أثر اختلاف القراءات المتواترة في تفسير سورة البقرة من خلال جزء الأول (جمعا و دراسة وتوجيها)

أحمد علي أحمد1 سليمان حمدان آدم الرضى1

1 كلية الآداب، جامعة كردفان، السودان.

HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4110

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/01/2023م تاريخ القبول: 10/12/2022م

المستخلص

تناولت هذه الدراسة موضوع “أثر اختلاف القراءات المتواترة الواردة في تفسير سورة البقرة من خلال جزء الأول- جمعا و دراسة و توجيها-“، حيث قام الباحث بتتبع القراءات القرآنية العشر المتواترة التي أوردها أبو حيّان في تفسيره وغيره، ثّم نسبتها لمن قرأ بها من القرّاء العشرة، معتمدة على كتب القراءات وكتب التفسير، وبعد تتبعه للقراءات المتواترة، قام الباحث بتوجيه القراءات بالاعتماد على كتب التوجيه، وكتب القراءات، وكتب التفاسير وغيرها.

وقد اتبعت هذه الدراسة المنهج الاستقراء، حيث تتبعت الآيات التي اشتملت وجوها عدة من القراءات، مرتبة إياه حسب نسقها في المصحف، مبيّنة ما فيها من متواتر وشاذ وتوثيقها من مظانّها مع نسبتها لأصحابها في الغالب، ثم أتبع كلّ قراءة توجيهها، وكذلك المنهج الوصفي والاستنباطي للدلالات التي يتسع لها المعنى عند اختلاف القراءات .وقد اشتملت هذه الدراسة إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة.

في المقدٌمة بينّ الباحث مشكلة البحث، واهمية الدراسة وأهدافها وأسباب اختيار الموضوع ومنهج البحث والدراسات السٌابقة.

الفصل الاول: وفيه تعريف بأهم الامور المتعلقة بالقراءات ونشأتها، وأنواعها،

الفصل الثاني: ومن أهم ما خلصت إليه الدراسة ما يلي:

يُعدّ كتاب أبي حيّان في التفسير وغيره من الكتب التي أعطت القراءات القرآنية المتواترة حقّها، بذكرها ونسبتها لأصحابها وتوجيهها في أغلب الأحيان؛ فكان بذلك بحراً محيطاً.

مقدمة البحث وأساسياته

مقدمة:

الحمد الذي أنزل القرآن على عبده تبيانا لكل شيء وهداية للعالمين إلى يوم الدّين، والصلاة والسلام على من لم ينقص من القرآن حرفاً محمد المبعوث رحمة للعالمين أما بعد:

القرآن الكريم هو كتاب الله الذي أحكمت آياته وأتقنت فصوله واختيرت كلماته واتفقت مبانيه فلا يوجد فيه اختلاف ولا تناقض، كقوله عز وجل:﴿ ِلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ﴾سورة فصلت 42: وهو الكتاب المنزل على خير مبعوث وأكرم مرسل وهو دستور الخالق الأعظم ومنهاج الحق الأقوم الذي أقامه الحق سبحانه ليبني به الأمم وينقذ به الشعوب ويسعد به الجماعات البشرية كلها.

وعلم القراءات القرآنية من أهم العلوم التي حظيت باهتمام المسلمين منذ نهضتهم الأولى على يد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) وصحابته الكرام إلى يومنا هذا، وقد تجرد لخدمة هذا العلم عدد كبيرٌ من علماء الإسلام لتعلقه بكتاب الله تعالى وهو أحد مزاياه الذي اختصه الله تعالى به إذ أنزله على وجوه القراءات المختلفة، وتكفل بحفظه وترتيله على الوجه الذي أنزل، فجاء مُصرَّفًا على أوسع اللغات، تيسيرًا للأمةٍ ورفعًا للحرج عنها، وما ذاك إلا دليلاً من دلائل إعجازه وبديع نظمه، ولمَّا كان للقراءات القرآنية أثرٌ بالغٌ في استنباط المعاني، وأهمية جليلة في إبراز جانب من جوانب إعجاز كتاب الله تعالى.

ولقد ظل علماء اللغة ولا يزالون عبر التاريخ يدرسون لغة القرآن الكريم من نواحيها المختلفة النحوية والصرفية والدلالية وغيرها، وقد أردت أن أدلي بدلوي في هذا المجال، بدراسة لغة القراءات القرآنية المتواترة، وذلك إبراز معاني المباني التي اختلف القراء العشرة فيها فكان اختيار عنوان بحثي بتوفيق من الله تعالى إلى موضوع ( أثر اختلاف القراءات المتواترة في تفسير سورة البقرة ) (جمعا ودراسة وتوجيها)، وإنَّ اسهام هذا البحث متواضعة لخدمة القرآن الكريم وقراءاته، من خلال بيان مفهوم الاختلاف في القراءات القرآنية وتوجيهها توجيها يبين معنى الآية المقصود سواء كان التوجيه بالمعنى أو التفسير، لذلك جعلت دراستي في هذا المجال لبياّن أوجه القراءات، ومقاصد هذا الاختلاف، وأسأل الله أن أكون قد وفقت في عرض الموضوع على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه، والله من وراء القصد.

أسباب الاختيار:

فإن هذا الموضوع – في نظري – جدير بالبحث ليكون رسالة أقدمها بعد مرحلة (بكالوريوس، والتمهيد) للحصول على درجة التخصص العالي ” الماجستير”، وذلك الأسباب جمعتها في النقاط الآتية:

الحرص على خدمة كتاب الله سبحانه وتعالى وإبراز وجه من وجوه إعجازه التي لا تحصى ولا تعد.

الإسهام في بيان معاني الآيات القرآنية باختلاف قراءتها، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تقارب أفهام المسلمين للقرآن الكريم نتيجة تقارب الدلالات المستنبطة من آيات القرآن الكريم.

إعطاء تفسير القرآن الكريم لون من ألوان المعرفة في علم القراءات القرآنية.

