تنازع القوانين في خصخصة المصارف

م.م. خليل علي زغير أ.د. عزيز الله فهيمي

1 رئاسة جامعة ذي قار, ذي قار,64001,العراق

2 قسم القانون الخاص, كلية القانون,جامعة قم الحكومية,ايران

HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj4140

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/01/2023م تاريخ القبول: 22/12/2022م

المستخلص

تعود فكرة تنفيذ الخصخصة إلى ابن خلدون عندما تحدث في مقدمته عن أهمية إشراك القطاع الخاص في الإنتاج منذ عام 1377 م ونصح ابن خلدون أن لا يتدخل السلطان أي الدولة في النشاط التجاري الواسع وترك هذا النشاط للتجار والمزارع حتى ينمي السلطان أمواله من الحماية. وهذا المعنى أكده العالم آدم سميث أبو الاقتصاد في كتابه “ثروة الأمم عام 1776” حيث دعا إلى الاعتماد على آلية السوق والملكية الفردية لتحقيق التنمية الاقتصادية.

وفي العصر الحديث ظهرت سياسة الخصخصة لأول مرة في بريطانيا في عهد مارغريت تاتشر من خلال تطبيق هذه السياسة الاقتصادية من خلال السماح للقطاع الخاص بلعب دوره على أكمل وجه من أجل الرخاء والتقدم وهكذا سعت حكومة تاتشر إلى إحداث انكماش في دور الدولة في قطاعات إنتاجية الخدمات من خلال تقليل نفقات التعليم العام ومطالبة الجامعات بتمويل نفسها وبالمثل ، تم تخفيض نفقات الرعاية الصحية والاجتماعية ، ومنذ ذلك الحين استمرت عملية الخصخصة في الانتشار والتوسع في العالم نتيجة النتائج الإيجابية التي حققتها التجربة البريطانية ، حيث يعتبر مصطلح الخصخصة مصطلحًا حديثًا وهو مصطلح إنجليزي PRIVATIZATION والذي يقابله بالعربية عملية تحويل المؤسسات العامة للقطاع الخاص ولم يتفق على اختيار مصطلح ليقابل مصطلح الإنجليزي PRIVATIZATION حيث استخدمت العديد من المصطلحات للتعبير عنه مثل الخوصصة ، الخصخصة ، التخديمة ، التخصيص ، الخاصية التخاص …. الخ .

وان دساتير دول العالم لا تقف عند حد تنظيم السلطات العامة وانما تتضمن ايضا عدداً من المبادی الاقتصادية والاجتماعية و عليه يجب أن لا تتصدم الخصخصة بتلك المبادئ الواردة في الدستور لذا فمن المفترض أن تتم عمليات الخصخصة في اطار من المشروعية القانونية فحق الدولة في تبني سياسة الخصخصة ليس حقا مطلقاً فالأمر هنا متعلق بفلسفة الدولة السياسية والاقتصادية التي تتبناها في دستورها ( اشتراكية او رأسمالية ) كما يرتبط ايضا بالهدف الذي تسعى اليه من خلال تطبيق سياسية الخصخصة وهذا يتطلب بيان حكم الخصخصة في كل من التشريعين الدستوري والقانوني.

الكلمات المفتاحية: الخصخصة، تنازع القوانين، المصارف، القانون العراقي

المقدمة

اصبح في وقتنا الحاضر نجاح المنظومة الاقتصادية لاي دولة مرهون بمدى فعالية ونجاح المنظومة المصرفية في تلك الدولة بالإضافة إلى الخدمات المصرفية المتعددة التي تقدمها اذ أن المنافسة دون أدنى شك تتأتي من تعدد المصارف وتعدد الخدمات التي تقدمها اولاً .

إضافة إلى دخول القطاع الخاص عن طريق الخصخصه إلى ميدان التعامل المصرفي وكلما تطور النظام المصرفي تبعه تطورا في الشكل والنظام الاقتصادي المتبع ، علمنا أن أكثر الدول النامية تعاني اليوم من تخلف في جهازها المصرفي وضعف ومحدودية امكانياته ولأجل تطويرها يتم السعي إلى وضع سياسات وخطط فعاله وعملية و مناسبة لتحقيق أهدافه وتوجيه نشاطه ومثال ذلك تجربة خصخصة القطاع المصرفي في مصر والإمارات وما احدثته من نتائج ايجابيه في تحسن الواقع المصرفي ولأن العراق من الدول التي تعاني من نظامها المصرفي بنقائض ومشاكل كثيره ومع الحاجه الاقتصادية الى خصخصة المصارف لتلبي احتياجات الواقع الاقتصادي العراقي الذي يعاني من المديونية الكبيرة والتي تعد الخصخصه احدی وسائل تخفيف عبء المديونية لاسيما وان احد اساليب الخصخصه هو بيع الوحدات الاقتصادية المملوكة للدوله الى اطراف القطاع الخاص وقد تكون الجهة التي تأثر شراء حصص من المصارف هي اجنبية وبالتالي يؤدي الى تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر توفير مناخ استثماري مناسب ولكن سوف تظهر هنا المسألة بشكل واضح ودقيق ذلك من خلال تحديد القانون الواجب التطبيق هل هو القانون الوطني وما مدى كفايته لاسيما وان العراق لازال يعتمد على منهج الاسناد و القواعد التي وردت في القانون المدني العراقي في المواد ( 14-۳۳ ) والتي أصبحت لاتلبي متطلبات العمل الاقتصادي في عالم اليوم والذي تمخض عنه الثالوث الاقتصادي العالمي ( صندوق النقد الدولي البنك الدولي للانشاء والتعمير – منظمة التجاره العالميه )

  • أهمية البحث

تكمن اهمية هذا البحث في الدور الفعال الذي يلعبه النظام المصرفي في تدعيم الاقتصاد الوطني ورفع معدلات نموه ، إضافة لذلك الاهميه الخاصه التي تحظى بها العمليات المصرفية المقدمة من البنوك الخاصة في الوقت الحاضر وكذلك ضرورة وجود مصارف خاصه لإنعاش الاقتصاد الوطني وكذلك ضرورة مواكبة التطور وخلق المنافسة بين المصارف من خلال عمليات خصخصة المصارف الحكوميه حيث أن الهدف الأساس الذي نسعى للوصول إليه هو وضع دراسة ملمة عن موضوع خصخصة المصارف في العراق والمتمثلة ببيع الدوله لجزء من مصارفها الى شخص أجنبي وأهم العراقيل التي ممكن أن تواجهنا في هذا المجال لاسيما في تحديد القانون الواجب التطبيق عليها وكذلك وسائل حل النزاعات الناشئه عنها .

  • أشكالية البحث

يتمحور البحث حول إشكالية وجود فراغ تشريعي في قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004 فيما يتعلق بموضوع خصخصة المصارف والقانون الواجب التطبيق عليها في حال يثار نزاع ما في هذا الخصوص وهل من الممكن الركون الاعتماد على قواعد الاسناد التقليدية ؟ ام ان هنالك منهاج اخر يجب الاعتماد عليه للوصول الى نتائج مرضيه ؟

وما هي الوسائل التي يمكن اللجوء اليها لحل تلك النزاعات ومدى ملائمتها الطبيعة النشاط المصرفي وما يتميز به من ضرورة الائتمان في التعاملات .

المبحث الأول : مفهوم خصخصة المصارف

ان الخصخصة هي سياسة اقتصادية تلجأ إليها الدول في تنظيم حياتها الاقتصادية ويختصون بوضع الأسس والقواعد المقررة لهم في دساتيرهم لما تمثله هذه السياسة من خطورة على المالية العامة للدولة والاقتصاد الوطني.

لذلك تسعى الدول إلى وضع تنظيم دستوري وقانوني لها من أجل تحقيق حدود واضحة في مسار تلك السياسة الاقتصادية وهذا ما لاحظناه بوضوح في النشر الدستوري والقانوني الإنجليزي ، حيث حرص المشرع الدستوري على توضيحه وحكم الخصخصة بمعناها القانوني ، حيث حرصت على وضع الخطوط والحدود اللازمة لتنفيذ هذه السياسة الاقتصادية والمالية ، وهو ما كان ينقص التشريع العراقي في دفاتره الدستورية والقانونية. ¹

فلم يشهد العراق أي قانون واضح صريح ينظم عملية الخصخصة منذ ظهور ملامح التوجه للخصخصة في الاقتصاد العراقي عام ۱۹۸۷ وليومنا هذا ، أما فيما يتعلق بدستور العراق النافذ الصادر عام 2005 ، فأن نصوصه جاءت خالية من تلك النصوص المقيدة للأخذ بالخصخصة ، وتهدف نحو التحول نحو التحرر الاقتصادي و إذا أمعنا النظر في نصوص دستور العراق لعام 2005 والمتعلقة بالحقوق والحريات الاقتصادية الاجتماعية فيمكن لنا أن نستخلص توجه المشرع الدستوري نحو اقتصاد السوق الاجتماعي و ندعو المشرع الدستوري العراقي أن يخص بعض المرافق الأساسية بحماية خاصة بشكل صریح وذلك لضمان سيرها بانتظام واضطراد نظرا لأهميتها الخاصة في الحياة العامة اسوة بما فعل المشرع الدستوري الانكليزي الذي فرض التزام سلبي يمنع خصخصة المرافق العامة الوطنية والمرافق المحتكرة من قبل الدول التي لم يجوز خصخصتها نظرا لكونها المرافق هامة وحيوية ويفترض أن تضل بين الدولة و ضرورة

وضع تشريع قانوني خاص في العراق بموضوع خصخصة المرافق العامة يقوم على التنظيم الشامل لفكرة التخصيص وتحديد اختصاصات كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية في تحويل رأس مال الدولة وهذا التشريع القانوني يتماشى مع المبادئ العامة في الدستور مع ضرورة النص على وجود تعويض عادل للدولة مقابل خصخصة أموالها العامة والتأكيد على وجود خبراء مؤهلين ومستقلين تمامًا عن المستفيدين المحتملين من الخصخصة ، الذين يقيّمون المنشآت المراد خصخصتها وفق معايير وأساليب موضوعية تضمن التقييم الحقيقي للمشاريع العامة التي سيتم بيعها.

المطلب الاول : الاساس القانوني للخصخصة في المصارف ودوافع اللجوء اليها

توصف الخصخصة بأنها نظام اقتصادي يوضع تحت أطر قانوني تابع للدولة وعلى هذا الاساس سنبين الاساس القانوني للخصخصة في المصارف ودوافع اللجوء الى الخصخصة في المصارف وفيما يتعلق بالتنظيم القانوني للخصخصة في العراق ، لم يشهد العراق أي قانون واضح وصريح ينظم عملية الخصخصة منذ أن ظهرت ملامح التوجه نحو الخصخصة في الاقتصاد العراقي في عام ۱۹۸۷ وليومنا هذا ، غير أن الفقه العراقي ونؤيده في ذلك يسجل بأن عام ۱۹۸۷ كان بداية التطبيقات الإصلاح الاقتصادي في العراق ، إذ أصدر المشرع القانوني العديد من القوانين العراقية التي تدعم القطاع الخاص بشكل غير مباشر وذلك من خلال رفع قيود كثيرة من أمام القطاع الخاص والسماح له وتشجيعه على مزاولة العديد من الأنشطة التي كانت حكرا على القطاع العام ، وتقديم التسهيلات للمستثمرين عن طريق إعفاء المشاريع الصناعية إعفاء أكاملا من الرسوم والضرائب ²، وتقديم تسهيلات لرووس الأموال العربية والأجنبية الوافدة ، وصولا إلى تقليص دور القطاع العام فضلا عن إصدار مجلس قيادة الثورة المنحل للعديد من القرارات التي تقضي بالأخذ بالخصخصة الصريحة للعديد من الوحدات الاقتصادية أو المشروعات العامة كما قد تم تحويل عدد من المؤسسات العامة التي تمارس نشاطا اقتصادية إلى شركات عامة تعمل على أسس تجارية ثم بيعت أعداد كبيرة من المشروعات العامة العاملة تلك بعد إعادة هيكلتها وتحويلها الشركات عامة ، وبالرغم من انتهاج المشرع القانوني لهذا النهج القانوني الذي تأخذ بالخصخصة بمفهومها القانوني الصريح في جانب من تلك التشريعات أو في جانب من نصوصها ، غير أنه لم يستعمل مصطلح الخصخصة فيها ، وذلك خشية الاصطدام بالنهج الاشتراكي لنصوص دستور ۱۹۷۰ الملغي التي صدرت تلك التشريعات في ظله ، وهذا ما يقرره الدستور في أكثر من مادة من مواده كما قرر ملكية الشعب من خلال الدولة لوسائل الإنتاج الأساسية و الثروات الطبيعية و هذا ما قضت به المادة ( ۱۳ ) منه و بشكل صريح ، إذ نصت على :

” ان الثروات الوطنية ووسائل الإنتاج الأساسية ملك للشعب تستثمرها السلطة المركز في جمهورية العراق استثمارأ مباشرة وفقا لمقتضيات التخطيط العام للاقتصاد الوطني “

مما يجعل تلك النصوص تشكل قيودا على حرية الدولة في تبني سياسة التحول نحو القطاع الخاص أن كان الهدف من هذا التحول يرمي إلى التحول عن النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي ، ولكن مما يلاحظ بأن عمليات الخصخصة التي تمت بموجب تلك التشريعات القانونية لم تتناول وسائل الإنتاج الأساسية والثروات الطبيعية واقتصرت على المشروعات والوحدات الاقتصادية التي لا تعد من قبيل ذلك .

وعليه فالمشرع القانوني العراقي وأن كان قد أخذ بشكل ما بالخصخصة ولكنه لم يجعلها مشتملة على عناصر الإنتاج الرئيسة أو الثروات الطبيعية تفاديا للاصطدام بالمنهج الاقتصادي الاشتراكي الذي سار عليه دستور ۱۹۷۰ ، ولجوئه لذلك كان بغرض التخلص من مساوی الإدارة المباشرة لبعض القطاعات الإنتاجية وبعض الخدمات الخاصة بعد تراجع معدلات الناتج الوطني نتيجة الحروب التي أنهكت الاقتصاد الوطني ولغرض الوصول إلى الميزات التنموية للخصخصة .

أما فيما يتعلق بدستور العراق النافذة الصادر عام 2005 ، فأن نصوصه جاءت خالية من تلك النصوص المقيدة للأخذ بالخصخصة ، وتهدف نحو التحول نحو التحرر الأقتصادي ، إذ نصت المادة ( 25 ) الواردة في الباب الثاني الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على:

” تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده ، وتنويع مصادره ، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته ” ³

وأيضاً :

” تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة ، وينظم ذلك بقانون “

أما المادة ( ۱۱۲ ) منه فأكدت على تطوير الثروة النفطية والغاز بالاعتماد على أحدث مبادئ السوق .

