عَوَّادُ بْنِ بَايِقِ الشَّمَّرِيِّ1
1 عميد الكلية الجامعية بتيماء- جامعة تبوك، المملكة العربية السعودية، وأستاذ مشارك للدراسات العربية بالكلية.
بريد الكتروني: morabic77@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(7); https://doi.org/10.53796/hnsj3715
تاريخ النشر: 01/07/2022م تاريخ القبول: 21/06/2022م
المستخلص
هدفت الدراسة إلى الكشف عن الجملة المنفية في ديوان (سلم الخاسر)، من خلال الدراسة النحوية النحوية الدلالية، وتم الاعتماد على المنهج الوصفي. وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج؛ من أهمها: اختلاف مصطلح الجملة عن الكلام؛ لأن الكلام يشترط الإفادة، أما الجملة فتشترط الإسناد، وكثرة صيغ النفي في الديوان؛ مثل: (ما- لا- لم- ليس)، والدلالات الكثيرة للجملة المنفية في الديوان؛ مثل دلالتها على التعظيم، والتخصيص، والكثرة، وقلة مجيء النفي بـ (لن) في نفي الجملة الفعلية. وتوصي الدراسة بالقيام بدراسات مثيلة على هذا الديوان؛ كدراسة الجملة المثبتة فيه.
الكلمات المفتاحية: الجملة- الكلام- النفي- الجملة المنفية- دلالة تركيبية
The negative sentence structure in the Diwan of Salam al-Khasir
semantic grammar study
Awwad bin Bayek Al-Shamry1
1 Dean of Tayma University College – University of Tabuk, Saudi Arabia, and Associate Professor of Arabic Studies at the College.
Email: morabic77@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(7); https://doi.org/10.53796/hnsj3715
Published at 01/07/2022 Accepted at 08/06/2021
Abstract
The study aimed to uncover the exiled sentence in Diwan (Salm EL KHaser), through semantic grammatical grammar, and relied on the descriptive approach. The study reached several conclusions, the most important of which are: the different term sentence from speech, because speech requires submission, the sentence requires attribution, the many forms of denial in the diwan, such as: (ma-no- not-not), and the many connotations of the sentence exiled in the Diwan, such as its indication of glorification, allocation, multitude, and the lack of mention of “no” in denying the actual sentence. The study recommends similar studies to be carried out on this diwan, such as the wholesale study installed in it.
Key Words: sentence- speech – exile – exile sentence – synthetic significance
المقدمة
الحمد لله رب الفواضل والنعم، صاحب المن والكرم، والصلاة والسلام على خير خاقه، وصفوة أنبيائه، سيدنا محمد- صلَّـى الله عليه وسلم-، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد،،
تهدف الدراسات النحوية في أي لغة من لغات العالم إلى غاية واحدة معينة تتمثل في فهم بناء الجملة فيها، أو فهم طريقة أبناء هذه اللغة في تركيب جملهم على نحو معين، كذلك فهم العلاقة بين أجزاء الجملة؛ وهذا كله يؤدي في النهاية إلى التوصل إلى تحديد دلالة الجملة ومقصدية المؤلف([1]).
وإذا كانت الكلمة لا تكتب معناها إلا من خلال علاقتها بغيرها داخل الجملة-؛ فقد أصبحت الجملة ذات دلالة سياقية خاصة؛ يقول ماييه: “إن معنى كلمة ما لا يمكن تحديده إلا بفضل معدل الاستعمالات اللغوية من ناحية، والأفراد والفئات في مجتمع واحد من ناحية أخرى”([2]).
ومن المعلوم أن النفي باب من أبواب المعنى؛ يهدف به صاحبه إلى إخراج الحكم في تركيب مثبت إلى ضده، بصيغة تحتوي على وسيلة نفي، أو باستخدام أسلوب آخر غير مباشر([3]).
ومن ثم وقع اختياري لهذا البحث الموسوم بـ: “بنية الجملة المنفية في ديوان سلم الخاسر: دراسة نحوية دلالية”.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
- الربط بين التنظير النحوي والتطبيقي.
- جمع الوسائل الخاصة بالجملة المنفية في باب واحد.
- قلة الدراسات التي اهتمت ببنية الجملة المنفية في الدرس النحوي.
- الربط بين المستويات اللغوية في هذه الدراسة.
- قلة الدراسات حول ديوان (سلم الخاسر)؛ إذ إن هذا الديوان يستحق الدراسة.
مشكلة البحث:
برغم كثرة دوران (النفي) على الألسنة؛ إلا إننا لم نجد له باباً مستقلاً كغيره من أبواب النحو العربي، ولكننا نجد أدواته متفرقة بين الأساليب النحوية؛ كما يلي:
- (لا- ما- إن- لات): بحثت في باب المرفوعات تارة؛ حيث تعمل عمل (ليس)، وبحثت في باب المنصوبات تارة أخرى باعتبار خبرها.
- (ليس): وضعت في باب (كان)؛ لأنها تعمل عملها.
- (لم- لما): بحثت في باب جزم المضارع.
- (لن): بحثت في باب نصب المضارع([4]).
ومن هنا تأتي هذه الدراسة؛ لتجيب عن السؤال الرئيس التالي:
- كيف تجلت أدوات النفي في ديوان (سلم الخاسر)؟
ويتفرع من هذا السؤال الأسئلة الآتية:
- ما أهم صيغ الجملة الاسمية المنفية في ديوان (سلم الخاسر)؟
- ما أهم صيغ الجملة الفعلية المنفية في الديوان؟
- ما أهم دلالات الجمل المنفية في الديوان؟
منهج الدراسة:
اقتضت الدراسة أن يكون المنهج المستخدم هو المنهج الوصفي القائم على التحليل والاستنباط؛ من خلال عرض الجملة المنفية، وتحليل مكوناتها، واستنباط دلالاتها.
حدود الدراسة:
سيتم الاعتماد في تطبيق المادة النظرية على ديوان (سلم الخاسر)، طبعة دار صادر، ببيروت.
فروض الدراسة:
- كثرة الجمل المنفية في ديوان (سلم الخاسر).
- ارتباط الجمل المنفية في ديوان (سلم الخاسر) بدلالات سياقية معينة.
الدراسات السابقة:
من خلال البحث في كشاف الرسائل والدوريات والكتب-؛ تبين عدم وجود دراسة مثيلة قائمة على ديوان (سلم الخاسر)؛ وهذا ما دفعني للخوض في استكمال هذه الدراسة.