قلة الدراسات الحديثة في بيان طبيعة اختلاف القراءات المتواترة بصورة شاملة وميسرة.

اشتمال سورة البقرة على الكثير من أوجه اختلاف القراءات المتواترة.

افتقار المكتبات الي رسالة علمية محكمة تتناول اختلاف القراءات المتواترة في سورة البقرة (جمعا ودراسة وتوجيها).

أهمية البحث

وتنبع أهمية الموضوع من اعتبارات أهمها:

تعلق موضوع هذه الدراسة بأشرف كتاب على وجه الأرض قاطبة، ألا وهو القرآن الكريم

حداثة هذا الموضوع من حيث العرض بشكل مستقل وإن كانت جذور هذا العلم وأصوله موجودة في كتب التفسير وعلوم القراءات وغيرها.

تكمن أهمية هذا الموضوع في كونه يعالج قضية هامة وهو موضوع ذو صلة وثيقة بكتاب الله تعالى فيها من حيث بيان أثر اختلاف القراءات المتواترة في سورة البقرة، وإبطال الشبهات التي تثار بين الحين والآخر على كتاب الله زورا وبهتانا.

يبين هذا الموضوع باختلاف القراءات المتواترة والحكمة منها وما يترتب هذا من المعنى والتفسير.

يساهم هذا البحث في الكشف عن المناهج المفسرين في تفسير القرآن بالقراءات المتواترة، بما يراعي قواعدهم، ويتناسب مع متطلبات العصر.

يكشف الغطاء عن حقيقة طبيعة اختلاف القراءات المتواترة، ويبرز كذلك أن لهذا الاختلاف إعجازًا بالغًا يدل على دلالة واضحة على نفي التضاد والتناقض والتنافر بين القراءات، مهما حاول المغرضون أن يثبتوا ذلك.

مشكلة البحث:

تتمثل مشكلة البحث السؤال المحوري الرئيسي التالي: ما هو أثر اختلاف القراءات المتواترة في تفسير سورة البقرة؟

أسئلة البحث:

ما المقصود بالقراءات المتواترة ؟

ما هو فوائد اختلاف القراءات القرآنية؟

ما هي علاقة التفسير بالقراءات القرآنية ؟

هل قراءات القرآنية تمنح لونا جديد في التفسير؟

هل اختلاف بين القراءات القرآنية تسبب خلافات بين الأمة الإسلامية ويلحق بالقرآن عيبا؟

ما هو أثر اختلاف القراءات المتواترة في تفسير القرآن ؟

ما المراد بالأحرف السبعة التي وردت في الأحاديث النبوية الصحيحة ؟

فروض البحث:

يفترض الباحث في هذا البحث الآتي:

القراءات المتواترة هي القراءات التي صح سنده بنقل الضابط عن الضابط إلى منتهاه ووافق قواعد اللغة العربية والرسم العثماني.

إن تعدد القراءات القرآنية واختلافها فوائد جليلة واثارا بالغة في تفسير كتاب الله تعالى واستنباط المعاني الجديدة.

يربط تفسير القرآن بالقراءات في جوانب كثيرة تساعده في استنباط الأحكام الشرعية والقواعد الفقهية.

تمنح علم القراءات لونا جديدا لتفسير القرآن وتسنده في توضيح المعاني وتزيل عنه الغموض والمبهمات في بعض الآيات في التفسير القرآن ولا يخفى مافي ذلك من الإعجاز.

يعتقد بعض الناس أن الاختلاف بين القراءات يلحق بالقرآن عيبا، والبعض الآخر لا يؤمنون بنزولها من عند الله، فيقترحون الاكتفاء بواحدة أو برواية منها، لأن هذه القراءات-في رأيهم-تسبب خلافات بين الأمة الإسلامية في قراءة القرآن وتطبيق أحكامه.

يتوهم بعض الناس وجود إشكالية في المراد بالأحرف السبعة التي وردت في الأحاديث النبوية الصحيحة مع نسيان المناسبات التي قيلت فيها، والأسباب التي تولدت منها.

أهداف البحث:

أما أهداف البحث في هذا البحث كما يلي:

معرفة القراءات المتواترة في سورة البقرة .

ابراز جانب من الحكم والفوائد الناتجة من تعدد القراءات القرآنية.

توضيح علاقة بين القراءات القرآنية والتفسير في سورة البقرة.

بيان معاني بالأحرف السبعة التي وردت في الأحاديث النبوية الصحيحة

معرفة أثر أوجه الاختلاف القراءات القرآنية في تفسير سورة البقرة من حيث المعني واللغوية.

بيان أهمية اختلاف القراءات، والحاجة الماسة إليها، فهي مصدر مهم من مصادر التفسير.

بيان الآية التي قرئت بأكثر من وجه وتفسيرها؛ فيكون الباعث على ذلك التوضيح والإفهام والمعنى.

بيان معرفة اختلاف القراءات المتواترة ومعرفة قرائها ورواتهم من الجانب النظري.

معرفة تأثير هذه الخلافات التنوعية بين القراءات المتواترة في مناهج المفسرين في تفسيرهم.

منهج البحث:

اتبع الباحث في دراسته المنهج الاستقرائي في تتبع مواضع الآيات التي ترد فيها القراءات القرآنية المتواترة ثم نسبتها لمن قرأ بها من القراء، وكذلك المنهج الوصفي كالاستنباطي للدلالات التي يتسع لها المعنى عند اختلاف القراءات، وذلك من خلال ما يلي:

يتناول هذا البحث لموضوع عند القراءات المتواترة وعلاقتها بالتفسير مع بيان أوجه القراءات حول كلمات القرآنية ومعرفة أقوال العلماء في أحرف السبع وفوائدها وحكمة فيها.

بيان اختلاف القراءات والقراء العشرة في قراءتهم لكل موضع موثقًا ذلك من كتب القراءات المعتمدة.

