محاولة تقييم أثر الزراعة البورية في تغيير وتيرة النفاذية وتحفيز آليات التعرية المائية بهوامش هضبة بنسليمان المغربية (حالة حوض انفيفيخ الأوسط)

عادل حدية 1، سعيد اومحند 2

1 باحث في الجغرافيا: مختبر الدراسات والأبحاث الجغرافية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة مولاي اسماعيل- مكناس.

2 باحث في الجغرافيا: مختبر دينامية المجالات والمجتمعات، كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة الحسن الثاني- المحمدية.

HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4129

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/01/2023م تاريخ القبول: 18/12/2022م

المستخلص

تستهدف هذه الورقة البحثية محاولة الوقوف على أثر بعض الأساليب الزراعية البورية في تحفيز آليات التدهور البنيوي للأتربة، وفي تسريع دينامية التعرية المائية بهوامش هضبة بنسليمان (حوض نفيفيخ الأوسط)، ولبلوغ ذلك تم توظيف المقاربة الميدانية المستندة على تتبع رواشم التعرية فوق الحقول وعلى إجراء حملات لقياس وتتبع دينامية النفاذية (بطريقة MUNTZ) وحالة السطح (طريقة Point quadrat) فوق عدة مشارات زراعية بورية منتقاة بحسب الدورة الزراعية، فتوصلت هذه الدراسة الى وجود علاقة ارتباط قوية بين أساليب وتقنيات خدمة التربة ومقاومة المجمعات ووتيرة النفاذية ، حيث ظهر بأن شيوع اعتماد الفلاحين على الدورة الزراعية المعتمدة على نظام الاستراحة وعلى زراعة الحبوب الأحادية (حبوب-حبوب) وسيادة المحاريث من نوع كوفر كروب، يفاقم ويسرع الميكانزمات المتسببة في تدهور أراضي السفوح الهامشية.

الكلمات المفتاحية: الزراعة البورية، النفاذية، اندكاك التربة، التعرية المائية، التدبير المحافظ، هضبة بنسليمان.

Research title

An attempt to evaluate the effect of rainwater cultivation on changing the frequency of permeability and stimulating water erosion mechanisms in the margins of the Benslimane plateau (Morocco)

HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4129

Published at 01/01/2023 Accepted at 18/12/2022

Abstract

This research paper aims at trying to identify the effect of some rain agricultural methods in stimulating the mechanisms of structural degradation of soil, and in accelerating the dynamics of water erosion in the margins of the Benslimane plateau (Nefifikh al-Ast basin). The dynamics of permeability (MUNTZ method) and surface condition (Point quadrat method) were tracked over several rainy agricultural indicators selected according to the agricultural cycle. Agricultural farming based on monoculture (grain-grain) and the dominance of Covercrop plows, exacerbates and accelerates the mechanisms causing the degradation of marginal slope lands.

Key Words: rain cultivation, permeability, soil compaction, Water erosion, conservative measure, Benslimane plateau.

