حقوق الإنسان في المواثيق والأعراف الدولية

آدم أحمد مراد كبر1 د. عاطف آدم محمد عجيب2

1 جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، السودان.

2 معهد دراسات وثقافة السلام، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، السودان.

بريد الكتروني: hopageep122252400@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(7); https://doi.org/10.53796/hnsj3723

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/07/2022م تاريخ القبول: 25/06/2022م

المستخلص

تتمحور الورقة البحثية، حول معرفة حقوق الإنسان في المواثيق والأعراف الدولية، كونت هذه الدراسة لدى الباحث تساؤلات عدة في ذهنه عن أسباب هذا التحدي السافر للسلام – اليوم– تمثلت في السؤال الرئيس التالي: ما مدى حفظ حقوق الإنسان في المواثيق والأعراف الدولية؟ ويتفرع من السؤال الرئيس السابق الأسئلة الفرعية التالية:

  1. ما هي أبرز خصائص حقوق الإنسان في المواثيق ؟
  2. ما أبرز خصائص حقوق الإنسان في الأعراف الدولية؟

تتمثل أهداف هذه الدراسة إلى تحقيق ما يلي:

  1. الكشف عن أن حقوق الإنسان مسألة يجب أن تختص بها مؤسسات المجتمع.
  2. الكشف عن ضرورة دمج حقوق الإنسان في مناهجنا التعليمية.
  3. حاجة المكتبة السودانية بشكل خاص.

اتبع البحث المنهج الاستنباطي والمنهج الوصفي. خرجت الورقة البحثية بجملة من النتائج اهمها، أن القوانين تُسن في كل دولة حسب حاجة المجتمعات الموجودة بها؛ لما يضمن استقرارهم وأمنهم، ويعلم المسلمون جيِّدًا أنه لا يوجد أي قانون وضعي في العالم أجمع يسلم من الثغرات والأخطاء، وأكبر دليل على ذلك هو التعديلات المستمرة التي تطرأ على القوانين الوضعية.

مقدمة

الممعن في النظر لعالمنا اليوم يرى أنه عالم غارق في أوحال المادية، والذي أصبح في حاجة ماسة إلى من يسمعه صوت السماء، وينقذه من الضياع، ويشق له الطريق إلى السلام الآمن من غير خوف ضمن أسرة دولية إنسانية واحدة جعلهم الله-سبحانه وتعالى– شعوباً وقبائل؛ ليتعارفوا، وليتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان كما دعا إليه صريح القرآن الكريم حيث نادى البشر قائلاً: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: 13) وقال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: 2)؛

تحظى موضوعات حقوق الإنسان باهتمام كبير من فروع بعض القوانين الداخلية، فقد نشأت تلك الفروع، وحظيت الجزئيات باهتمام ينصب في موضوعات حقوق الإنسان، المتصلة بتلك القوانين، حيث جاءت نظريات متكاملة عن هذا الأمر، فعلى سبيل المثال: القانون الجنائي الذي جاء أكثر وضوحاً، باهتمام بدراسة واسعة لحقوق الإنسان، في عدد من نصوصها المتصلة بمبدأ (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) كذلك بمبدأ (الشرعية في الجرائم والعقوبات) (وعدم رجعية القوانين الجنائية) ومبدأ (شخصية العقوبة وحق المتهم في الدفاع عن نفسه، أو توكيل أي جهة للدفاع عنه). كما اهتمت بعض التشريعات الأخرى كذلك بحقوق الإنسان، مثل القانون الإداري الذي ينص في بعض نصوصه على مبدأ المساواة، في تولي الوظائف العامة والرقابة القضائية لأعمال الإدارة… الخ. من النصوص التي تهتم بحقوق الإنسان. كذلك قانون العمل (الذي ينص في بعض نصوصه على ضمان أجرة وتساوي لعمل متساوي وضمان كفالة الحقوق أثناء وجود العمل لكل شخص) ثم تناول (قانون الأحوال الشخصية) حقوق الزوجية وتكوين الأسرة. لم يقتصر الأمر في القوانين التي ذكرت آنفاً، إلى أن جميع القوانين الداخلية تتحدث كلها عن حقوق الإنسان في التشريعات الداخلية وجاء قانون الدستوري تعبر عن المشاركة السياسية، وإنني لا نقصي تلك القوانين التي تضمن نصوصاً صريحة لحماية حقوق الإنسان في التشريعات الداخلية.