معرفة أنواع القراءات وأقسامها وللأثار التي تتعلق بها من المعاني والتفسير والنحوية وغيرها.

وضع التفسير الإجمالي للآيات في جزء الأول من سورة البقرة من خلال التوضيح من القراءات القرآنية الصحيحة وأثرها في معني الآية.

بيان جهود المفسرين في تفسير قراءات القرآنية ومنهجهم فيها.

سأعتمد – بمشيئة الله تعالى – على المنهج الاستقرائي بالدرجة الأولى، وذلك من خلال:

استخراج الآيات القرآنية المتعلقة بهذا الموضوع.

كتابة الآية القرآنية في نظم الكامل ومشكل برواية حفصة بن سليمان عن عاصم.

عزو الآيات إلى سورها وتوثيقها في المتن تجنباَ؛ لإثقال الحواشي وذكر أرقامها.

تخريج الأحاديث النٌبويٌة، مع بيان درجة صحة الأحاديث الواردة في غير الصحيحين.

بيان القراءات المختلفة في الآية بالرجوع إلى كتب القراءات المشهورة وضبط الكلمات والحركات، وذكر أسماء القراء في موضع الاتفاق.

تعريف معني اللغوي للقراءات القرآنية بالرجوع الي كتب اللغة وقواميسها وكتب غريب القرآن.

بيان قواعد والاحكام الشرعية والفقهية مع استنباط من أقوال الفقهاء.

تفسير الآية تفسيرا مجملاً، مع الالتزام بالقواعد المقررة في التفسير وهي:

تفسير القرآن بالقرآن.

تفسير القرآن بالسنة.

تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.

تفسير القرآن بمقتضى اللغة والسياق والشرع في إطار ضوابط المفسرين المعروفة.

بيان علاقة تفسيرية بين القراءات القرآنية، وكنت أحاول من خلال هذا المقطع من الفصل أن أبين الجمع بين القراءات وذلك بالرجوع إلى كتب أخرى تناولت الموضوع وأجتهد للوصول إلى الصواب ما استطعت.

الرجوع الي كتب تفسير بالمأثور لكل من تفسير الطبري وابن عطية وابن حيان وغيرها.

ربط التفسير القرآن للقراءات المتواترة بالواقع والاستفادة منها والوقفات والإرشاد والتوجيه.

عزو الآراء إلى أصحابها حسب المصادر المستخدمة في الدراسة.

ذكر مواضع الاتفاق بين القراء في كلمات القرآنية في سورة البقرة.

توجيه القراءات من حيث معني المستفاد منها الي كتب تتعلق بتوجيه القراءات في الآية.

الاستدلال ببعض الأحاديث النبوية التي تتناول موضوع الدراسة، وتخريجها من مصادرها، ونقل حكم العلماء عليها ما أمكن.

الرجوع إلى المصادر والمراجع الأساسية وخاصة التفسيرية نظراً لطبيعة الدراسة.

عزو النقولات والأقوال المقتبسة إلى أصحابها، وتوثيقها حسب الأصول بدقة وأمانة.

وضع العناوين المناسبة للفصول والمباحث.

حدود البحث:

حدود هذا البحث هو حدود موضوعية استقرائية تحليلية متعلقة باختلاف القراءات في تفسير سورة البقرة من خلال جزء الأول وعزو القراءة إلى قارئها أو رواية راويها، وما يستنبط منها من المعاني اللغوية والأحكام الفقهية.

أدوات البحث:

استخدم الباحث في هذا البحث الوسائل والأدوات التي تعبر عنها من ذلك المصادر والمراجع.

المكتبات الالكترونية.

كتب القراءات.

كتب المعاجم والقواميس.

كتب التاريخ والتراجم.

الدراسات السابقة:

توجيه القراءات القرآنية في سورة النور، رسالة ماجستير، من جامعة أبو بكر بالقايد، تلمسان،2014 م، -الجزائر، إعداد الطالب: بخيتي بالفضل، إشراف الدكتور :خير الدين سيب، للعام2013م.

أثر اختلاف القراءات القرآنية في الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل، عبد الرحمن يوسف الجمل، كلية أصول الدين -الجامعة الإسلامية – غزة، مجلة جامعة النجاح للأبحاث، المجلد (18)، لسنة2004 م.

أثر اختلاف القراءات القرآنية في الرسم العثماني، عبد الرحمن يوسف الجمل، كلية أصول الدين -الجامعة الإسلامية – غزة، مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الشرعية) المجلد الثالث عشر، العدد الثاني، ص 53 -57) يونيو 2005م.

أثر اختلاف القراءات في التفسير، خمسة نماذج مختارة من سورتي (الحجر والنحل): عدنان بن عبد الرازق الحموي، كلية القانون قسم الدراسات الإسلامية جامعة الإمارات العربية المتحدة، مجلة الشريعة والقانون، العدد) (35) لسنة: 2007 م.

أثر القراءات السبع في التوسع الدلالي: محمد إسماعيل محمد المشهداني، جامعة الموصل، كلية التربية للبنات، مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، المجلد 8، العدد 2، لسنة 2008 م.

أثر القراءات المتواترة في القصص القرآني (قصص النساء نموذجا)، لنمشة بنت عبد الله الطوال، الأستاذ المشارك بقسم الدراسات القرآنية في كلية الآداب بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، مجلة الدراسات الإسلامية المجلد 28، العدد2، لسنة 2016 م.

وقفت على أغلب الدراسات السابقة لمعرفة أثر القراءات في اتجاهات متعددة من خلال اختيار نماذج معين من السور او القصص وغيرها، وبينت هذه الدراسات أن اختلاف القراءات المتواترة له أثر كبير في سورة البقرة سواء أكان في تنوع المعاني التفسيرية وغير ذلك.

وقد سلكت في هذه الدراسة منهجا واضحا، التزمت فيه بيان إختلاف القراءات المتواترة في الآية ثم توجيه القراءات ثم تفسير الآية الإجمالية ثم بينت علاقة تفسيرية بين القراءتين والجمع بين القراءتين. الأمر الذي يمنح لهذه الدراسة ميزة نادرة على الدراسات الأخرى من حيث الشمول والتطبيق.

