مصرف الجمهورية الليبي نموذجاً
أ . عبد القادر عيسى صالح الحضيري1
1 كلية الدراسات الإسلامية سبها، الجامعة الأسمرية الإسلامية، ليبيا
بريد الكتروني: a.elhouder@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(8); https://doi.org/10.53796/hnsj3814
تاريخ النشر: 01/08/2022م تاريخ القبول: 18/07/2022م
المستخلص
تعد ضوابط العدالة الشرعية ركناً أساسياً في صحة العقود المتعامل بها في المصارف التجارية حتى لا يقع الخلاف والنزاع بين المتعاقدين، ومن هنا فإننا أمام مشكلة ترتكز على فقدان المصارف متابعة صحة هذه العقود من الهيئات الرقابية الشرعية كعقد بيع المرابحة، حيث لم يكن من العقود المعروفة لدى بعض العاملين القائمين على إدارة هذه العقود في المصارف التجارية، وتهدف هذه الدراسة الى التعريف بضوابط العدالة الشرعية، وبيان أثر هذه العدالة في عقد بيع المرابحة في المذهب المالكي، واقتضت منهجية الدراسة إلى استخدام المنهج الوصفي التحليلي الذي يعتمد تتبع الأقوال والآراء الفقهية المتعلقة بضوابط العدالة الشرعية، وأثرها في عقد بيع المرابحة في المذهب المالكي، وتحليل المسائل الفقهية المتعلقة بهذا العقد وتطبيقاته في مصرف الجمهورية الليبي، وخلص البحث على أن جميع خطوات بيع المرابحة في مصرف الجمهورية صحيحة غير أن الوعد بالشراء من المصرف يقع على سبيل الإلزام للعميل، وهذا يعد مخالفا لضوابط بيع عقد المرابحة في الشريعة الإسلامية, وبذلك يجب على المصرف التقيد بالضوابط الشرعية في إبرام عقد بيع المرابحة حتى يتحقق الرقي بهذه المؤسسة الى منفعة الناس وتحقيق الربح ورفع الاقتصاد وفق منهج إسلامي صحيح.
الكلمات المفتاحية: ضوابط، العدالة، البيع، المرابحة.
Controls of justice and their impact on Murabaha sale according to the Maliki school: a descriptive and analytical study
The Libyan Republic Bank as a model
Abdul Qader Issa Saleh Al-Hudiri 1
1 College of Islamic Studies, Sebha, Asmarya Islamic University, Libya
Email: a.elhouder@gmail.com
HNSJ, 2022, 3(8); https://doi.org/10.53796/hnsj3814
Published at 01/08/2022 Accepted at 18/07/2021
Abstract
Sharia justice controls are a cornerstone of the validity of contracts dealt with in commercial banks, So that there is no dispute and conflict between the contracting parties Hence, we are faced with a problem based on the banks’ loss of following up on the validity of these contracts from the Sharia supervisory bodies, such as the Murabaha sale contract, as it was not one of the contracts known to some of the workers in charge of managing these contracts in commercial banks, This study aims to define the controls of Sharia justice, and to show the impact of this justice in the Murabaha sale contract in the Maliki school, The study’s methodology necessitated the use of the descriptive analytical method, which depends on following the sayings and jurisprudential opinions related to the controls of Sharia justice, its impact on the Murabaha sale contract in the Maliki school, and the analysis of jurisprudential issues related to this contract and its applications in the Libyan Jumhouria Bank. The research concluded that all the steps of Murabaha sale in the Jumhouria Bank are valid, except that the promise to buy from the bank is made by way of obligation to the customer, and this is in violation of the rules of sale of the Murabaha contract in Islamic Sharia Thus, the bank must adhere to the legal regulations in concluding a Murabaha sale contract until the advancement of this institution to the benefit of people, achieving profit and raising the economy according to a correct Islamic approach is achieved.
Key Words: controls, justice, sale, Murabaha
مقدمة:
الحمد لله الّذى اتصف بالعدل وأمر به، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى بُعث للعالمين بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه القائمين بالقسط والشاهدين بالعدل، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين وبعد.
لقد وضعت الشريعة الإسلامية للعدالة أحكاما شرعية فهي ميزان قويم ومقياس دقيق يقاس به الناس في أقوالهم وأعمالهم وتصرفاتهم، قال تعالى: ﴿لقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾[1]، والقيام بالقسط هو العدل والإنصاف في كل شيء فغير العدل لا يقبل خبره وشهادته ولا تصح روايته حفظاً للدين وصيانةً للعدالة، كما وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط شرعية لكافة العقود المتعامل بها في المصارف التجارية حتى لا يقع النزاع بين الطرفين وحتى تتحقق فيها العدالة الشرعية وفق منهج إسلامي سليم من التعاملات الربوية .
أهمية البحث:
تتلخص أهمية البحث في التالي:
1. معرفة ضوابط العدالة مهمة لكل مسلم وبالأخص القضاة وطلاب العلم وحملته وخاصة في هذا الزمان الذى عمت فيه البلوى بانتشار الرذائل وابتعاد الناس عن القيم الدينية، وتغير كثير من المفاهيم الشرعية في أذهان كثير من أبناء الأمة الإسلامية.
2. معرفة أحكام وضوابط العدالة في غاية الأهمية، وخاصة للعاملين بالمصارف المالية، حيث إن هذا الأمر لا يتسنى القيام به إلا من كان على دراية بشروط العدالة وضوابطها.
3. توضيح وبيان عقد المرابحة وحكمه والضوابط الشرعية المتعلقة به وتطبيق هذه الضوابط على عقد المرابحة بمصرف الجمهورية، والتأكيد على التزام المصارف بتنفيذ هذه العقود بهدف الوصول إلى تحقيق الربح الصحيح الذى ينمى الاقتصاد ويزيد الإنتاج.
مشكلة البحث:
تتركز إشكالية البحث حول عدم التزام الكثير من المصارف التجارية بتطبيق ضوابط العدالة الشرعية في المعاملات المالية وفق الشريعة الإسلامية؛ لذلك يعتبر نجاح هذه المصارف في تطبيق العدالة في العقود التجارية وفق منهج عملي سليم يساعد على الرقي بهذه المؤسسات بما يسهم في تحقيق الأرباح بعيدا عن التعاملات الربوية.