  1. المقدمة

الى حدود مطلع القرن 20 ظل نمط العيش الرعوي نصف الترحالي محوريا بهضبة بنسليمان، في حين كانت الزراعة البورية مكملة وضعيفة الانتشار، ومن مؤشرات ذلك ضعف المساحة المزروعة خلال هذه الفترة التاريخية، حيث بينت المصادر بأنها لم تتجاوز 15% بقبيلة الزيايدة (83% منها كان مخصصا لزراعة الحبوب البورية)، علما بأن هذه الزراعة تمركزت بأراضي محدودة وذات مؤهلات انتاجية عالية [1]، وهو مؤشر يدل على أن الهوامش (السفوح) لم تشكل أنداك أهمية زراعية للقبائل. مما يرجح فرضية كون ان استحواذ وامتلاك المعمر الفرنسي والمتعاملين معه على أجزاء من الأراضي الخصبة فوق سطح الهضبة، ساهم في تهميش جزء من الساكنة القروية التي لم تجد محيدا من بسط يدها على المجالات الهامشية لبناء مساكنها ومد محاطها الزراعي عن طريق اجتثاث سفوح الماطورال المتدهور عن تشكيلات الزيتون البري (الزبوج). بمعنى أن التحول السوسيو-مجالي الهامشي الذي بَدأ ابتداء من فترة الحماية الفرنسية، غيَّر النسق الوظيفي للإطار البيو-مناخي للهوامش، فَفَقْد السفوح لغطاء الحماية الذي وفرته تشكيلات الماطورال من المحتمل أنه تزايد حدة تأثيرات عدوانية التساقطات على التربة، وفي نقل المنظومة بالتدريج نحو تفاقم آليات التعرية المائية فوق المشارات المجتثة، يضاف الى ما سلف أن بداية استغلال الزراعي للمنحدارات المجتثة ذات التربات ضعيفة التطور أسهم مع الزمن في تراجع خصوبة التربة والمردودية، ولجوء الفلاح لنظام الإراحة بشكل دوري والتي تنتهي بِبَوَار الأراضي. ومن هذا المنطلق يبدو بأن الأنْسَنَة (الأنشطة البشرية) كان لها وقع كبير في ابراز الهشاشة الطبيعية، من خلال تأثيرها القوي والمِفصَلي في تَغايُر دينامية حالة السطح، وفي تباين السلوك الهيدرولوجي من مشارة الى أخرى، ومن فصل لآخر، بحسب نمط خدمة الأرض.

الخريطة رقم 1: موقع حوض انفيفيخ ضمن المجال المغربي (جزء من هضبة بنسليمان)

C:\Users\SAID\Desktop\localisation.tif

في هذا السياق المجالي، سنحاول في هذه الورقة، تحليل بعض جوانب اشكالية التدهور الذي آلت اليه هذه الهوامش بفعل الممارسات الرعي-زراعية المقلالة، وذلك في الشق المرتبط بتقييم دور اساليب الزراعة البورية السائدة محليا في تغيير حالة السطح و دينامية النفاذية، مستهدفين تعزيز الوعي بخطورة بعض الممارسات على الموارد السطحية، في أفق تعميم أساليب التدبير المحافظ.

الخريطة رقم 2: توزيع نظم استخدامات الأرض بسفوح هوامش هضبة بنسليمان خريف 2017 (حوض نفيفيخ الاوسط)

C:\Users\ADIL\Desktop\خرائط حديثة\ARTICLE2018 IAV Hassan ii Rabat.jpg

وقبل الخوض في عملية البحث هاته، نلقي بداية بعض الضوء على بِضع خصوصيات لهوامش هضبة بنسليمان (حالة حوض نفيفيخ الاوسط): فهي ذات مناخ متوسطي ذوا نزعات شبه جافة (360.2 ملم) ونظام مطري متذبذب (20 سنة أقل من المعدل بين 1977-2015 بمحطة فدان الضبعة)، مع تركز الاحداث وعنفها خلال بداية الموسم الفلاحي (60% من الاحداث ذات العلو أكثر من 10 ملم/يوم تقع بين اكتوبر ودجنبر)، كما تنعم هذه السفوح بذخيرة ترابية متنوعة كالتربة ضعيفة التطور (5432 هـ) والتربة القلوبة (2137 هـ) والتربة الحمراء (918 هـ) والتربة الكلسمغنيزية (600 هـ)، أما على مستوى توزيع نظم استخدامات الأرض فتتميز هذه الهوامش بضعف كبير في ثقافة الزراعات المسقية والمغارس بأقل من 3% وهيمنة الزراعات البورية ب 48%، مع ملاحظة تفاقم انتشار الأراضي البوار ب (31% بالأتربة الحمراء / 25,61 بالأتربة القلوبة / 20% بالأتربة ضعيفة التطور فوق القواعد القديمة) (الشكل:1).

