الدور التربوي للطرق الصوفية

عبد الخالق صديقي 1

1 جامعة محمد الخامس الرباط كلية علوم التربية، المغرب.

بريد الكتروني: abdelkhaleksadiki2016@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj3928

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/09/2022م تاريخ القبول: 24/08/2022م

المستخلص

تعد التربية أمرا أساسيا لتكوين مجتمع صالح، فهي الأساس الذي يبنى عليه مستقبل المجتمعات، فلا صلاح لأمة دون تربية جيلها الناشىء، وتتعدد طرق التربية وتختلف مدارسها بين قديمها وحدثها وبين محدثها وأصيلها، فكان للطرق الصوفية منهج وطريقة خاصة تميزها عن غيرها رغم اختلاف المدارس الصوفية، إلا أن المنهج العام للتربية الصوفية موحد بين جل الطرق قائم على تربية اسلامية معتدلة خالصة، قوامها التحفيظ والتلقين والنقد والبرهان.

Research title

The educational role of the Sufi orders

SADIKI ABDELKHALEK1

1 Mohammed V University of Rabat, Faculty of Education Sciences

Email: abdelkhaleksadiki2016@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj3928

Published at 01/09/2022 Accepted at 24/08/2021

Abstract

Education is fundamental to the formation of a good society, as it is the basis on which the future of societies is built. There is no goodness for a nation without educating its emerging generation. There are many ways of education, and its schools differ between old and new, and between modern and original ones. However, the general approach to Sufi education is unified among most of the paths based on a purely moderate Islamic education, based on memorization, indoctrination, criticism and proof.

مقدمة:

إن التصوف في أوله, ظهر كحركة فردية وليست جماعية، وذلك نتيجة لمجموعة من العوامل أبرزها سيطرة النزعة الدنيوية على الناس ومحبتهم لها، وأيضا جريهم ورائها بكل السبل والطرق الممكنة والغير الممكنة، فسرهم الثراء والعيش البذخ. وأعجبهم منها السلطة والمال وسعوا بكل حيلهم للحصول على أوفر حظ من هذه الدنيا.

فنشأ التصوف كمبدأ فردي، يدعوا إلى العبادة والزهد في الحياة فلا المال كان قصد هذه الطائفة ولا السلطة كان مسعاها ولا الشهرة مبتغى أصحابها. فهي جاءت كردة فعل حول هذا الذي ذهب نحوه معظم الناس. وهي في هذا كانت مجرد حركات فردية تطورت فيما بعد لتشكل تيارات متنوعة وطرقا متعددة.

فقبل وجود الطرق الصوفية، كان هذا المذهب يعرف بطريق تهذيب النفس وإلجامها، وإبعاد الدنيا عن سبيلها، فهي طريق رفعت شعار الأخلاق الحميدة والصفات الجليلة، وتجنب الصفات الذميمة. فسعى كل فرد في الدعوة إلى العبادة والتعبد والتشبث بمكارم الأخلاق، وحسن الصفات.

وفي النصف الثاني من القرن الثالث أصبح الصوفية “ينظمون أنفسهم طوائف وطرقا يخضعون فيها لنظم خاصة بكل طريقة، وكان قوام هذه الطرق طائفة من المريدين يلتفون حول شيخ مرشد يسلكهم ويبصرهم على الوجه الذي يحقق لهم كمال العلم، وكمال العمل: فكان من هذه الطريقة: السقطية نسبة إلى السري السقطي، والطيفورية نسبة إلى أبي يزيد البسماطي، والجندية نسبة إلى الجنيد، والخرازية نسبة إلى أبي سعيد الخراز، والنورية نسبة إلى أبي الحسن النوري، والملامتية أو القصارية نسبة إلى حمدون القصار.”[1]وهذه هي الطرق التي شكلت الحجر الأساس لبناء الطرق الصوفية في القرنين السادس والسابع الهجريين لما انتشر التصوف وتعددت الطرق.