التمهيد
التعريف بالجملة:
لقد كان ثم خلاف بين النحويين قديماً في تعريف الجملة؛ حيث جعلوا (الكلام) و(الجملة) بمعنى واحد؛ كما نرى عند ابن جني في (الخصائص)؛ يقول ابن جني: “أما الكلام فهو لفظ مستقل بنفسه مقيد لمعناه، وهو الذي يسميه النحويون الجمل نحو: زيد أخوك، وقام محمد”([5]).
ومع هذا فإن جمهور النحاة قد أجمع على أن الجملة تختلف عن الكلام؛ فالكلام يشترط فيه الإفادة، أما الجملة فيشترط فيها الإسناد؛ و”لعل ابن هشام هو أول من عقد باباً خاصاً بالجملة، وذكر أقسامها وأحكامها، ولقد أعلن منذ البداية بل في عنوان الباب نفسه عن رأيه فيها: شرح الجملة وبيان أن الكلام أخص منها لا مرادف لها”([6]).
يقول ابن هشام: “الكلام هو القول المفيد بالقصد، والمراد بالمفيد ما دل على معنى يحسن السكوت عليه، والجملة عبارة عن الفعل وفاعله؛ كقام زيد، والمبتدأ وخبره؛ كـ (زيد قائم)، و(كان زيد قائماً)، و(ظننته قائماً)؛ وبهذا يظهر لك أنهما ليسا بمترادفين، كما يتوهمه كثير من الناس”([7]).
وتنقسم الجملة من حيث الإسناد القسمين الآتيين:
- الجملة الاسمية: وتتكون من ركنيين أساسيين، المسند إليه، والمبتدأ، والمسند، وهو الخبر.
- الجملة الفعلية: وتتكون من ركنيين أساسيين، وهما: الفعل، وهو المسند، والفاعل، وهو المسند إليه([8]).
تقول الدكتورة نجوى صقر: “وكل من المسند إليه في الجملة يُعَدّ (عمدة)، وما يزيد عن هذين الركنيين يعد (فَضْلة)؛ فمثلاً في قولك: ذهب محمد إلى المدرسة، يعد كل من الفعل (المسند) ذهب، والفاعل (المسند إليه) محمد، كل منهما يعد عمدة، أما الجار والمجرور (إلى المدرسة) فكل منهما فضلة”([9]).
ويتفق تعريف القدامى للجملة مع تعريف المحدثين؛ حيث يعرفها ريمون طحان على أنها: “الصورة اللفظية الصغرى أو الوحدة الكتابية الدنيا للقول أو الكلام الموضوع للفهم والإفهام، وهي تبين صورة ذهنية كانت قد تألفت أجزاؤها في ذهن المتكلم الذي سعى في نقلها؛ حسب قواعد معينة وأساليب شائعة- إلى ذهن السامع”([10]).
دلالة الجملة:
درس النحويون واللسانيون مصطلح (الدلالة التركيبية) للجملة تحت ما يطلق عليه (علم دلالة الجملة، أو علم الدلالة التركيبي، وهو العلم الذي يهتم ببيان معنى الجملة أو العبارة، وقد بدأ ذلك الاهتمام من وقت تأليف النحو العربي.
ويقصد به تحديد وظيفة معاني أجزاء الجملة، أو الوحدات القاموسية المكونة لها، والصلات الدلالية بين مكوناتها، ومعاني الوحدات الصرفية التي تتحقق من خلال الصلات النحوية بين هذه الوحدات([11]).
هذا بالإضافة إلى أن الجملة قد تحيل إلى مرجعيات أخرى خارج البنية الداخلية المكونة لها؛ مما يزيد من دلالتها في التركيب؛ وهذا ما يطلق عليه في الدراسات الدلالية بـ (نظرية المرجعية) ([12]) Reference.
أنواع الجمل:
وقد أجمع النحويون على تقسيم الجمل قسمين؛ كما يأتي:
القسم الأول- الجمل المقصودة لذاتها: وهي الجمل المستقلة بذاتها عن غيرها؛ مثل: حضر محمد، و(ليتك معنا).
القسم الثاني- الجمل المقصودة لغيرها: وهي الجمل غير المستقلة في التركيب النحوي؛ كالجمل الواقعة خبراً، أو نعتاً، أو حالاً، أو صفة؛ مثل: (أقبل أخوك وهو مسرع)، فجملة (وهو مسرع) جملة غير مستقلة؛ لأنها قيد للجمة قبلها، وموقعها في محل نصب حال([13]).
التعريف بالجملة المنفية:
يسمى النفي في لغتنا العربية بالجحد؛ إذ يرى (الطبري) أن (غير) تستخدم للاستثناء والجحد بمعنى سوى، ولكن مصطلح النفي هو الأكثر جرياناً على الألسنة([14]).
وتوجد في لغتنا أدوات للإثبات تقابل أدوات النفي؛ فمثلاً الأدوات: (لم- كلا- لا) أدوات نفي تقابل الأدوات الآتية في الإثبات: (نعم- بلى) ([15]).
وإذا نظرنا إلى الجملة المنفية نجد أنها تعرف بأنها “الجملة الاسمية أو الفعلية المسبوقة بأداة من الأدوات النافية؛ لنفي علاقة الإسناد بين طرفيها في زمن معين، يختلف باختلاف الأداة والتركيب؛ فمن هذه الأدوات ما ينفي مضمون الجملة في الزمن الماضي، ومنه ما ينفيه في الزمن الحاضر، أو المستقبل”([16]).
وإذا تأملنا التراكيب المنفية في لغتنا العربية نجد أن أدوات النفي المستعملة فيها ليست مترادفة، ولا يمكن أن نستبدل بعضها ببعض في نفس السياق؛ فمثلاً جملة (ما سافرت هند) تختلف في دلالتها عن جملة (لن يتزوج خالد هنداً)؛ فلكل دلالته الخاصة في الجملة([17]).
التعريف بالشاعر:
هو سلم بن عمرو بن حماد بن عطاء بن ياسر، ينتمي نسبه إلى بني تميم بن مرة، وموالي أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-، ولد بالبصرة، ثم قدم بغداد، ومدح الخليفة المهدي والهادي، ولازم الرشيد والبرامكة، ولم يرد في كتب التراجم شيء عن سنة ولادته([18]).
