حَـقُّ الْـجَـارِ فِي الْإِسْــلَامِ

الـشَّـيْـخِ الـدُّكْـتُـور إِبْـرَاهِـيـمَ لَـبَـابِـيـدِي1

1 باحث، تركيا.

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/24

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2023م تاريخ القبول: 20/11/2023م

المستخلص

إن الإسلام دين أداء للحقوق فأين اتـجه الـمسلم وجبت عليه حُـقوق كـثيرة وكبيرة، وللجار الحظ الأوفر منها، إذ أنه لا يمكن أن يعيش الإنسان دون جار، فالجار في السوق والبيت والعمل والمسجد والطريق والإقامة، وكل له حق أو حقوق يـجب أن يقوم المؤمن بـها على أكمل وجه من العناية والشفقة والرحـمة والنصح لينال رضا مولاه الكريم جل جلاله، وهذه الرسالة القصيرة تبين بعض الحقوق والواجبات تـجاه الجار، وما يـجب أن يتخلق به المسلم من أخلاق وصفات وآداب تـجاه جاره على اخـتلاف دينه أو صلته أو قربه أو أصله أو قرابته، ليكون المجتمع يدًا واحدةً متماسك الأطراف قوي القلب ظاهرًا وباطنًا.

توصلت الدراسة الى عدة نتائج أهمها:

  1. الإِسْلَامُ نظام شامل كامل عام يسع شؤون الحياة المختلفة كلها في الدنيا والآخرة، وهو الدِّين الوحيد الذي ساوى بين الأجناس وأعطى الذَّكَرَ وَالْأُنْثى والْـمُومِنَ والكافرَ والقريب والبعيد حقه، وشرع حقوق الفقراء والأقارب والجيران على اختلاف أديانهم، ووضع الأسس الصحيحة العدالة. ولم يترك في شموليته كبيرة ولا صغيرة إلا واهتم بـها حتى أصغر الجزئيات مثل: حق الجار الكافر، والصاحب المسلم أو الكافر في السفر أو الطريق ساعة.
  2. لِلجَارِ فِي الْإِسْـلَامِ شَـأْنٌ عَظِيمٌ، وَفِي أَدَاءِ حُـقُـوقِـهِ أَجْـرٌ كَـبِـيـرٌ.
  3. حِفْظُ الْـجَارِ وَالإِحْسَانُ إِلَيْهِ بِالفِعْلِ وَالقَوْلِ مِنْ كَـمَـالِ الإِيمَـانِ.
  4. مِن حَـقِّ الـجَـارِ كَـفُّ أَسْـبَـابِ الْأَذَى عَـنْـهُ حِـسِّـيَّـةً أَوْ مَـعْـنَـوِيَّـةً، وَمُـقَـابَـلَـتُـهُ بِـالْـعَـفْـوِ وَالـرِّفْـقِ وَالـصَّـفْـحِ الْـجَـمِـيـلِ إِذَا أَخْـطَـأَ عَـامِـدًا أَوْ نَـاسِـيـًا.
  5. إِضْـرَارُ الـجَـارِ وَالِاعْـتِـدَاءُ عَـلَى عِـرْضِـهِ مِـنَ الْـكَـبَـائِـرِ الْـمُـهْـلِـكَـاتِ بِـالْإِجْـمَـاعِ.
  6. الْـمُؤْمِنُ الْـحَـقِـيـقِـيُّ مَـنْ يَـحْـفَـظُ حُـقُـوقَ جَـارِهِ، وَيُـؤَدِّيـهَـا بِـالـرِّضَـا وَالْـقَـبُـولِ.
  7. الـجَارُ فِي الْإِسْـلَامِ أَخٌ ثَانِي.
  8. الإِسْــلَامُ مَـنـهَـجٌ رَبَّـانِيٌّ إِلَـهِـيَّـةٌ يَـسْـعَـى لِـرَحْـمَـةِ الإِنْـسَـانِ وَإِكْـرَامِـهِ وَسُـمُـوِّهِ، حَـتَّـى يَـكُـونَ بَعْضِهِمْ مُعَظِّـمـًا لِلْبَعْضِ مُهْـتَـمًّـا بِشَأْنِـهِ مَـخْصُوصًا بِمُعَاوَنَـتِـهِ وَمُـنَـاصَرَتِـهِ، وَأَنْ يَـكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً، وَأَنْ يَـكُونَ حُـبُّ كُلِّ وَاحِدٍ لِـغَـيْـرِهِ كَـحُـبِّــهِ لِـنَـفْـسِـهِ.

