الاختلاف التفسيري وأثره في الأحكام الفقهية

أبوبكر خليفة سنكاري1

1 كلية التربية، جامعة الجزيرة، السودان.

بريد الكتروني: elhadjsangare2@gmail.com

HNSJ, 2022, 3(9); https://doi.org/10.53796/hnsj3931

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/09/2022م تاريخ القبول: 24/08/2022م

المستخلص

يهدف هذا البحث إلى إبراز جهود العلماء في خدمة القرآن الكريم من خلال استنباط الأحكام الفقهية وإيضاح العلاقة بين الاختلاف التفسيري والفقه الإسلامي، وما ينتج عن تلك العلاقة من تأثر وتأثير في الحقل الفقهي. اتبع الباحث في مسار هذا العمل منهج الاستقراء والمنهج التحليلي وتوصل البحث الى عدة نتائج أهمها أن يكون في الآية الواحدة قراءتان أو قراءات، فيفسر كل مفسر على حسب قراءة مخصوصة، فيظن ذلك اختلافا، وليس اختلافا. 2: أن يفسر اللفظ بألفاظ متقاربة، وكلها تعود إلى معنى واحد.

مقدمة

إن مبحث أسباب اختلاف المفسرين نال اهتماما كبيرا في دراسات سابقة وحديثة، بين من بوب له في من بين موضوعات كتابه أو حرد له كتاب مستقل، وتنوعت التصنيفات لهذه الأسباب، منهم من صنفها إلى صنفين، أسباب ترجع إلى المفسر نفسه وأخرى ترجع إلى النص المفسر، واختلفت من حيث الكثرة والقلة، فمنهم أوصلها اثني عشرة سببا. مثل ابن جزي الكلبي في مقدمة تفسيره، ومنهم من اعتبرها دون ذلك، وما هذا التفاوت إلا اختلاف أنظار الباحثين إلى تلك الأمور التي قد يحسبها البعض سببا لاختلاف المفسرين ولا يعتبرها الآخر أو يدمجها في السبب الآخر ويحسبهما واحدا. وما نذكر هنا من أسباب لا يخرج من هذه الملاحظة إلا أننا سأشير إلى اعتبار كل منها سببا للاختلاف.

وقبل أن أتكلم عن هذه الأسباب في مباحث خاصة، سأنبه على أمور مهمة في دراسة أسباب اختلاف المفسرين، سواء من خلال مقدمات كتب التفسير أو كتب الموسوعات في علوم القرآن أو الدراسات والبحوث الخاصة بالموضوع. وهي بمثابة مقدمة عامة وملاحظة تسري على مبحث أسباب الاختلاف في التفسير في التأليف.

من ذلك ، أن من الاسباب ما يكون من جهة النقل بأن يختلفوا في صحة المنقول أو اعتباره حجة لدى المفسر أو غير ذلك. ولا يقصد بذلك تعمد رد الأثر من غير عذر علمي مقبول، فليس ذلك سببا معتبرا في الاختلاف، بل يرد ولا يلتفت إليه، وهو أول القسمين اللذين لا يعتد بهما في الاختلاف في كلام الشاطبي . وهذه الأسباب تتعلق بالحديث النبوي وقول الصحابي والإسرائيليات في التفسير والقراءات وأسباب النزول ودعوى النسخ وما صح من النقول في اللغة.

وقد يكون السبب في الاستدلال، إذ قد يصح الخبر ويعرفه المفسر ولكن يختلفون في دلالة النص على المعنى، بين عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وغير ذلك. وأكثر هذه الأسباب تكون في مسائل اللغة والأصول والفهم. وأكثر ما يتعلق بالأخطاء والانحراف في التفسير من أهل الهوى والزيغ في الفرق المنحرفة إنما وقعت من هذه الجهة. والدوافع التي أثارت هذا الانحراف متعددة وهي ما نجدها في التفسير بالرأي المذموم كالانحراف عن الأصول الصحيحة في التفسير والاعتماد على العقل المجرد أو اللغة أو الأثر الضعيف أو الانتماء المذهبي. وكل ذلك من فساد النية وسوء القصد في التفسير. كما يساهم في الخطأ عدم الأهلية والتعمق في العلوم المؤهلة للتفسير وقد أشار إلى تلك العلوم عدد من العلماء، وهي ما سماها أبو حيان الاندلسي بالآلة للمفسر. وأكثر هذه الدوافع حدثت بعد الصحابة وكبار التابعين.

خطة البحث : من أجل الاحاطة بكافة جوانب الموضوع قمنا بتناوله في مقدمة وأربعة فصول ومباحث وخاتمة، ونتائج وتوصيات، فأما المقدمة، فقد جاء فيها أهمية الموضوع وأسباب اختياره وأهدافه ومشكلته وصعوباته ودراسات السابقة ومنهج البحث، ويتناول الفصل الأول: مفهوم الاختلاف التفسيري، وتحته ثلاثة مباحث، والمبحث الأول: تعريف الاختلاف، وفيه مطبين، والمبحث الثاني: تعريف التفسير، وفيه ثلاثة مطالب، والمبحث الثالث: الاختلاف التفسيري، ويحتوى على ثلاثة مطالب، وفي الفصل الثاني: أسباب الاختلاف في التفسير، وتحته ثلاثة مباحث، والمبحث الأول: أثر القراءات القرآنية في اختلاف المفسرين، وفيه ثلاثة مطالب، والمبحث الثاني: النسخ وأثره في اختلاف المفسرين، وفيه مطلبين، المبحث الثالث: الدلالات اللغوية، وأثرها في اختلاف المفسرين، وفيه أربعة مطالب، وفي الفصل الثالث: التفسير الفقهي, وتحته مبحثان، والمبحث الأول: نشأة التفسير الفقهي وتطوره، وفيه ثلاثة مطالب، والمبحث الثاني: تأثر المذهبية في المصنفات التفسيرية، وفيه مطلبين، وفي الفصل الرابع: ضوابط استنباط الأحكام المستفادة من النصوص ومناهج الفقهاء في تقريرها، ويحتوى على ثلاثة مباحث، المبحث الأول: ضوابط استنباط الأحكام الفقهية، وفيه ثلاثة مطالب، والمبحث الثاني: مناهج الفقهاء في تفسير آيات الأحكام، وفيه أربعة مطالب، والمبحث الثالث: نماذج تطبيقية من الاختلافات الفقهية في الأحكام وفيه أرابعة مطالب، ثم بيان نطاق هذه وبيان منهج الاستنباط وضوابطه التي قررها العلماء واعتنوا بها أثناء استنباط الأحكام، ثم بيان أسباب اختلاف المفسرين التي ينبني عليها الأحكام الفقهية، وبيان مناهج الفقهاء في استخدام ذلك في الميدان الفقهي، و إيضاح العلاقة بين الاختلاف التفسيري والفقه الإسلامي، وما ينتج عن تلك العلاقة من تأثر وتأثير في الحقل الفقهي، وتسبق هذه المباحث مقدمة ويختم البحث بخاتمة تتضمن اهم النتائج والتوصيات المقترحة.أســــــــــــــــاسيات البــــــــــــــحث

تمهيد: الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده وفصله، وبين أحكامه وشرائعه، وصلى الله على نبيه ورسوله محمد-صلى الله عليه وسلم-خيرته من خلقه، وخليله من عباده، وعلى آله السادة الأطهار، وصحبه الأبرار، ومن اهتدى بهداهم، واستن بسنتهم إلى يوم يقوم الأشهاد.

وبعد: فلا شك أن أفضل ما ينفق فيه الأعمار، ويقضى فيه الأوقات، هو الاشتغال بكتاب الله العزيز الغفار، تعلما وتعليما، وتلاوة وتفسيرا، والقرآن قد حظي بقدر فائق من اهتمام العلماء ودراسة الباحثين، على اختلاف وسائلهم وتعدد مناهجهم, فما من صاحب علم أو فكرة إلا ويبتغي علاقة بالقرآن الكريم، في مختلف المجالات العلمية ، ولما كان علم التفسير من أجلّ العلوم وأشرفها؛ فكان اشتغال العلماء به أكثرُ، فهو بيان لألفاظ القرآن الكريم أول مصدر للتشريع الإسلامي وأمه، يستنبط منه الفقهاء الأحكام الشرعية، اختلفت أنظار العلماء في فهم بعض الآيات التي تنبني عليها الأحكام وكان لاختلافهم أسباب كثيرة أسهم في تعدد أراء فقهية. وقد ألف العلماء في هذه الأسباب سواء كانت من ناحية الاعتقاد أو من ناحية فهم السنة في علاقتها بالقرآن أو غير ذلك. في هذا البحث يقوم الباحث بدراسة أسباب اختلاف المفسرين التي تنبني عليها الأحكام الفقهية وآثارها في تلك الأحكام مع بعض النماذج التطبيقية دون الخوض في الأسباب التي لا علاقة لها بالأحكام الفقهية، وذلك تحت العنوان الاختلاف التفسيري وأثره في الأحكام الفقهية. وللإشراف فإن البحث حظي بقبول فضيلة الدكتور عبد القادر محمد فادن والدكتور يوسف عبد الله بابكر محمد تفضلا وتكرما منهما، ولما لهما من استحقاق، وخبرة في المجال، ليخرج العمل بنتيجة علمية دقيقة. وإذ أكتب هذا البحث؛ فإني أسال الله سبحانه وتعالى أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يوفقني للاهتداء للصواب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أهمية الموضوع وأسباب اختياره: 1: الأحكام الفقهية ميدان تطبيقي للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة، فالموضوع يتعلق بتنزيل النصوص على الواقع العملي في أفعال المكلفين، وآلياته. 2: بيان علاقة الاختلاف التفسيري بالأحكام الفقهية وبيان ضوابط الاستنباط الفقهي ومناهج الفقهاء في ذلك. 3: آيات الأحكام يعد من أهم الأجزاء التي تناولها القرآن واهتم بها الفقهاء لتعلقه بأفعال المكلفين طلبا ونهيا. 4: اختلاف المفسرين له أثر كبير في اختلاف الفقهاء في الأحكام الفقهية، أما اختلافهم في الآيات الأخر فلا ينبني عليه حكم فقهي غالبا.

أهداف البحث: يهدف هذا البحث إلى تحقيق ما يلي: 1: إبراز جهود العلماء في خدمة القرآن الكريم من خلال استنباط الأحكام الفقهية. 2: إيضاح العلاقة بين الاختلاف التفسيري والفقه الإسلامي، وما ينتج عن تلك العلاقة من تأثر وتأثير في الحقل الفقهي. 3: بيان منهج الاستنباط وضوابطه التي قررها العلماء واعتنوا بها أثناء استنباط الأحكام. 4: بيان أسباب اختلاف المفسرين التي ينبني عليها الأحكام الفقهية، وبيان مناهج الفقهاء في استخدام ذلك في الميدان الفقهي.

