د. محسن قدير1 علي حسين علي الخيكاني1
1 جامعة قم، كلية الحقوق.
بريد الكتروني: : alialihussein07@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(11); https://doi.org/10.53796/hnsj41118
تاريخ النشر: 01/11/2023م تاريخ القبول: 20/10/2023م
المستخلص
تعد هذه جريمة بـــــ (المسؤولية الجنائية عن جريمة الخطف في قانون الجنائي العراقي) تستند في دراستها على قانون العقوبات العراقي الجنائي وتهدف هذا الدراسة الى التعرف على جريمة الخطف الاشخاص في القانون العراقي، وأنواع الخطف في قانون العقوبات العراقي ( الخطف من حيث جنس وسن المخطوف) ، وتتجلى أهمية هذه الدراسة التعرف على اركان أخطر الجرائم التي ترتكب وهي جريمة الخطف وما يلحق بالإنسان من ظلم كبير في أبعاده عن مكان استقراره في بعض الاحيان بفصل الروح عن الجسد ، وبناء على ذلك فرض القانون عقوبات مشددة بحق مرتكب جريمة خطف الأشخاص تصل الى (الإعدام)، لتكون رادع لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة كونها سببت ارباكاً مؤثراً في حياة الناس وكافة المجتمعات على مر العصور.
لقد تكفل القانون بحماية الافراد من أي سلوك أو تصرف ورفع الظلم عنهم سواء من نفس وعرض ومال، وأصبح القانون يطبق على جميع الافراد بدون استثناء وعلى الرغم من تطوره بتطور الزمان واختلاف المكان.
Criminal liability for the crime of kidnapping in the Iraqi criminal law
Dr. Mohsen Qadeer1 Ali Hussein Ali Al-Khikani2
1 Qom University / College of Law
Email: alialihussein07@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(11); https://doi.org/10.53796/hnsj41118
Published at 01/11/2023 Accepted at 20/10/2023
Abstract
This is considered a crime (criminal liability for the crime of kidnapping in the Iraqi Penal Code). Its study is based on the Iraqi Criminal Code. This study aims to identify the crime of kidnapping people in Iraqi law, and the types of kidnapping in the Iraqi Penal Code (kidnapping in terms of the gender and age of the kidnapped person). The importance of this study is evident in identifying the elements of the most serious crimes committed, which is the crime of kidnapping, and the great injustice that is inflicted on a person by removing him from his place of residence, sometimes by separating the soul from the body. Accordingly, the law imposed severe penalties against the perpetrator of the crime of kidnapping people, up to (the death penalty). ), to be a deterrent to anyone who tempts himself to commit such a crime, as it has caused significant confusion in the lives of people and all societies throughout the ages.
The law has been responsible for protecting individuals from any behavior or behavior and eliminating injustice against them, whether in life, honor or property. The law has become applied to all individuals without exception, despite its development with the development of time and place
المقدمة
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً دائماً لا انقطاع له ولا امد، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى محمد الصادق واله الطيبين الطاهرين.
تعد جريمة الخطف من الجرائم الماسة بحرية الإنسان وحرمته وهي من الجرائم الأكثر خطورة في مجتمعنا مالها تأثير في نفسية الافراد في المجتمعات الآمنة 0
هذه الجريمة تشكل تحديا صارخا للمبادئ والقيم الإنسانية وللقوانين والأعراف الاجتماعية المرعية وتصميم مع سبق الإصرار والترصد لتحركات وتصرفات الشخص في مسكنه الى محل عمله وبكل الحرية التي منحته إياه القوانين الحياتية مما يجعله هدفا ثابتا وصيدا يسير لمثل هؤلاء 0
وغالبا ما يشترك في تنفيذ مخطط الخطف أكثر من شخص فعلى سبيل الافتراض قد يقوم احدهم بخطف الضحية بينما يهيئ الثاني الوسيلة او السيارة المعدة لنقل المخطوف من مكان الحادث الى مكان الاحتجاز وعلى الأغلب يكون الخاطف هو المخطط لهذه الجريمة وغالبا ما يستخدم السلاح في اضعاف ارادة المخطوف وشل حركته كي لا يبدي اية مقاومة لحظة الانقضاض عليه وقد يستخدم الخاطفون احدى الوسائل الاحتيالية لاستدراج الضحية الى الكمين المعد لهذا الغرض الدنيء كتقليد صوت احد والديه عبر الهاتف كي يسعفه في حالة تعرضه لمرض مفاجئ بينما السيارة مهيأة لخطف الشخص اذ تتم واقعة الخطف بمجرد انطلاق السيارة والمخطوف في داخلها دون علمه وهذه الوسيلة من الظروف المشددة للعقوبة والتي كرس لها قانون العقوبات في المادة (421) منه اذا وقع الخطف بطريقة الاكراه او الحيلة ، وقد ينتحل الخاطف صفة رسمية والزي بزي الشرطة او قوات الامن او يحمل امر قبض مزور من اجل بث الرعب في نفس المخطوف كي يرضخ لطلبه 000 الخ من الظروف المشددة.
ولعل أبرز جريمة تقع على حرية الانسان وعلى امنه وطمأنينته هي جريمة الخطف وذلك لكون حرية الانسان امنه ومستقرة من اهم الضرورات التي تسعى الشريعة للحفاظ عليها والتي تقتضي ان يزاول الافراد نشاطهم الخير الذي ترتقي به الحياة الانسانية وتثمر وتحقق في وجوه براعم الخير والفضيلة والانتاج والنماء ، ولقد جعل الله سبحانه وتعالى الاعتداء على هذا الانسان وامنه وحريته وترويع عباد الله واضاقة السبيل افسادا في الارض وحربا لله ورسوله (ص) وبقول الله ( انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم )سورة المادة الاية:33، ذلك ان امن المجتمع حالة ضرورية بل اشد ضرورة لان امن الافراد لا يتحقق الا به وعليه فان الشرع يعد اي جريمة على الانسان فردا او جماعة هي اعتداء على حق من حقوق الله .
ولا شك ان جرائم الخطف لغرض الحصول على فدية هو امر قديم معروف منذ ازمان بعيدة ولكن بأشكاله الحديثة لأغراض سياسية او دولية او التهديد بقتل المختطف هو حديث نسبيا. وقد تعرض المئات من شعبنا من سياسيين وأساتذة وقضاة وكتاب وعسكريين ومقاولين وحتى مواطنين عاديين الى الخطف لدواع سياسية ولكنها ارهابية او ابتزازية مادية بحته ولم تنج منها سوى فئة قليلة عن طريق التفاوض تارة او تحريرهم من قبل قوات الامن، لقد عانى المجتمع العراقي من ظاهرة الارهاب بصورة كبيرة منذ عام 2003 من ظاهرة العصابات المسلحة الارهابية التي تستهدف حرية الفرد وامنه واستقراه وبسبب ازدياد هذه الجرائم وخطورتها فقد أصبح من الضروري واللازم تشريع قانون جديد يعالج هذه الجرائم المتزايدة بصورة ملفتة للنظر للحد منها ووضع الحلول القانونية لها فشرع قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 الذي اعتبر في فقرته (8) من المادة (2) جرائم الخطف من الجرائم الارهابية التي عاقب عليها بالإعدام نظرا لخطورتها على امن وسلامة المجتمع.
فهذا النوع من الاعتداء لا يؤثر فقط على الفرد بحد ذاته بل يؤثر على المجتمع والامة كلها وقد يصيب نواحي اخرى في المجتمع فهو يؤثر على الاستقرار والسكينة والطمأنينة وكذلك يؤثر على التنمية الاقتصادية كما انه سيربك الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويصيبها بالاضطراب.
أهمية البحث
ان أهمية هذه الدراسة تكمن في معرفة ووصف الجهود المبذولة من أجل الحد من هذه الجريمة تعقب مقترفيها خاصة أمام انحصار الدراسات السابقة على وصف السلوك الإجرامي دون ربطه بحقوق الإنسان وإبراز فقط الجانب المفاهيم دون الخوض في غمار الآثار الحقيقة لجريمة الخطف وأثرها في القانون الجنائي العراقي والقانون الجنائي الدولي.
وكذلك ان من اسباب اختياري لهذا الموضوع حيث عالج المشرع العراقي موضوع جريمة الخطف في المواد (421-427) وتعديلاته كما عولجت هذه الجريمة في قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 في المادة (2/8) وقد بينت هذه المواد جريمة الخطف والظروف المشددة والمخففة فيها والاشتراك فيها وتحديد العقوبات وغيرها.
