م.م أحمد ذهيب هادي1
1 وزارة التربية، المديرية العامة للتربية في محافظة كربلاء، العراق.
بريد الكتروني: Ahmed.zehaib@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(5); https://doi.org/10.53796/hnsj3519
تاريخ النشر: 01/05/2022م تاريخ القبول: 15/04/2022م
المستخلص
يهدف البحث الى استعراض التواجد الفاطمي في بلاد الشام ، منذ وصول الفاطميون الى مصر وتأسيس دولتهم فيها ، التي عدّت امتداداً لدولة الخلافة الفاطمية التي تأسست في شمال افريقيا سنة (296 هـ / 908م ) ، وبيّن ايضا وضع بلاد الشام غداة التنافس الفاطمي العباسي عليها ، وبيّان العلاقات السياسية والعسكرية بين الدولة الفاطمية ، والقوى المحلية في بلاد الشام ومعارضتها للتوسع الفاطمي من جهة ، وكذلك علاقات العباسيين العسكرية والسياسية بهذه القوى من جهة اخرى ، كما بيّن ايضا جهود القوى الخارجية الحربية لمنافسة الفاطميون على بلاد الشام من اجل السيطرة عليها ، وتناول ايضا مسار العمليات العسكرية الفاطمية ضد القوى المحلية ، والقوى الخارجية ، ومساعدة البويهيين للقرامطة باسم الخلافة العباسية ؛ لإفشال جهود الفاطميين ومنعهم من الاستيلاء على بلاد الشام التي كانت هدف العباسيين ايضا ، وكذلك استعانة بعض الاطراف المحلية في بلاد الشام بالبيزنطيين لعرقلة التقدم الفاطمي في بلاد الشام ، وما آلت اليه الامور بعد ذلك لصالح الفاطميون ، بعد انتصارهم على غالبية القوى المحلية والخارجية ، لكن الأمر لم يستمر لصالحهم نتيجة الضعف والعسكري السياسي ، بعد وصول خلفاء ضعفاء الى سدة الحكم الفاطمي ، ونتج عن ذلك ، تفشي الفساد والضعف العسكري ، الأمر الذي مكن الصليبيين من غزو مصر ، ومن ثم مجيء صلاح الدين الايوبي ليقضي على الدولة الفاطمية التي استمرت اكثر من قرنين ونصف في حكم مصر.
الكلمات المفتاحية: بلاد الشام، الدولة الفاطمية، الدولة العباسية، القوى المحلية، القوى الخارجية.
Fatimid expansion in the Levant between the opposition of local forces and the competition of external forces
Ahmed Dahib Hadi 1
1 Ministry of Education, General Directorate of Education in Karbala Governorate, Iraq.
Email: Ahmed.zehaib@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(5); https://doi.org/10.53796/hnsj3519
Published at 01/05/2022 Accepted at 15/04/2021
Abstract
The research aims to review the Fatimid presence in the Levant, since the arrival of the Fatimids to Egypt and the establishment of their state there, which was considered an extension of the Fatimid Caliphate state that was established in North Africa in the year( 296 AH / 908 AD). The political and military relations between the Fatimid state, and the local forces in the Levant on the one hand, as well as the Abbasid military and political relations with these forces on the other hand, as well as the relations of the Fatimid state with foreign powers greedy in the Levant in order to control it, and also dealt with the course of the Fatimid military operations against The local powers, the external powers, and the Buyids aid the Qarmatians in the name of the Abbasid Caliphate; To thwart the efforts of the Fatimids and prevent them from taking over the Levant, which was the goal of the Abbasids as well, as well as the help of some local parties in the Levant with the Byzantines to obstruct the Fatimid progress in the Levant, and what happened after that in favor of the Fatimids, after their victory over the majority of local and foreign forces, but the matter It did not continue in their favor as a result of political and military weakness, after weak caliphs came to the helm of Fatimid rule, and as a result, corruption and military weakness spread, which enabled the Crusaders to invade Egypt, and then Salah al-Din al-Ayyubi came to destroy the Fatimid state that lasted for more than two and a half centuries in the rule of Egypt.
المقدمة
مثلت بلاد الشام بالنسبة مصر اولى خطوط المواجهة مع الدولتين العباسية والبيزنطية ، لذلك سعى الفاطميون ومنذ الوهلة الاولى لدخولهم الى مصر ، للحصول على موطئ قدم في بلاد الشام ؛ ليحموا حدوهم من اخطار هاتين الدولتين ، ويكون منطلقا لتحقيق هدفهم الاسمى ، وهو اسقاط الخلافة العباسية المنافسة لخلافتهم ، ولتكون بغداد مقراً لحكمهم ، لذلك تكرست جهودهم من اجل تحقيق ذلك الهدف .
ولم يكن مسعى الفاطميون لدخول بلاد الشام وليد لحظة ، فقد جندت الخلافة الفاطمية لهذا الغرض الجيوش وخصصت الاموال ، ونشرت الدعاة في بلاد الشام ؛ لِبثْ مبادئ المذهب الاسماعيلي ، حتى يتسنّى لهم تهيئة الارضية المناسبة ، من اجل تنفيذ هذا المسعى .
وقد كثرت الدراسات التي تطرقت الى التواجد الفاطمي في بلاد الشام ، وكذلك دراسة اوضاع بلاد الشام السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وتنوعت ، وبحسب اطلاعنا البسيط لم نقف على دراسة سابقة او عنوان مشابه لدراستنا هذه ” التوسع الفاطمي في بلاد الشام بين معارضة القوى المحلية وتنافس القوى الخارجية ” وقد اشرنا الى هدف الفاطميون من هذا التوسع وهو لتكون بلاد الشام مدخلا الى السيطرة بغداد عاصمة الخلافة العباسية ، وهنا نطرح السؤال الآتي لمَ لمْ ينجح الفاطميون في الاستقرار في بلاد الشام لتنفيذ مسعاهم ؟ وحتى نجيب على هذا السؤال قسمنا بحثنا هذا على مبحثين تناولنا في المبحث الاول علاقة الفاطميين العسكرية والسياسية بالقوى المحلية في بلاد الشام ، بينما كان المبحث الثاني لعلاقات الفاطميون مع القوى الاجنبية المنافسة لهم في بلاد الشام . مع مدخل لعنوان بحثنا الموسوم
وقد استعملنا في هذا البحث مصادر عدة منها الكامل في التاريخ لابن الاثير ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ، وزبدة حلب لابن العديم ، واتعاظ الحنفا للمقريزي وغيرها من المصادر ، واستعملنا عدد من المراجع التي اغنت البحث منها ، العزير بالله الفاطمي لحسن خربوطلي ، و النفوذ الفاطمي في بلاد الشام والعراق لمحمد جمال سرور ، وغيرها .
