خالد عبدالله الفقاري1
1 طالب دكتوراه، جامعة اسطنبول صباح الدين زعيم، تركيا.
البريد الالكتروني: Kaq19701390@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(11); https://doi.org/10.53796/hnsj41124
تاريخ النشر: 01/11/2023م تاريخ القبول: 15/10/2023م
المستخلص
يهدف البحث إلى الخروج بتصورٍ كاملٍ عن مفهوم سعر الصرف، ومفهوم الدَّين، وأثر انخفاض سعر الصرف أو ارتفاعه في أداء الديون والالتزامات المؤجلة، ويعالج البحث إشكالية حصول الضرر على أحد المتعاقدين بسبب تغير أسعار الصرف، ويجيب على تساؤلات منها: هل تتفق العملات الورقية اليوم مع الذهب والفضة بجامع الثمنية؟ أم أنَّ هناك فروقاً أبرزها أنَّ الذهب والفضة ثمنين ذاتيَين، وأنَّ العملات النقدية أثمانٌ بسُلطة القانون فقط؟ ألا يوجب هذا الفرق الجوهري الاختلاف في بعض الأحكام في الفروع الفقهية؟ ألا يُعتبر ردُّ مثل قيمة الدَّين مع رخص العملة رخصاً فاحشاً ظلماً للدائن؟ وقد سلك الباحث المنهج الاستقرائي فتناول بالبحث القضايا العلمية المتعلقة بالبحث من بيان مفهوم الصرف والدين وما يتعلق بهما من مسائل، وكذا المنهج المقارن حيث تتبع أقوال الفقهاء الأقدمين والمعاصرين، ووقف على استدلالاتهم، وانتهى البحث إلى أنَّ القول بردَّ القيمة عند الأداء حال التغير الفاحش الطارئ على سعر العملة يحقق العدالة، والتماثل بين العوضين، ويرفع الضرر عن المتعاقدين معاً.
الكلمات المفتاحية: تعويم العملة، الالتزامات المؤجلة، التضخم، سعر الصرف، الدَّين.
Exchange Rate Fluctuations and Their Impact on the Performance of Rights and Obligations
A Case Study of Debts
Halit Abdullah Alkifari1
1 PhD student, Istanbul Sabahattin Zaim University, Türkiye.
E-mail/Kaq19701390@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(11); https://doi.org/10.53796/hnsj41124
Published at 01/11/2023 Accepted at 15/10/2023
Abstract
The aim of the research is to explain the concept of exchange rate, debt, and the impact of exchange rate depreciation or appreciation on debt performance. The research addresses the problem of harm occurring to one of the contracting parties due to exchange rate fluctuations and answers questions such as: Do fiat currencies today align with gold and silver in terms of being of equal value? Or are there notable differences, particularly that gold and silver have inherent value? Isn’t repaying a debt with depreciated currency considered a gross injustice to the creditor? The researcher followed an inductive approach and discussed scientific issues related to the research, including explaining the concept of exchange and debt. The comparative method was also employed, where the researcher examined the opinions of jurists and reviewed their arguments. The research concludes that the view of repaying the value at the time of performance during significant unforeseen currency fluctuations achieves justice, equal treatment between the parties, and alleviates harm to the contracting parties together.
Key Words: Currency floatation, Deferred obligations, Inflation, Exchange rate, Debt.
مقدمة
إنَّ تغير أسعار الصرف من أعظم الأحداث تأثراً وتأثيراً على الاقتصادت الوطنية والعالمية، إذ يمتد تأثيره ليطال العديد من القطاعات الاقتصادية عابرة الدول والقارات، لا سيما في ظل الانفتاح الاقتصادي، وارتفاع معدلات التبادل التجاري، وتشابك العلاقات الاقتصادية بين الدول، بل يصل تأثيره إلى مستوى التعاقدات البسيطة بين الأفراد بنسبٍ تقل أو تعظم توازياً مع حجم تلك التعاقدات، كالبيوع الآجلة أو المنجَّمة على أقساط، والقروض المؤجلة، وعقود الإيجارات، وعقود الاستصناع، والمهر المؤخر وغيرها من العقود، فإنَّ نقصان سعر العملة أو زيادته يؤدي بالضرورة إلى عدم تساوي العوضين، والإضرار بأحد المتعاقدين.
إنَّ هذا التغير في أسعار العملات ليس وليد العصر الحالي، بل قديمٌ قِدَمَ تعامل الناس بالنقود والعملات، ولقد درس الفقهاء منذ القدم الحالات التي تطرأ على الأثمان من ذهب وفضة وفلوس ونحوها، سواء كانت بحالة الكساد أو الانقطاع أو تغير السعر، واختلفت أنظارهم في بيان الواجب عند الأداء بين قائلٍ بالمثلية وقائلٍ بالقيمة وقائلٍ بتفصيلٍ ارتضاه، ومع وجود بعض المفارقات بين العملات الورقية اليوم وبين الذهب والفضة إلا أنَّ الخلاف القديم كان حاضراً بقوة في نقاشات الفقهاء المعاصرين لموضوع تغير أسعار الصرف في العملات الورقية المعاصرة. وبالتالي جاءت هذه الدراسة لتوضح تغير سعر الصرف وأثره على أداء الحقوق والالتزامات (الديون أنموذجاً).
موضوع البحث
تناولت الدراسة مفهوم سعر الصرف وأحكامه في المعاملات الورقية. وتناولت أيضاً العوامل المؤثرة في سعر الصرف وحكم تدخل الدولة في تحريره أو تثبيته، وآثاره وحكمه في الفقه الإسلامي. واختتمت الدراسة بأثر تغير أسعار الصرف على أداء الديون من حيث مفهوم الديون وأحكام أداء الديون عند تغير أسعار الصرف.
مشكلة البحث
تتمثل في السؤال الرئيسي التالي:
ما هو تغير سعر الصرف وأثره على أداء الحقوق والالتزامات (الديون أنموذجاً)؟ وينبثق منه عدة أسئلة فرعية وهي:
1-ماهو مفهوم سعر الصرف وأحكامه في المعاملات الورقية؟
2-ماهي العوامل المؤثرة في سعر الصرف وحكم تدخل الدولة في تحريره أو تثبيته؟
3-ماهو أثر تغير أسعار الصرف على أداء الديون؟
حدود البحث
تغير سعر الصرف وأثره على أداء الحقوق والالتزامات (الديون أنموذجاً)، وتمت الدراسة في الفصل الثاني من عام 2023.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى الإجابة على التساؤلات التالية:
1-ما هو مفهوم سعر الصرف وأحكامه في المعاملات الورقية؟
2-ما هي العوامل المؤثرة في سعر الصرف وحكم تدخل الدولة في تحريره أو تثبيته؟
3-ما هو أثر تغير أسعار الصرف على أداء الديون؟
منهج البحث
اعتمدت الدراسة على مجموعة من المنهجيات البحثية، تمثلت في المنهج الاستقرائي حيث تناول القضايا العلمية المتعلقة بالبحث من بيان مفهوم الصرف وما يتعلق به من مسائل من وجهة نظر الفقهاء والاقتصاديين، ومفهوم الدين وما يتعلق به من المسائل، وكذا المنهج المقارن حيث تتبع أقوال الفقهاء الأقدمين والمعاصرين، ووقف على استدلالاتهم، ورجح ما يراه راجحاً في مختلف القضايا المتناولة في هذا البحث.
الدراسات السابقة:
يوجد العديد من الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع البحث، تم عرضها على النحو الآتي:
1.دراسة علي السالوس، بعنوان: “أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزامات”، يهدف هذا البحث إلى بيان أحكام الصرف في الفقه الإسلامي، وإلى أنها تنطبق على النقود في كل عصر. ثم يبين أن ما تراه من تغير قيمة النقود في عصرنا لم يكن بهذا القدر في عصر النقود السلعية ، حيث كنا نرى الاستقرار النسبي. ويذكر من السنة المطهرة ما يثبت أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته، وأن أجر العامل يجب أن يتغير تبعا لتغير قيمة النقود، حيث إنه مرتبط بتمام الكفاية. ويذكر البحث بالتفصيل أثر تغير قيمة النقود عند الفقهاء وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها أن الدعوة إلى رد الدين بقيمته لا بمثله لا يخالف النص والإجماع فحسب، بل يترتب عليه كثير من المحاذير.
2.دراسة علي القره داغي، بعنوان: “تذبذب قيمة النقود الورقية”، هدفت هذه الدراسة إلى تعريف النقود بإيجاز، ونبذة تاريخية لها ثم تناولت بعض أحكام النقود المعدنية من الذهب والفضة وعن الفلوس ثم إن هذا الموضوع في الواقع يرتبط بقاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي وتوضيح المعايير التي تتحكم فيها للوصول إلى هل تدخل نقودنا الورقية في المثليات، وهل هي مثل الذهب والفضة في جميع الأحكام.