أما في مجال القانون الدولي، فإن حقوق الإنسان قد أخذت بعداً واسعاً، على تركيز تنظيم العلاقات بين الدول دون اهتمام بالفرد. ثم ما لبث أن فطن الفقهاء في هذا القانون أن الإنسان هو محور كل تنظيم إنساني، بل أن وجود الدول والحكومات وسائر الكيانات يستهدف في بداية رفاهية الإنسان وكرامته، وتحسين أوضاعه وبهذا انطلق القانون الدولي نحو توسيع فكرة حقوق الإنسان وحمايتها عبر التشريعات الدولية المختلفة. لذا ظهر ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945م مؤكداً في ديباجته (معاني الإخاء وحقوق الإنسان) إذ نصت في فقرة منها على:

“نحن شعوب الأمم المتحدة قد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب من خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد متساوية”

مشكلة البحث: كونت هذه الدراسة لدى الباحث تساؤلات عدة في ذهنه عن أسباب هذا التحدي السافر للإسلام – اليوم– تمثلت في السؤال الرئيس التالي:

ما مدى حفظ حقوق الإنسان في المواثيق والأعراف الدولية؟

ويتفرع من السؤال الرئيس السابق الأسئلة الفرعية التالية:

  • ما هي أبرز خصائص حقوق الإنسان في المواثيق ؟
  • ما أبرز خصائص حقوق الإنسان في الأعراف الدولية؟

أهمية البحث:

لما زادت الانتهاكات – الفاضحة – لحقوق الإنسان التي نراها ونسمع عنها على مدار الساعة عبر وسائل الإعلام في ظل العدالة الدولية اليوم؛ لتؤكد الحاجة الملحة إلى تكوين رأي عام على مستوى المجتمع ضد هذه الانتهاكات.

أهداف البحث:

تتمثل أهداف هذه الدراسة إلى تحقيق ما يلي:

الكشف عن أن حقوق الإنسان مسألة يجب أن تختص بها مؤسسات المجتمع بدءاً من الأسرة والمدرسة والجامعة والإعلام (المقروء– المسموع- المرئي) بما يضمن تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة على أساس الحرية، والعدالة، والسلام.

الكشف عن ضرورة دمج حقوق الإنسان في مناهجنا التعليمية.

حاجة المكتبة السودانية بشكل خاص – حسب علم الباحث – لمثل هذه الدراسة مما يجعل من هذه الدراسة إضافة مطلوبة في هذا المجال، ولتتفتح أمام الباحثين جوانب أخرى في بيان حقوق الإنسان، وتفعيلها بالبحث والدراسة.

منهج البحث:

المنهج الاستنباطي: وهو طريقة لاستخراج العلم بالاجتهاد من كلمات العلم الخصبة خاصة آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية([1]).

المنهج الوصفي: وهو وصف لما هو كائن وتفسيره وتحديد الظروف والعلاقات كما يهتم بتحديد الممارسات الشائعة والسائدة، والتعرف على المعتقدات والاتجاهات وطرقها في النمو والتطور([2]).

حدود البحث:

تدور هذه الدراسة حول حقوق الإنسان من خلال التركيز حول نصوص الإسلام وتطبيقاته لحقوق للإنسان ومقارنتها مع نصوص المواثيق الدولية الصادرة لحماية حقوق الإنسان.

المصطلحات:

تستخدم الدراسة المصطلحات التالية:

حقوق: الحق لغة: مصدر نقيض الباطل قال تعالى: وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ (البقرة:42) وتجمع على حقوق وحقاق([3]). وأصل الحق المطابقة والموافقة كمطابقة الباب في حقه لدورانه على الاستقامة([4]).

والحق شرعاً: الحقوق في الشريعة تنقسم باعتبار ما يضاف إليه الحق، أما حق الإنسان فهو أكثر من أن يخص وينقسم إلى عام وخاص، فالعام ما ترتب عليه مصلحة عامة للمجتمع من غير اختصاص بأحد في مثل: التعليم – المساواة –القضاء… أما حق الإنسان الخاص فهو ما تعلقت به مصلحة خاصة بالفرد كحقه في إدارة عمله، وحق الزوج على زوجته… ([5]).