مدخل
عوامل فتح الفاطميين لمصر
بعد ان دانت قبائل البربر بغالبية مسمياتها للخلافة الفاطمية ، في عهد الخليفة المعز ، وامتدَّ نفوذ الفاطميين في بلاد المغرب كافة ، بفضل الجهود العسكرية للقائدين جوهر الصقلي وزيري بن مناد الصنهاجي ، الذي أرسلهما المعز الى تلك المناطق ، فكر الخليفة المعز بفتح مصر وضمها الى الخلافة الفاطمية ، ولتكون مركزاً وعاصمةً لها فيما بعد (ابن عذاري ، 2013 : 1/ 222) وتظافرت عوامل عدّة عجلت في اتخاذ قرار الفتح ، ولعل من ابرز هذه العوامل واهمها هو موقع مصر الجغرافي سياسيا وحربيا ، وقربها من بلاد الشام وفلسطين والحجاز ، فنجاح الفاطميين في فتح مصر سيسهل عليهم الاستيلاء على بقية المراكز الاسلامية ، مثل المدينة المنورة ، ودمشق وبغداد حاضرة الخلافة العباسية ، ولا يمكن اهمال سبب آخر شجع المعز في السير نحو مصر الا وهو تنعم غالبية بلاد المغرب بالأمن بعد اخماد ثورة ابو زيد الخارجي (المقريزي ، د ت : 1/85 ؛ حسن ابراهيم حسن ، 1996 :3 /155) كما كان لانتشار الفوضى في مصرا إثر وفاة كافور الاخشيدي سنة ( 357 هـ / 967 م ) عاملاً آخر حفزَّ المعز بتعجيل خطواته لفتح مصر (ابن الاثير ، 1987 : 7/ 309) ناهيك عن الضعف الذي دبَّ في ارجاء الخلافة العباسية وانشغالها بدفع البيزنطيون عن بلادها ، كما كان للدعاة الفاطميين اثر كبير في نشر التشييع الفاطمي الذي نتج عنه تأييد المصريين الشيعة للدعوة الفاطمية ، الأمر الذي دعاهم الى مراسلة المعز يطالبونه بإرسال جيش لفتح مصر ، ولعب يعقوب بن كلس الذي هرب من مصر الى المغرب دور كبير في تزويد الفاطميين بمعلومات تبين حالة الضعف الذي اتصفت به مصر بعد وفاة كافور الاخشيدي (الذهبي، د ت: 12/409؛ حسن ابراهيم حسن ، 1996 : 3/155 )
فاختار جوهر الصقلّي الموضع الذي تبنى فيه القاهرة ، ليكون مواجهاً لبلاد الشام ؛ لأن جوهر يتوقع ان تكون ردود فعل عسكرية قد يقوم بها العباسيون ، لذلك وقع اختياره لهذا المكان (ياقوت الحموي ، د ت : 4/301 ؛ القلقشندي، 1915 : 2/ 344 ـ345 ) وهذا ما أكده الرحالة ناصر خسرو (ناصر خسرو ، 1983 :102 ) في ان ” اول مدينة يصل اليها المسافر من الشام الى مصر هي القاهرة “
اثر الفاطميون في نشر التشييع في بلاد الشام
توجهت انظار الفاطميون بعد ان استقرت الاوضاع في مصر ، لمد نفوذهم في بلاد الشام ، اذ كان هدف الفاطميون من هذه الخطوة ، يتجه باتجاهين ، الاول : هو هدم عدوتهم اللدود الخلافة العباسية ، والثاني : حتى تتزعم الدولة الفاطمية خلافة العالم الاسلامي (خربوطلي ، د ت : 124ـ125 ) وان تحقق لهم ما يريدون فان بلاد الشام ستكون خط الدفاع الاول عن مصر ، كما سيحققون هدفهم الاخر وهو ان يصبح البحر المتوسط بحيرة فاطمية ، وبذلك تمنع الجيوش البيزنطية من الوصول الى بلاد الشام ومصر (خربوطلي ، د ت : 92) لذلك ارسل القائد جوهر الصقلي حملة عسكرية بقيادة جعفر بن فلاح سنة( 359هـ / 969 م) ونجح في السيطرة على مدن فلسطين والشام (المقريزي ، د ت : 1/129 ) فكانت النتيجة حذف القائد جعفر بن فلاح اسم الخليفة العباسي من الخطبة ودعا الى الخليفة الفاطمي (خربوطلي ، د ت : 125)
المبحث الاول : علاقات الفاطميون بالقوى المحلية في بلاد الشام
اولا : علاقة الفاطميين بالحمدانيين
ما ان استقرت الامور في حلب لسيف الدولة الحمداني بعد صراعه مع كافور الاخشيدي ، وهزيمته لكافور ، استمر الصراع بين سيف الدولة والاخشيديون حتى سنة ( 336 هـ / 976م ) حتى استقرت ولاية سيف الدولة على حلب (ابن العديم ، 1997 : 1/119)
والمعروف عن أهل حلب ميلهم الى المذهب الشيعي ، وفي ذلك اختلاف عن سائر مدن الشام ، اذ انهم اتبعوا الاذان الشيعي منذ عهد سيف الدولة الحمداني (347هـ / 987م)، ـ قبل سيطرة الفاطميون على مصر والشام ـ وعلى الرغم من ذلك فان الفاطميين لم يثقوا بهم ، وليس ادل على ذلك من رسالة المعز الفاطمي الى جوهر الصقلي يحذره فيها منهم بقوله :” احذر عن تبتدئ احدا من آل حمدان بمكاتبته ..” فبنو حمدان ” يتظاهرون بثلاثة اشياء عليهم مدار العالم وليس لهم فيها نصيب ، يتظاهرون بالدين، وليس لهم فيه نصيب ، ويتظاهرون بالكرم ، وليس لواحد منهم كرم في الله ويتظاهرون بالشجاعة ، وشجاعتهم للدنيا لا للآخرة ،فأحذر كل الحذر من الاستنامة الى احد منهم ” (المقريزي، د ت: 1/98ـ99)
وبعد وفاة سيف الدولة ضعفت امارة حلب ، ونتج عن ضعفها انقسام وتصارع ، حتى تمكن سعد الدولة من العودة الى حلب بعد ان كاتبه اهلها بالقدوم اليهم ؛ لان بجكور انفرد بالحكم وتعسف في استعمال السلطة ، فسار سعد الدولة الى حلب وحاصرها اربعة اشهر فتحصن بجكور في قلعته مدة من الزمن ، ومن ثم جرت وساطة قام بها اعيان حلب بين بجكور و سعد الدولة على ان يكون الامان لبجكور ، وان يتولى حمص ، فقبل سعد الدولة بذلك فتولّى حمص(ابن القلانسي ، د ت: 28 ) ودخل سعد الدولة حلب وغيّر الاذان ، وزاد فيه حي على خير العمل محمد وعلى خير البشر ، سنة (369 هـ / 979 م)، وقيل سنة ( 358هـ / 968 م) ، (ابن العديم ، 1997 : 160) ويبدو ان هدفه من ذلك هو التقرّب من الدولة الفاطمية ، فطلب حماية دمشق من العرب وتقديم الاقوات لأهلها عندما حلت الفتنة والغلاء ، وفي هذا الوقت استغل بجكور انشغال سعد الدولة ، و كتب الى العزيز الفاطمي بتعزيز العساكر لأخذ حلب (ابن القلانسي ، د ت :29 ) بعد ان عرف من خواصه بانشغال سعد الدولة عنها ، فأجابه العزيز وأرسل إليه العساكر من دمشق (ابن العديم ، 1997 : 1/ 163 ) لتنضم تحت قيادته في قتال سعد الدولة (ابن القلانسي، د ت : 34 ) الأمر الذي دعا سعد الدولة للاستعانة بالإمبراطور البيزنطي الذي ساعده ضد بجكور ، ووقعت الحرب بين بجكور المدعوم من الخلافة الفاطمية ، وبين سعد الدولة المدعوم من البيزنطيين(ابن القلانسي، د ت : 34ـ 35 ) كانت النتيجة هزيمة بجكور ، وهروبه من حلب وتبعه الروم ودخلوا حمص وعاثوا فيها دمارا وخرابا (المقريزي ، د ت : 1/ 258 ) غير ان هزيمة بجكور لم تغيّر موقف العزيز منه ، بل ان العزيز تأكد من ولائه له فمنحه ولاية دمشق بعد ان قطع على نفسه عهدا بتوليته دمشق ” تصير الى بابنا لنوليك دمشق” (ابن القلانسي، د ت : 28) في شهر رجب سنة (373 هـ / 983 م) (ابن ايبك ، 1961: 212)
