النسق البنائي لمورفولوجيا الخزف العثماني

م. د. ميساء سليم عبد الواحد1

1 المديرية العامة لتربية كربلاء المقدسة، العراق.

بريد الكتروني: mysaslym923@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/15

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2023م تاريخ القبول: 15/11/2023م

المستخلص

يعني هذا البحث بدراسة (النسق البنائي لمورفولوجيا الخزف العثماني)، والذي يتضمن اربعة فصول، احتوى الفصل الاول مشكلة البحث والمحددة بالتساؤل الاتي: ما دور النسق البنائي كفعل مؤثر في المورفولوجيا الخزف العثماني؟ وجاءت أهمية البحث والحاجة اليه بانه يفيد المهتمين بمجال الفن التشكيلي بوجه عام والخزافين بشكل خاص ، من خلال بيان المورفولوجيا كقيمة جمالية منعكسة بأثرها على العمل الخزفي وتتبع الحاجة الى هذا البحث من كونه يمثل محاولة من الباحثة لسد الفراغ الحاصل في هذه المساحة المهمة من التشكيل الفني كون الموضوع يحتاج الى اغنائه بهذا المجال من البحث، وصولاً الى النتائج المرجوة، أما هدف الدراسة فيمكن في : (تعرف النسق البنائي لمورفولوجيا الخزف العثماني)، وتحدد البحث بدراسة نتاجات الخزف العثماني المنفذ بأكاسيد لونية متنوعة على سطوح تلك النتاجات، وقد احتوى الفصل الثاني الاطار النظري، والذي تضمن مبحثيين: المبحث الاول: المورفولوجيا والنسق البنائي للتكوين بين العناصر والأسس، وعني المبحث الثاني بدراسة: مقاربات المورفولوجيا في نتاجات تضمن الفصل الرابع على نتائج البحث واستنتاجاته ومن ثم التوصيات والمقترجات.

Research title

The structural pattern of the morphology of the Ottoman ceramics

Dr. Maysaa Salim Abdel Wahed1

1 General Directorate of Education of Holy Karbala, Iraq. Email: mysaslym923@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/15

Published at 01/12/2023 Accepted at 15/11/2023

Abstract

This research is concerned with studying (the structural system of the morphology of Ottoman ceramics), which includes four chapters. The first chapter contains the research problem, which is defined by the following question: What is the role of the structural system as an influential act in the morphology of Ottoman ceramics? The importance of the research and the need for it came from the fact that it benefits those interested in the field of plastic art in general and potters in particular, by explaining morphology as an aesthetic value reflected in its effect on ceramic work. The need for this research stems from the fact that it represents an attempt by the researcher to fill the void that exists in this important area of ​​artistic formation because The topic needs to be enriched with this field of research, in order to achieve the desired results. The aim of the study can be: (identifying the structural pattern of the morphology of Ottoman ceramics), The research was limited to studying the products of Ottoman ceramics executed with various colored oxides on the surfaces of these products. The second chapter contained the theoretical framework, which included two sections: the first topic: morphology and the structural pattern of composition between elements and foundations, and the second section was concerned with studying: morphological approaches to products. The fourth chapter included Research results and conclusions, then recommendations and proposals.

الفصل الاول

الإطار المنهجي للبحث

اولاً: مشكلة البحث

الفن بشكل عام والتشكيلي منه بشكل خاص، وسيلة للتعبير عن جميع مشكلات الانسان سواء اكانت المشكلة الاجتماعية او نفسية او اقتصادية، وقد شهدت الأزمنة التاريخية للفن انتقالات واضحة في ميدان المعرفة والتطور الجمالي.

ففي فن الحضارات القديمة، وظف الفنان المورفولوجيا بأساليب فنية توحي بأن فنان تلك الحقب أدرك العلاقات التصميمية لصورة المشهد، فعمل على توظيفها ضمن الفضاء المناسب لها، فكانت اشكال اعماله مترابطة معبرة متحركة أراد لها ان تنبض بالحياة من خلال رسمها بحجوم مختلفة وبحركات ايقاعية.

اما بالنسبة للفن الاسلامي، فقد شهد حضورا فاعلاً بما حمله من طاقات تعبيرية واضحة، فالأعمال الفنية ومنها الخزفية انطوت على معطيات واضحة للعناصر المشكلة للعمل الفني، إذ ما انتج من اعمال الفن المختلفة في الجانب الفكري، راعى فيها الفنان حالة الجدل والصيرورة والتحول التي ترتبط بمفاهيم الانتقال من الحسي الى الذهني (المجرد)، وحسب ما تراه معطيات الفكر الاسلامي من حيث ارتباطها بالفن.

فالخزف الإسلامي محملاً ببراعة عالية في التعامل مع الخامات والاستفادة منها بأقصى ما يمكن ان تعطيه هذه الخامة او تلك، وان يحافظ عليها وعلى خواصها وجمالية حركتها التي اخذت جانباً علائقياً معقداً، ومن ذلك المشاهد التي نفذت على الاعمال الخزفية التي احتوت دلالات جمالية وبنائية كثيرة الصلة بمحتوى النزعة المجردة، والتي توطد دعائم العلاقة مع فعل الاثر الذي تتركه معطيات المورفولوجيا في العناصر على المشهد البصري للعمل الخزفي. ومن هنا نشأت مشكلة البحث من خلال الاجابة عن التساؤل الاتي:

ما دور النسق البنائي كفعل مؤثر في المورفولوجيا الخزف العثماني؟

ثانياً : اهمية البحث والحاجة اليه .

تنطلق اهمية البحث وحاجة الخوض فيه، في كونه.

1. يفيد المهتمين بمجال الفن التشكيلي بوجه عام والخزافين بشكل خاص ، من خلال بيان المورفولوجيا كقيمة جمالية منعكسة بأثرها على العمل الخزفي.

2.اغناء المكتبة العربية بمصدر يسلط الضوء على مورفولوجيا التشكيل الفني وبوصفه حقلاً تخصصياً يفيد المهتمين والباحثين بهذا المجال.

وقد وجد ت الباحثة ان هنالك حاجة ماسة لهذا البحث يتمثل في كون الموضوع لم يتم دراسته ـ

بحسب علم الباحثةـ وبشكل مستقل حسبما جاء في هذه الدراسة.

ثالثاً: هدف البحث

يهدف البحث الحالي الى:

. تعرفَ النسق البنائي لمورفولوجيا الخزف العثماني.

رابعاً: حدود البحث

1.الحدود الموضوعية: دراسة النسق البنائي لمورفولوجيا الخزف العثماني – ازنيك المنفذ بأكاسيد لونية متنوعة على سطوح تلك النتاجات.

2.الحدود المكانية: تركيا – ازنيك

3.الحدود الزمانية: القرن (15-16) م

خامساً : تحديد مصطلحات البحث

ـ النسق.

ـ لغوياً

ـ النسق :نَسَقَ الشيء، نظمه . (.. ، ب ت ، ص806)

.اصطلاحاً

وتعرفه (العذارى): بأنه ” النظام الذي يحدد المتجه المرسوم مسبقاً، لتنتظم به البنية والأشكال، وهو سابق على الأشياء محرك لها” .(العذاري، 2004، ص6)

ـ البنـــاء ـ البنائي.

– لغوياً

ـ “البناء: (أبْتَنَى) داراً والبُنْيان الحائط ، و ( البَنيّة ) على فَعِيلة الكَعْبة ، يقال لا وَرَبَّ هذه البَنيّة ما كان كذا وكذا . و ( البُنَى ) بالضم مقصور البِنَاء ، يقال ( بُنْيَة ) و ( بُنَى ) و(بنْيَة) “.( الرازي ، 1916، ص16)

ــ اصطلاحاً

عرفه(صلاح): بأنه نشاط عقلي يهدف الى إدراج الأشياء في نسق مفهومة، واضحة التركيب، ، وهو الكل المتكون من أجزاء متضامنة ومترابطة بعلاقات ولا فعل لأي عنصر منفصل إلا بعلاقاته مع بقية عناصر التكوين (صلاح ، 1978، ص23-24)

ـ المورفولوجيا اجرائياً:

المورفولوجيا: هو العلم الذي يعنى بدراسة بنية الشكل.

الفصل الثاني

ـ المبحث الأول // المورفولوجيا والنسق البنائي للتكوين بين العناصر والأسس.