فبعد كثرة المريدين وتعدد الشيوخ “أصبحت لفظة طريقة تعني مجموعة أفراد من الصوفية لهم شيخ ينتسبون إليه وينفذون تعاليمه وأوامره ويخضعون لنظام دقيق في السلوك الجماعي الروحي فهم يحيون حياة جماعية في الزوايا والخانقاوات ويجتمعون في المناسبات أو يجتمعون بشكل دوري ومنظم ويعقدون مجالس الذكر بشكل منظم.”[2]

  1. الطرق الصوفية:

تعددت الطرق الصوفية وتنوعت مع تطور التصوف وانتشاره في جميع بقاع العالم خاصة العالم الإسلامي بعربه وعجمه. فغدى حصر هذه الطرق وعدها أنواعا وأتباعا من الأمر الصعب، وذلك راجع لتعددها وتعدد أسمائها،واختلاف طرقها.

ونجد في هذه الطرق الصوفية تنوعا واختلاف لتنوع الشيوخ وتعددهم، ويمكننا أن نتلمس هذا الاختلاف في التسبيح والتهليل، زد على ذلك أيضا التنوع في اللباس وفي الألوان المستعملة فنرى أن الطريقة الرافعية تتميز باللون الأسود والقادرية باللون الأخضر، والبرهانية نجد لها تعدد في هذه الألوان فنرى لهم الأخضر والأصفر والأبيض خاصة. لكن ظل المقصد واحد فسالك هذه الطرق لا يخرج عن “المجاهدة وتهذيب النفس ومحو الصفات الذميمة والإقبال على الله تعالى فالله هو الذي ينير قلب العبد بأنوار العلم فالطريق الصوفي يحض على أن يطهر نفسه ويصفي قلبه.”[3]

أول طريقة سنقف معها هي الطريقة القادرية، فهي أول هذه الطرق وأقدمها في تاريخ التصوف.

الطريقة القادرية وقد يسمها البعض الجيلانية، نسبة لعبد القادر الجيلاني:

أقدم الطرق الصوفية تأسيسا في عالم التصوف، تنسب إلى عبد القادر الجيلاني نسبة إلى جيلان من طبرستان.عرف بعلمه وزهده ومشيخته، والجيلاني من أعظم شيوخ التصوف وأشهرهم فقد “برع في الوعظ وتكلم للناس في الزهد، فكثر مريدوه، وأقام مدرسته يدرس فيها ويتخذها رباطا إلى أن توفي، وقالوا فيه إنه أول من نادى بالطرق الصوفية وأسسها، وأنه فاق أهل زمانه في علوم الدين وكانت له القدم الراسخة في المجاهدة وقطع دواعي الهوى والنفس.”[4]

وظل عبد القادر الجيلاني يخدم العلم ويقدم الدعوة طيلة حياته، مما جعل الناس تتقرب منه وتحبه بشكل كبير وملفت للنظر. وأصبح له كثير من المريدين والأتباع في جميع أقطاب العالم، فقد انتشرت طريقته في كل من اليمن وسوريا عموما الشام، ثم إفريقيا خصوصا منها المغرب والجزائر ومصر، وأيضا نجد له صيتا واسعا في البلدان الغير عربية كتركيا والهند وغيرهما.

فقد كثر ذكر عبد القادر الجيلاني الشيخ العالم العارف فمن صفاته “أنه كان عالما وفقيها، كثير التعبد قوي الشخصية لم يُلم بباب العظماء ولم يزر وزيرا أو سلطانا وكان يفتي الناس على المذهبين الشافعي والحنبلي.”[5] فقد امتلك العلم الغزير، والمعرفة الواسعة فكل العلوم أخد من الجيلاني نصيب فقد عليه أنه كان كالغزالي “فقيها عالما بالأصول والفروع يربط التصوف بالكتاب والسنة ولهذا امتدحه ابن تيمية ويغلب على أقواله الطابع الخلقي…مادمت تراعي الخلق لا تهتدي لعيب نفسك ومادمت تراعي نفسك فأنت محجوب عن ربك.”[6]

يقول عبد القادر الجيلاني:

يا من تحل بذكـــــــــــــــــره عقد النوائـــــــــــــــب والشدائـــــــــــــــــد

يا من إليه المشتـــــــــــــكى وإليه أمر الخلـــــــــــــق عائـــــــــــــــــــد[7]

وبالتتبع للطريقة القادرية وبعض الفروع المتفرعة عن هذه الطريقة نستشف أنها تعتمد على منهج تربوي خاص كان مقصده نشر الدعوة الإسلامية وتعليم الناس. فقد عمدت هذه الطريقة إلى تعليم الصغار أصول العلم من قراءة وكتابة ونطق وحفظ، أما بالنسبة للفئة الكبيرة فقد مدتهم بعلم التصوف الذي يظم في طياته علم الفقه وعلم الحديث. فلا يمكن أن نكر ما قامت به هذه الطريقة من نشر للعلم “وإقامة المراكز الإسلامية التي قامت بدورها في نشر الإسلام في إفريقيا. ووقفت المدرسة في وجه المد الأوربي الزاحف إلى المغرب العربي.”[8]

الطريقة الشاذلية: نسبة لأبي الحسن علي بن عبد الله المغربي.