ويمكن أن يرجع سبب الضعف الحاصل في المصارف بصفة عامة، وبمصرف الجمهورية الليبي موضوع الدراسة ناتج عن عدم كفاءة الموظفين القائمين على تطبيق هذه العقود، وخصوصاً متى ما كانوا غير مختصين بعلوم الدراسات الإسلامية، مما يؤدى الى القصور في النهوض والوصول بهذه المؤسسة إلى بر الأمان، ومن هنا، فالسؤال المحوري لموضوع البحث يتمثل في ما هي ضوابط العدالة في عقد بيع المرابحة وكيف يمكن تطبيقها في مصرف الجمهورية الليبي؟.
أسئلة البحث:
تتفرع أسئلة فرعية من خلال مشكلة البحث وفق التالي:
1. ما هي ضوابط العدالة الشرعية ؟
2. ما حكم بيع المرابحة والمسائل المتعلقة به في المذهب المالكي؟
3. ما هي الخطوات والإجراءات الصحيحة التي تحقق العدالة في عقد بيع المرابحة عند مصرف الجمهورية الليبي؟
أهداف البحث:
تتحقق أهداف البحث وفق التالي:
1. معرفة ضوابط العدالة الشرعية .
2. بيان وتوضيح المفاهيم المتعلقة بعقد بيع المرابحة والمسائل المرتبطة به.
3. الكشف عن الخطوات والإجراءات المتبعة لتحقيق العدالة الشرعية في عقد بيع المرابحة في مصرف الجمهورية الليبي.
حدود البحث:
اقتضت طبيعة حدود البحث أن تشمل الموضوعية والمكانية:
الحدود الموضوعية: يتحدد موضوع هذه الدراسة في مفهوم العدالة الشرعية والضوابط التي تحكمها والتي تندرج تحتها، ودراسة مدى تطبيق العدالة الشرعية في عقد بيع المرابحة عند مصرف الجمهورية الليبي وفق الشريعة الإسلامية.
الحدود المكانية: تتحدد في تطبيق ضوابط العدالة في المصارف التجارية العامة وبالأخص مصرف الجمهورية الليبي موضوع الدراسة.
منهج البحث:
يستوجب البحث منهجا وصفياً تحليلياً يعتمد على بيان وصف العدالة الشرعية وضوابطها المتعلقة ببيع المرابحة وتحليل المسائل الفقهية والإجراءات المصرفية المتعلقة بهذا العقد.
الدراسات السابقة:
كثيرا من فقهاء المالكية تناولوا موضوع بيع المرابحة من خلال ثنايا كتبهم كالشيخ خليل ابن إسحاق، وأبى زيد القيرواني، والدردير, وغيرهم من علماء المالكية, وهناك الكثير من الدراسات القريبة من هذا البحث ومن أهم الدراسات السابقة أذكر منها ما يلى:
1. دراسة الدكتور يوسف القرضاوي، بيع المرابحة للآمر بالشراء: دراسة في ضوء النصوص والقواعد الشرعية، 1407هــــ.
2. دراسة عبدالستار أبو غدة, أسلوب المرابحة والجوانب الشرعية التطبيقية في المصارف الإسلامية, مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي, جدة, العدد الخامس, 1409هــــ.
3. دراسة أحمد بن سالم ملحم، بيع المرابحة وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية، الطبعة الأولى، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان، 1989م.
هيكل البحث:
اقتضت أن تكون هيكلية البحث وفق الخطة الآتية:
المبحث الأول: ضوابط العدالة الشرعية في العقود التجارية.
المطلب الأول: مفهوم العدالة والضابط الفقهي.
المطلب الثاني: ضوابط العدالة الشرعية .
المبحث الثاني: العدالة الشرعية في عقد المرابحة عند المالكية.
المطلب الأول: تعريف المرابحة وحكمها.
المطلب الثاني: الإجراءات والضوابط المتبعة في بيع المرابحة.
المبحث الثالث: تطبيقات عقد بيع المرابحة في مصرف الجمهورية الليبي.
المطلب الأول: نبذة مختصرة عن نشأة مصرف الجمهورية الليبي.
المطلب الثاني: ضوابط عقد بيع المرابحة في مصرف الجمهورية الليبي.
الخاتمة: النتائج والتوصيات
المصادر والمراجع.
المبحث الأول: ضوابط العدالة الشرعية في العقود التجارية.
المطلب الأول: مفهوم العدالة والضابط الفقهي.
الفرع الأول: تعريف العدالة لغةً واصطلاحاً:
العدالة لغة: العدالة مأخوذة من مصدر العدل، ولها معان كثيرة منها:
1-الحق والقسط والانصاف: يقال حاكم عادل أي يقضى بالحق ويعدل وذو معدلة في حكمه[2]، ويقال عدل عليه في القضية فهو عادل ، وبسط الوالي عدله ومعدلته[3].
والعدل يكون في الحكم كما قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾[4]، وقوله تعالى ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾[5] ويكون بقول الحق كما في قوله تعالى (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا )[6] ، والعدل الإنصاف كما في قوله تعالى ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾[7].
والعدل اسم من أسماء الله الحسنى ومعناه : الذى يحكم لا يحكم إلا بالحق ولا يفعل إلا بالحق ولا يقول إلا بالحق[8].
2-المثل والنظير والمساواة : يقال للشيء يساوى الشيء وهو عدله[9], وفلان يعدل فلانا أي يساويه, [10] وقوله تعالى ﴿﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾[11] والعدل هو لفظ يقتضى المساواة.
3-الاستقامة واستواء الطريقة:
فالعدل من الناس: المرضى المستوى الطريقة وقيل المرضى قوله وحكمه,[12] والعدل الحكم بالاستواء[13]، ومنه قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾[14]، فالعدل هو عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط [15].
4-الطريق والمذهب والمسلك:
يقال أخذ الرجل في معدل الحق ومعدل الباطل، أي بطريقه ومذهبه ، ويقال انظروا الى سوء معادله ومذموم مداخله أي إلى سوء مذاهبه ومسالكه[16].
5- الاعوجاج والميل والانصراف:
فالعدل أن تعدل الشيء عن وجهه، تقول : عدلت فلانا عن طريقه ، وعدلت الدابة إلى موضع كذا وانعدل الشيء أي: اعوج وانعرج.
أي لم ينعدل ومنه عدل عن الطريق أي مال عنه وانصرف ويقال عدل الفحل عن الإبل أي ترك الضراب[17].
وخلاصة القول أن أصل مادة: (ع د ل) لفظ صحيح يدور على أصلين متقابلين فهو من ألفاظ الأضداد – الأول منهما يدل على استواء والآخر يدل على اعوجاج[18] .
وكلمة العدل تستعمل مع المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث باعتباره مصدرا يقال : رجل عدل ورجال عدل وامرأة عدل ونساء عدل وقوم عدل كل ذلك على معنى ذوو عدل وهكذا.
