الآيات القرآنية المتعلقة بالأخذ بالأسباب ومنهجها في التعامل مع الأوبئة

أ. د. محمد نبهان إبراهيم رحيم الهيتي1

1 العراق – جامعة الأنبار – كلية العلوم الإسلامية.

بريد الكتروني: mohamed.raheem@uoanbar.edu.iq

HNSJ, 2022, 3(7); https://doi.org/10.53796/hnsj372

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2022م تاريخ القبول: 08/06/2022م

المستخلص

تناول هذا البحث منهجية الآيات القرآنية في كيفية الأخذ بالأسباب وما علاقتها بالتوكل على الله عز وجل، لمواجهة مخاطر الأمراض والأوبئة التي تظهر بين أبناء المجتمع.

وتظهر أهمية هذا البحث في بيان منهجية القرآن الكريم للتعامل مع الأوبئة والأمراض التي تصيب الناس، والوقوف على أهم السبل الصحيحة والوسائل الشرعية للتصدي لأي آفةٍ أو وباءٍ يحدث في المجتمع، سيما تلك المعدية والتي تنتقل من شخص إلى آخر، ثم التركيز بعد ذلك على الأسلوب الذي انتهجه القرآن الكريم حين دعانا إلى الأخذ بالأسباب من أجل التخلص من تلك الأمراض والأسقام، على أن نؤمن إيمانا حقيقياً بأن الأخذ بالأسباب لا تغني عن التوكل على الله سبحانه وتعالى.

الكلمات المفتاحية: المنهج القرآني – الأخذ بالأسباب – التعامل مع الأوبئة.

Research title

Quranic verses related to the introduction of causes and their approach in dealing with epidemics

Prof. Dr. Muhammad Nabhan Ibrahim Rahim Al-Hiti1

1 College of Islamic Sciences – University of Anbar – Iraq

Email: mohamed.raheem@uoanbar.edu.iq

HNSJ, 2022, 3(7); https://doi.org/10.53796/hnsj372

Published at 01/07/2022 Accepted at 08/06/2021

Abstract

This research dealt with the methodology of the Qur’anic verses in how to take the causes and what is their relationship to trust in God Almighty, to confront the dangers of diseases and epidemics that appear among the members of society.

The importance of this research appears in explaining the methodology of the Noble Qur’an to deal with epidemics and diseases that afflict people, and to identify the most important correct and legitimate means to address any pest or epidemic that occurs in society, especially the contagious ones that are transmitted from one person to another, and then focus on the method that The Holy Qur’an followed it when it called us to adopt the means in order to get rid of these diseases and ailments, on the basis that we truly believe that the adoption of the means does not dispense with the reliance on God Almighty

Key Words: the Quranic approach – taking reasons – dealing with epidemics

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..

وبعد: فمن المعلوم من الدين بالضرورة أن الشريعة الاسلامية إنما جاءت لتنظم حياة الناس كلهم على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأعرافهم، وتهيء لهم كل ما يحافظ على النفس البشرية، وتبعد عنها كل ما يؤذيها من أمراض أو أسقام.

ولقد أتت أحكام ديننا الإسلامي من أجل مساعدة الناس للتخلص من الأوبئة والأمراض، وذلك بتحريم كل ما يؤذي الإنسان ويوقع على النفس البشرية أي أذى كان، فلا يجوز أن يعرض الانسان نفسه للتهلكة أو يخاطر بها؛ لأنها أمانة عنده، والواجب يحتم عليه أن يحافظ على هذه الأمانة وإلا فإنه سيسأل عنها يوم العرض على الله عز وجل.

ولذلك: فإننا لو تدبرنا دعاء نبي الله زكريا عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام حين قال الله عز وجل على لسان النبي زكريا: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ[1] لفهمنا أن النفس الطيبة التي يقصدها في دعائه هي البعيدة عن الأمراض والأسقام، كما أنها تعني النفس المباركة النقية التقية، وقد أوجب الله على الإنسان مطلق الإنسان أن يحافظ على صحته، وأن يبعد نفسه عن كل يخطر يهدد صحتها وسلامتها من الأمراض؛ لأن الإنسان هو اللبنة الأولى لبناء أي حضارة على وجه الأرض، وهو الذي يكتب التاريخ، ويسطر الأحداث, ويكون خليفة الله عز وجل في هذه الحياة، يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يبين هذا المعنى: يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ[2].

من هذا وذاك رأيت أن أكتب في المنهج القرآني للتعامل مع الأوبئة والأمراض التي تصيب الناس، لأبين السبل الصحيحة والوسائل الشرعية للتصدي لأي آفةٍ أو وباءٍ يحدث في المجتمع، سيما تلك المعدية والتي تنتقل من شخص إلى آخر، ثم أركز كيف أن القرآن الكريم دعانا إلى الأخذ بالأسباب من أجل التخلص من تلك الأمراض والأسقام.

فكان عنوان هذا البحث:

(الآيات القرآنية المتعلقة بالأخذ بالأسباب ومنهجها في التعامل مع الأوبئة)

وقد اقتضت طبيعة الدراسة أن تكون مقسمة على مقدمة ومبحثين وخاتمة وكما يأتي:

  • مقدمة: حيث أوضحت فيها سبب اختيار هذه الموضوع.
  • المبحث الأول: بينت فيه معنى الأوبئة وذكرت شيئاً موجزا عن الأوبئة التي حدثت للمسلمين على مر العصور.
  • المبحث الثاني: الآيات القرآنية التي تتعلق بالأخذ بالأسباب وكيفية التعامل مع الأوبئة.
  • خاتمة ذكرت فيها أهم نتائج البحث والتوصيات.
  • قائمة المصادر والمراجع.

أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت في هذه الدراسة المقتضبة، وأسأله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد، إنه سميع مجيب.

المبحث الأول

الأوبئة وكيف تعامل معها المسلمون

في هذا المبحث سنركز على معنى الوباء ومفهومه، وما هي الأمراض المذكورة في تاريخ الأمة وكيف تعامل معها المسلمون.

