الليل والقانون الجنائي دراسة تحليلية مقارنة

مستشار دكتور/ محمد جبريل إبراهيم1

1 نائب رئيس هيئة قضايا الدولة المصرية

بريد الكتروني: gebrelmohamed865@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(5); https://doi.org/10.53796/hnsj3533

تنزيل PDF

تاريخ النشر: 01/05/2022م تاريخ القبول: 20/04/2022م

المستخلص

الليل هو واحة النساك والعباد التي يتلاقون فيها مع ربهم فيناجونه، ويبثون إليه خفايا جوانحهم، فهو بالرغم من عتمته وظلمته يُعد ملتقي الأرواح مع أنوارها.

أما عند الشعراء والأدباء فكان الليل وما زال مصدر الإلهام والوحي، فكان حاضراً دوماً في أشعارهم وكلماتهم، فهو يسحرهم بنجومه وكواكبه، فيجبرهم علي الإنصات و التفكير والإبداع .

وعند طلاب العلم يكون الليل وقتاً مثالياً للدرس والإستذكار، حيث يغريهم صمته وهدوئه ويساعدهم علي التركيز والتحصيل .

أما عند المجرمين السارقين فهو ملعبهم وساحتهم لممارسة حرفتهم المفضلة وهي السرقة والسلب والنهب، مختبئين في ظلمته، ومستغلين هدوئه، وانصراف الناس إلي مضاجعهم .

إنه الليل الذي يعد أحياناً مظهرًا للخير، وأحيانًا أخري يكون مظهرًا للشر، وعندما تحل مظاهر الشر فعندئذ يبرز دور القانون الجنائي فيتدخل بحلوله وإجراءته، فيشدد العقاب على الجرائم المرتكبة ليلاً في حالات معينة، وهنا يكون الليل ظرف مُشدد للعقاب على ارتكاب بعض الجرائم.

الكلمات المفتاحية: ظرف الليل , تشديد العقاب , علة التشديد

Research title

Night and criminal law

Comparative Analytical Study

Doctor Consultant: Mohamed Gebril Ibrahim1

1 Vice President of the State Litigation Authority

Email :gebrelmohamed865@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(5); https://doi.org/10.53796/hnsj3533

Published at 01/05/2022 Accepted at 20/04/2021

Abstract

The night is the oasis of the hermits and servants in which they meet with their Lord and converse with Him, and they reveal to Him the secrets of their wings, for despite its darkness and darkness it is the meeting place of souls with their lights.

As for poets and writers, the night was and is still the source of inspiration and revelation. It was always present in their lines and words, as it enchanted them with its stars and planets, drawing them to listen and think.

For students of knowledge, the night is a time for study and remembrance, as its silence and calm seduce them and helps them focus and achieve.

As for the thieves, it is their playground and their space to practice their favorite craft, which is theft, robbery and looting, hiding in its darkness, taking advantage of its calm, and the people going to their beds.

It is the night, which is sometimes considered a manifestation of good, and other times it is a manifestation of evil.

Key Words: circumstance of the night, aggravating punishment, aggravating cause

المقدمــــــــــة

الليل في القانون الجنائي هو الوقت الذي يعم فيه الظلام، أو هو الوقت من غروب الشمس وحتي شروقها ، وهو يعد ظرفًا مؤثرًا في طبيعة الجريمة وعقوبتها ، فإذا توافر بمفرده تحولت جنحة السرقة البسيطة إلي جنحة مشددة ، وإذا توافر مقترناً بظروف مشددة آخري تحولت الجنحة إلي جناية ، ومن ثم فهناك حالات تقترن فيها السرقة بظرف مشدد ومع ذلك لا يتغير وصفها فتبقى جنحة، إلا أن عقوبتها تشدد طبقاً لنص المادة 317 من قانون العقوبات.

إلا أن أقتران الليل بظروف مشددة أخري يغير وصف جريمة السرقة من جنحة إلى جناية وفقاً للشروط المنصوص عليها في المواد من 312 إلى 316، 316 مكرر و 316 مكرر ثانياً من قانون العقوبات .

والسبب الذي جعل المشرع يشدد فيه عقوبة السرقة إذا أرتكبت ليلا هو أن الجاني يستغل هذا الظرف الذي خصصه الله للسكون والخلود للراحة ليعتدي علي أموال الناس بخسة ونذالة ، وأكثر ما يستفز المشرع الجنائي هو المجرم الخسيس النذل .

ولذلك فإن علة التشديد في توافر ظرف الليل ترجع إلي أن فترة الليل يسودها الهدوء ، وتسكن فيها الحركة ، و يقل النشاط ؛ بسب توقف الناس عن عملهم اليومي وإيوائهم إلي مساكنهم ، فيتيسر بذلك للمجرمين الذين يتسترون بجنح الظلام ، وينتهزون فرصة خلود الضحايا للنوم وعدم استعدادهم لحماية انفسهم ، وصعوبة نجدتهم مما يتمكن معه للمجرمين تنفيذ جرائمهم .

أهمية الدراسة :-

إذا كان المشرع المصري قد نص علي أن الليل ظرفاً مشدداً للعقاب في بعض الجرائم ، مثل السرقة ، وقتل الحيوانات والإضرار بها وإتلاف المزروعات ، ولكنه لم يحدد مدلولاً معينا لليل ، ولم يحدد له فترة زمنية معينة ، يبدأ منها وينتهي عندها .

ويفيد ذلك أن مفهوم الليل يتغير من ثقافة لأخري ، ومن مكان لأخر ، وخاصة في ظل تغير الثقافات وتغير الظروف المعيشية ، وتوافر الكهرباء والانارة ، فعند البدو المقيمين علي حدود القري في الصعيد وعلي أطراف الصحراء ، فإن السطو علي الخيام إذا ما حدث في وضح النهار يعد جناية ؛ لأن الرجال يكونون أثناء النهار منشغلين في رعي أنعامهم في الفلاة ؛ تاركين ورائهم عيالهم ونسائهم بمفردهم في الخيام ؛ لذلك فإن من يسطو علي الخيام في مثل هذا الوقت إنما يستغل هذا الظرف الذي يمكنه فيه أن يوقع الضرر الجسيم ؛ بحيث لا يستطاع دفعه بالدرجة التي يستطاع بها لو حدث ليلاً والرجال موجودون مع زوجاتهم وعيالهم في الخيام .

وإذا كانت الظروف المشددة تخضع لمبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات ، وحيث أن ظرف الليل كظرف مشدد ورد في ارتكاب جرائم بعينها ، ومن ثم فلا يجوز تطبيقه في أي جرائم أخري ، حتي وإن كانت هذه الجرائم تزداد خطورتها عند ارتكابها ليلاً .

ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة بإلقاء الضوء علي بعض الجرائم التي يجب تشديد العقاب علي ارتكابها إذا حدثت في الليل ، لما ينتج عنها من خطورة عند ارتكابها ليلاً .

أسباب إجراء هذه الدراسة :

استغلال خلود الناس للراحة والنوم ، وارتكاب الجرائم في سكون الليل حيث يسهل اتمامها بدرجة كبيرة، ويزيد من جرأة و قساوة مرتكبها، وقد يؤدي بهم إلى استخدام جميع الوسائل الممكنة بما فيها أعمال العنف التي تصل إلى حد القتل في سبيل تحقيق جريمتهم .

إلا أن مفهوم الليل قد تغير في الأوانة الأخيرة ، فلم يعد الليل كما كان ذلك الوقت الذي يعم فيه الظلام ، ويخلد فيه الناس للراحة الهدوء ، بل أصبح الليل أشد صخباً من النهار في بعض الأماكن .

كما أن الليل قد يكون في بعض الثقافات أكثر أماناً من النهار بالنسبة للضحايا ، حيث يتواجد فيه الرجال في البيت ، بينما يغيبون في النهار وينشغلون عن البيون بأعمالهم .

ولذلك فإن مفهون الليل كظرف مشدد للعقاب في بعض الجرائم يجب أن يتغير ، بحيث يمتد هذا التشديد إلي بعض الاوقات الأخري من النهار التي ينشغل فيها الناس بأعمالهم ويتركون بيوتهم بدون حراسه .

تحديد المشكلة محل هذه الدراسة :

تبرز المشكلة في هذه الدراسة أن موضوعها تحيط به بعض الصعوبات من الناحية النظرية ، ومن الناحية التطبيقية علي حد السواء ، فمن الناحية النظرية لا يمكننا أن نجد فكرة واضحة المعالم في شأن التشديد للعقاب بسبب توافر ظرف الليل ، هل لأن الليل يعم فيه الظلام أم يغيب فيه الناس وينشغوا بأعمالهم، وما هو الوقت المحدد الذي يمكن أن نطلق عليه وصف الليل .

ومن الناحية التطبيقية فإن المشكلة تبدو في إننا لا نكاد نلمس سبب واضح للتشديد ، ففي الليل قد يختفي الظلام بسبب انتشار الكهرباء في كل الأماكن وتوافر الإنارة بشكل كامل ، وفي الليل قد يعم الصخب والزحام ، كما أن الليل أصبح وقتاً للتواجد والسهر بعكس النهار الذي ينشغل فيه الناس بأعمالهم ، ومن جهة آخري فإن النهار فيه أوقات يخلد فيها الناس للراحة مثله مثل الليل تماماً .