الخريطة رقم 3: توزيع التربات بسفوح هوامش هضبة بنسليمان (حوض نفيفيخ الاوسط)

  1. المصدر: A.Haddia 2020
  2. منهجية وأدوات العمل:

لمقاربة الإشكالية سالفة الذكر، قمنا بإنجاز تحليل جيومورفلوجي لسفوح حوض نفيفيخ الأوسط، والتي مكنتنا من التمييز بين خمسة وحدات مورفلوجية متباينة الخصائص الجيولوجية والبيدولوجية بسفوح الحوض/ وهي: سفوح التربة القلوبة فوق الركيزة البازلتية، سفوح التربة القلوبة فوق ركيزة الطين الاحمر الترياسي، سفوح التربة ضعيفة التطور المرتبطة بسفحيات القاعدة الكوارتزيتية وسفوح التربة ضعيفة التطور فوق سفحيات النضيد، ثم سفوح التربة الحمراء فوق الطين الترياسي. وفي كل وسط تم اختيار سفحين نموذجيين يضم كل واحد منها مشارتين زراعيتين (دورة زراعية حبوب-حبوب ودورة حبوب-قطاني) متجاورتين لإنجاز القياسات الميدانية التالية: اولا رصد دينامية حالة السطح (طريقة Point quadrat) التي تعتبر بمثابة الواجهة التي تتطور فوقها مختلف العمليات هيدرو-تشكالية أثناء الوابلات المطرية، لذلك يشكل فهمها مفتاح لحل إشكالية التعرية المائية بالسفوح. بحيث كان الهدف من انجاز قياس حالة السطح هو محاولة رصد تأثيرها على النفاذية ومؤشرات التدهور. بعد ذلك تم قياس النفاذية بالاعتماد على جهاز النفاذية المزدوج Doubles anneaux، وهو جهاز مركب من اسطوانتين، إحداهما خارجية قطرها 54 سم، والثانية داخلية قطرها 32 سم، وارتفاع 39سم، يتم تثبيته بالتربة على عمق 9سم، يتمركز وسطه مخبر مدرج تطفو قاعدته فوق الماء تُمكن من تتبع وتيرة هبوط الماء المتسرب بالملمتر بدلالة الزمن. هذا الجهاز يعمل بطريقة MUNTZ ويسمح برصد وتيرة التوصيل المائي للأتربة la conductivité hydrique . وكان الهدف منه هو فهم وتأويل الفروقات المكانية حسب انظمة استعمالات الأرض، هذه الفروقات تسمح بالتنبؤ بالأوساط المتجهة نحو تفاقم الهشاشة. وتجدر الاشارة إلى أن هذه القياسات تمت خلال ربيع 2016 (سنة جافة) و2017 (سنة رطبة) بعد التساقطات ب 15 يوم على الاقل لتخفيف تأثير الرطوبة، تلتها قياسات خريف 2017 قبل التساقطات.

الشكل 1: دور جهاز النفاذية MUNZفي ضمان النفاذية العمودي للمياه عبر قطاع التربة

مصدر: file:///C:/Users/ADIL/Downloads/M0904e_Double_ring_infiltrometer_f061.pdf

  1. النتائج والمناقشة.
    1. تأثير الدورة الزراعية على سلوك النفاذية:

أظهرت نتائج القياسات بأن أساليب وتقنيات خدمة التربة لها علاقة ارتباط قوية بتحديد عتبات السلوك الهيدرولوجي للسفوح وقدرتها على الحجز المائي. ويتجلى ذلك في انتقال وتيرة النفاذية من معدل 7,14 ملم/د (Max=28.95 ;Min=0.22) بالحقول المرتكزة على نظام الاستراحة وزراعة الحبوب الاحادية والمتأثرة بمرور الآليات الفلاحية، الى وتيرة جيدة بمعدل 26,97 ملم/د (Max=>70 ;Min=1,1) بالاستغلآليات المعتمدة على التناوب الزراعي. (الشكل 2)

الشكل.2. تباين وتيرة النفاذية (ملم/د) حسب الاستخدامات والتغطية بهوامش هضبة بنسليمان (حدية 2020).

