منهج العلماء في الآيات ((المتشابهات))

حسام محمد ديب الحايك1

1 باحث، تركيا، بريد الكتروني: hus.hayk@gmail.com

إشراف الدكتور/ إبراهيم كورنر

ORCID: 0000-0002-2242-2410

HNSJ, 2023, 4(11); https://doi.org/10.53796/hnsj41115

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/11/2023م تاريخ القبول: 20/10/2023م

المستخلص

مسألة المحكم والمتشابه ليست من الأمور التوقيفية التي ورد الشّرع ببيان تفصيلها ومعناها، لذلك كثرت فيها أقوال العلماء واجتهاداتهم، فقد كان الصّحابة الكرام الذين شاهدوا نزول القرآن وعاصروه أصحاب سليقة عربية سليمة، لا تخفى عليهم المعاني ولا يلتبس عليهم الفهم، ومع ذلك كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أشكل عليهم فهمه، لكن مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية ودخول غير العرب في الإسلام، أشكل عليهم فهم المتشابه، فكان لابدّ من الاجتهاد في بيان معاني المتشابه، فنتج عن ذلك الاختلاف مدارس عقدية.

الكلمات المفتاحية: المحكم، المتشابه، أقسام المتشابه ، أقوال العلماء في المتشابه.

Research title

The scholars’ methodology in similar verses

HÜSAM ELHAYIK1

1 Researcher, Türkiye. E-Mail; hus.hayk@gmail.com

Supervisor: İbrahim Görener

ORCID: 0000-0002-2242-2410

HNSJ, 2023, 4(11); https://doi.org/10.53796/hnsj41115

Published at 01/11/2023 Accepted at 20/10/2023

Abstract

The issue of the clear and similar (Al-Muhkam and Al-Musabbath) is not one of the definite matters whose details and meaning are mentioned in the Sharia, so the sayings and interpretations of scholars abounded regarding it. The honorable companions of the prophet (peace be upon him) who witnessed the revelation of the Qur’an were possessors of sound Arabic competence; the meanings were not vague for them and their understanding was not ambiguous, and yet they used to ask the Messenger, may God’s prayers and peace be upon him, what was confusing for them to understand it. However, with the wide expansion of the Islamic state and the entry of non-Arabs into Islam, it became difficult for them to understand what was similar. As a result, it was necessary to endeavor to explain the meanings of what was similar, as a consequence, difference resulted in doctrinal schools.

Key Words: Al-Muhkam, Al-Musabbath, sections of Al-Musabbath, sayings of scholars regarding Al-Musabbath

المقدّمة:

شغلت قضية المحكم والمتشابه الفكر الإسلامي في القديم والحديث، وتعدّدت فيه مذاهب العلماء، واختلفت أقوالهم وتباينت آراؤهم، فالمحكم: أصله حَكَم ومعناه مَنَعَ. وبهذا المعنى القرآن كله محكم، وأمّا المتشابه فمعناه المماثلة، والمماثلة بين أمرين تعني ألاّ يتميّز أحدهما عن الآخر لما بينهما من التشابه، والقرآن الكريم كلّه متشابه من حيث مجيئه بأفصح الألفاظ، وأبلغ التراكيب، وأصحّ المعاني، وأحسن النّظم، وسأقوم بإذن الله جمع الموضوع وطرحه بطريقة سهلة وواضحة، ملمّا بأشهر الأقوال والأقرب إلى روح الشّرع.

قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ﴾([1])

فهذه الآية الكريمة من كتاب الله احتوت كلماتها على المحكم والمتشابه، فالرّاسخون في العلم يقابلهم الذين في قلوبهم زيغ، ومن هنا كانت البداية في تعريف كلّ من المحكم والمتشابه، لننتهي إلى فهم الآية وتفسيرها.

أولا: تعريف المحكم والمتشابه

1- تعريف المحكم.

المحكم لغة: الإحكام والإتقانُ، أتَقنَ الشيءَ أحكمَه، يقال: حكمتُ الدّابةَ منعتُها، وأحكمتُ الشيءَ فاستحكم صار محكما.([2])

فالقرآن الكريم بهذا المعنى اللغوي محكم كلّه، أي: متقن ممتنع عن النقص والخلل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: ﴿كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حكِيمٍ خَبِيرٍ﴾.([3])

المحكم اصطلاحا: الذي يدلّ على معناه بوضوح لا خفاء فيه، أو هو ما لا يحتمل إلاّ وجها واحدا من التّأويل، والمراد بإحكامه إتقانه وعدم تطرُّق النّقص والاختلاف إليه.([4])

2- تعريف المتشابه.

المتشابه في اللغة: المتماثل، يقال: أمور متشابهة، أي متماثلة يشبه بعضها بعضا، ويقال شابهه وأشبهه: أي ماثله إلى درجة الالتباس.([5]) فالقرآن كّله متشابه من جهة الإعجاز والبيان والهداية، واتساق نظمه، وعدم التفاوت في بلاغته، قال سبحانه وتعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ﴾([6])

وأمّا أنّ بعضه محكم وبعضه متشابه، فمعناه أنّ من القرآن ما اتضحت دلالته على مراد الله تعالى منه، ومنه ما خفيت دلالته على هذا المراد الكريم، فالأول هو المحكم والثّاني هو المتشابه.([7])

-المتشابه اصطلاحاً: ما احتمل أوجهاً من التّأويل يحتاج إلى بيان، ومنشأ التّشابه يعود إلى خفاء مراد الشّارع من كلامه.