مشكلة البحث: تتضح مشكلة هذا البحث فيما يلي: إن النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يفسر القرآن لأصحابه لما التحق بالرفيق الأعلى وصار الناس على أثره ودينه واستجدّ قضايا لم تكن ظاهرة في عهده صلى الله عليه وسلم فاضطر العلماء إلى استنباط احكامها من النصوص، واختلفت أفهامهم في تفسير بعض الآيات، نتيجة تسرب بعض الأفكار الكلامية والمذاهب العقدية والفقهية مما كان له أثر واضح في الأحكام الفقهية، وظهر ما يسمى بالتفسير الفقهي وظهر في بعض هذه التفاسير التعصب لمذاهبهم الفقهية مما دفع الباحث للتصدي لدراسة أسباب الاختلاف التفسيري، وأثره في الاحكام ومنهج الاستنباط وبيان ضوابطه وبعض النماذج التطبيقية.

أسئلة البحث: 1: ما هي أسباب الاختلاف التفسيري التي لها أثار في الأحكام الفقهية. 2: ما هي طبيعة الاختلاف التي وقعت بين السلف والمتأخرين في التفسير . 3: ما هي الأثار التي تأثرت بها الأحكام الفقهية من اختلاف المفسرين؟ وما هي طرق استنباط الأحكام من النصوص.

حدود البحث: سيتم الاهتمام في هذا البحث بأسباب اختلاف المفسرين التي تنبني عليها الأحكام الفقهية، وكذلك أثر هذا الاختلاف في الأحكام من حيث تعدد الأراء الفقهية بناء على تنوع الأقوال في فهم الآية. منهج الحث: يتبع الباحث في مسار هذا العمل منهج الاستقراء والتحليلي

المصادر النقلية وأثرها في الاختلاف التفسيري

يمكن النظر إلى الاختلاف الموجود بين المفسرين من زوايا متعددة واعتبارات مختلفة، إلا أن الاختلاف الواقع في التفسير بسبب تنوع مواقف أهل العلم في المرجع والأصل الذي يرجع إليه في التفسير له دور رائد، إذ لا نقاش بين أهل العلم في وجوب الرجوع إلى ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو تيقن من الآيات في بيان معنى القرآن ومقصوده، إلا أنه يختلف الأمر بين مفسر وآخر، ربما يكون المنقول صحيحا عند بعضهم ولا يصح عند الآخر، فيعتمد الأول على النص ويعتبر من خالفه مخطئا.

والنقل إما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة والتابعين. والذي لا يرى صحة المنقول أو يذهل عنه فإنه يبحث عن آليات أخر لتفسير الآية، أما إن تعمد مخالفة النص الصحيح فقد أخطأ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أدرى الناس بمراد الله تعالى في كتابه. إلا أن يدعى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد تفسير الآية وإنما أراد التمثيل أو غيره، كما وقع ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم مع علي وفاطمة رضي الله عنهما فيما روى البخاري من حديث ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻃﺮﻗﻪ ﻭﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ اﻟﻨﺒﻲ – ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ – ﻟﻴﻠﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: (ﺃﻻ ﺗﺼﻠﻴﺎﻥ) ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻴﺪ اﻟﻠﻪ، ﻓﺈﺫا ﺷﺎء ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺜﻨﺎ ﺑﻌﺜﻨﺎ، ﻓﺎﻧﺼﺮﻑ ﺣﻴﻦ ﻗﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻲ ﺷﻴﺌﺎ، ﺛﻢ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﻮﻝ، ﻳﻀﺮﺏ ﻓﺨﺬﻩ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ: (ﻭﻛﺎﻥ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺷﻲء ﺟﺪﻻ)[1]

يقول رشيد رضا إن الاختلاف في التفسير على نوعين: الأول: ما مستنده النقل فقط، والثاني: مستنده الاستدلال بالعقل، والأول: إما منقول عن النبي أو غيره، ومنه ما يمكن معرفة الصحيح منه، ومنه ما لا يمكن ذلك، وهذا الأخير غالباً ـ مما لا فائدة في معرفته، كالمنقول عن أهل الكتاب، ومنه الصحيح وهو كثير[2]. وتقسيم الاختلاف من جهة النقل والاجتهاد إنما جاء تبعا للنظر إلى طبيعة التفسير نفسه، فهو إما منقول أو معقول، يقول الزركشي: (والحق أن علم التفسير منه ما يتوقف على النقل كسبب النزول والنسخ وتعيين المبهم وتبيين المجمل ومنه مالا يتوقف ويكفي في تحصيله التفقه على الوجه المعتبر)[3]. واختلاف المفسرين من جهة النقل، إما في صحة المنقول أو دلالته وإما اعتبار جهة النقل حجة أو لا.

فأما الأول فهو القرآن والسنة وتفسير الصحابة فيما لا سبيل فيه للاجتهاد، أو ما له حكم الرفع، فما كان له حكم الرفع فهو ملحق بالسنة. والأمور التي لا تدرك بالنظر والاجتهاد لا يجوز القول فيه إلا بنص من القرآن أو من النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة رضوان الله عليهم أو الإجماع. يقول الماوردي (ﻣﺎ اﺧﺘﺺ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻌﻠﻤﻪ، ﻛﺎﻟﻐﻴﻮﺏ ﻓﻼ ﻣﺴﺎﻍ ﻟﻹﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺆﺧﺬ ﺇﻻ ﻋﻦ ﺗﻮﻗﻴﻒ، ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ: ﺇﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﺺ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ. ﻭﺇﻣﺎ ﻋﻦ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﺮﺳﻮﻝ. ﻭﺇﻣﺎ ﻋﻦ اﺟﻤﺎﻉ اﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺄﻭﻳﻞ. ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﻓﻴﻪ ﺗﻮﻗﻴﻒ، ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺭاﺩ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﺳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻬﺎ، ﺃﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﻴﻪ)[4]. وقال الزركشي في البرهان: «واعلم أن القرآن قسمان: أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره وقسم لم يرد، والأول ثلاثة أنواع: إما أن يرد التفسير عن النبي صلى الله عيه وسلم أو عن الصحابة أو عن رؤوس التابعين فالأول يبحث في عن صحة السند)[5].

فالتفسير المنقول بجميع أنواعه مرادف بما عرف بمصطلح التفسير بالمأثور أو التفسير الأثري. مع العلم أنهم اختلفوا في بعضها، هل يجب الأخذ به أم لا، كما تقدم. قال خالد عبد الرحمن العك الدمشقي: (التفسير النقلي هو التفسير بالمأثور، وهو يشمل التفسير الذي جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض، حيث ما أجمل في آية فسر في آية أخرى، كما يشمل القراءات، وكثيرا ما تكون إحدى القراءات مفسرة الأخرى. والتفسير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنته كذلك فمن من آيات جاءت عامة أو مطلقة فخصصتها السنة أو قيدتها. والتفسير الوارد عن الصحابة الذين عاصروا زمن نزول الوحي، وشهدوا أسباب النزول وعاينوا دواعيه، فكانوا أعلم المسلمين بتفسيره وتأويله. وكذلك أدرج علمائنا تفسير التابعين وألحقوه بالتفسير بالمأثور باعتبارهم عايشوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واستقوا علومهم منهم ، فكانوا من السلف الأخيار، وهذه كتب التفسير بالمأثور مشحونة بأقوالهم وتفاسيرهم، مثل تفسير الإمام الطبري)[6]. وقال محمد عبد العظيم الزرقاني: (ﻭﻗﺴﻢ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺁﺧﺮ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ: ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻭﻳﺴﻤﻰ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﺪﺭاﻳﺔ ﻭﻳﺴﻤﻰ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮ ﺑﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ﻭﻳﺴﻤﻰ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻹﺷﺎﺭﻱ ﻭﺳﻨﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ. التفسير اﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻭ اﻟﺴﻨﺔ ﺃﻭ ﻛﻼﻡ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻟﻤﺮاﺩ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ)[7]، وهنا ينبغي التنبيه على أن الإجماع في التفسير يعد من أنواع التفسير المنقول عند من يقول بأن الإجماع لا بد أن يكون على مستند قال الطاهر بن عاشور في مقدمة تفسيره: (وتشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى، إذ لا يكون إلا عن مستند كإجماعهم على أن المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم، وأن المراد من الصلاة في سورة الجمعة هي صلاة الجمعة، وكذلك المعلومات بالضرورة كلها ككون الصلاة مرادا منها الهيئة المخصوصة دون الدعاء، والزكاة المال المخصوص المدفوع[8])

لأجل هذه الأهمية القصوى في البحث التفسيري فإن هذه الورقة تتناول هذه المصادر بالنظر والدراسة للفحص عن مواقف الاتفاق فيها مما لا يتطرق الظن إلى الاستدلال بها والاستناد إليها في التفسير ولا يجوز مخالفتها من جهة، وما يتبوأ مكانا للاجتهاد والنظر مما ينتسب إلى النقل والسماع من النصوص.

بناء على اعتبار التفسير القرآني للقرآن قسما من المنقول، سأبدأ به الحديث في المطلب الأقف على أقسام التفسير القرآني للقرآن وحكم كل نوع منها. ثم أدرس في المطلب الثاني التفسير النبوي من حيث المفهوم والتطبيق في كتب السنة وتعاملهم مع الآثار المروية عن الصحابة من قبيل السنة

أخصص المطلب الثالث لتفسير الصحابي وأقوال العلم فيه وعلاقته بالاجتهاد وأختم هذه الدراسة بالمطلب الرابع الذي أبين فيه تفسير التابعين وموقفه من التفسير المنقول وأقوال العلماء في حكم الرجوع إليه عند التفسير، وأتوصل في النهاية إلى النتائج المستخلصة من هذه الورقة والملاحق العلمية من الفهارس المبينة لمضمون الورقة.المطلب الأول: التفسير بالقرآن نفسه

القرآن يبين بعضه بعضا، كما قال ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ، ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ تعالى: ( نور على نور ) ﻳﻀﻲء ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻌﻀﺎ، ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻘﺮﺁن.