ويبدو ان بجكور على الرغم مما حلّ به لم يغيّر من سياسته في الحكم وتعسفه تجاه الناس ، فمثلما اساء في حلب السيرة ، اساء السيرة في دمشق ايضا في التعامل مع اهلها ، فكثر قتله وصلبه للناس ، ويبدو ان ثقة العزيز به لم تكن في محلها ، فقد خرج من طاعة العزيز الفاطمي ، الأمر الذي دعا العزيز ان يجيّش له جيشا اسند قيادته الى منير الخادم سنة (378 هـ / 988 م)، فانتصر الخادم ، ومن ثم تصالحا ، فذهب بجكور الى الرقة فأقام الدعوة بها للعزيز الفاطمي (الذهبي ، د ت : 27/15) وبمسيره الى الرقة سنة (381 هـ /991 م) ، الى قتال سعد الدولة بحلب هُزم امام سعد الدولة ، وقُبض عليه وقُتل (المقريزي ، د ت : 1/267) وعلى الرغم من تذبذب مواقف بجكور تجاه الفاطميون ، الّا انهم بمقتله فقدوا أهم اعوانها في بلاد الشام ، ولا سيما ان الفاطميين يعتمدون عليه في سياستهم في اخضاع بلاد الشام بشكل غير مباشر ؛ بسبب عدم تمكنهم من السيطرة المباشرة على مدن بلاد الشام ، ووفاءً من العزيز الفاطمي لما قدمه بجكور للفاطميين ، فانه ارسل الى سعد الدولة يهدده ان اساء الى اولاد بجكور الذين في حوزته ، بعد ان راسلوه بهذا الصدد فأجاب سعد الدولة.” لست ممن يستفزه وعيدك وما بك حاجة لتجهيز عسكر الي فإني سائر اليك وخبري يأتيك من الرملة “(ابو شجاع ، 2000 : 7/257) الا انه توفي ، ولم يتم له ما اراد ، فخلفه ابنه ابو الفضائل (ابو شجاع ، 2000 : 7/257)
اتاحت وفاة سعد الدولة الى جانب تشجيع الوزير ابو الحسن المغربي(الزركلي ، 2002: 4/ 315) للخليفة العزيز للسيطرة على حمص ، فجهز جيشا كثيفا ، انفق عليه اموالا طائلة سيّره الى حلب بقيادة منجوتكين (الذهبي ، د ت : 27 /119) فلما وصل الى دمشق استقبله اهلها وقوادها ، فأقام بها مدّة ، ومن ثم رحل عنها الى حلب (المقريزي ، د ت : 1/281 ) ومعه ثلاثون الف مقاتل لقتال الحمدانيين ، ومن اجل مواجهة النفوذ الفاطمي ، فما كان من ابي الفضائل بن سعد الدولة ومولاه لؤلؤ الّا الاتصال بالإمبراطور البيزنطي باسيل ، الذي بعث الى البرجي عامله على انطاكية ، فسار في خمسة الاف رجل ، وترك الجسر الجديد بين انطاكية وحلب (ابو شجاع ، 2000 : 7/259) فاستشار منجوتكين قواده ، فأشاروا عليه بمواجهة البيزنطيون ، وترك حصار حلب ، فعمل بمشورتهم وباغت البيزنطيين قبل اجتماعهم بابي الفضائل وهزمهم ، ودخل منجوتكين انطاكية ونهبها واحرقها ، فارسل ابو الفضائل جنده لنقل الغلال الى حلب ، واحرق ما تبقى منها ، ومن ثم عاد منجوتكين لحصار حلب (ابن القلانسي ، د ت : 41ـ42) غير ان لؤلؤ مولى ابي الفضائل تمكن بسياسته ودهائه من فك الحصار في حلب بدفعه رشا للوزير ابي الحسن المغربي لإغراء منجوتكين الذي نجح بإقناعه بترك حلب (ابو شجاع ، 2000 : 7/260) الأمر الذي اغضب العزيز الفاطمي ، وأرسل اليه بالعودة الى حصارها ، وامدّه بالمؤن والذخيرة عن طريق البحر (ابن خلدون ، 2001: 4/ 69) فعاد منجوتكين الى حصار حلب مرة اخرى ، فبنى بإزائها مدينة (ابن العديم ، 1997 : 171) فيها حمامات وفنادق وقصور ويبدو من عمله هذا ان يخطط للبقاء مدّة اكثر (ابن خلدون 2001 : 4/69) وبالفعل استمر حصار منجوتكين لحلب احد عشر شهرا عانى منها السكان معاناة شديدة (ابن القلانسي ، د ت : 42ـ 43) ما دعا ابي الفضائل الى معاودة الاتصال بالبيزنطيين مرة اخرى ، وحذرهم من مغبة استيلاء الفاطميون على حلب مرة اخرى ؛ لقربها من اراضيهم (ابو شجاع ، 2000 : 7/261) فسار باسيل نحو حلب بأربعين الف مقاتل (المقريزي ، د ت : 1 / 285) وامام هذا الكم الهائل من الجنود اضطر منجوتكين الى فك الحصار عن حلب ، ما ساعد الامبراطور البيزنطي في التوجه نحو حمص واجتياحها، ومن ثم قام بنهب شيزر بعد ان وصلها ، ومن ثم حاصر طرابلس اربعين يوما وعاد بعد ذلك الى بلاده بعد ان عجز عن الاستيلاء على طرابلس (ابن القلانسي ، د ت : 43ـ44 ) فضيّق لؤلؤ وابنه الخناق على ابناء ابي الفضائل بعد وفاة ابيهم سنة( 392هـ / 1001م)، فقبضوا عليه وارسلوهم الى مصر (ابن العديم ، 1997 : 174 ) وبعد ان سيطر ابو نصر ابن لؤلؤ على حلب قطع الخطبة عن بني العباس واقامها للفاطميين ، فلقبه الحاكم بلقب ( مرتضى الدولة ) وأقره على حلب واعمالها سنة( 404 هـ / 1013 م) (ابن العديم ، 1997 : 174) ومن ثم عيّن الحاكم الفاطمي الامير عزيز الدولة ابا شجاع فاتك سنة (407 هـ / 1017 م) على حلب ولقّبه ( امير الأمراء ) (المقريزي، د ت : 2/129 ) فعمل فاتك على توطيد سلطته في حلب وجدد تحصيناتها وعقد معاهدة مع الروم (الجزوري ، 1999 : 92) ومن ثم خلع طاعة الحاكم بأمر الله ودعا لنفسه على المنبر ، وضرب السكة باسمه (المقريزي، د ت : 2/129) فارسل الحاكم جيشا للقضاء على تمرده ، فاستنجد بالبيزنطيين بناءً على المعاهدة المعقودة بينهما الا ان حربا لم تقم بسبب وفاة الحاكم سنة ( 411 هـ /1020 م) (المقريزي، د ت : 2/129)
ولم تدم ولاية فاتك لحلب كثيرا ، فبعد وفاة الحاكم ارسلت اخته ست الملك غلاما لقتل فاتك يسمى بدر فقتله سنة( 413 هـ / 1022 م) وشكرته ولقبته وفي الدولة (ابن العديم، 1997 : 1/125)
ومن ثم تولى الظاهر الخلافة بعد وفاة الحاكم ، وقام بتعيين اثنين من الولاة على حلب ، احدهما على المدينة والاخر على القلعة حتى لا ينفرد احدهما بالحكم عن الاخر (الجزوري ، 1999 : 93) وبذلك نجح الفاطميون بإخضاع حلب بسياستهم بعد ان عجزت جيوشهم في تحقيق النصر على الحمدانيين .