ان مورفولوجيا الفن بشكل عام والفن التشكيلي بشكل خاص يعتمد على خصائص في عملية بناء تكوين للعمل الفني، بالاعتماد على ما يحمله الفنان من فكر وموهبة في رؤية الفن من الجنبة العملية وعلاقته بالبيئة والحوادث التي تحيط به وتوظيفها في شعوره وتتفاعل معه ، ويكون الدافع الذي يحقق المضمون بعد اخراج العمل الفني الى الوجود ، فالتكوين هو التنظيم الواعي الذي يربط اجزاء العمل الفني فيما بينها (سكوت، 1980،ص25) ،ومما لاشك انه كلما اتتصف الاجزاء بالتماسك والترابط والتنوع ، وكانت القدرة على ادراك، كان العمل الفني اعلى مرتبة ، فالاعمال الفنية نجد فيها موضوعاً كلياً له تكوين بنائي ، وعناصر اساسية والتي لا يستطيع ان يبدو موحدا من دونها . (راوية ، 1987، ص357)

ـــ المورفولوجيا وعلاقتها بعناصر التكوين .

يتضمن العمل الفني مورفولوجيا تشكيلية يبتكرها الفنان ليعبر عن انفعاله اتجاه ما يثيره في العالم الخارجي ، فهو يبحث في شتى الوسائل المتاحة تشكيلياً لنقل أفكاره وأحاسيسه وترجمتها لمن حوله بشكل يبرز وجهة نظره ورؤيته الخاصة اتجاه العالم فيتم ذلك عبر مكونات فنية يقوم عليها العمل الفني ، يصوغها الفنان صياغة تتفق مع شتى معطيات الإبداع لديه . والباحثة هنا تتناول هذه العناصر باعتبارها تمثل المكونات الأساسية لمورفولوجيا الأعمال الفنية .

اولاً: المورفولوجيا والنقطة .

تعد النقطة من ابسط العناصر للعمل الفني التي يمكن ان تدخل في مورفولوجيا التكوين، وعلى الرغم من ان النقطة لا أبعاد لها من الواجهة الهندسية، إلا ان الفنان يستخدمها في نسق أعماله الفنية بأحجام والوان واشكال مختلفة. (فتح الباب، 1984، ص41)، يتوقف استخدام النقطة في مورفولوجيا العمل الفني على ما يستنبط من نظم بنائية وتوزيع معين ، فالنقطة تمثل اوليات العلاقة بين الفنان والعمل الفني ، فهي في ذاتها لا قيمة لها ، إلا انها تكسب اهميتها من وجودها في نسق كلي ضمن التعددية الاستخدامية باختلاف الموضع والجسم والتعبير ، والنقطة تكون ( صاعدة ـ منجذبة ـ متحركة ـ متغيرة) حسب الفضاء الحاوي لها . (العاني، 1990، ص30)

ثانياً: المورفولوجيا والخط

يعتبر الخط من اكثر العناصر مرونة في مورفولوجيا العمل الفني ويؤدي دوراً اساسياً فيه، وقد تكون الخطوط (قوية ـ ضعيفة ـ مكثفة ـ متفرقة)، ويضيف الخط توصيفات بنائية للشكل كالملمس والقيمة الضوئية ، وامتداد الفضاء ، وبذلك فالخط يعد عنصر مؤسس وفعال للشد البصري وجذب الانتباه لمورفولوجيا العمل الفني، وعليه فإن المكون الاساسي لكل شيء يرسم في لمورفولوجيا العمل الفني التشكيلي هو الخط، فالنسق البنائي للخط يحدد بعداً واتجاهاً وهو معبأ بطاقة حركية كامنة

ثالثاً: المورفولوجيا والملمس.

يعبر الملمس في الفنون التشكيلية على الخصائص السطحية للخامات والمواد ، وهو يرتبط بحاسة اللمس والبصر ، اذ يمكننا الاحساس به بصرياً للوهلة الاولى ، ثم يتم بعد ذلك التحقق منه بواسطة اللمس ، كما ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعطيات كل خامة ، فملمس الرسم بالألوان الزيتية يختلف عن الرسم بالألوان المائية ، او الرسم بالفحم ، كما يختلف ملمس الطين والحجر والرخام كل منها عن الآخر ، ويمكن التحكم بمورفولوجيا الملمس ليصبح جزءاً ذا فاعلية ويعمل على اثارة الحركة في العمل الفني ، ويؤكد( الدسوقي) بقوله: “ان جمال تكوين العمل لا يتوقف على كفايته العلمية والنفعية فقط ، بل الاكثر اهمية قدرة النظام المرئي لتكوين العمل الفني على اثارة اكثر من حاسة عند المشاهد ” (الدسوقي، 1990،ص19) ويرجع الاختلاف بين ملمس وآخر الى ثلاثة عوامل هي (حجم الحبيبات السطحية للمادة، ومدى تقاربها او تباعدها. مدى انعكاسات الضوء او امتصاصه. اللون) .( Graves ، 1982،ص379)

رابعاً: المورفولوجيا واللون

يعتبر اللون من العناصر البنائية ، والمورفولوجيا لا يمكن ان توجد بغير اللون، ولا يمكن رؤية مورفولوجيا الا اذا كان موجوداً على لون ما ، ومن خلال التضاد بين الالوان تبرز المورفولوجيا ، ، ويعد نسق اللون غرضاً اساسياً مهماً في العمل الفني ،لأن يعطي صفة أساسية لجذب الانتباه والحركة وابراز الجانب الجمالي في العمل .ان النسق البنائي للألوان التي يكسبها مورفولوجيا العمل الفني مختلفة وطرائقها متعددة ، فمنها ما تكون فاتحة او قاتمة ، او اكثر لمعاناً او اقل لإيهام البصر، والقيم البنائية للألوان تختلف اختلافا كبيراً ، فليس للون معين تأثير اللون الآخر وذلك بسبب اختلاف تأثير الحركة التي تسببها الحواس ، فإثارة اللون الأحمر تختلف عن إثارة اللون الأصفر ، وأيضاً تختلف عن إثارة اللون الأزرق وهكذا، ولذلك لكل لون تأثير ومقدار خاص من الحركة . (ديوي، 1983، 330)

خامساً: المورفولوجيا والحجم .

وهو مصطلح ذا دلالة على العناصر الشكلية ذات الثلاثة ابعاد ، أي التي يتواجد بمادتها كواقع حقيقي في المكان وتشغل حيزاً في الفضاء ، بمعنى ان الحجم يقصد به التجسيم وهو مضاد لمعنى التسطيح الذي يقتصر على بعدين هما الطول والعرض ، لان الحجم يشمل الطول والعرض والعمق وهذا لا يعني وجود كتلة ، وانما تعتبر الكتلة احدى خواص الحجم حين يكون صلباً وله صيغة مميزة مستقرة ذات دفع من الداخل ممتلئة ولها ذاتية خاصة ، فالحجم والكتلة ظاهرتان مترادفتان في العمل الفني ، فالكتلة تتحقق من خلال حجم ، والحجم فنياً يظهر على شكل كتلة.( البسيوني ، 1980، ص49) فالفنان يظهر في أعماله البعد الثالث بوضوح وحساسية بالكتلة في الفضاء ، فيجعل المشاهد يرى ويدرك عمله بشكل شامل من الامام والخلف والجانبين ، لذلك نجد حديثاً ان يقوم الفنان بعرض اعماله على قواعد متحركة ، او يقوم المشاهد بالدوران حول العمل ليدرك مورفولوجيا العلاقات الحركية.

سادساً: المورفولوجيا والفضاء.

يعد الفضاء عنصراً اساسياً في مورفولوجيا العمل الفني، سواء كان ثنائي الابعاد كالتصوير، او ثلاثي الابعاد مثل الخزف والنحت، والفضاء الذي يهم الفنان التشكيلي هو الفضاء الذي يحوي ويحيط بكل اجسام المادة، ويتفاعل الفضاء مع عناصر التكوين الاخرى، فيعطي بذلك مدلولاً خاصاً بها يساهم الى جانب الموضوع الرئيس الاحساس بالحركة، واتجاهها لذلك على الفنان ان يعي كيفية استغلال المساحات وعدم ترك فضاء دون ان يعبر عن معنى معين.

ــــ المورفولوجيا وعلاقتها بأسس التكوين .