المطلب الأول: تعريف الوباء في اللغة والاصطلاح:

ففي اللغة: يأتي بمعنى المرض المعدي، الذي ينتشر انتشاراً سريعاً بين بني البشر أو حتى بين الحيوانات والاشجار، فكل مرض معدي سريع الانتشار يسمى وباءٌ.

يقول الخليل الفراهيدي: “وبأ: الوباء، مهموز: الطّاعون، وهو أيضاً كلّ مَرَض عامّ، تقول: أصاب أهل الكورة العام وباء شديد.. وأرضٌ وَبِئة، إذا كثر مَرْضُها، وقد استوبأتها.. وقد وَبُؤَت تَوْبُؤُ وَباءةً، إذا كَثُرت أمراضها”[3].

ويقول ابن دريد الأزدي: “وأوبأتِ الأرضُ إيباءً فَهِيَ مُوبِئة ووَبِئة، إِذا كثر مَرضهَا، ووُبئت فَهِيَ موبوءهّ، وَالِاسْم الوَباء”[4].

وجاء في المحكم والمحيط الأعظم: “الوَباءُ الطاعون وقيل هو كلُّ مرضٍ عامٍّ، وأرضٌ وَبِئَةٌ وَوبِيئَةٌ كثيرةُ الوباءِ”[5].

فالوباء في المعاجم اللغوية يدور حول معنى كل مرض عام، ويأتي بمعنى الطاعون، وهذا المعنى اللغوي قريب جدا من المعنى الاصطلاحي الذي سيأتي بيانه بعد قليل.

وأما في الاصطلاح: فقد عرفه الأطباء _ الحكماء _ القدامى، وفقهاء المسلمين المتقدمين بتعريفات تختلف في المبنى وتتفق في المعنى، وكل التعريفات لا تكاد تخرج عن المعنى اللغوي الذي ذكرناه، لكن تعريفات الحكماء تتكلم عن حقيقته وخصائصه الذاتية، أما الفقهاء فإنهم عرفوه بالنظر إلى ما ينشأ عنه من آثارٍ عامة.

وفيما يأتي بعضٌ من تلك التعريفات:

أولا: بعض ما قاله الحكماء القدامى عن الوباء:

  1. يقول ابن الأثير: “والطَّاعُون: المرضُ العامُّ والوَباء الَّذِي يَفْسد لَهُ الهَواءُ فتفسُدُ بِهِ الأمْزِجَة والأبْدَان”[6].
  2. ونقل ابن حجر رحمه الله تعالى عن القاضي عياض قوله: “الوباء عموم الأمراض، وقد أطلق بعضهم على الطاعون أنه وباء؛ لأنه من أفراده، لكن ليس كل وباء طاعونا[7].
  3. كما نقل ابن حجر أيضا عن ابن سينا قوله: “الوباء ينشأ عن فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده”[8].
  4. ونقل محمد مرتضى الزَّبيدي عن الحكيم داؤود الأنطاكي رحمه الله تعالى قوله: “إن الوباء حقيقة تغير الهواء بالعوارض العلوية، كاجتماع كواكب ذات أشعة والسفلية كالملاحم وانفتاح القبور وصعود الأبخرة الفاسدة، وأسبابه مع ما ذكر تغير فصول الزمان والعناصر وانقلاب الكائنات”[9].

هذا جزء من تعريفات الحكماء القدامى لمصطلح الوباء.

أما الأطباء المعاصرون فلهم تشخيص يختلف بعض الشيء عن ما قاله القدامى، فقد عرفته الموسوعة الطبية المعاصرة بأنه: “هو كل مرض يصيب عددا كبيرا من الناس في منطقة واحدة في مدة قصيرة من الزمن، فإن أصاب المرض عددا عظيما من الناس في منطقة جغرافية شاسعة سمي وباء عالميا”[10].

ثانيا: بعض ما قاله الفقهاء عن الوباء:

  1. يقول ابن عابدين: “الوباء اسم لكل مرض عام فكل طاعون في ذلك وباء ولا ينعكس”[11].
  2. ويقول النفراوي الأزهري المالكي: “الوباء هو كل ما يكثر منه الموت كالسعال والريح لا خصوص الطاعون، وقيل: المراد به خصوص الطاعون”[12].

ومن هذين التعريفين يتضح أن الفقهاء عرفوا الوباء بالأعراض العامة التي يسببها، ككونه مرضا يعم الناس، أو يشمل أكثرهم في جهة معينة من الأرض دون سائر الجهات.

ومع ذلك فإن المتمعن في التعريفات السابقة يجد أن غالبيتهم فقروا بين الوباء والطاعون فالوباء كما تبين هو المرض العام الذي يسببه التغير والفساد الذي يلحق الهواء، في حين أن الطاعون ورم ينشأ عن هيجان الدم وتدفقه على عضو من الأعضاء.

وقد أكد هذا المعنى ابن قيم الجوزية رحمه الله حين قال: ” والتحقيق أن بين الوباء والطاعون عموما وخصوصا فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون فإنه واحد منها، والطواعين خراجات وقروح وأورام رديئة حادثة”[13].

فخلاصة القول وبناء على ما سبق ذكره من تعريفات للوباء والطاعون عند الحكماء القدامى والفقهاء: يتضح أن طبيعة العلاقة بين الوباء والطاعون إنما هي علاقة طردية تكون في العموم والخصوص، فهم يرون أن كل طاعون وباء وليس كل وباء طاعون، فالوباء اعم وأشمل[14].

المطلب الثاني: كيف تعامل المسلمون مع الأوبئة:

ذكرت كتاب التاريخ ومصادره أن المسلمين – منذ زمن الصاحبة رضي الله عنهم – تعرضوا لأنواع من الأوبئة والأمراض المعدية التي تفتك بالناس وأرواحهم، سنذكر نوعين منها، ونرى كيفية التعامل معها، بشيء من الاختصار فيما يأتي:

  1. طاعون عمواس:

تذكر المصادر التاريخية: إنه في السنة الثامنة عشرة للهجرة النبوية وقع شيءٌ فظيعٌ مروِّعٌ، يسمى (طاعون عِمَواس) وقد سمِّي بطاعون عِمَواس نسبة إِلى بلدةٍ صغيرة، يقال لها: عِمَواس، وهي: بين القدس، والرَّملة؛ لأنَّها كانت أول ما نجم الدَّاء بها، ثمَّ انتشر في الشَّام منها، فنسب إِليها، وقيل أنه سمي بهذا الإسم لأنه عم وواس: أي واسى بين الناس في اصاباتهم بهذا الطاعون[15].

