عبد العالي سللي، وفاء كامل
1 أستاذ باحث، كلية علوم التربية، جامعة محمد الخامس، الرباط.
بريد الكتروني: a.soulali@um5r.ac.ma
2 أستاذة ممارسة وباحثة في الجغرافيا، حاصلة على الدكتوراه في الجغرافيا، من جامعة الحسن الثاني، المحمدية.
HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj415
تاريخ النشر: 01/01/2023م تاريخ القبول: 02/12/2022م
المستخلص
تهدف الدراسة تسليط الضوء على بعض التجارب الدولية الرائدة في اعتماد الكتاب المدرسي الرقمي من خلال تجربة كل من النظام التعليمي الكوري، والنظام التعليمي الماليزي، والنظام التعليمي ببعض الولايات الأمريكية. ثم محاولة اسقاط ظروف وشروط تلك التجارب على الواقع التعليمي المغربي، وذلك من أجل الاستئناس بها في أفق التفكير في كتاب مدرسي رقمي وطني. اعتمدت الدراسة تحليل الوثائق التربوية الرسمية المتاحة في الموقع الرسمي لوزارة التعليم بالدول الثلاث، انطلاقا من ستة معايير هي: البنية التحتية، والبرمجيات، والوثائق التربوية الرسمية، وإنتاج المضامين الرقمية، والربط بشبكة الإنترنيت، وخلاصة لأهم الدراسات الأكاديمية التقويمية لتجربة الكتاب المدرسي الرقمي. وخلصت الدراسة إلى خصوصية كل تجربة مع تأكيد ريادة التجربة الكورية الجنوبية والتي حاولت عدد من الدول الاقتداء بها مثل النظامين التعليميين الماليزي والمغربي.
الكلمات المفتاحية: كتاب مدرسي ورقي، كتاب مدرسي رقمي، التجربة المغربية، التجربة الكورية، التجربة الماليزية.
International experiences in teaching with digital textbooks
Soulali Abdelali , Kamil Wafaa
1 Research Professor, Faculty of Education Sciences, Mohammed V University, Rabat, Morocco.
Email: a.soulali@um5r.ac.ma
2 High school teacher and researcher in geography, PhD holder in geography, from Hassan II University, Mohammedia, Morocco.
HNSJ, 2023, 4(1); https://doi.org/10.53796/hnsj415
Published at 01/01/2023 Accepted at 02/12/2022
Abstract
The study aims to shed light on some of the leading international experiences in adopting the digital textbook through the experience of the Korean educational system, the Malaysian educational system, and the educational system of some American states. Then we will try to project the circumstances and conditions of those experiences on the Moroccan educational reality, while anticipating the possibility of shifting towards the adoption of the national digital textbook. The study analyzed the official educational documents available on the official website of the Ministry of Education in the three countries, based on six criteria: Infrastructure, software, official educational documents, production of digital content, connectivity to the Internet, and a summary of the most important academic studies evaluating the experience of the digital textbook. The study concluded with the peculiarity of each experiment while confirming the leadership of the South Korean experiment, which several countries tried to emulate, such as the Malaysian and Moroccan educational systems.
Key Words: Paper textbook, digital textbook, Korean experience, Malaysian experience, Moroccan experience.
أولا: مقدمة
1.1 السياق العام
تواجه الأنظمة التعليمية على المستوى العالمي خلال العقدين الأخيرين تحديات متزايدة مرتبطة بالتطور المتسارع لتكنولوجيا القرن 21، فجيل ما أصبح يصطلح عليه “بجيل الأنترنيت” أضحى ينظر إلى المدرسة التقليدية بنوع من الازدراء أمام ما يتوافر أمامه من بدائل تعليمية ذات جاذبية كبيرة… مما دفع عددا من الدول إلى تبني التعليم الذكي (Smart learning) وأنماط من التعليم الرقمي استجابة لحاجيات الأجيال الجديدة التي نشأت في ظل تكنولوجيا الأنترنيت ذي الصبيب العالي والاستعمال الواسع للهواتف النقالة…؛ ومن بين الدول الرائدة في هذا المجال نجد: كوريا الجنوبية، واليابان، وسنغافورة، واستراليا، وفنلندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرهم… كما أسهمت جائحة “كورونا” التي عرفها العالم انطلاقا من سنة 2019 في تزايد الحاجة إلى التكنولوجيا باعتبارها تتيح بدائل لتجاوز الأزمة؛ فتم إحياء وتسريع عدد من المشاريع التربوية الرقمية لتمكين المتعلمين من متابعة دراستهم عبر نمط التعليم عن بعد بداية، ثم الرجوع لنمط التعليم الحضوري بعد ذلك، ليستقر الأمر على الدراسة بالجمع بين النمطين في عدد من الأنظمة التعليمية العالمية.
لقد انتبهت الوزارة الوصية على قطاع التعليم المدرسي بالمغرب لأهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال في ميدان التعليم منذ مطلع القرن 21، حيث خصصت وثيقة الميثاق الوطني للتربية والتكوين الصادرة سنة 1999 الدعامة العاشرة لاستعمال التكنولوجيا الجديدة للإعلام والتواصل، وحثت من خلالها على استعمال هذه التكنولوجيا في التكوين المستمر للمدرسين وفي نمط التدريس عن بعد مع المتعلمين، وفي تعويض النقص والتوزيع غير العادل في الخزانات والوثائق المرجعية على أن يتم الشروع في تنزيل مختلف تلك المشاريع ابتداء من الموسم الدراسي 2000/2001 (الميثاق، 1999، 40)، وقد عمل المخطط الاستعجالي لوزارة التربية الوطنية على تخصيص مجموعة من المشاريع لتسريع إدماج تكنلوجيا المعلومات والاتصال في الوسط المدرسي منذ 2009 عبر مراجعة استراتيجيتها والدخول في مرحلة جديدة من خلال أربعة محاور ممتدة على أربع سنوات (2009-2013) وتستهدف: محور التجهيز، ومحور التكوين، ومحور المضامين الرقمية ومحور تطوير الاستعمالات. (المخطط الاستعجالي، 2009، 37).
رغم المجهودات المبذولة من قبل الوزارة إلا أن توقف التدريس الحضوري بالمؤسسات التعليمية بفعل أزمة تفشي وباء “كورونا” سنة 2020 أبان عن الهوة الرقمية بالنظام التعليمي المغربي على عدة مستويات… حيث قام المدرسون في إطار التأقلم مع نمط التدريس عن بعد باستعمال بعض التقنيات البسيطة والتي جعلت من هواتفهم أدوات لإنتاج كبسولات تعليمية، وقاموا بمسح أجزاء من الكتب المدرسية ضوئيا من أجل تمكين المتعلمين من كتاب رقمي قابل للتصفح والتقاسم عبر تطبيقات التواصل عن بعد، في الوقت الذي أصدرت فيه الوزارة الوصية مذكرات توجيهية في هذا الصدد… لكن هذه المجهودات وغيرها بقيت مجرد حلول مؤقتة في ظل غياب وجود تصور وزاري لكتاب مدرسي رقمي يساير هذه التطورات. وهو ما يقتضي إعادة النظر في الكتب المدرسية الورقية والتفكير في الكتاب المدرسي الرقمي الذي يمكن أن يكون أداة فعالة لربط المتعلمين بمتطلبات العالم الحالية من خلال الإنترنت والوسائط المتعددة…حيث يمكن، في هذا الصدد، الاستفادة من بعض التجارب الرائدة في هذا التحول والتي يعود تاريخ بداية بعضها لقرابة عقدين من الزمن؛ كما هو شأن تجربة ولايات “تكساس” (2004) و”كاليفورنيا” و”فلوريدا” (2009) بالولايات المتحدة الأمريكية، والتجربة الكورية (2007).
يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على بعض التجارب الرائدة في اعتماد الكتاب المدرسي الرقمي بالمدرسة العمومية، وفي مقدمتها التجربة الكورية والأمريكية والماليزية. وذلك من أجل الاستئناس بها في أفق التفكير في كتاب مدرسي رقمي وطني. وسيتم التركيز على التجربة الكورية باعتبارها رائدة في مجال إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم (ICT)؛ وذلك من خلال ستة عناصر هي: البنية التحتية، والبرمجيات، والوثائق التربوية الرسمية، والمضامين الرقمية، والربط بشبكة الإنترنيت، وخلاصة لأهم الدراسات الأكاديمية التقويمية لتجربة الكتاب المدرسي الرقمي.
