العدول عن التذكير إلى التأنيث في القرآن الكريم ودلالته اللغوية في فهم النص وتفسيره – دراسة: صرفيَّة ــــ تحليليَّة

الدكتور/ مطر عبدالله إسحق محمد الجزولي1

1 أستاذ النحو والصرف المشارك ــــ رئيس قسم اللغة العربية وآدابها ــــ كلية اللغة العربية ــــ جامعة إفريقيا العالمية، السودان.

بريد الكتروني: mataraim87@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(4); https://doi.org/10.53796/hnsj3427

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/04/2022م تاريخ القبول: 22/03/2022م

المستخلص

يقوم هذا البحث على محاولة تسليط الضوء حول ظاهرة من الظواهر النحو العربي ألا وهي: العدول عن التذكير إلى التأنيث في القرآن الكريم، فيجيئ هذا البحث إلى إبراز وجه من وجوه الإعجاز القرآني في جانب نظمه، واستعمال ألفاظه.

فظاهرة العدول عن التذكير إلى التأنيث، أو من صفة إلى أخرى في الاستخدام اللغوي شائعة في كتب التراث اللغوي انشغل بها العلماء قديمًا وحديثًا، فمن غير شك أنَّ العدول عن التذكير إلى التأنيث لم يكن مجرد مصادفة، ولم يأت من فراغ، ولا يخلو من فائدة أو غرض بلاغي.

يهدف هذا البحث ـــ إجلاءً وتدقيقًا ـــ إلى تحديد الدلالات والغايات؛ لهذه الظاهرة اتكالاً على تصريحات النحاة، وإشارات البلاغيين والمفسرين، وتطبيقها في أعظم نصٍّ عرفته البشرية جميعًا ألا وهو القرآن الكريم.

فقد توصل البحث إلى عدة نتائج من أهمها: أنَّ الخروج عن المألوف في الاستخدام اللغوي لم يكن أمرًا عفويًا في التعبير اللغوي بل تختبئ وراءه دلالات مقصودة ولمسات فنية مقبولة، كما أنَّ الحمل على المعنى هو المصوغ الأول في العدول عن التذكير إلى التأنيث في آي الذكر الحكيم.

Research title

Shift from masculine form to feminine form in the Holy Koran and its language indications for understanding and interpretation of the Holly Text

Syntactical and language indications study

Dr. Matar Abdalla Issac Mohammad Eljizouli1

1 Associate professor specialized in syntax and grammar and head of the Department of Arabic language and Arabic literature.

Email: mataraim87@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(4); https://doi.org/10.53796/hnsj3427

Published at 01/04/2022 Accepted at 22/03/2021

Abstract

This research is based on an endeavor to bring in focus one of the phenomena of Arabic syntax i.e., the shift from masculine to feminine form in the Holy Koran. It is conducted in order to cast the light on one of the aspects of the miracles of Koran, with respect to its rules and its usage of expressions.

In fact, the phenomenon of shift from masculine form to feminine form, or from one adjective to another, in the usage of language, was widespread in the books of language heritage, and this preoccupied scholars in the past and in modern times. No doubt that shift from masculine form to feminine form was not a mere coincidence and did not emerge from nothingness. It is not without rhetorical benefit or purpose.

The objective of this research is to pinpoint indications and aims of such phenomenon, including clarifying and checking; relying on the declarations of syntax scholars and on what interpreters referred to, so as to apply them to the Greatest Text, known by all humanity, which is the Holy Koran.

The researcher reached a number of results and the most important of these are:

Rejecting current language in language usage, with regard to language expressions, was not casual, but, it even implies intentional indications and acceptable technical touches.

Inclination towards the meaning is the first justification for the shift from masculine form to feminine form in the verses of the Holy Koran

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين رافع الدرجات لمن انخفض لجلاله، وفاتح البركات لمن انتصب لشكر إفضاله، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد الفاتح الخاتم المنزل عليه قرآن عربي غير ذي عوج وعلى آله الهادين وصحبه الذين شادوا الدين وشرف وكرم بجهودهم المبين. وبعد…

فإن موضوع هذا البحث موسوم بــ(ظاهرة العدول عن التذكير إلى التأنيث في القرآن الكريم ـــ ودلالته اللغويَّة في فهم النَّصِّ وتفسيره) لم يختلف العلماء اللغويون والنحويون والبلاغيون قديمًا وحديثًا في أنَّ لكل نص لغوي غرضًا عامًا يسعى مستخدم اللغة إلى تحقيقه، وإذا كان الأصل في مستخدم اللغة أن يبني خطابه وفق أعراف اللغة وقواعدها القياسية؛ فإنَّ الحاجة البيانية ــ أحيانًا ــــ تملي عليه الخروج عن النمط المألوف في نص الكلام، والانصراف عنه إلى تعبير آخر غير متوقع كأن يذكَر ما حقه التأنيث، ويؤنث ما حقه التذكير، أو يلفت من ضمير الخطاب إلى الغيبة، أو من الغيبة إلى الخطاب، أو يعبر عن المستقبل بلفظ الماضي، أو العكس، أو يخاطب الواحد بلفظ الجماعة ة أو العكس… إلى غير ذلك من صور العدول المتعددة، وهي ظواهر لها من الفُشُوِّ في الاستخراج اللغوي بحيث يُشَكِّلُ ملمحًا أسلوبيًا بارزًا يشُدُّ الانتباه ويلفت الأنظار، ويدفع إلى التساؤلات الآتية: ما السر في العدول عن التذكير إلى التأنيث في القرآن الكريم؟ وما الدلالات اللغويَّة والمعنويَّة المختبئة وراء هذا العدول؟ وهل يجوز العدول عن الأصل إلى الفرع؟ وما رأي علماء أصول النحو في ذلك؟… إلى غير ذلك من الأسئلة التي تثار حول هذه القضية، وهي قضية حمل البحثُ همها، واستهدف بيانها، وعمد إلى كشف لطائف أسرارها، وتنبع أهمية هذا البحث في أنَّ دراسة العدول عن التذكير إلى التأنيث والتوقّف على أسراره يساعد في الكشف عن معانٍ إضافية في تراكيب اللغة التي لولا كسر السياق بعنصر لغوي غير متوقع لبقيت محجوبة عن الأنظار، وكما تنبع أهمية البحث في أنَّها تفتح آفاقًا جديدة لقراءة النصوص وتحليلها وفق مقتضيات الحال، وملايسات المقام ومؤثرات السياق.

وتهدف هذه الدراسة إلى توضيح أسباب العدول وبواعثه وأبعاده، وكما تهدف إلى إبراز أثر السياق في توجيه دلالة اللفظ، وبيان الحكمة في خروجه عن مقتضاه الظاهر؛ وكذلك الوقوف على الإشارات البلاغيَّة والدلالات العقديَّة والأسرار البيانية الكامنة وراء المغايرة في الأسلوب القرآني في العدول عن التذكير إلى التأنيث، وفى سبيل تحقيق هذه الغاية انتهج الباحث المنهج الوصفي القائم على التحليل حيث يتم جمع مادة البحث من مظانها ثم عرضها وتحليلها وتطبيقها في النصوص القرآنية، ولأجل الخروج بفكرة واضحة، ولأجل الاستفادة، فقد اقتضت طبيعة البحث حسب المادة المدروسة أن يتألف هيكله من مقدمة وثلاثة محاور حيث خصص المحور الأول: عن مفهوم العدول في اللغة والاصطلاح (قديمًا وحديثًا)، وخصص المحور الثاني لبواعث العدول وغاياته وأهدافه، وأفرد المحور الثالث لظاهرة العدول عن التذكير إلى التأنيث في القرآن الكريم.

المحور الأول: مفهوم العدول في اللغة والاصطلاح (قديمًا وحديثًا):

أولاً: مفهوم العدول في اللغة: إذا نظرنا أبواب المعاجم العربية قديمها وحديثها نجد كلمة (عدول) في مادة (ع، د، ل) التي لا تخرج عن معنيين أجملهما ابن فارس (593هـ) بقوله:” العين والدال واللام أصلان صحيحان، لكنَّهما متقابلان كالمتضادَّين:

أحدُهما: يدلُّ على استواء، والآخر: يدلُّ على اعوجاج”([1]).

فالأصل الأول: المساواة والاستواء، قال الخليل:” العدلان الحملان على الدابة من جانبيه، وجمعه أعدال، وعدل أحدهما بالآخر في الاستواء، كي لا يترجح أحدهما صاحبه”([2]). والعَدْل من النَّاس: المرضيّ المستوِي الطّريقة، يقال: هذا عَدْلٌ، وهما عَدْلٌ. وهم عُدولٌ، وإنَّ فلاناً لعَدْلٌ بيِّن العَدْل والعُدُولة، ومنه: العَدْل في الحكم ضد الجور… الخ، والتعديل، والتزكية، يقال: عدل فلان فلاناً زكاه، وعدل الكيل والميزان فاعتدل.

ومما يجدر ذكره في هذا السياق أن مادة (ع ، د ، ل) ـــ في جزرها العميق ــــ وردت في القرآن الكريم في مواطن عديدة، بصور مختلفة، لمعان متعددة، حيث جاءت بصيغة الماضي لمعنى الاستواء والاعتدال([3])في قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾([4])وبصيغة المضارع بمعنى إقامة العدل([5])في قوله تعالى: ﴿ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ﴾([6])،وأيضاً لمعنى الفداء([7])في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾([8])،وبمعنى المساواة بين اثنين([9])في قوله تعالى:﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾([10]).

ووردت بصيغة الأمر لإقامة العدل ـــ أيضاً([11])ـــ في قوله تعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾([12])

وعلى هذا يكون العدول بمعنى: الميل والتنحي، والرجوع، والمساواة، والحسن، والاستقامة، والاستواء، وضد الظلم، وهو في أدائه هذه المعاني من ألفاظ المشترك اللفظ، كما يكون بمعنى الاعوجاج، وهو يقابل الاستقامة، لكن الذي يعنينا من هذين الأصلين هو الأصل الثاني الذي يدل على الاعوجاج والانعراج، أي الميل والتحول، قال الخليل:” والعدل أن تعدل الشيء عن وجهه، فتميله”

قال الخليل: “وعدلت الدّابة إلى كذا، أي: عطفتها فانعدلت … والانعدال: الانعراج “([13]).

وجاء في المحكم:” عدل عن الشيء يعدل عدلاً وعدولاً: حاد، وعدل إليه عدولاً: رجع … وعدل الطريق: مال”([14])،فيتضح أن العدول مصدر الفعل عدل وتعديته بـ(عن) تقول: عدل عن الحق عُدولاً إذا جار أي: مال عنه([15])إلا أنَّ القرآن لم يوظف مصطلح العدول بمعنى الانصراف عن الشيء وتركه إلى غيره، وهو المعنى الذي عليه مدار هذه الدراسة.

ثانيًا: مفهوم العدول في اصطلاح النحاة:

من خلال النظر في معاني العدول في اللغة، يتضح أن ما يتعلق بموضوع البحث من تلك المعاني هو: الميل، والرجوع، والمساواة، والحسن، والاستقامة، والاستواء وذلك لأن العدول النحوي المقصود في هذه الدراسة هو الميل عن القاعدة رجوعًا إلى المعنى المقصود الذي لا يتحقق بمراعاتها؛ ليستقيم المعنى بذلك العدول، ويستوي على أكمل وجه وأحسنه، بعد أن تحققت المساواة بين التركيب ومعناه المقصود ـــ ولا يمكن عزل النص القرآني ـــ موطن العدول عن سياقه، فالسياق هو إحدى القرائن الدالة على المعنى، ولا شك في أنَّ له دوراً بارزاً في العدول، فقد يؤدي إليه، أو يحول دونه، وهذا الأمر يدعو إلى دراسة للنحو لا تنفك عن دلالة السياق ومعناه … وذلك بدراسة التراكيب النحوية ضمن سياقاتها النصية، بما يسمى نحو النص لا نحو القاعدة، المنفصلة عن النص، وسياقها النصي ؛ أمّا إذا رجعنا إلى التّعريف الاصطلاحيّ للعدول في كتب القدماء فلن نجد له تعريفًا محدّدًا وإن كانوا يستعملون هذه الكلمة أو ما يشتقّ منها مثل: عَدَلَ، ومعْدُول في مواضع كثيرة من كتبهم.

فمن مواضع استعمالهم لما يشتق منها قول سيبويه مثلاً:” فحلاقِ معدول عن الحالقة … فهذا كله معدول عن وجهه وأصله… كما عُدِل: نظار وحذار وأشباههما عن حدّهنّ” ([16]).

وقول المبرّد: “فأما سحر فإنه معدول إذا أردت به يومك عن الآلف واللام”([17]) حيث نلاحظ استعمالهما لكلمتي: (عُدِل) و(معدول) وكلاهما مشتقان من المصدر(عدول)

ومن مواضع استعمالهم الكلمة صراحة قول ابن جني: “باب في العدول عن الثقيل إلى ما هو أثقل منه لضرب من الاستخفاف”([18]).

ومن مواضع استعمالهم الكلمة قول ابن الأثير: “إنّ العدول عن صيغة من الألفاظ إلى صيغة أخرى لا يكون إلا لنوع خصوصية اقتضت ذلك”([19]) .

حيث نلاحظ استعمالهما لكلمة (عدول) صراحة في المعنى الذي درج عليه علم اللغة الحديث هذه نماذج من استعمال القدماء لكلمة العدول أو ما اشتق منها، ويمكن أن نعرّف العدول انطلاقًا من سياقات استعمالهم للكلمة بأنه: “كل ما ليس بمألوفٍ ولا عادي مطابق للنموذج المعتاد”([20]) لذا فهو يعنى برصد انحرافات الكلام عن نسقهِ المثالي المألوف ويسمى عند الأسلوبيين بـ(الانتهاك) أو (الانزياح) وذلك لأنهم نظروا إلى اللغة وفق مستويين:

الأول: مستواها المثالي في الأداء العادي.

والآخر: مستواها الإبداعي الذي يعتمد على اختراق هذهِ المثالية وانتهاكها([21])،إذ إن هناك دائمًا انزياحات عن المعنى الأصلي للكلمات التي تستخدم، كما أنَّ التركيب نفسه يميل إلى خرق القواعد المألوفة كما يؤكد ذلك جان كوهن([22]). وكما يُعرف العدول بأنه: الخروج أو الانحراف والميل من صياغة، أو تعبير إلى صياغة، أو تعبير آخر لغرض معين.