من إحدى الطرق الصوفية المشهورة، الذائعة الصيت في العالم الإسلامي خاصة في إفريقيا في كل من مصر والمغرب وتونس. مؤسسها العالم العارف أبو الحسن الشاذلي، والشاذلي هذه اسم شهرته ومرد ذلك إلى “شاذلة إحدى قرى تونس التي هاجر إليها بعد أن غادر قريته غمارة في المغرب، والشاذلي ولد سنة 593 هـ واتخذ الإسكندرية مقرا، وفيها تزوج واقتنى الضياع وكان له الولد والأهل والأحباب مات سنة 593 هـ.”[9]

اكتسب الشاذلي شهرة كبيرة، وكثر الأتباع والمريدون له والحاضرون إلى مجالسه، فقد حرصوا على الاستماع إلى مواعظه والحضور إلى دروسه والأخذ بكل نصائحه، وإتباع كل إرشاداته فاكتسب بذلك شهرتا ما بعدها شهرة. وعرف عليه دوام السعي والجري في تحقيق مصالح الناس وقضاء أغراضهم، واهتم أيضا بمريديه وخصهم بمكانة عاليه. والتعفف وعزة النفس من الصفات التي عرف بها الشيخ ودعا مريديه إلى الأخذ بها فالتصوف مرتبة عالية وكرامات لا منتهية، وأيضا “تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية.”[10]

وكثر مريدوه وكان من أبرزهم أبو العباس المرسي فقد صاحبه من تونس إلى مصر وأيضا ابن عطاء الله السكندري، وغيرهم. ومن المعلوم أن الطريقة الشاذلية بسيدها أبي الحسن الشاذلي كانت تميل كل الميل إلى مذهب الإمام الغزالي، وتقتضي بمؤلفاته فكان لكتاب إحياء العلوم منزلة عظيمة عندهم، وغيره من الكتب. واستمر انتشار الطريقة الشاذلية في العالم حتى وصلت إلى الأندلس وانتشرت في العالم الإسلامي بأسره.

وفي منهجه التدريسي التعليمي عمد أبو الحسن الشاذلي إلى الانتقاء والاختيار فيختار بكل دقة الكتب التي يدرسها لتلاميذه ومريده “ومن أهم هذه الكتب، إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والمواقف والمخاطبات للشيخ محمد بن عبد الجبار النقري، وقوت القلوب لأبي طالب المكي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري والشفاء للقاضي عياض.[11]

الطريقة الرافعية: نسبة إلى أحمد الرفاعي.

تنسب الطريقة الرفاعية إلى أحمد الرفاعي وهو أبو الحسن علي الرفاعي الحسيني “ينتسب إلى جذه رفاعة المغربي الحسيني، وكانت ولادته بقرية حسن من أعمال واسط بالعراق سنة 512هـ ووفاته بقرية أم عبيدة بين واسط والبصرة سنة 578هـ”[12]

وقد تميز الشيخ الرفاعي بمجموعة من الصفات الحميدة التي جعلت شهرته تزداد، كان متواضعا، محبا، متسامحا، متوكلا على الله في أموره داعيا مريديه إلى الجد والعمل. وعرف عليه تمسكه الشديد بالكتاب والسنة والتزامه التام بمبادئ الإسلام، في كل أفعاله وتصرفاته “لدرجة أنه كان يقول كل الأدب منحصرة في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وخالا وخلقا فالصوفي أدبه تدل على مقامه.”[13]

فقد حرص كل الحرص على قضاء حاجات الناس ومساعدتهم والعطف عليهم والرحمة بهم فقد سعى طول حياته في العمل الصالح الموجه في غالبه إلى الفقراء والضعفاء والمساكين “وكان إذا سمع بمريض في قرية ولو على بعد يمضي إليه يعوده ويرجع بعد يوم أو يومين، وكان يخرج بالطريق ينتظر العميان حتى إذا جاءوا يأخذ بأيديهم ويقودهم، وكان إذا رأى شيخا كبير يذهب إلى أهل حارته ويوصيهم عليه وكان رضي الله عنه لا يجازي قط السيئة بالسيئة.”[14]

وفي هذه الطريقة نذكر شروط كل من الشيخ والمريد كما حددها الرفاعي بحيث أكد على أن المرشد من واجبه أن يكون عالما، عارفا، متدينا، مطلعا على الطريقة. أما المريد من واجبه البحث عن الشيخ المناسب العالم وأن يكون متأدبا، خاشعا محترما لشيخه وإخوانه.