تتلمذ على يد بشار بن برد، وإبراهيم الموصلي، وأبي العتاهية، وعرف بالزهد؛ حيث ورد عنه أنه رفض ميراثه لأبيه ومقداره مائة ألف درهم، واستبدل به دفاتر شعر كانت لأبيه؛ فلقبه الجيران بالخسران([19]).
وتوفي سلم الخاسر سنة 186ه في فترة ولاية الخليفة الرشيد([20]).
التعريف بديوان الشاعر:
يقع الديوان في مائة وخمسين ورقة تقريباً؛ فقد حققه أول مرة المستشرق النمساوي فون غرنباوم عام 1950م، ثم أعاد تحقيقه الدكتور محمد يوسف نجم، وقد اتعنى به المحققون كثيراً؛ فراجعه الدكتور إحسان عباس وأصدره بعنوان: (شعراء عباسيون) سنة 1959م، واستدرك على طبعاته الأستاذ حاتم غنيم ونشر تلك الاستدراكات في العدد الثاني من المجلد الأول بمجلة مجمع اللغة العربية الأردني سنة 1978م([21]).
الفصل الأول
الجملة الاسمية المنفية
تعريفها:
تعرف الجملة الاسمية المنفية بأنها “الجملة المسبوقة بأداة من أدوات النفي؛ لنفي علاقة الإسناد بين المبتدأ وخبره”([22]).
أنماطها في الديوان:
- ما:
تأتي (ما) دالة على نفي الحال؛ كما تسهم في تنشيط المتلقي وإثارة ذهنه من خلال تحويل النص الشعري من الإثبات إلى النفي([23])؛ كما سنرى في الشواهد التالية من شعر سلم الخاسر:
- ما+ جار ومجرور مقدم+ مبتدأ نكرة([24]):
قد عزني الداء فما لي دواء |
مما أُلاقي من حسان النساء |
حيث جاء الشاهد مكوناً من: (ما) النافية، والجار والمجرور المتعلق بمحذوف تقديره كائن، أو يكون، خبر المبتدأ المؤخر (دواء)، ودل تقديمه على التخصيص والاهتمام به، كما جاء المبتدأ نكرة مؤخراً؛ ليدل على العموم والشمول؛ فالنفي هنا اشترك مع باقي المركبات الأخرى؛ للدلالة على التخصيص، وهي إحدى دلالاته([25]).
- ما+ جار ومجرور مقدم+ مبتدأ معرفة([26]):
أنفاسها مسك، وفي طرفها |
سحر، وما لي غيرها من دواء |
حيث تركب أسلوب النفي السابق من: (ما) التي تفيد النفي، ودخلت هنا على الجملة الاسمية؛ للدلالة على تأكيد النفي، والجار والمجرور المتعلق بمحذوف تقديره كائن أو يكون؛ وحذفه أفاد تقوية الكلام، والواقع هنا خبراً مقدماً لمبتدأ الجملة الصغرى للمبتدأ (غير)، وجاء المبتدأ غير معرفاً بالإضافة إلى ضمير الغيبة (الهاء) الذي يحيل إلى المحبوبة، والجملة الصغرى (لي غيرها) وقعت خبراً مقدماً للمبتدأ الجملة الكبرى (دواء)، والذي جاء مجروراً لفظاً بحرف الجر الزائد (من)؛ للدلالة على التوكيد؛ لأن الخبر قد يزيد عليه حرف الجر الزائد؛ فيؤكده([27])؛ ومن ثم فقد اجتمع على هذه الجملة أكثر من مؤكد؛ وذلك لدفع الريب والجحد والإنكار على مشاعر الشاعر تجاه محبوبته.
- ما+ مبتدأ+ جار ومجرور خبر([28]):
ما مقامي على الثِّماد، وقد فا |
ضت بحور الندى بكفي يزيد |
وقد تركب الشاهد هنا من: (ما) النافية الداخلة على جملة اسمية، والمبتدأ (مقام) المجرور لفظاً المرفوع محلاً؛ بسبب حركة المناسبة التي ولَّدتها (ياء المتكلم)؛ وإضافة المبتدأ إلى ياء المتكلم دلت على الفخر والعزة، وجاء الخبر شبه الجملة (على الثماد) مكوناً من الجار والمجرور، الذي يدل على التخصيص، ويحيل إحالة خارجية إلى البيئة التي كان يحياها شلم الخاسر، والتي كانت تخلو من الخيم وما يرتبط بحياة البداوة؛ فالشاعر كان حضرياً يسكن الفواره من المنازل.
- ليس:
(ليس) وحدة مورفولوجية يغلب عليها نفي الحال، وقد تأتي نافية للماضي، والحاضر، والمستقبل؛ كما نراه في الحكم والأمثال؛ يقول ابن يعيش: “اعلم أن ليس فعل يدخل على جملة ابتدائية فينفيها في الحال، وذلك أنك إذا قلت: زيد قائم، ففيه إيجاب قيامه في الحال، وغذا قلت: ليس زيد قائماً، فقد نفيت هذا المعنى”([29]).
وقد دلت (ليس) في شعر سلم الخاسر على نفي الحال فقط؛ كما يظهر في الأمثلة التالية:
- ليس+ جار ومجرور مقدم+ اسم ليس([30]):
له حسب يضن به ليبقى |
وليس لما يضن به بقاء |
فنلاحظ هنا مجيء التركيب مكوناً من: (ليس) التي تنفي مضمون الجملة الاسمية المنسوخة المحولة عن جملة المبتدأ، والخبر المقدم في محل نصب شبه الجملة (لما)، والمكون من: (اللام) حرف جر؛ يدل على التخصيص، و(ما) اسم موصول مبهم لغير العاقل، والذي يدل على الكثرة، والجملة الفعلية (يضن)، والمكونة من: (يضن) فعل مضارع؛ يدل على الاستمرار والإثبات، وفاعله محذوف جوازاً تقديره (هو)، والجملة بأكملها صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، والتي جاءت؛ للدلالة على تماسك الجملة؛ وذلك لأن الجملة الواقعة صلة للموصول “إنما هي في حقيقة الأمر قد وردت متممة للاسم الموصول، فهي كالجزء منه”([31])، ثم جاء اسم ليس مؤخراً؛ للدلالة على تماسك الجملة الشعرية؛ لوقوعه في رويها؛ مما يعطي إيقاعاً جمالياً مؤثراً للتركيب.
