المواطنة البيئية: دراسة مفاهيمية نظرية

بخيت شامان العيسى1

1 باحث دكتوراه في كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة- تونس

البريد الالكتروني: abakeat@yahoo.com

HNSJ, 2023, 4(10); https://doi.org/10.53796/hnsj41020

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/10/2023م تاريخ القبول: 15/09/2023م

المستخلص

اختصت الدراسة بموضوع المواطنة البيئية، بهدف تأصيل نشأة مفهوم المواطنة البيئية وتوضيح أهميتها، وصولاً لضبط المقصود بمفهوم المواطنة البيئية وتحديد أبعادها. وفي سبيل تحقيق ذلك استخدمت الدراسة المنهج الوصفي الى جانب الاسلوب التاريخي. الى أن أظهرت النتائج أن مفهوم المواطنة البيئية هو مصطلح مستحدث ظهر حديثاً في العقود القليلة الماضية رغم أن بعض تمظهراته الفعلية مارستها بعض الشعوب منذ عشرات السنين. وأظهرت النتائج أن أهمية المواطنة البيئية تأتي من كونها تعتبر أداة رئيسية في الحفاظ على البيئية. وعلى الجانب المفاهيمي تبين أن المواطنة البيئية تعني انتماء ورابطة بين المواطن والبيئة تجعله يعتني بها وجدانياً ومعرفياً وسلوكياً بمفرده وبتشاركه مع الآخرين. وأن هذا المفهوم مفهوم متعدد الأبعاد يتضمن: البعد الشخصي والمعرفي والحقوقي بحيث يكون الفرد مسؤولاً عن حماية البيئة والمحافظة عليها، وبُعد العدالة البيئية، وبُعد المشاركة البيئية. وفي ختامها صاغت الدراسة عدد من التوصيات على مستوى: التعاون الدولي، والحكومات، والباحثين، والمواطنين، تتمحور حول ضرورة بذل العناية اللازمة بالمواطنة البيئية.

الكلمات المفتاحية: المواطنة، البيئة، المواطنة البيئية.

Research title

Environmental Citizenship: A Theoretical Conceptual Study

Bakheet Shaman Aleassa1

1 Doctoral researcher at the Faculty of Law and Political Science in Sousse – Tunisia Email: abakeat@yahoo.com

HNSJ, 2023, 4(10); https://doi.org/10.53796/hnsj41020

Published at 01/10/2023 Accepted at 15/09/2023

Abstract

The study focused on the topic of environmental citizenship, with the aim of establishing the emergence of the concept of environmental citizenship and clarifying its importance, in order to determine what is meant by the concept of environmental citizenship and determine its dimensions. In order to achieve this, the study used the descriptive method in addition to the historical approach. Until the results showed that the concept of environmental citizenship is a new term that has recently appeared in the past few decades, although some of its actual manifestations have been practiced by some peoples for decades. The results showed that the importance of environmental citizenship comes from the fact that it is considered a major tool in environmental preservation. On the conceptual side, it has been shown that environmental citizenship means belonging and a bond between the citizen and the environment that makes him care for it emotionally, cognitively, and behaviorally, on his own and in partnership with others. This concept is a multi-dimensional concept that includes: the personal, cognitive, and legal dimensions, so that the individual is responsible for protecting and preserving the environment, the environmental justice dimension, and the environmental participation dimension. At its conclusion, the study formulated a number of recommendations at the level of: international cooperation, governments, researchers, and citizens, centered around the need to exercise due diligence in environmental citizenship. Keywords: citizenship, environment, environmental citizenship.

Key Words: Citizenship, Environment, Environmental Citizenship.

المقدمة:

يواجه البشر اليوم مشاكل كبيرة فيما يتعلق بالعالم الطبيعي “البيئة” الذي اختل توازنه وتدهورت سلامته بفِعل النشاط البشري، الذي لا يرى نفسه جزءاً من النظام البيئي بل سيده، فدأب على الاعتداء على البيئة وبعد أن تدهورت وأثرت بشكل سلبي على حياة البشر وظهرت المشاكل البيئية، بدأ البشر ينتبهون لهذه المشاكل ذات الآثار الوخيمة التي لا تظهر فقط في المحيط المادي للبشر وقيمهم بل أيضاً في أفكار ومشاعر البشر نتيجة الفقر الطبيعي. فسعوا لحل هذه المشاكل من أجل شغفهم بعالم جديد، فالإنسان هو الذي وضع العالم في هذا المأزق البيئي، لذا فإن الحل في نفسه، بأن يتعلم البشر العيش وفق لقواعد البيئة، وموائمة سلوكهم مع المبادئ الأساسية للبيئة، ولكي ينشأ أمل جديد للعالم، يجب أن يكون الناس الذين يريدون تحقيق هذا الأمل هم المواطنين البيئيين، فالمواطنة البيئية هي نوع من المواطنة التي تشجع الأفراد كمواطنين في العالم على مراعاة الحقوق والمسؤوليات البيئية.[1]

وتاريخياً، ظهرَ مفهوم المواطنة منذ القِدم لدى الحضارة الإغريقية التي جسدت الممارسة الديمقراطية لأثينا نموذجاً له، وواصل هذا المفهوم تطوره في الحضارة الرومانية ثم خبا في العصور الوسطى مع انهيار الامبراطورية الرومانية ولغاية القرن الرابع عشر الى أن بدأت شيئاً فشيئاً مسيرة استعادة مبادئ هذا المفهوم مع ظهور الدولة القومية وتطور الحياة السياسية في أوروبا، الى أن نَضجَ واستقر كحق ثابت للمواطن بعد الثورتين الأمريكية والفرنسية في القرن الثامن عشر باعتباره احدى الركائز الأساسية للعملية الديمقراطية، فبموجبه يكتسب المواطن حقوق وتترتب عليه واجبات. وفي اللحظة التاريخية المعاصرة تطورت تفاصيل مفهوم المواطنة في المجتمعات الديمقراطية ليُجسد ويُعبر لنوع من الشعب يتكون من مواطنين يحترم كل منهم الآخر ويتحلون جميعاً بالتسامح تجاه التنوع الموجود في المجتمع. كما ولا يقتصر التعبير عن المواطنة على الحقوق والواجبات السياسية والقانونية والمدنية وحسب، وإنما يشمل بشكل رئيسي أيضاً الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.[2]

فمفهوم المواطنة يعتبر من القضايا القديمة المتجددة التي تفرض نفسها عند معالجة أي جانب من جوانب التنمية الشاملة بصفة عامة، ومشاريه الاصلاح والتطور السياسي بصفة خاصة. ويعتبر مفهوم المواطنة فكرة قانونية وسياسية واجتماعية ساهمت في تطوير المجتمع الانساني بصورة كبيرة والرقي بالدول الى العدل والمساواة من خلال تعزيزها لدور الشفافية والديمقراطية في بناء وتطور الدولة وإشراك مواطنيها في الحكم وضمان حقوقهم وواجباتهم، ويرتبط مفهوم المواطنة بمفهوم الوطن الذي يعني عموماً قطة الأرض التي تُعمرها الأمة، والمنزل الذي يُقيم فيه الانسان باعتباره وطنه ومحله، ويعرف بشكل خاص بأنه المسكن؛ وبذلك فالروح وطم لكونها مسكن الادراكات، والبدن وطن لأنه مسكن الروح، والثياب وطن لأنها مسكن البدن. من ثم، فالمنزل والمدينة والدولة والعالم أيضاً كلها أوطان لكونها مساكن.[3] ومع ظهور الأزمة والمعضلة البيئية ذات البُعد العالمي بمسبباتها ونتائجها وآثارها تعزز البُعد العالمي للإنسان نحو البيئة، فأصبحت قضية المواطنة في الوقت الحالي موضوع اهتمام دعاة حماية البيئة بسبب قدرتها على تعزيز أخلاقيات جديدة للمواطنين والمستهلكين لتغيير سلوكهم الى سلوك أكثر مسؤولية واستدامة. بل أن فريقاً من الباحثين يرى بأن السلوك البيئي ليس مجرد هبة وعمل خيري بل هو مسألة عدالة، وليس مجرد إحسان. فحسن النية للمساعدة لا ينطبق على المشاكل البيئية الحديثة، لأن الدافع الرئيسي للمسؤولية الاخلاقية العالمية ينشأ في سياق الضرر المتزايد العابر للحدود، بما يستوجب معه عدم الاكتفاء باعتبار المواطنة البيئية مجرد سلوك والتزام أخلاقي وإنما هو مسؤولية لتحقيق العدالة، ويجعل صاحب الضرر مسؤولاً عن الضحية، وبذلك تتحول الانسانية الى مواطنة، أي تتحول القضية البيئية من مجرد قضية إنسانية إلى قضية مواطنة.[4] على ذلك، تختص هذه الدراسة بضبط المواطنة البيئية من حيث بيان نشأتها وأهميتها وضبط مفهومها وأبعادها، وذلك بأسلوب علمي منظم في مبحثين هما:

المبحث الأول: نشأة وأهمية المواطنة البيئية.