ثانيًا: أقسام المتشابه.

التّشابه في بعض آيات القرآن الكريم ثلاثة أنواع:

1- التّشابه من جهة اللفظ.

2- التّشابه من جهة المعنى.

3- التّشابه من جهة اللفظ والمعنى.

الأول: التّشابه من جهة اللفظ.

وهو ما كان خفاء معناه ناشئا من جهة اللفظ، ويأتي على قسمين:

أ_ تشابه لفظي يرجع إلى المفردات بسبب غرابتها وقلّة استعمالها لدى الذين نزل القرآن بينهم قريش والأنصار مثل كلمة (لَأَوَّاهٌ) في قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيم﴾([8]) وكلمة ( غِسْلِين ) في قوله تعالى ﴿وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِين﴾([9]) كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: “لا أدري ما الأوّاه وما الغسلين”.([10])

ب- تشابه لفظي يرجع إلى تركيب الألفاظ وهي الجمل، ويأتي على ثلاثة أنواع:

1- لاختصار الكلام كقولة تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾([11])والمعنى ألاّ تقسطوا في اليتامى إذا تزوجتموهن.

2- بسط الكلام، كقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ ففي ذكر الكاف بسطٌ للكلام.

3- نظم الكلام كقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً﴾([12])

فجاءت جملة ﴿وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا﴾ فاصلة بين الصّفة والموصوف، وأصل الكلام: أنزل على عبده الكتاب قيّما، ولم يجعل له عوجا.

الثّاني: التّشابه من جهة المعنى:

ويتعلّق هذا النّوع بالغيبيات، إذ لا يمكن للإنسان أن يتصوّر ما غاب عن حواسه على حقيقته.

الثّالث: التّشابه من جهة اللفظ والمعنى:

وهو خمسة أنواع:

  1. من جهة الكميّة كالعموم والخصوص نحو: ﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِين ﴾.([13])
  2. من جهة الكيفية كالوجوب والندب ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾.([14])
  3. من جهة الزمان؛ كالنّاسخ والمنسوخ نحو قوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِه﴾.([15])
  4. من جهة المكان؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا﴾.([16])فمَن لا يعرف عادة أهل الجاهلية في ذلك يتعذّر عليه تفسير هذه الآية.
  5. من جهة الشّروط التي يصح بها الفعل أو يفسد كشروط الصّلاة والنّكاح.([17])

قال الرّاغب الأصفهاني: بعد ذكره لهذه الأقسام “وهذه الجملة إذا تصوّرتَ، علم أنَّ كلّ ما ذكره المفسّرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التّقاسيم.([18])

ثالثا: مذاهب العلماء في المتشابهات.

المحكم والمتشابه ليس من الأمور التوقيفيّة التي ورد الشّرع ببيان تفسيرها وبيناها، بل كان من الأمور الاجتهاديّة التي كثرت فيه أقوال العلماء، ويمكن أن نختصرها برأيين اثنين:

الأول: المحكم ما وضح معناه، والمتشابه مالم يتضح معناه إلاّ بعد إجالة نظرٍ وإعمال فكر.

الثّاني: المحكم ما عُلِمَ معناه، وكان في دائرة الإمكان، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه.

وعلى هذين المذهبين تدور أقوال العلماء، وإلى القول الأول ذهب أكثر المفسرين، ومن العلماء الذين قالوا بهذا القول:

1-ابن قتيبة الدّينوري رحمه الله قال: وأمَّا قولهم: ماذا أراد بإنزال المتشابه في القرآن، مَنْ أرادَ بالقرآن لعباده الهدى والتّبيان؟ فالجواب عنه: أنّ القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز والاختصار، والإطالة والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، وإغماض بعض المعاني حتّى لا يظهرَ عليه إلاّ سريع الفهم وإظهار بعضها، وضرب الأمثال لما خفي، ولو كان القرآن كلُّه ظاهرا مكشوفا حتّى يستوي في معرفته العالم والجاهل، لبطل التفاضل بين النّاس، وسقطت المحنة، وماتت الخواطر، ولسنا ممّن يزعم: أنّ المتشابه في القرآن لا يعلمه الرّاسخون في العلم، وهذا غلط من متأوّليه على اللّغة والمعنى، ولم ينزل الله شيئا من القرآن إلاّ لينفع به عباده، ويدلّ به على معنى أراده، فلو كان المتشابه لا يعلمه غيره للزمنا للطّاعن مقال، وتعلّق علينا بعلّة، فإنّا لم نر المفسرين توقّفوا عن شيء من القرآن فقالوا: هذا متشابه لا يعلمه إلاّ الله، بل أمرّوه كلّه على التّفسير. ([19])