وهذا يتفق مع رأي الجمهور في جواز تقديم خبر (ليس) على اسمها، لكن يمنع تقديمه عليها؛ فلا يجوز: قائماً ليس زيد؛ وهذا ما جعل أحد الباحثين يذهب إلى القول بدقة عالم اللغة العربية المعاصر وهو يصف الظاهرة اللغوية([32]).
- ليس+ ضمير مستتر+ خبر جملة فعلية فعل مضارع([33]):
على الضبي لؤم ليس يخفى |
يغطيه، فينكشف الغطاء |
فنلاحظ هنا أن الجملة الاسمية المنفية السابقة مكونة من: (ليس)، والتي تدل على النفي، واستمرارية النفي لزمن التحدث، واسم ليس محذوف جوازاً تقديره: (هو)؛ للدلالة على تقوية الجملة، وخبر ليس جاء جملة فعلية فعلها مضارع (يخفى)؛ للدلالة أيضاً على استمرارية النفي لزمن التحدث.
- ليس+ إلا+ اسم ليس+ جار ومجرور مقدم+ خبر ليس([34]):
فليس إلا انتظاري منك عارفةً |
فيها من الخوف منجاة ومُنقلب |
تتكون الجملة الاسمية المحولة السابقة من: (ليس) التي تدل على تأكيد النفي في الحال، و(إلا) التي جاءت زائدة؛ للدلالة على التأكيد، و(انتظاري) الواقع اسم ليس؛ وجاء مضافاً إلى (ياء) المتكلم؛ للدلالة على التخصيص، وجاء مؤخراً عن (ليس)؛ لشد الانتباه وزيادة الاهتمام، وجاء الجار والمجرور (منك)، المكون من: (من) التي تدل على تحديد الوقت، والضمير (الكاف) الذي يدل على استحضار الصورة، والجار والمجرور هنا متعلق بالمصدر (انتظار)؛ مما يعمل على تحقيق التماسك داخل بنية الجملة، وجاء خبر ليس في موضعه مؤخراً (عارفة)، حيث جاء نكرة؛ للتخصيص.
- ليس+ جار ومجرور+ اسم ليس([35]):
شربت بمكة في ذرى بطحائها |
ماء النبوة، ليس فيه مزاج |
يتبين من خلال الشاهد السابق مجيء التركيب المنفي من: (ليس) التي تفيد تأكيد النفي للحظة الحال، والجار والمجرور (فيه) المتعلق بمحذوف تقديره كائن أو يكون، والواقع شبه جملة في محل نصب خبر (ليس)، حيث وقع مقدماً؛ للدلالة على التخصيص والاهتمام بالمتقدم، واختيار حرف الجر (في) جاءت بمقصدية الشاعر ذاته؛ للدلالة على الثبات والاستقرار واستمرارية الحدث، ثم جاء اسم ليس (مزاج) المحول عن المبتدأ- مؤخراً-؛ وذلك لإعطاء إيقاع موسيقي مؤثر لروي البيت.
- همزة الاستفهام+ ليس+ اسم ليس إشارة+ خبر ليس([36]):
أليس هذا عجيباً |
أموت، طوراً، وأُنْشَرْ |
وهنا جاءت الجملة الاسمية المنفية مكونة من: (همزة الاستفهام)؛ التي جاءت؛ للدلالة على معنى غير مباشر للجملة الاسمية المحولة عن المبتدأ والخبر؛ وهو هنا: التقرير، و(ليس) التي تدل على تأكيد النفي للحظة التحدث، واسمها (هذا)، المكون من: (الهاء)؛ التي تدل على التنبيه، و(ذا) اسم الإشارة المحول عن المبتدأ، في محل رفع اسم (ليس)، والذي يدل على التخصيص بتعيين الخبر المشار إليه، والخبر (عجيباً) الواقع منصوباً على؛ لأنه خبر (ليس)، وجاء الخبر نكرة؛ للدلالة على التخصيص.
ج- لا النافية للجنس:
- لا+ مبتدأ نكرة+ خبر جار ومجرور([37]):
وأنت كالدهر مبثوثاً حبائله |
والدهر لا ملجأ منه، ولا هرب |
تتكون الجملة الاسمية المنفية هنا من: (لا) النافية للجنس، والتي تدل على تأكيد نفي الجملة الاسمية في زمن التحدث الحاضر، بالإضافة إلى دلالتها على الكثرة والشمول، واسمها (ملجأ)، وإعرابه: اسم لا النافية للجنس، مبني على الفتح، في محل نصب، وخبرها جاء شبه جملة (منه)، متعلق بمحذوف تقديره كائن أو يكون، في محل رفع خبر (لا) النافية للجنس، وجاء التركيب دون انزياح أسلوبي؛ لأمن اللبس، وضماناً لتماسك بنية الجملة.
وقد اتضح مدى تمسك سلم الخاسر بالقاعدة النحوية لجمهور النحاة، والذين اشترطوا في إعمال (لا) النافية للجنس أربعة شروط؛ وهي: أن تنص على نفي الجنس نفياً عاماً، وأن يكون اسمها وخبرها نكرتين، وألا يفصل بينها وبين اسمها فاصل، وألا يدخل عليها حرف جر([38]).
ومن هذا القبيل قول سلم الخاسر:
ولا خير في الغازي إذا آب سالماً |
إلى الحي لم يُجرَح، ولم يتخدَّدِ |
حيث تتكون الجملة من: (لا) النافية للجنس، واسمها (خير) المبني على الفتح، في محل نصب، والمحول عن المبتدأ، الخبر شبه الجملة (في الغازي)، في محل رفع خبر (لا)، واختيار حرف الجر (في)؛ للدلالة على الثبات والتمكين، بالإضافة إلى دلالة شبه الجملة الكلية على التخصيص.
- لا+ مبتدأ نكرة+ جملة فعلية خبر([39]):
فما نفع كنفع أبي علي |
ولا أحد يصير كما يصيرُ |
تتكون الجملة هنا من: (لا) النافية للجنس؛ مما يحقق دلالتها على العموم والشمول، واسمها (أحد) اسم لا النافية للجنس، مبني على الففتح، في محل نصب، وجاء مفرداً؛ للدلالة على التخصيص، وجاء خبر (لا) جملة فعلية فعلها مضارع: (يصير)؛ للدلالة على التجدد والاستمرار، في محل رفع خبر (لا)، وهي جملة صغرى؛ تفيد تقوية الكلام وتماسكه.
