إياد هادي جاسم1
1 المديرية العامة لتربية النجف الاشرف، العراق.
بريد الكتروني: ayadhadyjasm@gmail.com
HNSJ، 2022، 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj391
تاريخ النشر: 01/09/2022م تاريخ القبول: 06/08/2022م
المستخلص
تعد التجربة السيرذاتية هي تجربة فنية مشتركة، نجدها في الفن الروائي كما نجدها في الفن الشعر، داخلة في إطار القصيدة أو الرواية السيرذاتية، والتي تجعل بدورها المنتوج الأدبي ميدانا لتفعيل الرؤية السيرذاتية بكل تجلياتها. ويعد الشاعر العراقي حمد محمود الدُّوخي من أولئك الذين نجدهم عندهم ذلك اللون من النصوص وتلك التجربة.
وقد حاول هذا البحث دراسة هذا النص من خلال: الإطار النظري للنص السيرذاتي عند الدوخي، والإطار التطبيقي للنص السيرذاتي عند الدوخي.
الكلمات المفتاحية: الدُّوخي، النص، السيرذاتي، الشعر.
The autobiographical text in the poetry of Hamad Mahmoud Al-Doukhi
AYAD HADI jasim1
1 The General Directorate of Education in Najaf، Iraq.
Email: ayadhadyjasm@gmail.com
HNSJ، 2022، 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj391
Published at 01/09/2022 Accepted at 06/08/2021
Abstract
The autobiographical experience is a common artistic experience، which we find in fictional art as well as in poetry، within the framework of the poem or autobiographical novel، which in turn makes the literary product a field for activating the autobiographical vision in all its manifestations. The Iraqi poet Hamad Mahmoud Al-Doukhi is one of those who have this type of text and that experience.
This research attempted to study this text through: the theoretical framework of the autobiographical text of Al-Dukhi، and the practical framework of the autobiographical text of Al-Dukhi.
Key Words: Al-Dukhi، text، autobiography، poetry
مقدمة:
تعد التجربة السيرذاتية هي تجربة فنية مشتركة، نجدها في الفن الروائي كما نجدها في الفن الشعر، داخلة في إطار القصيدة أو الرواية السيرذاتية، والتي تجعل بدورها المنتوج الأدبي ميدانا لتفعيل الرؤية السيرذاتية بكل تجلياتها.
ويجمع المختصون –ولا مغالاة في ذلك الحكم-على القول بصعوبة الاتفاق على حد جامع مانع لمفهوم (السيرذاتية) السيرة الذاتية، نظرا لعدم القدرة على التمييز العلمي بين مصطلحات متعددة يقال عنها أنها تنتمي إلى عائلة واحدة، هي السيرة، أو أنها أجناس أدبية صغرى متفرعة من جنس أدبي كبير هو السيرة([1]).
وذلك مثل: التجربة الذاتية أو الترجمة، والسيرة الذاتية، والذكريات، والمذكرات، واليوميات، والاعترافات، وغيرها الكثير من المصطلحات التي تشترك بكونها سردا لحياة شخص يرويها هو بنفسه- وربما يتبرع له آخر بروايتها نيابة عنه كما في السيرة الغيرية- معتمدا على ذاكرته في استرجاع أحداث وموضوعات ماضية([2]).
وبصرف النظر عن هذه الصعوبات وما نتج عنها من إشكالات تستدعي الدرس والتمحيص على حدة، فإنه مما لا شك فيه أن هناك منتوجات أدبية معاصرة برز فيها ذلك اللون الفني السيرذاتي على نحو واضح، ومن بين هؤلاء شاعرنا العراقي حمد محمود الدُّوخي.
الهدف والأهمية:
يهدف هذا الموضوع إلى التعرف على التجربة السيرذاتية في الشعر المعاصر بوجه عام وشعر الشاعر العراقي حمد محمود الدُّوخي بوجه خاص.
أضف إلى ذلك محاولة إبراز التطبيقات الدالة على ذلك، والتأكيد على فكرة ما يمكن تسميته بـ” القصيدة السيرذاتية” بوصفها من الألوان الجديد أو غير المشتهرة في أدبياتنا الشعرية الحديثة.
إشكالية الموضوع:
يحاول هذا الموضوع مناقشة عدة إشكالات في صورة تساؤلات، منها:
- التجربة السيرذاتية في الشعر المعاصر؟
- هل هناك ما يسمى الآن بالقصيدة السيرذاتية؟
- ما هي أبرز التطبيقات الدالة على حضور السيرذاتية في شعر الدوخي؟
- ما هو الإطار النظري للنص السيرذاتي عند الدوخي؟
- ما هي أبرز دوافع النص السيرذاتي عند الدوخي؟
منهج البحث:
اقتضت طبيعة هذا الموضوع أن اعتمد على المنهج الوصفي في المقام الأول؛ لوصف وعرض التجربة السيرذاتية، ثم المنهج التحليلي؛ لتحليل منتوج شاعرنا الدوخي والوقوف على تلك التجربة.