المبحث الأول: مفهوم التفسير وأثر القراءات القرآنية على التفسير

المطلب الأول: تعريف التفسير لغة واصطلاحا.

أولا- التفسير في اللغة:

قال الإمام ابن فارس: فسّر: الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان شيء وإيضاحه. من ذلك الفسر، يقال: فسرت الشيء وفسرته. والفسر والتفسرة: نظر الطبيب إلى الماء وحكمه فيه. ولله أعلم بالصواب([1])

قال الإمام ابن منظور: فسّر المفسر: البيان. فسر الشيء يفسره، ، بالكسر، ويفسره، بالضم فسرا وفسره: أبانه، والتفسير مثله.([2])

التفسير والتأويل والمعنى واحد. قال لله تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ الفرقان: ٣٣

الفسر: كشف المغطى، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل([3])

قال الإمام الزبيدي : ف، س، ر: الفسر: الإبانة وكشف المغطى كما قاله ابن الأعرابي، أو كشف المعنى المعقول، كما في البصائر، كالتفسير. والفعل كضرب ونصر يقال: فسر الشيء يفسره ويفسره وفسره: أبانه([4]) عليه فجميع الاشتقاقات والتصريفات للكلمة يرجع إلى معنى (الكشف، والبيان، التوضيح، والإظهار)، وإضافة مفردة التفسير إلى القرآن، تجعل لهذا المصطلح معنى خاصاً.

ثانيا – التفسير في الاصطلاح:

قال الزركشي: هو علم يعرف به فهم كتاب لله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ( ([5]

قال أبو حيان: “هو علم يبحث فيه عن كيفية النطق بالفاظ القرآن، ومدلولا تها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، وتتمات لذلك”([6]( .

قال الزرقاني:” هو علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد لله تعالى بقدر الطاقة البشرية”(([7].

خلاصة القول: هو العلم الذي يتناول مفردات وألفاظ القرآن الكريم بالكشف عن الإشكال وإزالة الغموض عنها، ثم الوقوف على مقاصد الشريعة الغراء من خلالها.([8])

أثر القراءات في التفسير

والجدير بالذكر أنه لابد هنا من التذكير بالقاعدة حول وجوب إعمال القراءات المتواترة جميعا، وأن تعدد القراءات ينزل منزلة تعدد الآيات، وكلاهما قاعدة اتفاقية لا يوجد لها مخالف من أهل التوحيد، وإذا نقل عن بعض الأقدمين تشككهم في بعض الوجوه للقراءة المتواترة فإن مرد ذلك بكل تأكيد هو عدم ثبوت تواتر هذه القراءة عندهم في ذلك الزمان. أما وقد اتفقت الأمة على التواتر في هذه الوجوه، فلا مندوحة من القول بأن سائر هذه الوجوه قرآن منزل، بالاتفاق بين سائر أهل الملة.

وكذلك ينبغي القول بأن هذه الاختلافات ليست متناقضة بمعنى أن المفسر يلجأ إلى هدر أحد الوجهين إذا اعتمد الآخر، بل هي ذات معان متضامنة يكمل بعضها بعضا، وقد يدل الوجه على ما لا يدل عليه أخوه، ولكنه لا ينافره ولا يضاده، بل يمنحك معنى جديدا يضيء لك سبيل التفسير، ثم إن هذه الوجوه أيضا يسيرة وقليلة، ليست كثيرة( ([9]

فهذه العلوم )علم التفسير وعلم الأحكام الشرعية وغيرهما( قد أثرت فيها القراءات القرآنية تأثيرا كبيرا؛ ذلك أن تلك العلوم قد استفادت من القراءات بوصفها مصدرا ثرا من مصادر علومها، فعلم التفسير اعتبر كل قراءة بمثابة آية مستقلة يستخرج منها المعاني والأحكام، كما أن علم الفقه اتخذ من القراءات مصدرا يستنبط منه أحكامه، ولقد كانت القراءات القرآنية –متواترها وشاذها- سببا من أسباب الاختلاف الذي وقع بين الفقهاء؛ إذ أن منطوق قراءة ما من القراءات المشهورة والتي يقرأ بها فقيه ما ويستنبط منها الأحكام، غير منطوق قراءة أخرى يقرأ بها فقيه غيره ويبني عليها قواعد وأسس اجتهاده.

المطلب الثاني: أثر القراءات القرآنية في التفسير

منزلة القراءات من التفسير:

تتبين هذه المنزلة من خلال معرفة أفضل طرق التفسير، التي تنحصر في الطرق التالية:

الأول: تفسير القرآن بالقرآن والسنة.

الثاني: تفسير القرآن بقول الصحابي.

الثالث: تفسير القرآن بقول التابعي وبلغة العرب([10] (

فالقراءات من جهة القبول تنقسم إلى قراءة مقبولة، ومردودة، ومتوقف فيها وهي القراءة الشاذة. وإذا كان كذلك فإن منزلة القراءات من التفسير تكون كالتالي:

أولاً: المعنى التفسيري الناتج عن اختلاف القراءات المقبولة هو من نوع تفسير القرآن بالقرآن.

ثانيا: أما القراءة المردودة فإنه لا محل لها في التفسير أصلا.

ثالثا: أما المعنى التفسيري الناتج من القراءة الشاذة فإنه إن لم يكن من باب تفسير القرآن بالقرآن- لأننا لا نجزم بقرآنيتها ولا بعدمها – فإنه يكون من باب تفسير القرآن بقول الرسول صلي الله عليه وسلم ، أو على أدنى الأحوال من باب تفسير القرآن بقول الصحابي وهذا هو الراجح في المسألة[11]) ).