وهي من أخطر جرائم التي ترتكب هي جريمة خطف الشخاص لما يلحق بالإنسان من ظلم كبير، وبناء على ذلك فرض القانون عقوبات مشددة بحق مرتكب هذه الجريمة تصل الى (الإعدام)، ومثل هذه الجريمة كونها سببت ارباكاً مؤثراً في حياة الناس وكافة المجتمعات على مر العصور.
إشكالية البحث
تعد مشكلة البحث أحد الامور المهمة التي تحاول من خلالها التوصل إلى الحلول المناسبة في وضع التساؤلات التي يجب أن تتناولها الدراسة في الوصول إلى تطبيق قانون العقوبات العراقي بحق مرتكب جريمة خطف الأشخاص.
المبحث الأول: مفهوم جريمة الخطف وأنواع الجريمة
المطلب الأول: مفهوم جريمة الخطف
لبيان مفهوم وفعل الخطف ينبغي التطرق إلى تعريف كلمة الخطف في المفهوم اللغوي والمفهوم الاصطلاحي وسوف نتناول تباعا:
أولا: المفهوم اللغوي:
تبين الكتب والقواميس اللغوية العربية انه كلمة الخطف تعني الاستلاب وهو الأخذ في السرعة وخطف البرق البصر أي ذهب به ([1]).
وقد جاء في مختار الصحاح انه الخطف الاستلاب وقد خطفه في باب فهم وهي اللغة الجيدة وفي لغة أخرى من باب ضرب وهي قليلة والخطاف، طائر والخطاف والذي في الحديث بالفتح هو الشيطان يخطف السمع يسرقه ويسرق (خاطف النور الأبصار) ([2]).
وقد ورد في القران الكريم ((يكاد البرق يخطف أبصارهم)) ([3]).
وبذلك فانه القران الكريم استخدم هذه الكلمة لغرض الدلالة على حالات الأخذ بسرعة وهو ما استخدمه العرب كذلك عن طريقة اطلاقهم أسماء والقاب اشتقت من نفس المصدر وهو (الخطف) وهو الأخذ بسرعة كما يطلق لفظ الخطفة على ما اختطفه الذئب من أعضاء الشاة وهي على قيد الحياة ([4])، والخاطف الرجل اللص والفاسق والخطاف ([5])، وبالتالي فأن المفهوم اللغوي لكلمة الخطف أو الاختطاف تقوم على فكرة الأخذ السريع أو السلب والسريع من خصائصه هي السرعة والنقل السريع والابعاد بسرعة.
ثانيا: المفهوم الاصطلاحي
ونبين هذا المفهوم من خلال توضيح مفهومه الفقهي والقضائي وكالاتي:
1-المفهوم الفقهي: لتعريف جريمة الخطف بأنه قيام الجاني بنقل المجني عليه من مكان تواجده الذي ارتضاه لنفسه الى مكان اخر والاحتفاظ به لفتره زمنيه بدون او رغم أرادته، وكما ان هناك تعريف أخر لهذه الجريمة وذلك على قيام جريمة الخطف عندما يقود شخص اخر الى مكان لا يريد المجني عليه التواجد فيه أي بمعنى أجبار شخص على ترك موطنه بطريقه غير قانونية ([6]).
وهذا ما سارت عليه اغلب القوانين العربية كالقانون المصري والقانون اللبناني والأردني واليمني حيث لم يدرج تعريفاً محدداً وواضحاً لجريمة الخطف إضافة الى القانون العراقي ولعل السبب في ذلك قد يعود لحداثة هذه الجريمة من جهة وقلتها في بعض البلدان من جهة أخرى.
وقد عرف أحد الباحثين جريمة الخطف بقوله (التعرض المفاجئ والسريع بالأخذ أو السلب لما يمكن ان يكون محلاً استناداً إلى قوة مادية او معنوية ظاهره او مستترة) او انتزاع الشيء المادي أو المعنوي من مكانه وابعاده بتمام السيطرة عليه ([7]).
ومن خلال ما تقدم نذهب مع من يرى بأنه تعريف الجريمة الخطف هي التعرض المفاجئ والسريع والانتزاع وحصول جريمة الخطف بواسطة الخداع والحيلة والاستدراج لاسيما في قليلي الخبرة والذكاء والأطفال مثلاً 0
2-المفهوم القانوني:
لم تسلك القوانين الجزائية العربية مسلكاً متشابهاً فيما يخص التعريف بجريمة الخطف اذ ذكر الاتجاه السائد لهذه القوانين نتيجة الى عدم وضع تعريف معين لهذه الجريمة ولكن بعض التشريعات ومنها قانون العقوبات العراقي النافذ (يعاقب بالحبس من قبض على شخص او حجزه او حرمه من حريته بأية وسيلة كانت بدون أمر من سلطة مختصة في غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين والأنظمة بذلك) ([8]).
وتنص المادة (92) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على انه ((لا يجوز القبض على أي شخص او توقيفه الا بمقتضى امر صادر من قاض او محكمه او في الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك)) ([9]).
المطلب الثاني: أنواع جريمة الخطف
تشير بعض القوانين العقابية العربية إلى جريمة الخطف أي خطف الأطفال وحديثي الولادة وتفرد عقوبة خاصة بهذه الجريمة كون جريمة الخطف تقع على الأطفال والكبار على حد سواء، كما ان الخطف قد يختلف باختلاف جنس المخطوف سواء كان ذكراً ام أنثى ولهذا فان بعض القوانين تشدد عقوبة خطف الإناث، كما توجد جرائم خطف لا تقع الا على النساء وهي جرائم الزواج من المخطوفة 0
لهذا نلخص الى القول ان جرائم الخطف الواقعة على الأشخاص تختلف باختلاف عمر المخطوف وسنه وباختلاف جنس المخطوف وسوف نتناول ذلك تباعاً 0
اولاً: الخطف من حيث جنس المخطوف
تختلف الاحكام القانونية التي تنظم الخطف في التشريعات العقابية باختلاف جنس المخطوف ويظهر من خلال ذهاب بعض التشريعات العقابية الى تشديد عقوبة الخاطف إذا وقعت على أنثى على العكس إذا كان وقوعها على ذكر.
وقد جاءت في التشريعات العربية حيث ( تعد جريمة اختطاف الاناث من الجرائم الخطيرة التي تمس الكيان الاجتماعي والآداب والأخلاق والغالب في جرائم اختطاف الاناث ان يكون الدافع اليها هو الاغتصاب وان كانت توجد حالات لم يكن الدافع لها هو الاغتصاب وبالذات تلك التي تكون الضحية سائحة اجنبية ، او دبلوماسية ، ويقوم بجريمة الخطف اشخاص يحافظون على المجنى عليها بهدف الضغط بها على السلطات العامة في الدولة لتحقيق مطالب معينه ، وعلى كل حال فان حالة الضعف التي تكون فيها الأنثى هي التي جعلتنا نفرد لها فرعاً خاصاً عند دراسة محل الجريمة([10]). وهذا التصنيف في قانون العقوبات النافذ يختلف فيما اذا كانت المخطوفة أنثى لم تتم الثامنة عشر من العمر او أتمت ذلك حيث ان لكلا المادتين أحكامها في القانون ففي حالة عدم اكمالها الثامنة عشر فانه الجريمة تخضع لأحكام المادة ( 422) عقوبات عراقي وتكون عقوبة السجن لمدة لا تزيد على ( خمسة عشر سنه ) اذا صاحب خطف الأنثى اكراه او حيلة او توافرت الظروف المشددة معها ، وفي حالة اتمام المجنى عليها المخطوفة الثامنة عشر فأنها تخضع لأحكام المادة ( 423 ) عقوبات التي تصل عقوبتها الى السجن المؤبد او الاعدام اذا صاحب الخطف بطريق الإكراه او الحيلة وقاع المجنى عليها.
ثانيا: الخطف من حيث سن المخطوف
تشير بعض القوانين العقابية الى جريمة خطف الاطفال حديثي العهد بالولادة وتضع عقوبة خاصة لهذه الجريمة واشار لذلك القانون المصري في المادة / 245/ ع/3/ الفرع الاول – في خطف الاطفال، وان اسباب هذه الحماية التي اوردها المشرع بهذه الشريحة تكمن في ان الاطفال يمكن خطفهم بسهولة لقلة ادراكهم العقلي والجسماني وقلة تجربتهم في الحياة مما يسهل التحايل عليهم وخادعهم بأية وسيلة، اضافة لما للأطفال من مكانه اجتماعية لدى ذويهم ولاسيما والديهم حيث تدفعهم العاطفة الى التضحية بكل شيء لإنقاذهم من الخاطفين ([11]).
(وقد يعمد الجاني في جريمة خطف المواليد الى خطف طفل حديث الولادة من والديه، ويقوم بإخفائه بباعث الرغبة في تملك هذا المولود ونسبته الى غير والديه او ان يقوم بالضغط على والدي المخطوف بهدف ابتزازهما بهدف الحصول على فدية ماليه مقابل إعادته إلى والديه) ([12]).