المبحث الثاني: مفهوم وأبعاد المواطنة البيئية.

مشكلة الدراسة وأسئلتها:

تنبثق إشكالية هذه الدراسة من أنه بالرغم من رواج وانتشار موضوع المواطنة البيئية لدى العامة إلا أنه هذا الموضوع ما يزال بعيداً عن القدر اللازم من عناية الباحثين لاسيما الباحثين في المجال السياسي. ففي ذلك يذكر “عبد العال” أن قضية المواطنة اتسمت بالجدل في الأدبيات المعنية بالبيئة منذ التسعينيات من القرن الماضي، وأصبحت بعض المفاهيم وأبرزها المواطنة البيئية تنطوي على روابط بين السياسات البيئية الخضراء ونظريات المواطنة، وعلى الرغم من استخدام هذا المصطلح إلا أن العلاقة بين التنظير السياسي والمواطنة البيئية لا يزال يحتاج الى العديد من الدراسات لتوضيحها.[5] وبالتالي، تسعى الدراسة للإجابة على التساؤلات التالية:

  1. هل مفهوم المواطنة البيئية مصطلح مستحدث حديثاً؟.
  2. ما أهمية المواطنة البيئية على مستوى الفرد والمجتمعات والدول؟.
  3. ما المقصود بمفهوم المواطنة البيئية؟.
  4. هل مفهوم المواطنة البيئية أحادي البُعد أم متعدد الأبعاد؟.

أهمية الدراسة:

تتأتى أهمية الدراسة في جانبها العلمي من كونها تضبط المقصود بمفهوم المواطنة البيئية بعد بيان نشأته وأهميته، ومن ثم تحديد أبعاده، حيث ما يزال مفهوم المواطنة البيئية موضوعاً جدلياً بين الباحثين نظراً لحداثته، ويستخدم لدى الكثير منهم في دلالات ومسميات مختلفة، من ثم، فإن الدراسة في جانبها العلمي تُزود مُتلقيها بمادة علمية منظمة توضح لهم ماهية المواطنة البيئية من حيث نشأنها وأهميتها ومفهومها وأبعادها، بما يزيل عنهم الغموض.

وعلى المستوى العملي، فإن الدراسة: أولاً تُثير اهتمام الباحثين وبالأخص في الشأن السياسي بموضوعها وتحفزهم نحو اجراء دراسات نظرية أكثر تعمقاً وبمنهجيات مختلفة، ودراسات مسحية لقياس مستويات تحقق المواطنة البيئية عند المواطنين، بما يدفع نحو بناء حقل علمي كفرع من فروع علم السياسية، حيث يرى الباحث أنه حان الأوان لمثل هذا الحقل العلمي الذي يساهم في ايجاد باحثين سياسيين متخصصين في هذا الشأن، ومن ثم يساهم في ايجاد قاعدة علمية تؤهل صناع القرار والمشرعين في اتخاذ ووضع القرارات والتشريعات المناسبة لتعزيز المواطنة البيئية لدى المواطنين. ثانياً تلفت اهتمام المتلقين من الأفراد العامة نحو موضوع المواطنة البيئية بما قد يثير اهتمامهم بها بما يساهم في تحولهم نحو تبنى المواطنة البيئية، الأمر الذي يصب في النهاية لصالح الجميع.

أهداف الدراسة:

بالانسجام مع أسئلة الدراسة، فإن الدراسة تسعى لتحقيق الاهداف التالية:

  1. بيان نشأة مفهوم المواطنة البيئية.
  2. توضيح أهمية المواطنة البيئية على مستوى الفرد والمجتمعات والدول.
  3. ضبط المقصود بمفهوم المواطنة البيئية.
  4. تحديد أبعاد مفهوم المواطنة البيئية.

منهج الدراسة:

في سبيل تحقيق أهدافها استخدمت الدراسة المنهج الوصفي، الى جانب الاستعانة بالأسلوب التاريخي لبيان نشأة مفهوم المواطنة البيئية. أما المنهج الوصفي فقد جرى من خلاله عرض لأبرز ما جاء في الدراسات والأدبيات المعنية بموضوعات هذه الدراسة، وعرض لأبرز وجهات نظر الباحثين المختصين حول المواطنة البيئية من حيث أهميتها ومفهومها وأبعادها، وصولاً الى الاجابة على أسئلة الدراسة وتحقيق أهدافها.

المبحث الأول:

نشأة وأهمية المواطنة البيئية

ظهر مفهوم المواطنة البيئية نتيجة التأكيد على ضرورة حماية البيئة والتصدي لتأثيرات البشر السلبية عليها، وبذات التأكيد على دور المواطنين في ذلك، حيث أن للمواطنة البيئية أهمية بالغة في المحافظة على البيئة وحمايتها.[6] على ذلك، يختص هذا المبحث ببيان نشأة مفهوم المواطنة البيئية (المطلب الأول)، وصولاً لبيان أهمية هذه المواطنة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: نشأة المواطنة البيئية:

منذ النهضة الصناعية الأولى، ونتيجة طغيان البشر في استنزاف الثروات الطبيعية واستغلال طاقاتها بلا رحمة، فقد عانى الجميع إما من تراجع الانتاج الغذائي نظراً للتزايد المذهل في التعداد السكاني ونقص المياه وتلوثها، وإما من تلوث الهواء واستنزاف الموارد البيئية، الأمر الذي أدى الى انتشار الغازات السامة والضارة في الجو وارتفعت رويداً رويداً درجة حرارة الأرض، بما أثار انتباه البشر ودفعهم الى ضرورة العمل والتعاون لوضع خطط وبرامج للحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.[7]

ويُرجع بعض الباحثين ظهور مدلول المواطنة البيئية الى بداية القرن التاسع عشر، حيث ظهر في ذلك الوقت أقرب مفهوم للمواطنة البيئية تمثل في تجربة تحويل مدينة “بتسبرج” في الولايات المتحدة الأمريكية من “مدينة الدخان” الى مدينة خاليه منه، بما جسدَ خير مثال لمدلول المواطنة البيئية، حيث كانت هذه المدينة تعرف بمدينة الدخناء “الدخان” التي لا يمكن رؤية الجانب الآخر من الشارع فيها بسبب دخان المصانع، في حين أن اليوم باب بإمكان الشخص فيها أن يرتدي قميصاً أبيض اللون من الفجر الى الغسق دون أن يتسخ، وبإمكان ربات البيوت أن ينشرن غسيلهن في الصباح دون أن يلجئنَ لإعادة غسلها عند الظهيرة بسبب تلوثه بالتراب. ويعود سِر النجاح في تحقيق ذلك الى مكافحة الدخان بالتعاون مع أفراد المجتمع فيما بينهم، وتم الاستعانة بكل عنصر من عناصر المجتمع دون أي معونة مالية من الحكومة، وتطوع أصحاب المنازل في ذلك؛ كالعدول عن استخدام الفحم أو تركيب المواقد المانعة للدخان.[8]

