على عمل وبقاء منظمات المجتمع المدني.

المطلب الثاني :- واقع الحقوق الاجتماعية في العراق

إن الحقوق الاجتماعية هي من أهم الحقوق للأفراد لكونها لصيقة بالفرد منذ ولادته , لذا فإن أغلب دساتير دول العالم ذات النظام الديمقراطي قد أكدت عليها , ومنها الدستور العراقي لعام 2005 , إذ بالرغم من تأكيد الدستور عليها بيد أن الملاحظ هناك فجوة كبيرة ما بين نص الدستور وواقع العراق بعد عام 2005 , إذ أكد في المادة (29-30) على حق الأسرة , كما حقوق المرأة والطفل والشيخوخة وغيرها من الحقوق المرتبطة , فإن الدستور العراقي بتأكيده على هذه الحقوق قد واكب دساتير دول العالم ذات النظم الديمقراطية , إلا أن الواقع المرير قد كشف عكس ذلك , إذ يلاحَظ في المواد (30-39) أنها لم تبين الأساليب التي يجب اعتمادها في حماية حقوق الطفل والمرأة والشيخوخة , إذ لم توعز على سن قوانين أو تحديد الجهات المسؤولة لحماية هذه الحقوق([47]) إذ إن الأحداث التي مرَّ بها العراق بعد عام 2003 أدت إلى مقتل الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ , ويرجع سبب ذلك إلى عدم إمكانية الدولة في توفير الحماية اللازمة للأسرة , وكذلك سوء الأوضاع الاقتصادية أدت إلى انهيار المنظومة الأسرية , فقد أرسل الآباء أبناءهم إلى العمل , مما أدى إلى زيادة نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية , ونقص الرعاية الصحية , والتسرب من التعليم , إضافةً إلى ذلك فإن عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بهذه الشريحة ( الأطفال ) أدى إلى استغلالهم من قبل الجماعات الإرهابية([48]) , أما فيما يتعلق بحق المرأة والشيخوخة , على الرغم من ما أكده الدستور من حقوق للمرأة في العديد من مواده , إلا أن نسبة كبيرة من النساء حرمن من فرص التعليم والعمل وذلك بسبب سوء الأوضاع الأمنية , إضافةً إلى ذلك فإن المجتمع العراقي تغلب على صفة القبلية , فقد عانت الكثير من النساء ظلماً وتهميشاً بسبب التعصب القبلي , وكذلك عدم وجود قوانين فاعله للحد من انتهاك حقوق المرأة , وعلى الرغم من تأكيد الدستور العراقي على حقوق كبار السن , وضرورة رعايتهم إلا أن الحكومات المتعافية لم تهتم بشكل فعال بهذه الشريحة من المجتمع([49]) .

أما ما يخص الواقع الصحي والبيئي , بالرغم من تأكيد الدستور على الحقوق الصحية والبيئية في العديد من مواده ولاسيما في مواده ( 31-32-33 ) , إلا أن نظام الرعاية الصحية في العراق يعاني من عجز كبير في التمويل , انعكس بشكل سلبي على طبيعة الخدمات المقدمة من قبل الدولة وشحتها وعدم كفايتها , إذ تميزت أغلب مستشفيات العراق لاستقبالها لأعداد من المرضى يفوق طاقاتها الاستيعابية , ويرجع سبب ذلك إلى قلة الإنفاق الحكومي , إذ بلغت نسبة الإنفاق على القطاع الصحي في العراق 49% من مجموع الإنفاق الحكومي وهي نسبة غير كافية مقارنةً مع توصيات الصحة العالمية([50]) . إن أغلب مستشفيات العراق والمراكز الصحية في الأقضية والنواحي , وكذلك القرى امتازت بقلة توفير المستلزمات الطبية , وبسبب ضعف الرقابة الصحية من قبل الحكومات المتعاقبة أدى ذلك إلى توجه الأفراد إلى العيادات الخارجية , وإن أغلب هذه العيادات امتازت بارتفاع أجورها , في حين أن اغلب أفراد المجتمع العراقي يعانون من قلة الدخل , وانعكس ذلك سلباً عليهم,وتعد من الأسباب الأخرى تردي الواقع الصحي في العراق , وعدم توفير الحماية الأمنية اللازمة للأطباء فقد شهد العراق بعد عام 2003 مقتل واختطاف الكثير من الأطباء مما أدى إلى هجرة نسبة كبيرة منهم إلى خارج العراق , وهذا بدوره أدى إلى تردي الخدمات الصحية في العراق([51]).