والعدل باعتبار المصدر لا يثنى ولا يجمع ، وباعتبار ما صار إليه من النقل للذات يثنى ويجمع .
ويقول علماء اللغة إذا جاء مجموعاً، أو مثنى، أو مؤنثاً فإنه يجرى مجرى الوصف الذى ليس بمصدر .
والعدالة والعدولة والمعدلة كلها بمعنى واحد وهو العدل[19]، فالعدالة مأخوذة من العدل ويفسر كل واحد منهما بالآخر.
العدالة في الاصطلاح: أجمع العلماء على أن العدالة شرط في الشهود والمخبرين واختلفوا في وضع حد ضابط لها فاختلفت أنظارهم وتباينت آراؤهم في بيان المراد منها فمنهم من عرفها بالأصل وهو الإسلام فيرون أن كل مسلم عدلا، فقيل( أما العدالة فأصلها الإيمان )[20] ، ومنهم من عرفها بشروط ولوازم في الشخص حتى يكون عدلا وإن اختلفوا في بعض القيود إلا أنهم قد اتفقوا في بعضها الأخر؛ لأن المقصود بيان حال الشخص من حيث قبوله الأخبار والشهادات وتنصيبه في الولايات ونتاج ذلك الاستقامة على دين الله .
قال الامام مالك – رحمه الله – في رواية محمد بن عبدالله بن الحكم عنه (من كان أكثر أمره الطاعة ولم يقدم على كبيرة فهو عدل )[21] وقال ابن عبد البر– رحمه الله- العدل: (كل من كان حراً مسلماً بالغاً مؤدياً للفرائض، عالماً بما يفسدها عليه ، لم تظهر منه كبيرة ولا جور بيِن ولا اشتهر بالكذب ، وعُرِف بالصدق في غالب حديثه )[22] .
وعرفه ابن رشد-رحمه الله– العدل ( أن يكون متجنباً للكبائر متوقيا من الصغائر، متصاوناً من الرذائل )[23].
من خلال ما سبق يتبين لنا مايلى:
- مرتكب الكبيرة غير التائب منها يخرج من مسمى العدالة.
- لا يكفى في العدالة اجتناب الكبائر فقط بل إن من الصغائر ما يرد به.
- إن العدالة لا تشترط العصمة من جميع الذنوب والا لما وجد هناك عدل.
- إن كل من يتصف بالكذب يقدح في عدالته فالعدل لابد أن يكون موثوقا به في دينه معروفا بصدقه في حديثة.
ويمكن ان تعرف العدالة بأنها : إلزام المسلم المكلف نفسه التقوى باجتناب الكبائر وتوقى الصغائر وتحاشى ما يخل بمروءة مثله.
الفرع الثاني: مفهوم الضابط الفقهي لغة واصطلاحا:
تعريف الضابط لغة: تتفق معاجم اللغة وقواميسها على أن كلمة الضابط اسم فاعل مشتق من ضبط الشيء أذا لزمه وحبسه ، ويقال للرجل الحازم ضابط كما يقال لمن يحفظ الشيء لا ببذل مجهوده والثبات عليه بمذاكرته الى حين أدائه الى غيره بالضابط[24].
تعريف الضابط اصطلاحا: اختلف الفقهاء في تعريف الضابط الفقهي فمنهم من جعله مرادفا للقاعدة الفقهية ، ومنهم من جعله مغايراً لها وهم فريقان:
الفريق الأول: وهم يرون أن مصطلح الضابط مرادف للقاعدة ولم يفرقوا بينهما وجعلوا معناهما واحداً ، ومن هؤلاء العلماء ابن الهمام[25]، والفيومي[26] ، وأبو العباس المنجور[27] ، والنابلسي ، ومن المعاصرين محمد البركتى[28], ومحمد الزحيلى[29]
الفريق الثاني: وهؤلاء قسمان .
القسم الأول: يرون أن مصطلح الضابط أخص وأضيق من مصطلح القاعدة لأن القاعدة عندهم تجمع فروعا عديدة وهم جمهور الفقهاء من السابقين والمعاصرين وعلى هذ الرأي استقر وأخذ بهذا التعريف وهو الأرجح إن شاء الله .
القسم الثاني: يرون أنه أوسع من القاعدة وأعم وهذا القول مخالف لما استقر عليه أصحاب الرأي الأول وقد عرفه بعض المحققين بقوله: ( حكم كلى فقهى منطبق على فروع متعددة من باب واحد ).[30]
من خلال ذلك يمكن وضع حد أدق للتعريف فيعرف بأنه (قضية كلية فقهية تنطبق على فروع في باب).
المطلب الثاني: ضوابط العدالة الشرعية:
لقد وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط للعدالة لمعرفة الأخيار من المسلمين وقبول شهادتهم وأخبارهم وقد جمع الله هذه الضوابط في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾[31]، وقوله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾.[32]
وقد فسر أهل التفسير قوله تعالى: ( من رجالكم ) بأن الرجال من تتوفر فيهم شروط العدالة ورفض شهادة الكفار والصبيان، وقوله (ممن ترضون) وقوله (ذوا عدل منكم) بأن يكونا عدلين من المسلمين ولا يرتضى إلا من اتصف بالدين والأمانة من المسلمين, ويمكن تسمية العدالة بالكفاءة الدينية والأخلاقية للشخص.
المبحث الثاني : العدالة الشرعية في عقد المرابحة عند المالكية:
المطلب الأول: مفهوم المرابحة وحكمها الشرعي:
يعتبر البيع والشراء من وسائل التملك وكسب المال وتبادل السلع والمنافع بين بني الإنسان، وتختلف صور البيع وطرق تحقيق الربح فيه من سلعة لأخرى، ومن زمن لآخر، ومن مكان لآخر، ومن بائع لآخر؛ فقد يكون البيع عن طريق المساومة، وقد يكون عن طريق المزايدة، وقد يكون عن طريق المرابحة.
الفرع الأول: تعريف المرابحة لغة واصطلاحا:
المرابحة في اللغة: هي مصدر من الربح وهو الزيادة والعرب تقول ربحت تجارته إذا ربح صاحبها[33] .
المربحة في اصطلاح الفقهاء: وهو بيع السلعة بالثمن الذي اشتراها به وزيادة ربح معلوم لهما[34]، أوهى بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح أو هي بيع برأس المال وريح معلوم , وصفتها أن يذكر البائع للمشترى الثمن الذى اشترى به السلعة ويشترط عليه ربحا معينا .
