الدكتور علي حسين أحمد محمد1
1 محاضر في النحو والصرف، الجامعة الأسمرية، ليبيا
بريد الكتروني: alihossin19761@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(5); https://doi.org/10.53796/hnsj354
تاريخ النشر: 01/05/2022م تاريخ القبول: 05/04/2022م
المستخلص
يدور موضوع هذا البحث حول الاعتراض، وهذا العلم بدأ منذ نشأت التأليف، فكتب المؤلفين تزدهر بهذا الفن، وبعضها يعد سببا من أسباب تأليفها، فالاعتراض علم نابع من عالم له دراية عميقة باللغة وعلومها، فلا يستطيع أحد أن يغوص في أعماقه وإلا وله إلمام كبير بجميع جوانب المسألة، ومن الكتب التي تجمع وبقدر كبير هذا الفن كتاب معاني القرآن وإعرابه لمؤلفه أبي إسحاق الزجاج فقد جمع بين دفتيه علم غزير، ووضع فيه جل علمه، فهو يعد من أكبر مؤلفاته، وقد أقيمت عليه دراسات كثيرة، وفي هذا البحث سوف نسلط الضوء على شيء من هذه الاعتراضات، ونخص منها ما اعترض به على الكسائي، في دراسة سميتها اعتراضات الزجاج الصرفية على الكسائي في كتابه معاني القرآن وإعرابه، فقد قمت بجمع هذه الاعتراضات والتحقق منها في مصادرها، والنظر إلى أصل هذه الاعتراضات من حيث النشأة، هل هي خلافات مذهبية ولها وجهة نظر، أم هي صحيحة تتبع أصول النحو المتعارف عليها عند النحاة.
الكلمات المفتاحية: الكسائي _ الزجاج _ الاعتراض _ معربين _الصرفية
Al-Zajjaj’s morphological objections to Al-Kisa’i in his book Meanings and Expressions of the Qur’an
Dr. Ali Hussein Ahmed Mohamed1
1 Lecturer in grammar and morphology, Asmarya University, Libya
Email: Alihossin19761@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(5); https://doi.org/10.53796/hnsj354
Published at 01/05/2022 Accepted at 05/04/2021
Abstract
The topic of this research revolves around objection, and this science began since the inception of authorship, so authors’ books flourish in this art, and some of them are one of the reasons for their authorship. Aspects of the issue, and one of the books that combine to a great extent this art is the book “The Meanings of the Qur’an and its Syntax” by its author Abu Ishaq Al-Zajjaj. Many studies have been established on it, and in this research we will shed light on some of these objections, and one of them is specifically what he objected to Al-Kisa’i, in a study called Al-Zajjaj’s morphological objections to Al-Kisa’i in his book Meanings and Syntax of the Qur’an. I have collected these objections and verified them in their sources. Looking at the origin of these objections in terms of their origins, are they doctrinal differences and have a point of view, or are they correct following the principles of grammar recognized by grammarians.
مقدمة:
إن كتاب ﷲ تعالى هو ﺣﺒﻞ ﷲ المتين، وﻫﻮ اﻟﻨﻮر المبين، وﻫﻮ اﻟﺬﻛﺮ الحكيم، وﻫﻮ الصراط المستقيم، ﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ ﺗﺰﻳﻎ به اﻷﻫﻮاء، وﻻ تلتبس به اﻷﻟﺴﻨﺔ، وﻻ ﻳﺸﺒﻊ ﻣﻨﻪ العلماء، ولا يخلق ﻋﻦ ﻛﺜﺮة اﻟﺮد، ولا تنقضي ﻋﺠﺎﺋﺒﻪ، وخير ﻣﺎ تصرف ﻓﻴﻪ اﻷوﻗـﺎت ﻫـﻮ ﺗﻼوﺗـﻪ وﺗﺮﺗﻴﻠـﻪ وتدبره وﺗﻔﻬﻢ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ وﺗﻌﻠﻤﻪ وﺗﻌﻠﻴﻤﻪ واﻟﻌﻤﻞ بمقتضاه. وقد شرُفت اللغة العربية، إذ أنزل الله بها أعظم كتبه، ونطق بها أفصح رسله؛ فأصبحت لغة خالدة بخلود هذا القرآن الكريم، ومحفوظة بحفظه؛ فهي بحق لغة مقدّسة، فهذا البقاء إذا أمعنا فيه النظر لم نجد ولن نجد له سببا إلا القرآن الكريم، وسوف يظل محفوظا إلى يوم البعث، قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ ]الحجر [9فبسببه أصبحت هذه اللغة الفرع الوحيد من اللغات السامية الذي حافظ على توهجه وعالميته. وانطلاقاً من هذه المكانة السّامقة لهذه اللغة انبرى العلماء الأجلاّء وتسابقوا في العناية بها والذّبّ عنها بالتأليف والتدوين.
مع بداية تطور النحو العربي في أواخر القرن الثاني الهجري ظهرت الخلافات النحوية، وذلك مع ظهور الخلاف النحوي البصري والكوفي والبغدادي، وما نشأ بينها من خلاف في استنباط الأحكام النحوية، أو تخريج المسموع من المنقول. ومن خلال اطلاعي على بعض الكتب التي ألفت في هذا المجال لاحظت أن العلماء اعترضوا على بعضهم البعض في كثير من المسائل، وألفت فيها العديد من الكتب، منها على سبيل المثال: 1- اعتراضات أبي حيان على النحويين في التذليل والتكميل، من إعداد منصور عريف عبد الرحمن، وكذلك 2- اعتراضات السهيلي على النحاة، جمعاً ودراسة، من إعداد عبد الله آل داود، 3- اعتراضات الرضي على ابن الحاجب في شرح الشافية، إعداد مهدي بن علي بن مهدي القرني، 4- اعتراضات الرضي على سيبويه في شرح الكافية، إعداد محمد بن عبدالله المالكي، 5- اعتراضات ابن يعيش على آراء الزمخشري النحوية والصرفية في كتاب شرح المفصل، إعداد محمد سعيد صالح ربيع الغامدي، وهذه الاعتراضات هي عمل رصين تقوم على مقابلة الأدلة والحجج، ولا تهدف إلى التتبع المقصود للأخطاء والهنات، بل تهدف إلى بيان المعنى والحقيقة العلمية على وجه الصواب، ونبرز في هذا السياق بعض المصطلحات التي قد تختلط في الاستعمال، ومنها الاستدراكات، والتعقيبات، والاختيارات، وهي في جملتها تصب في مضمون الاعتراض([1]).
وينشأ الاعتراض من مخالفة اللاحق للسابق في رأي أو نقل في نسبة أو استدلال أو غير ذلك، ولعل من أوضح الاختلاف في الساحة النحوية الخلاف بين البصريين والكوفيين، ومن أشهر الكتب في ذلك الإنصاف في مسائل الخلاف.
وأما الأسباب التي أدت إلى الخلاف والاعتراض بين النحويين واستمرت طيلة فترة التأليف والتصنيف قديما وحديثا فهي أسباب علمية ذات علاقة بمادة اللغة وطبيعة هذا العلم وأدلته الأصلية والفرعية، وما خرج عن ذلك كالأمور العقدية أو المذاهب الشرعية، فتلك مسائل قليلة شد فيها الرأي المخالف، ولم يكن لها تأثير كبير في توجيه المسألة. ومن هؤلاء العلماء الأجلاّء أبو إسحاق الزّجّاج الذي آلت إليه زعامة المدرسة البصريّة بعد وفاة شيخه المبرّد، فهو عَلم من أعلام النحو العربي، له تأليف متنوعة، ومن أبرزها كتابه “معاني القرآن وإعرابه“، الذي أفرغ فيه علمه، وتجلّت فيه شخصيته، فهو فيه يختار، ويعترض، ويحتجّ، ويعلل، فأحببت أن أقف على جهده في هذا الكتاب، الذي استغرق تأليفه ما يقارب ستة عشر عاماً، واستقر الرأي -بعد البحث والمشاورة-على أن يكون عنوان البحث (اعتراضات الزّجّاج الصرفية على الكسائي في كتابه “معاني القرآن وإعرابه”).