الفصل الثاني
الجملة الفعلية المنفية
تعريفها:
تعرف الجملة الفعلية المنفية بأنها الجملة التي يسبقها أداة من أدوات النفي؛ لنفي علاقة الإسناد بين الفعل وفاعله في زمن معين([40]).
أنماطها في الديوان:
- ما:
- ما+ فعل ماض+ فاعل([41]):
لعمري لو أقام أبو خَديجٍ |
بناء الدار ما انهدم البناء |
نلاحظ هنا تكون الجملة الاسمية من: (ما) التي تفيد النفي في الزمن المستقبل المحول عن الماضي؛ وذلك لدخول أداة الشرط (لو) على (أقام) ([42])؛ فنفيت دلالة ؛ الفعل الماضي (انهدم)؛ وهو فعل من أفعال المطاوعة النحوية؛ مما يدل على دلالة غير مباشرة تفهم من سياق الجملة؛ وهي التحقير والتوبيخ والكراهية، والفاعل (البناء)؛ وجاء معرفاً بـ (ال)؛ للتخصيص، وجاءت الجملة على مستواها في الترتيب النحوي؛ لأمن اللبس، وتحديد المعنى.
- ما+ فعل مضارع+ فاعل مستتر+ جار ومجرور([43]):
وما يخفى عليك، وأنت طَبٌّ |
بطون للأمور، ولا ظهورُ |
ويختلف الشاهد هنا عن الشاهد في المثال السابق؛ وذلك لكونه هنا داخلاً على فعل مضارع، وهو: (يخفى)؛ مما يدل دلالة واضحة على استمرارية السلب في الزمن الحاضر؛ والعبرة بوجود قرينة دالة على الاستمرارية([44])، وهي هنا: (ما). وجاء الفاعل ضميراً مستتراً تقديره: (هو)؛ للدلالة السياقية على العلم به، ثم جاءت الفضلة المكونة من الجار والمجرور (عليك)؛ للدلالة على التخصيص والتأكيد، وعملية اختيار حرف الجر (على) جاءت بمقصدية الشاعر؛ للدلالة على السيطرة والقدرة، وعلو الشأن والمنزلة.
- ما+ فعل مضارع+ فاعل+ جار ومجرور([45]):
ولكن آثار الأحبة بينها |
بلين، وما تبلى البلابل في صدري |
نلاحظ هنا أن الجملة مكونة من: (ما) التي تفيد النفي، ودخلت هنا على فعل مضارع (تبلى)؛ للدلالة على تأكيد النفي في الزمن الحاضر، وجاء الفاعل اسماً ظاهراً (البلابل)، وجاء جمعاً؛ للدلالة على الكثرة، وجاءت الجملة على الترتيب الأصلي للجملة الفعلية؛ لأمن اللبس، والحرص على تماسكها.
- لم:
والمركب النحوي (لم) حرف نفي، وجزم، وقلب، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، يأتي في الجملة الفعلية التي تبدأ بفعل مضارع، فتقلب زمانه إلى الماضي؛ وقد دل المركب (لم) على الماضي كثيراً في شعر سلم الخاسر([46])؛ كما سيأتي:
- لم+ فعل مضارع مبني للمجهول+ جار ومجرور+ نائب فاعل([47]):
فقد حلفت يميناً غير كاذبة |
يوم المغيبة لم يُقطع لها سبب |
حيث تتكون الجملة هنا من: (لم) التي تدل على تحويل زمن النفي من الحاضر إلى الماضي؛ ومن ثم أطلق عليها النحويون مصطلح (حرف قلب)، ودخل المركب الحرفي (لم) في هذه الجملة على فعل مضارع مبني للمجهول من فعل صحيح؛ وهو: (يقطع)، الواقع في محل جزم، ثم أُتبِع بجار ومجرور متعلق به (لها)؛ لدلالة على الملكية، وجاء نائب الفاعل مؤخراً عن فعله (سبب)؛ لتحقيق الإيقاع الخارجي في القصيدة.
- لم+ فعل مضارع+ جار ومجرور مقدم+ الفاعل([48]):
وأغتدي والشمس محجوبة |
لم تنسفر عنها الجلابيب |
والجملة هنا مكونة من: (لم) التي تدل على تحويل الزمن الحاضر إلى الماضي، والفعل المضارع المجزوم بها (تنسفر)؛ وهو دال على التجدد والاستمرار، وهو فعل من أفعال المطاوعة النحوية؛ التي تدل على تخصيص الحدث، والجار والمجرور المتعلق بالفعل المطاوع: (عنها)؛ وذلك للتخصيص؛ وجاء الفاعل (الجلابيب) جمعاً؛ للدلالة على الكثرة، وتحقيق إيقاع النص.
- لم+ فعل مضارع+ مصدر مؤول مفعول به+ فاعل([49]):
لولا هُداكم وفضلُ أولكم |
لم تدر ما أصل دينها العَربُ |
تتكون الجملة الفعلية المنفية هنا من: (لم) التي تحول زمن الحاضر إلى زمن الماضي؛ والفعل المضارع المجزوم بها، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الياء)، وجاءت عملية الاختيار للفعل المضارع دون غيره؛ للدلالة على الاستمرار، وحذف لام الفعل؛ لتقوية الكلام، والاستغناء بالمفيد، وجاء الفاعل محذوفاً جوازاً تقديره: هي؛ مما يحيل إلى عنصر أنثوي يظهر من خلال تحليل سياق النص، وجاء المفعول به في هذه الجملة اسماً مبهماً (ما)، وهو اسم موصول لغير العاقل؛ مما يدل على التوبيخ والتحقير.
- لم+ فعل مضارع+ فاعل مستتر+ مفعول به ضمير([50]):
ويرفض الدنيا، ولم يلقها |
ولم يكن يسعى ويسترفد |
وتتكون هذه الجملة من: (لم) التي تفيد تحويل نفي الحاضر إلى الماضي، والفعل المضارع المجزوم بها (يكن)، والذي حدث فيه حذف الحرف الأجوف (الواو)؛ لالتقاء ساكنين؛ مما يدل على التخفيف، وجاء اسم (يكن) محذوفاً جوازاً تقديره: (هو)، والذي يفهم من سياق الكلام؛ وحذفه أفاد تقوية المعنى.