أما ما يتعلق بالواقع البيئي العراقي فبعد أن كانت أرض العراق تسمى ( أرض السواد ) لشدة خضرتها باتت هذه الأرض اليوم تعاني من اتساع المناطق الصحراوية , وباتت العاصمة بغداد وأغلب المدن العراقية تعاني من إهمال كبير , فقد ارتفعت معدلات التلوث في البيئة العراقية بسبب الانتشار الكبير لمصادر حرق الوقود وعوادم السيارات ومولدات الطاقة الكهربائية , من الأسباب الأخرى التي أدت إلى زيادة تلوث البيئة العراقية هي كثرة الحروب والسيارات المفخخة , دون وضع الحكومات المتعاقبة حداً لسياسة عامة ناجعة لمعالجة الواقع البيئي المتردي في العراق([52]) .

أما فيما يخص الواقع التعليمي في العراق , بالرغم من تأكيد الدستور عليه في المادة (34) , إلا أن الواقع شهد عدة تحديات , إذ بالرغم من تأكيد الفقرة الأولى من المادة أعلاه على إلزامية التعليم في المرحلة الابتدائية ومكافحة الأمية , إلا أن الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 لم تبذل جهوداً كافية فيما أكده الدستور , فالتعليم الابتدائي شهد انخفاضاً كبيراً في عدد الطلبة ولعدة أسباب منها ( تسرب التلاميذ , انشغال الأطفال بأعمال أخرى وتركهم المقاعد الدراسية لسوء أوضاعهم الاقتصادية , وقلة المدارس الابتدائية , وعدم تهيئة المدارس بشكل يتوافق مع الجو الدراسي([53]) .

أما فيما يتعلق بمكافحة الأمية فإن الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 قد بذلت جهوداً لمكافحتها , ولا يمكن أن يُنكر هذا الدور إلا أنه لم يكن بالمستوى المطلوب , فقد بلغ نسبة الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة الأمية بحوالي (6) مليون شخص , وهذه النسبة تعد مشكلة كبيرة لم يتم حلها من قبل الحكومات بشكل مقبول أو مرضي , إذ بسبب ضعف السياسات العامة للحكومات المتعاقبة تسرب الكثير من مراكز محو الأمية , أما فيما يخص التعليم المجاني الذي أكدت عليه المادة أعلاه في الفقرة الثالثة منها , إلا أنه لم يكن بالمستوى المطلوب أيضاً , إذ شهد العراق بعد عام 2003 هجرة الكفاءة التعليمية بسبب سوء الأوضاع الأمنية([54]) , إضافةً إلى ذلك فإن هناك نقصاً حاداً في المستلزمات المادية من أجهزة ومعدات ومختبرات وكتب ومصادر , وغياب الرؤى الإستراتيجية للقيادات المتعاقبة على إدارة التعليم([55]).

أما فيما يخص التعليم الأهلي بالرغم من كفالة الدستور له , إلا أنه لم يكن بالمستوى المطلوب ولأسباب عدة منها ( قلة وجود الكفاءة فيه , وتركيزه على الجانب المالي إذ إنه لم يهتم بالنوع , فقد اهتمت الكثير من الكليات الأهلية بالكم , وكثير من الكليات الأهلية لم تمتلك أبنية مملوكة لها , وعدم الاستقرار في سياسة قبول الطلبة في الكثير من الجامعات والكليات الأهلية سنوياً([56]) ).أما الواقع الرياضي في العراق , يعد إحدى المشكلات العامة في العراق , فبالرغم من تأكيد الدستور على رعاية النشاطات الرياضية وتوفير مستلزماتها , إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تبذل جهوداً كبيرة في رعاية هذه الأنشطة الرياضية , فبعد عام 2003 شهدت الرياضة العراقية إقبالاً واسعاً من قبل الشباب , إلا أن الحكومات المتعاقبة لم توفر الأرضية المناسبة لتطوير الواقع الرياضي , منها قلة وجود الملاعب الكافية , وقلة وجود المراكز الثقافية الرياضية , إضافةً إلى سوء الأوضاع الأمنية , أدت إلى عرقلة سير العملية الرياضية في العراق([57]).