2- الإمام الغزالي في كتابه المستصفى: وَإِذَا لَمْ يَرِدْ تَوْقِيفٌ فِي بَيَانِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَيُنَاسِبُ اللَّفْظَ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ، وَلَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُمْ: الْمُتَشَابِهُ هِيَ الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَالْمُحْكَمُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَلَا قَوْلُهُمْ: الْمُحْكَمُ مَا يَعْرِفُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَالْمُتَشَابِهُ مَا يَنْفَرِدُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ، وَلَا قَوْلُهُمْ: الْمُحْكَمُ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالْمُتَشَابِهُ الْقَصَصُ وَالْأَمْثَالُ وَهَذَا أَبْعَد،ُ بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُحْكَمَ يَرْجِعُ إلَى مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: الْمَكْشُوفُ الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ إشْكَالٌ وَاحْتِمَالٌ، وَالْمُتَشَابِهُ مَا تَعَارَضَ فِيهِ الِاحْتِمَالُ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا انْتَظَمَ وَتَرَتَّبَ تَرْتِيبًا مُفِيدًا، إمّا عَلَى ظَاهرٍ أَوْ عَلَى تَأْوِيلِ، وَأَمَّا الْمُتَشَابِهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ كَالْقُرْءِ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾([20])فَإِنَّهُ مُرَدَّدٌ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا وَرَدَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ مِمَّا يُوهِمُ ظَاهِرُهُ الْجِهَةَ وَالتَّشْبِيهَ وَيُحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلِه.ِ

فَإِنْ قِيلَ: قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}([21])الْوَاوُ لِلْعَطْفِ أَمْ الْأَوْلَى الْوَقْفُ عَلَى اللَّهِ؟ قُلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ مُحْتَمَلٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ وَقْتَ الْقِيَامَةِ فَالْوَقْفُ أَوْلَى وَإِلَّا فَالْعَطْفُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُخَاطِبُ الْعَرَبَ بِمَا لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ.([22])

3- الإمام النّووي: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هَلْ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ وَتَكُونُ الْوَاوُ فِي ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ عَاطِفَةً أَمْ لَا؟ وَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ الا الله﴾ ثُمَّ يَبْتَدِئُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يقولون آمنا به﴾ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ مُحْتَمَلٌ ،وَاخْتَارَهُ طَوَائِفُ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ وَأَنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَهُ ؛لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُخَاطِبَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِمَا لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا لَا يُفِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.([23])

4- قال الرّاغب الأصفهاني في المفردات: ثمّ جميع المتشابه على ثلاثة أضرب:

أ-قسمٌ لا سبيل للوقوف عليه، كوقت السّاعة، وخروج دابة الأرض.

ب- وقسمٌ للإنسان سبيل إلى معرفته، كالألفاظ الغريبة.

ج- وقسمٌ متردّد بين الأمرين، يجوز أن يختصّ بمعرفة حقيقته بعض الرّاسخين في العلم، ويخفى على مْنَ دونهم، وهو الضّرب المشار إليه بقوله عليه السّلام في عليّ رضي الله عنه: «اللهمّ فقّهه في الدّين وعلّمه التّأويل»([24]) وقوله لابن عبّاس مثل ذلك.([25])

5- السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ عَلَى أَقْوَالٍ:

-المحكم ما عرف المراد منه بالظّهور أو بالتّأويل، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه مثل قيام السّاعة.

– المحكم ما وضَحَ معناه والمتشابه نقيضه.

– الْمُحْكَمُ مَا لَا يَحْتَمِلُ مِنَ التَّأْوِيلِ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا وَالْمُتَشَابِهُ مَا احْتَمَلَ أَوْجُهًا.

– الْمُحْكَمُ مَا كَانَ مَعْقُولَ الْمَعْنَى وَالْمُتَشَابِهُ بِخِلَافِهِ كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ وَاخْتِصَاصِ الصِّيَامِ بِرَمَضَانَ.

– الْمُحْكَمُ مَا اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ، وَالْمُتَشَابِهُ ما احتاج غيره لبيان معناه.

– المحكم تأويله تنزيله، والمتشابه لا يعلم إلاّ بالتّأويل.

– المحكم الفرائض والوعد والوعيد، والمتشابه القصص والأمثال.

– المحكم لفظُهُ غير مكرّر، والمتشابه مكرّر اللفظ.([26])

رابعا: حكمة ورود المتشابه.

الحكمة من ورود المتشابه في القرآن تختلف باختلاف آراء العلماء فيه، فالذين يرون أنّ المتشابه ما استأثر الله بعلمه، فالحكمة عندهم هو ممّا ابتلى الله به عباده وتعبّدَهم فيه، فهم يؤمنون به دون أن يعلموا المراد منه، وعند الذين يرون أنّ المتشابه ما خفيتْ دلالته فيذكرون له فوائد كثيرة.

1-فقد ذكر الزّمخشري في ” كشافه”: فإنْ قلت: فهل كان القرآن كلّه محكما؟ قلت: لو كان كلّه محكما؛ لتعلّق النّاس به لسهولة مأخذه، ولأعرضوا عمّا يحتاجون فيه إلى الفحص والتأمّل من النّظر والاستدلال ولو فعلوا ذلك؛ لعطّلوا الطّريق الذي لا يتوصل إلى معرفة الله وتوحيده إلاّ به، لما في المتشابه من الابتلاء والتّمييز بين الثّابت على الحق والمتزلزل فيه، ولما في تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه وردّه إلى المحكم من الفوائد الجلية، والعلوم الجمّة، ونيل الدرجات عند الله، ولأنّ المؤمن المعتقد ألّا مناقضة في كلام الله ولا اختلاف إذا رأى فيه ما يتناقض في ظاهره، وأهمُّهُ طلبُ ما يوفّق بينه ويجريه على سنن واحد، ففكّرَ وراجع نفسه وغيره، ففتح الله عليه وتبيّن مطابقة المتشابه للمحكم؛ ازداد طمأنينة إلى معتقده في إيقانه”.([27])