مشكلة الدراسة وتساؤلاتها:
إن مشكلة البحث تتلخص في تلك الاعتراضات التي جاءت في كتاب “معاني القرآن وإعرابه” والتي اعترض فيها على من سبقه من أمثال الكسائي، وغيره من العلماء، فالزجاج كثيرا ما يتفلسف، فيحلل، ويعلل، ويدلل، ويمثل، ويقيس، ويقنن، في الكلام، وسوف نقوم في هذه الدراسة بتحليل هذه الاعتراضات تحليلا شاملا بعد جمعها وتصنيفها، حسبما وردت في الكتاب، والرجوع إلى كتاب الكسائي الذي اعترض عليه الزجاج في كتابه، ومقارنة أقواله بأقواله، وتسليط الضوء على الأقوى منها، وتحديد الحكم الذي ساقه الزجاج والوقوف عنده مليا، وكذلك النظر في رأي العلماء من هذه الاعتراضات، ومناقشة الإشكاليات التي دارت حول هذه الاعتراضات، وصولا إلى ترجيحات وتقويمات صائبة سعيا إلى الإحاطة والشمول، فهذه الأسباب استدعت القيام بهذه الدراسة لمعرفة هذه الأشياء، لذلك أرى أن الاعتراضات في كتاب الزجاج تعد مشكلة تصلح للدراسة والبحث، والوقوف المتأني عندها.
منهج الدراسة:
اقتضت طبيعة الدراسة استخدام المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج الاستقرائي.
أهداف الدراسة:
استنباط اعتراضات الزجاج الصرفية على الكسائي.
تبيين مدى تأثير الأصول النحوية من سماع، وقياس، وإجماع، وغير ذلك على اعتراضات الزجاج.
تحليل اعتراضات الزجاج وتصنيفها إلى اعتراضات واضحة بذكر أسماء المعترض عليهم واعتراضات تلميحية.
معنى ﴿ يَزِفُّونَ ﴾:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ ﱠ ]الصافات94 [وقف عند قوله تعالى: ﴿ يَزِفُّونَ ﴾ وفصّل فيها القول، واعترض على الفراء الكسائي في عدم معرفتهم إياها، يقول الزجاج: “﴿ يَزِفُّونَ ﴾ يسرعون إليه ويقرأ على ثلاثة أوجه. يَزفُون _ بفتح الياء _ ويُزفون – بضمها، ويَزفَون- بتخفيف الفاء. وأعربُها كلُّها يَزفُّون بفتح الياء وتشديد الفاء، وأصله من رفيق النعام، وهو ابتداء عدوها، يقال زفَّ النعام يَزِفُّ. ويقرأ يُزفُّون أي يصيرون إلى الزفيف، ومثله قول الشاعر:[2]
تَمَنَّى حُصَيْنٌ أن يَسُودَ جِذَاعَهُ … فأَمْسَى حُصَيْنٌ قد أُذِلَّ وأُقْهِرَا
معنى أقْهَرَا صار إلى القهر، وكذلك يزفون. فأما يزفون بالتخفيف فهو من وزف يزف، بمعنى أسرع، ولم يعرفه الفراء، ولا الكسائي، وعرفه غيرهما “.[3]
فالزجاج اعترض على الكسائي، والفراء صراحة في عدم معرفتهما ﴿ يَزِفُّونَ ﴾ بالتخفيف، فهو من وزف يزف، يقول الكسائي في معاني القرآن: “روى عن الكسائي أنه لا يعرف ﴿ يَزِفُّونَ ﴾ مخففة “.[4] وأما الفراء فيقول: “…وقد قرأ بعض القراء ﴿ يَزِفُّونَ ﴾ بالتخفيف كأنها من وزف يزف، وزعم الكسائي أنه لا يعرفها. وقال الفراء: لا أعرفها أيضاً إلا أن تكون لم تقع إلينا “.[5] أما ثعلب فقال: “وفي بعض القراءات: ﴿ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ قال ثعلب: “ووزفه وزفاً استعجله يمانِيّةٌ، ووزف إليه دنا وتوازف القوم دنا بعضهم من بعض”.[6]
وخالف ابن مجاهد في معناها حيث أنه ذهب إلى أنها بمعنى النسلان، وهو بهذا المعنى مخالف لجمهور العلماء الذين يرون أنه بمعنى أسرع. وذهب قطرب -فيما نقل عنه – إلى أن ﴿ يَزِفُّونَ ﴾ من (يَزفُّون) فتكون عنده من (زف ف).
فالذي ذهب إليه الزجاج كان صواباً، واستعمل السماع في بناء اعتراضه، والذي نستخلصه من هذا الطرح أن الأولى حمله على الظاهر دون حاجة إلى تقدير أو تأويل أفضل، كما أن ﴿ يَزِفُّونَ ﴾ مادتها (وزف) وهي موجودة ومعناها الإسراع، مثلها (يعدون) من(وعد).
إبدال الواو المضمومة همزة: ﴿ اشْتَرَوُا ﴾:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ ]البقرة 16 [وقف عند كلمة ﴿ اشْتَرَوُا ﴾، وفصّل فيها القول، حيث تكلم عليها عند قوله تعالى: ﴿ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ ﴾ ]البقرة14 [فقال إن واو الجماعة إذا حركت لالتقاء الساكنين ضمت، وقد حركها بعضهم للكسر فقال: ﴿ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ ﴾، لأن اجتماع الساكنين يوجب كسر الأولى إذا كانا من كلمتين، وقد رويت أيضاً ” اشْتَرَوا الضلالة ” بالفتح، وقد وصفها الزجاج بالشاذة جداً، والقراءة المجمع عليها هي ما نحن بصددها ﴿ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ ﴾[7] وعندما تكلم عليها في موضعها اعترض على القائلين بإبدال الضمة همزة من ﴿ اشْتَرَوُا ﴾ إلى اشترؤا، وغلط القائلين بهذا القول لأن الواو التي تبدل همزة إذا كانت ضمتها لازمة مثل: أقتت إنما أصلها ؛وقتت، يقول الزجاج ما نصه: “…فأما من يبدل من الضمة همزة فيقول اشترؤا الضلالة فغالط؛ لأن الواو المضمومة التي تبدل منها همزة إنما يفعل بها ذلك إذا لزمت ضمتها نحو قوله عز وجل: ﴿ وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتۡ﴾ ]المرسلات 11 [إنما الأصل وُقتت، وكذلك أدؤر، إنما أصلها أدور. وضمة الواو في قوله: ﴿ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ ﴾ ]البقرة16 [إنما هي لالتقاء الساكنين، ومثله: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ ] آل عمران186 [لا ينبغي أن تهمز الواو فيه”.[8] ولو تتبعنا آراء المعربين حول هذه الآية لوجدنا منهم من يجيز ذلك ومنهم الكسائي حيث يقول: ” قال ابن خالويه حدثنا ابن مجاهد عن السمّري عن الفراء عن الكسائي قال: سمعت بعضهم يقرأ اشترؤا الضلالة”.[9]
ونقل عن الكسائي هذا الرأي عدد من العلماء منهم النحاس حيث قال: “وأجاز الكسائي اشترؤُا الضلالة بضم الواو، كما يقال ﴿ أُقِّتَتۡ ﴾، وأدؤر”.[10]
وكذلك ابن الأنباري حيث قال: “وأجاز الكسائي همزها لانضمامها، وهو ضعيف وذلك لأن الواو إنما تقلب همزة إذا انضمت ضماً لازماً، وهذه ضمة عارضة لالتقاء الساكنين فلا تقلب لأجلها همزة “[11] والذي يتضح لي في هذه المسألة أن ما ذهب إليه الزجاج هو الصواب فهذا الإبدال الذي اختاره هو من الإبدال القياسي إذ تبدل الواو المضمومة ضمة لازمة غير مشددة همزة جوازاً، سواء كانت الهمزة في أول الكلمة أو في وسطها نحو: (أوقّتت، وأدؤر) فالأصل فيها: وِقِّتت، وأدور، والعلة وراء هذا الإبدال هي كراهة اجتماع الواو مع الضمة، فالضمة ثقيلة، واجتماعها مع الواو ثقيل، فكأنه اجتمع -عندنا -واوان فكما فروا من اجتماع الواوين بإبدال الأول منها همزة وجوباً نحو: أواصل، أصلها: وواصل، فرُّوا من اجتماع الضمة مع الواو بإبدال الواو همزة جوازاً. كما أن سيبويه ألمح إلي تعليل آخر وهو أن الواو ضعيفة، إذ تتعرض للإبدال والحذف، فوضعوا مكانها حرفاً أجلد منها وأقوى فأبدلوا منها الهمزة.[12] فكما لاحظنا أن الزجاج قد استعمل في اعتراضه السماع والقياس فجاء اعتراضه في محله.