أما فيما يتعلق بالحقوق والحريات الدينية في العراق والتي أكد عليها الدستور , والتي تبنتها الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 , إلا أن العنف الذي قام به الإرهابيون والمتطرفن والعصابات الإجرامية فرض قيوداً على ممارسة الحريات الدينية , وشكَّل تهديداً كبيراً للأقليات الدينية في العراق , وكذلك الأزمة الطائفية التي شهدها العراق بما في ذلك الهجمات المتكررة على رجال الدين ودور العبادة , مما حجَّم قدرة الأفراد على ممارسة شعائرهم الدينية , فقد شهد العراق عام 2014 الانتكاسة الكبيرة للحريات الدينية في العراق من خلال احتلال تنظيم داعش الإرهابي العديد من محافظات العراق , فقد قام هذا التنظيم بعمليات القتل والسبي والتهجير على أساس ديني , فقد ذكرت المفوضية العليا للاجئين أن حوالي مليون ونصف المليون عراقي من الأقليات الدينية قد فرُّوا خارج العراق بسبب بطش تنظيم داعش الإرهابي لهم , وأن حوالي (2) مليون عراقي نزحوا من منطقة إلى أخرى داخل العراق , وتقدر نسبة النازحين من الشيعة حوالي 59% في المناطق التي احتلَّها داعش الإرهابي([58]).

الخاتمة :-

من خلال ما تقدم يمكن القول إن الدستور العراقي لعام 2005 تضمن الحقوق والحريات السياسية بشكل واضح وصريح , وفي هذا يعد الدستور العراقي لعام 2005 مواكباً للمواثيق والإعلانات الدولية ودساتير العالم للدول المتقدمة التي أكدت على الحقوق والحريات السياسية والاجتماعية , إلا أن الوضع الذي شهده العراق بعد عام 2003 من أزمات داخلية وخارجية وحداثة العملية الديمقراطية وانقسامات طائفية وعرقية على مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية , أحدثت فجوة كبيرة مابين نص الدستور المؤكد على الحقوق السياسية والاجتماعية والواقع العملي لهذه الحقوق , مما تقدم نستنتج ما يلي :-

1-يعد الدستور العراقي لعام 2005 من أهم الدساتير في تاريخ الدولة العراقية , والذي أكد على الحقوق السياسية والاجتماعية.

2-اكتنف الدستور العراقي لعام 2005 بعض النقص والقصور فيما يتعلق بالحقوق والحريات السياسية والاجتماعية , إذ إن الكثير من نصوصه جاءت عامة وغير محددة.

3-إن سوء الأوضاع الأمنية التي شهدها العراق بعد عام 2003 , تعد المعوق الأكبر في تطبيق المواد الدستورية المتعلقة بالحقوق السياسية والاجتماعية.

4-ضعف الروح الوطنية لدى أصحاب القرار السياسي , انعكس سلباً على تطبيق الحقوق السياسية والاجتماعية.

5-ضعف الثقافة السياسية على المستويين السياسي والاجتماعي , أدى إلى تطبيق الحقوق السياسية والاجتماعية الواردة في الدستور العراقي لعام 2005.

6-إن الفترة التي أُصيغ فيها الدستور العراقي لعام 2005 هي فترة حرجة , إضافةً إلى غياب الوعي السياسي لدى أغلب المشرعين لهذا الدستور , مما أدى إلى عرقلة سير العملية الديمقراطية في العراق.

التوصيات :-

1-على المشرع العراقي أن يعيد النظر في صياغة بعض مواد الدستور المتعلقة بالحقوق السياسية والاجتماعية.

2-إنشاء مؤسسات ومراكز تُعنى بالوعي السياسي والاجتماعي لدى المواطن العراقي.

3-وضع سياسة عامة مناسبة للنهوض بالواقع التربوي والتعليمي والصحي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

  1. قائمة المراجع

    )) سجى الجمل , النظام الدستوري في الكويت , مع مقدمة في دراسة المبادئ الدستورية العامة , مطبوعات جامعة الكويت , 1971 , ص61.