2-وما قاله الإمام البيضاوي في تفسيره “أنوار التنزيل وأسرار التّأويل”: عن حكمة ورود المتشابه في القرآن ” ﴿وأخر متشابهات([28])لا يتضح مقصودها إلاّ بالفحص والنّظر ليظهر فيها فضل العلماء ويزداد حرصهم على أنْ يجتهدوا في تدبرها وتحصيل العلوم المتوقف عليها استنباط المراد بها فينالوا بها وبإتعاب القرائح في استخراج معانيها والتوفيق بينها.([29])

3- قول الإمام الرّازي في تفسيره” مفاتيح الغيب”، وابن عادل الحنبلي في تفسيره” اللباب في تفسير الكتاب: وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ ذَكَرُوا في فوائد المتشابهات وجوهاً:

الأول: أنّه متى كانت المتشابهات موجودة كان الوصول إلى الحق أصعب وأشق، وزيادة المشقة توجب مزيد الثّواب.

الثّاني: أنّ القرآن إذا كان مشتملاً على المحكَم والمتشابه افتقر النّاظر إلى الاستعانة بدليل العقل، وحينئذ يتخلّص عن ظلمة التقليد، ويصل إلى ضياء الاستدلال، ولو كان كلّه محكماً لم يفتقر إلى التمسك بالدلائل العقلية، وكان يبقى – حينئذٍ – في الجهل والتقليد.

الثّالث: أنّ القرآن لمّا كان مشتملاً على المحكم والمتشابه افتقر إلى تعلّم طرق التّأويلات، وترجيح بعضها على بعض، وافتقر في تعلّم ذلك إلى تحصيل علوم كثيرة من علوم اللغة، والنّحو، وأصول الفقه، ولو لم يكن الأمر كذلك لما كان الإنسان يحتاج إلى تحصيل هذه العلوم الكثيرة، فكان في إيراد هذه المتشابهات هذه الفوائد.

الرّابع: أنّ القرآن يشتمل على دعوة الخواص، والعوامّ بالكلية، وطباع العوام تنبو – في أكثر الأمر – عن إدراك الحقائق، فمن سمع من العوام – في أول الأمر – إثبات موجود ليس بجسم ولا متحرك ولا يشار إليه ظَنَّ بأن هذا عَدَم ونَفْي، فوقع في العطيل، فكان الأصلح أن يخاطَبُوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما توهموه وتخيّلوه، ويكون ذلك مخلوطاً بما يدلُّ على الحقّ الصّريح فالمخاطبة في أولِ الأمرِ تكون من أبواب المتشابهات، والثّاني وهو الذي انكشف لهم في آخر الأمر هو المحكم.

الخامس: لو كان القرآن محكماً بالكليّة لمّا كان مطابقاً إلاّ لمذهب واحد، وكان تصريحه مبطلاً لكلّ ما سوى ذلك المذهب، وذلك ممّا يُنَفِّر أربابَ المذاهب عن قبوله وعن النّظر فيه، فالانتفاع به إنّما حصل لمّا كان مشتملاً على المحكَم والمتشابه، فحينئذ يطمع صاحب كلِّ مذهب أن يجدَ فيه ما يقوي له حكمه ويُؤثِرُ مقالته، فحينئذ ينظر فيه جميعً أرباب المذاهب، ويجتهد في التأمل فيه كلُّ صاحب مذهب، فإذا بالغوا في ذلك صارت المحكمات مفسّرة للمتشابهات، فبهذا الطريق يتخلّص المبطل عن باطله ويصل إلى الحق، والله أعلم. ([30])

خامسا: أسباب وقوع المتشابه.

قال الدكتور فضل حسن العبّاس في كتابه إتقان البرهان في علوم القرآن ما نصّه:

وقد يتساءل كثير من النّاس عن أسباب وقوع المتشابه في القرآن الكريم؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقول وبالله التّوفيق:

إنّ القرآن الكريم نزل منجّما في مدة تزيد على العشرين سنة، وشاء ربنا تبارك وتعالى أن يصرّف فيه من كل مثل، كما قال سبحانه ولقد صرّفنا في هذا القرآن ليذكروا ففيه الأحكام والحكم، والقصص والأمثال، والعقائد والأخلاق، وعلوم كثيرة ومعارف جمّة، كما أنّ فيه المبيّن والمجمل، والمطلق والمقيّد، والعام والخاص، والنّاسخ والمنسوخ.