ويمكن من خلال ما تقدم استخلاص رغبة المشرع الدستوري بالأخذ بالأسس الاقتصادية الحديثة و مبادئ السوق ، ويعد اقتصاد السوق والاقتصاد الحر ، وتشجيع القطاع الخاص من الأسس الاقتصادية الحديثة التي تأخذ بها اقتصاديات الدول في الوقت الراهن ، ويذهب جانب من الفقه العراقي إلى أن تأثر الاقتصاد العراقي بالأفكار الاقتصادية الحديثة و السائدة لدى الدول التي احتلته والتي تأخذ بالنظام الاقتصادي الرأسمالي هو ما يعزز هذه القناعة المتمثلة برغبة المشرع الدستوري بالانتقال إلى الاقتصاد الحر وخصوصا في ظل رغبة الدولة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ، ويمكن أن تعزز هذه القناعة بامر آخر يتعلق بسعي الحكومة العراقية بعد عام ۲۰۰۳ إلى التعامل مع صندوق النقد الدولي وإرسال ( خطاب النوايا ) من أجل إطفاء الديون الخارجية المستحقة على العراق ومعالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد العراقي والذي يفرض على العراق تبني برامج الإصلاح الاقتصادي المتمثلة ببرامج التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي المتضمنة لعمليات الخصخصة ، وقد وقع العراق بالفعل مع صندوق النقد الدولي اتفاقيات وأولها كان مع نادي باريس في ( ۲۱ / تشرين الأول / ۲۰۰۶ ) و التي ربطت العراق بموجبها بسياسة السوق الحر ، كما فرض على الحكومة العراقية بعد المصاد على اتفاقية المساندة ( SBA ) مع صندوق النقد الدولي وضع ستراتيجية لإعادة هيكلية الشركات العامة وخصخصتها وإدارتها على أسس اقتصادية ، بما فيها إنشاء صندوق ملكية الدولة الإدارة الممتلكات الحكومية على أسس تجارية وجذب المستثمرين وتشجيع المشاريع ضمن تلك الشركات فقد أصبحت تصفية المشروعات العامة غير القادرة على الاستمرار شرطة من شروط الإقراض في صندوق النقد الدوليه وكل ذلك مما يفرض على العراق التزاما دوليا يستوجب على العراق الوفاء به هذا وقد جاء دستور العراق خاليا من بيان القيمة القانونية للمعاهدات والاتفاقيات الدولية ، إلا أن الإجراءات التي تتعلق باقرارها والمصادقة عليها تجعلنا نذهب بالقول بأن لها مكانة التشريعات الداخلية إذ تقضي المادة ( ۱۷ ) من قانون عقد المعاهدات رقم ( 35 ) لسنة ۲۰۱۵ على لزوم موافقة مجلس النواب على قانون التصديق على المعاهدة أو قانون الانضمام إليها بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس فضلا عن مصادقة رئيس الجمهورية عليها بعد موافقة مجلس النواب ، وتعد مصادق عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ تسليمها .⁴

وبعيداً عن تلك الدلائل المشار إليها أعلاه فإن مما لا يقبل الشك ، أن دستور العراق لم يأخذ باي أيديولوجية او فلسفة تحظر الأخذ بالخصخصة حتى وان لم يشر بصراحة النص إلى الأخذ بها ، وهذا يعد كافية للأخذ بهذه السياسة الاقتصادية أن تطلب المصلحة الوطنية ذلك أو فرضت على العراق تلك السياسة بسبب التزاماتها الدولية ، لأن دستور العراق لم يتضمن نصوصأ تقيد سلطاته العامة من الأخذ بالخصخصة بل أن المواد ( 25 ، 24 ، ۱۱۲ ) منه تشير إلى ما يشجع على الأخذ بتلك السياسة الاقتصادية ، بيد أنه من الضروري في هذا السياق أن تلفت النظر أن تلك النصوص التي تشجع على الأخذ بالاقتصاد الحر ( اقتصاد السوق ) لا يعني بحال من الأحوال غياب القطاع العام ودور الدولة في تنظيم الحياة الاقتصادية ، لاسيما فيما يتعلق بالثروتين الطبيعيتين النفط والغاز ، والذي يقضي الدستور على أنها ملك للشعب العراقي، كما يقضي بوجوب الإدارة المشتركة للنفط والغاز ، بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة .

وإذا أمعنا النظر في نصوص دستور العراق لعام 2005 والمتعلقة بالحقوق والحريات الاقتصادية الاجتماعية فيمكن لنا أن نستخلص توجه المشرع الدستوري نحو اقتصاد السوق الاجتماعي، وهذا ما يظهر لنا من المادتين ( ۲۲ و ۲۳ ) منه ، كما وأنه من خلال مراجعة نصوص هذا الدستور يتضح لنا وبوضوح تكفل الدولة بتوفير العديد من الخدمات ما يفرض العديد من الواجبات الأساسية التي على الدول أن تتولى القيام بها لمصلحة أفراد المجتمع مما يعني عدم جواز خضوعها للخصخصة بالمفهوم القانوني له ، لأن ذلك سيفوت الفرصة على المنتفعين من تلك الخدمات من الانتفاع بها كما يجب ، لو تم نقل ملكيتها للقطاع الخاص ، الأمر الذي يؤدي إلى مخالفة أحكام الشرعية الدستورية التي تقع في قمة الهرم القانوني لتشريعات الدولة ، فوفقا لما جاء بنصوص دستور العراق يقع على عاتق الدولة توفير الحماية والأمن للأفراد عن طريق القيام بمهام الأمن الداخلي والخارجي ، وتحقيق العدل بين الناس فضلا عن كفالة توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية هذا ومن جهة ثانية فإن كفالة الدستور لحق الأفراد والهيئات بإنشاء المستشفيات أو المستوصفات ودور العلاج أو بكفالته حقهم في التعليم الخاص والأهلي لا يفهم منه جواز خصخصتها ، بل هو إفساح المجال لهم بتأسيس تلك المرافق الخدمية جنبا إلى جنب مع مرافق الدولة في تلك المجالات وفي ذلك تعزيزا لتفعيل أسلوب المنافسة ومنع الاحتكار .5

فالمشرع الدستوري قد أكد على كفالة الدولة لتشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة وهو ما قضت به المادة ( 24 ) منه والمشار إليها سلفا ، أما فيما يتعلق بطبيعة الأموال العامة التي يحق للدولة خصخصتها وتحويل ملكيتها للقطاع الخاص ، فان دستور ۲۰۰۰ النافذ قد جاء بنص يقضي بحرمة الأموال العامة ووجوب حمايتها في البند الأول من المادة ( ۲۷ ) منه ، في حين تضمن البند ثانیأ منه على نص يقضي بإصدار قانون ينظم الأحكام الخاصة بحفظ أملاك الدولة وإدارتها وشروط التصرف فيها ، والحدود التي لا يجوز فيها النزول عن شيء من هذه الأموال ، مما يوحي بأن المشرع الدستوري قد أراد أن يميز بين أموال الدولة العامة وبين أموالها الخاصة ، إذ قضى بالبند أولا بحرمة الأموال العامة ووجوب حمايتها ، وقضى بالبند الثاني بوجوب أن يكون التصرف بأملاك الدولة وإدارتها وبشروط التصرف ، والحدود التي لا يجوز النزول فيها عن شيء منها بقانون ، وذلك يمكن أن يفسر بجواز التصرف بأموال الدولة الخاصة وفق شروط ينظمها المشرع القانوني العراقي ، كما ينظم الحدود التي لا يجوز فيها النزول عن شيء من تلك الأموال وهذا ما يؤكده جانب من الفقه العراقي قائلاً :

” أن النص ميز بين ” الأموال العامة ” و أملاك الدولة ” …

وكان واضعوه عادوا إلى النظرية التقليدية للتمييز بين الأموال العامة ” الدومين العام ” و أموال الدولة الخاصة ” الدومين الخاص ” ، كما يسجل هذا الفقه ملاحظته للنص الدستوري الذي لم يلقي على عاتق الدولة مسؤولية حماية المال العام ، إذ حصر النص واجب الحماية على المواطنين ، في حين أن واجب الحماية يقع قبل كل شيء على الدولة التي عليها أن تمنع التصرف به أو التجاوز عليه أو تملكه بالتقادم هذا وقد استقر الفقه على مد الحماية للأموال العامة والخاصة على حد سواء وبالتالي عدم التمييز بينهما ، وأن المشرع القانوني العراقي حسم موضوع معيار المال العام في القانون المدني العراقي بالنص عليه في ( م ۱/۷۱ ) والتي جاء فيها

” تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة أو بمقتضی القانون ۲۰۱۲ ” وعليه يمكن أن نستنتج بأن المال يعتبر ما عامة أن توافرت فيه العناصر الأتية . أن يكون المال عائدا للدولة أو أحد أشخاص القانون العام وسواء أكان هذا المال ثابتا منقولاً وأن يكون هذا المال مخصصا لمنفعة عامة ، بالفعل أو بمقتضى القانون ، ويفسر الفقه الإداري تلك العبارة هو بأن يكون المال مخصصا لخدمة الجمهور مباشرة كما في الطرق والساحات العامة والجسور وشواطئ البحر والمكتبات العامة 6.

وأن تكون مخصصة لخدمة مرفق عام وتتضمن كل الأموال المخصصة لتسيير و إدارة المرافق العامة بصرف النظر عن أهميتها وكونها ضرورية ولها الدور الأساسي في تسييرها هذا وأن نص الفقرة الأولى من المادة ( ۷۱ ) من القانون المدني العراقي ، كما يذهب جانبا من الفقه العراقي والبحث يؤيدهم ، لم يقتصر على إعطاء تعريفا للمال العام ومعيارة تخصيص المال للمنفعة العامة وإنما قد قرر لنا في ذات الوقت قاعدة عامة مفادها أن الأموال المملوكة للدولة هي أموال خاصة في الأصل ، وأن تخصيص المال للمنفعة العامة هو الذي يعطيه وصف ( المال العام ) سواء كان هذا التخصيص بطريق رسمي بصدور قانون أو قرار أو مرسوم فيصبح المال الخاص داخلا في الدومين العام بموجب تلك الأدوات القانونية ، أو كان هذا التخصيص بطريق فعلي ، عن طريق قيام الدولة بتهيئة المال المملوك لها ملكية خاصة ليكون صالحا للمنفعة العامة عن طريق رصده فعلا لهذا الغرض فيسمى مالا عامة بحكم الواقع .

وتتمحور فكرة دوافع اللجوء الى الخصخصة في المصارف الحكومية في عدة أتجاهات، يمكننا حصرها فيما يلي:

أ_ الدوافع الداخلية مثل الدوافع الاقتصادية التي تمثلها تحسين كفاءة أداء المشاريع ، حيث تقوم سياسة التخصيص على فرضية أساسية أن القطاع العام أو الدولة يجب أن يأخذ بيده من إدارة المشاريع ، مما يساهم في توفير الموارد وتحسين أداء هذه المشاريع وبالتالي زيادة الاقتصاد. معدلات النمو ، لذلك يستخدم صاحب الملكية الخاصة قدرًا أكبر من الكفاءة التي أهدرت من قبل أو تم استخدامها بكفاءة أقل ، وتحسين أداء هذه المشاريع ، وبالتالي زيادة معدلات النمو الاقتصادي .

وتوسيع قاعدة الملكية بمعنى توفير مستوى من تكافؤ الفرص لصغار المدخرين لتعظيم العائد على ما لديهم في المتجر ، إما مباشرة عن طريق شراء أسهم المشروبات العامة أو من خلال المشاركة في صناديق الاستثمار الجماعي التي تتعامل مع هذه الأسهم.

أخيرًا ، الديمقراطية الاستهلاكية مثل الادعاء الثالث من جانب الحكومة لتبرير سياسة الخصخصة في إقامة نظام يتسم بديمقراطية المستهلك يمثل فيه المستهلك حرية الاختيار بدلًا من إخضاعه للنظام يتميز بالصور النمطية المملة و مشاريع استجابة لطلب السوق بدلاً من إخضاعها لقيود أساسية.

ب : دوافع مالية ، حيث تعاني العديد من الدول من الأعباء الملقاة على الموازنة العامة ومحاولة تقليل الإنفاق العام قدر الإمكان ، ولا يتم ذلك إلا من خلال التخلص من الدولة من الأنشطة العامة وإجبار القطاع الخاص على تنفيذها أي فهي تحمل تكلفتها على المتلقين أو المستهلكين. لذلك تهدف برامج الخصخصة إلى خفض الإنفاق العام على عاتق الدولة وكذلك التخلص من التدفقات الخارجة على شكل قروض ودعم لإنقاذ الإفلاس المالي للشركات العامة. يمكن للخصخصة من قبل الدولة أن تقلل من عبء تقديم الخدمات العامة وعبء دعم بعض هذه الخدمات.7

وباعتبار الخصخصة مصدر التمويل لخزينة الدولة من خلال بيع الشركات التي تؤول إلى الدولة ويمثل جهود الخصخصة ليس فقط تحقيق الإنفاق العام بل أيضا زيادة التدفق النقدي إلى خزانة الدولة ويتم هذا من خلال بيع بعض شركات القطاع العام للقطاع الخاص .

ج_ الدوافع السياسية والقانونية ، يمكن النظر إلى سياسة الخصخصة على أنها حل سياسي تستخدمه الحكومة الساعية للتغلب على أزمتها المالية نتيجة تعزيز اللجوء إلى الحلول الاقتصادية والمالية أو بسبب مخاطرها الاجتماعية على الأوضاع السياسية والنتيجة هي مشاكل اقتصادية طويلة الأمد قيد التغيير. اقتصادياً رغم نجاحهم السياسي ، وذكر أن هناك خرقا لمكانة الدولة ، ولا لعملها السياسي ، كما يمكن الحفاظ على دورها الاقتصادي ، خاصة في المجالات الاقتصادية حيث تلعب دورا أكثر أهمية من القطاع الخاص.

د _ الدوافع الاجتماعية فيعتقد البعض أن الخصخصة قد تكون الوسيلة المناسبة لتحقيق المزيد من الحرية الشخصية ، وتقوية الدافع الشخصي للإنتاج ، والقضاء على السلبية ، وتحقيق انخفاض في السلوك السلبي في مجال العمل ، وتؤدي الخصخصة إلى القضاء على الملاعب الاجتماعية على شكل المحسوبية وعدم المحاسبة على الإهمال كشكل من أشكال التضامن. القطاع الاجتماعي والقطاع الخاص أكثر قدرة على محاسبة العامل الذي لا يعمل أو يقصر في عمله ، وقد يعتقد البعض أن شدة المساءلة ليست في مصلحة العمال ، بل على العكس من ذلك ، لصالحهم ، فيؤدي ذلك إلى إنتاج أكبر وتكلفة أقل وجودة أعلى ، وبالتالي أرباح أعلى لكل من المشروع والعامل ، وهنا يتحول العامل إلى شريك في أرباح المشروع الذي يعمل عليه.

هـ _الدوافع الخارجية اي الدعوة للتحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص من طرف الدول المتقدمة بمعنى التسليم بأن آليات السوق هي أفضل أداة لتحقيق التخصيص الأمثل للموارد ، فنظرية كيتز كانت فتحا جديدا في علم الاقتصاد البرجوازي ومن ثم الاقتصاد البريطاني وخاصة نظرية ” طلب فعال ” في ضبط إيقاع النشاط الاقتصادي .8

ووفقا لبيانات البنك الدولي فقد بلغت عدد حالات الحوضة في الدول النامية الآلاف ووصلت حصيلة البيع عام 1992 إلى 23.1 مليار دولار ووصل عدد الدول التي اتبعت سياسة الخصخصة 43 دولة و 1995 بلغت حصيلة البيع 135 مليون دولار .

فضلاً عن المنظمات المالية الدولية والدعوة إلى الخصخصة حقيقة آليات الاقتصاد العالمي ،حيث تعمل في اتحاد نقل أكبر جزء من عبء الركود الاقتصادي إلى العالم الثالث ، فالركود الصناعي في الشمال ساعد إلى التدهور أسعار المواد الأولية والطاقة كما ان اجراءات الحماية خفضت إمكانيات تصدير السلع المصنعة إلى الأسواق العربية ، وهذا ما انقص موارد بلدان الجنوب من العملات الصعبة في الوقت الذي بلغت فيه ديونا حجما كبيرا وقد أدى إلى تناقص موارد دول الجنوب إلى استمرار خدمة الديون الكبيرة ، وبالتالي تدهور اقتصادي شامل تحملت المشروعات المملوكة ( التابعة للدولة وأثره الفادح في هرم رأس المال الثابت ، والتشغيل بجزء محدود من الطاقة الحركية ، بسبب تعذر إستراد مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار ، وبدأت خسائر تلك المشروعات في التزايد فأسندت إليها القوى الرأسمالية الخارجية والمحلية في شن حملة تنديد بالقطاع العام ، أعابت عليه قصوره وسوء إدارته ( سمح بتدخل FMI ) فالشركات المتعددة الجنسيات تعتبر العالم كله سوقا لها ومن تم فهي تزيد للاستيلاء على أي وحدة إنتاجية هامة في بلدان العالم الثالث ، ولو تحت شعار الشركات المختلطة مع القطاع العام ، ولكنها تختم أكثر من ذلك بتقليد دور الوساطة الدولة في تنظيم الاقتصاد ، حتى لا يتدخل أحد في نشاطها سواء في الداخل أو الخارج ، كما أن هناك نزعة عالمية ، تهدف إلى تحول من التركيز على القطاع العام صوب القطاع الخاص كجزء من التصحيح الاقتصادي الهيكل كظاهرة قوية ضاغطة وقد تعدي هذا التحول نطاق الفكر واختيار الأنساق الاقتصادية الجزائرية ليشكل ضغطا سياسيا مكشوفا تمارسه الدول العربية الصناعية الكبرى في تعاملها مع بلدان الدول النامية كما يمارسه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .

وعندما تتبنى الدول الخصخصة ، عادة ما ترغب في تحقيق عدد من الأهداف ومنها :9

• تحسين الكفاءة الاقتصادية من خلال الاعتماد على اليات السوق والمنافسة .