لذلك فإن هذه الدراسة تجتهد في إيجاد فكرة واضحة من حيث النظرية والتطبيق لتدخل القانوني الجنائي في نقاط معينة لتحديد التشديد بسبب ظرف الليل أو النهار عند توافر ظروف معينة كالغياب عن البيت أو الإنشغال بسبب العمل ، أو الخلود للراحة سواء بالليل أو بالنهار .

وإلي جانب ذلك هناك بعض الجرائم التي يجب تشديد العقاب علي ارتكابها إذا حدثت ليلاً ، ومن ذلك جرائم التجمهر ليلاً .

الهدف من الدراسة :

تهدف هذه الدراسة إلي بيان خطورة الجرائم التي ترتكب ليلاً ،  ولاحظنا أن من هذه الجرائم ما تم النص عليه في القانون الجنائي وشدد العقاب عليه لارتكابه ليلاً ؛ فورد النص على ظرف الليل فيها لتشديد عقوبتها .

ومن جهة أخري فهناك من الجرائم التي يمكن اعتبار الليل ظرفاً مشدداً فيها لأن المشرع ألحقها بجريمة السرقة وهي جرائم الاختلاس نظراً لعله التشديد لوقوعها ليلاً .

وإلى جانب ذلك فإنه بالإمكان اعتبار الليل ظرف مشدد في جرائم أخرى غير التي وردت في باب الاختلاس، سواء كانت ضد النفس أو ضد المال، كما سيأتي ذكرها بعد حين خلال هذه الدراسة ، على أن يكون ذلك بموجب نص تشريعي تطبيقياً لقاعدة شرعية الجرائم والعقوبات .

منهج الدراسة :

اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التحليلي لنصوص القانون الجنائي المصري التي ظرف الليل كظرف مشدد للعقاب ، مع الاستشهاد بالتطبيقات القضائية كلما دعت الحاجة إلي ذلك ،

هذا مع الإشارة إلى موقف التشريعات العربية المقارنة التي تصدت لهذه المسألة ، والمقصد من ذلك التمًّكن من الوقوف على تقييم جدي ومستنير لسياسة المشرع الجنائي الوضعي في تنظيم الموضوع محل الدراسة، بتحديد مواضع التشديد بسب ظرف الليل وما يسانده من ظروف ، هذا من جهة ومن جهة آخري ركزت الدراسة علي بسط السوابق القضائية للإستئناس بها في بعض المواضع التي كثر فيها الجدل ولم يستقر فيها الأمر حتي الأن .

ولقد اعتمدنا في ذلك علي التركيز علي الخطوط الأساسية للموضوع لاستبيان مقوماته بسهولة ، فلا تطغي كثرة تفاصيله علي جوهره ، فكان اهتمامنا منصباً علي ظرف الليل وما يسانده من ظروف للتشديد بإيجاز غير مقتضب .

خطة الدراسة :

تناولنا في هذه الدراسة الليل في القانون الجنائي فعرضنا الموضوع في مبحثين ، تناول المبحث الأول مدلول الليل والعلة من التشديد ، وتناول المبحث الثاني بيان الجرائم التي تشدد عقوبتها لارتكابها ليلاً ، وما هي الجرائم التي يرجي تشديد العقاب علي ارتكابها ليلاً ولم يذكرها المشرع ، وذلك علي النحو الأتي :-

المبحث الأول: المدلول القانوني لليل في مجال تشديد العقاب والعلة من التشديد وأثر توافر ظرف الليل.

المطلب الأول : مدلول الليل في القانون الجنائي فقهاً وقضاءً .

المطلب الثاني : العلة من تشديد العقاب بسبب ظرف الليل .

المطلب الثالث : أثر توافر ظرف الليل علي العقاب .

المبحث الثاني: الجرائم التي ورد النص على تشديد العقاب فيها لارتكابها ليلاً .

المطلب الأول: في الجرائم التي نص القانون على تشديد عقوبتها لتوافر ظرف الليل فيها .

المطلب الثاني: الجرائم التي يرجي تشديد العقاب علي ارتكابها ليلاً ولم يذكرها المشرع .

المبحث الأول

المدلول القانوني لليل في مجال تشديد العقاب والعلة من التشديد

لم يضّمن المشرع المصري في قانون العقوبات تعريفاً لليل ، متماشياً في ذلك علي نهج معظم التشريعات الأجنبية المقارنة وتاركاً ذلك لاجتهاد الفقه ، وأحكام القضاء ، ولذا يتعين الاسترشاد في تحديد مدلول الليل بالحكمة التي من أجلها أعتبر المشرع الليل ظرفاً مشدداً .

ولقد نشط الفقه في تعريف الليل ، وكذلك تواترت أحكام القضاء في وضع تعريف الليل ، وكان الفقه والقضاء يستلهمان مدلول الليل من العلة التي تغياها المشرع من تشديد العقاب علي الجرائم المرتكبة فيه ، وتفصيل ذلك في المطلبين الأتيين :

المطلب الأول : مدلول الليل في القانون الجنائي فقهاً وقضاءً .

المطلب الثاني : العلة من تشديد العقاب بسبب ظرف الليل .

المطلب الثالث : أثر توافر ظرف الليل علي العقاب .

المطلب الأول

مدلول الليل في القانون الجنائي فقهاً وقضاءً

أولاً :- مدلول الليل في الفقه الجنائي :

لم يضع المشرع المصري تعريفاً لظرف الليل ، في حين عرفته بعض التشريعات الأخري ، مثال ذلك التشريع العراقي الذي وضع تعريفاً حدد فيه بدايته ونهايته، واعتبره الفترة بين غروب الشمس وشروقها ، والحال كذلك في القانون السوداني ، كما عرفه القانون الانجليزي بأنه الفترة ما بين التاسعة مساءاً والسادسة صباحاً .

كما عرفه القانون البلجيكي بأنه الفترة التي تبدأ بعد غروب الشمس بساعة وتنتهي قبل شروقها بساعة ، في حين لم يرد أي تعريف لليل في القانونين المصري والفرنسي وأيضاً القانون السوري وقوانين عربية أخرى ، وإزاء ذلك ثار الخلاف بين الفقهاء ومن ورائهم القضاء حول تفسير معنى الليل القانوني ، أي الوقت الذي يعُد ليلاً في مفهوم القانون الجنائي ([1] ) .

ونظراً لهذا الاختلاف الحاصل حول تعريف الليل وتحديد الوقت الذي يعد من الليل، فقد ارتأينا الوقوف على نصوص واتجاهات القانون المقارن وآراء الفقه وأحكام القضاء في هذا الخصوص لارتباطه بقاعدة شرعية الجرائم والعقوبات، وذلك من أجل تحديد وتعريف الليل القانوني بما يتلائم مع السبب أو الدافع الذي حدا بالقوانين العقابية المختلفة اعتباره ظرفاً مشدداً للعقاب في جرائم معينة .

ونتيجة لاختلاف وتباين التشريعات الجنائية في تحديد معنى الليل وتفسيره، وبيان المقصود به في مجال تشديد العقاب، فقد ظهرت آراء واتجاهات فقهية مختلفة في هذا الخصوص يمكن إجمالها بما يلي:

(أولاً ) يرى البعض من الفقهاء أن الليل يبدأ حقيقة من الوقت الذي يتوقف فيه نشاط الناس اليومي ويبدأون بالعودة إلى منازلهم لأجل الاستقرار والراحة وينتهي من الوقت الذي يبدأون فيه ممارسة أعمالهم وأنشطتهم ؛ ففي هذا الوقت تكون الجريمة أكثر خطورة وأشد ضرراً بسبب أن الليل يخيم فيه الظلام ويسود الهدوء والسكون وقلة الحركة ([2]) .

فليس المهم أن تغرب الشمس لكي يبدأ الليل بمعناه الطبيعي، وإنما المهم أن تتجه الحياة اليومية إلى السكون وقلة الحركة لكي يبدأ الليل بمفهومه القانوني ، وهذا القول في تفسير كلمة الليل اعتراض عليه البعض من الفقهاء ، ولم يتم التسليم به ؛ لأن حدود الليل تتغير من مكان لآخر ومن حالة إلى أخرى وكيف يمكن التسليم بهذا الاختلاف وقد عبرت القوانين عن الليل عموماً أو بإطلاقه وما الليل إلا ظاهرة طبيعية أو فلكية ليس فيها اختلاف من حيث طبيعتها ([3]) .

(ثانياً) أما الرأي الآخر فيرى أن الليل هو الوقت الذي يحظر فيه إجراء الإعلانات القضائية أو التنفيذ وقد أنتُقد هذا الرأي أيضاً باعتبار إنه يستند إلى الوقت الذي يمكن عادة أن يجرى فيه التبليغ القضائي أو تنفيذ الأحكام فحسب ؛ فهو لا يعطي تعريفاً عاماً كالذي يجب أن يكون لكلمة الليل وهذا مالا يتلاءم مع علة تشديد العقاب لوقوع الجريمة ليلاً ([4]) .