3.دراسة هايل عبدالحفيظ، بعنوان: “تغير القيمة الشرائية للنقود الورقية”، هدفت هذه الدراسة إلى بيان مفهوم سعر الصرف وأحكامه في العملات الورقية بعد فك ارتباطها عن الذهب، وتناول العوامل المؤثرة في تقلبات سعر الصرف، وأشار إلى أنظمة الصرف المختلفة التي تتبعها دول العالم اليوم، ثمَّ بحث حكم تدخل الدولة في تثبيت سعر الصرف أو تحريره، وسلط الضوء على مفهوم الديون، وبيان أقسامها، وأسباب انشغال الذمة بها، ثمَّ ختم ببحث مسألة حكم أداء الديون عند تغير أسعار الصرف، وخلص بعد البحث إلى ترجيح وجوب الأداء بالقيمة إن كان التغير في سعر الصرف فاحشاً، والتغاضي عنه إن كان يسيراً، لئلا تضطرب معاملات الناس مع عدم وجود ضرر معتبر.
الإضافة العلمية من الباحث:
تتمثل الإضافة العلمية في هذا البحث في بيان حكم وضوابط تَدخلِ الدولة في تحديد أو تحرير سعر الصرف انطلاقاً من القواعد الشرعية المرعية، وبيان المفهوم العام للديون – الذي يضم القَرْضَ كفردٍ من أفراده – وبيان أثر ذلك التغير على أداء الديون، مع تحرير محل النزاع في المختَلف فيه، وبيان صورته، وهو ما لم يجده الباحث بحسب اطلاعه في بحث آخر.
محاور البحث
المحور الأول: مفهوم سعر الصرف وأحكامه في العملات الورقية
يحسُن قبل الشروع في بحث مسألة تغير سعر الصرف وأثرها على أداء الحقوق والالتزامات كالديون وغيرها أنْ نعرج على بيان مصطلح سعر الصرف، في اللغة، وفي اصطلاح الفقهاء وعلماء الاقتصاد، ثمَّ التعريج على أحكام الصرف في العملات الورقية المعاصرة.
أولاً: مفهوم سعر الصرف
1.”سعر الصرف” من قبيل المركب الإضافي، ومعرفة المركب تتوقف على معرفة أجزائه، وجزءا هذا المركب هما السعر والصرف، فالسِّعْرُ في اللغة الذي يقوم عليه الثمن، والجمع على أسعار، يقال: أسعروا وسعَّروا تسعيراً: اتفقوا على السعر([1])، والسعر في اصطلاح الفقهاء لا يخرج عن المعنى اللغوي([2])، وقريبٌ منه في عبارتهم القيمة والثمن، وفرَقوا بينهما وبين السعر بأنَّ السعر ما يطلبه البائع سواء كان أزيدَ أو أقل مما تستحقه السلعة، أو مساوياً لها، وأمَّا القيمة فالثمن الحقيقي لها، والثمن ما يتراضى عليه العاقدان([3])، والسعر عند علماء الاقتصاد: التعبير النقدي لقيمة البضائع أو السلع، والذي يتناسب طردياً مع ارتفاع قيمة السلعة وانخفاضها.([4])
وأمَّا الصرف فأصل مادته في لغة العرب “ص ر ف”، وهو يُطلق لمعانٍ أغلبها تدل على معنى الرجوع، قال ابن فارس: (الصاد والراء والفاء معظم بابه يدل على رجع الشيء، من ذلك صرفتُ القوم صرفاً وانصرفوا، إذا رجعتَهم فرجعوا..)([5])، ومن معاني “الصرف”: الزيادة والفضل، قال الخليل: (الصرف: فضل الدرهم في القيمة، وجودة الفضة، وبيع الذهب بالفضة)([6])، ومنه قولهم: بين الدرهمين صرفٌ، أي فضلٌ وزيادة؛ لجودة فضة أحدهما في مقابلة الآخر([7])، وهذ الصرف بمعنى رجوع الدينار المصروف إلى الدراهم([8])، ومن معاني الصرف الرَدُّ، والنقل، والتحويل([9])، ومنه ردُّ الدنانير إلى دراهم، أو نقلها أو تحويلها، وهي بمعنى الرجوع أيضاً، ومن مادته اللغوية اشتُق الصرَّافُ والصيرفي والصيرفَ، وجمعهم على صيارفة وصيارف، وهم النقَّاد الذين يبيعون الذهب بالفضة ونحوه([10]).
2.والصرف في اصطلاح الفقهاء – في الجملة – بيع النقد بالنقد بشروطه، وإنْ اختلفت عباراتهم في التعبير عنه، فالميرغناني من الحنفية عرَّفه بأنه: “البيعُ إذا كان كل واحدٍ من عوضيه من جنس الأثمان”([11])، وعرَّفه الخطيب الشربيني من الشافعية بأنه: “بيع النقد من جنسه وغيره”([12])، وعرَّفة من الحنابلة البهوتيُ بقوله: “بيع نقدٍ بنقدٍ اتحد الجنس أو اختلف”([13])، وقسم المالكية بيع النقد بالنقد إلى ثلاثة أقسام، فإنْ بيع النقد بمثله وزناً، فهو المراطلة، وإن بيع المسكوك بمثله عدداً، فهو عقد مبادلة، وإنْ بيع نقدٌ بنقد من غير جنسه، فهو صرفٌ([14])، ومؤدى عبارات الفقهاء – في الجملة – واحدٌ، وشرطُ جواز عقد الصرف عند الجميع التقابض في المجلس، والإجماع منعقدٌ على اشتراطه، قال ابن المنذر: “وأجمعوا أنَّ المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أنَّ الصرف فاسد”([15])، فإنْ اتحد الجنس اشتُرط مع التقابض التماثل([16])، وللفقهاء شروط وتفصيلات يُرجع إليها من مظانها في كتب الفقه.
وعملية الصرف في اصطلاح علماء الاقتصاد لا يبعد مضمونه عن تعريف الفقهاء الأقدمين، إذ هو: مبادلة العملات والأوراق بعضها ببعض حسب نسب وأسعار ووحدات، وقيود وأنظمة معينة([17])، وسعر الصرف عبارة عن: النسبة التي يحصل على أساسها مبادلة النقد الأجنبي بالنقد الوطني، أو يُعبَّر عنه بأنَّه: ما يدفع من وحدات من النقد الوطني للحصول على وحدة أو حدات من النقد الأجنبي([18])، وللاقتصاديين طريقتان في تحديد السلعة، أولاهما: أنَّ العملة الأجنبية هي السلعة، وتقاس الوحدة الواحدة منها بالعملة المحلية، والطريقة الأخرى بعكسها.([19])
ثانياً: أحكام الصرف في النقود الورقية
النقود الورقية في صورتها النهائية([20]) في اصطلاح علماء الاقتصاد هي: أوراق نقدية غير مغطاة بالذهب أو الفضة، تصدرها الدولة بقانون، وتطرحها للتدول، فتكون مستمدة قوتها من القانون لا من ذاتها([21])، وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في جريان أحكام الصرف عليها كالقول باشتراط التقابض في المجلس، والتماثل عند اتحاد الجنس ونحو ذلك، ونتج عن خلافهم قولان:
القول الأول: أنَّ النقود الورقية تجري عليها أحكام صرف الذهب والفضة، وتنطبق عليها نفس أحكامهما، واستندوا في ذلك إلى العديد من الأدلة منها القياس على النقدين الذهب والفضة في جريان الربا عليها، والعلة الجامعة هي الثمنية؛ فإنَّها غير مقتصرة على الذهب والفضة، إذ تقوم العملة الورقية اليوم مقامهما([22])، بل هي عمدة التبادل والتعامل اليوم دونهما، فهي كل ما يستعمله الناس مقياساً للقيم، وواسطة للتبادل، وأداة للادخار، وأي شيءٍ يؤدي هذه الوظائف يُعتبر نقوداً، بغض النظر عن المادة التي صُنع منها، وبصرف النظر عن الكيفية التي أصبح بها وسيلة تعامل.([23])
القول الثاني: أنَّ العملات الورقية لا تجري عليها أحكام الصرف، فلا يشترط تماثلٌ، ولا يشترط قبضٌ في المجلس، بل تُعامل معاملة عروض التجارة، “فيجوز على هذا أنْ تبيعَ ورقة مالية بأخرى، سواء زاد سعر الأخرى أو نقص، وسواء حصل التقابض بين الطرفين في المجلس، أو تأخر أحدهما فلم يقبض حقه إلا بعد مدة قصيرة أو طويلة..”([24])، واستدل القائلون بهذا الرأي بأنَّ الأوراق النقدية لا يصح أنْ تُقاس على الربويات؛ لأنَّها ليستْ بموزونٍ كالذهب والفضة، ولا بمكيلٍ كبقية الأصناف الربوية الستة، ثمَّ إنَّها إنْ سقط التعامل بها بانهيار الدولة – مثلاً – فإنَّها تصبح بلا قيمة، ولو كان لها قيمة كالذهب لما سقط التعامل بها، وغيرها من الاستدلالات([25]).