(وقد يكون الخطف لمجرد النكاية بأسرة المولود (المخطوف) او الحصول على منفعة معينة سواء مالية او غيرها، ويلزم لتحقق هذه الجريمة توفر القصد الجنائي وهو العلم والارادة العامدة الى احداث هذا الفعل وتتحقق هذه النتيجة) ([13]).
ويرى البحث ان الشريعة الاسلامية السمحاء قد تكفلت ببيان ذلك في القران الكريم بالآية (233) في قوله تعالى (( والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة )) ، ويفهم من هذا النص ان على الوالدة ارضاع طفلها لمدة سنتين وبالتالي فان الطفل يعتبر حديث الولادة مادام في سن الرضاعة الطبيعية وهي سنتين ومازدا عن ذلك فانه يعتبر قاصراً وحدثاً او طفل حسب تقويمه العمري ، حيث تشد بعض القوانين العقابية على جريمة الخطف عندما تقع على القاصر الذي لم يبلغ الثامنة عشر من عمره ، ففي سن الطفولة يكون الصغير محتاجا للرعاية والمحافظة نظرا لحالة الضعف التي يكن فيها الطفل سواء كان ضعيفا عقليا لا يقدر عواقب الامور او كان ضعيفا جسديا سواء كان ذكر ام انثى فهو محتاج لهذه الرعاية من اهله وسواء تم الخطف بوسائل قوة مادية او معنوية او استدراج بالحيلة فان القانون يشدد عقوبة الخاطف في هذه الحالة . لم يرد نص صريح في قانون العقوبات العراقي النافذ يشير الى خطف الرجال البالغين لكن يمكن في هذه الحالة اعمال نص المادة (421) والتي تنص على (يعاقب بالحبس من قبض على شخص او حجزه او حرمه من حريته بأية وسيلة كانت بدون امر من سلطة مختصة في غير الاحوال التي تصح فيها القوانين والانظمة بذلك).
حيث شدد قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة (421) اعلاه الفقرة (و) منه (إذا وقع الفعل على موظف او مكلف بخدمة عامة اثناء تأدية وظيفته او خدمته او بسبب ذلك).
ولا يشترط ان يكون الاعتداء قد وقع على الموظف او المكلف بالخدمة العامة اثناء تأدية وظيفته او اثناء قيامه بواجباته فقط، بل يكفي للتطبيق ايضا ان يكون الاعتداء قد وقع على الموظف او المكلف بخدمة عامة بسبب الوظيفة ولايشترط وجوب تحقق توافر الظرفين معا) ([14]).
ويرى البحث ان علة التشديد التي اوردها المشرع لهذه الشريحة لما للدور الذي يلعبه الموظف في تصريف امور الدولة والحفاظ على هيبتها واحاطة هذه الشريحة بحماية خاصة لضمان سلامتهم وسلامة من يهمهم امره وحتى لا يقوم المجرمون بالضغط او التهديد لهؤلاء الافراد لإثنائهم عن اداء واجبهم ومن اجل ان تكون ردعا للجناة وضمانا للأفراد الذين يقومون بخدمة عامة.
المبحث الثاني: اركان جريمة الخطف
لقد اورد المشرع العراقي جريمة الخطف وهو اعتداء على سلامة جسم الانسان، فقد تناول جريمة الخطف الاشخاص بصور مباشرة وبعد ذلك تناول الجرائم المتصلة بها، وسوف ندرس اركان جريمة الخطف الاشخاص في القانون العراقي والمقومات ارتكاب الجريمة من قبل الجاني، وان الشروط هي نفسها الأركان لجريمة خطف الاشخاص، والتي بوجودها يتحقق الخطف.
سنستعرض في هذا المبحث اركان جريمة الخطف في القانون العراقي وفيه ثلاثة مطالب، المطلب الأول الركن الأول: الركن المادي لجريمة خطف الاشخاص، والمطلب الثاني الركن المعنوي لجريمة خطف الاشخاص وفيه نقطتين وهما: اولا: العلم، الفرع الثاني: الإرادة، والمطلب الثالث الركن الخاص.
المطلب الأول: الركن المادي للجريمة
قد عرف قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة (28) على ان ( الركن المادي للجريمة اجرامي بارتكاب فعل جرمه القانون او الامتناع عن فعل امر به سلوك القانون )، ويتضح من هذا التعريف ان الركن المادي لأي جريمة هو سلوك اجرامي ويظهر بمظهرين اولها ايجابي والاخر سلبي ولأيمكن ان تقوم جريمة الخطف الا بافتراق السلوك الاجرامي فعلا و ( يستحق الركن المادي للخطف بانتزاع المجني عليه (المخطوف) من بيئته وقطع صلته باهله ومحيطه الذي يعيش فيه وينتمي اليه ولأيهم سواء تمت واقعة الخطف من المنزل الذي يقيم فيه المخطوف او المدرسة او المعمل او المصنع او حتى في الطريق العام فالخطف يعتبر متحققا طالما انتزع المخطوف وابعد عن بيئته التي يعيشها )([15]) .
يعتبر الركن المادي من الاركان المكونة للجريمة، وهو يعبر عن مادياتها الملموسة التي تظهر في العالم الخارجي، وهو التعبير او المظهر الخارجي للإرادة الاجرامية، فمن الضروري لكي توجد الجريمة قانونا ان تظهر ارادة الجاني في صورة افعال خارجية، حركة او موقف او فعل ايجابي او سلبي يشكل ما يسمى بالركن المادي([16]).
وللركن المادي أهمية واضحة فلا يعرف القانون جرائم بغير ركن مادي 0 اذ انه بغير ماديات ملموسة لا ينال المجتمع اضطراب ، ولا يصيب الحقوق الجديدة بالحماية عدوان ، بالإضافة الى ذلك فان قيام الجريمة على ركن مادي يجعل اقامة الدليل عليها ميسورا ، حيث ان اثبات الماديات اسهل من اثبات الظواهر النفسية او المعنوية ، ويجب ان يتوافر الركن المادي للجريمة سواء اخذت صورة الجريمة التامة ام غير التامة ( أي الشرع ) لكي يمكن الحديث بعد ذلك عن المسؤولية الجنائية ، ويتكون الركن المادي من ثلاثة عناصر هي : النشاط الاجرامي ، والنتيجة الاجرامية ، وعلاقة سببية ، الا ان الشرع لا يشترط توافرها مجتمعه فأحيانا يكتفي بالنشاط الاجرامي وحده ويجرمه بغض النظر عما يترتب عليه من النتائج ([17]) .
لا يتحقق الركن المادي في جريمة الخطف الا بعنصرين وهما:
1: اخذ او انتزاع المجني عليه (المخطوف) والسيطرة الكاملة عليه.
2: نقل المجني عليه (المخطوف) من مكانه أي مكان تواجده وابعاده عنه.
وسوف نبين وندرس هذين العنصرين 0
اولاً: اخذ او انتزاع المجني عليه (المخطوف) والسيطرة الكاملة عليه.
ويقصد بذلك اخذ المجني عليه (المخطوف) يعني ابعاده او انتزاعه من مكان تواجده يعني نقصد بذلك نقله الى مكان اخر يريده الفاعل ان يحتفظ به ، ويقصد بذلك ان الخاطف او الفاعل يقوم بإجبار المجني عليه (المخطوف) من دون ارادته بالانتقال ، او تحويل خط السير وقد يتم هذا الفعل باستخدام القوة او القسوة ويصاحبه والشدة مما يؤثر على ارادة المجنى عليه ( المخطوف) وقد يتم استخدام السلاح ضد احد افراد المخطوف او الحيلة والاستدراج والخدع فينتقل المخطوف بإرادته لكن هذه الارادة معيبه بسبب الحيلة والخداع والتدليس والتهديد بسلاح ضد افراد عائلة المخطوف التي يقوم بها الخاطف لتحقيق الفعل وهو الخطف ([18]) .
ثانياً: نقل المخطوف من مكانه او ابعاده عنه او تحويل خط سيره
(ولا يتم الخطف الا إذا تم نقل المخطوف من مكانه، او ابعاده عنه، او تحويل سير وسيلة النقل ويقضي ذلك تمام السيطرة قد تكون بالقوة المادية او المعنوية او الحيلة، او الاستدراج) ([19]).
ان نقل المخطوف يمثل العنصر الجوهري لجريمة الخطف، فيجب ان يكون المكان الذي ابعد اليه المجني عليه غير المكان الذي اختطف منه، وكذلك يكون الابعاد سيطرة الجاني سيطرة كاملة على المجني عليه، مما يسمح له باحتجازه لفترة كبيرة من الزمن ([20]).