ثانيا : موقف الأمراء العرب بالشام من الفاطميين
تسلم الحاكم بأمر الله الحكم في صباه ، وكان تحت وصاية برجوان الخادم ، ولم يكن امر الدولة الفاطمية في استقرار دائم ، فتحدث الثورات هنا وهناك ، ويبدو ان السبب في اندلاع هذه الثورات هو استغلال المدن الثائرة لصغر سن الحاكم بأمر الله ، فقد ثار بالرملة من فلسطين التي كانت من أملاك الفاطميون ، سنة ( 388 هـ / 998 م) بني الجراح ، بقيادة زعيمهم مفرِّج بن دغفل ابن الجراح ، فأرسل برجوان الخادم الوصي ، الى فلسطين حملة بقيادة جيش بن الصمصامة ، الذي سار الى الرملة ، واستولى عليها واخمد ثورتها ، واخضع الثوار فيها ، وطارد زعيمهم وفلوله حتى اضطر الى طلب الامان من ابن الصمصامة (ابن الاثير ، 1987 : 7/ 478) ومن ثم عادت الفتنة مرة اخرى في فلسطين سنة (400 هـ / 1009 م)عندما نقم الحاكم على آل المغربي بمصر ، ففر الوزير ابو القاسم حسن بن علي بن المغربي ، ولم يستمر بولائه للحاكم ، وذلك ؛لأن الحاكم غدر بأبيه واعمامه (سرور ، د ت : 18) فكانت وجهته بني حسان بن مفرج بن الجراح امير طي بالرملة ، فزحف الامير حسان الى الرملة ، واستولى عليها ، وقتل واليها المعيّن من الفاطميين ، وخربها وعاث بها فساداً (سرور ، د ت : 18) هذه الاحداث حفّزت الطرف المنتصر بني الجراح سنة (401 هـ / 1010 م)، على دعوة ابي الفتوح الحسن بن جعفر امير ليبايعوه بالخلافة (ابن خلدون ، 2001 : 4/331 ) ومن ثم ارسلوا اليه الوزير ابا القاسم بن المغربي ليغريه بالخروج على الحاكم بأمر الله الفاطمي (المقريزي ، د ت : 2/ 287)
فلما قدم مكة حرّض اميرها ابو الفتوح على طلب الرياسة والخلافة ، وحثه على الخروج على الحاكم ، فاستجاب ابو الفتوح لطلب حسان ورجائه ، واقام الخطبة لنفسه وتلقب بالراشد ، ومن ثم سار من مكة قاصدا الرملة ، يرافقه ابي القاسم بن المغربي وانصاره من العرب ، وباقترابه من الرملة استقبله حسان بن مفرج بن الجراح ، وسائر وجوه العرب بالترحاب ، وبايعوه بالخلافة ، ونزل ابو الفتوح في دار حسان بن الجراح ، ونادى بالناس بالأمان ، واقيمت له الخطبة في بلاد الشام (سرور ، د ت : 45 )
ولما وصلت هذه الاخبار الى الحاكم بأمر الله ، بعث بحملة الى فلسطين للقضاء على هذه الحركة ، واعادة الامور الى نصابها ، الا ان حملة الحاكم منيت بالهزيمة ، واستفحل نفوذ بني الجراح ، فبسطوا نفوذهم على جنوب بلاد الشام ، ما دعا الخليفة الى اللجوء الى استمالة حسان بن مفرج واتباعه من بني طي ، بالأموال التي بذلها لهم ، الأمر الذي اسهم في انحراف بني الجراح عن الامير ابي الفتوح وتفكيك تحالفهم ، بعد مبايعتهم له بالخلافة ، وعندما علم ابي الفتوح بخيانة بني الجراح وخذلناهم اياه ، كلف من حسان بن مفرج ، ان يبعث معه من يوصله الى مكة ، فبعث معه من بني طي ، حتى وصل مكة سنة( 403 هـ / 1012 م)فتلقاه اتباعه ، ومن ثم كاتب الخليفة الحاكم طالبا منه الصفح ، فقبل الحاكم وعفا عنه ، واعاده الى امارته (ابن خلدون ، 2001 : 4/473 )
وما يجب قوله ان بعض المواقف كانت تشترى وتباع بالأموال ، لذلك كانت مقاومة التوسع الفاطمي في بلاد الشام من قبل القوى المحلية خجولة على الرغم من كثرة التضحيات ، ناهيك عن استعانة بعض القوى المحلية بالاجنبي ضد الفاطميون .
المبحث الثاني : علاقة الفاطميون مع القوى الخارجية في بلاد الشام
اولا : علاقة الفاطميون بالقرامطة
بغض النظر عن تاريخ القرامطة وكيف نشأوا وتكونوا وتوسعوا ، وتاريخ تأسست دولتهم ومكانها (الصفدي ، 2000 : 11/314) فبعد عمليات عسكرية هنا وهناك تمكّن القرامطة من بسط نفوذهم على بلاد الشام بزعامة قائدهم الحسن الاعصم (ابن عساكر،1995 : 13/ 6 ) وذلك في سنة ( 357 هـ / 967 م)، وولى عليها وشاح السلمي (الصفدي ، 2000 : 11 /287) وعندما سيطر الفاطميون على بلاد الشام بقيادة جعفر بن فلاح سنة ( 359 هـ / 969 م) ، بادروا الى قطع الاتاوة التي كان يدفعا الاخشيديون الى القرامطة ، (ابن تغري بردي ، د ت : 4/ 74 ) الأمر الذي اثار حفيظة القرامطة ودعا زعيمهم الى التوجه بعسكره الى دمشق للاستيلاء عليها (ابن القلانسي ، د ت : 1) وتسارع الاحداث هذا كان ايذانا بتوتر العلاقات بين الفاطميون والقرامطة ، بعد ان كان تربطهم علاقات جيدة وتحالفات متينة .