خطة البحث:
جاء هذا البحث، وهو بعنوان: « النص السيرذاتي في شعر حمد محمود الدُّوخي» في: مقدمة، ومبحثين، وخاتمة، وقائمة بأهم المراجع، وذلك على النحو التالي:
المقدمة: تناولت فيها على الاختصار نظرة حول التجربة السيرذاتية مع الإشارة إلى شاعرنا الدوخي، ثم الهدف والأهمية، إشكالية الموضوع، منهج البحث، وخطة البحث.
والمبحث الأول: تناولت فيه الإطار النظري للنص السيرذاتي عند الدوخي.
والمبحث الثاني: تناولت فيه الإطار التطبيقي للنص السيرذاتي عند الدوخي.
المبحث الأول:
الإطار النظري للنص السيرذاتي عند الدوخي
تعد التجربة الشعرية سيرذاتية هي داخلة في إطار القصيدة السيرذاتية، التي تجعل القصيدة ميدانا لتفعيل الرؤية السيرذاتية([3])، ومن خلال هذا المبحث يتعين علينا نظريا –مع الاتكاء على بعض الشواهد الشعرية التطبيقية- التعرف على عدة قضايا ومسائل، أبرزها:
شاعرنا شخصية شعرية مدروسة، وكذا الدوخي بوصفه شاعرا سيرذاتيا، ومصادر هذه السيرذاتية عنده. كل ذلك من أجل تأصيل رؤية نظرية لنصه السيرذاتي الذي يتواصل مع بقية نصوصه بما فيها من مخيال ورفض، وما إلى ذلك.
[أ] الدوخي شخصية شعرية مدروسة: ثمة جهود سابقة تناولت شاعرنا الدوخي وناقشت بعض جوانبه الأدبية والفنية، ومن ذلك –على سبيل الذكر:
1-دراسة تناولت عتبة التصدير في شعر حمد محمود الدوخي([4]).
2-ودراسة ناقشت على نحو تفصيلي الثنائيات الضدية الحركية في شعر الدوخي([5]).
3-ودراسة عالجت الانعطافات الغرائبية في تجربة حمد الدوخي الشعرية([6]).
ولعل هذه الدراسات أو حتى بعضها الذي أشرنا إليه ليؤكد على رسوخ قدم الدوخي في الواحة الأدبية الشعرية، وأن منتوجه من الثراء بمكان، بما يسمح بأن يدرس من جوانب عدة.
أما عن علاقة تلك الدراسات بالنص السيرذاتي عنده؛ فلا يخفى أن هذا النص في بعض جوانبه يتقاطع وبشكل كبير الانعطافات الغرائبية التي قد تحدث للشاعر في حياته فيبرزها في شعره.
فمثلا في حديثه عن أمه ووطنه، يسرد الوخي تلك الثنائية الذاتية –في مقامها الأول- وانطلق نصه من خصوصية التلازم في القصدية، يقول في إحدى قصائده([7]):
إلى أمي فقط وكثيرا
لربابتي في الحزن
شتل
وأما بحضن الصوت
طفل
الناي يجدل دمعتي
[ب] الدوخي الشاعر السيرذاتي:
تمتلك الكتابة السيرية سحرا خاصا يجعلها تنفرد بين أنواع السرود الأخرى بامتلاكها خاصيتي الذاتي، والموضوعي بكفين متوازتين ، الذاتي حين تتطابق هوية الكاتب مع السارد، والموضوعي حين تفترق أنا الكاتب، وتحتجب خلفه الشخصية، وتستتر بظلها لتبرز هوية السارد واضحة الشخصية، والهوية الأولى الذاتية هي التي تميز السيرة الذاتية والسير بنحو عام، والمذكرات، عن الرواية طبقا لتقسيم تودوروف وتصنيفه([8]).
وقد كان شاعرنا الدُّوخي أيضا مهتم أيضا بإبراز السيرذاتي حتى في دراسته لمنتوخ الآخرين، فرأيناه في قراءته لديوان (غواية الساعات لعدنان الفضلي) يركز على أن هذه «المجموعة الشعرية كلها تنهض على سردٍ مخصوص يتقدّم من خلال سير الذاتي الذي يمثل كموناً يتكوّن من رواسب المرجعي، حيث يموقع الشاعر قاعدة سيريَّة يتحرك بها النص، وهي تتحقق ،أولا: في ضوء عرض سيري مشترك يترابط فيه السيرذاتي مع السيرغيري، وثانيا: من خلال تفرُّد كلٍ منهما في إدارة النص، ومن هذا التقاطع السيري يخرج التوحُّد الشعري»([9]).
أضف إلى ذلك دراسته حيث علق على مناجاة الشاعرة والتي تبرز ذاته وسيرته فيما استخدمه من أفعال ماضية قائلا: «وفي هذه المناجاة المدعومة بثلاثة أفعال ماضية (رسمت-ذرفت-ورايت) تؤدي من خلال المتكلم الشاعر، يوجد –وبقصدية- شكل آخر من أشكال حضور العنوان(وحدي)»([10]). كان ذلك في تعليقه على مقطوعة الشاعر التي قال فيها:
رسمتك حينا…
ذرفتك حينا….