وقد وثق البخاري في صحيحه هذه الحادثة وكيف تعامل معها سيدنا عمر ومن معه من الصحابة الكرام فقال: “عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي الأَنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. قَالَ أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ – وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ – فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ”[16].

وقد تبين أن منهج الصحابة – رضي الله عنهم – في التعامل مع هذا الوباء كان بينناً وواضحاً؛ لأنهم توكلوا على الله عز وجل واتسموا بقوة الإيمان برب العالمين والصبر والتأني في أخذ القرار المناسب لهذه الحادثة العظيمة، حتى أخذوا بالأسباب الممكنة، من أجل أن يبعدوا المسلمين عن هذا الوباء ويحافظوا على أرواحهم، فاتبعوا التدابير الوقائية لتطبيق مقصد مهم من مقاصد الشريعة الاسلامية وهو حفظ الأرواح.

والصحابة رضي الله عنهم – بما فهمناه من كيفية التعامل مع وباء (طاعون عمواس) وما اتخذوه من قرار – ضربوا لنا أروع معاني التوكل على الله عز وجل، الذي يجعل القلوب متعلقة بربها ويزيد فيها حسن الظن به سبحانه وتعالى، ويعطيهم زخما كبيرا وعزما قويا من أجل أن يأخذوا بالأسباب الممكنة لدفع الضرر عن العامة والتصدي لهذا الوباء الفتاك.

  1. طاعون الجارف:

فعلى الرغم من شهرة طاعون “عمواس” إلا أنه لم يكن الوباء الوحيد ولا الأكثر فتكًا، حيث أصابت الدولة الإسلامية عدة طواعين بعد ذلك، كان أقواها فتكا ما يسمى بالطاعون “الجارف” الذي حل بالبصرة سنة: 64 هـ[17]، وقيل سنة: 65هـ[18]، وقيل سنة: 69 ه[19]، وقيل سنة: 70 هـ[20].

وسمي هذا الطاعون بـ “الجارف”؛ لكثرة ما مات فيه من الناس[21].

ويحكي الدِّيار بَكْري عن هذا الوباء فيقول: “قال المدائني حدّثني من أدرك ذلك قال كان ثلاثة أيام فمات فيها نحو مائتي ألف نفس، وقال غيره مات في طاعون الجارف لأنس من أولاده وأولادهم سبعون نفسا وقيل مات في الجارف لعبد الرحمن بن أبى بكر أربعون ولدا وقل الناس وعجز من بقى عن دفن الموتى وكانت الوحوش تدخل الازقة وتأكلهم، ومات لصدقة المازني في يوم واحد سبعة بنين فقال اللهم انى مسلم فلما كان يوم الجمعة بقى الجامع يصفر لم يحضر للصلاة سوى سبعة أنفس وامرأة فقال الخطيب ما فعلت تلك الوجوه فقالت المرأة تحت التراب”[22].

وقد دعا ولاة المسلمين الناس الى تجنب الاماكن الموبوءة والالتجاء الى الجبال، فقد ذكر الطبري عن عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ موجهاً خطبته الى الناس حيث قال: “أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ إِذَا وَقَعَ فَإِنَّمَا يَشْتَعِلُ اشْتِعَالَ النَّارِ، فتجبلوا منه في الجبال فقال ابو وائله الْهُذَلِيُّ: كَذَبْتَ، وَاللَّهِ لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص وَأَنْتَ شَرٌّ مِنْ حِمَارِي هَذَا! قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرُدُّ عَلَيْكَ مَا تَقُولُ، وَايْمِ اللَّهِ لا نُقِيمُ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ النَّاسُ فَتَفَرَّقُوا، وَرَفَعَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْ رَأَيِ عَمْرَو بْنِ العاص، فو الله مَا كَرِهَهُ”[23].

وكأنّ سيدنا عمرو بن العاص يعني أن حال هذا الوباء كحال النار، فإذا لم تجد النار ما تحرقها خمدت، فكانت نصيحته للناس أن يتفرّقوا في النواحي شيئاً من الزمن، وبهذه النظرة السديدة ارتفع الوباء وانتهى، ولله الحمد والمنّة.

وبعد هذين المثالين اللذين وضحا كيفية تعامل المسلمين مع الأوبئة المعدية الفتاكة، لا بد من ذكر مسألة مهمة تتعلق بنفس الموضوع وهي:

حكم الدُّخول والخروج في الأرض الَّتي نزل بها الطَّاعون:

إنّ مراعاة المصلحة المعتبرة أصلٌ من أصول الدين، وعلى هذا المعنى يؤكد الإمام الشاطبي رحمه الله فيقول: “والمعتمد إنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد”[24]، وكذلك يؤكد عليه الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله بقوله: : “إن مقصد الشريعة من التشريع، حفظ نظام العالم، وضبطُ تصرّف الناس فيه، على وجه يعصم من التفاسد والتهالك”[25].

وقبل هذا وذاك: فقد جاءت الأحاديث النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنهى المسلمَ عن الدخول إلى أرض وقع بها الطاعون، وتنهاه أيضا عن الخروج من أرض وقع بها الطاعون.

1 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ – أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ – فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ)[26].

2 – عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ: مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ)[27].