فالمرابحة بيع من بيوع الأمانة التي يجب أن يكون فيها الثمن والربح معلومين بناء على اتفاق المتعاقدين, والمرابحة نوعان :
النوع الأول : المرابحة العادية وهى التي تكون بين طرفين البائع والمشترى. [35]
النوع الثاني : المرابحة المصرفية وهى التي تقوم على ثلاثة أطراف البائع (مالك السلعة الأصلي ) والمشترى (عميل المصرف ) والمصرف (التاجر الوسيط ). كما تشتمل على عقدان (عقد بين البائع والمصرف، وعقد بين المصرف والمشترى) وكذلك ثلاثة وعود ( وعد من المصرف بشراء السلعة، ووعد منه ببيعها للمشتري، ووعد من المشترى بشراء السلعة من المصرف ).[36]
الفرع الثاني: حكم بيع المرابحة:
اتفق الفقهاء على صحة بيع المرابحة في الجملة مستدلين على ذلك بما ورد في الكتاب والسنة عن صحة البيع عموما وفق التالي:
أولاً: الأدلة من القرآن الكريم:
1.قال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾[37]، ويستدل بهذه الآية على أن البيع عن طريق المرابحة يعد داخلاً في عموم عقود البيع بصفة عامة.
2.قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾[38], ويستدل بهذه الآية على أن ابتغاء الفضل يعد من المرابحة الشرعية في عقد البيع.
ثانياً: الأدلة من السنة النبوية:
فقد جاء فيما رواه الترمذي والحاكم: “قيل يا رسول الله أي الكسب أطيب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور”[39]، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد”[40].
ويستدل من خلال هذه الأحاديث على جواز بيع الإنسان السلعة التي اشتراها برأس مالها وبأقل منه أو أكثر.
ثالثاً: الإجماع:
ويأخذ دليل الإجماع مما نقل من تعامل الناس بالمرابحة في مختلف الأمصار بغير نكير، وقد قال الموصلي عن بيوع الأمانة: وهي عقود مشروعة لوجود شرائطها وقد تعاملها الناس من لدن الصدر الأول إلى يومنا هذا، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة قال لأبي بكر رضي الله عنه عندما اشترى بعيرين: ولني أحدهما[41].
وقال الكاساني: أن الناس قد توارثوا هذه البيوعات (المرابحة وغيرها) في سائر الأعصار من غير نكير وذلك إجماع على جوازها.
هذا وللناس حاجة إلى بيع المرابحة, لأن فيهم من لا يعرف قيمة الأشياء فيستعين بمن يعرفها ويطيب قلبه بما اشتراه وزيادة , ولهذا كان مبناها على الأمانة .
مسائل متنوعة في بيع المرابحة:
نلفى الضوء على بعض أقوال المالكية في بيع المرابحة فقال الشيخ خليل رحمه الله ( وجاز مرابحة والأحب خلافه ) وجاز مرابحة قال ابن عرفة جواز بيع المرابحة, ومال المازري لمنعه إن افترقت جملة أجزاء الربح لفكرة حسابية ( والأحب خلافه ) قال ابن رشد البيع على المكايسة والمماكسة أحب إلى أهل العلم وأحسن عندهم[42].
فالمرابحة هي أن يعرف صاحب السلعة المشتري بكم اشتراها ويأخذ منه ربحا أما على الجملة مثل أن يقول اشتريتها بعشرة وتربحني دينارا أو دينارين وإما على التفصيل وهو أن يقول تربحني درهما لكل دينار أو غير ذلك وها هنا فروع ستة:
( الفرع الأول ) إذا كان قد ناب صاحب السلعة زيادة على ثمنها فإن كانت الزيادة مما لها عين قائمة حسبها صاحب السلعة مع الثمن وجعل لها قسطا من الربح وذلك كالخياطة والصباغة وإن لم يكن لها عين قائمة وعملها بنفسه كالطي والنشر لم يحسبها في الثمن ولم يجعل لها قسطا من الربح فإن استأجر عليها حسبها في الثمن ولم يجعل لها قسطا من الربح ككراء نقل المتاع وشده , ويجوز له أن يحسب ذلك كله إذا بينه للمشتري .
( الفرع الثاني ) لا يجوز الكذب في التعريف بالثمن فإن كذب ثم اطلع المشتري على الزيادة في الثمن فالمشتري مخير بين أن يمسك بجميع الثمن أو يرده إلا أن يشاء البائع أن يحط عنه الزيادة وما ينوبها من الربح فيلزمه الشراء .
( الفرع الثالث ) لا يجوز الغش في المرابحة ولا غيرها ومنه أن يكتم من أمر سلعته ما يكرهه المشتري أو ما يقلل رغبته فيها وإن لم يكن عيبا كطول بقائها عنده أو تغيير سوقها , فإن فعل ذلك فالمشتري مخير بن أن يمسكها بجميع الثمن أو يردها, إلا أنه لا يلزمه الشراء إن حط عنه البائع بعض الثمن لأجل ما كتمه بخلاف الكذب .
( الفرع الرابع ) حكم هذا البيع في العيوب كسائر البيوع وقد يجتمع فيه الكذب والغش والتدليس بالعيب أو اثنان منهما فيأخذ المشتري بحكم ما هو أرجح له .
( الفرع الخامس ) من اشترى سلعة إلى أجل فلا يبيعها مرابحة حتى يبين فإن فعل فسخ البيع وإن رضي المشتري بذلك الثمن إلى أجل لم يجز لأنه سلف جر منفعة .
( الفرع السادس ) إذا اشترى سلعة فقال ابن القاسم يبيعها بما اشتراها وهذا البيع أسلم من الفساد من المرابحة وأحب إلى العلماء ويحرم فيه الغش والتدليس بالعيب[43].
ويشترط في المرابحة صدق البائع في إخباره ويلزم من الربح ما يتفقان عليه, وما له عين قائمة كالصبغ والطرز ونحوهما كرأس المال, وما ليس له عين فله ضمه[44].
قال مالك وإذا باع رجل سلعة قامت عليه بمائة دينار للعشرة أحد عشر ثم جاءه بعد ذلك أنها قامت عليه بتسعين دينارا وقد فاتت السلعة خير البائع فإن أحب فله قيمة سلعته يوم قبضت منه إلا أن تكون القيمة أكثر من الثمن الذي وجب له به البيع أول يوم فلا يكون له أكثر من ذلك وذلك مائة دينار وعشرة دنانير وإن أحب ضرب له الربح على التسعين إلا أن يكون الذي بلغت سلعته من الثمن أقل من القيمة فيخير في الذي بلغت سلعته وفي رأس ماله وربحه وذلك تسعة وتسعون دينارا [45].