    1. تشكل الدورة الزراعية أحادية الحبوب محفز لآليات التدهور البنيوي للتربات الهامشية.

أبانت القياسات الميدانية بأن الاسلوب الزراعي الشائع بالسفوح يرتكز على الزراعة أحادية الحبوب (حبوب-حبوب)، وعلى ممارسة الضغط الرعوي الصيفي فوق الحصائد مما يُفقر رصيدها من التبن والحشائش ويترك الحقول شبه عارية قبل نهاية الصيف، مع ضعف وغياب الدمل العضوي (الغبار)، أضافة الى لجوء بعض الفلاحين للحرث السطحي بواسطة الكوفر كروب لرخص تكلفته. هذه الممارسات اتضح بأنها السبب المباشر هي تفاقم درجة تدهور السفوح، فبالإضافة الى دورها في إنهاك التربة، وإضعاف خصوبتها ومحتواها من المادة العضوية، ارتفاع علاقة ارتباطها بهشاشة التربة [10], [8], [4], وتحفيز السيول المحركة لمواد الترابية [11]، [6]، [2]، فهذه الممارسات أبانت على المستوى البنيوي دورا في تفكيك تماسك المجمعات الترابية، وفي إضعاف المسامية، وزيادة عدوانية السيول الخريفية، ومن تم تحفيز عدة آليات تشكل بدايات لانجراف مواد التربة. ويمكن تلخيص أضرار هذه الأساليب هي المخرجات التالية:

أولا: تحفيز اندكاك الحرث: والذي رصدنا خطره بكل أنواع الأتربة رغم إختلاف نسيجها بمجال الدراسة، مما يعزز فرضية ارتباط اندكاك الحرث – ليس فقط بنسيج التربة- بل بعوامل أنتروبيزية (بشرية)، تتمثل في تكرار الحرث الميكانيكي غير الملائم (كشيوع الحرث السطحي بواسطة ”كوفير كروب” لتقليص تكلفة الإنتاج)، وقد أشار الى ذلك (الاكحل 2001) [1]، وإنجاز عملية الحرث في تواريخ غير ملائمة، وفوق تربة رطبة ومشبعة بالماء وعارية وضعيفة محتوى المادة العضوية MOS. هذا الاندكاك يسهم في خلق تنافر بنيوي على طول قطاع التربة، بين المستوى العلوي المفكك بعمق لا يتجاوز 20 سنتمتر، وجزء تحت سطحي مندك وكتيم، هذا المستوى الاخير يقلص زمن تشبع التربة خلال التهاطل المطري، ويسرع بالتالي زمن انطلاق السيل المركز بالمنحدرات أثناء الاحداث الخريفية، حيث تخترق الخدوش الموسمية المستوى المفكك، وتنقل كميات رسابية مهمة نحو أسافل المشارات، وما لذلك من دلالات مستقبلية تنذر بتفاقم تدهور الموارد الترابية.

وتجدر الاشارة الى أن خطر انتشار الخدوش بفعل نعال الحرث تم رصده بكل أنواع الأتربة، حتى بالأتربة القلوبة (الصور 1) وهي نفس الاستنتاجات التي توصل اليها مجموعة من الباحثين [12], [9] , [7] ، [3].

الصور 1: مظاهر دور اندكاك الحرث في تحفيز دينامية السيل داخل الحقول. (الميدان: صورة ملتقطة في نونبر بعد الحرث، وأخرى بعد تساقطات شهر دجنبر 2016)

D:\التنظيم المنطقي  تصحيح ابريل للاطروحة\labour.jpg

كما اتضح أن اندكاك الحرث له انعكاسات أخرى على المستوى البنيوي والبيولوجي والانتاجي، يتمثل في تغيير ميكرو-طبوغرافية السفوح، وفي انخفاض المردودية النباتية وصعوبة اختراق الجذور بالمستوى الكتيم (الصور 2).