وقد اختلف الصَّحابة في مفهوم النَّهي عن الخروج، والدُّخول، فمنهم من عمل به على ظاهره، ومنهم من تأوَّله، والَّذين تأوَّلوا النَّهي أباحوا خروج من وقع في أرضه الطَّاعون، وقد مرَّ علينا حرص الفاروق على إِخراج أبي عبيدة من الأرض الَّتي وقع فيها الطَّاعون إِلا أنَّ أبا عبيدة رضي الله عنه اعتذر، كما أنَّ الفاروق طلب من أبي عبيدة أن يرتحل بالمسلمين من الأرض الغمقة الَّتي تكثر فيها المياه، والمستنقعات إِلى أرضٍ نزهةٍ عالية، ففعل أبو عبيدة، وكانت كتابة عمر إِلى أبي عبيدة بعد أن التقيا في سَرْغٍ، وسمعا حديث عبد الرَّحمن بن عوف بالنَّهي عن الخروج، والقدوم إِلى أرض الوباء، ورجع عمر إِلى المدينة[28].

المبحث الثاني

الآيات القرآنية المتعلقة بالأخذ بالأسباب وكيفية التعامل مع الأوبئة

من المعلوم أن ديننا الاسلامي هو دين التوكل لا التواكل، ودين العمل والأمل، لا التواني والكسل، فمن يتتبع سير السلف الصالح من الأنبياء والأتقياء والأولياء صلوات الله وسلامه عليهم ورضوان الله عليهم أجمعين، يجد أنهم طبقوا هذه العبادة الواجبة أحسن تطبيق، والتزموا بها أفضل التزام، بل توكلوا على الله عز وجل في كل أمر من أمورهم، بالرغم من أن الأنبياء مؤيدون من رب السماء سبحانه وتعالى، وبالرغم من أن الله عز وجل وعد الأولياء والصالحين والأتقياء بأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لكنهم مع ذلك كله لم يتركوا التوكل عليه سبحانه وتعالى، فلم يتواكلوا ولم يتقاعسوا ولم يتكاسلوا ولم يتركوا أمراً إلا وتوكلوا فيه على الله عز وجل، وهذا هو المعنى الصحيح للأخذ بالأسباب.

وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى الأخذ بالأسباب في كل الأمور، لكنه مع ذلك نبهنا ألا نعتمد على الأسباب وحدها، وإنما نتوكل على الله عز وجل مقترناً مع الأخذ بها، وعلى المسلم أن يفعل ما أمره الله به من الأمر، ويتوكل على الله توكل من يعتقد أن الأمر كله بمشيئة الله، سبق بها علمه، وحكمه، وأن السبب لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، ولا يخفض ولا يرفع إذا لم يقترن بالتوكل على الله سبحانه وتعالى.

بل على المسلم أن يأخذ بالأسباب ويهيء نفسه لها أخذ من يرى أنه لا نجاة ولا وصول الى الغاية إلا بها، هذا أولا، وثانيا عليه أن يعتقد أن يتوكل على الله عز وجل توكل من يرى أن الأسباب لا تنجيه ولا توصله إلى المقصود، إلا بالاعتماد على الله وحده.

ولابد من الوقوف قليلا مع الشروط والضوابط التي يجب أن تتوافر عند الأخذ بالأسباب، فهناك أكثر من ضابطٍ سنذكر منها فيما يأتي:

أولاً: أن نخلص النية في ذلك لله عز وجل وأن نعتقد اعتقاداً جازماً ويقيناً ثابتاً بأن الأخذ بالأسباب لا تكفي لأن نصل إلى غايتنا ومبتغانا بدون الرجوع إلى المسبب وهو الله سبحانه وتعالى؛ فلا بد من التوكل عليه واليقين بأنه عز وجل صاحب الكون والمُلْك، وهو الوحيد الذي يتحكم في هذا الكون كله، بدليل قوله سبحانه وتعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[29].

ثانياً: يجب أن تكون الأسباب التي نريد الأخذ بها مشروعة وغير محرمة؛ فإن الغايات المشروعة لا يمكن الوصول إليها غلا إذا كانت الوسائل والأسباب مشروعة وصحيحة، فشرف الغاية وقدسيتها وعظيم قدرها إنما يأتي بشرف وقدسية وعظمة السبب والوسيلة التي من خلالها نصل إليها.

ثالثا: يجب على المسلم أن يكون مثابراً وذا عمل دؤوب وسعي مستمر، وأن يحتاط لنفسه وعائلته من كل خطر ربما يصيبهم، سواء كان في المال أو النفس، وأن يحافظ على صحته وصحة من يعولهم، دون أن يركن إلى القضاء والقدر؛ فكثير من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية تحثنا على العمل والسعي والمثابرة في كل مجالات حياتنا؛ حتى لا نكون راضخين لكل ما يحصل لنا من مكاره في هذه الحياة، ويبقى أمر الله عز وجل فوق الجميع.

رابعاً: أما أهم شرط وضابط للأخذ بالأسباب فهو: أن يبتعد المسلم عن كل ذنب أو خطيئة تعطله عن الوصول غلى ثمرة الأخذ بالأسباب، غلا بد من أن يحصن نفسه وعقله من الذنوب والمعاصي وأن يكون زاده دائماً وأبداً طاعة الله واتباع أوامره، وأن يتقي الله سبحانه وتعالى في جميع تصرفاته، فلا فائدة بالعمل دون أن يخاف الله عز وجل، ولا يمكن أن تحقق له ثمرة الأخذ بالأسباب وهو يلتزم طاعة ربه ولا يجتنب الذنوب والمعاصي التي تكون سداً منيعاً للوصول إلى غايته النبيلة والمشروعة، ومما يؤكّد على ذلك ما صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: 51] وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟)[30].

وفيما يأتي بعض الآيات القرآنية التي تدعو إلى التوكل على الله والأخذ بالأسباب:

لقد جاءت النصوص القرآنية الكريمة واضحة في التأكيد على قانون الأخذ بالأسباب وعِظَمِ ثمراته اليانعة، لكن بشرط أن يقترن الأخذ بالأسباب بالتوكل على الله.

وسيتبين لنا أن القرآن الكريم يحث على ذلك ويدعو المسلم غلى التوكل على الله عز وجل مع كل ما يهيئه من الأسباب، وبما أن هناك علاقة وطيدة لا تنفك بين الاخذ بالاسباب والتوكل على الله سبحانه وتعالى فقد قدمت آيتين للأخذ بالأسباب ثم ذكرت ثلاث آيات تدعو إلى التوكل على الله عز وجل:

أولا: يقول الله عز وجل: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا[31].

