صورية التصرفات العقارية في القانون العراقي والمصري

أ.م.د. محمد محمد حسين صادقي1 م.م. محمد عجيل خفيف2

1 جامعة معصومة/كلية الحقوق/ايران

البريد الالكتروني : Msadeghi4817@yahoo.com

2 جامعة قم / كلية الحقوق/ايران

البريد الالكتروني: Mohammedajeel0010@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(10); https://doi.org/10.53796/hnsj41018

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/10/2023م تاريخ القبول: 20/09/2023م

المستخلص

الصورية هي إخفاء الحقيقة بين الطرفين المتعاقدين تحت ستار عقد ويلجأ الأطراف إلى الصورية لتحقيق أغراض متعددة أهمها الحاق الضرر بالدائنين أو الورثة أو الشفيع. والصورية قد تكون مطلقة وهي الصورية التي تتناول وجود العقد ذاته إذ يكون العقد الظاهرة لا وجود له في الحقيقة. أو صورية نسبية وهي الصورية التي لا تتناول وجود العقد بل تتناول نوع العقد أو ركناً من أركانه أو شرطاً من شروطه أو شخص المتعاقدين. تناول البحث دراسة التصرفات الواردة على العقار الصادرة من المريض مرض الموت، وصورية العقود التي يقصد منها عدم الأخذ بالشفعة دراسة تحليلية مقارنة في كل من القانونين العراقي والمصري، وتناولت النصوص القانونية التي عالجت تلك الحالات والبحث عن مواطن الضعف والقوة في تلك النصوص، وكذلك الأثر المترتب على تلك التصرفات على الورثة والغير الشفيع المطالب بحق الشفعة. والدراسة قسمت على مطلبين: الأول، الصورية في تصرفات المريض في القانون العراقي والمصري، والمطلب الثاني، صورية العقود التي يراد منها عدم الأخذ بالشفعة.

الكلمات المفتاحية: العقد الصوري. العقد المستتر. الشفيع. الورثة. القانون.

Research title

The formality of real estate transactions in Iraqi and Egyptian law

Dr. Mohammed M. Sadiqi 1 and Mohammed A. Khafeef2

1 1Masuma University/Faculty of Law/Iran

Email: Msadeghi4817@yahoo.com

2 Qom University/ Faculty of Law/ Iran

Email: Mohammedajeel0010@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(10); https://doi.org/10.53796/hnsj41018

Published at 01/10/2023 Accepted at 20/09/2023

Abstract

Formalism is the concealment of the truth between two contracting parties under the guise of a contract. Parties resort to formality to achieve multiple purposes, the most important of which is harming creditors, heirs, or the pre-emptor. The formality may be absolute, and it is the formality that deals with the existence of the contract itself, since the apparent contract does not exist in reality. Or a relative formality, which is the formality that does not address the existence of the contract, but rather addresses the type of contract, one of its pillars, one of its conditions, or the person of the contracting parties. The research dealt with the study of the transactions contained in the property issued by the terminally ill patient, and the formality of contracts that are intended not to take pre-emption. A comparative analytical study in both Iraqi and Egyptian law. It dealt with the legal texts that dealt with those cases and the search for the weaknesses and strengths in those texts, as well as the resulting impact. These actions are the responsibility of the heirs and the non-pre-emptor who claims the right of pre-emption. The study was divided into two requirements: the first, the formality of the patient’s actions in Iraqi and Egyptian law, and the second requirement, the formality of contracts that are intended not to take pre-emption.

Key Words: formal contract. Hidden contract. Intercessor. the inheritors. the law.

المقدمة:

للصورية أهداف عديدة لا يمكن حصرها، وهذه الأهداف قد تكون مشروعة، وقد تكون غير مشروعة، ولكن الصورية ترمي في مرماها للإضرار بالغير وتكون لها ظواهر قانونية متشابهة مثل شهادة الزور والنصب والتدليس وتشترك جميعها في منحى واحد هو تغيير الحقيقة والنية المبيتة لإلحاق الضرر بالغير وهي النية التي يرفضها الشارع ولا يرضاها القانون ولا تفضلها البداهة وتنفرها قيم العدالة المجردة. إنّ حب التملك والاستحواذ والاستئثار والطمع غريزة بشرية طبيعية دونتها النظريات والأفكار وأقرتها الديانات ولم تخرج عن التقاليد والأعراف. وهذه الغريزة هي الأصل في دفع الانسان إلى استخدام طرق ملتوية غير شرعية لأجل إشباع رغباته وغريزته بثمن بخس وهي عنوان لأكل أموال الناس بالباطل.

وتتجلى الصورية كصورة من صور الغش والاحتيال لإلحاق الضرر، لذلك وضع المشرع نصوصاً قانونية لمعالجتها.

أهمية البحث:

عن طريق كثرة العقود الصورية وكثرة الخلافات الناتجة ما بين المتعاقدين أو بين أحد المتعاقدين والغير بسبب وجود عقدين ظاهري صوري وآخر مستتر حقيقي وكل من العقدين يرتب أثراً قانونياً للمتعاقدين والخلف العام والدائنين والورثة، لذلك لا بد من بيان الصورية بشكل متكامل والتعمق في الأحكام والقرارات المتعلقة بها والتي تصدر من القضاء.

أما أسباب اختيار الموضوع فهي بسبب وجود إشكاليات كثيرة تولد من المظهر الصوري بسبب تضارب المصالح ما بين أطراف العقد الصوري والغير حسن النية الذي يرتب أموره بناء على المظهر الخارجي للعقد، وكذلك لما يثار من تعارض ما بين مبدأ استقرار التعاملات ومبدأ سلطان الإرادة، فضلاً عن إنَّ أغلب شراح القانون تعرضوا للصورية بشكل مختصر عن طريق تناول دعوى الصورية كوسيلة من وسائل الضمان العام.

وتناول البحث التصرفات الصورية التي ترد من المريض مرض الموت في القانون العراقي والمصري وكذلك الصورية في العقود التي يراد منها عدم الأخذ بالشفعة نتيجة تضرر كل من الورثة والشفيع في هذه التصرفات. وتناولت هذه الدراسة النصوص القانونية التي تعالج تصرف كل من بائع العقار الذي يمنع جاره من أخذ عقاره بالشفعة والنصوص التي تناولت ذلك في كل من القانونين. وعمد الباحث في كتابته للبحث إلى اتباع المنهج الوصفي التحليلي والمقارن وتناول موقف الفقهاء والمشرعين وتحليلها وكذلك النصوص القانونية التي عالجت الموضوع والتوصل إلى موقف التقنينات المقارنة، فضلاً عن منح آراء الفقهاء في كل من البلدين مصر العراق المجال الأوسع في الدراسة باعتبارها الجهة المنفذة لنصوص القانون.

المطلب الأول: صورية تصرفات المريض في القانون المدني العراقي والمصري:

التصرفات الصادرة من المريض مرض الموت والتي تأخذ صيغة وصية أو بيع أو هبة والتي تلحق ضرراً بحقوق الورثة والغير، فضلاً عن التحايل على نصوص القانون الآمرة والتي حددت أن أي تصرف قانوني يصدر منه لا يكون نافذاً إلّا بحدود الثلث من التركة ويكون موقوفاً على إجازة الورثة، إذ يلجأ المريض لإبرام تصرف قانوني معين ولمنع ورثته من عدم إجازته فقد يبرم عقد هبة بصيغة بيع منجز أو يبرم وصية بهيئة بيع لتلافي الحدود المقررة للوصية والتي تمنع الوصية بحدود الثلث، ويبحث المطلب في عقد الوصية وما يترتب عليها وعقد البيع وآثاره.

إنّ تصرفات المريض هي تصرفات يغلب عليها طابع المحاباة مما يترتب عليها حرمان البعض من حقهم في التركة، وإنّ اعتقاد المريض أن الشخص المتصرف له هو الأولى بالمحاباة، فتكون تلك المحاباة لشخص دون غيره ممن له حقوق في ذمته المالية، نتيجة لذلك فهو بهذا التصرف يحرم الورثة او الدائنين من استيفاء حقوقهم من التركة، لذلك وجد الفقه والقضاء أنّه من الأفضل تقييد تصرفات المريض لحماية الآخرين، واختلف الفقهاء في طبيعة هذا التقييد فقسم منهم ذهب إلى عدم أهلية المريض ويعد ذلك استثناء من قواعد الأهلية، والقسم الآخر ذهب إلى أن القيد بقدر تعلق حقوق للدائنين والورثة بمال المريض مما يترتب على ذلك من تقييد تصرفات المريض لصيانة حقوقهم ويمنع المورث من إيثار بعضهم على البعض والرأي الأخير هو الأجدر، لذلك ولتواتر تصرفات المريض وشيوعها فلم يكن أمام المشرع إلّا التصدي لتلك التصرفات وحماية حقوق الدائنين والورثة.

والأصل أنّ الشخص كامل الأهلية يكون له الحق بإجراء كافة التصرفات القانونية سواء كانت على سبيل التبرع أو معاوضة، ومع ذلك تعد الشريعة الإسلامية تصرفات المريض موقوفة على إجازة الورثة بالقدر المحابى به الذي يتجاوز ثلث التركة، أما القانون المدني فيعد تصرف المريض (كالبيع) صحيحاً بين المتبايعين وغير نافذ بحق الورثة إلّا إذا أقروه وغالباً ما يتم الخلط من قبل الفقه والقضاء بين المعنيين، إذ استعملوا مصطلح الإجازة والذي هو مصطلح شرعي بدلاً من مصطلح الإقرار وهو مصطلح قانوني وضعي، فالتقنين المصري حرص على استعمال مصطلح الإقرار إذ جاء في المادة 477/2 (لا يسري البيع في حق الورثة إلّا إذا أقروه) وعلى خلاف ذلك فإن المشرع العراقي نص في المادة 1108/2 (تجوز الوصية للوارث وغير الوارث في ثلث التركة ولا تنفذ فيما جاوزت الثلث إلّا بإجازة الورثة).

الفرع الأول: الوصية الصورية في القانون المدني العراقي والمصري:

قيد القانون الوصية بحدود ثلث التركة، والبعض يحاول تجاوز هذه الحدود عن طريق منح الوصية مظهر آخر كأن يكون مظهر تصرف منجز حال حياته، بحيث يكون خارج ضوابط القانون للوصية، ولا يمكن للورثة الاعتراض عليها، ووفق أحكام محكمة النقض فإنّ التصرفات المنجزة والصادرة من شخص في تمام صحته وكامل الأهلية تكون صحيحة ونافذة حتى وإن أدت إلى حرمان بعض الورثة من الميراث لأن التوريث لا ينهض إلّا بعد وفاة المورث وأحكام الإرث من النظام العام وكل تحايل في تطبيق هذه الأحكام يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً.

المشرع المصري عالج الوصية في نصوص قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 وفق المذهب الحنفي، وتصح في حدود ثلث التركة سواء كانت لوارث أو لأجنبي بعد سداد الدين ونص على (كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصوداً به التبرع يعتبر مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطي لهذا التصرف).