ورأي الأولين – في نظر الباحث – أصوب؛ فإنَّ الأوراق المالية تقوم مقام الذهب والفضة، والقول بعدم تطبيق أحكام الصرف عليها، يفتح باب الربا على مصراعيه، ويهدم ركناً مهماً من أركان الإسلام وهو الزكاة، وذلك لو اكتنزها صاحبها، مع التسليم ببعض الفوارق بين الذهب والفضة من جهة، وبين العملات النقدية من جهة أخرى، ومن ثّمَّ اختلاف بعض الأحكام كما سيأتي بيانه..
المحور الثاني: العوامل المؤثرة في سعر الصرف وحكم تدخل الدولة في تحريره أو تثبيته
يُعتبر سوق الصرف من أكبر الأسواق المالية في العالم، ويُعرف هذا السوق بحركته الديناميكية والمتغيرة بشكل مستمر، تبعاً لتأثره بالعديد من العوامل، وسيتاول هذا المبحث الإشارة إلى بعض العوامل المؤثرة في تغير سعر الصرف، ثمَّ بيان حكم تدخل الدولة لتحرير الصرف أو تثبيته بحسب مقتضى الحال.
أولًا: لعوامل المؤثرة في سعر الصرف
العوامل التي من شأنها أن تؤثر في أسعار صرف العملة المحلية مقارنة بالعملات الأجنبية كثيرة ومتعددة، وتتنوع بين كونها عوامل اقتصادية، أو عوامل سياسية أو جيوسياسية مؤثرة على الحالة الاقتصادية للبلدان، وبالضرورة أسعار عملاتها، ومن أهم هذه العوامل ما يلي:
1.العوامل الاقتصادية:
أ-ارتفاع معدل التضخم، والمراد بالتضخم في اصطلاح الاقتصاديين: الزيادة المستمرة في المستوى العام للأسعار؛ لعوامل منها فائض الطلب الزائد عن قدرة العرض([26])، وهذا التضخم يؤدي إلى انخفاض سعر العملة المحلية؛ لأنَّه يُضعف القوة الشرائية للعملة، حيث يمكن شراء أقل كمية من السلع والخدمات بوحدة من العملة، ونتيجة لذلك يميل المستثمرون والمستهلكون – أيضاً – إلى البحث عن عملات ذات قوة شرائية أعلى، فينخفض الطلب على العملة المحلية..([27]).
ب-عدم تناسب المعروض النقدي مع زيادة الإنتاج، ومعدل نمو السكان، وهذا اللاتناسب له صورتان، إمَّا أنْ يكون المعروض النقدي أكبر من نسبة زيادة الإنتاج ونمو السكان، وذلك يؤدي إلى ارتفاع قيمة السلع المحلية، ومن ثَمَّ تزايد الطلب على السلع الأجنبية، ومعه زيادة طلب العملة الأجنبية، وبالتالي زيادة المعروض من العملة المحلية في السوق الأجنبي، وانخفاض قيمتها، وإمَّا أن تكون الصورة بالعكس، فتكون نتائجه بالعكس أيضاً..([28])
ت-التجارة الخارجية؛ بمعنى حركة الصادرات والواردات، إذ إنَّ ارتفاع قيمة الصادرات مقارنة بالواردات يرفع من قيمة العملة المحلية، وذلك نتيجة لتزايد طلب الأجانب عليها، في حين أنَّ زيادة الواردات يخفض من قيمة العملة، فالعلاقة بين سعر العملة المحلية والصادرات علاقة طردية، وعكسية مع حجم الواردات.([29])
2.العوامل غير الاقتصادية: فإلى جانب العوامل الاقتصادية ثمة عوامل أخرى يمكن أن تؤثر على أسعار صرف العملات، ومن هذه العوامل الاستقرار السياسي والجيوسياسي للدول، حيث إنَّ الاضطرابات السياسية والحروب بأنواعها، والنزاعات الداخلية، والكوارث الطبيعية كالزلزال والأعاصير والبراكين وغيرها لها عظيمُ الأثر في تغير أسعار صرف العملات، وكذا التوقعات والأخبار والإشاعات، التي تعزز – إن كانت في الجانب الإيجابي – ثقة المستثمرين والأفراد بالاقتصاد والعملة، فيزيد على ضوئها طلب العملة، ويرتفع سعرها، وتؤدي في الاتجاه المقابل إلى زعزعة الثقة وخفض قيمة العملة، وغيرها من العوامل التي تؤثر في سعر الصرف..([30])
ثانياً: تدخل الدولة في تحرير سعر الصرف أو تثبيته، آثاره وحكمه في الفقه الإسلامي.
إنَّ العوامل المؤثرة في تغير أسعار الصرف – والتي مرَّ ذكر بعضها في المحور السابق – تدفع العديد من الدول لتطبيق أنظمة صرف مختلفة، بحسب ما يقتضيه واقعها، من خلال وضع قواعد معينة في إدارة سعر صرف العملة الأجنبية مقابل المحلية، وقد تكون هذه القواعد قريبة أو بعيدة من عملية العرض والطلب، فقد ترى الدولة أنَّ الصالح اتباع سعر الصرف الثابت، والذي يتم بموجبه تثبيت قيمة العملة المحلية بالنسبة إلى عملة أجنبية واحدة، تتميز بالقوة والاستقرار، فتعمل اقتصاديات الدول الأخرى على تثبيت عملاتها إلى تلك العملة، وقد يتم التثبيت إلى وحدة سلة من العملات، يتم اختيارها وفق عملات الشركاء التجاريين، وتظل العملة المحلية في هذا النظام من الصرف متماشية مع تلك العملة أو السلة مقابل العملات الأخرى، وهذا النظام في الصرف هو الذي أقامته الدول الأوروبية الموحدة سنة 1972م.([31])
وقد ترى الدولة أنَّ تحقيق الصالح الاقتصادي في اتباع نظام من أنظمة سعر الصرف المرن، سواء أكان نظام سعر الصرف المعدل بدلالة المؤشرات، والذي تتغير معه أسعار صرف العملة صعوداً وهبوطاً بشكل تلقائي جراء التغيرات الحاصلة في المؤشرات التي تضعها الدولة، بما فيها مؤشر السعر الحقيقي للصرف، أمْ كان النظام المتبع نظامَ سعر الصرف ذا التعويم المدار، حيث يتم تحديد سعر الصرف من قِبل البنك المركزي، ويتم تغييره بين الفينة والأخرى بناء على الرؤى والاحتياطات والتقديرات التي تُستَشفُّ من تطورات أسواق النقد الموازية، وقد تلجأ الدولة إلى اتباع نظام سعر الصرف البالغ المرونة، أو سعر الصرف ذي التعويم الحر، بحيث يتحدد سعر الصرف انطلاقاً من آلية العرض والطلب.([32])
وهذا التدخل من قِبل الدولة في أحواله المختلفة تتغير معه أسعار العملة صعوداً وهبوطاً، ولا يخفى أنَّ له العديد من الآثار على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، بل والسياسي([33])، وهو وإن كانت آثاره في الغالب إيجابية، إلا أنَّه لا بد أن تشوبه بعض السلبيات؛ إذ لا توجد في الدنيا مصلحة بحتة ولا مفسدة بحتة، وهذا التدخل تمتد آثاره لتصل إلى مستوى تعاملات الأفراد في ما بينهم كما ستأتي الإشارة إليه في المبحث التالي، ثمَّ إنَّه إنَّما يكون من الدولة في الغالب من قبيل الاضطرار، تلجأ إليه الدولة لمعالجة مشاكل طرأت في الوضع الاقتصادي، ولا بد أنْ يكون مضبوطاً بأحكام الشرع الشريف، والشرع أباح لولي الأمر – والدولة تمثله اليوم – التصرفاتِ إذا كانت تحقق المصلحة العامة للأمة، وذلك هو المقرر في القواعد الفقهية، قال القرافي: (اعلم أنَّ كلَّ من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحل له أنْ يتصرف إلا بجلب مصلحة أو درء مفسدة..)([34])، ويقول الإمام السيوطي في “الأشباه والنظائر”: (تصرف الإمام على الرعية منوطٌ بالمصلحة، هذه القاعدو نصَّ عليه الشافعي، وقال: “منزلة الإمام من الرعية منزلة الولي من اليتيم)([35])، ثمَّ أنَّ الحاصل من ضررٍ خفيفٍ في بعض المجالات يُتحمل لدفع الضرر الأعظم منه، وهو مقرر – أيضاً – في قواعد الفقه، يقول السيوطي – عليه رحمة الله – في حديثه عن قاعدة “الضرر يُزال”: (..ونشأ من ذلك قاعدة رابعة، وهي: إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً، بارتكاب أخفهما)([36])، ويُتحمل أيضاً الحاصل من ضررٍ خاص يقع على البعض لدفع ضرر عام يعم الأكثر، قال ابن نُجيم: (تنبيهٌ: يُتحمل الضرر الخاص لأجل دفع الضرر العام)([37]).