(ثالثاً) والرأي الآخر في هذا الشأن هو ما اتجه إليه قضاء المحكمة العليا الفرنسية على أن الليل الوارد في قانون العقوبات في صدد تشديد العقاب هو الفترة بين غروب الشمس وشروقها وقد جرى قضاء محكمة النقض المصرية على هذا الاتجاه حيث قضت المحكمة أن قانون العقوبات اذ نص على الليل ظرفاً مشددا لبعض الجرائم كالسرقة وإتلاف الزراعة وانتهاك حرمة ملك الغير دون أن يحدد بدايته ونهايته فإنما قصد به ما تواضع الناس عليه من انه الفترة بين غروب الشمس وشروقها ([5]) .

ولو كان المشرع المصري قد قصد من معنى آخر لأفصح عنه كما فعلت بعض التشريعات المقارنة مثل القانون البلجيكي الذي عرف الليل بأنه الفترة التي تبدأ بعد غروب الشمس بساعة وتنتهي قبل شروقها بساعة ، وما يؤيد هذا النظر إلي أن القانون الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم والمرسوم بقانون الخاص ببالوضع تحت مراقبة الشرطة رقم 99 لسنة 1945 قد اعتبر الليل هو الفترة بين الغروب والشروق ([6]) .

وقد ساد هذا الرأي في الفقه المصري متجهاً إلي أن السرقة قد تعد واقعة ليلاً متى ارتكبت بعد غروب الشمس ولو مباشرة أو حصلت قبل شروقها بعد طلوع الفجر ، وفي هذا السياق يرى البعض أنه وإن كان من الضروري وضع قاعدة محددة ومنضبطة للاسترشاد بها حول وصف الليل فيمكن القول بإن الليل يبدأ عندما يزول الشفق وينتهي عند طلوع الفجر وهذا التعريف يتلائم مع الواقع الطبيعي لليل ، ويتفق في الوقت ذاته مع روح القانون اذ يكون عندئذ القاعدة السائدة في هذا الخصوص ، وهذا هو الرأي الراجح والصحيح في اعتقادنا ([7]).

ونشير إلي إن الليل الذي اعتبره المشرع ظرفاً مشدداً هو الليل العام في كل مكان وكل حال، ولا أثر لصفاء السماء أو كثرة السحب بها ، والقول بغير ذلك يخرج عن قصد المشرع الذي نص على الليل بلفظ عام ،وبذلك ننتهي إلى القول بان الليل القانوني هو الفترة من مغيب الشفق حتى الفجر، أي هو الفترة  من وقت العشاء حتى وقت الفجر؛ لأنها فترة الظلام التي تتوافر فيها علة تشديد العقاب لوقوع الجريمة ليلاً ([8] ) .

المدلول الحديث لليل :

في الحقيقة فإن مفهوم الليل يجب أن يتغير في منظور القانون الجنائي ، فإذا كانت الحكمة التي تغياها المشرع من التشديد بسبب ظرف الليل ترجع إلي ما لهذا الليل من سمات أهمها الظلام الذي يسهل ارتكاب الجرائم ، والهدوء الذي تقل فيه الحركة ، فإن هذه السمات تغيرت في العصر الحالي ، فدخول الكهرباء معظم أنحاء البلاد ، وانتشار الإنارة في كل الجنبات بددت كل استار الظلام ، وتطور الانظمة الادارية واختلاف الثقافات المعيشية جعلت أعمال الناس لا تكف عن الحركة والنشاط علي طول ساعات اليوم بدون تفرقة بين ليل أو نهار .

كل ذلك يؤكد أن مفهوم الليل أصبح مختلف من ثقافة لأخري ، ومن مكان لأخر ، وخاصة في ظل تغير الثقافات وتغير الظروف المعيشية ، فعند البدو المقيمين علي حدود القري في الصعيد وعلي أطراف الصحراء ،فإن الليل يبدأ بمجرد غروب الشمس ولجوء الناس لمنازلهم ، وينتهي قبل الشروق وعند صلاة الفجر وعند استيقاظ الناس من نومهم .

كما أن أهمية الليل ذاته كظرف مُشدد قد تتضائل في بعض المجتمعات ، فالسطو علي الخيام في المجتمع البدوي ، إذا ما حدث في وضح النهار يعد جناية ؛ لأن الرجال يكونون أثناء النهار منشغلين في رعي أنعامهم في الفلاة ؛ تاركين ورائهم عيالهم ونسائهم بمفردهم في الخيام ؛ لذلك فإن من يسطو علي الخيام في مثل هذا الوقت إنما يستغل هذا الظرف الذي يّمكنه من أن يوقع الضرر الجسيم بالخيام ؛ بحيث لا يستطاع دفعه بالدرجة التي يستطاع بها لو حدث ليلاً والرجال موجودون مع زوجاتهم وعيالهم في الخيام .

ثانياً :- مدلول الليل وفقاً لأحكام القضاء :

لما كان المشرع لم يضع مدلولاً قانونياً محدداً لليل ، ولم يرد في القانون تعريف للمقصود من الليل ، ولذلك اتجه القضاء إلي الحكم بأن لفظ الليل الوارد في المادة ٣١٧ رابعاً من قانون العقوبات المصري التي تنص على أن “يعاقب بالحبس مع الشغل علي السرقات التي تحصل ليلاً” ، فإن المقصود من الليل في هذا الصدد هو الفترة التي يسود فيها الظلام فعلاً إذ هي الفترة التي تتوافر فيها حكمة التشديد حيث يصعب علي الإنسان حماية نفسه أو ماله ، كما يسهل على السارق أن يتخفي في الظلام وأن يستتر به في ارتكاب جريمته ، وبناء علي ذلك قضي بأن السرقة التي تتم بعد المغرب بعشر دقائق لا تعتبر قد وقعت ليلاً حيث لم يبدأ الليل بعد ، كما أن السرقة التي تتم قبيل طلوع النهار بقليل لا تعد قد وقعت ليلاً ، وقد سايرت محكمة النقض هذا المنطق في أحكامها القديمة وتركت لقاضي الموضوع تقدير وقت ارتكاب الجريمة دون معقب وما إذا كان قد وقعت ليلاً أم نهاراً ([9]) .

إلا أن محكمة النقض عدلت عن قضائها سالف البيان ، وأخذت بأن المشرع إنما قصد بلفظ الليل ما تعارف عليه الناس من أنه الفترة الواقعة ما بين غروب الشمس وشروقها ، وأنه لو أراد غير ذلك لكان قد أفصح عنه ، ولذلك قضت بأن السرقة إذ وقعت قبل شروق الشمس فإنها تكون قد وقعت ليلاً ([10]) .

ثم عادت محكمة النقض مرة أخري إلى الاتجاه الأول ، فذهبت إلي أن تقدير ظرف الليل، فإن ذلك مسألة موضوعية يقدرها قاضي الموضوع ([11]) .

ونحن نري أن مسألة توافر الظرف المشدد المتمثل في الليل – من عدمه هي من المسائل التي تنطوي علي اختلاط أو مزيج من القانون والواقع معاً ، ولذلك فتستقل به محكمة النقض .

والاهتداء إلى الوقت الذي وقعت فيه السرقة فعلاً لاشك أنه مسألة واقع تحكمه الأدلة الثابتة بالأوراق دون غيرها ، من شهادة شهود ومعاينة وما إلي ذلك .

فإذا أهتدت محكمة الموضوع إلى وقت ارتكاب الجريمة، وكان هذا الوقت واقعا بين غروب الشمس وشروقها فلا اجتهاد لمحكمة الموضوع ولا تقدير لها بعد ذلك في القول بتوافر الظرف المشدد أم لا ، بل إن عليها الالتزام بأن السرقة قد حصلت ليلاً، أخذاً بالمعني الطبيعي لظرف الليل؛ الذي هو في حد ذاته ظرف مشدد بالمعني القانوني. ولو قضت بغير ذلك لكانت قد خالفت القانون ؛ إذ إنها بهذا تفرغ النص القانوني من مضمونه ([12]) .

وبعبارة أخري فإن الوقت يكون ليلاً ؛ ولو كان المكان مضاء بمصابيح كاشفة قوية تجعل كل شيء ظاهراً وواضحا للناظرين ، كما لا يغير من الأمر شيئا أن يكون النهار معتما بسبب غيوم كثيفة أو عاصفة رملية أو ضبابية تنعدم معها الرؤية أو تكاد .

وتوافر ظرف الليل كظرف مشدد مسألة موضوعية مما تستقل بها محكمة النقض ، وعلي ذلك استقرت أحكام محكمة النقض التي قضت بإنه :- ” لما كان ذلك ، وكان من المقرر إن ظرف الليل في جريمة السرقة مسألة موضوعية ، فضلاً عن أن حكم ظرف الليل في تشديد العقوبة كحكم ظرف تعدد الجناة ، وإثبات توافر إحداهما يغنى عنه عن إثبات توافر الآخر ، ومن ثم فلا مصلحة للطـــــاعن فيما أثــــــاره من قصور الحكم – بفرض صحته – في استظهار ظرف الليل ([13] ) .

كما استقرت علي إنه :- ” لما كان ذلك ، وكان من المقرر إن توافر ظرف الليل في جريمة السرقة مسألة موضوعية ، وكان الطريق العام هو كل طريق يباح للجمهور المرور فيه في كل وقت وبغير قيد سواء أكانت الأرض مملوكه للحكومة أم للأفراد ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت وقوع السرقة ليلًا وفى الطريق العام , فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله ، هذا فضلًا عن أن الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ، فلا جدوى للنعى على الحكم بالقصور في استظهار ظرف الليل ما دامت الواقعة حسبما أثبتها الحكم توفرت في حق الطاعن بغير توافر هذا الظرف جناية السرقة في الطريق العام بالإكراه مع تعدد الجناة وحمل السلاح المقرر لها العقوبة ذاتها ([14]) .