تعد اسس التكوين المتمثلة بـ (التوازن، الايقاع والتكرار، التناسب، الوحدة، السيادة، التباين، الانسجام) كقوانين تحكم العلاقات الانشائية للبنى الشكلية وعلاقتها بالفضاء المحيط من خلال ما يتم تنظيمه في مجمل العمل الفني، حيث ان الاسس هي قانون العلاقات والتنظيم المحددة للطريقة التي يتولد من خلالها جمع العناصر لإنجاز تأثير معين وهي بحسب اهميتها في مورفولوجيا العمل الفني يمكن تناولها بالآتي:

اولاً: المورفولوجيا والتوازن

التوازن في المفهوم الحياتي هو قانون البقاء ، القانون الطبيعي لأنشطتها وبقاء الحياة فعلياً ، فبدون التوازن لا يمكن للحياة الاستمرار ولا يمكن السير والتحرك ، فالمتلقي لا يشعر بالارتياح اذا كان مورفولوجيا العمل الفني الذي يشاهده يفتقر الى نسق الاتزان في توزيع العناصر التكوينية ، والتوازن ينشأ من حدة التباين بين الوحدات وكيفية تنظيمها في فضاء التكوين، فهي الحالة التي تتساوى فيها القوى المتضادة . (سامي ، 1982، ص38) ويعد نسق البنائي التوازن ، الاساس الاكثر قوة وفاعلية من بقية الوسائل التنظيمية الأخرى فبدون التوازن يسقط مورفولوجيا العمل الفني وتنهار قيمة الفنية .

ثانياً: المورفولوجيا والإيقاع والتكرار.

ويعبر الايقاع عن الحركة ويتحقق عن طريق تكرار الاشكال، فمورفولوجيا الايقاع تمثل احد الفاعليات الحركية وهو يقترن بالتكرار ويتبعه سواء بالنسبة لداخل الوحدة او في الشكل العام، لأنه يمثل صفة ناتجة عن فاعلية التعدد التكراري للوحدات (الرزاز، 1984، ص32) يظهر الايقاع والتكرار في مجالات كثيرة من النشاط الانساني ، ولهما مدلول مرتبط بمجال الفنون البصرية ، كما ان لهما قيمة أساسية في تكامل وترابط وحدة العمل الفني ، ويتواجدان حينما يحاول الفنان ان يحقق الوحدة والاتزان والتعادل في مورفولوجيا العمل الفني .

ثالثاً: المورفولوجيا والتناسب.

هو العمل على الجمع بين عناصر متعددة تختلف ابعاداً (حجماً ـ مساحة ـ لوناً ـ شكلاً ـ ملمساً ـ اتجاهاً ) ، وقد تختلف او تتفق الفراغات الفاصلة بين كل منها لتجعل من هذه العناصر تكويناً فنياً فيه تنويع كي لا يكون باعثاً على الملل ، والنسبة مرادفة للتناسب ولكن ضمن حدود التباين بالعلاقة بين خصائص عنصرين فقط والفرق بينهما ، فالنسبة هي العلاقة بين شيئين ، اما التناسب فهو العلاقة بين ثلاثة او اكثر ، فالنسق البنائي لمورفولوجيا التناسب بين الاشياء يجب ان يكون تناسباً يستدعي من المشاهد التأمل والاثارة ، لأن الاحاسيس البشرية هي التي يعتمد عليها في الحكم على مدى قبول النسب قبولاً جمالياً .

رابعاً: المورفولوجيا والوحدة .

الوحدة نسق خاص من العلاقات تترابط اجزائه حتى يمكن ادراكه من خلال وحدته في نظام منسق متآلف يخضع معه كل التفاصيل لمنهج معين . ( عبد الحليم، 1984، ص74) وللوحدة في مورفولوجيا تكوين العمل الفني متطلبات عدة تقع ضمن محورين اساسين هما ( وحدة الفكرة ـ وحدة الاسلوب ) ، فالفكرة تعطي للمادة الشكل والتكوين ، فضلاً على أن الفكرة هي التي تحفز الفنان على انجاز العمل الفني، إذ من خلال فكرة التكوين يمنح العمل فكراً خلاقاً ومتميزاً .وعندما يتمكن الخزاف من التعبير عن شخصيته في اعماله ، فان ذلك يُظهر باسلوبة.( Graves ، 1982،ص95-96)، من ذلك تجد الباحثة ان الوحدة تعني ترابط مورفولوجيا العمل الفني بعضها ببعض كمنظومة واحدة متكاملة ، فكل عمل فني لابد ان يتميز بوحدة ترابط بين اجزائه المختلفة ، وبدونها يبدو العمل مفككاً مفتقراً لأهم اسس التكوين ، كذلك يجب ان ترتبط الوحدة بالتنوع ،لأنهما يعدان من الاعتبارات الاساسية الواجب توافرها في كل عمل فني ، نتيجة لما يضيفه من زيادة في الاستثارة والحركة والحيوية الفاعلة .

خامساً: المورفولوجيا والسيادة.

ان مفهوم السيادة يقوم على اساس التفرد والتمركز على مورفولوجيا عنصر معين من عناصر تكوين العمل الفني يمثل اهمية استثنائية في التحفيز على اثارة الاهتمام والحركة والانتباه نحو ذلك العنصر الذي يجعل من بقية العناصر الاخرى بمثابة التبعية لها والدور الثانوي بالنسبة للعنصر الرئيسي داخل العمل الفني . وهناك عدة وسائل يمكن بوساطتها ان يتوجه البصر الى مركز السيادة هي 1.الخطوط 2.التباين في القيمة والألوان3.عزل عنصر عن باقي العناصر4.الملمس 5.الاتجاه. فالنسق البنائي لمورفولوجيا السيادة يتحقق من خلال التباين في خصائص العنصر السائد والمهيمن على خصائص العناصر الأخرى المشتركة وتعمل السيادة كمركز تشويق واهتمام وحركة بالعمل الفني .

سادساً: المورفولوجيا والتباين.

يعد التباين من الوسائل التنظيمية في مورفولوجيا العمل الفني، سواء كان ثنائي الابعاد او ثلاثي الابعاد، لأنه يشير الى التنوع ، اذ يمنح العمل الفني الحيوية والحركة ويؤكد على العناصر المختارة ، والتباين هو حالة جمع العناصر المتضادة في الشكل او الاتجاه او الحجم وغيرها ، ويؤدي الفضاء دوراً جوهرياً في اثارة المتعة في العمل الفني ، وبدونه يصبح العمل رتيباً . (الحسيني، 2002، ص16) فالتباين هو تعبير عن التضاد بين عنصرين في اللون او الشكل ، او الملمس او الموقع او الحجم ، او كلها معاً مع شرط الانتماء للوحدة ، وذلك لإنشاء الوحدة الموحدة ، والقضاء على الملل والرتابة ، فالتباين مهم في مورفولوجيا العمل الفني ،لأنه يحقق الحركة والاثارة ، وان التكوين بدون التباين يصبح رتيباً .

سابعاً: المورفولوجيا والانسجام .

للانسجام في العمل الفني دور مهم في بنائه ، لأنه يعبر عن الحالة التي يرتبط فيها شيئان او اشياء متباينة بطريقة متدرجة ، فالانسجام داخل مورفولوجيا العمل الفني يعني وحدة العمل من حيث الصياغة والأسلوب ، وهو يساعد النسق البنائي في العمل الفني على ربط العناصر الموجودة في مورفولوجيا العمل الفني مع بعضها البعض للحصول على وحدة الموضوع المتماسكة ، بحيث لا يطغى أحد العناصر على الآخر، وتنسيق هذه العناصر من حيث الألوان، والخطوط، والطول، والقرب، والبعد، والالتقاء، والافتراق، وبين التجمع والبعثرة، والحركة، والسكون، والمساحة، والكتلة، وملامس السطوح .( الحيله ، 1998،ص86-87)

المبحث الثاني

مقاربات المورفولوجيا في نتاجات الفن الإسلامي.

تعد الحضارة الإسلامية من أبرز الحضارات الإنسانية رقياً وسمواً في المجالات كافة، كما تعد من الحضارات الموثقة، كون اهم روافدها الاصيلة مدونة، اشتغل بها ابناء المسلمين حفظاً وتدويناً وتوثيقاً. ويمكن تلمس ذلك بصورة جلية في الفن الإسلامي الذي اختلفت مظاهره ، إلا أنه خضع لوحدة ثقافية أساسها الفكر التوحيدي للعقيدة الإسلامية والذي كان أساسًا لوحدة الرؤية الفكرية التي انعكست في وحدة الرؤية البصرية للنتاج الفني، أي ان الاعمال الفنية الاسلامية بصورة عامة تجمعها وحدة عامة ذات طابع غالب موحد ، على الرغم من الاختلافات بين الأقاليم المتنوعة التي وجدت فيها فالفن الاسلامي يتخطى حدود الملامح الفردية التي اخرجها كل بلد وكل عصر من عصور الحضارة الاسلامية ، والتي هي حضارة عريقة اهتمت بجميع الفنون ، فقد وفق الفنان المسلم في هضم الفنون السابقة للإسلام وأعطى بدوره الكثير ، الأمر الذي جعله يكسبها شخصية فريدة ميزتها عن باقي الفنون الأخرى ، فأصبح الرائي لها لا يجد عناء في التعرف اليها ، رغم امتداد واتساع رقعة الدولة الاسلامية .