1.2 الاشكالية
1.2.1 المفاهيم الإجرائية
أ. مفهوم الكتاب المدرسي الرقمي
هناك تعريفات مختلفة لـ “الكتاب المدرسي الرقمي”، تتجاوز بشكل عام معنى أدوات الدراسة الرقمية. فبايون وأخرون (Bayon and al) يعرفون الكتاب المدرسي الرقمي بأنه “مادة دراسية رقمية لها وظيفة بحث ويمكنها استخدام مواد متعددة الوسائط، بالإضافة إلى مزايا الكتاب المدرسي الورقي، عن طريق إنجاز مواد إلكترونية مع الكتب المدرسية الورقية الموجودة” (Bong et al., 2012) بينما يعرف جواك وآخرون (Gwak et al ) الكتاب المدرسي الرقمي بأنه “أداة تعليمية وتعلمية شاملة لا تشمل فقط الوظائف الأساسية للكتاب المدرسي الورقي ولكن أيضًا وظائف التعلم بمساعدة الكمبيوتر، وقواعد البيانات التعليمية، ومواد الوسائط المتعددة، والتقييم وإدارة المتعلمين”. ووفقًا لـجونغ وآخرون (Jeong et al)، يحتوي الكتاب المدرسي الرقمي على وظائف داعمة للدراسة وداعمة للمدرس بالإضافة إلى الوظائف الأساسية للكتاب الورقي.
يعرف المعهد الكوري للتربية وخدمة معلومات البحث (KERIS)[1]، الكتاب المدرسي الرقمي بأنه ” كتاب المستقبل الذي يوفر وظائف تفاعلية متنوعة مع المتعلمين للدراسة في أي وقت وفي أي مكان، والذي يضم كتب المتعلم وكتب التمارين والقواميس والدفاتر والمراجع المعتمدة” (Jeong & Kim, 2015) . وحسب هذه المؤسسة فالكتاب المدرسي الرقمي يتكون من ثلاث مكونات مختلفة: هناك أولا، محتوى الكتاب المدرسي، الذي لا يشمل الكتب المدرسية الإلكترونية فحسب، بل يشمل أيضًا المواد التعليمية التكميلية مثل الكتب المرجعية (كتب المتعلم)؛ ثم هناك محتويات الوسائط المتعددة بما في ذلك الفيديو والرسوم المتحركة والواقع الافتراضي؛ وأخيرا مصادر التعلم الأخرى مثل القواميس والارتباطات التشعبية.
الكتب المدرسية الرقمية هي كتب رقمية أو إلكترونية تستخدم كأداة للتدريس في الفصل الدراسي، وتُعرف أيضًا بالكتب النصية الإلكترونية أو النصوص الإلكترونية (e-textbook or e-text). ويعد الكتاب المدرسي الرقمي العنصر الرئيس في إصلاح التعليم القائم على التكنولوجيا والذي يهيمن الآن بشكل متزايد على عالم التعليم في البلدان المتقدمة. فهو يعمل كمثن نصي يستخدم في التدريس وجهًا لوجه في الفصول الدراسية، وكأداة للتدريس عبر الإنترنت. (Hamedi & Ezaleila, 2015)
يختلف الكتاب المدرسي الرقمي عن نظيره الورقي في عدة جوانب؛ وهو ما يوضحه الجدول التالي:
جدول 1: مقارنة بين خصائص ومميزات الكتاب المدرسي الورقي والرقمي
الخصائص | الكتاب المدرسي الورقي | الكتاب المدرسي الرقمي |
التكلفة |
|
|
المضمون |
|
|
معطيات الكتاب |
|
|
وسيلة التواصل والإعلام |
|
|
اتجاه المعلومات |
|
|
أثار الدرس |
|
|
أثار إدارية واجتماعية |
|
|
في ضوء هذه المجموعة من الوظائف، يختلف الكتاب المدرسي الرقمي عن الكتاب المدرسي الورقي من حيث شكل المواد، ومجموعة المواد، واتجاه المعلومات، والتأثيرات المرغوبة… مما يطرح إشكالية المحتوى الرقمي خاصة مع التطورات السريعة التي تعرفها المضامين الرقمية (المضمون الصوتي، الفيديو، خرائط دينامية، رسوم بيانية متحركة…) ، لهذا لابد من التمييز بين أنواع المحتويات الرقمية التي تحدد نوع الكتاب المدرسي الرقمي.
ب. المحتوى الرقمي
يتطور المحتوى الرقمي يوما بعد يوم وبشكل سريع، كما تظهر أنواع جديدة، ويبدو أن الخيارات المختلفة لاستخدام المحتوى الرقمي في المدارس لا حدود لها؛ حيث تستخدم بعض المدارس شكلاً واحدًا فقط بينما تتبنى مدارس أخرى أنواع عدة من المحتوى الرقمي (Golshani, 2008). والمحتويات الرقمية تتراوح على العموم ما بين المحتوى الرقمي المجاني والمحتوى الرقمي المحمي بحقوق النشر، وبين المحتويات القائمة على استعمال الحاسوب والقائمة على استعمال شبكة الإنترنيت، ومن المحتوى الذي يطوره المدرس إلى المحتوى التجاري الذي تطوره الشركات الخاصة، ومن المحتوى المجاني للمحتوى المخصص للتسويق (Golshani, 2008). يمكن حصر المحتوى الرقمي عموما في أربعة أنواع، هي:
- ملفات PDF: هي أبسط شكل من أشكال المحتوى الرقمي، وهو عندما يتم تحويل الكتب المدرسية والكتب التعليمية الأخرى ببساطة إلى ملفات PDF التي يمكن عرضها وطباعتها.
- المحتوى الرقمي المستند إلى الويب: Web-Based Digital Content: طور المدرسون المواد التعليمية الخاصة بهم لتكملة الكتب المدرسية المطبوعة لعدة أسباب: منها تحيين المحتوى القديم، وغير المتوافق مع أهداف المناهج الدراسية، علاوة على الحاجة إلى تلبية أنماط التعلم الفردية، وتحفيز تعلم التلاميذ… وهكذا اعتمد المدرسون بشكل متزايد على هذا النوع من المحتوى الرقمي لتكملة الكتب المدرسية المطبوعة بالاستفادة من الموارد المستندة إلى الويب الأكثر شيوعًا بما في ذلك المجانية أو القائمة على الاشتراك. (مثال مجموعة من المواقع الإلكترونية).
- المحتوى المفتوح بالكتب المدرسية الإلكترونية / الكتب المرنة Open Access e-Textbooks/Flexbooks: توفر الكتب المدرسية الإلكترونية ذات الوصول المفتوح، والمعروفة أيضًا باسم الكتب المرنة، للمدارس خيار تنزيل الكتب المدرسية الرقمية المجانية وتغييرها. حيث تسمح للمستخدمين بنسخ المحتوى ومشاركته وتغييره… ويضم محتوى الكتاب المرن أنواع مختلفة من المعلومات بما في ذلك النصوص والصور والرسوم البيانية وروابط إلى مواقع الويب التي تحتوي على مقاطع فيديو وأنشطة وألعاب (Schachter, 2009).
- المحتوى الرقمي التجاري Commercial Product: يعمل الناشرون، سعيا منهم للاحتفاظ بسوق الكتب المدرسية، على تطوير خيارات رقمية جديدة للمدارس. فبخلاف الكتب المدرسية الإلكترونية ذات الوصول المفتوح، فإن المحتوى الرقمي التجاري محمي بحقوق الطبع والنشر بالكامل ولا يمكن تعديله. يتضمن المحتوى الرقمي التجاري العديد من الميزات: مثل قراءة النص والترجمة والتقويم الذاتي للتعلم… ويدخل في هذا النوع الكتاب المدرسي الرقمي التفاعلي.
1.2.2 السؤال الإشكالي
يعد الكتاب المدرسي الرقمي توجها عالميا لعدد من الأنظمة التربوية منذ بداية القرن 21، وقد أعطت جائحة كورونا دفعة قوية لهذا التوجه عبر تسريع عدد من المشاريع الرقمية في الميدان التربوي، وهو ما أدى إلى بروز مجموعة من التجارب الدولية الرائدة التي يمكن للمغرب الاستفادة منها، خاصة أن هذا الأخير انخرط في مسلسل إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم مبكرا وأنتج مجموعة من الموارد الرقمية التي تستعمل في تدريس عدد من المواد الدراسية. ومن هذا المنطلق، تحاول هذه الدراسة الإجابة عن السؤال التالي: إلى أي حد يمكن للمغرب الاستفادة من التجارب الدولية للكتاب المدرسي الرقمي بكل من كوريا الجنوبية وماليزيا والولايات المتحدة الأمريكية؟
ثانيا: المنهجية
اعتمدت الدراسة أداة تحليل المضمون لعدد من الوثائق التربوية الرسمية المؤطرة لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالأنظمة التعليمية المعتمدة في الدول الثلاث ومقارنتها بالمغرب، وخاصة ما يرتبط منها بالكتاب المدرسي الرقمي عبر التركيز ما أمكن على ستة عناصر تتعلق بالبنية التحتية، والبرمجيات، والمضامين الرقمية، والربط بشبكة الإنترنيت، والوثائق التربوية الرسمية المؤطرة، وخلاصة لأهم الدراسات التقويمية.