وذكر الجرجاني حد العدول عند النحاة في كتابه (التعريفات) في قوله:” العدل في اصطلاح النحويين خروج الاسم عن صيغته إلى صيغة أخرى” ([23]).

وتكاد تنحصر موارد هذا المصطلح في باب الممنوع من الصرف، إذ يقول ابن جني في تعريف العدل المانع للاسم من الصرف:” أن تلفظ ببناء وأنت تريد بناءً آخر نحو: عمر وأنت تريد عامراً، وزفر وأنت تريد زافراً”([24]) ،وفي السياق نفسه يقول ابن السراج:” ومعنى العدل إما أن يشتق من الاسم النكرة الشائع اسم ويغير بناؤه، وإمَّا لإزالة معنىً إلى معنىً، وإمَّا ؛لأن يسمى به”([25]).

ويؤكد ابن السراج أنَّ سيبويه كان يرى أنَّ لفظ (أحاد) لم ينصرف؛ لأنَّه معدول، وأنه صفةٌ ، ولو قال قائل: إنه يصرف؛ لأنه عدل من اللفظ والمعنى جميعاً وجعل ذلك لكان قولاً([26]).

ولم يختلف مفهوم العدول في هذا المضمار عند متأخري النحاة عما تعارف عليه المتقدمون، بل ترسموا خطاهم، وساروا على دربهم، ونسجوا على منوالهم، فالعدول عند العكبري هو:” أن يقام مقام بناء آخر من لفظه، فالمعدول عنه أصل المعدول”([27]).

وقريب منه قول ابن هشام الأنصاري:” العدل هو تحويل الاسم من حالة إلى حالة آخرى مع بقاء المعنى الأصلي”([28]) .

والأصل الذي أشار إليه كل من العكبري وابن هشام في تعريفيهما هو المعنى الأول الذي تحمله الصيغة الصرفية للكلمة، فصيغة اسم الفاعل الدالة على من قام بالفعل هي الأصل وصيغ المبالغة معدولة عنها، ومحول منها إليها([29]) .

وقد يراد بالأصل ـــ أيضاً ـــ القاعدة التي بنيت على الكثير الشائع في كلام العرب، الفاشي في الاستعمال فالأصل في نسق الجملة العربية ألا يخبر بالماضي عن المستقبل، ولا يسند المذكر إلى المؤنث، ولا المؤنث إلى المذكر ولا يوصف المفرد بالجمع، وإلى غير ذلك من أشكال العدول…؛ لأن المطابقة بين عناصر الجملة شرط في تأدية المعنى([30]).

إذن مفهوم العدول النحوي المقصود في هذه الدراسة هو الميل عن القاعدة رجوعًا إلى المعنى المقصود الذي لا يتحقق بمراعاتها؛ ليستقيم المعنى بذلك العدول، ويستوي على أكمل وجه وأحسنه بعد أن تحققت المساواة بين التركيب ومعناه المقصود.

المحور الثاني: بواعث العدول ومقاصده وفوائده:

للعدول عن صيغة إلى أخرى، أو من أسلوب إلى آخر بواعث، ومقاصد، وفوائد، وأبعاد أكثر من أنْ تُعدَّ أو تحصى، وقد أجمع اللغويون والبلاغيون قديماً، وعلماء الأسلوبية حديثاً على أنَّ العدول لا يكون إلا لغاية بيانية، أو فنية يستهدفها مستعمل اللغة؛ لأنَّ الدراسة البيانية ترفض أن يكون هناك تغييرٌ في نظم الكلام تستبدل فيه كلمة بأخرى لا تتبعه تغيير في المقاصد والأغراض([31]).

كما أنَّ العدول عن صيغة من الألفاظ إلى صيغة أخرى لا يكون إلا لنوع خصوصية اقتضت لذلك([32]).؛ فالعدول ليس أمرًا عفويًا في التعبير اللغوي بل فيه من القصدية ما يوجب البحث في غاياته ومراميه، والواقع أن المتتبع لمواطن العدول في اللغة بشكل عام، وما ذكره المفسرون، وأهل اللغة لدى تناولهم هذا الدرس يشير إلى أن العدول بصُوَره المختلفة ينتهي إلى أبعاد وغايات ثلاثة: البعد المعنوي، والبعد الإيقاعي، والبعد التداولي.

أولاً: البعد المعنوي: هنالك غايات معنوية عديدة يصرف لها الكلام من صيغة إلى أخرى، أو من أسلوب إلى أسلوب، أهمها:

1ـــ التخفيف: وهو أحد الأغراض التي تحققها تقنية العدول يقول الخضري :”وفائدته ــ أي: العدول ــ إما تخفيف اللفظ كما في (مَثْنَى وأُخر)، أو تخفيفه مع تمحضه للعلمية كما في (عُمر وزفر) عن (عامر وزافر)([33])، ولا يختلف اثنان دون ثالث في أن (مَثْنَى، وأُخر، وعمر) أخف نطقًا على اللسان وأكثرها سلاسة من (اثنين، وأخريات، وعامر).

2ــ التعظيم والتفخيم، أو التحقير والإهانة: وهما ـــ أيضًا ـــ من الغايات القصدية للعدول في بعض صوره، يدلنا على ذلك قول ابن الأثير في تعليله للعدول عن صيغة المضارع إلى الأمر (وإنما يقصد إليه تعظيماً لحالٍ من أجري عليه فعل المستقبل، وتفخيماً لأمره، وبالضد فيمن أجري عليه فعل الأمر) ويمثل لهذه الصورة العدولية بقوله تعالى:﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾([34])، فيرى أنه إنما قال: ﴿أُشْهِدُ اللَّهَ … واشْهَدُوا﴾؛ لأن إشهاد الله على البراءة من الشرك صحيح ثابت، وأما إشهادهم فما هو إلا تهاون بهم، ودلالة على قلة المبالاة بأمرهم، ولذلك عدل عن لفظ الأول لاختلاف ما بينهما([35]).

3ــ المبالغة: قال الزمخشري في بيان علة الالتفات من الخطاب إلى الغيبة:” فإن قلت: ما فائدة صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة ؟ قلت: المبالغة”([36]).

وممن علل العدول عن اسم الفاعل إلى المصدر بالمبالغة ابن عاشور في قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾([37]) حيث قال: (الإخبار ـــ أي: بالمصدر ـــ عن الماء من باب الوصف في المصدر للمبالغة مثل عدل ورضي) ([38]) وفي تعليل العدول عن (فاعل) إلى (فعّال) يقول الرّماني في قوله تعالى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾([39])(غفار: معدول عن غافر للمبالغة) وفي الفرق بين صفتي (رحيم) و(رحمان) يقول أبو هلال العسكري:” أنَّ (الرحيم) مبالغة لعدوله، وأنَّ (الرحمن) أشد مبالغة لأنَّه أشدُّ عدولاً”([40])،فهؤلاء جميعاً عللوا العدول في تلك المواضع المختلفة بالمبالغة، وليست المبالغة إلا شحنة دلالية إضافية توفرها الصيغة المعدول إليها, إذ لولاها لبقيت محجوبة في بنية الخطاب الأصلي.

4ـــ التعليل بالتوكيد: ويتجلى ذلك في تعليل ابن الأثير للعدول عن الأمر إلى الماضي حيث يقول :” وإنما يفعل ذلك توكيداً لما جرى عليه فعل الأمر لمكان العناية بتحقيقه، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾([41])،فالعدول عن الماضي (أمر) إلى الأمر(وأقيموا) إنما كان للعناية بتوكيده في نفوسهم، فإن الصلاة من أوكد فرائض الله على عباده، ثم أتبعها بالإخلاص الذي هو عمل القلب، إذ عمل الجوارح لا يصح إلا بإخلاص النية”([42]).

5ـــ تجديد نشاط السامع وإزالة السأم عنه: من الغايات السامية لتقنية العدول تجديد نشاط السامع وكسر الرتابة لدى المتلقي، وقد فطن الزمخشري إلى هذه الحقيقة منذُ زمن مبكر، إذ يقول:” إن الكلام إذا نُقل من أسلوب إلى أسلوب كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع، وإيقاظاً للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد”([43])،ويقول عن العدول في مكان آخر إنه:” فن من الكلام جزل فيه هزّ وتحريك من السّامع… وهكذا الافتنان في الحديث والخروج فيه من صنف إلى صنف يستفتح الآذان للاستماع ويستهشُّ الأنفس للقبول”([44]).

فالعدول بهذا المعنى يُعد منبِّهاً أسلوبياً يكسر أفق التوقع لدى المتلقي، ففي الوقت الذيّ فيه ـــ أي المتلقي ــــ منسجماً ذهنياً مع أسلوب معيّن أو نسق تعبيري (ما) بحيث يكون مهيّئاً لحدس مجريات الأحداث، وبناء نتائج متوقعة من وحي المقدِّمات التعبيرية إذ المبدع من خلال الانحراف بالأسلوب التعبيري المألوف، يفاجىء المتلقي بما لا يتوقعه، فتثير لديه تساؤلات عن دلالة هذا الانحراف، فيكون المبدع من خلال النمط التعبيري هيّأ الأسباب لاستثارة كوامن الإبداع لدى المتلقي الذي سيدفعه مقام الدهشة والانبهار إلى سبر أغوار هذه الظاهرة الفنية الفذة بحثاً عن الطاقات الدلالية، والقيم الجمالية المظروفة فيها([45]) .

ثانيًا: البعد الإيقاعي: تعد حاسة السمع عنصرًا مهمًا، وفاعلاً، وحاسمًا في تحديد الخصائص الصوتية للمفردات اللغوية، وهي المرجع الأوحد في تحديد ما في الكلمة من صفات الحسن أو القبح في جرسها الموسيقي، فالأذن التي تطرب لصوت البلبل، وتستحسنه، وترتاح لسماعه هي نفسها التي تشمئزُّ من صوت الغراب،أو نهيق الحمار، ومن ثم كانت استمالة الأذن للإصغاء الجيَّد إحدى غايات العدول من صيغة إلى صيغة، أو من أسلوب إلى أسلوب كما أشار الزمخشري إلى ذلك.

وتحت هذه الغاية يمكن إدراج المحسنات البديعية ذات الأثر المباشر على الشحنة الصوتية في العبارة مثل الإيجاز أو الإطناب أو التناغم بين مكونات الملفوظ، وهذه المساحة يتقاطع فيها العدول مع علم البديع أحد فروع البلاغة، وربما تقاطع حتى مع علم التشريح من خلال ارتباط الإيقاع بحاسة السمع وذلك أنه “من الأسباب التي تجعل الأذن تضيق بالصوت الرتيب هو أنَّ الصوت الرتيب يعمل الأذن على نوع واحد فيُضْني الأعصاب السّمعيّة، فعل قطرة الماء في الصخرة إذا وقعت فيها دائمًا على نقطة واحدة ولا كذلك التنوع في الشدة والنغمة” ولذلك يكون العدول بأثره الإيقاعي عاملاً مريحاً للأذان، دافعاً عنها السأم والأذى مما يهيئها لتقبل ما يحمله باقي الملفوظ من المعاني.

ثالثاً: البعد التداولي: إنّ اعتبار حال المتلقي عند إنشاء الخطاب من أهم المرتكزات التي قامت عليها البلاغة العربية، وهو ما لخصته العبارة الشهيرة “لكل مقام مقال” فمراعاة المقامات المختلفة لا تسمح ــ دائمًا ــ باستعمال الأصل اللغوي إذ “قد تقتضي مسايرة التعبير للحالة النفسية أن يخرج التركيب عن مقتضى الظاهر ـــ كأن يذكر ما حقه التأنيث وبالعكس ـــ وكأن يذكّر مرة، ويؤنث مرة أخرى في السياق نفسه، أو كان يأتي بالتركيب على خلاف أصله([46])، ومما يؤثر في بناء الخطاب المكانة الاجتماعية لمن يوجه إليه الخطاب، كأن يخاطب الواحد بلفظ الجماعة على نحو ما نجده في مخاطبة الملوك، والرؤساء وذوي المناصب الرفيعة، أو الرغبة في تشريف المخاطب، والرفع من شأنه على نحو ما نجده في إضافة (عبد) العائد إلى الرسول () إلى ضمير الذات الإلهية في مثل قوله تعالى:﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾([47])، وهي إضافة تشريف كما نص على ذلك المفسرون([48])،ومنه إرادة التحكم أو التودد في صيغ المبالغة وغير ذلك. فعليه نجد أن العدول كان محورًا رئيسًا في الكثير من مباحث علم المعاني ومنبهًا أسلوبيًا في بنيتها لقيمته التعبيرية ودقته في الأداء اللغوي، كما في: التذكير والتأنيث، والتقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، والذكر والحذف، والوصل والفصل والإيجاز والإطناب([49]) حيث مثل “ذلك العدول الطاقة الإيحائية في الأسلوب”([50])،كما يُعد العدول من أهم المباحث النحوية في الكشف عن العملية الإبداعية في النصوص وذلك لكثرة اعتماد المبدعين عليه لغرض خلق دلالات جديدة وإثارة المتلقي، إذ يكسب العدول عن التذكير إلى التأنيث ثراء في التحليل

المحور الثالث: العدول عن التذكير إلى التأنيث في القرآن الكريم:

وفي هذا المحور سأتناول نماذج من (الألفاظ المذكرة الواردة بالتأنيث في القرآن الكريم): ليبان سر العدول عن التذكير إلى التأنيث في القرآن الكريم. ولكن قبل الشروع في عرض النماذج للعدول عن التذكير إلى التأنيث ينبغي تفصيل الحديث عن آراء العلماء حول ظاهرة العدول عن التذكير إلى التأنيث في اللغة العربية.

قال سيبويه:”إنما كان المؤنث بهذه المنزلة، ولم يكن كالمذكر؛ لأنَّ الأشياء كلها أصلها التذكير ثم تختص بعد”([51])، وقال ـــ أيضًا ـــ:”إنما يخرج التأنيث من التذكير”([52]). ويرى ابن جني أنَّ تذكير المؤنث واسع جدًا في حين أنَّ تأنيث المذكر أمر مستغرب ومستنكر، والسبب في ذلك أن تذكير المؤنث رد فرع إلى أصل في حين هو في الثاني حمل أصل على فرع”([53]).

وأخذ ابن الشجري برأي ابن جني فقال:” واذا كانوا قد أنثوا المذكر على المعنى فتذكير المؤنث أسهل ؛ لأنَّ حمل الفرع على الأصل أسهل من حمل الأصل على الفرع”([54]).