وهذا الذي جعل كبار المفسرين يجمعون الآيات المتشابهة لتفسير آية واحدة وبيان معناها. يقول محمد النمر محقق تفسير البغوي في منهج الإمام البغوي في تفسيره (ﻳﺴﻠﻚ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻘﻮﻳﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﻴﻔﺴﺮ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺑﺄﻗﻮاﻝ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻭﻳﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﺄﻗﻮاﻝ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭاﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻌﻀﺎ ﻓﻤﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ، ﻭﻗﺪ ﺗﺨﺼﺺ ﺁﻳﺔ ﻋﻤﻮﻡ ﺁﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻧﺠﺪﻩ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ اﻵﻳﺎﺕ ﺫاﺕ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻮاﺣﺪ، ﻟﻴﻮﺿﺢ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻲ اﻵﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ- ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎﻝ- ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺴﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻳﻤﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﻃﻐﻴﺎﻧﻬﻢ ﻳﻌﻤﻬﻮﻥ} ﺇﺫ ﺑﻴﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻤﺪ ﺛﻢ ﺃﻭﺭﺩ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻧﻤﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاﺏ مدا). ﺛﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻹﻣﺪاﺩ ﻓﺄﻭﺭﺩ ﻗﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﺃﻣﺪﺩﻧﺎﻛﻢ ﺑﺄﻣﻮاﻝ ﻭﺑﻨﻴﻦ}[9]. واعتبر العلماء هذا النوع من التفسير أحسن طرق التفسير في الجملة، يقول ابن تيمية في مقدمته: (ﺇﻥ ﺃﺻﺢ اﻟﻄﺮﻕ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻓﻤﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻓﺴﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ، ﻭﻣﺎ اﺧﺘﺼﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻘﺪ ﺑﺴﻂ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ)[10]. وأحسن طرق التفسير هو التفسير النقلي، لأنه أسلم وأوجه، والرجوع إلى القرآن نفسه لبيان غمض منه هو كفيل بسلامة التفسير وبيان مراد المتكلم سبحانه وتعالى، وذلك لأن القرآن الكريم ربما يجمل في مكان ويفصل في موضع آخر، ويختصر في مكان ويبسط في مكان آخر، كما هو الحال في كثير من القصص، وربما يطلق في مكان ويقيد في مكان آخر، مع أن التفسير القرآني للقرآن له درجات متفاوتة، بعصها واضح وصريح في البيان لا يحتاج إلى جهد أو استنباط وهناك ما يحتاج إلى اجتهاد من المفسر نفسه لاكتشاف رابط بين الآيتين أو الآيات.

وهذه الأمثلة كلها تدل على أن القرآن الكريم مرجع أساسي لفهم القرآن نفسه، لا يمكن تجاوزه في تفسير آياته وفهم مقصوده ووضوح مراد الله سبحانه. و النبي صلى الله عليه وسلم قد استعمل هذا النوع من التفسير، لبيان من مقصود آيات متعددة.

ومع ما لهذا النوع من التفسير من أهمية في تفاسير المتقدمين ووروده في تفاسيرهم إلا أن مفهومه لم يتحدد بتعريف متفق عليه أو ينضبط بضوابط معينة لدى الباحثين، وهذا ما أشار إليه مساعد الطيار في مقالة له منشورة في مجلة البيان حيث قال: (ويمكن القول: إنه ليس هناك ضابط يضبط المصطلح المتوسع بحيث يمكن أن يقال : هذا يدخل في تفسير القرآن بالقرآن، وهذا لا يدخل فيه؛ ولذا يمكن اعتبار كتب (متشابه القرآن)، وكتب (الوجوه والنظائر) من كتب تفسير القرآن بالقرآن بسبب التوسع في المصطلح . فكتب (المتشابه القرآن) توازن بين آيتين متشابهتين أو أكثر، وقد يقع الخلاف بينهما في أحراف أو كلمة ، فيبين المفسر سبب ذلك الختلاف. وكتب (الوجوه والنظائر) تبيّن معنى اللفظ في عدة آيات ، وتذكر وجه الفرق فيها في كل الموضع [11]).

وقد اعتنى بهذا النوع الشنقيطي في كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، واسم الكتاب دليل على موضوعه. وقد سبقه إلى هذا النظر الإمام الزركشي في البرهان في علوم القرآن، حيث عقد في كتابه هذا فصلا في تقسيم القرآن إلى ما هو بين بنفسه وإلى ما ليس ببين في نفسه فيحتاج إلى بيان. ذكر أن ما هو بين بنفسه من القرآن هو الكثير. و ما ليس ببين بنفسه فيحتاج إلى بيان، وبيانه إما فيه في آية أخرى أو في السنة لأنها موضوعة للبيان. قال رحمه الله ( ﻓﺼﻞ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻴﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺒﻴﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺎﻥ ﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺇﻟﻰ: ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﻴﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺑﻠﻔﻆ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﻭﻻ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﻫﻮ ﻛﺜﻴﺮ… ﻭﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺒﻴﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺎﻥ ﻭﺑﻴﺎﻧﻪ ﺇﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﺁﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻭ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻟﻠﺒﻴﺎﻥ)[12]. أقسام التفسير القرآني للقران: الناظر في القرآن الكريم يجد بعض الآيات تبين بعضها بعضا، وهذا البيان تتفاوت درجاته من حيث الوضوح والكشف. تفسير القرآن الصريح للقرآن: وهو أن يفسر القرآن نفسه آية أو معنى في القرآن بشكل واضح وصريح، بحيث لا يحتاج المفسر إلى نظر وتأمل في استنباط ذلك المعنى منه. وهذا النوع من التفسير هو أقوى أنواع التفسير، وهو لا يجوز أن يختلف فيه اثنان من الناس، لأن الله سبحانه وتعالى أعلم بما في كتابه ومراده فيه. ولهذا النوع أمثلة كثيرة، ويجب على المفسر الرجوع إليه، ومن أمثلة هذا النوع: بيان معنى الطارق في قوله سبحانه وتعالى ( والسماء والطارق) تولى القرآن نفسه ببيان معناه في نفس السورة في قوله ( النجم الثاقب) وكذلك معنى العقبة في سورة البلد قوله سبحانه( فلا اقتحم العقبة ) فسره في قوله ( فك الرقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة أو مسكينا ذا متربة) وكما قد يكون بيان معنى الآية في نفس السورة فإنه يكون كذلك في سورة أخرى. مثل قوله سبحانه في الفاتحة ( مالك يوم الدين) المراد من يوم الدين في الآية بينه القرآن الكريم في آيات أخر كثيرة، يقول الشنقيطي في أضواء البيان ( ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻣﺎﻟﻚ ﻳﻮﻡ اﻟﺪﻳﻦ) ﻟﻢ ﻳﺒﻴﻨﻪ ﻫﻨﺎ، ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: (ﻭﻣﺎ ﺃﺩﺭاﻙ ﻣﺎ ﻳﻮﻡ اﻟﺪﻳﻦ ﺛﻢ ﻣﺎ ﺃﺩﺭاﻙ ﻣﺎ ﻳﻮﻡ اﻟﺪﻳﻦ ﻳﻮﻡ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﻧﻔﺲ ﻟﻨﻔﺲ ﺷﻴﺌﺎ) اﻵﻳﺔ. ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ اﻵﻳﺔ اﻟﺠﺰاء. ﻭﻣﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻳﻮﻓﻴﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺩﻳﻨﻬﻢ اﻟﺤﻖ) ﺃﻱ: ﺟﺰاء ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ.)[13] .

تفسير القرآن بالقرآن غير صريح: ليس كل بيان القرآن للمعاني يأتي صريحا. منه ما يكون خفيا غير ظاهر، فيحتاج المفسر إلى تأمل ونظر دقيق للوصول إلى اكتشاف وجه العلاقة بين الآيتين. فهذا يخضع لاجتهاد المفسر واختياره، فلا يمكن النظر إلى هذا النوع من التفسير أنه من تفسير القرآن للقرآن بل هو تفسير القرآن بالقرآن، هو محاولة بحث عن بيان معنى الآية وإبراز مرادها بما يراه المفسر موافقا ومشابها من الآيات، لذلك قال الذهبي:( هذا هو تفسير القرآن بالقرآن، وهو ما كان يرجع إليه الصحابة فى تعرف بعض معانى القرآن، وليس هذا عملا آليا لا يقوم على شيء من النظر، وإنما هو عمل يقوم على كثير من التدبر والتعقل، إذ ليس حمل المجمل على المبين، أو المطلق على المقيد، أو العام على الخاص، أو إحدى القراءتين على الأخرى بالأمر الهين الذى يدخل تحت مقدور كل إنسان، وإنما هو أمر يعرفه أهل العلم والنظر خاصة.)[14] وقد نبه على هذا الشنقيطي في مقدمته يقول: (ومن أنواع البيان الذي تضمنها هذا الكتاب المبارك أن إذا بينا قرآنا بقرآن في مسألة يخالفنا فيها غيرنا، ويدعي ان مذهبه المخالف لنا يدل عليه قرآن أيضا، فإننا نبين بالسنة الصحيحة صحة بياتا وبطلان بيانه، فيكون استدلالنا بكتاب وسنة، فإذا استدل من خالفنا بسنة أيضا مع القرآن الذي استدل به، فإننا نبين رجحان ما يظهر أنه الراجح، وكذلك إذا استدل مخالفنا بقرآن ولم يقم دليل من سنة شاهدا لنا ولا له، فإنا نبين وجه رجحان بياننا على بيانه)[15].

كلام الشنقيطي هذا يدل على أن البيان القرآني قد يختلف فيه اثنان بحيث يفسره الآخر بآية لا يفسر به غيره، وهو الذي وقع فعلا. فالبيان القرآني ليس على درجة واحدة، منه يظهر اجتهاد المفسر بشكل واضح؛ فما كان من قبل الاجتهاد فالخطأ فيه وارد، إذ يكون القرآن وقتئذ عند المفسر كغيره من الأدوات أو الأصول التي يرجع إليها للتفسير. وجل ما يسمونه بتفسير القرآن بالقرآن من هذا النوع.

