ماجـد عبدالله بعيجان البقمي1
1 جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية
HNSJ, 2022, 3(6); https://doi.org/10.53796/hnsj363
تاريخ النشر: 01/06/2022م تاريخ القبول: 22/03/2022م
المستخلص
تحمل هذه الدراسة عنوان: خصائص لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين وقد عمل الباحث على إحدى عشر نموذجاً من التعاميم الإدارية – الموجه من إدارة تعليم الطائف – دراسة تحليلية، حيث قسمت إلى: مقدمة، وتمهيد، وفصلين، كل فصل منهما مبحثين، وخاتمة ومستخلص ذلك ما يلي:
حيث كثرت وتعددت التوجهات – التي حاولت تعريف الخطاب وبيان مفهومه – في التراث العربي۔ فنجد من ضمن التعابير: يقال هذا الخطاب لفلان: أي (الرسالة)، وأيضاً يعبر به عن (الخُطبة) التي يلقيها الخطيب في المواعظ وغيره، والخطاب لغة: مصدر من الفعل الثلاثي (خطب) المكون من الأصل الثلاثي (خ. ط. ب)، أحدهما الكلامُ بين اثنين، يقال خاطبهُ يُخاطبه خطابًا۔ واصطلاحاً فالخطاب عبارة عن نشاط كلاميّ موجود في ظروف اجتماعية، وثقافية، وسياسية، ودينية وغير ذلك يقوم بأداء مهمة معينة، لذلك يُعدُّ بنية معقدة من أنظمة متداخلة۔ وبذلك تبين أن حدود الخطاب يحددها إنجازه لما سيق له، بين مخاطَب ومخاطِب۔ وبناء عليه يمكن تعريف الخطاب الإداري بأنه: مجموعة الخطابات التي يتم إنتاجها داخل المؤسسات الإدارية؛ إذًا تحليل الخطاب عبارة عن عملية فكّ البنية الخطابية إلى عناصرها، والكشف عن نمط الخطاب من خلال عناصره التكوينية۔ ومن التحليل اتضح بأن توجيهية خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين الإداريين وعدم وصفيتها أدى إلى زيادة ورود الأسماء حيث بلغت (1024) وبخاصة التي تُشير إلى الذوات والأشياء، وهي الأسماء المحضة۔ أما تردد عدد الأفعال فبلغت (76) وهذا يوحي بمدى اتسام لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين بالوظيفة التوجيهية الفئوية. وبلغ تردد المتممات أو الأدوات (525) ما بين حروف للجر وللاستئناف وللعطف وحروف التحقيق والمصدرية وكذلك الأسماء المبنية التي ضُمت للأدوات أثناء الجرد۔ توجيهية الخطاب الإداريّ أدى إلى ارتفاع نسبة الجمل الفعلية على نسبة الجمل الاسمية وخاصة ما كان في سياق الدعاء وهو نوع من الخطاب التقديري والاحترامي من المؤسسة إلى موظفيها، كذلك اعتماد لغة الخطاب الإداري على الجمل الطوال، وذلك الطول يكون نتيجة تعدد المتممات؛ للتخصيص والتوضيح والتقييد وبيان سبب التوجيه. واتسمت لغة الخطاب الإداري بالطابع المؤسساتيّ، ويظهر ذلك من جملة التوقيع في نهاية كل خطاب.
Characteristics of the language of administrative circulars for educational supervisors (structural characteristics of sentences)
Majed Abdullah Baeijan Al-Baqmi1
1 Umm Al-Qura University, Kingdom of Saudi Arabia
HNSJ, 2022, 3(6); https://doi.org/10.53796/hnsj363
Published at 01/06/2022 Accepted at 22/03/2021
Abstract
This study is entitled: Characteristics of the language of administrative circulars for educational supervisors, – Directed by the Taif Education Department – an analytical study. The study was divided into: an introduction, a preface, and two chapters, each chapter has two topics, and a conclusion. And the Summary of the search is the following:
There have been many and many trends – which tried to define the discourse and explain its concept – in the Arab heritage, We find among the expressions: This discourse is said to so-and-so: i.e. (the message). It also expresses the (sermon) delivered by the speaker in sermons and others. The word (discourse) linguistically is: a source from the triple verb which means (give a speech) consisting of a triple origin. One of them is talking between two people. Talked to, talk to, a speech. Technically speaking, discourse is a verbal activity that exists in social, cultural, political, religious and other conditions that performs a specific task. Therefore, it is a complex structure of overlapping systems. Thus, it became clear that the limits of the discourse are determined by the achievement of what was intended for it, between the sender and receiver. Accordingly, the administrative discourse can be defined as: the group of discourses that are produced within the administrative institutions. So, discourse analysis is the process of decoding the discourse structure into its elements, and revealing the pattern of the discourse through its formative elements. From the analysis, it became clear that the directiveness of the letters of the administrative circulars of the administrative supervisors and their non-descriptiveness led to an increase in the number of names, reaching (1024), especially those referring to selves and things. They are pure names. As for the repetition of the number of verbs, it reached (76), and this indicates the extent to which the language of administrative circulars for educational supervisors is characterized by the categorical directive function. The repetition of complements or tools reached (525) between the letters of preposition, continuation, conjunctions, verify and infinitive letters, as well as the built-in nouns that were combined with the tools during inventory. The directiveness of the administrative discourse led to an increase in the percentage of phrasal sentences over the percentage of nominal sentences, especially in the context of supplication, which is a kind of appreciation and respect letter from the institution to its employees. Likewise, the language of administrative discourse depends on long sentences, and that length is the result of the multiplicity of complements. For customization, clarification, restriction and reasoning for guidance. The language of the administrative discourse was institutionalized, as evidenced by the signature sentence at the end of each letter.
الحمد لله وكفى، الذي علم بالقلم، وخلقنا من العدم، وأنار عقولنا، وهيأ لنا من العلم والبحث مايجعلنا نتفكر في خلقه وعظمته، وصلى الله وسلم على نبينا الذي اختاره ربه ليكون خير البشر وخاتم الأنبياء والمرسلين، وأنزل عليه الهدى بلسان عربي مبين۔
فقد أسهمت الكتابة بكل أنواعها في التفاعل والتعبير عن الأفكار بين الأشخاص؛ وهي وسيلة لإيصال اللغة التي عرّفها ابن جني “بأنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم([1])”
وتعتبر الخطابات الإدارية (التعاميم) وسيلة مهمة لتوجيه الموظفين في أي مؤسسة ، بإيصال معلومة مكتوبة من طرف القيادة إلى جميع الأطراف ذات العلاقة والارتباط۔
وقد عُرّف مفهوم الخطاب بأنه “مرادف للكلام أي الإنجاز الفعلي للغة بمعنى اللغة في طور العمل أو اللسان الذي تنجزه ذات معينة كما أنه يتكون من متتالية تشكل مرسلة لها بداية ونهاية”([2]).
“ويتكون من وحدة لغوية قوامها سلسلة من الجمل، أي رسالة أو مقول([3]) وهو«نص يكتبه كاتبه إلى شخص آخر… ويتضمن الخطاب أخباراً تعني الطرفين. وكانت الخطابات في البدء موجزة، ثم أسهب بها الكتاب حتى غدت فناً قائماً بذاته، يعتني به كاتبه. وقد يكتب المرء خطابه شعراً. لكن الأشهر أن يكون الخطاب نثراً»”([4])۔
ومما لاشك فيه تعتبر التعاميم الإدارية (الخطاب) الأداة المتوفرة والمتعارف عليها تقليدياً كوسيلة اتصال رسمية لتسليم المعلومة أو البيانات ضمن حدود الإدارة الواحدة.
وحيث إن لدى الباحث ارتباط وثيق بتلك التعاميم الإدارية, أراد في هذه الدراسة التحليل والكشف عن أهم خصائص لغة التعاميم الإدارية الموجهة للمشرفين التربويين من إدارة التعليم بمحافظة الطائف، خلال الفصل الدراسي الثاني لعام 1442هـ – خلال الفترة من 4/6 إلى 15/8 – من ناحية احتوائها على مفردات معينة في الحقل الصرفي والتركيبي والمضمون الدلالي, حيث سيتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي مع التوسل بالإحصاء ؛ ليكون الوصف أكثر دقة وضبطا وموضوعية بعيدا عن ذاتية الباحث أو النظرة المعيارية الذاتية.
واختارت هذه الدراسة علم اللغة التطبيقي ليكون الجانب الأساس؛ فهي تقدم وصفا لقضية لغوية هي خصائص لغة التعاميم، بوصفها لغة خاصة لإحدى فئات المجتمع الوظيفي, ولها معجمها الخاص وتراكيبها المتميزة بتكرار أنماط معينة، سندرسها من خلال الإحصاء والتحليل اللغوي الإحصائي الذي ينتهي بوصف البصمة اللغوية والدلالية لهذه المدونة اللغوية.
