خصائص الأسلوب الخبري في شعر طرفة بن العبد – دراسة بلاغية نقدية

د. بشارة أبّو إبراهيم1

1 عضو هيئة التدريس بكلية الآداب والفنون والعلوم الانسانية بجامعة آدم بركة بأبشة ـ تشاد

بريد الكتروني: bicharaabbo6062@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(10); https://doi.org/10.53796/hnsj41011

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/10/2023م تاريخ القبول: 20/09/2023م

المستخلص

تناولت الدراسة خصائص الأسلوب الخبري في شعر طرفة بن العبد، هدفت الدراسة إلى إبراز سمات الأسلوب الخبري التي استعملها الشاعر وتحليل صورها وبيان خصائصها البلاغية، والمساهمة في إحياء التراث الأدبي بالرجوع إلى أصوله ومنابعه وربطه بالحاضر للاستفادة من تعاليمه وحكمه. استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الإحصائي. وتوصلت الدراسة إلى أن الفخر هو أغلب الأغراض البلاغية في الأسلوب الخبري لدى الشاعر، كما أن الخبر الابتدائي هو الأكثر توظيفاً في أساليبه، وقد أخذت أضرب الخبر طابعاً تنازلياً في ترتيبها فأغلب أخباره ابتدائية وتليها الطابية ثم الإنكارية.

1­ مقدمة

إن أعظم خاصية تميّزَ بها العرب الجاهليون هي المبالغة في القول والفصاحة في اللسان. فقد شغفوا بذلك وتفننوا فيه، وأصبح الأدب الجاهلي – شعراً ونثراً – بأسلوبه وبلاغته واحداً من أهم الفنون الإبداعية، فكان خير وعاءٍ حفظ لنا تراث اللغة العربية وأصالتها. أما إذا نظرنا إلى واقع الدراسات البلاغية على الميدان العلمي فإننا نجده يعاني من مشاكل عديدة، وعلى صدارتها اللحن اللساني في حياتنا اللغوية، فإن هذه الدواعي هي – بلا شك – سبب التعثر الذي نشهده وسِر الانقطاع الحضاري الذي نعيشه، وفي الحقيقة ما من تطور علمي أو حضاري لأي أمة من الأمم المتقدمة التي نشاهدها الآن إلا بسبب ارتباطها القوي بماضيها وإحياء تراثها وإبداعها القديم، ووصله بحاضرها. فإن هذه الحقيقة تفرض على الدارسين والباحثين التواصل الفعال مع ذلك التراث وتتبع مواضع الإبداع المضيئة في صفحاته. ومن هذا المنطلق الذي يهدف إلى الرجوع إلى أصول الأدب العربي من خلال دراسته وفهم أشكاله ومضامينه، تمّ تحديد هذا الموضوع الذي جاء بعنوان: ” خصائص الأسلوب الخبري في شعر طرفة بن العبد (دراسة بلاغية نقدية)”.

1. 1­ أهداف البحث: تهدف هذه الدراسة إلى إبراز سمات الأسلوب الخبري التي استعملها الشاعر، وتحليل صورها، وبيان خصائصها البلاغية، ومدى ارتباطها بشخصية الشاعر وبيئته؛ كما تهدف إلى التعمق في الدراسات البلاغية والنقدية، والمساهمة في إحياء التراث الأدبي بالرجوع إلى أصوله ومنابعه، ومحاولة ربطه بالحاضر للاستفادة من تعاليمه وحِكَمه.

1. 2­ أهمية الموضوع: تتمثل أهمية هذه الدراسة فيما يلي:

­ يعتبر الشعر الجاهلي المنبع الأصلي – بعد القرآن الكريم – الذي يحوي الثروة اللغوية ويحافظ على نقاحتها وحصنها من التناثر والشتات.

ـ إن شعر طرفة بن العبد يُعد خير نموذج يُعبر عن الملكة البلاغية التي يتمتع بها الشاعر الجاهلي؛

ـ يعد علم المعاني من أهم العلوم التي تتعلق بدراسة إعجاز القرآن، وتستمد شرفها ورفعتها بين العلوم الأخرى من هذه الصلة؛

ـ إن دراسة الأساليب البلاغية تُمكن الباحث من فهم الكلام العربي فهماً صحيحاً، وتذوق النصوص الأدبية والتعامل معها بشكل علمي؛

1. 3­ مشكلة البحث تتمثل الإشكاليات التي أثارت اهتمام الباحث في النقاط التالية:

1 / كيف وظف الشاعر طرفة ابن العبد الأسلوب الخبري في شعره؟

2 / إلى أي حد وظف طرفة بن العبد هذا الأسلوب في شره؟

3 / ما الذي أضافه هذا النوع من الأساليب البلاغية في القيمة الإبداعية والفنية في شعر طرفة؟

1. 4­ منهج الدراسة: استخدم الباحث في دراسته لهذا الموضوع المنهج الوصفي التحليلي بشكل أساسي، واستعان بالمنهج التاريخي والمنهج الإحصائي حسبما تقتضيه طبيعة الدراسة.

1. 5­ الكلمات المفتاحية: خصائص، أساليب، بلاغة، شعر

2­ تمهيد

2. 1 ــ نبذة عن حياة الشاعر

2. 1. 1 ‑ مولده ونسبه

ولد طرفة في البحرين حوالي 543م لأبٍ بكري وأُم غير بكرية. لم يظهر هناك اختلاف كبير في الروايات حول نسب طرفة، ولعل يعقوب بن السكيت في روايته لديوان طرفة، والهمداني في تاريخه “الإكليل”،[1] والمرزباني في شرح المعلقات السبع، ومحمد بن القاسم الأنباري في شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات،[2] والتبريزي في شرح القصائد العشر:[3] هم من بين الباحثين الذين ذكروا سلسلة كاملة لنسب طرفة بن العبد فهو عندهم: “طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضُبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان”

أما ابن سلام”[4] وابن حبيب[5]، وابن قتيبة،[6] وأبو عثمان الأشنانداني[7]، وأبو يزيد القرشي[8] وغيرهم من المؤرخين والباحثين قد تفاوتوا في عدِّ سلسلة نسب طرفة، فبعضهم يُعدُّه إلى سعد بن مالك، وبعضهم إلى قيس بن ثعلبة، وأكثرهم إلى بكر بن وائل.[9]

أما أمُّ طرفة فهي وردة بنت المسيح بن عبد الله بن زيد بن دَوفن بن حرب بن وهب بن جُلَيّ بن أحمس بن ضُبيعة بن ربيعة.[10]

ولقد كان للموت المبكِّر لوالد طرفة أثراً كبيراً على الأسرة بكاملها، فهاهو ذا طرفة يشبُّ يتيماً، فلا يعرف عن أبيه شيئاً، ولو كان يعرف منه القليل لفصَّل القول فيه، وليس من المتوقَّع ألا يتحدَّث عن أبيه وهو الشاعر الملهم الذي أذخر شعره بمختلف الشخصيات في عصره.

إن تاريخ طرفة مُتلبِّسٌ بالغموض، شأنه في ذلك شأن الكثير من أخبار العصر الجاهلي، وأكثر الأمور غموضاً في تاريخ طرفة هو مكان ولادته وتاريخ وفاته، فلا نعرف فيمن تناولوه من تعرَّض لذلك بالدقة.

لقد اختلف الرواة في تحديد عمر طرفة، إذ يقول بعضهم بأنه عاش عشرين سنة، وقد احتجُّوا لذلك بمثل ما رُويَ عن القرشي في جمهرة الأشعار عن المفضَّل قال بأن ” لبيد بن ربيعة قد مرَّ بمجلس بني نهد بالكوفة، فبعثوا خلفه غلاماً يسأله مَن أشعر الناس؟ فقال: ذو القروح يعني امرأَ القيس، قال: ثم من؟ قال: ابن العشرين يعني طرفة.[11]

وأما الذين قالوا بأنه عاش ستاً وعشرين سنة فإنهم يحتجون بقول أخته الخرنق في رثائها له:

عـَــدَدْنا له سِتاً وعشـــرين حِجَّةً فلما توفّاها استــــوى سيِّـــداً فَحْما

فُجِــــعــنــا به لمّا رَجَـــونا إيــابه على خيرِ حالٍ لا وَلِيــداً ولا قَحْما

ورواية أخرى وردت لهذين البيتين وهي في صدر البيت الأول: (عددنا له خمساً وعشرين حجة) في شرح الشنتمري[12]، والعمدة.[13]

ظل نبوغ طرفة المبكر في الشعر لغزاً من الألغاز حيَّر الباحثين وشغل أذهان القدماء منهم والمحدثين، حتى ذهب بعضهم إلى أن طرفة قال الشعر وهو في السابعة من عمره، وفي الحديث عن أخبار نبوغه المبكر، نجد الكثير مما يتردَّد على ألسنة الرواة في الأزمنة الغابرة، كقصته مع القنابر وهو صغير، أو قصته مع أحد معاصريه من كبار الشعراء آن ذاك، أو قصته مع أعمامه الذين هضموا حق أمه.[14]

2. 1. 2 ‑ ثقافته:

وأما ثقافته فلم يكن أمرها أقلَّ عجباً من أمر نبوغه المبكر، بل لعل لها به ارتباط، ذلك لأن شعره قد احتوى الكثير من الأمور الثقافية في فترة قصيرة قِصَرَ حياته. فقد عرف الكثير من مناطق الجزيرة ومنازل أهلها ومضارب سكانها، كما عرف أوصاف الصحراء وطباع أهلها، وأنواع رياحها وأمطارها، وأعشابها وأشجارها، وطيرها وحيوانها، … وغير ذلك، كما قدَّم نموذجاً فريداً من الحِكم والأمثال، عزَّ كثير منها على ذوي الخبرة والتجربة الطويلة. وكان طرفة نموذجاً فريداً لتجربة حياتية عميقة، غنيّة، صادقة التمثيل لما هو عليه إنسان الجاهلية الضائع بين متطلبات عيش كثيرة يُقابلها شُحٌ في الموارد كبير، وبين حياة اجتماعية شديدة الحرية ظاهراً، مُكَبَّلة عملياً بقيود العرف والعادات والتقاليد.[15]