  2. ()أيرك برندت , ترجمة الدكتور محمد ثامر , مدخل للقانون الدستوري , مكتبة السنهوري , منشورات زين الحقوقية , بيروت , 2012 , ص17.
  3. ()د. عبدالعزيز نعيم , أصول الأحكام الشرعية ومبادئ علم الأنظمة , دار الآفاق للطباعة والنشر , مصر , 2001 , 182.
  4. ()طه حميد حسن , النظم السياسية والدستورية المعاصرة , رسمها وتطبيقاتها , مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية , بغداد 2013 , ص50.
  5. ()طه حميد حسن , النظم السياية والدستورية المعاصرة , أسسها ومكوناتها وتصنيفاتها , مصدر سبق ذكره , ص52 , وكذلك صبحي عودة محمد العادلي , مصادر الدستور في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي , دراسة مقارنة , مجلة رسالة الحقوق , جامعة كربلاء , العدد 2 , 2004 , ص22.
  6. () أيرك برندت , ترجمة محمد ثامر , مدخل القانون الدستوري , مصدر سبق ذكره , ص29.
  7. ()طه حميد حسن , مصطلحات سياسية ( الدستور والدستورية والدولة ) , المجلة السياسية والدولية , الجامعة المستنصرية , العددان 31,32,2016 , ص3.
  8. ()ياسر العلوي , معجم المصطلحات السياسية , معهد البحرين للتنمية السياسية , البحرين , 2014 , ص35.
  9. ()يُنظر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المتاح على الموقع الإلكتروني www.uh.orh.
  10. ()يُنظر المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتاح على الموقع الإلكتروني www.refworld.org.
  11. (4)مهدي الشيباني , الحقوق الاجتماعية بين الدولة والمواطن في المجتمعات المعاصرة , جامعة الزيتونة , ليبيا , 2012 , ص9-10.
  12. ()الدستور الفرنسي الصادر عام 1946.
  13. ()رياض عزيز هادي , حقوق الإنسان ( تطورها – مضامينها – حمايتها ) , شركة العاتك لصناعة الكتاب , بيروت , 2007 , ص71.
  14. ))مهدي الشيباني , الحقوق الاجتماعية بين الدولة والمواطن في المجتمعات المعاصرة , مصدر سبق ذكره , ص11.
  15. )) فاطمة الزهراء البتول , عبدالواحد خميس السامرائي , موقد في الدساتير العراقية من الحقوق المدنية والسياسية , مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية / العدد 4 , 2018 , ص15.
  16. ()يُنظر المادة ( 5 ) والمادة ( 20 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  17. ()يُنظر المادة ( 4 ) أو المادة ( 49 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  18. ()غني حقير عطيه , ميسون طه حسين , قانون الأحزاب السياسية العراقي في ميزان الدستوريه ( دراسة تحليلية ) مجلة كلية الدراسات الإنسانية , جامعة الكفيل , العدد السادس , 2016 , ص213
  19. () زياد خلف نزال , الأحزاب السياسية وأثرها على النظام السياسي في العراق ( دراسة في الحريات والحقوق ) , مجلة تكريت للعلوم السياسية , جامعة تكريت , العدد ( 2 ) , 2015 , ص197.
  20. ))يُنظر المادة ( 39 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  21. ()المادة ( 38 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  22. ()المادة ( 37 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  23. ()رسن حميد رشيد , الضمانات الدستورية للحقوق والحريات في الدستور العراقي لعام 2005 , مجلة جامعة بابل , جامعة بابل , العدد ( 3 ) , 2013 , ص4.
  24. ()يُنظر المادة ( 29 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  25. ()يُنظر المادة ( 30 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  26. ()يُنظر المادة ( 31 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  27. ))يُنظر المادة ( 32 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  28. () يُنظر المادة ( 33 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  29. )) يُنظر المادة ( 34 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  30. ))يُنظر المادة ( 35 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  31. ))يُنظر المادة ( 36 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  32. ()الحق في العمل , متاح على الشبكة العالمية , الانترنيت على الموقع التالي are.m.wikipedia.org
  33. ()يُنظر المادة ( 22 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  34. ))يُنظر المادة ( 34 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  35. ()يُنظر المادة ( 42 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  36. ))يُنظر المادة ( 43 ) من الدستور العراقي لعام 2005.