ونهدف من ذلك إلى وصف, وتحليل تلك المدونة, والكشف عن خصائص التراكيب اللغوية الخاصة بها، بالإضافة إلى بيان مدى ملاءمة مفرداتها لغوياً لموضوعها۔ ولكنني هنا في هذا المبحث سأركز على الخصائص التركيبية للجمل ( الأفعال )۔
وبعد البحث والتقصي، وجد الباحث بأن هناك عدة دراسات سابقة تقاطعت مع بحثه حيث كتبت في دراسة الخطابات بأشكالها ومنها السياسية، والوظيفية وغيرها، ولكنها اختلفت مع الدراسة الحالية في عدة نقاط وأهداف .
ومن تلك الدراسات:
1 – بناء الجملة في الخطاب الإداري المكتوب المكاتبات أنموذجًا “دراسة بلاغية تحليلية” د. محمد بن سعيد اللويمي، قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي – كلية اللغة العربيةجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. عبارة عن بحث علمي؛ يتجه هذا البحث إلى أحد أبرزأنواع الخطاب غيرالأدبي وهوالخطاب الإداري -المكاتبات نموذجًا- من خلال دراسة معالم بناء الجملة في هذا النوع من الكتابة، وأبرز جوانب البلاغة المؤثرة في هذا البناء.
وكان البحث في تلك الدراسة على ثلاثة أجزاء، تطرّق أولها لمتطلبات بناء الجملة في هذا الخطاب، وتطـرّق هـذا الجـزء للدقة الدلالية والوضوح، والجـزء الثـاني مـن البحـث عـن التـأثيرات الدلاليـة لعناصـر بنـاء الجملـة، وتـضمن مباحث هي الاسمية والفعلية، والتقديم، والحذف، والتعريـف بـأل وبالموصـول، والـصفة، أمـا الجـزء الثالـث من البحث فاختص بدراسة الجمل الجاهزة، متناولاً، أهميتها, وأنواعها، وخطورتها.
2 – اللغة العربية في الأنظمة السعودية، د۔ حسناء بنت عبدالعزيز، دراسة تحليلية من إصدار مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، ونشرتها الباحثة في جريدة الرياض يوم الأحد 13 رمضان 1442هـ مختصرة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية۔
حيث تحدثت تلك الدراسة عن دور الدولة أعزها الله في الاهتمام بالجانب اللغوي ودعم اللغة العربية في بعض المؤسسات الحكومية، حيث لاحظ الباحث (أخطاء لغوية عدة في بعض المكاتبات (الخطابات) الحكومية وغيرها؛ والسبب يرجع إلى عدم تنفيذ قرارات الدولة التي تنص على تطبيق قواعد اللغة العربية أثناء الخطابات الرسمية).
3 – “السياسة اللغوية السعودية”، د۔ محمود عبدالله المحمود۔ بحث في مجلة جامعة الملك عبدالعزيز، الناشر: جامعة الملك عبدالعزيز، مج 28، ع13، عام 2020 م۔ حيث تطرق لبعض الخطابات الرسمية الصادرة من مؤسسات حكومية، تحليل ودراسة۔ وبينت الدراسة وجود أيديولوجيات اجتماعية وثقافية ولغوية داعمة للغة العربية؛ كالنظر لها بوصفها مكوناً أساسياً للكيان السياسي، وجزءًا رئيسياً من الهوية الوطنية، والحرص على عربية المشهد اللغوي، ومحوريتها في النظام التعليمي۔
وقد توصلت تلك الدراسات إلى نتائج نذكر منها:
- اتسام المكاتبات بالوضوح والدقة الدلالية في جملتها۔
- توظيف أغلب الكُتَّاب لأسلوب التقديم لأحد أركان الجملة والمتعلقات۔
- فرضت الجمل الجاهزة وجودها في العينة، وهي تعطي للمكاتبات صـبغة رسمية معينة، وأعرافاً لا يتجاوزها كثير من الكتاب، وقد انطوت هذه الجمل على أبعاد اجتماعية وإدارية؛ إذ تجسد بشكلٍ لغوي العلاقة بين المرسل والمستقبل۔
ترجع إشكالية هذه الدراسة (محل البحث) إلى أن اللغة هي وسيلة التواصل بين الأفراد، وتتأثر لغة التعاميم بمهنة المتلقي، حيث لها لغتها الخاصة ولها مفرداتها التي تتميز بمدلولات تعبيرية وظيفية معينة، ومنها انتقاء أبنية صرفية وتركيبية لنقل الرسالة الإدارية للمشرفين التربويين۔ وستكشف الدراسة عن خصائص لغة التعاميم الإدارية؛ حيث لم يسبق لأحد من قبل الكشف عن تلك الخصائص۔ وساقنا ذلك إلى عدة تساؤلات:
- هل هناك اختيار للتراكيب اللغوية في لغة التعماميم؟
- مامدى تأثر لغة التعميم بثقافة كاتبها؟
- هل لغة التعاميم وتراكيبها انتقائية ؟
- هل بالإمكان الكشف عن خصائص لغة التعاميم من خلال التحليل ؟
- هل تكرار بعض الأفعال والأسماء في التعميم يعطي مؤشراً لخاصية معينة في التعميم ؟
وتكمن أهمية الدراسة في عدة نقاط نجمل منها:
- وصف وقراءة وتحليل مفردات التعاميم الإدارية الصادرة من هذه الجهة ومدى ملاءمتها للمحتوى من حيث الدلالة اللغوية والتركيبية ۔
- دراسة فصيلة لغوية ذات انتشار واسع عند شريحة مهمة علمياً ووظيفياً وهم المشرفون التربويون، ومدى تأثير لغة الخطابات (التعاميم) على المجتمع العربي بشكل عام، والمجتمع التعليمي بشكل خاص – من حيث التقيد بالمحتوى من عدمه – لأنهم يمثلون النسبة الكبيرة كقيادة للتعليم والمنظومة التعليمية۔
- يكشف البحث عن خصائص اللغة في الخطابات الإدارية (التعاميم) عن طريق علم اللغة التطبيقي، من خلال دراسة وتحليل التراكيب النحوية والصيغ الصرفية والدلالية۔
ومن أبرز الفرضيات في هذه الدراسة مايلي:
- يعتبر اختيار مدلول الكلمة مؤثر في فهم المطلوب من الخطاب (التعميم).
- القدرة الثقافية، والعلمية، واللغوية لمحرر الخطابات (التعاميم) لها دور في فهم المطلوب من الخطاب۔
وتهدف هذه الدراسة إلى:
- وصف مدونة التعاميم الإدارية الموجهة للمشرفين التربويين وصفاً لغوياً .
- رصد جزء من واقع الكتابة الإدارية، من خلال نماذج مختارة من التعاميم الموجهة للمشرفين التربويين۔
- إحصاء وجمع وتحليل الأبنية الصرفية والتراكيب اللغوية في التعاميم الإدارية الموجهة للمشرفين التربويين۔
- الكشف عن أهم الأبنية الصرفية والفصائل الصرفية المستخدمة في التعاميم الإدارية مادة الدراسة.
- الكشف عن خصائص التراكيب اللغوية الخاصة بتلك التعاميم.
- استثمار علم اللغة التطبيقي في تحليل لغة الخطاب الإداري (التعاميم ) بتقديم دراسة لمدونة لغوية تمثل لغة خاصة لفئة وظيفية لم توصف من قبل.
وقد اقتضت طبيعة هذه الدراسة بأن يكون هيكلها عبارة عن تمهيد وفصلين لكل فصل مبحثين.
لقد كثرت وتعددت التوجهات التي حاولت ملامسة الخطاب وتعريفه وبيانه في التراث العربي۔ فنجد من ضمن التعابير: يقال هذا الخطاب لفلان: أي (الرسالة)، وأيضاً يعبر به عن (الخُطبة) التي يلقيها الخطيب في المواعظ وغيرها۔
ومادام أن الأمر يتعلق بمفهوم الخطاب “فإن مفهومه تأرجح بين النسخ عن الغرب، و اتخاذ مفاهيمهم أساسا للحكم على النص العربي، و بين الانطلاق من المفهوم الغربي و صياغة مفاهيم جديدة تتساوق و النص العربي المدروس . و في الحالتين يصار إلى استبعاد الأساس العربي الذي رسم حدودا لمفهوم الخطاب لا تبعد في جوهرها عن المفهوم الغربي الحديث له”([5]).