اشتهر طرفة بمعلقته التي عُدت ثاني معلقات الجاهلية أهمية، وعُرف بالصورة التي أعطاها عن نفسه في هذه المعلقة، صورة المظلوم يعتب على ظالميه من أهله ويتألم من جفوتهم، في حين أنه لا يُريد لهم إلا الخير، ويقدم لهم بشعره وسيفه. كما يمثل صورة الشاب المقبل على الحياة، يغب عنها وكأنه مع العمر في سباق،.[16]

لم يشغل الناس شاعر جاهلي كما شغلهم طرفة، فهذا الشاعر الفتى أو ابن العشرين، أو الشاعر القتيل كما كانوا يُلقبونه، كان همّاً شاغلاً لعشيرته وأهله وعمر بن هند ملك الحيرة، ورواة الأخبار والأساطير، ولا يزال كذلك لمؤرخي الآداب وطلابها، ذلك لما في حياته ـ على قِصرها ـ من أحداث، ولما في شعره من حِكمٍ وآراء في الحياة والموت”.[17]

2. 1. 3 ‑ د ‑ ديوانه الشعري

أكثر ما اشتهر من شعر طرفة المعلقة، وكان الأصمعي(ت217ه) وأبو عُبَيدة(ت209ه) هما أول من جمع بعض قصائد طرفة، ولكن ما اجتمع لهما قليل، فالأصمعي يُعِدُّه من أصحاب الواحدة وهي المعلقة، ويُعِدُّه ابن رشيق من المقلِّين ويقول عنه: “طرفة أفضل الناس واحدة عند العلماء وهي المعلقة، … وله سواها يسيرٌ، لأنه قُتِلَ صغيراً حول العشرين فيما رُوِي.[18]

إلا أن ابن “الست والعشرين” الذي نبغ في النظم صغيراً، ما كان مُقِلاًّ، إنما كان شعره متفرقاً، لم يُتَح له من يجمعه، فضاع في ثنايا الكتب أو حنايا الذاكرة، ثم راح يظهر تدريجياً مع أجيال الباحثين إلى أن استوى له ديوان كان أول من شرحه الأعلم الشنتمري في القرن الخامس الهجري.[19]

. وكان أول ما طُبع في غريفزوالد عام 1869م، ثم نشره المستشرق وِليم بن آلورد، دون شرح، عام 1870م، مع دواوين خمسة آخرين جاهليين هم: عنترة والنابغة وزهير وعلقمة وامرؤ القيس، بعنوان: “العقد الثمين في دواوين الشعراء الستة الجاهليين”[20] وهناك تحقيق للديوان قام به أحمد بن الأمين الشنقيطي عام 1909م.

حقق سلغسون الديوان بشرح الشنتمري عام 1900م بمدينة شالون، مع ترجمة فرنسية له، ونشره مع تعليقة وذيل، جمع فيهما كل ما وصل إليه من شعر منسوب إلى طرفة، فقال رأيه في بعضه وترك الباقي بين الشك واليقين.

3 – مفهوم الأسلوب عند البلاغيين

تتناول الدراسات الحديثة مفهوم الأسلوب من زوايا متعددة في محاولة للوصول إلى مفهوم محدد، يمكن على أساسه أن تقوم دراسة موسعة تستوعب أنواع الأداء في مستوياتها المختلفة. ويبدو أن الدراسة القديمة لم تغفل هذا الجانب، وإن كان تناولها له محدوداً بحدود المعرفة القديمة في بيآت النقد القديم، أو في بيآت اللغويين القدامى.

وكلمة الأسلوب في العربية مجاز مأخوذ من معنى الطريق الممتد، أو السطر من النخيل. جاء في لسان العرب: “ويُقال للسطر من النخيل أُسلوبٌ، وكلُّ طريق ممتد فهو أسلوب. والأسلوب: الطريق والوِجه والمذهب، ويقال: أنتم في أسلوبِ سوءٍ، ويُجمَعُ على أساليب. والأسلوب: الفنُّ، يقال: أخذ فلان في أساليب من القول: أي أفانين منه.[21]

ويتناول الزمخشري مادة (س ل ب) فيقول: “سلبه ثوبه: وهو سليبٌ، ولبست الثكلى السَّلابَ: وهو الحداد. وتسلَّبت، وسلبت على ميِّتها فعي مسلَّبٌ: وهو الإحداد على الزوج. وسلكتُ أسلوبَ فلان: طريقته وكلامه على أساليب حسنة. ومن المجاز سلبه فؤاده وعقله وايتلبه: وهو مستَلَبُ العقل. وشجرة سليبٌ: أُخذ منها ورقها وثمرها، وناقة سَلُوبٌ: أُخذ منها ولدها. ويقال للمتكبِّرِ أنفه في أسلوب: إذا لم يلتفت يُمنة ولا يُسرة”[22]

فالأسلوب – كما تناوله الدكتور محمد عبد المطلب – له مفهوم أوسع وفروع متنوعة، منها ما يرتبط بالدراسات اللغوية والأسلوبية وغيرها. وليس من المفيد ‑ في هذه الدراسة ‑ أن نُوغِل في التقصيلات حول قضاياه وجزئياته، وإنما يهمنا هو التعرُّف على الأسلوب بالمفهوم الذي ينطبق والفنون البلاغية من الناحية التطبيقية، وبالنظر إلى دراسة الدكتور عبد المطلب حول “البلاغة والأسلوبية” نجد أنه قد أبلى في هذا المجال بلاءً حسناً، حيث تطرق إلى آراء العلماء والبلاغيين القدماء منهم والمحدثين، وتناولها بالبسط والتحليل.

فيمكننا أن نستخلص من المفاهيم السابقة أن الأسلوب هو طريقة أداء المعنى في نسق مختلف، حسب مقتضيات الأحوال.

المحور الأوَّل: الأغراض البلاغية لأسلوب الخبر في شعر طرفة بن العبد

1 ‑ أغراض الخبر في شعر طرفة بن العبد

الأصل في توجيه الكلام الذي يتضمَّنُ خبراً ما أن يكون الغرض منه الإعلام بالخبر الذي دلَّ عليه الكلام: أي إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة. (فائدة الخبر)

وقد يُراد من توجيه الكلام الذي يتضمن خبراً ما إعلام المخاطب بأن المتكلم عالم بالحكم الذي تضمنته الجملة الخبرية، ولا بُدَّ عندئذٍ من أن يكون المخاطب عالماً به. (لازم الفائدة)[23]

ولا تقتصر وظيفة الخبر على هذين الغرضين، بل تتجاوزهما إلى أغراضٍ أُخرى فنية. “فإن المخبر الذي ينطق بالجملة الخبرية، يتعدد قصده بتعدد المثيرات التي تدفعه إلى القول وتحثه عليه. والمثيرات التي تحث على القول يستحيل الإحاطة بها، وإن كان يصح أن نقول في سياق العموم والإطلاق أن غرض الشاعر بشعره في أغلب أحواله قد يكون الرغبة في إثارة انفعال مشابه لدى القارئ فتتحقق المشاركة النفسية والوجدانية، وفي هذه المشاركة متعة الشاعر وهدفه.”[24]

فتلك الدلالات والأغراض الفنية للأسلوب الخبري في لغة الأدب لا تقع تحت حصر. فميادين الأدب جدّ فسيحة، وخواطر الأدباء وأبعاد تجاربهم لا تحُدُّها حدود.

والدلالاتُ الفنية للأسلوب الخبري هي تلك التي يستوحيها قارئ الأدب من لغته الفنية، وذلك هو مجال اهتمام البلاغيين، لأن الدلالة الوضعية إنما تُؤدى بلغة سردية مكشوفة قد استخدمت فيها الألفاظ استخداماً منطقياً منضبطاً بحيث تنقل ما تضمنته من حقائق وأفكار في سهولة ويُسر. أما اللغة الفنية فهي لغة مكثفة حافلة بالمعاني، ثرية بالدلالات، فالأديب إنما ينتقي ألفاظه بوحيٍ من عاطفته وينظمها نظماً خاصاً، لكي تُجسًّد في لغته الخاصة أبعاد تجربته، بحيث توحي بما أودع فيها من همسات نفسه وخلجات وجدانه.[25]

وقد استخدم الشاعر طرفة بن العبد الأُسلوبَ الخبري لأغراضٍ مختلفة، وليس من اليسير حصرُها في هذا الباب، ونكتفي بتحليل نماذج من أبرز ما ورد في هذا المجال:

1. 1ـ الفخر: يقول الشاعر:[26]

ولقد شهِدتُ الخيلَ وهي مُغِيرةٌ

رَبَلاتِ خيلٍ مــــــــا تــــزالُ مُغِيــــرَةً

رَبَلاتِ جُــــودٍ تحت خـــــدٍّ بــــارِعٍ

ولقــــد طَعنتُ مجامِعَ اــلرَّبَلاتِ[27]

يُقْطِرْنَ من عَلَقٍ على الثُّنَّاتِ[28]

حُلْوُ الشَّمائلِ، خِيــــرَةِ الهَلَكــاتِ

نجد أن الشاعر يُريدُ الإعلاء من شأنِ الفارس والفرس معاً، ليُعطيَ قيمة أكبر لطعناته، فليس الغرض هو مجردُ إخبار، ولكنه إظهارٌ للشجاعة ومفاخرةٌ بالبسالة والسطوة والتمكُّن. ومن أغراض الفخر التي جاءت بأُسلوب الخبر في شعر طرفة أيضاً قولُهُ:[29]

إذا القومُ قالوا: مَن فتى، خِلتُ أنني

ولستُ بِحـــلالِ التِّـلاعِ مــخـافــــــــةً،

وإن يلتـــقي الحيُّ الجميــعُ تُــلاقِــــني

عُنِــيــتُ فلـم أَكْسَلْ ولـــم أَتَبَــلَّــدِ[30]

ولكن متى يستَـــرْفِـــدُ القومُ أَرْفَـــدِ

إلى ذِرْوَةِ البَيتِ الرَّفيعِ المُصمَّــدِ

يفتخرُ الشاعر في هذه الأبيات بطبعه التفرِّد وعُلُوِّ مكانته بين العشائر،

كما يُرجِع صفة الكرم التي نسبها إلى نفسه، فيُعيدُها إلى كرم منبته. فيقولُ مفتخِراً بهذه المكانة: إذا تلاقت أنساب القوم، تَمَيَّزَ من بينها نسبي، لأنه ينمى صُعُداً إلى عائلة الأسياد من شيوخ القبيلة، ويستقرُّ في أعلى فرعٍ منها، الفرعُ الذي تُعرَفُ فيه الرئاسة بلا منازِع.