وذهب ابن عصفور إلى أنَّ تذكير المؤنث وتأنيث المذكر لا يحملان على المعنى إلا في ضرورة([55])، ويرى ابن مالك أن تذكير المؤنث وعكسه لا يكونان إلا على ضرب من التأويل، حيث قال: “ومن إعطاء المذكر حكم المؤنث قول النبي صلى الله عليه وسلم :” فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء”([56])،والجناح مذكر، ولكنه من الطائر بمنزلة اليد فجاز تأنيثه مؤولاً بها([57]).

وذهب الزركشي إلى أنَّ المؤنث يكثر تأويله بمذكر وضرب لذلك أمثلة عديدة، وذكر آراء العلماء وعللهم في الآيات التي ذكر فيها المؤنث

والشيخ خالد الأزهري يرى أن التذكير والتأنيث يجريان على لفظ المعدود، إذا لم يتم بالكلام ما يقوي المعنى، أو يكثر فيه قصد المعنى، أما إذا اتصل بشيء من ذلك فيجوز مراعاة المعنى.([58])،وهذا ما كان دافعًا لمعرفة السر في ـــ العدول عن التذكير إلى التأنيث ـــ ذلك بالاستعانة بأقوال المفسرين والعلماء المتخصصين في فقه اللغة، كما أراد الباحث أن يبرز دور السياق بجميع أنواعه في تفسير هذا العدول، وأن يؤكد أنَّ كل مفردة في القرآن جاءت في موضعها اللائق ومكانها المناسب، وفيما يلي سأتناول نماذج توضيحية ــ عما ورد في كلام الله ــــ عزّ وجلّ ـــ للعدول عن التذكير إلى التأنيث؛ لأنَّ الوقوف على كل الشواهد الواردة في هذا الاستعمال لا يحصيها كتاب.

1ـــ (عَشر): قال تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بالَحسنَةِ فَلَهُ عَشرُ أمْثَالِهَا وَمَنْ جَاء بالسَّيئةِ فَلا يُجزى إلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظلَموُن ﴾([59]).

قوله:﴿عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ يقرأ بالإضافة، أي: فله عشر حسنات أمثالها، فاكتفى بالصفة، ويقرأ بالرفع والتنوين([60]) على تقدير: فله حسنات عشر أمثالها، وحذف التاء من (عشر)؛ لأنَّ الأمثال في المعنى مؤنثة؛ لأنَّ مثل الحسنة حسنة، وقيل: أنث لأنَّه أضاف إلى المؤنث([61]).حكم تأنيث المذكر: فأما تأنيث المذكر فأضعف من عكسه إذ كان ترك الأصل إلى الفرع، مع أنَّه قد جاء حملاً على المعنى ففي قوله تعالى: ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ﴾ قالوا: الأصل (عشرة)؛ لأنَّ القاعدة في الأعداد: العشرة أن يكون جنس العدد خلاف المعدود يقال: (عشرة رجال, وعشر أمهات).

وقال آخرون لمراعاة المعنى؛ لأنَّ ما هو مثل الحسنة المؤنثة يكون مؤنثاً، وكل ذلك كأن الأمثال عندهم مذكر، وهكذا تنسى الاعتباطية أن صيغ الجمع على وزن (أفعال) كلها مؤنثة فأنث، بل هم يقولون: هذه ـــ وليس هذا ــــ الأشياء، وهذه الأعمال, والأحكام, والأنهار, والأسماء وتلك الأقدار, والأعداد …الخ . فلا تشذ (الأمثال) عنها، وقد أنثت (بمفردها) بمعزل عن الحسنات في القرآن([62])، فقال تعالى:﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُون﴾([63]).

وحكى سيبويه: (عندي عشرة نسابات)،أي: عندي عشرة رجال نسابات([64]). وقال أبو علي: حسن التأنيث في ﴿عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ لما كان الأمثال مضافاً إلى مؤنث، والإضافة إلى المؤنث إذا كان إياه في المعنى يحسن فيه ذلك([65])،نحو قوله تعالى:﴿ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ﴾([66]) ، وذهبت بعض أصابعه([67]) .

وقال الزركشي:” فأنث (عشر) حيث جردت من الهاء مع إضافته إلى الأمثال وواحدها مذكر، وفيه أوجه:

أحدها: أنث لإضافة الأمثال إلى مؤنث، وهو ضمير الحسنات والمضاف يكتسب أحكام المضاف إليه([68])، فتكون كقوله: ﴿يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ﴾([69])

والثاني: هو من باب مراعاة المعنى ؛ لأنَّ الأمثال في المعنى مؤنثه؛ لأنَّ مثل الحسنة حسنة لا محالة فلما أريد توكيد الإحسان إلى المطيع، وأنه لا يضيع شيء من علمه كأنَّ الحسنة المنتظرة واقعة، جعل التأنيث في أمثالها منبهة على ذلك الوضع وإشارة إليه؛ كما جعلت الهاء في قولهم: (رواية، وعلامة) تنبيهاً على المعنى المؤنث المراد في أنفسهم، وهو الغاية والنهاية، ولذلك أنث المثل هنا توكيداً لتصوير الحسنة في نفس المطيع؛ ليكون ذلك أدعى له إلى الطاعة حتى كأنه قال: (فله عشر حسنات أمثالها) حذف، وأقيمت صفته مقامه، وروعي ذلك المحذوف الذي هو المضاف إليه([70])، كما يراعى المضاف في نحو قوله تعالى:﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ في بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ﴾([71])،أي: أو كذي ظلمات([72]) وراعاه في قوله تعالى:﴿ يَغْشَاهُ مَوْجٌ ﴾([73])، وهذا الوجه هو الذي عول عليه الزمخشري ولم يذكر سواه”([74]).

قال الزمخشري في قوله ـــ عزَّ وجلَّ ـــ:﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾ على إقامة صفة الجنس المميز مقام الموصوف، تقديره: عشر حسنات أمثالها([75]).

وقال الزجاج في قوله جلَّ وعزَّ: ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾:” القراءَة: ﴿فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾ والمعنى: فله عَشْرُ حَسَنات أمثالها، وكما يجوز:(عندي خمسة أثواب)،ويجوز:( فله عَشْرُ مِثْلِها) في غير القراءَة فيكون المثل في لفظ الواحد، وفي معنى الجميع([76])،كما قال: ﴿إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ﴾([77])،ومن قال أمثالها، فهو كقوله: ﴿ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾([78])؛ وإنما جاءَ على المثل التوحيدُ. وَأنْ يكون في معنى الجميع؛ لأنَّه على قدر ما يشبه به، تقول: (مررت بقوم مِثلكم، وبقوم أمثالكم) ([79]). وأما ابن جني فذكر في المحتسب الوجه الأول، وقال: فإن قلت فهلا حملته على حذف الموصوف؟([80])،فكأنه قال: فله عشر حسنات، وأمثالها، قيل: حذف وإقامة الموصوف مقامه ليس بمستحسن في القياس، وأكثر ما أتى في الشعر، ولذلك حمل: دانية من قوله تعالى: ﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا﴾([81]) على أنه وصف جنة أو وجنة دانية عطف على جنة من قوله تعالى:﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾([82])،لما قدر حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه حتى عطف على قوله تعالى:﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ ﴾([83])،فكانت حالاً معطوفة على حال.

وفي قوله تعالى:﴿ مَنْ جَاءَ بالَحسنَةِ فَلَهُ عَشرُ أمْثَالِهَا وَمَنْ جَاء بالسَّيئةِ فَلا يُجزى إلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظلَموُن﴾ نجد في هذه الآية الكريمة دلالة التوازي القائمة على التقابل الدلالي ذات الألفاظ المكررة بتكرار البنى في أسلوب الشرط.

أسلوب الشرط الأول: ﴿ مَنْ جَاءَ بالَحسنَةِ فَلَهُ عَشرُ أمْثَالِهَا﴾:

اسم الشرط + فعل الشرط + فاء واقعة في جواب الشرط + جواب الشرط.

أسلوب الشرط الثاني:﴿ وَمَنْ جَاء بالسَّيئةِ فَلا يُجزى إلاَّ مِثْلَهَا﴾.

اسم الشرط + فعل الشرط + فاء واقعة في جواب الشرط + جواب الشرط .

ويرجع ذلك إلى أنَّ التوازي المعتمد على التقابل يضم عناصر دلالية قائمة على الموافقة والمخالفة مع مراعاة الموقع في التقديم والتأخير. فعلى الرغم من التوازي الناجم من تكرار أسلوب الشرط من خلال الأداة ﴿مَنْ﴾ والفعل ﴿جَاءَ﴾ وعليه: الصيغة كاملة، نلمس التقابل الدلالي الواضح بين لفظي ﴿الحسنَة﴾ و﴿السَّيئة﴾، والذي يثير إحساساً بجدية الحياة وضرورة العمل الدؤوب فيها لجني الحسنات وترك السيئات، حيث يجزى كل إنسان حسب عمله وفق مبدأ الثواب والعقاب، وهو تعبير دقيق عن عدالة الحق سبحانه وتعالى، وفضله وكرمه على عبادهِ في كل حينٍ، وآوان، حيث جعل لمن جاء بالحسنةِ عشر أمثاله، ومن جاء بالسيئةِ فيجزى مثلها، دون أن يظلم أحداً من خلقهِ. فمجيء هذهِ الألفاظ المتقابلة:” معززة بأسلوب الشرط يمنح الكلام تأثيراً عميقاً يجعل المستمع في حالة استيعاب كامل لمغزى وحقيقة الكلام مدركاً أبعاد الاختيار بين القضيتين المتقابلتين”([84])، ويؤكد هذا المعنى تكرار الفعل ﴿جَاءَ﴾ الذي حقق دلالتين متناقضتين:

فالأولى: دلَ على الترغيب في فعل الخير من خلال ثوابه بعشر منه.

أما الأخرى: فقد دلَ على الترهيب من أجل الابتعاد عن العمل السيء وذلك؛ لأنَّه سيعاقب بمثله([85])،”واقترن كل ذلك بالتوازي الذي اختلفت بنيته في النهاية؛ لتتوافق مع الآية؛ ودلالتها فجاءت صيغة الإثبات مقترنة بالحسنة، وجاءت صيغة النفي مقترنة بالسيئة ،ثم إنَّ الحسنة دلت على أضعاف كثيرة وصلت إلى العشرة، في حين نجد أنَّ السيئة بقيت على حالها في النص”([86]). والأثر الأسلوبي للسياق يظهر جلياً في الدلالة على الكثرة والإطلاق في قولهِ تعالى:﴿مَنْ جَاءَ بالَحسَنةِ فَلَهُ عَشرُ أمَثالِها وَمَنْ جَاءَ بالسَّيئةِ فَلا يُجْزَى إلا مِثْلَهَا وَهُم لا يُظْلَمُونَ﴾ فالمراد بالعشرةِ ـــ هنا ـــ ليس التحديد بل أراد الأضعاف مطلقاً والتكثير؛ لأنَّ المقام أقتضى ذلك، فهو في الترغيب في عمل الخير والحسنات عموماً([87]).

2ـــ (الفِرْدَوْسَ): قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾([88]).

قوله تعالى:﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾ قال أهل اللغة: الفردوس مذكَّر([89])، وإِنما أنث في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا﴾؛ لأنه عنى به الجنة([90])،وفي الحديث:” فإذا سألتم الله عزَّ وجلَّ فاسألوه الفِرْدَوْس الأَعلى”([91]).

قوله تعالى:﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا﴾ قالوا: الأصل هم فيه، بل فيها؛ لأنَّ الفردوس جنات, وهي جمع مؤنث, والعوام أعلم منهم بالسليقة إذ جعلوها اسماً للإناث إلى هذا اليوم.

وقال الزمخشري:” أنث الفردوس على تأويل الجنة، وهو: البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر”([92]).

وقال أبو الحسن لأبي حاتم: ما صنعتَ في كتاب المذكر والمؤنث ؟ قال: قلت: قد صنعت فيه شيئاً، قال: فما تقول في: الفرْدوس؟ قلت: مذكر، قال: فإن الله تعالى يقول: ﴿الَّذين يَرثُونَ الْفرْدَوْسَ هُمْ فيهَا خَالدُونَ ﴾.

قال : قلت : ذهب إلى الجنة فأَنَّث.

قال أبو حاتم: فقال لي التوّزي: يا غافل ما سمعت الناس يقولون: أسألك الفردوس الأعلى، فقلت له : يا نائم: الأعلى ههنا أفعل لا فُعْلى([93]).

وقال ثعلب: كل بستان يحوّط عليه فهو فردوس([94])، قال عبد الله بن رواحة([95]) :

في جنانِ الفردوسِ ليسَ يخافو**ن خروجاً عنها ولا تحويلا

فالفردوس: اسم من أسماء الجنة في مصطلح القرآن، أو من أسماء أشرف جهات الجنات. وأصل الفردوس: البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر([96])،والمراد: أعلى الجنان، استحقوا ذلك بأعمالهم المتقدمة حسبما يقتضيه الوعد الكريم ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ أنّثَ الفردوس بتأويل الجنة، أو لأنه طبقة من طبقاتها، وهي العليا. والله تعالى أعلم([97]). وتوسيط ضمير الفصل ﴿هُمُ﴾ لتقوية الخبر عنهم بذلك، وحذف معمول ﴿الوَارِثُونَ﴾ ؛ ليحصل إبهام وإجمال فيترقب السامع بيانه فبين بقوله: ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾ قصداً لتفخيم هذه الوراثة، والإتيان في البيان باسم الموصول الذي شأنه أن يكون معلوماً للسامع بمضمون صلته إشارة إلى أن تعريف:﴿الوَارِثُونَ﴾ تعريف العهد؛ كأنه قيل: هم أصحاب هذا الوصف المعروفون به واستعيرت الوراثة للاستحقاق الثابت ؛ لآنَّ الإرث أقوى الأسباب لاستحقاق المال([98])،قال تعالى:﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ ([99]).

فالميراث أنْ تأخذ مِلكاً من آخر بعد موته، فكيف تكون الجنة ميراثاً؟ ومِمَّنْ يرثون الفردوس؟ قال العلماء: إن الخالق ــــ عز وجل ــــ لم يخلق الجنة على قدر أهلها وكذلك النار، إنما خلق الجنة تتسع للناس جميعاً، إنْ آمنوا، وخلق النار تتسع للناس جميعاً إنْ كفروا؛ لذلك أنه سبحانه خلق الخَلْق مختارين، مَنْ شاء فليؤمن، ومَنْ شاء فليكفر.