فقد أَمْرُ اللهِ سُبحانه السَّيدة مريم بالأخذ بالسبب ليعلمنا أن الأخذ بالأسباب منهج رباني لا بد أن ينتهجه المسلم في حباته.

يقول القرطبي في معرض تفسيره للآية الكريمة هذه: “استدل بعض الناس من هذه الآية على أن الرزق وإن كان محتوما، فإن الله تعالى قد وكل ابن آدم إلى سعي ما فيه، لأنه أَمَرَ مريم بهز النخلة، لترى آية، وكانت الآية تكون بألا تهز”[32].

ثم بين القرطبي أن الأمر بالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله ولا يقدح في صاحبه، حيث قال: ” الأمر بتكليف الكسب في الرزق سنة الله تعالى في عباده، وأن ذلك لا يقدح في التوكل، خلافا لما تقوله جهال المتزهدة، وقد تقدم هذا المعنى والخلاف فيه. وقد كانت قبل ذلك يأتيها رزقها من غير تكسب كما قال:” كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا” [آل عمران: 37]. فلما ولدت أمرت بهز الجذع. قال علماؤنا: لما كان قلبها فارغا فرغ الله جارحتها عن النصب، فلما ولدت عيسى وتعلق قلبها بحبه، واشتغل سرها بحديثه وأمره، وكلها إلى كسبها، وردها إلى العادة بالتعلق بالأسباب في عباده. وحكى الطبري عن ابن زيد أن عيسى عليه السلام قال لها: لا تحزني، فقالت له وكيف لا أحزن وأنت معي؟! لا ذات زوج ولا مملوكة! أي شي عذري عند الناس؟!! ” يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا” فقال لها عيسى: أنا أكفيك الكلام”[33].

ويقول الطنطاوي في تفسيره لهذه الآية مؤكداً نفس المعنى السابق: “وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة، أن مباشرة الأسباب في طلب الرزق أمر واجب وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله، لأن المؤمن يتعاطى الأسباب امتثالا لأمر ربه مع علمه ويقينه أنه لا يقع في ملكه- سبحانه- إلا ما يشاؤه ويريده.

وهنا قد أمر الله- تعالى- مريم- على لسان مولودها _ بأن تهز النخلة ليتساقط لها الرطب، مع قدرته _ سبحانه وتعالى _على إنزال الرطب إليها من غير هز أو تحريك، ورحم الله القائل:

ألم تر أن الله قال لمريم … وهزى إليك الجذع يساقط الرطب

ولو شاء أن تجنيه من غير هزه … جنته ، ولكن كل شىء له سبب”[34].

ثانيا: يقول الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ[35].

هذه الآية الكريمة واضحة وجلية في أن على الانسان أن يسعى في رزقه وأن يأخذ بالأسباب للوصول إليه، وفيها ما يدلل بوضوح على أن العزم والحركة والسعي والتخطيط جزء من التوكل على الله، وأنّ المتوكّل حقًّا هو من أخذ بالأسباب لا مَن تواكَل وانتظر الفرج والرزق بدون حركة؛ خاصة وأن الله تعالى في هذه الآية قد ربط بين السعي وبين الرزق.

يقول أبو الطيب القِّنوجي في معرض تفسيره لهذه الآية: “(هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً) أي سهلة لينة مذللة تستقرون عليها منقادة لما تريدون منها من مشي عليها، وزرع وحبوب وغرس وغير ذلك، ولم يجعلها خشنة بحيث يمتنع عليكم السكون والمشي عليها، والذلول في الأصل هو المنقاد الذي يذل لك ولا يستصعب عليك، والمصدر الذل، وتقديم ” لكم ” على مفعولي الجعل مع أن حقه التأخر عنهما للإهتمام بما قدم والتشويق إلى ما أخر، فإن ما حقه التقديم إذا أخر لا سيما عند كون المقدم مما يدل على كون المؤخر من منافع المخاطبين تبقى النفس مترقبة لوروده فيتمكن لديها عند ذكره فضل تمكن.

(فامشوا في مناكبها) استدلالاً واسترزاقاً، والفاء لترتيب الأمر بالمشي على الجعل المذكور والأمر للإباحة قال مجاهد والكلبي ومقاتل مناكبها طرقها وأطرافها ونواحيها وجوانبها، وقال قتادة وشهر بن حوشب: مناكبها جبالها وقيل: فجاجها وبه قال ابن عباس، وقال أيضاً: أطرافها، وأصل المنكب الجانب ومنه منكب الرجل ومنه الريح النكباء لأنها تأتي من جانب دون جانب. (وكلوا من رزقه) أي مما رزقكم وخلقه لكم والتمسوا من نعم الله تعالى، “عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله يحب العبد المؤمن المحترف”[36].

ثالثاً: يقول الله تعالى: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[37].

إنّ من أهمّ ما يميز هذه الأُمّة عظمة المنهج الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن ربه الكريم جل جلاله، ومن بين ملامح هذا المنهج القويم: الدعوة إلى الأخذ بالأسباب في جميع أمور الحياة، والمُلاحَظ أنّه حين عملت الأُمّة بفقه الأخذ بالأسباب صار لها الريادة والتقدّم في كافة مناحي الحياة (علميًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وحضاريًّا…..) لكن حين تخلّت أُمّتنا عن الأخذ بالأسباب ابتليت بالكثير من الأمراض المادية والمعنوية في فكرها وثقافتها واقتصادها وجسدها.

يقول الامام الرازي وهو يتكلم عن فقه هذه الآية: “دلت الآية على أنه ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه، كما يقوله بعض الجهال، وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل، بل التوكل هو أن يراعي الإنسان الأسباب الظاهرة، ولكن لا يعول بقلبه عليها، بل يعول على عصمة الحق”[38].