الـمُـقَـدِّمَـةُ

أَمَّا بَعْدُ: جَاءَتِ الـنُّـصُـوصُ الـشَّــرْعِـيَّـةُ في كِـتَـابِ الـلَّـهِ تَعَالَى، وَسُـنَّـةِ رَسُـولِـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّمَ تَـحُـضُّ عَـلَى احْـتِـرَامِ الـجِـوَارِ، ورِعَـايـةِ حَـقِّ الـجَـارِ.

قَـالَ الـلَّـهُ تعالى: ﴿وَاعْـبُـدُواْ الـلَّـهَ وَلَا تُـشْـرِكُـواْ بِـهِ شَـيْـئًـا، وَبِـالـوَالِـدَيْـنِ إِحْـسَـانًـا، وَبِـذِي الـقُـرْبَـى وَالـيَـتَـامَـى وَالـمَـسَـاكِـيـنِ، وَالـجَـارِ ذِي الـقُـرْبَـى وَالـجَـارِ الـجُـنُـبِ وَالـصَّـاحِـبِ بِالـجَـنـبِ، وَابْـنِ الـسَّـبِـيـلِ وَمَـا مَـلَـكَـتْ أَيْـمَـانُـكُمْ، إِنَّ الـلَّـهَ لَا يُـحِـبُّ مَـن كَـانَ مُـخْـتَـالًا فَـخُـورًا﴾ [النِّساء: ٣٦].

فَـالـجَـارُ ذُو الـقُـرْبَـى، هُـو الَّـذِي بَـيْـنَـكَ وَبَـيْـنَـهُ قُـرَابَـةٌ.

وَالـجَـارُ الـجُـنُـبُ: هُـو الَّـذِي لَـيْـسَ بَـيْـنَـكَ وَبَـيْـنَـهُ قُـرَابَـةٌ، وَهُو مُـلَاصِـقٌ لَك. والـصَّـاحِـبُ بِـالـجَـنْـبِ: هُـو جَـلِـيـسُـكَ فِي الـحَـضَـر وَرَفِـيـقُـكَ فِي الـسَّـفَـر.

وَلَـقَـدْ جَـمَـعَـتْ الآيَـةُ الـكَـرِيـمَـةُ مِن أَبْـوَابِ الإِحْـسَـانِ والـخَـيـرِ مَـا تَـضْـعُـفُ عَـنـهُ جَـمِـيـعُ الأُمَمِ والـقَـوَانِـيـن، بَـلْ يُـعـتَـبَـرُ ذَلِـكَ مُـسْـتَـحِـيـلًا بِـمَـا نَـعْـرِفُـهُ مِن أَحْـوَالِ الأُمَـمِ الـسَّـابِـقَـةِ وَالـلَّاحِـقَـةِ، وقَـامَـتْ أُمَّـةُ الإِسْـلَامِ بِـهَـذِهِ الآيَـةِ الـكَـرِيـمَـةِ مُـنـذُ أَكْـثَـرَ /1400/ سـنـة بِـمَـا لَـمْ تَـقُـمْ بِـهِ أُمَّـةٌ مِن الأُمَمِ قَـبـلَـهَـا.