وواريت كل شذاك الغياب
فلم يبق في الضوء
إلا شعاع يمزق صبحي
ولعل ما ارتضاه لغيره من بروز السيرذاتي ارتضاه أيضا لنفسه، فمثلا كان الدوخي يخصص قصائد بعيدها تشي، بل وتكشف عن النص السيرذاتي الشعري لديه، ويكفي في هذا الموضوع قصيدته المسماة بـ”أنا، كما رأيتني في ذاكرة القصيدة”، يقول مثلا([11]):
إلى سـ… أو لماذا
فهي متأكدة من أنني
لا أكتب لغيرها
أليس…؟
بهذا ربما يصدق الرأي القائل بأن التشكيل السيرذاتي يمتهد «إلى حقل الفن الشعر في تلاحم أجناسي هجيني يجمع السيرة الذاتية بالشعر، حين يكون الشعر ميدانا لتجليات السيرة الذاتية في طبقات منتخبة من طبقات، تصلح لأن تتحول إلى ما يُصطلح عليه بـ”القصيدة السيرذاتية”»([12]).
[ج] دوافع النص السيرذاتي عند الدوخي
مما لا شك فيه أن الشاعر عموما –وحتى الروائي- يسجل سيرته الذاتية في منتوجه الأدبي لدوافع وأغراض متعددة بتعدد الأفراد والأغراض، ويكتب ذلك اللون لما يلي:
ناتج عن إشكالات نفسية (كالظلم والقهر والتجبر والاحتقار) فيسجل الشاعر تجربته الذاتية لأجل ذلك، ولأجل إظهار الأنا في مجاله أحيانا، ولأجل تنفيس الكربات الداخلية، والغربة بأنواعها([13])، وغيرها.
ولعل هذه الدوافع من بين أهم ما دفع شاعرنا الدوخي لتسطير سيرته في نصه، يقول مثلا في أوتاره الرميلة ما يبرز الأنا([14]):
أنا عازف هذه الأوتار
أغنياتي معالق تسرق
الأنهار ومواويلي حبائل
أيها الحاضرون: سأعترف الآن
لست مشتاقا… جئت لآكل
أيها الأنا لا تنتظرني ليس لدي وطن
[ج] القصيدة السيرذاتية عند الدوخي:
يحسن أولا أن نقف على تعريف القصائد أو النصوص السيرذاتية، حيث يرى محمد صابر عبيد أنها: «قول شعري ذو نزعة سردية يسجل فيه الشاعر شكلا من أشكال سيرته الذاتية، تظهر فيه الذات الشعرية الساردة بضميرها الأول متمركزة حول محورها الأنوي، ومعبرة عن حوادثها وحكاياتها عبر أمكنة وأزمنة وتسميات لها حضورها الواقعي خارج ميدان المتخيل الشعري…»([15]).
وعطفا على ما سبق فإننا بتتبع منتوج الدوخي الشعري، والذي نروم استخرج بعض صور نصه السيرذاتي منه، نجد تلك القصيدة السيرذاتية موجودة بقوة عند شاعرنا، ولعل في هذا الوضع تكفي بعض عنوانات دوواينه التي تكشف عن ذلك ونموذج تطبيقي واحد: مفاتيح الأبواب مرسومة، والأسماء كلها، عذابات الصوفى الأزرق.
فمثلا يجسد في نصه السير ذاتي المعنون بـ”قصائد واضحة له أو للحب والخوف والموت”([16]) قائلا ما نصه:
وأنت أيا…
مثل بغداد مزعجة
خائفة
ومقلقة مثل سيارة
واقفة
فنصه يبدأ بخطاب (أنت) مناديا إيها (أيا)، ثم يشببها ببغداد، (مثل بغداد)، في اضطرابها وإزعاجها وخوفها، لا تعرف الراحة، ولا تجد الأمن (مزعجة خائفة)، فمن هذا الحال الذي آلت إليه تلك المدينة أظهر النص ثنائية حركية متضادة تمثلت في (الحركة والثبوت)([17]).
كما أن مقدمة هذه القصيدة تعد من العتبات النصية المحيطة بالنص، التي تسهم في فهم النص وتحليله، كما أنها تمثل مدخلاً من المداخل التي تجعل المتلقي يمسك بالخيوط الأولية والأساسية للعمل، فتساعد على التعرف على محيط النص، والإلمام بمقاصد مؤلفه، وكيفية تلقيه من قبل جمهور القراء([18]).