وقد تميز الفن الاسلامي بمميزات اهمها: كراهية تصوير الكائنات الحية، الانصراف عن التجسيم والبروز، مخالفة الطبيعة، الوحدة والتنوع، تحويل الخامات الرخيصة الى نفيسة ، الميل نحو التجريد ، ملء الفضاء ، اللون ، كما انه فن كثير الزخرفة . وبخصوص (كراهية تصوير الكائنات الحية ) فانها تعد أول مميزات الفن الإسلامي، فبإشراق الاسلام بنوره على العالم وقضائه على الاصنام وما يتصل بها من عبادات ، كانت من ابرز وسائل العقيدة الجديدة تحطيم هذه الاصنام وإزالتها وهو ما تطلبته العقيدة الوحدانية الربانية ، ومن ثم نشأت كراهية طبيعية لكل عمل يذكر بالماضي البغيض ، وهذا الشرك بالله الواحد القهار ، متمثلا في هذه الاصنام ، وعلى الرغم من ان القرآن الكريم لم يرد فيه نص صريح يمنع ممارسة تصوير الكائنات الحية ، فإن العلماء ورجال الدين كانوا يبيحون التصوير مادام لا يصرف المسلمين عن العقيدة او العمل. (الصراف، 2009، 73)

وبالنسبة الى (الانصراف عن التجسيم والبروز) فقد اخذ الفنان بالابتعاد عن التجسيم ابتعادا واضح الاثر في كل ما أنتج من أعمال فنية متنوعة، وبابتعاده عن التجسيم فهو في هذا يحاول التوفيق ما بين فنه وما بين مبادئه كفنان مسلم، فقد كان يحيط بتماثيل وصور الحيوانات والطيور في سبيل تحقيق هذا الغاية بشبكة من الزخارف النباتية والهندسية التي تمتص مادة الجسم وتضعف المنظور فيه (ابو دبسة ، 2012، ص100) وبذلك يكون قد ابتعد عن مضاهاة الخالق في ذلك.

وفيما يعنى بـ (مخالفة الطبيعة او البعد عن الطبيعة) لم يهتم الفنان المسلم بصدق تمثيل الطبيعة، الا انه استلهم الطبيعة في تكوين زخارفه وموضوعاته الفنية المتنوعة، وابتكر من الطبيعة اسلوب فني يلعب فيه التجريد دورا كبيرا، فمخالفة الطبيعة واللامحاكاة تؤدي حتماً وبخاصة عند الفنان في العصر الاسلامي إلى تكوين أشكال جديدة لا نظير لها في الطبيعة إطلاقا(الصراف، 2009، ص84). وبخصوص (الوحدة والتنوع ) ، فبالرغم من تعدد الثقافات في الأقاليم التي امتزجت مع الفكر الاسلامي، وتنوع مظاهر فنون الحضارة الاسلامية، إلا ان هذا التنوع خضع لوحدة ثقافية اساسها الفكر التوحيدي للعقيدة الاسلامية ،اذ توجد الوحدة في الاشكال مع تنوعها، فالوحدة بدون تنوع تقود الى الرتابة , والتنوع بدون الوحدة يقود الى الفوضى , وهذا يفيد بتحقيق التناغم والتجانس في العمل الفني, من خلال تواجد الوحدة والتنوع. (C.H، 1980،ص30)

وبالنسبة الى (تحويل الخامات الرخيصة الى نفيسة) فقد عمل الفنان المسلم على تحويل الخامات، على اعتبار ان من مسلمات الدين الاسلامي هو العزوف عن الاستغراق في بهرج الحياة باعتبارها عرضا زائلا، فاستعمل الفنانون في بداياتهم خامات بسيطة كالجص والصلصال والخشب في اعمالهم الفنية، ولكنهم استطاعوا ان يحولوا بعض الخامات والمواد البسيطة الى نتاجات فنية عظيمة القيمة كالخزف ذو البريق المعدني المذهب عن طريق عملية الاختزال ليستخدمه بدلاً عن اواني الذهب والفضة . اما ( الميل نحو التجريد) فيعد احد اهم الخصائص المميزة للفن الاسلامي ، فهو فن يعبر عن المطلق عند العرب ، المثل الأعلى والجوهر، فالتجريدات الاسلامية جاءت منسجمة مع توجه الفنان المسلم في ابتكار اشكال لا تضاهي مخلوقات الباري ، من خلال سعيه إلى تحويل العناصر الطبيعية إلى جواهر متوحدة لها حقيقة واحدة وهي الحقيقة الأبدية ، فالفنان المسلم في كل مره يسعى فيها إلى التعبير عمّا هو روحاني أو إلهي كان يلجأ إلى التجريد . (بركات، 2007، ص185) اما (ملء الفضاء) فقد إهتم الفنان المسلم بملء فضاءات المساحة ، اذ رأى الفنان في فضاء السطوح مساحة مهدرة وقيمة غير مستغلة جمالياً ، ومن خلال شغلها بالزخارف بتكرار الأشكال والألوان يكون قد حقق فائدة جمالية (ايناس، 2005، ص53) وبالنسبة لخاصية (اللون في الفن الإسلامي) فان استخدامه يؤدي وظيفة جمالية ، وغالباً ما تستعمل الألوان الزرقاء والخضراء والذهبية بكثرة ، ولكل من هذه الألوان تعبيراتها الخاصة بالنسبة للفنان المسلم.

ويعد الفن الإسلامي فناً كثير الزخرفة اذ اهتم الفنان المسلم بملء القطعة الفنية بالزخارف، سواء على الجدران أم المنابر أم السقوف، كما نرى ذلك ايضاً في المنسوجات والبسط والزجاجيات والمنحوتات الخزفية والفخار. فقد كانت الزخرفة من لوازم النتاجات الفنية الاسلامية، لأن الفنانين المسلمين كانوا لا يميلون الى ما هو فضاء ويرغبون بملء السطوح والمساحات بالزخارف، وقد اعتمد الفنان في تجميل منتجاته الفنية وزخرفتها على العناصر الخطية والنباتية والهندسية والاشكال الادمية والحيوانية وبحساسية عالية محققاً في اعماله قيمة كبيرة من الرشاقة والاتزان.(عبد اللطيف، 2011، ص175)

ففي الفن الاسلامى ازدهر فن الخزف ، وتنوعت تقنياته لامتداد الدولة الإسلامية واحتضانها للعديد من الحضارات ، وعد فن الخزف من أهم الحرف الفنية التي مارسها الفنان المسلم منذ أن توطدت علاقاته بالإسلام في مختلف البلاد العربية ،وذلك لان الخزف حقق فكرة الحضارة الاسلامية في جوانب متعددة ، ومن الأمر المسلم به ، ان روح الإسلام السمحة لا تتماشى مع الترف واستعمال الخامات الغالية كالذهب والفضة ، ولذلك اقبل الفنانون المسلمون وخاصة العرب منهم ، على فن الخزف اقبالاً عظيماً واستطاعوا أن ينتجوا خزفاً على مستوى عال في قيمته الفنية، ولم يكتفوا بذلك ، بل وصلوا إلى أن يكون إنتاجهم الخزفي في الأواني والتحف المختلفة يصلح من حيث الفخامة والجمال لأن يكون بديلاً لأواني الذهب والفضة ، وذلك باستعمالهم للبريق المعدني الذي يعتبر صفة خاصة انفرد بها الخزف الاسلامى .( الألفي، ب ت ، ص263)

وقد شهد الخزف الإسلامي في العهد العثماني اهتماماً واضحاً في صناعته وتقنياته ، واستخدام وسائله والاكاسيد اللونية الخاصة به ، فضلاً عن اعتماده على الموضوعات المتنوعة ، التصميمية الهندسية ، والزخرفية بأنواعها ، وكذلك توظيف الخط العربي وتشكيلاته وانواعه المختلفة على سطوحه ، فقد كان انتاج الخزف في العالم الاسلامي متفوقاً ، وامتاز صناع الخزف في ديار الاسلام بتنوع منتجاتهم في الاشكال وفي طرق الزخرفة واساليب الصناعة ، كما استعمل المسلمون الخزف في بلاطات بشكل نجوم لكسوة الجدران ، وفي صنع الاواني والتحف من اكواب وسلطانيات واباريق ومنحوتات وفناجين ، وصنعوا الفسيفساء الخزفية والبلاط لكسوة العمائر من الداخل والخارج ، وكانوا موفقين كل التوفيق في اتقان انواع الطلاء والتنويع المبدع في الألوان (البهنسي ، 1998، ص386)