وقال مالك وإن باع رجل سلعة مرابحة فقال قامت علي بمائة دينار ثم جاءه بعد ذلك أنها قامت بمائة وعشرين دينارا خير المبتاع فإن شاء أعطى البائع قيمة السلعة يوم قبضها وإن شاء أعطى الثمن الذي ابتاع به على حساب ما ربحه بالغا ما بلغ إلا أن يكون ذلك أقل من الثمن الذي ابتاع به السلعة فليس له أن ينقص رب السلعة من الثمن الذي ابتاعها به لأنه قد كان رضي بذلك[46].
المطلب الثاني: الإجراءات والضوابط المتبعة في بيع عقد المرابحة:
الفرع الأول: الضوابط الشرعية في عقد بيع المرابحة:
أولا : انتقال الملكية عند ابرام عقد بيع المرابحة:
لا يتم نقل ملكية السلعة إلى العميل إلا بعد إبرام عقد بيع المرابحة بينه وبين المصرف الذى يجب أن يكون متملكا السلعة كما مر لأنه لا يجوز بيع مالا تملك , وفى حالة امتناع العميل عن إبرام العقد فإنه يحق للبنك أن يقتطع مصاريف الأضرار الفعلية[47].
تانيا: تحديد ثمن السلعة وصافي الربح بين طرفي العقد:
يجب الاتفاق على تحديد كل من تكلفة السلعة ومقدار الربح بين طرفي العقد (البنك والعميل الآمر بالشراء ) وذلك بمعرفة الثمن الأصلي والتكاليف الأساسية المباشرة أما التكاليف غير المباشرة كأجور العمال وتأجير المكاتب فلا تدخل في ذلك[48] .
ثالثا: بيان طريقة الدفع عند تملك السلعة:
يجب الإفصاح وتوضيح طريقة تملك السلعة بالنسبة للمصرف إذا كان قد اشتراها بثمن مؤجل أو على أقساط فعليه بيان وتوضيح ذلك للعميل لأنه يؤثر بالزيادة في السعر غالبا لذلك يحق للبنك الحصول على ضمانات مشروعة كرهنأ وكفالة شخص آخر لأن ذلك لا يخالف مقصود العقد بل يؤكده [49].
الفرع الثاني: الخطوات العملية في عقد بيع المرابحة:
1-يتقدم العميل بطلب شراء سلعة معينة سيارة مثلا ويعد بشرائها وهى ما تسمى بالوعد بالشراء ويجب على البنك التأكد من أن السلعة مما يجوز التعامل بها شرعاً أي ليست محرماً, وبعد موافقة البنك على طلب العميل يشترى السلعة من البائع.
2- يقوم البنك بشراء السلعة المطلوبة سيارة مثلا من االبائع ويمتلكها .
3- يمتلك البنك السلعة ويستلمها من البائع تسلما فعليا أو حكميا .
4-يقوم البنك ببيع السلعة للعميل بإبرام عقد بيع المرابحة بتكلفة السلعة مع زيادة مبلغا معلوما محددا للربح .
5-يسلم البنك السلعة للعميل المشترى مع الإتفاق على تسديد أقساط الثمن في المواعيد المحددة[50] .
المبحث الثالث: تطبيقات عقد بيع المرابحة في مصرف الجمهورية
المطلب الأول : نبدة مصرف الجمهورية :
تأسس بنك روما في 15 أبريل 1907 نتيجة اتفاق بين حكومة إيطاليا والسلطان العثماني في أواخر الحكم التركي لليبيا قبل الحكم الإيطالي، وذلك لتقديم الخدمات للعناصر الأجنبية من تجارة وصناعة وشراء الأراضي الصالحة للزراعة في طرابلس وبنغازي, وخلال فترة الإدارة العسكرية البريطانية التي كانت تحكم برقة ،وطرابلس ،وفزان في ذلك الحين افتُتح البنك البريطاني “باركليز” أول فروعه في طرابلس في 15 أبرايل 1943، وفي بنغازي افتُتح أول فرع في 15 يوليو من نفس العام مبتدئا معاملاته في نطاق ضيق اقتصر على حفظ الودائع دون فوائد إلى جانب إدارة حسابات الأفراد ،ومنح قروض زراعية قليلة جدا.[51]
وفي 13 نوفمبر 1969 صدر قانون بتغيير أسماء البنوك التجارية العاملة في البلاد إلى أسماء عربية فصار “مصرف الأمة” عوضا عن “بانكا دي روما”. و في 22 ديسمبر 1970 أصدر قانونا آخر بشأن تأميم جميع حصص البنوك الأجنبية العاملة في البلاد، لتصبح مملوكة بالكامل لليبيا ليتم إعادة تسمية (باركليز بنك) باسم مصرف الجمهورية وبتاريخ 10/4/2008 صدر قرار عن مصرف ليبيا المركزي بدمج مصرفي الجمهورية والأمة في مصرف واحد تحت اسم “مصرف الجمهورية” بميزانية تلامس 20 مليار دينار ليبي، ليصبح ثاني أكبر المصارف الليبية بعد المصرف الليبي الخارجي، وبعدد موظفين بلغ أثناء الدمج ما يزيد عن 5,800 موظف ، وموظفة بعدد فروع ،وصل 146 فرعا ووكالة، وبحصة سوقية وصلت إلى 33% .
هذا وقد صدر قرار من الجمعية العمومية لمصرف الجمهورية في سنة 2013 يقضي بتحويل المصرف من مصرف تجاري تقليدي إلى مصرف إسلامي على أن يتم التحول بشكل تدريجي، وكان مصرف الجمهورية فرع فشلوم للصيرفة الإسلامية هو أول فرع إسلامي في ليبيا.[52]
المطلب التاني :ضوابط عقد بيع المرابحة في مصرف الجمهورية :
الفرع الأول :مفهوم المرابحة في مصرف الجمهورية :
تعد المرابحة من صيغ المعاملات الأكثر شيوعاً في تطبيقات المصارف الإسلامية، ويلجأ إليها كثير من المتعاملين مع المصارف الإسلامية لتمويل مشروعاتهم الاستثمارية، وتغطية مستلزمات معيشتهم الاستهلاكية، وتعرف المرابحة على أنها بيع سلعة بما قامت به (بالمثل) مع هامش ربح معلوم متفق عليه سواء كنت تحتاج معدات لزيادة إنتاجيتك، أو كنت بحاجة إلى تمويل إضافي لتطوير وتنمية أعمالك التجارية ، فإن حلول مصرف الجمهورية التمويلية التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، هي الحل الأمثل لتمويل احتياجاتك المالية.[53]
الفرع التاني :الخطوات والضوابط المتبعة لبيع المرابحة في مصرف الجمهورية
لشراء سيارة أو أحد السلع الأخرى نتبع الخطوات التالية :-
1.الزبون يقوم بإحالة طلب شراء مرفق بفاتورة مبدئية للسلعة باسم مصرف الجمهورية
2.المصرف ينظر في طلب الزبون ومنحه الموافقة من عدمها.