ثالثا: النتائج
1- تجربة الكتاب المدرسي الرقمي بكوريا الجنوبية
تعد تجربة كوريا الجنوبية تجربة رائدة في إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم (ICT)؛ فقد كانت سباقة إلى اعتمادها منذ سنة 1970 [2]، عبر أول مخطط حكومي رسمي، لتتوالى بعد ذلك مجموعة من المخططات خلال الثمانينات والتسعينات وخلال العقدين الأخيرين من القرن 21، كان أخرها مخطط 2019-2023، وهي مخططات ذات أهداف متنوعة، لكن قاسمها المشترك هو السعي الحثيث لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم. (White paper,2020)
أعلنت حكومة كوريا الجنوبية سنة 2007، عن خطتها لاستبدال النموذج التقليدي للكتب المدرسية المطبوعة بالكتاب المدرسي الرقمي، بدءًا من المدارس الابتدائية إلى المدارس الثانوية. كجزء من استراتيجية “التعليم الذكي”، فتم تخصيص العديد من المدارس الابتدائية كمدارس بحثية لتطبيق الكتب المدرسية الرقمية في الفصول الدراسية.
وهكذا صدر أول مخطط خاص بالكتاب المدرسي الرقمي سنة 2007 [3] والذي استهدف تعزيز الاستخدام المشترك للكتب المدرسية الرقمية. وفي سنة 2010، شاركت 132 مدرسة ابتدائية على مستوى مجموع البلاد في البرنامج التجريبي. والذي رافقته مجموعة من الدراسات التي بحتت في فعاليته والقضايا أو المخاوف التي تثيرها عملية تطبيق استخدام الكتب المدرسية الرقمية (Jeong & Kim, 2015). ثم صدر مخطط أخر سنة 2013 لتطوير وتعزيز الكتب المدرسية الرقمية، وفي سنة 2019 تم نشر الكتب المدرسية الرقمية وزيادة استخدامها بشكل كبير… وعلى العموم فقد مر تطبيق مشروع الكتاب المدرسي الرقمي الكوري وتطويره من خلال ست مراحل:
بدأت المرحلة الأولى باختيار المدارس التي سيتم فيها اختبار جدوى الكتب المدرسية الرقمية داخل الفصول الدراسية الفعلية. وقد تضمن المشروع الأولي الصفين: الخامس والسادس في 20 موقع اختبار. بالإضافة إلى ذلك، تضمن المشروع الأولي أيضًا تطوير نصوص رقمية لثلاثة مواد في المدرسة الإعدادية ومادتان في المدرسة الثانوية. ليتم بعد ذلك توسيع عدد مؤسسات الاختبار إلى 100 مدرسة.
أما المرحلة الثانية، فخصصت لتدريب المدرسين والمستشارين على استخدام الكتب المدرسية الرقمية بطريقة تربوية فعالة. وتم تنظيم العديد من الدورات التدريبية للمدرسين والمستشارين الإداريين، سواء عن بعد عبر الإنترنت أو حضوريا. بينما تضمنت المرحلة الثالثة، تشيد وإعداد البنية التحتية لدعم استخدام الكتب المدرسية الرقمية؛ فتم توفير جهاز حاسوب لوحي شخصي لكل متعلم بكل فصل دراسي. ثم ربط المدارس بشبكة الإنترنيت حتى يتمكن المتعلمون من الوصول إلى إليها داخل فضاءات المدرسة.
في المرحلة الرابعة، تم تطوير نظام توزيع الكتب المدرسية وأنظمة إدارة الجودة مع معايير التنفيذ. بينما تناولت المرحلة الخامسة الجوانب القانونية للتنفيذ (قضايا حق المؤلف، حماية القرصنة،… ). بالإضافة إلى ذلك، ولتشجيع استخدام الكتب الرقمية، تم إنشاء نظام لمكافأة المدرسين على التنفيذ المثالي. كما بُذلت جهود مكثفة لتطوير القوانين وملاءمتها مع متطلبات الكتب الرقمية بالإضافة إلى الدعم العام والتوافق الوطني حول استخدام الكتب المدرسية الرقمية. وفي الأخير، أنشئ في المرحلة السادسة نظام تقويم لتحليل فعالية الكتاب المدرسي الرقمي. (Kim & Jung, 2010)
1.1 البنية التحتية بالتجربة الكورية
يستخدم المتعلمون في إطار التعلم بالكتاب المدرسي الرقمي جهاز حاسوب لوحي مزود بشاشة مقاس 12 بوصة، مع تثبيت جهاز حاسوب مرتبط بسبورة تفاعلية في الفصل الدراسي للمدرس. يتحكم المدرس في أجهزة الحاسوب اللوحي للمتعلمين عن بعد حيث يمكنه مراقبتهم والاطلاع على أنشطة تعلماتهم. كما أن كل متعلم لديه بطارية إضافية وشاحن حصري لتقليل وقت التوقف عن التعلم بسبب نقص بطارية.
تدعم السبورة الإلكترونية شاشة لمس حساسة للضغط، وهي أكبر من 70 بوصة وتحتوي على دقة عالية ( WUXGA (1920 × 1200 لحماية نظر المتعلمين. كما أنها مصنوعة من مادة غير عاكسة لحل مشكلة البقع العمياء. علاوة على ذلك، تحتوي على مكبر صوت مدمج بأكثر من 15 وات لفصول الوسائط المتعددة. ولتسريع تحميل الشبكة، الذي يحدث كلما تم تحديث المحتويات والبرامج، تم تثبيت مجموعة من خوادم المحتويات في كل مدرسة. بالإضافة إلى ذلك، ولمنع نشوب حريق قد ينتج عن تماس كهربائي ببعض الفصول الدراسية، تم تركيب مؤقت طاقة لقطع التيار الكهربائي تلقائيًا بعد وقت معين أثناء شحن الأجهزة. وهكذا تم إنشاء بيئة تعليمية أكثر أمانًا. (Bong et al., 2012)
يبرز الجدول 2 المعطيات المتعلقة بعدد مختلف أجهزة الحواسيب (الحاسوب المكتبي، الحاسوب المحمول، الحاسوب اللوحي) المستعملة داخل المؤسسات التعليمية الكورية حسب كل متعلم؛ حيث يتراوح العدد بالنسبة لعدد المتعلمين لكل جهاز من إجمالي عدد الحواسيب المستعملة في المدارس (سواء تلك الخاصة بالمدرسين أو الإداريين أو المتعلمين) ما بين متعلم لكل جهاز حاسوب ( 0.9 ) بالمدارس الخاصة بذوي الاحتياجات، إلى 3 متعلمين لكل جهاز حاسوب بالمدارس الابتدائية. لكن عند احتساب عدد الأجهزة التي يستخدمها المتعلمون فقط، يرتفع العدد ليتراوح ما بين 3 متعلمين لكل جهاز في المؤسسات الخاصة بذوي الاحتياجات، و 6 متعلمين تقريبا لكل جهاز بالمؤسسات الثانوية الإعدادية. وهي أرقام لا يوجد نظير لها عالميا مقارنة بعدد من الأنظمة التربوية المتقدمة عالميا.
جدول 2: عدد المتعلمين لكل جهاز حاسوب بالمؤسسات التعليمية الكورية
المؤسسات | عدد المتعلمين لكل جهاز من إجمالي عدد الحواسيب في المدارس | عدد المتعلمين لكل جهاز من إجمالي عدد الحواسيب الخاصة بالمتعلمين فقط |
المؤسسات الابتدائية | 2.9 | 5.3 |
المؤسسات الثانوية الإعدادية | 2.8 | 5.8 |
المؤسسات الثانوية التأهيلية | 2.2 | 4 |
المؤسسات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة | 0.9 | 2.8 |
المجموع | 2.7 | 5 |
White paper on ICT in education in Korea, 2020المصدر:
1.2 البرمجيات بالتجربة الكورية
يتكون برنامج خدمة الكتاب المدرسي الرقمي من عارض محتويات الكتاب المدرسي الرقمي، ونظام الدعم، ونظام التشغيل الحصري الذي يعتمد على نظام “لينكس”. وقد تم تطوير عارض محتويات الكتاب المدرسي الرقمي في أوائل سنة 2008 كإصدار من نظام Windows، ولكن نظرا لرسوم الترخيص الباهظة لهذا الأخير، إضافة إلى منع خضوع المشروع لنظام تشغيل معين خلال تطوير المنصة، فقد تم تطوير منصات إضافية في النصف الأخير من سنة 2008 باستخدام برنامج مفتوح المصدر ، كما استخدم النظامان معا وبدلت الجهود لدمج النسختين خلال سنة 2009.