وبجانب هذا النظر في القواعد الفقهية العامة التي يجب أن يكون تصرف الدولة على ضوئها لتحقيق مصالح العباد، فإنَّ بعض الفقهاء المعاصرين خرَّج موضوع تثبيت سعر العملة، أو ربطه بعملة من العملات على مسألة التسعير، والخلاف في التسعير قديمٌ، فقد اختلفت فيه أنظار الفقهاء، فذهب أكثر الشافعية والحنابلة وغيرهم إلى أن التسعير الأصلُ فيه الحرمة، وأجازه – بشروط وضوابط – كثير من فقهاء الحنفية، وابن عبدالبر من المالكية، وبعض الشافعية، وهو ما نصره تقي الدين ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وهو مذهب سعيد بن المسيب، وربيعة بن عبدالرحمن، والليث بن سعد، وغيرهم من الفقهاء([38])، وأكثر من أجازه شرط لجوازه تعدي الباعة القيمة الحقيقية للسلع، وعجْزَ القائم على السوق عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير([39])، والمعاصرون من الفقهاء قاسوا تثبيت سعر الصرف على تسعير السلع، وحاصل خلافهم قولان – أيضاً – الأول: أنَّ تثبيت سعر صرف العملة غير جائزٍ؛ لأنَّه من التسعير الظالم([40])، والثاني: الجواز، بشروطه وضوابطه([41])، والذي تميل إليه نفس الباحث جواز التحديد والتحرير بما تقتضيه المصلحة العامة؛ إذ تصرفات الراعي في شؤون رعيته منوطة بها، فحيث اقتضت المصلحة التثبيت لزمه التثبيت، وحيث اقتضت التحرير لسعر الصرف لزم ذلك أيضاً.
المحور الثالث: أثر تغير أسعار الصرف على أداء الديون
يواجه الكثير من الناس على مدار الحياة اليومية الحاجة المستمرة إلى الاستدانة والاقتراض، إما لتلبية الاحتياجات الأساسية، أو للاستثمار في المشاريع والفرص الجديدة لا سيما في حالة قلة وجود السيولة النقدية عندهم، وتثبت في ذممهم حقوقٌ مالية للغير بسبب العديد من العقود، وتكون هذه الديون الثابتة في الذمة ثابتةً بعملة معينة، وهذه العملة قد يطرأ عليها تغيير في سعرها كما مرَّ، فهل الواجب على من ثبتت في ذمته هذه الحقوق أنْ يرد مثلها أو قيمتها؟ سيناقش هذا المبحث هذه المسألة ويبين صورتها وأحوالها، بعد تعريجٍ على مفهوم الديون وأنواعها وأسبابها.
أولا: مفهوم الديون
1.الدين في اللغة: كل شيء غير حاضر، والجمع على أَدْيُن من باب : عين أعين، وديون، يقال: دنته وأدنته إذا أعطيته المال إلى أجل، وهو دائنٌ ومدينٌ ومديونٌ ومدانٌ بمعنى عليه الدين، وأدانَ وادَّان واستدان وتديَّن بمعنى أخذ دَيناً([42])، وفَرقوا بين الدَين والقرض في اللغة بأنَّ الدَّين أعمُّ من القرض، فالقرض أكثر ما يستعمل في أخذِ المال بقصد ردِّ مثله، والغالب فيه أنَّه يكون بلا أجل، بينما يشمل الدين كلَّ مال ثابتٍ في ذمة شخص لشخص آخر، سواء أكان باقتراض أم بغيره، كالأثمان الثابتة في الذمة للبيوع الآجلة، وقيل: الدَّين كل معاوضة يكون أحد العوضين فيها مؤجلاً، والقرضُ: أخذ المال وردُّ مثله في وقت آخر من غير تعيين..([43])
2.والدَّين في الاصطلاح: يستعمله الفقهاء بإطلاقين أحدهما: مطلق الحق اللازم في الذمة، وتدخل فيه حقوق الله سبحانه وتعالى من صلاة وصوم وزكاة وحجٍّ ونذر، كما تدخل فيه الحقوق الثابتة للآدميين، وهذا الإطلاق عام، والمراد هنا بحث الدَّين بمعناه الأخص، وهو كما عرَّفه الكمال بن الهمام من الحنفية بأنَّه: “اسمٌ لمال واجب في الذمة، يكون بدلاً عن مال أتلفه، أو قرضٍ اقترضه، أو مبيعٍ عقد بيعه، أو منفعة عقد عليها من بُضع امرأة وهو المهر، أو استئجار عين”([44])، وهذا التعريف متسقٌ مع كلام أهل اللغة في التفريق بين الدين والقرض، وتنويههم إلى كون الدين أعم وأشمل، وعرَّفه ابن العربي المالكي بأنَّه: “كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً والآخر في الذمة نسيئة”([45])، وتعريفه عن غالب الفقهاء لا يخرج عن كونه: ما يثبت في الذمة من مالٍ بسبب يقتضي ثبوته.([46])
3.أقسام الدين: الفقهاء يقسِّمون الدَّين باعتبارات مختلفة، فهو عندهم باعتبار وقت استحقاق الأداء نوعان، دينٌ حالٌّ، ويريدون به: ما يجب أداؤه عند الطلب، فيصحُّ المطالبة به على الفور، وكذا التخاصم عليه أمام القضاء، ومنه الديون التي لا تصحُّ إلا حالَّة، فلا تقبل التأجيل، وإلا فسد العقد، ومن ذلك رأس مال السلم([47])، والعوضين في الصرف، وقد مرَّ التنبيه إلى اشتراط التقابض في المجلس، وأنَّ ذلك إجماع الفقهاء([48])، وقسيم هذا النوع الدينُ المؤجَّل، وهو الذي لا يجب أداؤه قبل حلول أجله، فإنْ أُدِّيَ قبله صحَّ، وسقط عن ذمة المدين، ويدخل في هذا النوع ما كان منجَّماً على أقساطٍ، لكل قسط موعدٌ محدد للسداد، يجب الوفاء به في موعده، ومن هذا النوع الدية التي تثبت على عاقلة القاتل، فإنَّها منجَّمة على ثلاث سنين، يُدفع في كل سنة ثلثها([49])، قال الشافعي في الأم: “.. فأمَّا الخطأ فلا اختلاف بين أحدٍ علمته في أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بالدية في ثلاث سنين”.([50])
4.ومن تقسيمات الفقهاء للدين تقسيمهم له من حيث استقرارُه إلى نوعين: الأول الدين المستقر، وهو الدين غير المعرَّض للانفساخ بتلف المعقود عليه، فهو دينُ ثابت لازم، كبدل القرض، وكذا أثمان المبيعات، وأروش الجنايات، وقيمة جبر المتلفات، ومنه – أيضاً – المهر بعد الدخول، وعوض الخلع وغيرها، وقسيمه غير المستقر، بمعنى أنَّه لم يستقر عليه ملك الدائن؛ لأنَّه عرضة للسقوط، كثمن المبيع قبل قبضه، فإنَّه لا يثبت لو تلف المبيع، ومنه أيضاً ثبوت المهر قبل الدخول، فإنَّه أيضاً عرضة للسقوط، وتستقر جميع هذه الديون في الذمة بعد لزومها، وقبض المقابل لها، كقبض المبيع، واستيفاء المنفعة في الإجارة، وقبض العين المؤجرة ونحو ذلك..([51])
5.أسباب انشغال الذمة بالدين: الأصل أنَّ ذمة الإنسان بريئة من كل دين أو حقٍّ للغير أو التزام ما لم يوجد سببٌ يجعل الذمة مشغولة بالحقِّ أو الدَّين، والأسباب الموجبة لشغل الذمة بالدَّين كثيرة متنوعة، فمنها الالتزام بالمال، سواء كان ذلك في عقد بين طرفين كالبيع أو السلم، أو الإجارة، أو القرض، أو الحوالة أو الكفالة بمال، أو الزواج أو الطلاق على مالٍ وغيرها من عقود المعاوضات أو الإرفاق أو التوثيقات..، ومن الأسباب الموجبة لشغل الذمة بالدين العمل غير المشروع كالقتل الموجب للدية، والجناية الموجبة للأرش، والإتلاف الموجب للجبر، وتعدي يد الأمانة أو تفريطها في حفظ الوديعة ونحوها، ومن الأسباب هلاك المال في يد حائزه إذا كانت يده يد ضمان، سواء أكان الهلاك بتعديه أم بغيره، كتلف المغصوب في يد الغاصب، وغيرها من الأسباب التي تشغل ذمة المرء بالدين.([52])
ثانياً: أحكام أداء الديون عند تغير أسعار الصرف
مرَّت الإشارة إلى أنَّ تغير أسعار صرف العملات بين الفينة والأخرى يسبب العديد من المشكلات على مستوى اقتصاديات الدول، وكذا تعاملات الأفراد، ويحصل ما يسمى بالتضخم أو ضعف القوة الشرائية للعملة المحلية، وقد يكون هذا التغيير في أسعار العملات شراً لا بد من ارتكابه لدفع ما هو أعظم منه – كما مرَّ – وهذا التغير في أسعار العملات ليس وليد هذا العصر، بل هو قديمٌ حاصل في العملات النقدية القديمة، يقول القلقشندي: «ثم صرف الذهب بالديار المصرية لا يثبت على حالة، بل يعلو تارة ويهبط أخرى بحسب ما تقتضيه الحال، وغالب ما كان عليه صرف الدينار المصري فيما أدركناه في التسعين والسبعمائة وما حولها عشرون درهما، والإفرنتي (أي الإفرنجي) سبعة عشر درهما وما قارب ذلك، أما الآن فقد زاد وخرج عن الحد خصوصا في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وإن كان في الدولة الظاهرية بيبرس قد بلغ المصري ثمانية وعشرين درهما ونصفا فيما رأيته في بعض التواريخ»([53])، ولمَّا كانت المشكلة قديمة، فإنَّ الفقهاء تناولوها بالبحث في أبواب الصرف، والربا وغيرها، وتعرضوا لآثارها في العقود التي تنشغل بها ذمة أحد طرفي العقد بدينٍ مؤجل، وقد مرت الإشارة إلى طرفٍ من هذه العقود في المطلب الماضي.