وعليه، فميراث الجنة يعني أنْ يرث المؤمنون أماكن الذين كفروا في الجنة، يتقاسمونها فيما بينهم، والوارث يرث مال غيره وثمرة سعيه، لكن لا يسأل عنها، إنما يأخذها طيبة حتى إنْ جمعها صاحبها من الحرام، إلا إنْ أراد الوارث أن يبرىء ذمة المورِّث، فيردَ المظالم إلى أهلها.

والسر في العدول من التذكير إلى التأنيث هو مراعاة المعنى؛ لأنَّ الفردوس على تأويل الجنة، وهو: البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر([100]).

2ـــ (كُلّ): قال تعالى:﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾([101]).

قَوْلُهُ:﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ مُبْتَدَأٌ، وَجَازَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً، لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُمُومِ أو الإِضافةُ، قال القرطبي: ﴿ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ بالإضافة، و﴿ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ الْخَبَرُ.

قرأ الجمهورُ على ﴿ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ بخفض ﴿الْمَوْتِ﴾ بالإِضافة، و﴿ ذَائِقَةُ﴾ إضافةُ غيرُ محضةٍ ; لأنَّها في نيةِ الانفصالِ. ولِأَنَّهَا نَكِرَةٌ يُحْكَى بِهَا الْحَالُ([102]). وقرأ اليزيدي:﴿ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ بالتنوين والنصبِ في ﴿ذَائِقَةُ﴾ على الأصل. وقرأ الأعمش ويحيى وابن أبي إسحاق ﴿ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ بالتنوين ونصب ﴿الْمَوْتِ﴾. قالوا:” لأنها لم تذق بعد”، وأردف:” ذلك أن اسم الفاعل على ضربين:

أحدهما: أن يكون بمعنى المضي.

والأخر: بمعنى الاستقبال. فإن أردت الأول لم يكن فيه إلا الإضافة إلى ما بعده، كذلك قولك: هذا ضارب زيد أمس؛ لأنَّه يجرى مجرى الاسم الجامد وهو العلم…” أي: أن الإضافة فيه محضة. وتابع يقول: “وإن أردت الثاني جاز الجر والنصب والتنوين، فيما هذا سبيله هو الأصل؛ لأنه يجري مجرى الفعل المضارع([103])،وقرأ الأعمش بعدمِ التنوين ونصبِ ﴿الموت﴾ وذلك على حذف التنوين لالتقاء الساكنين وإرادته، وهو كقول الآخر ([104]):

فأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ**ولاَ ذَاكر الله إلاّ قَلِيلاً

بنصب لفظ الجلالة،﴿الله﴾ وقراءة من قرأ:﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ﴾([105]) بحذف التنوين من ﴿أحد﴾،لالتقاء الساكنين([106]).

ونقل أبو البقاء فيها قراءةً غريبةً وتخريجاً غريباً قال:” وَيُقْرَأُ شَاذًّا أَيْضًا ﴿ذَائِقُهُ الْمَوْتُ ﴾ عَلَى جَعْلِ الْهَاءِ ضَمِيرَ﴿كُلُّ﴾ عَلَى اللَّفْظِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ”([107]). وإذا صَحَّتْ هذه قراءةً فيكونُ ﴿كُلُّ﴾ مبتدأً، و﴿ ذَائِقُهُ﴾ خبرٌ مقدمٌ، و﴿الموتُ﴾ مبتدأ مؤخر، والجملة خبر ﴿كُلُّ﴾. وأضيف (ذائق) إلى ضمير ﴿كُلُّ﴾ باعتبار لفظها، ويكون هذا من باب القلب في الكلام؛ لأنَّ النفسَ هي التي تذوقُ الموتَ، وليس الموتُ يذوقُها، وهنا جَعَلَ الموتَ هو الذي يذوق النفس، قلباً للكلام لفهم المعنى، كقولهم: (عَرَضْتُ الناقة على الحوض)، ومنه: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ﴾([108])، و(أَدْخَلْت القَلنسوة في رأسي). وكقول الشاعر([109]):

مِثْلُ القَنَافِذِ هدَّاجُونَ قَدْ بَلَغَتْ** نَجْرانُ أَوْ بَلَغَتْ سَوْآتِهمْ هَجَرُ

الأصلُ: عَرَضْتُ الحوض على الناقةِ، ويَوْم تُعْرَضُ النارُ عليهم، وأدخلت رأسي في القَلَنْسوة، وبُلِّغَتْ سوءاتُهم هجراً، فَقَلب([110]). وذكر أبو البقاء أنَّ التأنيث في ذائقة باعتبار معنى (كل)؛ لأنَّ معناها التأنيث وقال: لأنَّ كل نفس نفوس، ولو ذكر على لفظ كل جاز. يعني أنَّه لو قيل: “كلُّ نفس ذائقٌ كذا” جاز([111]). قوله: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ يفيد سور الكلية العامة موت كل نفس، إلا أن هذا العموم مخصوص فإن له تعالى نفساً مخصوص بقوله تعالى:﴿تَعْلَمُ ما في نَفسِي وَلا أَعْلَمُ ما في نَفْسِكَ ﴾([112])؛ لأن اللّه تعالى حي لا يموت، ولا يجوز عليه الموت، فكما أنه تعالى لا يشبه شيئًا من خلقه فكذلك نفسه الكريمة لا تشبه نفوس خلقه، وبعضهم جعل الخصوص أيضًا في الجمادات؛ لأن لها نفوسًا لا تموت، هذا والعام المخصوص حجة فيبقى معمولاً به على ظاهره فيما عدا ما أخرج منه، وهذا يبطل قول الفلاسفة في الأرواح البشرية والعقول المفارقة والنفوس الفلكية أنها لا تموت، بل تموت أيضًا وتدخل في عموم هذه الآية([113]).

وقوله تعالى:﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ مستعار؛ لأنَّ حقيقة الذوق ما أدرك بحاسة، وإنما حسن وصف النفس بذلك لما يحسّ به من كرب الموت وعذابه، فكأنها تحسّه بذوقه([114]).

واستعير الذوق لمطلق الإحساس الباطني؛ لأن الذوق إحساس باللسان يقارنه ازدراد إلى بالباطن. وذوق الموت ذوق آلام مقدماته، وأما بعد حصوله فلا إحساس للجسد([115]). والذوق هاهنا لا يمكن إجراؤه على ظاهره ؛ لأن الموت ليس من جنس المطعوم حتى يذاق, بل الذوق إذ ذاك خاص, فيجوز جعله مجازاً عن أصل الإدراك. وأما الموت فالمراد منه هنا مقدماته من الآلام العظيمة؛ لأنَّ الموت قبل دخوله في الوجود يمتنع إدراكه, وحال وجوده يصير الشخص ميتاً, والميت لا يدرك شيئاً

والمراد بالنفس النفوس الحالة في الأجساد كالإنسان والحيوان. ولا يدخل فيه الملائكة لأن إطلاق النفوس عليهم غير متعارف في العربية بل هو اصطلاح الحكماء وهو لا يطلق عندهم إلا مقيدا بوصف المجردات، أي :التي لا تحل في الأجساد ولا تلابس المادة.

وأما إطلاق النفس على الله تعالى فمشاكلة: إما لفظية كما في قوله تعالى:﴿تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ﴾([116])، وإما تقديرية، كما في قوله تعالى:﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾([117]).

4ـــ (السَعير): قال تعالى:﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وأعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالساعة سَعيرًا إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾([118]).

قَوْلُهُ: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾ بل حرف للإضراب فقد أضرب عن توبيخهم بحكاية أراجيفهم السابقة إلى حكاية تكذيبهم بالساعة.

قال ابن عاشور في قوله تعالى:﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾،﴿بَلْ﴾ للإضراب، فيجوز أن يكون إضراب انتقال من ذكر ضلالهم في صفة الرسول () إلى ذكر ضلالهم في إنكار البعث على تأويل الجمهور ويجوز أن يكون إضراب إبطال لما تضمنه قوله:﴿إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ﴾([119]) على تأويل ابن عطية من الوعد بإيتائه ذلك في الآخرة.

قوله تغالى: ﴿إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط، وجملة ﴿رَأَتْهُمْ ﴾ في محل جر بإضافة ﴿إِذا﴾ إذا إليها وجملة ﴿سَمِعُوا﴾ جواب الشرط وتغيظًا مفعول به وزفيرًا عطف عليه([120]). هذه الجملة الشرطية في محل نصب صفة لــ﴿ سَعيرًا﴾ ؛ لأنه مؤنث بمعنى النار.

قوله تغالى:﴿وأعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالساعة سَعيرًا﴾ ثم جاء بعده ﴿إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ والسعير ـــ وإن كان مذكرًا حمل على معنى النار([121]) ـــ وهو ما تسعّر من سمار النار، ثم جاء بعده فعل مؤنثة مجازها أنها النار، والعرب تفعل ذلك تظهر مذكرًا من سبب مؤنثة ثم يؤنّثون ما بعد المذكر على معنى المؤنثة([122])، ونون سعيرا للتكثير، أي: نارا عظيمة([123]).

قوله تغالى:﴿إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ فإثبات الرؤية لجهنم والتغيظ المسموع والزفير المتصاعد، أمر شغل العلماء كثيرًا.

فأما أهل السنة فيجعلون ذلك كله حقيقة ولا يحملونه على المجاز، فإن رؤية جهنم جائزة وقدرة الله تعالى صالحة، وقد تظاهرت الظواهر على وقوع هذا الجائز وعلى أن الله تعالى يخلق لها إدراكًا حسيًا وعقليًا ألا ترى إلى قوله تعالى:﴿سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ والى محاجتها مع الجنة والى قولها ﴿ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾([124]) والى اشتكائها إلى ربها فأذن لها في نفسين، إلى غير ذلك من الظواهر التي لا سبيل إلى تأويلها إذ لا محوج إليه، قالوا:” ولو فتح باب التأويل والمجاز في أحوال المعاد لتطوح الذي يسلك ذلك إلى وادي الضلالة”، أما بصدد سمع التغيظ وهو لا يسمع في قوله: ﴿سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ فقد أجاب عنه أهل السنة بثلاثة أجوبة ندرجها فيما يلي:

قوله:﴿سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ إنْ قيل: التغيُّظُ لا يُسْمع. فالجوابُ من ثلاثةِ أوجه:

أحدُها: أنه على حَذْفِ مضافٍ أي: صوتَ تغيُّظِها.

والثاني: أنَّه على حَذْفٍ فعل تقديرُه: سَمِعوا وَرَأَوْا تغيُّظاً وزفيراً، فيرجع كلُّ واحدٍ إلى ما يَليقُ به أي: رَأَوْا تغيُّظاً وسَمِعُوا زَفيراً([125]).

والثالث: أَنْ يُضَمَّن ﴿سَمِعُواْ﴾ معنىً يَشْتَملُ الشيئين أي: أَدْرَكوا لها ﴿تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ وهذان الوجهان الأخيران منقولان من قول الشاعر([126]):

يا ليتَ زوجَك قد غَدا** متقلِّداً سيفاً ورُمْحاً

ومن قول الأخر([127]):

فَعَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً**حَتَى شَتَتْ هَمَّالَةً عَينَاهَا

أي: ومُعْتَقِلاً رمحاً، وسَقَيْتُها ماءً، أو تضمِّنُ (مُتَقَلِّداً) معنى مُتَسَلِّحاً، و(عَلَفْتُها) معنى: أَطْعَمْتُها تِبْناً وماءً بارداً ([128]). أما بصدد قوله: ﴿إِذا رَأَتْهُمْ ﴾… انه من باب القلب أي رأوها، أو على حذف تقديره: رأتهم زبانيتها.

أما المعتزلة فهم يحملون ذلك كله على المجاز ويجعلون رؤية جهنم من باب قولهم دور بني فلان تتراءى وتتناظر([129])، والتغيظ: شدة الغيظ. والغيظ: الغضب الشديد، وتقدم عند قوله: ﴿عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ﴾([130]) فصيغة التفعل هنا الموضوعة في الأصل لتكلف الفعل مستعملة مجازا في قوته لأن المتكلف لفعل يأتي به كأشد ما يكون. والمراد به هنا صوت المتغيظ، بقرينة تعلقه بفعل ﴿سَمِعُوا﴾ فهو تشبيه بليغ.، ويجوز أن يكون الله قد خلق لجهنم إدراكًَا للمرئيات بحيث تشدد أحوالها عند انطباع المرئيات فيها فتضطرب وتفيض وتتهيأ لالتهام بعثها فتحصل منها أصوات التغيظ والزفير فيكون إسناد الرؤية والتغيظ والزفير حقيقة، وأمور العالم الأخرى لا تقاس على الأحوال المتعارفة في الدنيا([131])وعلى هذين الاحتمالين يحمل ما ورد في القرآن والحديث نحو قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ ([132])، يقول النبي (): «اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسين نفس في الصيف ونفس في الشتاء فشدة ما تجدون من البرد من زمهريها، وشدة ما تجدون من الحر من سمومها» ([133]).

5ـــ (الشَفَا): قال تعالى: ﴿ وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾([134]):

وفي قوله:﴿ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾ سؤال وهو: أنه تعالى إنما ينقذهم من الموضع الذي كانوا فيه وهم كانوا على شفا حفرة، وشفا الحفرة مذكر فكيف قال ﴿مِنْهَا﴾؟ فــ(الشَّفا) مذكَّر، وأمَّا عَوْدُ الضميرِ في ﴿مِنْهَا ﴾ ففيه أوجهٌ:

أحدُها: أنه عائدٌ على (حفرة)، ولما أنقذهم من الحفرة فقد أنقذهم من شفا الحفرة؛ لأنََ شفاها منها([135]).

والثاني: أنه عائدٌ على (النار) وقد قال الزجاج: “وقولُه:﴿مِنْهَا﴾ الكنايةُ راجعةٌ إلى النار لا إلى الشفا؛ لأنَّ القصدَ الإِنجاءُ من النار لا مِنْ شَفا الحفرة”([136]).