وَقَـالَ سَــيِّـدُنَـا مُـحَـمَّـدٌ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَــلَّمَ فِي الـخَـبَـرِ الـمُـتَـوَاتِـرِ الـمُـشْـتَـهِـرِ الـمُـتَّـفَـقِ عَـلَـيْـهِ عِـنْـدَ الـبُـخَـارِيِّ وَمُـسْـلِـمٍ: ((مَـازَالَ جِـبْـرِيـلُ يُـوصِـيـنِـي بِـالـجَـارِ حَـتَّـى ظَـنَـنْـتُ أَنَّـهُ سَـيُـوَرِّثُـهُ([1])))([2]).

وقَـالَ سَــيِّـدُنَـا مُـحَـمَّـدٌ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَــلَّمَ فِي الـحَـدِيـثِ الـمُـتَّـفَـقِ عَـلَـيْـهِ عِـنْـدَ الـبُـخَـارِيِّ وَمُـسْـلِـمٍ أَيـضـًا: ((وَالـلَّـهِ لَا يُـؤْمِـنُ([3])، وَالـلَّـهِ لَا يُـؤْمِـنُ، وَالـلَّـهِ لَا يُـؤْمِـنُ! قِـيـلَ: وَمَـنْ يَـا رَسُـولَ الـلَّـهِ؟ قَـالَ: الَّـذِي لَا يَـأْمَـنُ جَـارُهُ بَـوَائِـقَـهُ))([4]).

قال الإمام ابن حجر العسقلاني: نقلًا عن الشَّيْخِ أَبِي مُـحَمَّد بْنِ أَبِي جَـمْرَةَ: (وَقَدْ نَـفَى صَـلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَـلَّمَ الْإِيمَـانَ عَمَّنْ لَـمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَـوَائِـقَـهُ، وَهِيَ مُـبَـالَـغَـةٌ تُـنْـبِـئُ عَنْ تَـعْـظِـيمِ حَـقِّ الْـجَـارِ، وَأَنَّ إِضْـرَارَهُ مِنَ الْـكَـبَـائِـرِ، قَـالَ: وَيَـفْـتَـرِقُ الْـحَـالُ فِي ذَلِـكَ بِـالـنِّـسْـبَـةِ لِـلْجَـارِ الـصَّـالِـحِ وَغَـيْـرِ الـصَّـالِـحِ، وَالَّـذِي يَـشْـمَـلُ الْـجَـمِـيـعَ إِرَادَةُ الْـخَـيْـرِ لَـهُ، وَمَـوْعِـظَـتُـهُ بِـالْـحُـسْـنَـى، وَالـدُّعَـاءُ لَـهُ بِـالْـهِـدَايَـةِ، وَتَـرْكُ الْإِضْـرَارِ لَـهُ إِلَّا فِي الْـمَـوْضِـعِ الَّـذِي يَـجِـبُ فِـيـهِ الْإِضْـرَارُ لَـهُ بِـالْـقَـوْلِ وَالْـفِـعْـلِ، وَالَّـذِي يَـخُـصُّ الـصَّـالِـحَ هُـوَ جَـمِـيـعُ مَـا تَـقَـدَّمَ، وَغَـيْـرُ الـصَّـالِـحِ كَـفُّـهُ عَنِ الَّـذِي يَـرْتَـكِـبُـهُ بِـالْـحُـسْـنَى عَـلَى حَـسَـبِ مَـرَاتِـبِ الْأَمْـرِ بِـالْـمَـعْـرُوفِ وَالـنَّـهْـيِ عَنِ الْـمُـنْـكَـرِ، وَيَـعِـظُ الْـكَـافِـرَ بِـعَـرْضِ الْإِسْـلَامِ عَـلَـيْـهِ، وَيُـبَـيِّـنُ مَـحَـاسِـنَـهُ وَالـتَّـرْغِـيـبَ فِـيـهِ بِـرِفْـقٍ، وَيَـعِـظُ الْـفَـاسِـقَ بِـمَـا يُـنَـاسِـبُـهُ بِـالـرِّفْـقِ أَيْـضًا، وَيَـسْـتُـرُ عَـلَـيْـهِ زَلَـلَـهُ عَنْ غَـيْـرِهِ، وَيَـنْـهَـاهُ بِـرِفْـقٍ فَـإِنْ أَفَـادَ فَـبِـهِ وَإِلَّا فَـيَـهْجُـرُهُ قَـاصِـدًا تَـأْدِيـبَـهُ عَـلَى ذَلِـكَ مَـعَ إِعْـلَامِـهِ بِـالـسَّـبَـبِ لِـيَـكُـفَّ)([5]).