التخلص من التقاء الساكنين: ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾
عند حديث الزجاج عن الحروف المقطعة، وبالتحديد عند وصوله لقوله تعالى: ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾] آل عمران1 [وقف على هذه الحروف المقطعة، وما يجوز فيها من حركة عند التقاء الساكنين فيها، وذكر أقوال النحويين فيها، وهي على قولين: الأول: أن هذه الحروف مبنية على الوقف فيجب بعدها قطع ألف الوصل، والقول الثاني: وهو عدم صياغة النطق بثلاثة أحرف سواكن ولا بد من فتح الميم في ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾، ثم اعترض على قول القائلين بأن الميم لو كانت محركة لالتقاء الساكنين لكانت مكسورة، يقول الزجاج ما نصه: ” وقال بعض النحويين لو كانت محركة لالتقاء الساكنين لكانت مكسورة، وهذا غلط لو فعلنا في التقاء الساكنين إذا كان الأول منهما ياء لوجب أن تقول: كيف زيد، وأين زيد وهذا لا يجوز، وإنما وقع الفتح لثقل الكسرة بعد الياء”.[13] فالذي يراه الزجاج هو فتح الميم في قوله تعالى: ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ وهو من باب التخفيف، وذلك لتوالي الكسرات، واختاروا لها الفتح؛ لأنه أخف الحركات، وهذا الذي مال إليه الزجاج في هذه الحروف المقطعة.
ولو تتبعنا أراء المعربين حول هذه الحروف وحركتها لوجدنا أن الزجاج يقصد باعتراضه أيضاً الكسائي فهو من العلماء الذين تكلموا على حركة الميم حيث قال: ” حروف التهجي إذا لقيتها ألف الوصل، فحذفتَ ألف الوصل حركتَها بحركة الألف، قلت: المَ الله، والمُ اذكروا، والمِ اقتربت”.[14] فالعلماء يرون أن الفتح في ﴿ الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ إنما هو من باب التخفيف، وأجاز الأخفش الكسر على الأصل في التقاء الساكنين، ولم يرتضِ الزجاج هذا القول واعترض عليه؛ لأنه يؤدي إلى ثقل واضح في توالي الكسرات، والذي أراه أن الزجاج كان محقاً في اعتراضه لسببين: أحدهما: أن اختيار الفتح عند التقاء الساكنين هو الأخف، والسبب الآخر: هو المحافظة على تفخيم لفظ الجلالة، بعكس الكسر فإن لفظ الجلالة يرقق بعده، فالزجاج أصل اعتراضه على أصلين من أصول النحو وهما القياس، والاستحسان.
إدغام الراء في اللام: ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ ] الصف 12 [اعترض الزجاج على قول القائلين الذين يرون بإدغام الراء في اللام، وغلظ الاعتراض بوصفه خطأ فاحش، وعلل عدم جواز ذلك بقوله أن الراء حرف مكرر فلو أدغمت في اللام ذهب هذا التكرير، يقول الزجاج ما نصه: ” القراءة بإظهار الراء مع اللام، وزعم بعض النحويين أن الراء تدغم مع اللام فيجوز…و يغفر لكم…وهذا خطأ فاحش، ولا أعلم أحداً قرأ به غير أبي عمرو بن العلاء، وأحسب الذين رووا عن أبي عمرو إدغام الراء في اللام غالطين. وهو خطأ في العربية لأن اللام تدغم في الراء، والنون تدغم في الراء، نحو: قولك هل رأيت، ومن رأيت. ولا تدغم الراء في اللام إذا قلت: مر لي بشيء لأن الراء حرف مكرر فلو أدغمت في اللام ذهب التكرير. وهذا إجماع النحويين الموثوق بعلمهم “.[15]
فالذي ذهب إليه الزجاج في هذه المسألة هو رأي البصريين وعلى رأسهم الخليل وسيبويه، حيث يقول سيبويه: “والراء لا تدغم في اللام ولا في النون؛ لأنها مكررة وهي تفشي إذا كان معها غيرها، فكرهوا أن يجحفوا بها فتدغم مع ما ليس يتفشى في الفم ولا يكرر”.[16] كما ذهب إلى ذلك أيضاً المبرد،[17] وابن جني،[18] ومن وافقهما كابن عصفور،[19] والرضي،[20] فالزجاج اعترض على أبي عمرو بن العلاء وهو من كبار البصريين ورأسهم، وهو أحد القراء السبعة، وشيخ القراءة والعربية وكان أعلم الناس بالقراءات،[21] كما اعترض على الكسائي وثعلب لأنهما أجازا أيضاً إدغام الراء في اللام، ولهما فيه وجه يقول ثعلب: ” أن الراء إذا أدغمت في اللام صارت لاماً، ولفظ اللام أسهل من الراء لعدم التكرار فيها، وإذا لم تدغم الراء كان في ذلك ثقل؛ لأن الراء فيها تكرار فكأنها راءان، واللام قريبة من الراء، فتصير كأنك أتيت بثلاثة أحرف من جنس واحد”.[22]
وعلى كل حال فإن الاحتكام إلى السماع خير دليل على صحة ما ذهب إليه الكسائي، والفراء، وثعلب، وجميع الكوفيين، خاصة إذا كان مصدر السماع ممن هو محل اعتماد البصريين والكوفيين، كأبي عمرو بن العلاء، وغيرهم لذلك كان أبو حيان منصفاً حينما أجاز إدغام الراء في اللام؛ لأن الذين أجازوا ذلك اعتمدوا فيه على السماع، إذ لا سبيل إلى رد ذلك، وفي ذلك يقول: ” وقد اتفق على نقل إدغام الراء في اللام كبير البصريين ورأسهم، أبو عمرو بن العلاء، ويعقوب الحضرمي، وكبراء أهل الكوفية: الرؤاسي، والكسائي، والفراء، وأجازوا ورووه عن العرب. فوجب قبوله، والرجوع فيه إلى علمهم ونقلهم، إذ من علم حجة على من لم يعلم”.[23] أما السمين الحلبي فقد اعتبر إدغام الراء في اللام لغة نقلها الناس.[24] في حين نقل السيوطي أن قوماً أدغموا الراء في اللام، وقال: إن ذلك هو الأصح .[25]
ويبدو جلياً من كلام الزجاج رده الصريح لقراءة أبي عمرو بإدغام الراء في اللام، والسبب في ذلك هو تعصبه لمذهبه البصري الرافض لهذا الإدغام على الرغم من وجود رواة ثقات، وقراء ثقات قالوا بجواز ذلك، فالذي يظهر لي من هذا الاعتراض أنه كان غير موفق ولم يكن في محله.