1. 2ـ المدح: يقول طرفة:[31]

فَفِــــداء لبني قيـــــسٍ عــلــــى

ما أفلَّــــــت قـــــدمـايَ أنهــــم

وهُمُ الحُكّامُ أربابُ الندى

وهُـــــمُ أيســـارُ لُقـــمـــــانٍ إذا

لا يُلِحّـُـــــون على غارِمهم

ما أصابَ الناسَ من سُرٍّ وضُرّ

نَعِمَ الساعون في القـــومِ الشُّطُــــرْ

وسُراةُ الناسِ في الأمـــرِ الشَّجَـــرْ

أغـلــت الشَّتْــــــوَةُ أبــداءَ الجُـــــزُرْ

وعلى الأيْســـــارِ تَيسيـــرُ العَسِـــرْ

كان قيس بن شراحيل[32] هو الذي قام بمبادرة الصلح بين بكر وتغلب بعد أن تفانيا في حرب البسوس، فأثرت تلك المساعي النبيلة في نفس الشاعر، فصار يذكر بني قيس في حسن صنيعهم، ويُفديهم نفسه وجسده الذي تحمله قدماه، فهم أفضلُ من سعى لجمعِ شملِ القوم الذين انقسموا وتباعدوا وتخاصموا. فالغرض من إظهار كل هذه الأعمال الكريمة هو المدح والثناء.

ومن الأساليب الخبرية التي جاءت لغرض المدح: قوله: [33]

رأيتُ سُعُوداً من شعـــوبٍ كثيــــرةٍ

أَبَـــرَّ وأوفى ذِمَّــةٍ يعــقــــدونـــهــــا،

وأنمى إلى مجــــدٍ تَلِيــــــدٍ وسُـــــــورةٍ

فلمْ تَرَ عَينِي مثـــلَ سَعْدِ بن مالِكِ[34]

وخيــــراً إذا ساوى الذُّرى بالحَوَارِكِ

تكــــــونُ تُـــــراثــــاً عنــــــــد حيٍّ لِـــــمـــالِكِ

يؤكد الشاعر أنه لم يصادف فيمن سُمِّيَ سعداً عند القبائل المختلفة، أَكْرَمَ من سعد بن مالك[35]، ولم تَرَ عَينُهُ أَبَرَّ وأوفى منه بالعهد، ولا أكثرَ منه عملاً في الخيرِ، خصوصاً إذا اشتدَّ القحطُ وعَمَّ الجوعُ وهزلت النوقُ، ولم يَرَ كذلك أَرْفَعَ من بني سعدٍ سُموّاً وارتفاعاً نحو مجدٍ يتأصَّلُ ويعرُقُ حتى يبلُغَ منزلة عالية تكون خيرَ إرثٍ يتناقلُ بين الأجيال. نُحِسُّ أن الشاعر قد رسم لنا صورة متكاملة تجمعُ خصال الأصالة والكرم، تتمثَّلُ في شخصية سعد بن مالك، مبالغةً في المدح.

ومن ذلك أيضاً قوله: [36]

أني حمــدتُــــكَ للعشيــرةِ، إذ

ألقَــــوا إليـــــكَ بِكُـــلِّ أرمـلـةٍ

ففتَحْتَ بابكَ للمكارِمِ، حِيـــ

وأهنتَ إذ قَدِموا التِّلادَ لهم

جاءت إليــــكَ مُرِقَّــــةَ العَـظْـــمِ

شَعْثـــــاءَ تحمِــــلُ مِنْقَعَ البُــــرْمِ

نَ تواصت الأبـــــوابُ بالأزْمِ[37]

وكــذاك يفعلُ مُبتني النِّــعَــــمِ

فالشاعر عندما يخاطب قتادة بن مسلمة،[38] لا يقصدُ بهذا الأُسلوب إطْلاعَه بهذا الخبر، لأنه قد صدر منه أصلاً، ولكنه يريد في الحقيقة أن يُقدِّمَ رسالة شُكرٍ وعِرفانٍ على ما قدَّم للعشيرة وقت الحاجة. فالغرض من الخبر هنا هو المدحُ والثناءُ.

1. 3ـ التغزُّل والتودد: يرسم طرفة صورته وهو بعيد عن قومه، يتنقَّلُ بين الأحياء، وفي نفسه ذكريات المحبوبة تمتزج بغُصَّة الفراق فيقول في ذلك:[39]

وما دونــها إلا ثـــــلاثُ مــــآوبٍ

ولـم يُنسِني ما قـــد لقيتُ وشفَّني

فما زالَ شُربي الرَّاحَ حتى أشرَّني

قُدِرْنَ لِعيسٍ مُنسِفـات الحَـــــــواركِ[40]

من الوَجدِ أني غيرُ ناسِ لقاءَكِ

صديقي وحتى ساءني بعضُ ذلكِ

لم يتحمَّل الشاعر لهيب الشوق هذا والحرمان من حبيبته، فلجأ إلى الخمر لعله ينسيه ألم الفراق، فجعلها شرابه الدائم كالماء حتى غدت نقيصة أعابه بها أصدقاؤه.

فالشاعر عندما يُصدر الخبر بكل هذه التفاصيل ليس الغرض منه إخبار السامعين بمعلومات كانوا يجهلونها، وإنما الغرض هنا هو إظهار الحب والتودد، وتفجير ما يشعر به تجاه محبوبته ومحيطها المادي .

ومن ذلك أيضاً قوله: [41]

ديارُ لِسَلمى إذ تُصيدك بالمُنى

وإذ هي مثل الرِّئمِ صِيدَ غَزالُها

غَنِينا وما نَخْشى التَّفرُّقَ حِقبةً

لياليَ أقتـادُ الصِّبا ويَــقُـودُنـــي

وإذ حَبْلُ سلمى منك دانٍ تواصُلُه

لها نَـــظَـــــرٌ ســــاجٍ إليــــــك، تُواغِــلُـــه

كِلانا غَرِيرٌ، ناعِمُ العيشِ، باجِلُه

يَجُــولُ بنـا رَيْعانُه، ونُجـاوِلُـه

بعد أن تَقَصَّى الشاعر رسوم الديار في جميع المنازل التي ينزلها قوم سلمى، استشعر بأثرها، وكأنه قريب عهد لم يختفي بعد. فالشاعر يُجاذبُ الهوى واللهوَ: تارة يشدُّ فتكون المبادرة بيده، وطوراً يرضى فيستسلم منقاداً، حيث كان شبابهما في رَيعانِه، في قمة فَيْضِه وتدفُّقِه.

فالشاعر، في تصويره لكل هذه اللحظات التي عاشها مع سلمى، ليس همُّه مجرَّد إعلام عن بعضٍ من جزئيات حياته مع محبوبته، وإنما استعاد شريط حياته مع سلمى، وصار يُفرزه في تصويرٍ دقيقٍ مُفصَّل، على شكل الخبر. فالغرض منه هو التغزُّل والتحبب.

1. 4ـ التذكير والتوبيخ: يقول الشاعر:[42]

أبا مُـنـذِرٍ[43] إن الأُمـورَ التي تُــــــرى

ولَستَ على الأَحيــــاءِ، حيّاً مُمَلَّـــكاً

على مِــرَّةٍ، تَحـــــدو الشَّرّائـــــحَ بالنَّقْـضِ

ولَستَ على الأَمــواتِ في رُجْمَةِ الأَرضِ

يَنصحُ الشاعرُ الملكَ ويُحذِّرُه من ارتكاب الجرائم وسفك الدماء. فالشاعر عندما يُخاطبُ الملك بهذا الأُسلوب الخبري، ليس همُّه أن يُخبره بذالك، وإنما هو تذكيرٌ له وتحذير من العواقب التي قد تنجمُ من جراء هذا التصرف.