وهذا يعني بوضوح أن المقدمة تضمّ مجموعة من الأفكار التي قصدها الكاتب، ونيّاته ودوافعه وتوجهاته الفكرية التي تمثّل موجهات محورية تقود القارئ إلى فهم أشمل وأدق للنص. وقد جاءت “أثقل من رضوى” في ثلاثة وثلاثين فصلاً يحمل الفصل الأول منها عنوان “مدخل“، والذي يمكن اعتباره مقدمة الكتاب التي تقدم فيها رضوى دافعها لكتابة سيرتها الذاتية، وهو معايشتها لمرض أخيها واستعداده للرحيل “يبدو لي الآن بوضوح أن الشروع في كتابة سيرة ذاتية في تلك الأيام تحديدًا، كان يتّصل بشكل ما بمرض أخي وتدهور حالته الصحية وهواجسنا المتنامية أنه يستعد للرحيل([19]).
المبحث الثاني:
الإطار التطبيقي للنص السيرذاتي عند الدوخي
انطلاقا من اعتقاد شاعرنا الدوخي أن «النص الشعري هو أكثر النصوص الأدبية المطالبة بالتنظيم، ذلك لأنه نص يتطلب منه أن يظل مشغلا لتوليد الدلالة، وبالطبع هذا المشغل لا يمكن أن يتحصل على أدواته من الموهبة لوحدها، فالموهبة لوحدها كثيرا ما تسقط مالكها في البناء العشوائي»([20]).
فإن شاعرنا –وبتتبع مسيرة منتوجه الشعري- قد التزم هذا التنظيم ولم يقع في ذلك الخلط الذي حذر منه، والنص السيرذاتي عنده يشهد بهذا الحبك الفني، ويمكن أن نقف على عدة شواهد تطبيقية دالة على ذلك، فيما يلي:
[أ] السيرذاتي والاهداءات
تكشف اهداءات شاعرنا حمد الدوخي لمنتوجه الأدبي عموما على السيرذاتي في كلامه، ولا يكاد يخرج واحد من هذه الاهداءات عن ذلك السيرذاتي المشار إليه، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
أولا: في إهداء عمله المسمى بـ”المونتاج الشعري”، يهديه كمقطوعة فنية سردية، قائلا([21]):
إلى أمي (باشامبر عبود) وهي تغوي المطر بهلهولة
إلى أبي (محمود الدوخي) وهو يكدس الغيم بفنجانه
إلى أخري (سيد محمد) وهو يلم العالم بدائر دفئه
إلى أختي (كميلة)… أوضحنا قلبا
يتجلى من هذا الاهداء سرد الشاعر لجزء من سيرته الذاتية المتعلقة بأسرته، بل ويصف أفراده وكل ما يتحلى به من صفات؛ فمثلا أمه تغوي المطر بهلهولة، ووالده بوقاره يكدس الغيم بفنجانه، وأخيه يلم يصفه بالحنان فهو العالم بدائر دفئه، وما إلى ذلك.
كما تتضح زاوية ثانية من زوايا نصه السيرذاتي الذي يكشف عن سيرته هو في إهداء كتابه المسمى بـ”تخطيط النص”، حيث أهداه الدوخي قائلا([22]):
إلى (علي حمد الدوخي)
كنت أكثر الدفوف وضوحا
يا ابن القلب، ويا القلب…
وإلى الجديدة على الحبو
(هادية حمد الدوخي)
مع حقيقة المودة وحقها
فهو في هذا الاهداء يكشف لنا عن زاوية جديدة من حياته، وهي زاوية الأبوة، إذ يهديه أولا لولده علي، ثم إلى صغيرته التي لم تحبو –أو في أو طريقها للحبو- بعد.
كما أن هذه الاهداءات يمكن اعتبارها من مقدمات نصوصه، وهو من أول ما تقع عليه عين القارئ عند دخوله عالم الرواية فيحمل دلالات قد تتعدد أو تتمحور أو تتضح أو تستغلق على القارئ، وبالتالي فإنه البنية الأساسية أو العتبة الأولى التي يدخل منها إلى العمل، كما أن العنوان وكذا الاهداء يقوم بدور المحفز للقارئ كي يبحث عن المعنى المستتر وراء العنوان. ومن هناك تظهر السيرذاتية الذي يريدها الشاعر([23]).
[ب] الوطن والنص السيرذاتي:
يعد الوطن بوصفه أغلى ما يمتلك، وخاصىة عند الشعراء الذين لبلادهم تقلبات سياسية، واحد من أهل النماذج التي تتداخل في ذات وسيرة شاعرنا الدوخي، فيقول مثلا([24]):
أحب المكان
وأعني مكاني هذا
هذا المكان الذي
أصنع الحلم فيه
أقول الصباح
كما اشتهيه
وهنا تتضح –أيضا- مخاطبة الوطن بوصفه المكان الأكثر حضورا في نفسية وذات كل شاعر يعترف بالولاء لهذا المكان المقدس الذي يصنع العلم فيه –على حد تعبير الدوخي-، لأن المكان يتحدى الإنسان لما يملكه من قوى خفية([25])، وعلى هذا يعد مخطابة الوطن صورة مهمة من صور النص السيرذاتي في شعره.