• تخفيف الأعباء المالية للدولة التي تسببها شركات القطاع العام الخاسرة ، وبالتالي تتمكن الدولة من توفير موارد مالية لتمويل أنشطة أخرى .

• توسيع حجم القطاع الخاص والاعتماد عليه أكثر في عملية النمو والتنمية . ، تطوير الأسواق المالية المحلية .

• توسيع قاعدة الملكية .

و قد يحصل ، في بعض الحالات ، تضارب بين هذه الأهداف وإذا حاولت الدولة تحقيقها جميعا فقد يؤدي ذلك إلى فشل العملية . فإذا أرادت الدولة مثلا تحسين أداء الشركة ورفع كفاءتها فقد تحتاج إلى بيع نسبة كبيرة منها إلى مستمر إستراتيجي محلي كان أو أجنبي وإذا كانت الدولة ، في نفس الوقت ، تهدف إلى توسيع قاعدة الملكية فإنها تحتاج إلى توزيع أسهم الشركة على أكبر عدد ممكن من المشترين .

إذن فمن المهم جدا إختيار طرق الخصخصة بحيث تتناسب مع الأهداف ولا تسبب أي نوع من التضارب بين هذه الأهداف اي يجب على الدولة أن تميز بين مختلف القطاعات وأحجام الشركات أثناء إعداد برنامج الخصخصة وبالنسبة لنوع الشركات التي يمكن خصخصتها عند بداية العملية ، لا توجد هناك إستراتيجية واحدة تتبع في كل الظروف .

وبالنسبة لخصخصة الادارة ، فتهدف خصخصة الادارة الى رفع كفاءة شركات القطاع العام من خلال تحسين إدارتها بإدخال تقنيات إدارة شركات القطاع الخاص ، وتكمن خصخصة الإدارة بأشكالها المختلفة أي عقد الادارة والتأجير والامتياز ، أن تمثل غاية في حد ذاتها أو مرحلة إنتقالية في طريق انهاء ملكية الدولة .

فبالنسبة لعقد الادارة هو إتفاق تعاقد من خلاله مؤسسة عمومية مع شركة خاصة لإدارة هذه المؤسسة ففي هذه الحالة ، تحول فقط حقوق التشغيل الى الشركة الخاصة وليس حقوق الملكية ، وتحصل الشركة الخاصة على رسوم مقابل خدماتها ، وبالإمكان ربط هذه الرسوم بأرباح الشركة أو بأدائها كما تبقى المؤسسة العمومية مسؤولة عن نفقات التشغيل والاستمار وتستخدم هذه الطريقة خاصة في حالات تريد فيها الحكومة تنشيط شركات خاسرة وذلك بإدخال طرق إدارة القطاع الخاص من أجل رفع قيمة هذه الشركات وأسعارها حين تعرض للبيع وقد بينت تجربة كثير من الدول نجاح عقود الادارة في عدد من القطاعات ففي لبنان مثلا ، طبقت طريقة عقود الادارة في ثلاثة مشروعات هي10 : جمع النقابات وتشغيل وإدارة محرق النفايات ومصنع معالجة النفايات وفي غينيا بيساو استخدمت هذه الطريقة في قطاع الكهرباء في عام 1986 عندما طلبت الدولة مساعدة فنية من فرنسا لتطوير هذا القطاع ، وأخيرا تعاقدت مع هيئة الكهرباء الفرنسية لادارة هذا القطاع ، وجددت التعاقد عام 1991 وكانت النتيجة زيادة في الطاقة الكهربائية وتحسن في أداء التشغيل والكفاءة المالية ( والميزة الرئيسية لعقد الادارة ، من وجهة نظر الدولة ، أنه سمح لها بالاحتفاظ بملكية الشركة كما أنه يمكنها من حل مشكلة القصور الاداري وذلك بالحصول على أحسن الخيرات الادارية وفي الوقت نفسه التحكم في نطاق واستخدام هذه الخبرات من خلال عقد الادارة .

ولكن لعقود الادارة عيوباً تكمن خاصة في إزدواجية الادارة الخاصة والملكية العامة فالمتعاقد مع الدولة لا يتحمل المخاطر حيث تحمل خسائر ناجمة عن عمليات الشركة والاتفاق الذي يضمن للإدارة رسوما ثابتة بغض النظر عن أداء الشركة لا يعطي هذه الإدارة أية حوافز لرفع الكفاءة والحفاظ على قيمة الأصول . ويمكن معالجة هذه العيوب من خلال ربط جزء من رسوم الادارة بالأرباح أو الانتاج أو المبيعات التي تحققها الشركة وحسب طبيعة هذه الشركة .

المطلب الثاني : الاختصاص التشريعي في المنازعات الناشئة عن خصخصة المصارف

يحرص غالبية مشرعي دول العالم في النص على قواعد إسناد معينة تهدف إلى تنظيم العلاقات الخاصة التجارية و المدنية التي تجري بين أفراد المجتمع الدولي ، من خلال حرص القضاء في كل دولة على الالتزام بتطبيقها في كل حالة تثار فيها مسألة القانون الواجب التطبيق على العلاقة الخاصة الدولية وتختلف هذه القواعد باختلاف طبيعة العلاقة المعروضة على القاضي ، وما يهمنا من هذه القواعد قاعدة الإسناد الخاصة بالالتزامات التعاقدية ، ما دام أن دراستنا تتركز في ميدان الخصخصة ، وما دام أن تلك القاعدة تعالج كافة المسائل الموضوعية للعقد باستثناء شکل العقد و أهلية التعاقد اللذين خصهما المشرع بقاعدة إسناد مستقلة تختلف عن تلك التي موضوع العقد

حيثظهرت فكرة قاعدة الإسناد إلى الوجود بسبب أن العلاقة ذات الطابع الأجنبي محل النزاع تؤدي غالبا إلى وجود أكثر من قانون مختص بنظرها والفصل فيها ، ونظرا لهذا التزاحم الذي يعيق طريق إيجاد الحل المناسب و الملائم لهذه العلاقة ، قامت معظم التشريعات يإيجاد قواعد خاصة مثل هذه العلاقات الأجنبية أطلق عليها تسمية قواعد تنازع القوانين أو قواعد الإسناد وفقا للاستعمال الشائع بين فقهاء ومن أجل فهم قاعدة الإستاد ، تقود مسألة اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق الى إعادة النظر في قاعدة التنازع التقليدية التي تطبق بصفة مجردة دون اخذ ظروف القضية في الاعتبار كما لا تعني بالحل الموضوعي للنزاع الذي يأخذه أطراف النزاع بالاعتبار باختيار القانون الواجب التطبيق على الموضوع طبقا لمبدأ سلطان الإرادة لذلك طبق القانون المختار من قبل الإطراف متلافيا تطبيق قاعدة التنازع التقليدية طبقا للمنهج السافيني وهو ما قاد الى سن قواعد تنازع تتضمن حق الاختيار لما للإرادة من دور هام في حل المنازعات ولتفضيل طرف اولى بالرعاية فالإرادة تلعب دورا ملموسا في الإسناد و تختار قانون مخالف القانون الناتج عن الإسناد الموضوعي LeRatta chriseat objectif ويحدث ذلك عندما يختار الإطراف قانونا ” معين بتفضيل عن الآخر وغالبا ما يكون القانون المفضل هو قانون القاضي ويتعلق الأمر بمكنة الأطراف في اختيار قانون آخر بخلاف القانون الواجب التطبيق عادة بغرض تحقيق هدف موضوعي معين يتفق وطبيعة العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي ولأجل أبراز دور الإرادة في اختيار وتعيين القانون المختص يحكم العلاقة القانونية وإبراز أثرها في قاعدة الإسناد ، وتعلى فكرة القانون الملائم أو المناسب ذلك القانون الذي يلائم ظروف أطراف العلاقة القانونية وهو ما لم يعد مأخوذ به ، إذ أنه يستند الى المفاهيم الشخصية للعقد خصوصا ً نظرية اندماج القانون في العقد التي لم يأخذ بها القانون الوضعي فان القانون الأنسب La loi approprieea يعني القانون الأفضل لتنظيم العلاقة القانونية محل نزاع ويسعى أطراف العلاقة القانونية ، أما في المفهوم الموضوعي فيعني تحديد قانون مناسب كحكم هذه العلاقة ويتعين أن تكون قاعدة الإسناد ذات مضمون موضوعي يمنح دور الإرادة الأطراف ولا توجد هذه الموضوعية إلا من خلال القيام بدور مصحح كما سنرى .

إذ تقوم الإرادة بدور واسع في تقويم أنظمة الإسناد وذلك عندما تختار قانون معین مخالف للقانون الواجب التطبيق بناء على الإسناد الموضعي فتعالج بذلك كافة الأخطاء التي تنتج عن تطبيق قاعدة الإسناد ولذا فأن دورها هنا دور تصحيحي وإضافة الى دورها في إزالة الجمود الذي تتصف به قواعد الإسناد حيث قادت الآلية التي تتصف بها هذه القواعد الى جمود أنظمة الإسناد مما أدى الى كثرة الانتقادات الموجهة لها حيث عمل الفقه على تطوير مبدأ المناسبة أو الملا عمة يجب أن يؤخذ في الاعتبار التوقعات المشروعة للأطراف وهذا ما تتبناه المشرع السويسري في المادة 14 من القانون الدولي الخاص في شكل المخالفة الاستثنائية للإعمال العادي لقاعدة التنازع بموجب الشرط الاستثنائي ، حيث يكون للقاضي تطبيق هذا الشرط عند الضرورة ومن ثم يلعب دور بارز في تقويم جمود أنظمة الإسناد كذلك فأن قيام الأطراف باختيار القانون المناسب و أعمال إرادتهم يؤدي الى تخفيف الانتقادات الموجهة القاعدة التنازع إذ يسمح بتقويم وتصحيح كبير لجمود قواعد الإسناد¹¹

و اذا كانت الإرادة الفردية لها دور واسع النطاق في أطار القانون الدولي الخاص إلا أن هذه الإرادة قد تتجاوز الحدود التي رسمها لها القانون فنتعداها ، ذلك أن هناك ثمة قيود رئيسية تقيد حرية هذه الإرادة لعل أبرزها الدفع بالغش نحو القانون إذ قد يختار أحد أطراف العلاقة أو كلاهما قانونا معينا عن طريق تغير ضابط أو ظرف الإسناد المحيط بالنزاع وذلك لتجنب القانون المختص أصلا يحكم النزاع وهو ما يجعل الأمر واقعا تحت ما يسمى بالتحايل على القانون أو الغش نحو القانون ولتوضيح مفهوم الغش نحو القانون وكيفية تجاوز الإرادة الحدودها القانونية عن طريق تغير ظروف الإسناد المادية لأجل التوصل الى تطبيق قانون أكثر تحققا لمصلحة الأطراف

ان قاعدة الإسناد قد تلعب الإرادة الفردية دور هام في التحايل على القانون إذ قد يقوم الشخص عمداً بتغيير ظروف الإسناد في قاعدة التنازع بقصد التهرب من القانون الواجب التطبيق أصلا لحكم العلاقة وإسنادها للقانون الذي يحقق ما به ، وذلك بتغيير جنسيته أو موطنه للتحايل على القانون الواجب التطبيق أصلا على أحوال الشخصية أو تغيير موقع المال المنقول لتطبيق قانون معين أصلح له او نقل مركز أدارة الشركة ا لى دولة أخرى هروبا من القوانين الآمرة في دولة مركز الإدارة الفعلي للأضرار بالطرف الأخر في العلاقة

ففي هذه الحالات يتم الدفع بالغش نحو القانون لاستبعاد القانون الذي يروم الشخص تطبيقه وتطبيق القانون المختص أصلا على العلاقة مبنية فالغش نحو الفائون إذا هو التعديل الإرادي للعنصر الواقعي في ظرف الإسناد بنية التهرب من القانون الواجب التطبيق أصلا سواء كان قانون القاضي أم قانونا ” أجنبيا فإذا كانت قاعدة التنازع تقضي بأنه يسري على التطليق قانون دولة الزوج وقت رفع الدعوى وكان قانون د إلى الدولة يحظر التطليق فإذا لجا الزوج الى تغيير جنسيته باكتساب جنسيته دولة جديدة يجوز قانونها التطليق فيكون قد تحايل على القانون بحصول موله على حكم التطليق طبقا لقانون الدولة الأخيرة إذ أنه يعد في هذه الحالة قد استخدم وسيلة مشروعة للحصول على أغراض مخالفة القانون وهذا ما يدخل كما يرى الكثيرون في اطار ما يعرف بالتعسف في استعمال الح هذا وعندما تؤسس قاعدة التنازع على ضابط إسناد أرادي كالجنسية أو الموطن أو محل الإقامة أو الغش نحو القانون لا يكون مستحيلا ، اما بالنسبة لشروط الغش نحو القانون فليس أي عمل أو تغير ارادي يقوم به اطراف العلاقة القانونية في ظروف الإسناد يمكن وصفه بأنه تحايل على القانون و إنما يجب أن تتوفر شروط معينة لا بد منها لكي يوصف تصرف الأطراف هذا بأنه تحايل و غش نحو القانون وبالتالي فإنهم أو يكونوا قد تجاوزوا بعملهم هذا حدودهم القانونية وتعسفوا في استعمال حقهم ولعل أهم هذه الشروط هي : لتغيير الإرادي في ظروف الإسناد ، تلعب الإرادة دورا كبيرا في هذا الخصوص وذلك بإحداث تعديل في ضابط الإسناد الذي تم بمقتضاه تحديد القانون الواجب التطبيق حيث يلجأ الأطراف الى تغيير جنسيتهم أو موطنهم أو تغير موقع المال المنقول أو محل النزاع وكثيرا ما يقع تغيير ضابط الإسناد كالجنسية و الموطن في مسائل الأحوال الشخصية هذا و يلزم في التغير الإرادي لظرف الإسناد أحد أمرين ، الأول أن يكون من شأنه تعديل الاختصاص التشريعي فإذا كان النزاع يتحدد بموجب ظرف الجنسية وقام الطرف بالتجنس بجنسية دولة أخرى فيجب أن تكون قاعدة الإسناد في قانون دولة القاضي لا تزال تعطي الاختصاص التشريعي المسالة لقانون الجنسية ، فإذا حصل تغير بحيث أصبح ضابط الإسناد هو الموطن بدلا من الجنسية فلا يتوفر الشرط المذكور أما الأمر الثاني ، فهو أن يكون تغير ظرف الإسناد سليم قانونا فإذا ادعى شخص انه اكتسب جنسية دولة معينه وتطبيق قانونها إلا أن شروط اكتسابه لهذه الجنسية الجديدة غير مكتملة أو غير صحيحة فلا مجال للقول بوقوع غش نحو القانون كذلك الحال إذا كان التغير الظروف الإسناد ليس إلا تغييرا ظاهريا أو صوريا وليس تغيير حقيقيا وتوفر القصد بالتهرب من تطبيق القانون المختص ، ويجب لتحقق حالة تجاوز الإرادة لحدودها القانونية لتغير ضابط الإسناد أن يتوافر القصد أو أن يكون الهدف من التغيير هو الهروب من حكم القانون المختص أصلا بحكم العلاقة القانونية ، وذلك لأجل التوصل الى تطبيق قانون آخر أكثر تحقيقا لمصلحة الطرف الذي قام بإحداث التغيير فإذا انعدمت نية التحايل أو الغش كان القاضي أمام استحالة عدم الاعتداد بالتعديل الذي حصل على ظرف الإسناد.¹²

وإن المشرع الوطني في كل دولة هو الذي يضع قواعد الإسناد وله الحرية و الاستقلالية في وضعها ، مراعيا في ذلك طبيعة النزاع ، وسيادة الدولة على إقليمها ، وحاجة التعامل الدولي ، و المصلحة المشتركة للدول في وقت واحد لذلك نجد أن لكل دولة قواعد إسناد خاصة كما وهي تختلف دولة إلى أخرى ، تبعا الاختلاف المصالح السياسية ، والاقتصادية والاجتماعية و الأخلاقية ، التي تسعى الدولة إلى حمايتها .