ثم إن قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) يشير إلى أنه عز وجل سيؤيد من يتوكل عليه وينصره ويهيء له سبل الخير والفلاح والنجاح في كل أمر يباشره ما دام أنه متوكل على الله سبحانه وتعالى، يقول ابو السعود في تفسيره لهذه الآية: ” {فَإِذَا عَزَمْتَ} أي عَقيبَ المشاورة على شئ واطمأنتْ به نفسُك {فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} في إمضاء أمرِك على ما هو أرشد لك وأصلح فإنه عِلمَه مختصٌّ به سبحانه وتعالى وقرئ فإذا عزمتُ على صيغة التكلمِ أي عزمتُ لك على شئ وأرشدتُك إليه فتوكلْ عليَّ ولا تشاوِرْ بعد ذلك أحداً والالتفاتُ لتربية المهابةِ وتعليلِ التوكلِ أو الأمرِ به فإن عنوانَ الألوهيةِ الجامعة لجميع صفات الكمال مستدعٍ للتوكل عليه تعالى أو الأمرِ به {إِنَّ الله يُحِبُّ المتوكلين} عليه تعالى فينصُرهم ويُرشِدهم إلى ما فيه خير لهم وصلاح والجملةُ تعليلٌ للتوكل عليه تعالى”[39].

أما الامام القرطبي فقد ذكر كلاما مهما في تفسيره لهذه الآية حين قال: “واختلف العلماء في حقيقة التوكل، فسئل عنه سهل بن عبد الله فقال: قالت فرقة أرض الرضا بالضمان، وقطع الطمع من المخلوقين. وقال قوم: التوكل ترك الأسباب والركون إلى مسبب الأسباب، فإذا شغله السبب عن المسبب زال عنه اسم التوكل. قال سهل: من قال إن التوكل يكون بترك السبب فقد طعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الله عز وجل يقول:” فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا” [الأنفال: 69] فالغنيمة اكتساب. وقال تعالى:” فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان” [الأنفال: 12] فهذا عمل. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العبد المحترف). وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرضون على السرية. وقال غيره: وهذا قول عامة الفقهاء، وأن التوكل على الله هو الثقة بالله والإيقان بأن قضاءه ماض، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لأبد منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من عدو وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة. وإلى هذا ذهب محققو الصوفية، لكنه لا يستحق اسم التوكل عندهم مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب والالتفات إليها بالقلوب، فإنها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا، بل السبب والمسبب فعل الله تعالى، والكل منه وبمشيئته، ومتى وقع من المتوكل ركون إلى تلك الأسباب فقد انسلخ عن ذلك الاسم.”[40].

وخلاصة القول: إن التوكل على الله عز وجل يعني أن يثق العبد كل الثقة بربه سبحانه وتعالى، وأن يعتمد عليه في كل الأمور، لأن التوكل كما قال العلماء واجب، ومأمور به، فهذه الآية وغيرها من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية تدل على ذلك، وبالمقابل فمن الضروري أن يأخذ العبد بالأسباب وأن يبادر إلى العمل من أجل الوصول إلى غايته، فالتواكل غير التوكل، لأن التواكل يعني التقاعس والقعود والانصراف عن العمل والجد والمثابرة، بينما التوكل أن تبادر بعملك وتجتهد في الوصول غلى ما تريده بشرط أن تتوكل على الله عز وجل.

رابعاً: يقول الله سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[41].

فهذه الآية الكريمة صريحة في أن التوكل على الله عز وجل أساس الظفر بكل خير؛ لأنه معتمد ومتوكل على رب الأرباب ومسبب الأسباب، وكلنا يقين وثقة بأن الله سبحانه وتعالى لن يخيب من التجأ إليه وسيكون له عوناً ونصيراً.

يقول الواحدي في معرض تفسيره لهذه الآية: “أي: ومن يسلم أمره إلى الله ويثق به وبقضائه فإن الله حافظه وناصره؛ لأنه عزيز لا يغلبه شيء، فجاره منيع، ومن يتوكل عليه فهو مكفي، وقال عطاء عنه: {فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} يريد قوي منيع, {حَكِيمٌ} في خلقه يفعل بأعدائه ما شاء من شدة العقاب، وبأوليائه النعيم والسرور”[42].

ويقول الشيخ محمد الأمين بن عبد الله الأُرمي حين أعطى المعنى الإجمالي لهذه الآية الكريمة: “أي ومن يكل أمره إلى الله ويؤمن إيمان اطمئنان بأنه ناصره ومعينه، وأنه لا يعجزه شيء، ولا يمتنع عليه شيء أراده .. يكفه ما يهمه وينصره على أعدائه وإن كثر عددهم وعظم استعدادهم؛ لأنه العزيز الغالب على أمره، الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه بمقتضى سننه في نظام العالم، ومن ذلك أن ينصر الحق على الباطل”[43].

وهكذا نرى أن الأخذ بالأسباب من أهم وسائل الوصول إلى الغاية المقصودة على أن يقترن الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله عز وجل سيهيء لكل من يتوكل عليه أسباباً لا يراها أحدٌ من خلقه ولا تخطر على بال أحد.

يقول ابن عاشور: “فَمَنْ تَمَسَّكَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ نَصَرَهُ، وَهُوَ حَكِيمٌ يُكَوِّنُ أَسْبَابَ النَّصْرِ مِنْ حَيْثُ يَجْهَلُهَا الْبَشَرُ”[44].

خامساً: يقول الله عز وجل: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[45].

من المعلوم أن ما يصيب العبد في هذه الحياة هو من عند الله عز وجل، وقد قسم الامام الشعراوي المصائب الى نوعين وهو يفسر هذه الآية فقول: “والمصائب نوعان: مصيبة للنفس فيها غريم، ومصيبة ليس فيها غريم، فإن اعتدى عليّ واحد بالضرب مثلاً يصبح غريمي، وتتولد في قلبي حفيظة عليه، وغيظ منه، وأرغب في أن أرد عليه وأثأر لنفسي منه، ولكن إن مرضت مثلاً فمن هو غريمي في المرض؟ لا أحد.

إذن: فالمصائب نوعان؛ نوع لي فيه غريم، ونوع لا يوجد لي غريم يمتلئ قلبي عليه بالحقد”[46].