ثمّ إنّ الذين نزل فيهم القرآن لم يكونوا سواء، فكان بعضهم أوعى لما فيه من بعضهم الآخر، ثمّ إنّ كثيرا ممّا جاء في كتاب الله لم يكن لديهم علم به من قبل، لذا اشتهر بعض الصّحابة رضوان الله عليهم بالتّفسير، وآخرون في فقهه وأحكامه ،وكانت بعض أساليبه وكلماته ومفرداته تخفى على كثير منهم ،فكان لابدّ من أن يرجع إلى مَن هو أعلم منه.([31])

وسأذكر أمثلة تبيّن أنّ الصّحابة رضوان الله تعالى عنهم كانت تشكل عليهم معرفة بعض الكلمات فيسألون عنها ليعرفوا معناها من ذلك:

  1. ما ذكره ابن كثير في تفسيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنِ السماوات وَالْأَرْضِ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا. قَالَ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْخِ فَاسْأَلْهُ، ثُمَّ تَعَالَ فَأَخْبِرْنِي بِمَا قَالَ لَكَ، قَالَ: فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فسأله فقال ابن عباس: نعم كانت السماوات رَتْقًا لَا تُمْطِرُ، وَكَانَتْ الْأَرْضُ رَتْقًا لَا تُنْبِتُ، فَلَمَّا خَلَقَ لِلْأَرْضِ أَهْلًا فَتَقَ هَذِهِ بِالْمَطَرِ، وَفَتْقَ هَذِهِ بِالنَّبَاتِ، فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْآنَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ أُوتِيَ فِي الْقُرْآنِ عِلْمًا، صَدَقَ هَكَذَا كَانَتْ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ كُنْتُ أَقُولُ مَا يُعْجِبُنِي جَرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، فَالْآنَ عَلِمْتُ أَنَّهُ قَدْ أُوتِيَ فِي الْقُرْآنِ عِلْمًا.([32])
  2. ما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم لمَ تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال إنّه ممن قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلاّ ليريهم منّي، فقال ما تقولون في ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) ﴾([33]) حتّى ختم السّورة، فقال بعضهم: أُمرنا أنْ نحمد الله ونستغفره إذا نَصَرنا وفتحَ علينا ،وقال بعضهم: لا ندري أو لم يقل بعضهم شيئا ،فقال لي يا ابن عباس أكذلك قولك ؟ قلت: لا، قال فما تقول؟ قلت: هو أجلُ رسول الله صلى الله عليه و سلم أعلمه الله له ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾([34]) فتح مكة فذاك علامة أجلك ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾([35]). قال عمر ما أعلم منها إلاّ ما تعلم.([36])
  3. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قال رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ قَالَ ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾([37]) ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾([38]) ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾([39]) ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾([40]) فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ.

– وقال: ﴿أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا………… إِلَى قَوْلِهِ دَحَاهَا﴾([41]) فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ……إِلَى قَوْلِهِ طَائِعِينَ﴾([42]) فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ وَقَالَ ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾([43]) ﴿عَزِيزًا حَكِيمًا﴾([44])﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾([45]) فكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى.

قال ابن عباس: ﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾([46]) فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ﴿فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾([47]) فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الْآخِرَةِ ﴿أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾([48]).

-وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾([49]) ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾([50]) فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا.

– وقوله تعالى: ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُو﴾([51]) الْآيَةَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿دَحَاهَا﴾([52]) وَقَوْلُهُ ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾([53]) فَجُعِلَتْ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَخُلِقَتْ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾([54]) سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ فَلَا يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.([55])

وإذا كان هذا هو شأن الصّحابة، فلا شكّ أنّ مَنْ جاء بعدهم يكون ما خفي عليه أكثر مما خفي على الصّحابة أنفسهم رضوان عنهم.

سادسا: تفسير آية آل عمران.

﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.([56])

علمنا ممّا سبق أنّ منشأ التّشابه إجمالا هو خفاء مراد الشّارع من كلامه، فمنه ما يرجع خفاؤه إلى اللفظ، ومنه ما يرجع خفاؤه إلى المعنى، ومنه ما يرجع خفاؤه إلى الّلفظ والمعنى معًا، فإنْ قلتَ: ما الحكمةُ من كون بعض القرآن متشابهاً؟ فالجواب: أنَّ الحكمة من ذلك ابتلاء العباد واختبارهم، ليتبيّن الصّادق في إيمانه من الشّاك الجاهل الزائغ، فالصّادق في إيمانه الرّاسخِ في عمله الذي يؤمن بالله وكلماته، ويعلم أنَّ كلام الله عزّ وجلّ ليس فيه تناقض، ولا اختلاف فيردُّ ما تشابَهَ منه إلى ما كان محكماً، ليصير كلُّه محكماً، وأمَّا الشّاك الجاهل الزّائغ الذي يتّبع ما تشابه منه، ليضرب كتابَ الله تعالى بعضَه ببعض، فيَضِلُّ ويُضِلُّ، ويكون إماماً في الضّلال والشّقاء فيُفتِنُ النّاس في دينهم ويوقعهم في الشّك والحيرة.([57])

فما من مفسّر للقرآن إلاّ وقد وقف أمام هذه الآيات وقفة مطوّلة، واستطرد في الكلام عن ما تشير له الآيات، وتوسّع في الكلام عن المحكم والمتشابه في القرآن، وعن تأويل المتشابه وكيفيته وإمكانيته وضوابطه، واختلفتْ الأفهام كثيرًا في هذه الموضوعات، وتعددت الآراء، وتباينت وجهات النّظر، وكلّ رأي يدّعي صاحبه اعتماده فيه علي هذه الآيات، وتَقسِمُ هذه الآيةُ آياتِ القرآن إلي قسمين: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ- هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ- وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ، وبعد ما ذكرت الآيةُ الفريق الأول الرّاغب في تأويل المتشابه، طلبا للفتنة، وذمّتهم بسبب ذلك، بينت موقف الفريق الآخر، الذين لا يخوضون في تأويل المتشابه، والذين يكلون علم تأويله إلي الله، ومدحتهم، ووصفتهم بصفة الرسوخ في العلم، فقالت: ﴿والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا﴾.