المشرع العراقي فعالج تصرفات المريض بمرض الموت عن طريق مبدأ عام يشمل التصرفات الصادرة كافة من المورث لسد السبيل على الاحتيال على القانون في تصرفات المريض الناقلة للملكية والمقصود منها المحاباة والتبرع، والمشرع في الوصية اكتفى بالنص على مسألتين وهي صحة الوصية لوارث وتصرفات المريض (مرض الموت) يسري عليها حكم الوصية، وبهذا يكون المشرع العراقي قد خرج على إجماع الفقهاء في عدم نفاذ الوصية لوارث إلّا بإجازة الورثة وأخذ ما ذهب إليه فقهاء الشيعة الإمامية، إذ ورد في المادة 1109 (كل تصرف ناقل للملكية يصدر من شخص في مرض الموت مقصود به التبرع أو المحاباة يعتبر كله أو بقدر ما فيه من محاباة تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطى له).[1]

فالإمامية مجمعون على أن عقد بيع المريض مرض الموت صحيح إن كان بثمن المثل وكذلك البيع والشراء وإن كان بمحاباة ولكنهم اختلفوا في القدر المحابى به فقسم منهم قال إنّ الإنسان حر في التصرف بأمواله ما دام على قيد الحياة كيفما يشاء، وقسم آخر وهو الأجدر من أن الثمن المحابى به في عقد البيع في مرحلة مرض الموت تسري عليه أحكام الوصية فلا يكون نافذاً إلّا في حدود الثلث من التركة وما زاد على ذلك يكون موقوفاً على إجازة الورثة.[2]

وجاء في قرار لمحكمة النقض (إذا كان المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار التصرف وصية فإن هذه الوصية تصح وتنفذ في ثلث التركة من غير إجازة الورثة وذلك بالتطبيق لنص المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 لسنه 1946 وإذا أقضى الحكم المطعون فيه بعدم نفاذها كهبة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون).[3]

ونتناول موقف القانون المدني العراقي والمصري من الوصية والموصي والموصى له: أ- إذا كان الموصي غير مدين ويتفرع من هذا الفرض زاويتان:

1- الموصي، غير مدين وليس له وارث:

المشرع المصري في المادة 37 من قانون الوصية أخذ برأي فقهاء الجمهور وهو إذا وصى المريض بما زاد على الثلث وليس عليه دين ولم يكن له وارث جازت الوصية وإن استغرقت كل التركة، وهذا ما جاءت به المادة المذكورة (تنفذ وصية من لا دين عليه ولا وارث له بكل ماله أو بعضه من غير توقف على إجازة الخزانة العامة)، وبخلاف ذلك فإن المشرع العراقي عدّ الدولة وارث من لا وارث له، إذ جاء في المادة 70 من قانون الأحوال الشخصية (لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلّا بإجازة الورثة وتعتبر الدولة وارثاً لمن لا وارث له)، وخلاصة القول أنّ المشرع حدد أنّ الوصية للمريض هو الثلث فإن زادت على ذلك إن كانت لوارث أو غيره نفذت بالثلث وما زاد يكون موقوفاً على إجازة الورثة فإن أجازوه نفذت وبخلافه بطلت.

2- الموصي غير مدين، وكان له وارث:

المشرع العراقي وفق المادة 1108، إن كانت الوصية لوارث أو أجنبي والموصي غير مدين وكان له ورثه، فالوصية تنفذ بالثلث وما زاد موقوف على إجازة الورثة، ففي حال أوصى شخص فيما زاد على ثلث التركة فإنّ الوصية تنفذ في حدود الثلث، وما زاد موقوف على إجازة جميع الورثة، فإن أجازوها نفذت وإن رفضوها بطلت في تجاوز الثلث، وفي حال أجيزت من قبل البعض ورفضت من قبل قسم آخر، فالحكم يكون أنها نافذة من جانب المجيزين وباطلة من جانب الرافضين.

ب- الموصي مدين:

وفقاً للقاعدة الشرعية (لا تركة إلّا بعد سداد الدين) فإنّ الوصية لا تكون نافعة إلّا بعد تسديد الديون كافة، وهذا الفرض يتمخض عنه جانبان وهما:

1- إذا كان الدين يستغرق التركة:

وتكون كذلك إذا كانت الديون الثابتة تعادل ما تقوم به التركة، وفي هذا الحال فالوصية لا تنفذ بأي شكل من الأشكال إلّا استثناء وهو إن حصل على براءة من الدائنين عندها تنفذ، فالدين يقدم على الوصية، وفي حال ترك المورث تركة محملة بالدين فيكون واجب الوارث تسديد هذه الديون وما تبقى يوزع على الورثة كل حسب نصيبه، أما في حال كانت التركة مستغرقة بالديون فعلى الوارث تسديد ديون دائني التركة حتى وإن لم يحصل على أي شيء طبقاً للقاعدة الشرعية المذكورة.

2- إذا كان الدين لا يستغرق الترك:

في هذا الحال تنفذ الوصية بالثلث بعد وفاء الديون كافة، وما زاد على الثلث يكون موقوفاً على إجازة الورثة، فإن أجازوها نفذت وبخلافه بطلت.[4]

الفرع الثاني: الوصية تخفي بيعاً:

من المقرر قانوناً أن الشفعة لا تؤخذ إلّا بتصرف ناقل للملكية بمقابل وصادر من إرادتين، وتأسيساً على ذلك فالشفعة لا تؤخذ بالعقار إذا انتقلت ملكيته بموجب تصرف صادر من جانب واحد كالوصية.

فإذا أبرم عقد بيع عقار ما بين بائع ومشتري واتفقا على إخفاء عقد البيع بهيئة وصية صورية لمنع الجار من المطالبة بحقه بالشفعة أجاز القانون للشفيع إثبات الصورية عن طريق كشف حقيقة التصرف بأنه بيع وأن الوصية هي كغطاء له، ويكون الإثبات بأدلة الإثبات كافة، وفي حال نجاح الشفيع بذلك كان له حق المطالبة بالعقار بالشفعة، وبخلاف ذلك عندما يوصي شخص لآخر بملكية عقار ويخفيان الوصية بهيئة عقد بيع فإنّ طلب الشفيع للعقار محل التصرف تمسك المتبايعان بالعقد الحقيقي وبأنّه وصية لا تجوز فيها الشفعة، وفي هذا الفرض فإنه يكون للشفيع باعتباره من طبقة الغير حق التمسك بالعقد الظاهر وهو عقد البيع ولا يحاجّ عليه بالعقد المستتر (الوصية) إلّا في حالة كان سيء النية، أي أنّه كان يعلم من وقت إظهار رغبته بالشفعة أنّ العقد الظاهر هو عقد صوري.[5]

وغالباً ما يقصد المتصرف التخلص من أحكام الوصية فيعطيها هيئة عقد بيع، ويكون لقاضي الموضوع اختصاص معرفة حقيقة التصرف عن طريق نية المتبايعين من شروط وظروف العقد التي أحاطت به، وألّا يتقيد بالمعنى اللغوي للعبارات الواردة فيه، ومن القرائن الدالة على نية الإيصاء عدم دفع ثمن المبيع من قبل المتصرف إليه أو قيام البائع بالتنازل عن الثمن في عقد البيع أو ثبوت عجز المشتري عن دفع الثمن رغم حالته أو حصول التصرف دون عوض ويعزز ذلك عدم تسجيل العقد وبقاء العين في حيازة المتصرف أو مصادقة المشتري على التصرف القانوني من قبل البائع في المبيع مرة ثانية ولاعتبار العقد وصية لا يشترط ألّا يكون مسجلً، فالتسجيل لا يمنع من اعتباره وصية،[6]فإن أبرم عقداً وذكر أنّ البائع تنازل عن الثمن أو كان بالإمكان إثبات صورية الثمن إلى جانب احتفاظ البائع بالحيازة والانتفاع بالمبيع مدى الحياة واشترط على المشتري عدم التصرف في الرقبة، فإن هذا التصرف يشبه الوصية لوجود نية التبرع بالإضافة إلى الشروط المفروضة على ملكية المشتري بحيث لا يحصل على شيء إلّا بعد وفاة البائع المزعوم مما يتوجب إنزال حكم القانون وتكييف التصرف تكييفاً صحيحاً وفق الأثر الذي اتجهت إليه إرادة المتعاقدين والأثر القانوني المترتب عليها.[7]

الفرع الثالث: تسجيل الوصية العقارية في القانون العراقي والمصري:

المشرع العراقي أكد في حال كان الالتزام ينقل ملكية عقارية أو ترتيب حق عيني عقاري، فالالتزام لا ينفذ إلّا إذا خضع إلى قواعد التسجيل (مادة 90، 91، 508، 1126، 1127، 1203، 1266، 1286، 1324، 1378، 1380 من القانون المدني العراقي، إذ عدّ القانون العقد الناقل لملكية عقارية أو حق عيني من العقود الشكلية وذلك لأنّ التسجيل من أركان العقد فإن لم يتم التسجيل كان العقد باطلاً.[8]

المشرع المصري أكد أنه لا يكون للتصرفات غير المسجلة سوى التزامات شخصية ما بين المتعاقدين، وهذه القاعدة تشمل الوصية كحق عيني عقاري، فإن قام الموصي بتسجيل الوصية في حياته فيترتب على وفاته انتقال ملكية العقار للموصى له مباشرة، وكذلك بإمكان الموصى له تسجيل الوصية بعد الوفاة إن كانت ثابتة بورقة رسمية أو عرفية مصدقة بتوقيع الموصي وبخلاف ذلك يتوجب الحصول على إجازة الورثة وتصديق توقيعاتهم فيها وبعدها بالإمكان تسجيل هذا القرار.

نستنتج من ذلك أنّ الملكية العقارية للموصى له أو أي حق عيني عقاري عن طريق الوصية غير المسجلة لا تنقل إلّا من وقت التسجيل وعلى الورثة يقع التزام تسليم العين للموصى له، ويثبت له الحق من وقت وفاة الموصي.

والمشرع المصري يتطابق قراره مع قرار محكمة النقض الذي جاء فيه (إن التصرف الصادر من المورث لم يكن منجزاً ويخفي وصية وإنّ حقيقة التصرف هو وصية ولا يكون لتسجيل العقد في تصحيح التصرف أو نقل الملكية وإن كان في حياة البائع، وذلك لأن التسجيل لا يصحح العقد الباطل ولا يمنع من الطعن به بأنّه يخفي وصية).[9]

والمشرع العراقي يؤكد في حال تم تسجيل الوصية العقارية أنه لا يجوز الطعن بالصورية لان من أدرج اسمه في السجلات هو المالك الحقيقي ولكن سمح للورثة من الطعن بتصرف مورثهم من آن تصرفه كان في مرحله مرض الموت وبالتالي ان تم تأكيد ذلك فتسري عليه أحكام الوصية

وإذا كان التصرف الصادر من المريض مرض الموت صورياً صورية مطلقة وطعن بصورية التصرف لا على أساس وصية مستترة، ففي هذه الحالة لا يكون الورثة من طبقة الغير بل تسري عليهم أحكام مورثهم نفسها فيما يخص إثبات صورية التصرف وبالطرق المشروعة له نفسها.

الفرع الرابع: قرينة المادة 916 من القانون المدني المصري:

جاء في المادة 916/1 أن العمل القانوني المقصود من التبرع على الأغلب لا يكشف عن ذاته حتى تطبق أحكام الوصية، واهم ما فيها هو عدم جواز الوصية بما يتجاوز ثلث التركة، وعليه فإن التبرع قد يأخذ صورة بيع أو أي تصرف آخر كالمعاوضة للتخلص من أحكام الوصية إن أراد المتبرع التبرع بأكثر من الثلث، ولمنع هذا التحايل فقد جاء في المادة 916/3 (إذا أثبت الورثة أنّ التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت اعتبر التصرف صادراً على سبيل التبرع ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك، كل هذا ما لم توجد أحكام خاصة مخالفة).