أقسام القراءات من جهة التفسير:

ليس كل اختلاف في القراءات له أثر في التفسير؛ فإن للقراءات حالين:

إحداهما: لا تعلق لها بالتفسير بحال.

الثانية :لها تعلق بالتفسير من جهات متفاوتة(([12]

أما الأولى فهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات كمقادير المد والإمالات والتخفيف والتسهيل والتحقيق والجهر والهمس والغنة والإخفاء، فهذه الاختلافات لا تأثير لها في اختلاف معاني الآي، وإن كان لها أثر من جهات أخرى غير التفسير مثل التخفيف على الأمة في النطق وبيان سعة اللغة.

أما الثانية: فهي اختلاف القراء في حروف الكلمات، وهو على نوعين:

أ- اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لعدم تضاد اجتماعهما فيه.

ب- اختلاف اللفظ والمعنى، مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

فهذه الحال بنوعيها هي التي لها مزيد التعلق بالتفسير؛ لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد عن نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنى غيره، ولأن اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يكثر المعاني في الآية الواحدة([13]).

قواعد مهمة يتنبه لها أثناء دراسة أثر القراءات في التفسير:

من الأشياء المهمة للذي يبحث في “أثر القراءات في التفسير” مراعاة للقواعد التالية:

أ- الخلاف الواقع بين القراءات الصحيحة إنما هو من خلاف التنوع، لا من خلاف التضاد والتناقض.

ب- إضافة القراءة إلى المقرئ إنما هو إضافة اختيار واتباع، وليست إضافة رأي وابتداع.

ج- لا تفرقة بين القراءات الصحيحة المقبولة فكلها كلام الله تبارك وتعالى، وكلها قرآن، والمعاني التي تدل عليها كلها معاني قرآنية لا تفضيل بينها.

قال أبو جعفر النحاس(ت:338ه): “هذه القراءات إذا اختلفت معانيها لم يجز أن يقال: إحداهما أجود من الأخرى، كما لا يقال ذلك في أخبار الآحاد إذا اختلف معانيها”

د- القراءات الشاذة (وهي كل قراءة صح سندها، وخالفت رسم المصحف) يستفاد منها في التفسير، إلا أنه لا تجوز القراءة بها في الصلاة( ([14]

ه -القراءات المسندة في كتب الحديث، ولم تنتسب إلى أحد من أئمة الرواية، واصطلح على تسميتها ب”قراءة النبي صلي الله عليه وسلم.([15])

و- التفاسير الواردة عن السلف في تفسير الآيات الكريمة، ينبغي قبل الحكم باختلافها : النظر في كونها تفاسير للآية على قراءة دون قراءة. قال السيوطي: “من المهم معرفة التفاسير الواردة عن الصحابة بحسب قراءة مخصوصة، وذلك أنه قد يرد عنهم تفسيران في الآية الواحدة مختلفان، فيظن اختلافا وليس باختلاف، وإنما كل تفسير على قراءة، وقد تعرض السلف لذلك …([16])

أمثلة لأثر القراءات في التفسير:

لقد كان للقراءات القرآنية متواترها وشاذها أثر كبير في التفسير بشتى أنواعه – أعني أنواع كتب التفسير -، فهي منقسمة إلى أقسام عدة تبعا للأغراض التي ألفها عليها مؤلفوها؛ فمهم من جعل تفسيره لأحكام القرآن كابن العربي والقرطبي والجصاص، ومنهم من اهتم باللغة كأبي حيان وأبي السعود، ومنهم من اهتم بتفسير القرآن تفسيرا عاما يشمل المعاني والأحكام واللغة، وهذا القسم هو الغالب على كتب التفسير.

إن المفسرين رحمهم الله تعالى أدركوا أن القراءات القرآنية متواترة كانت أم شاذة، تعطي للآيات القرآنية معاني جديدة، وقد تعاملوا مع هذه القراءات وكأنها آية مستقلة حتى قيل: إن كل قراءة آية مستقلة من حيث دلالتها على المعنى([17] (

قال صاحب “علم القراءات وأثره في العلوم الشرعية :” ولعلنا نستطيع أن نقول أن الحكمة من القراءات إثراء المعاني القرآنية، وليس فقط التيسير على القراء من هذه الأمة([18]).

ونظرا لتشعب هذا الموضوع “أثر القراءات في التفسير” فإننا سنقتصر على ذكر بعض الأمثلة ليتبين أثر القراءات، متواترة أم شاذة، على التفسير من حيث المعاني. المثال الأول: عند قول الله تعالى: ﴿ وِإَذا أر دنا أن نهلك قريًة أمرنا. ﴾ الإسراء:16

في تفسير هذه الآية يعرض الإمام أبو بكر بن العربي في تفسيره معاني مختلفة متعددة لقوله تعالى): أمرنا ( عند معرض حديثه عن القراءات الواردة في هذه الكلمة، مما يبين أثر القراءات على التفسير من حيث تعدد المعاني قال: “فيها من القراءات ثلاث: القراءة الأولى :أمرنا بتخفيف الميم. القراءة الثانية: بتشديدها. القراءة الثالثة: آمرنا – بمد بعد الهمزة وتخفيف الميم. فأما القراءة الأولى فهي المشهورة([19])، ومعناها: أمرناهم بالعدل فخالفوا ففسقوا بالقضاء والقدر، فهلكوا بالكلمة السابقة الحاقة عليهم.

وأما القراءة الثانية (بتشديد الميم) فهي قراءة علي وأبي العالية وأبي عمرو وأبي عثمان النهدي، ومعناها: كثرناهم، والكثرة إلى التخليط أقرب عادة.

وأما القراءة الثالثة (وهي بالمد في الهمزة وتخفيف الميم) فهي قراءة الحسن والأعرج وخارجة عن نافع، ومعناها: الكثرة، فإن أفعل وفعًل نظيران في التصريف من مشكاة واحدة، ويحتمل أن يكون من الإمارة، أي جعلناهم أمراء، فإما أن يريد من جعلهم ولاة فيلزمهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقصرون فيهلكون، وإما أن يكون من أن كل من ملك دارا وعيالا وخادما فهو ملك وأمير، فإذا صلحت أحوالهم أقبلوا على الدنيا وآثروها على الآخرة فهلكوا([20]).