والـبَـوَائِـقُ هُـنَـا: كَـافَّـةُ الأَخْـلَاقِ الـذَّمِـيـمَـةِ والـعَـادَاتِ الـسَّـيِّـئَـةِ الـدَّنِـيـئَـةِ، وَأَعـظَـمُـهَـا مَـا يُـوجِـبُ نَـارَ جَـهـنَّـم، وَهُـو الاعـتِـدَاءُ عَـلَى زَوجَـةِ الـجَـارِ بِـالـزِّنـا، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَـبْـدِ الـلَّـهِ بْـنِ مَـسْـعُـودٍ رَضِـيَ الـلَّـهُ عَـنْـهُ، قَـالَ: قَـالَ رَجُـلٌ: يَـا رَسُـولَ الـلَّـهِ أَيُّ الـذَّنْبِ أَكْـبَـرُ عِـنْـدَ الـلَّـهِ؟ قَـالَ: ((أَنْ تَـدْعُـوَ لِـلَّــهِ نِـدًّا وَهُوَ خَـلَـقَـكَ))، قَـالَ: ثُـمَّ أَيٌّ؟ قَـالَ: ((ثُـمَّ أَنْ تَـقْـتُـلَ وَلَـدَكَ خَـشْـيَـةَ أَنْ يَـطْـعَـمَ مَـعَـكَ))، قَـالَ: ثُـمَّ أَيٌّ؟ قَـالَ: ((ثُـمَّ أَنْ تُـزَانِـيَ بِـحَـلِـيـلَـةِ جَـارِكَ([6]))). فَـأَنْـزَلَ الـلَّـهُ عَـزَّ وَجَـلَّ تَـصْـدِيـقَـهَـا: ﴿وَالَّـذِينَ لَا يَـدْعُـونَ مَـعَ الـلَّـهِ إِلَـهـًا آخَـرَ وَلَا يَـقْـتُـلُونَ الـنَّـفْـسَ الَّـتِـي حَـرَّمَ الـلَّـهُ إِلَّا بِـالـحَـقِّ وَلَا يَـزْنُـونَ وَمَـنْ يَـفْـعَـلْ ذَلِـكَ يَـلْـقَ أثَـامـًا﴾ [الفرقان: ٦٨]([7]).

وَقَـدْ اسْـتَـعَـاذَ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّـمَ مِـنْ جَـارِ الـسُّـوءِ، فَفِي الـحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُـرَيْـرَةَ رَضِـيَ الـلَّـهُ عَـنْـهُ، أَنَّ الـنَّـبِـيَّ صَـلَّى الـلَّـهُ تَـعَـالى عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّـمَ، كَـانَ يَـقُـولُ: (الـلَّـهُـمَّ إِنِّي أَعُـوذُ بِـكَ مِـنْ جَـارِ الـسُّـوءِ فِي دَارِ الْـمُـقَـامَـةِ، فَـإِنَّ جَـارَ الْـبَـادِي يَـتَـحَـوَّلُ) ([8]).

وَنُـلَاحِـظُ فِي الأَحَـادِيـثِ أَنَّ نَـبِـيَّـنَـا مُـحَـمَّـدًا صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّم، أَطـلَـقَ وُجُـوبَ تَـرْكِ الأَمـرِ فِي حَـقِّ أَيِّ جَـارٍ كَـانَ، وَلَـمْ يُـقَـيِّـدْهُ، بِـمُـسْـلِـمٍ أَو غَـيـرِهِ.