ومادامت قواعد الإسناد هي قواعد وطنية من وضع المشرع الوطني ، ويوجه خطابه بشكل مباشر إلى القاضي الوطني ، فالفرض و الحال كذلك أن يقوم القاضي الوطني بإعمال قاعدة الإسناد من نفسه نزولا على الطابع القانوني الملزم للقواعد القانونية بصفة عامة بما في ذلك القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام و التي تعرف بالقواعد المكملة ، إلا أنه و على الرغم من وضوح هذا الأثر المترتب على الطابع الوطني لقواعد الإسناد ، إلا أن التشريعات اتخذت موقفا متباينا منه فكان هناك ثلاث اتجاهات بهذا الخصوص فمجموعة من هذه التشريعات لا تعترف بالقوة الملزمة لقاعدة الإسناد ، فلا تكون المحاكم ملزمة بتطبيق قواعد الإسناد من تلقاء نفسها ، و يتوجب عليها تطبيق القانون الوطني على المنازعات كافة بما فيها المشتملة على عنصر أجنبي ، ما لم يتمسك الخصوم بالقانون الأجنبي الذي تشير إليه قواعد الإسناد الوطنية ، وما لم يثبتوا أيضا اختلاف مضمون أحكامه عن مضمون أحكام القانون الوطني .

والاتجاه الثاني من هذه التشريعات يعترف بالقوة الملزمة لقاعدة الإسناد ، فالقاضي هنا يعلق تطبيق قاعدة الإسناد على طلب من الخصوم ، بل أن ذلك يعد واجبا على القاضي في المنازعات التي تتضمن عنصرا أجنبيا سواء طلب بما الخصوم أم لا ، و سواء كانت أحكامه متطابقة مع أحكام قانون القاضي أم لا ، ومن ثم أجاز القضاء في هذه الدول التمسك بقاعدة الإسناد لأول مرة أمام المحاكم العليا ، كما يأخذ القضاء في بعض الدول بهذا الاتجاه على الرغم من عدم توافر نص صريح في ذلك

أما عن الاتجاه الثالث فهو اتجاه مختلط يمثله القضاء الفرنسي ، إذ يستفاد من الأحكام الحديثة المحكمة النقض الفرنسية ، أن القضاء الفرنسي لا يعد القاضي ملزما بتطبيق قاعدة الإسناد من تلقاءنفسه ، إلا أنه في الوقت ذاته لا يحرمه من هذا الحق لو أراد هو ذلك على الرغم من عدم تمسك الخصوم بتطبيقه لقاعدة ملزمة وعن وجهة نظرنا الشخصية فإننا نميل إلى الاتجاه القائل بأن قاعدة الإسناد هي يتعين على القاضي تطبيقها من تلقاء نفسه ، لأن قاعدة الإسناد قاعدة قانونية لا تختلف عن أية من قواعد القانون بمعناه العام .

و إذا جئنا إلى موقف المشرع العراقي نستخلص أن القاضي ملزم بتطبيق قواعد الإسناد من تلقاء نفسه حتى لو لم يطلب الخصوم ذلك ، وصيغ نصوص قواعد الإسناد في الق م تدل على ذلك فالمشرع استخدم عبارات إلزام مثل : ” يسري ، تطبق ، تخضع ، يرجع … ” فقواعد الإسناد تلزم المحكمة في تطبيقها ¹³

ثانيا : قاعدة الإسناد قاعدة غير مباشرة تتميز قواعد الإسناد من حيث مضموها بكوفا قواعد غير مباشرة ، إذ أنها لا تنطبق مباشرة على موضوع النزاع ، و إنما يقتصر دورها على تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع المتضمن عنصرا أجنبيا ولقد دعت هذه الحقيقة جانبا من الفقه الفرنسي إلى تشبيه قواعد الإسناد – تشبيها طريفا بمكتب الاستعلامات في محطة السكة الحديدية ، فكما تقتصر مهمة هذا المكتب على الإشارة إلىرصيف القطار الذي يرغب المسافر في استقلاله ، فكذلك تنحصر وظيفة هذه القواعد في الإشارة إلى القانون الواجب التطبيق على التزاع

ثالثا : قاعدة الإسناد قاعدة مزدوجة الجانب تعني بالصفة المزدوجة القاعدة الإسناد أنها تحمل الاختصاص إما للقانون الوطني ، و إما للقانون الأجنبي وذلك حسب نوع المسألة القانونية ، فالقاعدة التي تقضي يخضوع الأهلية لقانون الجنسية ، وقد تشير باختصاص القانون الأجنبي و ذلك حسب الجنسية التي يحملها المعني . كما أن قاعدة الإسناد التي تقضي بتطبيق قانون مكان وقوع الفعل الضار على المسؤولية التقصيرية ستمنح الاختصاص للقانون الفرنسي إذا وقع هذا الفعل في فرنسا وفائدة هذه الميزة أنها لا تترك فراغا في مشكلة التنازع إذ أنها تجعل الاختصاص بالنسبة للمسألة المطروحة على القاضي إما لقانونه أو القانون الأجنبي

رابعا : قاعدة الإسناد قاعدة محايدة ، معنى هذه الخاصية أن القاضي لما يعمل قاعدة الإسناد ، فإنه لا يعلم نوع الحل الذي سيعطيه للنزاع لأن ذلك متوقف على معرفة مضمون القانون الذي سيطبقه على النزاع ، وهذا القانون قد يكون قانونه ، وقد يكون قانونا أجنبيا .

 المطلب الثالث : تحديد القانون الواجب التطبيق عن طريق اللجوء للقواعد المادية او الموضوعية .

ان القواعد المادية، بمصادرها المتعددة، تتواجد في النظام القانوني الدولي وفي النظام القانوني الوطني الا انها تستهدف وضع حلول موضوعية خاصة للعلاقات المشوبة بعنصر اجنبي، ولكن توحيد القواعد المادية في اتفاقيات دولية ومن ثم ادخالها في النظام القانون الوطني يجعلها تماثل القوانين الوطنية العادية وقد يثير ذلك صعوبة تحديدها، ومن جانب اخر فان تولي المشرعين في الدول المختلفة وضع حلول مباشرة للعلاقات الخاصة الدولية او المشوبة بعنصر اجنبي يثير هو الاخر صعوبة تمييز القواعد المادية عن القوانين ذات التطبيق الضروري هذا فضلا عن دور القضاء في بعض الدول في وضع القرارات المتمشية مع ضرورات وحاجات التجارة الدولية، مما يدفع الى التساؤل عن مدى اختصاص القضاء في وضع قواعد مادية،ولكن اهم تلك الانواع هي القواعد المادية العابرة للدول والقائمة على عادات واعراف وممارسات التجارة الدولية او التي ينشئها المحكمون بتطبيق المبادئ العامة للقانون وقواعد العدالة خروجا على ما تقرره قواعد التنازع ولهذا كان بحث هذا الموضوع يقع في ثلاثة مواضيع معينة منها :¹⁴

القواعد المادية ذات المصدر الوطني

ان تأميم القانون قد جاء كنتيجة غير مقصودة لحركة التقنيين التي قصـد المشرعـون من ورائها ايجاد اساس جديد في البحث عن الحلول يستجيب لمبدأ المعقولية العالمية (Universal Rationality) ولا يقتصر مفهوم القانون بمقتضاه على القواعد القانونية التي تكون محل الاجبار المفروض من الدولة، نجد ان الرأي الثاني يؤكد الحاجة الى فروع اخرى للقانون الدولي تناظر فروع القانون الداخلي ولكنها تقتصر على العلاقات التي تتجاوز دائرة الدولة، وهكذا فان القانون الخاص الدولي يتفرع الى فروع القانون الخاص التي تناظر القانون الداخلي، كالقوانين المدنية والتجارية (الدولية) ولكن هل تخضع سلطة المشرع الداخلي في وضع القواعد المادية التشريعية الى حدود او قيود ام انها سلطة مطلقة لا يحدها حد او قيد؟

مما لاشك فيه ان المشرع الوطني يستهدي في وضعه القواعد المادية حاجات واهداف وطنية ورائده الاول تحقيق المصلحة العامة التي قد تتقاطع مع مصالح الدول الاخرى، فكان لابد ان تخضع تلك العملية لقيود يفرضها القانون الدولي العام، وتتجسد هذه القيود وبصفة خاصة في موضوع تنظيم الدولة لمركز الاجانب وتقع هذه القيود في مجموعتين، تشمل المجموعة الاولى القيود المفروضة بمقتضى الاتفاقيات الدولية كالقيود المفروضة بمقتضى اتفاقيات تشجيع الاستثمارات الاجنبية، واتفاقيات تنمية التجارة الدولية واتفاقيات التعاون الاقتصادي والثقافي ومعاهدات الاقامة.

اما المجموعة الثانية من القيود فتقع ضمن ما يسمى بقواعد الحد الادنى والتي يفرضها العرف الدولي ورغم اختلاف الفقه في تحديد مضمون الحد الادنى، الا ان المؤكد ان الدولة تخضع في تنظيمها لمركز الاجانب – وبطبيعة الحال القواعد المادية من ضمنها – الى المبادئ العامة المستقرة في القانون الدولي العام والتي يكشف عنها القضاء الدولي على وفق الفقرة الثالثة من المادة 38 من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية.

ولا يكاد يخلو نظام قانوني وطني من وجود قواعد تشريعية تتولى تنظيم المسائل المتعلقة بالتجارة الدولية، ومن الامثلة التي يكرر الفقه الاشارة اليها، تقنينات (Codes) التجارة الدولية لبعـض الدول الاشتراكية السابقة، كالقانون التشيكـي الصادر في الرابع من كانون الثاني 1963 والنافذ في 1/4/1964 والمسمى (بتقنيين التجارة الدولية) وكذلك التقنيين الخاص بالعقود الاقتصادية الدولية الصادر عن المانيا الديمقراطية – سابقـا – في 5/2/1976، والاعراف (Usages) العامة للتجارة في يوغسلافيا لعام 1954 التي حل محلها قانون الالتزامات لعام 1978

وهناك فضلا عما سبق مجموعة واسعة من القوانين التي تصدرها الدول بهدف تشجيع الاستثمارات الاجنبية وكذا القوانين المنظمة للتحكيم الدولي اذ تتضمن هذه القوانين قواعد خاصة بالعلاقات والروابط القانونية الدولية تختلف عن مثيلاتها المعدة للعلاقات الداخلية.

ولابد من التساؤل، في هذا الصدد عن كيفية اكتساب هذا النوع من القواعد القانونية الداخلية لـ الصفة المادية في القانون الدولي الخاص؟

يرى جانب من الفقه ان تصدي الدولة للالتزامات التعاقدية من خلال وضع سلسلة من القوانين الخاصة بالمبادلات الدولية، يعد ظاهرة مرتبطة اساسا بالدول الاشتراكية نتيجة احتكار الدولة للتجارة الخارجية التي لا يمارسها الا الدولة وهذا هو هدف قوانين الاستيراد والتصدير، وتحديد حد اقصى للاسعار وطرق الدفع وغيرها من المشاكل التي تتجاوز غالبا نطاق القانون الخاص.

ويبرر الفقه الدولي هذا المسلك بسبب عدم ملاءمة القانون الداخلي في الدول الاشتراكية السابقة لعمليات التجارة الدولية، وذلك لان النظام القانوني الداخلي يسيطر عليه مبدأ التخطيط الاقتصادي وان قيام الافراد بعمليات التجارة (المضاربة) يعد على وفق هذا النظام جريمة او عمل غير مشروع، مما يجعل هذا القانون الداخلي غير ملائم لتنظيم عمليات التجارة الدولية القائمة على قانون العرض والطلب والبحث عن الارباح ويصدق هذا الامر على القانون التشيكي والالماني واليوغسلافي، اما في بلاد الاقتصاد الحر فلم تظهر قواعد او تقنينات خاصة بالتجارة الخارجية، كما هو حال الدول الاشتراكية، وذلك اما بسبب ملاءمة القوانين الداخلية فيها لعمليات التجارة الدولية او لجوء القضاء الداخلي فيها الى وضع حلول للعقود الدولية تختلف عن الحلول المقررة في القوانين الداخلية ورغم وجاهة الراي السابق، الا انه من المتعذر التسليم به كسبب وحيد لوجود قوانين التجارة الخارجية وذلك لعدة اسباب اهمها ان وجود التقنينات المعدة للتجارة الخارجية لم يقتصر على البلدان الاشتراكية وان النموذج البارز في هذا الصدد هو القانون الامريكي التجاري الموحد (UCC). كما ان اعداد لجنة الامم المتحدة لقانون التجارة الدولية لمجموعة من القوانين النموذجية لم يكن الهدف منها استبعاد الاتفاقيات الدولية،وانما بهدف الوصول الى توافق في القانون المطبق في بعض العمليات او الاوضاع ذات الصلة بالتجارة الدولية من خلال وضع نموذج يستند اليه المشرعين الوطنيين.15

ومن خلال اعداد حصيلة بمجمل اعمال هذه اللجنة ،كانت القوانين النموذجية والاتفاقيات الدولية من اكثر الوسائل او الادوات (Instruments) استخداما، وفيما يخص القوانين النموذجية هناك:

القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي (1985).

القانون النموذجي للتحويلات الدائنة الدولية (1992).

القانون النموذجي لاشتراء(procurement ) السلع والخدمات (1994).

القانون النموذجي للتجارة الالكترونية (1996).

القانون النموذجي للاعسار (insolvency) عبر الحدود (1997).

القانون النموذجي للتوفيق التجاري الدولي (2003).

وهناك فضل اعما سبق مجموعة واسعة من الاتفاقيات،والقواعدالتوجيهية (Guides) القانونية، هدفها الاساس تنظيم التجارة الدولية على اساس موضوعي وليس تنازعي.

ويعد القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي اكثر هذة القوانين ذيوعا اذ تم الاستناد الى احكامه في وضع قوانين تحكيم في تسعة وثلاثين (39) بلدا حتى 1996، كانت منها اربعة بلدان عربية هي مصر1994، تونس1994، عمان1998، فلسطين2000.

وهنا لابد من طرح التساؤل السابق مجددا وهو كيف تكتسب القوانين الداخلية الصفة المادية في القانون الدولي الخاص؟ ايكفى المعيار السابق – وهو معيار استبعاد قاعدة التنازع- ام لابد من البحث عن معيار جديد؟

ان الاجابة على هذا التساؤل، لم تجد موقفا موحدا بين الفقه بصدد تحديد الصفة المادية للقواعد التشريعية، مع ان هذا الفقه يؤكد الحاجة الى قواعد التنازع عند اعمال القواعد المادية التشريعية في القانون الدولي الخاص الاجنبي.

فقانون التجارة الدولية التشيكي مثلا،لا يطبق امام قضاء دولة اخرى الا بمقتضى ما تشير به قاعدة الاسناد في قانون القاضي الاجنبي، ولكن الخلاف يثور بصدد طبيعة هذه القواعد التشريعية امام القضاء الداخلي للدولة المشرعة لها فهل يطبق القضاء الوطني هذه القواعد بصورة مباشرة ام لابد له ان يستشير قواعد الاسناد، او بعبارة اخرى، هل يعد التطبيق المباشر لهذه القواعد واستبعاد قاعدة التنازع هو المعيار السائد في تحديد الصفة المادية للقواعد التشريعية، ام ان هناك معايير اخرى؟ يمكن التمييز في هذا الشان بين ثلاثة اراء:¹6

الرأي الاول ويذهب الى التشكيك بطبيعة هذا النوع من القواعد المادية التشريعية، ويتساءل في الوقت ذاته، فيما اذا كان هذا النوع من القواعد هي فعلا قواعد مادية دولية بالمعنى المقصود في القانون الدولي الخاص ام انها مجرد قواعد قانونيه خاصة (regles speciales) في القانون الداخلي جرى تعديلها بسبب تطبيقها على الصعيد الدولي.

فهذا الفقه يرى ان استبعاد قواعد التنازع هو الصفة المميزة للقواعد المادية طالما كان هدف كل من القواعد المادية وقواعد التنازع هدفا واحدا فاذا تم تطبيق القواعد المادية اعتمادا على قاعدة تنازع لم تظهر الصفة المميزة لهذه القواعد عن غيرها من قواعد القانون الداخلي.وفي هذا الصدد ترى الاستاذة ديبي جيرار ان القواعد المادية التشريعية في القانون الفرنسي تعتمد كلها على قاعدة لتنازع القوانين ونظرا لان التقنينين التشيكي والالماني لا ينطبقان بصورة مباشرة امام كل من القضاء التشيكي والالماني فان هذا الراي يشكك في عدًهما من القواعد المادية في القانون الدولي الخاص، فهما يطبقان كما لو كانا كقانون ارادة استنادا الى قاعدة التنازع.