3.الزبون يقوم بملء نموذج وعد بالشراء بالمصرف.
4.المصرف يقوم بشراء السلعة من الشركة بنموذج عقد الشراء وتملكها وحيازتها باسمه بالكامل.
5.المصرف يقوم بإبلاغ الزبون بوجود السلعة ويطلب منه توفير الضمانات والدفعة الأولى.
6.المصرف يقوم ببيع السلعة للزبون بنموذج عقد البيع.
7.المصرف يقوم بتسليم الزبون نسخة من عقد البيع وإذن استلام السلعة[54].
الشروط والوثائق المطلوبة لعقد بيع المرابحة في مصرف الجمهورية:
حساب جاري بأحد فروع مصرف الجمهورية، مع كشف حساب جاري للفرع.
المستندات القانونية للشركة (الغرفة التجارية، السجل التجاري، ترخيص مزاولة النشاط، النظام الأساسي للشركة، عقد التأسيس للشركة مع ضرورة وجود بند أحقية الاقتراض من المصارف).
إقرار من الشركة بالالتزامات المالية القائمة من عدمها ) .
تحديد طلب التمويل بقيمة التمويل المطلوب والغرض منه والضمانات المقترحة.
الفواتير المبدئية للبضاعة المطلوبة وتكون باسم مصرف الجمهورية وباللغة العربية.
تكون الضمانات المقدمة من الدرجة الأولى ( رهن عقاري( .
الميزانية العمومية للشركة لمدة سنتين متتاليتين من إحدى المكاتب المعتمدة لدى مصرف ليبيا المركزي (في حالة عدم حداثة الشركة( .
دراسة للجدوى الاقتصادية للمشروع من إحدى المكاتب المعتمدة لدى مصرف ليبيا المركزي (في حالة إنها آلات جديدة أو خط إنتاجي جديد).
تقرير زيارة ميدانية مستوفي من الفرع عن مواقع الشركة وأصولها وعقاراتها وغيره.
استعلام الفرع عن الشركة من المركز الليبي للمعلومات الائتمانية والتوصية الصريحة والواضحة من مدير الفرع بالموافقة من عدمها على منح التمويل.[55]
الفرع الثالث: مدى توافق عقد بيع المرابحة في مصرف الجمهورية مع الشريعة الإسلامية:
يعد التمويل بعقد المرابحة من أهم صيغ التمويل الإسلامي استعمالا في العمل المصرفي وخاصة إذا كان موافقا للصيغة والضوابط الشرعية بحيث يستطيع المصرف أن يمول ما يحتاجه العملاء بتقديم خدمات التمويل الإسلامي [56].
ومن خلال تتبع الخطوات العملية لبيع المرابحة في مصرف الجمهورية يتبين أن وعد الشراء ملزم للعميل في شراء السلعة التي وعد بشرائها من المصرف، بحيث إن المصرف لا يتملكها إلاَّ بعد طلب العميل ولا يحق للعميل الرجوع عن هذا الوعد وهذا يعد مخالفا للضوابط الشرعية لعقد بيع المرابحة.
والأولى للمصرف أن يضمن طلب الشراء لأي سلعة يريد بيعها مرابحة خيار الشرط لصالحه كإلغاء طلب شراء السلعة خلال مدة محددة وبذلك يحقق الحماية له ويستغنى عن الوعد بالشراء[57] .
ومما سبق بيانه من تطبيقات لمصرف الجمهورية حول بيع المرابحة وجب التنبيه على التالي:
1.يجب على مصرف الجمهورية الأخذ بعين الاعتبار الحيطة والحذر عند المعاملات المصرفية وخصوصا ما يتعلق ببيع المرابحة باعتبار أن البيع عن طريق التمويل بعقد بيع المرابحة يتطلب من المصرف أن يحتاط أكثر مما يحتاط في التمويل بعقد البيع عن طريق المكايسة والمساومة، حيث يمكن أن يكون وسيلة بديلة عن التعاملات الربوية وتقاضى العمولات والمصروفات القانونية غير الشرعية.
2. ينبغي عدم التساهل من مصرف الجمهورية في بيع المرابحة؛ وذلك لأن المساومة في البيع تعد أسهل من بيع المرابحة باعتبار أن بيع المرابحة تعتريه أمانة واسترسال من المشترى ، ويحتاج فيه لتبيين الحال على وجهه ، ولا يؤمن هوى النفس في أي تأويل يؤدى الي غلط ، فيكون على خطر وغرر ، وتجنب ذلك أسلم وأولى. [58]
الخاتمة
الحمد له أولا واخرا ودائما وأبدا والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه السادة النجباء , فقد وصلنا إلى ختام هذا البحث البسيط المتواضع عن عقد بيع المرابحة وتطبيق ودراسة مدى التزام مصرف الجمهورية بالخطوات الشرعية الصحيحىة من عدمها في إتمام إجراءات هذا العقد فقد تميزت المصارف الإسلامية باستخدام طرق وأساليب عديدة في التمويل والإستثمار , ويعتبر عقد المرابحة من أكثر صيغ التمويل قبولا وأقل مخاطرة ومن خلال هذا البحث توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج :
1-تتمثل ضوابط العدالة الشرعية في معرفة الأخيار من المسلمين الذين تتوفر فيهم شروط العدالة من الدين والصدق والأمانة وأن تكون لهم الدراية التامة والفهم الصحيح بالطريقة الشرعية الصحيحة لإتمام إجراءات عقد المرابحة حتى تكون المعاملة سليمة من المعاملات الربوية.
2-بيع المرابحة بيع صحيح جائز شرعا له أدلته وهذا ما أفتى به أغلب العلماء في الأمة الإسلامية بشرط أن تتم عملية البيع بالطريقة الشرعية الصحيحة.
3-جميع خطوات بيع المرابحة في مصرف الجمهورية صحيحة غير أن وعد الشراء ملزم للعميل وهذا يعد مخالفا لضوابط بيع المرابحة, كما أن المصرف يمتلك السلعة ملكية تامة قبل أن يتم بيعها للعميل وهذا حسن ويذلك يجب أن لا يكون الثمن قابلا للزيادة في حالة عجز العميل عن السداد.