الحق في القانون الوضعي:

تنقسم الحقوق في القوانين الوضعية إلى تقسيمات مختلفة باختلاف المعنى الذي تدور حوله فمنها حقوق سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية… ([6]).

حقوق الإنسان:

  • يقول محمد النجيمي المقصود بحقوق الإنسان: (تلك المبادئ والقوانين العامة التي اتفقت عليها الأديان، والقوانين الدولية فيما يتعلق باحترام الإنسان في مجال عقيدته، وحريته، وثقافته، وفي مجال حقوق المرأة والطفل، والقضايا السياسية، وحرية التفكير… وهي حقوق كفلتها الشريعة الإسلامية وجميع الأديان والقوانين الدولية)([7]).
  • ويرى الزحيلي أن المراد بحقوق الإنسان حماية مصلحة الشخص سواء أكان حقاً عاماً كتحقيق الأمن، وقمع الجريمة، ورد العدوان، والتمتع بالمرافق العامة. أم خاصاً كحق الزوجة في النفقة وحق الأم في الحضانة لطفلها، وحق الأب في الولاية على أولاده ونحوه…([8]).
  • وعبر الشوربجي عن حقوق الإنسان بقوله: ” أنها حرمات الله –سبحانه وتعالى – فهو الذي تفضل بها على الإنسان؛ ولأن حمايتها والذود عنها قربى لله تعالى فلا يجوز لصاحبها أن يفرط فيها”([9]).
  • ويرى الباحث بأنه يمكننا القول: ” بان حقوق الإنسان تتمثل في المعايير الأساسية التي تفضل بها الله – سبحانه وتعالى – على العباد وبما يكفل للناس كافة أن يعيشوا بكرامة كبشر “.

حقوق الإنسان

نشأة حقوق الإنسان

إن الاهتمام بمجال حقوق الإنسان ليس وليد الآونة المعاصرة، إنما هو نتاج تراكمات تاريخية متتالية ومتعاقبة، وما خلفته العقائد الدينية من مبادئ تُعلي من قدر الإنسان وقيمته، وتنبذ التعسف معه أو ظلمه.

إلاّ أن الاهتمام الغربي المعاصر -الذى لم يسبق له مثيل من قبل- بهذا المجال على مستوى التنظير والممارسة ومن خلال المنظمات والمواثيق والإعلانات وغيرها، قد أخذ بعدًا عالميًا، وكان من نتائجه المهمة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن منظمة الأمم المتحدة سنة 1948م.

ويعزى التطور الذي شهده مجال الحقوق الإنسانية- على المستوى النظري بالخصوص- إلى التطور السياسي الذي عرفته أوروبا، ومحاولة عدد من المفكرين والفلاسفة، الوقوف في وجه الاستبداد السياسي للدولة والكنيسة، من دون إغفال الموروث اليوناني والروماني الذي شكل الخلفية الفكرية لهؤلاء المفكرين، وهم يضعون القواعد والقوانين الوضعية ويطورونها.

فالفكر الروماني تمركز حول مقولة مفادها أن الدين خاضع للدولة، فجاءت المسيحية بالفصل بين الدين والدولة([10]) وتأكيد كرامة الإنسان، باعتبار أن الخالق قد خصه بهذه الكرامة، ومن هنا ولدت فكرة القانون الطبيعي لتأكيد حقوق الأفراد ومقاومة الطغيان، ثم تطورت الفكرة متجردة من أساسها الديني إلى اعتبار العقل منشأ القانون، وأن للفرد -لكونه أسبق من المجتمع- حقوقًا طبيعية كامنة في طبيعته ويكشفها العقل، وهي حق الحياة والحرية والملكية، وأن انتماء الفرد إلى جماعة إنما يهدف إلى تأكيد ذاته، وكفالة حقوقه، وليس إلى إهدارها أو التنازل عنها، وأن واجب الدولة حمايتها وعدم الانتقاص منها.

ثم تطورت الفكرة إلى تصور نظرية “العقد الاجتماعي” والتي بموجبها تنازل الأفراد عن جزء من حرياتهم المطلقة -التي كانوا يتمتعون بها في حياتهم الطبيعية- في سبيل إنشاء سلطة تتولى حمايتهم وتنظيمهم، ويظل الجزء الآخر من الحريات التي احتفظوا بها بمنأى عن تدخل الدولة.