من جانبنا نرى أنّ النص وضع قرينة قانونية مؤداها أن كل تصرف قانوني للمريض بمرض الموت يكون على سبيل التبرع يخضع لحكم الوصية ولا يكون نافذاً إلّا في حدود الثلث وما زاد عليه يكون خاضعاً إلى إجازة الورثة إن كانوا أهلاً للتبرع وفق المادة 17 من قانون الوصية المصري، وعلى الورثة إثبات أنّ تصرف مورثهم كان في مدة مرحلة الموت وطبقاً للمادة 916/2 (وعلى ورثة من تصرف أي يثبتوا أنّ العمل القانوني قد صدر من مورثهم ولهم إثبات ذلك بجميع الطرق ولا يحتج على الورث بتاريخ السند إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً)، وهذه المادة لا تجعل الورثة من طبقت الغير بشكل مطلق بحيث لا يحتج بمواجهتهم بتاريخ الورقة العرفية إذا كان هذا التاريخ غير ثابت، ولكنه سمح للورثة بإثبات أن التصرف وقع في مدة مرض الموت وعدم صحة التاريخ وبأدلة الإثبات كافة على اعتبار أنّ تغيير التاريخ كان الهدف منه التحايل على القانون، فإن استطاع الورثة إثبات أنّ التاريخ المذكور في الورقة العرفية غير صحيح وأنّ التاريخ الحقيقي كان في مدة مرض الموت، فيكون ذلك كافياً لقيام القرينة القانونية والتي مؤداها أن التصرف كان تبرعاً ولو وذكر أنه كان معاوضة وبالتالي يسري عليه حكم الوصية.

وفي مقابل ذلك يكون للمتصرف إليه إثبات أنّ التصرف كان على سبيل المعاوضة وأنّ المقابل في التصرف كان معادلاً لقيمة المبيع، فإن أثبت أنّ التصرف هو في الحقيقة بيع وان الثمن المذكور والذي أثبت وجوده كان يقل عن الثمن الحقيقي للمبيع فإنّ التصرف على سبيل التبرع بحدود الفرق بين قيمة المبيع وقت الموت وبين القيمة الحقيقية التي دفعها المتصرف إليه، وهذا التصرف لا يكون نافذاً بحق الورثة إلّا إذا كان القدر المحابى به في حدود ثلث التركة، فإن زاد الفرق على الثلث فإنه لا يكون نافذاً دون إقرار الورثة أو إذا رد المتصرف إليه للتركة ما يعادل تكملة الثلثين وفق المادة 447 مصري.[10]

ومن القرائن القضائية التي اعتبرت بموجبها أنّ التصرف وصية وليس بيعاً كون التصرف تم دون مقابل ويظهر ذلك في حال قام البائع بإبراء المشتري من الثمن أو في حال كان المشتري فقيراً لا يتمكن من دفع الثمن بالأموال كافة، ونستخلص القرينة أيضاً كون المشتري ظل محتفظاً بحق الانتفاع طوال حياته أو أن المشتري لم يكن على علم بحصول التصرف بتاتاً، أما في حال ثبت أنّ التصرف قد تم بعوض ففي هذا الفرض يأخذ حكم الوصية حتى وإن احتفظ البائع بالعين طوال حياته، وكذلك حق الانتفاع أو اشترط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع طوال حياة البائع، هذه شروط جائزة ولا تترتب عند اقترانها بالبيع اعتباره وصية، وفي حال ثبت أنّ التصرف تم دون عوض وانتقلت ملكية العين إلى المشتري فإنّ التصرف لا يعد وصية وإنما يكيف على أنه هبة صريحة أو مستترة ولا تخضع لأحكام الوصية.

وهذه القرينة ليست بالقرينة القاطعة بل بالإمكان إثبات عكسها عن طريق قرائن قضائية أخرى إذ يكون بإمكان المشتري من المورث إثبات أن التصرف في حقيقته بيع لا وصية والدليل أنّ التصرف قد سجل في دائرة الشهر العقاري وتم إشهاره أو أنّ البائع تنازل عن حق الانتفاع أو أنّ احتفاظ البائع بالعين المبيعة يعود إلى أنّ المشتري ما زال قاصراً وباشر الحيازة نيابة عنه كولي والاحتفاظ بمنفعة العين طوال حياته مقابل تقليل الثمن بما يتلاءم مع هذه المنفعة.[11]

وفي قرار لمحكمة التمييز جاء فيه (إذا كانت معاملة الهبة قد ثبتت أمام موظف التسجيل العقاري (الطابو) بمستند تحريري وهي سليمة في الظاهر وعلى المدعي إثبات كون الواهب مريض مرض الموت أثناء الهبة لحد ثلث التركة في الموهوب وتبطلها بالنسبة للباقي).[12]

ومن جانبنا نرى أن قرار محكمة التمييز لا يسمح بالطعن بصورية الهبة لآنها تمت أمام موظف التسجيل العقاري ولكنه يسمح له بالطعن بتصرفات المورث (بمرض الموت) ليتسنى له أن تكون الهبة بحدود التركة وليس أكثر، وهذا ما يتطابق مع أحكام الوصية.

بناء على ما سبق فالقرينة القانونية هي قرينة بسيطة بإمكان المتصرف إليه دحضها عن طريق إثبات أنّ تصرف المريض مرض الموت كان بعوض، ويكفي لقيام هذه القرينة أن يقوم الورثة بإثبات أنّ تصرف مورثهم كان في مرحلة مرض الموت وحينها ينتقل الإثبات من الورثة إلى المشتري، فإن فشل المشتري في إقامة الدليل لنفيها يعد تصرف المريض مرض الموت وصية مستترة ولا تكون نافذة بحق الورثة إلّا بحدود ثلث التركة أما إذا زاد على حدود الثلث كان موقوفاً على إجازة الورثة.

الفرع الخامس: عقد بيع العقار أو المنقول الصادر من المريض في القانون المدني العراقي والمصري:

إنّ التصرفات القانونية الصادرة من المورث لأحد ورثته أو للغير حال حياته تكون صحيحة ونافذة حتى وإن نتج عنها حرمان بعض الورثة من الإرث لأنّ التوريث لا يرتب أثر إلّا بعد الوفاة، أما ما يخرج من مال في حياته فلا يحق للورثة الاعتراض عليه لانعدام الصفة والمصلحة، والبيع قد يتخذ صيغة عقد هبة، فإن وهب البائع الثمن للمشتري فنكون أمام عقد هبة مكشوفة ولا بد من تسجيلها وشهرها في دائرة الشهر العقاري وتخضع لأحكام عقد الهبة وبخلافه يكون العقد باطلاً، أما في حال ذكر البائع أنّ الثمن تم قبضه من المشتري فنكون أمام عقد هبة مستورة فتخضع لأحكام عقد الهبة في الموضوع وتكون نافذة دون الشكل.[13]

المشرع المصري أجاز بيع المريض لوارثه أو لأجنبي إن كان بثمن المثل أو بمحاباة بشرط عدم تجاوز ثلث التركة، أما إذا كان أكثر من الثلث فلا ينفذ البيع بحدود هذه الزيادة بحق الورثة إلّا إذا أجازوه أو إذا أعاد المشتري إلى التركة ما يعادل تكملة الثلثين، وتقيم قيمة المبيع إلى مقدار الثمن بوقت موت البائع لا وقت البيع وذلك تطبيقاً للمادة 477 -478 من التقنين المصري، وبالرجوع إلى نص المادة 916 من القانون نفسه يتضح أنّه يجب اعتبار البيع وصية ويقع عبء إثبات أن البيع صدر في مرض الموت على عاتق الورثة ولهم الإثبات بأدلة الاثبات كافة ولا يحاج عليهم بتاريخ البيع إن لم يكن ثابتاً،[14] إذا طعن الوارث في عقد البيع الصادر من المورث بأنّ التصرف وصية وليس بيعاً وأنّه لم يدفع فيه الثمن، وأنّ الثمن المذكور في العقد غير حقيقي يعد ذلك طعناً في صورية العقد (صورية نسبية) بطريق التستر ومن حقه كوارث إثبات ما يدعيه بأدلة الإثبات كافة بما فيها البينة وذلك لأنّ تصرف المورث في هذه الحالة يرجع بالضرر على حقه بالإرث والتي تعد من النظام العام.[15]

ويخضع بيع المريض مرض الموت لأحكام المادة 916، وبالرجوع إلى مفهوم المخالفة إن كان البيع بثمن المثل فإنه يكون نافذاً بحق الورثة دون الحاجة إلى إجازتهم وإن كان صادراً في مرض الموت، وفي حال كان البيع بأقل من ثمن المثل فإنّ المبلغ المحابى به يخضع لحكم الوصية فإن كان هذا القدر أقل من ثلث التركة فالبيع نافذ بحق الورثة ودون إجازتهم ويتم حساب القدر المحابى به بمقدار الفرق ما بين قيمة المبيع وثمنه في وقت موت البائع وليس وقت العقد، أما إذا كان المبلغ المحابى به يتجاوز ثلث التركة فإن البيع بما يرتبط بالقدر المحابى به الذي يتجاوز ثلث التركة لا يكون نافذاً بحق الورثة إلّا بإجازتهم أو إذا وافق المشتري على زيادة الثمن بمقدار الفرق بين ثلث التركة والقدر المحابى به، وبغض النظر إن كان البيع لوارث أو لأجنبي.

إنّ الطعن المقدم من قبل الوارث في تصرف قانوني من المورث (عقد بيع) بأنّ حقيقة العقد وصية وأنّ الثمن المذكور غير حقيقي وأنه لم يدفع ثمن يعد طعناً بصورية العقد (صورية نسبية) بطريق التستر ويكون له إثبات ذلك بطرق الإثبات كافة لأنّ ذلك التصرف صدر إضراراً بحقوقه المستمدة من أحكام الإرث والمتعلقة بالنظام العام ويعد ذلك تحايلاً على القانون.[16]

أما المشرع العراقي فلم يرد فيه نصوص تعالج البيع الصادر من المريض مرض الموت وترك ذلك للمادة(1109/1) كقاعدة عامة لذلك نصت المادة (كل تصرف ناقل للملكية يصدر من شخص في مرض الموت مقصود به التبرع أو المحاباة يعتبر كله أو بقدر ما فيه من محاباة تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أياً كانت التسمية التي تعطى لها)، والمادة أعلاه تتطابق مع المادة 916/1 من القانون المدني المصري.

وفي قرار لمحكمة التمييز جاء فيه (إنّ تصرف المريض في مرض الموت يعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية، وإذ أنّ المريض كان مصاباً بمرض السرطان في الكبد وأنّه قد توفى بعد نقل ملكية العقار بعشرين يوماً، فإنّ هذا التصرف قد جرى أثناء مرض الموت مقصوداً به التبرع والمحاباة، فقد اعتبر البيع نافذاً في حدود الثلث وإعادة تسجيل الثلثين الآخرين باسم المورث).[17]

إنّ حكم محكمة التمييز يتلاءم مع نصوص أحكام الوصية التي يخضع لها المريض مرض الموت وهي في حدود ثلث التركة.

الفرع السادس: الطعن بتاريخ التصرف العرفي:

يعد تاريخ التصرف العرفي بمثابة حجة للورثة ولكن إذا ما ثبت أن التاريخ غير حقيقي وأنه تم تقديمه لإخراج التصرف من مرحلة مرض الموت يكون ذلك الفعل تدليساً وغشاً، وبالتالي يكون للورثة الحق بإثبات ذلك بجميع طرق الإثبات، فإن نجحوا في إثبات ذلك يكون التصرف في حقهم سارياً على الترتيب التالي:

أ- في حال نجح المشتري في إثبات أنه دفع ثمن المبيع مساوياً لقيمته الحقيقية، يكون البيع صحيحاً ونافذاً سواء كان البيع لوارث أو أجنبي وتقدر قيمة المبيع وقت الوفاة.

ب- في حال نجح المشتري في إثبات أنه دفعت ثمن المبيع وكان أقل من قيمته الحقيقية بما لا يزيد على ثلث التركة، كان البيع صحيحاً ونافذاً بحق الورثة.

ج- إذا لم يتمكن المشتري من إثبات أنه دفع ثمناً للمبيع بما يقل عن القيمة الحقيقية بما لا يزيد على الثلث، لا يكون نافذاً في حق الورثة في حدود الثلث إلّا بإجازتهم.