ويرفض الراي الثاني المغالاة الكبيرة في اشتراط استبعاد قاعدة التنازع لاضفاء الصفة المادية على القواعد التشريعية، وان الصفة المادية تعد متحققة في التقنينين التشيكي والالماني وان تم تطبيقهما استنادا الى قاعدة التنازع لان المعيار الذي يعتمده هذا الاتجاه هو ضرورة الاستجابة لاعتبارات التجارة الدولية سواء اعتمد تطبيقها على قاعدة تنازع ام لا.

اما الرأي الثالث فانه يستند الى مضمون القواعد المادية والهدف الذي تسعى الى تحقيقه لكي يقول بوجوب التطبيق المباشر للقواعد المادية امام القضاء الوطني للدولة المشرعة لها سواء كان قانون القاضي مختصا بحكم النزاع ام لا ويبلغ هذا الاتجاه بالقواعد المادية التشريعية الى حد اوجب تطبيقها فورا، وتشبيها بقواعد التطبيق الضروري ومن انصار هذا الاتجاه الفقيه البلجيكي ريجو (Rigaux) الذي يقول بان القواعد المادية تحدد سريانها من خلال قاعدة اسناد مفردة الجانب تشير باختصاص قانون القاضي، وفي ذات الاتجاه يرى سيمون ديبايتر ان القواعد المادية التي تظهر بانها خلاف قواعد التنازع العادية يتم تطبيقها بموجب قاعدة اسناد ضمنية تمنح الاختصاص لقانون القاضي بل ان جانبا من الفقه ذي التوجهات الاشتراكية يوسع من نطاق القوانين ذات التطبيق الضروري الى مجالات لا تزال تعد من القواعد المادية كعقود النقل البري والبحري والجويالى جانب عقود نقل التكنولوجيا وعمليات الاستيراد والتصدير والمعاملات النقدية وعقود التامين وغيرها

وهكذا تظهر القواعد المادية التشريعية كاسلوب قائم على الاستئثار والانفراد في تنظيم علاقات التجارة الدولية، وان تصارع الاراء الذي سببته قد بلغت حدا دفع نفر من الفقه الى ادخالها في منهج اخر في القانون الدولي الخاص هو منهج القواعد ذات التطبيق الضروري، ولم يتردد جانب من الفقه في التصدي له لوضع الحدود الفاصلة بين المنهجين، فالقواعد المادية والقواعد ذات التطبيق الضروري وان اشتركا في المصدر الا انهما يختلفان في ان الاولى تاخذ في الحسبان حاجات التجارة الدولية اما الثانية فهدفها حماية النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الداخلي.

كما انه لا يجوز من جانب اخر، الخلط بين الاختصاص التشريعي للقواعد المادية والاختصاص القضائي للمحكمة التي تطبقها بشكل حتمي او ضروري والى الحد الذي يزيل الفوارق بين المنهجين، والا لما سمح المشرع التشيكي والالماني لقضائه الداخلي في ان يرجع الى قواعد الاسناد لتحديد اختصاص قانون التجارة الدولية او قانون العقود الاقتصاديـة الدولية والاوجب تطبيقهما بشكل امر وهو الفرض الذي لم يحصل لادراك كل منهما ان ما تم وضعه يمثل قواعد مادية تشريعية، قد تنطبق مباشرة ولكنها ليست ذات تطبيق ضروري. فالدولة يمكنها ان تشرع للمعاملات التي تقع في نطاق سريان قوانينها وانظمتها اما ما يتم من معاملات ومبادلات خارج حدودها فلا سلطان لها عليها.

ولهذا تظهر القواعد المادية في استجابتها لخصوصيات التجارة الدولية او تنظيمها للعلاقات التي تخرج من نطاق دائرة العلاقات الداخلية سواء اعتمد هذا التطبيق على قاعدة اسناد ام لا، ودون ان يصل التطبيق المباشر الى حد يبتغي المشرع من ورائه حماية المصالح الاقتصادية والاجتماعية الحيوية للجماعة، لانه يكون عندئذ في نطاق منهج اخر هو منهج القواعد ذات التطبـيق الضـروري.

وامام الاراء السابقة، فان الراي الثاني نراه جديرا بالتأييد وهو الذي عبر عنه الفقيه الفرنسي لوسوارن، فكل قاعدة قانونية وطنية اعدت لكي تنظم علاقة دولية تعد على وفق هذا الراي قاعدة مادية سواء تم تطبيقها بناء على ما تشير به قاعدة اسناد وهو ما اخذ به كل من المشرع التشيكي والالماني، ام ان هذا التطبيق تم مباشرة امام قضاء الدولة المشرعة لها وهو ما يحصل عادة في القوانين المنظمة للاستثمارات الاجنبية والقواعد الخاصة بمركز الاجانب.

اما القواعد المادية القضائية

من المعلوم ان دور القضاء الوطني في شان العقود الدولية ينحصر بتطبيق القانون الذي تشير اليه قاعدة الاسناد الوطنية في قانونه، فتكون وظيفته تطبيق ما يوجد من قواعد قانونية دون ان يتجاوز هذة الوظيفة الى خلق قواعد قانونية جديدة، ولكن ما الحل لوجوبه القاضي بنزاع لايجد فيه مخرجا في نص التشريع القائم، او كان الحل الذي تشير به قاعدة الاسناد يتعارض مع النظام العام في قانونه الوطني؟ ولاشك ان الحل الذي يؤكده الفقه الغالب هو لجوء القاضي الى سد الثغرات ليس في التشريع وحده بل في كل مصادر القانون الوضعي بما في ذلك القضاء المستقر ذاته، ورغم ان هذا الفقه يقرر ان عدَ القضاء مصدرا للقانون، هو تقرير لامر واقع او هو مسالة علمية يتم التحقق منها بالمشاهدة والتجربة او اية وسيلة اخرى من وسائل القياس في علم الاجتماع القانوني، ولا يكون تحديد مصادر القانون من المشرع الا اقرارا بالامر الواقع وذكرا لحقائق علمية.

ونجد مع ذلك من التشريعات من يمنح القاضي سلطة وضع القانون عند الضرورة كما لو انه قد باشر التشريع. اذ تنص المادة (4) من التقنين المدني السويسري الصادر عام 1907 (في حالة عدم وجود نص تشريعي يمكن تطبيقه فان القاضي يحكم بمقتضى القانون العرفي، فان لم يوجد عرف، فبحسب القواعد التي كان سيضعها هو لو انه باشر عمل المشرع) وفي الاتجاه ذاته نجد المشرع الفرنسي ينص في المادة الرابعة من التقنين المدني (ان القاضي الذي يرفض الحكم تحت ادعاء سكوت او غموض او نقص التشريع يمكن ان يوجه اليه اتهام بارتكاب جريمة انكار العدالة). ويقرر المشرع المصري في القانون المدني نصا يماثل ذلك الموجود في القانون المدني العراقي في المادة الاولى يامر فيه القاضي بالرجوع عند نقص التشريع، الى العرف لتكملة هذا النقص، فان لم يجد فيرجع الى مبادئ الشريعة الاسلامية، ويقرر المشرع المصري عند عدم وجود حل للنزاع في التشريع او العرف او الشريعة الاسلامية الرجوع الى القانون الطبيعي وقواعد العدالة، في حين يقرر التقنين المدني العراقي عند عدم كفاية المصادر السابقة رجوع القاضي الى قواعد العدالة وهذه النصوص وغيرها يشير اليها الفقه كسند في تقرير حرية القضاء في الاجتهاد للوصول الى حل عادل يكون فيه القضاء مصدرا اخير للقاعدة القانونية.¹7

ويقرر الفقه الفرنسي موري بعدم وجود تعارض بين المبادئ العامة، كمبدأ الفصل بين السلطات وبين الاعتراف للقضاء بصفته مصدر رسمي من مصادر القانون. وتبعا لذلك يعد القضاء مصدرا من مصادر القانون الوضعي اذا كان يخلق من حيث الواقع قواعد قانونية وضعية. ولكن القاعدة القانونية لا يخلقها احد الاحكام بالذات، بل القضاء في مجموعه، حتى لو عدَ احد الاحكام كافيا لتكوين قاعدة قانونية قضائية فان ذلك يكون مشروطا بان يكون الحكم معبرا عن القضاء في مجموعه، فالمهم اذا ان يكون الحكم مقبولا بحسبانه قاعدة قضائية، وهو يكون كذلك متى عبر عن جوهر القانون واستجاب لحاجات المجتمع، اما اذا لم يكن كذلك فانه يلقى مقاومه شديدة حتى وان كانت المحكمة العليا هي التي اقرته.

ومن المعلوم ان قواعد القانون الدولي الخاص ذات المصدر التشريعي تتسم بالندرة في القانون الفرنسي وعلى الاخص في شأن القانون الواجب التطبيق، فكانت الغالبية العظمى من قواعد هذا القانون هي من خلق القضاء، ويؤكد الفقه الفرنسي ان هذا القضاء قد توصل ايضا الى اقرار بعض القواعد المادية في القانون الدولي الخاص نتيجة تطور استخدم فيه القضاء وسائل متعددة وصولا الى تطبيقها بشكل مباشر استقلالا عن اية قاعدة من قواعد تنازع القوانين.

والوسائل التي يتبعها القضاء في هذا الشأن هي اما لجوؤه الى تفسير النص القانوني المعني الى الحد الذي يعدل فيه بعض اثاره، وهذا ما اتبعته محكمة النقض الفرنسية عندما ايدت قضاة الموضوع في تفسير نص المادتين83 ،1004 من تقنين الاجراءات المدينة الفرنسي في قرارها الصادر في نزاع (Galakis) بتاريخ2/5/1966 فقيدت من نطاق سريان المادتين مؤكدة حق الدولة الفرنسية وهيئاتها العامة في الخضوع للتحكيم الدولي ومقررة لقاعدة مادية في القانون الدولي الخاص، خرجت بها على نص التشريع القائم تحت ستار التفسير ويؤكد البعض في هذا الشان ان محكمة النقض ذاتها لو سئلت عن حدود اختصاصها لما ترددت في تحديد هذا الاختصاص في حدود التطبيق والتفسير،ولكنها تمارس، في الواقع،دورا حقيقيا قاسمت فيه الشارع اختصاصه.

وقد تجد المحكمة ان القانون الاجنبي الواجب التطبيق يتفق مع القاعدة المادية التي قررتها فتلجأ عندئذ الى منهج التنازع وهذا تماما ما قامت به المحكمة في القرار الصادر في نزاع (San Carlo) بتاريخ 14/4/1964،

حينما عدَت ان الاتفاق المبرم في اطار القانون الخاص يخضـع للقانون الاجنبي الذي يقر صحة شرط التحكيم، متى اكتـسب العقد طبيعة العقد الدولي، بعد ان قامت بتكييف الحظـر الوارد في المادتين على انه انعـدام اهلـية خاصـة (incapacite speciale) تخضع لقانون العقد.(3) وهذا الحل وان كان، قد انشأ قاعدة مادية في القانون الدولي الخاص مقتضاه اهلية الدولة ومؤسساتها العامة في للخضوع التحكيم في العقود الدولية ذات الطبيعة الخاصة،وعدَ المادتين 83 و1004 من النظام العام الداخلي، الذي لايسري على العلاقات الدولية، الا ان التحليل الذي توصلت المحكمة من خلاله الى اقرار هذه القاعدة، هو حل ظاهر الفساد،ذلك انه من غير المقبول خضوع اهليه الدولة لقانون اجنبي.

كما انه قرر ايضا اعتماد صحة التحكيم على القانون الواجب التطبيق على العقد متراجعا بذلك عن قاعدة مادية اقرتها المحكمة بتاريخ 7/5/1963في شأن نزاع (Gosset) والتي تتعلق باستقلال شرط التحكيم عن العقد الاصلي في مجال الروابط الدولية، وهذا ما عادت محكمة النقض الى تاكيده مجددا وبصورة صريحة في قرارها الصادر في4/7/1972 في نزاع (Hecht) اكدت فيه وجود قاعدة مادية في القانون الدولي الخاص خاصة بالمعاملات الدولية تقضي باستقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي بغض النظر عن القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي.¹8

اما الوسيلة الثالثة التي قد تلجأ اليها المحاكم العليا في سبيل اقرار القواعد المادية، فهي اللجوء الى مفهوم النظام العام الدولي، وهو المفهوم الذي سبق بيانه، بالمعنى الثالث للنظام العام كما يسميه الاستاذ جولدمان، اذ قد تجد المحكمة ان القانون الاجنبي الواجب التطبيق على النزاع لا يتفق مع القاعدة المادية المقررة، فالنظام العام يعد وسيلة وسيطة للوصول الى تلك النتائج وقد ساعد القضاء في اقرار صحة شرط الذهب الوارد في العقود الدولية ومقتضى هذه القاعدة تقييد اذا لم يكن استبعاد، الضرر الناشيء من انخفاض القوة الشرائية للعملة المستخدمة في العقد الدولي فقد استبعدت المحكمة- القانون الكندي- الواجب التطبيق على النزاع المعروف بنزاع شركة البريد البحرية الفرنسية استنادا الى النظام العام في قرارها الصادر بتاريخ21/6/1950 فقررت انه يمكن للافراد الاتفاق على شرط الدفع بالذهب حتى وان كان هذا الدفع مخالفا للاحكام الامرة في القانون الداخلي والاجنبي الذي هو القانون الكندي ذلك لان المحكمة وجدت ان القانون الفرنسي الصادر بتاريخ25/6/1928 يقر صحة هذا الشرط المتفق مع المفهوم الفرنسي للنظام العام الدولي.

ويرى جانب من الفقه ان استناد المحكمة الى النظام العام لاقرار القاعدة المادية في شأن صحة شرط الذهب في المدفوعات الدولية هو استناد خاطى يقطر الشك من بين ثناياه، فعند هذا الاتجاه، كان القانون الفرنسي يتضمن قاعدة امره لا تقر سلامة شرط الدفع بالذهب في الوقت الذي صدر فيه الحكم، مما يترتب عليه عدم جواز الاستناد الى النظام العام لاستبعاد القانون الاجنبي في الوقت الذي كان هذا الشرط غير جائز ايضا في القانـون الداخلي الفرنسي

وردا على الاتجاه السابق، يؤكد اخرون انه اذا ما تم التمسك بما يسمى (قاعدة نظام عام) امام القضاء الفرنسي ذي الطبيعة التدويلية، فانه لايكون نظاما عاما كما هو مفهوم في القانون الداخلي، ولا هو ايضا نظام عام في القانون الدولي الخاص، بل هو نظام عام ثالث خاص بالعلاقات الدولية الخاصة يهدف الى استبعاد تطبيق القوانين الاجنبية التي تكون ذات مضمون مماثل للقوانين الفرنسية المعدة للعلاقات الداخلية

وهكذا يبدو ان القضاء الفرنسي قد استخدم وسائل متعددة تحرر بها من القواعد المعدة للعلاقات الداخلية، فسواء لجأ الى قاعدة اسناد ليتخلص من قيــود القانون الوطنـي (م 83، 1004)، او تفسير هذه النصوص بشكل عدل فيه من نطاق تطبيق المادتين، او لجوئه الى استحداث نظام عام دولي ذي اثر يخالف الاثار المعتادة للنظام العام في القانون الدولي الخاص فانه قد اوجد قواعد مادية تتلاءم مع العقود الدولية، رغم ان هذا المفهوم وجده جانب من الفقه اتجاها منتقدا لانه يجعل من النظام العام ظرفا للاسناد وليس عقبة امام القانون المختص بمقتضى قاعدة الاسناد.19

وركز اتجاه اخر انتقاده الى القواعد المادية ذات المصدر القضائي بالقول انها تعبير عن قناعات شخصية للقضاء وتعبر ايضا عن مفاهيم النظام القانوني الخاص لهؤلاء القضاة، اكثر من التوجه نحو اعداد حلول ملائمة بالضروف الخاصة بالمجالات الدولية.

وقد تولى الاستاذ سيمون ديبايتر الرد على هذا الانتقاد بالقول ان مثل هذا الانتقاد مردود في الاخص في نظام قانوني تكون فيه قواعد الاسناد ايضا من وضع القضاء، كما هو الحال في فرنسا.