وفي ضوء هذه الأفكار انبثقت المواثيق الأولى لحقوق الإنسان[11](2): في بريطانيا العهد الأعظم سنة 1215م، ولائحة الحقوق سنة 1688م وفي الولايات المتحدة، إعلان الاستقلال سنة 1776م، كما انبثق في فرنسا الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن سنة 1789م وكذلك باقي دساتير الثورة الفرنسية والتي اتفقت جميعها حول ما يلى:

أن حقوق الإنسان وحرياته طبيعية لا يُقبل التنازل عنها، كما لا يجوز إجبار الإنسان على ممارستها.

أن حقوق الإنسان وإن لم تكن مطلقة، فإنه لا مناص من وضع قيود تنظم ممارستها، شريطة ألا تصل هذه القيود إلى حد إهدار أصل الحق نفسه.

أن تلتزم الدولة بعدم التعرض للأفراد عند ممارستهم حقوقهم وعدم الاعتداء عليها، كما أن الأفراد ليس لهم حقوق اقتضاء أو دائنية على الدولة يلزمونها بموجبها تقديم الخدمات، فهي التزام على الدولة بالامتناع عن عمل وليست التزامًا بعمل.

أن الحقوق فردية وليست جماعية، فهي مرتبطة بالفرد وليس بأي تجمعات كالمدينة أو النقابة.

ومع ظهور التصنيع في أوروبا وما نتج عنه من مشكلات عُمالية، نشأ ما يسمى بالديموقراطية الاقتصادية والاجتماعية، وبدأت تظهر آثار ذلك في حقوق الإنسان منذ دستور 1848م في فرنسا، وغيره من الدساتير الأوروبية الأخرى التي تلته، والتي تضمنت إشارات محدودة الأثر إلى التزام الدولة بحماية المواطن وتعليمه ومساعدته.

وفي الفترة ما بين الحربين العالميتين، نشأ تطور آخر أكثر جدية، فقد نصت دساتير بعض الدول الأوروبية على ما يعتبر استلهامًا للفكر الاشتراكي بصورة مخففة، إذ اعترفت بحق العمل وحق الأمن الاجتماعي وحماية تكوين النقابات وبعض حقوق الأسرة، وبذلك تأكد مبدأ تدخل الدولة الذي يتعارض مع المذهب الفردي الذي كان سائدًا قبل ذلك، هذا إلى جانب قيام الاتحاد السوفيتي قيامًا كاملًا على أساس الاشتراكية وتدخل الدولة.

أما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد صدرت عدة دساتير لدول أوروبا الشرقية على النمط السوفيتي، كما استقلت كثير من دول أفريقيا وأصدرت دساتير تحتوي على إعلانات بحقوق الإنسان وكذلك الحال في الدساتير الجديدة لدول أوروبا الغربية، هذا إلى صدور وثائق دولية هي:

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10/12/1948م.

المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان في 14/11/1950م.

الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية في 16/12/1966م.

الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 16/12/1966م.

وتعكس تلك الإعلانات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعددة بشأن حقوق الإنسان تنامي الإدراك العالمي لأهمية الحفاظ على تلك الحقوق التي تعد بمثابة حجر أساس لاستقرار المجتمع، فأينما وجدت مجتمعًا مستقرًا وجدت إنسانًا مطمئنًا على حقوقه.([12])

وبتتبع المراحل المتعاقبة للعناية بحقوق الإنسان منذ الحرب العالمية الثانية يمكن استقراء سمات حقوق الإنسان في تلك الفترة، وإيجازها على النحو التالي:

أخذت حقوق الإنسان وحرياته تتجه من الإطلاق نحو النسبية والتقييد لصالح الدولة ليتحقق التوافق بين الحريات والحقوق المتنافرة للأفراد، ولكن هذا التقييد هو الاستثناء فلا يباح إلاّ بقانون ولا يقاس عليه ولا يتوسع فيه كما أنه يدور مع علته ويقدر دائما بقدره ولا يخرج عن مسوغاته والضرورات الدافعة إليه.

تطورت حقوق الإنسان من الفردية إلى الجماعية، أي التي لا يمكن تحقيقها إلاّ جماعيًا مثل: حقوق الأسرة، والأقليات العرقية، والجماعات الإقليمية، وتعد هذه الجماعات وسائل لخدمة الإنسان الذي هو الهدف الأصلي لها، كما حدث تطور نحو الجماعية من حيث ممارسة الحقوق ومنها: حرية العبادة الجماعية، وحق تكوين النقابات، وحرية إنشاء الأحزاب السياسية.