واختلفوا في تأويل “الرّاسخون” هل هي معطوفة على اسم “اللّه” وتكون الواو” حرف عطف فيعلمون تأويله؟ أم تكون “الرّاسخون” استئنافية و “الواو ” للاستئناف وليست للعطف؟ وقد نقل الخلاف في ذلك الإمام الطبري في تفسيره ” جامع البيان في تأويل القرآن”، فالذين ذهبوا إلى أنّ “الرّاسخون” معطوفة على اسم الجلالة “الله ” ويعلمون تأويله ويقولون “آمنّا به” هم:

1- عن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عبّاس أنّه قال: أنا ممن يعلم تأويله.([58])

2- عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: “والراسخون في العلم” يعلمون تأويله ويقولون :”آمنا به.([59])

3- عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: “وما يعلم تأويله” الذي أراد، ما أراد، (1) “إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلّ من عند ربنا”، فكيف يختلف، وهو قولٌ واحدٌ([60])

والذين قالوا بإنّ الراسخين لا يعلمون تأويل ذلك، وإنّما أخبر الله عنهم بإيمانهم وتصديقهم بأنّه من عند الله، فإنّه يرفع “الراسخين في العلم” بالابتداء وهم :

1- عن عائشة قوله: ﴿والرّاسخون في العلم يقولون آمنا به﴾ قالت: كان من رسوخهم في العلم أنْ آمنوا بمحكمه ومتشابهه، ولم يعلموا تأويله.([61])

2- عن هشام بن عروة قال: كان أبي يقول في هذه الآية، “وما يعلم تأويله إلاّ الله والرّاسخون في العلم”، أنّ الرّاسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنّهم يقولون: “آمنّا به كل من عند ربنا”.([62])

3- عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول:” والرّاسخون في العلم”، انتهى علم الرّاسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أنْ قالوا: “آمنّا به كلٌّ من عند ربنا”.([63])

4- عن مالك بن أنس قال: “وما يعلم تأويله إلا اللهّ”، قال: ثمّ ابتدأ فقال: “والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا”، وليس يعلمون تأويله.([64])

والقول الثّاني هو الذي اختاره ابن جرير الطبري في تفسيره ومال إليه

ويمكننا أن ننوّع المتشابهات على ضوء ما سبق ثلاثة أنواع:

النّوع الأول: ما لا يستطيع البشر جميعا أنْ يصلوا إليه، كالعلم بذات الله وحقائق صفاته، وكالعلم بوقت القيامة ونحوه من الغيوب التي استأثر الله تعالى بها. ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.([65])

النّوع الثّاني: ما يستطيع كلّ إنسان أنْ يعرفه عن طريق البحث والدرس كالمتشابهات التي نشأ التّشابه فيها من الإجمال والبسط والترتيب ونحوها ممّا سبق.

النّوع الثّالث: ما يعلمه خواص العلماء دون عامتهم ولذلك أمثلة كثيرة من المعاني العالية التي تفيض على قلوب أهل الصّفاء والاجتهاد عند تدبرهم لكتاب الله.([66])

النتائج والمناقشة:

بعد عرض الأقوال في المتشابه والمحكم يتبيّن لنا أنّ هناك مذهبين في مسألة المحكم والمتشابه:

أولا: أصحاب المذهب الأول (الذين قالوا بأنّ المؤمنين يعلمون تأويله) فقد بنوا مذهبهم على أساسين اثنين النّقل والعقل.

أ-أمّا النّقل: فهناك آيات كثيرة من كتاب الله من مثل: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾([67]) ،وقوله ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾([68])، وقوله ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾.([69]) ومثل هذه كثير في القرآن الكريم.

ومن الأحاديث النّبويّة قول النبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه لابن عبّاس: أنْ يعلّمه التّأويل. ([70])

ب-وأمّا العقل: هو أنّ الله تعالى وهو الحكيم الخبير، لا يكلّف النّاس ما لا يطيقون، ومن حكمته ألاّ يتعبّدهم بما يعجزون عن فهمه ولا يستطيعون إدراكه، لأنّ ذلك يتنافى مع التّفسير.

ثانيا: أصحاب المذهب الثّاني، فيستدلون على ما ذهبوا إليه من وجود إليه من وجود المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، ابتلاء من الله لعباده حتّى يتبيّن المؤمنون الصّادقون، فتسليمهم المطلق من غير مراء فيما لا يستطيع النّاس فهمه من أقوى الأدلة على صدق الإيمان، وهو الذي يتفق مع معنى العبوديّة.

