الاجتهاد الفقهي عند الشناقطة بين القبول والرفض

الدكتور أحمد الافرم سيدي عال1

1 دكتور وباحث في الفقه وأصول الشريعة، موريتانيا.

بريد الكتروني: ahmedlafram2015@gmail.com

معرف الأوركيد 0000-0002-7948-2887

HNSJ, 2022, 3(4); https://doi.org/10.53796/hnsj3423

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/04/2022م تاريخ القبول: 22/03/2022م

المستخلص

إن الدارس للتراث النوازلي الفقهي الشنقيطي يدرك بجلاء مدى التبحر والموسوعية التي وصل إليها الكثير من رجالاتهم، ترجم ذلك التبحر في سيل جارف من المؤلفات والفتاوى والنوازل، تناولت أغلب الأبواب الشرعية، ومختلف جوانب الحياة، ظهرت من خلاها العبقرية الفقهية الشنقيطية، حيث عالج العلماء الشناقطة النوازل المستجدة في واقعهم، منطلقين من أصول المذهب وقواعده، ومستفيدين من سعة نطاق الاستدلال المتاحة فيه، ومكيفين النصوص مع الوقائع والمستجدات، وهو ما يمكن استجلاؤه من خلال القراءة في اختياراتهم تارة، أو حتى من خلال مخالفتهم لمشهور المذهب تارة أخرى، رعيا لمصلحة حاجية أو دفعا لمفسدة.

يدرك الناظر في التراث الفقهي الشنقيطي بجلاء أن أغلب أقطابه وعلمائه وصلوا لمرحلة الاجتهاد المذهبي، فعالجوا وناقشوا النوازل المستجدة في واقعهم، منطلقين من أصول المذهب وقواعده، ومستفيدين من سعة نطاق الاستدلال المتاحة فيه، ومكيفين النصوص مع الوقائع والمستجدات، وهو ما يمكن استجلاؤه من خلال القراءة في اختياراتهم تارة، أو حتى من خلال مخالفتهم لمشهور المذهب تارة أخرى رعيا لمصلحة حاجية أو دفعا لمفسدة.

إلا أنهم في الغالب كانوا متمسكين أشد التمسك بعرى المذهب، لا يخرجون عن إطاره العام في مجال النظر والاستدلال إلا نادرا، مشددين النكير على دعاة الخروج من ربقته.

الكلمات المفتاحية: الاجتهاد الفقهي، الشناقطة.

Research title

The jurisprudence of Al-Shanaqteh between acceptance and rejection

Dr. Ahmed Lafram, Sidi Aal1

1 Doctor and researcher in jurisprudence and the principles of Sharia, Mauritania.

Email: ahmedlavram2015@gmail.com

Orchid ID 0000-0002-7948-2887

HNSJ, 2022, 3(4); https://doi.org/10.53796/hnsj3423

Published at 01/04/2022 Accepted at 22/03/2021

Abstract

The one who look in depth to the Chinguiti Fiqh heritage finds that most of its famous scholars have reached the level of “Ijtihad” in their respective school (Maliki School); they have discussed, argued, and dent with the new matters in their lives using the rules of their own Madhhab (school) while benefiting from the vastness of proofs available in their school & figuring out how to extract rules from limited texts to new matters by contrasting the new matters to the old ones and texts by finding common denominators. This can be found through their judgments and extractions of rulings by choosing some view over others and even by going against what is “Mesh’hour” (well known and said by the majority) in their own Maliki School justifying that for being a common benefit for the most of people )… or warding off a harm. However, and in many cases, they will stick with their own Madh’hab (school) following its way of using proofs and arguments and not to go away of that except in few cases while criticising the one who wants to go out of this way in the most harsh way.

This poetry / book is classified among the books that defend the Malik School & its Founder ( Imam Malik) and it may be among the few Chinguiti books that deal with (High disagreement) in order to give glimpse about the Fiqh disagreement in the Chinguiti territory in that historical period; which was full of knowledge & scholars.

Key Words: Maliki method Chinguitis El Bechir

مشكلة البحث

لقد أدى تركيز الشناقطة على نصوص المذهب ومختصراته إلى حصر الخلاف بينهم في الغالب داخل إطار المذهب، فلا تكاد تجد مؤلفات تتطرق للخلاف العالي إلا نادرا.

ولئن ظهر بعض المناوئين لهذا التوجه القائم على التمسك بعرى المذهب المالكي بنسخته القاسمية الخليلية، إلا أن علماء الشناقطة شددوا النكير عليهم، وألفت المؤلفات متمحضة في الرد عليهم، مما أشعل السجال العلمي والفقهي في الموضوع.

ومن باب التمثيل نجد المنظومة الشهيرة في القطر الشنقيطي المسماة (نصيحة المقلد أن لا يسيء الظن بالمجتهد) [1] لمؤلفها “أحمد البشير بن عبد الله امباريكي[2] التي تعطينا صورة حقيقية عن مدى التزام علماء المنطقة بمذهب مالك ومشهوره، كما تشير لوجود بعض الداعين للخروج من ربقة المذهب، كما يمكن من خلالها استجلاء شذرات من تناول موضوع الخلاف العالي عند الشناقطة على ندرته، فيقول في مقدمتها:

حمدا لمن جعل هذي الأمــة جماعة مخصوصة بالعصمة

وجعل اختلاف أهل الاجـتهاد توسعة ورحمة على العبــاد

إلى أن يقول:

فأهل ذا القطــر الذين ألفوا مذهبه وغيره لم يــعرفــوا

أكـثرهم مقلد صـرف ومـا يدري حقيقة اختلاف العلما

ويلخص أسباب تأليفه للمنظومة بقوله:

ومذ سمعت الطعن في الحبرالقبس حبر المدينة الإمام ابن أنـس

والطعن في صحـب له قد بينــوا علم الشريعة وفيــه دونـوا

هان علي طعنهم في المختصر وما له من شارح قـد اشتـهر

فمن رأوه ناقــلا لحكم من بعضهــا قالوا قليل الفــهم

ومنهم القــائل لا التـفـات لغـير ما في الأمهـات آت

مقالة يستك منها المسمع وربما من ذا القبـيل أسمع

كقائل ليس التـسولي عنــدي أوثـق من قول فلان عــبدي

ومثـل ذا يـقال في الدسوقي ونحــوه من كتب التحقــيق

لأن يكون تارة منـهم غلــط من ذا الذي سمعت ما غلط قـط[3]

أولا : الموقف من الاجتهاد عند الشناقطة

ومن خلال هذه المنظومة وغيرها يمكن استجلاء الواقع الفقهي الشنقيطي، حيث أن الساحة الفقهية لم تكن خالية من المناوئين والمخالفين لمشهور المذهب، بل والداعين لنبذ المذهبية عموما، وعلى غرار منظومة البشير نجد الكثير من الفتاوى والنوازل التي تناقش الموضوع.

ومن الإشكالات العميقة التي أثيرت داخل الساحة الفقهية الشنقيطية “قضية الاجتهاد والتقليد” ومن توابعها قضية (آلية استنطاق النصوص الشرعية) هل تكون عن طريق الفقهاء وتأصيلاتهم وكتبهم المعتمدة؟ أم تكون عن طريق النقل المباشر من القرآن والسنة؟ ليؤلف في الموضوع الكثير من المؤلفات والكتب، منها على سبيل المثال:

القول السديد في الرد على أهل التقليد” وكذلك “القول المفيد في ذم فادح التقليد” لمؤلفهما: (بداه ابن البوصيري ) ومنها أيضا:

رسالة في ذم التقليد، لمؤلفها: محمد بدر الدين بن عمار السمسدي

رسالة في ذم التقليد، لمؤلفها: محمد بن محمد مختار العلوي (ت1349هـ)

لتثري هذه المؤلفات وغيرها الساحة الخلافية الفقهية الشنقيطية، كما تطرقوا للموضوع نظما، فنجد العلامة محمذن فال بن متالي التندغي[4] ناظما في الموضوع:

ولا يجوز بالحديث العمـل ومثله الــقرآن فيمـا نقـلـوا

لكل شخص ليس بالمـحرر علم الأصول وعلوم الأثــر

ولغة العرب والمعانــي والفقه والمنطق والبيـــــان

قلت فعالم بذا مجـتهـــــد وغير عـــالم بذا مـــــــــقلد

كما نجد العلامة محمد فال (اباه) بن باب بن أحمد بيب العلوي يقول في نفس الموضوع:

وقولة ســفيان الحديث مضــلة لغير فقيه ذي اجتهاد من اهله

مقالة حق وهي في حق قاصـر يحل صريح اللــفظ غير محلــه

ولم يدر ما منسوخه من ضعيفه ويخطئ في وضع الحديث وحمله[5]