وهكذا نرى من هذا المثال كيف بين ابن العربي معاني كل قراءة على حدة فتعددت بذلك معاني الآية مما يثري التفسير ويكثر مادته العلمية([21](

المثال الثاني: عند قول الله تعالى: ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ البقرة: ١٦٥

يقول ابن عطية رحمه الله في تفسيره (المحرر الوجيز) مبينا تعدد المعاني في تفسير الآية بناء على تعدد القراءات في اللفظ:) “ولو ترى الذين ظلموا(” قرأ نافع وابن عامر “ترى” بالتاء من فوق، و”أن” بفتح الألف و”أن” الأخرى كذلك عطف على الأولى، وتقدير ذلك: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم للعذاب وفزعهم منه واستعظامهم له لأقروا أن القوة لله، فالجواب مضمر على هذا النحو من المعنى وهو العامل في “أن”.

وتقدير آخر: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم للعذاب وفزعهم منه لعلمت أن القوة لله جميعا، وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم علم ذلك، ولكن خوطب والمراد أمته، فإن فيهم من يحتاج إلى تقوية علمه بمشاهدة مثل هذا.

وقرأ حمزة والكسائي وعاصم وابن كثير “يرى” بالياء من أسفل وفتح الألف من “أن”. وتأويله: ولو يرى في الدنيا الذين ظلموا حالهم في الآخرة إذ يرون العذاب لعلموا أن القوة لله جميعا.

وتأويل آخر: روي عن المبرد والأخفش: ولو يرى بمعنى يعلم الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا لاستعظموا ما حل بهم ف”يرى” عامل في “أن”وسدت مسد المفعولين([22])

المثال الثالث:إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِﭼ البقرة: ١١٩

وفي هذا المثال نرى الإمام القرطبي – رحمه الله- يبين لنا مدى أثر القراءات متواترها وشاذها في التفسير من حيث وفرة المعاني وقونها فيقول: ﴿لا تُسْأَلُ﴾ برفع تسأل وهي قراءة الجمهور، ويكون في موضع الحال بعطفه على ﴿بشيرا ونذيرا﴾، والمعنى: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا غير مسؤول عن أصحاب الجحيم.

وقال سعيد الأخفش: ﴿لا تَسْأَلُ﴾ بفتح التاء وضم اللام، ويكون في موضع الحال عطفا على ﴿بشيرا ونذيرا﴾، والمعنى: إنا ارسلناك بالحق بشيرا ونذيرا غير سائل عنهم؛ لأن علم الله بكفرهم بعد إنذارهم يغني عن سؤاله عنهم، هذا معنى غير سائل، ومعنى غير مسؤول لا يكون مؤاخذا بكفر من كفر بعد التبشير والإنذار.

وعلى قراءة من قرأ: ﴿ لا تَسْأَلْ﴾ جزما على النهي، وهي قراءة نافع وحده، وفيه وجهان:

أحدهما: أنه ي عن السؤال عمن عصى وكفر من الأحياء؛ لأنه قد يتغير حاله فينتقل عن الكفر إلى الإيمان، وعن المعصية إلى الطاعة.

الثاني :وهو الأظهر أنهي عن السؤال عمن مات على كفره ومعصيته تعظيما وتغليظا لشأنه، وهذا كما يقال: لا تسأل عن فلان، أي بلغ فوق ما تحسب.

وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه،” ولن تُسأل” وقرأ أبي رضي الله عنه،”وما تُسألُ ” ومعناهما موافق لقراءة الجمهور، نفي أن يكون مسؤولا عنهم([23]).

الخاتمة

أحمد الله تعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه أن وفقني لإتمام هذا البحث، وأسأله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم، وفي الختام هذه تلخيص النتائج والتوصيات:

أولا: النتائج:

  1. إن علم التوجيه للقراءات هو : الكشف عن وجوه القراءات وتخريجاتها وبيان عللها والاحتجاج لها لإثبات صحتها بوساطة السماع والقياس.
  2. القراءات المتواترة جميعها وحي من الله تعالى. وهي جزء من الأحرف السبعة التي نزل القرآن بها. ولا مجال للاجتهاد فيها. ولا يجوز لأحد أن يرد قراءة ثبت تواترها واشتملت على شروطها الصحة. وقد جانب الصواب من رد قراءة متواترة أو فاضل بينهما,
  3. إن مقاييس القراءة الصحيحة هي :

أ – موافقة العربية ولو بوجه .

ب – موافقة أحد المصاحف العثمانية .

ج – صحة السند

  1. للقراءات القرآنية أثر بالغ في تنوع المعاني التفسيرية، في سورة البقر، وقد ظهر ذلك في ثنايا البحث من خلال دراسات بجزء الأول التي فسرنا في سورة البقرة.
  2. الاختلاف الحاصل بين القراءات القرآنية هو اختلاف تنوع وتغاير في المعنى وليس اختلاف تضاد أو تناقض. فبتعدد القراءات تتسع المعاني وتتعدد.
  3. يعد اختلاف القراءات القرآنية من أبرز أسباب الاختلاف بين المفسرين .
  4. ليس كل قراءة لها أثر واضح في التفسير. فإن من القراءات ما كان للتيسير على الأمة ورفع للحرج عنها ) كما هو الحال في اختلاف القراءات المتعلقة بالتفخيم والترقيق، والهمز، والإمالة ونحوها(، ومنها ما كان يتعلق في التفسير لبيان مراد الله تعالى .
  5. القراءات التي لا يظهر لها علاقة بالتفسير, لا يمكن الجزم بعدم وجود أثرٍ في التفسير لمثل هذا النوع من اختلاف القراءات, فبمزيدٍ من البحث والتنقيب في معاني القراءات ومدلولاتها قد يتوصل الباحثون مستقبلاً إلى وجود بعض الفروق في المعاني بين هذه القراءات ويكون لها أثر بالغ في تفسير كتاب الله تعالى.
  6. أن اختلاف المفسّرين يعبِّر عن اتساع دلالة النص القرآني، وتنوّع طرائق التعبير فيه، وسموّها إلى درجة الإعجاز.
  7. تنوع القراءات القرآنية يُظهر لنا إعجاز القرآن الكريم وغزارة معانيه وألفاظه؛ إذ هو ليس تنوع تضادّ فتُظهر كلّ قراءة جانبا مختلفا عمّا تؤديه القراءة الأخرى، بحيث تتكامل في نهاية المطاف فتعطينا معنى شاملا وصورة متكاملة، وقد بدا ذلك جليا في هذه الدراسة في عدّة مواضع منها.