وتعود الدعوات لتفعيل المواطنة البيئية الى سبعينيات القرن الماضي، حين بدأ نشاط الحركة الخضراء من خلال إبراز السوء الذي أصاب البيئة، ولربما كان الكتاب الأكثر شهرة في تلك الفترة هو كتاب “محددات النمو” الذي بيعت منه ملايين النسخ حول العالم، الذي حمل رسالة مفادها أن هناك تجاوز لمقدرة البيئة على دعم الانسان وأشكال الحياة الأخرى، وأنه إن لم نفعل شيئاً فسيكون الانهيار البيئي لا مفرد منه خلال المائة سنة القادمة.[9]

ونتيجة تفاقم المشكلات البيئية وتزايد نتائجها السلبية على حياة الانسان اليومية، فقد ارتفعت النداءات وعُقدت الندوات والمؤتمرات عل المستويين الدولي والوطني لمواجهة هذه المشكلات والمطالبة بالحفاظ على البيئة من كافة مكونات المجتمع، وكان أولها المؤتمر الأول للبيئة البشرية الذي انعقد في “استكهولم” عام 1972 والذي أكد على ضرورة وضع برنامج لعدة فروع علمية للتربية البيئية في المؤسسات التعليمية، والمتبع لمسار نشأة المواطنة البيئية يتبين له أنها ليست بالمفهوم الحديث، بل تطورت التسمية عبر الأعوام، فقد جاء الاهتمام بالبيئة وقضاياها منذ السبعينات، وعرفت المناهج التعليمية وعرفت المناهج التعليمية المعنية بالقضايا البيئية وتربية الأجيال مواضيع حماية البيئة والمحافظة عليها باسم التربية البيئية، وفي عام 2002 في قمة “جوهانسبرغ” للتنمية المستدامة طرح مصطلح “المواطنة البيئية” لربط المواطن بالبيئة والتأكيد على واجباته اتجاه بيئته المحلية والعالمية، وهنا فإن من الجدير ذِكره، أن المنتدى التحضيري لهذه القمة -قمة جوهانسبرغ لعام 2002- للتنمية المستدامة للمنظمات غير الحكومية المنعقد بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، قد تبنى مفهوم المواطنة البيئية، هذا المفهوم الذي كان قد ظهرَ أول مرة في كندا وأمريكيا ودول الاتحاد الأوروبي في مطلع القرن الواحد والعشرين، على أثر مشاركة الناس في اتخاذ القرارات البيئية السليمة من أجل الصالح العام والمشاركة في تحمل المسؤولية البيئية.[10]

ورغم ذلك، يمكن القول أن مصطلح “المواطنة البيئية” بدأ في جذب الاهتمام الدولي في أوائل التسعينيات، فقد حاول باحثون مختلفون معالجة الاهتمامات العامة بشأن القضايا البيئية من خلال إثراء وجهات النظر التقليدية حول مفهوم المواطنة بقيم ومبادئ جديدة. ففي البداية كان يقترب هذا المفهوم الجديد للمواطنة من مفهوم المواطنة البيئية من منطلق أن الحرية والتعددية تسير جنباً الى جنب مع الحفاظ على حقوق الانسان التي يكون لبعضها آثار على البيئة وإدارتها، إذ تقسم الحقوق الى ثلاثة فئات: الحقوق الموضوعية كالحق في الوصول الى السلع الطبيعية من مياه نظيفة وهواء نظيف وما شابه ذلك. والحقوق الاجرائية التي تشير الى الحق في المشاركة في العمليات الديمقراطية المرتبطة بالقضايا البيئية. والحقوق الشخصية كالحق في اتخاذ خيارات خضراء في الطريقة التي يعيش الناس بها حياتهم. على أن هذا الفهم التقليدي للمواطنة البيئية كان يعتبر هذه الحقوق المتعلقة بالبيئة مسألة اختيارية مما كان يثير المخاوف حول مدى جدواها. لذلك، رأي باحثون آخرون، بأن ترك القضايا البيئية لاختيارات الأفراد قد يقوض قدرة البشر على مواجهة التحديات البيئية، ومن ثم، فلا بد من معالجة هذه التحديات من خلال منظور المواطنة البيئية الذي يحمل معنى التدخل لخلق معايير ضرورية لبقاء المجتمع السياسي وحماية الصالح العام، لذلك يتوجب أن تدخل المسائل والمبادئ البيئية ضمن قيم الفضيلة والواجب والالتزام والخدمة العامة، لتعزيز المواطنين المتوافقين مع البيئة والسياسة وقيم العدالة الاجتماعية. فمفهوم المواطنة البيئية يهدف ليس لمجرد إصلاح المشاكل البيئية وحسب، بل يهدف أيضاً الى إصلاح أسبابها وجذورها ومتابعة نمط الحياة والسعي لتحقيق التوازن بين الاستهلاك المفرط والفقر، كما أنه نظراً لكون قضايا البيئة تتجاوز الحدود الوطنية بما يتطلب حلولا وتعاوناً عبر الحدود الوطنية، فإنه جرى طرح مفهوم للمواطنة البيئية يتماشى مع ذلك –أي مع عالمية القضايا البيئية وتأثيراتها- بجعله مفهوم المواطنين العالميين الذي يفكرون خارج الحدود الوطنية ويُظهرون إحساساً أكبر بالترابط والاعتماد المتبادل عبر الوطني.[11]

على ذلك، يظهر للباحث أن المواطنة البيئية مفهوم حديث يرجع في ظهوره كمصطلح الى عقود قليلة مضت، وذلك على الرغم من أن المواطنة البيئية كممارسة عملية تستهدف حماية البيئة والمحافظة عليها تعود الى القرن التاسع عشر، وأن المشاكل والتحديات البيئية تعود الى أبعد من ذلك الى بدايات عصر التصنيع. بما يعني أن مفهوم المواطنة البيئية كمصطلح تأخر في الظهور.

المطلب الثاني: أهمية المواطنة البيئية:

دخلَ المجتمع البشري في أزمة كوكبية متعدد تتجلى في المستويات الأربعة للوجود الاجتماعي: أزمة بيئية بسبب علاقة البشر مع الطبيعة. وأزمة أخلاقية بسبب طريقة تعامل بعض البشر مع البشر الآخرين. وأزمة في البنيات الاجتماعية. وأزمة هوية “من نحن ومن نعتقد أننا نكون”. وفي كل مستوى من هذه المستويات الأربعة تغرب البشرية بشدة بسبب الأشياء التي تسببها لنفسها، فهي ليست أسباب طبيعية، بل أسباب تتوسطها الفاعلية البشرية. ومن أبرز هذه الأزمات الأزمة البيئية، التي تُقاس من خلال البصمة البيئية للبشر، وهذه البصمة اليوم أعلى بنسبة (73%) من القدرة الاستيعابية للأنظمة البيئية في العالم، فعلى سبيل المثال: فإنه في الفترة من 1 يناير الى 29 يوليو 2021 استخدمت البشرية من الطبيعة بقدر ما يمكن للكوكب تجديده على مدار عام بأكمله. فبسبب هذه الأزمات الى جانب توسيع العولمة وتأثيراتها، خرج في السنوات الأخيرة اهتمام علمي متجدد بالمواطنة مع التركيز على جعل الأجندة العالمية هي أجندة المواطنين وعلى إسناد أدوار حاسمة لهم ودورهم في تحقيق التنمية المستدامة، حيث باتت الاستدامة في القرن الحادي والعشرين تشكل الاساس الأخلاقي التأسيسي لإعادة التفكير في متطلبات المواطنة وحقوقها ومسؤولياتها وفي سياق عالمي.[12]