إدغام التاء في الطاء: ﴿ بَيَّتَ طَائِفَةٌ ﴾:
عند وصول الزجاج لقوله عز وجل: ﴿ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ ] النساء 81 [وقف عند قوله ﴿ بَيَّتَ طَائِفَةٌ ﴾ بإسكان التاء، وإدغامها في الطاء، وهو عند الزجاج جائز، سواء كان ذلك في اسم أو فعل، واعترض على الكسائي لأنه لا يجيز ذلك إذا كان فعل فهو عنده قبيح، قال الزجاج في كتابه ما نصه: ” وقرأ القراء بيّت طائفة على إسكان التاء وإدغامها في الطاء، وروي عن الكسائي أن ذلك إذا كان في فعل فهو قبيح، ولا فرق في الإدغام ههنا في فعل كان أو في اسم لو قلت بيت طائفة، وهذا بيت طائفة- وأنت تريد بيت طائفة كان واحداً، وإنما جاز الإدغام لأن التاء والطاء من مخرج واحد” .[26] فالزجاج اعترض على الكسائي صراحة بذكر اسمه، وهذا ما ذكره الكسائي في كتابه عند إعرابه لهذا الآية حيث قال ما نصه: ” أدغم الكوفيون التاء في الطاء لأنهما من مخرج واحد، وروي عن الكسائي أن ذلك إذا كان في فعل فهو قبيح “.[27] فالتاء تدغم في الطاء؛ لأنهما من مخرج واحد، وهذا الإدغام حسن، لأن التاء مهموسة والطاء مجهورة، يقول ابن يعش في ذلك: “…إلا أن إدغام التاء في الطاء أحسن، لأنها مهموسة، والطاء مجهورة. وليس يمنع الجهر إدغام المهموس، ولكن يكون إدغام المهموس أحسن”.[28]
والذي يتضح لي من هذه المسألة هو ما ذهب إليه الزجاج، فظاهرة الإدغام هي ظاهرة بين الحروف، ولا علاقة لها بين الاسم والفعل، فالزجاج بنى اعتراضه على السماع، والذي أراه أنه كان محقاً فيما ذهب إليه.
فِعَّال وفِعَال:﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا﴾:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا﴾ ] النبأ 28 [أشار إلى بعض ما كان على وزن (فَعَّل)، فذكر منها (فِعّال) و (فِعَال) واختار الزجاج منها (فِعّال) ووصفها بأنها أجود وأكثر من (فِعَال)، يقول الزجاج ما نصه: ” هذا أكثر القراءة، وقد قرئت كذابا بالتخفيف، وكذّابا بالتشديد أكثر، وهو في مصادر (فعّلْتُ) أجود من (فِعّالٍ)، قال الشاعر:[29]
لَقدْ طَالَ ما ثَبَّطتَنِي عَنْ صَحابَتِي وعَنْ حَاجَةٍ قِضَّاؤها من شِفَائِيَا
من قضَّيت قضّاء، ومثل كِذَاباً – بالتخفيف – قال الشاعر:[30]
فَصَدَقْتُهَا وَكَذَبْتُهَا وَالمَرْءُ يَنْفَعُهُ كِذَابُهْ”[31]
فمن خلال ما ذهب إليه الزجاج يتضح أن الأصل في مصدر (فَعّل) (فِعّال) فالقياس في كل ما زاد على ثلاثة أحرف فإن مصدره يكون بالإتيان بلفظ الفعلة ماضياً بكسر أوله، وزيادة ألف قبل آخره، فأكرم مصدره إكرام، وزلزل مصدره زلزال، وكذّب كِذّاب، إلا أن (فعّل) من الصيغ التي خالفت هذا الأصل، واشتهر وانقاس في مصدرها (التفعيل) وأصبح هذا الأصل سماعياً . أما الصيغ الأخرى (فِعَال) فهي صيغة سماعية في الأفعال التي على (فعّل)؛ لأنها تغلب في (فَعَل) الأجوف، نحو: صام صياماً، وقام قياماً، ولو تتبعنا آراء المعربين حول هذه المسألة لوجدنا منهم من يختار التخفيف، بعكس الذي قال به الزجاج وذكر أنه أجود، ومن هؤلاء العلماء الذين ذهبوا هذا المذهب الكسائي، حيث يقول في كتابه ما نصه: ” كان الكسائي يخفف الثانية، وذلك في قوله: لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ﴾ ] النبأ35 [يقول: هو من قولهم كاذبته كِذاباً ومكاذبة، ويشد في قوله: ﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾، ويقول: قوله ﴿ كِذَّابًا ﴾ يفيد الكِذاب بالمصدر “.[32]
وقد نقل الفراء رواية التخفيف عن الكسائي، وهو بهذا النقل يعتبر من مختارِ التخفيف، يقول الفراء في كتابه معاني القرآن ما نصه: ” خففها علي بن أبي طالب رحمه الله: (كذاباً) ونقلها عاصم والأعمش وأهل المدينة والحسن و البصيري. وهي لغة يمانية فصيحة، يقولون: كذبت به كذِّاباً، وخرّقت القميص خِرّاقاً، وكل فّعّلت فمصدره فِعّال في لغتهم مشدد … وكان الكسائي يخفف: ﴿ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا﴾ لأنها ليست بمقيدة بفعل يصيرها مصدراً . ويشدد ﴿ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴾؛ لأن كذبوا يقيد الكِذابَ بالمصدر، والذي قال حسن “.[33]
وعلى كل حال فاعتراض الزجاج كان تلميحاً ولم يذكر أحداً باسمه، وهو يقصد مذهب الكوفيين ومن لف لفهم ممن يرى بهذا التخفيف، وقد استند في هذا الاعتراض على السماع والقياس، والذي أراه أن اعتراضه ليس في محله، وخاصة أن ما جاء على (فَعّل) له صيغة قياسية وصيغة سماعية.
وزن أَشْيَاءَ:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ ] المائدة 101 [فصل القول في كلمة أشياء، ونقل أغلب الآراء التي قيلت في وزنها، وخطأ بعضها واعترض عليها، يقول الزجاج: “وأشياء في موضع جر، إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف. وقال الكسائي: أشبه آخرها آخر حمراء، وزنها عنده أفعال، وكثر استعمالهم فلم تصرف. وقد أجمع البصريون وأكثر الكوفيين على أن قول الكسائي خطأ في هذا، وألزموه ألا يصرف أبناء وأسماء-وقال الأخفش-سعيد بن مسعدة- والفراء: أصلها أفْعِلاء كما تقول هَيْن و أهْوِناء، إلا أنه كان الأصل أشيئاء على وزن أشبعاع. فاجتمعت همزتان بينهما ألف، فحذفت الهمزة الأولى، وهذا غلط أيضاً؛ لأن شيئاً فَعْلٌ، وفَعْل لا يجمع على أفعلاء، فأما هين، فأصله أهين، فجمع على أفعلاء، كما يجمع فعيل على أفعلاء، مثل نصيب وأنصباء. وقال الخليل: (أشياء اسم للجميع كان أصله فعلاء: شيئاء، فستثقلت الهمزتان فقلبت الأولى إلى أول الكلمة فجعلت لفعاء، كما قالوا أنوق فقلبت أينق، كما قلبوا قوس فقالوا قِسِيّ. ويصدق قول الخليل جمعهم أشياء علي أشاوي، و أشاياه، وقول الخليل هو مذهب سيبويه، وأبي عثمان المازني وجميع البصريين إلا الزيادي منهم، فإنه كان يميل إلى قول الأخفش. وذكروا أن المازني ناظر الأخفش في هذا فقطع المازني الأخفش، وذلك أنه سأله: كيف تصغر (أشياء) فقال (أُشَيّاء)، فاعلم، ولو كانت أفعلاء لردت في التصغير إلى واحدها، فقيل شُيَيْئَات، وإجماع البصريين أن تصغير أصدقاء إذا كان للمؤنثات صُدَيِّقات، وإن كان للمذكرين صُديِّقون”.[34]
نلاحظ في هذه المسألة أن الزجاج اعترض على كل من الكسائي، و الأخفش، والفراء، والزيادي، ولو تتبعنا ما اعترض عليه الزجاج في مصدره لوجدنا الكسائي يقول في كلمة أشياء ما نصه” لم تتصرف أشياء لأنها أشبهت حمراء لأن العرب تقول في الجميع أشياوات، كما تقول حمراوات ولكثرة استعمالها ذهب الكسائي إلى أنها جمع شيء كبيت وأبيات، ووزنها عنده أفعال”.[35]
وعلى الرغم من أن الزجاج استعمل أصل القياس في هذه المسألة، فهي تعتبر من المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين وقد عدها ابن الأنباري في الإنصاف، قال فيها: ” ذهب الكوفيون إلى أن (أشياء) وزنه أفعاء، والأصل أفعلاء، وإليه ذهب أبو الحسن الأخفش من البصريين. وذهب بعض الكوفيين إلى أن وزنه أفعال. وذهب البصريون إلى أن وزنه لفعاء، والأصل فعلاء”.[36]
ومن الملاحظ أن البصريين- إجمالاً- اتفقوا على مذهب الخليل وسيبويه والمازني باستثناء الزيادي و الأخفش، وأما الكوفيون فقد اختلف قطبيهما وهما الفراء والكسائي في تحديد وزن (أشياء) ورد الفراء على الكسائي؛ لأنه اعتبر (أشياء) على وزن أفعال، كما أن ما ذهب إليه الفراء كان موضع رفض من المتقدمين والمتأخرين، والسبب في هذا الرفض أن احتجاجه كان على غير قياس، فقد ذكر أن (أشياء) جمعت على أفعلاء، وكان ينبغي أن تكون (أشياء) ولكن الهمزة حذفت من وسطها لكثرتها في الكلام وهذا ليس صحيحاً، لأن أفعلاء جمعه على وزن فعيل، وليس (فَعْل)، كما أن تصغير (أشياء) على (أشيَّاء)، ولو كان أفعلاء وزناً لوجب رده في التصغير إلى الواحد، وقد قالوا أن التصغير يرد الأشياء إلى أصلها.