وترى الدراسة انه إذا لم يتم نقل المخطوف فلا تقوم جريمة الخطف وتسمى حينها الجريمة آنذاك بالحجز او الحرمان، والمثال على ذلك عندما تدخل مجموعة من المسلحين الى دائرة حكومية او غير حكومية ويجبرون من في داخلها على عدم مغادرة المكان 0
المطلب الثاني: الركن المعنوي
قد عرف قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة ( 33/ف1 ) ( القصد الجرمي هو توجيه الفاعل ارادته الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفا الى نتيجة الجريمة التي وقعت او اية نتيجة جرمية اخرى )، ويعرف الركن المعنوي في جريمة الخطف بوصفه اتجاها اراديا منحرفا ان يكون معاصرا للركن المادي متمثلا في الفعل الاجرامي الذي اقضى الى وقوع النتيجة ، فاذا توافر في لحظة لاحقة على الفعل الاجرامي فلا يعتد به ، حيث لا تقوم جريمة الا اذا توفر لدى الجاني النشاط النفسي المتجه نحو ارتكابها لان الجريمة ليست كيان مادي مجرد.
حيث ان جريمة الخطف من الجرائم العمدية وعليه لتحقيقها يجب ان تنحرف ارادة الجاني الى انتزاع المجني عليه الحدث من المكان الذي يقيم فيه او يعيش فيه مع من يكفله او ابعاده عنه مع علمه بذلك، وعليه فلا يتحقق القصد الجرمي ان كان بقصد استدراج الحدث الى مكان بعيد ليسرق صيغته ويتركه مثلا، كما وينتفي القصد الجرمي إذا كان الجاني يجهل كون المجني عليه حدث لم يبلغ الثامنة عشر من عمره.
وفي جميع الاحوال في جرائم الخطف لابد من فعل يأتيه الجاني او شخص سواء لإتمام الجريمة ، ولا قيام للخطف بغير هذا الفعل ، فعلى فرض ان المجنى عليه كان قد ترك موقعه الذي هو فيه بإرادته من هو تحت رعايته وتبع خاطفه ، فجريمة الخطف لا تتم الا اذا تولى الخاطف بنفسه او تولى شخص اخر سواه انتزاع الحدث من موقعه او من ايدي من هو تحت رعايته ، وعليه يكفي لوقوع الخطف ان يكون الجاني قادرا من جهة تأثيره النفسي على تحريك الحدث وجعله يسعى اليه ، اذ ان انتقال الحدث بمحض ارادته الى الخاطف لا يحقق جريمة الخطف مهما بلغ التأثير النفسي الذي ترتب عليه اندفاع الحدث نحو خاطفه ([21]).
ولابد لنا ان نبين عناصر القصد الجاني، وبيان مدى تحقيقها لدى الفاعل لقيام مسؤوليته عن جريمة الخطف، حيث يتكون الركن المعنوي (القصد الجنائي) من عنصرين هما (العلم والارادة).
اولاً: العلم
ومعناه الاحاطة بكافة الوقائع ذات الاهمية القانونية في تكوين الجريمة ويجب ان ينصب العلم على اركان الجريمة واهم عناصرها وقد نصت المادة (37/الفقرة الاولى) من قانون العقوبات العراقي النافذ على (ليس لاحد ان يحتج بجهله بأحكام هذا القانون او أي قانون اخر مالم يكن قد تعذر علمه بالقانون الذي يعاقب على الجريمة بسبب قوة قاهره).
ويجب ان ينصب العلم على الوقائع التي يتعين ان يحيط بها علم الجاني بالإضافة الى العلم بالقانون و(العلم هو إدراك الامور على نحو صحيح مطابق للواقع، فيلزم ان يعلم الجاني بتوافر اركان الواقعة الاجرامية، وان القانون يعاقب عليها، فيتعين ان يحيط العلم بكل واقعة ذات اهمية قانونية في تكوين الجريمة، فكل ما يتطلب القانون من وقائع لبناء اركان الجريمة واستكمال كل ركن منها لعناصره، يتعين ان يشمله علم الجاني).
ويرى شراح القانون ان الراي في القصد الجنائي في هذه الجريمة يتوفر متى ارتكبها الجاني عن علم وبما ان الجريمة تتكون من افعال او طرق مختلفة ترتكب على شخص طفل حديث العهد بالولادة ومن شانها المساس بنسب هذا الطفل، فالقصد الجنائي يعتبر متوفرا متى ما ارتكب الجاني هذه الافعال المادية عن قصد، فيكفي اذن ان يكون قد خطف طفلاً او اخفاه او أستبدله او زوراً الى غير والدته وهو يعلم ان له نسبا، ومتى كان لديه هذا العلم فلا يمكنه ان يجهل الضرر الذي يلحق هذا النسب لأنه نتيجة حتميه للفعل المادي الذي ارتكبه ([22]).
وقد نص المشرع العراقي على قيام مسؤولية الغير عن جريمة الخطف في حالة تقديمه مكانا لإخفاء المخطوف عند علمه بارتكاب هذه الجريمة حيث جاء ذلك في نص المادة (425) من قانون العقوبات العراقي النافذ (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس من اعار محلا للحبس او الحجز غير الجائزين قانونا مع علمه بذلك).
ثانياً: الارادة
الارادة هي العنصر الثاني في القصد الجنائي، يلزم ان تحيط الارادة بالعناصر المكونة للواقعة الاجرامية، فلا بد ان تتجه الارادة الى السلوك والى النتيجة المترتبة عليه اذ انها نشاط نفسي يتجه الى تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة، فالإرادة ظاهره نفسية، وهي قوة يستعين بها الانسان للتأثير على ما يحيط به من اشخاص او أشياء.
ويرى البحث ان المقصود بالإرادة هي القوة النفسية المركبة من اجل القيام بسلوك مؤثر في المحيط الخارجي تتجه نحو تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة وفي جريمة الخطف لابد من توجيه ارادة الجاني نحو القيام بنقل المجني عليه من مكان تواجده الى مكان اخر وبهذا تشبه جريمة السرقة لان الارادة في كلتا الجريمتين تتجه نحو نقل الشيء من مكان تواجده (المحل) الى محل اخر.
ويجب ان يتوفر في جريمة الخطف القصد الجرمي بعناصرها وهي ارادة الفعل الناتجة لتحقيق النتيجة الاجرامية مع علم الفاعل ودراية بطبيعة جريمة الخطف التي هو بصدد ارتكاب هذا الفعل المخالف للقانون وكذلك علمه بان المجني عليه لم يكمل او إتمام الخامسة عشر من عمره، وبهذا الفعل تكتمل الجريمة أيا كان الباعث على ارتكابها، فيعني ان الباعث سواء كان سيئا او نبيلا فانه لا يؤثر على قيام الجريمة التي ارتكبها الفاعل، ولأعبره بما إذا كان الفاعل او الجاني قد استهدف من جريمة التي ارتكبها هو الانتقام من ذوي المجني عليه، او اخذ فدية مالية منهم، او كان الباعث الاجرامي هو تبني المجني عليه ( المخطوف) او استغلاله في التسول ([23]).
وفي جريمة الخطف لابد ان تتوفر الاهلية الجنائية وهي ان يكون الجاني مرتكب الفعل (وقت ارتكابه كامل الاهلية بالبلوغ والعقل وهما أساس أي الدعامتان اللتان يقوم عليها الوعي والارادة، وهذا معنى ان يلزم ان يكون الجاني وقت ارتكابه متمتعا بالعقل الكامل الذي يسمح له بادراك معنى جريمة الخطف ومعنى العقوبة التي ينالها، وتدفعه بالتالي الى الاختيار بين الاقدام على الجريمة وبين الاحجام عنها فلا يعقل ان يحكم على شخص بعقوبة مالم يكن قد أقدم على ارتكابها بشعور واختيار عن الوعي وعن ارادة ([24]).
ويرى البحث ومن خلال ما سبق انه يشترط ان تكون الارادة قد اتجهت نحو تحقيق النشاط المادي للجريمة والمتمثل في فعل الاختطاف، اما إذا لم تتجه ارادة الجاني نحو تحقيق الفعل المادي للجريمة فلا يسال عن جريمة الاختطاف، فاذا دفع الجاني المجني عليها الى قضاء فترة من الوقت بعيدا عن اهلها لا تقع جريمة الاختطاف 0
المطلب الثالث: الركن الخاص
لكل جريمة واردة في القانون القسم الخاص في قانون العقوبات العراقي النافذ اركان خاصة بها وتميزها عن الجرائم الأخرى، وفيما يخص جريمة خطف الاشخاص يشترط القانون الجنائي توافر وتحقق بعض العوامل الخاصة فيها، ومن هذه العوامل التي ترتبط جمعيها بالمخطوف (المجني عليه) وهي (عدم رضا المجني عليه المخطوف وصغر سن المخطوف وتحقق حياة المخطوف وجنس المخطوف.