ثم يحذر من يتوكل على الله هز وجل من أن يتقاعس أو يتكاسل في أداء ما كلف به من عمل في هذه الحياة، فيقول: “ولكن إياكم أن تنقلوا التوكل من القلوب إلى الجوارح. ولذلك يقال: الجوارح تعمل والقلوب تتوكل. فأنت تحرث الأرض وتضع فيها البذور وترويها، وهذا من عمل الجوارح لا بد أن تؤديه، وبعد ذلك تتوكل على الله وتأمل في محصول وفير ينبته الزرع، فلا تأتي آفة أو ظاهرة جوية مثل مطر غزير أو ريح شديدة؛ فتضيع كل ما عملته، وبعد إتقانك لعملك يأتي دعاؤك لله سبحانه وتعالى أن يحفظ لك نتائج عملك.

أما الذين لا يعملون بجوارحهم ويعلنون أنهم متوكلون على الله، فنقول لهم: أنتم كاذبون؛ لأن التوكل ليس من عمل الجوارح بل من عمل القلوب، فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل”[47].

ويبين الامام المراغي عند تفسيره للآية الكريمة بأن التوكل لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب، بل من الواجب أن يأخذ العبد بها في الوقت الذي يجب أن يتوكل على الله عز وجل، فيقول: “(هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي هو ناصرنا ومتولى أمورنا بتوفيقنا ونصرنا، ونحن نلجأ إليه ونتوكل عليه، فلا نيأس عند شدة، ولا نبطر عند نعمة، كما قال سبحانه فى بيان سننه تعالى فى خلقه (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها، ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) .

ومن حق المتوكل على الله وحده أن يقوم بما أوجبه عليه فى شرعه، ويهتدى بسننه فى خلقه، من الأخذ بأسباب النصر المادية والمعنوية كإعداد العدّة واتقاء التنازع الذي يولّد الفشل ويفرّق الكلمة، ثم بعد ذلك يكل الأمر إليه فيما لا تصل إليه الأيدى من الأسباب ويتوقف عليه حصول النجاح”[48].

وبعد هذه الآيات الكريمات التي تدعو إلى الأخذ بالأسباب مقترنة بالتوكل على الله سبحانه وتعالى فلا بد من التنبيه كما قلنا أن من أهم أسباب دفع الأمراض والأسقام والابتلاءات أن نركز في وقت واحد على الجانب المادي الذي يدعو إلى الأخذ بالأسباب ونعتقد اعتقاداً لا يقبل الشك أن الجانب الروحي هو أساس الخلاص من تلك وهو التوكل على الله عز وجل.

أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما جهلنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه سميع مجيب..

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

الخاتمة

في ختام هذا البحث نقف عند أهم ما توصل إليه، نوجزه بالآتي:

  1. وجوب الأخذ بالأسباب المشروعة التي حث عليها القرآن الكريم، من أجل الحفاظ على النفس البشرية وإبعاد كل خطر عنها مهما كان نوعه، مع القناعة والاعتقاد بأننا نفر من أقدار الله إلى أقدار الله.
  2. الاعتقاد الجازم واليقين الذي لا يقبل الشك بأن لنا _ في هذه الأوبئة والأمراض والأسقام _ أجراً إن نحن صبرنا واحتسبنا ذلك لله عز وجل.
  3. إن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله، بل إن التوكل نفسه من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل، ثم إن حقيقة التوكل الثقة بالله والطمأنينة به والسكون إليه.
  4. وجوب الالتزام بالارشادات الطبية التي تفرضها الجهات الصحية، كتجنب أماكن العدوى، والالتزام بقواعد الحجر الصحي التي تحددها الجهات المعنية من أجل سلامة الجميع، وكما بينا فإنَّ البقاء بمكان الوباء والمرض فيه واجب شرعي إ نلم يكون في بقاء الشخص ضررٌ على المجتمع، والخروج منه أيضا لا يجوز إذا كان في خروج الشخص ضررٌ على الغير، فمن كان في الوباء، وأصيب، فلا فائدة من خروجه، وهو بخروجه ينقل المرض إِلى النَّاس الأصحَّاء، ومن لم يُصَبْ فإِنَّه يرخَّص له في الخروج من باب التَّداوي على ألا يخرج النَّاسُ جميعاً، فلا بدَّ أن يبقى من يعتني بالمرضى.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله واصحابه أجمعين..