تحولت الحقوق من السلبية إلى الإيجابية، ومنها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي تفرض على الدولة التزامات إيجابية بأن تكفل هذه الحقوق، وكظهور المرافق العامة التي توفر بعض الاحتياجات للأفراد، وكتأكيد حقوق الأفراد في الاقتضاء من السلطة لجميع العناصر الأساسية التي يستلزمها تطوره كالرعاية الصحية والكفالة الاجتماعية والرفاهية والتعليم والتثقيف، وترتب على ذلك أنه اتجه المجتمع إلى إعادة تنظيم أوضاعه الاقتصادية.

وخلاصة القول؛ فإن منشأ الحقوق الإنسانية عند الغرب كان نتيجة الظلم والاستبداد الطبقي مما جعل هذه الحقوق مطلبًا حيويًا لتلك الشعوب، وهذا يختلف تمامًا عن النظام الإسلامي الذى يأمر بالعدل والإحسان والرحمة؛ ولذا كانت للإسلاميين مواقف متباينة من تلك القضية سيتم تناول تفصيلاتها في الموضوع التالي الخاص بموقف الإسلاميين المعاصرين من حقوق الإنسان.

حقوق الإنسان في المواثيق الدولية

أولاً: الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان([13]):

  1. جاء في الفقرة الأولى من المادة (26) من الميثاق الدولي لحقوق الانسان ونصها (كل فرد له حق التربية والتعليم).
  2. جاء في الفقرة الثالثة من هذه المادة ونصها” أن الآباء لهم الحق في المقام الأول باختيار نوع التربية لأبنائهم.
  3. جاء في الفقرة الثانية من هذه المادة ” أن التربية يجب أن تهدف إلى التفتح الكامل لشخصية الإنسان، وإلى دعم الاحترام لحقوق الانسان وحرياته”.
  4. جاء في الفقرة الأولى من المادة (13) أن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية تعترف بحق كل فرد بالتربية، وتتفق على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها، وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وهي متفقة على وجوب استهداف التربية والتعليم؛ ليتمكن كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف السلالات أو الاثنية أو الدينية ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة المسلم مما يتطلب هذا الحق.
  • جعل التعليم الابتدائي مجانياً وإتاحته للجميع.
  • تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه (تقني، مهني) وجعله متاحاً للجميع، والأخذ بمجانية التعليم تدريجياً.
  • جعل التعليم العالي متاحاً للجميع على قدم المساواة تبعاً للكفاءة والأخذ بمجانية التعليم العالي تدريجياً.
  • تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها إلى أبعد مدى ممكن من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة الابتدائية.
  • العمل على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات وإنشاء نظام منح وافٍ بالغرض، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس.
  1. التعهد باحترام حرية الآباء أو الأوصياء في الاختيار لأولادهم مدارس غير المدارس الحكومية وفي ضمان التربية الدينية والأدبية وفقاً لقناعتهم الخاصة.
  • ما جاء في البروتوكول رقم (1) المضاف لاتفاقية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الصادر عن حكومات المجلس الأوروبي ونصها ” لا يجوز أن يرفض حق أحد في التعليم وأن الدولة ستحترم في ميدان التربية والتعليم حق الآباء في ضمان التربية والتعليم وفقاً لعقائدهم الدينية والفلسفية.
  1. ما جاء في الفقرة الثانية عن المبدأ السابع من تصريح حقوق الطفل ونصها أن المصلحة العليا للطفل هي المرشد لأولئك الذين يحملون مسؤولية تربيته وتوجيهه. وأن هذه المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على أهله.
  2. المادة (15) تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن من حق كل فرد:
  • أن يشارك في الحياة الثقافية.
  • أن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته
  • أن يفيد من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن أي أثر علمي أو فني أو أدبي من صنعه.
  • تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام الحرية التي لا غنى عنها للبحث العلمي والنشاط الإبداعي.