اولاً: عدم رضا المجني عليه المخطوف
يختلف إثر الرضا علي تحقق جريمة الخطف باختلاف نوع الجريمة، فالمقصود بالرضا هو قبول المخطوف بوقوع الجريمة عليه، وقد يكون الرضا صريحا ويتم بشكل طلب مقدم من المجني عليه الى الجاني، وقد يكون ضمنيا وهو السكوت وعدم الاعتراض على فعل الجاني ([25]).
وفيما يخص جريمة الخطف قد يطلب المجني عليه من الجاني نقله من محل تواجده الى محل اخر نظرا لسوء المعاملة التي يعاني منها او من اجل الزواج ففي هذه الحالة لا تقوم جريمة الخطف، حيث لا جريمة إذا توافرت الدلائل ان المخطوفة هي التي رافقت الخاطف وشركائه بمحض اراداتها واختيارها.
وفيما يخص بالرضا الضمني المتمثل بالسكوت وعدم ممانعة قد يكون مصدر سكوت المخطوف هو الخوف او مبني على الخداع او الغش ففي هذه الحالة لا يعتد بالرضا فعندما يحصل نقل المخطوف ذاتيا ويكون المخطوف بالغا فلا تقوم جريمة الخطف.
ثانياً: صغر سن المخطوف
حيث الأصل ان المشرع الجنائي يعتد بالظروف والملابسات الخارجية المحيطة بارتكاب الجريمة عند فرض وتطبيق العقوبة حيث انه يهتم بالجاني عند تحديد المسؤولية الجنائية كونها شخصية وحالة الفاعل النفسية والعقلية والعمرية حيث ان للسن إثر في تطورات الملكات العقلية والنفسية لذا فان المسؤولية الجنائية تدور معه بحيث لا تقع المسؤولية الا إذا بلغ الفاعل سنا محددا ([26]).
اما قانون العقوبات العراقي النافذ حيث انه يشترط لقيام جريمة الخطف ان لا يبلغ المخطوف الثامنة عشر من عمره ونحن مع هذا الراي ونرى ان لا يعتد القانون بسن المجني عليه لان الغاية من قيام جريمة خطف الأشخاص هي حماية حرية التنقل والتجوال وان القانون يجب ان يحمي هذا الحق من الاعتداء عليه سواء كان المخطوف صغيرا ام كبيرا ام انثى، حيث كان من السهل وقوع الجريمة عل الصغار لضعف مقاومتهم وسهولة خداعهم وضعف ادراكهم، لذا فان صغر السن سببا لتشديد العقوبة على الفاعل.
اما بخصوص تحديد سن المخطوف حيث جاء في قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة الثامنة عشر ((تحتسب المدد المنصوص عليها في هذا القانون بالتقويم الميلادي)) أي العبرة بوقت تنفيذ الجريمة وليس زمن انتهائها وتحسب بالتقويم الميلادي وليس بالتقويم الهجري.
ثالثاً: حياة المخطوف
ان القانون الجنائي العراقي يشترط في جريمة خطف الأشخاص ان يكون المخطوف انسانا على قيد الحياة أي ان يكون حيا، حيث ان عدم إمكانية وقوع جريمة الخطف على شخص ميت، حيث ان جوهر جريمة خطف الأشخاص هو الاعتداء على حرية الانتقال والتجول وهذا من الحريات الشخصية التي يتمتع بها الانسان في حياة اليومية حيث اغلب التشريعات تشدد فرض العقوبة عند وقوع الخطف على الانثى او الصغير ([27]).
ام بالنسبة الى موقف المشرع العراقي الجنائي فقد نص على هذه الجريمة في المادة(381) على ان ((يعاقب بالحبس من ابعد طفلا حديث العهد بالولادة عمن لهم سلطة شرعية عليه او اخفاه …….)) أي اشترط ان تقع الجريمة على طفل مولود حديثا أي عقب ولادته مباشرتا.
رابعاً: جنس المخطوف
إذا ارتكبت جريمة الخطف على انثى لم تبلغ الثامنة عشر من العمر وحسب ما جاء في قانون العقوبات العراقي النافذ في نص المادة(422) على ان ((من خطف بنفسه او بواسطة غيره بطريق الاكراه او حيلة حدثا لم يتم الثامنة عشرة من العمر…….))، وكذلك اذا ارتكبت جريمة خطف الأشخاص إذا وقعت على انثى بالغة أي بمعنى كان عمرها وقت ارتكاب جريمة الخطف أكثر من (18 سنة) وحسب ما جاء في قانون العقوبات العراقي النافذ في المادة (423) على ان ((من خطف بنفسه او بواسطة غيره بطريق الاكراه او الحيلة انثى اتمت الثامنة عشرة من العمر …….))، حيث ان المادتين أعلاه في القانون تفرض نفس العقوبة في حالة خطف الانثى اذ لم تتم الثامنة عشر من العمر، وان المشرع العراقي الجنائي لا يعتد بحالة كون الانثى متزوجة او ير متزوجة.
المبحث الثالث: عقوبة جريمة الخطف في ظل قانون العقوبات العراقي النافذ وتعديلاته وعقوبة جريمة الخطف في ظل قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005
يحدد المشرع الجنائي لكل جريمة عقوبة خاصة بها يختلف عن جريمة اخرى وذلك حسب خطورتها ومدى الاضرار المترتبة عليها، لذا فسوف نتناول بالبحث عقوبة جريمة الخطف في ظل قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 النافذ وتعديلاته ثم نتناول في المطلب الثاني عقوبتها في ظل قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005.
المطلب الأول: عقوبة جريمة الخطف في ظل قانون العقوبات العراقي النافذ وتعديلاته)
تناول المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 النافذ جريمة الخطف في المواد (421-427) ضمن الفصل الخاص بالجرائم التي تقع على الاشخاص وفي الجرائم الماسة بحرية الانسان وحريته حيث تناول في المادة (421) فيه موضوع القبض على الاشخاص وحجزهم من خلال ايقاع عقوبة السجن على الشخص الذي يخطف شخص او يحجزه او يحرمه من حريته بأية وسيلة كانت بدون امر من سلطة مختصة في غير الاحوال التي تصرح فيه القوانين والانظمة بذلك.
حيث ان هناك حالات يجيز القانون فيها للأفراد العاديين حسب نص المادة (102) من قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ على (أ-لكل شخص ولو بغير امر من السلطات المختصة ان يقبض على أي متهم بجناية او جنحه في احدى الحالات الاتية:
1-إذا كانت الجريمة مشهودة.
2-إذا كان قد فر بعد القبض عليه قانونا.
3-إذا كان قد حكم عليه غيابيا بعقوبة مقيدة للحرية.
ب-لكل شخص ولو بغير امر من السلطات المختصة ان يقبض على كل من وجد في محل عام في حالة سكر بين واختلال وأحدث شغباً او كان فاقد صوابه).
وكذلك ما ورد في نص المادة (104) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ في هذا القانون حول معاونة الاشخاص العاديين للسلطات المختصة في القبض على من يجيز القانون القبض عليه متى طلب منه ذلك وكان قادراً عليها.
ويرى البحث من نص المادة (421) من قانون العقوبات العراقي النافذ ان جريمة القبض او الحجز هي جنحه تصل عقوبتها الى خمس سنوات وهو حدها الاعلى الا اذا اقترنت بظروف مشددة فتكون جناية عقوبتها السجن لمدة لا تزيد على عشر سنين وذلك اذا كان جريمة الخطف قد رافقها فعل تهديد المخطوف بالقتل او التعذيب الجسدي او النفسي او قد حصل الفعل من شخص لبس ملابس بزي مستخدمي الحكومة او حمل علامة رسمية مميزة لهم او ابرز امراً قضائيا مزوراً بالقبض او الحبس مدعياً صدورها من جهة مختصة قضائية مختصة ، او ارتكب الفعل من شخصين او اكثر او شخص كان يحمل السلاح ظاهراً ، او زادت مدة القبض على المخطوف او الحجز او الحرمان من الحرية على خمسة عشر يوماً ، او كان الغرض من ارتكاب جريمة الخطف هو الكسب المال او الاعتداء الجسدي على عرض المجنى عليه او الانتقام منه اومن عائلته او من غيرهم، او وقوع الجريمة على موظف او مكلف بخدمة عامة اثناء تأدية وظيفته او بسبب ذلك. وهناك امرين أساسيين يجب توفرهما حتى يصبح الفعل جريمة وفق المادة (421) عقوبات هما القبض وعدم مشروعيته بمعنى حرمان المجنى عليه من حريته في التجوال حرمان تام سواء طالت الفترة ام قصرت في مسكن المجنى عليه او سكن اخر ولاتهم وسيلة القبض او الحجز اكانت بالحيلة او الخداع او التهديد وغيرها كذلك عدم المشروعية من خلال عدم صدور القبض من جهة مختصه باستثناء الحالات التي ينص عليها القانون والانظمة ويعتبر من قبيل عدم المشروعية بالقبض الامتناع عن الافراج عن المقبوض عليه حين يصدر امر بالأفراج عنه ، كذلك يعتبر منعاً مشروعاً مثلا ابداع المريض عقلياً في مستشفى الامراض العقلية ومنعه من الخروج منها.