المطلب الثاني: التفسير النبوي (التفسير بالسنة)

وهو التفسير المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير يجب الرجوع إليه. قال ابن تيمية: (ومما ينبغي أن يعلم: أن القرآن والسنة إذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة، فإنه قد عرف تفسيره وما أريد بذلك من جهة النبي صلى الله عليه وسلم، لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم).[16] وقال ابن الوزير الوزاني اليمني (التفسير النبوي وهو مقبول بالنص والإجماع)[17]. قد اكتسب التفسير النبوي هذه المكانة من الأهمية لمجموعة من الأمور: أ: وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم هي التبليغ والبيان، ولم يوكل شخص بعينه ببيان الوحي وتفسيره من الناس إلا هو. و من حكم إنزال القرآن عليه أيضا أن يبينه ويفسره للناس، قال الله سبحانه: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ[18] .والبيان المطلوب هنا خارج عن القرآن، فإذا كان القرآن بين بنفسه ويفصل بعضه بعضا إلا أن بيان النبي صلى الله عليه وسلم يكون لما أجمل منه. يقول ابن كثير في تفسير الآية: ( وأنزلنا إليك الذكر يعني القرآن لتبين للناس ما نزل إليهم أي من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل الله وحرصك عليه واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم، فتفصل لهم ما أجمل وتبين لهم ما أشكل)[19] ولكونه موكلا بالبيان تكفل الله سبحانه وتعالى بجمع القرآن في صدره صلى الله عليه وسلم وبيانه، فقال سبحانه: لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ(16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ(17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ(18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ[20] قال الإمام الطبري: ( تأويل القرآن غير مدرك إلا بيان من جعل الله إليه القرآن بيان القرآن)[21] . وقال ابن تيمية رحمه الله: (اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين؛ أن السنة تفسر القرآن، وتبينه، وتدل عليه، وتعبر عن مجمله)[22]

ب: النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الوحي، فإن تفسيره متقين به لا احتمال للخطإ فيه ولا شك انه مراد الله تعالى، إذ لو كان خطأ لنزل الوحي بالتصحيح، ولم يستمر الخطأ. وقد كان هذا هو الحال في اجتهادات النبي صلى الله عليه وسلم، وقصة أسرى البدر خير شاهد عليه. ولا يتخيل تعمد الخطأ في النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الله سبحانه حذره منه، يقول ربنا تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ() لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ () ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ() فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ[23]. وتعمد الخطأ في البيان منفي في النبوة ومضاد لأمانة الرسالة.

هذا المعنى جعل الصحابة ومن بعدهم من التابعين يجعلون السنة النبوية في مطلع مراجعهم في التفسير، نرى في تفاسير الصحابة رضوان الله عليهم كانوا إذا عرفوا عن رسول الله صلى الله عليه أثرا في تفسير آية وبيان معناها لم يجهدوا أنفسهم في البحث مصادر أخرى، إنما يكتفون بما وجدوا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، مما يدل أن التسير النبوي كان مصدرا أساسيا لفهم القرآن عند الصحابة. مفهوم التفسير النبوي: تحدث كثير من العلماء المتقدمين عن بيان القرآن بالسنة، ومكانة السنة في الشريعة، ومكانتها مع القرآن، ففي كتب السنة أبواب خاصة بالتفسير من السنة، كالبخاري في صحيحه، والنسائي في السنن الكبرى، والترمذي في سننه والحاكم في المستدرك، وسعيد بن منصور الخرساني في سننه. بل كان السلف من الصحابة والتابعين يرجعون إلى السنة لتفسير ما أشكل عليهم من معاني القرآن، ويستدلون بالسنة، مع ذلك، لم أقف – حسب اطلاعي المتواضع-على تعريف محدد لمصطلح التفسير النبوي عند من تحدث عن التفسير بالسنة من المتقدمين. ولكن من المعاصرين من حاول تعريف المصطلح، وسنعرض ذلك فيما يلي:

تعريف الدكتور كفايت الله همداني: عرف التفسير النبوي بأنه الذي صدر من النبي صلى الله عليه وسلم قولا صريحا في الآية لبيان معناها أو ما يدخل في معناها)[24].

نلاحظ في هذا التعريف قصورا واضحا لمفهوم التفسير النبوي، حكم ذلك على الباحث أن يقتصر نظره على عدد قليل جدا من التفسير النبوي في صحيح البخاري ومسلم. حيث حصر عدد التفسير النبوي في صحيح البخاري على ستين حديثا أو ما يقاربه فقط. وكذلك الإمام مسلم في صحيحه، ذكر أحاديثه في التفسير النبوي مفرقة في كتابه؛ لم يجمعها في كتاب التفسير كما فعل الإمام البخاري. وهذا نتاج قصر التفسير النبوي على السنة القولية فقط دون قسمي السنة الفعلية والتقريرية ولم يذكر مبررا لذلك، مع أن السنة في الاصطلاح تشمل القولية والفعلية والتقريرية.

وقيد التفسير النبوي أيضا على التفسير الصريح ليقصر التفسير النبوي على الصريح منه، ويخرج بذلك كثير مما ينبغي أن يدخل تحت التفسير النبوي وبيانه صلى الله عليه وسلم.

وفرق مساعد الطيار بين التفسير بالسنة وبين ما يسمى بالتفسير النبوي، واعتبر التفسير بالسنة كل إفادة يستفيدها المفسر من السنة في بيان القرآن وتفسيره. وهو أعم من التفسير النبوي. وعرّف التفسير النبوي بانه: (كل قول أو فعل صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا في إرادة التفسير)[25].

يلاحظ على التعريف أنه قصر التفسير النبوي على السنة القولية والفعلية، ولم يدخل فيه السنة التقريرية مع ان الدكتور أشار إلى شمولية السنة لأقوال وأفعال وتقريرات النبي صلى الله عليه وسلم. لذلك يبدو – والله أعلم- أنه يعتبر تقريراته صلى الله عليه وسلم من التفسير بالسنة الذي اعتبره أعم. ولكن لا وجه في رأيي لإخراجها من التفسير النبوي ما دام يفيد بيانا لمعنى القرآن ، لذلك استدرك عليه خالد الباتلي عند تعريفه للتفسير النبوي.

وعرف التفسير النبوي بأنه: ( ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير في بيان معاني القرآن) [26]. زاد خالد الباتلي على تعريف مساعد الطيار أمرين، أحسبهما مهمين وهما:

الأول: زيادة السنة التقريرية في التفسير النبوي، فإذا أفادت السنة التقريرية بيانا لمعنى الآية، فلا وجه لإمهالها. ومثل لها خالد الباتلي بما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، جاء حبر من اليهود، فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك أنا الملك. فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حتى نواجذه تعجبا وتصديقا لقوله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [27].

الثاني: أنه عمم التعريف ليشمل الصريح وغير الصريح، إذ هناك كثير من النصوص النبوية تفيد في بيان معنى الآية، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد تفسير الآية صراحة.

وأما التفريق بين التفسير النبوي والتفسير بالسنة، فلم أقف على ما يمكن الاعتماد عليه من ذلك إلا بعض مقالات منشورة منها ما ذكرته الباحثة بشرى غرساوي في مقالة نشرها موقع مركز الدراسات القرآنية بعنوان: ملامح من المنهج النبوي في بيان معاني القرآن، قالت: ( ميز العلماء بين مصطلحين مهمين هما: التفسير النبوي وتفسير القرآن بالسنة.

فالتفسير النبوي: هو تفسير جاهز صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم سواء كان قولا أو فعلا أو إقرارا صريحا في إرادة التفسير، فأفعاله صلى الله عليه وسلم وأقواله وتقريراته وسيلة بيانية وتفسيرية لما جاء في القرآن الكريم، ويدخل ضمن ذلك السنة الفعلية والقولية والتقريرية التي تتضمن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم لوجوه الأمر والنهي في القرآن والأحكام والتشريعات ومقادير الفرائض والحدود وغيرها.

ويمكن أن نحصر أمثلة التفسير النبوي في ثلاثة أنواع:

-أن يسأل الصحابة عن المعنى المراد من الآية ومثاله: ما رواه الإمام الترمذي عن عبادة بن الصامت وأبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم سألاه عن “البشرى” وذلك في قوله تعالى لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [28]. وقد فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: “هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له”.

-أن يبتدر الرسول صحابته بتفسير آية ومنه: ما أخرج الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة ولا اللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، واقرؤوا” ولا يسئلون الناس إلحافا” إن شئتم يعني قوله: أن يتأول أمرا أو نهيا في القرآن الكريم: والتأول هو ما يقوم به من أفعال تكون تفسيرا للخطاب القرآني ومثال ذلك قوله تعالى:(وأنذر عشيرتك الاَقربين)[29].

والمتتبع لمصنفات السنة النبوية التي أفردت أبوابا للتفسير المأثور عن النبي، صلى الله عليه وسلم، يجد أنها ذكرت عددا من أسئلة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيما أشكل عليهم من القرآن الكريم، كما تضمنت كثيرا من تفسير رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ابتداء باعتباره مبلغا عن الله تعالى ومبينا لما جاء في كتابه الكريم. أما تفسير القرآن بالسنة: هو تفسير يدخل ضمن دائرة الاجتهاد، حيث يخضع إلى محاولات المفسر البحث عن المعنى المراد من خلال الأحاديث النبوية التي يمكن أن تكون تفسيرا للآية المراد شرحها، ومثال ذلك قوله تعالى:(الذين يجتنبون كبائر الاِثم والفواحش إلا اللمم)[30]، روى الطبري عن ابن عباس أنه قال: “ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه[31]).

والبيان النبوي أنواع حسب درجات البيان، ولعل ما ذكره في ذلك خالد الباتلي كاف، حيث رتبه حسب درجات البيان في خمسة أنواع:

  1. التفسير النصي اللفظي الصريح: وهو ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-من نص لفظي صريح في تفسير الآية. من أمثلته تفسيره ظلم العبد نفسه في قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ)، ﺃﺧﺮﺝ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية:” الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )[32]شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله، وأيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال:”إنه ليس كما تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؟ إنما هو الشرك)[33]
  2. التفسير الموضوعي: بمعنى أن يستفاد من السنة النبوية في بيان الموضوع الذي تضمنته الآية تقريرا أو تفصيلا دون أن يكون في الحديث تفسير مباشر للآية. فمثلا: عند قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[34]، ومن أمثلته ما روي عن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) قيل: يا رسول الله؛ إن كانت لكافية قال. (فضلت عليهن بتسعة وستين جزءا، كلهن مثل حرها)[35]

3.التفسير اللغوي: بمعنى أن يستفاد من السنة في بيان المعنى اللغوي للفظة من ألفاظ القرآن، وهذا النوع لم يكن موجها للصحابة – رضي الله عنه-؛ لأنهم عرب أقحاح، لم تشبهم عجمة أو لكنة، وقد نزل القرآن بلسان عربي مبين، لذا لم يكونوا محتاجين إلى بيان الغريب ومعاني مفردات القرآن كحاجة من بعدهم، وإنما استفاد من هذا النوع من البيان من جاء بعد تأثر العربية عند العرب، وضعف اللسان بها، ففزع أهل العلم إلى موروث العرب -نثرا وشعرا- لفهم الغريب ومعاني مفردات القرآن، وأفصحُ العرب محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- كما لا يخفى.