لم يحصل القرامطة على دعم رسمي من الخلافة العباسية ؛ لأن الخلافة العباسية تتبنى موقف مذهبي بالضد من القرامطة والفاطميون (ابن تغري بردي ، د ت : 4/ 74) لكنهم حصلوا على دعم بختيار البويهي الذي قدّم لهم الدعم المالي والسلاح ، فسار القرامطة الى بلاد الشام تتقدم حملته اعلاما سوداء كتب اسم المطيع عليها ، لتكون اشارة على موافقة الخليفة المطيع ـ الذي كان اداة بيد البويهيين ـ وتأييده للقرامطة وزعيمهم على تولّي بلاد الشام ، فنجحت حملة القرمطي وبسط نفوذه على بلاد الشام ، ولعن الخليفة الفاطمي المعز (ابن تغري بردي ، د ت : 4/ 74) وبعد سيطرة القرامطة على دمشق توجهوا نحو الرملة ، وكان فيها رجلا يدعى سعاد بن حيان (المقريزي ، د ت : 1/ 128 ـ 130 ) ونتج عن هذه المعارك فشل الفاطميون في بسط نفوذهم على بلاد الشام ، وعودة القرامطة الى بلاد الشام ، ومن ثم توجههم الى مدينة يافا ، وفرضوا عليها حصارا شديدا الّا انَّ قلّة مؤنهم حالت من دون استمرار هذا الحصار الأمر الذي دعاهم الى فك الحصار .
شجعت هذه الانتصارات الحسن الاعصم على التفكير في غزو مصر مرة اخرى ، فتوجهت عساكره بعد انضمام بعض القبائل العربية في جنوب بلاد الشام الى حملته (ابن كثير ، د ت : 15 / 327) وعندما علم القائد جوهر الصقلي بتحركات الاعصم ، اوعز لجنوده بحفر خندق حول القاهرة (ابن ايبك ، 1961 : 143 ) وحصّن المدينة ووزع السلاح بين جنوده استعدادا للحرب (المقريزي ، د ت : 2/ 682) شن القرامطة هجوما على القلزم (ياقوت الحموي ، د ت: 4/ 388) وخرجت تنيس على الوالي الفاطمي ، واعلن سكانها العصيان على جوهر الصقلي وأقرت تنيس ولاءها للقرامطة (المقريزي ، د ت : 1/ 130 ) ويبدو ان خروج تنيس عن السيطرة اسهم بانهيار معنويات الجنود الفاطميون ، الأمر الذي ساعد القرامطة من الوصول الى عين الشمس (ياقوت الحموي ، د ت: 4/ 138) وقتلوا من أهلها وعفوا عن آخرين حتى صار القتال على ابواب القاهرة ، لكن الأمر لم يستمر كذلك ، فأنقلب ميزان القوى ، فقد انهزم الاعصم (الانطاكي ، 1990 : 146 ـ 147 ؛ المقريزي ، د ت : 1/ 130 ) واستعاد الفاطميون الفرما وتنيس من القرامطة (ابن القلانسي ، د ت : 2) فعاد القرامطة الى الشام ، وحاصروا يافا ، فحاول جوهر الصقلي انقاذ يافا الّا انه لم ينجح ، ما اضطر اهلها الى اكل الميتة ، وقد سار الاعصم الى الاحساء تاركا بعض خاصته عليها ، ولاسيما ظالم بن موهوب وابي الهيجا (الصفدي ، 2000 : 26 / 12 ) وبسبب خلاف بين العقيلي وابي الهيجا على الخراج انسحب القرامطة وفك الحصار وانهزم جمعهم وعادوا الى دمشق (المقريزي ، د ت : 1 / 188) وبذلك تمكن الفاطميون من استعادة معظم مدن الشام من قبضة القرامطة .
وبعد ان علم الاعصم بسقوط يافا بيد الفاطميون توجه من الاحساء الى الشام ، ويبدو هذه المرة ان هناك دعم عباسي ، فعمل على توطيد نفوذ العباسيون بعد ان اقره الخليفة المطيع العباسي (المقريزي ، د ت : 1 / 188) تمكن من استعادة بلاد الشام ، فقويت مرة اخرى شوكة القرامطة ، وعاد الكرّة لغزو مصر بمساعدة امير العرب في بلاد الشام حسان بن الجراح (ابن تغري بردي ، د ت : 4/ 252 ؛ القلقشندي ، 1915 : 4 / 203 ) لينتزعوا مصر من قبضة الفاطميين ، فكتب جوهر الى المعز في القيروان يحذره من خطورة الموقف في مصر ، ما دعا المعز الى المجيء الى مصر سنة ( 362 هـ /972 م) (ابن خلدون ، 2001 : 4/ 46 ؛ الجزوري ، 1999 : 58 ) الأمر الذي دعا المعز الى التفكير باللجوء الى الحل السياسي ، وترك الحل العسكري جانبا ، فارسل الى الاعصم القرمطي يذكره بولاء القرامطة للفاطميين ، غير ان الاعصم لم يعر أهمية لكتاب المعز وأجابه : ” وصل كتابك الذي قل تحصيله وكثر تفصيله ، ونحن سائرون اليك والسلام ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ” (المقريزي ، د ت : 1 / 202 )
فاضطر عندها المعز الى اللجوء الى الحيلة والدهاء لتفكيك عسكر القرامطة وجمعهم ، فراسل ابن الجراح واعدا ايّاه بمائة الف دينار لاستمالته عن عسكر القرامطة ، فأتى بنقود من النحاس وطلاها بالذهب وعبأها بأكياس وارسلها الى ابن الجراح (ابن القلانسي ، د ت : 3) فانسحب ابن الجرح عن المعركة ، فلحقت الهزيمة بجيش القرامطة تاركين ساحة القتال ، وفر الاعصم الى الاحساء ، وتمكن الفاطميون من انتزاع بلاد الشام من القرامطة (ابن ايبك ، 1961 : 160 ؛ المقريزي ، د ت ، 1 / 206 ) فعيّن المعز لدين ظالما العقيلي واليا على دمشق سنة ( 363 هـ / 973 ) (ابن القلانسي ، د ت : 4 )
ثانيا: علاقات الفاطميون بالصليبيين
بعد ان وصلت الى الفاطميين اخبار تقدّم الصليبيون نحو بلاد الشام ، ولاسيما الى انطاكيا ، وجدوا ان من الضروري ، استبدال الجهد العسكري بجهد سياسي ، لعله ينجح في ايقاف تقدم الصليبيون ، واكتفائهم بما حصلوا عليه او سيحصلون عليه ، فأرسل الوزير الافضل الجمالي سنة (492 هـ ، 1098م) سفارة الى الصليبيين للتفاوض معهم على ان ينفرد الصليبيون بأنطاكيا ، وتستقل مصر ببيت المقدس ، ويُسمح بموجب الاتفاق للصليبيين بزيارة الاماكن المقدسة بفلسطين ، ولهم مطلق الحرية بأداء طقوسهم الدينية على ان لا تزيد مدة اقامتهم عن شهر واحد ، ويدخلون بلا سلاح (حبشي ، 1947 : 52 ـ54 ) الّا ان هذه السفارة ، وعلى الرغم من الشروط التي جاءت بها ، الّا انها لم تثن الصليبيون عن سياستهم الرامية الى الاستيلاء على بيت المقدس ، بل ان الصليبيين وقفوا على طبيعة الصراع والتنافس والخلاف بين الفاطميون والسلاجقة ببلاد الشام ، فاستقر رايهم على السيطرة على انطاكيا ومن ثم ارسال حملة للاستيلاء على بيت المقدس ، وفي طريقهم استولوا على معرة النعمان (ابن الاثير ، 1987 : 8 /420)