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

  1. الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي الأموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ): د. نجم عبد الرحمن خلف – الناشر: دار البشير – عمان – الطبعة: الأولى، 1413 – 1993.
  2. البداية والنهاية: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) الناشر: دار الفكر – عام النشر: 1407 هـ – 1986 م.
  3. تاج العروس من جواهر القاموس: محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ) المحقق: مجموعة من المحققين – الناشر: دار الهداية.
  4. تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس: حسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري (المتوفى: 966هـ) الناشر: دار صادر – بيروت
  5. تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك): محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) الناشر: دار التراث – بيروت – الطبعة: الثانية – 1387 هـ.
  6. التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : الدار التونسية للنشر – تونس – سنة النشر: 1984 هـ.
  7. التَّفْسِيرُ البَسِيْط: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (المتوفى: 468هـ) المحقق: أصل تحقيقه في (15) رسالة دكتوراة بجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم قامت لجنة علمية من الجامعة بسبكه وتنسيقه – الناشر: عمادة البحث العلمي – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الطبعة: الأولى، 1430 هـ.
  8. تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن: الشيخ العلامة محمد الأمين بن عبد الله الأرمي العلوي الهرري الشافعي – إشراف ومراجعة: الدكتور هاشم محمد علي بن حسين مهدي – الناشر: دار طوق النجاة، بيروت – لبنان -الطبعة: الأولى، 1421هـ – 2001م.
  9. تفسير أبي السعود (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم) أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى: 982هـ) الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  10. تفسير الشعراوي (الخواطر): محمد متولي الشعراوي (المتوفى: 1418هـ) الناشر: مطابع أخبار اليوم.
  11. تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ) تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش – الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة – الطبعة: الثانية، 1384هـ – 1964 م.
  12. التفسير الكبير (مفاتيح الغيب): أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ) الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت – الطبعة: الثالثة – 1420 هـ.
  13. تفسير المراغي: أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371هـ) الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصرالطبعة: الأولى، 1365 هـ – 1946 م
  14. التفسير الوسيط للقرآن الكريم: محمد سيد طنطاوي – الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة – القاهرة – الطبعة: الأولى.
  15. جمهرة اللغة: أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ) المحقق: رمزي منير بعلبكي – الناشر: دار العلم للملايين – بيروت – الطبعة: الأولى، 1987م.
  16. الروض الأنف في شرح السيرة النبوية: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (المتوفى: 581هـ) الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت – الطبعة: الأولى، 1412 هـ.
  17. زاد المعاد في هدي خير العباد: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت – مكتبة المنار الإسلامية، الكويت – الطبعة: السابعة والعشرون , 1415هـ /1994م.
  18. صحيح البخاري (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه): محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي – المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر – الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ.
  19. صحيح مسلم (المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم): مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي – الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  20. العين: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (المتوفى: 170هـ) المحقق: د. مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي – الناشر: دار ومكتبة الهلال.
  21. فتح الباري شرح صحيح البخاري: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي – الناشر: دار المعرفة – بيروت، 1379 – رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي – قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب – عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
  22. فتحُ البيان في مقاصد القرآن: أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي (المتوفى: 1307هـ) عني بطبعهِ وقدّم له وراجعه: خادم العلم عَبد الله بن إبراهيم الأنصَاري – الناشر: المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر، صَيدَا – بَيروت – عام النشر: 1412 هـ – 1992 م.
  23. الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي (المتوفى: 1126هـ) الناشر: دار الفكر – الطبعة: بدون طبعة – تاريخ النشر: 1415هـ – 1995م.
  24. ما يفعله الأطباء والداعون بدفع شر الطاعون: مرعي بن يوسف بن أبى بكر بن أحمد الكرمى المقدسي الحنبلى (المتوفى: 1033 هـ) تقديم وتعليق: خالد بن العربي مدرك – الناشر: دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان – الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2000 م.
  25. المحكم والمحيط الأعظم: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 458هـ] المحقق: عبد الحميد هنداوي – الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2000 م.
  26. مقاصد الشريعة الإسلامية: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ) المحقق: محمد الحبيب ابن الخوجة – الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر – عام النشر: 1425 هـ – 2004 م.
  27. الموافقات: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي (المتوفى: 790هـ) المحقق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان – الناشر: دار ابن عفان – الطبعة: الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م.
  28. المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ): محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا – الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – الطبعة: الأولى، 1412 هـ – 1992 م.
  29. منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق: محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي (المتوفى 1252هـ) بذيل البحر الرائق شرح كنز الدقائق – الناشر: دار الكتاب الإسلامي – الطبعة: الثانية – بدون تاريخ.
  30. الموسوعة الطبية الحديثة : إعداد: محمد رفعت – منشورات المكتبة العصرية – صيدا – بيروت.

النهاية في غريب الحديث والأثر: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ) الناشر: المكتبة العلمية – بيروت، 1399هـ – 1979م – تحقيق: طاهر أحمد الزاوى – محمود محمد الطناحي.

الهوامش:

  1. سورة آل عمران: آية/38.
  2. سورة ص: آية/26.
  3. العين: 8/418.
  4. جمهرة اللغة: 2/1086.
  5. المحكم والمحيط الأعظم: ابن سيده: 10/566.
  6. النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/127.
  7. فتح الباري: 10/133.
  8. المصدر نفسه.
  9. تاج العروس: 1/478.
  10. الموسوعة الطبية الحديثة: 3/ 2392
  11. منحة الخالق: 2/181.
  12. الفواكه الدواني: 2/341.
  13. زاد المعاد: 4/35-36.
  14. ينظر في ذلك: المصادر نفسها.
  15. ينظر: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي: 4/160، وفتح الباري: ابن حجر: 10/184.
  16. أخرجه البخاري في صحيحه: 7/130 رقم الحديث (5729).
  17. ينظر: المنتظم في تاريخ الملوك والامم: ابن الجوزي: 6/25.
  18. ينظر: تاريخ الطبري: 5/612.
  19. ينظر: البداية والنهاية: ابن كثير: 8/262.
  20. ينظر: الاعتبار وأعقاب السرور والأحزان: ابن أبي الدنيا: ص/58.
  21. ينظر: المصادر نفسها.
  22. تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس: 2/309.
  23. تاريخ الطبري: 4/62.
  24. الموافقات: 2/12.
  25. مقاصد الشريعة الاسلامية: 3/230.
  26. أخرجه البخاري في صحيحه: 9/26 رقم الحديث (6973).
  27. اخرجه مسلم في صحيحه: 4/1737 رقم الحديث (2218).
  28. صحيح البخاري: 7/130 رقم الحديث (5729).
  29. سورة التوبة: آية/51.
  30. اخرجه مسلم في صحيحه: 2/703 رقم الحديث (1015).
  31. سورة مريم: آية/25.
  32. الجامع لأحكام القرآن: 11/95.
  33. المصدر نفسه: 11/95-96.
  34. التفسير الوسيط للقرآن الكريم: 9/31.
  35. سورة الملك: آية/15.
  36. فتحُ البيان في مقاصد القرآن: 14/239.
  37. سورة آل عمران: آية/159.
  38. تفسير الرازي: 9/410.
  39. إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم: 2/105.
  40. الجامع لأحكام القرآن: 4/189.
  41. سورة الأنفال: آية/49.
  42. التفسير البسيط: 10/193.
  43. تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن: 11/30.
  44. التحرير والتنوير: 10/38.
  45. سورة التوبة: آية/51.
  46. تفسير الشعراوي (الخواطر): 9/5173.
  47. المصدر نفسه: 9/5178.
  48. تفسير المراغي: 10/135.