1. 5ـ التهكُّمُ والإهانة: يقول طرفة:[44]

أَنتَ ابن هِنـــدٍ! قًــلْ لي: مَن أبوكَ إذن؟

أما المُلُـوكُ، فأنــتَ، اليــــــومَ، ألأمُهُــم

مـا فـي المَعـالِي لـكــم ظِــلٌّ ولا وَرَقٌ

لا يُصلِحُ المُلــــكَ إلا كـلُّ بَــذَّاخِ

لُـؤْماً وأبْيَضُهُم سِـربالَ طبَّــاخِ

وفي المَخازِي لكم أَسْناخُ أَسْنـاخِ

يتربص الشاعر بكلِّ أمرٍ يتعلَّقُ بِعمرو بن المنذر، فيستغلُّه ويُهاجمه بالسَّبِّ والإهانة، فهو في هذه المرَّة، يستغلُّ الاسم الذي عُرف به الملك، وهو عمرو بن هِند، ويُخاطب الملك بكلِّ إهانة وسُخرية،

ومن ذلك أيضاً قوله في هجاء عبد عمرو:[45]

ولا خَيـرَ فيــه غيــــرَ أنَّ لَــــــــهُ غِنىً

يَظَلُّ نِســـاءُ الحَيِّ يَعْكِفْـــنَ حَولَــــهُ

لــه شَربتـانِ بالنهـــــار، وأربـــــعٌ

ويَشربُ حتى يغمُرَ المَحْضُ قَلْبَـــهُ

وأَنَّ له كَشْحـاً إذا قــامَ أَهْـــضَمـــــا[46]

يَقُلْــنَ: عَسِيبٌ مـــن سَــــرَارَةَ مُلْهَما

من الليلِ، حتى آضَ سُخداً مُوَرَّما

وإن أُعْطَهُ أَتــــــرُكْ لِقَـــــــلْبِيَ مَجْثَــــــمـا

حدث أمرٌ[47] بين طرفة وبين صهره عبد عمرو بِشر بن مرثد، فسلَّط الشاعر لسانه عليه وصار يهجوه بهذا الأُسلوب الخبؤي اللاذِع

ومنه أيضاً قوله: [48]

إن شِــــرارَ المُلوكِ قد عُلِمـــــــوا

عَمرٌو وقابُــــوسٌ، وابـــنُ أُمِّهِمـــــا

يــــأْتِ الـــــذي لا تُخافُ سُبَّتُــــــهُ

طُـــراًّ، وأَدْناهُم من الدَّنَــــــسِ

مَنْ يأْتِهِم، للخَنا بِمُجْتَبِسِ

عَمرٌو وقابوسٌ قِينتا عُرْسِ

عندما يشعرطرفة بأدنى تظلُّمٍ أو مساسٍ به، فإنه لا يتوانا عن بَتْرِ سلاحه – سلاح الشعر – أمام أي شخص كان، فيصُبُّ عليه كلماته الفظيعة الموجعة. وها هو ­– في الأبيات السابقة – يُهاجمُ عمرو بن هند وأخاه قابوس بأشنع معاني الإهانة والإساءة، ويجعلها صفاتٍ ملازمة لهم، مبالغةً في الإهانة والسخرية.

1. 6ـ التحسُّر والتأَسُّف: يقولُ طرفة: [49]

أَسْلَمَنِي قَومي ولم يَغضبُــوا

كُــلُّ خَلِيـلٍ كُنـــتُ خاللتُـــــهُ،

كُــلُّهُـم أَرْوَغُ مـن ثَعلــــــبٍ،

لِسَــــــــوْءَةٍ حلَّت بهـــــم، فادِحَة

لا تــــركَ اللهُ لَـــــــهُ واضِحَــــة

ما أَشْبَــــــهَ الليـــــــلَةَ بالبارِحَه!

قال الشاعر هذه الأبيات وهو يعيش أواخر اللحظات في حياته، والموتُ أمامه لا محالة، وكان قد توقَّع من عائلته أن تَحِسَّ بالخزئ والعار فتُسرِعَ في إنقاذه، وأن تَهُبَّ للثأر، إلا أَنَّ شيئاً من ذلك لم يحدث. بات يُلاحِظُ – متأسُّفاً – غفلة عشيرته وصمتهم وتخلِّيهم عنه، وهو يُعَدُّ للصلب والقتل! فالخبرُ هنا يُوحي لنا تأسُّفَ الشعر من هذا الغدر والرِّضى بالعار، فكُلُّهم سواء في المكرِ كأسلافهم.

وبالتأمل في شعر طرفة يُلاحظ أنه جمع بين الأساليب الخبرية والإنشائية بحسب ما يقتضيه المقام، غير أن الأسلوب الخبري كان هو الغالب على النص، وقد وظفه في التعبير عن الكثير من أغراضه الشعرية ولاسيما الوصف، ولعل الميل إلى الأسلوب الخبري راجع إلى أنه أنسب لمثل هذه المواقف الذي يصف فيها معالم الحياة حوله كوصف الأطلال ووصف الناقة … وغير ذلك عن طريق عرض المشاهد وسرد الصفات، كما أن الشاعر أعطى كل معنى ما يلائمه من الأساليب.

ولمعرفة مدى ورود أغراض الخبر في شعر طرفة بن العبد، فقد أعد الباحث جدولاً إحصائياً يبيِّن توزيع هذه الأغراض.

(جدول رقم 1): توزيع أغراض الخبر في شعر طرفة بن العبد:

الترقيم الغرض تردد الغرض نسبة التردد
01 الفخر 202 42.70%
02 المدح 11 2.32%
03 الرثاء 6 1.26%
04 الدعاء 6 1.26%
05 التغزل والتودد 121 25.58%
06 رأيه في الحياة 14 2.95%
07 التذكير والتوبيخ 15 3.17%
08 التهكم والإهانة 39 8.24%
09 التهديد 15 3.17%
10 التأسف والتحسر 9 1.90%
11 الاعتذار 3 0.63%
12 السخرية 6 1.26%
13 اللوم والتأنيب 20 4.22%
14 التحريض 4 0.84%
15 الترجي 3 0.63%
16 التوجُّع 3 0.63%
مجموع تردد الأغراض البلاغة للخبر 473 100%

ــ الفخر: ويأتي في طليعة الأغراض التي من أجلها صيغ الخبر، فقد تردد الأسلوب الخبري في (202) موضعاً تعبيراً عن هذا الغرض، أي بنسبة 42.70% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

ــ التغزل والتودد: وكان هذا الغرض أكثر الأغراض البلاغية شيوعاً بعد الفخر في أساليبه الخبرية، فقد تردد الأسلوب الخبري في شعر طرفة في 121 موضعاً تعبيراً عن الغزل، أي بنسبة 25.58% من مجموع تردد الأغراض البلاغة للخبر في شعره.

فالغرضان السابقان يشملان ثلثي الأساليب الخبرية في شعر طرفة، فقد ترددا معاً في 323 موضع، أي بنسبة 68.28% من مجموع تردد الأغراض البلاغة للخبر في شعره.

ثم توزعت باقي الأغراض في ثلث أساليبه الخبرية بِنِسَبٍ تتراوح بين 8.24% (التهكم والإهانة) و 0.63% (الاعتذار، الترجي، التوجُّع).

2. ـ أضرب الخبر

تتميز اللغة العربية بمرونة في الألفاظ وسهولة في التراكيب وثراء في المعاني، والمتذوق لهذه اللغة يدرك تنوّع هذه المعاني بأدق الفروقات اللفظية في العبارات.

إن المتكلم البليغ عند إلقاء كلامه يكون خبيراً بمكامنه فيكون كالصانع المتقن صناعته، أو كالطبيب يشخص الداء لتقديم الدواء المناسب، بحيث يعلم وضع المتلقي الفكري، ليلقي عليه ما يتناسب مع فكره من ناحية تقبله بيسر أو تردد أو رفض. فينبغي مراعاة الحالة النفسية للمخاطب عند استعمال التراكيب في الخبر، يقول الخطيب القزويني: “فإن كان خالي الذهن من الحكم والتردد فيه، استُغني عن مؤكدات الحكم، وإن كان متردداً فيه طالباً له، حسُنَ تقويته بمؤكِّد، وإن كان مُنكِراً وجب توكيده بحسب الإنكار.”[50]

ومن المعلوم أن لكل شاعر أسلوبه الذي يفرض نفسه عليه حسب المقام، ويختلف هذا الأسلوب للشاعر نفسه من موقف إلى موقف تبعاً لعوامل كثيرة، منها أحوال المخاطبين ومواقفهم من الأخبار، وما يحدث من تفاعلات لدى المتكلم، تماشياً مع تلك الأحوال المختلفة واستجابة لها.

وبناءً على وضع المتلقي الفكري يقسم البلاغيون الخبر إلى ثلاثة أضرب هي: ابتدائي، طلبي، إنكاري.

2. 1ـ الخبر الابتدائي: الأصل في الجملة الخبرية مثبتة كانت أو منفية أن يُؤتي بها خالية من المؤكِدات، حين لا يكون حال المخاطب يستدعي تأكيد الخبر له، وذلك إذا كان خالي الذهن ليس في نفسه ضد مقدم الخبر عوامل شك أو إحجام عن قبول أخباره.[51] ويحسن في ابتداء الإخبار لإيراده غير مقترن بأية مؤكدات.

ومن أمثلة ذلك في شعر طرفة قوله في وصف ناقته:[52]

وَتَشْرَبُ بِالقَعْبِ الصَّغِيْرِ، وَإِنْ تُقَدْ بِمَشْفَـــرِهَا، يَـــــوْماً إِلَى اللَّيــْـــــلِ، تَنْــقَدِ

يصف الشاعر ناقته بقلَّة متطلباتها، إنها تشرب الماء القليل فيكفيها لأداء الجهد الطويل.

لقد استغنى الشاعر عن مؤكدات الخبر في وصف ناقته في البيت السابق، إيحاءً بأن هذه الصفات الحركية (أي قلة الشرب مع النشاط الطويل المتواصل)، أمور عادية في طبع هذه الناقة، فجاءت صياغةُ الخبر خالية من المؤكدات للدلالة على استبعاد أن يشك فيها أحد أو يتردد، بخلاف ما كان يردِّده الشاعر في وصف الصفات الخَلقية للناقة، فلا تكاد صفة تخلو من المؤكدات.