أما الخطاب في اللغة فهو: مصدر من الفعل الثلاثي (خطب) المكون من الأصل الثلاثي (خ. ط. ب)، ولهذا الأصل معنى رئيس قد بيَّنه ابن فارس، فقال:
“الخاء والطاء والباء أصلان: أحدهما الكلامُ بين اثنين، يقال خاطبهُ يُخاطبه خطابًا، والخطبة من ذلك… والخُطْبة: الكلام المخطوب به. ويقال اختطب القومُ فلانًا، إذا دعوه إلى تزوج صاحبتهم. والخطب: الأمرُ يقع؛ إنما سُمِّي بذلك لِما يقع فيه من التخاطب والمراجعة. وأمَّا الأصل الآخر فاختلاف لونين…”([6]).
يتبين من نصّ ابن فارس أنَّ مادة (خ. ط. ب) تحمل في طياتها معنى التفاعل والتدافع ما بين اثنين، مما يضفي على هذه المادة سمة الحيوية والانفعال؛ فالكلام ما بين اثنين نوع من التفاعل والتدافع اللفظي البياني الذي يتسم بالتنامي والانفعال، والكلام المخطوب به هو المادة المتدافعة بين مُرسِل ومُستقبِل، ودعوة القوم فلانًا لأن يتزوج صاحبتهم يكون عن طريق التفاعل والتدافع القولي، والأمر إذا وقع ينتج عنه نوعًا من الانفعال الذي يعبر عنه بتفاعل وتدافع قولي، وأمَّا عن اختلاف اللونين فهو نوع من التفاعل والتدافع البصري؛ وكأن البصر يتدافعه اللونان، فينتقل من هذا إلى ذاك، وهنا يكون التفاعل.
الخصائص التركيبية الصرفية للمفردات
الأفعـــــال
تناول المبحث السابق العنصر النحوي الاسم، ومن خلاله تم إبراز بعضًا من خصائص لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين، وسوف ننتقل في هذا المبحث إلى عنصر نحويّ آخر، وهو الفعل، فالفعل كعنصر لغوي نحويّ يمثل العنصر الحركي المتغير في اللغة، وسبب تلك الحركة والتغير تضمنه الذاتيّ على الزمنية، بل يُعدُّ الزمن الشطر الدلالي له، وذلك لأنَّه حدث في زمن، ويمكن التمثيل له بالمعادلة:
[ف (فعل) = ح (حدث) + ز (زمن)]
فالحدث ينبع من المعجمية، والزمن ينبع من النظام الصرفي أو النحوي إذا كان الفعل خارجًا عن السياق؛ فإن دخل في سياق ما يحدد ذلك السياق دلالتَه الزمنية؛ أي إن التحديد الزمني للأفعال داخل الخطاب موطنه السياق، “وكما حصل بشأن الاسم ، فإن حدود الفعل تنحو مناحي عدة يمكن أن نجملها في منحيين اثنين: أولهما يثير قضية المعنى أو الحدث والزمان ، وثانيهما يستند إلى الوظيفة النحوية۔”([7]) أمَّا عن نهج دراسة الفعل في ذلك المبحث ومحاولة الوصول من خلاله إلى خصائص لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين فلن يَبعدَ عن نهج دراسة الاسم في المبحث السابق من اعتماد النهج الاشتقاقي الذي يبدأ من البيان اللغوي حتى يصل إلى التعريف الاصطلاحي، وبعد ذلك يعمل الباحث على التطبيق محاولًا الوصول إلى الخصائص اللغوية للغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين بواسطة العنصر النحوي الفعل.
- الفعل لغة:
الفِعْلُ مصدر من الصيغة الفعلية فَعَلَ، من المادة (الفاء، والعين، واللام)، ولهذه المادة معنى مشترك يكون متضمنًا في جميع مشتقاتها، وهذا المعنى هو إحداث شيء، قال ابن فارس: “الفاء والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على إحداث شيء من عمل وغيره. من ذلك فَعَلتُ كذا أفعلُه فَعْلًا. وكان من فُلانٍ فَعْلَةٌ حَسَنَةٌ أو قبيحة. والفِعَال جمع فِعْلٍ. والفَعَال بفتح الفاء: الكَرَم وما يُفْعَلُ من حَسَنٍ.”([8])، يتبين من نص ابن فارس الآنف الذكر أن الفِعْل حدث؛ أي عمل، وما دام حدثًا؛ أي أنه عَمَلًا فلا بد له من منشئ؛ أي مُنفذٍ لذاك العمل، كما أن هذا العمل يحتاج إلى زمان يظله، ومعنى هذا أنَّ الفِعْل هو إنجاز من فاعلٍ في زمان ما؛ أي إنه هناك فاعل قد أنجز ذلك الحدث في زمن؛ ومثال ذلك القول: كتبتُ المقالة، فهي تعبر عن حدث الكتابة من مُنفذ عاقل، وكان لهذا الإحداث الذي تمَّ من الفاعل زمن هو الزمن الماضي، وبناء على ما سبق ذكره يمكن القول بأنَّ الفعل هو الإنجاز الحدثي الناتج عن حركة المنفِّذ في زمن ما.
“والفعل عند النحاة هو الحدث ، وهو في الحقيقة ما يفعله الفاعل فيحدثه بتعبير السيرافي ۔ وهو يدل على الفعل الحقيقي بتعبير الأنباري([9])”۔
وقد وردت المفردة فِعْل في القرآن الكريم، قال تعالى: ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﮊ [الأنبياء: 73].
قال الشنقيطي: “الضمير في قوله: ﮋ ﭑ ﮊ يشمل كل المذكورين: إبراهيم، ولوطًا وإسحاق، ويعقوب، كما جزم به أبو حيان في البحر المحيط، وهو الظاهر… وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﮋ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ ؛ أي أن يفعلوا الطاعات، ويأمروا الناس بفعلها، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة من جملة الخيرات، فهو من عطف الخاص على العام…”([10])، يُفهم من كلام الشنقيطي أن المفردة (فِعْل) في قوله تعالى: ﮋ ﭗ ﭘ ﮊ تعني إنجاز عدد من الأحداث أو الأعمال، وهي الطاعات، وذلك الإنجاز له منفذون، وهم: إبراهيم، ولوط، وإسحاق، ويعقوب يقومون بأدائه، كما أن له مُتَقَبِّلًا وزمانًا ومكانًا.
وبعد البيان اللغوي للمفردة فِعْل نشرع في بيان المفهوم الاصطلاحي للمصطلح فِعْل في النظام النحوي للغة العربية.
- الفِعْل اصطلاحًا:
عرض الخوارزمي لتعريف مصطلح الفِعْل، فقال: “وإن دلَّت (الكلمة) عليه (المعنى) مقترنًا بزمان فهو الفِعْل([11])” يتبين من التعريف النحوي لمصطلح فِعْل أنه مصطلح يَصدُق على كلِّ مفردة لها المعادلة التكوينية التالية:
(فِعْل = حدث + زمن)
والأحداث متنوعة الدلالة بتنوع المفردات في المعاجم، ومن تلك الدلالات تكون السمات الفعلية الذاتية، والأزمان متنوعة، ومتلونة التخصيص بحسب العلم الذي يَدرسها، فهناك زمان صرفي تدلُّ عليه المباني الصرفية، وهناك زمان نحويّ يخصصه السياق.
وبعد معالجة مفهوم الفعل أتوجه لبيان أقسام الفعل الزمنية.
بيَّن ابن عقيل تقسيمات الفعل، فقال: “الفعل ينقسم إلى ماض ومضارع وأمر…”([12])، يتضح من هذا النصّ أن ابن عقيل قد حدد صيغ الفعل، وهي: صيغة الفعل الماضي، وصيغة الفعل المضارع، وصيغة الفعل الأمر، ولهذه الصيغ في الجانب الصرفي دلالات زمنية، هي:
- صيغة الفعل الماضي: تدلُّ على الزمن الماضي، على نحو المنوال الفعليّ؛ أي الصيغة الفعلية فَعِلَ، وما يُنسج عليها من أفعال، قال فخر الدين قباوة: “فَعِلَ: وهو كثير الاستعمال، نحو، عَلِمَ، شَرِبَ، سَلِمَ، رَكِبَ، حَذِرَ، وَجِلَ، وَحِلَ، يَبِسَ، يَقِظَ، هابَ، شاءَ، نامَ، خافَ، نَسِيَ، رَضِيَ، ظَلَّ، غصَّ.”([13])، فكل صيغة فعلية من هذه الصيغ دالة في النظام الصرفي للغة العربية على ما مضى من الزمن مع دلالتها على حدث ما، فعَلِمَ دالة على حدث العلم في ما مضى من زمن، وتمثلها المعادلة التالية: (عَلِمَ = عِلْم + زمن ماضٍ)، وهكذا الأمثلة الباقية.