وعمل امير سيزر على تحاشي الصليبيون ، فأمن لهم الطريق وزودهم بما يحتاجون اليه في سيرهم (حبشي ،1947 : 74 ) كانت بيت المقدس خاضعة للفاطميين قبل وصول الصليبيين اليها ، ويلي حكما من قبل الفاطميون افتخار الدولة (سرور ، د ت : 67 )
قاومت هذه المدينة الصليبيون في بادئ الأمر ، الّا ان مقاومتهم لم تستمر الى النهاية ، فقد تمكن جودفري من العثور على ثغرة او منفذ يؤدي اليها ، ويبدو ان المسلمين لم يهتموا كثيرا بتحصين المدينة ، الأمر الذي ساعد الصليبيون على اختراق المدينة من خلال هذه المنفذ ، و دعا افتخار الدولة والي المدينة الى الاستسلام ، وتعهد للصليبيين بالرحيل عنها الى مصر (حبشي ، 1947 : 83ـ 85 ) وازاء هذا الزحف الصليبي لم يقف الفاطميون مكتوفي الايدي ، ولاسيما عندما وصلهم خبر دخول الصليبيون المدينة ، واستيلائهم عليها ، فاعدّوا حملة كبيرة في سنة (492 هـ ، 1098م)لاستعادة بيت المقدس ، قادها الافضل الجمالي ، واقام بعسقلان بانتظار المساعدات من العرب (ابن القلانسي ، د ت : 137) وأرسل الى الصليبيين يتوعدهم ويهددهم ، الّا ان الفاطميين فوجئوا بهجوم كبير من الصليبيين ، وبعد معارك ضارية بين الطرفين انتهت بهزيمة الجيش الفاطمي ، ما ادّى الى انسحابه من ارض المعركة ، ومن ثم عاد الافضل وجيشة الى مصر (المقريزي ، د ت : 2 : 196 ؛ ابن القلانسي ، د ت : 137 ) وبذلك ضعف النفوذ الفاطمي في بلاد الشام بعد فشلهم في استعادة بيت المقدس من الصليبيين ـ ويبدو ان سبب سقوط بلاد الشام بيد الصليبيين ، يعود الى التنافس والصراع الفاطمي السلجوقي عليها ، واهتمامهم بهذا الجانب ، فأخذ كل منهم يتفرج على الاخر في صراعه الفردي مع الصليبيين فلو انها فكرا بعقلية الاسلام ، لا بعقلية المذهب لما سقطت بيت المقدس .
وبمرور الزمن اصبحت الخلافة الفاطمية في وضع لا يساعدها على استعادة السيطرة على بلاد الشام ؛ وذلك لانشغالها بفتنة النزارية والمستعلية ، ما افقدها ما تبقى لها من نفوذ في بلاد الشام (المقريزي ، د ت : 2 / 196)
ويبدو ان الدولة الفاطمية ، كانت على علم بمخططات الصليبيين واهدافهم قبل وصولهم اراضي الدولة البيزنطية ، وعلى الرغم من ذلك ، فإن امير الجيوش الافضل لم يفعل شيئا حيال ذلك ، حتى أتهِمَ بالخيانة ، وقيل انهم استدعوا الصليبيين الى بلاد الشام لاقتسامه معهم ، ولاسيما بعد تقدم السلاجقة للسيطرة على بلاد الشام ، وهذا ما صرح به ابن الاثير (ابن الاثير ، 1987 : 8 / 414) ” لما رأوا قوة الدولة السلجوقية وتمكنها من الاستيلاء على بلاد الشام الى غزّة ، ولم يبق بينهم وبين مصر ولاية اخرى تمنعهم .. خافوا وارسلوا الى الفرنج يدعونهم الى الخروج الى الشام ليملكوه ويكونوا بينهم وبين السلاجقة.
اذا كان هذا الاتفاق حدث فعلا كما قال ابن الاثير ، فلِم هذه المعارك بين الفاطميين وبين الفرنجة على الشام ؟ وفي ضوء اطلاعنا على ما ورد في هذه المصادر نرى ان الاتفاق الذي زعمه ابن الاثير يبتعد عن الحقيقة ، فلو كان هناك اتفاق فعلي لجرت الامور بسلاسة ومن دون ازهاق الارواح وتخريب المدن .
ثالثا : علاقة الفاطميون بافتكين التركي
كان وصول افتكين الى دمشق بمثابة المنقذ ، فقد استقبله الاهالي مرحبين بقدومه ، طالبين منه ان يخلصهم من المصريين ؛ لمخالفتهم لهم بالمذهب (ابن الاثير ، 1987 : 7 / 355) لكن ابن القلانسي (ابن القلانسي ، د ت : 11) يقول طلبوا منه ان يخلصهم من الاحداث لإيذائهم لهم ، فاستجاب لطبهم ، ودخل البلد واخرج ريان الخادم ، وقطع خطبة المعز ، واعاد الخطبة للخليفة الطائع لله (ابن الاثير ، 1987 : 7 / 355) فجهز المعز لقتال أفتكين لكنه مات سنة (365 هـ / 975 م)( ابن القلانسي ، د ت : 12) فآمن أفتكين جهة مصر وحاول استغلالها لصالحه فقصد مدن الشام التي كانت بحوزة الفاطميون فبدأ بصيدا (ياقوت الحموي ، د ت : 3 / 437 ) فحاصرها واشتبك مع الفاطميين وانتصر عليهم ، ومن ثم سار الى عكا فحاصرها ، وتوجه الى طبرية وحاصرها ومن ثم عاد الى دمشق (ابن ايبك ، 1961 : 176 ـ 177) عندها حاول العزيز الفاطمي الذي خلف المعز استمالة افتكين (ابن عبد ظاهر ، 1996 :22) رفض الفتكين ورد برد بكتاب فيه غلظة ” هذا بلد اخذته بالسيف ما أدين فيه لاحد بطاعة ولا اقبل منه امرا ” (ابن القلانسي ، د ت :15) الأمر الذي اغضب العزيز فاستشار المقربين منه ، ولاسيما وزيره يعقوب بن كلس ، فأشار على ان يجهز جيشا ويسند قيادته لجوهر الصقلي لقتل افتكين (ابن خلدون ، 2001 : 4/ 64 ) فدارت بين الطرفين معارك عدة ابدى فيها افتكين شجاعة فائقة ، لكن الفاطميون تمكنوا من هزيمته واستعادة ما كانت تحت سيطرته من مدن ، واسر افتكين سنة( 368 هـ م 978 م) (المقريزي ، د ت ك 3 م 239)
هذه المعارك ووقوف اهالي دمشق مع افتكين التركي تدل على نفور اهالي دمشق من الفاطميين ومن سياستهم تجاههم ، فضلا عن السبب الأهم الذي جعلهم يفضلون افتكين على الفاطميين ويستنجدون به الا وهو الاختلاف المذهبي .