تدعو وثائق السياسات في جميع أنحاء العالم الى ضرورة مشاركة المواطنين في مكافحة حالات الطوارئ المتعلقة بتغيير المناخ وبناء مجتمعات أكثر استدامة، لكونه لا يمكن مواجهة التحديات البيئة الحالية إلا من خلال موائمة القيم والسلوكيات الشخصية للمواطنين مع الأهداف والتدابير السياسية المعنية بالبيئة من خلال عملية التعاون، لأن هذا التعاون يساعد في تعظيم القدرات البشرية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.[13] فبعد أن أثبتت الدراسات أن التركيز التقليدي في مواجهة المشكلات البيئية على الاتفاقيات الدولية والاجراءات الحكومية غير مجدي دون الاعتناء اللازم بجهود المواطنين. لذلك تم طرح مشاركة الأفراد كخطوة مهمة للمساعدة في حل بعض المشاكل البيئية، فباتت الحكومات والمجموعات المدنية اليوم في مختلف البلدان وفي الجهود العابرة للحدود الوطنية تدعو المواطنين الى إعادة النظر في مقدار الملاءمة والراحة والنظافة التي يحتاجون إليها ليعيشوا حياة جيدة، حيث أصبحت الجهود الرامية الى جعل العالم أكثر استدامة تشمل نهج حكومي من أعلى الى أسفل، وبذات الوقت تشمل نهج مواطن من أسفل إلى أعلى، بهدف جذب المواطنين الى مجموعة متنوعة من العادات والممارسات الجديدة البيئية.[14]

ففكرة المواطنة البيئية فكرة مستحدثة ولدت من صحوة الضمير العالمي في ضوء الظاهرة المتزايدة للتلوث البيئي، وهي فكرة أوجدها العقل البشري لغاية إيقاظ وعي المشرع الوطني والدولي بسرعة التحرك لحماية حقوق الانسان البيئية عبر الحاجة الى استحضار البُعد البيئي في كل تشريعات التنمية، ومن ثم تعزيز تحديد المسؤولية البيئية العالمية، وهي بذات الوقت فكرة محفزة للمواطنين من خلال غرس وتنمية القيمة البيئية وربطها بقضية الوجود البشري على كوكب الأرض، وخلق التزام شخصي بمعرفة المزيد عن البيئة بهدف اتخاذ اجراءات بيئية مسؤولة، كالمشاركة في صنع القرار البيئي لتعزيز الاستدامة وإنشاء جمعيات ومنظمات بيئية لتعزيز متطلبات المواطنة البيئية.[15] كما تتأتى أهمية المواطنة البيئية من جملة الأهداف التي تسعى الى تحقيقها، ومنها:

  • توليد الايمان بأن الحقوق البيئية يقابلها المسؤوليات البيئية للآخرين.
  • تفضيل المصلحة العامة، فالمواطنة البيئية ترمي للحفاظ على سلامة الموارد المشتركة ذات النفع العام.
  • تعزيز المعرفة المعنوية والأخلاقية التي لا تقل أهمية عن المعرفة العلمية التقنية في سياق تغيير السلوك المؤيد للبيئة.
  • إكساب المواطنين المعلومات والمعارف التي تسهم في الاصلاح البيئي من أجل التنمية المستدامة، وتحسين السلوك البيئي في الحياة، وتجنب الأضرار البيئية قبل وقوعها، وتحفيز الأفراد للمشاركة في اتخاذ القرارات ووضع الحلول المعنية بالشؤون البيئية والتنموية.
  • وصف علاقات سياسية جديدة بين المواطن والوطن في المسائل التي تهم القضايا البيئية، والجمع ما بين قضايا البيئة وقضايا المجتمع لتحقيق مجتمعات أكثر استدامة.
  • تأصيل مبدأ المواطن الرشيد الذي يراعي الاهتمامات البيئية، وتحقيق الشراكة بين الحكومة والمواطنين من أجل تحقيق الاستدامة.[16]

على ذلك، فإن أسس بناء المواطنة البيئية تتمثل في: اكساب المواطن الوسائل الصحيحة التي من شأنها المساهمة في المحافظة والاصلاح البيئي التي بدورها ترمي الى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتصحيح المفاهيم البيئية الخاطئة لدى المواطن ومعالجة المشكلات الناجمة عن غياب مفهوم المواطنة البيئية. وتحسين السلوك البيئي اليومي. والسعي الى تجنب الضرر البيئي قبل حدوثه وعدم وجود اضرار بعيدة المدى للمشاريع البيئية المقترحة. الى جانب المساهمة في رفع المستوى الثقافي والوعي البيئي للأفراد بغية تحفيزهم على المشاركة في اتخاذ القرارات ووضع الحلول للمشكلات البيئية.[17] من ثم، يتبين للباحث أن المواطنة البيئية ليس موضوعاً ترفياً أو ثانوياً يأتي من باب الرفاهية أو الترف الاجتماعي والسياسي، بل هو موضوع جوهري وفائق الأهمية تعتمد عليه بشكل رئيسي عملية الحفاظ على البيئية، بمعنى آخر، فإن المواطنة البيئية هي أحد الأدوات اللازمة للحفاظ على البيئية.

المبحث الثاني:

مفهوم وأبعاد المواطنة البيئية

تصدى العديد من الباحثين لمهمة تحديد المقصود بمفهوم المواطنة البيئية، وخرجت عدة وجهات نظر حول أبعادها. وعليه يأتي هذا المبحث للتعريف بمفهوم المواطنة البيئية (المطلب الأول)، ومن ثم بيان أبعاد هذا المفهوم؛ أي أبعاد المواطنة البيئية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مفهوم المواطنة البيئية:

يرتبط مفهوم المواطنة (Citizenship) بمفهوم الوطن، وتعددت مفاهيم المواطنة ودلالاته عبر الازمنة والأماكن، على أنه مفهوم بمعناه الحديث يشير الى الحقوق الانسانية الأساسية وحقوقه المدنية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والجماعية. وعَرفت الموسوعة العربية العالمية مفهوم المواطنة بأنه اصطلاح يشير الى الانتماء الى وطن أو أمة. وفي قاموس علم الاجتماع فهو مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي “دولة”، وعبر هذه العلاقة يقدم الطرف الأول الولاء في حين يتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الطرفين بموجب القانون. فبذلك، عرفت دائرة المعارف البريطانية مفهوم المواطنة بأنها العلاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون هذه الدولة وبما تتضمنه هذه العلاقة من حقوق وواجبات. ومن المنظور النفسي، فالمواطنة شعور بالولاء والانتماء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر لإشباع الحاجات الاساسية وحماية الذات من الأخطار.[18] والمواطنة كهوية هي الاحساس بالانتماء لدولة أو جماعة معينة، ومن الناحية القانونية تعرف المواطنة بأنها الارتباط الرسمي بدول أو أمة معينة مع ما يصاحب هذا الارتباط من تمتع بحقوق وواجبات وفرص وحماية ومسؤوليات.[19] والمواطنة بمعناها الواسع تعني صِلة الفرد بالدولة التي يُقيم فيها بشكل ثابت ويرتبط بها تاريخياً وثقافياً وجغرافياً، وأن الشعور بالمواطنة أحد الاتجاهات المدنية الرئيسية التي من أهم قيمها احترام القانون والنظام العام، واحترام حقوق الانسان وضمان الحريات الفردية والتعاون والعمل التطوعي والمشاركة.[20]

أما مفهوم البيئة، فهو لغوياً اسم مشتق من الفعل الماضي باءَ وبَوَأ ومضارعه يَبوء، فبوأ فلاناً منزلاً بمعنى أنزله، وتبوأ المكان أي نزلهُ وأقام به. والبيئة (Environment) في الاصطلاح كل ما يحيط بالفرد والمجتمع ويؤثر فيهما، إذ يقال: بيئة طبيعية، وبيئة سياسية، وبيئة اجتماعية. كما يُشير مفهوم البيئة الى المحيط أو الشروط الواجب توفرها للإنسان أو النبات أو الحيوان حتى يعيش. فالبيئة تشير الى كل ما هو خارج عن كيان الانسان، وجميع ما يحيط به من موجودات، كالماء الذي يشربه والهواء الذي يستنشقه والأرض التي يسكن عليها ويزرعها، وما يحيط به من جماد وكائنات حيه، وهي الاطار الذي يمارس فيه الانسان حياته ونشاطاته المختلفة.[21] ويمكن تقسم البيئة الى ثلاث مكونات رئيسية هي:

  • البيئة الطبيعية (Natural Environment): تعني كل ما يحيط بالإنسان من ظواهر حية وغير حية، وليس للإنسان تأثر في وجودها، أي تنشأ بشكل طبيعي، وتتمثل هذه الظواهر أو المعطيات البيئية في المناخ والتربة والتضاريس والنباتات والحيوانات والكائنات الحية.
  • البيئة البشرية (Human Environment): تعني الانسان “البشر” وانجازاته التي أوجدها داخل بيئته الطبيعية.
  • البيئة الاجتماعية (Social Environment): تعني الاطار من العلاقات الذي يحدد علاقة الانسان بغيره، وهذا الاطار هو الأساس في تنظيم أي جماعة من الجماعات سواء بين أفرادها بعضهم ببعض في بيئة ما، أو بين جماعات متباينة أو متشابهة، وأنماط هذه العلاقات تؤلف ما يُعرف بالنظم الاجتماعية المشيدة.[22]

وبما أن الأساس الجوهري للمواطنة يتمثل في العلاقة المتبادلة بين المواطن والوطن من خلال الممارسة العملية بينهما، لذلك، فإن العلاقة الوطيدة تظهر بين المواطنة والبيئة، فالوطن هو البيئة التي يعيش فيها المواطن ويتفاعل معها ويؤثر فيها ويتأثر بها. فظهرت المواطنة البيئية كعلاقة جديدة بين المواطن والبيئة باعتبارها موطناً له، بهدف مواجهة مشكلات البيئة، وتقوه هذه العلاقة على العدالة والمساواة بين المواطنين، والعمل معاً نحو استدامة الموارد البيئية والتأكيد على الحقوق البيئية للمواطن والمسؤولية الفردية والجماعية البيئية الى جانب المشاركة في اتخاذ القرار وتقديم أدوات لتحقيق المجتمع المستدام. ويعتبر مفهوم المواطنة البيئية من المفاهيم الوليدة أسوةً بظهور العديد من المفاهيم ذات العلاقة بالمواطنة والبيئة منها: المواطنة الايكولوجية (Ecological Citizenship) والمواطنة المستدامة (Sustainability Citizenship) والمواطنة الخضراء (Green Citizenship) والمواطنة البيئية المسئولة (Environmentally Reasonable Citizenship)، كما ارتبط مفهوم المواطنة البيئية (Environmental Citizenship) بمفهوم التنمية المستدامة (Sustainable Development) انطلاقاً من أن الوصول الى المجتمعات المستدامة يتطلب تحولات في مواقف البشر تجاه البيئة، فالمواطنة البيئية هي النظر الى ما هو أبعد من المصالح الشخصية والمباشرة وصولاً الى رفاعية المجتمع الأوسع نطاقاً “البيئة”، واضعة في اعتبارها الحفاظ على حقوق واحتياجات الأجيال القادمة، عبر توجيه الناس بالسلوك البيئي المسؤول تجاه البيئة والمساهمة في تحقيق مجتمع عادل، فهذه المواطنة البيئية تهدف الى توفير السبل لتعزيز الاستدامة الايكولوجية والعدالة البيئية على حد سواء.[23]

فبعد أن كان المدلول التقليدي لمفهوم المواطنة؛ وبالتحديد المفهوم الليبرالي، يرتبط بحالة الأفراد وأفعالهم في المجال العام وفي علاقتهم مع الدولة “أي علاقة المواطن بالدولة”، وتنقسم هذه الحالة الى ثلاثة أنواع/ أبعاد رئيسية: الحالة المدنية والحالة السياسية والحالة الاجتماعية، بحيث تتضمن الأولى حقوق الأفراد في حرية الفكر والتعبير والدين، أما الثانية فتتضمن الحق في المشاركة في ممارسة السلطة السياسية باعتبار الفرد عضو في هيئة ذات سلطة سياسية. أما الثالث فيتضمن العديد من الحقوق الاجتماعية كالرفاه الاقتصادي والصحة والتعليم. فهذا المفهوم بأبعاده الثلاثة يركز على جانب الحقوق دون أن يولي اهتمام كبير بجانب الواجبات التي يفترض أن يؤديها الفرد ليكون مواطناً. فإن دعاة المواطنة البيئية أضافوا بُعداً رابعاً وهو الحقوق البيئية التي جاءت من أجل إيجاد بيئة طبيعية آمنة وحماية الأفراد من البيئة الملوثة، ووفق هذا المفهوم الجديد يتم التركيز المتزايد على الواجبات البيئية أكثر من التركيز على الحقوق، بحيث يتوجب أن يكون الفرد ملتزم بواجبات تجاه البيئة مثل الواجبات لحماية التربة وتجنب تلويث الهواء والمياه والحفاظ على التنوع البيولوجي وإثرائه، والحد من الاستهلاك الى الحد الأدنى المعقول.[24] ومفهوم المواطنة البيئية لا يقتصر على وعي المواطن بالقضايا البيئية وحسب، بل أن المواطن البيئي يُظهر الإرادة والكفاءات –التي تُفهم على أنها التكامل الفعال للمعرفة والقيم والمهارات والتصرفات- للمشاركة بنشاط في حل ومنع مشاكل الاستدامة وتمكين العلاقات الصحية مع البيئة وضمان العدالة داخل وبين الأجيال.[25]

وقد تعددت تعريفات الباحثين للمواطنة البيئية (Environmental Citizenship)، فهي بحسب “المالكي والعميري” (Al- Maliki and Al- Amiri) تعني إيجاد رادع ذاتي ينبع من داخل الفرد ويدفعه الى احترام وحماية البيئة وصيانتها. وجرى تعريفها بأنها سلوك هادف يرتبط بالسلوك الانساني ويستمد قوته من الالتزام بالمسؤولية تجاه البيئة انطلاقاً من العديد من الجوانب لممارسة النشاط البيئي، وإعمال الذهن والتفكير باستمرار وتوفير الجهد والوقت والسياسات والأدوات اللازمة للتعامل مع كافة القضايا البيئة بحكمة ومسؤولية وشفافية، لمعالجة أوجه القصور من خلال البحث وتفعيل الأساليب والنظم المبتكرة الجديدة القادرة على مواكبة التغيرات البيئية لإحداث أقل ضرر بيئي ممكن، حيث تضطلع المواطنة البيئية بدور كبير في كل المجالات الانسانية لكونها تضمن للمواطن حقوقه البيئية من قبيل: الحق في بيئة سليمة ونظيفة، والحق في الموارد الطبيعية، والحق في التنمية. وكذلك واجباته البيئية المتمثلة في: احترام وتطبيق القوانين البيئية، والتشاركية البيئية، ودفع الغرامات، والعضوية في المنظمات البيئية.[26]

ووفق “الرفاعي” تشير المواطنة البيئية الى استعدادات الفرد للمشاركة في حماية البيئة والمحافظة عليها ومواجهة القضايا والمشكلات واتخاذ القرارات المناسبة لحلها والمساهمة الفعالة في بناء مجتمعه مع تطوير قدرته للتكيف والتعايش مع حضارة المجتمعات المعاصرة.[27] ووفق “دوبسون” (Dobson) فإن مفهوم المواطنة البيئية يشير الى الالتزام بالقيم والمبادئ الكامنة وراءه، حيث تشكل نهج يقوم على القيم لتشجيع السلوك المؤيد للبيئة، وهذه المواطنة تفعل ذلك بطريقة تهدف الى استخلاص القيم الكامنة بالفعل لدى الفرد وليس بالضرورة أن تكون هذه القيم بيئية في طبيعتها ذلك أن الأساس هو العدل بين البشر بدلاً من اقتصار الاهتمام من أجل البيئة فقط أو لما توفره للبشر، لذلك، فإن مفهوم المواطنة البيئية يركز على فكرة الحقوق والمسؤوليات مع التأكيد على حق الحصول على مساحة قابلة للعيش من المساحات البيئية ومسؤولية الأشخاص الذين يشغلون كثيراً من هذا الفضاء البيئي للحد من بصماتهم البيئية عبر الاجراءات العامة والخاصة على حد سواء.[28]