- صيغة الفعل المضارع: تدلُّ على الزمن الحاضر كما تدلُّ على الزمن المُستقبل، على نحو المنوال الفعليّ يَفْعُلُ وما يُنسج عليها من أفعال، قال فخر الدين قباوة: “يَفْعُلُ، نحو: يَكْرُمُ، يَعْظُمُ، يَفْصُحُ، يَخْبُثُ، يَكْثُفُ، يَحْلُمُ، يَوْضُؤ، يَطُوْلُ، يَهْيُؤُ.”([14])، فكل صيغة فعلية من هذه الصيغ دالة في النظام الصرفي للغة العربية على الزمن الحاضر أو الزمن المستقبل مع دلالتها على حدث ما، فيَكْرُمُ دالة على حدث الكرم في الزمن الحاضر أو الزمن المستقبل، وتمثلها المعادلة التالية: (يَكْرُمُ = كَرَم + الزمن الحاضر/ الزمن المستقبل)، وهكذا الأمثلة الباقية.
- صيغة الفعل الأمر: تدلُّ على الزمن المستقبل، وقد بيَّن منواله التفتازاني، قال: “وأما الأمر بالصيغة سمِّي بذلك، لأن حصوله بالصيغة المخصوصة دون اللام، وهو أمر الحاضر أي المخاطب، فهو جارٍ على لفظ المضارع المجزوم في حذف الحركات والنونات التي تُحذف في المضارع المجزوم، وكون حركاته وسكناته مثل حركات المضارع، وسكناته أي لا تخالف صيغة الأمر صِيغَة المضارع إلا بأن يُحذف حرف المضارعة ويُعطى آخره حُكْمَ المجزوم.”([15])، ويعني نص التفتازاني أن صيغة الأمر مأخوذة من صيغة المضارع المجزوم، كما أن لها شطر دلالته الزمنية، وهي الدلالة على الزمن المستقبل دون الشطر الآخر، وهي الدلالة على الزمن الحاضر، ومثال ذلك: “الأمر من تُدحْرِجُ: (دَحْرِج، دَحْرِجا، دَحْرِجوا)، (دَحْرجي دحْرجا دَحْرِجن)([16])” ، فكل صيغة فعلية من هذه الصيغ دالة في النظام الصرفي للغة العربية على الزمن المستقبل مع دلالتها على حدث ما، فدَحْرِج دالة على حدث الدحرجة في الزمن المستقبل، وتمثلها المعادلة التالية: (دَحْرِج = الدحرجة + الزمن المستقبل)، وهكذا الأمثلة الباقية.
وبعد معالجة أقسام الفعل من حيث الصيغ, نعمل جاهدين في بيان الخصائص الفعلية للغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين محاولين الإجابة عن التساؤل الآتي: ما الخصائص اللغوية للغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين المتصلة بالفعل؟
سوف يعمل الباحث لاستخلاص الخصائص اللغوية للغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين المتصلة بالفعل عن طريق الإحصاء المجدول، وتفصيل ذلك ما يلي:
جدول رقم (3): إحصاء صيغ الأفعال
صيغ الفعل | عدد مرات التردد | النسبة المئوية بالتقريب |
الفعل الماضي | 34 | 45.3% |
الفعل المضارع | 33 | 44.0% |
الفعل الأمر | 8 | 10.7% |
العدد الإجمالي | 75 | 100% |
يتبين من هذا الجدول ارتفاع نسبة تردد صيغ الفعل الماضي في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين؛ فقد بلغ عدد مرات ترددها 34 مرة؛ أي بنسبة 45.3% تقريبًا، وقد جاءت صيغ الفعل الماضي حاملة دلالة الزمن الماضي، ودلالة الزمن المستقبل، ومثال ذلك ما يلي:
أ ـ أمثلة دلالة صيغة الفعل الماضي على الزمن الماضي:
- “فقد تمَّ تحديد الموعد الجديد للدراسة خلال الفترة…”([17]).
- “والعمل بما ورد فيه…”([18]).
- “والتي تضمنت عدد من المحاور المتعلقة بالأمن الاجتماعي…”([19]).
يتضح من الأمثلة السالفة الذكر ورود عدد من صيغ الأفعال الماضية الدالة على الزمن الماضي، وهي: تمَّ ـ ورد ـ تضمنت.
ب ـ أمثلة دلالة صيغة الفعل الماضي على الزمن المستقبل:
- “المكرم قائد مدرسة … وفقه الله([20])”.
- “المكرم مدير إدارة… حفظه الله([21])”.
- “المكرم مدير مكتب التعليم… حفظه الله ([22])”.
يتضح من الأمثلة السابقة ورود عدد من صيغ الأفعال الماضية الدالة على الزمن المستقبل في سياق الدعاء، وهي: وفقه ـ حفظه.
ويتبين من الجدول أيضًا ارتفاع نسبة تردد صيغ الفعل المضارع في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين؛ فقد بلغ عدد مرات ترددها 33 مرة؛ أي بنسبة 44% تقريبًا، وقد جاءت صيغ الفعل المضارع حاملة دلالة الزمن الماضي، ودلالة الزمن الحاضر، ودلالة الزمن المستقبل، ومثال ذلك ما يلي:
أ ـ مثال دلالة صيغة الفعل المضارع على الزمن الماضي:
- “اختبار الطلاب الذين لم يتمكنوا من الدخول على المنصة…”([23])
يتضح من المثال السابق ورود صيغة فعل مضارع دالة على الزمن الماضي في سياق النفي بالأداة: لم، وهي: لم يتمكنوا.
ب ـ أمثلة دلالة صيغة الفعل المضارع على الزمن الحاضر:
- “عليه نأمل منكم حث الطلاب والطالبات على المشاركة في المسابقة…”([24])
- “آمل إبلاغ المذكور ومتابعته لحضور الاجتماع الذي…”([25])
- “وحيث تعمل الإدارة العامة للتعليم بالاهتمام بصوت المستفيدين…”([26])
يتضح من الأمثلة السالفة الذكر ورود عدد من صيغ الأفعال المضارعة الدالة على الزمن الحاضر، وهي: نأمل ـ آمل ـ تعمل.
ج ـ أمثلة دلالة صيغة الفعل المضارع على الزمن المستقبل:
- “والله يحفظكم ويرعاكم”([27]).
- “لحضور الاجتماع الذي سيعقد بمشيئة الله تعالى يوم الاثنين…”([28]).
- “والاعتماد على الأساليب التي تستطلع رأي المستفيدين…”([29]).
يتضح من الأمثلة السالفة الذكر ورود عدد من صيغ الأفعال المضارعة الدالة على الزمن المستقبل، وهي: يحفظكم ـ سيعقد ـ تستطلع.
ويتبين من الجدول السابق أيضًا انخفاض نسبة تردد صيغ فعل الأمر في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين؛ فقد بلغ عدد مرات ترددها 8 مرات؛ أي بنسبة 10.7% تقريبًا، وقد جاءت صيغ الفعل الأمر دالة على الزمن المستقبل، على نحو:
- “وتقبلوا وافر تحياتي وتقديري.”([30]).
- “عليه اعتمدوا تنفيذ خطة إدارة التوجيه…”([31]).
- “عليه اعتمدوا تطبيق النماذج هذا العام…”([32]).
يتضح من الأمثلة السابقة ورود صيغ فعل الأمر دالة على الزمن المستقبل، وهذه الصيغ هي: تقبلوا ـ اعتمدوا.
هذا عن إحصاء صيغ الأفعال الواردة في النماذج التطبيقية في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين، وقد كان لكل قسم من أقسام الفعل دلالات زمنية مختلفة بيانها ما يلي:
إحصاء الدلالات الزمنية لصيغ الفعل الماضي في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين بيانها الجدول التالي:
جدول رقم (4) إحصاء الدلالات الزمنية لصيغ الفعل الماضي
الدلالة الزمنية | عدد مرات التردد | النسبة المئوية بالتقريب | ملحوظات |
الزمن الماضي | 10 | 29.4% | |
الزمن الحاضر | 0 | 0% | |
الزمن المستقبل | 24 | 70.6 | في سياق الدعاء |
المجموع | 34 | 100% |
يتضح من هذا الجدول أن دلالة صيغة الفعل الماضي على الزمن المستقبل تمثل أعلى نسبة تردد، فقد بلغ ترددها 24 مرة؛ أي بنسبة 70.6%، وقد جاءت هذه الدلالة الزمنية في سياق الدعاء، على نحو:
“المكرم قائد المدرسة… وفقه الله”([33]).
“المكرم قائد مدرسة… وفقه الله”([34]).
“المكرم مدير مكتب التعليم… حفظه الله”([35]).