فيما نجد أصحاب الرأي الآخر من دعاة التمسك بظاهر القرآن والسنة والقفز على كتب الفروع يتبنون رؤية مغايرة، وفي ذلك يقول محمدن بن الشيخ محمد بن حبيب الرحمن التندغي [6]

اتبعن سنــة خــير الخـلــق لا تتبــــعن في الدين ما لا يتبــــع

فإنما الــحجة فيـــها ثم فـــي ما عليه الصدر ذو الرأي اجتمع

وأقاويل الــورى أكثر بــــها أجــــــــميع مـمكن أن يتبـــــع؟

فرجحن من بينها واقتفي الرا جــــح والمـرجوح منـها فــــدع

فإذا لم تك أهـلا فاتبع مــن مثـــله القاصر عن ذاك تبـــــع

ولتــذر الناس وتـعــــــويقهـم فلـــهم رأي قليــــــلا نفــــــــع

فمن يقول قـال رسول الله قــا لوا له قــال فــــلان وصـــنـع[7]

وفي هذا الميدان كان من رواد الدعوة للخروج على الطرح المذهبي (لمجيدري بن حبل) [8] الذي رفع راية الخروج على المذهبية وفروع الفقهاء، داعيا إلى العودة إلى الكتاب والسنة في مجالي الفقه والعقيدة، وترتب على هذه الدعوة سجال علمي ومعرفي محتدم، حيث كان أغلب فقهاء القطر كما سلف بتحرجون من التفهم في القرآن والسنة، هربا من القول بالرأي فيهما، ويعتقد أغلبهم تحريم الاستنباط منهما على غير المجتهد المطلق، وهو في اعتقادهم معدوم، مكررين مقالة النابغة الغلاوي من “أن الاجتهاد في بلاد المغرب= طارت به في الجو عنقا مغرب”[9] ومقولة سفيان ابن عيينة”أن الحديث مضلة إلا للفقهاء” إلا أن لمجيدري لم يتقيد بهذا الطرح، حيث يقول:

لو كنت بدعيا لما كان صواب عندي الأحاديث الصحاح والكتاب

كما أن لمجيدري انتقد مدح العلماء للخلاف واعتبارهم أن كل مجتهد مصيب، وقولهم “من قلد عالما لقي الله سالما” وقولهم “الاختلاف بين العلماء رحمة” ورد عليهم قائلا” أما القرآن فقوله تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا}[10] فجعل سبيله واحدا، وجعل غيره من السبل يتفرق بمن سلكه عن سبيل الله، أي تبعده عن سبيل الله، وقال تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقوا} [11] وحبل الله هو كتابه كما جاء في الحديث، فأمر بالاعتصام به المثمر للاجتماع، ونهى عن عدم ذلك المثمر للتفرق، حيث يرى بأن أشد الآيات تصريحا لمن كان له قلب، قوله تعالى{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظيمٌ}[12] فإنه سبحانه حذرنا أن نتبع سنن أهل الكتاب مما وقع بينهم من الاختلاف في شرائعهم {وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} فهو هنا من وجهة نظره يرى بأن الخلاف غير مجد، وأنه اتباع للسبل المفرقة، وخلاف لصريح النص.[13]

و شنع على من يمدح الخلاف، وخاطب علماء عصره بنبرة لا تخلو من حدة، حيث يقول “وأما تعصبكم في فروع الدين وحملكم الناس على مذهب واحد، فهو الذي لا يقبله الله منكم، ولا يحملكم عليه إلا محض التعصب والتحاسد، ولو أن الشافعي وأبا حنيفة ومالكا وأحمد أحياء يرزقون لشددوا النكير عليكم وتبرأوا منكم فيما تفعلون” كما يستشكل أيضا “تحريم الانتقال من مذهب إلى مذهب، فيقول”بل ما وجه تحريم تقليد الأئمة الأربعة دفعة واحدة؟ فيقلد هذا في مسألة، وهذا في أخرى؟ فإن قلتم المصيب منهم واحد وغيره مخطئون، فعينوا لنا هذا الذي أتباع غيره ضالون، وأتوا بحجة صحيحة على إصابته وخطأ غيره، فإن قلتم كلهم مصيبون، فكيف يحرم الانتقال من صواب إلى صواب والجمع بين صواب وصواب؟” كما استشكل كذلك أمورا من علم أصول الفقه كما صاغها ابن السبكي في جمع الجوامع مثل القول بنسخ القرآن للحديث، ونسخ القرآن والحديث قياسا، والطعن في عدالة بعض الصحابة، وعثر له على مؤلف يدعوا فيه إلى تطبيق رؤيته الشرعية يسمى ” مبين الصراط المستقيم”[14]

حيث يرى في كتابه أن “اللازم لمريد السلامة أن يمشي ويمشي غيره على ما يأمن في المشي والإمشاء عليه من الملامة، وهو الأخذ بقوله تعالى وقول نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أو (لا أدري) إذا لم يدر النص، فهو أولى بالسلامة، لأن العقل لا مدخل له في الشريعة في كثرة ولا قلة.

و يقول أحمد المأمون بن محمد الصوفي

رويدك دون الاجتهاد مهــــــــــامة تقاصرعنها ناجيات الخواطر

فحســبك أن المازري أحــاله علـى عـــــصره عن كابر بعد كــابر

فغاصوا إلى ما غاص فيه وخلصوا خلاصة مفهوم من الحق ظاهر

فكم من عموم خصـــصوه ومطـلق تـــقيد من يجهلهما لم ينــاظـــر

لعمرك وإنا والفـــــروع لحسبـنا وقــــــوف على أطلالها بالنواظر

كما نجد العلامة سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم(1233\1817م) يؤلف رسالته المشهورة “طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض مسائل العمل” التي تمحضت لمناقشة قضية الاجتهاد والتقليد، واعتمدت لدى أغلب علماء الشناقطة، يقول في مقدمتها “بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم” هذا وإني لما رأيت بلاد المغافرة معطلة الرسوم، يتجاوب في عرصاتها الصدى والبوم، كما تناوح يوم الريح عيشوم، لبعد أطرافها عن أطراف العمارة، ومجاري ينابيع الحكم والإمارة….إلى أن يقول: ولم تتقيد الفتوى والحكم بعدد محصور، ولم يكترثوا بالتمييز بين المردود والعمل المنصور”.

ولقد رد عليه الشيخ محمد المامي[15] برسالة سماها” رد الضوال والهمل إلى الكروع في حياض مسائل العمل” وكان من دعاة النظر والتبصر وفتح باب الاجتهاد.

وعلى غرار العالمين المتقدمين، نجد مؤلفات ورسائل في نفس الموضوع، كرسالة محمد يحي بن سليمة اليونسي في القول بالاجتهاد[16]، ورسالة الشفيع بن المحبوبي في الاجتهاد والتقليد، ورسالة محمود بن بدي المالكي في مسألة التقليد أيضا، وعنوانها “سلم الاضطلاع إلى الفرق بين التقليد والاتباع والأجوبة الزاجرة عن دعوى الاجتهاد الفاجرة” لمؤلفه محمد يحي الولاتي[17]

ونجد أن أغلب علماء المنطقة أيدوا القول بالتقليد، كما بينا في النصوص المتقدمة، بل يرونه لازما في هذه القرون المتأخرة، على اعتبار أن الأصول وإن لم تستنفد طاقتها، إلا أن غلبة الجهل حالت دون القدرة على استنطاقها واستكناه مكامنها، وهو ما عبر عنه النابغة الغلاوي بقوله:

والاجتهاد في بـــلاد المغـرب طارت به في الجو عنقا مغرب

فصاحبــــــاه اليوم منســـيان فــــــذكــره وحــــــذفه سيـــان [18]

ويقول البشير[19] :

كيف يرد اليوم من لم يجتهد بخــــــــبر على إمام مجـــــتهد

قد مـــارس الـــسنة والكتابا وعــــــلم العــــــلل والأسبــــابا[20]

ولعل المحددات التي بنى عليها المانعون لطرق باب الاجتهاد تتلخص فيما يلي:

1) عدم وجود المؤهل للاجتهاد: مستدلين بالكثير من الأدلة، ومن أصحاب هذا الرأي الشيخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم حيث يقول في المراقي:

من لم يكن مجتهدا فالعـــمل منه بمعنى النص مما يحظل[21]

ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن القطر الشنقيطي قطر مالكي، لا يخرج عن دائرة مذهبه، وأن الاجتهاد متعذر في العصور المتأخرة، وأن مذهب مالك نشأ في القرون المزكاة ولم يتجه إليه طعن قط، وأجمعت الأمة على صحته، مع الاعتراف لإمامه مالك بالفضل، والتسليم له من علماء وصلحاء عصره بأهليته للاجتهاد، واعتبار أغلبهم بأنه المقصود بعالم المدينة الذي يوشك أن تضرب إليه أكباد الإبل، يقول البشير في (الإمام مالك):

بلغ في عــــلم الحديث الغايــــة وســـلمت إليه فيـه الرايـــــة

وأدرك القــــوم الذين أدركــــوا صحب النبي سالكا من سلكوا

سكن دار المصطفى حتى عقــل آخر ما به النبي أجرى العمل

والشــــافعي قد قال هو حـجــــة بينـــي وبيــن الله في المحجــة

وقــــــال إن ذكر أهــــل العلم فمــــالك بيـــــــنهم كالنــــجم[22]

إلى أن يقول:

وفي حديث تضرب الأكــــــباد العلمـا قالــــوا هو المــــراد

2) أن العمل به ينجي العبد فيما بينه وبين ربه، وأن الآخرين لا يخرجون عن التقليد بتقليدهم من يدعون معرفة القرآن والحديث، فالكل يصدق عليه التقليد بنظرهم، وليس من عبد الله بتلك الرواية بأفضل ممن عبده على هذه.

3) أن أهل هذا القطر تعودوا مذهب الإمام مالك وتقليد علمائه، كما سلف وبينا، وأن العوام لا يرون غيره دينا، وأن القول بالاجتهاد والتبصر قد يفتح أبوابا من الشقاق والفرقة والتخبط.

وإلى هذا يشير البشير بقوله:

وقد أتى في رحــــــلة العياشــــي نقلا عن المذهب وهو فاشــــي

لا ينبغي للشخص من تمـذهـــب بغير ما في قطـره من مذهـــب

بل ينــبغي إن يأت قطـرا فيــــه مذهـــــــبه يجهـل أن يخفيــــــه

لذاك قيل ينبـــغي إخفــاؤكــــــا ســــنا ومـذهــــبا كذاك مــالكــا

وحذروا كـــذاك أن تغيــــــــرا على الورى حكما به عرف جرى

ما دمت تلفي مذهبــا صحيـحـا مســـــوغا له ولو ومرجــوحـــا

وكل ذا خـوفا عليــك وعلـــــى عقــــائد الجهـال أن تزلــــز لا[23]

كما نجد في نفس السياق الشيخ محمد بن أمين بن الفراء التندغي حيث يقول:

حاصل دين الله انه يـــقــــــر على الذي قد كان من قبل استقر

اليوم أكــملت وما فرطــــــنا أحاطتــا ولم نــــكن أحطـــــنا

فــــما الزيــادة ولا النقصــان لنـا فشرع المصطـفى يصــان

فمـــا لنا رأي ولا تخــريـــج إذ ما علــى تخريـجنا تـعـريــج

فما لنا في الشرع غير قــص آثار مـــالك بضـوء النــــــص

هذا الذي فاه به الهـــلالي من قوله في الفـقــــــه كالللآلي

ويقول في نفس الموضوع محمد العاقب بن الإمام الجكني:

من لم يقلد في الفروع مالـــكا أو باقي الاربعة كان هالــكا

ومـــثله من كان زيفا يفـتري عقدا مخالفا لعقد الاشعــري

ومنــهما أضـــــل من قد سلــــــكا سبــيل رأيه وكــــلا تركا

فانظره في الدرديري شرحا عندما واسلك سبيل الناســكين العلــما

ومن قفا النــــــــــص بلا تقــــليد لغــــيره قد قال فيــــه ســيدي[24]

“من لم يكن مجـــتهدا فالــــــعمـل مــــنه بمعنى النص مما يحـظل [25]

ثانيا :المجيزون

وعلى النقيض من أصحاب هذا الرأي نجد مجموعة أخرى من علماء القطر الشنقيطي ناقشوا مسألة انقطاع الاجتهاد، على غرار (لمجيدري) السالف الذكر، واختلفوا معه في بعض الجوانب، مؤكدين أنه غير منقطع بالأدلة والبراهين الشرعية، وأن الأقدمية ليست خصوصية مميزة، “ورب مبلغ أفقه من سامع” وأن الأرض لا تخلوا من قائم لله بالحجة، وأن المقلد لا يقلد حتى يفهم الدليل فيكون أقرب إلى المتبصر، وأن العلماء لم يغلقوا باب الاجتهاد، وأن الشاطبي قسمه إلى نوعين: أن منه ما لا ينقطع إلى قيام الساعة.

فهم وكما أسلفنا وإن أكدوا على ضرورة التقليد والاطمئنان إليه، سبيلا لتبرئة الذمة وتقى من زلقات البدع، بل وتشبثا بفقه مالك في صياغته القاسمية الخليلية، إلا أن المتتبع لتراثهم النوازلي يمكن أن يستشف نوعا من الاجتهاد عندهم، وإن بنوع من الحذر، يشير إلى هذا الشيخ محمد المامي بقوله” إني لما رأيت علماء الوقت بين حيزين:

حيز أصولي: ينحوا نحو الاجتهاد ولم يدعه، ويذم التقليد ولم يغن عنه غيره، بل لم يستغن هو عنه.

وحيز ينحوا نحو الفقه ويقول نحن خليليون، ولم يبلغوا مقاصده، ولا يكاد أحد من الحيزين يجمع مسائل الفقه المستبحرة ومسائل الأصول المبيحة للفتيا، كلاهما يطعن في الآخر و{كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا} [26] فأهل الأصول يذمون الفقهاء بجهل كثير من مسائل الأصول يزري بالفاضل جهلها، فضلا عن المفتي، والمقتصرون على الفقه يذمونهم بعدم استحضارهم لكثير من مسائل الفقه هم أدرى بها وأحفظ.[27]

والاجتهاد الذي تعددت الدواعي إليه من منظور القائلين والمطالبين به، ليس أخذ الأحكام من أدلتها التفصيلية، وإنما هو الاجتهاد الذي يطلق الفقهاء من ربقة الحرج حتى يفقهوا الوقائع المستجدة، مبينين حكم الشرع، ومتحررين من فقه الفروع المحكوم بسياقه الزمني والمكاني، ومعتمدين على كليات النص الشرعي وحركيته ومرونته وصلاحيته لكل زمان ومكان، وقد ترجم هذه الرؤية عبد الله السالم بن يحظيه بن عبد الودود الجكني[28] بقوله:

إن التعصب للمذاهب لم يكن من سنة المبعوث بالتــنزيــل

إلا إذا ما كــــان مبنيا علــى نص صريح منه أو تنـــزيــل

ودع التعصب يا خليلي دونه إن كنت تهوى أن تكون خليلي

وعلى العموم من خلال التتبع للموضوع فإن علماء المنطقة لم يدعوا إلى الاجتهاد المطلق بمفهومه العام، وإنما إلى التبصر وضخ دماء جديدة في النص الفقهي والاستفادة من أدوات المذهب في عملية الاستنطاق والحيز الذي أعطاه للنظار لتكييف الوقائع وتنزيل النصوص عليها، دون الجمود على القراءات السابقة.

ولم تظهر الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد في شنقيط إلا في القرن الثالث عشر الهجري الثامن عشر الميلادي عند علماء معروفين، ومنهم على سبيل المثال:

عمر الخطاط بن محمد بن الطالب جبريل الولاتي[29] الذي كان يذهب إلى النظر وترك التقليد، وكذلك محمد امبارك اللمتوني [30] الذي أعلن التمرد على الفروع وأعلن عن كونه مجتهدا بقوله:

الحمد لله الذي قد منحـا إياي في بعض العلوم منحا

نلت بها ملكة تستنبــط حكما له أدلـــــــة تستنبـــط

وكذلك البخاري بن الفيلالي بن مسكة(ت 1251هـ) وقد كان قارئا محبا للحديث، لا يقصر الصلاة، ويتيمم إلى منكبيه، ولا يتقيد بالفروع ما لم يكن دليلها من الكتاب والسنة، وقد ناقشه معاصروه.