الطريقة البدوية: نسبة لأحمد البدوي

أحمد البدوي بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن عمر بن علي بن عثمان بن حسين بن محمد بن موسى بن يحي بن عيسى بن علي بن محمد بن حسن بن علي بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.”[15]

من أعظم الأشياخ المعروفين كانت له شفقة خاصة على الناس، وانتشرت طريقته في جميع الأقطار خاصة في مصر مكان نشأتها وانطلاقها، وكثر أتباعها في مختلف الأقطار، وهي من الطرق التي تؤكد في مساعيها وفي أولويتها على كرامة الأخلاق و التحلي بأفضل الصفات الإنسانية.

الطريقة البرهامية: ابراهيم الدسوقي

تنسب هذه الطريقة للشيخ ابراهيم الدسوقي، “وهو الإمام برهان الدين بن عبد العزيز أبي المجد، بن علي قريش بن محمد أبي الرضا، بن قمر أبي النجا، بن علي زين العابدين بن عبد الخالق محمد الطيب …. بن علي رضي الله عنهم أجمعين.” [16]

وعرف الدسوقي بمجاهدة للنفس بالطاعات والعبادات طيلة حياته، وكانت له أخلاق حميدة رفيعة ربى مريديه عليها بحيث حثهم على تتبع الشيخ والتعلق به، وإخباره بجميع ما يختلج نفسه، وأوصى مريديه بالمحبة وصفاء النفوس والابتعاد عن كل ما من شأنه تعكير صفوة النفس ونقائها، والتحلي بكل الصفات الحميدة والأخلاق العالية، بالإضافة إلى التأدب مع الشيخ “فللمريد مع شيخه الأدب وحسن الطلب، والتسليم للشيخ وأن لا يتكلم إلا بدستوره.[17]

يقول الدسوقي في أحد قصائده الرائعة وهي قصيدة تائية:

سقاني محبوبي بكأس المحبـــــــــة فتهت عن العشاق سكرا بخلوتي

ولاح لنا نور الجلالة لو أضــــــــا لصم الجبال الراسيات لدكـــــت

وكنت أنا الساقي لمن كان حاضرا أطوف عليهم كرة بعد كـــــــرة

ونادمني سرا بسر وحكمــــــــــــة وإن رسول الله شيخي وقدوتــي

وعاهدني عهدا حفظت لعهـــــــده وعشت وثيقا صادقا بمحبتــــي”[18]

والملاحظ أن هذه الطريقة قد تولدت عليها مجموعة من الفروع منها: التازية، والعاشورية والشهاوية، والشرنوبية.

الطريقة السهرودية: أبو النجيب السهروردي

هذه الطريقة تنسب لصاحبها الشيخ أبي النجيب السهروردي، وهو “عبد القادر بن عبد الله بن محمد (495-563) البكري الصد يقي” ويرجه نسبه حسب الرواة إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقد ولد ونشأ بسهرود، ووفاته كانت بعاصمة العرب العلمية بغداد، له مؤلفات منها كتابه العمدة ‘أدب المريدين’.

سيرته طاهرة حسنة، كان وليا فقيها، مرشدا واعظا، فأقام طريقته هذه على مذهب أساسه العلم والمعرفة. هو أبو النجيب السهرودي وليس السهرودي المقتول صاحب كتاب ‘حكمة الإشراق’.

الطريقة النقشيدية، لبهاء نقشد:

تنسب لبهاء الدين نقشبند “وقيل معنى نقشبند أو نقش بندر أنها ربط النقش، والمقصود بالنقش انطباع القلب بالذكر، وربطه أي بقاؤه من غير محو، حيث تقوم هذه الطريقة على الذكر أساسا.”[19] فقد عرف بهاء الدين بإتباع السنة والعمل بالشريعة، فكان معتدلا في تصوفه. وبنا طريقته هذه على التربية ومجاهدة النفس والتحلي بالأخلاق، مما جعلها تنتشر وبسرعة في بلا العرب والعجم.