والثالث: أنَّه عائدٌ على (الشَّفا)، وشفتها طرفها، فجاز أن يخبر عنه بالتذكير والتأنيث([137])، الشفا في الأصل مذكر، وقد عاد الضمير عليه في الآية مؤنثًا؛ لأنَّه اكتسب التأنيث بإضافته إلى الحفرة، والقاعدة المطردة هي أن المضاف المذكر قد يكتسب من المضاف إليه المؤنث تأنيثه وبالعكس، وشرط ذلك في الصورتين صلاحية المضاف للاستغناء عنه بالمضاف إليه مع صحة المعنى([138])، فمن الأول قول الشاعر([139]):

طُولُ الليالي أسْرعتْ في نَقْضِى** نَقَضْنَ كُلِّي ونَقَضْنَ بَعْضِي

فأنث (أسرعت) مع أنه خبر عن مذكر إلا أنه اكتسب التأنيث من (الليالي) وعليه يفسر قول الشاعر([140]):

وما حُبُّ الدِّيارِ شَغَفْنَ قَلْبي** وَلكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيارا

على أنّ المضاف وهو (حبّ) اكتسب التأنيث والجمعيّة بإضافته إلى (الديار) وهو جمع دارٍ وهو مؤنث سماعيّ ومن التصوير الثاني قول الآخر([141]):

إنَارَةُ العَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطوعِ هَوىً** وَعَقْلُ عَاصِي الهَوَى يزداد تَنْوِيراً

فذكر (مكسوف) مع أنه خبر عن مؤنث وهو (إتارة)؛ لأنَّها اكتسبت التذكير من إضافتها إلى (العقل) وهذا باب مهم فليتأمل([142])، قال الطبري:” إنَّ بعضَ الناسِ يُعيده على (الشَّفا)، وأنَّثَ مِنْ حيثُ كان (الشَّفا) مضافاً إلى مؤنث([143])، كما قال الشاعر([144]):

أرى مَرَّ السنين أَخَذْنَ مني** كما أخَذَ السِّوارُ مِن الهلال

قال ابن عطية: “وليس الأمر كما ذكروا؛ لأنه لا يُحتاج في الآية إلى مثل هذه الصناعة، إلا لو لم نجد للضمير معاداً إلا (الشَّفا)… وأَما ومَعَنا لفظٌ مؤنثٌ يعودُ الضميرُ عليه، ويَعْضُده المعنى المُتَكَلَّمُ فيه فلا يُحتاج إلى تلك الصناعةِ”([145])

قال أبو حيان الأندلسى: “وأقول: لا يَحْسُنُ عَوْدُه إلاَّ على (الشَّفا)؛ لأنَّ كينونتَهم على (الشَّفا) هو أحدُ جُزْأَي الإِسناد، فالضميرُ لا يعودُ إلا عليه، وأمَّا ذِكْرُ الحفرةِ فإنما جاءَتْ على سبيل الإِضافةِ إليها، ألا ترى أنَّك إذا قلت: “كان زيدٌ غلامَ جعفر” لم يكن جعفر مُحَدَّثاً عنه، وليس أحدَ جُزْأَي الإِسناد، وكذا لو قلت: “زيد ضربَ غلامَ هندٍ” لم تُحَدِّث عن هندٍ بشيءٍ، وإنَّما ذكرْتَ جعفراً وهنداً مخصصاً للمُحَدَّث عنه، وأمَّا ذِكْرُ النارِ فإنما ذُكِر لتخصيصِ الحفرة، وليست أيضاً أحدَ جُزْأَي الإِسناد، وليست أيضاً مُحَدَّثاً عنها، فالإِنقاذ من الشفا أبلغُ من الإِنقاذِ من الحفرة ومِن النارِ، لأنَّ الإِنقاذَ من الشفا [يستلزم الإِنقاذَ من الحفرة ومن النار، والإِنقاذَ منهما لا يستلزِمُ الإِنقاذَ من الشفا] فعودُه على (الشَّفا) هو الظاهرُ من حيث اللفظُ ومن حيث المعنى”([146])، قال الواحديّ: على أنه يجوز أن يذكر المضاف إليه, ثم تعود الكناية إلى المضاف إليه دون المضاف ([147])، كقول الشاعر([148]):

أرَى مَرَّ السِّنِينَ أخَذْنَ مِنِّي** كَمَا أخَذَ السِّوارُ مِنَ الْهِلاَلِ

فَذَكَر مَرَّ السنين، ثم أخبر عن السنين([149])، كذلك قول الشاعر([150]):

طُولُ اللَّيَالِي أسْرَعَتْ في نَقْضِي** طَوَيْنَ طُولِي وَطَوَيْنَ عَرضِي

قال: وهذا إذا كان المضاف من جنس المضاف إليه, فإن مَرَّ السنين هو السنون, وكذلك شفا الحُفْرة من الحفرة, فذكَّر الشَّفَا وعادت الكناية إلى الحفرة. وهذان القولان نَصٌّ في رَدِّ ما قاله أبو حيان, إلا أن المعنى الذي ذكره أولَى؛ لأنه إذا أنقذهم من طَرف الحفرة فهو أبلغ من إنقاذهم من الحفرة, وما ذكره ــ أيضاً ــ من الصناعة واضح([151]). وهذه استعارة. لأنه تعالى شبّه المشفى ــــ بسوء عمله ــــ على دخول النار، بالمشفي ــــ لزلة قدمه ــــ على الوقوع في النار([152]).

وقوله:﴿ وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ عطف على قوله: ﴿ْكُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ﴾ فهو نعمة أخرى وهي نعمة الإنقاذ من حالة أخرى بئيسة وهي حالة الإشراف على المهلكات([153]). والشفا: مثل الشفة هو حرف القليب وطرفه، فيرى أن شفا حفرة النار هنا تمثيل لحالهم في الجاهلية حين كانوا على وشك الهلاك والتفاني الذي عبر عنه زهير بقوله([154]):

تَدَارَكْتُمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَا** تَفَانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ

بحال قوم بلغ بهم المشي إلى شفا حفير من النار كالأخدود فليس بينهم وبين الهلاك السريع التام إلا خطوة قصيرة، واختيار الحالة المشبه بها هنا لأن النار أشد المهلكات إهلاكا، وأسرعها، وهذا هو المناسب في حمل الآية ليكون الامتنان بنعمتين محسوستين هما: نعمة الأخوة بعد العداوة، ونعمة السلامة بعد الخطر([155]).

6ـــ (الصُّواع): قال تعالى:﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ في دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ﴾([156])، قوله:﴿ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ ﴾ في الضمير المنصوب قولان:

أحدهما: أنه عائدٌ على الصُّواع في قوله تعالى:﴿ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ﴾([157])؛ لأنَّ فيه التذكيرَ والتأنيثَ، أو حَمِل على معنى السقاية([158]).

قَالَ ابن عاشور:” وتأنيث ضمير﴿ اسْتَخْرَجَهَا﴾ للسقاية. وهذا التأنيث في تمام الرشاقة إذ كانت الحقيقة أنها سقاية جعلت صواعًا فهو كرد العجز على الصد([159]).

وقال أبو عبيد:” يؤنَّث الصُّواع من حيث يُسَمَّى (سقاية)، ويُذكَّر من حيث هو صُواع”([160])، وكأنَّ أبا عبيد لم يَحْفظْ في الصُّواع التأنيثَ([161]).

وقال الزمخشري:” قالوا: رَجَع بالتأنيث على السِّقاية”، ثم قال:” ولعل يوسف كان يُسَمِّيه (سِقاية) وعبيدَ (صُواعًا) فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية، وفيما يتصل بهم صواع”. قال الزمخشري: “قلت: هذا الأخيرُ حَسَنٌ”([162]). وقال الأخفش:” لأنَّهُ عنى ثَمَّ “الصُّواع” و(الصُّواع) مذكّر، ومنهم من يؤنثّ (الصّواع) وعنى هاهنا (السِّقَايَةَ) وهي مؤنثة. وهما اسمان لواحد مثل: (الثَّوْبُ) و(المِلْحَفَةُ) مذكّر ومؤنّث لشيء واحد”([163]).

الثاني: أن الضميرَ عائدٌ على السَّرِقة. قال السمين:” وفيه نظر؛ لأن السِّرقة لا تُسْتخرج، إلا بمجازٍ”([164]).

قال تعالى:﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ لم يقل (منه) لئلا يتوهم عود الضمير إلى الأخ فيصير كأنه مباشر بطلب خروجها وليس كذلك لما في المباشرة من الأذى الذي تأباه النفوس الأبية فأعيد لفظ (الظاهر) لنفي هذا([165])،وقال العكبري:” فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَقُلْ: فَاسْتَخْرَجَهَا مِنْهُ، لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ؟

قِيلَ: لَمْ يُصَرِّحْ بِتَفْتِيشِ وِعَاءِ أَخِيهِ حَتَّى يُعِيدَ ذِكْرَهُ مُضْمَرًا، فَأَظْهَرَهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى الْمَحْذُوفِ، فَتَقْدِيرُهُ: ثُمَّ فَتَّشَ وِعَاءَ أَخِيهِ، فَاسْتَخْرَجَهَا مِنْهُ”([166])، ولم يقل:(من وعائه) لئلا يتوهم عود الضمير إلى يوسف لأن العائد عليه ضمير(استخرجها)([167]).

إنَّ الآية الكريمة تشير إلى أمر يثير الاستغراب، إذ لا يعلم المتلقي أية حاجة تلك دفعت يوسف (عليه السلام) إلى إلصاق تهمة السرقة بأخيه!! إذن ثمة أمر كان قد أضمره يوسف (عليه السلام) بوضع الصواع في رحل أخيه ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ﴾ وليس في نص الآية الكريمة ما يشير إلى أن يوسف (عليه السلام) كان قد أخبر أخاه بما ينوي فعله، حتى لا يفاجأ أو يفزع من وجود الصواع في رحله أمام مرأى من إخوته، وبعض خاصة يوسف (عليه السلام). لقد أراد يوسف (عليه السلام) بفعله هذا أن يستبقي أخاه (بنيامين) فاحتال لذلك ودبّر، لكن ما فعله يوسف (عليه السلام) لم يكن في حقيقته إلا وحياً من الله([168]) سبحانه وتعالى:﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ في دِينِ المَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ﴾([169]).

قَوْلُهُ: ﴿ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ﴾ والكيد: فعل يتوصل بظاهره إلى مقصد خفي. والكيد: هنا هو إلهام يوسف (عليه السلام) لهذه الحيلة المحكمة في وضع الصواع وتفتيشه وإلهام إخوته إلى ذلك الحكم المصمت، وأسند الكيد إلى الله؛ لأنَّه ملهمه فهو مسببه. وجعل الكيد لأجل يوسف (عليه السلام) ؛ لأنه لفائدته([170]).

7ـــ (المِثْقَال): قال تعالى: ﴿يا بُنَىَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ في السَّمَوَاتِ أَوْ في الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ﴾([171]).

قوله تعالى:﴿ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ﴾

قرأ الجمهور بنصب ﴿ مِثْقَالَ ﴾ على الخبرية لـ﴿ تَكُ ﴾ من (كان) الناقصة، وتقدير اسم لها يدل عليه المقام مع كون الفعل مسندًا لمؤنث، أي: إن تك الكائنة، فضمير ﴿ إِنَّهَا﴾ مراد منه الخصلة من حسنة أو سيئة أخذًا من المقام، قال أبو حيان:” واسمها ضمير يفهم من سياق الكلام تقديره: هي، أي: التي سألت عنها”([172]). وكان فيما روي قد سأل لقمان ابنه: أرأيت الحبة تقع في مغاص البحر؟ أيعلمها الله؟ فيكون الضمير ضمير جوهر لا ضمير عرض([173])، ويؤيده قوله:﴿إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ﴾ ويجوز أن يكون الضمير ضمير عرض، أي: تلك الفعلة من الطاعة أو المعصية([174]).

فمن قرأ بنصب مثقال، يجوز أن يكون الضمير في أنها ضمير الفعلة، لا ضمير القصة، قال الزمخشري:” فمن نصب يعني مثقال، كان الضمير للهيئة من الإساءة والإحسان، أي كانت مثلاً في الصغر والقماءة، كحبة الخردل، فكانت مع صغرها في أخفى موضع وأحرزه، كجوف الصخرة، أو حيث كانت من العالم العلوي أو السفلي”([175])

وقرأ نافع وأبو جعفر ﴿إ ِنْ تَكُ مِثْقَالَ﴾ برفع ﴿ مِثْقَالَ ﴾([176]) على أنه فاعل ﴿ تَكُ﴾ من (كان) التامة ـــ وأخبر عن مثقال، وهو مذكر، إخبار المؤنث؛ لأضافته إلى مؤنث، وكأنه قال: إن تك زنة حبة([177]) ـــ وإنما جيء بفعله بتاء المضارعة للمؤنثة، وأعيد عليه الضمير في قوله:﴿ بِهَا ﴾ مؤنثًا مع أن ﴿ مِثْقَالَ﴾ لفظ غير مؤنث؛ لأنه أضيف إلى ﴿ حَبَّةٍ﴾ فاكتسب التأنيث من المضاف إليه فساغ تأنيث فعله، وهو استعمال كثير إذا كان المضاف لو حذف لما اختل الكلام بحيث يستغني بالمضاف إليه عن المضاف([178])، وعليه فضمير ﴿إِنَّهَا﴾ للقصة والحادثة وهو المسمى بضمير الشأن, وهو يقع بصورة ضمير المفردة المؤنثة بتأويل القصة، ويختار تأنيث هذا الضمير إذا كان في القصة لفظ مؤنث كما في قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ﴾([179])،ويكثر وقوع ضمير الشأن بعد (أنَّ) كقوله تعالى:﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى﴾([180])، ومن ذلك تقدير ضمير الشأن اسمًا لحرف (أن) المفتوحة المخففة، وهو يفيد الاهتمام بإقبال المخاطب على ما يأتي بعده، فاجتمع في هذه الجملة ثلاثة مؤكدات: النداء، وإن، وضمير القصة، لعظم خطر ما بعده المقيد تقرير وصفه تعالى بالعلم المحيط بجميع المعلومات من الكائنات، ووصفه بالقدرة المحيطة بجميع الممكنات بقرينة قوله: ﴿يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾، وقد أفيد ذلك بطريق دلالة الفحوى؛ فذكر أدق الكائنات حالاً من حيث تعلق العلم والقدرة به، وذلك أدق الأجسام المختفي في أصلب مكان أو أقصاه وأعزه منالاً، أو أوسعه وأشده انتشارًا؛ ليعلم أن ما هو أقوى منه في الظهور والدنو من التناول أولى بأن يحيط به علم الله وقدرته([181]). قوله: ﴿فتكن﴾ الفاء لإفادة الاجتماع يعني إن كانت صغيرة ومع صغرها تكون خفيةً في موضع حريز كالصَّخْرَةِ لا تخفى على الله لأن الفاء للاتصال بالتعقيب([182]) قوله تعالى: ﴿إِن تَكُ مِثقالَ حَبَةٍ مِن خَردَل﴾ حذف النون لأن هذا المثقال (أصغر مقدارًا) وأحقره في الاعتبار منه الابتداء إلى القنطار؛ فإذا كان ذلك الذي لا خطر له عندنا يأتي به الله، فما ظنك بأكبر من ذلك، هو أولى أن يأتي به الله([183]). قال البقاعي: “ولما كان، قد عرف أنَّ السياق لماذا اثبت النون في قوله مسبباً عن صغرها: ﴿فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ في السَّمَوَاتِ أَوْ في الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ﴾ إشارة إلى إثباتها في مكانها، وليزداد تشوف النفس إلى محط الفائدة ويذهب الوهم كل مذهب لما علم من أنَّ المقصد عظيم بحذف تلك النون وإثبات هذه، وعسّرها بعد أن حقّرها بقوله معبراً عن أعظم الخفاء”([184]).