إنَّ توظيف صيغة الفعل الماضي لتُعبر عن الزمن المستقبل في سياق الدعاء بالخير له نكتة بلاغية قد أوضحها ابن جني في مؤلفه: الخصائص، قال: “وكذلك أيضًا حديث الشرط في نحو إن قمت قمت، جئت فيه بلفظ الماضي الواجب؛ تحقيقًا للأمر وتثبيتًا له، أي أن هذا وعد مَوْفِيّ لا محالة؛ كما أن الماضي واجب ثابت لا محالة. ونحو من ذلك لفظ الدعاء ومجيئه على صورة الماضي الواقع؛ نحو أيدك الله، وحرسك الله، إنما كان ذلك تحقيقًا له وتفاؤلاً بوقوعه أنّ هذا ثابت بإذن الله، وواقع غير ذي شكٍّ…”([36])، والفعل الكلامي هنا يندرج في إطار المعبرات (Expressives)، فالدعاء في لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين خصيصة لغوية لها أهميتها في إضفاء سمة الشكر والتقدير والاحترام من الإدارة العامة إلى من توجه إليهم الخطابات، إضافة إلى ذلك يمكن القول بأن الدعاء في لغة التعاميم سمة رئيسة ذات حضور طاغٍ، وذلك دليل على اتسام لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين بالطابع الديني، الذي هو سمة الحياة. فالخطابات نتاج الثقافة العامة في المجتمع، وهي الثقافة الدينية.
ويبين هذا الجدول الإحصائي أيضًا قلة ورود صيغة الفعل الماضي دالة على الزمن الماضي، فقد بلغ عدد مرات تردد صيغة الفعل الماضي الدالة على الزمن الماضي 10 مرات؛ أي بنسبة 29.4%، وذلك ما يتناسب مع الهدف من خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين بل ومع غالبية الخطابات الإدارية؛ حيث إنها موجهة إلى فئة من الموظفين بغرض توجيهي، فتعدُّ تلك الخطابات من الموجهات directives، وهي: “أفعال الكلام تلك التي يستعملها المتكلمون ليجعلوا شخصًا آخر يقوم بشيء ما. وهي تعبر عمَّا يريده المتكلم، وتتخذ أشكال أوامر وتعليمات وطلبات ونواه ومقترحات ويمكن لها أن تكون إيجابية أو سلبية…”([37])، وتلك التوجيهات لا تكون فيما مضى من زمن، ولا في ما هو كائن من زمن، ولكن زمنها ما سيكون، ولم ترد صيغة الفعل الماضي دالة على الزمن الحاضر، فقد تمَّ الاعتماد على الفعل المضارع في الدلالة على الزمن الحاضر؛ إذ إنَّ هذه الدلالة منوطة إليه بحسب طبيعته الصرفية في نظام قواعد اللغة العربية.
- إحصاء الدلالات الزمنية لصيغ الفعل المضارع في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين، كما في الجدول التالي:
جدول رقم (5) إحصاء الدلالات الزمنية لصيغ الفعل المضارع
الدلالة الزمنية | عدد مرات التردد | النسبة المئوية بالتقريب | ملحوظات |
الزمن الماضي | 1 | 3.1 | سياق النفي |
الزمن الحاضر | 15 | 45.4 | |
الزمن المستقبل | 17 | 51.5 | 9 من الصيغ في سياق الدعاء |
المجموع | 33 | 100% |
يتضح من هذا الجدول أن دلالة صيغ الفعل المضارع على الزمن المستقبل تمثل أعلى نسبة في التردد؛ فقد بلغ ترددها 17 مرة؛ أي بنسبة 51.5%، وقد جاءت هذه الدلالة الزمنية في سياق الدعاء 9 مرات؛ أي بنسبة 52.9%، وفي غير الدعاء 8 مرات؛ أي بنسبة 47.1% على نحو التالي:
أـ أمثلة دلالة صيغة الفعل المضارع على الزمن المستقبل في سياق الدعاء:
يتضح من الأمثلة السالفة الذكر تكرار ورود صيغتي الفعل المضارع يحفظكم، ويرعاكم دالتان على الزمن المستقبل في سياق الدعاء.
إن توظيف الفعل المضارع للدلالة على المستقبل في سياق الدعاء يوحي بالتجدد والاستمرار، والفعل الكلامي هنا يندرج في إطار المعبرات Expressives التي تعمل على “التعبير عن الموقف النفسي تعبيرًا يتوافر فيه شرط الإخلاص، وليس لهذا الصنف اتجاه مطابقة فالمتكلم لا يحاول أن يجعل الكلمات تطابق العالم الخارجي ولا العالم الخارجي يطابق الكلمات. وكل ما هو مطلوب الإخلاص في التعبير عن القضية…”([41])، فالدعاء في لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين خصيصة لغوية لها أهميتها في إضفاء سمة الشكر والتقدير والاحترام من الإدارة العامة إلى كل من تُوجه إليهم الخطابات، المعبرة عن ثقافة نظام مؤسسي داخله.
ب ـ أمثلة دلالة صيغة الفعل المضارع على الزمن المستقبل في غير سياق الدعاء:
- “وأن تجد عنايتكم الشخصية…”([42]).
- “وأن يتم تقييم الوضع بشكل كامل…”([43]).
- “والذي يستدعي اختبارهم حضوريًّا في المدرسة…”([44]).
يتضح من الأمثلة السابقة ورود صيغ الفعل المضارع: تجد، ويتم، ويستدعي دالة على الزمن المستقبل في غير سياق الدعاء.
ويظهر من الجدول أيضًا توسط تردد صيغة الفعل المضارع الدالة على الزمن الحاضر؛ فقد وردت 15 مرة؛ أي بنسبة 45.4%، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
- “تعتزم الإدارة العامة للتعليم بمحافظة الطائف ممثلة بإدارة التوجيه…”([45]).
- “وتحليل نتائجها التي تمثل أهمية في دعم القرار…”([46]).
- “تجدون برفقة الخطة الزمنية لاجتماعات الأقسام الإشرافية…”([47]).
يتضح من الأمثلة السابقة ورود صيغ الفعل المضارع الدالة على الزمن الحاضر، وهذه الصيغ، هي: تعتزم، تمثل، وتجدون.
إنَّ حضور أفعال مضارعة تُحيل إلى الزمن الحاضر وإن لم يتسم بالكثرة إلا أنه جاء نظرًا لأن الخطاب يتسم بالتفاعلية؛ إذ إنه تبادل مع آخرين، وتلك التفاعلية؛ أي التبادل الخطابي تعطي حضورًا ولو قليلاً للزمن الحاضر في لغة الخطاب؛ حيث إن فقدان لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين الشفاهية الصريحة لم يجعلها تفقد الشفاهية الاعتبارية؛ وأعني بالاعتبارية الضمنية، إضافة إلى الحوارية الضمنية في هذه الخطابات.
ويتبين من الجدول أيضًا انخفاض تردد صيغة الفعل المضارع الدالة على الزمن الماضي؛ فقد وردت صيغة واحدة؛ أي بنسبة 3.1%، وهي:
“اختبار الطلاب الذي لم يتمكنوا من الدخول على المنصة…”([48])
يتضح من المثال السابق ورود صيغة واحدة للفعل المضارع دالة على الزمن الماضي، وكانت في سياق النفي، وهي: لم يتمكنوا.
يمكن أن تُعزى تلك الندرة في ورود صيغة المضارع دالة على الزمن الماضي في لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين إلى أمرين؛ أحدهما: قلة استعمال النفي في تلك الخطابات إذ إنها خطابات توجيهية وليست خطابات سردية تعمل على ذكر الأحداث المنفية فيما مضى من زمن، والأمر الآخر: أن الدلالة على الزمن الماضي لها كبير ارتباط بصيغة الفعل الماضي بحسب النظام النحوي العربي.
أمَّا عن إحصاء الدلالات الزمنية لصيغة الفعل الأمر في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين، تفصيله الجدول التالي:
جدول رقم (6) إحصاء الدلالات الزمنية لفعل الأمر
الدلالة الزمنية | عدد مرات التردد | النسبة المئوية بالتقريب | ملحوظات |
الزمن الماضي | 0 | 0% | |
الزمن الحاضر | 0 | 0% | |
الزمن المستقبل | 8 | 100% | |
المجموع | 8 | 100% |
يتبين من الجدول السابق أن دلالة صيغة فعل الأمر جاءت دالة على الزمن المستقبل فقط، وقد وردت 8 مرات؛ أي بنسبة 100%، وذلك يرجع إلى أنَّ صيغة الفعل الأمر تكون في سياق الطلب من خلال فعل كلامي مباشر؛ أي فعل كلاميّ يكون فيه توازٍ ما بين البنية والوظيفة؛ فالبنية إنشائية والوظيفة طلبية، وبما أن الأمر فعل كلامي طلبي؛ أي أنه يتطلب إنجاز حدث بعد زمن التلفظ الكلامي، فكانت من هنا دلالته على الزمن المستقبل دون دلالته على الزمن الماضي أو دلالته على الزمن الحاضر.