- لم+ فعل مضارع+ فاعل مستتر+ ممفعول به محذوف([51]):
هذا الخليفة جوده ونواله |
نفد السؤال وجوده لم ينفد |
نلاحظ هنا تكون الجملة من: (لم) التي قلبت زمن الحاضر إلى الماضي، الفعل المضارع المجزوم بها (ينفد)، والذي يعد من أفعال المطاوعة النحوية؛ التي تدل على اختيارية الفعل، وجاء الفعل مكسوراً آخره؛ للدلالة على حرف الروي الموسيقي في قافية البيت.
- لم+ فعل مضارع+ فاعل مستتر+ مفعول به نكرة([52]):
ظللنا نَشاوَى عند أم محمد |
بيوم، ولم نشرب طلاء ولا خمراً |
تتكون الجملة هنا من: (لم) التي حولت زمن الحاضر إلى زمن الماضي، والفعل المضارع المجزوم بها، وعلامة جزمه السكون (نشرب)؛ والذي جاء دالاً على التعظيم والفخر بالقرينة (نون) العلامة من علامات الفعل المضارع، وأيضاً من الفاعل المحذوف وجوباً في الجملة، وتقديره (نحن)، وجاء المفعول به (طلاء) نكرة؛ للتعظيم، والتخصيص.
- لم+ فعل مضارع محذوف اللام+ فاعل مستتر+ مفعول به([53]):
ثمانين ألفاً حُزت من صلب ماله |
ولم يك قسماً من أولي وأولائكا |
نلاحظ هنا تكون الجملة المنفية من: (لم)، وهي- كما سبق القول- تدل على الماضي؛ والفعل المضارع المجزوم بها (يك)، وعلامة جزمه السكون، وقد حدث لهذا الفعل تغاير أسلوبي؛ إذ حذفت لامه، وهي: (النون)؛ وذلك للتخفيف الناتج عن كثرة الاستعمال، والذي يدل دلالة غير مباشرة على أهمية الفكرة الرئيسة التي يعرضها سلم الخاسر.
ج- لا:
- أن+ لا+ فعل مضارع مبني للمعلوم+ فاعل+ مفعول به([54]):
ألا يحالف مدحي غيركم أبداً |
ولو تلاقى عليّ الغَرْضُ والحَقَبُ |
حيث تتكون الجملة من: (أن)، وهي حرف ناصب للفعل المضارع؛ ويدل على الانتظار والتوقع في المستقبل، و(لا) التي تدل على النفي في زمن الحاضر، والذي انزاح للمستقبل؛ بسبب دخول (أن) عليها، والفعل المضارع المبني للمعلوم (يحالف)، والذي جاء دالاً على الاستمرارية، والفاعل (مدح)، والذي حدث له انزياح أسلوبي؛ حيث جُر لفظاً بسبب اشتغال المحل بحركة المناسبة التي ولدتها ياء المتكلم، والذي يدل على التخصيص، ثم جاء المفعول به مضافاً إلى ضمير الإحالة (غيركم)؛ للدلالة على التخصيص، وجاءت الجملة محافظة على ترتيبها؛ لأمن اللبس، وإيضاح المعنى.
- لا+ فعل مضارع+ مفعول به+ فاعل([55]):
فيا معشر العشاق ما أبغض الهوى |
إذا كان لا يلقى المحب حبيب |
تتكون هذه الجملة من: (لا) التي تدل على نفي الحال، وهنا نفت الجملة الفعلية المصدرة بالفعل المضارع (يلقى)، الذي يدل هو أيضاً على الاستمرارية، وجاء المفعول به مقدماً على فاعله في الجملة (المحب)؛ للتخصيص وللاهتمام بالمتقدم، وجاء الفاعل (حبيب) مؤخراً؛ وقد قام بفائدة جليلة في هذا التركيب، تتمثل في المحافظة على نغمة القافية وإيقاعها المؤثر.
- لا+ فعل مضارع+ فاعل مستتر([56]):
ما أقبح التزهيد من واعظ |
يُزهِّدُ الناس، ولا يزهدُ |
نلاحظ هنا مجيء تركيب النفي من: (لا) التي تدل على نفي الحال، والفعل المضارع (يزهد)؛ الذي يدل على التجدد والاستمرار، وفاعله المحذوف وجوازاً، وتقديره: (هو)؛ لتقوية الكلام، وجاء المفعول به أيضاً محذوفاً؛ للعلم به؛ مما يعمل كذلك على تقوية المعنى.
- لا+ فعل مضارع+ فاعل معرفة+ مفعول به معرف([57]):
له شيمة عند بذل العطاء |
لا يعرف الناس مقدارها |
تتكون الجملة المنفية في البيت السابق من: (لا)؛ التي تدل على تحقيق النفي في زمن الحاضر، والفاعل (الناس)، وجاء مرفوعا، كما جاء جمعاً؛ للدلالة على الكثرة، وجاء معرفاً بـ (ال)؛ للدلالة على التخصيص، وجاء المفعول به اسماً ظاهراً (مقدار)، ونلاحظ أنه جاء معرفاً بضمير الغيبة (الهاء)؛ للدلالة على التخصيص.
- لا+ فعل ماض+ فاعل مستتر+ مفعول به([58]):
ولا غرس الأمور، ولا اجتناها |
كيحيى حين يعزم أو يسيرُ |
تتكون هذه الجملة من: (لا)، وهي هنا دخلت على فعل ماض؛ لتأكيد النفي في زمن الماضي، والفعل الماضي (غرس)؛ الذي يدل على الثبوت والتأكيد، والفاعل محذوف جوازاً، تقديره: (هو)؛ للعلم به، ولتقوية الجملة بعدم ذكره، والمفععول به (الأمور)، والذي جاء جمعاً؛ للدلالة على التنوع، وجاء معرفاً بـ (ال)؛ للدلالة على التخصيص.
والذي نراه على تركيب (لا) هنا أنها توافق عرف النحاة؛ لأن (لا) إذا وليها فعل ماض أو خبر وجب تكرارها([59])؛ وهذا ما رأيناه في هذه الجملة؛ حيث وليها فعل ماض؛ ومن ثم تكررت.