يعتمد نظام دعم الكتب المدرسية الرقمية (تطبيق Application ) على الويب، ويتكون من نظام إدارة التعلم (LMS) ونظام إدارة محتويات التعلم (LCMS). يدعم الفصول التفاعلية بين المدرسين والمتعلمين مع وظائف أخرى لإدارة سجلات تعلم المتعلمين، وكذلك لإدارة التقييمات ومستويات الفصل والفصول الدراسية… (Bong et al., 2012)
نظرًا لعدم توفر وظيفة الجهاز اللوحي في الإصدار التجاري العادي من نظام “Linux”، فقد تم تطوير برنامج تشغيل الجهاز لدعم وظيفة الجهاز اللوحي في Linux ، كما تم تطوير وظائف إضافية مثل التشغيل السريع والتحكم عن بعد وبيئة واجهة المستخدم الرسومية المعززة لضمان خدمة الكتب النصية الرقمية المثلى… ومع التقدم الذي حصل في العقد الأخير فقد تم تطوير كل الجوانب التقنية وتجاوز بعض الصعوبات وتحسين جودة البرمجيات…
1.3 المضامين الرقمية بالتجربة الكورية
أنتجت محتويات الكتاب المدرسي الرقمي لتطبيق تقنيات الوسائط المتعددة مثل الفيديو والرسوم المتحركة، وتمكين المتعلم من التفاعل مع الحاسوب من خلال محتويات التعلم، واستكمال وظيفة ودور الكتاب المدرسي الورقي الذي يكون الغرض منه نقل محتويات التعليم.
شملت الكتب المدرسية الرقمية سنة 2009 ست مواد لتلاميذ الصف الخامس، وهي مواد: اللغة الكورية، والإنجليزية والرياضيات، والمجتمع، والعلوم، والموسيقى. وأربع مواد لتلاميذة الصف السادس، هي: اللغة الكورية، والرياضيات والمجتمع، والعلوم. علما أن محتويات وهيكل الكتاب المدرسي الرقمي هي نفسها الموجودة في الكتاب المدرسي الورقي. (Bong et al., 2012)
جدول 3: المواد الدراسية التي شملها الكتاب المدرسي الرقمي بالمدرسة الكورية سنة 2020
المراحل الدراسية | المواد الدراسية التي حولت للكتاب المدرسي الرقمي | المواد الدراسية التي قدمت على شكل
|
المرحلة الابتدائية | الدراسات الاجتماعية، العلوم، اللغة الإنجليزية | اللغة الكورية، الرياضيات، الحياة الأمنة، مواضيع مختارة |
المرحلة الثانوية الإعدادية | الدراسات الاجتماعية، العلوم، اللغة الإنجليزية | اللغة الكورية، الرياضيات، التاريخ، الاخلاقيات، مواضيع مختارة |
المرحلة الثانوية التأهيلية | اللغة الإنجليزية | الدراسات الاجتماعية، العلوم، اللغة الإنجليزية،
اللغة الكورية، الرياضيات، التاريخ، الأخلاقيات، مواضيع مختارة |
White paper on ICT in education in Korea, 2020 p 86المصدر:
1.4 شبكة الأنترنيت بالمدارس الكورية
ربطت جميع المدارس بشبكة الإنترنيت عن طريق الألياف البصرية بسرعة 100 ميجابت في الثانية، وزودت بأجهزة لتوفير خدمة الشبكة اللاسلكية في الفصل الدراسي، فتم توصيل جميع الأجهزة بالنت ( السبورة الإلكترونية، أجهزة الحاسوب الخاصة بالمدرسين والإدارة والمتعلمين).
1.5 الوثائق التربوية الرسمية المؤطرة للتجربة الكورية (الكتاب الأبيض)
أصدرت وزارة التعليم الكورية من أجل تأطير عملية إدماج المعلومات والاتصالات في التعليم 22 وثيقة تربوية سمتها “الكتاب الأبيض”، إلى جانب مجموعة من الدلائل الأخرى. صدر أول كتاب أبيض سنة 1998 وكان أخرها سنة 2020؛ وهو عبارة عن تقرير من الحجم الكبير (قرابة 400 صفحة)، يرصد واقع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم المدرسي بمختلف مراحله: الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي. علاوة على واقع استخدامها بالتعليم الجامعي والبحث الأكاديمي والتعليم المهني وصولا إلى الحياة العامة.
1.6 خلاصة لأهم الدراسات التقويمية لتجربة اعتماد الكتب المدرسية الرقمية بكوريا الجنوبية
أجريت مجموعة من الدراسات لتقويم تجربة الكتاب المدرسي الرقمي في مدارس كوريا الجنوبية، وهي دراسات أكاديمية أشرفت عليها بعض المؤسسات الرسمية للدولة ( KERIS) أو قامت بها بعض الجامعات الكورية. ويمكن تلخيص الجوانب التي ركزت عليها كالشكل الآتي:
الكتاب المدرسي الرقمي والمتعلمين: أجريت دراسات مقارنة بين نتائج المتعلمين الذين درسوا بالكتاب المدرسي الرقمي مقارنة بزملائهم الذين درسوا بالكتاب الورقي. و قد أبانت النتائج عن رضا المتعلمين وشعورهم بنوع من السعادة مع تنمية استقلالية في التعلم الذاتي مقارنة بزملائهم الذين درسوا بالكتاب المدرسي الورقي. إلا أن نتائج عدد من الدراسات لم تسجل وجود فروقات في التعلم بين المجموعات الضابطة والتجريبية في مقابل حضور فروقات بين المجال الحضري والمجال القروي وبين المدن الصغرى والمتوسطة مقارنة بالمدن الكبرى… (Hamedi & Ezaleila, 2015)
الكتاب المدرسي الرقمي والمدرسين: أجريت كذلك دراسات استهدفت تقويم أثر استعمال الكتاب المدرسي الرقمي على المدرسين: حيث أبانت النتائج أن الكتاب المدرسي الرقمي أتاح للمدرسيين اختصار الجهد واقتصاد الوقت الذي كانوا ينفقونه في إعداد الدروس والاختبارات، مما وفر لهم وقتا إضافيا لتوظيفه في بناء استراتيجيات التدريس وأنشطة الدعم ومراقبة أنشطة المتعلمين ومتابعتهم… (Hamedi & Ezaleila, 2015)
الكتاب المدرسي الرقمي والمواد الدراسية: بما أن الكتاب المدرسي الرقمي لم يشمل جميع المواد الدراسية، فإن الدراسات التي رامت قياس نتائج المتعلمين في علاقتها بالمواد الدراسية اقتصرت فقط على المواد الدراسية المعنية بالتغيير؛ وهكذا سجل المتعلمون الحضريون الذين يستخدمون الكتب المدرسية الرقمية متوسطًا أعلى في العلوم والدراسات الاجتماعية واللغة الكورية مقارنة بنظرائهم الذين يستخدمون الكتب المدرسية المطبوعة. (Bong et al., 2012)
إضافة إلى الدراسات السابقة، هناك دراسات أخرى استهدفت تقويم جودة الكتاب المدرسي الرقمي وجودة الخدمات المرتبطة به في إطار بيئة التعلم مثل تأثير صبيب الأنترنت على درجة رضا المتعلمين، وأهمية الأنشطة التفاعلية…
2. تجربة الكتاب المدرسي الرقمي بماليزيا
أطلقت وزارة التربية والتعليم مشروع “1BestariNet” من خلال خطة تطوير التعليم الماليزية (MECC) لتعزيز عملية التدريس والتعلم ولسد الفجوة الرقمية بين المتعلمين في المناطق الريفية والحضرية. وهكذا شرع في تنفيد برنامج الكتب المدرسية الرقمية في 1 فبراير 2014. مما مكن جميع تلاميذ المدارس الابتدائية والثانوية البالغ عددهم 10،094 تلميذا، من الوصول إلى أكثر من 300 نسخة رقمية من الكتب المدرسية المجانًية باستخدام نظام” 1BestariNet”. وذلك من خلال تزويد كل من المتعلمين وأولياء أمورهم والمدرسين بكلمة المرور الخاصة بهذه المنصة. (Hamedi & Ezaleila, 2015)
أما بالنسبة للبنية التحتية والبرمجيات، فقد تم ربط جميع المدارس من خلال برنامج الكتب المدرسية الرقمية في قاعدة بيانات تعليمية واحدة باستخدام إنترنت 4G ذو الصبيب العالي السرعة. كما تم منح المستخدمين حق الوصول إلى قائمة البرامج الخاصة بتطبيقات التعلم “Virtual Frog”، وتطبيقات Google للتعليم. والتي يمكن استعمالها بواسطة الهاتف المحمول أو أجهزة الحاسوب…
امتد البرنامج على ثلاث مراحل: قامت الوزارة في المرحلة الأولى (2013-2015) بتحميل 313 كتابا مجانًيا من الكتب المدرسية الرقمية عبر بوابة نظام “1BestariNet”. وفي المرحلة الثانية (2016-2020)، أنتجت الوزارة مجموعة من الكتب المدرسية التفاعلية للموضوعات المختارة، والتي تحتوي على عناصر نصية ورسومات وصوت وفيديو ورسوم متحركة لمساعدة المتعلمين في التدريس والتعلم. بينما ستبدأ المرحلة الثالثة (2021-2025) بنشر الكتب المدرسية الرقمية لجميع المواد بما في ذلك الكتب المخصصة للمتعلمين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
لقد وجهت لمشروع الكتاب المدرسي الرقمي الماليزي مجموعة من الانتقادات، سواء من قبل معارضي الحكومة أو من بعض الدراسات الأكاديمية؛ فبالرغم من أن استخدام الكتاب المدرسي الرقمي لم يصل إلى مستوى 100 % ولم يغطي جميع مدارس الدولة، إلا أنه حقق تقدمًا في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في صفوف المدرسين والمتعلمين على السواء؛ فمشروع الكتاب المدرسي الرقمي الذي تم تنفيذه لم يقتصر فقط على توزيع الأجهزة، بل إنه شمل أيضًا الكتب المدرسية الرقمية، وتطبيقات القرآن، والتعليم الإسلامي، والقاموس الإلكتروني…. (Hamedi & Ezaleila, 2015) لقد وزعت حكومة ولاية “تيرينغانو ” منذ سنة 2009، ما مجموعه 23000 وحدة من أجهزة الحاسوب المتوفرة على الكتب المدرسية الرقمية بالتدريج على تلاميذ السنة الخامسة في المدرسة الابتدائية؛ إلا أن غالبية المدرسين في الولاية استمروا في استخدام السبورة السوداء في التدريس، على الرغم من توفر المتعلمين على أجهزة الحاسوب والكتب الرقمية؛ كما أن الكتب الرقمية التي وزعت على تلاميذ السنة الخامسة، تعطلت بعد عامين من الاستخدام؛ فعندما تعطلت الأجهزة، لم يكن بالإمكان إصلاحها نظرا لعدم وجود من يصلحها.