تميز خزف (ازنيك) ([1]*) في العهد العثماني بمراحلة الأولى بزخارف الاربيسك والازهار على أرضية زرقاء غامقة كما في الشكل(1) ، اما فيما بعد فقد زاد الاهتمام بفن الخزف واستخدم الخزافين مصادر فنية متنوعة هذا بالإضافة الى الاعتماد على خيالهم في انتاج زخارف متنوعة في غاية الدقة ، فقد ظهر استخدام اللون الأزرق (التركوازي) في نتاجات فن الخزف واخذ بالانتشار كما في الشكل (2) ، كما ظهر أسلوب القرن الذهبي نسبة الى منطقة القرن الذهبي في إسطنبول الذي تم اخذ اول عينه منها ويتكون هذا الأسلوب بسلسلة من اللوالب الرقيقة المتحدة المركز على أرضية بيضاء (James ،1991،ص35) كما في الشكل (3) ، وتطور نتاجات الخزف غي ازنيك فنتشرات اشكال متنوعة مثل الكوؤس والاباريق والصحون وتنوعت زخارفها مابين الزخارف الهندسية C:\Users\ميساء\Desktop\مورفولوجيا النسق البنائي للتكوين في الخزق العتماني (مدينة ازنيك انموذجاً)\عينات\Animal_Decorated_Ottoman_Pottery_P1000586.jpg C:\Users\ميساء\Desktop\مورفولوجيا النسق البنائي للتكوين في الخزق العتماني (مدينة ازنيك انموذجاً)\عينات\SIAF_Turkish-Traditional-Iznik-Ceramics-and-Tiles-by-Mehmet-Gürsoy_05.jpg C:\Users\ميساء\Desktop\مورفولوجيا النسق البنائي للتكوين في الخزق العتماني (مدينة ازنيك انموذجاً)\عينات\images (7).jpg والنباتية والحيوانية والادمية والكتابية كما في الشكل(4).

C:\Users\ميساء\Desktop\مورفولوجيا النسق البنائي للتكوين في الخزق العتماني (مدينة ازنيك انموذجاً)\عينات\images (4).jpg

الشكل (1) الشكل (2) الشكل (3) الشكل (4)

ففي مدينة ازنيك بدأت النهضة الحقيقية في صناعة الخزف وبات الخزافون يتفننون ويبتكرون اعمالاً متنوعة سواء كان ذلك في التقنية او الاشكال او في الزخرفة ، فأصبحت هذه الابتكارات من مميزات الخزف في العالم العربي والاسلامي إذ ارتقى به الى أقصى قدر له من ، فقد ضمت المنجزات الخزفية العناصر الحية على وفق المنهج العام للفن الإسلامي ، من الابتعاد عن التجسيم والتحوير والاعتماد على التخطيط بصورة كلية ، مع تباينات في أسلوب التنفيذ فرضتها أسلوبية وخصوصية الخزاف و إمكانياته ، اذ سعى الخزاف إلى صهر الخاصية الذهنية الحسية بكل ما فيها من مادية وموضوعية لصالح الخاصية الجمالية الكلية ، ومن المشاهد التي تناولها خزافي ازنيك الزهور والنباتات مثل زهرة القرنفل عناقيد العنب أشجار السرو الخ واقتصر استخدامة للون الأزرق التركوازي وازرق الكوبالت والارجواني والاخضر واللون الأسود الذي استخدم في في تحديد الزخارف كما استخدموا زخارف لكائنات خرافية وزخارف هندسية وكتابية .( Canbora ،2011،ص60)

المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري

  1. النسق البنائي لمورفولوجيا العمل الفني يتعلق بعناصر التكوين : أ ـ يتوقف استخدام النقطة في مورفولوجيا العمل الفني على ما يستنبط من نظم بنائية وتوزيع معين يختلف باختلاف مساحة واتجاه النقطة او درجتها (غامق ـ فاتح ) او لونها فقد تكون النقطة سوداء على ارضية بيضاء ، او بيضاء على ارضية سوداء ، او ملونة على ارضية لونية مناسبة لإبرازها. ب ـ يؤدي (الخط) دوراً رئيساً في مورفولوجيا تكوين العمل الفني ، إذ يملك قوة تأثير مباشرة للتحفيز البصري في بنية التكوين . ج ـ الشكل عامل مهم في مورفولوجيا تكوين السطح وحركة الزمن فيه، وينظم الشكل الصياغة الأساسية للموضوع من خلال تنظيمه للعناصر الداخلة في تكوينه . د ـ يحقق (اللون) جاذبية دينامية، فهو وسيلة لتنمية كل العناصر .هـ ـ للحجم نشاط تركيبي معرفي، إذ يُمكّن المشاهد من إدراك ابعاد الطول والعرض والسمك كما كانت موجودة في الشكل، فالحجم له بعده في إضفاء المغايرة في رؤيته الأشكال والاحساس بالحركة . وـ يفعّل (الملمس) من إداء التقنية المستخدمة في مورفولوجيا التكوين ، فسمة الشكل تظهر من خلال قوامها السطحي.زـ يمثل ( الفضاء) الحيز الذي يحيط بالشكل المنتج ، فلا يمكن أن يكون هناك كتلة بدون فضاء تتنفس فيه وتظهر من خلاله.
  2. العلاقة بأسس التنظيم : أـ يحقق ( التباين) طابعاً ديناميكياً ، بفضل ما يحققه من تنوع من خلال جمع المتناقضات, فهو لا يمنح الرتابة فرصة تستغلها للنفاذ الى حيز مورفولوجيا التكوين. ب ـ يهدف (التناسب) الى تحقيق العلاقة المنسجمة بين العناصر ـ (للتوازن) مهمة تعادل الأوزان. د ـ يحقق (الانسجام) وحدة قياسية لأجزاء العمل الفني داخل نظام موحد متناسق .هـ ـ يسعى (التكرار) الى إشغال المساحات داخل مورفولوجيا التصميم لتحقيق أغراض معينة . وـ (للسيادة) دور في ابراز القيم الجمالية والدلالية في التكوينات الفنية. ز ـ تحقق (الوحدة) ربطاً وبناءً للأجزاء، فلا مورفولوجيا تكوين بدون وحدة.
  3. تأثرت الفنون الاسلامية بفنون الامم السابقة للإسلام في بادئ الامر، الا انها اكتسبت فيما بعد طابعاً خاصاً بها امتازت به تلك الفنون في ظل الحضارة الاسلامية.
  4. اتسم الفن الاسلامي بجملة من الخصائص والمميزات التي أعطته طابعا خاصا ومتفردا وجهته نحو تحقيق هويته عما سواها كالميل نحو التجريد ، وكراهية تصوير الكائنات الحية ، والتسطيح ، وعدم التجسيم والبروز, ومخالفة الطبيعة , والخشية من الفراغ, والابتعاد عن مظاهر الترف, والوحدة والتنوع, والزخرفة،وكان ذلك قائما في تشكيلة مع الخزف ازنيك كحلقة اساسية في نتاج الخزف الاسلامي .
  5. ان الخزاف المسلم في طرحه افكاراً تكون متعلقة بصيغ تحويرية للطبيعة التي لا تعد هروباً او عجزاً عن تصويرها بقدر ماهو اكتشاف عميق لها ولخصائصها ، كما عبر عما يدور في مخيلته فصاغ مفرداته لا عن طريق محاكاة الأشكال الطبيعية التي تحيط به, بل من خلال تجريده لتلك الأشكال وبعدها عن شكلها الأصلي، وهو ما عرف به النتاج الفني في العصر الاسلامي منذ بداياته ، وهذا

يشكل انجازاً بهذا الاتجاه في الفن الإسلامي.