أمَّا عن إحصاء الدلالات الزمنية لصيغ الأفعال الثلاثة، وهي: صيغة الفعل الماضي، وصيغة الفعل المضارع، وصيغة الفعل الأمر في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين، فتفصيله الجدول التالي:
جدول رقم (7) جدول التوزيع النسبي للدلالات الزمنية للأفعال ونسبة ترددها
م | الزمن الفعلي | التردد | النسبة المئوية | ملاحظات |
1 | الزمن الماضي | 11 | 14.6% | |
2 | الزمن الحاضر | 15 | 20% | |
3 | الزمن المستقبل | 49 | 65.4% | 33 صيغة في سياق الدعاء (67.3%) |
4 | المجموع | 75 | 100% |
يتبين من الجدول السابق أن دلالة صيغ أقسام الفعل الثلاثة على الزمن المستقبل تمثل أعلى نسبة في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين، فقد بلغت عدد مرات ترددها 49 مرة، بنسبة 65.4%، وكانت نسبة تردد صيغ الأفعال الدالة على الزمن الحاضر منخفضة، فقد كان عدد مرات ترددها 15 مرة، بنسبة 20%، وكانت دلالة صيغ الأفعال على الزمن الماضي أقل الدلالات الزمنية، فقد جاءت 11 مرة، بنسبة 14.6%، وتُعزى تلك النتائج إلى الأسباب الآتية:
1ـ يرجع ارتفاع نسبة تردد الأفعال الدالة على الزمن المستقبل إلى:
أ ـ توظيف صيغ الأفعال الثلاثة؛ صيغ الفعل الماضي، وصيغ الفعل المضارع، وصيغ الفعل الأمر في سياق الزمن المستقبل، على نحو:
- “المكرم قائد مدرسة… وفقه الله”([49]).
- “لذا نأمل العمل بما يلي…”([50]).
- “وتقبلوا تحياتي وتقديري”([51]).
يتضح من الأمثلة السابقة ورود صيغ الأفعال الثلاثة؛ صيغ الفعل الماضي، وصيغ الفعل المضارع، وصيغ الفعل الأمر دالة على الزمن المستقبل، وهي: صيغة الفعل الماضي: وفق، وصيغة الفعل المضارع: نأمل، وصيغة الفعل الأمر: تقبلوا.
ب ـ غالبية الصيغ الدالة على المستقبل، هي في سياق الدعاء، فقد جاءت 33 صيغة، بنسبة 67.3% في سياق الدعاء، وهذا ما يتناسب والسمات الدينية في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين.
ومن أمثلة ذلك:
- “المكرم قائد مدرسة… حفظه الله”([52]).
- “المكرم مدير مكتب التعليم… وفقه الله”([53]).
- “والله يحفظكم ويرعاكم”([54]).
يظهر من الأمثلة السابقة ورود صيغ أفعالٍ دالة على الزمن المستقبل في سياق الدعاء، وهي: صيغة الفعل الماضي: حفظ، وصيغة الفعل الماضي: وفق، وصيغة الفعل المضارع: يحفظ، وصيغة الفعل المضارع يرعى.
ج ـ كون هذه الخطابات خطابات توجيهية، والتوجيه يتطلب أمرًا يحدث بالإيجاب أو السلب في الزمن المستقبل، ومثال ذلك:
- “وأن تجد عنايتكم الشخصية…”([55]).
- “”وأن يتم تقييم الوضع بشكل كامل…”([56]).
- “”تزود كل مدرسة مكتب التعليم بقائمة بالطلاب…”([57]).
جاءت الأمثلة السابقة في سياق التوجيه مشتملة على صيغ أفعال دالة على الزمن المستقبل، وهذه الصيغ، هي: تجد، ويتم، وتزود.
د ـ مؤسسية الخطابات وقيامها على نسق من الاحترام المتبادل جعلها توظف أفعال الأمر ـ والأمر يدل على الزمن المستقبل ـ في سياق الشكر والامتنان، ومثال ذلك:
وردت الأمثلة السابقة في سياق الشكر والامتنان مشتملة على صيغة فعل أمر ـ دالة على الزمن المستقبل ـ، وهي: تقبلوا.
ويتبين من الجدول السابق أيضًا أن دلالة صيغ الأفعال على الزمن الحاضر تمثل نسبة متوسطة في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين، فقد بلغت عدد مرات ترددها 15مرة، بنسبة 20%، فهي أقل من نسبة تردد الصيغ الدالة على الزمن المستقبل والتي بلغت 65.4%، وأعلى من نسبة الصيغ الدالة على الزمن الماضي، والتي بلغت 14.6%، ويمكن أن يُعزى ذلك إلى أنَّ غالبية صيغ الأفعال من ذلك النوع من المادة (أ. م. ل)، وتلك المادة تدل على الرجاء، وذلك الرجاء تم توظيفه في التوجيهات، ومن هنا أخذت لغة الخطابات سمة الاحترام، والتهذيب، والتقدير، في عملية التوجيه، وقد كان التوجيه بطريق غير مباشر، فالفعل الكلامي (Speech act) في سياق مادة (أ. م. ل) في الخطابات فعل غير مباشر (indirect speech act) لعدم التوازي ما بين البنية والوظيفة؛ فالبنية خبرية والوظيفة طلبية، ولذا النوع من الطلب غير المباشر سمة تضفي على السياق الكلامي نوعًا أكثر من التهذيب، قال جورج يول: “ترتبط أفعال الكلام غير المباشرة عمومًا بتهذيب أعظم في الإنكليزية (والعربية) يفوق ما يتطلبه الفعل المباشر…”([61])، وذلك النوع من التهذيب يُعدُّ خصيصة من خصائص لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين، ومثال ذلك:
- “نأمل منكم حثّ الطلاب والطالبات على المشاركة في المسابقة”([62]).
- “لذا نأمل العمل بما يلي…”([63]).
- “آمل إبلاغ المذكور ومتابعته لحضور الاجتماع الذي…”([64]).
فصيغة الفعل المضارع: نأمل، والفعل المضارع آمل تدلُّ كل منهما على الرجاء في الزمن الحاضر لإنجاز حدث في المستقبل بأسلوب طلبيّ غير مباشرٍ؛ ففي المثال الأول يطلب حث الطلاب والطالبات، وفي المثال الثاني يطلب العمل، وفي المثال الثالث يطلب إبلاغ المذكور، وتلك المطالب يسبقها بيان نوعٍ من الأمل؛ أي الرجاء الحاضر، وذلك كنوع من التهذيب الخطابي الذي يكون عن طريق استخدام الطلب غير المباشر، ويعدُّ انخفاض نسبة تردد الصيغ الفعلية الدالة على الزمن الحاضر متناسبًا مع شكل خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين، فهي خطابات كتابية؛ والزمن الحاضر يرتبط أكثر ما يرتبط بالخطاب الشفوي، وبذلك أكثر ما يكون في الإعلانيات Declarations كنوع من الأفعال الكلامية Speech act، والمعبرات Expressives كنوع أيضًا من أنواع الأفعال الكلامية (Speech act) ـ على النحو الغالب ـ.
ويتبين من الجدول السابق أيضًا أن دلالة صيغ الأفعال على الزمن الماضي قد جاءت منخفضة في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين؛ إذ تمَّ ترددها 11 مرة بنسبة 14.6، ويمكن أن يُعزى ذلك إلى كون خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين توجيهية تعليمية في المقام الأول، والزمن الماضي يرتبط أكثر ما يرتبط بالخطابات السردية التي تعمل على الوصف وبيان الحالة، وبذلك أكثر ما تكون في الإخباريات Assertives كنوع من الأفعال الكلامية Speech act والمعبرات Expressives كنوع أيضًا من أنواع الأفعال الكلامية Speech act ـ على النحو الغالب ـ.
بناء على ما سبق يمكن استخلاص جملة من خصائص خطابات التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين عن طريق الانحرافات الملحوظة في النسب المئوية لتوظيف الأفعال:
- اعتماد لغة الخطابات الإدارية للمشرفين التربويين على الصيغ الفعلية ذات الدلالة على الزمن المستقبل، وهذا يوحي بمدى اتسام لغة التعاميم الإدارية للمشرفيين التربويين بالوظيفة التوجيهية الفئوية.
- التوظيف العالي للأفعال في سياق الدعاء داخل الخطابات هو نوع من الخطاب التقديري والاحترامي من المؤسسة إلى موظفيها.