وهذه هي الخلاصة التي تم استنتاجها من قبل الباحث، فطبعاً هناك جوانب عديدة لا يتمكن من مناقشتها في البحث لسبب من الأسباب. فلعل الباحثين في المستقبل يُكملون التقصير والنقصان في هذا البحث. وفي النهاية يأمل الباحث أن يُثري-بكتابة البحث-الخزانة العلمية الإسلامية.

ثانيا: التوصيات:

يوصي الباحث للدارسين والباحثين والمهتمين بالتفسير وعلوم القرآن بأمور الآتية:

  1. لطلبة العلوم الشرعية بالإقبال على تعلم القراءات القرآنية والاهتمام بها تعلماً وقراءةً والاستفادة منها في استنباط المعاني والتوصل إلى مراد الله تعالى.
  2. للحفظة القرآن وخاصة لمن تخصص في التفسير أن يعمق في علم القراءات لأنها مبحث الأساسي في التفسير.
  3. لأهل الاختصاص في علم القراءات والتفسير بإقامة دورات في القراءات القرآنية وأثرها في التفسير والأحكام.
  4. للمتخصصين والباحثين بمزيد اهتمام بالبحث عن أسرار تعدد القراءات القرآنية وأثرها في التفسير وخاصة تلك التي لم يتطرق إليها الباحثون سواء في الأصول القراءات أو في الفرش.
  5. كما أوصي بدراسة القراءات الشاذة في سورة البقرة؛ إذ لم أتطرق لها في هذا البحث، وكذلك أوصي أن يعكف الباحثون على تفسير البحر المحيط دراسة لجوانب أخرى فيه؛ فهو بحر محيط لا يُحاط به إلٌا بجهد المخلصين.
  6. أوصي الباحثين أن يواصلوا البحث في القراءات القرآنية المتواترة لباقي سورة البقرة. فمازالت هذه الدراسات بِكراً وبحاجة إلى كثير من التّوسع والتعمق وتلمس المعاني والدلالات القرآنيٌة التي لا نهاية لها.

هذا ما يسره الله لي في هذا البحث، ولا أدعي فيه كمالاً، والكمال لله، والإنسان عرضة للخطأ والنسيان، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمني ومن الشيطان، وأسأل الله عز وجل أن يغفر لي الزلل وأن يتقبل مني العمل، وأن يجعل عملي هذا خالصاً وصالحاً لوجه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

فهرس المصادر والمراجع

1-محمد بن يعقوب الفيروز زبادي: القاموس المحيط، ط1، (مؤسسة الرسالة ، بيروت،1407هـ)،

2-معجم مقاييس اللغة’.

3-أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور: لسان العرب ،( دار صادر ـ بيروت، بدون تاريخ النشر)، (1/128)، وتاج العروس.

4-محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية: زاد المعاد– تحقيق شعيب وعبد القادر الأرنؤوط،ط7، (مؤسسة الرسالة ، بيروت، 1405هـ ).

5-لأبي الخير محمد بن محمد بن الجزري: النشر في القراءات العشر، تقديم: علي محمد الضباع، (دار الكتب العلمية، بيروت،١٩٩٨م)،

6-محمد بن محمد ابن الجزري: منجد المقرئين ومرشد الطالبين ،( دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ النشر)،

7-عبد الفتاح عبد الغني القاضي: البدور الزاهرة في القراءات العشر ـ،ط1،( دار الكتاب العربي – 1401ه

8-د. محمد بن عمر بن سالم بازمول: القراءات وأثرها في التفسير والأحكام ،ط1،( دار الهجرة ، 1417هـ)،

9-مناع خليل القطان: مباحث في علوم القرآن ،(مؤسسة الرسالة، بيروت، 1419هـ

10-بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي: البرهان في علوم القرآن ـ تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم ،ط3، (دار الفكر،

11-أحمد خالد شكرى وآخرون: مقدمات في علم القراءات،ط1، (دار عمان، الأردن ، 1422هـ)،

12-عبد العلي مسئول: القراءات الشاذة ضوابطها والاحتجاج بها ،(دار ابن القيم، السعود ية ، ودار ابن عفان، مصر، 1429ه/2008م)،

13- المكي بن أبي طالب حمُّوش القَيْسى، الإبانة في معاني القراءات، تحق: عبد الفتاح إسماعيل شلبي،) دار النهضة، مصر، بدون تاريخ النشر)،

14- أحمد محمد الخراط: الإعجاز البياني في ضوء القراءات القرآنية المتواترة، (منشورات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، ١٤٢٦ه)،

15- للجيلي علي أحمد بلال: اختلاف القراءات بين الحذف والإثبات في ستة من حروف المعاني، (بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت، عدد (٧٣)، سنة ٢٣، ٢٠٠٨م)،

16-نبيل بن محمد إبراهيمآل إسماعيل: علم القراءات نشأته أطواره أثره في العلوم الشرعية، ط2،) دار الملك عبد العزيز، السعودية،2002م)،