كما أثيرت شكوك حول فعالية الكتاب المدرسي الرقمي في المساعدة على عملية التعلم؛ حيث أن المتعلمين لا يستطيعون التركيز في الدرس لفترة طويلة. ذلك أن التحديق في شاشة الحاسوب لفترة طويلة سيؤثر على سلامة أعينهم. إلى جانب اقتناء مجموعة من أجهزة الحاسوب الضعيفة الجودة، كما طرحت مشكلة الجانب الأمني للكتاب الرقمي في المدرسة أو في المنزل… (Hamedi & Ezaleila, 2015) وتبقى أهم الأسئلة التي طرحتها الدراسات الأكاديمية الماليزية من أجل تقويم هذه التجربة أثناء تنفيذ المشروع، هي تلك التي تتعلق بمدى إمكانية أن يؤدي استخدام الكتب المدرسية الرقمية إلى زيادة الاهتمام والفهم والرضا والفعالية في التعلم، وكذلك مدى فعالية المشروع في ردم الفجوة الرقمية بين متعلمي الريف والمدن، علاوة على مدى تجند وانخراط جميع الشركاء (أولياء الأمور، المدرسون، الإداريون، دور النشر الخاصة، القطاع الوصي…) في أجرأة وتنزيل مشاريع الكتب المدرسية الرقمية، إضافة إلى مدى توافر التكنولوجيا المرتبطة بالبنية التحتية، ومدى رغبة دور النشر في مراجعة القوانين المنظمة لحقوق الملكية والانتقال من الكتاب المطبوع إلى الكتاب الرقمي مع ما يطرحه ذلك من تراجع في الأرباح….. (Hamedi & Ezaleila, 2015)
3. تجربة الكتاب المدرسي الرقمي ببعض الولايات الأمريكية
كانت مقاطعة “تكساس” أول من تبنى برنامجًا تجريبيًا سنة 2004، من خلال نموذج مدرسة “فورني”، التي وفرت لكل متعلم في الصف الخامس والسادس جهاز حاسوب محمول يحتوي على إصدارات رقمية من الكتب المدرسية المعتمدة في المقاطعة. حيث انتبه المشرفون على الشؤون التعليمية إلى ضرورة الحصول على نسخ رقمية من الكتب المدرسية نظرا للنقص المستمر في النسخ الورقية، ومن هنا قامت المقاطعة المعنية بإدخال التعديلات القانونية اللازمة للسماح باقتناء الكتب المدرسية الرقمية والورقية على السواء. (Golshani, 2008)
قطعت ولاية كاليفورنيا قفزة عملاقة في العصر الرقمي عندما تبنت “مبادرة الكتاب المدرسي الرقمي” على أمل خفض نفقات الكتب المدرسية الورقية وتزويد المتعلمين بمعلومات حديثة ومحينة باستمرار. ففي سنة 2009، وافقت الولاية على اعتماد 10 كتب مدرسية رقمية مجانية وقابلة للتنزيل في مادتي الرياضيات والعلوم في المدارس الثانوية. مع ترك الحرية لكل مدرسة في الولاية باختيار ما إذا كانت ترغب في الاستفادة من الكتب المدرسية الرقمية المجانية أو الاستمرار في شراء الكتب المدرسية المطبوعة. وقد تم تطوير الكتب المدرسية الرقمية بواسطة مؤسسة CK-12، وهي منظمة غير ربحية. مما مكن الولاية من توفير مئات الملايين من الدولارات بالتحول إلى الكتب المدرسية الرقمية (Sudin, 2009).
شرعت ولاية “فلوريدا” أيضًا في تطبيق برنامجً تجريبيً للكتب المدرسية الرقمية في سنة 2009، عندما قدمت كتبًا مدرسية رقمية لتلاميذ اللغة الإنجليزية الجدد في مدرسة “ليك وير” الثانوية. ونظرًا لأن المشرفين على المدارس لم يواجهوا أي صعوبات، فقد قاموا بتوسيع البرنامج ليشمل المزيد من المتعلمين. كما أرفقت الولاية المشروع بإصدار تشريعات تسمح للمدارس باستخدام أموال الكتب المدرسية لشراء المواد الرقميةMardis,2011) ). وتوجد اليوم مجموعة من التجارب المتنوعة نظرا للاستقلالية التي تتمتع بها الولايات الأمريكية في إطار النظام الفدرالي؛ حيث غالبية المدارس الأمريكية تزاوج اليوم بين الكتب المدرسية الورقية والرقمية.
4. نحو كتاب مدرسي رقمي بالنظام التعليمي المغربي
تعد التجربة الكورية الجنوبية تجربة رائدة في إدخال تكنولوجيا الإعلام والاتصال في التعليم وفي اعتماد الكتاب المدرسي الرقمي، وهو ما حدا بعدد من الأنظمة التعليمية عبر العالم إلى السعي للاستفادة من تجربتها وتوقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة معها. كان من أبرزها النظام التعليمي الماليزي، وكذلك النظام التعليمي المغربي الذي توج تلك الشراكة عبر إحداث المركز المغربي الكوري للتكوين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي (CMCF-TICE)، سنة 2008 عبر شراكة بين وزارة التربية الوطنية والوكالة الكورية للتعاون الدولي. والذي يهدف إلى دعم برنامج “جيني” في سياسة تعميم تكنولوجيا الإعلام والاتصال وتقوية كفاءات الأساتذة بغية إدماج التكنولوجيا الحديثة في الممارسة الصفية.
1.1 البنية التحتية للكتاب المدرسي الرقمي
لقد خصصت وثيقة المخطط الاستعجالي (2009-2012) المشروع رقم “E1 . P10 ” لإدماج تكنولوجيا الإعلام والاتصال في المنظومة التربوية وتجديد التعلمات وذلك من خلال خمسة محاور:
1. محور التجهيز: يهدف تجهيز كافة المؤسسات التعليمية بالعتاد المعلومياتي وربطها بشبكة الانترنت، إضافة إلى تطوير بينيتها التحتية الكفيلة بالإدماج الجيد لهذه التكنولوجيا ( الربط بشبكة الكهرباء، وتجهيز القاعات بمأخذ الكهرباء…) ويتنوع هذا التجهيز بين الحقائب المتعددة الوسائط وقاعات متعددة الوسائط بالإعدادي والتأهيلي، وحواسيب ثابتة بقاعات الدرس بالابتدائي ( من المستوى الرابع إلى المستوى السادس).