وفي نفس الاتجاه سار حبيب الله بن الأمين الشقروي(ت1250هـ) والشيخ محمد فاضل بن مامين الذين قالا: إن الطلاق بالثلاث إذا وقع دفعة واحدة لا يكون إلا طلاقا واحدا، محتجين بأن القرآن ذكر الطلاق مفرقا فلا يصح إيقاعه إلا كذلك[31]

ومن المطالبين بفتح باب الاجتهاد مصرحين بذلك: الشيخ محمد المامي حيث عبر عن ذلك بقوله “فحاشى الذي أنزل في كتابه {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}[32] ورحم أصحاب الأعراف لما كانوا في رحمته يطمعون، من أن يجعل علينا أهل القرن الثالث عشر حرجين: يخلي عصرنا من المجتهدين، ويمنع الكلام في نوازلنا على أمثل المقلدين، ولقد منع النظر في النوازل معاصرون لا تمر بهم سبعة أيام إلا اجتهدوا في نازلة” ويقول أيضا(وقول من قال إن الاجتهاد انقطع منذ زمن بعيد وطارت به عنقاء مغرب، غير حجة لا عقلا ولا شرعا، أما عقلا فظاهر، وأما شرعا: فلم يوجد ما يقتضيه، بل ما يثبته، كقوله صلى الله عليه وسلم (أمتي كالمطر لا يدرى أوله أفضل أم آخره) وقوله (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق) والحنبليون يمنعون خلو العصر منه، قال السيوطي:

جاز خلو العصر من مجتهــد ومطلقا يمنع قول أحمـد[33]

فقوله “جاز” يقتضي عدم المنع وجواز الوقوع، فالمجتهد يجب عليه اتباع ظنه إلا إذا جرى العمل بخلافه فلا يخرج عنه لئلا يتهم بالميل عن الحق

ومنهم أيضا: محمد يحي بن سليمة اليونسي الذي يقول:

والفقه لا يجوز الاقتداء بــه بل هو تخمين يـرد فانتبــــه

وإنما الراجح والمشهـــــور كصنـــمين أيها المغـــرور[34]

واستمر النقاش في موضوع الاجتهاد والدعوة إليه، لتتسع رقعة الداعين إليه وإن أخذوا اتجاهات متباينة تذهب من مجرد الإخبار بالحكم المتعلق به إلى تركه من لازم الخبر، إلى العمل به دون إعلان عن ذلك ولا تنبيه، حيث لا يمكن التفريق بين دعاة غلق باب الاجتهاد والداعين لإتاحة الفرصة للنظر والتبصر، فالجميع اشتركوا في إعمال نوع من النظر، كالعمل بغير المشهور والراجح.

فمن الفقهاء الذين وقف مشروعهم عند الاجتهاد الانتقائي ولم يترجموا ذلك في فتاويهم ولا كتاباتهم: الشيخ سيدي بابه بن الشيخ سيدي محمد الإبييري[35] في كتابه “إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين” وكان يميل إلى قول الحنابلة ومن معهم من الشافعية بعدم انقطاع الاجتهاد، ويصوب قول الجمهور أنه يتجزأ.

يقول في مقدمته” أما بعد: فهذه نقول قصد بها بيان أن الأولى بالمقلد لأحد الأئمة الأربعة إذا وجد خلاف إمامه عن أحد من الأئمة الثلاثة في مسألة وتبين له رجحانه على مذهب إمامه في تلك المسألة بموافقته للقرآن أو السنة الصحيحة المخرجة في الصحيحين أو في أحدهما، أو نص الترمذي مثلا على صحتها ولم يجد مثل ذلك لإمامه، أو وجد ثلاثة من الأئمة الأربعة متوافقين على خلاف إمامه في مسألة ولم يجد فيها دليلا من القرآن أو السنة الصحيحة موافقا لإمامه، ولا سيما إن اجتمعت هذه المرجحات كلها ومعها رواية عن إمامه أن يعمل بما تبين له رجحانه إن كان متحريا للحق. [36]

وكذلك محمد بن محمد المختار العلوي، في رسالة في ذم التقليد، وبداه بن البصيري في عدد من تآليفه، منها” القول السديد في الرد على أهل التقليد” وكتاب” القول المبين في الرد على من قال بالتزام مذهب معين” وكتاب المفيد في ذم فادح الاتباع وفادح التقليد”وكتاب أسنى المسالك في أن من عمل بالراجح ما خرج عن مذهب الإمام مالك .

ثالثا : نماذج من الاجتهاد عند الشناقطة :

لعل من أجلى صور وملامح الاجتهاد المذهبي عند الشناقطة تطبيقهم لقاعدة الاستصلاح، ومراعاتهم لخصوصيات واقعهم ، فهذا الشريف حمى الله التيشيتي ،يقول في إحدى فتاويه المتعلقة بالقتل العمد” والعمل بالسياسة الشرعية مما نص عليه الأئمة الأعلام في كتب النوازل والأحكام، ولا يخفى أن إجراء الأحكام في هذه البلاد السائبة متعذر، لذلك تعذر القصاص من القاتل، لامتناعه عنه، بحيث ترتب الفساد على محاولة أولياء القتيل الاقتصاص منه، إذ يؤدي ذلك إلى الهرج الذي هو جدير بإفساد الدين وإتلاف النفوس والأموال ، وكذا يتعذر أخذ الدية من ماله وحده كما لا يخفى .. فيتعين بمقتضى السياسة أن يجبر أولياء المقتول على قبول الدية، كما نقل ذلك الواداني في شرحه على المختصر، أشار إلى ذلك بقوله” ومن تعين عليه القصاص، وامنتع، وفي القصاص منه فتنة، فإن أولياء المقتول يجبرون على أخذ الدية منه، فهو في غاية المقدور”[37]

ومنها كذلك سد باب النظر الترجيحي عند أغلبهم: يجمع أكثر علماء الشناقطة على اعتبار المشهور من أقوال المذهب، وتحريم الخروج عن المشهور إلا في حالة الضرورة، وهو ما حدى بالكثير منهم إلى التضييق على مفتيي بلاده في ترجيح الأقوال الشاذة بالمصالح، لندرة من فيه أهلية ذلك الصنيع، حيث نجد سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم يقول ” ينظر في الحاكم الذي عدل عن المشهور إلى الشاذ، فإن حكم لظنه أنه المشهور نفذ حكمه، وإن حكم به مع العلم أنه الشاذ إلا أنه يترجح عنده، فإن كان من أهل النظر ومن يدرك الراجح من المرجوح وهذا يعز وجوده، مضى حكمه.[38]

بل يذهب في نص آخر إلى القطع بخلو البلاد ممن هذه صفته، فيقول ” إنما يحكم بغير المشهور من القضاة من ثبت له الصواب وأهلية النظر، وثبت له ترجيح غير المشهور… وليس هذا في قضاة زماننا، بل لا يعرف كثير منهم النص، وإنما يحكمون بالتخمين الذي هو الظن”[39]

إلا أنهم مع هذا يعدلون عن المشهور لعوامل ترجيحية اقتضت ذلك ، ولعل السبب في هذا التعارض بين التنظير والتطبيق عائد إلى كونهم آنسوا من أنفسهم القدرة على الترجيح مع ما يقتضيه الحال من سد بابه عن غيرهم لافتقارهم إلى آلياته، كما درج عليه الإمام المازري في قوله” ولست ممن يحمل الناس على غير المعروف المشهور من مذهب مالك وأصحابه، لأن الورع قل، بل كاد يعدم، والتحفظ على الديانات كذلك، وكثرت الشهوات، وكثر من يدعي العلم ويتجاسر على الفتوى به، فلو فتح لهم باب في مخالفة المذهب لاتسع الخرق على الراقع، وهتكوا حجاب هيبة المذهب، وهذا من المفسدات التي لا خفاء بها. [40]

وهذه الرؤية هي التي يتبناها الشيخ محمد المامي حيث يقول ” أفعندك أن مثل الأمير لا يرجح؟ .. وقطب الدائرة الشيخ المختار الكنتي وابنه الخليفة الشيخ سيدي محمد، بل وأحمد ابن العاقل؟ … والظاهر عندي أنهم نهوا عنه لسد الذريعة، لما دعوا الجفلى بناء على سد الذرائع،[41] ولمثل هؤلاء أن يبني على سد الذرائع وهذا ما يلمح إليه الفقيه سيدي المختار بن الطالب (ت1305هـ) في سياق حديثه عن تشهير قول ابن القاسم على غيره من الأقوال داخل المذهب للعمل به من قبل بعض علماء عصره الموسومين بأهلية الاجتهاد الترجيحي، حيث يقول ” …ولجريان العمل في بلدنا هذا بقول ابن القاسم بفعل من يعتبر جريان العمل منه كشيخنا “سيدي عبد الله العلوي” قدس الله روحه ونور ضريحه، وعبد الله ابن (الطويلب) (والسالك بن عمار) (ووالدنا الطالب بن حنكوش) وجريان العمل يغني عن تشهيره وترجيحه، كما وقفنا على ذلك بخطوطهم” [42]