الجنيدية، أبو القاسم الجنيد:

طاووس العلماء، بحيث عرف بعلمه الكثير في معظم العلوم الدنيوية، وهو من ذوي السبق في التصوف، يطلق عليه كذلك لفظ المعلم، فقد كان مذهبه يعتمد على التعليم والتلقين للمريدين، عرف برحابة صدره فكان يجيب كل واحد سأله بقدر مستواه التعليمي وثقافته الدينية. روي عنه مريدوه أنه كان متبسما في وجوههم، فاتحا لهم صدره وقلبه.

الطريقة النورية، أبي الحسن النوري:

ولد ونشأ في بغداد، طريقته تتقارب الشيء الكثير مع طريقة الجنيد. “أسس طريقته على الإيثار وهو اجتماعي بطبعه يكره العزلة ويذم الانزواء ويعلم مريديه الصحبة وحسن العشرة. وحقيقة الصحبة عند النورية أنهم يحفظون حق صاحبهم في الغيبة ويضحي كل منهم بنصيبه لصاحبه ويحتمل التعب ليريحه.”[20]

الطريقة الكبراوية، نجم الدين كبرى:

نشأت هذه الطريقة في تركيا والنواحي ساهمت وبشكل كبير في نشر الإسلام بين معظم القبائل الموجودة بتلك المناطق تفرعت عنها مجموعة من الطرق منها: الششتية واليسوية.

الطريقة المولوية، جلال الدين الرومي:

أنشأها جلال الدين الرومي، اعتمدت على الغناء والموسيقى، يذكر أنها وصلت حتى أوربا والدول الغربية “حيث نعت مريدوها بالدراويش الراقصين.”[21]

الطريقة البكتاشية، الحاج بكتاش:

انتشرت في تركيا يرجع أصلها للطريقة اليسوية.

الطريقة القصارية، أبو صالح حمدون:

هو أبو صالح حمدون بن أحمد بن عمارة القصار، عمد إلى مبدأ العمل مع الله دون الالتفات إلى الخلق، لأن الحق أحق أن يعبد ويذكر قبل أن يذكر الناس، وأن لا تشغلك الدنيا وأهلها عن الحق سبحانه .

الطريقة الحكمية، عبد الله بن حكيم الترمذي:

“يقوم مذهبه على الولاية وتعتمد على إثبات الولاية. والرد على المعتزلة والحشويم ممن ينكرون تخصيص الأولياء ثم في رموز المشايخ عن الولاية وإثبات الكرامات وما هو الفرق بين المعجزات والكرامات.”[22]

الطريقة السهلية، عبد الله التستيري:

هو سهل بن عبد الله التستيري، قامت طريقته هذه على المجاهدة والمكابدة، بحيث عمل على تربية النفس والتحكم في هواها.

الطريقة الخرازية، سعيد الخراز:

جاء اسمه هذا -الخراز- من مهنته التي كان يزاولها الخرازة، من بين الأوائل الذين تحدثوا عن الفناء والبقاء، وفسر البعض القول الفناء بمعناه الابتعاد عن الصفات الذمية والبقاء بمعنى البقاء على الصفات الحميدة والتحلي بها يقول سعيد:

أيا من يرى الأحباب أعلى وجوده ويفرح بالتيه الدني وبالأنــــــــــــــس

فلو كنت من أهل الوجود حقــــيقة لغبت عن الأكوان والعرش والكراسي

وكنت بلا حال مع الله واقــــــفا تصان عن التذكار للجن والإنـــــــــــــس”[23]

إن الطرق الصوفية بصفة عامة في معظمها تعمل على تربية الأجيال تربية إسلامية حسنة، مبنية على تعليمهم أصول الدين ومبادئه الأولية في بداية حياتهم وتطوير معارفهم حول العقيدة تزمننا مع عمرهم، ولا يمكن لأي باحث أن ينكر الدور الإيجابي للطرق الصوفية والزوايا في محاربة الجهل والعمل على تتقيف الناس

خاتمة:

يستعص على الباحث عد الطرق الصوفية وحصرها، فقد انتشرت انتشار سريعا وواسعا شمل كل الأقطاب العربية والغير عربية، ولا يمكننا أن ننكر أن بعض الطرق الصوفية ابتعدت عن المعنى الحقيقي للتصوف وذهبت به إلى ما لا يمكنه فهم وأيضا يصعب على الناس إتباعه. فقد أخرجوا التصوف عن جوهره الإيماني الأخلاقي إلى أشياء لا عهد لأئمة التصوف بها لا من قريب ولا من بعيد.