أبرز خصائص اقوق الإنسان في المواثيق الدولية:

نرى في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان أهدافاً نبيلة يمكنها أن تحقق متطلبات الإنسان في حقه الثقافي ويعيش بأمن وسلام. ومن الأهمية بمكان حماية وتطوير هذه المؤسسات وهذه الأهداف النبيلة بتزويدها بضمانات تتيح لها تحقيق أهدافها النبيلة بطريقة فاعلة وهي تحقيق أحلام الإنسان التي تضمنها القرآن الكريم الذي يحث الناس على التعاون لفعل الخير وليس التعاون لغاية ارتكاب اعتداءات شريرة وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: 2).

ونحن كمسلمين نرفض النظريات الفارغة ونؤمن بأن النصر النهائي هو انتصار العقل على التعصب ومستقبل أفضل للجنس البشري. وقد دعا القرآن إلى وحدة الجنس البشري عن طريق التنوع والتعدد وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً(هود: 118). فالإسلام يقبل التنوع والتعددية ويعتبرها جزءاً طبيعياً في هذه الحياة والهدف من هذا التنوع هو تعارف الناس وتعاونهم مع بعضهم بعضاً وبالتالي القضاء على التمييز بين الناس على أساس اللون أو العرق أو الجنس فأفضل الناس من كان أكثر فائدة للآخرين.

ويمكننا تلخيص أبرز خصائص حقوق الإنسان في المواثيق الدولية بما يلي:

  1. أن لكل إنسان الحق في التربية والتعليم ولا يجوز أن يرفض له هذا الحق.
  2. أن التربية والتعليم تهدف إلى التفتح الكامل لشخصية الإنسان والشعور بكرامته وإلى دعم الاحترام لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
  3. أن للآباء في المقام الأول الحق في اختيار التربية الدينية لأولادهم حسب عقائدهم.
  4. أن المصلحة العليا هي وحدها التي ترشد المسؤولين عن تربية الطفل وتوجيهه.
  5. 5-أن مجمل الحقوق الثقافية التي دعت إليها المواثيق الدولية حق خاص وليست فريضة عامة والدليل النص قولاً ” لا يجوز أن يرفض حق أحد في التعليم ” إذ من المتفق عليه في مبادئ الحقوق العالمية أن لكل إنسان ذي حق أن يتنازل عن حقه الخاص، ونتيجة لذلك فإن تنازله عن حقه الخاص لا يشكل جرماً لأنه لا يمس إلا شخصه. وفي هذا إضعاف لهذا الحق في التعليم الذي هو ضرورة أساسية لحياة الإنسان ونزولاً لمستوى الوصايا من غير ضامن من ضمانات التنفيذ لهذه الوصايا خاصة متى لاحظنا الهدف لهذا الحق الثقافي كما نصت المواثيق الدولية بقولها:” أنه تفتح شخصي لشخص الإنسان ولكرامته ” دون أية إشارة إلى أنواع علوم الحياة الشاملة. وضرورتها لحياة الفرد والمجتمع خاصة الإيمان بالحقيقة العلمية الأولى لمصدر الوجود، وخالق السموات والأرض ومن فيهن، ومبدع الإنسان مع وجوب الخضوع لتعاليمه. وفقدان هذا الإيمان بالله عز وجل كهدف أساس من أهداف حقوق الإنسان الثقافية لدى الأمم المؤمنة بالله تعالى يضيع حقوق الفرد وحرياته ويجعلها في خطر…

أبرز خصائص حقوق الإنسان في الإسلام:

إذا أمعنا النظر في النصوص الإسلامية لحقوق الإنسان الثقافية نجدها تتميز بما يلي:

  • ورد التعبير عن الحقوق الثقافية في الإسلام بأنها (فريضة) وبالتالي لا يجوز التنازل عنها فهي ليس مجرد حقوق للإنسان كما أعلنته المواثيق الدولية.
  • هذه الفريضة تقع في آن واحد على عاتق الفرد والجماعة وكلاهما مسؤول عن تنفيذ هذه الفريضة. فهي فريضة حيوية عامة لا يجوز لأحد إهمالها وليست حقوقاً خاصة تسقط بإهمال صاحبها بها.
  • هذه الفريضة تتمتع في الإسلام بضمانات جزائية وليست مجرد توصيات أو أحكام أدبية لا ضامن لها كما هو الأمر في مواثيق المنظمات الدولية. إذ للسلطة الحاكمة في الإسلام حق الإجبار على تنفيذ الفريضة ومعاقبة المتخلفين عن التنفيذ خلافاً للمواثيق الدولية التي تعتبرها حقاً شخصياً مما لا يمكن المعاقبة عليه إذا تنازل صاحبه مما دفع المجلس الأوروبي 1950 بإحداث محكمة لحماية حقوق الإنسان وحرياته.
  • المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تعطي أولياء الأمور الحرية في اختيار نوع الثقافة والتربية التي يختارونها لأولادهم حسب عقائدهم خلافاً للنظم العلمانية والنظم غير الديمقراطية التي تفرض وحدها الثقافة والتربية وحرمان أولياء أمور الطلاب من ممارسة حقهم المعترف به في حقوق الإنسان بل مصادرة عقول الأطفال والشباب وإخضاعهم في العقائد إلى فلسفة النظم الحكومية وحدها، وإبعادهم عن التوجه الشرعي المعترف به في مواثيق حقوق الإنسان مما حدا بكبار الحقوقيين أمثال السيد تيكن في الاجتماع التأسيسي لمجلس أوروبا قوله: “يجب أن يحرم رسمياً مصادرة الطفولة والشبيبة من قبل النظم غير الديمقراطية”([14]).
  • الإسلام فتح جميع آفاق السماء والأرض للبحث والعلم بمختلف علوم الحياة وأنواع التكنولوجيا؛ من أجل الاعتراف علمياً بخالق هذا الكون ومبدع الإنسان مما يجنب علوم التكنولوجيا أن تكون مادية نفعية فقط، بل لتكون أداة حقيقية في تغذية الروح إلى جانب مصالح الجسد وتقريب الإنسان من خالقه، وبذلك ينقذ نفسه من الضياع ومن أوحال المادية البحتة.

مجمل القول لحقوق الإنسان في الإسلام أن هذه الحقوق واجبات حتمية محمية بالضمانات التشريعية والتنفيذية وليست حقوقاً طبيعية للإنسان ووصايا تدعى الدول لاحترامها، والاعتراف بها من غير ضامن لهذا !

وختاماً: تلك هي نظرة إسلامنا إلى الحقوق الثقافية للإنسان التي تستوجب منا – جميعاً- ضرورة إسماع هؤلاء الذين أعلنوا في سفاهة، أو عدم دراية، أو حقد أعمى قلوبهم أن الإسلام امتهن حقوق الإنسان… ندعوهم من على منبر الجامعة الإسلامية في غزة – المحفوظة برعاية الله تعالى-، ومن خلال هذا المؤتمر الذي تبنته كلية أصول الدين – أعزها الله بحفظه ورعايته- للمنطق والحكمة والتريث؛ للنهوض بهذا الإنسان كما أمر الإسلام بالدفاع عن كرامة وحقوق الانسان بدلاً من هذا العدوان الذي يمحو كل كرامة للإنسان.

الخَاتِمَةُ

إن القوانين تُسن في كل دولة حسب حاجة المجتمعات الموجودة بِهَا؛ لما يضمن استقرارهم وأمنهم، ويعلم المسلمون جيِّدًا أنه لا يوجد أيُّ قانون وضعيٍّ في العالم أجمع يسلم من الثغرات والأخطاء، وأكبر دليل على ذلك هو التعديلات المستمرة التي تطرأ على القوانين الوضعيَّة.

وينبغي الفطنة وأخذ الحيطة تجاه ما يعايشه عالمنا اليوم من ازدواجية في المعايير التي يكيل بها الغرب، وما تحمله من متناقضات صارخة مؤثرة في شتى مناحي الحياة في هذا العصر، وهو الأمر الذي يمثّل تحدّيًا ضاريًا يفرض على الشعوب والأمم الدخولَ في مواجهةٍ غير متكافئة مع القوة الكبرى الساعية إلى الهيمنة والسيطرة على مقدرات العالم تحت دعاوى عديدة، بعضُها يكتسي صبغة العَوْلَمة، التي هي اليومَ التوجّهُ العامُّ للنظام الجديد المفروض على العالم، والذي في ظلِّه تُنتهك حقوق الإنسان بدرجة أو بأخرى، وبأسلوب أو بآخر، وما يصاحب ذلك من مفارقات تزيد من التردد والاختلاف حول التسليم بعالمية حقوق الإنسان وفق التفسير الغربي لها؛ إذ أنه على الرغم من اعترافنا بالشرعية الدولية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن ذلك لا يَنفي الحرصَ على أن تُراعى الخصوصيات الثقافية التي تُقرّها المواثيق الدولية في تفسير مواد هذا الإعلان العالمي، ولا يُجيز أن يكون تطبيقُ تلك الحقوق غير عادل وشامل وبمعايير مزدوجة، يتم من خلالها التمييز بين شعب وآخر.