د- لن:
وقد دلت (لن) على النفي في ديوان سلم الخاسر، ولكن لم أظفر لها إلا بشاهد واحد كالتالي:
- لن+ فعل مضارع+ جار ومجرور+ حرف عطف+ معطوف عليه+ إلا+ الفاعل([60]):
لن يدنيك للحبيب ووصله |
إلا السُّرى، والبازل الهجهاجُ |
حيث تتكون هذه الجملة المنفية من: (لن)؛ التي تدل على تأكيد النفي في المستقبل، والفعل المضارع المنصوب بها: (يدني)؛ الدال على التجدد والاستمرار، والمفعول به الواقع ضميراً للخطاب (الكاف)، والمتصل بالفعل؛ مما يدل دلالة غير مباشرة على أهمية الكلام، ثم جاءت الفضلة الأولى المكونة من الجار والمجرور (للحبيب)، والمتعلق بالفعل (يدني)؛ للدلالة على التخصيص، والفضلة الثانية التي جاءت مكونة من حرف العطف والاسم المعطوف عليه (ووصل)؛ للدلالة على المشاركة الزمنية والفعلية، و(إلا) التي جاءت زائدة للتحصر والتوكيد، والفاعل الذي وقع مؤخراً (السرى)؛ مما دل على التشويق والبحث عنه في سياق النص.
الخاتمة
(أولاً)- نتائج الدراسة:
بعد رحلة نحوية مع الجملة المنفية في ديوان (سلم الخاسر) تم التوصل إلى النتائج الآتية:
- تختلف الجملة في التركيب النحوي عن الكلام؛ لأن الكلام يتطلب الإفادة، أما الجملة فتتطلب الإسناد بين طرفيها.
- تنتمي دلالة الجملة في علم اللغة الحديث إلى علم الدلالة التركيبية.
- تعمتد دلالة الجملة على الوحدات الصرفية، والعلاقات النحوية بين عناصرها، والإحالات المرجعية.
- تنقسم الجمل إلى جمل مقصودة لذاتها، وتأتي مستقلة عن غيرها، وجمل مقصودة لغيرها، وتأتي غير مقصودة لذاتها.
- تعرف الجملة المنفية بأنها الجملة الاسمية أو الفعلية المسبوقة بأداة نفي.
- جاءت تراكيب الجملة الاسمية المنفية كثيرة ومتنوعة في ديوان (سلم الخاسر)؛ حيث كانت أهم صيغها المسبوقة بالأدوات: (ما- ليس- لا النافية للجنس).
- من أهم دلالات الجملة الاسمية المنفية في ديوان (سلم الخاسر): الدلالة على العموم والشمول، والتخصيص، ونفي حدوث الفعل في زمن الاستمرار.
- جاءت تراكيب الجملة الفعلية المنفية كثيرة باستخدام الأدوات التالية: (ما- لم- لا).
- من أهم دلالات الجملة الفعلية المنفية في ديوان (سلم الخاسر): نفي الحدوث في الماضي، والحاضر، والمستقبل.
- جاءت تراكيب الجملة الفعلية المنفية قليلة جداً لا تتعدى شاهداً واحداً باستخدام أداة النفي: (لن).
- دلت الجملة الفعلية المنفية المبدوءة بـ (لن) على نفي المستقبل.
(ثانياً)- توصيات الدراسة:
- دراسة الجملة المؤكدة في ديوان (سلم الخاسر).
- دراسة الجملة المثبتة في ديوان (سلم الخاسر).
وأدعو الله- جلا وعلا- أن أكون قد وفقت لما هدفت إليه؛ إنه نعم المولى، ونعم النصير،،
المراجع
ابن الجوزي، المنتظم، ت: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1992م.
- ابن المعتز، طبقات الشعراء، ت: عبد الستار أحمد فراج، دار المعارف، القاهرة، 1968م.
ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، ت: محمد علي النجار، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1999م.
ابن هشام، جمال الدين، معني اللبيب عن كتب الأعاريب، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الطلائع، القاهرة، 2007م.
أبو حسين، محمد محمود، مستوى التراكيب النحوية في ضوء علم اللغة الحديث عند ابن جزي في التسهيل، دار النابغة، طنطا، 2015م.
البقري، أحمد ماهر، أساليب النفي في القرآن، دار المعارف، القاهرة، 1985م.
الحبابي، فاطمة الجامعي، لغة أبي العلاء المعري في رسالة الغفران، دار المعارف، القاهرة، 1988م.
- الخاسر، سلم بن عمرة، الديوان، ت: شاكر العاشور، دار صادر، بيروت، 2017م.
- الخويسكي، زين كامل، الجملة الفعلية المنفية في شعر المتنبي، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1986م.
- السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربية: تأليفها وأقسامها، دار الفكر، عمَّان، 2002م.
السيد، صبري إبراهيم، لغة القرآن الكريم: دراسة في التركيب النحوي لسورة يس، مكتبة الآداب، القاهرة، 2011م.
- الشاذلي، أبو السعود حسنين العناصر الأساسية للمركب الفعلي وأنماطها من خلال القرآن الكريم: دراسة تطبيقية، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1991م.
الشاذلي، أبو السعود حسنين، المركب الاسمي الإسنادي وأنماطه من خلال القرآن الكريم، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1990م.
الصفدي، الصلاح، الوافي بالوفيات، منشورات المعهد الألماني، للأبحاث الشرقية، بيروت، د. ت.
المتوكل، أحمد، الوظيفة والبنية: مقاربات وظيفية لبعض قضايا التركيب في اللغة العربية، عكاظ، الرباط، 1990م.
- النميري، حسن محمود، الوجيز في الأدوات النحوية، دار المعراج الدولية، الرياض، 1998م.
بوجوش، رابح، التراكيب اللسانية في الخطاب الشعري القديم: تطبيقات على النظرية التوليدية التحويلية لتشومسكي، مكتبة الآداب، القاهرة، 2006م.
حسان، تمام، اللغة العربية معناها ومبناها، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1979م.
صقر، نجوى محمود، دراسات في النحو العربي والصرف والتركيب، كلية الآداب، جامعة حلوان، د. ت.
طحان، ريمون، الألسنية العربية، سلسلة الألسنية، العدد2، بيروت، 1972م.
عبد الحميد، عبد الحميد السيد، مفتاح الإعراب، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1991م.
عبد اللطيف، محمد حماسة، النحو والدلالة: مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي، دار الشروق، القاهرة، 2000م.
عكاشة، محمود، التحليل اللغوي في ضوء علم الدلالة: دراسة في الدلالة الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية، دار النشر للجامعات، القاهرة، 2005م.
علي، مصطفي إبراهيم، البنية النحوية لشعر عروة بن الورد، دار الوفاء، المنصورة، 1989م.
- عمايرة، خليل، في التحليل اللغوي: منهج وصفي تحليلي وتطبيقه على التوكيد اللغوي والنفي اللغوي وأسلوب الاستفهام، المنار، الأردن، 1987م.