ثم إن الموسوعية والشمول والإحاطةكانت من صور التميز الاجتهادي عندهم حيث أنهم طرقوا فنونا متعددة، يلمس ذلك من خلال مؤلفاتهم في مختلف الفنون الشرعية، واللغوية، والمنطقية، وغيرها، ويتجلى ذلك في كيفية تعاطيهم مع المادة التأليفية، فتجد الفقيه يتكلم في التفسير وعلوم الرجال والأصول واللغة والمنطق والأنساب والسيرة وغيرها، حيث نجد الشيخ سيدي المختار الكنتي، وهو يتحدث عن كلمة “منهاج” فيسرد ورودها في القرآن، وأقوال المفسرين في معناها، حتى يخيل إليك أن الموضوع في التفسير، كما هو الشأن بالنسبة لعلم اللغة وإدراجه في المادة الفقهية، حيث نجده وهو يتكلم عن معنى كلمة “الغسل” والغسل بالضم للفعل، وبالفتح للماء على الأشهر، وبالكسر لما يغتسل به

8)التأسيس للفقه البدوي: انطلق العلماء الشناقطة من قاعدة أن المذهب المالكي مبني على الجمع بين النظر والأخذ بالأثر، ومراعاة المقاصد وما تعارف عليه الناس في حياتهم ومعاملاتهم،مما لا يتعارض مع أدلة الشرع، وقد جرى العمل على أشياء تخالف مشهور المذهب المالكي عندهم، دعت إليها المصلحة المرسلة والكلي الحاجي، وقد تجلى التأسيس للفقه البدوي عند الشناقطة في مسألتين:

المسألة الأولى: الماجرية، أو ما جرى به العمل : حيث جرى العمل عندهم على أشياء تخالف مشهور المذهب المالكي، دعت إليها المصلحة المرسلة، منها “ترك القصاص وتعويضه بالدية المغلظة لتوقفه على السلطان” ومنها قسم معاملة الأضياف بالنوبة على البيوت”ومنها مؤاجرة الراعي بلبن الحلائب” وشراء لبن الحلوبة في الضرع”ومنها خلط الطاحنة حبوب العائلات ثم تعطي كلا حظه بالتخمين” ومنها القراض بالعروض على خلاف مشهور المذهب”ومنها التعامل على استغلال الدواب على أن للعامل نصف الحاصل، ولرب الدابة النصف مثلا وغير هذه المسائل مما جرى به العمل في القطر الشنقيطي

ولعل من أسباب هذه الثورة الاجتهادية المذهبية أن بلاد بلاد شنقيط البدوية اجهت في القرن الثالث عشر الهجري – حسب رأي الشيخ محمد المامي – أزمات فكرية خانقة، كادت تغير المفاهيم الشرعية فتجمع على الأمة “حرجين”[43] حسب تعبيره، ومن هذه الأزمات:

أن السلف لم يفتوا في نوازل أهل البادية؛ فقد “شاع في علمائنا من لدن مسكة [بن بارك الله فيه] وابن محم [ابن رازقة] أن جل مسائل أهل البادية الخاصة بهم غير متكلم فيها، وغير مصنف فيها، أي: لم تدون ولم تجمع، فقام تفريقها في الكتب الذي صار سببا لجهلها مقام العدم لأن التصانيف مدنية؛ وإنما تكلم أهلها غالبا على مسائلهم الخاصة أو على المسائل الجامعة بيننا وبينهم وسكتوا عن غالب المسائل الخاصة بالبادية[44]وأحكام أهل البادية الخاصة بهم مسكوت عنها في الكتب” وقد “خص أهل البادية بأحكام تترتب على مصالحهم لا توجد في الكتب الحضرية كما يقول الشيخ:

وإن لـلبدو أحـكاما تخصهم مـثل الألاء بها خص البساتين

ونجل شعبان واليوسي قد سكتا عـن أول سكتت عنه المدايين

“وهو أحكام البادية الخاصة بها، وهما من أهل بادية. وحملنا ذلك على تأليف كتاب البادية”

وقد شعر الفقهاء الشناقطة منذ قديم بهذه الأزمة وحاولوا علاجها؛ فقد كان ابن رازقة العلوي ينوي تأليف كتاب في الموضوع لو لم تخترمه المنية:

فبقي فقهاء البدو “متحيرين” إذا لم يقفوا على نص في المسألة، كما يقول الشيخ: “ولبثنا على ذلك برهة من الدهر متحيرين فيها حتى فرغنا من كتاب البادية فأظفرنا الله بها في شرح ابن لب المالكي للحلل المرقومة لابن الخطيب المالكي”

وقد تعمق الشعور بهذه الأزمة في عصر المؤلف حتى خاطبه العلامة محنض بابه بن عبيد الديماني قائلا: “أدرك الفقه فإنه خرج من الأيدي” قالها بعد تدبره لنظم خليل”وإذا لم يتكلم السلف على نوازل أهل البادية فإن الحل الوحيد لهذه الأزمة أن يجتهد فقهاء البادية لاستخراج أحكام شرعية لنوازلهم؛ لكن هذه الأزمة قد أدت إلى أزمة أخرى، وهي:

أن بعض فقهاء ذلك العصر “قد منع النظر في النوازل”على معاصريهم، وذهبوا إلى أنه “يمنع الكلام في نوازلنا على أمثل المقلدينبحجة أن الإفتاء خاص بالمجتهدين وهم مفقودون في ذلك العصر؛ كما قال الشيخ محمد المامي:

بقينا وعصر الإجتهادات قد مضى فما الرأي إن لم يفت فينا مقلد؟![45]

بل ذهب هؤلاء إلى أن المقلدين – بمفهوم القدماء للكلمة – مفقودون أيضا في ذلك العصر؛ لأن المقلد الذي نص عليه المتقدمون فهو مجتهد الترجيح وهو مفقود في ذلك العصر الذي لا يوجد فيه إلا جاهل في رأيهم، لكن هؤلاء كانوا يعيشون تناقضا كبيرا بين هذا الموقف النظري، وموقفهم التطبيقي المناقض له تماما فهم “لا تمر بهم سبعة أيام إلا اجتهدوا في نازلة، ويردون دعوى من التمس لهم السلامة باطلة، ومن حلية القبول عاطلة” وكيف لا يجتهدون وأحكام البادية غير منصوص عليها؟ فلا بد من الاجتهاد “وإن لا عطلت الأحكام إن لم ينظر في النوازل أمثل مقلد مع فقد المجتهدين الثلاثة” على أن بعضهم كان يجمد على النص ويقف حماره في العقبة إذا لم يجد نصا، فيترك العامة حيارى لا يدرون ما يأتون وما يذرون: “فقد فرض بعض علمائنا هذه وأمثالها في العين خاصة، ووقف حماره في أرض لا عين فيها جمودا منه على النص، والجمود على النص من غير ملاحظة القواعد ضلال وإضلال.

الضرورات الشديدة “المتحققةالتي تطبع حياة “هذه الطائفة من الأمة التي ألجأتها الضرورة إلى التبدي”؛ فلا يجدون محيصا بسبب “مسيس الحاجة عن ارتكاب كثير من الرخص التي تخالف أحيانا المشهور والراجح: “وما أجاءني إلى جذع نخلة هذا العلم الغريب إلا مخاض ضرورات البادية وعوائدهم، وهم يصدق عليه أنهم قطر من المسلمين ولهم ضرورات وعوائد، والضرورات والعوائد من ما تبنى عليه الأحكام”[46]

سيطرة العادات التي لم ينص عليها أو التي لا توافق المشهور والراجح: “هذا مع أنا وجدناهم لا يتزحزحون عن ما اعتادوه من مسائلهم؛ فتقربنا إلى الله بإخبارهم أن لهم فيه شبهة، لحديث أبي موسى ومعاذ: “يسرا ولا تعسرا بشرا ولا تنفرا “وعندي أنهم لو ضيق عليهم لاقتحموا النهي بلا شبهة” ومن أمثلتها تلك العادات التي “تعم الناس كثقب الأذنين للأخراص، مع أن الغزالي قال فيه: “قرب أن يدعى في تحريمه الإجماع” ونقل ابن الحاج في مدخله: “غير أن أحمد قال بجوازه”[47]

الاستشكال:

فناقش الفقهاء الذين منعوا الاجتهاد والتخريج على أهل عصره مستشكلا أقوالهم، كما يقال عن طرد الضوال “ومن ما يعرض بالفقهاء أيضا تأليف ابن الحاج إبراهيم العلوي، نفعنا الله به. وها أنا أشرح ترجمته لأبين ما علمت من مقصده وأستشكل ما لم أعلم؛ فقد قال العلماء: “الاستشكال علم” لا لأنقد عليه وهيهات وشتان”[98] ويقول محددا منهجه في هذا المجال: “ليعلم الناقد أن قصاراي في النوازل النقل والاسشكال أو الإرشاد المعرض للتصفح من من فيه أهلية وإنصاف”[99] وهو استشكال بَنَّاء لأنه يثير اهتمام معاصريه ويدفعهم إلى البحث عن النصوص والأحكام، فإن لم يجدوا نصا وبقي الاستشكال قائما فإنه على الأقل يحول المسألة من دائرة الحرام الصريح إلى دائرة الشبهة، كما يقول: “والاستشكال علم كما نص عليه في التاج والإكليل، ومن ثمرته طلب نص يحله أو يجعل المسألة شبهة إن لم يوجد نص، وحكم الشبهة عند عج الكراهة

فتح باب التخريج والاجتهاد والقضاء للجاهل (غير المجتهد):

فمن أسس منهجه إقناع معاصريه بالاجتهاد في ما لم يفت فيه الأقدمون: “ومقصودنا التيسير ونفي الحرج عن أهل هذا القرن بأن لا ييأسوا من الاجتهاد إذا تعين على أماثلهم، وليس مقصودي أن أجر إلى نفسي كما يظلمني به بعد الطلبة ومن أسسه أيضا معالجة التناقض الذي يعيشه معاصروه حين يمنعون التخريج “الذي ينكره الطلبة ولا يفتون دونه إلا نادر،وحين يمنعون على أنفسهم وعلى معاصريهم القضاء بحجة أنه خاص بالمجتهدين أو المقلدين (أي: مجتهدي المذهب)، مع أنهم يمارسون القضاء، فحاول أن يرخص لهم في “نصبهم للقضاة الجهلة.

لكن ما هي الأدوات التي يستعملها في الاجتهاد والتخريج لاستخراج حكم المسألة؟ يجيبنا على هذا السؤال قائلا: “فنعرض هذه المسائل على ثلاثة أجناس من الأصول، الجنس الأول: القواعد الأصولية التي منها الأدلة الكثيرة، الجنس الثاني: القواعد الشرعية التي اختص بها علم القواعد، الجنس الثالث: التخريج على ما في المختصر وشروحه ومتون الفقه من الضرورات والعادات، ولا سيما إذا كان المقيس أولى بالحكم”ولعل هذا هو السر في أنه ذكر كثيرا من الفروع التي لا يبدو أنها ترتبط بالبدو ليقيس عليها بعض الأحكام البدوية، وذلك هو السر أيضا في أنه خصص جانبا كبيرا من هذه المجموعة لعلم الأصول؛ فقد ضمن كتاب البادية شرحا لكتاب القياس من جمع الجوامعوختمه بشرح كتاب الاستدلال من جمع الجوامع أيضاوخصص أكثر الجمان للتخريج كذلك؛ لأن علم الأصول من أهم أدواته و”لأن أهل هذا الزمان، وإن كانوا إلى الأصول أحوج، فلا يكادون ينتفعون إلا بالفروع” ولأن من معاصريه من يحرم الاجتهاد والتخريج على أهل عصره وهو مع ذلك يخرج لكن بدون معرفة بعلم الأصول: “وانظر أيضا أي الحرامين يقدم من تجاسر من علمائنا على التخريج بالتخمين من غير معرفة القياس وهذا حرام لا شبهة فيه”

لكنه مع ذلك لا يفتح باب الاجتهاد على مصراعيه أمام كل من هب ودب، فـ “الاستدلال بالآية متوقف على حصول شروط الاجتهاد المطلق وقد رد الشيخ في كتابه: “إدخالات البحر في الغدير” على الأراري ومن وافقه من الغلاة في الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد.

قائمة المصادر والمراجع

القرآن الكريم

أعلام موريتانيا ، سيدي أحمد بن أحمد سالم، وإبراهيم بن إسماعيل بن الشيخ سيديا،

إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين طبع هذا الكتاب بدراسة وتحقيق: الطيب بن عمر بن حسين الجكني، الطبعة الأولى (1418هـ 1997م)

بلاد شنقيط المنارة والرباط، للخليل النحوي منشورات المنظمة العربية للثقافة والعلوم تونس 1968م

بوطليحية تحقيق: الدكتور يحي ولد البراء ، المكتبة المكية، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع

الحركة الفكرية في بلاد شنقيط حتى نهاية القرن (12هـ \18م ) لمؤلفه الدكتور عبد الودود ولد عبد الله (ددود) مركز الداراسات الصحراوية (ط 2015م

حياة موريتانيا، حوادث السنين أربعة قورن من تاريخ موريتانيا وجوارها، تأليف المختار بن حامد، تقديم وتحقيق :د سيدي أحمد بن أحمد سالم

حياة موريتانيا الجزء الثقافي

رد الضوال والهمل إلى الكروع في حياض مسائل العمل ( الشيخ محمد المامي) مطبوع ضمن عدة مؤلفات له، تصحيح باية بن محمادي، نشر زاوية الشيخ محمد المامي ، بدون تاريخ

طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض مسائل العمل لمؤلفه: سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي، تقديم الحضرمي بن خطري، نشر محمد سالم بن الصوفي ، انواكشوط ط الأولى (1985م

الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع، جلال الدين السيوطي ومعه شرحه المسمى الجليس الصالح النافـع بتوضيح معاني الكوكب الساطع مكتبة ابن تيمية، ط الأولى (1419هـ1998م)

الشعر والشعراء في موريتنيا، الدكتور محمد المختار ولد اباه ط الثانية (1424هـ 2003م) انظر أيضا: حياة موريتانيا،

المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل أهل غرب وجنوب غرب الصحراء ، مدونة من 6800 فتوى ونازلة وحكم، جمع وتترتيب: الدكتور يحي ولد البراء، الناشر، الشريف مولاي الحسن بن المختار بن الحسن، الطبعة الأولى (1430هـ2009م

ميكروفيلم جامعة افرايبور \آلمانيا

: موسوعة موريتانيا ج اليعقوبيين المختار بن حامد، بدون تاريخ

نصيحة المقلد أن لا يسيء الظن بالمجتهد، طبعت هذه المنظومة وحققت بدولة الإمارات العربية المتحدة، حققها وعلق عليها الدكتور:جابر بن علي الحوسني،

نوازل حمى الله التيشيتي، جمع وتحقيق وتقديم :الدكتور محمد المختار ولد السعد،إمارة أبو ظبي، دائرة القضاء، الطبعة الأولى 1431هـ2010م

الموافقات للإمام الشاطبي، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان،دار بن عفان، الطبعة الأولى 1417هـ

المعيار المغرب والجامع المعرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب، أحمد بن يحي الونشريسي، خرجه مجموعة من الفقهاء بإشراف الدكتور محمد حجي، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية (1401هـ1981 كتاب البادية: 167.

الهوامش:

  1. طبعت هذه المنظومة وحققت بدولة الإمارات العربية المتحدة، حققها وعلق عليها الدكتور:جابر بن علي الحوسني، وهي منظومة جد جوهرية في موضوع الخلاف المذهبي والعالي، للدارس للموروث الخلافي الفقهي الشنقيطي، حيث تناقش الكثير من الإشكالات الفقهية، وتبرز مدى تمسك الشناقطة بالمذهب ومشهوره، كما تصنف في كتب (الذب عن الإمام مالك) ومن المواضيع التي تعرض لها الناظم ” الماجرية” أو ما جرى به العمل وضرورة مراعاته، موضوع السدل والقبض” رتبة الإمام مالك في الاجتهاد” وأن أهل هذا الوقت لا ينبغي هم أن يردوا عليه، كما تتعرض بصورة عامة لمنهج الإمام مالك في الترجيح، ولنا عودة إليها إن شاء الله تعالى
  2. هو البشير بن محمد عبد الله بن محمذن فال بن (امباركي بن الفالي) (ت1354هـ1935م) فقيه وشاعر، أخذ عن خاله أحمد بن حنبل بن البشير بن إياه اليدمسي، وعن محمذن بن محنض بابه بن اعبيد الديماني، رحل إلى الحج سنة ( 1306هـ 1888م) ونظم رحلته فيما يزيد على أربعمائة بيت، له من المؤلفات ” حاشية على مختصر خليل سماها ” معين الضعاف على ما أشار إليه خليل من الخلاف” وتقريب المسالك إلى معرفة المناسك” ونصيحة المقلد أن لا يسيء الظن بالمجتهد (في الذب عن الإمام مالك) “وكشف الأستار عما في القرآن من الإضمار” ونظم مهاجري الحبشة” وشرح على تحصيل الفوائد من أحكام الأعراف والعوائد” لخاله ابن حنبل ” ومائدة النفوس في اختصار القاموس” وطرة على ألفية ابن مالك” “والصارم القوي في تعريف الشيخ والكرامة والولي” رسالة في الرد على القائلين المعية بالذات” موصل السبل إلى مآثر الرسل الذين ورد ذكرهم في القرآن” وديوان شعر كبير، ولقد أثنى عليه كثير من العلماء الراسخين من معاصريه، فيقول عنه العلامة محمد سالم بن ألما اليدالي (ت1383هـ1964م) ” العالم الأبر الحاج حامل كتاب الله تعالى وتاليه آناء اليل و أطراف النهار، شيخنا ووسيلتنا إلى الله البشير بن عبد الله، ويقول عنه الشيخ بن محمد بن حمين اليدالي ” ولي الله البشير الذي أتعب من بعده في ارتقاء المعارج، وانتهاج أحسن المناهج، وإحياء رسوم العلم والدين وسلوك سبيل المهتدين” . البشير بن محمد عبد الله بن محمذن فال بن امباركي بن الفالي (ت1354هـ1935م) فقيه وشاعر وصوفي، أخذ عن خاله أحمد بن حنبل بن البشير بن إياه اليدمسي، وعن محمذن بن محنض بابه بن اعبيد الديماني، رحل إلى الحج سنة( 1306هـ 1888م) ونظم رحلته فيما يزيد على أربعمائة بيت، له من المؤلفات ” حاشية على مختصر خليل سماها ” معين الضعاف على ما أشار إليه خليل من الخلاف” وتقريب المسالك إلى معرفة المناسك” ونصيحة المقلد أن لا يسيء الظن بالمجتهد (في الذب عن الإمام مالك) “وكشف الأستار عما في القرآن من الإضمار” ونظم مهاجري الحبشة” وشرح على تحصيل الفوائد من أحكام الأعراف والعوائد” لخاله ابن حنبل ” ومائدة النفوس في اختصار القاموس” وطرة على ألفية ابن مالك” الصارم القوي في تعريف الشيخ والكرامة والولي” وديوان شعر كبير”انظر ترجمته في مقدمة تحقيق حفيده لكتاب كشف الأستار عما في القرآن من الإضمار” من (ص 28 \72) وانظر أيضا: بلاد شنقيط المنارة والرباط، للخليل النحوي منشورات المنظمة العربية للثقافة والعلوم تونس 1968م ص (508) وانظر أيضا المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل أهل غرب وجنوب غرب الصحراء ، مدونة من 6800 فتوى ونازلة وحكم، جمع وتترتيب: الدكتور يحي ولد البراء، الناشر، الشريف مولاي الحسن بن المختار بن الحسن، الطبعة الأولى (1430هـ2009م ) ج\ 2\ التراجم ص(72)
  3. نصيحة المقلد أن لا يسيء الظن بالمجتهد مرجع سابق (ص36\37)
  4. محمذن فال بن متالي (ت 1278\1870م) فقيه ولغوي متميز، وصوفي كبير، يعتبر سنده الآن المصدر شبه الأوحد للطريقة الشاذلية الناصرية في منطقة القبلة من شنقيط، له مؤلفات منها: “كتاب فتح الحق” ومنظومة وشرحها في الأصول”ونظم أنساب العرب” وشرح الأربعين حديثا النووية” ونظم قواعد الفقه” ونظم شهداء الغزوات النبوية” وصلاح الأولى والآخرة في التفسير” وتسديد النظر في شرح مختصر السنوسي” وشافية الأبدان في الطب” واختصار البهنسي في الأسرار، انظر “الوسيط في تراجم أدباء شنقيط” لمؤلفه”: أحمد بن الأمين الشنقيطي (ص243) الناشر مطبعة المدني، (1409هـ1989م) انظر أيضا: بلاد شنقيط المنارة والرباط ص(530) وانظر حياة موريتانيا، حوادث السنين أربعة قورن من تاريخ موريتانيا وجوارها، تأليف المختار بن حامد، تقديم وتحقيق :د سيدي أحمد بن أحمد سالم ص(514) انظر أيضا المجموعة الكبرى الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب غرب الصحراء (ج\ 2\ التراجم ص278)
  5. مكتبة (اباه) بن باب بن أحمد بيب العلوي حفظه الله)
  6. هو محمدن بن الشيخ محمد بن حبيب الرحمن التندغي(ت1418هـ 1966م) فقيه وشاعر، من الذين اعتنوا بالحديث وعلومه، دعا إلى العمل بالكتاب والسنة وترك التقليد، له من المؤلفات ” كتاب في مصطلح الحديث لخص فيه ما أورده السيوطي في كتاب النقاية مع زيادات ابن حجر العسقلاني” ورسالة في الاسترعاء” واسترعاء أهل السنة على أهل البدعة” وكشف العمى في مصطلح الحديث” ورسالة في سنية القبض في الصلاة” ونظم في تاريخ الوفيات من العلماء” انظر ترجمته في ” المجموعة الكبري الشاملة لفتاوى ونوازل وأحكام أهل غرب وجنوب غرب الصحراء، لمؤلفها الدكتور: يحي ولد البراء، الناشر: الشريف مولاي الحسن بن مختار الحسن ج2\ التراجم (ص 204)

  7. ميكروفيلم جامعة افرايبور \آلمانيا، انظر أيضا : المجموعة الكبرى مرجع سابق ج4\ص 823
  8. محمذن (لمجيدري) بن حبيب الله، وقد يسمى “حب الله” بن الفاضل اليعقوبي الشمشوي(ت 1206\1790م ) درس على المختار بن بون الجكني، وعلى محمد بن المختار بن أتفغ موسى اليعقوبي، والتحق بزاوية أتفغ الخطاط الشاذلية، فأخذ عن أحمد محمود بن أتفغ الخطاط التصوف الناصري، ثم أعمل الرحلة بعد أن تضلع في علوم بلده إلى حواضر المغرب الأقصى ومصر والحجاز، وكانت له صلات علمية في مختلف المناطق التي حل بها، وكانت له في فاس صلة وثيقة بالسلطان العلوي محمد بن عبد الله أحمد بن إدريس الحسني، أخذ الأوراد النقشبندية عن عبد الوهاب التازي ، له من المؤلفات”مبين الصراط المستقيم” والجواهر المكنونة” وهو نظم في الفرائض “والسراج الوهاج في تبيين المنهاج” (يتعلق بمنهجه في الاعتماد على القرآن والسنة) “والجوهر المنظوم في ذكر ما حذف من الرسوم ” (في رسم القرآن) والأسئلة المتحدية لمن ينتصر لعلم الكلام” انظر ترجمته في: الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، ص(214)، كمال الدين لمجيدري، المؤلف: محمد الأمجد، (مرقونة) مبين الصراط، لمحمد عبد الوهاب (مرقونة) الأهدل نبذة يسيرة بذيل كتاب (أحزاب وأوراد أحمد بن إدريس ص203،) المجموعة الكبرى ج2 التراجم ص (279\280)الحركة الفكرية في بلاد شنقيط حتى نهاية القرن (12هـ \18م ) لمؤلفه الدكتور عبد الودود ولد عبد الله (ددود) مركز الداراسات الصحراوية (ط 2015م ص181)
  9. إشارة لقول النابغة الغلاوي في نظمه (بوطليحية):

    والاجتهاد في بلاد المغرب طارت به في الجو عنقا مغرب

    بوطليحة تحقيق: الدكتور يحي ولد البراء ، المكتبة المكية، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع ص (137) البيت رقم( 233)