د- إذا لم يتمكن المشتري من إثبات الثمن عدّ التصرف هبة وتخضع لأحكام عقد الهبة، وإن زاد ثمن العين على الثلث لم ينفذ التصرف بحق الورثة فيما تجاوز الثلث إلّا بإجازتهم.[18]

وجاء في قرار لمحكمة النقض أن الوارث يعد من الغير في التصرفات الصادرة من مورثه بمرض الموت لإلحاقها الضرر بحقه المستمد من أحكام الإرث لذلك فله الطعن بهذا التصرف وأن يثبت مطاعنه بأدلة الإثبات كافة، وإذا كان التاريخ المدون بالعقد غير ثابت رسمياً فيكون ومع تمسك الوارث بهذا التاريخ والذي صدر التصرف لمصلحته أن يثبت حقيقة التاريخ وبطرق الإثبات كافة أيضاً،[19]ولا يحتج على الوارث بتاريخ التصرف إلّا في حالة كان ثابتاً، أي أن يكون له إثبات أنّ تصرف مورثه لم يصدر في تاريخه العرفي بل صدر أثناء مدة المرض والسبب في ذلك أنّ الوارث يعد من طبقة الغير بالنسبة لتصرفات مورثه.[20]

الفرع السابع: حماية الغير حسن النية:

في المدة الواقعة ما بين صدور التصرف (البيع) من المريض مرض الموت وما بين وفاته وثبوت حق الورثة في التركة بعدم نفاذ تصرفات مورثهم في مدة المرض بحدود الثلث، يحدث في كثير من الأحيان أن يتصرف المشتري بالعين أو يرتب عليها حق عيني للغير، فعند الوفاة وظهور الورثة وعدم إجازتهم التصرف بذلك يكون لهم الحق في استرداد القدر المحابى به بما يجاوز ثلث التركة من المشتري، كما يكون لهم الحق باسترداد العين وإن كان لدى الغير الذي تعامل مع المشتري، وبالتالي يتعرض ذلك الغير إلى الإجحاف والظلم عن طريق أحكام مرض الموت.

ففي حال كان الغير حسن النية وتلقى حقه بعوض حينها تقتضي العدالة حمايته من الضرر الذي يلحق به جراء تطبيق تلك القواعد، لذلك عالج المشرع هذا الوضع بنص المادة (478 مصري) (لا تسري أحكام المادة السابقة إضراراً بالغير حسن النية إذا كان هذا الغير قد كسب بعوض حقاً عينياً على العين المبيعة)، ولا يوجد نص مقابل في القانون المدني العراقي.

من جانبنا نرى أن القانون يحمي الغير الذي كسب حقاً على المبيع والذي يحاول الورثة استرداده تطبيقاً لأحكام البيع في مرض الموت وبشرطين: تصرف الغير بعوض أولاً، وأن يكون حسن النية (غير عالم وقت تعامل مع المشتري أنّ حقه مهدر من قبل الورثة) ثانياً، ومن الملاحظ إن كان المبيع عقاراً فإنّ الغير لا يكون قد تكسب حقاً عليه ما لم يكن قد تم تسجيل العقار في دائرة التسجيل العقاري وتسجيل السند المنشئ لحقه أو تقييد حقه إن كان رهناً أو امتيازاً وبالتالي يكون توفر هذين الشرطين للغير حسن النية أن يدفع دعوى الورثة المطالبين بها باسترداد القدر المحابى به بما يتجاوز ثلث التركة ويكون له الاحتفاظ بحقه المكتسب، والنتيجة فعدم إجازة الورثة للتصرف لا يترتب عليها فسخ عقد المشتري الثاني أو سقوط الرهن،[21]أما في حال كان المشتري سيء النية وكان عالماً بالمرض أو تم إعلامه من قبل الورثة بعدم إجازة تصرف مورثهم أو متواطئاً فسخر البائع له بالشراء ليتسنى له بيعه فيما بعد حينها لا يكون مشمولاً بالحماية، ويسري هذا الحكم في حال قيام المتصرف له برهن العين أو رتب عليها حقوق ارتفاق أو غيرها فيكون للورثة استيفاء حقهم من العين محملة بهذه الحقوق.[22]

الفرع الثامن: الطعن بالصورية من أحد الورثة الذي كان شاهداً على العقد في القانون المدني العراقي والمصري:

إذا أبرم المورث عقد بيع عقار أو منقول لأحد ورثته ووقع وارث آخر كشاهد على عقد البيع، فإن ذلك لا يمنع (الوارث الشاهد) من الطعن بصورية عقد البيع بالصوري النسبية بعد وفاة المورث، وإن العقد هو وصية وليس بيعاً، وذلك لأنّ توقيعه لا يعد إجازة له لأن الإجازة التي يعتد بها هي التي تحصل بعد حصول الوفاة للمورث لأنّ صفة الوارث التي تمنحه الحق التركة لا تتحقق إلّا بالوفاة.[23]

وفي قرار لمحكمة النقض بهذا الصدد جاء فيه أنّ (توقيع المطعون عليه الأول كشاهد على عقدي البيع المطعون فيهما بصدورهما في مرض الموت، في وقت لم يكن قد أصبح فيه وارثاً لا يعدو أن يكون شهادة بصحة صدورهما من المورث ولا يعد إجازة منه للعقدين، لأن هذه الإجازة لا يعتد بها إلّا إذا حصلت بعد وفاة المورث إذ إنّ صفة الوارث التي تخوله حقاً في التركة لا تثبت له إلّا بهذه الوفاة، كما أنّ توقيعه على العقدين لا يفيد صحة التاريخ المعطى لكل منهما إذ لم يكن وارثاً وقت توقيعه كشاهد طبقاً لما تقدم ذكره).[24]

فإن نجح الوارث في إثبات حقيقة تصرف مورثه بأنّه تصرف صوري وكان عقد البيع لأحد الورثة فيكون الحكم الصادر ضد المتصرف (المورث) بصحة العقد ونفاذه لا يكون حجة على مدعي الصورية (الوارث) وذلك لاعتبار الوارث في حكم الغير في حدود التصرفات ما بين المورث ووارث آخر لإلحاقها الضرر بحقه في الميراث، وهذا حكم استثنائي إذ إنّ الوارث لا يكون من الغير في تصرفات مورثه إلّا إذا كان هذا التصرف فيه مساس بحقه في الإرث.[25]

ومن البديهي أن الهبة الصادرة من المورث وهو في تمام صحته وأهليته لأحد الورثة تكون صحيحة لأنها تكون خارج نطاق التحايل على قواعد الإرث والاعتراف بأن الوارث يعد من الغير كما ذكر سلفاً لا محل له إذا كان تصرف المورث منجزاً لأنّ القانون يمنح حق التصرف للشخص كامل الأهلية لإجراء أي تصرف قانوني وإن كان فيه حرمان الورثة، لأنّ صفة الوريث لا تنهض إلّا بوفاة المورث وعلى ما يخلفه أما ما خرج حال حياته من أموال فلاحق للورثة فيها.[26]

من جانبنا نستخلص أنّ التقنين المصري في المادة 916 والتقنين العراقي في المادة 1109 قد وضع قرينة قانونية قاطعة فيما يخص تصرفات المريض مرض الموت المراد منها التبرع أيّاً كانت التسمية التي أعطيت للتصرف سواء كان عقد بيع أو هبة أو إقرار يعد حكمها هو تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية، فالتبرع مفروض إذا ما أثبت الورثة أنّ تصرف مورثهم صدر في مرض الموت.

والشرع المصري وضع في مقابل ذلك في فقرة 3 من المادة نفسها قرينة غير قاطعة وأتاح لمن صدر له التصرف إثبات أنّ التصرف كان بعوض وليس تبرعاً، فالمشرع عندما أوجد قرينة لصالح المورث للدلالة على نية التبرع تنقل عبء إثبات المتعلقة بحقيقة التصرف من الورثة إلى المتصرف له، وإن كانت قرينة غير قاطعة إذ إنّها تقبل إثبات العكس، فإن أثبت المتصرف له أنّ التصرف كان بمقابل يكون القدر المحابى به خاضعاً لحكم الوصية.

والمشرع العراقي في المادة 1109 وضع قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس تكون لصالح الورثة في حين الطرف الآخر (المتصرف له) لا يذكر النص أنّ له الحق بإثبات أنّ تصرفه كان جدياً.

ومن جانبنا نجد أن النص كان من الأفضل أن يذكر حق المتصرف إليه ويكون كالآتي مع النص الأصلي فقرة/1 (وللمتصرف له إثبات أن التصرف كان بعوض وليس تبرعاً وفق قواعد الإثبات)، وهذه الإضافة تفرضها قواعد العدالة والإنصاف، ونجد أنّ المشرع المصري وضع النص الأكمل في معالجة ذلك على عكس المشرع العراقي.

الفرع التاسع: قرينة المادة 917 مدني مصري:

المشرع المصري ذكر في المادة 917 (إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته يعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك).

ونرى عن طريق تحليل النص أعلاه نجد أنّ المشرع أقام قرينة قانونية في حال تصرف شخص لأحد ورثته مع احتفاظه بحيازة العين والانتفاع بها مدى حياته، اعتبرها تصرفاً يخضع لأحكام الوصية والملاحظ من نص المادة 917 أنها تتناول موقفاً معيناً يختلف اختلافاً كلياً عن موقف المريض بمرض الموت في تصرفاته القانونية إذ إن الموقف الأول يتناول شخصاً يبرم عقداً صورياً يحابي به أحد ورثته مع احتفاظه بالعين كحائز والانتفاع مدى حياته بها، في حين إذا تصرف الوارث لغير الوارث مع احتفاظه بالحيازة والانتفاع بالعين المتصرف بها يكون في هذا الفرض عدم تحقق شروط إعمال القرينة القانونية ولا يمكن نهوض المادة 917، ومع ذلك يجوز أخذ قرين قضائية من هذا التصرف ومن ظروف عناصره وأنّه وصية وليس بيعاً، لذلك تشترط القرينة أن يكون المتصرف إليه من الورثة (وتأخذ حكم الهبة) وبخلافه امتنع على المدعي تمسكه بهذه القرينة، والسبب في لجوء المتصرف إلى الوصية المستترة لأحد ورثته لأن الوصية لا تنفذ إلّا بإجازة باقي الورثة وبحدود ثلث التركة، وقد يصادف ألّا يكون للمريض بمرض الموت ولداً يرثه، لذلك يلجأ للوصية المستترة وكيل أمواله لابنته أو زوجته بحيث لا يرغب في أن تكون وصية غير نافذة إلّا بالحد المقرر قانوناً لها، أما إن كان المتصرف إليه غير وارث كما ذكرنا سلفاً وإن لم تتحقق شروط إعمال القرينة إلّا أنّها بالرغم من ذلك يكون بالإمكان خلق قرينة قضائية على حقيقة التصرف وبأنّه وصية وليس بيعاً، وفي قرار لمحكمة النقض جاء فيه (يشترط لانطباق المادة 917 مدني على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون المتصرف إليه وارثاً فإذا لم يتوفر هذا الشرط كان للوارث الذي يطعن على التصرف بأنه يستر وصية إثبات هذا الطعن بطرق الإثبات كافة.[27]

الشرط الأول/ حيازة العين مدى الحياة:

قد تشترط القرينة حيازة العين بشرط من التصرف ونجد أنّ اشتراط منع التصرف في العين طوال حياة المتصرف لا يكون قرينة على وجود العين بحيازة المتصرف، وعلى الرغم من وجود شرط المنع فقد توجد العين بحيازة المتصرف إليه، ولكن بالإمكان الاستفادة من حيازة المتصرف للعين في حال استبقى لنفسه حق التصرف أو حق الانتفاع كما يكون تحقيق الحيازة عن طريق استئجار العين من المتصرف إليه طوال حياته بثمن يحصل عن طريق مخالصة دون دفع شيء.