  37. ()ياسين البتلاوي , الانتخابات العراقية رؤية تقويمية , مجلة العلوم السياسية , جامعة بغداد , العدد 41 , 2010 , ص403.
  38. ))منى جلال عواد , النظم الانتخابية البرلمانية المعتمدة في العراق بعد عام 2003 , مجلة آداب الفراهيدي , جامعة تكريت , العدد 19 , 2019 , ص10-14.
  39. ()غسان السعد , دور الكيانات السياسية في العملية الانتخابية ( انتخابات مجلس النواب العراقي عام 2010 أنموذجا ) , مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية , العدد 35 , 2011 , ص28-32.
  40. ()فوزي حسين سلمان , مبدأ التداول السلمي للسلطة وآفاق تطبيقه في العراق , مجلة جامعة تكريت للحقوق , جامعة تكريت , العددان 2 -190 , 2013 , ص49.
  41. ()سحر كمال خليل , الحقوق السياسية في الدساتير العراقية , دراسة مقارنة لدستوري 1970-2005 , مجلة القضايا السياسية , جامعة النهرين , العدد1,2012 , ص20.
  42. ))سعد محمد حسن , الدور السياسي للأقليات في العراق بعد عام 2003 ( دراسة حالة التركمان ) مجلة الدراسات الدولية , تصدر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية , جامعة بغداد , العدد 76 , 2019 , ص249.
  43. ))غانم عبد دهش , المبادئ المؤسسة لحرية تكوين الأحزاب السياسية ( دراسة مقارنة ) , مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية , جامعة القادسية , العدد 4 , 2018 , ص3-4.
  44. ))حيدر عبدالنبي طولي , التنظيم القانوني لحرية التظاهر السلمي في العراق ( دراسة قانونية مقارنة ) , مجلة جامعة الأنبار للعلوم القانونية والسياسية,جامعة الانبار , العدد 16 , 274-275.
  45. ))بدرية صالح عبدالله , قانون الأحزاب السياسية في العراق , المجلة السياسية والدولية , الجامعة المستنصرية , العددان 35-36 , 2017 , ص963.
  46. ))حازم صباح حميد , سمية ادهام كاظم , منظمات المجتمع المدني في العراق ( دراسة لمقررات ومعوقات العمل ) , مجلة آداب الفراهيدي , جامعة تكريت , العدد 37 , 2019 , ص457 -459.
  47. ))مها بهجت يونس , الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الدستور العراقي لسنة 2005 , مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية , جامعة الكوفة , العدد1 , لسنة 2017 , ص120.
  48. )) عبير نجم عبدالله , حقوق الطفل في ظل الأزمات المجتمعية , مجلة البحوث التربوية النفسية , جامعة بغداد , العدد133 , 2012 , ص212.
  49. ()إنعام عبدالرضاسلطان , حقوق المرأة في الدستور العراقي , مجلة كلية التربية الأساسية , الجامعة المستنصرية , العدد86 , 2015 , ص429-430.
  50. ))سالم عبدالحسنرسن , مها كريم علي , الإنفاق الحكومي ودوره في تحقيق الأهداف الإنمائية للصحة في العراق , مجلة القادسية للعلوم الإدارية والاقتصادية , جامعة القادسية , العدد3 , 2015 , ص104.
  51. ))صباح صاحب المنسوقي , تمويل الخدمات الصحية العامة في العراق ( دراسة تحليلية للسنوات 2002-2014 ) , مجلة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية , الجامعة المستنصرية , العدد15 , 2018 , ص184-185.
  52. )) عبده جميل المخلاقي , التلوث البيئي – موت بطيء يهدد حياة العراقيين , متاح على الانترنيت على الموقع الالكتروني WWW.DW.COM
  53. ))محمد عباس نور الدين , التنشئة الاجتماعية للطفل , سلسلة المعرفة للجميع , العدد 1 , 1998 , ص40.
  54. ))مثال عبدالله العزاوي , الأمية والفقر ( إشكاليات وحلول ) , دراسة ميدانية في المجتمع العراقي , مجلة العلوم النفسية , وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , العدد3 , 2019 , ص120.
  55. ()أحمد عبدالرزاق سلمان , إصلاح التعليم العالي في العراق , مجلة جامعة الأنبار للعلوم الاقتصادية والإدارية , جامعة الأنبار , العدد13 , 2015 , ص283.
  56. ))أركان سعيد خطاب , التعليم الجامعي الأهلي ( واقعه ودوره وسبل النهوض به ) , مجلة البحوث التربوية والنفسية , جامعة بغداد , العدد55 , 2017 , ص204-205.
  57. ))خالد القره غولي , الرياضة في العراق اليوم جزء من المشكلة العامة , متاح على الانترنيت على الموقع التالي www.sotaliraq.com
  58. ))تقرير مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن واقع الحريات الدينية في العراق بعد عام 2013 , متاح على الانترنيت على الموقع الالكتروني iq.usembassy.gov