واستقرت أحكام محكمة النقض أيضاً علي إن تحديد وقت الحادث من الليل أو النهار هو مما يستقل به قاضي الموضوع بغير معقب ، وكان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في توافر ظرف الليل ، فإن المجادلة في ذلك – لأول مرة – أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة ([15]) .

المطلب الثاني

العلة من تشديد العقاب بسبب ظرف الليل

لا شك في أن ارتكاب الجريمة في جنح الليل يمثل خطورة بالغة ، حيث يأتي الخطر من حيث يكون الإنسان في حالة استرخاء وسكينة ، فيقدم الجاني الذي يتصف في هذه الحالة بالخطورة الاجرامية الظاهرة ، بما يظهره من إصرار وتصميم حتي يأوي الناس إلي مساكنهم ، وترصد وتعقب إلي أن يأتي الليل ويخيم السكون ، حتي يرتكب من ألافعال الخطيرة التي قد تتسبب في إفزاع الضحايا أو إلحاق أضرار جسيمة بخلاف ما يقصده من سرقة .

لذلك فمن أهم الأسباب المبررة لتشديد العقاب في الجرائم المرتكبة ليلاً فهي تتمثل كما نوهنا في سهولة ارتكابها في ظلمات الليل ؛ فسيكون الليل وحلكة الظلام والوحدة والوحشة وخلود الناس إلى الراحة ومفاجئتهم في هذا الوقت، والرعب أو الفزع الذي يثيره الجناة مما يساعدهم على تنفيذ جريمتهم بسهولة ويسر دون إمكان ضبطهم، وبخاصة عندما تقل أو تضعف وسائل المجني عليه في الحماية والدفاع عن نفسه وماله، وحيث يعجز الغير من نجدته وإغاثته عندما يباغت بالجريمة في جو الظلام .

وإلى جانب ذلك فإن الليل يمّكن الجناة من الإخلال بالأمن العام وأمن واستقرار الناس في المنطقة التي يسكنوها، فكل ذلك من الأسباب والدوافع الحقيقية لتشديد العقاب على جريمة الليل وهذا ما يراه ويتفق عليه جمهور الشراح، واطردت عليه أحكام القضاء ([16]) .

و لقد اهتم المشرع المصري -مسايراً في ذلك- التشريعات المقارنة بالنص صراحة على تشديد العقاب لبعض الجرائم عند توافر ظروف خاصة يعتبرها موجبة للتشديد ، كما جعل من ظروف معينة أحياناً سببًا لتغيير وصف الجريمة وطبيعتها القانونية فيحولها من كونها جنحة إلى جناية ، ويطلق على هذه الأسباب أو الظروف في الحالتين (الظروف المشددة القانونية Circumstances aggravates)، وهي ليست أسباب عامة لتشديد العقاب (كالعود- Residue) بل هي ظروف خاصة نص عليها المشرع على سبيل الحصر، وتترتب عليها زيادة جسامة الجريمة، أو جسامة مسئولية المتهم عليها و تشديد العقاب تبعاً لذلك ([17] ) .

و من المعلوم أن الظروف المشددة الخاصة على نوعين:- ظروف مادية وظروف شخصية:

(الأول) الظروف المادية هي صفات مرتبطة بالجريمة وجزء من تكوينها المادي. وهي تتعلق بالفعل الجرمي وظروف ارتكابه ، وبذلك فهي تسري على جميع الفاعلين سواء كانوا فاعلين أصليين أم شركاء، وسواء علموا بها أم لم يعلموا .

( الثاني ) الظروف الشخصية فهي الظروف التي تتعلق بشخص الفاعل لا بمادية الجريمة كالظروف العينية. والظروف الشخصية من طائفتين – ظروف تقتضي وصف الجريمة – وظروف تقتضي تغيير العقوبة. ويراد بالظروف التي تقتضي تغيير وصف الجريمة تلك التي متى تحققت في شخص الجاني تجعل الجريمة بالنسبة إليه خاضعة لنص آخر من نصوص قانون العقوبات غير النص الذي تخضع له ذات الجريمة فيها ذات الصلة بنوع الجريمة التي تؤثر في وضعها. وهي راجعة إلى قيام صفات معينة في شخص الفاعل مما يترتب عليه تغيير وصف الجريمة بالنسبة إليه ، ومثالها صفة الخادم في جريمة السرقة، فانها تجعل الخادم السارق يخضع لنص مادة أخرى وصفة الموظف في جريمة تزوير الأوراق الرسمية ([18]) .

ومن الظروف المشددة الخاصة الظروف المتعلقة بوقت ارتكاب الجريمة، أي وقوعها في زمان معين وهو الليل ، فهو ظرف مشدد لعقوبة جريمة السرقة ، وقد يجعل جريمة السرقة جناية أذا ما أقترنت بظروف أخرى ([19]) .

هذا وقد اتجهت جميع التشريعات المقارنة وعلى اختلاف مذاهبها الأخذ بهذا الظرف من الاعتبار في تشديد العقوبات من جرائم معينة، وأن اختلفت في التفصيلات والجزئيات والتفريعات ([20] )، وفيما يتعلق بجريمة السرقة بشكل خاص، فإن وصفها أو طبيعتها القانونية تختلف تبعاً لما اذا ارتكبت نهاراً أو ليلاً ([21]) .

فالليل يسهل ارتكابها بدرجة كبيرة، ويزيد من جرأة و قساوة مرتكبها، وقد يؤدي بهم إلى استخدام جميع الوسائل الممكنة بما فيها أعمال العنف التي تصل إلى حد القتل في سبيل تحقيق جريمتهم ([22] ) .

و لهذه الاعتبارات فقد أعتبر المشرع المصري وعلى غرار التشريعات المقارنة ، الفرنسية والانجليزية والتشريعات الأخرى الليل ظرفاً مشدداً في جرائم معينة منذ صدور أول تشريع عقابي، ثم أضافه فيما بعد في بعض الجرائم الأخرى حتى أصبح ظرفاً مشدداً في الجرائم السابق ذكرها والتي سيجيء ذكرها بعد حين ، وذلك نظراً للخطورة التي تتسم بها الجرائم إذا ما ارتكبت في هذا الظرف ، فقد تتسبب في اتساع عدد الضحايا اللذين يصابون من جراء خطورتها .

ولقد تبين لنا فيما سبق الجرائم التي تشدد عقوبتها اذا ارتكبت ليلاً بحسب ما ورد في النص على الليل كظرف مشدد فيها، أو بدون النص على ذلك، دون الأخذ بالقياس المحظور إجراءه في تفسير نصوص القانون الجنائي المتعلقة بالتجريم ، ونود أن يتجه المشرع المصري إلى نص بجعل الليل سبباً للتشديد في تلك الجرائم ،لأن علة التشديد واحدة كما بينا بوضوح الدافع أو الحكمة إلى تشديد العقاب بسبب ظرف الليل .

فمن المعروف أن لليل معنى عام وهو الليل الطبيعي أو الفلكي ، لهذا الليل خصوصية في ثقافات الناس ومعيشتهم ، حيث يقصد بالليل الفترة بين غروب الشمس وشروقها كما أن لليل في مجال القانون الجنائي وفي التشديد العقابي معنى آخر يختلف عن معناه الطبيعي أو الفلكي ، فالليل القانوني الذي هو موضوع بحثنا ، فقد نوهنا أن البعض من القوانين لم يضع تعريفاً محدداً لليل يحدد بموجبه بدايته ونهايته ،وإن كان الليل قد عرف في بعض القوانين الخاصة، إلا أن ذلك لا يتعلق بتشديد الأمور التنظيمية، كتلك التي تتعلق بمراقبة الشرطة والنصوص الخاصة بالمتشردين والأشخاص المشتبه فيهم في حين اتجهت قوانين أخرى إلى وضع تعريف محدد لليل حدد فيه بدايته بغروب الشمس ونهايته بشروقها ومن هذه القوانين القانون العراقي وتلك التي سبق ذكرها، الأمر الذي أثار الخلاف في الفقه والقضاء في هذا الشأن .

وما نود قوله أن الليل يعد فترة زمنية ذات خصوصية يخلد فيه الناس للراحة والسكينة ، فإذا جائت الخطورة من حيث يبغي الناس الأمان والهدوء ، فإن ذلك مدعاة لتشديد العقاب علي من يتسبب في هذه الخطورة بارتكابه لهذه الجرائم مستغلاً ظلمة الليل وسكونه .

المطلب الثالث

أثر توافر ظرف الليل علي العقاب

إذا توافر ظرف الليل في ارتكاب جريمة معينة ، فإن ذلك يكون له أثر ملموس علي تغيير وصف الجريمة وبالتالي علي العقاب عليها ، فقد يرى المشرع أن العقوبة المقررة للفعل في الأحوال العادية غير ملائمة إذا وجدت ظروف أو حالات تقتضي أخذ الجاني بقدر أكبر من الشدة، ولهذا نص على أسباب تشدد من أجلها العقوبات، إما بتجاوز الحد الأقصى المقرر أصلاً للجريمة ، وإما بتغيير نوع العقوبة ذاته إلى نوع أشد.