2. محور التكوين: من خلال العمل على تكوين وإنماء القدرات المهنية في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي لفائدة الفاعلين التربويين (هيأة التدريس، هيأة التأطير التربوي، هيأة الإدارة التربوية). ويشمل التكوين مستويين هما: مستوى التمكن من المبادئ الأولية لاستعمال الحاسوب. ومستوى الاستعمال الجيد لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات في العملية التعليمية، وفي أعمال الإدارة التربوية والمراقبة التربوية.
3. محور المضامين الرقمية: عبر العمل على تزويد المؤسسات التعليمية والمدرسين والمتعلمين بموارد رقمية، تستعمل في مجال التدريس. وكذلك عبر اقتناء وملاءمة وإنتاج الموارد الرقمية ووضعها رهن إشارة المدرسين والتلاميذ عبر البوابة الرقمية الوطنية.
4. محور تطوير الاستعمالات: عبر العمل على تطوير استعمالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال التحسيس بقيمتها المضافة في التدريس ومصاحبة وتتبع الممارسات المرتبطة بإدماج هذه التكنولوجيات في منظومة التربية والتكوين.
5. محور القيادة والتتبع: وذلك عبر قيادة البرنامج من خلال تصريف الاستراتيجية الوطنية على الصعيد الجهوي والإقليمي والمحلي في إطار تدبير تشاركي بين الإدارة المركزية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والنيابات الإقليمية. والعمل على رسملة التجارب الناجحة في هذا الصدد (المخطط الاستعجالي، 2009، 36-37).
يعتبر برنامج “جيني” (GENIE) تجسيدا للاستراتيجية المغربية من أجل تعميم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المجال التربوي، منذ انطلاقه سنة 2006. فمن خلال ما تم إنجازه عبر مكونات المحاور الخمسة، توافرت بنية تحتية رقمية يمكن أن تسهم في المرور إلى اعتماد تجربة الكتاب المدرسي الرقمي، ولاسيما أن البرنامج تضمن مجموعة من العمليات التي تسير في هذا الاتجاه من قبيل:
- إصدار مجموعة من الدلائل البيداغوجية لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم والتي شملت بعض المواد الدراسية: علوم الحياة والأرض، والرياضيات، والتربية الإسلامية، والفلسفة، ومواد التاريخ والجغرافيا والتربية على المواطنة.
- تنظيم مسابقات وطنية سنوية في إنتاج حزم لأنشطة تطبيقية موجهة لتعزيز دروس التعلم عن بعد في المواد الخاصة بالامتحانات الإشهادية. ( أي المستويات النهائية للمرور من مرحلة دراسية لأخرى).
- تنظيم مسابقات وطنية في تصميم وتطوير تطبيقات تربوية جوالة على نظام الأندرويد لمختلف المواد وبمختلف المراحل الدراسية، والتي تصبح موارد رقمية حرة (متاحة للجميع) وحاصلة شهادة المصادقة من قبل الوزارة الوصية.
- تنظيم مسابقة وطنية لانتقاء أجود الوضعيات الديدكتيكية الموظفة للموارد والخدمات الرقمية الخاصة بالمواد العلمية واللغة الفرنسية.
- إصدار المرصد الوطني لاستعمالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم لمجموعة من التقارير والدراسات التي تتبع عملية استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الممارسات التربوية جهويا ووطنيا.
1.2: الوثائق الرسمية المؤطرة لهذا التوجه
تطرقت وثيقة الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي تؤطر رؤية الوزارة الوصية لخمسة عشر سنة المقبلة بخصوص قطاع التعليم، في الرافعة الثانية عشرة على مستوى الوسائل والوسائط التعليمية والمواد في الإجراء السابع والسبعون، إلى تعزيز إدماج التكنولوجيات التربوية في النهوض بجودة التعلمات، وإعداد استراتيجية وطنية جديدة لمواكبة المستجدات الرقمية، والاستفادة منها في تطوير مؤسسات التربية والتكوين والبحث، وخاصة على مستوى المناهج والبرامج والتكوينات منذ المراحل الأولى من التعليم، بإدماج البرمجيات التربوية الإلكترونية، والوسائل التفاعلية، والحوامل الرقمية، في عمليات التدريس وأنشطة التعلم والبحث والابتكار. (الرؤية الاستراتيجية، 2015، 35). بينما دعت في الرافعة التاسعة عشر على مستوى الاجراء رقم 103 إلى الرفع من برامج نشر تكنولوجيا الإعلام والاتصال والتمكن منها بشروط محفزة وميسرة، إضافة إلى تحسين الخدمات المتعلقة بها، وتعميم الولوج إلى شبكة الأنترنيت، مع التطوير والإثراء الدائم للمضمون التعليمي والتثقيفي الرقمي (الرؤية الاستراتيجية، 2015، 58). وستؤكد من جديد في الرافعة الرابعة والعشرون المعنونة بالانخراط الفاعل في اقتصاد ومجتمع المعرفة، على مجموعة من الإجراءات الرامية إلى إدماج ناجع لتكنولوجيا الإعلام والاتصال في المدرسة، وخصوصا ما يتعلق بالكتاب المدرسي الرقمي؛ حيث دعت إلى ” العمل في المدى المتوسط، على مراجعة مفهوم الكتاب المدرسي، ورقمنته بموازاة رقمنة المضامين والوثائق التعليمية” . وجعل تكنولوجيا الإعلام والاتصال والثقافة الرقمية مادة أساسية في التكوين الأساس والمستمر لكل الأطر التربوية، وجعلها مقوما من مقومات التدريس والتأطير والبحث التربوي، مع العمل على تكوين مختصين في البرمجيات التربوية والإعلاميات البيداغوجية وإنتاج المضامين والموارد التعليمية الرقمية. ( الرؤية الاستراتيجية، 2015، 61).
لقد جاء القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والذي صدر سنة 2019 ليعطي ضمانة قانونية للتوجهات الاستراتيجية لمضامين الوثائق التربوية الرسمية؛ حيث نص في المادة الثالثة من الباب الثاني على تحسين جودة التعلمات والتكوين وتطوير الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، ولاسيما من خلال تكثيف التعلم عبر التكنولوجيات التربوية الحديثة ( القانون الإطار،2019، 6) ليؤكد القانون مرة أخرى في المادة 33 على تعزيز إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها وإحداث مختبرات للابتكار وإنتاج الموارد الرقمية، وتكوين مختصين في هذا المجال. وإدماج التعليم الإلكتروني تدريجيا في أفق تعميمه. (القانون الإطار،2019، 19-20).
1.3 الحصيلة والانتقادات
رغم المجهودات المبذولة، فقد رصد تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين مجموعة من الاختلالات والصعوبات التي تحد من فعالية برنامج “جيني” على عدة مستويات أهمها: نقص الدعم التقني المقدم للمؤسسات التعليمية، وضعف امتلاك الفاعلين البيداغوجيين لثقافة رقمية، علاوة على التباين بين الوسطين الحضري والريفي على مستوى التجهيزات (79% من الربط بشبكة الانترنيت والتجهيز بالمعدات بالوسط الحضري مقابل فقط 30% للوسط القروي) إضافة إلى قلة المكونين وتقنيي الصيانة (تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، 2014، 68).
رغم جوانب القصور في التجربة المغربية التي رصدها التقرير الرسمي لسنة 2014، إلا أنه يمكن أن نسجل تحقيق بعض التراكم على مستوى إنتاج مجموعة من الموارد الرقمية في مختلف المراحل التعليمية وبمختلف المواد الدراسية والتي صادقت عليها لجان وزارة التربية الوطنية. وفي هذا الصدد قمنا بجرد وإحصاء عدد الموارد الرقمية بالموقع الرسمي الذي خصصته وزارة التربية الوطنية لهذا الغرض تحت مسمى بوابة مشروع “جيني” لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، وذلك حسب كل مرحلة من المراحل التعليمية الثلاثة وحسب كل مادة دراسية إلى غاية 28 نونبر 2022. وقد كانت النتيجة ثلاث جداول حسب كل مرحلة من مراحل التعليم الثلاثة: المرحلة الابتدائية، المرحلة الثانوية الإعدادية، المرحلة الثانوية التأهيلية.