وبحسب “الشايع” فالمواطنة البيئية تعني الحفاظ على البيئة وعناصرها وكائناتها الحية وموائلها وصيانتها من التدهور والتلف والدمار والتلوث بكافة مظاهره وأشكاله، وتنمية الوعي البيئي والثقافة وتعزيز العمل التطوعي الهادف الى رفع درجة المواطنة البيئية للفرد وآثار ذلك على وطنه ومواطنيه بيئيا وصحيا واقتصاديا واجتماعيا، ودوره في الحد أو التخفيف من آثارها والتكيف معها وتفعيل دور الرقابة والمشاركة في اتخاذ القرار البيئي.[29] ووفق “عبد العال” فتعرف المواطنة البيئية بأنها المسؤولية البيئية لسكان كوكب الأرض لتعلم المزيد عن البيئة وحمايتها، والمشاركة في اتخاذ القرارات لصالح البيئة في إطار التزام الوطن في تأمين مبادئ الحقوق والعدالة البيئية لجميع أفراد المجتمع.[30]

وبالجمع بين كل تلك التعريفات، يُقِر “القاسمية” أن تعريفات المواطنة البيئية بالإجماع تنطوي في العلاقة بين الانسان والبيئية وما يحتويها من حقوق وواجبات.[31] كما يؤكد “بني حمدان” على أن المواطنة البيئية تشير بشكل عام الى ضرورة الحفاظ على البيئة وعناصرها وأنظمتها وصيانتها من الدمار والتدهور والتلف، وتنمية الوعي البيئي والثقافة لتعزيز دور المواطن في مراقبة السياسات البيئية والمشاركة في صياغتها والعمل على انجاحها.[32] ومن كل ذلك، يستطيع الباحث تعريف المواطنة البيئية بأنها مفهوم يُقيم علاقة بين الفرد والبيئة، على اعتبار أن هذه البيئة هي المحيط أو الوطن العام الذي يضم كل البشرية، بحيث يُنمي لدى البشرية التزام بالواجب والمسؤولية للحفاظ على البيئة وحمايتها واستيعاب قدراتها وامكانيات مواردها، بما يضع على الفرد كمواطن بيئي واجب زيادة اهتمامه بالتعرف العلمي على البيئة ومكوناتها ومشكلاتها، وينمي لديه طابع وجداني وقيم أخلاقية لحسن اهتمامه بها، وواجب سلوكي عليه يدفع الفرد نحو ممارسة نشاطاته اليومية والحياتية بما لا يضر بالبيئة بل يدعم استدامتها، كما يضع واجب على الفرد بضرورة تعاونه ومشاركته مع غيره من الأفراد والمنظمات والدول لاتخاذ قرارات صديقة مع البيئة. وبمعنى أدق، يُعرف الباحث المواطنة البيئية بأنها انتماء عبر وطني للطبيعة التي تعيش فيها البشرية على كوكب الأرض، ورابطة واجب ومسؤولية للفرد تجاه البيئة تُعلي من شأن البيئية في وجدانه وذهنه وسلوكياته.

المطلب الثاني: أبعاد المواطنة البيئية:

يرى “كاراتكين ويويسال” (Karatekin and Uysal) أن معلومات ومستويات المعرفة البيئية لدى الفرد ومواقفه تجاه البيئة ضرورية للمواطنة البيئية ولكنها ليست كافية. فعند تفحص الأدبيات في هذا الشأن، يتبين أن هناك أربعة أبعاد يتم التركيز عليها في المواطنة البيئية، هي: “الحقوق” و”المسؤوليات” و”العدالة” و”المشاركة”. فالمواطن البيئي يعرف أن عليه مسؤولية تجاه الأجيال التي لم تولد بعد، وأن لسلوك اليوم تأثير على مجتمع وناس الغد، ومن هنا يخرج البعد العالمي وبُعد الاستدامة في المواطنة البيئية. وفيما يتعلق بالحقوق، فإن حماية حقوق المواطنة وتطويرها لا يمكن أن توفره الدولة فقط إذ لا مفر من التعاون بين الدول والمجتمعات في المشكلات التي لا تستطيع الدول مواجهتها بمفردها، بل تحتاج الى تعاون أفراد المجتمع، بحيث يجب أن يكون للمواطنين بعد بيئي عبر الحدود الوطنية. فقد غيرت العولمة مفهوم السياسة البيئية بطريقتين: الأولى أن المشاكل والآثار البيئية عالمية، بما يوجب البحث عن حلول لها خارج نطاق الدولة القومية. والثانية أن العولمة يمكن أن تكون مفيدة للعلاقات المحلية والعالمية وتساهم في تحقيق هدف مجتمع مستدام. وبخصوص العدالة، فإنه نظراً للبعد العالمي للبيئة ومشاكلها فإن الأفراد في المجتمعات المتقدمة يتوجب عليهم تقليل بصمتهم غير البيئية أي يتوجب عليهم أن يكونوا مواطنين ذو بصمة بيئية مستدامة بتقليل سلبياتهم تجاه البيئة، وبذات الوقت يجب أن يكون للأفراد الآخرين في الدول غير المتقدمة الحق في زيادة التأثير البيئي واستخدام السلع والخدمات البيئية، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا عندما يتم وضع فهم العدالة البيئية موضع التنفيذ. أما عن بُعد “المشاركة” فيعني مشاركة الفرد في صنع القرارات البيئية، إذ ينظر للمواطنية البيئية في هذا الجانب على أنها آلية للمشاركة السياسية في عمليات صنع القرار البيئي.[33]

ويذكر “زوريل ويانق” (Zorell and Yang) أن المواطنين ضمن مفهوم المواطنة البيئية ملزمون باتخاذ إجراءات في مجالاتهم الخاصة بغض النظر عن خلفياتهم الوطنية لكون المشاكل البيئية ذات طبيعة عابرة للحدود، ويتسبب بها الى حد كبير الاستهلاك الخاص. بما يتوجب أن يحوي مفهوم المواطنة البيئية أن يحدث تغيير عميق على جانب التصرفات حتى ينمي المواطنون فضيلة الاعتراف بمسؤولياتهم البيئية ويسعرون بأنهم ملزمون بتغيير حياتهم الخاصة. على ذلك، فإن الجانب السلوكي للمواطنة البيئية يتضمن: أولاً الايمان بالعدالة البيئية الذي يتم التعبير عنه في إحساس المواطنين بضرورة إنقاذ لكوكب من أجل الأجيال القادمة. ثانياً الاستعداد لتولي المسؤولية في المجالات الخاصة أي في حياة الفرد الخاصة. ثالثاً الاعتراف بالالتزامات عبر الحدود. رابعاً الموافقة على أن المواطنين ذو البصمات البيئية الأكبر يحتاجون الى تقليص استهلاكهم أكثر من المواطنين ذوي البصمات البيئية الصغيرة.[34]

وبحسب “القاسمية” فإن للمواطنة البيئية ثلاثة أبعاد رئيسية، هي: المسؤولية الشخصية البيئية، العدالة البيئية، والمشاركة البيئية، على النحو التالي:

المصدر: (القاسمية، 2018)