وممّا ذكره أصحاب المذهب الثّاني من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه: علم السّاعة، والرّوح، والدابة، وعدد الرّكعات ، وتخصيص بعض الشعائر بأوقات معيّنة، والحروف المقطّعة في فواتح السور، وآيات الصّفات. ولابدّ من تحرير محل النّزاع لنصل إلى النتيجة، ليس الخلاف في تحديد وقت السّاعة، أو توقيت خروج الدجّال، يقول الله تعالى:﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.([71])

ففي هذه الآية ومثيلاتها لا يجد القارئ فيها أيّ إشكال في فهمها، فمعنى الآية واضح المعنى بأنّ الله وحده عنده علم السّاعة، وكذلك توقيت خروج الدّابة، وفي تخصيص بعض الشّعائر بأوقات معيّنة ،وعدد الرّكعات ، كلّها ليس محل نزاع ولا تدخل في باب المتشابه والله أعلم، بقي أمران اثنان وهما الحروف المقطّعة وآيات الصّفات، الحروف المقطّعة اختلف العلماء في بيان معناها ودلالتها إلى أقوال متعددة، بعضهم قال لها معنى معقول ، وبعضهم ذهب إلى أنّها أسماء للسّور، وبعضهم قال هي للتحدّي فهذا القرآن كلماته من كلماتكم وحروفه من حروفكم وعجزتم عن الاتيان بمثله، وإلى غير ذلك .

أمّا آيات الصّفات فإنّ اختلاف العلماء فيها ليس ناشئا عن عدم الفهم، بل هو ناشئ عن أمر آخر، وهو قوله تعالى: ليس كمثله شيء([72])، وهي آية محكمة واضحة المعنى، لا يستعصي فهمها على أحد، فهو سبحانه لا يشبه الحوادث، لذلك اختلف العلماء في فهم آيات الصّفات، فبعضهم أبقاها على ظاهرها، وفوّض العلم فيها إلى الله دون تشبيه ولا تعطيل، وآخرون ذهبوا مذهبا آخر فأوّلوها بما يتفق مع تنزيه الله عزّ وجل وتقديسه، ومع ما يتفق مع أسلوب القرآن العربي المبين.

الخاتمة:

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصّالحات، الحمد لله أولا وأخيرا، والصّلاة والسّلام على سيدنا ونبيّنا محمّد الذي بلّغ الأمانة ونصح الأمّة ، وكشف الغمّة عن هذه الأمّة، فقد جاءنا بالهدى والبيّنات من ربه، بعد أن وفقني الله بكتابة هذا البحث ساردا أقوال العلماء ومنهجهم في الآيات المتشابهات، يتبيّن لنا أنّ المسألة ليست محسومة لأحد الطرفين دون الآخر، بل لكلّ فريق منهم أدلته الخاصّة التي تقوّي رأيه ،فالمسألة تنقسم بين مذهب السلف الذي يفوّض معناها إلى رب العالمين مع الإيمان المطلق بكل ما جاء في القرآن الكريم دون تأويل معناها، وبين مذهب الخلف الذين يؤمنون بكلِّ ما جاء في القرآن الكريم من صفات الله مع تأويلها تنزيها عن مماثلة الحوادث ،وبما يتوافق مع قوله تعالى ((ليس كمثله شيء)).

المصادر والمراجع

-أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، ط1، 1418ه.

إتقان البرهان في علوم القرآن، د. فضل حسن عبّاس، دار الفرقان -الأردن، ط1، 1997م.

-الإتقان في علوم القرآن، جلال الدّين السيوطي، الهيئة المصرية العامة للكتب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1، 1974م.

– تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، دار الكتب العلميّة- بيروت، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، ط1، 1997م.

-التحرير والتنوير، محمد الطّاهر بن عاشور التونسي، الدار التونسيّة للنشر-تونس 1984م.

– جامع البيان في تأويل القرآن، أبو جعفر الطبري، مؤسسة الرّسالة، دمشق، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ط1، 2000م.

– عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ، أحمد بن يوسف، المعروف بالسّمين الحلبي، دار الكتب العلمية، بيروت، تحقيق: محمد باسل عيون السود، ط1، 1996م.

-شرح صحيح مسلم، محيي الدين يحيى بن شرف النووي، دار إحياء التراث- لبنان، الطبعة 1392هـ.

– صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، دار طوق النجاة، تحقيق: فؤاد عبد الباقي، ط1، 1422ه.

– الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل، الزّمخشري محمود بن عمرو، دار المعرفة، بيروت، ط3، 2003م.

– اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل الحنبلي، دار الكتب العلمية، بيروت، تحقيق: الشيخ عادل أحمد موجود وعلي محمد معوض، ط1، 1998م.

– لسان العرب، محمد بن مكرم بن علي، ابن منظور الأنصاري الإفريقي، دار صادر-بيروت، ط3، 1414هـ.

– مفاتيح الغيب أو التّفسير الكبير، الرّازي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2000م.

-المستصفى، محمد بن محمد الغزالي الطوسي، دار الكتب العلميّة، تحقيق: محمد عبد السّلام، الطبعة الأولى 1993م.

-المفردات، الحسين بن محمد المعروف بالرّاغب الأصفهاني، دار المعرفة-لبنان، تحقيق: محمد سيد كيلاني، 1412ه.

– مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزّرقاني، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، دار الكتاب العربي-بيروت، ط1، 1995م.

-مسند الإمام أحمد، أبو عبد الله أحمد بن حنبل، مؤسسة الرّسالة، دمشق، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، ط1، 2001م.

  1. () آل عمرآن الآية:7.
  2. () انظر: المفردات، الأصفهاني، (نشر:1412ه)ـ،1/126،لسان العرب، ابن منظور (نشر:1414هـ) باب فصل التاء المثناة فوقها 13/73.
  3. () هود الآية :1.