  1. التفسير الاستشهادي: بمعنى أن يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-الآية في حديثه من غير أن يكون فيه تفسير مباشر لها، بل يذكرها على سبيل الاستشهاد لحادثة، أو التأكيد والتقرير لحديثه.

ومن أمثلته ما روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال: (ألا تصليان) فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك، ولم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه، وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}[36]، فهذا الحديث يفيد في تفسير الآية بوجه غير مباشر.

  1. التفسير العام: وهو عموم سنته -صلى الله عليه وسلم-القولية والفعلية والتقريرية مما يفيد في بيان شيء من القرآن، ولا يندرج تحت شيء مما سبق.

فلا غنى للمفسر عن النظر في عموم سنته وسيرته -صلى الله عليه وسلم-، وما فيها من التطبيق العملي للقرآن الكريم، كما قال سعد بن هشام لعائشة -رضي الله عنه-: يا أم المؤمنن، أنبئيني عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: (ألست تقرأ القرآن؟) قلت: بلى، قالت: (فإن خلق نبي الله -صلى الله عليه وسلم-كان القرآن[37]) [38]

  • هل فسر النبي صلى الله عليه وسلم جميع القرآن؟

كثر النقاش في كتابات المتأخرين حول هذه المسألة، وحصيلة ذلك قولان:

الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر جميع القرآن، ألفاظه ومعانيه. هولاء فهموه من كلام ابن تيمية وتليمذه ابن القيم رحمهما الله تعالى، وأيدو ذلك بجملة من الأدلة. وجماع أدلتهم، أدلة البلاغ ، قوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ[39]

القول الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفسر القرآن الكريم كله، إنما فسر لأصحابه ما احتاجوه، فإنهم كانوا أهل اللسان، وشهدوا التنزيل وحضروا المواقع، فشهدوا المشاهد كلها.

واختلاف الصحابة في التفسير شاهد على عدم وجود ما يجب الرجوع إليه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لو وجد لما ساغ لأحد مخالفته. ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس دليل على اجتهاد ابن عباس، ولا اجتهاد مع النص.

والتحقيق, أن هذا الاختلاف مصطنع، وهموه من كلام ابن تيمية رحمه الله، وعند الإمعان في نصوص ابن تيمية يتضح أنه لا يقصد تفسير جميع القرآن بهذا الفهم الذي فهموه، لفظا لفظا، إذ هو بعيد ومستغرب، أن يفسر ألفاظ القرآن الكريم كلها للصحابة وهم عرب خلص.

وفي مقدمة ابن تيمية رحمه الله وغيره من مؤلفاته ما يدل على عدم إرادته لذلك، فهو يقسم طرق التفسير حسب الدرجات، ويقول فإن لم يجد المفسر التفسير في القرآن فإنه يفسر بما في السنة، فإن لم يجد المفسر التفسير في السنة فقد رجع كثير من السلف إلى أقوال الصحابة. فهذا يدل على أنه يعترف أن جميع تفسير القرآن لا يوجد في السنة.

وهو يعرف كذلك التقسيم الرباعي لابن عباس رضي الله عنه، ففيه قسمان لا يدخلان في السنة، وهما ما تعرفه العرب من كلامها، وما اختص الله بعلمه.

والسيوطي لم يقطع برأي ابن تيمية في القول أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر القرآن كله بألفاظه ومعانيه، قال: ( ﻭﻗﺪ ﺻﺮﺡ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺑﺄﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻦ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻭ ﻏﺎﻟﺒﻪ ﻭﻳﺆﻳﺪ ﻫﺬا ﻣﺎ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﺁﻳﺔ اﻟﺮﺑﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺒﺾ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮﻫﺎ ﺩﻝ ﻓﺤﻮﻯ اﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻬﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﻭﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﺴﺮ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻟﺴﺮﻋﺔ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﻧﺰﻭﻟﻬﺎ ﻭﺇﻻ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺘﺨﺼﻴﺺ ﺑﻬﺎ ﻭﺟﻪ)[40] فهو أولا، قال: (جميع القرآن أو غالبه) فليس فيه قطع. والأثر الوارد عن عمر، فيه تصريح بعدم تفسيره صلى الله عليه وسلم لآية الربا. إذن يختل القول بشمولية التفسير النبوي لجميع القرآن.

  • وأما القدر الذي نقل من تفسيره صلى الله عليه وسلم، ففيه رأيان، رأي يرى أن ما روي عنه في التفسير كثير والآخر يرى الأمر بالعكس، ويعتبر أن التفسير النبوي قليل.

والسبب في ذلك أن من قصر التفسير النبوي على التفسير النصي الصريح، ولم يدخل غير ذلك في التفسير النبوي، فلا شك أن ذلك قليل جدا، ولعل حديث عائشة رضي الله عنها في هذا المعنى. وهو الذي يقصده السيوطي بقوله: ﻗﻠﺖ: اﻟﺬﻱ ﺻﺢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪا ﺑﻞ ﺃﺻﻞ اﻟﻤﺮﻓﻮﻉ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻘﻠﺔ)[41].

ومن توسع في النظر، واعتبر بالسنة القولية والفعلية والتقريرية، واعتبر كذلك بما هو من الموقوفات على الصحابة، فيكون التفسير النبوي بذلك كثير. لذا أشار السيوطي إلى كتاب له في هذا الباب توسع في الأخذ بالمنقولات حتى الموقوفات، يقول رحمه الله: (ﻗﻠﺖ: ﻭﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻣﺴﻨﺪا ﻓﻴﻪ ﺗﻔﺎﺳﻴﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭاﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻴﻪ ﺑﻀﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﺃﻟﻒ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺮﻓﻮﻉ ﻭﻣﻮﻗﻮﻑ ﻭﻗﺪ ﺗﻢ ﻭﻟﻠﻪ اﻟﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺠﻠﺪاﺕ ﻭﺳﻤﻴﺘﻪ: “ﺗﺮﺟﻤﺎﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ)[42]. مع أن السيوطي في هذا الكتاب قصد الاقتصار على المنقولات في التفسير دون أي رأي أو إجتهاد فهو يصف كتابه في مقدمة قطف الأزهار بما يلقي الضوء على الكتاب، ومنهجه فيه، يقول: التفسير الملقب (ترجمان القرآن) وهو الوارد بالإسناد المتصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين شاهدوه وتلقوا منه الوحي والتنزيل، وسمعوا منه التفسير والتأويل، وقد تم -ولله الحمد – في خمس مجلدات، وهو مستوعب لغالب آيات القرآن من غير أن أذكر فيه شيئاً عن التابعين، ولا من بعدهم. وهذا لعمري هو التفسير، فإن الكلام في معاني القرآن ممن لم ينزل عليه ولا سمع من المنزل عليه، إنما هو رأي محض، فإن كان موافقاً للقواعد فهو التأويل، وإن خرج عنها وأخطأ المراد فتحريف وتبديل[43])

  • الإشكالات في تحديد مفهوم التفسير النبوي:

إن مما يسبب الإشكال في تحديد مفهوم هذا المصطلح أن الذين تحدثوا عن التفسير النبوي اقتصر أكثرهم على المرفوع فقط دون الموقوفات على الصحابة مما له حكم المرفوع. وقد صرح بذلك خالد الباتلي في كتابه التفسير النبوي.

وفي المقابل توسع البعض في إدراج ما لا يقبل في التفسير النبوي من موقوفات الصحابة مما لا يدخل في القسم الأول (وهو ما له حكم الرفع) فلا شك أن هذا يقع ضمن تفسير الصحابي الذي سنتكلم عنه لاحقا. والواقع أن غير ذلك مما يمكن إدراجه في التفسير النبوي كثير.

وأيضا اشترط بعض المؤلفين في التفسير النبوي الصحة في أحاديث التفسير وهو من باب المنهجية في البحث، وليس من باب التحقيق-لأن مسألة التصحيح والتضعيف يبقى مسألة اجتهادية، قد يصيب الباحث ويخطئ في تصحيح وتضعيف حديث معين. يقول الإمام الترمذي (وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم). وقضية اشتراط الصحة في هذا الباب يجعل الباحث في صراع اجتهادي بين الطرفين، ولعل كلام الدكتور خالد الباتلي يشير إلى هذه الصعوبة: (… وإلى أن هذا الضابط تقريبي، تختلف فيه الانظار، وكم ترددت في إيراد بعض الأحاديث في البحث نظرا في احتمال اندراجها تحت هذا الضابط، أو عدم دخولها فيه، وربما أثبت بعض الأحاديث ثم بدى لي عدم صلاحيته لشرط البحث فحذفته، والعكس كذلك[44]).

وكما يلاحظ على هذا المنهج أيضا أن بعض من تقيد بالصحة فاته كثير من الأحاديث التي تدخل تحت شرطه، اشار إلى هذا أيضا الدكتور خالد الباتلي في التفسير النبوي.

  • وقد أشار مؤلف الصحيح المسبور إلى وجود أحاديث التفسير ما لايندرج تحت تفسير الآيات بشكل مباشر. وهذا يجعل المفسر يختلف مع الآخر في اعتبار بعض الأحاديث تصريحا في تفسير الآية أو استشهادا فقط؟ وبالتالي تبقى للمفسر حرية البحث عن آليات تفسيرية أخر مما قد يعطي معنى مغايرا للأول. وهذه الملاحظة أيضا مفيدة في تمييز ما يجب الرجوع إليه من التفسير النبوي مما يستأنس به.
  • مما ينبغي الإشارة إليه هنا أيضا، أن المتحدثين عن التفسير النبوي ركزوا على اللفظي من السنة في بيان القرآن وأغفلوا الجانب الفعلي منها، فلم يتطرقوا إلى ذكر أفعال النبي بقصد تفسير وبيان معاني القرآن، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت سنته كلها تفسير للقرآن قال ابن حبان في الثقات معلقا على حديث عائشة رضي الله عنها فيما عنها هشام بن عروة عن أبيه قالت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا علمهن إياه جبرائيل حدثناه الطبري قال ثنا بندار قال ثنا بن عثمة قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا هشام بن عروة ويشبه أن يكون معنى التفسير للآية بعينها وأما سنته كلها فهي تفسير القرآن قال الله عز وجل وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ[45]

المطلب الثالث: تفسير الصحابي

وهو ما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم من التفسير، وهو القسم الثالث من التفسير المنقول، ما نقل عن الصحابة مما له حكم الرفع. وقسم هو من اجتهاد الصحابة.