8ـــ (بَعْض): قال تعالى: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ في غَيَابَتِ الجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾([185])، قوله تعالى: ﴿يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ﴾ قرأ الجمهور (يلتقطه) بالياء من تحت([186]) وهو الأصل حملاً على لفظ (بعض)، وقرأ مجاهد وأبو رجاء والحسن وقتادة (تلتقطه) بالتاء مِن فوق بتأنيث فعل (يلتقطه) ([187]) ؛ لكونه مسندًا إلى اسم اكتسب التأنيث من المضاف إليه([188]).(السيارة) ؛ لصلاحية الاستغناء عن المضاف (بعض) إذ يجوز في غير القرآن الكريم القول: تلتقطه السيارة وهذا محمول على المعنى؛ لأن بعض السيارة سيارة ومنه قولهم: “ذهبت بعض أصابعه” وكقول العرب: “ما جاءت حاجتك”([189]).بالنصب والرفع بمعنى (ما صارت)، فالنصب: على أن (ما) استفهامية مبتدأ، وفي (جاءت) ضمير يعود إلى (ما) ــــ تقدم من الغرارة ونحوها، أي: لم تكن هذه على قدر ما تحتاج إليه([190]) ــــــ وأدخل التأنيث على (ما)؛ لأنها هي الحاجة، وذلك الضمير هو اسم (جاءت)، و(حاجتك) خبر، والتقدير: أية حاجة صارت حاجتك؟ وعلى الرفع (حاجتك) اسم جاءت و(ما) خبرها([191])،وإنما أنثت باعتبار خبرها، كما في (من كانت أمك). ومعناه: أية حاجة صارت حاجتك([192])، وحكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: “سمعت رجلاً من اليمن ، يقول: فلان لغوبٌ ، جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت له: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال: نعم، أليس بصحيفة، وهذا من أعرابيٍّ جافٍ هو الذي نبه أصحابنا على انتزاع العلل”، وحكى سيبويه:” سقطت بعض أصابعه” أنث ذلك لما كان بعضُ السيارة سيارة في المعنى وبعض الأصابع إصبعا في المعنى([193])، ولما كانت (ما) هي الحاجة في المعنى، وأنشد قول الشاعر([194]):

وتَشْرَق بالقول الّذي قد أذَعْتَهُ ** كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَناةِ مِنَ الدَّمِ

لأنَّ صدرَ القناة من مؤنثٍ ولأَنَّ صدَر القناةِ من القناة([195]،وأنشدوا قول الشاعر([196]):

أتهجرُ بيتاً بالحجازِ تلفعتْ**به الخوفُ والأعداءُ من كلّ جانب

ذهب بالخوف إلى المخافة([197])، وكقول الشاعر([198]):

فَمَضَى وَقَدَّمَهَا وَكَانَتْ عَادَةً ** مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُهَا

معناه العادة عادة وإن كان إقدامها عادة فقدم وأخر([199]).

وإن شئت قلت: أنَّث الإقدام لما كان في معنى التقدمة([200])، وإن شئت قلت: ذهب إلى تأنيث العادة كما ذهب إلى تأنيث الحاجة في قوله: (ما جاءت حاجتك) ([201])،وكقول الشاعر([202]):

يا أيُّها الراكبُ المُزجِي مطيَّتَه ** سائل بني أسَدٍ ما هذه الصوتُ

ذهب إلى تأنيث الاستغاثة. والالتقاط: تَنَاوُلُ الشيءِ المطروحِ، ومنه: اللُّقَطة واللَّقِيط، يَأْخُذهُ على غير طلب لَهُ، ولا قصد، ومِنْه قَوْلهم: (لَقيته التقاطًا، ووردت المَاء التقاطًا) والالتقاط ُوجود الشيءِ من غير طلبٍ ولا إرادةٍ . والعربُ تقول لما وجدته من غير طلب ولا إرادة: التقطهُ التقاطاً. ولقيتُ فلاناً التقاطاً([203])كقول الراجز([204]):

ومَنْهَلٍ وَرَدْتُه الْتِقَاطَا**لم أَرَ إِذْ وَرَدْتُهُ فُرَّاطَا

إِلا الحَمَامَ الوُرْقَ وَالغَطَاطا** فَهُنَّ يُلْغِطْنَ بِهِ إِلْغَاطا

9ـــ (الإِيمَانُ): قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾([205]).

قوله تعالى: ﴿لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ قرأ الجمهور (ينفع) بالياء من تحت. وقرأ ابن سيرين:(تنفع) بالتاء من فوق، وفِيهِ وجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَنَّثَ المَصْدَرَ عَلَى الْمَعْنَى؛ لأَنَّ الإِيمَانَ وَالعَقِيدَةَ بِمَعْنًى، فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِم جَاءَتْهُ كِتَابِي فَاحْتَقَرَهَا؛ أَي: صَحِيفَتِي أَوْ رِسَالَتِي.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَسُنَ التَّأْنِيثُ لأَجْلِ الإِضَافَةِ إِلَى الْمُؤَنَّثِ([206])، قال أبو حاتم: “ذكروا أنه غلط”([207]) من ابن سيرين. قال السمين:” قلت: وذلك لأن الفعل مسند لمذكر، وجوابه أنه لما اكتسب بالإِضافة التأنيث أجرى عليه حكمه” ([208])، كقول الشاعر([209]):

وتَشرقُ بالقولِ الذي قَدْ أَذْعْتَهُ ** كَما شَرَقتْ صَدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّمِ

لأَنَّ صدَر القناةِ من القناةِ([210]).

وقال الزمخشري في هذه القراءة:” لكون الإِيمان مضافاً إلى ضمير المؤنث الذي هو بعضه كقولهم: ذهبت بعض أصابعه”([211]).

وقال النحاس:” في هذا شيء دقيق ذكره سيبويه: وذلك أن الإِيمان والنفس كل منهما مشتمل على الآخر فأنَّث الإِيمان إذ هو من النفس وبها”([212])،وأنشد سيبويه على ذلك قول الشاعر([213]):

مَشَيْنَ كما اهتزَّتْ رماحٌ تسفَّهَتْ** أعاليهَا مَرُّ الرياحِ النَّواسمِ

قال أبو حيان: “وهو غلطٌ؛ لأن الإِيمان ليس بعضاً للنفس”([214]).

قال السمين:” قلت: قد تقدَّم آنفاً ما يَشْهد لصحة هذه العبارة من كلام النحاس في قوله عن سيبويه:” وذلك أنَّ الإِيمان والنفس كلٌّ منهما مشتملٌ على الآخر، فَأَنَّثَ الإِيمانَ إذ هو من النفس وبها” فلا فرقَ بين هاتين العبارتين ، أي لا فرق بين أن يقولَ هو منها وبها أو هو بعضها، والمرادُ في العبارتين المجازُ”([215]).

قال أبو الفتح: ” ليس ينبغي أن يُطْلَق على شيء له وجه في العربية قائم ــ وإن كان غيره أقوى منه ـــ أنه غلط وعلى الجملة فقد كثر عنهم تأنيث فعل المضاف المذكر إذا كانت إضافته إلى مؤنث، وكان المضاف بعض المضاف إليه أو منه أو به([216])، وأنشدنا أبو علي لابن مقبل([217]):

قد صرَّح السيرُ عن عُتْمَان وابتُذِلت** وقعُ المحاجن بالْمَهرية الذُّقُن

فأنث (الوقع) وإن كان مذكرًا لَمَّا كان مضافًا إلى (المحاجن) وهي مؤنثة؛ إذ كان الوقع منها، وكذلك قول الشاعر([218]):

مشَيْن كما اهتزَّت رماح تسفهت** أعاليَهَا مرُّ الرياح النواسِم

فأنث (الْمَر) لإضافته إلى الرياح وهي مونثة؛ إذ كان (المَر) من الرياح، ونظائر ذلك كثيرة جدًّا

قال الشيخ سعد الدين:” أجيب عن التمسك بالآية بأنها من باب اللف التقديري، أي: لا ينفع نفساً إيمانها ولا كسبها في الإيمان لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فيه خيراً، فيوافق الآيات والأحاديث الشاهدة بأن مجرد الإيمان ينفع”([219])، وقريب منه ما قاله ابن الحاجب أنَّ المعنى: لا ينفع نفساً إيمانها ولا كسبها وهو العمل الصالح لم تكن آمنت من قبل ولم تعمل العمل الصالح قبل فاختصر للعلم به([220]). وقال صاحب الانتصاف: هذا الفن من الكلام في البلاغة يلقب باللف، وأصله: يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً لم تكن مؤمنة من قبل إيمانها بعد، ولا نفساً لم تكسب في إيمانها خيراً قبل ما تكسبه من الخير بعد، فلفُّ الكلامين فجعلها كلاماً واحداً إيجازاً وبلاغة([221])، فظهر بذلك أنَّها لا تخالف مذهب الحق ولا ينفع بعد ظهور الآيات اكتساب الخير وإن نفع الإيمان المتقدم في السلامة من الخلود، فهي بالرد على مذهب الاعتزال أولى من أن تدل له، وقال ابن هشام: بهذا التقدير تندفع هذه الشبهة، وقد ذكر هذا التأويل ابن عطية وابن الحاجب([222]).

الخــــاتمة: وفي الختام يمكنني أن أبرز أهمَّ النتائج المتعلقة بالبحث، وهي على النحو الآتي:

1ـــ الخروج عن المألوف في الاستخدام اللغوي لم يكن أمرًا عفويًا في التعبير اللغوي بل تختبئ وراءه دلالات مقصودة ولمسات فنية مقبولة.

2ــ الحمل على المعنى هو المصوغ الأول في العدول عن التذكير إلى التأنيث في آي الذكر الحكيم.

3ــ تتفق كتب النحو، والصرف، والبلاغة، والأسلوب في توظيف مصطلح (العدول) لمعنى ترك الشيء والانصراف عنه إلى غيره.

4ــ لم يكن العدول في التركيب اللغوي أمرًا عفويًا، بل يلجأ إليه مستخدم اللغة لتحقيق أغراض مقصودة مثل التوكيد، والتخفيف، والمبالغة، والتعظيم، والتحقير، وتجديد نشاط السامع، وكسر الرتابة عنه.

5ــ وظّف السياق القرآني مادة (عدل) بصيغ مختلفة لمعان متعددة وليس منها ترك الشيء والانصراف عنه إلى غيره.

6ــ يعد العدول ظاهرة لغوية أصيلة ضاربة بجذورها في عمق التراث اللغوي، تناوله الدرس البلاغي، والأسلوبي تحت مسميات مختلفة مثل الالتفات، والاتساع، والتجاوز، والانزياح، والانحراف وغيرها.

التوصيات: لقد حظيت ظاهرة العدول بدراسات وصفية وتطبيقية عديدة في مجالات شتي بأساليب مختلفة تحت مسميات متعددة لاسيما عند علماء الأسلوبية إلا أن الباب لم يزل مفتوحًا أمام الباحثين؛ لدراسة بعض صور العدول التي تدرس مثل: الإخبار بالماضي عن المستقبل، وإسناد المذكر إلى المؤنث، والعكس، ووصف المفرد بالجمع في آي الذكر الحكيم… والى غير ذلك من أشكال العدول. ولذا أوصي الباحثين بإجراء مزيد من الدراسات في(ظاهرة العدول) مع ضرورة ربطها بالعلوم والمعارف الإنسانية. وأوصي ـــ أيضًا ـــ بضرورة الاستفادة من معطيات ونظريات علماء الأسلوبية في حالة تناول مقاصد العدول في تحليل النصوص.

المصادر والمراجع.

القرآن الكريم.

( ) الإتقان في علوم القرآن: تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي (911هـ). المحقق/ محمد أبو الفضل إبراهيم. ا لهيئة المصرية العامة للكتاب، بدون طبعة،1394هـ ــ 1974م

(2) ارتشاف الضرب من لسان العرب: المؤلف: أبو حيان الأندلسي. تحقيق وشرح ودراسة الدكتور/ رجب عثمان محمد. مراجعة الدكتور/رمضان عبد التواب .مكتبة الخانجي بالقاهرة الطبعة الأولى،1418هـ

(3) أسلوبية الرواية (مدخل نظري):لحميد الحمداني. منشورات دراسات سيميائية أدبية لسانية، الدار البيضاء، الطبعة الأولى ،1989م.

(4) إصلاح المنطق لابن السكيت: تأليف أبي يوسف يعقوب بن إسحاق. تحقيق/ أحمد محمّد شاك, وعبد السلام محمَّد هارون . دار المعارف، القاهرة، الطبعة الرابعة.

(5) الأُصول في النحو: لأبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي. تحقيق/ عبد الحسين الفتلي. مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1988م.

(6) الأصول (دراسة أبيستمولوجية للفكر اللغوي عند العرب): د/ تمام حسان، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد ـ 1988م.

(7) الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم: جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة: علي بن نايف الشحود.

(8) إعراب القرآن: لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس. تحقيق/ زهير غازي زاهد ، عالم الكتب، لبنان، الطبعة الثالثة، 1409هـ

(9) إعراب القرآن: لابن سيده، أبي الحسن علي بن إسماعيل (458هـ).