وتأسيسًا على ذلك، فإننا نؤكد ضرورة تعامل المجتمع الدولي مع حقوق الإنسان تعاملًا منصفًا ورشيدًا دون تمييز، مع احترام الخصوصيات التي جاءت بها الأديان السماوية، والتي تُقرّها المواثيق الدولية.

المراجع

حلس، داود – دور الأسرة في تربية النشء وفق المنهج الإسلامي في ضوء متغيرات العصر – مؤتمر كلية الشريعة والقانون الدولي الأول – الجامعة الإسلامية غزة 1427 ج2.

العساف، صالح – مناهج البحث العلمي في العلوم السلوكية – الرياض- العبيكان ط1 2000م.

ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين- لسان العرب –دار المعارف بمصر.

مجد الدن محمد يعقوب الفيروز أبادي – القاموس المحيط – تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف محمد نعيم العرقسوسي ط5 1996م.

الأسطل، إسماعيل- حقوق الانسان في الشريعة والقانون- الجامعة الإسلامية غزة ط61.

جريدة الرياض -13/10/2003م.

الزحيلي، وهبة- الفقه الإسلامي وأدلته 4/14

الشوربجي، محمد البشري- حقوق الانسان أمام القضاء- مجلة كلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر العدد الثالث 1981ص283.

لبنى الأنصارى: تعليم حقوق الإنسان ليست حقًا فحسب بل مسئولية، مجلة المعرفة، عدد (107)، الرياض، روتانا للإعلام، 1425هـ، صـ 21.

مركز الميزان لحقوق الإنسان العهد دولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأمم المتحدة المؤرخ في 16 كانون الأول ديسمبر 1966م وفقاً للمادة 27 تاريخ النفاذ يناير 1976م.

مجلة حقوق الإنسان الأوروبية – المجلد السادس 1973م ص479.

محمد تقي مصباح اليزيدي: منشأ الحقوق:

http://www.balagh.com/mosoa/falsafh/0q1cvb9g.htm .

الهوامش:

  1. () حلس، داود – دور الأسرة في تربية النشء وفق المنهج الإسلامي في ضوء متغيرات العصر – مؤتمر كلية الشريعة والقانون الدولي الأول – الجامعة الإسلامية غزة 1427 ج2 ص582.
  2. () العساف، صالح – مناهج البحث العلمي في العلوم السلوكية – الرياض- العبيكان ط1 2000م.
  3. () ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين- لسان العرب –دار المعارف بمصر.
  4. () مجد الدن محمد يعقوب الفيروز أبادي – القاموس المحيط – تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف محمد نعيم العرقسوسي ط5 1996م.
  5. () الأسطل، إسماعيل- حقوق الانسان في الشريعة والقانون- الجامعة الإسلامية غزة ط61 ص15.
  6. () الأسطل والمرجع السابق ص19.
  7. () جريدة الرياض -13/10/2003م.
  8. () الزحيلي، وهبة- الفقه الإسلامي وأدلته 4/14
  9. () الشوربجي، محمد البشري- حقوق الانسان أمام القضاء- مجلة كلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر العدد الثالث 1981ص283.
  10. () وهذا واضح فيما ينسب للسيد المسيح من قوله: (اعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله).
  11. (2) محمد تقي مصباح اليزيدي: منشأ الحقوق:

    http://www.balagh.com/mosoa/falsafh/0q1cvb9g.htm .

  12. () لبنى الأنصارى: تعليم حقوق الإنسان ليست حقًا فحسب بل مسئولية، مجلة المعرفة، عدد (107)، الرياض، روتانا للإعلام، 1425هـ، صـ 21.
  13. () مركز الميزان لحقوق الإنسان العهد دولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأمم المتحدة المؤرخ في 16 كانون الأول ديسمبر 1966م وفقاً للمادة 27 تاريخ النفاذ يناير 1976م.
  14. () مجلة حقوق الإنسان الأوروبية – المجلد السادس 1973م ص479.