17- محمد بن يوسف أبو حيان الأندلسي: البحر المحيط ،ط2،( دار الفكر ـ بيروت 1403هـ)،دمشق، 1400هـ)،

18- محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، جامع البيان في تأويل القرآن المحقق: أحمد محمد شاكر مؤسسة ،ط/1/، 1420 هـ – 2000 م،

19-أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي (المتوفى: 710هـ): تفسير النسفي، حققه وخرج أحاديثه: يوسف علي بديوي، راجعه وقدم له: محيي الدين ديب مستو،ط1، دار الكلم الطيب، بيروت، 1419 هـ – 1998 م،

20- أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، المحقق: عبد السلام عبد الشافي محمد،دار الكتب العلمية – بيروت،

21- جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائر، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير ،يمكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الخامسة، 1424هـ/2003م،

22- محمد علي الصابوني: صفوةالتفاسير،ط1، دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع – القاهرة، 1417 هـ – 1997 م،

23- أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ): بحر العلوم،

24- شهاب الدين القسطلاني: لطائف الإشارات ـ تحقيق: عامر السيد وصاحبه ـ (لجنة إحياء التراث ـ القاهرة ـ 1395هـ).

مناهل العرفان،1/405.

25- المقتبس من اللهجات العربية والقرآنية،

26- عبد العزيز علي الحربي ، توجيه مشكل القراءات الفرشية لغة وتفسيرا وإعرابا ، (رسالة ماجستير ، جامعة أم القرى السعودية ،1417ه)،

جزء من حديث أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: صلاة المسافر وقصره، باب: بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، وبيان معناها، رقم: 48 ،

27- الداني، عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر، المقنع في رسم مصاحف الأمصار، ت: محمد الصادق قمحاوي،) مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة)،

28- أنظر: ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن،) دار الكتب العلمية، بيروت، 1424ه/2003م)

29- آل إسماعيل، نبيل بن محمد إبراهيم. علم القراءات، نشأته، أطواره، أثره في العلوم الشرعية، ط1، (مكتبة التوبة، الرياض،1421ه/2000م).

30- الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : التحرير والتنوير من التفسير، ) دار سحنون، تونس ،1997م)،

الهوامش:

  1. – أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين: معجم مقاييس اللغة، ، تحقيق: عبد السلام محمد تحق: عبد السلام محمد هارون،( دار الفكر، بيروت،1399ه/1979م)،1/504
  2. – ابن منظور: لسان العرب، مرجع سابق، 5/55
  3. – انفس المرجع السابق ، 5/55
  4. – الحسيني الملقب بمرتضي الزبيدي: تاج العروس من جواهر القاموس، ، تحقيق: مجموعة من المحققين، (دار الهداية، الجزائر، بدون تاريخ النشر)،13/323
  5. – البرهان في علوم القرآن، مرجغ سابق، 1/13
  6. – أبو حيان الأندلسي )ت: 745ه): البحر المحيط في التفسير، تحقيق: صدقي محمد جميل،) دار الفكر، بيروت، 1420ه)، 1/26
  7. – مناهل العرفان، مرجع سابق،2/3
  8. – فاتنة توفيق السكني: تفسير القرآن بالقراءات القرآنية العشر من خلال سورتي( الأنعام، والأعراف)، (رسالة الماجستير في تخصص التفسير وعلوم القرآن، كلية الجامعة الإسلامية-غزة،1427ه/2006م)،ص30
  9. – انظر: الحبش، محمد: القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية، ط1،) دار، الفكر المعاصر، دمشق،1419ه/1999م)،ص121
  10. – الإمام ابن تيمية: مقدمة في أصول التفسير،) دار مكتبة الحياة، بيروت،1490ه/1980م)، ص93-105
  11. – بازمول، محمد بن عمر بن سالم: القراءات وأثرها في التفسير والأحكام، ط1،) دار الهجرة، الرياض، 1417ه/1996م)،1/373
  12. – انظر: خالد عبد الرحمن: أصول التفسير وقواعده، (دار النفائس، بيروت،2003م)، ص، ص428-429
  13. – الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : التحرير والتنوير من التفسير،) دار سحنون، تونس ،1997م)، 1/380
  14. – انظر: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، (دار الكتب المصرية، القاهرة ،1384ه/1964م)،14/ 291
  15. – ابن عاشور: التحرير والتنوير،مرجع سابق، 1/54-55
  16. – عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي: الإتقان في علوم القرآن، (دار الفكر، لبنان، 1416ه /1996م) ،4/193
  17. – ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم: مجموع الفتاوى،) مجمع الملك فهد، المدينة المنورة، 1416ه/1995م)، 13/391
  18. – انظر: آل إسماعيل، نبيل بن محمد إبراهيم. علم القراءات، نشأته، أطواره، أثره في العلوم الشرعية، ط1، (مكتبة التوبة، الرياض،1421ه/2000م)، ص356
  19. – ابن الجزري، شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن يوسف الدمشقي: النشر في القراءات العشر، (دار الكتب العلمية، بيروت ، بدون تاريخ النشر)،2/306
  20. -أنظر: ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن،) دار الكتب العلمية، بيروت، 1424ه/2003م) ،3/1201. وانظر: مكرم عبد العال سالم، وعمر أحمد مختار: معجم القراءات القرآنية، ط1،) جامعة الكويت، الكويت، 1402ه/1982م)،3/313
  21. – انظر: آل إسماعيل، علم القراءات، نشأته، أطواره، أثره في العلوم الشرعية، مرجع سابق، ص357
  22. – انظر: ابن عطية الأندلسي، أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن المحاربي، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، (دار الكتب العلمية، لبنان،1413ه/1993م)، 2/38. وانظر: ابن الجزري، النشر في القراءات، مرجع سابق،2/24
  23. – القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، 2/92، وانظر: مكرم عبد العال سالم، وغيره، معجم القراءات القرآنية، مرجع سابق،1/107-108