و بمقتضي ذلك إن الليل يعد ظرفًا مؤثرًا في طبيعة الجريمة وعقوبتها ، فإذا توافر ظرف الليل بمفرده تحولت جنحة السرقة البسيطة إلي جنحة مشددة ، وإذا توافر مقترناً بظروف مشددة أخري تحولت الجنحة إلي جناية ، إذاً فهناك حالات تقترن فيها السرقة بظرف مشدد ومع ذلك لا يتغير وصفها فتبقى جنحة، إلا أن عقوبتها تشدد طبقاً لنص المادة 317 من قانون العقوبات .

وبوجه عام فإن الظروف المشددة من حيث أثرها في تغيير نوع الجريمة تنقسم إلى:

1- ظروف غير مؤثرة: هي ظروف مشددة لا تؤثر في نوع الجريمة، فهي تلك التي يترتب عليها زيادة مقدار العقوبة دون تغيير نوعها فلا تغير من وصفها، مثل ارتكاب السرقة ليلاً أو في مكان مسكون.

2- ظروف مؤثرة: أي أنها تؤثر في نوع الجريمة وتغير وصفها من جنحة إلى جناية، مثل الإكراه في السرقة والإفضاء إلى الموت أو العاهة المستديمة في الضرب والجرح ، وقد اختلف الفقه على اعتبار هذا النوع من الظروف مجرد ظرف أم أنه ركن خاص في الجريمة؟

ذهب رأي إلى اعتبارها ركناً خاصاً في الجريمة وليست ظرفاً مشدداً فيجب أن يعلم به الجاني مثل حمل السلاح في جريمة السرقة فيجب أن يعلم الجاني أنه يحمل السلاح وقت السرقة.

بينما يرى جانب آخر أن الظروف المشددة لا تدخل في تكوين الجريمة ولا تعد أحد أركانها ويقتصر مفعولها على العقوبة فقط ، كما أن أحكام محكمة النقض لم تستقر على مفهوم ثابت لماهية الظروف، ولم تعتنق معياراً موحداً للتمييز بين أركان الجريمة وظروفها فقد اعتبرت بعض العناصر التي تحدث تغييراً في نموذج الجريمة ونوعها مثل الإكراه المنصوص عليه في المادة 314  عقوبات ظرفاً مشدداً .

ولقد اعتبرت محكمة النقض الإكراه الذي يقترن بالسرقة ركناً مكوناً لجريمة السرقة بالإكراه، فقالت في حكمها: ” الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، فكما يصح أن يكون تعطيل مقاومة المجني عليه بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسمه، فإنه يصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح. وليس بلازم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً، ما دامت مدوناته تكشف عن توافره وترتب جريمة السرقة عليه ([23]) .

والظرف المشدد قد يشمل عدد محدود من الجرائم أو غير محدود ، ولذلك ينقسم إلي :

1- ظروف مشددة خاصة: هي التي ينحصر نطاقها في جريمة أو جرائم معينة مثل القتل أو الجرح أو إعطاء مواد ضارة.

 2- ظروف مشددة عامة: وهي تلك التي يتسع نطاقها لجميع الجرائم أو عدد كبير منها وهو ظرف واحد فقط في القانون المصري وهو العود .

ونشير بداية إلي أقسام الظروف المشددة بوجه عام حيث إنها من حيث تعلقها بالركن المادي أو المعنوي للجريمة تنقسم إلى ظروف مشددة مادية: وهي تتعلق بالركن المادي للجريمة فتشمل ما يتصل منه بالسلوك الإجرامي أو بالنتيجة كالتسور والإكراه في جريمة السرقة والسم في جريمة القتل.

وظروف مشددة شخصية: وهي تتعلق بالركن المعنوي للجريمة والإجرام الشخصي للمجرم كسبق الإصرار والعود وصفة الخادم في السرقة ، وأهمية تلك التفرقة أن الظروف المشددة المادية يعم أثرها على كل من ساهموا في الجريمة المقترنة بها، وليس لمن شارك في ارتكاب هذه الجريمة أن يدفع بعدم مسئوليته عن هذه الظروف، إذ أنها ظروف لاصقة بنفس الفعل الإجرامي.

وعلي ذلك استقرت أحكام محكمة النقض حيث قضت :- ” إن ظرف الإكراه في السرقة ظرف عيني متعلق بالأركان المادية المكونة للجريمة، ومن المقرر أن الظروف العينية لاصقة بنفس الفعل، ولذلك فهي تسري على كل من ساهموا في الجريمة المقترنة بها سواء أكانوا فاعلين أصليين أم شركاء، وليس لأحد منهم أن يتنصل من المسئولية عن النتائج المترتبة عليها ([24]) .

المبحث الثاني

حالات تشديد العقاب لتوافر ظرف الليل

أسلفنا ان توافر ظرف الليل من المبررات الأساسية لتشديد العقاب في جرائم معينة ورد النص على التشديد لوقوعها ليلاً وهي منصوص عليها في القانون على سبيل الحصر، ولا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها([25] )، ويري الفقه أن هناك من الجرائم ما يتوافر لها علة التشديد إذا ارتكبت ليلاً وبالرغم من ذلك فلم يذكرها المشرع ، ويهيب الفقه بالمشرع إلي تشديد العقاب عليها إذا ارتكبت ليلاً ، وعليه سنتناول هذا الموضوع في مطلبين :-

المطلب الأول: الجرائم التي نص القانون على تشديد عقوبتها لتوافر ظرف الليل فيها .

المطلب الثاني: الجرائم التي يرجي تشديد العقاب علي ارتكابها ليلاً ولم يذكرها المشرع .

المطلب الأول

الجرائم التي نص القانون على تشديد عقوبتها لتوافر ظرف الليل فيها

في التشريع المصري :

ورد في القانون المصري لفظ الليل في المواد 315 و 316 و317 الخاصة بالسرقة ، ولقتل الحيوان والاضرار به في المادة 356 ، ولاتلاف الزراعات في المادة 368 ، ولانتهاك حرمة ملك الغير في المادة 372 .

فقد شدد المشرع المصري عقوبة السرقة متي وقعت أثناء الليل وعلة ذلك أن الليل فترة يسودها الهدوء وتقل فيها الحركة بسبب توقف معظم الناس عن أعمالهم اليومية وإيوائهم إلي مساكنهم ، وعلي ذلك نصت المادة 317 /4 من قانون العقوبات التي نصت علي إنه :- ” يعاقب بالحبس مع الشغل:………………………..

(رابعاً) على السرقات التي تحصل ليلاً.

وفي موضع أخر للتشديد بسبب الإضرار بالحيوانات أو قتلها إذا توافر ظرف الليل نجد المشرع في المادة 356 من قانون العقوبات يشدد العقوبة علي كل الجرائم الواردة في المادة 355 عقوبات إذا ارتكبت هذه الجرائم ليلاً ، فنص في المادة 355 من قانون العقوبات علي إنه :-

يعاقب بالحبس مع الشغل:

(أولاً) كل من قتل عمداً بدون مقتض حيواناً من دواب الركوب أو الجر أو الحمل أو من أي نوع من أنواع المواشي أو أضر به ضرراً كبيراً.

(ثانياً) كل من سم حيواناً من الحيوانات المذكورة بالفقرة السابقة أو سمكاً من الأسماك الموجودة في نهر أو ترعة أو غدير أو مستنقع أو حوض .

ويجوز جعل الجانين تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر.

وكل شروع في الجرائم السالفة الذكر يعاقب عليه بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه مصري.

وحيث تنص المادة 356 من قانون العقوبات علي إنه :- ” إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة ليلاً تكون العقوبة السجن المشدد أو السجن من ثلاث سنين إلى سبع .

وفي موضوع آخر خاص بإتلاف الزراعات نص المشرع علي التشديد بسبب توافر ظرف الليل فنصت المادة 367 من قانون العقوبات علي إنه :- يعاقب بالحبس مع الشغل :

(أولاً) كل من قطع أو أتلف زرعا غير محصود أو شجراً نابتا خلقة أو مغروسا أو غير ذلك من النبات .

(ثانياً) كل من أتلف غيطا مبذوراً أو بث في غيط حشيشا أو نباتا مضراً .

(ثالثا) كل من اقتلع شجرة أو أكثر أو أي نبات آخر أو قطع منها أو قشرها ليميتها وكل من أتلف طعمة في شجرة ، ويجوز جعل الجانين تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر.

وحيث تنص المادة 368 من قانون العقوبات علي إنه :- ” إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية من المادة السابقة ليلاً من ثلاثة أشخاص على الأقل أو من شخص أو اثنين وكان واحد منهما على الأقل حاملاً لسلاح تكون العقوبة السجن المشدد أو السجن من ثلاث سنين إلى سبع “

وفي موضوع أخر خاص بانتهاك حرمة ملك الغير تنص المادة 372 من قانون العقوبات عل إنه :- وإذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها في المادتين السابقتين ليلاً تكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز سنتين .

أما لو ارتكبت ليلاً بواسطة كسر أو تسلق أو من شخص حامل لسلاح تكون العقوبة الحبس .

والجرائم المشار إليها هي التي وردت في المادة 370 عقوبات والتي تنص علي إنه :- كل من دخل بيتاً مسكوناً أو معداً للسكن أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة آخر قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقى فيها بقصد ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري .

وكذلك ما ورد في المادة 371 عقوبات والتي تنص علي إنه :- ” كل من وجد في إحدى المحلات المنصوص عليها في المادة السابقة مختفياً عن أعين من لهم الحق في إخراجه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تجاوز مائتي جنيه “

وفي التشريع العراقي :

نص المشرع العراقي علي التشديد بسبب توافر ظرف الليل في عدة مواضع فأورد في قانون العقوبات الليل كظرف مشدد في جرائم معينة وذلك على النحو التالي :-

1- في جريمة السرقة:- نص على الليل كظرف مشدد لجريمة السرقة في المواد (440-443) عقوبات عراقي، وجعل عقوبتها الإعدام في جميع المواد المذكورة بعد التعديلات التي أجريت عليها سواء اقتصر أثرها في المادة الأولى (440) على التشديد من دون اقترانه بأي ظرف آخر، أو اذا اجتمع مع ظروف أخرى ورد النص عليها في المواد التالية، كحمل السلاح أو بطريق الإكراه أو التهديد باستعمال السلاح أو وقوعها بين شخصين أو فأكثر.

2- في جريمة انتهاك ملك الغير المنصوص عليها في المادة (428/ فقرة ثانية) عقوبات عراقي اذا وقعت بين غروب الشمس وشروقها أو بواسطة كسر أو تسلق أو من شخص حامل سلاحا ظاهرا أو مخبأ أو من ثلاثة أشخاص فأكثر أو من شخص انتحل صفة عامة أو أدعى القيام بخدمة عامة أو الاتصاف بصفة كاذبة.

3- في جريمة إتلاف المزروعات المنصوص عليها في المادة (487/ فقرة ثانية) عقوبات عراقي اذا وقعت بين غروب الشمس وشروقها من ثلاثة أشخاص على الأقل أو من شخصين استعمل أحدهما العنف على الأشخاص، أو كان احدهما يحمل سلاحا ظاهراً أو مخبأً.

4- وفي جريمة تقليد المفاتيح أو إجراء التغيير فيها أو صنع آلة مع توقع استعمال ذلك في ارتكاب الجريمة ، وورد ذلك في نص المادة (447) عقوبات عراقي وقد نصت فقرتها الثانية على عقاب من وجد بين غروب الشمس  وشروقها حاملاً مفاتيح مصطنعة أو آلات أخرى مما يستعمل في كسر الأقفال أو الأبواب أو الشبابيك وكان يحاول إخفاء نفسه ، أو ظهر أنه ينوي ارتكاب جريمة سرقة .

ويلاحظ أن المشرع العراقي في خصوص الجرائم التي نص على الليل كظرف مشدد في العقوبة عليها إنها جميعاً من جرائم الاعتداء على المال وهي واردة في الباب الثالث من قانون العقوبات العراقي كما أن المشرع قد نص على الليل في مواد أخرى في الباب الأول من الكتاب الرابع الخاص بالمخالفات ولكن ليس باعتباره ظرفاً مشدداً بل بوصفه ركنا خاصاً في الجريمة .

فقد نص في المادة 490 فقرة أولى من قانون العقوبات العراقي على معاقبة من أهمل التنبيه نهاراً أو التنوير ليلاً أمام الحفر أو غيرها من الأشغال المأذون له بإجرائها أو أمام المواد المأذون له بوضعها في الطرق أو الساحات العامة وأيضاً في الفقرة الثالثة من المادة نفسها والخاصة بمن يطفأ مصباحاً مستعملاً لإضاءة طريق أو ساحة عامة أو ترعة أو أتلفه .

وفي الفقرة الثانية من المادة (493) عقوبات على عقاب من وقف بواسطة نقل أو سار بها في الطرق أو الساحات العامة بين غروب الشمس وشروقها دون إضاءة مصباح على كل من جانبيها ([26] ) .

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة :

يُعد السطو أثناء الليل ظرفاً مشدداً ، وهو ما ورد النص عليه في المادة 383 من قانون العقوبات الاتحادي بأن «يعاقب بالسجن المؤبد كل من ارتكب جريمة سرقة متوافرة فيها الظروف الآتية:

1 – أن تقع ليلاً.

2- أن تقع من شخصين فأكثر.

3- أن يكون أحد الجناة حاملاً سلاحاً.

4- أن تقع في مكان مسكون أو معد للسكن أو أحد ملحقاته إذا كان دخوله بوساطة التسور أو الكسر أو استعمال مفاتيح مصطنعة أو انتحال صفة عامة أو كاذبة أو ادعاء القيام أو التكليف بخدمة عامة أو غير ذلك من الوسائل غير المشروعة.

5- أن تقع بطريق الإكراه أو التهديد باستعمال سلاح .

والعلة في تشديد المشرع في جناية السطو هو اجتماع أغلب الظروف المشددة للسرقة، وكل ظرف على حدة يكفي لتشديد العقوبة، ومنها ما يجعلها جناية، فإذا اجتمعت كل هذه الظروف عد ذلك ظرفاً مشدداً كما قرره المشرّع في نص الماد 383 عقوبات اتحادي وهذا ينبئ عن الخطورة الإجرامية لدى الجناة.

وتدل على مدى جرأتهم واستعدادهم لاستخدام كل الوسائل التي تجعل جريمتهم سهلة التنفيذ وتضعف قدرة المجني عليه في الدفاع عن نفسه وعن ماله، علاوة على ما قد تحدثه من خلل في الأمن العام.

نستطيع القول إن المشرّع حدد الظروف المشددة في جناية السطو وجعل للسطو خمسة شروط هي: زمان وقوعها ومكان ارتكابها، وتعدد الفاعلين فيها، وتواجد السلاح معهم مع اتخاذهم الإكراه أو التهديد باستعمال السلاح وسيلة لتسهيلها أو تمامها.

وتجدر الإشارة إلى أن الظرف المشدد للمكان في جريمة السطو ذكر بعض وسائل دخول المساكن على خلاف ما جاء في الفقرتين 4 و5 من نص المادة 389 عقوبات اتحادي إذ ورد النص في الفقرة 4 على النحو التالي:

«بطريق التسور أو الكسر من الخارج، أو باستعمال مفاتيح مصطنعة أو صحيحة بغير موافقة صاحبها»، وفي الفقرة 5 كما يلي: «من شخص انتحل صفة عامة أو كاذبة أو ادعى أنه قائم أو مكلف بخدمة عامة» أن الظروف المشددة للمكان لا يختلف معناه في كلتا المادتين.

فطبيعة هذه الظروف المشددة التي بيّنها المشرّع في جناية السطو ذات طابع عيني لكونها ظروفا موضوعية تتعلق بكيفية تنفيذ الجريمة، ومن ثم يتأثر بها كافة المساهمين في الجريمة من فاعلين وشركاء، وسواء أكانوا على علم بها أم لا، وذلك إعمالاً لنص المادة 49/1 من قانون العقوبات، إذا اجتمعت الشروط الخمسة التي يتطلبها القانون.

وتكون العقوبة المستحقة هي السجن المؤبد، ويعاقب على الشروع فيها بالسجن المؤقت إعمالاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 35/2 من قانون العقوبات الاتحادي .

المطلب الثاني

الجرائم التي يتعين اعتبار الليل ظرفاً مشدداً فيها من غير التي ورد النص عليها في القانون

أوردنا فيما سبق الجرائم التي ورد النص على اعتبار الليل ظرفاً مشدداً فيها وهي السرقة وانتهاك حرمة ملك الغير وإتلاف الزراعة والجريمة المنصوص عليها في مجال اصطناع المفاتيح ، ولقد عرضنا العلة و الدافع والحكمة في تشديد عقوباتها اذا وقعت ليلاً ، وتبين لنا أن المشرع قد أورد النص عليها على سيبل الحصر لا المثال ، فلا يجوز القياس عليها وتشديد العقاب في جرائم أخرى لو ارتكبت ليلا وتوفرت العلة فيها.

وسنعرض في هذا المجال عما اذا كان بالإمكان اعتبار الليل ظرفاً مشدداً في جرائم أخرى غير التي سبق ذكرها أي غير التي ورد النص عليها في القانون المصري في المواد (313-315-317) عقوبات مصري حيث اعتبرها في حكم السرقة، كاختلاس الأشياء المحجوز عليها قضائياً أو إدارياً ولو كان حاصلاً من مالكها واختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضمانا لدين عليه أو على آخر، ويترتب على جريمة الاختلاس الأولى أن تنطبق عليها جميع أحكام السرقة فتنطبق عليها العقوبة المقررة للسرقة البسيطة .

و هو نفس المنهج الذي أخذ به المشرع العراقي في هذه الجرائم التي ألحقها بجريمة السرقة وتسري عليها أحكامها ومن ثم يشدد عليها العقاب فيها إن وقعت في الليل على نحو ما ورد في المادتين (439-454) عقوبات عراقي .

وكذلك المنصوص عليها في المادة (446) عقوبات اذا وقع الاختلاس بغير ظروف مشددة مما نصت عليها مواد السرقة من (440 وما بعدها) عقوبات وتشدد العقوبة اذا توافر ظرف من هذه الظروف ومنها ظرف الليل.