أما في حال تخلى المتصرف عن حيازة العين وسلمها للمتصرف إليه قامت حينها قرينة على أنّ المتصرف إليه كانت له حيازة مادية وهو صاحب الحيازة القانونية وفق ما جاء في المادة 963 من التقنين المدني المصري، نتيجة لذلك يعد التصرف منجزاً وتخلف شرط القرينة ماده 717، وبإمكان الورثة إقامة الدليل على أنّ حيازة المتصرف إليه للعين كانت لحساب مورثهم.

الشرط الثاني/ حق الانتفاع بالعين مدى الحياة:

حق انتفاع المتصرف بالعين محل التصرف مدى حياته يكون بالاستناد إلى حق عيني وهو الاحتفاظ بحق الانتفاع كشرط في التصرف أو كحق شخصي بأن كان المتصرف مستأجراً أو مستعيراً للعين طوال حياته، ولا يكفي الانتفاع الفعلي دون حق قانوني يخوله ذلك.

والوراثة لا يقع عليهم إثبات أنّ مورثهم كان يحوز العين وينتفع بها طوال حياته وعندها تقوم قرينة أنّ التصرف الصادر من المورث مضافاً إلى ما بعد الموت ويأخذ حكم الوصية، أما إذا كان انتفاع المورث للعين لحساب المتصرف إليه فلا يتحقق شرط الانتفاع وإن كان الانتفاع فعلي ويكون التصرف منجزاً غير صوري وتنتفي فيه القرينة، والتحقق من انتفاع المورث بالعين مدى الحياة يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.[28]

وهذا ما جاء في قرار لمحكمة النقض (مفاد نص المادة 917 مدني، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو أنّ القرينة التي تنظمها لا تقوم إلّا باجتماع شرطين: أولهما، هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها، وثانيهما احتفاظه بحقه في الانتفاع بها على أن يكون احتفاظه بالأمرين مدى حياته ولقاضي الموضوع سلطة التحقق من توفر هذين الشرطين للتعرف على حقيقة العقد المتنازع عليه والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه وذلك في ضوء ظروف الدعوى التي أحاطت به).[29]

من جانبنا نرى أن الفصل في حقيقة التصرف إن كان يستر وصية أو تصرفاً منجزاً عن طريق البحث عن نية المتصرف الحقيقية واتجاه إرادته، فتكون وصية سافرة في حال إذا كانت إرادة المورث تتجه للتبرع والتنفيذ مؤجل إلى ما بعد الموت، وبالتالي لا بد من صياغتها بالشكل المطلوب قانوناً وعند هذا الغرض تكون الإرادة الباطنة للمتصرف متطابقة مع الإرادة الظاهرة، وقد تصاغ بالشكل المطلوب قانوناً كعقد فيكون عبارة عن وصية مستترة وعندها تكون إرادة المتصرف الظاهرة تختلف عن إرادته الباطنة ويكون العقد صوري (صورية نسبية بطريق التستر)، وبالنتيجة إن كانت الوصية سافرة أو مستترة فإنهما يخضعان لأحكام الوصية رقم 17 لسنة 1946، إذ يطبق القانون المذكور مباشرة على الوصية السافرة، أما الوصية المستترة فلا يطبق عليها القانون إلّا بعد إثبات أن التصرف يستر وصية، وإن دفع الوارث استناداً إلى المادة 917 الدعوى الصورية وقع عليه عبء إثبات توفر شرطي القرينة المتمثلين في حيازة العين والانتفاع بها مدى الحياة للمورث، فإن نجح في إثبات ذلك عد التصرف وصية، ولا يجوز للمحكمة مطالبة الوارث إثبات أنّ التصرف وصية وإلّا كان قضاؤها يخالف القانون الذي حدد الإثبات على شرط القرينة للتوصل إلى قرينة بسيطة تثبت أن التصرف وصية في المقابل يكون المتصرف إليه إثبات ما يخالف مما يترتب عليه إعفاء الوارث من إثبات (في حال كان التصرف بيعاً) أنّ المتصرف إليه لم يقم بوفاء الثمن ويعفي كذلك من إثبات أنّ المورث يحتفظ بحيازة العين لحساب نفسه، وهذه الأمور يتوجب على الوارث إثباتها إذا ما كلفته المحكمة بإثبات أنّ التصرف في حقيقته وصية بحيث إن فشل في إثبات ذلك رفضت دعواه وكان قضاؤها مخالفاً للقانون لخروجها عن قواعد الإثبات.[30]

وجاء في قرار لمحكمة النقض (أقامت المادة 917 من القانون المدني قرينة قانونية من شأنها في حال توفر عناصرها إعفاء من يطعن في التصرف بأنّه ينطوي على وصية من إثبات هذا الطعن ونقل عبء الإثبات على عاتق المتصرف إليه).[31]

المشرع العراقي وضع حكماً عاماً وفق المادة 1109 حول تصرفات المريض مرض الموت، ولم يذكر مادة مشابهة للمادة 917 الموجودة في القانون المصري.

ومن جانبنا نلاحظ أنّ كلا القانونين العراقي والمصري لا يختلفان في معالجة المسألة من حيث المضمون، وإن كان التقنين المصري قد أعطى في المادة 916 حكماً عاماً على كل تصرف يصدر من المريض سواء كان بيعاً أو هبة أو إقراراً وغيرها من تصرفات تدخل في باب التبرع ولم يتجنب المحاباة كشموله بالتصرف، في حين نجد أنّ التقنين المدني العراقي وفق المادة 1109 كان واضحاً وصريحاً في تحديد تصرفات المريض وحصرها في التبرعات أو المحاباة، والمشرع العراقي ركز على ذكر المحاباة في ذلك النص لتأثره بالفقه الإسلامي ومعالجته لهذه التصرفات في المادة 394 من المجلة.

ونرى تأسيساً على ما سبق أنّ هذه الشروط التي يتطلبها التصرف حتى تنهض القرينة القانونية على اعتبار التصرف وصية، فإن حصل أن تخلف أحد هذه الشروط مثلاً كان التصرف صادراً لأحد الورثة أو لم يتم الاحتفاظ بالعين من قبل المتصرف أو لم يتم الانتفاع به طيلة حياته حينها لا تنهض القرينة ويقع على المدعي إثبات أنّ التصرف وصية وله ذلك وبجميع طرق الإثبات، أما في حال اجتمعت الشروط ونهضت القرينة، فالمشرع أجاز للمتصرف إليه نقضها وإثبات العكس، وأنّ التصرف كان بيعاً وليس على سبيل التبرع وإن قدّم عوضاً مقابل العين وله إثبات قصد المتصرف بنقل ملكية العين إلى المتصرف إليه حال حياته وأنّ التصرف لم يكن تبرعاً.

ومن الجدير بالذكر أنّ توفر الشروط أعلاه في المادة 917 وعلى اعتبار أنّ التصرف وصية لا تشترط أن يكون التصرف قد صدر من المريض بمرض الموت، وفي حال كان التصرف صادراً لأجنبي فيكون بالإمكان الاستفادة منها كقرينة قضائية لأنّ المادة المذكورة تشترط أن يكون التصرف لوارث.

ومن جانبنا نلاحظ أنّ الصورية ترتبط بعلاقة وثيقة بالتصرفات الصادرة في مرض الموت لأنّها تعد وسيلة ويلجأ إليها المريض لإبرام تصرفات عديدة فيها نوع من المحاباة لأحد الأشخاص أو للبعض والتي تلحق ضرراً بالورثة والدائنين في حال قيامه بتوزيع تركته، إذ إنّ الصورية ترمي إلى تغيير مقصود ما بين الإرادة الظاهرة والإرادة الباطنة نتيجة تعمد المتبايعين ووجود سبب أو باعث دفع الإرادة إلى إنشاء ذلك، ومن جهة ارتباط الصورية بأركان العقد فهي تتصل مباشرة بالسبب ووسيلته المادية تكون الإرادة وبطبيعة الحال اتصالها بصورة غير مباشرة بركن الرضا.

ونود أن نشير إلى أنّ التقنينين المدنيين العراقي والمصري لم يعالجا في أحكام مرض الموت بعض تصرفات المورث كالشراء أو الإجارة إن كانت لوارث أو أجنبي بل اكتفت بوضع حكم عام في جميع تصرفات المريض، مما يتطلب إصدار تشريع يحدد بوضوح مرض الموت وحقيقته وأحكامه بما يتلاءم مع الواقع العملي وبالاعتماد على الفقه الإسلامي.

ونود أن تضاف فقرة إلى المادة 1109 أسوة بالقانون المدني المصري في المادة 916 وهي (إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بحيازة العين التي تصرف بها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته يعد التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك).

وبهذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض (بالرجوع إلى المادة 240/أ مصري أنّ لدائني المتعاقدين وللخلف الخاص إثبات صورية العقد بطرق الإثبات كافة والطعن بعقد البيع بأنّه يستر وصية ولم يدفع فيه ثمن هو طعن بالصورية النسبية (بطريق التستر) ومتى كان العقد مكتوباً لا يكون إثبات الصورية ما بين المتعاقدين إلّا بالكتابة، أما الوارث فيجوز له ذلك إن العقد يخفي وصية بأدلة الإثبات كافة، وذلك لأن الوارث يستمد حقه من القانون وليس من المورث على اعتبار أن التصرف هو تحايل على القانون وأحكام الإرث.[32]

المطلب الثاني: التصرفات الصورية العقارية في القانون العراقي والمصري

الفرع الأول: صورية في الشفعة:

يتناول المطلب الصورية التي تلحق بالشفعة في العقار المبيع وما يترتب على ذلك من أثر على حق طالب الشفعة الآخر من أخذ العقار جبراً على البائع، وما يلحقه من صورية الثمن، والتي تكون على الأعم الأغلب إذ يكون هناك إما زيادة في الثمن لطرد الشفيع من أخذ العقار أو خفض للثمن للتهرب من رسوم التسجيل وما ينتج عن ذلك من حرمان كل من الشفيع وخزينة الدولة من استحقاقاتهم، فالمشرع عالج الصورية في الشفعة ومنع المتبايعين من الاستفادة من غشهم ووضع من حق الشفيع والخزانة العامة باعتبارهم من الغير إثبات الصورية بطرق الإثبات كافة للتوصل إلى الثمن الحقيقي.

واختلف الفقهاء وشراح القانون فيما يخص الشفيع باعتباره من الغير الذي حددته المادة (244 مصري-147 عراقي) إذ إنّ الشفيع لم يذكر من ضمن الغير إذ جاء ذكر دائني المتعاقدين وخلفهم الخاص، وبالتالي هل له أن يتمسك بالعقد الظاهر بشرط حسن النية؟ وإن كان العقد الظاهر صورياً فهل له الحق بالتمسك بالعقد المستتر؟ وما هو موقف القضاء في هذا الفرض؟ هل يختلف مع الفقه في ذلك أم يدخل الشفيع من ضمن الغير الذي له حق التمسك بأي العقدين أيهما له فيه مصلحة؟

ويبحث المطلب أثر الصورية في الشفعة في حالتها المطلقة والنسبية وما يترتب عليها من أثر يلحق الشفيع وتحدد الثمن الواجب دفعه لقبول دعوى الشفعة، هل هو الثمن الوارد ذكره في العقد؟ أم هو الثمن المتفق عليه ما بين المتبايعين؟

وعالج المشرع العراقي الشفعة في المادة 1128 وعرفها (الشفعة حق تملك العقار المبيع جبراً على المشتري بما قام عليه من الثمن والنفقات المعتادة) أي أن المشرع عدها حقاً، في مقابل ذلك فإن المشرع المصري في التقنين المدني (الشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري في الأحوال والشروط المنصوص عليها في المواد التالية) أي أنّ المشرع المصري عدها رخصة، والشفعة مصدرها الفقه الإسلامي وهي ثابته في السنة والإجماع كقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله (جار الدار أحق بالدار من غيره) وقوله عليه السلام (الجار أحق بسقيه)، ولا تأخذ الشفعة إلّا بالبيع أو ما يقوم مقامه، ولا تجب في الوصية والهبه والميراث والقسمة ولا في العقد الصوري الذي يقصد به المتعاقدان التهرب من الشفعة وستر المبيع، وعليه فكل عقد هو بيع صريح أو في صورة عقد آخر يؤخذ به بالشفعة سواء كان قصد المتبايعين من العقد الصوري هو التحايل على طالب الشفعة أو غير ذلك.[33]