  • المسؤولية الشخصية البيئية: يشير هذا البُعد الى قدرة الفرد على تحمله مسؤولية اتخاذ القرارات تجاه البيئة، عبر وعيه وتعاونه مع الآخرين لحناية البيئة من استنزاف مواردها بغية التنمية المستدامة، فالسلوكيات الشخصية للإنسان تؤثر بصورة كبيرة على البيئة في جميع نشاطاته اليومية، فهذا البعد يجعل الشخص مسؤول مسؤولية شخصية تجاه البيئة.
  • العدالة البيئية: يؤكد هذا البعد على أحقية حصول جميع المواطنين على حقوقهم البيئية كالماء والهواء النظيفين والمسكن الصحي، ويرفض هذا البعد حصول أي امتيازات لفئة معينة من المجتمع على حساب الفئات الأخرى، فكل الفقراء والأقليات تعاني من التوزيع غير العادل لموارد البيئة، في حين أن المواطنة البيئية وفق هذا البعد تجعل العدالة البيئة مطلب من حقوق المواطنة.
  • المشاركة البيئية: تعني العمل الجماعي، فهذا البعد يؤكد على أهمية مشاركة الناس كأعضاء في الجماعة، بحيث يشارك المواطنين والمسؤولين والساسة في صنع قرارات مرتبطة بالبيئة ومواجهة تحدياتها، فمواجهة العديد من المشاكل البيئية يحتاج الى عمل جماعي.[35]

على ذلك يظهر للباحث أن أبعاد مفهوم المواطنة البيئية أبعاد شاملة ومتكاملة تبدأ من المعرفة بالمسائل والقضايا والمشاكل البيئية وترسيخها لدى الانسان بحيث تعمل على توجيه سلوكه ليكون أكثر حماية للبيئة وأكثر ترشيداً في استهلاك مواردها. وأن يكون له مشاركة في المراقبة واتخاذ القرارات البيئية، من ثم، فالمواطنة البيئية ليست أحادية البعد تقتصر على جانب معين، بل متعددة الأبعاد، وأن الباحثين وإن اختلفوا في تبويب أو نعت أبعادها إلا أنهم يشتركوا في مضمون هذه الأبعاد.

الخاتمة:

تناولت الدراسة موضوع المواطنة البيئية من حيث النشأة والأهمية والمفهوم والأبعاد، الى أن توصلت الى النتائج والتوصيات التالية:

أولاً: النتائج:

  1. أن المواطنة البيئية كمصطلح نشأ حديثاً، على الرغم من أن جانب من أبعاده السلوكية والمعرفية عرفتها بعض المجتمعات قبل صياغة هذا المفهوم. وأن المواطنة البيئية ظهرت نتيجة تفاقم المشاكل البيئية على مستوى العالم.
  2. أن المواطنة البيئية تعتبر الأفراد “مواطني الدول” شركاء حقيقيون في المحافظة على البيئة وحمايتها. بحيث تكون المواطنة البيئية أداة رئيسية وجوهرية لتحقيق ذلك.
  3. أن المواطنة البيئية هي المظلة الأم لكل أشكال المواطنة المرتبطة بالبيئة، وأن المواطنة البيئية هي امتداد عبر وطني لمفهوم المواطنة التقليدي، بحيث توجه المواطنة البيئية اهتمام وعناية المواطنين نحو خارج الحدود الاقليمية لدولهم، أي نحو البيئة. وأنه يمكن تعريف المواطنة البيئية بأنها انتماء عبر وطني للطبيعة التي تعيش فيها البشرية على كوكب الأرض، ورابطة واجب ومسؤولية للفرد تجاه البيئة تُعلي من شأن البيئية في وجدانه وذهنه وسلوكياته.
  4. أن المواطنة البيئية مفهوم متعدد الأبعاد يتضمن: البعد الشخصي والمعرفي والحقوقي بحيث يكون الفرد مسؤولاً عن حماية البيئة والمحافظة عليها، وبُعد العدالة البيئية، وبُعد المشاركة البيئية. وأنه لا يمكن اجتزاء المواطنة البيئية بإحدى تلك الأبعاد، لكون ذلك ينقصها ويفقدها جدواها وأهميتها، فالمواطنة البيئية مفهوم ذي أبعاد شاملة ومتكاملة تتضمن كل ما من شأنه جعل المواطن صديقاً للبيئة.

ثانياً: التوصيات:

  1. على مستوى التعاون الدولي: يجدر بالجهات والمؤسسات الدولية زيادة اعتنائها من خلال برامجها بموضوعات المواطنة البيئية لتصبح أحد المحاور المركزية في جهودها، وعلى المنظمات الدولية وبالأخص الأمم المتحدة أخذ التدابير اللازمة التي من شأنها الترويج الدوري لموضوعات المواطنة البيئية، ووضع اتفاقيات دولية تلزم كافة الدولة وبالأخص المتقدمة على عمل كل ما من شأنه تحقيق العدالة البيئية.
  2. على مستوى الحكومات الوطنية: يجدر بها تكريس موضوعات المواطنة البيئية في كافة جهودها المتعلقة بالبيئة، والعمل على تضمين المناهج المدرسية والبرامج الجامعية بموضوعات المواطنة البيئية.
  3. على مستوى الباحثين والمؤسسات التعليمية والبحثية: يجدر بهم/ بها الاهتمام اجراء الدراسات المسحية المتخصصة بقياس أبعاد المواطنة البيئية لدى المواطنين، للكشف عن مستويات تحقق قيم هذه المواطنة لديهم، بهدف إيجاد مرجعية علمية متكاملة يمكن الاستناد عليها من قِبل الحكومات وصُناع القرار والمُشرعين في وضع البرامج والخطط الكفيلة بترسيخ قيم المواطنة البيئية لدى المواطنين.
  4. على مستوى المواطنين: يجدر بهم الانتباه والاهتمام بموضوعات البيئية وزيادة معارفهم العلمية نحوها، واعتبار أنفسهم شركاء فعليين في الحفاظ على البيئة وحمايتها من التدهور والدمار.

المراجع:

أولاً: المراجع باللغة العربية:

  • بني حمدان، صفاء نواف. (2018). دليل إداري تربوي مقترح لتعزيز دور مديري المدارس الثانوية الحكومية في الأردن في مجال المواطنة البيئية، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، الأردن.
  • الرفاعي، عبد الملك. (2007). التربية العلمية وتحقيق المواطنة البيئية، وقائع المؤتمر العلمي الحادي عشر للتربية وحقوق الانسان، مصر، 1، 245- 258.
  • الزبيدي، غني، ومطلق، علي. (2020). تصميم البرامج التدريبية في ضوء متطلبات المواطنة البيئية دراسة حالة، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد 60، 39- 67.
  • الشايع، شيخة ريحان علي. (2013). قياس المواطنة البيئية بمواضيع “الوهابك” لدى طلبة المرحلة الابتدائية بدولة الكويت، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة الخليج العربي، البحرين.
  • عبد العال، ريهام رفعت. (2017). المواطنة البيئية كما يتصورها أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، مجلة دراسات عربية في التربية وعلم النفس، العدد 84، 401- 432.
  • العبلي، ماجد عوض. (2023). المواطنة الجديدة في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد 534، 11- 16.
  • فياض، حسام الدين. (2023). نظرية المواطنة بين التربية والممارسة دراسة تحليلية نقدية، مجلة ريحان للنشر العلمي، العدد 32، 141- 178.
  • القاسمية، تركية بنت مرهون. (2018). فاعلية التدريس بالقصص المصورة في الدراسات الاجتماعية على تنمية التحصيل والاتجاه نحو المواطنة البيئية لدى طلبة الصف الرابع الأساسي بسلطنة عُمان، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة السلطان قابوس، عُمان.
  • كاتوت، سحر. (2009). البيئة والمجتمع، دار دجلة ناشرون وموزعون، عمان- الأردن.