وَقَـالَ ابْنُ بَـطَّـالٍ: (فِي هَـذَا الـحَـدِيـثِ تَـأكِـيـدُ حَـقِّ الـجَـارِ لِـقَـسَـمِـهِ صَـلَّى الـلَّــهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّمَ عَـلَى ذَلِـكَ، وَتَـكْـرِيـرِهِ الـيَـمِـيـنَ ثَـلَاثَ مَـرَّاتٍ، وَفِـيـهِ نَـفْـي الإِيـمَـانِ عَـمَّـنْ يُـؤْذِي جَـارَهُ بِـالـقَـولِ، أَو بِـالـفِـعـلِ، وَمُـرَادُهُ الإِيـمَـانُ الـكَـامِـلُ، وَلَا شَـكَّ أَنَّ الـعَـاصِـي غَــيـرَ كَـامِـلِ الإِيـمَـان)([9]).

وَمِـمَّـا يُـؤَكِّـدُ عَـظَـمَـةَ حَـقِّ الـجَـارِ، قَـوْلُ سَــيِّـدِنَـا مُـحَـمَّـدٍ رَسُـولِ الـلَّـهِ عَـلَـيْـهِ أَفْـضَـلُ الـصَّـلَاةِ والـسَّـلَامِ فِي الـحَـدِيـثِ الـمُـتَّـفَـقِ عَـلَـيْـهِ عِـنْـدَ الـبُـخَـارِيِّ وَمُـسْـلِـمٍ: ((مَـنْ كَـانَ يُـؤْمِـنُ بِـالـلَّـهِ وَالـيَـوْمِ الآخِـرِ، فَـلَا يُـؤْذِ جَـارَهُ)) ([10]). وَقَـولُـهُ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَــلَّمَ أَيْـضـًا: ((وَمَـنْ كَـانَ يُـؤْمِـنُ بِـالـلَّـهِ وَالـيَـوْمِ الآخِـرِ، فَـلْـيُــكْـرِمْ جَـارَهُ)) ([11]) وفي رواية الإمام مسلم: ((وَمَـنْ كَـانَ يُـؤْمِـنُ بِـالـلَّـهِ وَالـيَـوْمِ الآخِـرِ، فَـلْـيُـحْـسِـنْ إِلَى جَـارِهِ)) ([12]).

وَوَرَدَ تَـفْـسِـيـرُ الْإِكْـرَامِ وَالْإِحْـسَـانِ لِـلْـجَـارِ وَتَـرْكِ أَذَاهُ فِي الـحَـدِيـثِ، قَـالُـوا يَـا رَسُـولَ الـلَّـهِ: مَـا حَـقُّ الْـجَـارِ عَـلَى الْـجَـارِ؟ قَـالَ: ((إِنِ اسْـتَـقْـرَضَـكَ أَقْـرَضْـتَـهُ، وَإِنِ اسْـتَـعَـانَـكَ أَعَـنْـتَـهُ، وَإِنْ مَـرِضَ عُـدْتَـهُ، وَإِنِ احْـتَـاجَ أَعْـطَـيْـتَـهُ، وَإِنِ افْـتَـقَـرَ عُـدْتَ عَـلَـيْـهِ، وَإِنْ أَصَـابَـهُ خَـيْـرٌ هَـنَّـيْـتَـهُ، وَإِنْ أَصَـابَـتْـهُ مُـصِـيـبَـةٌ عَـزَّيْـتَـهُ، وَإِذَا مَـاتَ اتَّـبَـعَـتْ جِـنَـازَتَـهُ، وَلَا تَـسْـتَـطِـيـلُ عَـلَـيْـهِ بِـالْـبِـنَـاءِ فَـتَـحْـجُـبَ عَـنْـهُ الـرِّيـحَ إِلَّا بِـإِذْنِـهِ، وَلَا تُـؤْذِيـهِ بِـرِيـحِ قِـدْرِكَ إِلَّا أَنْ تَـغْـرِفَ لَـهُ، وَإِنِ اشْـتَـرَيْـتَ فَـاكِـهَـةً فَـأَهْـدِ لَـهُ، وَإِنْ لَـمْ تَـفْـعَـلْ فَـأَدْخِـلْـهَـا سِـرًّا، وَلَا تُـخْـرِجْ بِـهَـا وَلَـدَكَ لِـيَـغِـيـظَ بِـهَـا وَلَـدَهُ)) ([13]).