التوصيات
1-ضرورة العمل على تأهيل الموظفين القائمين على إدارة هذه العقود تأهيلا علميا بالجوانب الشرعية والقانونية للعقود المتعامل بها وخاصة في تطبيق عقد التمويل بالمرابحة لأن أي خطأ في التطبيق العملي يقلب هذه الصيغة لتمويل ربوي محرم.
2-يجب على المصرف أن يمتلك السلعة محل المرابحة تملكا حقيقيا وأن يقبض السلعة ويحوزها حيازة تامة قبل بيعها كما يجب على للمصرف بيع السلعة لعميل آخر إذا لم يتمكن العميل الأول من شرائها وبذلك يكون الوعد بالشراء غير ملزم للعميل حتى تتحقق الشفافية بعيداً عن الغرر والتعامل الربوي .
المصادر والمراجع :
القرآن الكريم برواية قالون عن نافع المدني (مصحف ليبيا) برسم الداني.
الزبيدي , محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي ، تاج العروس من جوامع القاموس.
ابن منظور, محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري ، لسان العرب.
الحليمي , الحسين بن محمد بن محمد بن حليم أبو عبدالله الحليمي, المنهاج في شعب الإيمان ، تحقيق حلمي فودة لبنان ، بيروت دار الفكر.
الهروي , محمد بن أحمد الأزهري الهروي ، تهذيب اللغة، تحقيق محمد عوض ، بيروت دار إحياء الترات العربي2001.
ابن منظور, محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري ، لسان العرب.
ابن فارس, أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة ، تحقيق عبدالسلام محمد هارون ، لبنان, بيروت: دار الجيل.
الجرجاني, على بن محمد بن على السيد الزين أبى الحسن الحسيني الجرجاني الحنفي، التعريفات، تحقيق د عبدالرحمن عميرة لبنان، بيروت: دار عالم الكتب ، ط1.
الفيروز آبادي , محمد بن يعقوب الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، لبنان, بيروت: مؤسسة الرسالة.
الجصاص ، أبى بكر أحمد بن على الرازي الجصاص، أحكام القرآن ، تحقيق محمد الصادق قمحاوي ، لبنان بيروت: دار احياء التراث العربي .
ابن حزم ، علي بن أحمد بن حزم الأندلسي القرطبي، المحلى بالآثار.
ابن عبدالبر ، أبو عمر يوسف بن عبدالله بن عبد البر القرطبي، الكافي في فقه أهل المدينة، دار الكتب العلمية، لبنان, بيروت.
أبى الوليد, محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، البيان والتحصيل ، تحقيق د محمد حجى ، بيروت لبنان: دار الغرب الإسلامي ، ط/2.
ابن أمير الحاج, محمد بن محمد ابن أمير الحاج الحنبلي ، التحرير مع شرح التقرير في علم الأصول ، بيروت، دار الفكر 1996م.
أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير.
التنبكتي, أبو العباس أحمد بابا التكروري التنبكتي ، نيل الإبتهاج بتطريز الديباج ، كلية الدعوة الإسلامية.
البركتي, محمد عميم الإحسان البركتي ، التعريفات الفقهية ، كراتشي ، دار الصدف ب ، ط/1.
الزحيلي, محمد مصطفى الزحيلي ، النظريات الفقهية ، سوريا ، دمشق ، دار القلم ، ط/1 1993م.
الميمان, د ناصر بن عبدالله الميمان ، القواعد والضوابط الفقهية عند ابن تيمية ، المملكة العربية السعودية ، مكة المكرمة ، مركز بحوث الدراسات الاسلامية بجامعة أم القرى 1996 م.
أبو البركات , الشيخ أحمد الدردير , الشرح الكبير, تحقيق محمد عليش, دار الفكر, بيروت: ج3
المركز الدولي للتدريب المالى الإسلامى, المصرف الإسلامي المعتمد, 2012م.
الحاكم , أبو عبدالله محمد بن عبدالله , المستدرك على الصحيحين.
النيسابوري , مسلم بن الحجاج القشيري , صحيح مسلم, دار إحياء التراث العربي, لبنان بيروت: تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي
مجموعة من المؤلفين , فقه المعاملات .
العبدري, محمد بن أبى القاسم العبدري , التاج والإكليل لمختصر خليل , دار الفكر, لبنان بيروت: ج4.
الغرناطي, محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي, القوانين الفقهية, ج 1.
البغدادي ، عبد الرحمن شهاب الدين البغدادي, إرشاد السالك, الشركة الإفريقية للطباعة, برنامج المحدث.
ابن عبدالبر, أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري, الاستذكار, تحقيق سالم محمد عطا، محمد علي معوض, لبنان بيروت: دار الكتب العلمية, ط1، 1421 – 2000م.
أبو غدة , بحوث في المعاملات والأساليب المصرفية الإسلامية, ج3.
ابن قدامة, أبو محمد بن أحمد المقدسي الحنبلي, المغنى, مصر, القاهرة , مكتبة القاهرة , ج4.