ومن ذلك أيضاً قوله:[53]

أَعَمْرُو بْنَ هِنْدٍ مَا تَــرَى رَأْيَ مَعْشَــرٍ

دَعَا دَعْوَةً، إِذْ تَنْـــكُتُ النَّبْــــلُ صَـــدْرَهُ

أَمَاتُوا أَبَا حَسَّانَ جَـــاراً مُجَـــاوِراً؟

أمَامَةَ، واسْتَدْعَى هُنُاكَ مَعَاشِرَا

يُطلعُ الشاعرُ عَمرَو بنَ هِند بخبر مقتل عمرِو بن أُمامة (الملقَّب بأبي حسان) ويحثُّ به لعلَّ الملك يثأر له. ففي البيت الثاني نجد أن الشاعر قد أورد الخبر بدون مؤكدات، وذلك ربما لأن المخاطب ( وهو عَمرُو بن هِند) لم يكن على علمٍ بحادثة القتل، فهو في هذه الحالة يكون خالي الذهن، فاستوجب أن يُلقى إليه الخبر خالياً من المؤكدات.

2. 2ـ الخبر الطلبي: وهو ما يلقى إلى مخاطب يتردد في تصديقه، فحين يكون لدى المخاطب أدنى شك في الخبر، أو عوامل شك أو إحجام عن قبول الخبر، فإن حاله تكون حال طالب يسأل عن صحة الخبر. فيحسن أن يؤتى له بالجملة الخبرية مقترنة بما يؤكد صحة مضمون الخبر، ويؤتى فيها بمقدار من المؤكدات يلائم نسبة التشكك لديه وعوامل الإحجام من قبول الخبر.[54]

ومعلوم أن “التوكيد من أدق العناصر البلاغية وأشفِّها في مراقبة أحوال النفس وتنزله في الكلام على وفق هذه الأحوال بحساب دقيق.”[55]

وكلما زاد الشك وقويت عوامل رفض قبول الخبر، كان من بلاغة الكلام الخبري زيادة المؤكدات فيه بمقدار حال نفس المخاطب.

ومن أمثلة ذلك في شعر طرفة قوله:[56]

ويُـلْبَــسُ قَـومٌ بِالمُـــشَقَّـــرِ والصَّــفَــا[57]

تَمِيْـــــلُ عَلَى العَبْـــدِيِّ فِيْ جَـــوِّ دَارِهِ

هُــمَا أَوْرَدَانِي المَـوْتَ عَمْداً وجَرَّدَا،

شَآبِـيْـبَ مَــــوْتٍ تَسْتَهِــــلُّ، وَلا تَـــــقـْضِي

وَكَعْبُ بْنُ سَهْلٍ تَخْتَرِمْهُ عَنِ المَخْضِ

عَلَى الغَدْرِ، خَيْلاً مَا تَمَلُّ مِنَ الرَّكْضِ

يُهَدِّدُ الشاعرُ أهلَ المشقر والصفا بالهلاك. الشاهد في البيت الثالث، فقد يتبادر إلى ذهن المخاطب بعض التساؤلات: لماذا خصَّ الشاعر هذين الشخصين بالذات (عبد عمرو وكعب بن سهل) وأفردهما بالدعاء عليهما؟ لذا نجد الشاعر يُعلل على الأسباب التي حملته على الانتقام منهما تحديداً بقوله: (هُمَا أَوْرَدَانِي المَوْتَ …). نلاحظ في البيت الثالث أن الشاعر قد أخبر بالجملة الاسمية مبتدِأً بضمير الفصل (هُمَا)، استجابة لما قد يتردد في نفس المخاطب من التساؤلات. فجاء الخبر مؤكَّداً بالاسمية وتقديم ضمير الفصل.

2. 3ـ الخبر الإنكاري: وهو ما يُوجّه إلى مخاطب ينكره صراحة، ومن ثم يصبح من اللازم توكيده بأكثر من مؤكد بحيث تزيد المؤكدات في الخبر بزيادة درجة الإنكار لدى المخاطب.

وقد استخدم طرفة هذا الأسلوب في كثير من عباراته، حيث كان يدعِّم أخباره بعدد من المؤكدات في بعض الأحيان، فهو يريد بذلك أن يتمكَّن من إقناع المتلقي المنكر ويثبت الخبر في ذهنه كما هو مقرر في نفس الشاعر، أن يتمكن من رد الدعوى التي يدعيها المخاطب.

ومن أمثلة الخبر الإنكاري في شعر طرفة قوله:[58]

دَبَبْتَ بِسِرِّي بَعْدمَا قَدْ عَلِمْتَهُ، وَأَنْتَ، بِأَسْـــرَارِ الكِـــرَامِ نَسُــولُ

يُخاطب طرفة زوج أُخته عبد عمرو بِشر بن مرثد – وهو الذي أوغر صدر الملك عليه – وكان يحسَّ بالمرارة والألم الشديد. أراد الشاعر أن يُثبتَ عليه صفة المتجسس الذي يُسرِعُ دوماً في تسريب أسرار الكرام تِلقائياً، حتى صار هذا التصرف صفة ملازمة له، ومن الطبيعي أن المخاطب (عبد عمرو) لن يتقبَّل هذا الخبر الذي ينعته بهذا الوصف، ولا شك في إنكاره له. وهذا ما حمل الشاعر على تقوية الخبر بمؤكِّدات تُناسب درجة الإنكار.

نلحظ أولاً في صدر البيت، أن الشاعر قد أورد الخبر الأول (دببتَ بسرِّي) خالياً من المؤكِّدات ولا يُبالي بإنكاره، معتقداً اعتقاداً جازماً بأنَّ أمر التجسُّس قد حصل منه حقاً ولا سبيل لإنكاره.

ثمَّ تدرَّج معه في سُلَّم التوكيد في الخبر الثاني (بعدما قد علمته)، حيث دعَّمه بحرف التحقيق “قد”، لأن في هذه الحالة قد يُتوقَّع من المخاطب أن يحتال بحيث يحاول الفرار من قصد التَّعمُّد، فيزعمَ أنَّ الأمر خطأ من غير قصد.

أما عند إيراد الخبر الأخير نلاحظ أنَّ الشاعر قد ضاعفَ من عدد المؤكِّدات وقدرِها، وهو ما جاء في عَجُزِ البيت (وَأَنْتَ، بِأَسْرَارِ الكِرَامِ نَسُولُ)، فالمؤكدات هي: اسمية الجملة، والبدأ بضمير الفصل “أنتَ”، وتقديم الجارِّ والمجرور” بِأَسْرَارِ الكِرَامِ”، وصيغة المبالغة “نَسُولُ”. فقد صاغها الشاعر كلَّها تناسُباً مع قدر الإنكار لدى المخاطب.

في خلاصة القول حول أضرب الخبر، وبعد استقراء متأنٍّ في شعر طرفة بن العبد نجد أن الشاعر قد استخدم جميع هذه الأضرب مع تفاوت في نسبة استخدام كل نوع.

(جدول رقم 2) توزيع أضرب الخبر في شعر طرفة

أضرب الخبر تردد أضرب الخبر نسبة التردد
ابتدائي 296 43.27%
طلبي 241 35.23%
إنكاري 113 16.52%
خلاف مقتضى الظاهر 34 4.97%
مجموع الجمل الخبرية 684 100%

فقد حظي الخبر الابتدائي بالنصيب الأكبر في شعر طرفة، حيث تردد في 296 موضعاً من أصل 684 جملة خبرية، أي بنسبة 43.27%. وطبيعي أن يتصدر هذا النوع، لأنه الأصل في توجيه الخبر، فإن تدعيم الخبر بالمؤكدات من غير داعٍ من شأنه أن يُفسد التعبير أو ينقص من جمالية الأسلوب، ولعل هذا ما تنبَّه إليه الشاعر فلم يستخدم غير الخبر الابتدائي إلا لدواعٍ كان يقصدها في تعبيره.

ويأتي بعده الخبر الطلبي حيث تردد في 241 موضعاً من أصل 684 جملة خبرية، أي بنسبة 35.23% من مجموع تردد الأساليب الخبرية في شعر طرفة.

أما الخبر الإنكاري فقد تردد في 113 موضعاً، من أصل 684 جملة خبرية، أي بنسبة 16.52% من مجموع تردد الأساليب الخبرية في شعر طرفة.

وجاء الأسلوب الخبري مخالفاً لمقتضى الظاهر في 34 موضعاً، أي بسبة 4.97% من مجموع تردد الأساليب الخبرية في شعر طرفة.

نلاحظ أن أضرب الخبر في شعر طرفة أخذت طابعاً تنازلياً في ترتيبها، فأغلب أخباره ابتدائية، وتليها الطلبية، فالإنكارية، وتأتي في المرتبة الأخيرة الأخبار على خلاف مقتضى الظاهر.

مؤكدات الجملة الخبرية

للحديث عن مؤكدات الجملة الخبرية في شعر طرفة بن العبد فقد قدم الباحث أولاً دراسة إحصائية لهذه المؤكدات قبل الشروع في تفصيلها، فهي موزعة حسب درجة ورودها في الجدول التالي:

(جدول رقم 3): توزيع مؤكِّدات الخبر في شعر طرفة بن العبد

الترقيم المؤكِّد مجموع تردد المؤكِّد نسبة تردد المؤكِّد
1 تقديم الفاعل على فعله 18 5.35%
2 اختيار الجملة الاسمية 98 29.16%
3 “قد” التحقيقية 42 12.50%
4 القسم 23 6.84%
5 نون التوكيد(الخفيفة والثقيلة) 7 2.08%
6 لام الابتداء 23 6.84%
7 اللام المزحلقة 3 0.89%
8 إِنَّ وأَنَّ 74 22.02%
9 ضمير الفصل 14 4.16%
10 إنَّما وأَنَّما 6 1.78%
11 أَمَّا 3 0.89%
12 أَلا 13 3.86%
13 تكرار النفي 1 0.29%
14 الأحرف الزائدة (الباء، ومِنْ) 6 1.78%
15 السين وسوف 5 1.48%
مجموع تردد المؤكدات 336 100%

بالنظر إلى الجدول السابق، نجد أن مؤكِّدات الجملة الخبرية قد توزعت بشكل متفاوت في أساليب طرفة:

اختيار الجملة الاسمية: أكثر ما استخدمه طرفة في تأكيد الخبر هو اختياره للجملة الاسمية بدلاً من الجملة الفعلية، فقد استخدمها في 98 موضع، أي بنسبة 29.16% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

وذلك أن الجملة الاسمية تحمل تأكيداً لا تحمله الجملة الفعلية، أن خبر الجملة الاسمية يحمل في التقدير الذي يلاحظ في الذهن ضميراً يعود على المبتدأ أو ما أصله المبتدأ، فيكون حال الجملة الاسمية دواماً مثل حال تقديم ما هو فاعل في المعنى على فعله، قد جرى فيها الإسناد إلى المسند إليه مرتين: الأولى: إسناده إلى الاسم الظاهر، والثانية: إسناده إلى ضميره.