حيث إن المختلس وبموجب النص يعد كالسارق في جميع الأحكام فتوقع عليه العقوبة المقررة للسرقة مع ان هذه الجريمة هي من نوع خاص وليست في حقيقتها او بطبيعتها سرقة وإنما اعتبرت في حكمها بإرادة المشرع وفقاً لما أفصح عنه .

أما بخصوص الجريمة المنصوص عليها في المادة (450) عقوبات والمتعلقة باستيلاء الشخص بغير حق على لقطة أو مال ضائع أو أي مال وقع في حيازته خطأ أو بطريق الصدفة أو استعمله بسوء نية لمنفعته أو منفعة غيره وكان في جميع هذه الأحوال يعرف مالكه أو لم يتخذ الإجراءات اللازمة الموصلة لمعرفته ، فهل يقتضي أن تشدد عقوبة هذه الجريمة وهي حبس الشيء الضائع بنية تملكه بطريق الغش لو وقع ليلاً، وهي العقوبة المقررة لجريمة السرقة رغم عدم النص على ذلك ، أم لا تشدد إلا بنص صريح، وتبقى الجريمة بعيدة عن مجال التشديد واعتبارها دائما سرقة بسيطة ، لقد اختلف الفقه في هذا الصدد، فمنهم من اتجه إلى إمكان تشديد عقوبتها عند توافر الظروف المشددة لجريمة السرقة بينما اتجه آخرون بخلاف ذلك مقررين انها سرقة بسيطة غير قابلة للتشديد.

ويقول البعض منهم أنه على الأرجح لا أثر للظروف المشددة في تشديد العقاب في حالة العثور على الأشياء الضائعة ؛ لأن الالتقاط يحصل عرضا دون السعي من الفاعل نحو ذلك ([27] ) . وهذا في نظرنا هو الرأي الراجح في هذا الخصوص، لأن علة تشديد العقاب على ظرف الليل غير متوافرة في هذه الجريمة، وأن المشرع قد وضع في اعتباره الطبيعة الخاصة لهذه الجريمة من أن اللقطة لا تحصل إلا مصادفة دون سعي من الفاعل نحوها، فلم يعتبروها سرقة حتى تأخذ حكمها، وبذلك لا يجوز قياس الظروف المشددة للسرقة على هذه الجريمة. وفي هذا الاتجاه سارت معظم القوانين العقابية ([28] ) .

هذا ولكي يعتبر فعل الاستيلاء على اللقطة جريمة سرقة يجب أن تتحقق شروط معينة:

 (أولاً) توافر ركن الاختلاس.

(ثانيا) أن يتم الفعل على شيء مفقود حقيقية. وهي خروجه من حيازة صاحبه ماديا فلو عثر خادم مثلاً على شيء يعود لمخدومه أو لضيف في المنزل فأخفاه بنية الاستحواذ عليه لنفسه فانه يرتكب جريمة سرقة عادية لأن الشيء لم يخرج من حيازة صاحبه فلا يعود مفقودا بالمعنى الحقيقي.

(ثالثاً) أن تتوافر لدى الفاعل قصد التملك ([29] ) .

 مما تقدم ذكره من جرائم ورد النص على ظرف الليل فيها لتشديد عقوبتها، والجرائم التي يمكن اعتبار الليل ظرفا مشددا فيها لأن المشرع ألحقها بجريمة السرقة وهي جرائم الاختلاس السابق ذكرها، نظراً لعله التشديد لوقوعها ليلاً.

أما الجرائم التي يتعين اعتبار الليل ظرفاً مشدداً فيها من غير التي ورد النص عليها في القانون فهي :

وإلى جانب ما سبق ، فانه بالإمكان اعتبار الليل ظرف مشدد في جرائم أخرى غير التي وردت في باب الاختلاس، سواء كان ضد النفس أو ضد المال، كما سيأتي ذكرها بعد حين، على أن يكون ذلك بموجب نص تشريعي تطبيقياً لقاعدة شرعية الجرائم والعقوبات.

ومن ذلك يمكن اعتبار الليل ظرفاً مشدداً في الأفعال الإجرامية الواردة في المادتين (241، 242) عقوبات مصري، وكذلك جرائم خطف الأطفال الحديثي العهد بالولادة أو إخفائهم ، وأيضاً تعريض طفل لم يبلغ تسع سنين للخطر، سرقة الأوراق أو المستندات المودعة لدى المحكمة ، و إتلاف آلات زراعية ، تقل الحدود ، وإتلاف المواد المنقولة و إتلاف السندات .

و في التشريع العراقي فانه يمكن اعتبار الليل ظرفاً مشددا في الأفعال الإجرامية التالية: الضرب المنصوص عليه في المادتين (412، 413) من قانون العقوبات العراقي ، وهذه الجرائم أوردناها على سبيل المثال لا الحصر. ويمكن إضافة جرائم أخرى عن توفر حكمة التشديد، وذلك على غرار ما فعل المشرع الفرنسي بالنص على تشديد عقوبة تجمهر الناس ليلاً عن عقوبته لو حصل نهاراً بسبب خطورة التجمهر في الليل وتوافر الدوافع إلى تشديدها تبعاً لذلك ([30] ) .

ونشير إلي أنه يجب استبعاد الجرائم التالية من تلك التي يتعين أن ينص القانون فيها على الليل ،كظرف مشدد وهذه الجرائم هي:

 (أولاً) الجنايات عموماً ، لأن المشرع قد شدد عقوبتها في الأساس فلا حاجة لتشديد عقوبتها إن وقعت ليلاً.

(ثانياً) المخالفات عموما لتفاهتها وعدم أهميتها، وتفاهة العقوبات التي يمكن أن يحكم بها.

(ثالثاً) الجرائم غير العمدية، وهي التي تتعلق بالتقصير والإهمال لأن مرتكبها ليس له قصد تحقق نتيجتها الضارة فالقصد الجنائي العمد غير متوفر فيها، فهي لا تعتبر من الجرائم العمدية.

الخاتمة

تناولنا في هذه الدراسة الليل في القانون الجنائي فعرضنا الموضوع في مبحثين ، تناول المبحث الأول مدلول الليل والعلة من التشديد ، وتناول المبحث الثاني بيان الجرائم التي تشدد عقوبتها لارتكابها ليلاً وفي المبحث الأول عرضنا المدلول القانوني لليل في مجال تشديد العقاب ، والعلة من التشديد ، وسردنا الآراء والاتجاهات المختلقة في تعريف الليل القانوني و عرضنا الخلاف في الفقه وخاصة في فرنسا ومصر حول تفسير الليل وبيان المقصود به في مجال تشديد العقاب، وبينا الآراء والاتجاهات المختلفة في هذا الخصوص و أوجه النقد الموجه إليها ، وعرضنا بعد ذلك للعلة من تشديد العقاب بسبب ظرف الليل .

وفي المبحث الثاني عرضنا الجرائم التي ورد النص على تشديد العقاب فيها لارتكابها ليلاً ، فعرضنا الجرائم التي نص القانون على ظرف الليل فيها وأسباب تشديد العقاب ، ثم عرضنا الجرائم الأخرى التي يتعين اعتبار الليل ظرفا مشدداً فيها من غير التي ورد النص عليها في القانون .

نتيجة الدراسة :

انتهينا من خلال الدراسة إلي أن البعض من التشريعات كالتشريع المصري والفرنسي لم تضع تعريفاً لليل ، ولا تحديد لبدايته أو نهايته ، في حين اتجهت تشريعات أخرى إلى وضع تعريف قانوني لليل، محددة فيه بدايته ونهايته، كما هو الحال في القانون العراقي والسوداني ، فانتهت هذه التشريعات إلي وضع تعريف لليل يفي الغرض المقصود منه في تشديد العقوبة ، وهو أن الليل عبارة عن الفترة من وقت العشاء إلى حتى وقت الفجر.

كما انتهينا إلي أن الوقوف علي ظرف الليل يعد مسألة قانونية تخضع للرقابة القضائية من محكمة النقض ، من حيث تعريف الليل وبيان حدوده، وأن المسألة الموضوعية هي في تحديد لحظة ارتكاب الجريمة في الليل أو بالنهار.

كما انتهت الدراسة إلي تحديد الجرائم التي تشدد عقوبتها لارتكابها في الليل، وهي تلك التي نص عليها القانون على ذلك ،وهي السرقة وإتلاف المزروعات وانتهاك حرمة ملك الغير ، وخلصت الدراسة إلي أن هناك من الجرائم ما يمكن اعتبار الليل ظرفاً مشدداً فيها بغير نص قانوني ، وهي تلك التي ألحقها المشرع بالسرقة كجريمة اختلاس المحجوزات من غير حارسها، وجريمة اختلاس المرهون ممن يضع يده عليه .

كما انتهت الدراسة أن هناك من الجرائم ما لا يلزم فيها التشديد بسبب توافر ظرف الليل ، مثل جريمة حبس الشيء المفقود أو الضائع بنية التملك ، فهي جريمة لا تقبل التشديد.

التوصيات :

توصي الدراسة بإعادة النظر في مفهوم الليل في العصر الحديث ، فلم يعد الليل هو الوقت الذي يعمه الظلام ، ويسوده الهدوء ، ويخلد فيه الناس للراحة ، بل إنه أصبح واحة للسهر والصخب والأضواء في أغلب ساعاته في معظم الأماكن .