(10) إعراب القرآن وبيانه: المؤلف: محيي الدين درويش. دار الإرشاد للشئون الجامعية، حمص ــــ سورية، الطبعة الرابعة، 1415هـ.

(11) الأَغاني، لأبي الفرج الأصفهاني: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1412هـ 1992م.

(12) أمالي ابن الشجري: هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة الحسني العلوي، تحقيق ودراسة تحـقيق/ د. محمود محمد الطناحي، مكتبة الخانجي، القاهرة.

(14) الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين: الأنباري. كمال الدين عبد الرحمن بن محمد (577هـ) تحـقيق/ محمد محيي الدين عبد الحميد، من دون طبعة، وتاريخ..

(15) آيات العدد في القرآن الكريم ـ دراسة أسلوبية. رسالة تقدمت بها: مها محسن هزاع البياتي. الى مجلس: كلية التربية للبنات في جامعة تكريت وهي جزء من متطلبات نيل درجة: الماجستير في اللغة العربية وآدابها. بإشراف الدكتور/ محمد سعيد حسين مرعي الجبوري رمضان 1424هـ

(16) البحر المحيط: تأليف محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي. شارك في التحقيق/ الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، والدكتور/ زكريا عبد المجيد النوقي، والدكتور/ أحمد النجولي. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى،1422هـ.

(17) البرهان في علوم القرآن بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي،(٧٩٤هـ) تحقيق/ محمد أبي الفضل إبراهيم . دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ١٩٥٨م.

(18) البلاغة والأسلوبية: د/محمد عبد المطلب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984م.

(19) بنية اللغة الشعرية: جان كوهين، ترجمة محمد العربي ومحمد العمري. دار توبقال، المغرب، الطبعة الأولى، 1986م.

(20) البيان في روائع القرآن: د/ تمام حسان, الهيئة المصرية العامة للكتاب, ضمن مشروع مكتبة الأسرة.

(21) بيان المعاني: المؤلف ملا حويش آل غازي عبد القادر .مطبعة الترقى، دمشق، 1382هـ .

(22) تاج العروس: تأليف محمّد عبد الرازق الحسيني، الملقب بـ(مرتضى الزبيدي)، دار الهداية.

(23) التبيان في إعراب القرآن: تأليف أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (616هـ).المحقق/علي محمد البجاوي. عيسى البابي الحلبي وشركاه.

(24 التحرير والتنوير: المسمى (تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) تأليف: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (1393هـ). الدار التونسية للنشر، تونس، 1984هـ.

(25) التصريح بمضمون التوضيح. للشيخ خالد بن عبد الله الأزهري. مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر.

(26) التعريفات: لعلي بن محمد بن علي الجرجاني. تحقيق/إبراهيم الإبياري. دار الكتاب العربي،بيروت، 1405هـ.

(27) تفسير الرازي: المسمَّى (مفاتيح الغيب) تأليف: الإمام العالم العلامة والحبر البحر الفهامة/ فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي. دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى،1421هـ

(28) تفسير القرطبي: المسمَّى (الجامع لأحكام القرآن) تأليف: أبي عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي. دار الكتب العربي، القاهرة،1387هـ.

(29) تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم): المؤلف أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (774هـ). المحقق/ محمود حسن. دار الفكر، الطبعة الجديدة، 1414هـ ـــ 1994م.

(30) تفسير اللباب في علوم الكتاب: لابن عادل الحنبلى. تحقيق/الشيخ عادل أحمد عبد الموجود و(آخرين).دار الكتب العلميةـ بيروت ــ لبنان الطبعة الأولى 1419هـ

( 3) تلخيص البيان في مجازات القرآن: للشريف الرضي، مطبعة المعارف، بغداد،1375هـ

(32)ــ تصحيح الفصيح وشرحه: لابن درستويه: أبي محمد، عبدالله بن جعفر ( ت: 347هـ) تحقيق: محمد بدوي المختون، مراجعة: رمضان عبد التواب، القاهرة، مطابع الأهرام، الطبعة الأولى، 1998م .

(33) التفسير القيم للإمام ابن القيم: تحقيق/ محمد حامد الفقي، بيروت، 1948م.

(34) جماليات الإشارة النفسية في الخطاب القرآني صالح مُلا عزيز، دار الزمان، دمشق، الطبعة الأولى، 2010م.

(35) الجمل في النحو: للخليل بن أحمد الفراهيدي. تحقيق/ فخر الدين قباوة. الطبعة الخامسة، 1416هـ..

(36) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح: تأليف: محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، مطبعة المدني، القاهرة.

(37) حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: ضبط وتشكيل وتصحيح: يوسف الشيخ محمد البقاعي . دار الفكر، بيروت ــ لبنان 1415هـ ـــ1995م

(38) حاشية الصبّان على شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك: لمحمّد بن عليّ الصبان. مطبعة عيسى البابي الحلبيّ، بمصر.

(39) الحُجة في القراءات السبع: تأليف الحسين بن أحمد بن عبد الله (ابن خالويه). تحقيق الدكتور/عبد المتعال سالم مكرم. دار الشروق ــــ بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ.

(40) الحل القصدي للغة في مواجهة الاعتباطية: لعالم سبيط النيلي.

(42) خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: تأليف عبد القادر بن عمر البغدادي. تحقيق/محمد نبيل طريفي ،وأميل بديع اليعقوب. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1998م .

(43) الخصائص: تأليف أبي الفتح عثمان بن جني. تحقيق/ محمد علي النجار. المكتبة العلمية ــ مصر، من دون طبعة،1913م.

(44) الدر المصون في علوم الكتاب المكنون: للسمين الحلبى تحقيق/ الشيخ على محمد معوض و(آخرون) دار الكتب العلمية، بيروت ـــ لبنان، الطبعة الأولى 1414هـ ــــ 1993م.

(45) زاد المسير في علم التفسير: تأليف عبد الرَّحمن علي بن محمّد الجودي. المكتب الإسلاميّ، بيروت، الطبعة الثالثة.

(46) سر صناعة الإعراب: دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى، 1985م .

(47) شرح أبيات سيبويه: لأبى محمد يوسف السيرافي. تحقيق الدكتور/محمد الريح هاشم. دار الجيل ـــــ بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ.

(48) شرح الأشموني على ألفية ابن مالك تحقيق/محمد محيي الدين عبد الحميد. مكتبة النهضة المصرية.

(49) شرح التصريح على التوضيح للشيخ خالد الأزهرى. تحقيق/محمد باسل عيون السود. دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الثانية، 2008م.

(50) شرح الرضي على الكافية: تأليف الشيخ رضي الدين الاسترآباذي النحوي،1398هـ ــ 1978م .

( 5) شرح قطر الندى وبل الصدى: لابن هشام الأنصاري، أبي محمد عبد الله جمال الدين بن هشام (761هـ). تحقيق/محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، الطبعة الأولى، 1383هـ

(52) شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح: لابن مالك. تحقيق/ محمد فؤاد عبدالباقى ـ عالم الكتب ـــ بيروت.

(53) شرح شواهد الإيضاح: لعبدالله بن برى. تحقيق/ د. عيد مصطفى درويش، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية 1405هـ.

(54) صحيح البخاري المسمى(الجامع الصحيح المختصر): تأليف محمد بن إسماعيل أبي عبد الله البخاري الجعفي. تحقيق الدكتور/مصطفى ديب البغا، أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة ــ جامعة دمشق. الطبعة الثالثة، 1407هـ ــ 1987م.

(55) ظاهرة التقابل في اللغة العربية: عبد الكريم محمد حافظ العبيدي، رسالة ماجستير، كلية الآداب ـ الجامعة المستنصرية، 1410 هـ.

(56) العدول الصرفي في القرآن الكريم، دراسة دلالية، رسالة دكتوراه مقدمة من الطالب / هلال علي محمود الجحيشي، جامعة الموصل العراق، 2005م.

(57) العدول في صيغ المشتقات في القرآن الكرم، دراسة دلالية بحث مقدم لنيل درجة الماجستير اعداد الطالب/ جلال عبدالله محمد يوسف حمادي، جامعة تعز، كلية الآداب، 1428هـ ــ 2007م.

(58) عنوان الدليل على مرسوم خط التنزيل: المراكشي: أبي العباس بن البنات (721 هـ) طبعة دار التراث الإسلامي.

(59) غريب القرآن المسمى بنزهة القلوب: المؤلف: محمد بن عُزير السجستاني، أبو بكر العُزيري (330هـ). المحقق/محمد أديب عبد الواحد جمران، دار قتيبة ــ سوريا، الطبعة الأولى، 1416 هـ ــ 1995م.

(60) الفروق اللغوية أبو هلال العسكري، تحقيق عماد زكي البازوي، المكتبة التوفيقية، القاهرة، بدون طبعة، وبدون تاريخ.

(61) فكرة العدول في البحوث الأسلوبية المعاصرة، عبد الله صولة، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية 1987م.

(62) الفوائد الضيائية شرح كافية ابن الحاجب لنور الدين عبد الرحمن الجامي ـ دراسة وتحقيق/أسامة طه الرفاعي. مطبعة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ـــ العراق 1983م.

(63) القطع والائتناف أو الوقف والابتداء: لأبى جعفر النحاس. تحقيق/ أحمد فريد المزيدى ـ دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى، 1423هـ ــ 2002م.

(64) كتاب العين: تأليف الخليل بن أحمد الفراهيدي. تحقيق الدكتور/ عبد الحميد هنداوي. دار الكتب ــ بيروت، الطبعة الأولى، 1424هـ ــ 2002م.

(65) الكتاب لسيبويه: تأليف أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (180هـ). تحقيق وشرح/عبد السلام محمّد هارون. مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الخامسة، 1430هـ ــ 2009م.

(66) الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: تأليف أبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي. تحقيق/يوسف الحمادي. مكتبة مصر.

(67) كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: المؤلف علي بن حسام الدين المتقي الهندي . مؤسسة الرسالة ــ بيروت 1989م

(68) اللّباب في علل البناء والإعراب: للعكبري. تحقيق/ غازي مختار طليمات، والدّكتور عبد الإله نبهان. دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى،1416هـ

(69) لسان العرب: تأليف ابن منظور جمال الدين محمَّد بن مكرم الأنصاري. دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى.

(70) اللغة العربية معناها ومبناها: للدكتور/ تمام حسان: الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ،1973م.

(71) اللغة الشعرية: دراسة في شعر حميد سعيد، محمد كنوني. دار الشؤون الثقافية العامة ـ آفاق عربية، الطبعة الأولى، بغداد، 1997م

(72) اللّمع في العربيّة:لابن جنّي. تحقيق/حامد المؤمن. عالم الكتب، ومكتبة النّهضة العربية، بيروت، الطبعة الثانية، 1405هـ.

(73) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: لآبي الفتح ضياء الدين نصر الله بن محمد بن عبد الكريم المعروف بـ(ابن الأثير) (637هـ). تحقيق/محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، 1358 هـ ـــ 1939م.

(74) مجالس العلماء: للزجاجي . تحقيق/ عبد السلام هرون . الكويت،1962م.

(75) مجمع الأمثال: للميداني أبي الفضل أحمد بن محمد الميداني النيسابوري تحقيق/ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السنة المحمدية،1955م.

(76) مجاز القرآن: لأبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي. تحقيق/محمد فؤاد سزكين. بيروت، الطبعة الثانية ،1981م.

(77) المحتسب في تبيين وجوه شواذّ القراءات والإيضاح عنها: لابن جنّي. تحقيق/عليّ النّجديّ ناصف، والدّكتور/عبد الحليم النّجار، والدّكتور/عبد الفتّاح شلبي. دار سزكين للطباعة والنشر، إستانبول، الطبعة الثانية، 1406هـ.

(78) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: تأليف أبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي. تحقيق/عبد السلام عبد الشافي محمد. دار الكتب العلمية ــ لبنان، الطبعة الأولى، 1413هـ ــ 1993م.

(79) المحكَم والمحيط الأعظم: لأبي الحسن عليّ بن إسماعيل الأندلسيّ، المعروف بـ(ابن سيده). تحقيق/مصطفى السقّا وزملائه، مكتبة مصطفى البابيّ الحلبيّ، القاهرة، 1378هـ.

(80) المزهر في علوم اللغة وأنواعها: تأليف جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السُّيوطي. تحقيق/فؤاد علي منصور. دار الكتب العلميَّة، بيروت، الطبعة الأولى، 1998م.

(81) المصنف في الأحاديث والآثار: أبو بكر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أَبِي شيبة الكوفي . (159 ـــ 235هــ). تحقيق/ كمال يوسف المبارك ،ومحمد علي حمد الله. دار الفكر ــ بيروت، الطبعة السادسة، 1985م.

(86) المقاصد النّحويّة في شرح شواهد الألفية: للعيني، طبع بهامش (خزانة الأدب) طبعة بولاق 1299هـ.

(87) مقاييس اللُّغة: تأليف أبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريا (395هـ). تحقيق وضبط/عبد السلام محمّد هارون. مكتبة الخانجي، مصر، الطبعة الثانية،1412هـ

الحوت. مَكْتَبَة الرشد. الرياض. الطبعة الأولى، 1409هـ.

(82) معاني القرآن وإعرابه: للزجاج، تحقيق د/ عبد الجليل عبده شلبي، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، 1394هـ.

(83) معاني القرآن: للأخفش. تحقيق الدّكتور/عبد الأمير محمّد أمين. عالم الكتب بيروت، الطبعة الأولى، 1405هـ.

(84) معترك الأقران: المؤلف أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي. ضبطه وصححه وكتب فهارسه/أحمد شمس الدين. دار الكتب العلمية، بيروت ــ ـلبنان، الطبعة الأولى، 1408هـ.

(85) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: تأليف جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري. تحقيق الدّكتور/.مازن

(88) المقتضب: للمبرد أبي العباس محمد بن يزيد. تحقيق/ عبد الخالق عضيمة .المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ـــ القاهرة.

(89) المقرب: لابن عصفور. تحقيق/ أحمد عبد الستار الجواري، وعبد الله الجبوري، بغداد 1971

(90) النحاة والقياس: تأليف: صلاح الدين الزعبلاوي. مجلة التراث العربي ــ مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب

(90) نظم الدرر في تناسب الآيات والسـور: تأليف برهان الدين أبي الحسن أبي عمرو البقاعي .تحقيق/عبد الرازق غالب المهدي. دار الكتب العلميَّة، بيروت، الطبعة الثانية، 1415 هـ.