مصرف الجمهورية –ليبيا, الصفحة الرسمية, الموقع الألكتروني الرسمي:
https://www.jbank.ly/home.asp/about-us/
المرابحة’ الصفحة الرئيسية, خدمات الشركات, المرابحة, الموقع الألكترونى:
https://www.jbank.ly/ar/products/corporate-services/corporate-murabaha/
المرابحة, الصفحة الرئيسية, الشروط والوثائق المطلوبة:
https://www.jbank.ly/ar/products/corporate-services/corporate-murabaha
الهوامش:
- سورة الحديد آية 25. ↑
- – الزبيدي, محمد مرتضى الحسيني الواسطي الحنفي، تاج العروس من جوامع القاموس، ج15، ص 471. ↑
- – ابن منظور, محمد بن مكرم الأفريقي المصري، لسان العرب، ج11، ص 430. ↑
- – سورة النساء آية 58. ↑
- – سورة المائدة آية 42. ↑
- – سورة الانعام آية 152. ↑
- – سورة النساء اية 129 ↑
- – الحليمي, الحسين بن محمد بن محمد بن حليم أبو عبدالله، المنهاج في شعب الإيمان، تحقبق: حلمى فودة، لبنان، بيروت: دار الفكر، ط1 1399ه، ج1 ، ص207. ↑
- – الهروي , محمد بن أحمد الأزهري الهروي، تهذيب اللغة، تحقيق محمد عوض ، لبنان، بيروت: دار إحياء الثرات العربي, 2001، ط1, ج2 ص 209. ↑
- – تهذيب اللغة، ط1، ج4 ، ص246. ↑
- – سورة النحل آية 90. ↑
- لسان العرب، ج11 ، ص43. ↑
- -ابن فارس, أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبدالسلام محمد هارون ، لبنان، بيروت: دار الجيل ، ج4 ص.246 ↑
- – سورة الانفطار آية 7. ↑
- -الجرجانى, على بن محمد بن على السيد الزين أبى الحسن الحسيني الجرجاني الحنفي ، التعريفات ، تحقيق د عبدالرحمن عميرة لبنان ، لبنان، بيروت: ، دار عالم الكتب ، ط1 ، 1416ه ، ص192. ↑
- – لسان العرب، ج11 ، ص434. ↑
- – الفيروز آبادى, محمد بن يعقوب ، القاموس المحيط، لبنان، بيروت: مؤسسة الرسالة ، ص928. ↑
- – معجم مقاييس اللغة، ج4 ص246. ↑
- – لسان العرب, ج11, ص431. ↑
- – الجصاص، أبى بكر أحمد بن على الرازي ، أحكام القرآن ، تحقيق محمد الصادق قمحاوي، لبنان، بيروت: دار احياء التراث العربي 1412ه، ج2، ص 232. ↑
- – ابن حزم ، علي بن أحمد بن حزم الأندلسي القرطبى، المحلى بالآثار، ج8 ، ص476. ↑
- – ابن عبدالبر، أبو عمر يوسف بن عبدالله بن عبد البر القرطبي، الكافي في فقه أهل المدينة , لبنان، بيروت: دار الكتب العلمية، 1407ه، ص 461. ↑
- – أبى الوليد , محمد بن أحمد بن رشد القرطبى ، البيان والتحصيل ، تحقيق د محمد حجى، لبنان، بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط2، ج10، ص123. ↑
- – لسان العرب، ج7 ص 340 . ↑
- – ابن أمير الحاج, محمد بن محمد ابن أمير الحاج الحنبلى ، التحرير مع شرح التقرير في علم الأصول ، لبنان، بيروت: دار الفكر، 1996م ج1 ص29. ↑
- -الفيومى , أحمد بن محمد بن علي المقري ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ، ص263. ↑
- -التنبكتى , أبو العباس أحمد بابا التكروري ، نيل الإبتهاج بتطريز الديباج ، كلية الدعوة الإسلامية , ج1, ص 287. ↑
- – البركتى , محمد عميم الإحسان البركتى ، التعريفات الفقهية ، كراتشى ، دار الصدف ب ، ط1 ، 1407ه ، ص357. ↑
- -الزحيلى , محمد مصطفى الزحيلى ، النظريات الفقهية ، سوريا ، دمشق ، دار القلم ، ط1 1993م ، ص199. ↑
- -الميمان, د ناصر بن عبدالله الميمان ، القواعد والضوابط الفقهية عند ابن تيمية ، المملكة العربية السعودية ، مكة المكرمة، مركز بحوث الدراسات الاسلامية بجامعة أم القرى 1996 ص 129. ↑
- -سورة البقرة آية 282. ↑
- – سورة المائدة آية 106. ↑
- – لسان العرب , ج5 ص103. ↑
- – أبو البركات , الشيخ أحمد الدردير, الشرح الكبير, تحقيق محمد عليش, لبنان، بيروت: دار الفكر, ج3, ص 153. ↑
- – المركز الدولي للتدريب , المصرف الإسلامي المعتمد , ص111. ↑
- – المصرف الإسلامي المعتمد , ص 111. ↑
- – سورة البقرة آية 275. ↑
- – سورة البقرة آية 198. ↑
- – أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين , كتاب البيوع, رقم الحديث: 2158 ج2 ص12 عن أبى بردة رضى الله عنه. ↑
- – أخرحه مسلم في صحيحه, باب الصرف، رقم الحديث: 15,ج3، ص1210، عن أبى قلابة عن أبى الأشعت. ↑
- -مجموعة من المؤلفين , فقه المعاملات , ص465. ↑
- – العبدري, محمد بن أبى القاسم العبدري , التاج والإكليل لمختصر خليل, دار الفكر , لبنان، بيروت: ج4 ص 488. ↑
- – الغرناطي, محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي , القوانين الفقهية , ج 1 ص174 ↑
- – البغدادي , عبد الرحمن شهاب الدين البغدادي, إرشاد السالك , الشركة الإفريقية للطباعة برنامج المحدث ↑
- – أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري, الاستذكار, تحقيق سالم محمد عطا ، محمد علي معوض , لبنان، بيروت: دار الكتب العلمية , ط1، 1421 – 2000. ↑
- – الاستذكار, ص 2000. ↑
- – المركز الدولي للتدريب , المصرفي الإسلامي المعتمد, ج1, ص .118 ↑
- – المصرف الإسلامي المعتمد, ج1 , ص 118. ↑
- – المصرف الإسلامي المعتمد, ج1 , ص118. ↑
- – المصرف الإسلامي المعتمد, ج1 ص118 ↑
- – مصرف الجمهورية –ليبيا, الصفحة الرسمية, الموقع الألكتروني الرسمي:
https://www.jbank.ly/home.asp/about-us/ ↑
- – مصرف الجمهورية-ليبيا, الصفحة الرسمية, الموقع الألكتروني الرسمي :
https://www.jbank.ly/home.asp/about-us/ ↑
- – المرابحة, الصفحة الرئيسية, خدمات الشركات, المرابحة, الموقع الألكترونى: https://www.jbank.ly/ar/products/corporate-services/corporate-murabaha/ ↑
- – المرابحة, الصفحة الرئيسية, خدمات الشركات, المرابحة, الموقع الألكتروني
https://www.jbank.ly/ar/products/corporate-services/corporate-murabaha/ ↑
- -المرابحة, الصفحة الرئيسية, الشروط والوثائق المطلوبة:
https://www.jbank.ly/ar/products/corporate-services/corporate-murabaha/ ↑
- – أبو غدة , بحوث في المعاملات والأساليب المصرفية الإسلامية , ج3 ص302. ↑
- – بحوث في المعاملات والأساليب المصرفية الإسلامية, ج3 ص302. ↑
-
– ابن قدامة, أبو محمد بن أحمد المقدسي الحنبلي, المغنى , مصر, القاهرة , مكتبة القاهرة , ج4 , ص141. ↑