الفرع الثاني: صورية عقد بيع العقار وأثره على الشفيع:

يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: هل يخضع الشفيع في الصورية إلى القواعد العامة وهو الاعتداد بالتصرف الحقيقي دون الصوري أو يخضع إلى الحكم الخاص بدائني المتعاقدين وخلفهم الخاص وهو حق التمسك بأي من العقدين بما يتوافق مع مصلحته سواء كان العقد الحقيقي أو الصوري؟ فأتباع الحكم الأول يذكرون أنّ الشفعة في ذلك الفرض لا يكون لها أساس على اعتبار عدم وجود بيع حقيقي، وأما أتباع الحكم الثاني فالشفعة يكون لها أساس ويكون للشفيع التمسك بالعقد الصوري وأطردت محكمة النقض المصرية على اتباع الحكم الأول مستندة إلى حجة أنّ الشفيع من طبقة الغير وله حق التمسك بالعقد الظاهر دون العقد الخفي ولا يحاجّ بالعقد المستتر إلّا إذا كان مسجلاً أو كان عالماً بوجود ورقة الضد ومن حق الشفيع أخذ العقار المبيع بالشفعة وإن كان المتبايعان الصوريان لم يبرما أي تصرف (صورية مطلقة) أو في حالة أبرم المتبايعان تصرفاً لا تقبل به الشفعة كعقد هبة (صورية نسبية) وهذا الرأي الأكثر قبولاً لدى أغلب الشراح المصريين وهو الأقرب إلى العدالة ونحن نؤيد ذلك الرأي.

في مقابل ذلك يرى د. عبد الفتاح عبد الباقي خلاف ذلك الرأي من أن الشفيع ليس من طائفه الغير التي حددها القانون (دائني المتعاقدين + الخلف الخاص) وبموجب ذلك يكون لهم الحق بالتمسك بالتصرف الحقيقي أو الصوري بل لا يعتد إلّا بالتصرف الأول بالنسبة إليه، تأسيساً على ذلك لا يكون الشفيع من طائفة الغير والغير في الصورية ينقسمون على نوعين: الأول دائني المتعاقدين والخلف الخاص لهما وهؤلاء لهم الحق بالتمسك بأي من التصرفين بما يتلاءم مع مصالحهم، والثاني الآخرين غير هؤلاء الذين تم ذكرهم كالشفيع ولم يذكر المشرع أثر الصورية بالنسبة إليهم، عليه أنّ د. عبد الفتاح يجد أنّه يجب الاعتداد بالعقد الحقيقي وحده تجاه الشفيع والمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه وفق المسؤولية عن العمل غير المشروع.[34]

في حين يجد الدكتور حسن علي ذنون إنّ إعطاء الشفيع صفة الغير وما يترتب عليها من الحق في إقامة الدليل وبكافة طرق الإثبات على صورية الثمن قد يلحق البائع ضرراً بليغاً في حال اعتمد في إثباته على شهادة شهود كاذبين والتي يتمكن بمقتضاها من أخذ العقار بثمن أقل من الثمن الحقيقي لذلك فعلى القضاة التشدد في قبول الأدلة والتحقق من ادعاء طالب الشفعة والقرائن والمستندات المقدمة أو ندب خبير عقاري يقيم العقار بثمن لا يساوي أكثر من الثمن الذي يعرضه الشفيع مع عدم وجود أسباب خاصة تدفع المشتري إلى شراء العقار بثمن أعلى من قيمته.[35]

القضاء من جانبه أعطى الحق للطعن بصورية العقود يصح التمسك بها كل من تأثر بهذه الصورية وله مصلحة بذلك وإن لو يكن طرفاً في العقد إذ أجاز الطعن من قبل مشتري العقار بصورية عقد بيع العقار نفسه من بائع آخر لمشتري آخر،[36]وإنّ الشفيع يعد من الغير فلا يحاّج عليه إلّا بالعقد الظاهر وله الحق في أخذ العقار بالشفعة بالاعتماد على ذلك العقد.[37]

الفرع الثالث: صورية الثمن:

إن ذكر الثمن المسمى بعقد البيع وكان أقل من الثمن الحقيقي للتخفيف من رسوم التسجيل، فللشفيع إن كان حسن النية وباعتباره من طبقة الغير التمسك بالعقد الظاهر ولا يلزم إلّا بالثمن المذكور في العقد، في مقابل ذلك للمتابعين إقامة الدليل وإظهار ورقة الضد وإبراز الثمن الحقيقي، وفي مثل هذا الفرض على محكمة الموضوع انتداب خبير لتقدير ثمن العقار وتبيان ما إذا كان الثمن الحقيقي هو المذكور في العقد الظاهر أو عقد الضد، فإن توصلت المحكمة إلى أن الثمن الحقيقي هو الذي تضمنه عقد الضد وكان الشفيع حسن النية فعليه إكمال الثمن عند نظر دعوى الشفعة وإلّا سقط حقه، فالشفيع يلتزم بإيداع الثمن الحقيقي دون الصوري سواء كان الثمن الأخير أكبر أو أقل من الثمن الحقيقي، أما في حال لم يتمسك المتبايعان بصورية الثمن المذكور في العقد الظاهر أو تمسكا به وصدر حكم نهائي برد تلك الصورية وأحقية الشفيع في أخذ المشفوع فيه بالثمن المذكور في العقد الظاهر فإنّ ذلك الحكم هو عنوان الثمن الحقيقي ويكون على المتبايعين عبء إثبات علم الشفيع بالثمن الحقيقي وكذلك إثبات صورية الثمن، فإن أفلحا في ذلك كان إيداع الشفيع ناقصاً وسقط حقه، وفي حال فشلا في ذلك أي بإثبات أنّ الثمن المذكور في العقد هو ثمن صوري أو أقل من الثمن الحقيقي، أو استطاع ذلك لكنه لم يتمكن من إثبات سوء نية الشفيع، فإنّ الثمن المذكور في العقد الظاهر هو الثمن الحقيقي،[38]والتوصل إلى الثمن الحقيقي يخضع لمحكمة الموضوع باستخلاصه عن طريق اعتداد الحكم المطعون فيه من تحديد المبلغ الذي تم به البيع بتقدير الخبير لثمن العقار وقت البيع بالاعتماد على حركة السعر السائد.[39]

الفرع الرابع: دعوى الشفعة والثمن المودع في خزانة المحكمة:

وضع المشرع شرطاً لقبول دعوى الشفعة لإثبات جدية الشفيع في مطالبته بأخذ العقار بالشفعة أن يدفع نصف الثمن الحقيقي لدى خزينة المحكمة مادة 1140 عراقي، وكل الثمن ماده 942 مصري، والتساؤل هنا ما هو المبلغ الواجب دفعه من قبل الشفيع؟ القانون العراقي أراد الاحتياط لمثل ذلك إذ استعمل لفظ الثمن الحقيقي مخالفاً بذلك القانون المصري، إذ يتبادر إلى الذهن هل يجبر الشفيع على دفع الثمن مهما كان كبيراً؟ فلو أوجب دفع كامل الثمن لكان ذلك إرهاقاً عليه قد يمنعه من الأخذ بالشفعة لذلك نرى أننا أمام رأيين:

أ- رأي يذكر أن على الشفيع أن يدفع الثمن الوارد في العقد وإن كان صورياً مع حقه بالطعن بصورية الثمن، وعند الأخذ بهذا الرأي فإنّ المشتري يحصل على فرصة لمنع الشفيع من المطالبة بالعقار المشفوع فيه عن طريق ذكر ثمن كبير يكون الصعوبة على الشفيع أن يتحصل عليه.

ب- رأي يذكر أنّ على الشفيع دفع الثمن الذي يعتقده ثمناً حقيقياً وعليه يقع عبء إثبات صورية الزيادة في الثمن، فإن لم يتمكن من إثبات ذلك سقط حقه بالشفعة والتي تفرض عرض الثمن وملحقاته، ويكون هذا الرأي هو الأقرب للصواب والعدالة.

والثمن الحقيقي هو البدل الذي حصل الاتفاق عليه والذي سجل دائرة التسجيل العقاري، وفي قرار لمحكمة النقض جاء فيه (الثمن الحقيقي هو الثمن الذي حصل الاتفاق عليه بين البائع والمشتري قل هذا الثمن عن قيمة العين الحقيقية وقت البيع أو زاد عليها)،[40]في حين عرفت محكمة التمييز الثمن الحقيقي (هو البدل الذي حصل الاتفاق عليه والذي سجل بدائرة التسجيل العقاري).[41]

ومن جانبنا نود أن نبين أنّ البيانات والأرقام والمعلومات الخاصة بالعقار إذا ما تم تسجيلها في دائرة التسجيل العقاري لا يمكن الطعن بها بالصورية (مادة 149) وهي عنوان الحقيقة بخلاف القانون المصري الذي أجاز الطعن بصورية العقود وإن تم تسجيلها بالاعتماد على مبدأ التسجيل لا يطهر العقد المعدوم.

الفرع الخامس: تصرف المشتري الأول بالعقار إلى المشتري الثاني والأثر المترتب على الشفعة:

جاء في المادة 1137 عراقي- مادة 938 مصري (إذا اشترى أحد عقاراً تجوز فيه الشفعة ثم باعه قبل أن يدعي الشفيع الشفعة سقطت شفعته وتجددت له شفعة على المشتري الثاني)، وفي حال تم بيع العقار من قبل المشتري الأول إلى المشتري الثاني قبل تسجيل الشفيع رغبته في طلب العقار بالشفعة، فإن التصرف يكون نافذاً بحق الشفيع ويكون البيع الثاني ناسخاً للبيع الأول من ناحية الشفعة، وعلى الشفيع طلب الشفعة من المشتري الثاني وفق النص أعلاه، إلّا أنّه قد يكون عقد بيع عقار الذي صدر من المشتري الأول تصرفاً صورياً ففي هذه الحالة أجاز المشرع للشفيع إثبات صورية التصرف بجميع طرق الإثبات، فإن نجح في إقامة الدليل على أن تصرف المشتري الأول تصرف عدّ هذا التصرف كأنّه لم يكن وبإمكان الشفيع عندها أن يأخذ في الشفعة العقار في البيع الصادر من المالك إلى المشتري الأول.