ومن أمثلة ذلك في شعر طرفة قوله يصف طللاً تكاد تختفي آثارها بفعل المطر والعشب الغزير:[59]

فَالكَثِــــيْـــــبُ مُشْعِبٌ أَنـِـــــفٌ، فَــتَـــــنَاهِيْهِ، فَــمُــــرْتَــــكَـــمُـــــهْ[60]

ففي الجملة الاسمية (الكثيبُ مشعبٌ) نجد أن الخبر (مشعبٌ) قد أُسند إلى الاسم الظاهر وهو (الكثيبُ). فإن الخبر قد حمل في التقدير الذي يلاحظ في الذهن ضميراً يعود على المبتدأ.

ومثله أيضاً في قوله مفتخراً بقومه:[61]

وَهُمُ الحُكَامُ أَرْبَابُ النَّدَى وَسَرَاةُ النَّاسِ فِيْ الأَمْرِ الشَّجَرْ

فإذا أخذنا مثلاً الجملة الاسمية (هُم الحكامُ) نجد أن القول نفسه – كما في المثال السابق – ينطبق على هذا المثال.

(إِنَّ و أّنَّ) المؤكدتين: وهما من الأحرف المشبهة بالفعل، لأنها تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده، وتدخلان على الجمل الاسمية، وتُفيدان تأكيد النسبة بين اسمها وخبرها.

فهما أكثر المؤكدات شيوعاً في شعر طرفة بعد الجملة الاسمية، وجاءتا في 74 موضعاً، أي بنسبة 22.02% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره. وكثيراً ما يورد الشاعر هذان المؤكدان مُدَعَّمَينِ بمؤكدات أخرى، والغرض منه تمكين المعنى وترسيخه في ذهن المتلقي، وألَّا يترك فرصة لرفض الخبر أو التردد فيه. ومن أمثلة ذلك في شعر طرفة قوله:[62]

لَعَمْرُكَ، إِنَّ المَـــــوْتَ، مَا أَخْطَأَ الفَـــــتَى، لَكَالطُّــوَلِ المُــــرْخَى، وَثِـــنْــــيَــــاهُ بِاليَـــــــــدِ

وقال أيضاً:[63]

وَلَـــقَـــــدْ بَدَا لِيَ أَنَّهُ سَيَغُـــــوْلُنِي مَا غَالَ عَاداً والقُــــــرُونَ فَأَشْعَبُــــــوا

(قَدْ) التحقيقية: وتختص بالدخول على الفعل المتصرف الخبري المثبت المجرد من الناصب والجازم ومن حرف التنفيس، وتكون معه كالجزء منه، فلا تُفصل عنه إلا بالقسم أحياناً.

ولكلمة (قَدْ) الحرفية خمسة معانٍ هي: التوقع، وتقريب الماضي من الحاضر، والتقليل، والتكثير، والتحقيق. وهذا المعنى الأخير – وهو التحقيق – هو المقصود، ومجيئها بهذا المعنى يفيد التأكيد.

فهي كذلك من أدوات التوكيد الشائعة في شعر طرفة، وقد ترددت بقدر أقلَّ من الجملة الاسمية ومن (إِنَّ و أّنَّ)، حيث وردت في 42 موضعاً، أي بنسبة 12.50% من مجموع المؤكدات في شعره.

ومن أمثلتها في شعر طرفة قوله مُعتزاً بنفسه وفروسيته:[64]

وَقَدْ كُنْتُ جَلْداً، فِي الحَيَاةِ، مُدَرَّءاً، وَقَدْ كُنْتُ لَبَّاسَ الرِّجَالِ عَلَى البُغْضِ

وقال أيضاً في هجاء عمرو بن هند:[65]

إِنَّ شِرَارَ المُـــلُـــوْكِ قَــــدْ عُـــلِــــمُــــوا، طُــــرّاً، وَأَدْنَاهُــــــــمْ مِنَ الــــــدَّنَــــــسِ

القسم ولام الابتداء: وبقدر أقلَّ مما سبق يشيع كل من القسم ولام الابتداء، فقد تردد كل منهما في شعر طرفة في 23 موضعاً، أي بنسبة 6.84% لكل منهما من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

فمن أمثلة التوكيد بالقسم في شعر طرفة قوله:[66]

كَــقَــــنْطَرَةِ الرُّوْمِيِّ أَقْـــسَـــــمَ رَبُّـــــــهَا لَتُــكْـــتَـــــنَــفَــنْ، حَتَّى تُــــشَادَ، بِــــقَــــرْمَـــــــدِ

أما التوكيد بلام الابتداء، فكما في قوله:[67]

إِنَّا لَنَكْسُوْهُمْ، وَإِنْ كَرِهُوا، ضَرْباً يَطِيْرُ، خِلالَهُ، شَرَرُهْ

فإن اللام في قوله (لَنَكْسُوْهُمْ) هي لام الابتداء وهي للتوكيد.

تقديم ما هو فاعل في المعنى على فعله: وسبب إفادة هذا التقديم التأكيد، أن المسند إليه وهو الفاعل قد أُسند إليه الفعل مرتين:

ــــ الأولى تظهر حينما نقول في نحو “خَالِدٌ جَاهَدَ في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ”. خالدٌ: مبتدأ، وخبره: جملة: “جاهدَ …”

ــــ والثانية تظهر حينما نقول: “جاهدَ” فعلٌ ماضٍ، وفاعله ضمير مستتر يعود على “خالد”.

فالجهاد أُسند إلى لفظ “خالد” أوَّلاً، وأُسند إلى ضميره ثانياً، واجتماع هذين الإسنادين في الجملة هو بمثابة تكرير الجملة. وتقديم ما هو فاعل في المعنى على فعله يجعل الجملة جملة اسمية. ومعلوم أن مما تفيده الجملة الاسمية التوكيد.[68]

فقد تردد هذا النوع من التأكيد في 18 موضعاً، أي بنسبة 5.35% من مجموع المؤكدات الواردة في شعر طرفة. ومن ذلك قوله:

إِذَا القَوْمُ قَالُوا: مَنْ فَتًى، خِلْتُ أَنَّنِي عُنِيْتُ، فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ

ففي قوله (القوم قالوا) نجد أن جملة (قالوا …) خبر للقوم، وأَن الفاعل في هذه الجملة ضمير مستتر يعود إلى المبتدأ السابق (القوم). فقد أُسند لفظ (قالوا) إلى (القوم) مرتين.

ضمير الفصل: وهو الضمير الذي لا محل له من الإعراب، ويقع فصلاً بين المبتدأ والخبر، أو بينما أصله مبتدأ وخبر. كما في قوله تعالى: ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ[69] فضمير الفصل (أَنْتَ) في الآية الكريمة هو للتأكيد.

وقد ورد التأكيد بضمير الفصل في شعر طرفة في 14 موضعاً، أي بنسبة 4.16% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

أدوات التنبيه: ومن أدوات التنبيه الواردة في أساليب طرفة بغرض التأكيد (أَلا) و(أَمَّا).

فالأولى: وهي (أَلا) ترد للتنبيه في فاتحة الكلام، وتدخل على الجملتين الاسمية والفعلية.

وقد ترددت هذه الأداة في شعر طرفة في 13 موضعاً، أي بنسبة 3.86% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

وأما الثانية: وهي (أَمَّا) الاستفتاحية، وهي التي تأتي بمعنى (حقّاً).

وكانت هذه الأداة من أقل المؤكِّدات استخداماً في شعر طرفة، فقد ترددت في ثلاثة (3) مواضع، أي بنسبة 0.89% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

نونا التوكيد(الخفيفة والثقيلة): وهما يؤكِّدان الفعل المضارع والفعل الأمر. فقد وردتا جميعاً في أسلوب طرفة في ستة (7) مواضع، أي بنسبة 2.08% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

(إنَّما) و(أَنَّما): أصلهما (إنَّ) و(أَنَّ) ضُمَّت إليهما (ما) الزائدة للتأكيد، فكفتهما عن العمل، وهيأتهما للدخول على الجمل الفعلية، فهما يدخلان على الجملتين الاسمية والفعلية، وبضمِّ (أما) إليهما اجتمع في لفظيهما مؤكِّدان، إذ أصلهما يفيد التأكيد، وزاد التأكيد بضمِّ (ما) إليهما.[70]

وبهذا المعنى قد وردتا جميعاً في أسلوب طرفة في ستة (6) مواضع، أي بنسبة 1.78% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

الأحرف الزائدة: وهي الأحرف التي تضاف في الكلام، وتُسمى (زائدة)، ويدخل فيها كل حرف إذا حُذف لم ينقص شيءٌ من المعنى المراد، فإيجاده في الكلام يكون لغرض التوكيد.[71]

وبنفس القدر من الشيوع تردد حرفان من الأحرف الزائدة، وهما: (الباء)، و(مِنْ) الزائدتين. فقد وردتا كذلك جميعاً في أسلوب طرفة في ستة (6) مواضع، أي بنسبة 1.78% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

ــ السين وسوف الداخلتان على فعل دالٍّ على وعد أو وعيد: تردد هذان المؤكدان جميعاً في أسلوب طرفة في ستة (5) مواضع، أي بنسبة 1.48% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

ــ اللام المزحلقة: ولم ترد في شعر طرفة إلا في ثلاثة (3) مواضع، أي بنسبة 0.89% من مجموع المؤكدات الواردة في شعره.