المطلب الرابع : القواعد ذات التطبيق الضروري

ان فقه القانون الدولي الخاص، منذ سافيني قد اقر بوجود بعض القواعد الوطنية ذات الطبيعة المطلقة (Absolute) والامرة (Imperative) والتي يجب تطبيقها بغض النظر عن ارتباط العلاقة القانونية باكثر من نظام قانوني او حتى رغم تركيزها الفعلي في دولة اجنبية

وقد انتهى جانب من الفقه المعني بدراسة هذا النوع من القواعد الى ضرورة اعتماد المعيارالوظيفي او الموضوعي بعد ان خلص الى عدم دقة او كفاية معيار الغاية او الهدف، وكذلك المعيار العضوي والمادي، فقام هذا المعيار عليهما معا، تبعا للوظيفة التي تؤديها القواعد في النظام القانوني الذي تعد جزء منه ولذلك تعرف القواعد ذات التطبيق الضروري بأنها “القواعد التي تلازم تدخل الدولة، والتي ترمى الى تحقيق وحماية المصالح الحيوية والضرورية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة، والتي يترتب على عدم احترامها اهدار ما تبتغيه السياسة التشريعية، وتكون واجبة التطبيق على الروابط كافة التي تدخل في مجال سريانها أيا كانت طبيعتها وطنية ام ذات طابع دولي”ولكن هذا المعيار ما هو ألا نقطة الانطلاق في بحث القضاء عن القواعد ذات التطبيق الضروري، رغم ادراك ما يترتب على هذا البحث من مخاطر التطبيق غير المبرر لقانون القاضي وما قد يؤدي اليه من تعريض الامن القانوني ووحدة الحلول للخطر

وبهدف ابراز خصوصية هذه القواعد في القانون الدولي الخاص ومن ثم تمييزها عن النظام العام الذي يرد كدفع لاستبعاد القانون الاجنبي، فان جانبا من الفقه قد حاول التمييز بين نوعين من قواعد النظام العام، النوع الاول، قواعد النظام الحمائي والنوع الثاني قواعد النظام العام التوجيهي، فاذا كان النوع الاول يهدف الى حماية المصلحة الخاصة او حماية الطرف الضعيف اقتصاديا، كالمستهلك في عقد البيع والمقترض في عقد القرض والعامل قي عقد العمل، فان هدف النوع الثاني هو حماية المصلحة العامة، ولهذا فان النوع يشمل القوانين الخاصة بتنظيم الائتمان والصرف والاسعار والاستثمارات والنقل والبيئة والتجارة

وينتهي هذا الاتجاه الى ان قواعد النظام العام الحمائي هو الذي يقابل الدفع لاستبعاد القانون الاجنبي بعد اعمال قواعد التنازع، وفحص القانون الاجنبي، وثبوت تعارضه مع المبادئ الاساسية لكيان المجتمع في دولة القاضي، ولهذا فان له صفة استثنائية عارضة او انه ذو اثر سلبي، اما قواعد النظام العام التوجيهي فان قواعده تنطبق مباشرة بمجرد اختصاص المحاكم الوطنية بنظر النزاع وتوافر رابطة جدية بين النزاع والنظام القانوني الوطني للقاضي، ولهذا فان اثره ايجابي.

ويمييز الاستاذ شابيل (A. Chapelle) بين نوعين من قواعد النظام العام التوجيهي، النوع الاول يضم القواعد المادية من خلال توجيه نشاط التجارة الدولية في اتجاه معين من خلال تشجيع وابتداع القواعد الذاتية الخاصة التي تتفق ونمو التجارة عبر الحدود، اما النوع الثاني فيتضمن قواعد البوليس والامن الهادفة الى حماية الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي لا قيام للمجتمع بدونها.²0

فاذا كانت القواعد المادية تشترك مع قواعد التطبيق الضروري او قواعد البوليس في ان كلا منهما يتضمن تنظيما موضوعيا للمسالة محل النزاع، والتطبيق المباشر، غالبا للقواعد المادية، ودائما في القواعد ذات التطبيق الضروري، فبماذا اذا تتميز القواعد المادية عن قواعد التطبيق الضروري؟

  1. طبيعة العلاقة محل التنظيم: من المعلوم ان القواعد ذات التطبيق الضروري، نظرا للاهداف التي تسعى الى تحقيقها فانها تطبق بغض النظر عن طبيعة العلاقة سواء كانت وطنية ام ذات طابع دولي. ولهذا فان القواعد المادية ذات المصدر التشريعي الوطني تتميز عن قواعد التطبيق الضروري اعتمادا على ارادة المشرع الذي يسنها، ففي بعض الاحيان عندما تطبق بصورة مطلقة دون تمييز بين المنازعات الداخلية والدولية فانها تكون ذات تطبيق ضروري ولكنها تكون قواعد مادية عندما يتقرر تطبيقها على العلاقات الخاصة الدولية أي العلاقات ذات العنصر الاجنبي، وهذا ما توضحه قوانين التجارة الخارجية في الدول الاشتراكية السابقة

اولوية التطبيق: ان القواعد ذات التطبيق الضروري تكون لها الاسبقية في التطبيق سواء على القواعد المادية او على قواعد التنازع، اذ يجب على القاضي ان يبحث في قواعد قانونه اولا، لمعرفة ما اذا كانت تريد الانطباق (او بمعنى اخر ان العلاقة تدخل في نطاق سريانها) فاذا لم يجد، اتجه الى القواعد المادية في نظامه القانوني سواء بصورة مباشرة او اعمالا لقاعدة تنازع القوانين، وهذا هو حال قوانين التجارة الخارجية في تشيكوسلوفاكيا لعام 1963، والمانيا الديمقراطية السابقة لعام 1976 والصين الشعبية لعام 1985

  1. من حيث المصادر: تمتاز قواعد التطبيق الضروري بانها ذات مصدر تشريعي، وهو المصدر الوحيد لها اذ يعد التشريع الوطني المصدر الوحيد لها لانها قواعد وطنية المنشأ والهدف، تشريعية الوضع في الغالب الاعم اما القواعد المادية فانها تتميز بتعدد المصادر سواء كانت اتفاقية او داخلية او عابرة للدول.

المبحث الثاني : وسائل حل تنازع القوانين في المنازعات الناشئة عن خصخصة المصارف العراقية.

يعتبر الاتفاق على التحكيم جوهر التحكيم التجاري الدولي ، نظرا للطابع الإداري لهذا الأخير ، فنظام التحكيم أنشا بناء على اتقاق الأطراف من أجل إخراج المنازعة من ولاية القضاء العادي والعودة بها إلى قضاء خاض من إنشائهم ، حيث أنه لم يكن ليوجد هذا النظام لولا اتفاق الأطراف .

ضمانا لحقوق الأطراف المتنازعة فقد أحاطت معظم التشريعات وكذا الاتفاقيات الدولية اللجوء إلى التحكيم بضمانات هامة حماية للأطراف المتنازعة بحيث اشترطت أن يكون لجوء الأطراف إلى التحكيم طواعية أي بموافقة كلا الطرفين ، وهذا ما أدى إلى إنشاء مركز واشنطن الذي اعتبر التحكيم هو الطريقة المألوفة والمرغوبة لدى كافة الأطراف لحل منازعات الاستثمار الدولي ، وهذا نظرا للضمانات التي يقدمها سواء للدول المضيفة أو المستثمر الأجنبي مما جعل عدد القضايا المعروضة على تحكيم المركز في تزايد مستمر .

المطلب الأول : المركز الدولي لتسوية المنازعات

المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار هو اتفاقية دولية ، أنشئ بموجب اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول المتعاقدة ورعايا الدول الأخرى المتعاقدة في سنة 1965 والتي أقرت فيها التحكيم التجاري الدولي ” .. وعليه يمكن تعريف المركز الدولي بأنه : « آلية دولية أنشئ من طرف البنك الدولي من أجل تسوية منازعات الاستثمار الدولية ، ويمنح للأطراف وسائل التوفيق والتحكيم » .كما يمكن تعريفه على أنه : « مؤسسة دولية عامة أنشئ بموجب معاهدة متعدد الأطرافه الفرع الأول : إنشاء المركز الدولي ظهرت فكرة إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى ” CIRDI ” بعد فشل عدة محاولات قامت بها عدة أطراف دولية دول ومنظمات من أجل إيجاد حل ملائم ودائم للصعوبات المتزايدة المتعلقة بالمنازعات التي تنشأ عن عقود الاستثمار الدولية بين طرفين أجنبيين ، ونظرا لعجز الهيئات الدولية التي سبقت ظهور هذا المركز كغرفة التجارة الدولي وخاصة الدول الكبرى البحث عن نظام دولي جديد أو آلية لتسوية هذا النوع من المنازعات 2 وفي سنة 1961 صرح رئيس البنك العالمي أوجان بلاك ،

أن البنك بصدد دراسة مقترح لإيجاد حلول لتسوية منازعات الاستثمار وتحقيقا لذلك قام المستشار العام للبنك أنذاك أرون بروكس ” بتقديم مذكرة إلى المديرين التنفيذ بين البنك الدولي وأوضح فيها ضرورة إنشاء هيكل دولي يتولى مهمة الفصل في المنازعات التي قد تثور بين الدول والمستثمرين الأجانب بواسطة هيئة التوفيق والتحكيم وفي 5 جوان 1965 قدم المديرون مشروعات يتماشى مع هذا الهدف وطلب رئيس البنك العالمي من المديرين التنفيذيين مناقشة مشروع هذه الاتفاقية مع إعداد تقرير يتضمن وجهة نظر الحكومات الأعضاء في البنك حول المشروع المقترح عليهم خلال الاجتماع السنوي لمجلس المحافظين تم إصدار قرار يسمح للمديرين التنفيذيين الذين يمثلون الدول الأعضاء في البنك ، بدراسة إمكانية إنشاء هيكل أو جهاز يختص بتسوية منازعات الاستثمار الدولي تحت سلطة البنك الدولي ، حيث أصدر مجلس المحافظين قرار يقضي بتكليف المديرين التنفيذيين بدراسة الموضوع بالمشاركة مع حكومات دولهم لقديم آرائهم حول هذا المشروع . ²¹

وبدأت المشاورات والاجتماعات خلال الفترة الممتدة من ديسمبر 1963 إلى مارس .1964 وعلى أساس المشروع الأصلي والآراء التي أمكن الحصول عليها الاجتماعات الاستشارية قدم المديرون التنفيذيون تقريرا إلى مجلس المحافظين في اجتماعه السنوي الذي عقد في طوكيو 1964 بعد عدة جولات من المشاورات على المستوى الإقليمي والدولي في عدة جهات من العالم ، تم التوصل إلى صيغة مقبولة لاتفاقية دولية متعددة الأطراف ، تنشئ مركزا للتوفيق والتحكيم في المنازعات التي تثور بين الدول المتعاقدة ومواطني الدول المتعاقدة الأخرى بعد التشاور مع حكومات الدول الأعضاء وكذلك الهيئات الدولية الأخرى ، بوضع مشروع اتفاقية دولية متعددة الأطراف في 18 مارس 1965 ، تحت تسمية اتفاقية البنك الدولي ” التسوية النزاعات المتعلقة بالاستثمارات بين الدول ومواطني الدول الأخرى لعام 1965 .

وتم بموجب هذه الاتفاقية إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ، وأصبحت نافذة بداية من 14 يوم أكتوبر 1966 ، وذلك بعد مضي ثلاثين ( 30 ) يوما على اكتمال وثائق التصديق عشرين ( 20 ) دولة على الاتفاقية ، وهذا حسب نص المادة 2/68 من الاتفاقية .لقد كان اللجوء إلى المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار الدولية في أوائل ظهور محدوداء لكن نجد أن السنوات التي تلت هذه الفترة انضماما متزايد للدول إلى عضوية المركز ، ومن ثم زيادة كبيرة في عدد القضايا المسجلة لدى المركز نتيجة للتوسع في نطاق اختصاص المركز .

ويتميز المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بعدة خصائص ومميزات ساهمت في بروز دوره على المستوى الدولي كآلية لتسوية منازعات الاستثمار الدولية ، مما أعطى جوا من الثقة للأطراف المتعاقدة ، كما أدى إلى تزايد كبير للاستثمارات خاصة في الدول النامية ، ونجد هذه الخصائص قد أكدت عليها إتفاقية المركز في النصوص المنشاة لها .

أولا : حرية اختيار طرق تسوية النزاع

تتيح إتفاقية المركز الدولي للأطراف المتعاقدة طريقتين لتسوية المنازعات الناشئة عن عقود الاستثمار الدولية : التوفيق والتحكيم ، وهو لفض المنازعات الخاصة بالاستثمار بين الدول المتعاقدة ورعايا الدول المتعاقدة الأخرى طبقا لأحكام هذه الاتفاقية يعد التوفيق أكثر مرونة مقارنة مع التحكيم ، فهو طريق لحل النزاع المعروض أمام هيئة المحكمة دون إجبار الطرفين تعاونا وثيقا والزاميا .

أما الطريق الثاني لتسوية النزاع فيتمثل في التحكيم الذي يعد إجراء أكثر رسميا من التوفيق ، والعديد من القضايا المتعلقة بنزاعات الاستثمار الدولية تنتهي باتفاق التحكيم عمليا يفضل الكثير من أطراف عقود الاستثمار عند اللجوء إلى المركز الدولي ا CIRD إتباع طريق التحكيم بدلا عن التوفيق لتسوية النزاع ، نظرا للطابع الإلزامي الذي ينتهي عليه هذا الإجراء .

ثانيا : طبيعة النزاع

تختص إتفاقية التحكيم في مجال تسوية المنازعات الناشئة عن عقود الاستثمار بين دولة متعاقدة ومواطن من دولة متعاقدة أخرى ، ومن أجل وضع حدود الاختصاصات المركز اشترطت الاتفاقية أن يكون النزاع ذو طبيعة قانونية يتصل بحقوق والتزامات الطرفين في النزاعات الواردة في اتفاقية الاستثمار أو تفسير النصوص القانونية الواردة فيها ، وكذا النزاعات المترتبة عن الإجراءات التي تتخذها الدولة والتي تؤثر على حقوق الطرف المتعاقد معها . كما يجب أن يكون هناك ارتباطا للنزاع بالاستثمار وفقا للمادة 1/25 من إتفاقية المركز .

وهو ما يطرح مشاكل علمية في تحديد مفهوم الاستثمار الذي له مدلول واسع ، حيث أن هناك من النشاطات في الكثير من الميادين الاقتصادية ، يمكن اعتبارها استثمارا منها ما يتعلق بالشراء الإلزامي للدولة أو القرض أو وسائل مالية أخرى محضة ، يمكن أيضا أن يشتمل مفهوم الاستثمار استغراق هذه الأنشطة والعمليات مدة زمنية معينة ، أنتظام الأرباح والفوائد وجود نوع المخاطر الاقتصادية وكذلك المساهمة الفعالة في تحقيق التطور الاقتصادي للدولة المضيفة .

إن مبدأ الحرية التي جاءت بها اتفاقية المركز ، تركز عليها بعض الاستثناءات فمن حق أي دولة التصديق أو الانضمام إلى الاتفاقية ، تحديد المنازعات التي يمكن طرحها على المركز ، خاصة تلك التي تتعلق بالقطاعات الاستراتيجية .²²

ثالثا : أطراف التقاضي

إن ما يميز المركز الدولي عن غيره أنه أسس بهدف حل المنازعات التي تنشأ في مجال محدد هو الاستثمار الدولي ، وهذا النوع من الاستثمارات يتعلق فقط بالذي يكون أحد طرفيها دولة والطرف الأخر مستثمرا أجنبيا .

وعليه بالرجوع إلى الاتفاقية في نص المادة 1/25 فإن هذا المركز يختص فقط بالمنازعات التي تنشأ بين دولة متعاقدة أو أحد فروعها أو وكالة تعمل لحسابها وباسمها وطرف آخر مستثمر من رعايا دولة متعاقدة أخرى ، ا كما أن اتفاقية المركز حددت المقصود بالمستثمر الأجنبي ، وهو ما أشارت إليه بعبارة مواطن الدولة المتعاقدة وميزت بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي وضرورة أن يتمتع بجنسية إحدى الدول المتعاقدة الأخرى ، بخلاف الدولة الطرف في النزاع .

رابعا : موافقة الأطراف

يقصد بموافقة الأطراف على اللجوء إلى تحكيم المركز تقديم طلب كتابي إلى هيئة المحكمة للخضوع لاختصاص المركز ، كما أن موافقة أطراف النزاع الولاية القضائية للمركز ملزم لكلا الطرفين ، ومن ثم لا يمكن لأحد الطرفين الرجوع على هذا الإجراء من جانب واحد وعليه يمكن القول أن المركز هو الذي يملك صلاحية الفصل في النزاع المعروض أمامه .