وفي موضع ثان من مجموعته “الأسماء كلها”، تظهر الذات، أو بالأحرى السيرذاتي مع الوطن، حيث الألم والأسى وشحنات من اليأس مر بها شاعرنا في مسيرته، يقول([26]):
ما بيننا موعد
وها إنني واقف أجلد
ولتسمع يا واحد أحد
هاون في الحديقة
دبابة في الممر
لا تخف لا تخف
كل شيء في خطر
ولعل هذا الشاهد، وما سبق من شواهد، أصدق تعبير على صحة رأي عز الدين إسماعيل من أن الذات/السيرذاتي «في الشعر القديم لم تظفر باهتمام خاص حتى إذا كنا في القرن العشرين أتيحت الفرصة لها أن تبرز، وكان عليها عندئذ أن تواجه نفسها أولا، وأن تواجه العالم الخارجي ثانيا»([27]).
وغير خاف أن مثل هذه المواضع الذاتية تكشف على جانب من جوانب الحرية وعدمها؛ «فالسيرة الذاتية –كما يقول المبخوت- لا تمثل إشكالية فنية وشكل تعبير فحسب بل تمثل بالخصوص إشكالية ثقافية اجتماعية، بها يمكن أن تقاس بعض فضاءات الحرية في المجتمع»([28]).
[ج] تداخلية الرفض في النص السيرذاتي:
صورة أخرى من صور تجليات النص السيرذاتي عند الدوخي نلحظها متشابكة مع نزعة الرفضة والثورة، حيث يسطر في نهره الزجاجي ثورته وذاتيته قائلا([29]):
يا لعارك
كيف ترفض أن تكنس ما يتركه الحدادون والمتسولون
والموشومون على كتفيك من أعقاب وكسر عباد الشمس
انتصب أترك الجسر يتدلى أنا سأسندك
ومما لاشك فيه أن الدوخي عندما شرع في كتابة نصه الأدبي هذا كان مراعيا ــ مسبقاً ـ لآيدلوجية كتابية معينة، تفرضها نوعية النص الذي هو بصدد كتابته، «وطبيعة القارىء الذي سيوجه إليه نصه، كما أن القارىء عندما يشرع ايضاً بالقراءة، فإنه يضع ثوابت لابد من توفرها في النص، تتعلق بالنص الذي أمامه، ونوعية العدة المعرفية التي يجب أن يشحذها، وهو يتهيأ للغوص في أغوار النص بغية الكشف والتحليل»([30]).
وعليه فقد اتكأ على الاستفهام والاستنكار كدلالة على الرفض والثورة، وتعد ألفاظه دالة على رموز سياسية مخفية خلف العبارات (كالحدادين/المتسولين).
[د] الغربة ودورها في النص السيرذاتي:
تعد الذات الشعرية المغتربة واحدة من الذوات المتألمة، إذ يشعر صاحبها «بالابتعاد المكاني عن الوطن، أي الاحساس بالغربة بسبب المسافة التي تفصل الإنسان عن مجتمعه وعالمه»([31]).
ولا يخفى أن الغربة ومن بعدها الاغتراب متعدد الجوانب والأشكال، وأبرز ما سيطر على شاعرنا الدوخي اغترابه النفسي لا المكاني، وهو كما يقول العديد من أهل البحث «شعور الفرد بالانفصال عن الآخرين أو عن الذات أو كليهما…» ([32]). وتكشف لنا قصيدة الدوخي إلى أمه لون من هذه الألوان، إذ يخاطبها بحزن متأوها ، قائلا([33]):
أرجعيني إلى مخبئي تحت طاياتك
النهر من زحام المدن ومن عاهة النقد
وسطوة الناهدات
أعيدي يدك إلى جيبك بيضاء
واخرجي لي مع عيدية عمرا
أغيثيني… يا أم
لم أكن أعلم إن بانتظاري كل هذا الفجور
أو آه
كما صور الدوخي في قصيدته المسماة بـ”أشياء عليّ بيضاء” نفسه بذلك الطفل، إذ يجتر ذكرياته، ويغترب كما اغترب من قبل فكان يحادث أمه لتغيثه مما هو فيه، يقول([34]):
طفلٌ صعبْ.. هذا الطفل الشاعر
والراياتُ البيضُ ستُحْمَلُ في كَفّيه
وينادي كلّ شعوب العالم باسم الله:
تعالي، يا كلّ شعوب العالم
غنّي للأم تريزا، ولـ بيجوفتش
غنّي للجبل الكرديّ، وللهور الأسمر، للفلاحة في بلدتنا
غنّي، واجتمعي، يا كلّ شعوب العالم
غنّي حتى نصبحَ شعبْ
ولعل الأنوثة لم تكد تفارق الدوخي في تسطير سيرذاته، فتظهر في صورة (سلمى) كدلالة على ثنائية الحركية المتضادة، إذ هي من قامت وتقوم دوما (بالذهاب والبقاء)، يقول الدوخي في ذلك([35]):
سلمى تغادر شاشة المعنى
وتتركني
وحيدا
في المكان
فمفردات نصه تكشف عن ألمه واغترابه (تتركني/وحيدا/تغادر) فكلها دلالات تعبر عما في ذاته من أوجاع، وفضلا عن ذلك، «فإن النص يزيد من حدة البقاء من خلال عبارة (وحيدا في المكان)، لأن المكان يبدو كما لو كان خزانا حقيقا للأفكار والمشاعر والهواجس، إذ تنشأ بينه وبين الإنسان علاقة متبادلة يؤثر فيها كل طرف في الآخر»([36]). وفي موضع ثان عن سلمى ذاتها، يبرز الشاعر قدرته على الخيال، يقول:
إنني هاهنا… طفلة
احتمي بالكلام الجميل
من الذكريات
أهرب دمعي بظل المرايا
وأتلو نشيد الأناشد في
حضرة الخوف
فشاعرنا بخياله المتجسد في تلك الطفلة الخائفة، يسرد –عن قصد- مخاوفه ودموعه التي يهربها (بظل المرايا)، ويتلو من الأناشيد ما يجلب لها الطمأنبينة وإن كان في الوقت ذاته (في حضرة الخوف)؛ فهو بهذا أيضا يكشف نصه السيرذاتي عن بعض الأبعاد النفسية للشاعر.