صورة المسألة: إذا ثبت في ذمة إنسانٍ دينٌ مستقرٌ بعملة معينة لسببٍ من أسباب انشغال الذمة بالدين، ثمّ طرأ تغيير في سعر العملة المتعاقد بها، فهل يلزم الطرف المدين ردَّ مثلها أم قيمتها..؟، وتوضيح ذلك: لو ادَّان زيدٌ من عمرو مبلغ عشرة آلاف بالعملة المحلية، أو اشترى منه سلعة بذات القيمة مُنَجمةً على أقساطٍ مؤجلة، أو استأجر منه بيتاً للسكنى وتمَ الاتفاق على أنَّ أجرة عينها عشرة آلاف من العملة المحلية.. ثم طرأ تغيير على سعر العملة المحلية، فضعفت قدرتها الشرائية، وانخفض سعرها مقابل سعر العملة الأجنبية، فهل يلزم المدين أو المشغولَ ذمتُه بالعشرة آلاف أنْ يرد مثلها أو يرد قيمتها..؟
تحرير محل النزاع: لا خلاف بين الفقهاء في أنَّ تغير أسعار الصرف لا يفسد العقود، سواء أكانت قرضاً أم بيعاً أم إجارة ونحوها، وقد نقل الكاساني الإجماع على ذلك، يقول: «ولو لم تكسد، ولكنها رخصت قيمتها أو غلت لا ينفسخ البيع بالإجماع»([54])، وكذا لو اتفق العاقدان برضى تامٍ منهما ونصَّا على أنَّ السداد بنفس عدد المتفق عليه من العملة المحلية وإنْ طرأ عليها تغيير، فإنَّ العقد شريعة المتعاقدين.
الخلاف في المسألة: اختلفت أنظار الفقهاء في الآثار المترتبة على تغير أسعار صرف العملات الورقية، بعد اتفاقهم على أنَّ تغيرها لا يكر بالبطلان على العقود، فكان موضع الخلاف في الواجب سداده من قبل المدين، وتشعبت أقوالهم بين قائلٍ بالمثلية، وقائلٍ بالقيمة، وقائلٍ بوجوب القيمة إنْ كان ثَمَّ مماطلة من قِبل المدين، وقائلٍ بوجوب القيمة إن كان التغير في سعر الصرف فاحشاً، وغيرها من الأقوال، والحاصل أنَّ أهم الأقوال في المسألة ما يلي:
القول الأول: أنَّ الواجب على المدين ردُّ مثل عدد ما ترتب في ذمته يوم العقد صفة وقدراً، من غير زيادة ولا نقصان، وأنَّ تغير سعر الصرف لا يؤثر في القدر الواجب على المدين، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء، فهو مذهب عامة الحنفية، قال الكاساني: «ولو لم تكسد، ولكنها رخصت قيمتها أو غلت لا ينفسخ البيع بالإجماع، وعلى المشتري أن ينقد مثلها عدداً، ولا يلتفت إلى القيمة ههنا؛ لأنَّ الرخص أو الغلاء لا يوجب بطلان الثمنية ألا ترى أن الدراهم قد ترخص، وقد تغلو وهي على حالها أثمان »([55])، وهو مشهور مذهب المالكية، ففي المدونة: «قلت: أرأيت إن أتيت إلى رجل فقلت: أسلفني درهم فلوسٍ ففعل، والفلوس يومئذ مائة فلس بدرهم، ثم حالت الفلوس ورخصت، حتى صارت مائتا فلس بدرهم، قال: إنما يرد ما أخذ ولا يلتفت إلى الزيادة»([56])، وعليه عامة الشافعية، يقول السيوطي: «وقد تقرر أن القرض الصحيح يرد فيه المثل مطلقا، فإذا اقترض منه رطل فلوس فالواجب رد رطل من ذلك الجنس سواء زادت قيمته أم نقصت»([57])، وهو أحد القولين عن الحنابلة، قال ابن قدامة: «فصل: قد ذكرنا أن المستقرض يرد المثل في المثليات، سواء رخص سعره أو غلا، أو كان بحاله»([58]).
وبه قال جمعٌ من الفقهاء المعاصرين([59])، واعتمده مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة المنعقدة بالكويت من 1- 6 جمادى الأولى سنة 1409ه، ونصُّ قراره: «العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة لأن الديون تقضى بأمثالها فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيًا كان مصدرها بمستوى الأسعار »([60])، واعتمده كذلك مؤتمر البنك الإسلامي للتنمية المنعقد بالتعاون مع المعهد العالي للاقتصاد الإسلامي في جدة سنة 1987م.([61])
أدلة القائلين بوجوب ردِّ المثل: استدل القائلون بوجوب ردِّ مثل عددِ الثابت في الذمة مهما تغيرت أسعار الصرف بجملة من الأدلة من الكتاب والسنة والمعقول، فمن الكتاب العزيز استدلوا بعموميات مثلِ قوله سبحانه وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة/1]، ووجه الدلالة أنَّ المأمور به في إيفاء العقود إنَّما يتحقق بردِّ المثل؛ إذ إنَّ المثل هو أقرب إلى الملتَزَمِ به، وهو المحقِّقُ للعدالة بين المتعاوضين.