وفي حال لم يتمكن الشفيع من إثبات صورية عقد بيع العقار ما بين المشتري الأول والمشتري الثاني يكون هذا البيع صحيحاً، ولا تأخذ الشفعة به، وعلى الشفيع إعلان رغبته بالشفعة لكل من المشتري الأول والمشتري الثاني لأنّ الشفعة حينها تتم بناء على البيع الثاني الذي تم ما بين المشتري الأول والمشتري الثاني لا في البيع ما بين البائع والمشتري، وفي حال اتفق المشتري الأول والمشتري الثاني على رفع الثمن المسمى لطرد الجار من الأخذ بالشفعة مع بقاء العقد صحيحاً، ففي هذا الفرض على الشفيع إثبات صورية الثمن فيما بينهم بأدلة الإثبات كافة بما فيها البينة والقرائن، كما له إثبات الثمن الحقيقي للعقار،[42]ومتى كان الثمن المسمى صورياً بعقد البيع المشفوع فيه وكان أقل من ثمن العقار الحقيقي فللشفيع باعتباره من طبقة الغير أن يأخذ بالعقد الظاهر بشرط حسن النية ولا يكون ملزماً إلّا بدفع الثمن المذكور،[43] وفي حال كان البيع الثاني بيعاً صورياً (صورية مطلقة) فعلى الشفيع إدخال المشتري الثاني كخصم في الدعوى ليقضي بصورية عقد البيع، وفي حال إثبات الصورية كان البيع الثاني لا وجود قانوني له، حتى وإن تم تسجيله لأن التسجيل لا يطهر العقد المعدوم مع بقاء البيع الأول هو المشفوع فيه والذي يعتد به في الشفعة مع العلم أنّ المشتري الثاني لا يقبل فيه الطعن بإجراءات الشفعة في ذلك البيع لعدم توفر المصلحة في الطعن.[44]

وللتوصل إلى وجه الحق في النزاع والقضاء على طرق الاحتيال التي يراد منها إسقاط الحقوق أجاز المشرع إلى قاضي الموضوع استنباط القرائن والأدلة من وقائع الدعوى ومسلك الخصوم وأن يأخذ بكل قرينة وإن أغفلت من قبل الشفيع تثبت صورية العقد الثاني، ومن الأدلة على الصورية بخصوص هذه البيوع:

أ- تأخر المشتري للعقار المشفوع فيه في إبرام عقد البيع (صورية مطلقة) إلى ما بعد تسجيل عقد بيع العقار الأول ثم إبرام عقد بيع صوري بعد إعلانه الرغبة بالشفعة في العقار المباع مما يدفعه إلى اصطناع بيع صوري لإسقاطها.

ب- إذا اتضح أنّ المشتري للعقار المشفوع فيه مقصد استثماري عن طريق بناء جديد محل أو شركة استثمارية وليس هدفه من شرائه المضاربة عليه، ويمكن التأكد من ذلك عن طريق أقوال الشهود والقرائن والمستندات المتضمنة جدوى المشروع وكذلك عن طريق الأعمال الهندسية الإنشائية.

ج- إذا رفع المشتري الثاني دعوى بصحة ونفاذ عقده وأودع صحيفتها بتاريخ لاحق لإعلانه الرغبة بالشفعة وإن أثبت تاريخاً سابقاً على إعلان الرغبة لأن الصورية المطلقة تمتد إلى العقد برمته حتى تاريخه، فالصورية يمكن الاستدلال عليها عن طريق عدم اتخاذ أي من إجراءات الشهر قبل قيام الشفيع بإعلان الرغبة.[45]

الفرع السادس: هبة العقار لإخفاء البيع:

من المعلوم أن الشفعة لا تصح إلّا في عقد البيع أو ما يقوم مقامه، لذلك فالهبة الحقيقية لا يجوز الأخذ بها بالشفعة لأنّ الواهب وهب ملكه دون عوض لاعتبارات خاصة تتعلق بشخص الموهوب له ولا تتوفر تلك الاعتبارات في شخص الشفيع حتى وإن كانت الهبة بعوض أو دون عوض لأن الهبة ليست بيعاً، ولكن إن كانت الهبة بعوض تخفي بيعاً وتم تسمية الثمن فيكون الاعتداد بالعقد الحقيقي وبأنّه عقد بيع وللشفيع الأخذ بالشفعة وله إثبات ذلك بأدلة الإثبات كافة ويأخذ المشفوع فيه بالثمن المذكور في العقد إلّا إذا كان الثمن أقل من الثمن الحقيقي وما تم ذكره من ثمن في العقد كان ناقصاً لأحكام تغطية عقد البيع ثبوت الهبة، وفي ذلك الفرض للشفيع أن يأخذه بالثمن الحقيقي وليس المذكور في العقد إن لم يتمسك بالعقد الظاهر بشرط حسن النية (عدم علمه بصورية التصرف) وبخلافه إن كان البيع هو الظاهر والعقد المستتر هو عقد الهبة كما يحدث على الأعم الأغلب، عندها لا يكون للشفيع أن يأخذ العقار بالشفعة على اعتبار أن العقد الحقيقي هو عقد هبة (والشفعة لا تجوز بالهبة) ما لم يتمسك الشفيع بالعقد الظاهر وعدم علمه بالعقد المستتر،[46]واستقر القضاء على أن الثمن المذكور في عقد البيع هو ثمن صوري وعليه يكون العقد (عقد هبة مستترة) بهيئة عقد بيع ولا يتعارض ذلك مع تنجيز التصرف في بقاء البائع واضعاً اليد على المبيع أو احتفاظه بحق الانتفاع لنفسه مدى الحياة.[47]

والهبة المستترة هي التي تظهر بهيئة عقد آخر صوري، فالهبة في صورة بيع أو قرض أو إيجار أو عارية أي تكون بغير عقد الهبة الصريحة، ويشترط في الهبة المستترة من جانب صحتها ونفاذها أن يكون العقد الساتر كاملاً من حيث الشكل والموضوع.[48]

بالنسبة للمشرع المصري، جاء في الفقرة الأولى من المادة 488 مدني مصري (تكون الهبة بورقة رسمية وإلّا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر) وبشرط استيفاء كامل الشروط الموضوعية التي يتضمنها وقعت تحته ويكون العقد الظاهر جامعاً لجميع أركانه، وتصبح الهبة المستترة وتنفذ بين المتبايعين دون اشتراط الشكلية لصحة انعقادها ولا أهمية للثمن المذكور في العقد إن كان صورياً واستمر القضاء على اعتبار التصرف صحيحاً إن كانت حقيقة العقد بيعاً أو هبة مستترة في هيئة عقد بيع استوفي الشكلية القانونية،[49]وعلى من يدعي أن العقد الظاهر إن هو إلّا هبة مستترة بصورة بيع يقع عبء الإثبات وفق القواعد العامة ما بين المتعاقدين، فيكون الإثبات بالكتابة في حال تجاوز التصرف النصاب القانوني المحدد ما لم يكن مانع أدبي في ذلك، أما فيما يخص الإثبات من قبل الغير كدائن الواهب إن طعن بالهبة بالدعوى البوليصية فله إثبات ذلك بجميع طريق الإثبات لأنّ الغير لا يكلف في الإثبات لأنه ليس طرفاً في العقد، فيكون من الصعب عليه الحصول على مستند كتابي، ولقاضي الموضوع البت في تكييف التصرف إن كان هبة مستترة من عدمه.[50]

النتائج:

1- يرى بعض الفقهاء أنّ مبدأ الصورية يرتكز على نظرية الوضع الظاهر، لأنها تمثل خلق تصرف قانوني مخالف للحقيقة يخفي اتفاقاً سرياً بين المتعاقدين، والوضع الظاهر هو الذي يحميه القانون حسب المادة 147 مدني عراقي. بينما المشرع المصري يسمح لإثبات الغش بالصورية (الإثبات بجميع الوسائل) وفق نص المادة 244 م.

2- المشرع العراقي يشترط توفر الشكلية في التصرفات الواردة على العقار ويطلق عليها العقود الشكلية، وهذه العقود تكون قيداً على مبدأ رضائية العقود، إلّا أنّ المشرع العراقي عند إضافة ركن الشكلية لأركان العقد الأخرى لا يهدف من ذلك تغليب عنصر الشكل على الإرادة بل كان يرجو حماية هذه الإرادة من الأخطار الملازمة بنوع محدد من العمليات التعاقدية والتي يستوجب الإقدام عليها المزيد من الحيطة والحذر، ويكون هنا الهدف الذي يرمي المشرع إلى التوصل إلى تحقيقه هو ما يقلل من شدة التعقيد الذي تفرضه الشكلية على الرضائية. بينما المشرع المصري يعتبر عقد بيع العقار عقداً رضائياً.

التوصيات:

1- نص المادة 147 عراقي/244 مصري، حدد المشرع للغير حسن النية التمسك بأحد العقدين المستتر أو الظاهري بما يتلاءم مع مصلحته، وذكر عدم سريان العقد المستتر تجاه الغير، ولكن الإشكال يبرز إذا اتفق المتعاقدان على تنفيذ عقدهم المستتر وبهذه يتم القضاء على الحجة التي اقيمت من قبل المشرع للغير حسن النيّة، فالنص تناول عدم سريانه وليس تنفيذه، ونتيجة لذلك يصبح أمراً واقعاً وعقداً حقيقياً ولا يمكن إبطاله.

2- نص المادة 147ع على ذكر (دائني المتعاقدين والخلف الخاص) من حقه التمسك بالعقد الصوري وكان الأولى بالمشرع ذكر (الغير) والذي يشمل المذكورين وأي شخص تضرر من العقد الصوري ووضع حد للاختلاف في تفسير النص.

المصادر:

  1. أحمد إبراهيم عطية، بطلان وفسخ وصورية عقد البيع في ضوء الفقه والقضاء
  2. أسامة محمد سعيد، مرض الموت وأحكامه، دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، 2006
  3. أنور سلطان، العقود المسماة عقدي البيع والمقايضة، دراسة مقارنة في القانون المصري واللبناني، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1980
  4. أنور سلطان، العقود المسماة، عقدي البيع والمقايضة، دراسة مقارنة في القانون المصري واللبناني، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1980
  5. أنور طلبه، الصورية وورقة الضد، المكتب الجامعي الحديث، مصر، 2018.
  6. أنور طلبه، نفاذ وانحلال البيع، دار الكتب القانونية، مصر، 2003،
  7. حسن علي ذنون، الحقوق العينية الأصلية، شركة الرابطة للطبع والنشر المحدودة، بغداد، 1954،
  8. حسن علي ذنون، النظرية العامة للالتزامات، العاتك للنشر، بغداد، 1976
  9. حسين علي الحاج حسين، عقد البيع في الفقه الجعفري، منشورات مكتبة النهضة، بغداد، ط1، 1964
  10. خامد مصطفى، الملكية العقارية في العراق مقارنة مع القانون المصري والسوري، ج1، بغداد، معهد الدراسات العربية العالية، 1964
  11. خليفة الخروبي، العقود المسماة، منشورات مجمع الأطرش للكتاب المختص، تونس، 2013
  12. رشاد السيد إبراهيم عامر، تصرفات المريض مرض الموت، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، 1989
  13. رمضان محمد أبو السعود، شرح أحكام القانون المدني-العقود المسماة، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2010
  14. سامي عبد الله، نظرية الصورية في القانون المدني، دراسة مقارنة، ط2، بيروت، لبنان، 2004.
  15. سليمان مرقص، العقود المسماة عقد البيع، عالم الكتاب، القاهرة، ط4، 1980،
  16. سليمان مرقص، العقود المسماة عقد البيع، عالم الكتاب، القاهرة، ط4، 1980.
  17. سمير تناغو، عقد البيع، عقد البيع، ط1، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2009.
  18. شريف الطباخ، الموسوعة القضائية الحديثة في الدعاوى المدنية، دعوى البطلان في ضوء الفقه والقضاء، ج1، مكتبة بحر العلوم، مصر، 2015
  19. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، ج9، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1952،
  20. عزت كامل، الوجيز في تصرفات المريض مرض الموت، دراسة فقهية قضائية، دار الفكر القانوني للنشر والتوزيع، مصر، 2007
  21. محمد حسين منصور، أحكام البيع التقليدية والإليكترونية والدولية وحماية المستهلك، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، 2006
  22. محمد حسين منصور، الحقوق العينية الأصلية، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2007.
  23. محمد شكري سرور، موجز الأحكام العامة للالتزام في القانون المدني المصري.
  24. مصباح نوري المهايني، صيغ العقود والإسناد والإنذارات العرفية والرسمية، مؤسسة النوري، ط1، سوريا، 2000
  25. مصطفى الناير المنزول، العقود المسماة، مطبعة جامعة أفريقيا العالمية للطباعة، السودان، 2009.