لذلك نوصي بالشديد للعقاب بسبب ظرف الليل إذا أقترن هذا الظرف بأحوال آخري ، وهي الأحوال التي إذا توافرت في أي وقت فإنها توجب التشديد في العقاب ، كأوقات إطمئنان الناس وخلودهم للراحة حتي ولو كانت هذه الأحوال في النهار .

كما توصي الدراسة باعتبار الليل ظرفاً مشدداً في بعض الجرائم التي لم يذكرها المشرع لتوافر علة التشديد فيها، مثال ذلك جرائم التجمهر ليلاً ، وذلك تأسيسا على إن التجمهر ليلاً يمثل خطورة متعدية علي المجتمع باسره ، لما يوفره من ارتكاب جرائم عديدة ناهيك عن خلق القلق وإشاعة الهرج والمرج في مناطق التجمهر .

قائمة المراجع :-

المراجع العربية :

  1. د / أحمد شوقي عمر أبو خطوة : القسم الخاص في قانون العقوبات – جرائم الإعتداء علي الأشخاص – دار النهضة العربية – ط 1993 .
  2. د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية 2013 .
  3. د/ حسن جاد : التشريع المصري للمشردين والمشتبه فيهم ومراقبة البوليس. طبعة أولى 1987 .
  4. د/ رؤوف عبيد : جرائم الاعتداء على الأموال والأشخاص- القاهرة، طبعة خامسة .
  5. د/ سيد حسن البغال : موسوعة التعليقات على قانون العقوبات، سنة 1965 .

د/ عبد المهيمن بكر: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – ص353-354.

  1. د/ عمر السعيد رمضان : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية 1986
  2. د/ عمر السعيد رمضان : بين النظريتين النفسية والمعيارية للأثم – مجلة القانون والإقتصاد – س 34 .
  3. د/محمد عبد الملك مهران: ظرف الليل في تشديد العقاب. بحث منشور في مجلة الأمن العام المصرية العدد (51) السنة (13) سنة 1970، صفحة 47.
  4. د/محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات (القسم العام) 1962 .

مراجع فرنسية :

1-Merle et Vitu :Traite de droit Criminele ,dr. pen. Special , par Vitu .ed . Cujas,paris 1982 ,V.2, No, 485

2- Levasseur ( G ) : Rapport sur les Sancions de l’ inxecuion des contrats en droit pnal francais . Trav , de lass , Henri capitant , T.xvil, Paris

الوامش:

  1. ( ) يراجع في الفقه الفرنسي وعلى سيبل المثال.

    Hélie: Théorie du code pénal. Paris 1887 IV. 2015.

    وفي الفقه المصري: ود/ عمر السعيد رمضان : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية 1986 – صفحة 427 . ود/محمد عبد الملك مهران: ظرف الليل في تشديد العقاب. بحث منشور في مجلة الأمن العام المصرية العدد (51) السنة (13) سنة 1970، صفحة 47.

  2. () د/ عمر السعيد رمضان : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – مرجع سابق – ص 478 .
  3. () د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية 2013 – ص 1132 .
  4. () انظر في جميع هذه الآراء وما وجه إليها من انتقادات د/ عبد المهيمن بكر: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – ص353-354.
  5. () انظر نقض جنائي 6 يناير سنة 1938 مجموعة القواعد – جـ 2 – رقم 483 – ص 646 .
  6. () راجع المدة 7 من القانون رقم 99 لسنة 1945 بشأن تنظيم الوضع تحت مراقبة الشرطة والتي تحدد الليل بأنه من غروب الشمس حتي شروقها .
  7. () د/ رؤوف عبيد : جرائم الاعتداء على الأموال والأشخاص- القاهرة، طبعة خامسة صفحة 343.
  8. ( ) ود/ حسن جاد : التشريع المصري للمشردين والمشتبه فيهم ومراقبة البوليس. طبعة أولى ص290 وما بعدها. وراجع وفي الفقه الفرنسي.

    Merle et Vitu :Traite de droit Criminele ,dr. pen. Special , par Vitu .ed . Cujas,paris 1982 ,V.2, No, 485

  9. () نقض جنائي – 4 نوفمبر سنة 1974 – جـ 7 رقم 407 – ص 391 .
  10. () نقض جنائي – الطعن رقم 12313 لسنة 83 ق – جلسة 13/11/2014 – مكتب فني سنة 65 – ق 104 – ص 827 .
  11. () نقض جنائي – الطعن رقم 17770 لسنة 83 ق – جلسة 14/5/2016 .
  12. () د/ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص – مرجع سابق – ص 1133 .
  13. ( ) نقض جنائي – الطعن رقم 10253 لسنة 87 ق جلسة 23/11/2017 .
  14. () نقض جنائي – الطعن رقم 12313 لسنة 83 ق – جلسة 13/11/2014 – مكتب فني سنة 65 – ق 104 – ص 827 .
  15. () نقض جنائي – الطعن رقم 18365 لسنة 85 ق – جلسة 20/12/2017 .
  16. () يراجع دكتور /محمود مصطفى : المرجع السابق سنة 1958 ص381 وما بعدها. و د/ محمد عبد الملك مهران : المرجع السابق ص54.. وفي الفقه الفرنسي.

    Garcon: lode pénal. T. I Paris 1901-1906.

  17. ( ) راجع في هذا الخصوص د/علي راشد : مبادئ القانون الجنائي القاهرة سنة 1950 رقم 425 ، ود/ رمسيس بهنام : النظرية العامة للقانون الجنائي سنة 1968 صفحة 105. ، و د/حمد محمود مصطفى : شرح قانون العقوبات (قسم العام) سنة 1960-1961 صفحة 26-27 وصفحة 258.
  18. () د/محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات (القسم العام) 1962، ص 46-48، 49. ، ود/عمر السعيد رمضان : شرح قانون العقوبات 1964-1965 صفحة 426، 427 (46-48-49).
  19. () راجع المواد 313، 315، 316، 317 من قانون العقوبات المصري .
  20. ( ) د/ السعيد مصطفى السعيد. الأحكام العامة في قانون العقوبات. سنة 1986 صفحة 127 وما بعدها. و د/ توفيق محمد الشوي : جرائم الأموال سنة 1951 صفحة 64.
  21. ( ) في الشريعة الإسلامية اذا اقترنت بالسرقة بعض الظروف المشددة فقد تدخلها في جريمة (الحرابة)، مثل ارتكاب الجريمة ليلا، وحمل السلاح وقطع الطريق. (والحرابة) فقد قال الله سبحانه وتعالى فيها (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) (الآية 33 من سورة المائدة).
  22. ( ) يراجع على سيبل المثال في هذا الخصوص د/ سيد حسن البغال : موسوعة التعليقات على قانون العقوبات، سنة 1965 صفحة 808. و د/ عبد المهيمن بكر : جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال سنة 1968 صفحة 352.
  23. () نقض جنائي – الطعن رقم 1894 لسنة 32 قضائية- جلسة بتاريخ: 26/ 11 /1962 .
  24. () النقض الجنائي -الطعن رقم 22 -لسنة 24 قضائية -تاريخ الجلسة 2-3-1954 -مكتب فني 5 -رقم الجزء 2 -رقم الصفحة 400
  25. ( ) من المعلوم أن تشديد العقاب لا يكون إلا بناء على أسباب قانونية مجردة ورد النص عليها من القانون الجنائي، وليس للمحكمة تحديدها، ولا تكون لها أية سلطة تقديرية في شأنها – سوى رفع العقاب إلى حده الأعلى اذا ما ارتأت ذلك- دون أن يكون في مقدورها تجاوز هذا الحد، أو تغيير نوعها إلى نوع آخر أشد. يراجع الدكتور رمسيس بهنام، المرجع السابق ص 1049 وما بعدها.
  26. ( ) في القانون المصري نص المشرع من المادة المادة 379 عقوبات علي إنه :- يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسة وعشرين جنيهاً كل من ارتكب فعلاً من الأفعال الآتية:
    1- من ركض في الجهات المسكونة خيلاً أو دواب أخرى أو تركها تركض فيها.
    2- من حصل منه في الليل لغط أو ضجيج مما يكدر راحة السكان.
    3- من وضع في المدن على سطح أو حيطان مسكنه مواد مركبة من فضلات أو روث البهائم أو غيرها مما يضر بالصحة العمومية ، وفي المادة (378/2) عقوبات على عقاب من أهمل في وضع مصباح على المواد، والأشياء التي وضعها وتركها في طريق عام أو على الحفر التي عملها فيه، ومن المادة (379/3) عقوبات على عقاب من أطفأ نور الغاز أو الفوانيس المعدة لإنارة الطرق العمومية، وكذلك من أتلف أو خلع أو نقل شيئاً منها أو من أدواتها. يراجع، عبد الملك مهران، المرجع السابق ومن نفس الموضع.
  27. ( ) الدكتور محمود مصطفى، المرجع السابق ومن نفس الموضع. وكذلك في الفقه الفرنسي :

    Levasseur ( G ) : Rapport sur les Sancions de l’ inxecuion des contrats en droit pnal francais . Trav , de lass , Henri capitant , T.xvil, Paris

  28. ( ) د/ محمد عبد الملك مهران : المرجع السابق ص54.
  29. ( ) الدكتور محمود مصطفى : المرجع السابق- ص 287 .
  30. ( ) محمد عبد الملك مهران : المرجع السابق- ص 198 .