  1. لجأ الفنان المسلم الى صياغة اساليب وتقنيات متنوعة في بنائية اعماله الفنية ومنها (الخزف) ، كالتجريد والتبسيط والتحوير والتسطيح ، لمفرداته الزخرفية ، وبما يحقق الموائمة مع أفكار الدين الاسلامي.
  2. شهد الخزف الاسلامي اهتماماً واضحاً في صناعته، وتقنياته واستخدام وسائله والاكاسيد اللونية الخاصة به، فضلاً عن اعتماده على الموضوعات المتنوعة، والزخرفية بأنواعها.
  3. إنَّ الخزاف المسلم اكتشف تقنية البريق المعدني والتي حاول من خلالها محاكاة الأواني المصنوعة من الذهب والفضة التي كانت غير مرغوبة عند المسلمين، والتي يمكن ان تكون موضوعاتها محملة بقيمة جمالية لما هو منجز بهذا الاتجاه.
  4. بلغت صناعة ازنيك في الخزف درجة من الاتقان والانتشار، الى حد انها بدأت تنافس انتاج المراكز الأخرى، كما تأثر الخزف في ازنيك بالخزف الصيني .

الفصل الثالث

إجراءات البحث

اولاً- مجتمع البحث:

تألف اطار مجتمع البحث من (20) ([2]*) عملاً خزفياً، وهي تنتمي الى المرحلة الزمنية التي تم تحديدها في حدود البحث، وقد حصلت الباحثة على مصوراتها من المصادر والمراجع ذات العلاقة ، ومن المواقع الموجودة على الشبكة العالمية للمعلومات (الانترنت) ، وهي مما استطاعت الحصول عليه وحصره وفترة اعداد البحث .

ثانيا- عينة البحث:

تحقيقاً لهدف البحث، قامت الباحثة باختيار (4) أربعة اعمال خزفية ، قصدياً . وبنسبة(20%) من عدد المجتمع الأصلي ، وتمت عملية الاختيار وفقاً للمسوغات الآتية :

1. الإحاطة بخزفيات ازنيك، وما تحمله من قيمة جمالية.

2. تباين النماذج المختارة ، وبما يعطي فرصة لفحصها جمالياً عند الوصف والتحليل .

3. تميز الأعمال المختارة في عينة البحث في درجة وضوح معالمها.

4. انها تمثل وتغطي المرحلة الزمنية المختارة.

ثالثاً : اداة البحث: اعتمدت الباحثة المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري في تحليل نماذج عينة البحث من أجل تحقيق هدف البحث .

رابعاً: منهج البحث

اعتمدت الباحثة المنهج الوصفي ، في تحليل عينة البحث ، وبما ينسجم مع تحقيق هدف البحث، وكمنهج متبع في دراسة اعمال الفن ، علاوة على المنهج التاريخي في تتبع الظاهرة الفنية .

أنموذج (1)

العمل جرة خزفية
المرحلة القرن السادس عشر
القياسات الارتفاع 38سم ــــــ العرض 22.8سم

خامساً : وصف عينة البحث وتحليلها

جرة من الخزف تستند على قاعدة منخفض وتتكون من بدن بتكوين أقرب الى الشكل الكمثري، ورقبة تنتهي بفتحة واسعة تحتوي على ثلاث مقابض. قسمت الجرة بصورة أفقية الى ستة حقول متفاوتة في مساحتها تقرأ من الاسفل الى الاعلى، شغلت جميعها بأشكال زخرفية متنوعة، يضم القسم الأول والثاني والرابع زخارف كتابية اما القسم الثالث وهو ذو المساحة الاكبر حجماً يضم زخارف نباتية وبالنسبة للقسم الخامس فقد ضم زخارف نباتية وهندسية اما القسم السادس فقد ضم زخارف نباتية وكتابية.

أعتمد الخزاف في عمله هذا على ٳحداث تنوع في مورفولوجيا العناصر التكوينية المشكلة للعمل والتي منحت قيمة جمالية للعمل ، اذ اشتمل على وحدات متنوعة كالزخارف ( النباتية والكتابية والهندسية ) و التي جاءت بخطوط واتجاهات متنوعة ، متخذة مواضعها المقرره ، في اغناء العمل بقيمة تعبيرية عالية، وقد جاءت المعالجة التقنية بملامس ناعمة صقيلة من خلال طبقة التزجيج التي تغطي سطح العمل الفني.

إن الأشكال الزخرفية في هيئتها واجتماعها داخل مورفولوجيا العمل الفني قد تضمنت أساساً مهماً من

الاسس البنائية وهو أساس الوحدة ، فهي لم تُجمع قسرا ًولا من قبيل الصدفه ، بل وفقا ًلحسابات فنية فكرية سعى الخزاف في تأليفها بمورفولوجيا شكلية ولونية تحمل رسالة موضوعية يهدف إليها الخزاف ، بعد أن راعى الخزاف تلك العناصر والأسس المعتمده في بنائها ، وكما للوحدة من أهمية في العمل الفني، فإن للتنوع دور آخر لايقل اهمية عن ذلك فهو شيء ضروري الوجود في المورفولوجيا من خلال تنوع الخطوط والالوان والاشكال واساليب تنظيمها.

أنموذج (2)

العمل صحن خزفي
المرحلة القرن السادس عشر
القياسات 27،6سم

والملاحظ هنا ان المورفولوجيا البنائي اعتمد التماثل في عملية توزيع العناصر البنائية له ، على فرض ان هذه الطريقة في البناء هي واحدة من اهم سمات فن الزخرفة الاسلامية ، وتكمن في الطبيعة التكوينية للهيئة العامة باعتماد الخزاف على محاولة هندسة الشكل الخزفي وجعله قادرا على تحقيق الضرورة البصرية له ، وفقا لحالة الجذب البصري المتحقق من خلال طبيعة المورفولوجيا زخرفياً ولونياً.

يمثل هذه الانموذج صحنا دائريا نفذت عليه الزخارف بتقنية تحت الطلاء، ويتوسط الصحن شكل طير بحركة التفافية نفذت هيأته بمرونة عالية تتماشى مع مرونة التفريعات النباتية.

يتمركز الشكل الحيواني للطائر في وسط الصحن وبحجم يكاد يغطي مجمل السطح الداخلي للصحن، وهذه اشارة واضحة من قبل الخزاف المصور على أهمية هذا الحيوان ومركزيته في هذا المشهد التصويري ، إن هيأة الطير منفذة على أساس استدعاء الشكل الواقعي للطير واختزاله بتلك الخطوط والمساحات التي تبدو غير مثقلة بتفاصيل زخرفيه والنسق الغالب على هذا المشهد هو نسق الاختزالات والتبسيط فالطائر خال من التفاصيل التشريحية الدقيقة ، وربما هذا التبسيط أراد به الخزاف الابتعاد عن محاكاة الواقع وبالنتيجة الابتعاد عن التشبيه في خلق الله عز وجل ، فضلاً عن أن مسالة التجريد والاختزال تمنح الخزاف المسلم حرية التصرف في تصوير المشهد على مساحة الصحن ولقد خلقت وضعية الطير حركة لولبية دائرية تمنح عمومية التكوين أحساساً بالصيرورة والاستمرارية والتي قد تشير إلى دورة الحياة .

فالنسق البنائي الزخرفي نظراً لما يمنحه للناظر من صفاء الذهن وعدم الاضطراب، من خلال الامتداد المتناسق دون أن يعني ذلك الملل والنمطية وإنما عبر تكوين يتسم بالغنى والحيوية، فرغم تعدد المفردات الزخرفية للتصميم والتي قد تمثل إحداها حالة استقلالية محدودة، لكن ذلك لا يعني رفضها للكل وإنما تبدو ذات علاقة صميمية مع التشكيل الكلي، إذ يمكن ان تتحقق الوحدة في الزخرفة الإسلامية من خلال جوهرها وليس من خلال علاقات مادية جامدة يشكلها التكرار والنظام كتعبير عن مفاهيم عقلانية لا روح فيها.

وفي هذا المنجز الخزفي نجد تنوعا لونيا يتمظهر بالألوان التي تخدم الفكرة الموضوعية لمورفولوجيا العمل الفني، من خلال جعل اللون الأزرق بتدرجاته عن شغل مساحة كبيرة من التكوين، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى وظف الخزاف بقية الألوان ليخلق توازنا وظيفيا انسجم مع الاخراج الجمالي للمنجر الخزفي ، فضلاً عن اعتماد الخزاف هذا التنوع اللوني في محاولةٍ لإبراز الأشكال الزخرفية على سطح العمل الفني . وفي عمل الخزاف بإحداثه عملية تداخل للشكل الحيواني والزخرفة النباتية في محاولة منه لجمع العناصر المكونة للمشهد في اطار رؤية جمالية متميزة لخلق شكل جديد يبرز مدى قدرة الخزاف المسلم على الإبداع .