اما المادة (422) عقوبات فأنها تتعلق بإيقاع العقوبة لمن خطف بنفسه او بواسطة غيره بغير اكراه او حيله حدثاً لم يتم الثامنة عشر من العمر وهي السجن لمدة لا تزيد على خمسة عشر سنة إذا كان المخطوف انثى او السجن لمدة لا تزيد على عشر سنين إذا كان ذكراً اما إذا وقع الخطف بطريق الاكراه او الحيلة او إذا توافر فيه أحد الظروف المشددة المبينة في المادة (421) عقوبات فتكون العقوبة السجن إذا كان المخطوف انثى والسجن مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة إذا كان المخطوف ذكراً.
وحسب نص المادة (424) عقوبات إذا افضى الاكراه المبين في المادة (422) عقوبات او التعذيب المبين في الفقرة (ب) من المادة (421) عقوبات الى موت المجني عليه (المخطوف) تكون عقوبة الاعدام او السجن المؤبد، اما المادة (423) عقوبات فقد نص القانون (من خطف بنفسه او بواسطة غيره بطريق الاكراه او الحيلة انثى اتمت الثامنة عشر من العمر يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشر سنة) (وإذا حجب الخطف وقاع المجني عليها او الشروع فيه فتكون العقوبة الاعدام او السجن المؤبد).
وهذا يعني ان عقوبة جريمة الخطف بطريق الاكراه او الحيلة للأنثى التي اتمت الثامنة عشر من العمرها والتي حددها المشرع بما لا تتجاوز الخمس عشر سنة، اما إذا صاحب جريمة الخطف الاعتداء الجسدي على المجني عليها (الانثى) او حتى الشروع فيه فعندها قد تصل العقوبة للإعدام او السجن المؤبد، وقد تم تعديل هذه المواد العقابية من قانون العقوبات بموجب الاوامر التي اصدرها المدير الاداري لسلطة الائتلاف المتواجدة في العراق بعد 9/4/2003 حيث جعل العقوبة لهذه الجريمة هي السجن مدى الحياة ([28]).
وقد جاء في التعديلات التي اصدرتها سلطة الائتلاف بموجب الامر 31 لسنة 2003 تعلق بموجب هذا الامر تنفيذ احكام المادة (427) من قانون العقوبات المتعلقة بإيقاف الاجراءات القانونية بحق المتهم اذا تزوج من ضحيته كذلك عدم جواز اخلاء سبيل المتهم بجريمة الخطف بكفالة بالرغم من شروط الكفالة المنصوص عليها في المادة (109) من قانون اصول المحاكمات الجزائية ولحين محاكمته ، وقد تم تعديل هذا الامر بعد انتقال السيادة من سلطات الائتلاف المؤقتة الى الحكومة العراقية الانتقالية عام 2004 فقد نم اصدار امر تعديل الامر (31) لسنة 2003 بجعل عقوبة جريمة الخطف المنصوص عليها في المواد ( 421 و 422 و 423 ) عقوبات الاعدام بدلاً من السجن مدى الحياة ، بعد تعديل عقوبة الاعدام وايقاف العمل بها وابدالها بالسجن مدى الحياة خلال سلطة الائتلاف المؤقتة ([29]).
ويرى البحث ان قانون العقوبات العراقي لم ينص على تخفيف العقوبة إذا كان القصد من وراء الخطف هو الزواج بالمخطوفة، الا انه شدد العقوبة إذا كان الدافع دنيء ونرى انه كان بالإمكان عدم حصر اسباب التشديد في العقوبة لبعض الدوافع كالانتقام او الكسب المادي او الاعتداء الجنسي بحيث يكون حرية للمحكمة في استنباط الباعث الدنيء من خلال ظروف القضية والملابسات المحيطة بها 0
المطلب الثاني: عقوبة جريمة الخطف في ظل قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005
عالج قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 والمنشور في الوقائع العراقية بتاريخ 9/11/2005 جريمة الخطف في المادة الثانية / الفقرة الثامنة منه المتضمن (خطف او تقيد حريات الافراد او احتجازهم للابتزاز المالي لأغراض ذات طابع سياسي او طائفي او قومي او ديني او عنصر نفعي من شانه تهديد الامن والوحدة الوطنية والتشجيع على الارهاب) ([30]).
وقد اعتبرت جريمة خطف الاشخاص من الجرائم الارهابية والتي يعاقب مرتكبها سواء كان فاعلاً اصلياً او شريكا او محرضاً او مخططاً او ممولاً بالإعدام كذلك عدت هذه الجريمة من الجرائم العادية المخلة بالشرف.
وترى الدراسة ان سبب تزايد العمليات الارهابية المرتكبة من قبل العصابات او الجماعات المسلحة الارهابية والتي تستهدف حياة وارواح الابرياء من المواطنين في العراق والوحدة الوطنية واستقرار الامن والنظام ولضمان الحريات والحقوق أصبح من الضروري اصدار قانون خاص بالإرهاب يعالج هذه المشاكل 0
قد صدر قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 بمواده الخمسة تضمنت المادة الاولى تعريف الارهاب والثانية تضمنت قائمة بالأفعال التي تعد ارهابية ثم تناول في المادة الثالثة اضافة بعض الافعال التي تمس امن الدولة للمادة الثانية وثم تناول العقوبات في المادة الرابعة واخيراً تناول في المادة الاخيرة وهي الخامسة الاعفاء والاعذار القانونية والظروف القضائية المخففة ولم يتضمن هذا القانون المسائل الاجرائية التي يتضمنها كل قانون.
وترى الدراسة ان ذلك كان بسبب الاعتماد على القواعد الموجودة في قانون اصول المحاكمات الجزائية على اعتبار انه القانون الام لكافة القوانين الاجرائية الجزائية.
اضافة الى ذلك نجد ان تعريف الارهاب الوارد في المادة الاولى من هذا القانون قد اوسع في العبارات الدالة على تحديد فعل الارهاب بحيث يصعب حصرها بشكل دقيق ومفهوم كذلك العبارات (الوضع الامني، الاستقرار، الوحدة الوطنية، الرعب، الفزع، اثارة الفوضى 00).
وفيما يخص جريمة خطف الاشخاص التي عدت جريمة ارهابية بموجب هذا القانون وذلك بالنص عليها في المادة الثانية / ف8 منه ولكن من خلال ملاحظة ما ورد بهذه المادة من اوصاف لجريمة الخطف يتضح انها لا تنطبق على جميع جرائم الخطف وانما جرائم الخطف التي وصفتها هذه الفقرة من المادة اعلاه وبأوصاف محددة تقريباً من خلال تحديد حالات خطف جديدة لم ينص عليها قانون العقوبات العراقي وتعديلاته او الامر (3) لسنة 2004 الصادر عن مجلس الوزراء العراقي بعد ملاحظة المشرع العراقي ان اكثر حالات الخطف ستتحقق في هذه الاحوال وهي ما تحصل منها المنفعة المادية او الاسباب السياسية او القومية او الدينية او الطائفية ، ولكن هناك شرط وقيد وقفت عندها الدراسة في هذه المادة لكي تعتبر جريمة ارهابية وهي ما ورد بالشق الاخير من الفقرة / 8 / وهي ان يؤدي ذلك الى تهديد الامن والوحدة الوطنية والتشجيع على الإرهاب.
وترى الدراسة كان الاحرى عدم ذكر هذه التفاصيل طالما ان الامر رقم /3/لسنة 2004 يشترط هذه الشروط كونه عاقب على الخاطف بالشكل المطلق والعام بدون تخصيص بهذه الشروط الجديدة ودون تقييد بهذه الاحكام الحديثة ودون تجزئة بالشكل الوارد بقانون مكافحة الارهاب , اضافة لما تقدم هناك صعوبة نجدها في مسالة الاثبات وكيفية تحقيق هذا الشرط في جرائم الخطف اذ هناك صعوبة واضحة في تحديد فيما اذا كانت عملية الخطف هذه تهدد الامن والوحدة الوطنية وتشجع الارهاب لاسيما وانها لاتعد في الامور القانونية يصعب على القاضي الذي يطبق القانون الاحاطة بها وادراكها وان كان قد توصل اليها في قضايا فانه هناك قضايا كثيرة ستتوارى امام هذه الشروط
والالفاظ المختلفة التي سوف تؤدي الى انقاذ الخاطف من عقوبة الاعدام الواردة في الامر 3 لسنة 2004 والذي قرر الاعدام لجميع انواع الخطف.