فأما الأول: وهو ما نقل عن الصحابة وله حكم الرفع، فهو ملحق بالتفسير النبوي. هذا فيما يخص التفسير مما روي عن الصحابة، وأما في غير التفسير فله بابه.

هذا النوع، هو الذي أشار إليه الزركشي في نقله كلام الخطابي. إذ رجح الخطابي الأخذ بقول الصحابي اعتمادا على كونه رواية لا رأيا منه[46].قال رحمه الله: ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ، ﺇﺫا ﻗﻠﻨﺎ: ﺇﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺤﺠﺔ؛ ﻗﺎﻝ: ﻭاﻟﺼﻮاﺏ اﻷﻭﻝ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻻ اﻟﺮﺃﻱ.

وكلام الخطابي إنما ينطبق على جزء من تفسير الصحابي، وليس كله، لأن منه ما يتوقف على الصحابي ويكون اجتهادا له، وبالتالي لا يكون له حكم الرفع كما سيأتي. قال النووي في التقريب: (ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻣﺮﻓﻮﻉ ﻓﺬاﻙ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺰﻭﻝ ﺁﻳﺔ ﺃﻭ ﻧﺤﻮﻩ، ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻮﻗﻮﻑ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ.)[47] ومثله ابن صلاح في مقدمته في سبب نزول الآية (نسائكم حرث لكم) فقال: ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺴﻨﺪ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺰﻭﻝ ﺁﻳﺔ ﻳﺨﺒﺮ ﺑﻪ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ، ﻛﻘﻮﻝ ﺟﺎﺑﺮ -ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ -: ((ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﺗﻘﻮﻝ: ﻣﻦ ﺃﺗﻰ اﻣﺮﺃﺗﻪ ﻣﻦ ﺩﺑﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺟﺎء اﻟﻮﻟﺪ ﺃﺣﻮﻝ؛ ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ {ﻧﺴﺎﺅﻛﻢ ﺣﺮﺙ ﻟﻜﻢ … اﻵﻳﺔ}. فأما ﺳﺎﺋﺮ ﺗﻔﺎﺳﻴﺮ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺷﻲء ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -ﻓﻤﻌﺪﻭﺩﺓ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻗﻮﻓﺎﺕ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ)[48].

وقد خلص محمد الحسين الذهبي بعد عرضه لأراء العلماء في المسألة، إلى النتائج الآتية:

ﺃﻭﻻ: ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﺼﺤﺎﺑﻰ ﻟﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺮﻓﻮﻉ، ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺒﺎﺏ اﻟﻨﺰﻭﻝ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺮﺃﻯ ﻓﻴﻪ ﻣﺠﺎﻝ، ﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺮﺃﻯ ﻓﻴﻪ ﻣﺠﺎﻝ، ﻓﻬﻮ ﻣﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﺩاﻡ ﻟﻢ ﻳﺴﻨﺪﻩ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.

ﺛﺎﻧﻴﺎ: ﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻤﺮﻓﻮﻉ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺭﺩﻩ اﺗﻔﺎﻗﺎ، ﺑﻞ ﻳﺄﺧﺬﻩ اﻟﻤﻔﺴﺮ ﻭﻻ ﻳﻌﺪﻝ ﻋﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﺑﺄﻳﺔ ﺣﺎﻝ[49].

ومن هذا الباب، أعطي بعض الموقوفات حكم المرفوع نظرا لموضوعه الذي لا يكون للرأي فيه مجال، كأجور الأعمال، والتحليل والتحريم، وأمور الساعة، وغير ذلك مما لا يمكن أن يقوله الصحابي من قبل الرأي، إنما يكون قد نقله عن طريق السماع، مثل ما يروونه من المغيّبات. مثاله ما روي عن حماد: ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺮﻭﺓ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ” ﺟﻤﻊ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﺇﻻ ﺑﻄﻦ ﻣﺤﺴﺮ ” ﻭﻫﺬا ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎﻝ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ، ﻭﻻ ﺑﺎﻻﺳﺘﺨﺮاﺝ، ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻒ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﻮﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺫﻟﻚ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺬﻩ ﺇﻳﺎﻩ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺛﻢ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ)[50].

لذلك قال الألباني رحمه الله تعالى في ترجيح رفع حديث: «ﺃﺣﻠﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻴﺘﺘﺎﻥ ﻭﺩﻣﺎﻥ. ﺃﻣﺎ اﻟﻤﻴﺘﺘﺎﻥ اﻟﺤﻮﺕ ﻭاﻟﺠﺮاﺩ، ﻭاﻟﺪﻣﺎﻥ ﺃﺣﺴﺒﻪ ﻗﺎﻝ -اﻟﻜﺒﺪ ﻭاﻟﻄﺤﺎﻝ)[51]. هذا الحديث مع كونه مرفوع في بعض طرقه، إلا أن الدار القطني أخرجه ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻥ اﻟﻤﻮﻗﻮﻑ ﺃﺻﺢ. ﻭﺭﺟﺢ اﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﺃﻳﻀﺎ اﻟﻤﻮﻗﻮﻑ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﻟﻪ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﻓﻊ). قال الألباني: اخرجه البيهقي وغيره مرفوعا وموقوفا، وإسناد الموقوف صحيح، وهو في حكم المرفوع، لأنه لا يقال من قبل الرأي[52]). قال الحاكم أبو عبد الله الحاكم: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل، عند الشيخين حديث مسند[53]).

ﻭاﻟﻤﺤﻘﻘﻮﻥ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻛﺎﻟﺤﺎﻓﻆ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ: ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻗﻮاﻝ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻟﻬﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺮﻓﻮﻉ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺸﺮﻃﻴﻦ: اﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﺮﺃﻱ ﻓﻴﻪ، ﻛﺄﺳﺒﺎﺏ اﻟﻨﺰﻭﻝ، ﻭﺃﺣﻮاﻝ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭاﻟﻴﻮﻡ اﻵﺧﺮ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ. اﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﺑﺎﻷﺧﺬ ﻋﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎﺏ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﻠﻤﻮا، ﺃﻱ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﺮﻭاﻳﺔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺎﺕ)[54].

والخلاصة أن هذا النوع من تفسير الصحابي لا خلاف بين العلماء في قبوله والأخذ به، لأنه يعتبر بيانا نبويا للقرآن الكريم.

والقسم الثاني من جهة النقل، الذي وقع فيه اختلاف في الأخذ به، هل يجب الأخذ به أم لا. وهو تفسير التابعين والصحابة فيما يظهر فيه المجال للاجتهاد، فإن تفسيرهم وتفسير التابعين كان محل أخذ ورد بين المفسرين، بين من يعتمد عليه ويأخذ به، ومن لا يرى ذلك. ولا يمكن ذكر الإسرائيليات هنا لوضوح أقسام ذلك من السنة. إنما يتردد الأمر بين جهتين.

أولا: تفسير الصحابي، فيما يظهر فيه مجال للرأي، ولم يصرح الصحابي بنقله.

فإنه لا شك أن الصحابة رضوان الله عليهم اجتهدوا في تفسير القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وبعد حياته. وقد اشتهر عدد من الصحابة بالتفسير، وأخذ عنهم الناس ، وانتشرت تفاسيرهم في الأمصار. فبهذا يعلم أن اجتهاد الصحابة مر بمرحلتين مهمتين.

المرحلة الأولى: اجتهادهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان الوحي ينزل. وذلك لا يخرج عن أحد الحالتين:

الحالة الأولى: أن يكون اجتهادهم صوابا يوافقهم القرآن ويؤكد اجتهادهم، فيكون من الموافقات أو يقرّ الرسول عليه السلام اجتهادهم.

فقد اجتهد الصحابة في تفسير بعض الآيات، ووفقوا في اجتهادهم بعد أن علم به رسول الله فلم ينكر عليهم إنما أقرهم على ذلك فدل ذلك على جوازه وأنه هو الصواب، إذ لا يقر صلى الله عليه وسلم الخطأ، ومن ذلك: الأثر المروي عن عمرو بن العاص، قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن اغتسل فأهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي – صلى الله عليه وسلم -, فقال: “يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ ” فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن اللة كان بكم رحيما[55]} فضحك رسول الله – صلى الله عليه وسلم -ولم يقل شيئا[56]) قال العيني الفوائد المستخرجة من هذا الحديث: جواز الاجتهاد في زمن النبي- عليه السلام- في غيبته، وهو مذهب بعض الأصوليين[57])

الحالة الثانية: أن يُصَحّح الرسول فهمهم للآية:

ربما اجتهد الصحابي في تفسير الآية فلا يصادف الصواب ولا يهتدي إلى المراد الصحيح، فيصحح النبي ويصوبه ومثاله: تفسيرهم الظلم، في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ[58]) فقد فهم الصحابة أن الظلم عام يشمل جميع أنواعه، وذلك بقولهم: (وأينا لم يظلم نفسه)، فأخبرهم الرسول بالمراد بالظلم في الآية، وأنه الشرك. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال: ” لما نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم[59]) قال أصحابه: وأينا لم يظلم؟ فنزلت: {إن الشرك لظلم عظيم [60])” وفي رواية: شق ذلك على الناس، قالوا: يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال: “إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا قول العبد الصالح: {يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ؟ إنما هو الشرك[61])

ومنه حديث عدي بن حاتم، في قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ[62]} حيث عمد رضي الله عنه إلى عقالين أبيض وأسود يحاول بذلك تفسير الخيط الأبيض والخيط الواردين في الآية، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: لما نزلت: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} من الفجر قال له عدي بن حاتم: يا رسول الله، إني أجعل تحت وسادتي عقالين: عقالا أبيض وعقالا أسود، أعرف الليل من النهار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل، وبياض النهار[63])

ففي هذين المثالين يظهر أن الصحابة فهموا الآية على معنى محتمل، لكنه غير المراد، فأرشدهم الرسول إلى المعنى المراد بالآية، ولم ينههم عن تفهّمِ القرآن إلا بالرجوع إليه، فإنهم حملوا تلك الآيات على ما حملوها عليه حتى بين الله عز وجل لهم في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن الذي أراده خلاف ما ظنوه وكذلك ما كان من قصة ابن أم مكتوم وأبي أحمد لما تلا عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلا ظنا أنهما من المفضولين فيما تلاه عليهما فبين الله عز وجل لهما بإنزاله على رسوله صلى الله عليه وسلم {غير أولي الضرر[64]} أنه لم يردهما.

المرحلة الثانية: اجتهادهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، كاجتهادهم في الإخوة مع الجد في باب الميراث.