يستثمر الخزاف المسلم هنا معطيات مورفولوجيا النسق الزخرفي ليحقق بذلك أنموذجاً بنائياً، لانقوى على اغفال جماليته ، وتحديداً ما يتعلق بالفعل الحركي للوحدات الجزئية المنتظمة في كلية التكوين ، والتي أعطت لمساحة البناء تنافذاً بصرياً للأنساق البنائية الخاصة بالتكوين مع الفعل الدلالي للصياغة التشكيلية للعمل .

أنموذج (3)

العمل صحن خزفي
المرحلة القرن الخامس عشر
القياسات سم29.3

صحن دائري من الخزف ، تزينه زخارف نباتية محورة ، والصحن مجمع من كسر حيث هنالك أجزاء مكملة على نسق الأجزاء الأصلية. يسوده التكرار والتناظر في هذا العمل ، فضلاً عن التقسيم الهندسي الذي منح التكوين نسقيته الجمالية ، والصحن مقسم إلى ثمانية أجزاء هندسية يحكمها مركز واحد ، وهي فكرة ذات تأثير واضح بالفكر الرياضي للدائرة . وتتألف الزخارف من ثمانية مناطق مثلثة الشكل ، حيث تقع رؤوس المثلث على زهرة ذات ثمان فصوص في منتصف الصحن ، وتقع قاعدة المثلث على الخارج . ويحوي كل مثلث على زهرة نفذت بشكل مبسط .

ونلاحظ ان الخزاف تطرق إلى الحركة اللامتناهية المتواجدة في تكرار الوحدات الزخرفية النباتية ، وهي بهذا ترتقي بنسق التكوين إلى المناطق الروحية المتسامية ذات الطابع الفني الإسلامي ، واستخدم الخزاف لوناً واحداً في تلوين الأرضية وجعل له السيادة ليعطي بروزاً للمفردات الزخرفية ، وليحقق حالة من الانسجام والتوافق بين لون الأرضية والوحدات الزخرفية ، وحقق الخزاف المسلم في هذه القطعة الخزفية التكرار المتماثل اذ عبر عن الأشكال الزخرفية بتكرارها تكراراً متماثلاً، متحقق فيه التوازن والانسجام ومحققاً كذلك مبدأ الوحدة التي تميز بها الفن الإسلامي في زخرفة الأشكال, فضلاً عن ذلك أعطى السيادة للأشكال النباتية من خلال وضعها في المساحة الداخلية .ويعد التكرار في الزخرفة الإسلامية ظاهرة طبيعية ملازمة لتصورات الإنسان، كما في تعاقب الليل والنهار والفصول الأربعة وما يصاحبها من تجدد وتنوع في الفعل الحياتي ، فهي أشبه بالصلاة المتكررة في ظل حالة إيمانية روحية واقعية متجددة في كل حين لا تبعث على الملل أو الضيق ، فالنسق المتولد من التكرار في هذا الانموذج يتم إدراكه والإحساس به من خلال العلاقات الناشئة بين العناصر والإمتداد المادي للتنظيم الزخرفي ، أو من خلال الربط الحسي والبصري الذي يصف التنسيق الزخرفي من خلال العناصر والعلاقة بينها أكثر من وصفه لطبيعة العناصر المستخدمة ذاتها.

أنموذج (4)

العمل صحن خزفي
المرحلة القرن الخامس عشر
القياسات 31.2

وامعاناً من الخزاف المسلم في ايجاد مقاربة تصميمية بين الانساق البصرية وتقسيم مورفولوجيا التكوين الى مجموعة من المساحات الجزئية، قام بإحداث مزاوجة بين حركة البناء الشكلي من جهة وبين الإمتداد المكاني الدائري، وهو إعلاء من قيمة الطاقة الحركية للانساق البنائية، وتحقق خاصية الجذب البصري للحدث والفكرة .

صحن دائري الشكل من الخزف، نفذ عليه طائران مركبان كل منهما برأس آدمي، وقد حرص الخزاف على إبراز الملامح الواقعية لوجه المرأة، من خلال العينين اللوزيتين والأنف والفم في مجيئها واقعية في التجسيد، وتتدلى خصل صغيرة من شعرها على جانبي الوجه وبحركة لولبية وجسم حيواني متقابلين بالوجه، يستقران على فرعي اغصان شجرة ويعلوها تشكيل زخرفي أقرب الى شكل ثمرة على أرضية ملأت بوحدات زخرفية ذات عناصر نباتية. يحيط بالتكوين العام للمشهد شريط دائري يحمل بروزات منحنية اما الشريط المحيط بالصحن فقد زينب بأشكال حيوانية متنوعة.

نجد ان الخزاف قد استعان بالوحدات الزخرفية ذات العناصر النباتية البنية اللون لما تتميز به من الوضوح والاتقان في ابراز تفاصيل المشهد المعمق بالروحية والتي تواجدت في المساحة المحيطة بالطائرين.

في موضوعة الصحن نلاحظ استدعاء ما هو معقول ومعلوم في المخيلة من قبل الخزاف والتصرف فيه وفق نسق يسمح بإشاعة اللبس والدهشة في الأحداث والمخلوقات الطبيعية ، عبر التفكيك والتركيب بغية التجريد وإلحاق النسق العام بما يثير فاعلية الحركة. وهذا ما يتجلى في انموذج هذه العينة، حيث يلعب الخيال هنا دوراً فعالاً في اخراج هذا التراكب المليء بالمتناقضات مع المنطق والواقع الى حيز الوجود، وهو فعل المخيلة التي لا تركن الى جانب المألوف بقدر ركونها لذلك الجانب المفارق الذي يستوعب الوجود الطبيعي ويتصرف فيه من خلال تفكيك اواصر وحدته الشكلية ، ومن ثم تركيبها بنسق يفصح علناً عن قابلية ذهنية وسعة خيال امتلكها الخزاف المسلم في تجسيد كل تلك الأفكار ذات الرؤية المحورة للأشكال وتنفيذها في حيز العمل الفني لتقترن هذه الرؤية مع التنفيذ في المنجز الفني لتمكين اللامألوف .

نلاحظ ان الخزاف بسط الاشكال الحيوانية في حافة الصحن التي صاغها على هيئة (كلاب – ارانب- طيور) واختزالها من دون إيلاء التفاصيل التشريحية للشكل أهمية او اولوية ، فتخرج الأشكال مؤسلبة ومبتعدة عن صدق تمثيل الطبيعة او النقل الحرفي، واللافت للنظر في هذه التحويرات هو حيوية اشتغال المخيلة والإبداعية الفنية التي يسجلها الخزاف عند تنفيذه إياها، من حيث ان الانسيابية في الخطوط التي احالت الهيئة الخارجية للشكل بما يرمي لحيوان( الكلب- الارنب- الطير) من دون محاكاته بالمطابقة الشكلية ، وهو ما يفصح عن تمكن واقتدار يرافقه الرغبة في الالتزام بالقيم المجردة و إيجاد نسق تشكيلي يمتلك مقومات الفن والجمال.

من هنا فإن الخزاف المسلم ، اظهر طاقة التخيل لمستوى غير مألوف ، وهو الخروج عن السياق العقلاني للمشاهد المنفذة آنذاك ، وحركة هذين الكائنين تعبر عن علاقة تبادلية بين مقاربة الشكلين مع بعضهما البعض من جهة وبين الرؤية التصميمية والزخرفية ، وهو بالحقيقة إظهار لحالة التوازن ، وتماهي لفاعلية الحركة مع فاعلية المورفولوجيا الشكلية والخطية .

الفصل الرابع

النتائج والاستنتاجات

اولاً : النتائج.