وزن (فُعِّيل): ﴿ دُرِّىٌّ ﴾:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍۢ مُّبَٰرَكَةٍۢ زَيْتُونَةٍۢ ﴾ ]النور36 [وقف عند كلمة ﴿ دُرِّىٌّ ﴾ وفصّل فيها القول، وذكر أنه لا يجوز فيها ضم الدال مع الهمز، وحجته في ذلك أنه لا يوجد وزن على (فُعِّيل)، يقول الزجاج ما نصه: ” ولا يجوز أن يضم الدال ويُهمز، لأنه ليس في الكلام (فُعِّيلٌ)، ومثال (دُرِّيُّ) (فُعْلِيّ)، منسوب إلى الدُّرِّ، ومن كسر الدال قال دِرِّيٌّ فكان له أن يهمز أو لا يهمز، فمن همز أخذه من درأ يدرأ الكوكب إذا تدافع مُنْقضّا، فتضاعف ضوءه، يقال تدارأ الرَّجُلان إذا تدافعا، ويكون وزنه على (فِعِّيل). ومن كسرها فإنما أصله الهمز فخُفِّفَ، وبقيت كسرت الدال على أصلها، ووزنه أيضاً (فِعِّيل) كما كان وهو مهموز”.[37] فمن خلال كلام الزجاج يتضح أنه ينكر هذا الوزن وهو (فُعِّيل) وحجته في ذلك عدم ثبوت هذا الوزن في اللغة العربية، وهو بذلك يعترض على القائلين بهذا القول ولو لم يصرح بهذا الاعتراض صراحة، ولو تتبعنا آراء المعربين حول هذا الوزن لوجدنا منهم من يقول بهذا الوزن ومنهم سيبويه، إلا أنه حكم بقلته، يقول سيبويه ما نصه: ” ويكون على (فُعِّيل)، وهو قليل في الكلام، قالوا المُرِّيق، حدثنا أبو الخطاب عن العرب، وقالوا: كوكب دُرِّيّء، وهو صفة”.[38]
أيضاً من العلماء الذين أثبتوا هذا الوزن عند حديثهم عن هذه الآية، هو الكسائي، حيث يقول في كتابه ما نصه: ” في قراءة دُريء كوكب دُرِّيء، أي: مضيء، تقول: درأ النجم يدرأ درءاً إذا أضاء، والدّري: الذي يشبه الدر، والدِّري: جارٍ، والدَّري: يلتمع”.[39]
والذي يمال إليه في هذه المسألة وحول هذا الوزن، هو ثبوت هذا الوزن مع قلته، كما ذكر ذلك سيبويه، وقد جاءت بعض الألفاظ على هذا الوزن: منها: المُرِّيق،[40] والمُرِّيخ،[41] والعُلّية، والسُرّية، للأمة، والذرية على قول فيها، أضف إلى ذلك هي قراءة متواترة، وردُّ القراءة وتلحينها مزلق خطير، وطريق لا يسلك، وتوجيه القراءة أولى من ردِّها، ولهذه الأسباب السابقة الذكر لم يكن اعتراض الزجاج في محله على الرغم من استعماله أصل القياس الذي بنى عليه اعتراضه.
أصل ﴿ هَار ﴾:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَار﴾ ] التوبة109 [وقف الزجاج عند كلمة هار وفصل القول في تصريفها، واختار أنها مقلوبة، وأصلها هائر، مثلها مثل لاث، وأصلها: لائث، وشاكٍ أصلها: شائك، يقول الزجاج ما نصه: “…ومعنى ﴿هَار﴾ هائر، وهذا من المقلوب، كما قالوا في لاث الشيء إذا دار فهو لاثٍ، والأصل لائثٍ، وكما قالوا شاك السلاح وشائك، قال الشاعر:[42]
فَتَعَرَّفوني إنَّني أنا ذاكُمُ. . . شاكٍ سِلاحِي في الحوادِثِ مُعلِمُ
وكما قال العجاج: [43]لَاثٍ به الأشاءُ والعُبْريُّ
فالزجاج من خلال كلامه يتضح عنده أن أصلها: هائر من هاير أو هاور، ثم يقلب فيقال: هارٍ، مثل شاكٍ وشائك، فالأصل إذاً هاير أو هاور، ثم حدث في الكلمة قلب مكاني، فقدمت لا الكلمة على عينها، كما في (راء) فهو مقلوب من (رأى)، فصارت الكلمة (هارئ) ثم قلبت الهمزة ياء، لتطرفها أثر كسر، فقيل (هاري) ثم أعلت إعلال قاضٍ.
ولو تتبعنا آراء المعربين حول تصريف هذه الكلمة لوجدنا منهم من يقول غير هذا القول الذي اختاره الزجاج، فهذا الكسائي قال إنه يكون من ذوات الواو، ومن ذوات الياء، يقول الزجاج ما نصه: ” هارٍ أنه يكون من ذوات الواو ومن ذوات الياء، وأنه يقال: تهّور، وتهير”.[44]
والذي يتضح لي حول أصل هذه الكلمة هو ما ذهب إليه الزجاج، فقد بنى اعتراضه على السماع والقياس هذا أولاً، وثانياً أن هذه الكلمة مقلوبة، وأصلها هائر، ثم حدث فيها إعلال، والذي يؤيد هذا الكلام هو ورود نظائر له مثل: شاكٍ، ولاثٍ كما ذكر الزجاج.