- انخفاض نسبة تردد الصيغ الفعلية الدالة على الزمن الحاضر وذلك يتناسب مع شكل خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين، فهي خطابات كتابية؛ والزمن الحاضر يرتبط أكثر ما يرتبط بالخطاب الشفوي.
- حضور الزمن الحاضر في الخطابات، وإن لم يتسم بالكثرة، إلا أنه جاء نظرًا لأن الخطاب يتسم بالتفاعلية؛ إذ إنه تبادل مع آخرين، وتلك التفاعلية؛ أي التبادل الخطابي تعطي حضورًا ولو قليلاً للزمن الحاضر في لغة الخطاب؛ حيث إن فقد لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين الشفاهية الصريحة لم يجعلها تفقد الشفاهية الاعتبارية، إضافة إلى الحوارية الضمنية في هذه الخطابات.
- اتسمت لغة الخطابات بنوع من الاحترام، والتهذيب، والتقدير؛ إذ إنها اعتمدت في كثير من توجيهاتها على الطريق غير المباشر، عن طريق توظيف مادة
(أ. م. ل) قبل الطلب غير المباشر.
الخـــاتمــــــة
توصل البحث لجملة من الحقائق العلمية، والنتائج، والتوصيات، بيانها ما يلي:
- المُرسل في لغة الخطاب الإداري هو شخص اعتباريٌّ؛ أي أنه ذات لها خصائص مؤسسية معينة، والمُستقبل لتلك الخطابات هم أشخاص اعتباريون؛ أي ذوات لهم خصائص مؤسسية معينة.
- التوظيف العالي للأفعال في سياق الدعاء داخل الخطاب الإداري هو نوع من الخطاب التقديري والاحترامي من المؤسسة إلى موظفيها.
- توجيهية الخطاب الإداريّ أدى إلى ارتفاع نسبة الجمل الفعلية على نسبة الجمل الاسمية؛ إذ إنَّ التوجيه وصدور التعليمات يتطلب كلُّ منهما حدثًا متصلًا بزمن ما، كما يتطلبان مزاولة للحدث.
- تهدف الخطاب الإدارية إلى التوجيه وإصدار التعليمات، وذلك يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجمل الفعلية الإنشائية بالنسبة إلى الجمل الفعلية الخبرية.
- تتسم لغة الخطاب الإداري بالطابع المؤسساتيّ، ويظهر ذلك من جملة التوقيع في نهاية كل خطاب.
- اعتماد لغة الخطاب الإداري على الجمل الطوال، وذلك الطول يكون نتيجة تعدد المتممات؛ للتخصيص والتوضيح والتقييد وبيان سبب التوجيه.
- ثانيًا: النتائج:
- من النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة مايلي:
- ارتفاع نسبة تردد الأسماء المحضة في مجموع الخطابات محل التطبيق يرجع كونها موافقة ذلك النوع من الخطابات المؤسسية؛ إذ إنَّ خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين هي خطابات مؤسسية توجيهية، ومن مؤسسية هذه الخطابات يتضح زيادة تردد أسماء الأشخاص؛ سواء كانت أعلامًا أو ألقابًا، وتردد ذكر المؤسسات، وهي أماكن حكومية، كما أنَّ تردد ذكر أسماء الوقت نابع من نوعية الخطاب الإداري الذي يعتمد على التحديد الوقتي في كل توجيهاته وتعليماته، إضافة إلى تردد العديد من الأسماء المحضة المتعلقة بموضوعات الخطابات.
- قلة الأسماء المشتقة في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين الإداريين يرجع إلى كون هذه اللغة تهتم بالذوات والأشياء أكثر من اهتمامها بالوصف؛ إذ إنها خطابات بيانية توجيهية وتعليمية وليست خطابات سردية أدبية.
- ارتفاع نسبة الأسماء المحضة نسبة إلى الأسماء المشتقة يدلُّ على اتسام لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين الإداريين بالثبات والاستقرار؛ إذ إنَّ المشتقات دائمًا ما تنتقل بالخطاب إلى الحركة المستقاة من الحركة الفعلية.
- اعتماد خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين الإداريين على تكرار ذكر الألقاب حتى صارت سمة في الخطابات زاد من نسبة تردد الأسماء المحضة، ويُعدُّ ذلك قيمة ثقافية مؤسسية داخل المملكة العربية السعودية بذكر الأسماء، وهي مسبوقة بألقابٍ أو ذكر الألقاب دون أن تُذكر الأسماء، كنوع من أنواع الاحترام التخاطبيّ.
- ارتفاع نسبة تردد الأسماء الدينية التي تعدُّ أسماء محضة على نحو (الله ـ بركات) زاد من نسبة تردد الأسماء المحضة، ويعدُّ التردد لهذه الأسماء قيمة روحية.
- اعتماد لغة الخطابات الإدارية للمشرفين التربويين على الصيغ الفعلية ذات الدلالة على الزمن المستقبل، وهذا يوحي بمدى اتسام لغة التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين بالوظيفة التوجيهية الفئوية.
- انخفاض نسبة تردد الصيغ الفعلية الدالة على الزمن الحاضر وذلك يتناسب مع شكل خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين، فهي خطابات كتابية؛ والزمن الحاضر يرتبط أكثر ما يرتبط بالخطاب الشفوي.
- ارتفاع نسبة الجمل الاسمية الخبرية على الجمل الاسمية الإنشائية في لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين يرجع إلى أنَّ الجمل الاسمية الخبرية جاءت للإخبار والبيان، وقد يتضمن الخطاب على أكثر من جملة للإخبار البياني التوضيحي في الوقت الذي جاءت الجمل الاسمية الإنشائية ـ غالبًا ـ في سياق التحية والدعاء، ولا يتضمن الخطاب أكثر من جملة دالة على التحية أو الدعاء غالبًا.
- عدم ورود الجمل الاسمية المنفية في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين يرجع إلى كون أنَّ الوظائف التي جاءت الجمل الاسمية لأدائها في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين متعلقة بالإثبات وليس النفي، وتلك الوظائف، هي: وظيفة البيان والإخبار عن نوع الخطاب وموضوعه، والبيان والإخبار عن بعض الأمور الأخرى، ووظيفة التحية والدعاء.
- ندرة تردد الجمل الفعلية المنفية في الوقت الذي وردت فيه الجمل الفعلية المثبتة بنسبة عالية جدًّا داخل خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين ويرجع ذلك إلى كون أنَّ الوظائف التي جاءت الجمل الفعلية لأدائها في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين متعلقة بالإثبات وليس النفي، وتلك الوظائف، هي: وظيفة الدعاء، والأمر المباشر، والأمر غير المباشر، والشكر، والإعلان عن طريق التوقيع، والإخبار عن حدث وقع في الزمن الماضي، والإخبار عن حدث في الزمن الحاضر والإخبار عن حدث سوف يقع في الزمن المستقبل.
- وجود عدد من اللازمات الأسلوبية في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين، هي:
أـ اللازمة الأسلوبية مبتدأ محذوف وخبره المفردة: تعميم، في القول: تعميم إلى…
ب ـ اللازمة الأسلوبية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج ـ اللازمة الأسلوبية: المسند إليه المفردة: الموضوع مركب مع مسند، في القول: الموضوع….
د ـ اللازمة الأسلوبية: وفقه الله، وكان كان وجود تلك اللازمة مرادفًا لاسم المرسل إليه الذي وُجه له الخطاب.
هـ ـ اللازمة الأسلوبية: “وتقبلوا وافر تحياتي وتقديري” أو “تقبلوا تحياتي وتقديري”، وكان وجود تلك اللازمة الأسلوبية في نهاية الخطاب كنوع من الشكر لمستقبِل الخطاب.
و ـ اللازمة الأسلوبية: التوقيع، ولم يخل خطاب من التوقيع؛ إذ إنه علامة رسمية الخطاب.
-
- اتسمت لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين بالطابع الديني.
- اتسمت لغة خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين بالطابع التوجيهي المهذب، ويتضح ذلك من الدعاء الذي به يُختم التوجيه، والتوجيه غير المباشر الذي جاء كصنف من أصناف التوجيه في خطابات التعاميم الإدارية للمشرفين التربويين.
- ثالثًا: التوصيات:
- من التوصيات التي أتوجه بها إلى الباحثين ما يلي:
- القيام بالبحث في موضوعات اللسانيات التطبيقية؛ إذ إنها ميدان لالتقاء علوم متنوعة أهمها علم اللغة.
- إجراء دراسات وأبحاث في بيان الخصائص اللغوية للواقع اللغوي المعاصر، والذي يمثل اللغة العربية المعاصرة، وذلك يوقف الأمة العربية على خصائص لغتها العربية المعاصرة ومدى التطور الذي لحقها إذا ما قورنت باللغة العربية الكلاسيكية (القديمة).