خامسا : الدعم المؤسساتي

يعد الدعم المؤسساتي للمركز من أهم المزايا التي يتوفر عليها نظام التحكيم وفقا لاتفاقية المركز ، فهو يقوم ببعض المهام والوظائف وهي : ²³

1 – المساعدة في الإجراءات يقوم الأمين العام للمركز رفقة الموظفين بتقديم المساعدة فيما يخص الإجراءات هذه المساعدة تتمثل في توفير المكان الاجتماع أطراف النزاع سواء في مقر المركز أو مكان آخر ، إضافة إلى الترجمة وتقديم النسخ يمكن للأمين العام للمركز تعيين عضو من الموظفين الذي يتمتعون بالخبرة اللازمة لها كأمين عام لدى هيئة كل محكمة يقوم هذا الأمين بعدة مهام كتقديم التقارير عن كل الجلسات والإجراءات اللازمة لها كذلك يقوم بدور الاتصال بين الأطراف والمحكمين .

2 – حفظ السجلات يملك الأمين العام للمركز قائمة الدول المتعاقدة وكذلك المعلومات الخاصة بها كما أنه يحوز على قائمة هيئات التحكيم .

3 – المحاسبة يتولى الأمين العام للمركز كل ما يتعلق بالمحاسبة العامة والمتمثلة في المبالغ المستحقة للمركز واستشارة المحكمة فيما يخص هذه المبالغ سادسا : استقلالية وآلية إجراءات تحكيم المركز تتمتع الإجراءات الخاصة بالمركز باستقلالية تامة عن أي تدخل خارجي ، حيث أن القضاء الوطني لا يملك أي سلطة التأثير على سير الخصومة باستثناء سلطة إجراءات تحفظية في حالة انتقاق الأطراف حسب المادة 47 من اتفاقية المركزة .

وتتميز إجراءات تحكيم المركز بالمرونة ، مما يسمح بسيرها بصفة عادية وعدم التأثر بالعراقيل التي قد يلجا إليها أحد الأطراف . عدم تقديم المذكرات أو غياب أحد طرفي النزاع عن جلسة الحكم يوقف الإجراءات ، كما أن عدم تعاون أحد الأطراف ليس له أي تأثير على تنفيذ الحكم .

يتميز النظام المعتمد لدى المركز بفعالية بشكل عام ، إذ أن موافقة الأطراف على تحكيم المركز يعد بمثابة خضوع لنظام المركز ، ومنه لا يمكن لأي طرف الانسحاب من جانب واحد و تعد الأحكام الصادرة عن محكمة المركز ملزمة ونهائية ولا يمكن مراجعتها باستثناء بعض الشروط الخاصة الواردة في الاتفاقية ذاتها ، كما أن عدم احترام الدولة المتعاقدة الحكم الصادر عن هيئة المركز ، يعد خرقا لنصوص الاتفاقية يستوجب حق الحماية الدبلوماسية الدولة المستثمر الأجنبيا .

ثامنا : الطابع الدولي

إن أساس تحكيم المركز الدولي هو اتفاقية واشنطن التي أبرمت في إطار مؤسسة دولية وهي البنك العالمي ، والذي يشرف على المركز نتيجة لذلك تلتزم كل دولة تنظم إلى الاتفاقيات باحترام الأحكام الواردة فيها ، وتنفيذ القرارات الصادرة عن محاكم التحكيم المشكلة في إطار قواعد الاتفاقية تاسعا : المرونة تمتاز القواعد المتعلقة بالإجراءات المتبعة بكثير من المرونة ، أي أن أطراف النزاع ليسوا مجبرين على التقيد بكثير من القواعد التي بإمكانهم استبعادها والاتفاق على ما يخالفها . المطلب الثاني شروط اختصاص المركز الدولى يعتبر المركز الدولي الوجهة الوحيدة المختصة أساسا في تسوية منازعات الاستثمار التي تتشابين المستثمر الأجنبي و الدولة المضيقة للاستثمار ، كما يتميز عن المراكز الدائمة الدولية للتحكيم التجاري بكونه أنشئ بمقتضى اتفاقية دولية تخول له نتيجة لذلك للاستفادة من حماية القانون الدولي العام و طبقا لما جاء في نص المادة 25 من اتفاقية واشنطن التي تنص على ما يلي : ( ( يمتد اختصاص المركز إلى منازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة واحدة و رعايا دولة متعاقدة أخرى و التي تصل اتصالا مباشرا بأحد الاستثمارات شرط أن يوافق أطراف النزاع كتابة على طرحها أمام المركز ) ) فإن المركز يكون مختصا إذا توفرت ثلاثة شروط و التي منها :

رضا الأطراف و التي تعتبر شرط أساسي للانعقاد اختصاص المركز الدولي : شرط أن يكون أحد الأطراف دولة متعاقدة و يكون الطرف الآخر مواطن من دولة أخرى . 24

التسوية التحكيمية أمام المركز

أنشأت اتفاقية واشنطن لسنة 1965 مركزا دوليا متخصصا لفض منازعات الاستثمار حيث صمم خصيصا لكي يتعامل مع منازعات الاستثمارية حيث يعتبر التحكيم أمام المركز الدولي أكثر التحكيمات استعمالا ، حيث أنه أغلب الاتفاقيات الثنائية المبرمة تحيل إلى تحكيم أمام المركز و هذا راجع إلى الأهمية التي يختص بها المركز ، حيث أن المركز يوفر للمستثمرين و كذا الدول المتعاقدة أسلوبين مختلفين لتسوية المنازعات الناتجة عن الاستثمارات حيث يمكن للأطراف الاختيار بين التوفيق و التحكيم التجاري الدولي ، إضافة إلى السهولة و السرعة التي يتميز بها إجراءات التحكيم أمام المركز … الخ .

و بعد أن تقوم الهيئة المكلفة بالتحكيم بدراسة ومعالجة حيثيات النزاع المعروض عليها تقوم بإصدار حكم تحكيمي نهائی ملزم لجميع الأطراف ، هذا الحكم الذي يجب أن يعترف به من قبل الجهات القضائية المختصة بذلك حتى يدخل النظام القانوني من خلال إضفاء الصيغة على أن تنفيذ الحكم التحكيمي لا يتم دون طلب الاعتراف من قبل السلطة القضائية ، فالتنفيذ يسبقه الاعتراف وهنا تتضح جليا أهمية التحكيم وقيمته ، و بعد أن يصدر حكم التحكيم بأغلبية الأصوات ، يتعين على كل دولة متعاقدة الاعتراف بهذا الحكم الذي أصدره نظام التحكيم ، كما تضمن تنفيذ الالتزامات المالية التي تفرضها الحكم كما لو كان حكما نهائيا صادرا عن محكمة وطنية ، وعلى الدولة المتعاقدة التي تتبع النظام الفيدرالي ضمان تنفيذ الحكم عن طريق محاكمها الفيدرالية وأن تلزم هذه المحاكم بمعالم هذا الحكم كحكم نهائي صادر من محاكم أحد الدول الفيدرالية وبذلك فإن حكم التحكيم الصادر عن المركز الذي أنشأ في ظل الاتفاقية يكون بمجرد صدوره قابلا للتنفيذ أي أن دور المحاكم الوطنية يقتصر فقط على المساعدة في الاعتراف بهذه الأحكام ومن ثم لا يجوز لها الاعتراض على التنفيذ حتى لو كان ذلك على أساس مخالفة النظام العام وبذلك فإن المستثمر الأجنبي لا يحتاج لتنفيذ الحكم داخل الدولة المتعاقدة أكثر من تقديمه لصورة من الحكم مصدقة من السكرتير العام للمركز إلى المحكمة المختصة أو إلى سلطة أخرى تحددها الدولة المذكورة لهذا الغرض وعلى كل دولة متعاقدة أن تخطر السكرتير العام بالمحكمة المختصة أو الجهات التي تحددها لهذا الغرض وبكل التغيرات التي تطرأ في هذا الشان من خلال قواعد الاعتراف والتنفيذ المتعلقة بالأحكام الصادرة عن تحكيم المركز نجد أن هذه الاتفاقية أحدثت تقدما هاما فيما يتعلق بالاعتراف بالأحكام الدولية وتنفيذها كما أنها تمكنتإلى حد كبير من تحقيق توازن بين مصالح المستثمرين والدول ، وهي إحدى السمات البارزة اللاتفاقية .

إن النص على عدم تفسير المادة 54 كونها تعد انتقاصا من القوانين الخاصة بحصانة الدولة ، قد أملت ضرورة الحسم المناقشات الحادة التي يثيرها موضوع حصانات الدولة ذات السيادة من التنفيذ ، خاصة إذا كانت الدولة تقوم بنشاطات تجارية مثلها مثل الأفراد واذا تمسكت الدولة بحضانتها في هذا المجال فسوف تكون قد أخلت بالتزاماتها الاتفاقية ومن ثم تعرض نفسها للجزاءات الواردة في الاتفاقية حسب المادتين 27 و 64 من اتفاقية المركز 25

المطلب الثاني :  الوسائل البديلة لحل المنازعات

يعتبر كل من الصلح والوساطة من الطرق البديلة لحل نزاعات الاستثمار حيث أنه بالرغم من وجود اختلاف بينهما ، سواء من حيث تعريف كلا منهما أو من حيث الإيرادات ، إلا أنهما يتفقان أو يشتركان في الهدف ، ألا وهو القضاء على النزاع القائم أو المحتمل الوقوع ، حيث يمكن أن نعرف الصلح لغة بأنه إنهاء الخصومة ونقول صالحه على شيء ، أي سلك معه مسلك المصالحة أما بالنسبة للوساطة فهي عبارة عن عملية لفض المنازعات بين الأشخاص بعيدا عن عملية التقاضي ، وذلك من خلال استخدام فنون مستحدثة في المفاوضات بغية الوصول إلى تسوية وحل النزاع ، وذلك للتقليل من الاكتظاظ الذي تعرفه الجهات القضائية و يمكن تعريف الصلح بأنه عقد يحسن الطرقان به نزاعا ثار بينهما فعلا ، أو يوقفان به نزاعا محتملا ، ويأتي ذلك بتنازل كل طرف عن مطالبها وضع التقنين المدني أحام عامة عن الصلح من حيث أنه عقدا يحسم به النزاع القائم أو المحتمل الوقوع والصلح كإجراء الهدف منه القضاء على النزاع يشترط فيه شروط من الضروري توافرها وكذا يقوم على الإجراءات من الواجب إتباعها والصلع كطريق بديل لفض النزاعات له آثار وطرق الانقضاء و لما كان الصلح وسيلة من الوسائل المنهية للنزاع ، فقد اعتبره الفقهاء عقدا من العقود المسماة ، ومن ثم فإنه يخضع للقواعد العامة المألوفة التي تطبق على العقود حيث أنه اشترط لقيام الصلح بين الأطراف توفر شروط منها

أولا : وجود نزاع قائم أو محتمل باستقراء ، و وجوب توافر نزاع قائم أو محتمل بمعنى أن يكون النزاع بين المتخاصمين جدي وليس هزلي ، وإن كان هناك نزاع قائم مطروح أمام الجهات القضائية وأنهاه الطرفان بالصلح كان الصلح هذا قضائيا مع وجوب التمييز فيها إذا كان جوازيا أم إجباريا من حيث المجال الذي ورد فيه ، ويشترط أن لا يكون قد صدر حكم نهائي في النزاع بل يكفي تكريسه من محضرإتقاق فقط والا انتهى النزاع بالحكم وليس بالصلح ، على أن يبقى النزاع مستمر منی كان هذا الحكم قابلا للطعن فيه بالوسائل المقررة قانونا ، ومن ثم يكون محلا للصلح على مستوى الدرجة الثابتة القاضي .26

ثانيا : نية حسم النزاع ، يجب أن يقصد الطرفان بالصلح حسم النزاع بينهما ، إما بإنهائه إذا كان قائما أو بتوقيفه إذا كان محتملا ، أما إذا لم يكن للطرفين نية حسم النزاع فلا يعتبر العقد صلحا لا يقوم الصلح إلا إذا كان العقد المراد إبرامه ينهي النزاع القائم ، وعليه لا يعتبر صلحا الاتفاق الذي يتضمن متابعة الدعوى أو النزاع ،و يعتبر العقد صلحا إذا لم تتوفر في الطرفين نية حسم النزاع فمثل ذلك أن يتفق شخصان على استغلال عين بطريقة معينة قبل حسم النزاع من طرف المحكمة ، فهذا الاتفاق لا يعتبر صلحا لأنه لم يحسم النزاع ، وقد يأتي الصلح على بعض الأجزاء المتنازع عنها ولا يشتمل جميع المسائل كان يحسم المتخاصمين جزءا من الخصومة ويترك الباقي إلى القضاء لإنهاء النزاع لتتولى المحكمة البث فيه .

ثالثا : تنازل كل طرف عن جزء من حقه کون الصلح عقد رضائي هو ما يترجم شرط التنازل المتبادل ، فالصلح عقد ينهي به الطرفان النزاع بان يتنازل كل منها على وجه التبادل عن حقه واذا لم يتنازل أحدهما عن شيء من ذلك لا يكون العقد صلحا إلا أنه يجب الإشارة أنه ليس من الضروري أن تكون التضحية من الجانبين متعادلة ، فقد يتنازل أحد الطرفين عن جزء كبير من إدعائه أو عن كل إدعائه ولا يتنازل الأخر إلا عن بعض ما يدعيه حيث أنه في هذه الحالة يعتبر الأمر صلحا لأنه ليس من الضروري أن يكون التنازل متعادلا من الجانبين ، قد يتنازل أحدهما عن جزء كبير من إدعائه و يتنازل الآخر عن بعض إدعائه فإن هذا الأمر يعتبر صلحاً

و تبدأ إجراءات الصلح طبقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية بالمبادرة كإجراء أولي ثم التصديق عليه في حالة نجاحه :

أولا : المبادرة بالصلح

تتم المبادرة بالصلح إما من طرف الخصوم تلقائيا وإما بسعي من القاضي بعد محاولة التوفيق بينهما .

1- الصلح المبرم بين الخصوم تلقانيا : وهو الذي يتم بحضور الخصوم أمام القضاء لإقراره .

أ- حضور الخصوم أمام القضاء حتى يعتبر الإجراء الصلح حيث لا يكفي أن يكون الاتفاق عليه صحيحا بل يلزم أيضا حضور الطرفين أمام القاضي بنفسيهما ، أو عن طريق وكيل بوكالة خاصة بالصلح ، حيث لا يكفي حضور أحدهما دون الآخر وإن حدث ذلك وصادق القاضي على الصلح رغم تحلف كلا الطرفين أو أحدهما ، يكون في هذه الحالة قد جانب الصواب وأخطأ في تطبيق القانون ..

ب – تأكيد الخصوم موافقتهم على الصلح : لا يكفي مجرد حضور الخصوم اما القاضي ليكون الصلح تلقائيا ، بل يجب أن يؤك كل منهم موافقته على هذا الصلح عن طريق التوقيع على المحضر الذي يحرره القاضي ، فاذا حصل الصلح يحرر رئیس تشكيلة الحكم محضرا ويبين فيه ما تم الاتفاق عليه ويأمر بتسوية النزاع وغلق الملف ويكون هذا الأمر غير قابل لأي طعن ، و تثبت الصلح في محضر ، يوقع عليه الخصوم والقاضي وأمين الضبط ويودع بأمانة الضبط للجهة المختصة .