رابعا : الصراع الشامي الفرنجي على مصر
بعد ان كانت مصر تسيطر على الشام بفضل قوتها ، وضعف القوى المحلية في الشام ، انقلب مسار الاحداث ليعطي افضلية الى الشام ، ولاسيما بعد ظهور عائلة آل زنكي ، وبروز ودورهم السياسي والعسكري في المنطقة ، وخاصة في الحروب الصليبية ، فقد انتهز نوري الدين زنكي الصراع الدائر بين شاور وضرغام على الوزارة في مصر ، ليمد يد العون الى شاور الذي التجأ إليه طالبا العون منه ضد ضرغام الذي ثار على شاور وتقلّد الوزارة ، فقرر نوري الدين مساعدة شاور في استعادة سلطته على مصر نظير تنازل شاور عن ثلث خراج مصر لنوري الدين ، في حالة استعادة نفوذه في مصر ،فارسل جيشا بقيادة اسد الدين شيركوه تمكن هذا الجيش من طرد ضرغام واعادة شاور الى الوزارة ، سنة (559 هـ / 1202م)(ابن شداد ، 1994 : 1/ 75 ) غير ان شاور سرعان ما تخلّى عن تنفيذ وعده لنوري الدين محمود الذي اوعز الى اسد الدين بالعودة الى الشام ، فبعث شاور الى الصليبيين يستنجد بهم ضد نوري الدين وجيشه محذرا اياهم منه ، فأرسل الصليبيون جيشا أرغم اسد الدين على التراجع الى الشام .
سياسة شاور هذه حفزت كل من نوري الدين والصليبيون وفتحت اعينهم على مصر ، فأرسل نوري الدين حملة جديدة الى مصر سنة ( 562 هـ / 1166 م ) بقيادة اسد الدين شيركوه وصلاح الدين الايوبي (ابن واصل ، 1957 : 1/ 147) فاضطر شاور الى الاستعانة بالصلبيين الذين ابدو المساعدة له ، خشية ان ينفرد نوري الدين بمصر ، ويضمها الى بلاد الشام ، فيصبح مركز له في بيت المقدس اكثر تهديدا من قبل ، فوصلت جيوش الصليبيين لنجدة شاور وانضمت لجيشه ، والتقى الجيشين في معركة انتصر فيها شيركوه ، لكنها لم تنهي كل شيء فما زالت الاوضاع بين الطرفين لم تحسم بعد فهي بحاجة جهود عسكرية كبيرة وسياسية حتى تستقر . ومن ثم اضطر شاور الذي جاء بالصليبيين الى مصر الى طلب العون من نوري الدين محمود لإخراجهم من مصر ، فارسل نوري الدين حملة اخرى بقيادة اسد الدين شيركوه وصلاح الدين الايوبي
(ابن واصل ، 1957 : 1/ 147) فاضطر الصليبيون الى الانسحاب الى فلسطين ، ودخل شيركوه القاهرة سنة (564 هـ / 1168 م) وسط ترحيب الاهالي والخيفة العاضد ، فاصبح شيركوه السلطان الفعلي في مصر ، بعد نهاية عهد شاور ، فاتخذه الخليفة وزيرا له ، وبدأ عهد جديد في مصر عهد السلاطين الايوبيين بعد وفاة العاضد تسلم السلطنة صلاح الدين الايوبي (سرور ، د ت : 118)
الخاتمة
مثلت بلاد الشام بالنسبة مصر اولى خطوط المواجهة مع الدولتين العباسية والبيزنطية ، لذلك سعى الفاطميون ومنذ الوهلة الاولى لدخولهم الى مصر كما ذكرنا ، للحصول على موطئ قدم في بلاد الشام ، ليحمي حدوهم من اخطار الدولتين ، ويكون منطلقا لتحقيق هدفهم الاسمى ، وهو اسقاط الخلافة العباسية المنافسة لخلافتهم ، ولتكون بغداد مقراً لحكمهم ، لذلك تكرست جهودهم من اجل تحقيق ذلك الهدف .
فالشام هذا الموقع الحيوي الحاجز بين الخلافتين ، وعلى الرغم من السيطرة الاسمية والتبعية المذهبية للخلافة العباسية ، لكن ذلك لا يعني خلوه تماما من الوجود الشيعي ، هذا الوجود الذي استثمره الفاطميون لمد نفوذهم فيها ، فجندوا الدعاة الاسماعيلية حتى يهيئوا الارضية المناسبة لإحلال نفوذ الخلافة الفاطمية محل نفوذ الخلافة العباسية في الشام ، ويجب ان لا ننسى ان سلمية من الشام كانت مقر الائمة المستورين ، ما يعني ان الوجود الفاطمي في الشام ، لم يكن وليد المصادفة ، وانما هناك وجود سابق ، ولكن وهذا لاشكَّ فيه ان غالبية السكان هم من ابناء العامة ، وغالبيتهم شكل عنصر المقاومة للوجود الفاطمي في بلاد الشام ، فضلا ان هذه البلاد كانت مسرحا تلاقت به القوى مثل القرامطة والبيزنطيين ومن ثم الصليبيون ، كل هذه القوى كان لديها نفوذ واطماع في بلاد الشام ، لذلك نجدها اصبحت مسرحا عسكريا دائم الحروب ، تكون الغلبة فيها والنفود للقوة ، وهذا ما لاحظناه من سير الاحداث والحروب فيها ، الأمر الذي ادّى الى عرقلة جهود الفاطميون في تحقيق مسعاهم نحو بغداد عاصمة الخلافة العباسية .
وعلى الرغم من حصول الفاطميون على موطئ قدم ، ومن ثم سيطرتهم على بلاد الشام فترات من الزمن الا انهم لم يستطيعوا غرس مبادئ مذهبهم الاسماعيلي بين سكان بلاد الشام ، وربما يعود السبب في ذلك الى نفور الناس منهم ومن مذهبهم ، لذلك نجدهم استعانوا في شخص تركي الا انهم من مذهبهم ليخلصهم من الوجود الفاطمي ، وحتى ان وجودهم لم ينعكس على الحياة العامة في بلاد الشام فكانت الاعياد والمناسبات تقام بالإكراه ، وحتى مشاركة العامة فيها ، فلا يعدوا ان يكون من باب الفائدة النفعية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فان تأثير بلاد الشام السياسي على مصر فواضح ومعروف ، فقد كرس الفاطميون جهودهم العسكرية والسياسية في بلاد الشام وهذه الجهود السياسية اسهمت الى حد كبير في ابعاد الاعداء وتامين حدود مصر من خطرهم على الاقل في فترة الخلافة القوية الى سنة(411 هـ م1020م)، ولما دبَّ الضعف في مؤسسة الخلافة وبدأت سيطرة الوزراء هنا اختلف الأمر ، اذ ضعفت الجهود السياسية العسكرية وهذا ما لاحظناه في سير البحث ، حتى بلاد الشام ايام الحروب الصليبية منطلقا لتهديد مصر في اكثر من مرة ، وهذا الأمر كان يشكل هاجس الخلفاء المصريين الاوائل ، ولاسيما الخليفة المعز ، فقد اسهمت فترة الضعف ، في صحة توجه المعز في السابق ، ومن ثم سقطت الخلافة الفاطمية ، وكان سقوطها بيد صلاح الدين الايوبي قادما من الشام .