عوض، طاهر، من روائع اللغة العربية، الزيني للطباعة، القاهرة، 1985م.
كاظم، ظافر، الجملة العربية في ضوء الدراسات اللسانية، دار العين، القاهرة، 2017م.
الفضلي، عبد الهادي، دراسات في الفعل، دار القلم، بيروت، 1982م.
- ابن يعيش، شرح المفصل، عالم الكتب، بيروت، د. ت.
الهوامش:
- () صقر، نجوى محمود، دراسات في النحو العربي والصرف والتركيب، ص21، كلية الآداب، جامعة حلوان، د. ت. ↑
- () عبد اللطيف، محمد حماسة، النحو والدلالة: مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي، ص56، نقلاً عن ماييه، دار الشروق، القاهرة، 2000م. ↑
- () عمايرة، خليل، في التحليل اللغوي: منهج وصفي تحليلي وتطبيقه على التوكيد اللغوي والنفي اللغوي وأسلوب الاستفهام، ص154، المنار، الأردن، 1987م. ↑
- () الخويسكي، زين كامل، الجملة الفعلية المنفية في شعر المتنبي، ص3، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1986م. ↑
- () ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، ت: محمد علي النجار، ج1، ص17، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1999م. ↑
- () الحبابي، فاطمة الجامعي، لغة أبي العلاء المعري في رسالة الغفران، ص109، دار المعارف، القاهرة، 1988م. ↑
- () ابن هشام، جمال الدين، معني اللبيب عن كتب الأعاريب، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، ج2، ص374، دار الطلائع، القاهرة، 2007م. ↑
- () صقر، نجوى محمود، دراسات في النحو العربي والصرف والتركيب، ص ص18/19. ↑
- () المرجع السابق، ص19. ↑
- () طحان، ريمون، الألسنية العربية، سلسلة الألسنية، العدد2، ص44، بيروت، 1972م. ↑
- () عكاشة، محمود، التحليل اللغوي في ضوء علم الدلالة: دراسة في الدلالة الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية، ص119، دار النشر للجامعات، القاهرة، 2005م. ↑
- () كاظم، ظافر، الجملة العربية في ضوء الدراسات اللسانية، ص394، دار العين، القاهرة، 2017م. ↑
- () السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربية: تأليفها وأقسامها، ص12، دار الفكر، عمَّان، 2002م. ↑
- () البقري، أحمد ماهر، أساليب النفي في القرآن، ص13، دار المعارف، القاهرة، 1985م. ↑
- () أبو حسين، محمد محمود، مستوى التراكيب النحوية في ضوء علم اللغة الحديث عند ابن جزي في التسهيل، ج2، ص196، دار النابغة، طنطا، 2015م. ↑
- () علي، مصطفي إبراهيم، البنية النحوية لشعر عروة بن الورد، ص58، دار الوفاء، المنصورة، 1989م. ↑
- () المتوكل، أحمد، الوظيفة والبنية: مقاربات وظيفية لبعض قضايا التركيب في اللغة العربية، ص80، عكاظ، الرباط، 1990م. ↑
- () الصفدي، الصلاح، الوافي بالوفيات، ج15، ص ص302-350، منشورات المعهد الألماني، للأبحاث الشرقية، بيروت، د. ت. ↑
- () ابن المعتز، طبقات الشعراء، ت: عبد الستار أحمد فراج، ص99، دار المعارف، القاهرة، 1968م. ↑
- () ابن الجوزي، المنتظم، ت: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، ج9، ص325، دار الكتب العلمية، بيروت، 1992م. ↑
- () الخاسر، سلم بن عمرة، الديوان، ت: شاكر العاشور، ص5، دار صادر، بيروت، 2017م. ↑
- () السيد، صبري إبراهيم، لغة القرآن الكريم: دراسة في التركيب النحوي لسورة يس، ص115، مكتبة الآداب، القاهرة، 2011م. ↑
- () بوجوش، رابح، التراكيب اللسانية في الخطاب الشعري القديم: تطبيقات على النظرية التوليدية التحويلية لتشومسكي، ص40، مكتبة الآداب، القاهرة، 2006م. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص15. ↑
- () عمايرة، خليل، في التحليل اللغوي، ص165. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص15. ↑
- () عمايرة، خليل، في التحليل اللغوي، ص162. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص34. ↑
- () ابن يعيش، شرح المفصل، ج7، ص111، عالم الكتب، بيروت، د. ت. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص16. ↑
- () الشاذلي، أبو السعود حسنين، المركب الاسمي الإسنادي وأنماطه من خلال القرآن الكريم، ص125، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1990م. ↑
- () عوض، طاهر، من روائع اللغة العربية، الزيني للطباعة، القاهرة، 1985م. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص16. ↑
- () المرجع السابق، ص15. ↑
- () المرجع السابق، ص26. ↑
- () المرجع السابق، ص42. ↑
- () المرجع السابق، ص20 ↑
- () النميري، حسن محمود، الوجيز في الأدوات النحوية، 172، دار المعراج الدولية، الرياض، 1998م. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص49 ↑
- () حسان، تمام، اللغة العربية معناها ومبناها، ص247، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1979م. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص16. ↑
- () ينظر: الفضلي، عبد الهادي، دراسات في الفعل، ص22، دار القلم، بيروت، 1982م. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص48. ↑
- () الشاذلي، أبو السعود حسنين العناصر الأساسية للمركب الفعلي وأنماطها من خلال القرآن الكريم: دراسة تطبيقية، ص23، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1991م. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص62. ↑
- () عبد الحميد، عبد الحميد السيد، مفتاح الإعراب، ص230، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1991م. ↑
- () الخاسر، سلم، الديوان، ص19. ↑
- () المرجع السابق، ص21. ↑
- () المرجع السابق، ص22. ↑
- () المرجع السابق، ص30. ↑
- () المرجع السابق، ص36. ↑
- () المرجع السابق، ص44. ↑
- () المرجع السابق، ص76. ↑
- () المرجع السابق، ص19. ↑
- () المرجع السابق، ص23. ↑
- () المرجع السابق، ص30. ↑
- () المرجع السابق، ص45. ↑
- () المرجع السابق، ص49. ↑
- () أبو حسين، محمد، مستوى التراكيب النحوية، ج2، ص201. ↑
-
() الخاسر، سلم، الديوان، ص25. ↑