الوقف علي ﴿ هَيْهَاتَ ﴾:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ﴾ ] المؤمنون 36 [وقف عند كلمة ﴿ هَيْهَاتَ ﴾ وفصل القول عند الوقف عليها باعتبار حركة التاء، واختار من هذا التفصيل الوقف عليها بالهاء، وذلك إذا كانت التاء مفتوحة، وهي حينئذ مفردة، يقول الزجاج في كتابه ما نصه: “… فأما الفتح فالوقف فيها بالهاء، تقول هَيْهَاه هَيْهًاهْ- إذا فتحت ووقفت بعد الفتح، فإذا وقفت على التاء سواء عليك كنت تنونُ في الأصل أو كنت ممن لا ينونُ” .[45] فهذا الوجه الذي اختاره الزجاج وهو الوقف عليها بالهاء، وذلك إذا كانت التاء مفتوحة، وهو مذهب سيبويه[46] وجمهور العلماء، ووافقهم الكسائي.[47]
والوجه الآخر وهو ما يتبناه الفراء، وهو مخالف لما ذهب إليه البصريون ومعهم الكسائي، وهذا الوجه يرى أن الوقف عليها بالتاء حيث يقول الفراء ما نصه: ” فإذا وقفت على هيهات وقفت بالتاء في كلتيهما لأن من العرب من يخفض التاء، فدل ذلك على إنها ليست بهاء التأنيث، فصارت بمنزلة دراكِ ونظارِ “.[48]
ولم يكتفِ الفراء في كونه اختار الوقف عليها بالتاء بل اعترض على الكسائي في اختياره الوقف عليها بالهاء وصرح بذلك صراحة بقوله: ” واختار الكسائي الهاء، وأنا أقف على التاء “.[49]
فالزجاج وإن لم يصرح باعتراضه على الفراء إلا إنه يعترض عليه ضمناً وخاصة وإن الفراء اختار الوقف بالتاء، وذكر اسم الكسائي لأنه اختار الوقف عليها بالهاء، والذي أميل إليه- وإن كانت المسألة خلافية- هو ما ذهب إليه الفراء، لأنه الأصل في هذه الكلمة، وجلب الهاء لا داعي له، أضف على ذلك أن في هذه اللفظة ما يقارب عن أربعين لغة، منها المشهور، ومنها دون ذلك، فالمشهور منها: هيهاتَ بفتح التاء، من غير تنوين، وهيهاتاً بالفتح والتنوين، وهيهاتٌ بالضم والتنوين، وهيهاتُ بالضم من غير تنوين، وهيهاتٍ بالكسر والتنوين، وهيهاتِ بالكسر من غير تنوين، وهيهاتْ بإسكان التاء، وهيهاه بالهاء آخراً وصلاً ووقفاً، وأيهات بإبدال الهاء همزة مع فتح التاء، فهذه تسع لغات قُرأ بهن ولم يتواثر منها غير الأولى.[50]
الوقف على ﴿ اللَّاتَ ﴾
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰﱠ ﴾] النجم19 [وقف عند كلمة﴿ اللَّاتَ ﴾ وفصل في كيفية الوقف عليها، واختار أن يكون الوقف فيها على التاء، يقول الزجاج ما نصه: “…والأكثر(اللات) بتخفيف التاء. وكان الكسائي يقف عليها بالهاء، يقول:(اللاه) وهذا قياس، والأجود في هذا إتباع المصحف والوقف عليها بالتاء”.[51] فيتضح من كلام الزجاج أنه يختار الوقف على(اللات) بالتاء مراعاة للمصحف، ويقول بأنه الأجود، ويخالف الكسائي ويعترض عليه بذكر اسمه، ولو تتبعنا هذا القول في مصدره لوجدنا الكسائي يقول ما نصه: ” الوقوف عليه اللاه “.[52] وقد نقل الفراء قول الكسائي، وذكر أنه يقف عليها بالتاء.[53]
واللات اسم مؤنث بتاء التأنيث هذا لمن جعلها للتأنيث، لأن البعض جعلها أصلية، فالاسم المؤنث بتاء التأنيث يوقف عليها بالهاء، مثال ذلك: فاطمه بهاء دون تاء، ويستثنى من ذلك إذا اتصلت بساكن صحيح، فإنه يوقف عليها بالتاء نحو: بنت وأخت، ولهذا قال الزجاج عن قول الكسائي في الوقف عليها (اللاه) أنه هو القياس، ولكن جمهور العلماء يقفون عليها بالتاء مراعاة لرسم المصحف، ومنهم الفراء، وهذا الذي اختاره الزجاج، غير أن هناك بعض العرب يقف على تاء التأنيث بالتاء مطلقاً فيقولون: طلحة: طلحت، وفي البقرة: بقرت.[54]
والذي يمال إليه في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الزجاج، مراعاة للمصحف، وكذلك أكثر العلماء يقفون عليها بالتاء، ولم يخالف هذا الوقف إلا الكسائي، فالزجاج قد بنى اعتراضه على السماع.
الوقف على ﴿ وَّلَاتَ ﴾:
عند وصول الزجاج إلى إعراب قوله عز وجل: ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾ ] ص3 [وقف على كلمة ﴿ وَّلَاتَ﴾ وفصل فيها القول من جهة الوقف، واختار أن يكون الوقف عليها بالتاء، وقال إنها تشبه تاء الفعل في مثل: دَهَبَتْ وجَلَسَتْ، يقول الزجاج ما نصه: “… والوقف عليها﴿ وَّلَاتَ ﴾ بالتاء، والكسائي يقف بالهاء (ولاه) لأنه يجعلها هاء التأنيث. وحقيقة الوقف عليها بالتاء، وهذه التاء نظيرة التاء في الفعل في قولك ذَهَبَتْ وجَلَسَتْ”.[55]
فالزجاج اختار الوقف على لات بالتاء، وهذا هو مذهب جمهور البصريين وعلى رأسهم سيبويه، وخالف رأي الكسائي واعترض عليه لأنه يقول بأن الوقف عليها يكون بالهاء، والزجاج يرى الحقيقة هي في الوقف عليها بالتاء، يقول الكسائي في كتابه ما نصه: ” كان الكسائي يذهب إلى أن التاء منقطعة من حين ويقول معناها وليست، ويقف عليها بالهاء”.[56]
ونقل الفراء أيضاً بأن الكسائي يقف على ﴿ وَّلَاتَ ﴾ بالهاء، والفراء يقف عليها بالتاء.[57] فالزجاج اختار الوقف عليها بالتاء لأن التأنيث فيها يرجع إلى التأنيث الداخل على الأفعال، ف(لا) بمعنى ليس، ولات بمنزلة ليست، ويوقف على ليست بالتاء، فكذلك لات، كما أن في الوقف بالتاء إتباع لخط المصحف. والكسائي يرى أن التاء في لات للتأنيث، وتاء التأنيث يوقف عليها بالهاء في المشهور. والذي أراه ما اختاره الزجاج في الوقف عليها بالتاء، مراعاة للمصحف، وهو المشهور عند العرب وجماهير القراء السبعة.[58]
والذي أراه أن الزجاج كان مصيباً في اعتراضه؛ لأن الحركة لا تفرق بين الوقف بالهاء أو بالتاء، ويؤيد ما ذهبت إليه قول النحاس حول الوقف على﴿ أبت﴾ حيث يقول: ” وزعم الفراء أنه إذا قال: يا أبتِ فكسر وقف على التاء لا غير؛ لأن الياء في النية. وزعم أبو إسحاق: أن هذا خطأ، والحق ما قال. كيف تكون في النية وليس يقال: يا أبتا”.[59] فالزجاج اعتمد في اعتراضه على المسموع من كلام العرب.
الماضي من﴿ يَوَدّ ﴾:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ ]البقرة96 [ وقف الزجاج عند كلمة (يودُّ) وفصل فيها القول، وذكر أن الماضي من هذا الفعل يكون على (ودِدْتُّ) بكسر الدال الأولى واعترض على قول القائلين بأنه على (يودُّ) يقول الزجاج ما نصه:”….وتقول في يود: وددت الرجل أوده وُدًّا، أو وِداداً، وموَدة وودادة، وحكى الكسائي وَددتُ الرجل والذي يعرفه جميع الناس ودِدْتُه، ولم يحك إلا ما سمع إلا أنه سمع ممن لا يجب أن يؤخذ بلغته، لأن الإجماع يبطل ودَدْت، أعني الإجماع في قولهم أودُّ”.[60] فنلاحظ أن الزجاج اعترضه على قول الكسائي ورد قوله، فهو يرى أن ماضي (يودُّ) (وَدَدتُ)، واتهمه بأنه قد سمعها ممن لا يجب أن يؤخذ بلغته، كما أنه أيد حجته بالإجماع على تصحيح أوَدُّ، و الإجماع يبطل وَدَدْت.
ولو رجعنا إلى كتاب الكسائي في هذا الموضع عند إعرابه لهذه الآية لوجدنا أن الزجاج محقاً فيما ذكره، يقول الكسائي “ودَدت بفتحها”.[61]
والذي أراه في هذه المسألة أن الزجاج محقاً فيما ذهب إليه وحجته في ذلك السماع والقياس بالإضافة أن من ذكرها بالفتح قد سمعها ممن لا يوثق بعربيته، والفصيح أنها تكون بالكسر وهذا ماسُمِعَ، وهو الكثير المستعمل.