أولاً- المصادر
- ابن الاثير، ابي الحسن علي بن ابي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الجزري الملقب بعز الدين ( ت :630 هـ / 1233 م ) .
- الكامل في التاريخ ، تحقيق : ابي الفداء القاضي ، ط1، دار الكتب العلمية ، (بيروت : 1407هـ / 1987 م).
- الانطاكي ، يحيى بن سعيد بن يحيى الأنطاكي (المتوفى: 458هـ).
- تاريخ الانطاكي ، تحقيق : عمر عبد السلام تدمري ، د ط ، ( طرابلس :1410هـ/1990م).
- ابن ايبك ، ابي بكر بن عبد الله الدواداري (ت ما بعد 736 هـ / 1335م).
- الدرة المضية في اخبار الدولة الفاطمية ، تحقيق : صلاح الدين المنجد ، (القاهرة : 1380 هـ / 1961 م) .
- ابن عبد الظاهر ، محي الدين عبد الله بن عبد الظاهر المصري ( ت 692هـ ) .
- الروضة البهية ، تحقيق : ايمن فؤاد السيد ، ط 1 ، ( القاهرة : 1417هـ / 1996م ).
- ابن تغري بردي ، يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي، أبو المحاسن، جمال الدين (ت: 874هـ).
- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، د ط ، دار الكتب ، ( مصر، دت ) .
- ابن خلدون ، عبد الرحمن بن محمد الحضرمي المغربي ( ت : 808 هـ / 1406م).
- ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الاكبر ، ضبّط المتن ووضع الحواشي والفهارس : خليل شحاذة ، مراجعة : سهيل زكّار ، دار الفكر ، ( بيروت : 1421 هـ / 2001 م ).
- ابن خلكان ، ابي العباس شمس الدين احمد بن محمد بن ابي بكر ( ت 681 هـ /1282 م ) .
- وفيات الاعيان وابناء ابناء الزمان ، تحقيق : احسان عباس ، دار صادر، (بيروت : بلا تاريخ )
- الذهبي، شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان (ت : 748 هـ / 1374م).
- سير اعلام النبلاء للذهبي ، مؤسسة الرسالة،( بيروت : بلا تاريخ ).
- تاريخ الاسلام ووفيات مشاهير الاعلام ـ السيرة النبوية ، تحقيق :عبد السلام تدمري ، دار الكتاب العربي ،( بلا مكان : بلا تاريخ ).
- أبى شجاع محمد بن الحسين الملقّب ظهير الدين الروذراورى (ت488 هـ / 1095 م).
- ذيل تجارب الامم ، ط2 ، (طهران : 1430 هـ / 2000 م).
- ابن شداد يوسف بن رافع بن تميم الموصلي ( 632 هـ / 1234 م )
11 . النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ، تحقيق : جمال الدين الشيال ، ط 2 ، مكتبة الخانجي ( القاهرة : 1415 هـ / 1994 م)
- ابن العديم، كمال الدين ابي القاسم عمر بن احمد بن هبة الله ( ت660 هـ / 1361 م) .
12 . زبدة حلب من تاريخ حلب ، تحقيق : سهيل زكار ، ط 1، ( دمشق : 1418 هـ / 1997 م ) .
- ابن عذاري ، ابي العباس احمد بن محمد ( ت : 712 هـ / 1313 م ).
13 . البيان المغرب في اختصار اخبار ملوك الاندلس والمغرب ، تحقيق: بشار عواد معروف ، محمود بشار عواد ، ط 1 ، دار الغرب الاسلامي ، (تونس : 1434هـ / 2013 م ).
- ابن القلانسي ، ابي يعلي حمزة ( 555 هـ / 1160 م) .
14 . ذيل تاريخ دمشق ، د ط ، ( القاهرة : د ت ) .
- القلقشندي ، ابي العباس احمد بن علي (ت: 821 هـ / 1418 م ) .
15 . صبح الاعشى في صناعة الانشا ، المطبعة الاميرية ،(القاهرة : 1333هـ / 1915م)
- ابن كثير، عماد الدين ابي الفداء اسماعيل(ت:774هـ).
16 . البداية والنهاية، ط2 ، مكتبة المعارف، ( بيروت : بلا تاريخ ).
- المقريزي ، تقي الدين احمد بن علي ( ت : 845 هـ / 1441م) .
17 . اتعاظ الحنفاء بأخبار الائمة الفاطميين الحنفاء ، تحقيق : محمد حلمي محمد أحمد ، ط 1 ، ( القاهرة : د ت )
18 .المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار ، طبعة بولاق ، الهيأة العامة لقصور الثقافة ، (بلا مكان : بلا تاريخ ).
- ناصر خسرو ،( ت : 481 هـ / 1088 م ).
19 . سفرنامه ، ترجمة يحيى الخشاب ، تحقيق : يحيى الخشاب ، ط3 ، دار الكتاب الجديد ،( بيروت : 1983) .
- ابن واصل، محمَّد بن سالم بن نصرالله بن سالم (ت 679 هـ / 1380م ).
20 . مفرج الكروب في اخبار بني ايوب ، تحقيق : جمال الدين الشيال ، المطبعة الاميرية (القاهرة : 1377هـ / 1957 م ).
- ياقوت الحموي، أبو عبد الله ، شهاب الدين الرومي البغدادي (ت :626هـ/1229م).
21 .معجم البلدان ، دار صادر ، ( بيروت : بلا تاريخ )
ثانياً- المراجع
- الجزوري ، علية عبد السميع .
- الحروب الصليبية المقدمات ، د ط ، الهيأة المصرية العامة للكتاب ، (1419 هـ/1999م)
- حبشي ، حسن .
- الحروب الصليبية الاولى ، د ط ، دار الفكر العربي ، ( بيروت : 1947هـ / 1366م)
- حسن ، ابراهيم حسن .
- تاريخ الاسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي ، ط 14 ، دار الجيل ( بيروت : 1416 هـ / 1996 م )
- الخربوطلي ، علي الحسني .
- العزيز بالله الفاطمي ، د ط ، د ت .
- الزركلي ، خير الدين .
- أعلام الزركلي ، ط 5 ، دار العلم للملايين ، ( بيروت : 1433 هـ / 2002 م )
- سرور ، محمد جمال.
- النفوذ الفاطمي في جزيرة العرب ، ط1 ، دار الفكر العربي ، د ت .
- النفوذ الفاطمي في بلاد الشام والعراق ، د ط ، دار الفكر العربي ، د ت