D:\التنظيم المنطقي  تصحيح ابريل للاطروحة\changement compact.jpgالصور 2: بعض اثار الاندكاك: 1 تغير ميكرو-طبوغرافية السفح/ 2 صعوبة اختراق السطح/3 ضعف المردودية. (الميدان)

ثانيا: تحفيز تَكون قشرات التضارب: توصلت الدراسة الى أن اساليب الزراعة أحادية الحبوب والشائعة بالميدان، لها علاقة ارتباط جيدة بتشكل قشرات التضارب la croute de battance بكل أنواع التربة من جهة، وبأن هذه القشرات لها علاقة ارتباط قوية بضعف النفاذية وتحفيز السيل والتعرية من جهة أخرى، فمثلا، أظهرت الأتربة ضعيفة التطور، بسفوح القواعد القديمة وتكويناتها الخشنة السطحية، حساسية مرتفعة تجاه ظاهرة الانبثاق Rain Drop Impact وتكوين قشرات التضارب البنيوية والرسوبية. كما هو الشأن بمشارتي للحبوب تم اختبارهما بسفوح النضيد الديفوني، واللتين تأثرتا خلال قياسات فبراير 2016 بظاهرة الانبثاق (splash) التي هدمت جزء كبير من المجمعات الترابية، وكونت قشرة معممة بتغطية تراوحت بين 49 و 51%، وأضعفت النفاذية ب 2.28ملم/ دقيقة (136 ملم/ساعة) بالمشارة الاولى، و ب 0.45 ملم/ د (27 ملم/س) بالمشارة الثانية.

    1. اضعف علاقة الارتباط بين الانفتاح والنفاذية بالمشارات ذات الدورة الزراعية احادية الحبوب.

توصلت هذه الدراسة الى أن نسبة الانفتاح ليست معيار لتفسير عتبات النفاذية على المستوى العام (R²=0.001)، حيث انتقلت السطوح في عدة مشارات مختبرة، من حالة الانفتاح الى الانغلاق مباشرة بعد سكب الماء، ويفسر ذلك، إما نتيجة لوجود اندكاك تحت الحرث أو لتفكك المجمعات الترابية بسبب ضعف المادة العضوية، وبالمقابل أبرزت الحصيلة الدور المهم للتغطية العشبية في تفسير تباين عتبات النفاذية بكل المشارات الزراعية، حيث وصلت علاقة الارتباط بالأتربة ضعيفة التطور مثلا الى R²=0.52، أي أن استقرار هذه الاراضي مرتبط بحجم بقايا التغطية المحتفظ بها.

ويفسر ضعف ارتباط النفاذية بالانفتاح فوق المشارات المعتمدة على نظام الزراعة احادية الحبوب واراحة الاراضي، بعملية الحرث، التي تتم فوق مشارات فقيرة ومنهكة، حيث يؤذي الحرث في هذه الظروف، أولا الى تفكيك المسامية البنيوية للتربة وتحولها لمسامية نسيجية ، وثانيا، الى هشاشة المجمعات بسبب فقرها من المادة العضوية وهو ما يسرع عملية التحام المواد المعدنية الدقيقة مباشرة بعد التبلل، ومن تم تكون قشرات سطحية مؤقتة تعيق التصريف الداخلي لمياه الأنطار، وتنشط السيل والتعرية.

الشكل 3: علاقة الارتباط بين حالة السطح ووتيرة النفاذية بمشارات الزراعية البورية (حالة الأتربة ضعيفة التطور).

وبالتالي فالمتحكم في تحديد عتبة السلوك الهيدرولوجي للحقول السفحية و تباين تدهور المشارات بفعل السيول المولدة هو العامل البشري المتحكم في بنية القطاع الترابي.

    1. بعض التدابير المحلية المحافظة على التربة والمحسنة لسلوكها الهيدرولوجي.

عملية التدقيق في مختلف النتائج السابقة، وخاصة على مستوى التباينات الهيدرولوجية من مشارة لأخرى، يجعلنا نستخلص بعض التدابير من الدراية المحلية للحفاظ على التربة وزيادة مقاومتها وخفض خطر التعرية المائية بالهوامش.