معنى الفوم: ﱡ وَفُومِهَا ﱠ:
عند إعراب الزجاج لقوله تعالى: ﴿ إِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا﴾ ] البقرة61 [وقف عند معنى (الفوم) وقال أن الفوم الحنطة، واعترض على قول القائلين الذين قالوا إن الفوم بمعني الثوم، ودلل على ما اعترض عليه من سياق معنى الآية يقول الزجاج ما نصه:”…وفومها: الفوم الحنطة، ويقال الحبوب وقال بعض النحويين إنه يجوز عنده الفوم ههنا الثوم، وهذا مالا يعرف أن الفوم الثوم، وههنا ما يقطع هذا. محالٌ أن يطلب الثوم طعاماً لا بُرَّ فيه، والبُرُّ أصل الغداء كله، ويقال فوموا لنا، أي أخبزوا لنا. ولا خلاف عند أهل اللغة أن الفوم الحنطة، وسائر الحبوب التي تخبز يلحقها اسم الفوم”.[62]
فمن خلال استقراء كلام الزجاج نلاحظ أنه حاول أن يثبت قاعدة دلالية وهى: أن معنى الفوم في اللغة (الحنطة) وأكد ذلك بقول العرب فوموا لنا، أي: أخبزوا لنا، كما أنه نفى أن تكون من إبدال الثاء بالفاء، وقد جاء الفوم في المعجمات بمعنى: الحنطة، أو سائر الحبوب.[63]
فالزجاج كما لاحظنا اعترض على من قال أن الفوم هنا بمعنى الثوم، ودلل على اعتراضه بالمسموع من كلام العرب، كما أنه اعترض على أنها تكون من إبدال التاء فاء، ولكنه لم يذكر اسم المعترض عليه، وبالرجوع إلى معربي القرآن نجد منهم من يقول بهذا الكلام، ومن القائلين بهذا القول الكسائي حيث يقول ما نصه:” هو الثوم أبدلت التاء فاء كما قالوا في مغفور مغثور، وفي جدث جدف، وفي عاثور عافور”.[64]
فمن خلال تتبع كلام المعترض عليهم تتبين قوة حجة الزجاج فيما ذهب إليه في هذا المعنى اللغوي فقد عضد حجته بكلام العرب وهو ما لم يذكره كثير من المعربين، فالاستعمال اللغوي لهذه الكلمة هو الذي بين معناها الدقيق.
الخلاصة:
1. الزجاج إمام من أئمة اللغة، وعلم من أعلامها الكبار، ويعد كتابه ” معاني القرآن وإعرابه ” من أهم مصنفاته، وجمع فيها جل آرائه؛ ولذا حظي باهتمام العلماء والدارسين في زمنه وبعد زمنه.
2. الزجاج كان منصفاً في اعتراضه، فقد شملت الاعتراضات- في كتابه- البصريين والكوفيين على السواء، وذلك حسب منهجه الذي سار عليه.
3. يقوم الزجاج بذكر اسم المعترض عليه تارة، وأحياناً لا يقوم بذكر اسمه، وإنما ينقل كلامه فقط، وأحياناً أخرى يلمح تلميحاً على المعترض عليه.
4. يقوم الزجاج بالاستشهاد بالقرآن الكريم وقراءاته، والشواهد الشعرية، وبلغات العرب، وذلك لاعتماده على الأصول النحوية في اعتراضه.
5. الزجاج يميل كثيراً إلى مدرسته البصرية، إلا أنه اعترض في بعض الأحيان على آراء منتسبيها، فكان له رأيه الخاص في المسائل التي خالفهم فيها.
6. كان للزجاج شخصيته الواضحة الجلية، وهذه الشخصية نتاج تتلمذه على أكبر علماء عصره من المدرستين البصرية والكوفية، فكان يقطف من كل بستانٍ زهرة، فكان هذا له أثر جليٌّ في كتابه أولاً، وكذلك في العلماء الذين جاءوا من بعده وأخذوا من علمه ونقلوا عنه.
7. لم يكن الزجاج متصيدا للأخطاء، ولا متتبعاً للزلات، بل كان غرضه الوصول إلى الصواب، باحثاً عنه ما وسعه ذلك، مسانداً لاعتراضه بالأدلة والبراهين.
8. كان الزجاج كثيرا ما يتجه إلى الإيجاز في عباراته أثناء اعتراضه على كلام المعربين، وأحياناً قليلة يذكر اسم المعترض عليه مع كلامه، ولهذا كان لابد من بيان ما أوجز، وتفصيل ما أجمل، والتحقق من ما ذكر.
قائمة المصادر والمراجع:
القرآن الكريم
ابن جني. أبو الفتح عثمان. 2000م..سر صناعة الإعراب. تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل وأحمد رشدي شحاته عامر. بيروت لبنان: دار الكتب العلمية.
ابن خلكان. أحمد بن محمد بن أبي بكر.1972م. وفيات الأعيان وأنباه أنباء الزمان. تحقيق إحسان عباس. الناشر. بيروت لبنان: دار صابر.
ابن دريد. أبوبكر محمد بن الحسن.1987م.كتاب جمهرة اللغة. تحقيق: رمزي منير بعلبكي. بيروت لبنان: دار العلم للملايين. ط2.
ابن عصفور. علي بن المؤمن المعروف بابن عصفور. 1998م، المقرب. تحقيق أحمد عبد الموجود. وعلي محمد عوض. بيروت لبنان: دار الكتب العلمية. ط1.
ابن منظور. محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري. د. ت. لسان العرب. دار صادر. بيروت لبنان. ط1.
ابن يعيش. موفق الدين بن يعيش. د.ت. شرح المفصل. بيروت: عالم الكتب.
أبو حيان. محمد بن يوسف، 1993م. تفسير البحر المحيط. تحقيق: عادل أحمد عبد الجواد، والشيخ: علي محمد معوض. دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
أبو عبيدة. معمر بن المتنى التميمي. د. ت. مجاز القرآن. تحقيق. محمد فؤاد سزكين. القاهرة مصر: مكتبة الخانجي.
الأزهري. أبو منصور محمد بن أحمد. 2001م. تهذيب اللغة. تحقيق محمد عوض مرعب. بيروت لبنان .ط1.
الأعشى. ميمون بن قيس1983م. ديوان الأعشى الكبير. تحقيق محمد حسين. بيروت: مؤسسة الرسالة. ط7.
الأنباري. أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن.1980م. البيان في غريب إعراب القرآن. تحقيق طه عبد الحميد طه. الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ثعلب. أبو العباس احمد بن يحي.2010م. معاني القرآن. تحقيق شاكر نتيش الأسدي. العراق: مطبعة الناصرية العراق. ط1.
الحلبي. السمين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم1996م. عمدة الحفاظ. الدر المصون في علوم الكتاب المكنون. تحقيق محمد باسل عيون السود. ط1،بيروت لبنان: دار الكتب العلمية.
الرضي. محمد بن الحسن الرضي الاسترابادي ابن الحاجب.1975م. شرح الرضي على الشافي. تحقيق: محمد نور الحسن. دار الكتب العلمية بيروت. لبنان.
الزجاج. أبو إسحاق إبراهيم بن السري1971م. ما ينصرف وما لا ينصرف. تحقيق هدى محمود قراعة. القاهرة.
السعدي. المخيل السعدي. د. ت. ديوان المخيل السعدي. صنعه حاتم الضامن.
سيبويه. أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر.1988م. الكتاب. كتاب سيبويه. تحقيق وشرح عبد السلام هارون. ط3. القاهرة: مكتبة الخانجي.
السيوطي. جلال الدين. المزهر في علوم اللغة وأنواعه. د.ت. تحقيق محمد أحمد جار المولى. ومحمد أبو الفضل إبراهيم. و علي محمد البجاوي. بيروت لبنان: المكتبة العصرية.
الفراء. أبو زكريا يحي بن زياد الفراء1983م. معاني القرآن. دار الكتب. بيروت لبنان. ط3.
الفراهيدي. أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد2002م. كتاب العين تحقيق عبد الحميد هنداوي. ط1، بيروت لبنان: دار الكتب العلمية.
القرطبي. محمد بن أحمد الأنصاري2006م. الجامع لأحكام القرآن. تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي. الناشر: مؤسسة الرسالة.
القميشان. ناصر محمد عبدالله. 2009م. الاعتراض النحوي عند ابن مالك واجتهاداته. دار الكتب الوطنية: أبو ظبي.
الكسائي. أبو حمزة الكسائي1998م. معاني القرآن. تحقيق عيسى شحاته عيسى. القاهرة: دار قباء.
المبرد. أبو العباس محمد بن يزيد المبرد.1996م. المقتضب. تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة. بيروت: عالم الكتب.