ثانياً: المراجع باللغة الانجليزية:

  • Al- Maliki, Wafa and Al- Amiri, Fahd. (2022). Developing Environmental Citizenship Values Skills among Middle School Students in Saudi Arabia: A Qualitative Case Study, IUG Journal of Educational and Psychological Sciences, Vol. 31, No.4, 665- 685.
  • Ariza, Marta. Pauw, Jelle. Olsson, Daniel. Petegem, Peter. Parra, Gema, and Gericke, Niklas. (2021). Promoting Environmental Citizenship in Education: The Potential of The Sustainability Consciousness Questionnaire to Measure Impact of Interventions, Sustainability Journal, No.13, 1-20.
  • Buko, Alena. (2009). Environmental Citizenship for Sustainable Consumption, Master Thesis, School of Management and Governance Public Administration, University of Twente, Netherlands.
  • Dobson, Andrew. (2010). Environmental Citizenship and Pro-Environmental Behavior Rapid Research and Evidence Review, Sustainable Development Research Network, United Kingdom.
  • Granados- Sanchez, Jesus. (2023). Sustainable Global Citizenship: A Critical Realist Approach, Social Sciences Journal, Vol. 12, No. 171, 1-22.
  • Karatekin, Kadir and Uysal, Cevdet. (2018). Ecological Citizenship Scale Development Study, International Electronic Journal of Environmental Education, Vol. 8, No. 2, 82- 104.
  • Micheletti, Michele. Stolle, Dietlind and Berlin, Daniel. (2012). Habits of Sustainable Citizenship: The Example of Political Consumerism, HELDA- The Digital Repository of University of Helsinki, Studies Across Disciplines in the Humanities and Social Sciences, No. 12, 141- 163.
  • Zorell, Carolin, and Yang, Mundo. (2019). Real- World Sustainable Citizenship between Political Consumerism and Material Practices, Social Sciences Journal, Vol.8, No.311, 1-22.

الهوامش:

  1. Karatekin, Kadir and Uysal, Cevdet. (2018). Ecological Citizenship Scale Development Study, International Electronic Journal of Environmental Education, Vol. 8, No. 2, p 82, 84.
  2. العبلي، ماجد عوض. (2023). المواطنة الجديدة في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد 534، ص 11-12.
  3. فياض، حسام الدين. (2023). نظرية المواطنة بين التربية والممارسة دراسة تحليلية نقدية، مجلة ريحان للنشر العلمي، العدد 32، ص 144، 149.
  4. Buko, Alena. (2009). Environmental Citizenship for Sustainable Consumption, Master Thesis, School of Management and Governance Public Administration, University of Twente, Netherlands, p22-23.
  5. عبد العال، ريهام رفعت. (2017). المواطنة البيئية كما يتصورها أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، مجلة دراسات عربية في التربية وعلم النفس، العدد 84، ص 403.
  6. القاسمية، تركية بنت مرهون. (2018). فاعلية التدريس بالقصص المصورة في الدراسات الاجتماعية على تنمية التحصيل والاتجاه نحو المواطنة البيئية لدى طلبة الصف الرابع الأساسي بسلطنة عُمان، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة السلطان قابوس، عُمان، ص 21.
  7. بني حمدان، صفاء نواف. (2018). دليل إداري تربوي مقترح لتعزيز دور مديري المدارس الثانوية الحكومية في الأردن في مجال المواطنة البيئية، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، الأردن، ص 20.
  8. الزبيدي، غني، ومطلق، علي. (2020). تصميم البرامج التدريبية في ضوء متطلبات المواطنة البيئية دراسة حالة، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد 60، ص 54.
  9. بني حمدان، دليل إداري تربوي مقترح لتعزيز دور مديري المدارس الثانوية الحكومية في الأردن في مجال المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 30- 31.
  10. القاسمية، فاعلية التدريس بالقصص المصورة في الدراسات الاجتماعية على تنمية التحصيل والاتجاه نحو المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 18- 21.
  11. Ariza, Marta. Pauw, Jelle. Olsson, Daniel. Petegem, Peter. Parra, Gema, and Gericke, Niklas. (2021). Promoting Environmental Citizenship in Education: The Potential of The Sustainability Consciousness Questionnaire to Measure Impact of Interventions, Sustainability Journal, No.13, p2-3.
  12. Granados- Sanchez, Jesus. (2023). Sustainable Global Citizenship: A Critical Realist Approach, Social Sciences Journal, Vol. 12, No. 171, p 2.
  13. Ariza et al, Promoting Environmental Citizenship in Education, Ibid, p1-2.
  14. Micheletti, Michele. Stolle, Dietlind and Berlin, Daniel. (2012). Habits of Sustainable Citizenship: The Example of Political Consumerism, HELDA- The Digital Repository of University of Helsinki, Studies Across Disciplines in the Humanities and Social Sciences, No. 12, p143.
  15. Al- Maliki, Wafa and Al- Amiri, Fahd. (2022). Developing Environmental Citizenship Values Skills among Middle School Students in Saudi Arabia: A Qualitative Case Study, IUG Journal of Educational and Psychological Sciences, Vol. 31, No.4, p666.
  16. بني حمدان، دليل إداري تربوي مقترح لتعزيز دور مديري المدارس الثانوية الحكومية في الأردن في مجال المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 35.
  17. الزبيدي، ومطلق، تصميم البرامج التدريبية في ضوء متطلبات المواطنة البيئية دراسة حالة، مرجع سابق، ص 56.
  18. فياض، نظرية المواطنة بين التربية والممارسة دراسة تحليلية نقدية، مرجع سابق، ص 149- 150.
  19. بني حمدان، دليل إداري تربوي مقترح لتعزيز دور مديري المدارس الثانوية الحكومية في الأردن في مجال المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 27.
  20. Al- Maliki and Al- Amiri, Developing Environmental Citizenship Values Skills among Middle School Students in Saudi Arabia, Ibid. p666.
  21. بني حمدان، دليل إداري تربوي مقترح لتعزيز دور مديري المدارس الثانوية الحكومية في الأردن في مجال المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 17- 18.
  22. كاتوت، سحر. (2009). البيئة والمجتمع، دار دجلة ناشرون وموزعون، عمان- الأردن.
  23. عبد العال، المواطنة البيئية كما يتصورها أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، مرجع سابق، ص 403- 405.
  24. Buko, Environmental Citizenship for Sustainable Consumption, Ibid, p 23
  25. Ariza et al, Promoting Environmental Citizenship in Education, Ibid, p4.
  26. Al- Maliki and Al- Amiri, Developing Environmental Citizenship Values Skills among Middle School Students in Saudi Arabia, Ibid. p667.
  27. الرفاعي، عبد الملك. (2007). التربية العلمية وتحقيق المواطنة البيئية، وقائع المؤتمر العلمي الحادي عشر للتربية وحقوق الانسان، مصر، 1، ص 249.
  28. Dobson, Andrew. (2010). Environmental Citizenship and Pro-Environmental Behavior Rapid Research and Evidence Review, Sustainable Development Research Network, United Kingdom, p 52.
  29. الشايع، شيخة ريحان علي. (2013). قياس المواطنة البيئية بمواضيع “الوهابك” لدى طلبة المرحلة الابتدائية بدولة الكويت، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة الخليج العربي، البحرين، ص 6-7.
  30. عبد العال، المواطنة البيئية كما يتصورها أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس، مرجع سابق، ص 412.
  31. القاسمية، فاعلية التدريس بالقصص المصورة في الدراسات الاجتماعية على تنمية التحصيل والاتجاه نحو المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 17.
  32. بني حمدان، دليل إداري تربوي مقترح لتعزيز دور مديري المدارس الثانوية الحكومية في الأردن في مجال المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 31.
  33. Karatekin and Uysal, Ecological Citizenship Scale Development Study, Ibid, p 84-85.
  34. Zorell, Carolin, and Yang, Mundo. (2019). Real- World Sustainable Citizenship between Political Consumerism and Material Practices, Social Sciences Journal, Vol.8, No.311, p4-5.
  35. القاسمية، فاعلية التدريس بالقصص المصورة في الدراسات الاجتماعية على تنمية التحصيل والاتجاه نحو المواطنة البيئية، مرجع سابق، ص 26- 27.