وإن كان من كلمة نختم بها قولنا فإننا نقول مع فيليب لوجون: إن الميثاق السيرذاتي، هو عقد يقيمه الكاتب مع القارئ، يقوم على أن السيرة الذاتية هي “نثر استعادي يحكي فيه شخص حقيقي عن حياته الفعلية بصورة تستهدف إبراز حياته الفردية وتاريخ شخصيته الفعلية بشكل خاص”([37])، ومن مضمرات هذا الاتفاق أو التعاقد السيرذاتي أن الكاتب سيحكي للقارئ ما حدث في الواقع دون إدخال أيّ عنصر من عناصر الإيهام والتخيل في العملية السردية، وأن على القارئ أن يصدّق كل ما يرويه له الكاتب([38]).
ونجد هناك نوعًا من المواثيق يمكن أن يلجأ إليه كاتب السيرة الذاتية، هو الميثاق المرجعي. وهذا النوع خاص بفنون القول الذي يتوخى الكاتب فيها الدقة العلمية والحقيقة التاريخية التي يمكن التحقق من صحتها بالرجوع إلى المصادر الأخرى أو تلك التي يحيل عليها الكاتب في النص؛ إذ يعمل هذا الميثاق على تحديد حقل الواقع المراد تصويره كما يحدد كيفية ودرجة التشابه الذي يزعمه النص بالواقع. وتدخل السيرة الذاتية في النصوص المرجعية كونها تشترك مع الخطاب العلمي أو التاريخي في أنها تخبر عن واقع خارج النص ويمكن التحقق من صحته، وبهذا يكون لدينا نوعان من الميثاق (مرجعي، وسيرذاتي) ليس من السهل التمييز بينهما لشدة ارتباطهما معًا([39]).
خاتمة:
- تعد تجربة الشاعر العراقي حمد الدوخي واحدة من أبرز التجارب التي يمكن من خلالها الوقوف على القصيدة السيرذاتية، وانمازت هذه التجربة بالتنوع الثراء الكاشف لأمرين: أولهما المُكنة المعرفية للشاعر، وثانيهما: سيرة الشاعر الذاتية الممتلئة بالأحداث.
- كما يكشف لنا البحث والتنقيب في منتوج الدوخي أن نصه السيرذاتي لم يقف عند حد السرد المباشر لبعض وقائع حياته، بل على العكس من ذلك في وجدنا نزعة الشعور بالاغتراب مسيطرة عليه بين حين وآخر.
- أضف إلى ذلك الحضور الأنثوي وعلاقته بسيرته؛ فأمه كانت منقذته (وملاذه)، وصغيرته التي لم تكد تحبو (يهدي إليها أعماله)، وسلمى شخصية أنثوية معبرة على (الألم).
- يعد النص السيرذاتي للدوخي وثيق الصلة بوطنه العراق؛ إذ يشاركه آلامه وأحلامه؛ فكانت –إجمالا- مخطابة الوطن صورة مهمة من صور النص السيرذاتي في شعره.
- تكشف اهداءات الدوخي لمنتوجه الأدبي -عموما- على السيرذاتي في كلامه، ولا يكاد يخرج واحد من هذه الاهداءات عن ذلك السيرذاتي.
قائمة بأهم المصادر والمراجع:
أولا: منتوج الدوخي
- أدوات التنظيم الشعري، مجلة كلية الآداب، العدد 95، سنة 2011م.
- أنا، كما رأيتني في ذاكرة القصيدة ، مركز عبد الرحمن السديري الثقافي، العدد 22، سنة 2009م.
- أوتار رميلة، ضمن: الأسماء كلها، شرق غرب للنشر، 2009م.
- تخطيط النص الشعري، دار سطور للنشر والتوزيع-بغداد، ط2/2017م.
- الدفوف والمرايا، دارة الاستقلال للثقافة والنشر، 2020م.