وأصبح من الواضح لنا الآن مدى أهمية هذه الطرق الصوفية في نشر العلم، وتعليم الناس، وإيوائهم. فكانت هذه الطرق ملجأ للفقير وللضعيف وللمقهور وسند لليتم ومدرسة للمريد وغيرها من الصفات التي جمعتها هذه الطرق الصوفية في مدارسها. فقد كان لها دور تعليمي لا يمكن لأي أحد أن ينكره فقد قام شيوخها بتعليم الناس وتفقيههم في الدين والدنيا، فالثابت عند الجميع أن هؤلاء الشيوخ كانوا من أعلم الناس وأفقههم ليس في الدين فقط ولكن في معظم العلوم إن لم نقل جميعها.

فكل هذه الطرق كان لها منهجها التعليمي القائم على الرحمة والمودة والرفق وأيضا على الشدة والصرامة، فكل هذه الطرق الصوفية أكدت على علاقة المحبة التي يجب أن تربط الشيخ بالمريد وأيضا أن تكون علاقة احترام وتقدير وطاعة وليونة، وذك من أجل الوصول على العلم والمعرفة.

الحواشي:

  1. محمد مصطفى حلمي: الحياة الروحية في الإسلام، سلسلة دراسات إسلامية طبعة الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر 1970 ص:112
  2. أحمد علي زهرة: الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة ص: 266
  3. أحمد علي زهرة: الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة ص:265
  4. عبد المنعم الحفنى: الموسوعة الصوفية أعلام التصوف والمنكرين عليه والطرق الصوفية، دار الرشاد الطبعة الأولى 1992ص: 115
  5. السيد حسين الرجا: التصوف في البداية والتطرف في النهاية مؤسسة الفكر الإسلامي بيروت لبنان الطبعة الأولى 2003 ص:211
  6. أحمد علي زهرة: الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة ص 268
  7. عبد القادر الجيلاني: ديوان عبد القادر الجيلاني دراسة وتحقيق يوسف زيدان دار الجبل بيروت ص: 43
  8. أحمد علي زهرة: الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة ص 182
  9. عبد المنعم الحفنى: الموسوعة الصوفية أعلام التصوف والمنكرين عليه والطرق الصوفية، ص:231
  10. عبد المنعم الحفنى: الموسوعة الصوفية أعلام التصوف والمنكرين عليه والطرق الصوفية ص:233
  11. عامر النجار: الطرق الصوفية في مصر نشأتها ونظمها وروادها، دار المعارف الطبعة الخامسة ص 129
  12. عبد المنعم الحفنى: الموسوعة الصوفية أعلام التصوف والمنكرين عليه والطرق الصوفية ص 180
  13. عامر النجار: الطرق الصوفية في مصر نشأتها ونظمها وروادها، ص:61
  14. عبد الوهاب الشعراني: الطبقات الكبرى للشعراني مكتبة محمد علي صبيح مصر ص: 123
  15. السيد حسين الرجا: التصوف في البداية والتطرف في النهاية ص217
  16. عامر النجار: الطرق الصوفية في مصر نشأتها ونظمها وروادها ص:152
  17. عامر النجار: الطرق الصوفية في مصر نشأتها ونظمها وروادها ص: 162
  18. أحمد علي زهرة: الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة ص 271
  19. عبد المنعم الحفنى: الموسوعة الصوفية أعلام التصوف والمنكرين عليه والطرق الصوفية ص: 395
  20. عبد المنعم الحفنى: الموسوعة الصوفية أعلام التصوف والمنكرين عليه والطرق الصوفية ص 400
  21. أحمد علي زهرة: الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة ص 272
  22. أحمد علي زهرة: الصوفية وسبيلها إلى الحقيقة ص 273
  23. عبد المنعم الحفنى: الموسوعة الصوفية أعلام التصوف والمنكرين عليه والطرق الصوفية ص:140