تكرار النفي: وهو أقلُّ ما ورد من المؤكدات في أسلوب طرفة، فلم يستخدمه الشاعر إلا مرة واحدة في جميع أشعاره.

3. ـ الإسناد الخبري بين صيغتي الاسم والفعل

“إن البلاغي الذي ينصب اهتمامه بالدرجة الأولى على الوظيفة التعبيرية للأساليب، وعلى تلمُّس الفوارق الدقيقة الماثلة بين أسلوب وأسلوب، فإنه يتوقَّفُ ليوضح الفارق المعنوي بين الخبر في هاتين الجملتين”.[72]

وقد كان لعبد القاهر الجرجاني الفضل في لفت الأنظار إلى الفرق بين هذين النمطين من أنماط الأسلوب الخبري، فهو يقول: “إن موضوع الاسم على أن يَثبُتَ به المعنى للشيءِ من غير أن يقتضي تجدده شيئاً بعد شيء، وأما الفعلُ فموضوعه على أن يقتضيَ تجدُدُ المعنى المثبت به شيئاً بعد شيء فإذا قُلتَ: زيدٌ مُنطلقٌ فقد أثبتَّ الانطلاق فعلاً له من غير أن تجعله يتجدد ويحدث منه شيئاً فشيئاً، بل يكون المعنى فيه كالمعنى في قولك: زيدٌ طويلٌ، وعمرٌو قصيرٌ، فكما لا تقصُدُ هنا إلى أن تجعل الطُّولَ أو القِصَرَ يتجدد ويحدث، بل تُوجبها وتُثبتها فقط، وتقضي بوجودهما على الإطلاق. كذلك لا تتعرَّضُ في قولك زيد منطلق لأكثر من إثباته لزيد، وأما الفعلُ فإنه يقصد فيه إلى ذلك، فإذا قُلتَ: زيدٌ هو ذا ينطلقُ فقد زعمتَ أنَّ الانطلاقَ يقع منه جزءاً فجزءاً، وجعلته يُزاوِلهُ ويُزجيه”.[73]

لقد استعمل الشاعر طرفة هذا الأسوب الفني في مواضع كثيرة من شعره، ومن ذلك قوله:[74]

ما تَنْظُرُون بِحَقِّ وَرْدَةَ فِيكُمُ؟ صَغُرَ البَنُونُ وَرَهْطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ

كانت وفاة العبد وبالاً على وردة أُمُّ طرفة، فهي الغريبة وأهلها بعيدون عنها لا تستطيعُ أن تشدَّ بهم إزرها، وأولادُها لا يزالون صِغاراً، وقد أشاح أهلُ زوجها بوجوههم عنها، وهضموا حقها. استعمل الشاعر الفعل (صَغُرَ) في وصف الأولاد، للتعبير عن حالة الضَّعف التي تعيشها وردة، ‑ وهي حالة مؤقتة ‑ فاستغلها أعمام طرفة لانتهاك حقوقها، فإن الشاعر يريد أن يُحذِّرُ أعمامه من هذا التصرف، لأن موقف الضعف هذا لا يدوم، فإنه سُرعان ما يَتَحوَّلُ إلى قوة تردعهم ، وذلك بمجرد بلوغ أبنائها رُشدَهم. وللتعبير عن حالة أهل وردة استعمل الشاعر لفظ الاسم (غُيَّبُ) للدلالة على بُعدهم وغفلتهم عما يحصل لوردة من انتهاكات في حقوقها، فلا يتوقع الشاعر أية نجدة من أخواله، وأنهم دائمون في غيابهم. ولكن الشاعر يوجه رسالة إلى أعمامه بأنه ولو ظلت وردة بعيدة عن أهلها منقطعة عنهم، فذلك لا يعني أنها بائسة مدى حياتها، والسبب أن لها أبناءً سوف يكبرون ويُدافعون عن حقوقها ويُعيدون لها قوتها ومجدها.

ومنه أيضاً قول الشاعر:[75]

وإني وإن أَوعَدْتُهُ أَو وَعَدْتُهُ لَمُخْلِفُ إيعادي ومُنجِزُ مَوعِدِي

استعمل الشاعر لفظ الفعل (أَوعَدْتُهُ أَو وَعَدْتُهُ) في الأوَّل للدلالة على تقليل الأمر واستبعاده، وتبسيطه (يريد: إن حدث ذلك فعلاً)، في محاولة لتلطيف ردة فعله في وجه ابن عمه، كأنه يُريد أن يُشعره بأن الأَمرَ لا يستحقُّ أن يُؤخَذَ بكل هذه الجدية. وفي المعنى الثاني استعمل الشاعر لفظ الاسم (مُخْلِفُ … مُنجِزُ) للدلالة على ملازمة الأمرين وهما: التراجع عن التهديد والالتزام بالعهد، ويجعلهما عهداً ثابتاً لا يعتريه انحراف ولا تغيير.

ومن ذلك أيضاً قوله:[76]

دَبَبْتَ بِسِرِّي بَعْدَ ما قَدْ عَلِمْتَهُ وأّنْتَ بإسْـــرارِ الكِـــــرامِ نَسُـــولُ

استعمل الشاعر أوَّلاً صيغة الفعل (دَبَبْتَ) للدلالة على شدة استنكار الشاعر لهذا التصرف الغادر، لأنه لم يكن يتوقَّعُ أن تأتي الخيانة من أقرب الناس إليه. أما في المعنى الثاني استعمل الشاعر صيغة الاسم (نَسُولُ) ليثبت عليه صفة المتجسس الذي يُسرِعُ دوماً في تسريب أسرار الكرام تِلقائياً، حتى صار هذ التصرف صفة ملازمة له.

خاتمة

وفي نهاية مطاف دراسة خصائص الأسلوب الخبري في ديوان طرفة بن العبد تأكد لي أن طرفة كان شاعراً كبيراً ذا قدرة فائقة على حسن الصياغة والإبداع مما أثار إعجاب البلاغيّين واللغويّين على حدٍّ سواء، وكلٌّ وجد فيه ضالته، لأنه مثّل الفصاحة في أبهى حللها، والبلاغة في أجمل صورها، حيث كان الأسلوب الخبري من أروع الأساليب التي استعملها الشاعر، فصار خير وعاء حمل فكره وخياله ومشاعره .

النتائج: نختتم أخيراً بذكر أهم النتائج التي تم التوصل إليها في محاور هذا البحث وهي كالآتي:

1 ـ لاحظت أن البيئة الصحراوية لعبت دوراً كبيراً في تشكيل شخصية الشاعر، فقد امتاز بالقوة والصلابة نتيجة الظروف التي عاشها، وكأن الصحراء الصعبة القاسية جعلت جسمه وعقله صلبين قاسيين.

2 ـ وقد تميز الوصف عند طرفة بعشق الصحراء، ولهذا انتقى أغلب صوره منها.

3 ـ يُعد الفخر أغلب الأغراض البلاغية في أساليب طرفة، وقد تناسب ذلك مع نزعة الشاعر الحماسية.

4 ـ يتميز أسلوب طرفة بعدم التكلف وعدم الإغراق في الخيال، بل يكاد يكون عنصر الخيال محدوداً بحدود الواقع.

5 ـ الخبر الابتدائي هو الأكثر توظيفاً في أساليب طرفة، وذلك لأنه الأصل في توجيه الخبر، وليس من البلاغة إحجام الكلام بالمؤكدات ما لم يستدعيه المقام.

6 ـ أخذت أضرب الخبر في شعر طرفة طابعاً تنازلياً في ترتيبها، فأغلب أخباره ابتدائية، وتليها الطلبية، ثم الإنكارية، وأقلها الأخبار التي جاءت على خلاف مقتضى الظاهر.

7 ـ أكثر ما استخدمه طرفة في تأكيد الخبر هو اختياره للجملة الاسمية بدلاً من الجملة الفعلية. وذلك لأن الجملة الاسمية تحمل تأكيداً لا تحمله الجملة الفعلية.

التوصيات:

1 إلى الباحثين المهتمين بدراسة الأدب العربي السعي إلى إحياء التراث الأدبي القديم؛ والعناية بالشعر الجاهلي الذي هو أصل تراث الأدب العربي.

2 دراسة الشعر الجاهلي بالمناهج الحديثة وربطه بالحاضر للاستفادة من تعاليمه وحكمه.

3 دراسة بعض الجوانب من أساليب المعاني في شعر طرفة التي لم يتطرق إليها الباحثون مثل التقديم والتأخير أو أسلوب القصر وطرقه.

4 دراسة الحكم والأمثال في شعر طرفة بن العبد ومدى أهميتها في حياتنا اليومية الحاضرة.

المراجع

الهمداني، أبو محمد الحسن بن أحمد، الإكليل

الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم ، شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، تقديم: بركات يوسف، المكتبة العصرية، بيروت 2005م.

التبريزي، يحيى بن علي، شرح القصائد العشر، المطبعة المنيرية، 1352هـ.

الجُمحي، محمد بن سلام، طبقات فحول الشعراء، دار الكتب العلمية، بيروت 1422هـ‑2001م، ج2.