Sources:

  1. Ahmed Ibrahim Attia, Invalidation, annulment, and formality of the sales contract in the light of jurisprudence and jurisprudence
  2. Osama Muhammad Saeed, Death Sickness and its Provisions, A Comparative Study in Islamic Jurisprudence and Positive Law, Master’s Thesis, University of Baghdad, 2006
  3. Anwar Sultan, contracts called sales and barter contracts, a comparative study in Egyptian and Lebanese law, Arab Renaissance House for Printing and Publishing, Beirut, 1980.
  4. Anwar Sultan, Named Contracts, Sales and Barter Contracts, a comparative study in Egyptian and Lebanese law, Arab Renaissance House for Printing and Publishing, Beirut, 1980.
  5. Anwar Tolba, Formalism and the Contrary Paper, Modern University Office, Egypt, 2018.
  6. Anwar Talabah, Enforcement and Dissolution of Sale, Dar Al-Kutub Al-Qanuniyya, Egypt, 2003,
  7. Hassan Ali Thanoun, Original In-kind Rights, Al-Rabita Printing and Publishing Company Limited, Baghdad, 1954,
  8. Hassan Ali Thanoun, The General Theory of Obligations, Al-Atak Publishing, Baghdad, 1976.
  9. Hussein Ali Al-Haj Hussein, The Sales Contract in Jaafari Jurisprudence, Al-Nahda Library Publications, Baghdad, 1st edition, 1964.
  10. Khamid Mustafa, Real Estate Ownership in Iraq Compared with Egyptian and Syrian Law, Part 1, Baghdad, Institute of Higher Arab Studies, 1964.
  11. Khalifa Al-Kharoubi, Named Contracts, publications of the Al-Atrash Specialized Book Complex, Tunisia, 2013.
  12. Rashad Al-Sayyid Ibrahim Amer, Behaviors of the Dying Patient, Master’s Thesis, University of Algiers, 1989
  13. Ramadan Muhammad Abu Al-Saud, Explanation of the Provisions of Civil Law – Named Contracts, Al-Halabi Legal Publications, Lebanon, 2010
  14. Sami Abdullah, Formal Theory in Civil Law, Comparative Study, 2nd edition, Beirut, Lebanon, 2004.
  15. Suleiman Morcos, Contracts Called the Sale Contract, Alam al-Kitab, Cairo, 4th edition, 1980,
  16. Suleiman Morcos, Contracts Called the Sale Contract, Alam al-Kitab, Cairo, 4th edition, 1980.
  17. Samir Tanago, Sales Contract, Sales Contract, 1st edition, Al-Wafa Legal Library, Alexandria, 2009.
  18. Sherif Al-Tabbakh, The Modern Judicial Encyclopedia of Civil Cases, Nullification Case in Light of Jurisprudence and Judiciary, Part 1, Bahr Al-Ulum Library, Egypt, 2015
  19. Abdel Razzaq Al-Sanhouri, Al-Waseet, vol. 9, Arab Heritage Revival House, Beirut, Lebanon, 1952,
  20. Ezzat Kamel, Al-Wajeez fi the Patient’s Behaviors in the Sickness of Death, a judicial jurisprudential study, Dar Al-Fikr Al-Qadiyyah for Publishing and Distribution, Egypt, 2007.
  21. Muhammad Hussein Mansour, Traditional, Electronic and International Sales Provisions and Consumer Protection, Dar Al-Fikr Al-Jami’i, Alexandria, Egypt, 2006.
  22. Muhammad Hussein Mansour, Original Property Rights, New University House, Egypt, 2007.
  23. Muhammad Shukri Sorour, Summary of the General Provisions of Commitment in Egyptian Civil Law.
  24. Misbah Nouri Al-Mahaini, Forms of Contracts, Attribution, and Customary and Official Warnings, Al-Nouri Foundation, 1st edition, Syria, 2000.
  25. Mustafa Al-Nayer Al-Manzoul, Named Contracts, Africa International University Press, Sudan, 2009.

الهوامش:

  1. . حسن علي ذنون، الحقوق العينية الأصلية، مصدر سابق، 170؛ خليفة الخروبي، العقود المسماة، منشورات مجمع الأطرش للكتاب المختص، تونس، 2013، ص159.
  2. . حسين علي الحاج حسين، عقد البيع في الفقه الجعفري، منشورات مكتبة النهضة، بغداد، ط1، 1964، ص63.
  3. . طعن رقم 181 لسنة 36 ق، جلسة 16/6/1970، س21، ص1061، نقلاً عن: أحمد هاني مختار، مصدر سابق، ص157.
  4. . أسامة محمد سعيد، مرض الموت وأحكامه، دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، 2006، ص75؛ عزت كامل، الوجيز في تصرفات المريض مرض الموت، دراسة فقهية قضائية، دار الفكر القانوني للنشر والتوزيع، مصر، 2007، ص99؛ رشاد السيد إبراهيم عامر، تصرفات المريض مرض الموت، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، 1989، ص76؛ سليمان مرقص، عقد البيع، ص572.
  5. . عز الدين الديناصوري، مصدر سابق، 531.
  6. . أنور سلطان العقود المسماة عقدي البيع والمقايضة، دراسة مقارنة في القانون المصري واللبناني، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1980، ص34؛ مصطفى الناير المنزول، العقود المسماة، مطبعة جامعة أفريقيا العالمية للطباعة، السودان، 2009، ص55.
  7. . سليمان مرقص، العقود المسماة عقد البيع، عالم الكتاب، القاهرة، ط4، 1980، ص31.
  8. . حسن علي ذنون، النظرية العامة للالتزامات، العاتك للنشر، بغداد، 1976، ص343.
  9. . نقض 13/12/1977، طعن 382، س44 ق، نقلاً عن: أنور طلبه، نفاذ وانحلال عقد البيع، مصدر سابق، ص133.
  10. . سمير تناغو، عقد البيع، ص381؛ مصباح نوري المهايني، صيغ العقود والإسناد والإنذارات العرفية والرسمية، مؤسسة النوري، ط1، سوريا، 2000، ص446.
  11. . رمضان محمد أبو السعود، شرح أحكام القانون المدني-العقود المسماة، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2010، ص78.
  12. . قرار رقم 582، حقوقية، 1963، في 2/4/1963، قضاء محكمة التمييز، المجلد الأول، ص95.
  13. . محمد شكري سرور، أحكام الالتزام، مصدر سابق، ص471؛ شريف الطباخ، الموسوعة القضائية الحديثة في الدعاوى المدنية، دعوى البطلان في ضوء الفقه والقضاء، ج1، مكتبة بحر العلوم، مصر، 2015، ص273.
  14. . عبد الرزاق السنهوري، ج4، بند 182، مصدر سابق، ص327.
  15. . طعن رقم 550 لسنة 34 ق، جلسة 2/1/1969، س2، ص22، نقلاً عن: أحمد إبراهيم عطية، بطلان وفسخ وصورية عقد البيع في ضوء الفقه والقضاء مصدر سابق، ص493.
  16. . نقض 2/1/1969، س20، ص22، أشار إليه: محمد حسين منصور، الحقوق العينية الأصلية، مصدر سابق، ص432.
  17. . قرار محكمة التمييز رقم 132/م1/1999 في 3/2/1999، غير منشور، أشار إليه: ناصر الجبوري في بحثه (تصرفات المريض مرض الموت) قدم للمعهد القضائي، بغداد، 1999، ص15.
  18. . أنور طلبه، نفاذ وانحلال عقد البيع، مصدر سابق، ص579.
  19. . نقض 23/1/1941، طعن 44 س10 ق، أشار إليه: أنور طلبه، ص603.
  20. . محمد حسين منصور، الحقوق العينية الأصلية، مصدر سابق، ص433.
  21. . أنور سلطان، العقود المسماة، مصدر سابق، ص360.
  22. . أنور طلبه، نفاذ وانحلال عقد البيع، مصدر سابق، ص597.
  23. . عز الدين الديناصوري، مصدر سابق، ص438.
  24. . نقض 6/12/1977، طعن 816، س43 ق، أشار إليه: أنور طلبه، إحلال ونفاذ عقد البيع، مصدر سابق، ص598.
  25. . محمد شكري سرور، أحكام الالتزام، مصدر سابق، ص211.
  26. . محمد حسين منصور، الحقوق العينية الأصلية، مصدر سابق، ص408.
  27. . طعن 157 لسنة 58، جلسة 15/3/1990، أشار إليه: محمد حسين منصور، الحقوق العينية الأصلية، مصدر سابق، ص454.
  28. . نقض 16/6/1970، طعن 181 س36ق، أشار إليه: أنور طلبه، الصورية وورقة الضد، ص37.
  29. . محمد حسين منصور، الحقوق العينية الأصلية، مصدر سابق، ص449؛ رمضان محمد أبو السعود، العقود المسماة، مصدر سابق، ص80؛ أنور طلبه، نفاذ وانحلال البيع، مصدر سابق، ص361.
  30. . أنور طلبه، الصورية وورقة الضد، مصدر سابق، ص357.
  31. . طعن رقم 167 سنة 29 قضائية بتاريخ 14/5/1964، مجموعة أبو شاوي رقم 1598، أشار إليه: سامي عبد الله، نظرية الصورية في القانون المدني، مصدر سابق، ص455.
  32. . طعن 269 لسنة 43 ق، جلسة 21/12/1976، س27، ص1801، أشار إليه: أحمد إبراهيم عطية، بطلان وفسخ وصورية عقد البيع في ضوء الفقه والقضاء، مصدر سابق، ص482،
  33. . خامد مصطفى، الملكية العقارية في العراق مقارنة مع القانون المصري والسوري، ج1، بغداد، معهد الدراسات العربية العالية، 1964، ص208.
  34. . عبد الفتاح عبد الباقي، مصدر سابق، ص162.
  35. . حسن علي ذنون، الحقوق العينية الأصلية، شركة الرابطة للطبع والنشر المحدودة، بغداد، 1954، ص170.
  36. . نقض 2/3/1947، مجموعة عمر، ص382، أشار إليه: محمد حسين منصور، أحكام الالتزام، مصدر سابق، ص156.
  37. . نقض 25/3/1954، س5، ص635، أشار إليه: محمد حسين منصور، أحكام الالتزام، مصدر سابق، ص156.
  38. . أنور طلبه، مصدر سابق، ص298.
  39. . طعن رقم 7474 لسنة 65 ق، جلسة 20/11/1996.أشار له: معوض عبد التواب، مصدر سابق، ص450.
  40. . نقض 16/2/1950، المحاماة، س30، ص1207.
  41. . قرار محكمة التمييز، 15/1/1968، منشور في قضاء محكمة التمييز، المجلد الخامس، ص295.
  42. . عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، ج9، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1952، ص736.
  43. . نقض جلسة 27/11/1975، م/ممق/ ص1515، أشار إليه: العمروسي، مصدر سابق، ص229. وفي المعنى نفسه جاء في قرار لمحكمة النقض: (إذا ادعى الشفيع في مواجهة المشتري الثاني بصورية عقد هذا المشتري وأفلح في إثبات هذه الصورية اعتبر البيع الثاني غير موجود قانوناً وكان البيع الأول هو وحده الذي يعتد به في الشفعة ولا يقبل من المشتري الثاني الطعن في إجراءات وشروط الشفعة في هذا البيع لانعدام مصلحته القانونية)، طعن 963 لسنة 53 ق، جلسة 28/4/1992، أشار إليه: محمد حسين منصور، أحكام الالتزام، مصدر سابق، ص652.
  44. . أنور طلبه، مصدر سابق، ص333.
  45. . أنور طلبه، المصدر نفسه، ص343.
  46. . عز الدين الديناصوري، مصدر سابق، 527.
  47. . نقض جلسة 21/6/1972، م م ق، لسنة 23، ص1142، أشار إليه: أنور العمروسي، مصدر سابق، ص224.
  48. . إبراهيم المنجي، مصدر سابق، ص808.
  49. . محمد حسين منصور، أحكام البيع التقليدية والإليكترونية والدولية وحماية المستهلك، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، 2006، ص13.
  50. . أنور طلبه، نفاذ وانحلال البيع، دار الكتب القانونية، مصر، 2003، ص135.