أ. عدد الموارد الرقمية المنتجة بالمرحلة الابتدائية
جدول 4 : عدد الموارد الرقمية بالمرحلة الابتدائية المنشورة من قبل وزارة التربية الوطنية إلى غاية 2022
المواد الدراسية | عدد الموارد الرقمية بالمرحلة الابتدائية حسب كل مستوى دراسي | ||||||
السنة الأولى | السنة الثانية | السنة الثالثة | السنة الرابعة | السنة الخامسة | السنة السادسة | المجموع | |
|
03 | 07 | 10 | 13 | 23 | 48 | 104 |
|
21 | 10 | 11 | 12 | 6 | 26 | 86 |
|
02 | 1 | 1 | 2 | 1 | 1 | 8 |
|
125 | 33 | 105 | 75 | 87 | 77 | 502 |
|
142 | 92 | 93 | 151 | 153 | 255 | 886 |
|
0 | 0 | 1 | 3 | 4 | 16 | 24 |
|
1 | 3 | 1 | 5 |
المصدر: موقع بوابة جيني بتصرف، 2022
يمثل هذا الجدول عدد الموارد الرقمية المنتجة بالمرحلة الابتدائية والمصادق عليها من قبل وزارة التربية الوطنية إلى غاية 2022؛ حيث يلاحظ أن إنتاج الموارد الرقمية شمل جميع المواد الدراسية بالمرحلة الابتدائية، بعدد إجمالي وصل إلى 1615 موردا رقميا. مع تميز ملحوظ لمادتي النشاط العلمي والرياضيات اللتان استحوذتا على حصة الأسد في كل سنة من السنوات الست المكونة للمرحلة الابتدائية، تليها مادة اللغة العربية فمادة الفرنسية ثم مادة التربية الإسلامية ومادة اللغة الأمازيغية وفي الأخير مادة الاجتماعيات بأقل عدد من الموارد الرقمية.
ب. عدد الموارد الرقمية المنتجة بالمرحلة الثانوية الإعدادية
جدول 5: عدد الموارد الرقمية بالمرحلة الثانوية الإعدادية المنشورة من قبل وزارة التربية الوطنية إلى غاية 2022
المواد الدراسية | عدد الموارد الرقمية بالمرحلة الثانوية الإعدادية حسب كل مستوى دراسي | |||
السنة الأولى | السنة الثانية | السنة الثالثة | المجموع | |
اللغة العربية | 193 | 1 | 3 | 197 |
اللغة الفرنسية | 4 | 1 | 2 | 7 |
اللغة الأنجليزية | 5 | 5 | 10 | 20 |
الرياضيات | 141 | 61 | 64 | 266 |
الفيزياء والكيمياء | 186 | 6 | 163 | 355 |
علوم الحياة والأرض | 117 | 117 | 103 | 337 |
التربية الإسلامية | 1 | 0 | 0 | 1 |
التاريخ والجغرافيا والتربية على المواطنة | 14 | 17 | 15 | 46 |
المعلوميات | 1 | 2 | 0 | 3 |
التربية الموسيقية | 2 | 2 | 2 | 6 |
التربية الأسرية | 0 | 2 | 0 | 2 |
التربية التشكيلية | 0 | 1 | 0 | 1 |
التكنولوجيا الصناعية | 0 | 5 | 4 | 9 |
المصدر: موقع بوابة جيني بتصرف، 2022
يمثل هذا الجدول عدد الموارد الرقمية المنتجة بالمرحلة الثانوية الإعدادية والمصادق عليها من قبل وزارة التربية الوطنية إلى غاية 2022؛ حيث وصل عددها إلى 1250 موردا رقميا، نالت المواد الدراسية العلمية (الرياضيات، الفيزياء والكيمياء، علوم الحياة والأرض) حصة الأسد منها، تلتها مواد اللغات (العربية والفرنسية والإنجليزية) فمواد التاريخ والجغرافيا والتربية على المواطنة ثم بقية المواد الدراسية المصنفة في خانة مواد التفتح (المعلوميات، التربية الموسيقية…).
د. عدد الموارد الرقمية المنتجة بالمرحلة الثانوية التأهيلية
جدول 6: عدد الموارد الرقمية بالمرحلة الثانوية التأهيلية المنشورة من قبل وزارة التربية الوطنية إلى غاية 2022
المواد الدراسية | عدد الموارد الرقمية بالمرحلة الثانوية التأهيلية حسب كل مستوى دراسي | |||
الجذع المشترك | السنة الأولى بكالوريا | السنة الثانية بكالوريا | المجموع | |
|
80 | 8 | 8 | 96 |
|
328 | 12 | 169 | 359 |
|
36 | 47 | 39 | 122 |
|
2 | 0 | 0 | 2 |
|
3 | 4 | 3 | 10 |
|
7 | 1 | 3 | 11 |
|
1 | 0 | 0 | 1 |
|
4 | 4 | 2 | 10 |
|
2 | 2 | 2 | 6 |
|
7 | 0 | 0 | 7 |
|
1 | 1 | 2 | |
|
2 | 2 | 4 |
المصدر: موقع بوابة جيني بتصرف، 2022
يمثل هذا الجدول عدد الموارد الرقمية المنتجة بالمرحلة الثانوية التأهيلية والمصادق عليها من قبل وزارة التربية الوطنية إلى غاية 2022؛ حيث وصل عددها إلى 640 موردا رقميا. وفي هذه المرحلة أيضا تهيمن المواد العلمية الثلاث بحصة الأسد من مجموع الموارد الرقمية المنتجة. تليها مواد اللغات فبقية المواد الدراسية الأخرى.
يتبين من خلال الجداول الثلاثة أن هناك عملا حثيثا على مستوى إنتاج الموارد الرقمية الموجهة للتعليم المدرسي بحصيلة بلغت إلى حدود نهاية سنة 2022 ما مجموعه 3505 موردا رقميا شملت كافة المواد الدراسية مع التركيز بشكل كبير على المواد العلمية. كما أنتجت بعض الموار الرقمية الموجهة للتربية الدامجة أيضا.
رابعا: مناقشة وخلاصات
يمكن مناقشة نتائج التجارب السابقة في ضوء ستة معايير للمقارنة بين التجربة الكورية الجنوبية ومجهودات وزارة التربية الوطنية بالمغرب خلال العشرين سنة الأخيرة. وهي:
1. البنية التحتية: وهي كل ما يتعلق بالمؤسسات العمومية المشرفة على التكنولوجيا التربوية، والمنصات، والمكتبة المدرسية الرقمية، والربط بشبكة الأنترنيت، وتزويد المؤسسات التعليمية بأجهزة الحاسوب.
المؤسسات: يمكن أن نسجل أنه على المستوى المؤسساتي أنشأ المغرب كل من المركز المغربي الكوري للتكوين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم سنة 2010 ثم المرصد الوطني لاستعمالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم ( ONUTICE)، وفي المقابل نجد في التجربة الكورية إحداث مؤسستين هما: المعهد الكوري للتربية وخدمة معلومات البحث KERIS، والمركز الوطني للتعليم والتعلم (EDUNET).
المنصات: أنشأت الوزارة الوصية بالمغرب بوابة مشروع GENIE لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، إضافة إلى بعض المنصات الخاصة بشراكة مع القطاع الخاص. بينما نجد في التجربة الكورية إحداث نظام التعلم الإلكتروني ” e-Hakseupteo” ومجموعة من المنصات الرقمية.
المكتبات المدرسية الرقمية: يسجل تأخر كبير على مستوى المكتبات المدرسية الرقمية بالمغرب؛ حيث ينعدم هذا المرفق في أكثر من 50 % من المؤسسات التعليمية، علاوة على خصاص كبير في المشرفين على ما هو قائم في نسخته التقليدية الورقية ( سللي، كامل، 2022). وفي المقابل نجد التجربة الكورية قطعت أشواطا طويلة في هذا الاتجاه، حيث تعمل بنظام الدعم الشامل لتعليم القراءة بالمكتبات الجامعية والمدرسية الرقمية، إضافة إلى رقمنة معطيات المكتبات المدرسية وتوفير جميع الخدمات المرتبطة بها.
ربط المؤسسات التعليمية بشبكة الأنترنيت: يبقى التباين كبيرا بالمغرب بين المجالين الحضري والقروي علاوة على اقتصار الاستفادة من شبكة الانترنيت ذات الصبيب العالي فقط على الإدارة (مكتب المدير والحراس). بينما نجد في التجربة الكورية أن تزويد المؤسسات التعليمية بالأنترنيت عالي الصبيب يتم بدون تكلفة إضافية (500 M) على ميزانية الوزارة في إطار شراكات تربطها بالقطاع الخاص، إضافة إلى التزام المزودين بالخدمة بمدة صيانة لا تقل عن 5 سنوات .