ابن حبيب، ألقاب الشعراء، تحقيق: عبد السلام محمد هرون، مطبعة البابي الحلبي، ط2.

الدينوري، ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة.

الأشنانداني، أبو عثمان سعيد بن هارون ،معاني الشعر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1408هـ ‑ 1988م.

القرشي، أبو يزيد، جمهرة أشعار العرب، المطبعة الرحمانية، 1926م.

الشنتمري، شرح ديوان طرفة بن العبد، تحقيق: دُرِّية الخطيب ولطفي الصقال، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت،2000م.

ابن حزم ،جمهرة أنساب العرب.

القالي، أبو علي إسماعيل بن القاسم، الأمالي، دار الكتب العلمية، بيروت ط2، (د ت) ج1.

القيرواني، أبو علي الحسن بن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، ط5، 1401هـ ‑ 1981م، ج1.

الجواليقي، موهوب، شرح أدب الكاتب، تحقيق: د.طيبة محمد بودي، مطبوعات جامعة الكويت، الكويت، 1415هـ ‑ 1995م، ط1.

ابن منظور، جمال الدين محمد، لسان العرب، دار صادر, بيروت, 1991م، ط2.

الزمخشري، أساس البلاغة، القاهرة، 1960م.

المسيداني، البلاغة العربية: أُسسها وعلومها وفنونهاج1.

أبو موسى، محمد محمد، خصائص التراكيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط8، 1420ه – 2009م

حسن طبل، علم المعاني في الموروث البلاغي(تأصيل وتقديم).

الهوامش:

  1. الهمداني، أبو محمد الحسن بن أحمد، الإكليل، ج8، ص231.
  2. شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات: الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم، تقديم: بركات يوسف، المكتبة العصرية، بيروت 2005م، ص129.
  3. التبريزي، يحيى بن علي، شرح القصائد العشر، المطبعة المنيرية، 1352هـ، ص56.
  4. الجُمحي، محمد بن سلام، طبقات فحول الشعراء، دار الكتب العلمية، بيروت 1422هـ‑2001م، ج2، ص137.
  5. ابن حبيب، ألقاب الشعراء، تحقيق: عبد السلام محمد هرون، مطبعة البابي الحلبي، ط2، ص320.
  6. الدينوري، ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، ج1، ص185.
  7. الأشنانداني، أبو عثمان سعيد بن هارون ،معاني الشعر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1408هـ ‑ 1988م، ص160.
  8. القرشي، أبو يزيد، جمهرة أشعار العرب، المطبعة الرحمانية، 1926م.
  9. شرح ديوان طرفة بن العبد: الشنتمري، تحقيق: دُرِّية الخطيب ولطفي الصقال، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت،2000م ، ص23.
  10. ابن حزم ،جمهرة أنساب العرب، ص305.
  11. القالي، أبو علي إسماعيل بن القاسم، الأمالي، دار الكتب العلمية، بيروت ط2، (د ت) ج1، ص179.”
  12. شرح ديوان طرفة بن العبد: الشنتمري، ص105.
  13. القيرواني، أبو علي الحسن بن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، ط5، 1401هـ ‑ 1981م، ج1، ص65.
  14. الجواليقي، موهوب، شرح أدب الكاتب، تحقيق: د.طيبة محمد بودي، مطبوعات جامعة الكويت، الكويت، 1415هـ ‑ 1995م، ط1 ص285‑286.
  15. شرح ديوان طرفة بن العبد: سعدي الضناوي، ص38.
  16. المرجع السابق، ص38.
  17. الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم، شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، تقديم: بركات يوسف، المكتبة العصرية، بيروت 2005م، ص129.
  18. القيرواني، أبو علي الحسن بن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، ج1، ص65.
  19. شرح ديوان طرفة بن العبد: سعدي الضناوي، ص50.
  20. المرجع السابق، ص 6.
  21. ابن منظور، جمال الدين محمد، لسان العرب، دار صادر, بيروت, 1991م، ط2، باب الباء، فصل السين مع اللام، ج1، ص473.
  22. الزمخشري، أساس البلاغة، القاهرة، 1960م، كتاب الشعب، ص452
  23. البلاغة العربية: أُسسها وعلومها وفنونها: المسيداني، ج1، ص172.
  24. أبو موسى، محمد محمد، خصائص التراكيب، مكتبة وهبة، القاهرة، ط8، 1420ه – 2009م ص114 – 115.
  25. حسن طبل، علم المعاني في الموروث البلاغي(تأصيل وتقديم)، ص46.
  26. الديوان، ص 76‑77
  27. الربلات: جمع الرَّبَلة، وهي اللحمة الغليظة، أو باطن الفَخِذ، ومجامع الرَّبلات كناية عن أفخاذ الخيل.
  28. العَلَق: الدم. الثنَّات: جمع التنَّة( والجمع المعروف: الثُّنَن) وهي، في مؤخرة رسغ الفرس شعرات تتدلى مشرفات في الخلف.
  29. الديوان، ص 102 – 103
  30. أتَبَلَّد: أي أجزع وأتردَّد. التلاع: وهي من الأضداد، تعني ما انحدر من سيل الماء كما تعني ما أشرف منه. البيت المُصَمَّد: السيِّد الذي ينتهي إليه السؤدد.
  31. الديوان، ص163‑164.
  32. هو قيس بن شراحيل بن مرَّة بن همام، هو الذي أصلح بين بكر وتغلب بعد أن تفانيا في حرب البسوس.
  33. الديوان، ص 198.
  34. سعد بن مالك: هي إحدى قبائل بني سعد، تنسب إلى مالك بن ضُبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عُكابة، وهو من جدود خولة ومن جدود طرفة الأبعدين. (انظر: لسان العرب لابن منظور، باب الدال، فصل السين مع العين، ج3، ص 217). الذُّرى: جمع الذِّرْوَة، وهي الأعلى من كل شيء. الحَوارِك: جمع الحارك، وهو الكاهل.
  35. وهو سعد بن مالك بن قيس بن ثعلبة بن عُكابة، وهو من جدود خَولة ومن جدود طرفة الأبعدين. انظر: لسان العرب لابن منظور {باب الدال، فصل السين مع العين}
  36. الديوان، ص 220‑221.
  37. الأَزْمُ: الإغلاق،
  38. هو قتادة بن مسلمة الحَنَفي من بني الدَّيل بن حنيفة بن لُجَيم، من فروع بكر بن وائل، وكان سيداً شريفاً.
  39. الديوان، ص196
  40. العيس: جمع الأعْيَس والعَيساء، فالعِيسُ هي الإبِل البيض التي يخالط بياضها شيء من الشُّقرة. الرَّاح: الخمر.
  41. الديوان، ص 207‑208.
  42. الديوان، ص181
  43. النعمان: هو النعمان بن المنذر ملك الحيرة. وقد عَرَفَتْ الحيرةُ، على الأقلِّ، اثنين من الملوك باسم النعمان بن المنذر، أحدهما كان قبل عمرو بن هند، مَلَكَ أيام بهرام جور بن يزدجر ملك الفرس، والثاني كان آخر ملوك الحيرة وهو الذي مدحه النابغة الذبياني. ويمكن أن يكون طرفة قد قصد بهذا الاسم عمرو بن هند، لأن العرب كانوا يُسمون الملوك باسم أشهرهم على سبيل التغليب. وقدذكر ابن منظور “أن العرب كانت تُسمي ملوك الحيرة النعمان” (انظر لسان العرب، {باب الميم، فصل النون مع العين}، ج12، ص588)
  44. الديوان، ص86‑87.
  45. الديوان، ص 223‑225.
  46. العسيب: جريدة من النخل مستقيمة. السُّخْد: ماء أصفر ثخين يخرج مع المولود لحظة الولادة. المَجْثَمُ: هي الفسحة يرتاح فيها الإنسان.
  47. كان سبب الخلاف أن عبد عمرو بِشر بن مرثد أساء إلى زوجته، وهي أُخت طرفة، فاشتكته إلى أَخيها، فكانت منه هذه الأبيات. ويجمع الرواة أن هذه الأبيات قد ساهمت، بطريقة غير مباشرة، في مأساة طرفة.
  48. الديوان، ص 166‑167.
  49. الديوان، ص81‑82.
  50. التلحيص، ص42
  51. البلاغة العربية ص 178
  52. الديوان، ص97
  53. الديوان، ص 127
  54. البلاغة العربية، ص 178
  55. أبو موسى، محمد محمد، خصائص التراكيب، ص 262 – 263.
  56. الديوان، ص183
  57. المشقَّر: حِصن بالبحرين. الصفا: نهر بالبحرين. (وفي البحرين كانت منازل البكريين) انظر: الديوان ص178
  58. الديوان، ص203
  59. الديوان، ص 226.
  60. الكثيب: ما اجتمع من الرمل واحدودب. مشعب: أي كساه العشب. الأنِف: أي لم يسبق لأحد أن رعاه. التناهي: جمع التنهاة والتنهية: حيث ينتهي الماء ويستقر، أي المنبسط من الأرض.
  61. الديوان، ص 164.
  62. الديوان، ص 109.
  63. الديوان، ص 73.
  64. الديوان، ص 175.
  65. الديوام، ص 166.
  66. الديوان، ص 96.
  67. الديوان، ص 139.
  68. المسيداني، عبد الرحمن حسن، البلاغة العربية، ص 186 – 187.
  69. سورة المائدة: 117.
  70. المسيداني، عبد الرحمن حسن، البلاغة العربية، ص 190.
  71. المرجع السابق ص 192.
  72. علم المعاني في الموروث البلاغي(تأصيل وتقديم): حسن طبل، ص 50.
  73. دلائل الإعجاز، ص 123‑124
  74. الديوان، ص71
  75. الديوان، ص110
  76. الديوان، ص 203