فهذه الحالة هي التي يقصدها أكثر المتحدثين عن اجتهاد الصحابة في التفسير، للاحتجاج، وهو الذي وقع فيه الاختلاف بين العلماء، لأن المرحلة السابقة قد عرف صوابها بتصحيح النبي صلى الله عليه وسلم لهم أو إقراره لهم، ولا يجوز الاختلاف فيه بعد تصحيح النبي صلى الله عليه وسلم. فبقي ان يكون المقصود من تفسير الصحابي الذي يتحدث عنه العلماء هو هذا النوع. ويظهر هذا من كلام الزركشي عند حديثه عن تفسير الصحابة.

فقال رحمه الله: واعلم أن القرآن قسمان: أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره وقسم لم يرد.

والأول ثلاثة أنواع: إما أن يرد التفسير عن النبي صلى الله عيه وسلم أو عن الصحابة أو عن رؤوس التابعين فالأول يبحث في عن صحة السند والثاني ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك وإن تعذر قدم ابن عباس لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بذلك حيث قال: “اللهم علمه التأويل” وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض لقوله صلى الله عليه وسلم: “أفرضكم زيد” فإن تعذر الجمع جاز للمقلد أن يأخذ بأيها شاء [65]). فتفسير الصحابي متى تعلق بما له حكم الرفع، فلا اختلاف. وأما إذا اجتهد، فالخلاف فيه ظهر.

قال محمد الذهبي: ﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻮﻗﻒ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻈﺎﺭ اﻟﻌﻠﻤﺎء: ﻓﺬﻫﺐ ﻓﺮﻳﻖ: ﺇﻟﻰ ﺃﻥ اﻟﻤﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺎﺑﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻻ ﻳﺠﺐ اﻷﺧﺬ ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻌﻪ، ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ اﺟﺘﻬﺪ ﻓﻴﻪ، ﻭاﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻳﺨﻄﺊ ﻭﻳﺼﻴﺐ، ﻭاﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻰ اﺟﺘﻬﺎﺩﻫﻢ ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ.

ﻭﺫﻫﺐ ﻓﺮﻳﻖ ﺁﺧﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ اﻷﺧﺬ ﺑﻪ ﻭاﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻴﻪ، ﻟﻈﻦ ﺳﻤﺎﻋﻬﻢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻷﻧﻬﻢ ﺇﻥ ﻓﺴﺮﻭا ﺑﺮﺃﻳﻬﻢ ﻓﺮﺃﻳﻬﻢ ﺃﺻﻮﺏ، ﻷﻧﻬﻢ ﺃﺩﺭﻯ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ، ﺇﺫ ﻫﻢ ﺃﻫﻞ اﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﻟﺒﺮﻛﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﺄﺧﻼﻕ اﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻭﻟﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﻩ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاﺋﻦ ﻭاﻷﺣﻮاﻝ اﻟﺘﻰ اﺧﺘﺼﻮا ﺑﻬﺎ، ﻭﻟﻤﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺘﺎﻡ ﻭاﻟﻌﻠﻢ اﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻋﻠﻤﺎﺅﻫﻢ ﻭﻛﺒﺮاﺅﻫﻢ ﻛﺎﻷﺋﻤﺔ اﻷﺭﺑﻌﺔ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻭاﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ)[66]. وقال محمد لطفي (فإن كان مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث، له حكم الحديث أي يكون حجة إن صح سنده، إن لم يكن مرفوعا ننظر فيه فإن كان متعلقا بأسباب النزول أو بما لا يكون من قبيل الرأي والاجتهاد أعطي حكم المرفوع وكان حجة إن صح سنده.

. أما إذا كان من قبيل الاجتهاد والاستنباط أو ليس متعلقا ً بأسباب النزول كان موقوفا على الصحابي.

ويتحصل من ذلك أن التفسير المروي عن الصحابي إن كان متعلقا ً بأسباب النزول أو بما لا يمكن أن يكون من قبيل الرأي والاجتهاد كان ملزما، وكذاك إن كان تفسيرا يعتمد على اللغة التي هم أدرى الناس بها فهو ملزم أيضا ً. أما الشيء الذي ليس داخلا فيما ذكرناه فهو بشكل عام غير ملزم. وينظر إلى كل رأي على حدة)[67].

المطلب الرابع: تفسير التابعين

تفسير التابعين هو: ما نقل عن التابعين من بيان للقرآن الكريم، وليس نقلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة. ﻗﺎﻝ اﻟﺰﺭﻛﺸﻲ: ﻭﻓﻲ اﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ اﻟﺘﺎﺑﻌﻲ ﺭﻭاﻳﺘﺎﻥ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﺧﺘﺎﺭ اﺑﻦ ﻋﻘﻴﻞ اﻟﻤﻨﻊ ﻭﺣﻜﻮﻩ ﻋﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻓﻪ ﻓﻘﺪ ﺣﻜﻮا ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﺃقوالهم… فهذه ﺗﻔﺎﺳﻴﺮ اﻟﻘﺪﻣﺎء اﻟﻤﺸﻬﻮﺭﻳﻦ ﻭﻏﺎﻟﺐ ﺃﻗﻮاﻟﻬﻢ ﺗﻠﻘﻮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻟﻌﻞ اﺧﺘﻼﻑ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻗﻮاﻟﻬﻢ ﻭﺁﺭاﺋﻬﻢ( [68]

قال ابن تيمية: ﺇﺫا ﻟﻢ ﺗﺠﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻻ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ، ﻭﻻ ﻭﺟﺪﺗﻪ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ، ﻓﻘﺪ ﺭﺟﻊ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﻮاﻝ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻛﻤﺠﺎﻫﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﺮ …. ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻌﺒﺔ ﺑﻦ اﻟﺤﺠﺎﺝ ﻭﻏﻴﺮﻩ: ﺃﻗﻮاﻝ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻭﻉ ﻟﻴﺴﺖ حجة، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ؟ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ، ﻭﻫﺬا ﺻﺤﻴﺢ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫا ﺃﺟﻤﻌﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻲء ﻓﻼ ﻳﺮﺗﺎﺏ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﺠﺔ؛ ﻓﺈﻥ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻮﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ، ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻟﻐﺔ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺃﻭ اﻟﺴﻨﺔ، ﺃﻭ ﻋﻤﻮﻡ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺮﺏ، ﺃﻭ ﺃﻗﻮاﻝ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ[69]) .

الخاتمة: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبكرمه وفضله تتحقق المقاصد والغايات ثمّ الصّلاة والسّلام على المبعوث رحمة للعالمين. أولا: النتائج بالاختلاف في التفسير: 1: أن يكون في الآية الواحدة قراتان أو قرأءات، فيفسر كل مفسر على حسب قراءة مخصوصة، فيظن ذلك اختلافا، وليس اختلافا. 2: أن يفسر اللفظ بألفاظ متقاربة، وكلها تعود إلى معنى واحد، ومن أمثلته: تفسير قوله تعالى: {والليل وما وسق} وقوله تعالى: {والقمر إذا اتسق} وغيرها. ثانيا: التوصيات.: 1: اختلاف في العبارة، مع اتفاق في المعنى: فهذا عده كثير من المؤلفين خلافا، وليس في الحقيقة بخلاف لاتفاق معناه، وجعلناه نحن قولا واحدا، وعبرنا عنه بأحد عبارات المتقدمين، أو بما يقرب منها، أو بما يجمع معانيها.

2: اختلاف في التمثيل لكثرة الأمثلة الداخلة تحت معنى واحد، وليس مثال منها على خصوصه هو المراد، وإنما المراد المعنى العام التي تندرج تلك الأمثلة تحت عمومه، فهذا عده أيضا كثير من المؤلفين خلافا، وليس في الحقيقة بخلاف لأن كل قول منها مثال، وليس بكل المراد، ولم نعده نحن خلافا: بل عبرنا عنه بعبارة عامة تدخل تلك تحتها، وربما ذكرنا بعض تلك الأقوال على وجه التمثيل، مع التنبيه على العموم المقصود.

3: اختلاف المعنى فهذا هو الذي عددناه خلافا، ورجحنا فيه بين أقوال الناس حسبما ذكرناه في خطبة الكتاب.

4: اختلاف صوري أو تنوع أو لفظي، وهو لا ينبغي حكاية الاختلاف فيه ولا تقسيم الأقوال بناء عليه، لأنه قول واحد ويصبو إلى معنى واحد، وادعاء الاختلاف فيما لا اختلاف فيه تكلف. قائمة المراجع الأولية

  • مذهب الحنفية
  • أحكام القرآن لأبي جعفر احمد بن محمد بن سلمة الازدي الطحاوي الحنفي المتوفى 321هـ
  • أحكام القرآن لأبي الحسن علي بن موسى بن يزداد القمي الحنفي المتوفى 350هـ
  • أحكام القرآن لأحمد بن علي الرازي ، المشهور بالجصاص الحنفي المتوفى 370هـ
  • تهذيب أحكام القرآن جمال الدين محمود بن مسعود المعروف بابن سراج القونوي الحنفي المتوفى 770 هـ

مذهب المالكية

  • أحكام القرآن : لأبي عبد الله محمد بن سحنون القيرواني المتوفى 255 هـ.
  • أحكام القرآن : القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل المالكي المتوفى282ه
  • أحكام القرآن : القاضي أبو بكر بن محمد بن بكير البغدادي المالكي المتوفى305 هـ
  • أحكام القرآن : لأبي الحكم منذر بن سعيد بن عبد الله بن نجيح القاضي البلوطي المالكي المتوفى355 هـ
  • مذهب الشافعية
  • أحكام القرآن : للإمام الشافعي المتوفى204 جمعه الإمام أبو بكر احمد بن الحسن البيهقي النيسابوري المتوفى458
  • أحكام القرآن : لأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الشافعي المتوفى240
  • أحكام القرآن : لعماد الدين أبى الحسين علي بن محمد الطبري المعروف بالكيا الهراسي الشافعي المتوفى 504
  • الإكليل في استنباط التنزيل :جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفى المتوفى911 هـ
  • مذهب الحنابلة
  • أحكام القرآن : لأبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي المتوفى 458هـ أحكام الراي في أحكام الآي : شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنبلي المتوفى776 هـ
  • أزهار الفلاة في آية قصر الصلاة : مرعي بن يوسف بن ابي بكر الكرمي المقدسي الحنبلي المتوفى 1033هـ.