  1. استخدم الخزاف المسلم المورفولوجيا المناسبة لأوضاع الحيوانات والنباتات بما يلائم الإيقاع القائم عليه شكل العمل الخزفي والذي يعطي إيحاءاً بزمكانية المشهد، وهو الأمر الذي تطلبه تكوين العمل الخزفي ، صحناً كان ام جرة ليأتي الموضوع المنفذ على سطحه متماشياً مع التكوين العام للعمل وقد تحقق ذلك في جميع نماذج عينة البحث.
  2. جمع الخزاف العثماني بين الأسلوب الواقعي الذي تحقق في الشكل المركب والمؤلف بما هو آدمي ممثلاً بالرأس الذي حمل التفاصيل الدقيقة للملامح الإنسانية , وحيواني ممثلاً بجسم الطائر فركبها ليظهرها في الوقت نفسه بأسلوب التحوير ، مما اضفى قيمة جمالية بذلك التركيب والتحوير للأشكال على مورفولوجيا التكوين العام في انجازه الخزفي والذي ينم عن فكر وخيال خصب تجاه تلك الموضوعات في عصرها – كما في انموذج العينة (4).
  3. أسهم التنوع المدروس والتنظيم الواعي لمورفولوجيا عناصر التكوين الزخرفي في جميع نماذج عينة البحث على إيجاد علاقات تناسقية عملت على زيادة التشويق وإضفاء الحركة والحيوية ، وحققت وحدة شاملة متماسكة وفق أسس التكوين, مؤثرة في الرؤيا من الناحية الجمالية.
  4. الابتعاد عن التفاصيل التشريحية الدقيقة في تصوير مورفولوجيا الأشكال الحيوانية والنباتية، الأمر الذي جعل هذه السمة أسلوباً بارزاً في تنفيذ مشاهد التصوير على الخزف الإسلامي في بعهده العثماني ، وقد تمثلتها جميع نماذج عينة البحث .
  5. اسهم التباين في المعالجات اللونية وبإضفاء مسحة جمالية على مورفولوجيا تكوين العمل الخزفي العثماني، عززت من قيمته الجمالية من خلال تقنية الانجاز والطرح .مع ما تحقق من تنوع على صعيد الشكل واللون.
  6. تحقق مبدأ الانسجام بوضوح في كل نماذج العينة بفعل المستويين التنظيمي والجمالي اللذين امتاز باشتغالاتهما الخزاف العثماني ، وذلك من خلال إمكانيته في تطويع الأشكال الزخرفية بأنواعها المختلفة وتوظيفها بصورة فاعلة على المساحات المتوفرة والملائمة ضمن سطوح اعماله الخزفية.

ثانياً: الاستنتاجات

  1. إن الوحدات الزخرفية تحقق الجمال الظاهر بذاته، خلال النسق الذي يوزعها على فضاء التكوين، والذي يعكس قدرة الخزاف الفنية والذهنية التي تسعى إلى البحث عن الجمال عن طريق المعرفة المتعمقة في أشكال العناصر الزخرفية وأنماط تركيبها.
  2. إن النزعة التبسيطية التي جاءت بها الاعمال الخزفية في ازنيك استعانت بتحوير الأشكال الطبيعية وهندستها في صياغة وتركيب العناصر والوحدات الداخلة في تركيبها كانت غايتها الكشف عما وراء المحسوس من مبادئ وقيم مثالية في تعبيرها عن اللامتناهي.
  3. تنوعت الاعمال الخزفية في ازنيك بين الواقعي والمتخيل ، اذ يرجع في اساسياته الى بنائية الفكر الديني ومعتقداته التي تستند بشكل او بآخر الى واقع الغيب الاسلامي والذي يستند الى الذاكرة المتخيلة للصورة غير المرئية والتي لا يمكن ادراكها بالحواس وهو تقارب فكري بين الواقع والمتخيل الذي يعني بتجريد الصورة المحسوسة الى غير طبيعتها بانجاز اشكال ذات منحىً جمالياً يسمو بها الى ما هو فكري – مضموني في قيام الخزاف هنا برفع مستوى الواقعي الى مستوى ثان في تأمل وتخيل , مما ادى الى التصعيد المادي والتسامي به للوصول الى الكلي كمدرك عقلي.

ثالثاً: التوصيات

في ضوء النتائج توصي الباحثة بما يأتي:

  1. فتح باب التبادل الثقافي والعلمي بين الجامعات والكليات العربية والعالمية فيما يخص مجال الفن الاسلامي ، وبشكل خاص الخزف ، للتعرف على آخر الإصدارات والمستجدات في هذا المجال .
  2. العمل على ترجمة المؤلفات الأجنبية التي تخص الخزف الإسلامي ، ودعم العاملين من أصحاب الخبرة في مجال الترجمة ، وذلك لأهميتها واحتوائها على معلومات تخص ميدان الخزف الإسلامي، ليتم الاستفادة منها من قبل طلبة الدراسات الاولية والعليا، فضلا ًعن المهتمين بهذا الفن.
  3. ضرورة اصدار مجلات تعنى بالفن الإسلامي وبالخزف الاسلامي منه تحديدا ً .

رابعاً : المقترحات

تقترح الباحثة اجراء الدراسات الآتية :

  1. النسق البنائي لمورفولوجيا الخزف الصيني.
  2. النسق البنائي لمورفولوجيا الخزف المعاصر.

المصادر والمراجع

المعاجم والقواميس:

  1. الرازي , محمد بن أبي بكر بن عبد القادر : مختار الصحاح ، ط5 ، المطبعة الاميرية ، القاهرة ، 1916.
  2. … : المنجد في اللغة والأعلام ، ط 42 ، دار المشرق، بيروت ، ب ت ، ص 806 .

المصادر العربية والمعربة:

  1. لألفي ، ابو صالح : الفن الاسلامي ، دار المعارف بمصر ، ب ت .
  2. ابو دبسة ، فداء حسن و خلود بدر غيث : تاريخ الفن عبر العصور ، دار الاعصار العلمي للنشر والتوزيع ، عمان ، الاردن , 2012.
  3. إيناس حسني: أثر الفن الإسلامي على التصوير في عصر النهضة ، دار الجيل للنشر والطباعة والتوزيع ، 2005 .
  4. بركات محمد مراد : الاسلام والفنون , دائرة الثقافة والاعلام , الشارقة ,2007 .
  5. البسيوني ، محمود: اسرار الفن التشكيلي ، عالم الكتب القاهرة ، 1980 .
  6. البهنسي ، عفيف: الفن الاسلامي، ط 2، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق ، 1998.
  7. الحسيني ، اياد حسين عبدالله: التكوين الفني للخط العربي وفق اسس التصميم ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد ، 2002 .
  8. الحيله ، محمد محمود: التربية الفنية واساليب تدريسها ، دار الحيرة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1998
  9. الدسوقي، محمد: الطبيعة في الفن التشكيلي ، مطابع الطوبجي ، 1990 .
  10. راوية عبد منعم : القيم الجمالية “دراسة في الفن والجمال ، دار المعارف الجامعية ، الإسكندرية ، 1987.
  11. سامي رزق : مبادئ التذوق الفني والتنسيق الجمالي ، المكتبة العربية ، 1982 .
  12. سكوت ، روبرت جيلام : اسس التصميم ، ط2 ، تر : محمد محمود يوسف ، عبد الباقي إبراهيم ، دار النهضة ، مصر ، القاهرة ، 1980.
  13. الصراف ، آمال حليم: موجز في تاريخ الفن ، ط 3 ، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع ، عمان، الأردن ، 2009.
  14. صلاح فضل : نظرية البنائية في النقد الأدبي ، دار الشؤون الثقافية العامة ، وزارة الثقافة والإعلام ، بغداد، 1978 .
  15. العاني ، صنادر عباس ومنى العوادي : المدخل في تصميم الأقمشة وطباعتها ، مطابع دار الحكمة ، الموصل ,1990 .
  16. عبد الحليم فتح الباب و احمد حافظ رشوان : التصميم في الفـن التشكيلي ، كلية التريبة الفنية ، جامعة حلوان ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1984.
  17. عبد اللطيف سلمان : تاريخ الفن الاسلامي ، منشورات جامعة دمشق ، كلية الفنون الجميلة ، 2011، ص175
  18. فتح الباب عبد الحليم، احمد حافظ رشوان : التصميم في الفـن التشكيلي ، كلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1984.

الرسائل والاطاريح الجامعية:

  1. العذاري ،انغام سعدون: بنية التعبير في المنحوتات الفخارية والخزفية في العراق القديم ، اطروحة دكتوراه ، جامعة بغداد ، كلية الفنون الجميلة ،. 2004

الدوريات

  1. الرزاز ، مصطفى: التحليل المورفيولوجي لأسس التصميم وموقف المشاهد منها ، مج7 ، عدد 3 ، مجلة دراسات وبحوث جامعة بابل ، 1984 .

المصادر والمراجع الاجنبية:

  1. Canbora Bayraktar:” Reinterpretation of Iznik Ceramics in Contemporary Street Art , University of Sydney, 2011.
  2. C.H. Bert: Islamic ornamental Design, London ,1980.
  3. Graves , Maitland : The Art Of Color and Design , 2nd Edition , McGraw , Hill Book company , INC , London , 1951 .
  4. James W. Allan:”Islamic Ceramics”,Ashmolean Museum, 1991.

الهوامش:

  1. (* ) ينظر ملحق رقم (1)
  2. (* ) ينظر ملحق رقم (2) (مجتمع البحث)