واستدلوا من السنة المطهرة بالأحاديث التي نصَّت على وجوب المثلية عند مبادلة الأثمان، مثلُ قوله صلى الله عليه وسلم: « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء والفضة بالفضة إلا سواء بسواء وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم »([62])، وقوله عليه الصلاة والسلام: « الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»([63])، وغيرها من الأحاديث التي نصَّت على وجوب المثلية في الأداء، ووجه الدلالة منها أنَّ الذي اعتبره الشرع الشريف هو التماثل في القدر، وأَّنه لا يُلتفت إلى التفاوت في القيمة ما دامت الأموال ربوية، وهذا في حال التبايع نقداً، فيكون هو المعتبر من باب أولى في القروض الآجلة، التي يُحترز فيها عن كل زيادة..([64])، ومن استدلالهم بالسُّنة استدلالهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر، فجاءهم بتمر جَنِيب، فقال: « أكل تمر خيبر هكذا»، فقال: إنَّا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال: «لا تفعل بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنِيبا»([65])، ووجه الدلالة من الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم “بيَّن أنَّ الأموال الربوية يُنظر فيها إلى المثل قدراً، ولا عبرة بالقيمة”، فإنَّه وإنْ كان الجَنِيبُ أعلى جودة، وأغلى ثمناً إلا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل التفاوت في الثمن والقيمة هدراً.([66])
واستدلوا من المعقول: بأمورٍ منها أنَّ تغير أسعار الصرف من الأمور المتوقعة من الناحية الاقتصادية، وهذه التقلبات وما ينتج عنها من ربح وخسارة أمرٌ معروفٌ منذ القدم، فالواجب الاحتياط في تجنبها، والاجتهاد في عدم الوقوع في مغبتها قطعاً للنزاع، ومنعاً من وقوع الخسارة، لا بتحميل المدين فوق ما ثبت في ذمته بدعوى تغير سعر العملة، ثمَّ إنَّ “العقود المشروعة لا تشتمل على جهالة تفضي إلى الخلاف والنزاع، وردُّ النقود الورقية بقيمتها تجعل المقرض لا يدري ماذا سيأخذ، والمقترض بماذا سيطالَب، ولا يدري الاثنان المقياس الذي يلجآن إليه عند الخلاف في القول بالزيادة أو النقصان أو الثبات..”([67])، ومن استدلالاتهم – أيضاً – أنَّ النقود معيار تُقوَّم به الأشياء، والأصل الالتزام بالمعيار الذي تعاقد به الطرفان، وإلا اضطربت المعاملات وحصل الخلاف، فلو أنَّ العاقدان تعاملا كيلاً بمكيال معينٍ، ثمَّ تغير الكيل زيادة ونقصاً، فعل يؤدي الطرف الثاني للأول بالمكيال الجديد؟!([68])
القول الثاني: أنَّ الوجب على المدين ردُّ قيمة ما تعلق في ذمته إن تغيرت أسعار الصرف، لا ردُّ مثلها، وهو القول الأخير لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة، والمُفتَى به عند الحنفية، يقول ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار: «.. إذا غلت الفلوس قبل القبض أو رخصت. قال: أبو يوسف، قولي وقول أبي حنيفة في ذلك سواء وليس له غيرها، ثم رجع أبو يوسف وقال: عليه قيمتها من الدراهم، يوم وقع البيع ويوم وقع القبض. اهـ…، وحاصل ما مر: أنه على قول أبي يوسف المفتى به لا فرق بين الكساد والانقطاع والرخص والغلاء في أنه تجب قيمتها يوم وقع البيع أو القرض لا مثلها»([69])، وهو قولٌ عن الحنابلة نصره ابن تيمية في شرح المحرر، ونقله عنه البهوتي في المنح الشافيات، يقول: «قال في شرح المحرر: وقد نص في القرض على أن الدراهم المكسرة إذا منع التعامل بها فالواجب القيمة…، فإذا أقرضه أو غصبه طعاماً، فنقصت قيمته، فهو نقص النوع، فلا يجبر على أخذه ناقصاً، فيرجع إلى القيمة، وهذا هو العدل؛ فإن المالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتهما، وأما مع اختلاف القيمة فلا تماثل»([70])، وبه قال جمعٌ من الفقهاء المعاصرين([71]).
أدلة القائلين بوجوب ردِّ القيمة: استدل القائلون بوجوب ردِّ قيمة الدين لا مثله إنْ تغير سعر العملة بجملة من الأدلة من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، والمعقول على النحو التالي:
استدلوا من الكتاب العزيز: بقوله سبحانه وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة/1]، وقوله سبحانه: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾ [الأنعام/152]، ووجه الاستدلال من الآيتين الكريمة أنَّ المراد بالوفاء إنَّما هو الوفاء الحقيقي لا الشكلي أو الصوري، والأصل في العقود بناؤها على التساوي بين العوضين، وإذا نقصت قيمة العملة عند موعد السداد اختل التساوي، ولم يتحقق العدل والقسط، وهو فحوى ما تدل عليه عبارة تقي الدين ابن تيمية المارِّ نقلها، واستدلوا – أيضاً – بقوله سبحانه: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء/29]، ووجه الدلالة من الآية أنَّ في ردِّ العملة بعد أن نقصت قيمتها أو زادت بمثل عددها وقت العقد هو أكل لأموال الناس بالباطل، ففي حال نقصان قيمتها ظلمٌ للمقرض ونحوه، وفي حال زيادتها ظلمٌ للمقترض..([72])
واستدلوا من السنة بعموميات عددٍ من الأحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»([73])، ووجه الدلالة من الحديث أنَّ ردَّ مثل عدد العملة مع ارتفاع سعرها أو انخفاضها يُلحق الضرر بأحد المتعاقدين، بالمقترض حال الارتفاع، وبالمقرض حال الانخفاض([74])، ولقد استنبط الفقهاء من هذا الحديث وغيره قاعدة من القواعد الفقهية العامة، حتى قيل: إنَّ قاعدة الضرر يزال إحدى القواعد الخمس التي بُني عليها مذهب الإمام الشافعي في الفقه([75]).
واستدلوا من المعقول بوجوه منها: أنَّ الرضا من ركن من أركان العقد، فالبائع رضي ببيع سلعته وقت التعاقد على أساس القيمة التي عدَّها مساوية لسلعته، ومع تغير قيمة العملة فهو لا يرضى أنْ يبيعها بالقيمة الجديدة بعد انخفاض سعر العملة، وعلى الجانب المقابل فإنَّ المشتري لا يقبل أنْ يشتريها بالقيمة الجديدة إذا ارتفع سعر العملة، فيكون ركن الرضا بين الطرفين قد اختل إن اعتُبرت المثلية، وللحفاظ على الرضا وتحقيق التساوي بين العوضين لا بدَّ من القول بالقيمة([76])، وستدلوا كذلك بكون القول بوجوب المثلية في الأداء يحقق الضرر بأحد طرفي العقد كما مرَّ، وهو أمرٌ يغلق أبواباً من التكافل والتراحم بين الناس، كباب القرض الحسن، فإنَّ المُقرض يُحجم عنه لا سيما في الأزمنة التي يكثر فيها هبوط وصعود أسعار صرف العملات، وكذا تنجيمُ البيع على أقساط، فإنَّ البائع يحجم عنه؛ لأنَّ فيه إضراراً بتجارته..
القول الثالث: أنَّ الواجب الأداء بالمثل إلا إنْ كان التغير في سعر الصرف تغيراً فاحشاً، فالواجب في هذه الحالة العدول إلى القيمة، وممن ذهب إلى هذا الرأي الرهوني من المالكية، يقول في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل بعد ذكره الخلاف في كساد النقود وانقطاعها: «ظاهر كلام غير واحدٍ من أهل المذهب، وصريحُ كلامِ آخرين منهم أنَّ الخلاف السابق محله إذا قطع التعامل بالسكة القديمة جملة، وأمَّا إذا تغيرت بزيادة أو نقص فلا، وممن صرح بذلك أبو سعيد بن لبٍّ، قلتُ: وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يكثر ذلك جداً، حتى يصير القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه؛ لوجود العلة التي عَلَّلَ بها المخالف »([77])..
واستدل القائلون بهذا الرأي بجملة من الأدلة مرَّ ذكر بعضها، كالآيات القرآنية الكريمة التي تنهى عن أكل أموال الناس بالباطل، وتلك التي تأمر بوفاء بالعقود؛ إذ إنَّ الردَّ بالمثل مع التغير الفاحش في سعر الصرف لا يُعدُّ وفاءً، وكذا الآيات التي تأمر بإقامة القسط والعدل، وتنهى عن الظلم والجور، وردُّ المثل في حالة التغير الفاحش ظلم وجور ومجانبة للقسط والعدل، واستدلوا بالأحاديث الشريفة التي تنهى عن الإضرار بالغير، واستدلوا من المعقول برجوع الفقهاء في الكثير من العقود إلى القيمة حين لا يحقق المثل العدالة، كما لو اقترض ماء حال ندرته، واستدلوا بأنَّ البائع إنما دفع شيئاً منتفعاً به لأخذ منتفعٍ به، فلا يُظلم ويُضَرُّ بإعطائه ما لا يُنتفع به حال نقصان قيمة العملة – وبالتالي قيمة سلعته – نقصاناً فاحشاً، فلا يتحقق التساوي ولا المماثلة([78])، وقد علل الزيلعي قول صاحبي أبي حنيفة بوجوب ردِّ القيمة عند كساد النقود بقوله: «”ولو كسدت أفلس القرض يجب رد مثلها”، وهذا عند أبي حنيفة – رحمه الله – وقالا يجب عليه رد قيمتها؛ لأنه تعذر ردها كما قبضها؛ لأن المقبوض ثمن، والمردود ليس بثمن ففاتت المماثلة فتجب القيمة ».([79])
القول الراجح في المسألة:
يحسن قبل الترجيح في الخلاف أنْ يُشار إلى سبب الخلاف فيه، وسبب الخلاف في المسألة تصحيح قياس العملات الورقية على الذهب والفضة من عدمه، فَمن رأى أنَّ القياس صحيحٌ، وأنَّ العلة الجامعة هي الثمنية أَلْحَقَ العملات الورقية في الأحكام بالذهب والفضة، ومن رأى أنَّه قياسٌ مع الفارق جعلَ للعملات الورقية أحكاماً تخصها، والباحث يرى أنَّ العملات الورقية لا تشابه الذهب والفضة من كل وجه؛ فإنَّ الذهب والفضة أثمانٌ بأصل خلقتهما، بخلاف العملات الورقية التي لو أبطلت الدولة التعامل بها لأصبحت لا تساوي شيئاً، ومن ثَمَّ كان تنزيلُ جميع أحكام الصرف في الذهب على العملات الورقية أمراً فيه إجحاف بأحد طرفي العقد عند ارتفاع السعر أو انخفاضه، والشرع الشريف جاء لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، ورفع الظلم والضرر عنهم، ولمَّا كان الأداء هو ردٌّ للمال المقترض، أو لثمن السلعة، أو لإيجار العين المؤجرة، فإنَّ الأصل أنْ يكون مكافئاً للمقترَض والسلعة والمنفعة، ولا يحقق ذلك إلا الردُّ بالقيمة، ولمَّا كان التغير في السعر منه يسيرٌ يُحتمل، وفاحشٌ يحقق تجاهله الإضرار بأحد المتعاقدين، فإنَّ الباحث يرى أنَّ أرجح الأقول هو القول بوجوب الردِّ بالقيمة حال كون التغير كبيراً فاحشاً؛ لما في ذلك من تحقيق الوفاء بالعقود، ودفع الظلم والضرر، وتحقيق التماثل بين العوضين، مع النظر إلى ضرورة ضبط المعاملات واستقرارها، فلا يلتفت إلى التغير اليسير.. والله أعلى وأعلم.