المصادر الأخر

  • مذاهب التفسير الإسلامي، نويسنده عبد الحليم، الناشر: مكتبة الخانجي
  • أثر القراءات القرآنية في توجيه المعنى التفسير، د.أحمد قاسم عبد الرحمن
  • التدابير الواقية من التعصب المذهبي وأثرها على أمن المجتمع بحث مقدم استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في العدالة الجنائية / مجلي بن عبد الرحمن بن عبد العزيز المجلي الرقم(4260295) إشراف أ.د. محمد بن يحيي النجيمي
  • مناهج الفقهاء في أستنباط الأحكام وأسباب اختلافهم / أ.د.قحطان عبد الرحمن الدوري .الطبعة الأولى لبنان 1436هـ- 2015م
  • استنباط الأحكام من القصص القرآني تطبيقات معاصرة /آدم شميم بن إبراهيم أصل لنيل درجة الماجستير 2009م

الهوامش:

  1. – الجامع الصحيح المختصر للإمام البخاري، ﺑﺎﺏ ﺗﺤﺮﻳﺾ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺓ اﻟﻠﻴﻞ ﻭاﻟﻨﻮاﻓﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺇﻳﺠﺎﺏ، ج٢، ص: ٥٠.
  2. – نهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة : تامر محمد محمود متولي الناشر: دار ماجد عسيري

    الطبعة: الأولى 1425هـ-2004م ص 115

  3. – البرهان في علوم القرآن ، الزركشي ؛ ج ٢، ص: ١٧١.
  4. تفسير الماوردي – النكت والعيون ، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الحبيب البصري ، البغدادي ،الشهيربالماوردي، المحقق : السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ، لبنان. ج١، ص: ٣٧.
  5. – البرهان في علوم القرآن، ج2، ص: 172
  6. – أصول التفسير وقواعده، خالد، ط2، 1406هـ – 1986 م دار النفائس، ص: ١١١.
  7. – مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، ج٢، ص:١١
  8. – التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، الناشر : الدار التونسية للنشر – تونس، سنة النشر: 1984 هـ ج1، ص: 25.
  9. – معالم التنزيل في تفسير القرآن، محيي السنة، أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي الطبعة: الأولى، 1420 هـ ،المحقق: عبد الرزاق المهدي، الناشر: دار إحياء التراث العربي –بيروت ج١ ، ص:٩.
  10. – مقدمة في أصول التفسير، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن عبد الله بن أبي القاسم الخضر النميري الحراني الدمشقي الحنبلي، أبو العباس، تقي الدين ابن تيمية، ط2، 1392هـ – 1972م، المحقق: عدنان زرزور ، ص: ٣٩.
  11. – مصادرالتفسير: تفسير القرآن بالقرآن ، مساعد الطيار، مجلة البيان، السنة العاشرة العدد 95، رجب 1416هـ، ديسمبر 1995
  12. – البرهان في علوم القرآن، الزركشي، بتصرف ج٢، ص:١٨٣.
  13. – أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي، الناشر : دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت – لبنان، عام النشر : 1415 هـ – 1995 مـ ج١، ص: ٤.
  14. التفسير والمفسرون ، محمد الحسين الذهبي، ج٢، ص: ٣٣
  15. – أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين المختار الشنقيطي، ج١؛ ص: ١٧.
  16. – مجموع الفتاوى، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم

    الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية عام النشر: 1416هـ/1995م ج١٣: ص: ٢٧.

  17. – إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد، ابن الوزير، محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسني القاسمي، أبو عبد الله، عز الدين اليمني، الطبعة: الثانية، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، 1987م ، ص:١٥٢.
  18. سورة النحل، الآية:٤٤
  19. – تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، المحقق: محمود حسن، الناشر: دار الفكر

    الطبعة: الطبعة الجديدة 1414 هـ/1994 م ، ج٤، ص: ٤٩٣.

  20. سورة القيامة، الآية: ١٦ – ١٩.
  21. – تفسير الطبري ، ج٢، ص: ١٨١.
  22. – مجموع الفتاوى ، ابن تيمية ، ج١٧؛ ص: ١٨١
  23. – سورة الحاقة، الآية: ٤٤ – ٤٧
  24. – لمحات من التفسير النبوي للقرآن الكريم، كفايت الله همداني( تلخيص الدراسة) ص:٧. والأستاذ كفايت أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها بالجامعة الوطنية للغات الحديثة، إسلام آباد.
  25. – مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير ، مساعد الطيار ، ط١، رجب ١٤٢٥ه‍، مكتبة المحدث للنشر والتوزيع، ص: ١٣٩.
  26. – التفسير النبوي ، مقدمة تأصيلية مع دراسة حديثية لأحاديث التفسير النبوي الصريح، خالد عبد العزيز الباتلي، ط١، -١٤٣٢ ه‍ ٢٠١١م ، دار الكنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، ص: ٥٥
  27. – سورة الزمر، الآية: ٦٧.
  28. – سورة يونس، الآية: 64
  29. – سورة الشعراء، الآية: 213
  30. – سورة النجم، الآية: 31
  31. – مقال بعنوان: ( ملامح من المنهج النبوي في بيان معاني القرآن، بشرى غرساوي، نشرها موقع مركز الدراسات القرآنية تحت الرابطة المحمدية للعلماء سنة 1440ﻫ/2019م: http://alquran.ma/Article.aspx?C=5600

    وانظر: تفسير القرآن بالسنة النبوية عند الصحابة -رضوان الله عليهم، عبدالرحمن عادل المشد منشور في موقع: ملتقى أهل التفسير بتاريخ: 28/10/1435 – 24/08/2014م : https://vb.tafsir.net/tafsir40307/#.XMxwMeUzbIU

  32. – سورة الأنعام، الآية: 82,
  33. – جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري ج11، ص: 496.
  34. – سورة البقرة، الآية: 24
  35. – الجامع الصحيح المختصر،للإمام البخاري، ج 3، ص: 1191
  36. سورة الكهف ، الآية : 57
  37. – المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث (1218)
  38. – التفسير النبوي مُقَدِّمَةٌ تَأْصِيْلِيَّةٌ مَعَ دِرَاسَةٍ حَدِيثِيَّةٍ لِأَحَادِيْثِ التَّفْسِيْرِ النَّبَوِيِّ الصَّريح، خالد بن عبد العزيز الباتلي، الناشر: دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، الرياض – المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1432 هـ – 2011 م ص: 59- 65. باختصار.
  39. سورة النحل: ٤٤
  40. – الإتقان في علوم القرآن ، السيوطي ج٤؛ ص: ٢٩٩.
  41. – الاتقان في علوم القرآن، السيوطي، ج٤؛ ص: ٢٠٨.
  42. المرجع نفسه ج٤، ص: ٢٢٢.
  43. – قطف الأزهار في كشف الأسرار للإمام جلال الدين السيوطي، ط11414هـ-1994م ج، تحقيق أحمد محمد الحمادي، الدوحة: إدارة الشؤون الإسلامية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ج1، ص: 89.
  44. – التفسير النبوي، خالد الباتلي، ص: ٢١.
  45. – الثقات، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي، ط1، 1393 ه‍ -1973م الناشر: دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند، ج7، ص: 396
  46. – البرهان في علوم القرآن، الزركشي؛ ج٢؛ ص: ١٥٧.
  47. – التقريب والتيسيرلمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث، أبو زكريا محي الدين بن شرف الدين النووي ، ط١ ١٤٠٥ه‍، تحقيق: محمد عثمان الخشت، الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت، ص: ٣٥.
  48. – معرفة انواع الحديث، عثمان عبد الرحمن ، ابو عمرو ، تقي الدين المعروف بابن صلاح، ط١، ١٤٢٣ه‍، تحقيق: عبد اللطيف الهميم، وماهر ياسين الفحل، االناشر: دار الكتب العلمية.ص: ١٢٥.
  49. التفسير والمفسرون، محمد الحسين الذهبي، ج١، ص:
  50. – أحكام القرآن الكريم ابو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، ط1 إستانبول 1418هـ-1998م التحقيق: سعد الدين أونال، ج٢، ص: ١٦٨
  51. – الأم للإمام الشافعي؛ محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع الهاشمي القرشي المطلبي، أبو عبد الله، المحقق: رفعت فوزي عبد المطلب، الناشر: دار الوفاء، سنة النشر: 1422 – 2001 ج٢؛ ص: ٢٥٦. والحديث ﺃﺧﺮﺟﻪأيضا اﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭاﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻣﻦ ﺭﻭاﻳﺔ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ.
  52. – منزلة السنة في الأسلام وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن، محمد ناصر الدين الألباني، ط٤، ١٤.٤ه‍، دار السلفية، ص:٩.
  53. – المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع، الطبعة: الأولى، 1411 – 1990، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، ج2، ص: 283.
  54. – الإسرائيليات والموضوعات في تب التفسير، محمد بن محمد بن سويلم أبو شهبة، ص:٥٤.
  55. – سورة النساء، الآية: 29.
  56. – سنن أبي داود، باب إذا خاف الجنب البرد، أيتيمم؟، أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني، الطبعة: الأولى، 1430 هـ – 2009 م، المحقق: شعَيب الأرنؤوط – محَمَّد كامِل قره بللي، الناشر: دار الرسالة العالمية، ج1، ص: 249.
  57. – شرح سنن أبي داود، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى، الطبعة: الأولى، 1420 هـ -1999 م ، المحقق: أبو المنذر خالد بن إبراهيم المصري، الناشر: مكتبة الرشد – الرياض، ج2، ص: 150
  58. – سورة الأنعام، الآية: 82،
  59. – سورة الأنعام، الآية 82
  60. – سورة لقمان، الآية: 13
  61. – المسنَد الصَّحيح المُخَرّج عَلى صَحِيح مُسلم، أبو عَوانة يَعقُوب بن إسحَاق الإسفرَايينيّ ، الطبعة: الأوُلى، 1435 هـ – 2014 م، تحقيق عَبَّاس بن صفاخان بن شهَاب الدّين، الناشر: الجَامِعَة الإسلاميَّة، المملَكة الْعَرَبيَّة السَّعُودية، ج1، ص:440
  62. – سورة البقرة، الآية: 187
  63. – المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج2، ص: 766.
  64. سورة النساء: 95.
  65. — البرهان في علوم القرآن، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، ج2، ص: 221
  66. التفسير والمفسرون، محمد الحسين الذهبي، ج١، ص:
  67. لمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير، الدكتور محمد لطفي الصباغ، ط3، 1410هـ- 1990م، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت ص: ٧.
  68. – البرهان في علوم القرآن ج٢، ص: ١٥٨.
  69. – مقدمة في أصول التفسير، ابن تيمية، ص: ٤٦.