- عذابات الصوفى الأزرق، دار الشؤون الثقافية العامة- بغداد، ط1/2012م.
- فاعلية العنونة وحساسية حضورها في قصيدة وحدي للشاعر ملاك الخالدي، مركز عبد الرحمن السديري الثقافي، العدد 56، سنة 2017م.
- المونتاج الشعري في القصيدة العربية المعاصرة، دار سطور للنشر والتوزيع-بغداد، ط2/2017م.
- نظرة في التكوين الشعري – السيرةُ مصدراً، قصيدة (عائلة الوطن الأخير) أنموذجاً، مقالة منشورة بجريدة الحقيقة، 27 / 6 / 2015م.
ثانيا: المراجع العامة
- أحمد عبد الحسين الفرطوسي، الانعطافات الغرائبية في تجربة حمد الدوخي الشعرية، مجلة العميد، ذي القعدة 1436هـ أيلول 2015م.
- تزفيتان تودوروف، نظرية الأجناس الأدبية، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، 2018م.
- خديجة أدري محمد، رشدي طلال هندي؛ الثنائيات الضدية الحركية في شعر حمد الدوخي، مجلة آداب الفراهيدي، العدد 36.
- خليل شكري، القصيدة السير ذاتية واستراتيجية القراءة، [ب. ت].
- رضوى عاشور: أثقل من رضوى، مقاطع من سيرة ذاتية، دار الشروق، القاهرة، ط 1، 2013م.
- رغداء نعيسة، الاغتراب النفسي وعلاقته بالأمن النفسي، مجلة جامعة دمشق، المجلد 28، العدد3، 2012م.
- شاكر الهاشمي، آلاء محمد عاشور؛ عتبة التصدير في شعر حمد محمود الدوخي، مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية، العدد 37.
- شفيق العبادي، أسئلة السيرة الذاتية، مجلة (شرفات) العدد الثالث عشر، السنة السادسة، أيار العراق، 2019م.
- شكري المبخوت، سيرة الغائب، دار رؤية للنشر والتوزيع- القاهرة، 2017م.
- صبري حافظ: رقش الذات لا كتابتها، تحولات الاستراتيجيات النصية في السيرة الذاتية، ضمن لغة الذات: السير الذاتية والشهادات، مجلة ألف، العدد 22، 2002م.
- عبد الكريم السعيدي، شعرية السرد في شعر أحمد مطر، دار السياب 2008م.
- عبد الله ابراهيم، مرايا ساحلية:مشكلة الهوية السردية، مجلة عمان، أمانة عمان الكبرى، العدد72 ، سنة 2001م.
- عبد الواحد بن ياسر: الخطاب المقدماتي، علامات، الجزء 47، مارس 2003.
- عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر”قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية”، المكتبة الأكاديمية- القاهرة 1994م.
- فيليب لوجون: الميثاق والتاريخ الأدبي، ت: عمر حلي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط 1، 1994م.
- محمد ذنون الصائغ، مفاهيم في الاغتراب، جمعية الاجتماعيين في الشارقة، المجلد 23 ، العدد 89.
- محمد صابر عبيد، التشكيل السير ذاتي، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، 2012م.
- )) عبد الكريم السعيدي، شعرية السرد في شعر أحمد مطر، دار السياب 2008م، ص39. ↑
- )) المرجع السابق، ص39. ↑
- )) محمد صابر عبيد، التشكيل السير ذاتي، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، 2012م، ص8. ↑
- )) د. شاكر الهاشمي، آلاء محمد عاشور؛ عتبة التصدير في شعر حمد محمود الدوخي، مجلة لارك للفلسفة واللسانيات والعلوم الاجتماعية، العدد 37، 2020م. ↑
- )) خديجة أدري محمد، رشدي طلال هندي؛ الثنائيات الضدية الحركية في شعر حمد الدوخي، مجلة آداب الفراهيدي، العدد 36، 2019م. ↑
- )) د. أحمد عبد الحسين الفرطوسي، الانعطافات الغرائبية في تجربة حمد الدوخي الشعرية، مجلة العميد، ذي القعدة 1436هـ أيلول 2015م. ↑
- )) المرجع السابق، ص478. ↑
- )) تزفيتان تودوروف، نظرية الأجناس الأدبية، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، 2018م، ص118. ↑
- )) حمد محمود الدُّوخي، نظرة في التكوين الشعري – السيرةُ مصدراً، قصيدة (عائلة الوطن الأخير) أنموذجاً، مقالة منشورة بجريدة الحقيقة، 27 / 6 / 2015م. ↑
- )) حمد محمود الدوخي، فاعلية العنونة وحساسية حضورها في قصيدة وحدي للشاعر ملاك الخالدي، مركز عبد الرحمن السديري الثقافي، العدد 56، سنة 2017م، ص18. ↑