هَـذَا وَاسْـمُ (الـجَـارِ) جَـاءَ فِي هَـذَا الـمَـقَـامِ يَـشْـمَـلُ الـمُـسْـلِمَ، وَغَـيـرَ الـمُـسْـلِـمِ، والـعَـابِـدَ والـفَـاسِـقَ، وَالـصَّـدِيـقَ وَالْـعَـدُوَّ والـغَـرِيـبَ والـبَـلـدِيَّ، والـنّـافِـعَ والـضَّـارَّ، والـقَـرِيـبَ والأَجـنَـبِـيَّ، وَالأَقـرَبَ دَارًا وَالأَبْـعَـدَ، وَلَـهُ مَـرَاتِـبُ بَـعـضُـهَـا أَعـلَى مِـن بَـعـضٍ.

وَقَـالَ سَــيِّـدُنَـا مُـحَـمَّـدٌ رَسُـولُ الـلَّـهِ عَـلَـيْـهِ أَفْـضَـلُ الـصَّـلَاةِ وَالـسَّـلَامِ فِي الـحَـدِيـثِ الَّـذِي رَوَاهُ الـبَـزَّارُ، وَأَبُـو نُـعَـيْـمٍ فِي الـحُـلـيَـةِ، وَغَـيْـرِهِـمَـا: ((الـجِـيـرَانُ ثَـلَاثَـةٌ([14]): جَـارٌ لَـهُ حَـقٌّ، وَهُـوَ الـذِّمِّـيُّ الأَجْـنَـبِـيُّ لَـهُ حَـقُّ الـجِـوَارِ. وَجَـارٌ لَـهُ حَـقَّـانِ: وَهُـوَ الـمُـسْـلِـمُ الأَجْـنَـبِـيُّ لَـهُ حَـقُّ الـجِـوَارِ، وَحَـقُّ الإِسْـلَامِ. وَجَـارٌ لَـهُ ثَـلَاثَـةُ حُـقُـوقٍ: وَهُـوَ الـمُـسْـلِـمُ الـقَـرِيـبُ لَـهُ حَـقُّ الـجِـوَارِ وَحَـقُّ الإِسْـلَامِ وَحَـقُّ الـقَـرَابَـةِ)) ([15]).

وَأَوْلَى الـجِـيـرَان بِـالـرِّعَـايـةِ مَن كَـانَ أَقـرَبَـهُمْ بَـابـًا، فعَنْ الـسَّـيِّدَةِ عَـائِـشَـةَ أُمِّ الـمُـؤْمِـنِـيـنَ رَضِـيَ الـلَّـهُ عَـنْـهَـا، قَـالَـتْ: يَـا رَسُـولَ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّـم: ((إِنَّ لِي جَـارَيْـنِ فَإِلَى أَيِّـهِـمَـا أُهْـدِي؟ قَـالَ: إِلَى أَقْـرَبِـهِـمَـا مِـنْـكِ بَـابـًا))([16]).

وَنُـلَاحِـظُ مِن الأَحَـادِيثِ الـمُـتَـقَـدِّمَـةِ أَنَّ كَـلِمـة جَار في أكـثرها مُطلقـة مُـنـكَـرة غَـيْـرَ مَـخْـصُـوصَـةٍ بِـمُـسْـلِـمٍ بَـل عَـلَى إِطـلَاقِـهَـا، وإنّ الـمُـجَـاوَرَة تُـوجِـبُ لِـكُـلٍّ مـن الـحـقِّ مَـا لَا يَـجِـبُ لِأَجـنـبِـيّ، وتُـحَــرِمُ عَـلَـيـهِ مَـا لَا يَـحْـرُمُ عَلَى الأَجـنَـبِـيّ، ومِـن حَـقِّ الـجَـارِ عَلَى الـجَـارِ مَـا يَـلي:

  1. أن يَـحْـفَـظَ حُـرْمَـةَ الـجَـارِ، ويَـسْـتُـرَ عِـيَـالَـهُ، ويَـغـضَّ بَـصَـرَهُ عَن مَـحَـارِمِـهِ([17]).
  2. حُـرْمَـةُ الـمَـكْـرِ بِـهِ، أَو سَـرِقَـتِـهِ، أَو خِـدَاعِـهِ، أَو التَّجَـسُّــسِ عـلـيـه.
  3. حُـرْمَـةُ إِيـذَائِـهِ بِـرَمْيِ القَاذُورَاتِ قُـربَ بَـيـتِـه، أو بِـصُراخٍ ومِذيَـاعٍ وتِـلفَازٍ يُـرْفَـعُ صَوتُـهُ، أَو بِالإِسَـاءَةِ لِأَولَادِهِ بِالعَيبِ عَلَيهِمْ أَو ضَـربِـهِمْ أَو غَـيـر ذَلِـك.
  4. يُـسَـنُّ أن يَـبْـدَأَهُ بِالـسَّـلَامِ إِنْ كَـانَ مُـسْـلِـمـًا، أَمَّـا إِن كَـانَ غَـيـرَ مُـسْـلِمٍ فَـلَا يُـسَـنُّ لِـقَـولِ رَسُـولِ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّم: ((لَا تَـبْـدَؤُوا الـيَـهُـودَ وَلَا الـنَّـصَـارَى بِـالـسَّـلَامِ))([18]).

ويَـجِـبُ رَدُّ الـسَّـلَامِ بِـمَـا يَـلِـيـقُ مِن الآدَابِ الإِسْـلَامِـيَّـةِ، قَـالَ الـلَّـهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حُـيِّـيـتُمْ بِـتَـحِـيَّـةٍ فَـحَـيُّـوا بِـأَحْـسَـنَ مِـنْـهَـا، أَوْ رُدُّوهَـا، إِنَّ الـلَّـهَ كَـانَ عَـلَى كُـلِّ شَـيْءٍ حَـسِـيـبًـا﴾[النّساء: ٨٦]، وَمِـن الـلَائِـقِ بِـالـمُـسْـلِـمِ أَن تَـرُدُّ عَـلَـيْـهِ: وَعَـلَـيـكُم الـسَّـلَامُ وَرَحْـمَـةُ الـلَّـهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ، أَمَّـا غَـيْـرُ الـمُـسْـلِـم فَـنُـجِـيـبُـهُ: وَعَـلَـيْـكُـمْ أَو عَـلَـيْـكُمْ؛ لِأنَّـهُ لَا يَـعـرِفُ مَـا يَـتَـضَـمَّـنُـهُ الـسَّـلَامُ مِـن وُجُـوبِ حِـفْـظِ الـحُـرُمَـاتِ وَالأَمَـانِ عَـلَى الـنَّـفْـسِ وَالـمَـالِ وَالأَعْـرَاضِ، فِي الـحَـدِيـثِ الصَّحِيحِ الـمُـتَّـفَـقِ عَـلَـيْـهِ قَـالَ الـنَّـبِـيُّ صَـلَّى الـلَّــهُ عَـلَـيْـهِ وَسَــلَّم ((إِذَا سَـلَّـمَ عَـلَـيْــكُمْ أَهْـلُ الـكِـتَـابِ، فَـقُـولُـوا: وَعَـلَـيْـكُـمْ))([19]).

  1. أَن لَا يُـطِـيـلَ مَـعَ جَـارِهِ الـكَـلَامَ، وَلَا يُـكْـثِـرَ عَـن حَـالِـهِ الـسُّـؤالَ فِـيـمَـا يُـحْـرِجُـهُ.
  2. أَن يَـتَـفَـقَّـدَ أَحْـوَالَـهُ إِن كَـانَ مِـن الـفُـقَـرَاءِ الـمُـحْـتَـاجِـيـنَ، ويُـعِـيـنَـهُ عَـلَى أَحْوَالِـهِ الـمَعِيشِيَّـةِ بِحَـسَـبِ الِاسْـتِـطَـاعَـة، وَإِنْ كَـانَ غَـيْـرَ مُـسْـلِـمٍ.