ومن التطبيقات القضائية لمحكمة التمييز الاتحادية بخصوص جريمة الخطف وفق قانون مكافحة الارهاب ما ذهبت اليه هذه المحكمة في نقض قرار المحكمة الجنائية المركزية في بغداد المتضمن ادانة المتهمين وفق المادة الرابعة / 1 وبدلالة المادة الثانية /1 و 8 من قانون مكافحة الارهاب لعدم استكمال التحقيقات في الدعوى لذا تكون القرارات غير صحيحة ومخالفة للقانون والتدخل تمييزاً بقرار الاحالة ونقضه لغرض اجراء عملية التشخيص للمتهمين من قبل المخطوفين لمعرفة عما اذا كانوا من ضمن الاشخاص الذين اشتركوا بعملية الخطف او قاموا بحراستهم اثناء احتجازهم ومدى علاقتهم بالأسلحة المضبوطة([31]) .
كذلك نقض قرار اخر لعدم استكمال الاجراءات التحقيقية لوحظ ان محكمة التحقيق لم تقم بتنظيم محضر بالأسلحة والاعتدة المضبوطة كما لم تدون اقوال (ع) قضائيا في قرار الاحالة عليه قرر نقض الدعوى (32).
وجاء في قرار اخر عدم ذكر اسم المجني علية في ورقة التهم موجب للنقض وفق المادة (187) الاصولية حيث وجهت المحكمة التهمة والتحقق بقولها نشاط اجرامي وخطف وقتل طائفي دون تحديد اسم المجني عليه ([32]).
الخاتمة
بعد ان انتهينا من دراسة المسؤولية الجنائية عن جريمة الخطف في قانون الجنائي العراقي) فقد توصلنا الى النتائج والتوصيات التالية: وسوف نتناول ذلك على شكل نقاط متتالية 0
اولا: النتائج
- لاحظنا من خلال الدراسة ان الاتجاه السائد في القوانين العقابية العربية لم يضع تعريفا دقيقا ومحددا لجريمة خطف وحسن ما فعل المشرع الجنائي العراقي عندما لم يحدد هذه الجريمة تاركا ذلك الى اجتهاد الفقه والقضاء الجنائي 0
- تبين من خلال الدراسة ان جريمة الخطف ذاتية ومختلفة عما تشبه بها من جرائم أخرى بحيث تختلف عن الحجز وتقييد الحرية فيما يتعلق بالركن المادي الذي يكون في جرائم الخطف من عنصرين هما النقل والاحتفاظ بالمخطوف في مكان يختاره الخاطف لفترة من الزمن بينما الركن المادي في جريمة حبس او حجز المواطن يتعلق بالمنع من المغادرة وحرمانه من التحرك وبحدود معينه كذلك تختلف العقوبة فيما بين الجريمتين حيث تكون العقوبة في جريمة الخطف اشد من الحجز والحبس.
- هناك أنواع متعددة من جرائم الخطف فبعضها ما يقع على الإناث ومنها على الذكور ومنها ما تقع على الأطفال ومنها ما يقع على مكلف بخدمة عامة حيث تختلف الدوافع والغايات من هذه الجرائم فقد تكون لغرض شخصي كالزواج من المخطوفة والكسب المادي او بدافع الانتقام او القتل او الاعتداء الجنسي وقد تكون بدوافع إرهابية لغايات انتقامية وللابتزاز المالي والتي نص عليها قانون مكافحة الإرهاب ، وقد يقع الاختطاف على الصغار المولودين حديثا بقصد تغيير نسب الطفل كذلك بينا ان هناك شروعا قد يحصل في جريمة الخطف عندما لا يتمكن الخاطف من نقل المخطوف الى خارج دائرة سكناه لأي سبب خارج عن ارادته ، كذلك بينا ان من يرتكب العنصر الثاني من الركن المادي وهو الاحتفاظ بالمخطوف يعد شريكا مع الناقل ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها في القانون، وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الاتحادية وهو الراي الصحيح الذي يحقق العدالة ، فقد يقترن فعل الخطف ببعض الظروف المشددة كحصول الخطف عن طريق الخداع او الحيلة او الاكراه فيقال عندئذ ان الخاطف ارتكب جريمة الخطف بالإكراه او بالحيلة 000 الخ.
- قد يقترن القصد الجنائي والعمدي في جريمة الخطف من عنصرين هي العلم و الارادة وتبين ان علم الجاني بسن المخطوف مفترض في حالة قيام مسؤوليته عن هذه الجريمة لا يمكن قبول عذر الجاني بعدم العلم بالسن أي عدم تجاوزه سن الثامنة عشر من عمره ، ولكن الغير لا يسال عن هذه الجريمة الا عند علمه بقيامها ويجب تحقق حالة اخفاء المخطوف ولا يمكن الاعتبار بالبواعث في قيام جريمة الخطف لان القصد الجنائي في هذه الجريمة هو قصد عام وليس خاص , ويكون العبرة في تحديد سن المخطوف الى وقت النقل بالإضافة الى ان المحكمة غير ملزمة بتحديد سن المخطوف على وجه التحديد بل يكفي لقيام جريمة الخطف ان المجني عليه صغيرا ولم يبلغ الثامنة من عمره ، بالإضافة الى تحقق حياة المخطوف ولم يتطرق المشرع الى هذه الجريمة عندما يكون المخطوف ميتا او مشكوك في حياته 0
- توصلنا ان بعد صدور قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 فقد عدت جريمة الخطف من الجرائم الارهابية وجعل عقوبتها الاعدام بالإضافة الى كونها جريمة مخلة بالشرف وقد ساوى المشرع في الصفة ما بين الفاعل الاصلي والشريك وبسبب خطورة هذه الجريمة فقد استثنت جريمة الخطف من شمول بأحكام قانون العفو رقم 19 لسنة 2008 0
ثانيا: التوصيات
بعد دراسة ومناقشة جريمة الخطف في ظل قانون مكافحة الارهاب نوصي بما يلي:
- نوصي بتوخي الدقة والموضوعية في التعامل مع جرائم الخطف من قبل الجهات التحقيقية و القضائية وذلك بالفصل بين فعل جريمة الخطف وبين ما قد يصاحب من أفعال لمرتكبي جريمة الخطف من جرائم اخرى ترتبط بها وتشبهها لغرض الوصول لهذه الجريمة وتحديد العقوبة المناسبة والحيلولة دون إفلات المجرم من العقاب، وكذلك نوصي ببيان حالة اللبس والغموض الذي يكتنف تطبيق احكام المادتين (426-427) من قانون العقوبات بعد تعليق العمل بهاتين المادتين بموجب الامر رقم 31 لسنة 2003 والصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة ومن ثم اعادة العمل بعقوبة الإعدام التي الغاها هذا الامر وجعل بدلها عقوبة السجن مدى الحياة وذلك بعد صدور امر مجلس الوزراء رقم (3) لسنة 2004 الذي اعاد العمل بعقوبة الاعدام ولم يتطرق لمسالة تعليق العمل بالمادتين اعلاه ونقترح حل هذا الاشكال والاجتهاد من خلال اصدار تشريع قانون جديد يعالج هذا الأمر 0
- ضرورة اجراء تعديلات على قانون العقوبات الواردة في قانون العقوبات الخاصة بجريمة الخطف بنص المواد (421-425) منه بتشديدها نظرا لخطورة هذا الفعل وتأثيره على امن واستقرار وطمأنينة الفرد والمجتمع على حد سواء وجعلها متناسبة مع العقوبات الواردة في قانون مكافحة الارهاب النافذ الذي ساوى في العقوبة لجرائم الخطف وتقييد الحرية والاحتجاز إذا كانت لأغراض نفعية او ذات طابع سياسي او طائفي 000 الخ حيث اصبحت هذه الجريمة من جرائم العصر الخطيرة وتبث الرعب والخوف واثارة الفوضى بين الناس 0
- نوصي بإضافة ظرف مشدد لمرتكب جريمة الخطف إذا كان موظفا او مكلف بخدمة عامة كون ذلك يدخل ضمن استغلال الوظيفة او مركزه الوظيفي لتسهيل ارتكاب هذه الجرائم بالإضافة الى العقوبات الاخرى التي تفرض لها هذا الشخص بموجب قوانين خاصة كالفصل من الوظيفة او تنزيل درجة او عدم الترقية لان هذا العمل يشوه الوظيفة العامة او الرتبة ويضعف ثقة الفرد بالدولة ومؤسساتها الامر الذي يقتضي تشديد العقوبة لمثل هذه الحالات 0
- نوصي الجهات المختصة في الحكومة بالحزم في التعامل مع هذه الجرائم وتقديم المجرمين الى القضاء مع ملاحقة الفارين وعدم التساهل او التجاوز مهما كانت الاعتبارات وعدم الانصياع لمطالب الخاطفين وتحقيق رغباتهم كي لا يعطي مجال لمن تسول له نفسه ارتكاب هذا الفعل ، وكذلك نوصي الجهات المختصة في وزارة الداخلية والامن بأجراء تامين وقائي مسبق للشخصيات الهامة في الدولة وخاصة الاساتذة في الجامعات والقضاة والاطباء والعسكريين وجميع من يتقلد موقع مهم في الدولة لكونهم عرضة لمثل هكذا جرائم نظرا للأعمال الملقاة على عاتقهم واهميتها في المجتمع ولغرض تحقيق الامن والاستقرار في المجتمع ، وكذلك نوصي الجهات القائمة على الاعلام والثقافة ان يقوموا بالتوعية والتعريف بمخاطر هذه الجريمة وسبل تلافيها والعقوبات التي يتعرض لها مرتكبها لغرض الحيلولة دون الوقوع فيها ويكون الافراد على بينة منها ووقايتها.