أولها: اعتماد التناوب الزراعي حبوب-قطاني، لدور هذه الدورة في زيادة قدرة الاحتفاظ بالماء، وتخفيف خطر السيل.

ثانيا: الحرث حسب خطوط التسوية.

ثالثا: تحسين أسلوب الحرث، وذلك باستحضار المعايير التالية -قبل انجاز عملية الحرث- ومنها، الابقاء على أكبر قدر ممكن من بقايا الحشائش والتبن فوق المشارات الزراعية، وتعزيزها بالسماد العضوي (الدمل)، لأن الحرث في ظل هذه الشروط، يسمح بدفن كميات كبيرة من شظايا ووريقات التبن والحشائش، ومن تم تحقيق هدفين: هدف هيدرو-بنيوي يتمثل في منع الاندكاك، ورفع المسامية، وكفاءة النفاذية، وزيادة قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء. وهدف اقتصادي يتمثل في رفع المردودية، وخفض تكلفة شراء الأسمدة الكيماوية. وهدف بيولوجي: من خلال تحسن خصوبة التربة، ورفع محتواها من المادة العضوية، وزيادة نشاط الوحيش (كديدان الارض)، مما يرفع من مقاومة المجمعات تجاه الانبثاق Splash.

الصور 3: بعض أشكال التدبير المحافط بأراضي البور بسفوح حوض انفيفيخ (ال

رابعا: استعمال وسائل الحرث الملائمة: بالنسبة لوسائل الحرث، فيجب تجنب قدر الإمكان تكرار الحرث الالي السطحي بواسطة “كوفير كروب” واستبداله بمحاريث ذات الاسنان العمودية، لضمان التهوية والخشونة وتكسير الاندكاك، وكذا اعتماد الاليات الفلاحية الخفيفة والفعالة والمتكيفة مع ضعف سمك التربة وضيق بنية المشارات الزراعية. كما أثبتت القياسات نجاعة استعمال المحراث الخشبي في رفع النفاذية والحجز المائي من خلال زيادة الخشونة.

كل هذه الاساليب محلية وبسيطة وملائمة لوضعية الفلاحين الصغار بالمنطقة، لها وقع ايجابي على المردودية وزيادة مقاومة السطح للتعرية.

  1. خلاصة

مجمل القول، وانطلاقا من جملة القياسات المنجزة يتبين بأن الممارسات زراعية البورية تلعب دورا مفصليا في التحكم بدينامية السطح حاليا، من خلال تغيير حالة السطح، وتذبذب السلوك الهيدرولوجي، وتحديد مقومات تماسك المجمعات الترابية خاصة في الشق البيولوجي، ومن تم تبقى بعض الممارسات الواعدة من قبيل غراسة الزياتين، والتناوب الزراعي، والعناية بالأرض عن طريق التسميد العضوي والحرث المناسب، والاحتفاظ ببقايا التبن فوق المشارات، يمنح اراضي مستقرة ذات تصريف جيد، يقلص خطر الانبثاق ويمنع الاندكاك، فضلا عن رفعه للمردودية. وبالمقابل يشكل إهمال الأرض كاعتماد دورة زراعية احادية الحبوب، والحرث الميكانيكي المتكرر في ظروف غير ملائمة، من أهم مسببات الاخلال بحالة السطح، واضعاف نفاذيتها، ومن تم الاتجاه نحو تحفيز السيول ودينامية التعرية.

الوعي بهذه الثنائية من شأنه تعزيز دور وأهمية الدراسات التقويمية لمختلف الممارسات في الحقل المعرفي الاكاديمي، لما لها من إلهام لمتخذي القرار من داخل المؤسسات المعنية ، لبلورة نوع الحماية الناجعة للسفوح الهامشية بهضبة بنسليمان. وهنا لا بد من الاشارة الى أن نوع هذه التدخلات لا بد أن تراعي مقومات التربة نظرا للاختلافات التي تحملها. ومن هذا المنظور يجب تفعيل المقاربة التشاركية، لكن بحضور عنصرين مهمين الى جانب مختلف المكونات الاخرى، وهما المتخصصين والدارسين للمجال موضوع التهيئة بغض النظر عن الحقل المعرفي الذي ينتمون اليه، والعنصر الثاني هم الساكنة المحلية الخبيرة والتي من خلال درايتها يمكن أن تدحض أو تؤيد مختلف التصورات من خلال تجربتها وتمثلاتها الطويلة لمركبات التراب المحلي. لأن هذه العملية أساسية لتباذل الخبرات وزيادة مستوى الوعي المستدام.