و منحهم حرية تسوية النزاع القائم بينهم وديا عن طريق الصلح إلا أنه لم يفتح لهم حرية التصرف في ذلك ، إذا أبقى القاضي مختصا يحسم النزاع لحين التأشير على الصلح وجعله يتمتع أثناء سير الخصومة بحق رقابة سلامة الإجراءات التي يقوم بها المتنازعون ، كما يمارس الرقابة على شرعية الصلح فتكون له سلطة تقدير الوقائع والتكييف القانوني الصحيح ل الها . 27

2- الصلح المبرم بين الخصوم بسعي من القاضي

القاضي كشخص ذو هبة وذو معرفة بدواليب القضاء وكشخص يتصل اتصالا مباشرا بالنزاع يتيسر له إلى حد بعيد الاطلاع على طلبات ودفوعهم وهو ما يساعد علىمحاولة إجراء الصلح بين الخصوم لذلك ضرورة جواز قيام القاضي بمحاولة التوفيق بينهم أثناء سير الخصومة في أي مادة كانت في الإدارية منها ، وذلك لتفعيلا لدوره عكس ما كان يتسم دور القاضي الإداري بطابع سلبيا ، وتتم محاولة إجراء الصلح بسعي من القاضي المختص بنظر الدعوى خلال جميع مراحل الخصومة في المكان و الزمان الذي يراهما مناسبين ما لم يوجد نص قانوني مخالف لأن القاضي هو الذي يقدر مدى ملائمة قيامه بمحاولة الصلح ، وسيترك السلطة التقديرية للقاضي لاختيار الوقت المناسب لإجراء الصلح هو اختلاف الوقت المناسب من خصومة الأخرى حصب وقائع وظروف كل قضية وهذا بالنظر إلى ظروف النزاع وشخصية الخصوم ، ثانيا التصديق على الصلح إن توصل الخصوم إلى اتفاق يتضمن حسم النزاع القائم بينهم بالصلح تلقائيا كان أم بسعي من القاضي توجب على هذا الأخير التصديق عليه

ثانياً_ قيام القاضي بالتصديق على الصلح

يصادق على الصلح القاضي المختص بالدعوى الأصلية التي أبرم الصلح بشأنها وإن كان هذا الأخير غير مختص فلا يجوز له تثبيت الصلح المبرم كما أنه على القاضي قبل قيامه بإجراء التصديق التحقق من عدة مسائل منها : –

-يجب أن يكون القاضي مختصا بالفصل في النزاع محل الصالح ، وأن لا يتضمن هذا الصلح نزاعا غير مطروح أمامه أو لا يدخل ضمن اختصاصاته

– يجب أن يكون النزاع محل الصلح قد طرح على القاضي دون حرق القواعد والأحكام المتعلقة بالإجراءات كالصفة و المصلحة مثلا .

– يجب على القاضي التحقق من أن النزاع المتصالح عليه لا يخالف النظام العام والآداب العامة ، وإن تصالح الخصوم على عدة مسائل وكان بعضها متعلقا بالنظام العام دون البعض الآخر ، فعلى القاضي في هذه الحالة الامتناع عن التصديق عملا بمبدأ قابلية الصلح للتجزئة . 28

ثالثاً – شكل التصديق على الصلح

يصادق على الصلح في شكل محضر يثبت فيه ، و يقترح الصلح القضائي في محضر يبين فيه القاضي ما تم الاتفاق عليه ويكون موقعا من طرف هذا الأخير والخصوم وأمين الضبط ، ثم يتم إيداعه بأمانة الضبط ليعتبر بعد ذلك سندا بالاضافة الى قيام القاضي هذا بتثبيت ما أنفق عليه الأطراف في المحضر غير لازم لوجود الصلح ، لأن هذا الأخير عدد رضائي لا يتطلب إفراغه في شكل معين ، وإنما الأمر لازم ليكتسب الصلح الصفة القضائية وليصلح بأن يكون سندا تنفيذيا .

و للصلح أثرين مهمين أولهما هو الأثر حاسم للنزاع ( أولا ) و ( ثانيا ) فهو أثر کاشف للحقوق .

أولا : الأثر الحاسم للنزاع

اذا أبرم صلح بين طرفين فإن هذا الصلح يحسم النزاع بينهما عن طريق انقضاء الحقوق والادعاءات التي تنازل عنها كل طرفة فضلا إن تنازع شخصان على ملكية دار وأرض ثم تصالحا على أن تكون الدار لأحدهما والأرض للآخر ، فهذا الصلح عقد ملزم للجانبين ، يلزم من خلصن له الدار أن يتنازل عن إدعائه في ملكية الأرض ، ويلزم من خلصت له أن يتنازل عن إدعائه في ملكية الأرض وان الصلح شأنه شأن غيره من العقود يقوم فيه القاضي الموضوع بالتفسير ، ولا يخضع لرقابة المحكمة العليا في التفسير مادام يستند إلى مبررات وأساليب ، على أنه لما كان هناك نزول لكل من المتصالحين عن جزء من إدعائه ، فإن هذا النزول المتبادل يجب أن يفسر تفسيرا ضيقا ، فإذا تصالح الشريك مع شركائه على ما يستحق من أرباح الشركة فإن هذا الصلح لا يشمل إلا ما استحقه فعلا من أرباح لا ما قد يستحقه في المستقبل .

ثانياً – الإلزام بالصح

فإذا أبرم الصلح بين طرفين استطاع كل طرف أن يلزم الآخر بهذا الصلح فيمنعه من تجديد النزاع وهذا عن طريق الدفع بالصلح ، فإذا إنحسم النزاع بالصلح ، لم يجز لأي من المتصالحين أن يجدد النزاع من جديد كأن يكون مقررا للتأخر في تنفيذ الصلح أو كجزاء على الطعن فيه فسخ العقد فإذا أخل أحد المتخاصمين بالتزاماته في الصلح يجوز للأخر طلب فسخ العقد .29

ثانيا : الأثر الكاشف لحقوق الصلح

ويقتصر هذا الأثر على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها ، فللصلح أثر کاشف بالنسبة لما اشتمل عليه من الحقوق ويقتصر هذا الأثر على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها ويفهم من هذا النص أنه إذا اشتمل الصلح على الحقوق غير متنازع فيها وهو ما يسمى بدل الصلح كان الأكثر ناقلا لا كمنتقاة والصلح يفسر بعبارات التنازل التي يتضمنها الصلح تفسيرا طبقا أيا كانت تلك العبارات فإن التنازل لا يشمل الا الحقوق التي كانت بصفة حلية محلا للنزاع الذي حسمه الصلح يظهر جليا من نص هذه المادة وجوب التفسير الضيق لعبارات الصلح ، غير أن المشرع الجزائري لم يكتف بذكر التفسير الضيق ، بل بین تبرير ذلك في الجملة الثابتة من المادة في حصر التنازل الذي يتناوله التفسير على الحقوق المتنازع فيها بصفة جلية وبعد هذا التبرير الذي يوافق تبرير إجماع الفقه في رأينا تشديدا على تطبيق المبدأ من القاضي أي يوجهه القاضي الحكم توسعه التفسير الحقوق المتنازع عليها

الخاتمة

أن مفهوم الخصخصة يثير إشكالات كثيرة وذلك لحداثة هذا الموضوع من جانب وحسب رؤية الدولة لهذه العملية من جانب آخر , أي هل أن الخصخصة تمثل نقل أصول المشروعات العامة كلا أو جزءأ عن طريق البيع فقط الى القطاع الخاص , وهذا هو المفهوم التقليدي للخصخصة .

أم أنها تمثل المفهوم الحديث والذي يذهب إلى أن ا كون عن طريق البيع أو الإيجار أو الإدارة أو صيغ أخرى مثل إدارة المشروعات العامة من قبل الدولة نفسها ولكن وفق أساليب ومبادئ القطاع الخاص ، ونرى أن يكون التعريف وفق المفهوم الحديث مع إضفاء الصفة القانونية على هذه العملية أي أن تعرف الخصخصة بأنها سياسة نقل ملكية أو إدارة وحدة الأصول الحكومية كلا أو جزءا من القطاع العام إلى القطاع الخاص وفقا للقوانين والأنظمة والتعليمات.

وبناء على كل ما تقدم في العرض نتوصل إلى أن الطرق البديلة لحل النزاعات جامت لتفادي التعقيدات اللصيقة بإجراءات التقاضي ، و لاختصار أمد الخصومة وقد أثبتت نجاحها و ذلك بدليل تهافت الدول على الأخذ بها إلى أن كادت تصير وسائل أصلية لحل النزاعات ، مما جعل العديد من المؤلفين يعتبرون أن الدولة الحالية قد انقلبت بشأن حل النزاعات من العدالة الصارمة إلى العدالة اللينة .

ومما لا شك فيه أن أغلب الدول و خاصة منها النامية ، تعمل على جلب الاستثمارات الأجنبية سعيا منها لتحسين موقعها الاقتصادي و تنمية مواردها ، فإنه من الممكن أن تتشا خلافات أو منازعات التي تتعلق بتلك الاستثمارات ، نظرا لكون أن عقود الاستثمار يقوم بين طرفي ينتمي كل منهما لنظام قانونی مختلف على الآخر ، فالدولة من جهتها تنتمي للقانون العام ، و المستثمر الأجنبي ينتمي بدوره إلى القانون الخاص إضافة إلى اختلاف قانون الدولة المضيفة عن قانون دولة المستثمر هذا ما جعل الدول النامية تبحث عن أرضية لجلب الاستثمارات الأجنبية إليها ، و هذا من خلال سن قوانين جديدة في المجال الاستثماري ، كما سعت للانضمام للاتفاقيات الدولية الثنائية و الجماعية لتشجيع الاستثمار ، منها اتفاقية نيويورك لسنة 1958 و اتفاقية واشنطن السنة 1965 المنشأ للمركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار بين الدول و رعايا الدول الأخرى حيث يعتبر هذا الأخير بمثابة القضاء الفاصل النزاعات الاستثمارية فالهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو معرفة البدائل التي يمكن الاستعانة بها للقضاء على النزاعات و كذا معرفة المركز المختص بتسوية النزاعات الاستثمارية .

1- أن مفهوم الخصخصة يثير إشكالات كثيرة وذلك لحداثة هذا الموضوع من جانب وحسب رؤية الدولة لهذه العملية من جانب آخر راي هل أن الخصخصة تمثل نقل أصول المشروعات العامة كلا أو جزءآ عن طريق البيع فقط الى القطاع الخاص و وهذا هو المفهوم التقليدي للخصخصة أم أنها تمثل المفهوم الحديث والذي يذهب إلى أن الخصخصة تكون عن طريق البيع أو الإيجار أو الإدارة أو صيغ أخرى مثل إدارة المشروعات العامة من قبل الدولة نفسها ولكن وفق أساليب ومبادئ القطاع الخاص . ونرى أن يكون التعريف وفق المفهوم الحديث مع إضفاء الصفة القانونية على هذه العملية , أي أن تعرف الخصخصة بأنها ( سپاسة نقل ملكية أو إدارة وحدة الأصول الحكومية كلا أو جزء من القطاع العام إلى القطاع الخاص وفقا للقوانين والأنظمة والتعليمات النافذة )

2- يلاحظ أن المفهوم الاقتصادي للخصخصة هو أوسع مين مفهومها القانوني فالمفهوم الاقتصادي لها يشمل كافة أساليب وصور الخصخصة سواء الخصخصة الصريحة ام الجزئية أم الضمنية . في حين أن التشريعات التي أصدرتها الدول المختلفة والتي تمثل المفهوم القانوني للخصخصة لا تنظم في حقيقتها إلا صورة واحدة من صور الخصخصة وهي الخصخصة الصريحة الناقلة للملكية ) تاركة الصور الأخرى للقواعد العامة الموجودة في قوانينها .

3- أن الأموال التي يمكن أن تخضع لعملية الخصخصة هي أموال الدولة الخاصة التي تخضع لأحكام القانون الخاص ودون أموال الدول العامة الخاضعة لأحكام القانون العام والتي لا خصخصتها , وتتمثل أموال الدولة الخاصة في التشريع العراقي بشكل رئيسي بالشركات العامة والتي حددت مفهومها المادة ( 40 ) من قانون الشركات العراقي رقم ( 22 لسنة )

– يلاحظ أن الدستور العراقي الدائم لعام 2005 – على خلاف الدستور السابق قد أجاز اعتماد سياسة الخصخصة من خلال نصوصه المبينة في متن البحث والتي شجع فيها الاستثمار .

الهوامش :

1_ضياء مجيد الموسوي ، الخصخصة والتصحيحات الهيكلية آراء واتجاهات ، ط 3 ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 2005 ، ص 42 .

3_ غازي فيصل مهدي – مزايا قانون الادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية دراسات دستورية عراقية حول موضوعات أساسية للدستور العراقي الجديد ، دار المعرفة ، بغداد ،2010 ، ص121

3_بسمة على إحسان داود ، الخصخصة اتجاهات التحول الى القطاع الخاص . تجارب عالمية مع الاشارة الى العراق , ط 1 , مطبعة الزمان . ۲۰۰۹ ، ص 251

4_حيدر نجيب أحمد ، علاقة القانون الإداري بالقانون المدني في حدود المال العام ، بحث منشور في کتاب بحوث المؤتمر العلمي الأول لكلية القانون والعلوم السياسية للفترة من 1 إلى ۲۰۱۱/۱۱/۲ المطبعة المركزية ، جامعة ديالى ، ۲۰۰۹ ، ص 6

5_ علي يوسف شكري ، د . محمد علي الناصري ، دراسات حول الدستور العراقي ، ط 1 ، مؤسسة آفاق للدراسات والأبحاث العراقية ، بغداد ، ۲۰۰۸ ، ص72

6_أحمد طلال عبد الحميد ، النظام القانوني لأموال الدولة الخاصة ، ط 1 ، دار التراث والكتب ، بغدان ۲۰۰۸ ، ص24

7_ حميد حلون خالد ، قراءة في قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية دراسة دستورية عراقية حول موضوعات اساسية للدستور العراقي الجديد ، المعهد الدولي القانون حقوق الإنسان ، كلية الحقوق جامعة دي بول ، 2005، ص 44

8_ علي يوسف شكري ، د . محمد علي الناصري ، دراسات حول الدستور العراقي ، ط 1 ، مؤسسة آفاق للدراسات والأبحاث العراقية ، بغداد ، ۲۰۰۸ ، ص 142

9_ مهند ابراهيم علي افندي الجبوري . النظام القانوني للتحول الى القطاع الخاص ( الخصخصة ) دراسة مقارنة دار الحاد للنشر المملكة الأردنية الهاشمية طبعة ۱ , ۲۰۰۸ ، ص 111

10_ماهر صالح علاوي الجبوري ، مبادئ القانون الإداري – دراسة مقارنة ، دار الكتب للطباعة والنشر ، ۱۹۹۹ ، ص 51

11_محمد إبراهيم العوضي ، فكرة الخصخصة ومدى توافقها مع الحماية الدستورية للمشروعات العامة، دار النور ، بغداد ، 2010،ص33

12_ مصطفى ابراهيم – نظام التمويل الذاتي وتطبيقه ، أطروحة ماجستير ، كلية القانون جامعة بغداد ، ۲۰۰۲ ص138

13_ماهر صالح علاوي الجبوري ، الوسيط في القانون الإداري ، دار ابن الأثير للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، ۲۰۰۹ ، ص 71

14_ مصطفى ابراهيم الزلي ،المصدر السابق ، ص161

15_عبد المطلب عبد الحميد ، البنوك الشاملة عملياتها وإدارتها ، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، 2000 ،ص146

16_عبد العزيز صالح جبور ، أساليب وطرق تنفيذ الخصخصة ، إدارة عمليات الخصخصة وأثرها في اقتصاديات الوطن العربي ، منشورات جامعة عدن ، 2006،ص134

17_عبد الرحمن بلحفصي ، محاضرات في الاقتصاد المصرفي ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 2000 ،ص13

18_عبد الحافظ السيد البدوي ، إدارة الأسواق المالية ( نظرة معاصرة ) ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 2001 ،ص111 .

19_عادل محمد رزق ، الاستثمارات في البنوك والمؤسسات المالية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2000 ،ص78

20_طارق عبد العال حماد ، التطورات العالمية وانعكاساتها على أعمال البنوك ، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، .2004 ،ص96

21_ضياء محيد الموسوي ، العولمة و اقتصاد السوق الحر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 2005 ،ص146

22_صلاح الدين حسن السيني ، النظام المصرفي و الاقتصاد الوطني ، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، 2000 ،ص57

23_شاکر القزويني ، محاضرات في اقتصاد البنوك ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 2000 ،ص57

24_سعید توفيق عبید ، الاستثمار في الأوراق المالية ، مكتبة عين شمس ، القاهرة ، 2000 ،ص68

25_سعيد النجار ، التخصصية والتصحيحات الهيكلية في البلاد العربية ، دار النهضة ، القاهرة ، 2003 ص121

26_سامي خليل ، اقتصادیات النقود والبنوك ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002 ،ص81

27_رشید صالح عبد الفتاح ، البنوك الشاملة وتطوير دور الجهاز المصرفي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2000 ،ص147

28_أحمد ماهر : دليل المدير في الخصخصة ، مركز التنمية الإدارية ، جامعة القاهرة ، جامعة الإسكندرية ، تاريخ النشر بلا ،ص116

29_علاء خليفة : التخاصية – نظرة شاملة ، مجلة العلم ، العدد 67 ، السنة 34 – أب ، 2000،ص 78