المصادر
القران الكريم
- ابن منظور، المصدر السابق، ص 104.
- ابن منظور، لسان العرب، المجلد الخامس، الجزء (8-9) مادة الخطف، دار صادر للطباعة، بيروت، د0ت، ص103.
- ابن منظور، مصدر سابق، الجزء (8-9) مادة خطف، ص 104.
- الامر 31 لسنة 2003 القسم (2) في (13) ايلول 2003 شد وبموجبه العقوبات المنصوص عليها في المواد (421و422و423) وجعلها السجن مدى الحياة 0
- الامر رقم (3) لسنة 2004 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3987) ايلول 2004، ص6-7.
- الآية (20) سورة البقرة.
- جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث، المصدر السابق، ص256 0
- جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث، مطبعة الاعتماد، القاهرة، ص246 0
- فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات القسم العام، المصدر السابق، ص326.
- فخري عبد الرزاق صليبي الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، المكتبة القانونية، بغداد,1996.
- محمد صبحي عيد نجم، رضا المجني عليه وأثره في المسؤولية الجنائية، رسالة دكتوراه مقدمة الى جامعة القاهرة، مصر، 1975، ص29.
- عبد الله حسين العمري، المصدر السابق، ص80-81.
- عبد الله حسين العمري، المصدر سابق، ص94 0
- عبد الله حسين العمري، جريمة اختطاف الاشخاص، المكتب الجامعي الحديث، بغداد، 2009، ص80.
- فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات-القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص 517-518.
- صباح عريس: الظروف المشددة في العقوبة، المكتبة القانونية، ط1، بغداد ،2002، ص69 0
- محمد سعيد نمور، شرح قانون العقوبات-القسم الخاص، الجرائم الواقعة على الاشخاص، الجزء الاول، دار الثقافة، 2005، ص30 0
- واثبة السعدي: قانون العقوبات – القسم الخاص، المصدر السابق، ص146.
- واثبة السعدي: قانون العقوبات – القسم الخاص، مطبعة جامعة بغداد، 1988-1989، ص 147 0
- عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر السابق، ص 118-119 0
- عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر السابق، ص 125 0
- عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر سابق، ص 140 0
- عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر سابق، ص 5 0
- عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، جرائم الاختطاف دراسة قانونية مقارنة بأحكام الشريعة الإسلامية، المكتب الجامعي الحديث، اليمن، 2006، ص 26-27.
- عبد الوهاب عبد الله المعموري، المصدر سابق، ص 101.
- قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل 0
- قانون رعاية الاحداث العراقي رقم 76 لسنة 1983 المعدل 0 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد 3915 لسنة 1983 0
- قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 المنشور في الوقائع العراقية العدد / 4009 / لسنة 2005.
- قرار محكمة التميز الاتحادية رقم (10 / هيئة عامة / 2007) في 24/ 6 / 2008 منشور في المختار من قضاء محكمة التميز، ج 2، المصدر السابق، ص 132 0
- قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم (220/ هيئة عامة / 2007) في 27/5/2008 منشور في المختار من قضاء محكمة التميز الاتحادية / القسم الجنائي، ج2، ص157.
- قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم (77 / هيئة عامة / 2008) في 14/6/2008، المصدر السابق، ص 138 0
- محمد بن أبي بكر عبد الغفار الرازي: مختار الصحاح: دار الكتاب العربي، بيروت، لسنة 1981، ص 181.
الهوامش:
- )) ابن منظور، لسان العرب، المجلد الخامس، الجزء (8-9) مادة الخطف، دار صادر للطباعة، بيروت، د0ت، ص103. ↑
- )) محمد بن أبي بكر عبد الغفار الرازي: مختار الصحاح: دار الكتاب العربي، بيروت، لسنة 1981، ص 181. ↑
- )) سورة البقرة الآية: 20. ↑
- () ابن منظور، مصدر سابق، الجزء (8-9) مادة خطف، ص 104. ↑
- )) ابن منظور، المصدر السابق، ص 104. ↑
- )) فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات-القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص 517-518. ↑
- )) عبد الوهاب عبدالله احمد المعموري، جرائم الاختطاف دراسة قانونية مقارنة بأحكم الشريعة الإسلامية، المكتب الجامعي الحديث، اليمن، 2006، ص26-27. ↑
- )) نص المادة / 421/ من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد / 1778 لسنة 1969 0 ↑
- )) قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل 0 ↑
- )) عبد الوهاب عبد الله المعموري، المصدر سابق، ص 101. ↑
- )) جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث، مطبعة الاعتماد، القاهرة، ص246 0 ↑
- )) عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر سابق، ص5. ↑
- )) قانون رعاية الاحداث العراقي رقم 76 لسنة 1983 المعدل 0 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد 3915 لسنة 1983 0 ↑
- () صباح عريس: الظروف المشددة في العقوبة، المكتبة القانونية، ط1، بغداد ،2002، ص69 0 ↑
- )) واثبة السعدي: قانون العقوبات – القسم الخاص، مطبعة جامعة بغداد، 1988-1989، ص 147 0 ↑
- )) عبد الله حسين العمري، جريمة اختطاف الاشخاص، المكتب الجامعي الحديث، بغداد، 2009، ص80. ↑
- )) عبد الله حسين العمري، المصدر السابق، ص80-81. ↑
- )) عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر السابق، ص 118-119 0 ↑
- )) عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر السابق، ص 125 ↑
- )) عبد الله حسين العمري، المصدر سابق، ص94 0 ↑
- )) فخري عبد الرزاق صليبي الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، المكتبة القانونية، بغداد, 1996. ↑
- )) جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث، المصدر السابق، ص256 0 ↑
- )) محمد سعيد نمور، شرح قانون العقوبات-القسم الخاص، الجرائم الواقعة على الاشخاص، الجزء الاول، دار الثقافة، 2005، ص30 0 ↑
- )) محمد صبحي عيد نجم، رضا المجني عليه وأثره في المسؤولية الجنائية، رسالة دكتوراه مقدمة الى جامعة القاهرة، مصر، 1975، ص29. ↑
- () فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات القسم العام، المصدر السابق، ص326. ↑
- )) واثبة السعدي: قانون العقوبات – القسم الخاص، المصدر السابق، ص146. ↑
- )) عبد الوهاب عبد الله احمد المعموري، المصدر سابق، ص 140 0 ↑
- () الامر 31 لسنة 2003 القسم (2) في (13) ايلول 2003 شد وبموجبه العقوبات المنصوص عليها في المواد (421و422و423) وجعلها السجن مدى الحياة. ↑
- )) الامر رقم (3) لسنة 2004 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3987) ايلول 2004، ص6-7. ↑
- )) قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 المنشور في الوقائع العراقية العدد / 4009 / لسنة 2005. ↑
- () قرار محكمة التمييز الاتحادية رقم (220/ هيئة عامة / 2007) في 27/5/2008 منشور في المختار من قضاء محكمة التميز الاتحادية / القسم الجنائي، ج2، ص157. ↑
-
)) قرار محكمة التميز الاتحادية رقم (10 / هيئة عامة / 2007) في 24/ 6 / 2008 منشور في المختار من قضاء محكمة التميز، ج 2، المصدر السابق، ص 132 0 ↑