  1. المراجع
  2. الأكحل، م.: دينامية المجال الفلاحي ورهانات التنمية، حالة هضبة بنسليمان، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية،وجدة، 349 ص (2001).
  3. Al Karkouri, L.: Dégradation du milieu naturel dans le bassin de Beni Boufrah (Rif central-Maroc) : analyse des facteurs et des processus, essai de quantification et modélisation spatiale. Thèse Doc. Etat, Univ. Mohamed V, Faculté des Lettres, Rabat, 392p (2003).
  4. Assouline , S., Tavares‐Filho , J., and Tessier D.: Effect of compaction on soil physical and hydraulic properties: experimental results and modeling. soil Science Society of America Journal,( 61): 390‐398. (1997).
  5. Boiffin, J.:. La degradation structurale des couches superficielles du sol sous l’action des pluies. These de docteur-Ingenieur. de l’INA-PG, 320 p. + annexes (1984).
  6. Boiffin, J., Pap, F., Peyre, Y .: Systèmes de production, systèmes de culture et risques d’érosion dans le Pays de Caux. Ministère de l’Agriculture (DIAME), INRA Paris, Rapport 154 (1986).
  7. Laouina, A,. Aderghal, M., Al Karkouri, J,. Chaker, M,. Machmachil, I,. Machouri1, N,. Sfa1, M.:. Utilisation des sols, ruissellement et dégradation des terres: le cas du secteur Sehoul, région atlantique (Maroc). Science et changements planétaires/Sécheresse,( 22,4), pp. 309–316 (2010).
  8. Lelong, F. , Roose, E., Darthout, Trevisan, D.: Susceptibilité au ruissellement et à l’érosion en nappe de divers types texturaux de sols cultivés ou non cultivés du territoire français. Expérimentation au champ sous pluies simulées. Science du sol, V 31. N 4 . pp. 251–279. (1993).
  9. Monnier, G., Boiffin, J., Papy F.: Réflexions sur l’érosion hydrique en conditions climatiques et topographiques modérées : cas des systèmes de grande culture de l’Europe de l’ouest. Cahiers ORSTOM. Série Pédologie 22,2, pp. 123-131 (1986).
  10. Nafaa, R.: Dynamique du milieu naturel de la Mamora et ses bordures. Thèse doctorat d’état en Géographie. Université Mohamed V, Rabat, 275 (2002).
  11. Ouvry, J.F.: Effet des techniques culturales sur la susceptibilité des terrains à l’érosion par ruissellement concentré. Expérience du Pays de Caux (France). Cahiers ORSTOM, série Pédologie , 25,1-2, pp. 157–169 (1990).
  12. Roose, E., Runoff and erosion before and after clearing depending on the type of crop in western Africa. Land Clearing and Development in the Tropics. AA Balkema Publishers, Rotterdam, pp. 317-330 (1986).
  13. Roose, E.: Méthodes de mesure des états de surface du sol, de la rugosité et des autres caractéristiques qui peuvent aider au diagnostic de terrain des risques de ruissellement et d’érosion, en particulier sur les versants cultivés de montagne. Réseau Erosion Bulletin n° 16, pp : 87-97 (1996).
  14. Adil Haddia 2020 : Effet des pratiques agricoles pluviales sur la Vulnérabilité à l’érosion hydrique dans le bassin moyen de l’Oued Nefifikh (Maroc atlantique). Revue Internationale des Sciences de Gestion International. ISSN : 2665-7374, Vol 3, nu 3.pp 500-516