النتائج:
خلص البحث إلى العديد من النتائج أهمها ما يلي:
1.أنَّ الصرف في اصطلاح الفقهاء والاقتصاديين هو بيع النقد بالنقد بشروطه وضوابطه.
2.أنَّ العملات الورقية بعد مرورها بالعديد من المراحل تستمد قوتها اليوم وثمنيتها من القانون لا من ذاتها بعد انفكاك ارتباط بالذهب.
3.أنَّ جمهور الفقهاء على اشتراط التقابض والتماثل في عقد الصرف عند اتحاد العملة.
4.أنَّ تدخل الدولة في تحديد سعر صرف العملة أو تحريره في حالات الاضطرار جائزٌ شرعاً طالما كان هذا التصرف منوطاً بتحقيق المصلحة العامة للرعية.
5.لا توجد في الدنيا مصلحة بحتة ولا مفسدة بحتة، واتباع الدولة لنظام من أنظمة الصرف لا بد أن تشوبه بعض المفاسد الصغيرة، وتكون هذه المفاسد واقعة على البعض لا العموم، والقاعدة أنَّ المفسدة الصغرى تُرتكب لدفع الكبرى، وأنَّ الضرر الخاص يُتحمل في سبيل دفع الضرر العام.
6.مفهوم الديون الثابتة في الذمة أوسع من أنْ تُحصر في عقد القرض، بل تشمل الكثير من عقود المعاوضات والإرفاقات.
7.أنَّ القول بردَّ القيمة عند الأداء حال التغير الفاحش الطارئ على سعر العملة يحقق العدالة، والتماثل بين العوضين، ويرفع الضرر عن المتعاقدين معاً.
التوصيات:
كما يؤكد الباحث على جملة من الاقتراحات والتوصيات أهمها:
1. ضرورة انعقاد المجامع الفقهية – مجدداً – لبحث مسألة آثار تغير سعر الصرف على أداء الديون، مع الاستعانة بذوي الاختصاص من علماء الاقتصاد، وكذا إثراء الموضوع بالندوات والملتقيات.. لا سيما مع التقلبات الشديدة في أسعار العملات التي تعصف ببعض البلدان، وتؤثر في كثير من العقود، وأيضاً مع ترسخ الفوارق بين العملات الورقية والذهب والفضة كأثمان وقيم.
2. ضرورة انتباه طرفي العقد حال التعاقد – لاسيما في التعاقدات طويلة الأجل – إلى التغيرات الحاصلة في أسعار العملات، والنصِّ على توزيع الخسارة بين طرفي العقد، أو فسخه – إن أمكن – حال التغير الفاحش.
3.ضرورة أنْ يجنح المتعاقدان إلى التراضي والصلح حال التغيرات الفاحشة في سعر الصرف؛ دفعاً للظلم، ورفعاً للضرر.
المراجع
الأصبحي، مالك بن أنس، المدونة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1994م.
لأصبحي، مالك بن أنس، الموطأ، تحقيق: محمد الأعظمي، مؤسسة زايد، ط1، 2004م.
الأنصاري، زكريا، أسنى المطالب في شرح روض الطالب، تحقيق: د محمد تامر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2008م.
الباز، عباس ، أحكام صرف النقود والعملات، دار النفائس، الأردن، ط1، 1999م.
البخاري، محمد بن إسماعيل، الجامع الصحيح، تحقيق: د مصطفى البغا، دار ابن كثير، بيروت، ط3، 1987م.
البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، تحقيق: هلال مصيلحي، دار الفكر، بيروت، ط1، 1402ه.
البهوتي،منصور بن يونس، المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد، تحقيق: د عبدالله المطلق، دار كنوز إشبيليا، الرياض، ط1، 1427ه.
البيهقي، أحمد بن الحسين، سنن البيهقي الكبرى، دار الباز، مكة المكرمة، ط1، 1414ه.
التسولي، البهجة في شرح التحفة، تحقيق: محمد عبدالقادر شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1998م.
أبو الحسن الميرغيناني، علي بن أبي بكر، بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة، مطبعة محمد علي صبح، القاهرة، د.ت.ر.
حسن أيوب، فقه المعاملات المالية في الإسلام، دار السلام، القاهرة، د.ت.ر.
حماد، نزيه، معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء، دار القلم، دمشق، ط1، 2008م.
الخطيب الشربيني، شمس الدين محمد بن أحمد، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1994م.
الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1994م.
الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، بيروت، د.ت.ر.
الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، مكتبة الملك فهد، الرياض، ط2، 1432ه.
الرهوني، محمد بن أحمد ، حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل، المطبعة الأميرية، بولاق، القاهرة، 1306ه.
الزيلعي، فخر الدين عثمان بن علي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، المطبعة الأميرية، بولاق، القاهرة، ط1، 1313ه.
السالوس، علي ، استبدال النقود والعملات، مكتبة الفلاح، الكويت، ط1، 1985م.
السيد متولي عبدالقادر، الاقتصاد الدولي- النظرية والسياسات، دار الفكر، عمَّان،ط1، 2011م،
السيوطي، جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر، الأشباه والنظائر، تحقيق: خالد عبدالفتاح شبل، دار الفكر، بيروت، ط3، د.ت.
السيوطي، جلال الدين عبدالرحمن، الحاوي للفتاوي، دار الفكر، بيروت، ط1، 2004م.
الشافعي، محمد بن إدريس، الأم، دار المعرفة، بيروت، 1393هـ.
شمعون شمعون، بورصة الجزائر، دار الأطلس، الجزائر، ط1، 1994م.
الشيباني، أحمد بن حنبل، المسند، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 2001م.
ابن عابدين، محمد أمين بن عمر، رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر، بيروت، ط2، 1992م.
العامري، محمد علي، الإدارة المالية الدولية، دار وائل، عمَّان، ط1، 2013م.
عبابة، غازي، التضخم المالي بمصر، مؤسسة شباب الجامعة، ط1، 2004م.
عبدالحسين الغالبي، سعر الصرف وإدارته في ظل الصدمات الاقتصادية دار صفاء، عَمَّان، ط1، 2011م.
العثماني، محمد تقي، أحكام الأوراق النقدية وتغير قيمة العملة، في مجموع: قضايا فقهية معاصرة، وزارة الأوقاف والشؤون القطرية، 1434ه.
ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبدالله، أحكام القرآن، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت،ط3، 2003م.
العسكري،أبو هلال الحسن بن عبدالله، الفروق اللغوية، تحقيق: محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة، القاهرة، د.ت.ر.
ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الفكر، بيروت، 1979م.
الفيروزآبادي، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط8، 2005م.
ابن قدامة المقدسي، موفق الدين عبدالله بن أحمد، المغني، مكتبة القاهرة، د.ر، 1986م.
القرافي، أحمد بن أبي العلاء، الفروق تحقيق: خليل المنصور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1998م.
القرضاوي، يوسف عبدالله، فقه الزكاة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1973م.
القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، تحقيق: د يوسف الطويل، دار الفكر، دمشق، ط1، 1987م.
الكاساني، أبو بكر بن مسعود، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1986م.
الكمال ابن الهمام، محمد بن عبدالواحد، شرح فتح القدير، دار الفكر، بيروت، د.ت.ر.
ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمود خليل، مكتبة أبي المعاطي، د.ت.ر.