تجهيز المؤسسات التعليمية: على الرغم من التقدم الملموس خلال السنوات الأولى لانطلاق برنامج “جيني” على مستوى تجهيز نسبة كبيرة من المؤسسات التعليمية، إلا أن المعدات تقادمت ولم يتم تجديدها علاوة على مشكل الصيانة … بينما تقوم التجربة الكورية على تزويد المؤسسات بأجهزة الحاسوب (المكتبي والمحمول واللوحي) والسبورة الإلكترونية من صناعة شركات وطنية مع إحداث مؤسسة تابعة لوزارة التعليم تقوم بالصيانة الدورية للأجهزة.
2. برمجيات الكتاب المدرسي: نسجل على مستوى التجربة المغربية إنتاج عدد مهم من الموارد الرقمية والمصادقة عليها من قبل الوزارة الوصية ثم نشرها عبر البوابة الإلكترونية للاستفادة المجانية منها، وقد حظيت في هذا الصدد المواد العلمية بالأولوية مقارنة ببقية المواد الدراسية الأخرى… لكن التجربة لم تصل لمرحلة إصدار كتاب مدرسي رقمي. بينما التجربة الكورية راكمت عددا كبيرا من الانتاجات المتعلقة بالموارد الرقمية ودخلت مرحلة اعتماد الكتاب المدرسي الرقمي التفاعلي في عدة مواد دراسية بالمستويات التعليمية الثلاث وهي: اللغة الإنجليزية، العلوم الاجتماعية، العلوم.
3. نظام التتبع وتقييم الجودة: اعتمدت الوزارة الوصية على قطاع التعليم بالمغرب شهادة المصادقة V@REN من قبل المختبر الوطني للموارد الرقمية من أجل تقييم جودة الموارد الرقمية. بينما في التجربة الكورية اعتمد مبكرا نظام التصديق وتقييم جودة الكتب المدرسية الرقمية، وتم وضع معايير وطنية موحدة، مع العمل على ملاءمتها مع المعاير الدولية.
4. حقوق المؤلف والنشر: يبقى هذا المشكل عائقا أمام إنتاج الكتاب المدرسي الرقمي وجعله في متناول الجميع للاستعمال لأغراض تربوية بالمغرب؛ حيث لازالت مجموعات الضغط التي تشكلها دور النشر تحول دون أي مشروع حكومي نحو إصدار الكتاب المدرسي الرقمي. بينما في التجربة الكورية أعيد النظر في القانون المنظم للملكية الفكرية من أجل حل مشكلة حقوق التأليف والنشر للكتب المدرسية الرقمية، مع ضمان استعمال جميع المصادر من موسيقى وفيديوهات وكتب… لأغراض التربية والتعليم دون مشاكل قانونية.
5. تكوين الموارد البشرية: يبقى في التجربة المغربية تكوينا محدودا دون تحفيز للموارد البشرية، ويقتصر على نمط التكوين الحضوري في غالبيته، وتستفيد منه الموارد البشرية القريبين من جهتي الرباط والبيضاء فقط. بينما قامت كوريا الجنوبية بتكوين المدرسين على استعمال الكتب المدرسية الرقمية من خلال دورات حضورية ودورات عن بعد منذ سنة 2005، وخصصت لذلك أكثر من 32 مركزا في مجموع البلاد يتوزع مكانها ما بين الجامعة والوزارة والقطاع الخاص.
ختاما يمكن القول أن المجهودات التي بدلت في إطار برنامج “جيني” يمكن أن تشكل أرضية لاعتماد الكتاب المدرسي الرقمي في النظام التعليمي المغربي، وفي هذا الصدد يمكن اقتراح: معالجة المشاكل القانونية المرتبطة بحقوق النشر حتى يتم على الأقل استعمال شكل واحد من المحتوى الرقمي وهو الكتاب المدرسي في نسخة PDF في أفق توجيه شركات نشر وتوزيع الكتاب المدرسي للاستثمار في الكتاب المدرسي الرقمي التفاعلي، والمزاوجة بين النوعين في السنوات المقبلة على غرار ما تفعله الآن عدد من الأنظمة التربوية. وبما أن الموارد البشرية تلعب دورا كبيرا في هذا التحول الرقمي فلابد من تحفيزها حتى تنخرط وتبدل مجهودات للتكوين الذاتي. إلى جانب افتحاص مشاريع البنية التحتية السابقة للوزارة بغية إعادة النظر في أليات التدبير من أجل مزيد من الحكامة الراشدة في أجرأة المشاريع الوطنية للرقمنة.
لائحة الوثائق الرسمية والمراجع المعتمدة
1. الوثائق التربوية الرسمية
- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، (2000). الميثاق الوطني للتربية والتكوين. [النسخة الإلكترونية] موقع وزارة التربية الوطنية. الموقع الرسمي للوزارة:
https://www.men.gov.ma/Ar/Pages/charteEF.aspx
- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني. (2008). البرنامج الاستعجالي لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2009-2012. [النسخة الإلكترونية]. الرباط. الموقع الرسمي للوزارة:
- المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. (2014). تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000-2013 المكتسبات والمعيقات والتحديات. [النسخة الإلكترونية]. الرباط. الموقع الرسمي للمجلس:
- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، (2019). قانون إطار رقم 51.17 يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ِ [النسخة الإلكترونية] موقع الأمانة العامة للحكومة. الموقع الرسمي للحكومة:
http://www.sgg.gov.ma/arabe/Legislations/BulletinsOfficiels.aspx
- المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. (2015). من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء: رؤية إستراتيجية للإصلاح: 2015-2030. [النسخة الإلكترونية]. الرباط. الموقع الرسمي للمجلس:
2. المراجع
- سللي عبد العالي، كامل وفاء. (2022). المكتبة المدرسية بالنظام التعليمي المغربي: دراسة تشخيصية من خلال دراسة حالة مديرية إقليمية. مسالك التربية والتكوين، المجلد 5، عدد 2. المغرب.
DOI: https://doi.org/10.48403/IMIST.PRSM/massalek-v5i2.34102
- Gwak, B.S., Kang, S.H., and Kim, S.E. (1997). A study of the development of digital textbooks. Korea Textbook Research Institute.
https://www.keris.or.kr/eng/cm/cntnts/cntntsView.do?mi=1188&cntntsId=1334#none
- Jeong, E.S., Song, Y.H. and Chae, J.B. (2008). A study on the digital textbook development strategies and development direction, in Proc. of Korean Institute of Information Scientists and Engineers, vol.35, no.1, pp.230-235.
- Bong, G. L., Seong, J. K., Keon, C. P., Su, J. K., & Eui, S. J. (2012). Empirical Analysis of Learning Effectiveness in u-Learning Environment with Digital Textbook. KSII Transactions on Internet and Information Systems, 6(3). https://doi.org/10.3837/tiis.2012.03.006
- Golshani, F. (2008). Digital Textbooks. IEEE Multimedia, 15(2), c2‑c2. https://doi.org/10.1109/MMUL.2008.26
- Hamedi, M. A., & Ezaleila, S. M. (2015). Digital Textbook Program in Malaysia : Lessons from South Korea. Publishing Research Quarterly, 31(4), 244‑257. https://doi.org/10.1007/s12109-015-9425-4
- Jeong, H., & Kim, A. (2015). The Digital Textbook in South Korea : Opportunities and Challenges. In T.-B. Lin, V. Chen, & C. S. Chai (Éds.), New Media and Learning in the 21st Century (p. 77‑91). Springer Singapore. https://doi.org/10.1007/978-981-287-326-2_6
- Kim, J. H.-Y., & Jung, H.-Y. (2010). South Korean Digital Textbook Project. Computers in the Schools, 27(3‑4), 247‑265. https://doi.org/10.1080/07380569.2010.523887
- Mardis, M., & Everhart, N. (2011). Digital textbooks in Florida: Extending the teacher-librarians’ reach. Teacher Librarian, 38(3), 8-11. Retrieved from EBSCOhost.
- Surdin, A. (2009, Oct 19). In some classrooms, books are a thing of the past; digital texts gaining favor, but critics question quality. The Washington Post, pp. A.3-A.3. Retrieved from http://search.proquest.com/docview/410351562?accountid=15017
الهوامش:
- مؤسسة عامة تابعة لوزارة التعليم الكورية تعمل على تعزيز مختلف المشاريع والأبحاث الأكاديمية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في التعليم بدءًا من التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي. تمولها الحكومة وتعمل مع شركات خاصة لإنشاء كتب مدرسية رقمية، يعود تاريخ إنشائها إلى سنة 1996. ↑
- تاريخ وضع أول مخطط حكومي والرامي إلى إدخال التكنولوجيا في التعليم (Plan for educating electronic calculators ) . ↑
-
مخطط تعزيز الاستخدام المشترك للكتب المدرسية الرقمية (Plan to enhance the commun use of digital textbooks ). ↑