(91) نواهد الأبكار وشوارد الأفكار(حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي). المؤلف عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت:911هـ). جامعة أم القرى ــ كلية الدعوة وأصول الدين. المملكة العربية السعودية 1424هـ ـ 2005م.

الهوامش:

  1. () مقاييس اللُّغة: مادة (عدل) 4/124.
  2. () كتاب العين: مادة (ع د ل )2/39.
  3. () التحرير والتنوير :المسمى (تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) 12/175.
  4. () سورة الانفطار: (7).
  5. () المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز5/30.
  6. () سورة الشورى:(15).
  7. () التحرير والتنوير3/298.
  8. () سورة الأنعام: (70)
  9. () تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم)3/78
  10. () سورة الأنعام: (1)
  11. () تفسير ابن كثير3/78.
  12. () سورة المائدة: (8).
  13. () العين(عدل)2/39.
  14. () المحكَم والمحيط الأعظم2/14.
  15. () ينظر: الفصيح/720، وتصحيح الفصيح وشرحه/194، وإسفار الفصيح 1/503.
  16. () الكتاب: سيبويه3/274.
  17. () المقتضب: للمبرد أبي العباس محمد بن يزيد (٢٨٥هـ)3/378.
  18. () الخصائص3/18.
  19. () المثل السائر7/145
  20. () فكرة العدول في البحوث الأسلوبية المعاصرة، عبد الله صولة، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية (14)/79
  21. () البلاغة والأسلوبية: د/ محمد عبد المطلب، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1984م./198
  22. () ينظر: بنية اللغة الشعرية 1986م/ 194، وأسلوبية الرواية (مدخل نظري)/24
  23. () التعريفات/15.
  24. () اللّمع في العربيّة/217.
  25. () الأُصول في النحو2/88
  26. () الأصول في النحو2/88
  27. () اللّباب في علل البناء والإعراب1/502
  28. () شرح قطر الندى وبل الصدى/307
  29. () العدول الصرفي في القرآن الكريم/66
  30. () البيان في روائع القرآن 1/235
  31. () المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر2/179ــــ180
  32. () المصدر نفسه2/179ــــ180
  33. () حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك2/99.
  34. () سورة هود:(54).
  35. () المثل السائر2/179ـــ180
  36. () الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل1/14
  37. () سورة الملك:(30)
  38. () التحرير والتنوير12/56
  39. () سورة طه:(82)
  40. () الفروق اللغوية أبو هلال العسكري/ 175
  41. () سورة الأعراف:(29)
  42. () المثل السائر 2/180
  43. () الكشاف1/14
  44. () المرجع السابق1/88
  45. () العدول في صيغ المشتقات في القرآن الكريم/67
  46. () جماليات الإشارة النفسية في الخطاب القرآني/373.
  47. () سورة الكهف:(1)
  48. () التحرير والتنوير6/334
  49. () البلاغة والأسلوبية/7.
  50. () الأصول (دراسة أبيستمولوجية للفكر اللغوي عند العرب)/127.
  51. () الكتاب9/245
  52. () المرجع السابق5/22.
  53. () الخصائص2/451.
  54. () أمالي ابن الشجري/42
  55. () المقرب لابن عصفور/514
  56. () صحيح البخاري5/4.
  57. () شواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك/44
  58. () شرح التصريح على التوضيح للشيخ خالد الأزهري2/265.
  59. () سورة الأنعام:(160)
  60. () الحُجة في القراءات السبع/32، والتبيان في إعراب القرآن1/41.
  61. () التبيان في إعراب القرآن1/413
  62. () الحل القصدي للغة في مواجهة الاعتباطية: لعالم سبيط النيلي/75.
  63. () سورة العنكبوت (43).
  64. () كتاب سيبويه2،562 وتفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)7/150.
  65. () الأُصول في النحو: لأبي بكر محمد بن سهل بن السراج النحوي البغدادي2/417، وتفسير القرطبي7/150.
  66. () سورة يوسف:(10).
  67. () تفسير القرطبي7/150.
  68. () البرهان في علوم القرآن بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي،(٧٩٤هـ) 3/267
  69. () سورة يوسف:(10).
  70. () سورة النساء: (89)
  71. () سورة النور:(40).
  72. () البرهان في علوم القرآن3/267 .
  73. () سورة النور:(40).
  74. () البرهان في علوم القرآن3/267.
  75. () الكشاف2/73
  76. () معاني القرآن وإعرابه: للزجاج2/309
  77. () سورة النساء:(140).
  78. () سورة محمد: (38).
  79. () معاني القرآن وإعرابه 2/309
  80. () البرهان في علوم القرآن3/265
  81. () سورة الإنسان:(14).
  82. () سورة الإنسان:(12).
  83. () سورة الإنسان:(13)
  84. () ظاهرة التقابل في اللغة العربية: عبد الكريم محمد حافظ العبيدي/ 84.
  85. () آيات العدد في القرآن الكريم ـ دراسة أسلوبية/7
  86. () اللغة الشعرية: دراسة في شعر حميد سعيد، محمد كنوني/122، وآيات العدد في القرآن الكريم/8.
  87. () ظاهرة التقابل الدلالي في اللغة العربية/84.
  88. () سورة الأنعام:(160).
  89. () لسان العرب. مادة (فردس) 6/162،وزاد المسير في علم التفسير 4/246.
  90. () زاد المسير في علم التفسير4/246.
  91. () الحديث في: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال11/1019
  92. () الكشاف3/181.
  93. () مجالس العلماء: للزجاجي /21، والمزهر في علوم اللغة وأنواعها2/327.
  94. () حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح2/50.
  95. () البيت: لعبد الله بن رواحة وهو في: زاد المسير في علم التفسير4/246، والمزهر في علوم اللغة وأنواعها2/327.
  96. () لسان العرب(فردس)6/162، والتحرير والتنوير18/18.
  97. () الكشاف3/181؟
  98. () التحرير والتنوير18/18.
  99. () سورة الأعراف:(43).
  100. () الكشاف3/181.
  101. () سورة آل عمران:(185)
  102. () التبيان في إعراب القرآن1/318
  103. () تفسير القرطبي4/267.
  104. () البيت: لأَبى الأَسود الدؤلي، وهو في: الكتاب/169.
  105. () سورة الإخلاص:(1ـ2).
  106. () الدر المصون في علوم الكتاب المكنون4/284.
  107. () التبيان في إعراب القرآن1/318، والدر المصون في علم الكتاب المكنون4/284
  108. () سورة الأحقاف:(20).
  109. () البيت: للأخطل في ديوانه/178.
  110. () الدر المصون في علم الكتاب المكنون4/285
  111. () التبيان في إعراب القرآن1/318.
  112. () سورة المائدة:(116).
  113. () بيان المعاني/156
  114. () تلخيص البيان في مجازات القرآن/126
  115. () التحرير والتنوير17/47.
  116. () سورة المائد:(116).
  117. () سورة آل عمران:(28).
  118. () سورة الفرقان:(11،12).
  119. () سورة الفرقان:(10).
  120. () إعراب القرآن وبيانه6/671
  121. () القطع والائتناف أو الوقف والابتداء/479
  122. () مجاز القرآن2/70.
  123. () إعراب القرآن وبيانه 6/671
  124. () سورة ق:(30).
  125. () الدر المصون في علم الكتاب المكنون11/150
  126. () البيت: لعبد الله بن الزِّبَعْرَى، وهو في كتاب: (الصحابي الشاعر عبد الله بن الزِّبَعْرَى) لمحمد علي كاتبي/212، والإنصاف2 /61، وشرح الرضي على الكافية2/329،والخصائص2/231
  127. () البيت: لم ينسب إلى قائل معين. وهو من شواهد: التصريح1/346، والأشموني1/226،والمقتضب4/223، والخصائص2 /431، وآمالي ابن الشجري2/321، والإنصاف/613،
  128. () الدر المصون في علم الكتاب المكنون11/150
  129. () إعراب القرآن وبيانه 6/671
  130. () سورة آل عمران:(185).
  131. () التحرير والتنوير19/22.
  132. () سورة ق:(30).
  133. () المصنف في الأحاديث والآثار7/51.
  134. () سورة آل عمران:(103).
  135. () تفسير الرازي8/308
  136. () إعراب القرآن1/298، والبحر المحيط3/16
  137. () تفسير الرازي8/308
  138. () إعراب القرآن وبيانه 2/11
  139. () الرجز: للأغلب العجلي في الأغاني21/30، وخزانة الأدب 4/224، وشرح أبيات سيبوي 1/366،وشرح التصريح 2/31، والمقاصد النحوية3/ 395.
  140. () البيت: لمجنون ليلى، وهو في: حاشية الصبان1:/370،وشرح الرضي على الكافية2/215،وحاشية الخضري على ابن عقيل2/27.
  141. () البيت: لم ينسب إلى قائل معين. وهو من شواهد: التصريح2/ 32.
  142. () إعراب القرآن وبيانه2/12
  143. () تفسير الطبري (جامع البيان في تأويل القرآن )7/85، والدر المصون4/113
  144. () البيت: لجرير في ديوانه/426.
  145. () المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز1/508.
  146. () البحر المحيط3/16.
  147. () تفسير اللباب في علوم الكتاب 5/429
  148. () البيت: لجرير في ديوانه/426.
  149. () الدر المصون في علم الكتاب المكنون4/114
  150. () البيت: للعجاج في ملحق ديوانه/81.
  151. () تفسير اللباب5/429
  152. () تلخيص البيان في مجازات القرآن2/124
  153. () تفسير اللباب5/429
  154. () البيت: لزهير بن أبي سلمى، وهو من شواهد: النحاة والقياس/690، وخزانة الأدب2/7، وشرح الرضي على الكافية1/441.
  155. () سورة ق: (30).
  156. () سورة يوسف:(76).
  157. () سورة يوسف:(76).
  158. () الدر المصون9/54،وتفسير اللباب11/168
  159. () التحرير والتنوير22/99.
  160. () الدر المصون9/54.
  161. () تفسير اللباب11/168.
  162. () الكشاف2/462.
  163. () معاني القرآن: للأخفش2/53.
  164. () الدر المصون9/46.
  165. () الإتقان في علوم القرآن2/265، ومعترك الأقران في إعجاز القرآن/383.
  166. () التبيان في إعراب القرآن2/740.
  167. () الإتقان في علوم القرآن2/265، ومعترك الأقران1/383.
  168. () الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم/206.
  169. () سورة يوسف:(76).
  170. () التحرير والتنوير22/99.
  171. () سورة. لقمان:(16).
  172. () الحجة في القراءات السبع/186.
  173. () البحر المحيط 7/182
  174. () إعراب القرآن7/112.
  175. () التحرير والتنوير21/106.
  176. () حجة القراءات/565
  177. () الدر المصون11/399.
  178. () البرهان في علوم القرآن2/266
  179. () سورة الحج:(46).
  180. () سورة طه:(74).
  181. () التحرير والتنوير21/107.
  182. () تفسير اللباب لابن عادل 15/442
  183. () عنوان الدليل على مرسوم خط التنزيل: المراكشي/18.
  184. () نظم الدر15/172.
  185. () سورة يوسف:(10).
  186. () التبيان في إعراب القرآن2/2/49،والدر المصون 8/396.
  187. () التصريح بمضمون التوضيح2/31،والدر المصون 8/396، والتبيان في إعراب القرآن2/49.
  188. () البرهان في علوم القرآن2/265.
  189. () الأصول في النحو2/351، والخصائص2/415.
  190. () الفوائد الضيائية شرح كافية ابن الحاجب2/287
  191. () شرح الأشموني على ألفية ابن مالك1/115
  192. () الفوائد الضيائية شرح كافية ابن الحاجب2/287
  193. () المحتسب في تبيين وجوه شواذّ القراءات والإيضاح عنها: لابن جنّي2/185
  194. () البيت: للأعشى في ديوانه/173.
  195. () الكتاب لسيبويه1/52، والأصول في النحو2/478.
  196. () البيت: لم ينسب إلى قائل وهو في: الخصائص2/415،وسر صناعة الإعراب1/12،وشرح شواهد الإيضاح/85.
  197. () الخصائص2/415
  198. () البيت: للبيد في ديوانه/10ِ1، وهو في: الجمل في النحو/150، والخصائص2/415، وسر صناعة الإعراب1/12.
  199. () الجمل في النحو/150.
  200. () الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين2/772.
  201. () الخصائص2/415.
  202. () البيت: لرويشد بن كثير الطائي، وهو في: سر صناعة الإعراب1/11، وشرح المفصل5/95، ولسان العرب:(صوت)، والدرر6/239، وبلا نسبة في: الخصائص2/416، والإنصاف2/267، وارتشاف الضرب1/352،وخزانة الأدب4/207.
  203. () غريب القرآن المسمى بنزهة القلوب/511
  204. () الرجز: بلا نسبة وهو في: إصلاح المنطق/68، وفصل المقال في شرح كتاب الأمثال1/507 والأمثال لابن سلام1/70، وتاج العروس1/4951 ونسب في. لسان العرب لنقادة الأسدي 7/392
  205. () سورة الأنعام:(158).
  206. () التبيان في إعراب القرآن1/552،والدر المصون7/56
  207. () إعراب القرآن النحاس2/109.
  208. () الدر المصون7/56
  209. () البيت: للأعشى في ديوانه/173؛
  210. () حاشية الصبّان على شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك1/372
  211. () الكشاف2/79.
  212. () إعراب القرآن النحاس2/109.
  213. () البيت: لذي الرمة في ديوانه/303.
  214. () البحر المحيط4/253
  215. () الدر المصون 7/57
  216. () المحتسب1/235
  217. () البيت لابن مقبل، وهو في. معاني القرآن1/187،والخصائص2/418.
  218. () البيت: لذي الرمة في ديوانه/616،303.
  219. () نظم الدرر 7/332 ـــ 333 ، ونواهد الأبقار وشوارد الأفكار3/405.
  220. () نواهد الأبكار وشوارد الأفكار3/405.
  221. () الدر المصون7/59،ونواهد الأبكار وشوارد الأفكار3/405.
  222. () مغني اللبيب عن كتب الأعاريب:/820، ونواهد الأبكار وشوارد الأفكار3/405.