  10. الأعراف من الآية 153
  11. سورة آل عمران من الآية (103)
  12. سورة آل عمران من الآية:(105)
  13. سورة المائدة من الآية: (43)
  14. حقق تحقيقا أوليا ضمن مذكرة للإجازة من إعداد الطالبة:آمنة بنت عبد الوهاب، كلية الآداب، انواكشوط 89\1990م
  15. الشيخ محمد المامي بن البخاري بن حبيب الله ( ولد 1206هـ 1791م\ ت 1282هـ1865م) فقيه موسوعي وشاعر ومتصوف قادري، درس في ذويه، ثم في (القبلة) ولم يعرف له أشياخ علم، وإنما يذكر أنه كان عصاميا في تحصيله، فأخذ العلم عن طريق الاطلاع والرحلات، أقام مدرسة كبيرة في منطقة (تيرس) بالشمال الموريتاني، تخرج منها أجيال من العلماء، دعا لإقامة الحدود، وتنصيب الإمام الأعظم وفتح باب الاجتهاد، وهو متعدد المواهب، أديب، وفقيه، ولغوي ومصلح اجتماعي ومؤرخ، أطلق تسميات على بلاد شنقيط منها ” البلاد السائبة” والمنكب البرزخي” والقطر الشنظوري” واعتبر بلاد شنقيط حالة استنائية تتطلب أحكاما خاصة تنطلق من خصوصيتها الإجتماعية والدينية، وهو ما دفعه إلى نظم مختصر خليل، وتأليف كتابه المتميز “البادية” انظر: موسوعة موريتانيا ج اليعقوبيين المختار بن حامد، ص(34) له مؤلفات ناهزت المئين في شتى العلوم منها ” كتاب البادية” وجمان البادية ” والدلفينية (وهي قصيدة في الفقه وغيره)” ونظم الخراج في عشرة آلاف بيت” ونظم في تفسير القرآن عقد به ابن جزي” والمفتاح في مصطلح الحديث” والبيان والأصول”زهر الرياض الزرقية في عقد الأحكام الماوردية” وإغراء الضوال والهمل على الكروع في حياض العمل” (يرد فيه على سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم في كتابه طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض العمل) ” وديوان شعر فصيح وعامي، انظر: الشعر والشعراء في موريتنيا (ص81) الدكتور محمد المختار ولد اباه ط الثانية (1424هـ 2003م) انظر أيضا: حياة موريتانيا، حوادث السنين ص:497المجموعة الكبرى ج\2\ التراجم ص 137
  16. انظر المجموعة الكبرى ج1\ص 409
  17. نظم بوطليحة: تحقيق الدكتور: يحي ولد البراء ص (137) أرقام الأبيات( 233\234)
  18. تقدمت ترجمته
  19. نصيحة المقلد أن لا يسيء الظن بالمجتهد مرجع سابق ص (65)
  20. نشر البنود على مراقي السعود مرجع سابق ج2\ص (265)
  21. نصيحة المقلد أن لا يسيء الظن بالمجتهد مرجع سابق ص (69)
  22. نصيحة المقلد مرجع سابق ص(48)
  23. يعني سيدي عبد الله ولد الشيخ إبراهيم مؤلف نظم “مراقي السعود”
  24. انظر متن المراقي “كتاب الاستدلال البيت رقم 838 \ مصدر الفتوى ميكرفيلم جامعة افرايبور \آلمانيا ، المجموعة الكبرى (ج4\ص 956)
  25. سورة الإسراء من الآية (84)
  26. المجموعة الكبرى مرجع سابق (ج1\ص415)
  27. عبد الله السالم بن يحظيه بن عبد الودود الجكني فقيه وشاعر توفي سنة (1986م)
  28. هو عمر بن (الخطاط) الملقب ب”الخطاط” الأنصاري، ثم البرتلي الولاتي وطنا، شيخ علم الكلام في زمنه، كان يذهب إلى النظر وترك التقليد، أخذ عنه الطالب الأمين بن الحبيب وغيره (ولد 8شعبان 1028ت ليلة الأحد 14 ذي القعدة 1107هـ) انظر ترجمته في فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور لمؤلفه: أبي عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي الولاتي، تحقيق: محمد إبراهيم الكتاني، ومحمد حجي، دار الغرب الاسلامي الطبعة لأولى(1402هـ1981م) الطبعة الثانية (1428هـ2007م) ص (181\182) حياة موريتانيا (ج 2 الثقافية ص: 216) وانظر أيضا: بلاد شنقيط المنارة والرباط الخليل النحوي(521)
  29. محمد امبارك بن أحمد بن حبيب الله اللمتوني (ت1293هـ 1876م) فقيه مشهور، له مؤلفات عديدة منها” شرح نظم العمريطي لورقات إمام الحرمين” وشرح على ألفية ابن مالك في النحو” ونظم في تاريخ الدولة اللمتونية في موريتانيا” وشرح على تحفة الحكام في القضاء” ونظم التوسعة في الفقه” ونظم الوقاية” في التوحيد” وبيان التيسير في شريعة البشير” ونظم في التركة” ومجموعة من الفتاوى الفقهية” وديوان شعر” انظر ترجمته في حياة موريتانيا الجزء الثقافي ص (234) بلاد شنقيط المنارة والرباط ص(526) المجموعة الكبرى ج2\ص(239)
  30. انظر حياة موريتانيا الثقافية، (ج 2) قال “وهو قول علي وابن عباس وجماعة من السلف،وهو قول الظاهرية وطائفة من العلماء، ورد عليه الشيخ محنض بابه الديماني (ت1277هـ) في رسالة لقبه فيها “بمحلل الحرام” ورد هو عليه برسالة سماها ب”محرم الحلال” ص( 47)
  31. سورة الحجر من الآية56
  32. انظر الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع، جلال الدين السيوطي ومعه شرحه المسمى الجليس الصالح النافـع بتوضيح معاني الكوكب الساطع مكتبة ابن تيمية، ط الأولى (1419هـ1998م) وورد البيت فيه بصيغة (قوم أحمد) بدل قول أحمد الواردة عن الشيخ انظرص(556)
  33. انظر المجموعة الكبرى ج1\ص418
  34. الشيخ سيدي بابه، بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي الكبير الإبييري (ت1342هـ1924م) فقيه ومحدث، وأصولي، أخذ العلم والأوراد القادرية والاختيارات المختارية عن مشايخ من تلامذة آبائه، منهم ” الشيخ أحمد بن المختار بن ازوين التنواجيوي” والشيخ أحمد بن اسليمان الديماني” كان له دور سياسي كبير ومحوري في تاريخ موريتانيا الحديث أيام دخول المستعمر الفرنسي، كان يميل إلى الاجتهاد في الفقه والتفويض في العقيدة، له عدة مؤلفات منها” إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين” تاريخ إدوعيش ومشغوف” ورسالة في إجزاء القيمة في الزكاة”ورسالة في حرف الضاد”ورسالة في بيان إعجاز القرآن، وأنه يكفي دليلا على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم”وكتاب في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم” ونظم في أسماء الله تعالى وكيفية التوسل بها” ورسالة في أرجحية التفويض في آيات الصفات” ورسالة في سنية رفع اليدين والقبض” ومنظومة في أهل الصفة” وتعليق على ألفية ابن مالك” انظر ترجمته في “بلاد شنقيط المنارة والرباط ص(516) والشعر والشعراء في موريتانيا مرجع سابق ص (81) انظر أيضا: سيدي أحمد بن أحمد سالم، وإبراهيم بن إسماعيل بن الشيخ سيديا، أعلام موريتانيا ج 1\ص34 وانظر حياة موريتانيا حوادث السنين ص: 709 والمجموعة الكبرى (ج2\ص120 طبع هذا الكتاب بدراسة وتحقيق: الطيب بن عمر بن حسين الجكني، الطبعة الأولى (1418هـ 1997م)
  35. انظر إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين ص (93\94\95)
  36. انظر نوازل حمى الله التيشيتي، جمع وتحقيق وتقديم :الدكتور محمد المختار ولد السعد،إمارة أبو ظبي، دائرة القضاء، الطبعة الأولى 1431هـ2010م ج1 ص (362\363\364)
  37. طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض مسائل العمل لمؤلفه: سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي، تقديم الحضرمي بن خطري، نشر محمد سالم بن الصوفي ، انواكشوط ط الأولى (1985م ص 14 )
  38. المرجع السابق ص 13
  39. الموافقات للإمام الشاطبي، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان،دار بن عفان، الطبعة الأولى 1417هـ ج1 ص(100\101) والمعيار المغرب والجامع المعرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب، أحمد بن يحي الونشريسي، خرجه مجموعة من الفقهاء بإشراف الدكتور محمد حجي، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية (1401هـ1981 ج 6 ص 327)
  40. رد الضوال وهمل إلى الكروع في حياض مسائل العمل ( الشيخ محمد المامي) مطبوع ضمن عدة مؤلفات له، تصحيح باية بن محمادي، نشر زاوية الشيخ محمد المامي ، بدون تاريخ (ص 155)
  41. سيدي المختار بن الطالب، حكم في نزاع على نخيل، مخطوط ، مكتبة أهل الطالب بن حنكوش، كناش آثار سيدي المختار بن الطالب، وجه
  42. انظر كتاب البادية: 167.
  43. م. ن: 245.
  44. – م. ن: 168.
  45. – م. ن: 168.
  46. كتاب البادية ص 378