النحاس. أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل2008م . إعراب القرآن. اعتنى به: الشيخ خالد العلي. ط2. بيروت لبنان: دار المعرفة.
الهوامش:
- القميشان: ص13. ناصر محمد عبدالله. (2009م). الاعتراض النحوي عند ابن مالك واجتهاداته. دار الكتب الوطنية: أبو ظبي. ↑
- السعدي: ص294، يهجو الزبرقان بن بدر_ وهو حصين وقومه يعرفون بالجذاع، السعدي. المخيل السعدي. د. ت. ديوان المخيل السعدي. صنعه حاتم الضامن. ↑
- الزجاج: 4/309. الزجاج. أبو إسحاق إبراهيم بن السري2005م. ما ينصرف وما لا ينصرف. تحقيق هدى محمود قراعة. القاهرة. ↑
- الكسائي : ص220. الكسائي. أبو حمزة الكسائي1998م. معاني القرآن. تحقيق عيسى شحاته عيسى. القاهرة: دار قباء. ↑
- الفراء: 2/389. الفراء. أبو زكريا يحي بن زياد الفراء1983م. معاني القرآن. دار الكتب. بيروت لبنان. ط3. ↑
- ثعلب: ص182. ثعلب. أبو العباس احمد بن يحي.2010م. معاني القرآن. تحقيق شاكر نتيش الأسدي. العراق: مطبعة الناصرية العراق. ط1. ↑
- الزجاج: 1/89. ↑
- الزجاج : 1/91،92. ↑
- الكسائي: ص63. ↑
- النحاس: 1/192. النحاس. أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل2008م . إعراب القرآن. اعتنى به: الشيخ خالد العلي. ط2. بيروت لبنان: دار المعرفة. ↑
- الأنباري :1/59. الأنباري. أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن.1980م. البيان في غريب إعراب القرآن. تحقيق طه عبد الحميد طه. الهيئة المصرية العامة للكتاب. ↑
- سيبويه : 4/331. سيبويه. أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر.1988م. الكتاب. كتاب سيبويه. تحقيق وشرح عبد السلام هارون. ط3. القاهرة: مكتبة الخانجي. ↑
- الزجاج: 1/66. ↑
- الكسائي: 1/96. ↑
- الزجاج : 1/398. ↑
- سيبويه: 4/448. ↑
- المبرد: 1/212. المبرد. أبو العباس محمد بن يزيد المبرد.1996م. المقتضب. تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة. بيروت: عالم الكتب. ↑
- ابن جني. أبو الفتح عثمان. 2000م..سر صناعة الإعراب. تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل وأحمد رشدي شحاته عامر. بيروت لبنان: دار الكتب العلمية: ص192،193. ↑
- ابن عصفور: ص366. ابن عصفور. علي بن المؤمن المعروف بابن عصفور. 1998م، المقرب. تحقيق أحمد عبد الموجود. وعلي محمد عوض. بيروت لبنان: دار الكتب العلمية. ط1. ↑
- الرضي: 3/274. الرضي. محمد بن الحسن الرضي الاسترابادي ابن الحاجب.1975م. شرح الرضي على الشافي. تحقيق: محمد نور الحسن. دار الكتب العلمية بيروت. لبنان. ↑
- ابن خلكان: 3/466. ابن خلكان. أحمد بن محمد بن أبي بكر.1972م. وفيات الأعيان وأنباه أنباء الزمان. تحقيق إحسان عباس. الناشر. بيروت لبنان: دار صابر. ↑
- ابن عصفور، 1996م: ص458. ↑
- أبو حيان : 2/378. أبو حيان. محمد بن يوسف، 1993م. تفسير البحر المحيط. تحقيق: عادل أحمد عبد الجواد، والشيخ: علي محمد معوض. دار الكتب العلمية بيروت لبنان. ↑
- الحلبي : 2/69. الحلبي. السمين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم1996م. عمدة الحفاظ. الدر المصون في علوم الكتاب المكنون. تحقيق محمد باسل عيون السود. ط1،بيروت لبنان: دار الكتب العلمية. ↑
- السيوطي : 3/449. السيوطي. جلال الدين. المزهر في علوم اللغة وأنواعه. د.ت. تحقيق محمد أحمد جار المولى. ومحمد أبو الفضل إبراهيم. و علي محمد البجاوي. بيروت لبنان: المكتبة العصرية. ↑
- الزجاج : 2/82. ↑
- الكسائي : ص116. ↑
- ابن يعيش : 5/547. ابن يعيش. موفق الدين بن يعيش. د.ت. شرح المفصل. بيروت: عالم الكتب. ↑
- البيت من الطويل، ولم اهتد إلى قائله، وهو من شواهد الفراء: 3/355. ↑
- البيت من مجزوء الكامل، وهو للأعشى، 1983م . الأعشى. ميمون بن قيس1983م. ديوان الأعشى الكبير. تحقيق محمد حسين. بيروت: مؤسسة الرسالة. ط7. ↑
- الزجاج : 5/274. ↑
- الكسائي : ص250. ↑
- الفراء : 3/229. ↑
- الزجاج : 2/212، 213. ↑
- الكسائي : ص127. ↑
- الأنباري : 2/218، وما بعدها. ↑
- الزجاج : 4/44. ↑
- سيبويه : 4/ 268. ↑
- الكسائي : ص203. ↑
- المُرِّيق: هو حب العصفور أو شحمه، ابن منظور، د ت: (م ر ق). ابن منظور. محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري. د. ت. لسان العرب. دار صادر. بيروت لبنان. ط1. ↑
- المُرِّيخ: هو الشجر الرقيق اللين: ابن منظور، د ت: ( م ر خ ). ↑
- البيت من الكامل، وهو لطريف بنتميم العبري، من الشعراء الفرسان الجاهليين، والبيت في ابن منظور، د ت (علم)، عبد الملك. أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك. د.ت. الأصمعيات. تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر. وعبد السلام هارون. مصر: دار المعارف مصر. ط5::ص128، وسيبويه، 1988م:3/129. ↑
- البيت في القرطبي، 2006م:8/238، القرطبي. محمد بن أحمد الأنصاري2006م. الجامع لأحكام القرآن. تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي. الناشر: مؤسسة الرسالة. وأبي عبيدة:، د ت 1/219، أبو عبيدة. معمر بن المتنى التميمي. د. ت. مجاز القرآن. تحقيق. محمد فؤاد سزكين. القاهرة مصر: مكتبة الخانجي.
وابن منظور، د ت: (عبر_لئى). ↑
- الكسائي : ص157. ↑
- الزجاج : 4/12. ↑
- سيبويه : 3/291. ↑
- الكسائي : ص201. ↑
- الفراء : 2/235. ↑
- الفراء : 2/236. ↑
- الزجاج : 4/12. ↑
- الزجاج : 5/73. ↑
- الكسائي : ص238. ↑
- الفراء : 3/97. ↑
- سيبويه : 4/167. ↑
- الزجاج : 4/220. ↑
- الكسائي : ص221. ↑
- الفراء : 2/398. ↑
- الحلبي : 1/5027. ↑
- النحاس : 2/310، 311. ↑
- الزجاج : 1/178،179. ↑
- الكسائي : ص76. ↑
- الزجاج :1/143. ↑
- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد2002م. كتاب العين تحقيق عبد الحميد هنداوي. ط1، بيروت لبنان: دار الكتب العلمية.(فوم): 8/405، وابن دريد، 1987م:(فمو): 2/972، ابن دريد. أبوبكر محمد بن الحسن.1987م.كتاب جمهرة اللغة. تحقيق: رمزي منير بعلبكي. بيروت لبنان: دار العلم للملايين. ط2. والأزهري، 2001م(فام): 15/412، الأزهري. أبو منصور محمد بن أحمد. 2001م. تهذيب اللغة. تحقيق محمد عوض مرعب. بيروت لبنان .ط1. ابن فارس. أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي أبو حسن. معجم مقاييس اللغة. تحقيق عبد السلام هارون. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. (فوم): 4/462. ↑
-
الكسائي، 1998م: ص72. ↑