- )) حمد محمود الدوخي، أنا، كما رأيتني في ذاكرة القصيدة ، مركز عبد الرحمن السديري الثقافي، العدد 22، سنة 2009م، ص18. ↑
- )) محمد صابر عبيد، التشكيل السير ذاتي، ص69. ↑
- )) شفيق العبادي، أسئلة السيرة الذاتية، مجلة (شرفات) العدد الثالث عشر، السنة السادسة، أيار العراق، 2019م، ص53. ↑
- )) حمد الدوخي، أوتار رميلة، ضمن: الأسماء كلها، شرق غرب للنشر، 2009م ص109. ↑
- )) محمد صابر عبيد، التشكيل السير ذاتي، ص69. ↑
- )) حمد الدوخي، قصائد واضحة، ضمن: عذابات الصوفى الأزرق، دار الشؤون الثقافية العامة- بغداد، ط1/2012م، ص125. ↑
- )) د. خديجة أدري محمد، الثنائيات الضدية ص20. ↑
- )) عبد الواحد بن ياسر: الخطاب المقدماتي، علامات، الجزء 47، مارس 2003، ص 626. ↑
- )) رضوى عاشور: أثقل من رضوى، مقاطع من سيرة ذاتية، دار الشروق، القاهرة، ط 1، 2013، ص 8. ↑
- )) حمد محمود الدوخي، أدوات التنظيم الشعري، مجلة كلية الآداب، العدد 95، سنة 2011م، ص167. ↑
- )) حمد محمود الدوخي، المونتاج الشعري في القصيدة العربية المعاصرة، دار سطور للنشر والتوزيع-بغداد، ط2/2017م، ص5. ↑
- )) حمد محمود الدوخي، تخطيط النص الشعري، دار سطور للنشر والتوزيع-بغداد، ط2/2017م، ص9. ↑
- )) عفاف البطاينة: تمثيلات الأنا والآخر في رواية ظل الشمس لطالب الرفاعي، مجلة فصول، العدد 75، شتاء/ربيع 2009، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ص 194. ↑
- )) ﺣﻣد ﻣﺣﻣد اﻟدوﺧﻲ، ﻋذاﺑﺎت اﻟﺻوﻓﻲ اﻷزرق، ص6. ↑
- )) د. شاكر الهاشمي، عتبة التصدير في شعر الدوخي، ص16. ↑
- )) ﺣﻣد ﻣﺣﻣد اﻟدوﺧﻲ، الأسماء كلها، ص22. ↑
- )) عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر”قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية”، المكتبة الأكاديمية- القاهرة 1994م، ص42. ↑
- )) شكري المبخوت، سيرة الغائب، دار رؤية للنشر والتوزيع- القاهرة، 2017م، ص54. ↑
- )) حمد الدوخي، النهر الزجاجي، ضمن: الأسماء كلها، ص115. ↑
- )) د. خليل شكري، القصيدة السير ذاتية واستراتيجية القراءة، [ب. ت]، ص5. فكثيراً ما يرد على لسان النقادأن تحديد الهوية النوعية للنص يُمكّن الناقد من معالجتها نقديا في ضوء معايير وقواعد النقد الذي ينتمي اليه..فمنذ فترة اشتق النقد له جملة من المعايير يقترب في ضوئها من النصوص ليقوم بفحص لنُظم الأسلوبية والبنائية والدلالية لها ،وذلك جزء من التنظيم الداخلي الذي يقتضيه كل نقد ليطرح نفسه بوصفه حواراً مع النص،واشتباكاً معه،ووسيلة لإستكشاف المستويات المضمرة فيه ودلالاته المخبأة في تضاعيفه؛ انظر: [عبد الله ابراهيم، مرايا ساحلية:مشكلة الهوية السردية، مجلة عمان، أمانة عمان الكبرى، العدد72 ، سنة 2001م، ص61]. ↑
- )) محمد ذنون الصائغ، مفاهيم في الاغتراب، جمعية الاجتماعيين في الشارقة، المجلد 23 ، العدد 89 ص215. ↑
- )) رغداء نعيسة، الاغتراب النفسي وعلاقته بالأمن النفسي، مجلة جامعة دمشق، المجلد 28، العدد3، 2012م، ص158. ↑
- )) حمد الدوخي، إلى أمي، ضمن: الأسماء كلها، ص100. ↑
- )) حمد الدوخي، أشياء عليّ بيضاء، ضمن: الدفوف والمرايا، دارة الاستقلال للثقافة والنشر، 2020م. ↑
- )) حمد الدوخي، عذابات الصوفى الأزرق، ص148. ↑
- )) د. خديجة أدري محمد، الثنائيات الضدية ص21. ↑
- )) فيليب لوجون: الميثاق والتاريخ الأدبي، ت: عمر حلي، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط 1، 1994، ص8. ↑
- )) صبري حافظ: رقش الذات لا كتابتها، تحولات الاستراتيجيات النصية في السيرة الذاتية، ضمن لغة الذات: السير الذاتية والشهادات، مجلة ألف، العدد 22، 2002، ص 7- 8. ↑
-
)) خليل شكري هياس: سيرة جبرا الذاتية في (البئر الأولى وشارع الأميرات)، ص 20- 21.. ↑