ابن المنذر، محمد بن إبراهيم، الإجماع، تحقيق: خالد محمد، ط دار الآثار، القاهرة، ط1، 1425ه.
ابن منظور، محمد بن مكرَّم، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة، د.ت.ر.
موسوعة الدرر السنية في الأجوبة النجدية، جمع وتحقيق: عبدالرحمن بن محمد، ط6، 1417ه.
ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم، الأشباه والنظائر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1980م.
النقاش، غازي، التمويل الدولي والعمليات المصرفية الدولية، دار وائل، عمَّان، ط3، 2006م.
نوري، ناظم، النقود والمصارف، دار زهران، عمَّان، 1999م.
النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت.ر.
هايل عبدالحفيظ داود، تغير القيمة الشرائية للنقود الورقية، ط المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، ط1، 1999م.
الأبحاث والدوريات:
السالوس، علي، أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزامات، حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، عدد 6، 1988م.
مساعدية، جمال، غياط شريف، العوامل المؤثرة في سعر الصرف، بحث في مجلة دراسات، العدد الاقتصادي، مجلد10، عدد 2، يونيو 2019م.
الهوامش:
- () انظر مادة ” سعر” في: ابن منظور، لسان العرب 3/2015، الفيروزآبادي، القاموس المحيط: 407. ↑
- () انظر: الشيخ زكريا الأنصاري، أسنى المطالب 2/38. ↑
- () انظر: الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة 2/159. ↑
- () انظر: الموسوعة العربية 2/296. ↑
- () ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 3/342، مادة: صرف. ↑
- () الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين 7/109. ↑
- () انظر: ابن منظور، لسان العرب، 4/2435، مادة: صرف. ↑
- () انظر: ابن فارس، مقاييس اللغة 3/343. ↑
- () انظر: ابن منظور، لسان العرب 4/2435. ↑
- () المرجع السابق. ↑
- () أبو الحسن الميرغيناني، بداية المبتدي: 143. ↑
- () الخطيب الشربيني، مغني المحتاج 2/25. ↑
- () البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع 3/266. ↑
- () انظر: التسولي، البهجة في شرح التحفة 2/3. ↑
- () ابن المنذر، الإجماع: 107. ↑
- () المرجع السابق: 106. ↑
- () محمد علي آل جاسم، القواعد الأساسية في الاقتصاد الدولي: 327. ↑
- () انظر: شمعون شمعون، بورصة الجزائر: 139. ↑
- () انظر: عبدالحسين الغالبي، سعر الصرف وإدارته: 22. ↑
- () مرت النقود الورقية بمراحل تطورت فيها من ارتباطها بالذهب كغطاء إلى الانفكاك التام، تُنظر تلك المراحل عند: هايل عبدالحفيظ داود، تغير القيمة الشرائية للنقود الورقية: 40. ↑
- () المراجع السابق: 42. ↑
- () انظر: علي السالوس، استبدال النقود والعملات: 47. ↑
- () انظر: القرضاوي، فقه الزكاة 1/276. ↑
- () من مقال للشيخ حسن أيوب، نقله الدكتور السالوس في كتابه استبدال النقود والعملات: 56. ↑
- () انظر: حسن أيوب، فقه المعاملات المالية في الإسلام: 146 وما بعدها، عباس الباز، أحكام صرف النقود والعملات: 156، 157. ↑
- () انظر: غازي عبابة، التضخم المالي بمصر: 92. ↑
- () انظر: ناظم نوري، النقود والمصارف: 264 وما بعدها. ↑
- () انظر: جمال مساعدية، شريف غياط، العوامل المؤثرة في سعر الصرف: 21. ↑
- () المرجع السابق: 23. ↑
- () المرجع السابق: 25. ↑
- () انظر: محمد علي العامري، الإدارة المالية الدولية: 144. ↑
- () انظر: السيد متولي عبدالقادر، الاقتصاد الدولي- النظرية والسياسات: .164، غازي النقاش، التمويل الدولي والعمليات المصرفية الدولية: 41. ↑
- () انظرها في: هائل عبدالحفيظ، تغير القيمة الشرائية للنقود: 197. ↑
- () القرافي، الفروق: 4/95. ↑
- () الجلال السيوطي، الأشباه والنظائر: 158. ↑
- () المرجع السابق: 117. ↑
- () ابن نجيم، الأشباه والنظائر: 87. ↑
- () انظر: الدبيان، المعاملات المالية: 3/263. ↑
- () المرجع السابق. ↑
- () انظر: موسوعة الدرر السنية في الأجوبة النجدية: 9/313. ↑
- () انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، جدة: 11/289. ↑
- () انظر: ابن منظور، لسان العرب 2/1467 ، الفيروزابادي، القاموس المحيط: 1198، كلاهما في مادة: دَيَنَ. ↑
- () انظر: أبو هلال العسكري، الفروق اللغوية: 171. ↑
- () الكمال ابن الهمام، شرح فتح القدير 7/221. ↑
- () أبو بكر بن العربي، أحكام القرآن 1/327. ↑
- () انظر: نزيه حماد، معجم المصطلحات المالية والاقتصادية. ↑
- () عقد السلم هو عقد حقيقته شراء آجل، وهو السلعة، وهو المسمَّى عند الفقهاء “المسلم فيه” بعاجل، وهو الثمن أو رأس المال، فرأس مال السلم لا بد من كونه حالاً عند الجماهير. انظر: الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: 5/ 202، الخطيب الشربيني، مغني المحتاج 3/5. ↑
- () انظر: ابن المنذر، الإجماع: 107. ↑
- () انظر: نزيه حمَّاد، معجم المصطلحات المالية: 213. ↑
- () الإمام الشافعي، الأم 6/112. ↑
- () انظر: السيوطي، الأشباه والنظائر: 407، 408. ↑
- () انظرها في: الموسوعة الفقهية الكويتية: 21/110 وما بعدها. ↑
- ()القلقشندي، صبح الأعشى 3/509. ↑
- () الكاساني، بدائع الصنائع 5/242. ↑
- () الكاساني، بدائع الصنائع 5/242. ↑
- () الإمام مالك، المدونة 4/153. ↑
- () السيوطي، الحاوي للفتاوي 1/114. ↑
- () ابن قدامة المقدسي، المغني 4/244. ↑
- () منهم الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور محمد تقي العثماني، والدكتور علي السالوس، وغيرهم. انظر: هائل عبدالحفيظ، تغير القيمة الشرائية: 281. ↑
- () انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي 5/1845. ↑
- () انظر: هائل عبدالحفيظ، تغير القيمة الشرائية: 281، 282. ↑
- () أخرجه البخاري 2/761 رقم 2066، كتاب البيوع، باب: بيع الذهب بالذهب. ↑
- () أخرجه مسلم 3/1210 رقم1587 كتاب: المساقاة، باب: الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً. ↑
- () انظر: محمد تقي العثماني، أحكام الأوراق النقدية 1/172. ↑
- () أخرجه البخاري 2/808 رقم 2180، كتاب: الوكالة، باب: الوكالة في الصرف والميزان. ↑
- () انظر: علي السالوس، أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزامات: 362. ↑
- () المرجع السابق: 384. ↑
- () انظر: هائل عبدالحفيظ، تغير القيمة الشرائية للنقود: 286. ↑
- () ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار 4/534. ↑
- () البهوتي، المنح الشافيات 1/443. ↑
- () منهم الدكتور محمد الأشقر، والدكتور علي القره داغي، والدكتور نزيه حماد، والشيخ أحمد الزرقا، وغيرهم. انظر: عبدالحفيظ هائل، تغير القيمة الشرائية للنقود: 288. ↑
- () انظر: هائل عبدالحفيظ، تغير القيمة الشرائية للنقود: 291. ↑
- () أخرجه ابن ماجه 3/430 رقم 2340، كتاب الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره، ومالك في الموطأ 4/1078 رقم 2758، كتاب: الأقضية، باب: القضاء في المِرفق، وأحمد في مسنده 5/55 رقم 2865 باب: مسند عبدالله بن عباس رضي الله عنه، والبيهقي في الكبرى 6/157 رقم 11658 كتاب: إحياء الموات، باب: من قضى فيما بين الناس بما فيه صلاحهم.. ↑
- () انظر: عجيل النشمي، تغيير قيمة العملة في الفقه الإسلامي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي 5/1254. ↑
- () انظر: السيوطي، الأشباه والنظائر: 15، 112. ↑
- () انظر: القره داغي، تذبذب قيمة النقود الورقية، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، عدد 5، 3/1799. ↑
- () الرهوني، حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 5/121. ↑
- () انظر: القره داغي، تذبذب قيمة النقود الورقية، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، عدد 5، 3/ 1792 وما بعدها. ↑
-
() الزيلعي، تبيين الحقائق 4/143. ↑