  4. () انظر: الإتقان في علوم القرآن، السيوطي(نشر:1974م)2/384، إتقان البرهان في علوم القرآن، د. فضل حسن عبّاس(نشر: 1997م) 485.
  5. ()انظر: المفردات، الأصفهاني،ـ254، لسان العرب ،ابن منظور 13/504.
  6. () الزّمر آية (23).
  7. () انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، الزّرقاني، معنى محكم القرآن ومتشابه(نشر:1995م) 2/271 بتصرّف ، إتقان البرهان، د. فضل حسن عبّاس 2/586.
  8. () التوبة آية (114).
  9. () الحاقة:36.
  10. () انظر: التحرير والتنوير، سورة آل عمران(نشر 1984م)3/159. الأوّاه: اختلف المفسرون في تفسير هذه الكلمة على خمس عشرة معنى منها: الخاشع المتضرّع، الرّحيم، الفقية المقن، المؤمن التوّاب، المؤمن بالحبشية، الخاشع المتضرّع ….. انظر: تفسير الطبري14/512-523-526-528-529-531-532، والغسلين: شرّ الطعام و أخبثه وأبشعه. انظر: تفسير الطبري 23/591.
  11. () النّساء:3.
  12. () الكهف : 1-2.
  13. () التوبة :5.
  14. () النّساء: 3.
  15. () آل عمران :102.
  16. () سورة البقرة :189.
  17. ()انظر: المفردات في غريب القرآن، الأصفهاني ، ص444، 445، عمدة الحفّاظ في تفسير أشرف الألفاظ، السمين الحلبي، عمدة الحفّاظ (نشر: 1996م)2/249-255.
  18. () انظر: المفردات في غريب القرآن، الأصفهاني، ص444.
  19. () انظر: تأويل مشكل القرآن، ابن قتيبة الدينوري (نشر:1971م)، باب المتشابه 58-67.
  20. () سورة البقرة :237.
  21. () آل عمران :7.
  22. () انظر: المستصفى، الغزالي، مَسْأَلَةٌ فِي الْقُرْآنِ مُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ (نشر: 1993م)1/85.
  23. () انظر: شرح صحيح مسلم، النووي، باب النّهي عن اتباع متشابه القرآن (نشر: 1392هـ) 16/218.
  24. () أخرجه البخاري في صحيحه، بَابُ وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلاَءِ رقم (143)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله رضي الله عنه رقم (2477).
  25. () انظر: المفردات، الرّاغب الأصفهاني 445.
  26. () انظر: الإتقان في علوم القرآن، السيوطي، النّوع الثّالث والأربعون3/4.
  27. ()انظر: الكشّاف، الزّمخشري 1/255.
  28. () سورة آل عمران :7.

الهوامش:

  1. () انظر: أنوار التنزيل وأسرار التّأويل، البيضاوي، تفسير سورة آل عمران 2/7.
  2. () انظر: مفاتيح الغيب أو التّفسير الكبير، الرّازي، سورة آل عمران 7/142، اللباب في علوم الكتاب، ابن عادل الحنبلي سورة آل عمران 5/35.
  3. () انظر: إتقان البرهان في علوم القرآن، الدكتور فضل حسن عبّاس، أسباب وقوع المتشابه (نشر:2010م)2/502.
  4. () انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، سورة الأنبياء (نشر: 1997م) 5/297.
  5. () سورة النّصر:1-3.
  6. () سورة النّصر :1.
  7. () سورة النّصر: 3.
  8. () أخرجه البخاري، الجامع الصّحيح، كتاب التفسير، باب علامات النّبوة في الإسلام رقم (3428) 3/1327.
  9. () المؤمنون : 101.
  10. () الصافات :27.
  11. () النّساء :42.
  12. () الأنعام ا:23.
  13. () عبس :27-30.
  14. () فصّلت :9-11.
  15. () النّساء:100.
  16. () النساء :158.
  17. ()النساء :58.
  18. () المؤمنون :101.
  19. () الزّمر :68.
  20. ()الصافات :27.
  21. () الأنعام :23.
  22. () النّساء :42.
  23. () النّساء :42.
  24. () النّازعات :30.
  25. () فصلت :9.
  26. () النّساء :100.
  27. () أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب سورة فصلت رقم: (4537)4/1814.
  28. () آل عمران :7.
  29. () انظر: مناهل العرفان، الزّرقاني 2/219. بتصرف.
  30. () انظر: جامع البيان، الطبري رقم: (6632) 6/203، وكذلك بسند آخر عن أبي نجيح عن مجاهد رقم (6633)،(6634).
  31. () انظر: جامع البيان، الطبري رقم: (6635) 6/203.
  32. () انظر: جامع البيان، الطبري رقم: (6636) 6/203.
  33. () انظر: جامع البيان، الطبري رقم: (6626) 6/202.
  34. ()انظر: جامع البيان، الطبري رقم: (6628) 6/202.
  35. () انظر: جامع البيان، الطبري رقم: (6630)6/203.
  36. () انظر: جامع البيان، الطبري رقم: (6631)6/203.
  37. () لقمان :34.
  38. () انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، الزّرقاني 2/202.
  39. () هود :1.
  40. () محمّد 24.
  41. () القمر32.
  42. () أخرجه أحمد في مسنده رقم (3033) 1/328.
  43. () الأعراف:187.
  44. () الشورى: 11.