- محاولة استخلاص الخصائص اللغوية لأنواع أخرى من الخطابات الإدارية، والتي تمثل الواقع اللغوي المؤسساتيّ.
قائمة المصـــادر والمراجـــع
- ابن عباس, عبدالله, تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، جمعه: مجدالدين أبو طاهر محمد يعقوب, الفيروزآبادي, دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان, ط1, 1412هـ / 1992م.
- ابن عقيل عبدالله بن عبدالرحمن العقيلي الهمداني المصري ، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تح : محمد محي الدين عبدالحميد ، دار التراث، القاهرة، ط20، 1400هـ/ 1980م.
- ابن فارس، (أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا)، مقاييس اللغة، تح: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، د. ط، 1399هـ/ 1979م.
- ابن منظور (جمال الدين محمد بن مكرم)، لسان العرب، دار صادر، بيروت، د. ط.
- ابن هشام (جمال الدين ابن هشام الأنصاري)، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، حققه وخرج شواهده: د. مازن المبارك/ محمد علي حمد الله، دار الفكر، دمشق، ط1، 1384هـ/ 1964م.
- ابن هشام (عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن يوسف)، متن شذور الذهب، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأخيرة.
- ابن يعيش ، موفق الدين أبي البقاء يعيش بن علي بن يعيش الموصلي، شرح المفصل، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه: د. إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية ـ بيروت/ لبنان، ط1، 1422هـ/ 2001م.
- أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، تح: محمد علي النجار، المكتبة العلمية. د. ط.
- أحمد مختار عمر وآخرون، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، ط1، 1429هـ/ 2008م.
- أوستين، نظرية أفعال الكلام العامة، ترجمة: عبد القادر قينيني، إفريقيا الشرق، 1991م.
- باتريك شارودو/ دومينيك منغنو، معجم تحليل الخطاب، ترجمة: عبد القادر المهيري ـ حمَّادي صمّود، دار سيناترا، تونس، د. ط، 2008م.
- بهاء الدين عبد الله بن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ومعه كتاب منحة الجليل، تأليف: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث، القاهرة، ط20، 1400هـ/ 1980م.
- التفتازاني (مسعود بن عمر)، شرح مختصر التصريف العِزّي في فن الصرف، شرح وتحقيق: د. عبد العال سالم مكرم، المكتبة الأزهرية للتراث، ط8، 1417هـ/ 1997م.
- التونجي محمد، المعجم المفصل في الأدب، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط2, 1419هـ/1999م.
- الجرجاني (أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني)، المفتاح في الصرف، حققه وقدم له: د. علي توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1407هـ/ 1987م.
- جورج يول، التداولية، ترجمة: قصي العتابي، الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 1431هـ/ 2010م.
- الخوارزمي (القاسم بن الحسين)، التخمية (شرح المفصل في صناعة الإعراب) ، تح: د. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، دار الغرب الإسلامي ـ بيروت/ لبنان، د. ط.
- الراجحي عبده على إبراهيم ، التطبيق الصرفي، مكتبة المعارف ، الرياض ، ط1، 1420هـ /1999م ۔
- الرازي ، زين الدين أبوعبدالرحمن محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الحنفي الرازي ، مختار الصحاح ، تح : يوسف الشيخ محمد ، المكتبة العصرية –الدار النموذجية ، بيروت –صدا ، ط5 1420هـ/ 1999م
- ربيعة العربي، الحد بين النص والخطاب، مقالة أدبية، مجلة علامات، العـدد 33, مكناس – المغرب,2010م.
- الرضي، شرح الرضي لكافية ابن الحاجب، دراسة وتحقيق: د. يحيى بشير مصري، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط1، 1417هـ/ 1996م.
- سيبويه ، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، الكتاب ، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط3، 1408هـ/ 1988م.
- السيوطي، (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي)، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، تح: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، ط1، 1418هـ/ 1998م.
- الشنقيطي (محمد الأمين بن محمد المختار)، تفسير القرآن بالقرآن من أضواء البيان، إعداد: سيد محمد ساداتي الشنقيطي، دار الفضيلة ـ السعودية، ط1، 1426هـ/ 2005م.
- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الآملي، جامع البيان في تأويل القرآن، تح: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط1، 1420-2000م
- عبدالحميد عبدالواحد, الكلمة في التراث اللساني العربي, عالم الكتب الحديث, إربد – الأردن, 2016م.
- فخر الدين قباوة، تصريف الأسماء والأفعال، مكتبة المعارف ـ بيروت/ لبنان، ط2، 1408هـ/ 1988م.
- القطب محمد القطب، نظام الإدارة في الإسلام دراسة مقارنة بالنظم المعاصرة، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1398هـ/ 1978م.
- ماريان يورغنسن/ لويزفيليبس، تحليل الخطاب: النظرية والمنهج، ترجمة: د. شوقي بوعناني، هيئة البحرين للثقافة والآثار، المنامة، ط1، 2019م.
- محمد العيد، النص والخطاب والاتصال، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي, القاهرة, مصر, 2014هـ.
- محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، دار المعرفة الجامعية، د. ط، 2002م.
- مهى محمود إبراهيم العتوم، تحليل الخطاب في النقد العربي الحديث دراسة مقارنة في النظرية والمنهج، تح: سمير قطامي، الجامعة الأردنية، عمّان،2004م۔
- ميجان الرويلي – سعد البازعي، دليل الناقد الأدبي، إضاءة لأكثر من سبعين تياراً ومصطلحاً نقدياً معاصراً، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ط3، 2002م۔
- ميجان الرويلي/ سعد البازعي، دليل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط3، 2002م.
- نادية رمضان النجار، الاتجاه التداولي والوظيفي في الدرس اللغوي، جامعة حلوان، ط1، 1434هـ/ 2013م.
الهوامش:
- (1) ابن جني، الخصائص، (1/ 33). ↑
- () سعيد يقطين: تحليل الخطاب الروائي، ص21. ↑
- () إبراهيم صحراوي : تحليل الخطاب الأدبي، ص 10. ↑
- () التونجي, محمد: المعجم المفصل في الأدب، ص:402. ↑
- () مهى محمود إبراهيم العتوم، تحليل الخطاب في النقد العربي الحديث، ص 20. ↑
- () ابن فارس، مقاييس اللغة، مادة: (خ. ط. ب) (2/ 199). ↑
- () عبد الحميد عبد الواحد، الكلمة في التراث اللساني العربي، ص 51 ↑
- () ابن فارس، مقاييس اللغة، مادة: (ف. ع. ل) (4/ 511). ↑
- ()عبد الحميد عبد الواحد، الكلمة في التراث اللساني العربي، ص 50 ↑
- () الشنقيطي، تفسير القرآن بالقرآن من أضواء البيان، ص809 ـ 810. ↑
- () الخوارزمي، التخمية (شرح المفصل في صناعة الإعراب)، (1/ 157). ↑
- () ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ومعه كتاب منحة الجليل، (1/ 24). ↑
- () فخر الدين قباوة، تصريف الأسماء والأفعال، ص86. ↑
- () فخر الدين قباوة، تصريف الأسماء والأفعال، ص86. ↑
- () التفتازاني، شرح مختصر التصريف العِزّي في فن الصرف، ص69. ↑
- () التفتازاني، شرح مختصر التصريف العِزّي في فن الصرف، ص69. ↑
- () نموذج رقم (2). ↑
- () نموذج رقم (6). ↑
- () نموذج رقم (7). ↑
- () نموذج رقم (1). ↑
- () نموذج رقم (8). ↑
- () نموذج رقم (8). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
- () نموذج رقم (1). ↑
- () نموذج رقم (2). ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () نموذج رقم (1). ↑
- () نموذج رقم (2). ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () نموذج رقم (3). ↑
- () نموذج رقم (7). ↑
- () نموذج رقم (11). ↑
- () نموذج رقم (2). ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () نموذج رقم (9). ↑
- () ابن جني، الخصائص، (3/ 331 ـ 332). ↑
- () جورج يول، التداولية، ص90. ↑
- () نموذج رقم (1). ↑
- () نموذج رقم (2). ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، ص80. ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () نموذج رقم (8). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
- () نموذج رقم (3). ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () نموذج رقم (6). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
- () نموذج رقم (6). ↑
- () نموذج رقم (9). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
- () نموذج رقم (1). ↑
- () نموذج رقم (4). ↑
- () نموذج رقم (8). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
- () نموذج رقم (9). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
- () نموذج رقم (11). ↑
- ()جورج يول، التداولية، ص93. ↑
- () نموذج رقم (1). ↑
- () نموذج رقم (10). ↑
-
() نموذج رقم (2). ↑