وَإِنْ لَـمْ يَـكُـنْ لَـهُ قُـدْرَةٌ – أَي كَانَ الـجَارُ الـمُسْلِمُ فَقِيرًا – وَجَارُهُ الـمُسْلِمُ أَو النَّصرَانِيُّ أَو اليَهُودِي أو الوَثَـنِـي فَقِيرًا أيضـًا، وَجَـبَ عليـه أن يَذْهَبَ إِلَى الـسُّـلطَانِ أَو الوَالِي أَو شَـيخَ الإِسْـلَامِ أَو تُـجَـارِ الـمُـسْـلِمِينَ ويعلمهم بحـال جاره الفقير وما ينبغي من مساعدتـه، ثم يـحمل الـمـسـاعدات لـجـاره، ويعطيـه إياها بـلَا مِـنَّـةٍ علـيـه ودُونَـمَـا أَي اسْـتِـصْـغَـار لَـهُ، ويَـأْمَـلُ مِن الـلَّـهِ تَـعَـالى أَنْ يَـهْـدِيَـهُ وَيُـرْشِـدَهُ إلى الـصِّـرَاطِ الـمُـسْـتَـقِـيـمِ.

  1. أَن يُـهَنِّـئَـهُ عند الفَرحِ، وَيُـشَـارِكَـهُ الـسُّـرُورَ بِالنِّعْمَـةِ، ويُـرْسِـلَ لَـهُ طَعَامـًا مِن وَلِـيمَـةِ فَـرَحٍ يُـقِيمُهَا بِجِوَارِهِ، وَيَصنع لَـه طَعامـًا في حزنـه على من فقده، فإن أهل العَزاءِ مشغولون بعزائهم، وإن كان غير مُسْلِم فلا بأس بذلك، وَلَـكِـنْ لِـيَـحْـذَرِ الـوُقُـوعَ فِـيمَـا يَـقَـعُ فِـيـهِ الـجَـاهِـلُـونَ مِنْ الأَلْـفَـاظِ الَّـتِـي تَـدُلُّ عَـلَى رِضَـاهُ بِـدِيـنِـهِ، كَـمَـا يَـقُـولُ الـجَـاهِـلُ: مَـتَّـعَـكَ الـلَّـهُ بِـدِيـنِـكَ، أَو يَـقُـولُ لَـهُ: أَعَـزَّكَ الـلَّـهُ أَو أَكْـرَمَـكَ، فَـهَـذَا لَا يَـجُـوزُ، إِنَّـمَـا يَـقُـولُ لَـهُ: أَكْـرَمَـكَ الـلَّـهُ بِـدِيـنِـهِ الـحَـقِّ، وَأَعَـزَّكَ بِـهِ ([20]).
  2. أَن لَا يُدَخِنَ عَلَيـهِ مِن الـشِّـوَاءِ، وَإِن كَـانَ مَـجْـبُـورًا فليرسل لـه مـنـه، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِـيَ الـلَّـهُ عـنـه، قَـالَ: قَـالَ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّم:((يَـا أَبَـا ذَرٍّ إِذَا طَـبَـخْـتَ مَـرَقَـةً فَـأَكْـثِـرْ مَـاءَهَـا، وَتَـعَـاهَـدْ جِـيـرَانَـكَ))([21]).
  3. أَن يَـرُدَّ عَـنْـهُ اعْـتِـدَاءَ أَي مُعْـتَـدٍ ظَـالِـمٍ، وَيُـنَـافِـحَ عَـنْـهُ بِـاسْـمِ الـجِوَارِ، وَهَـذِهِ عَـادَةٌ عَـرَبِـيـةٌ أَصِـيـلَـةٌ كَـانَـتْ بِـحَـمْـدِ الـلَّـهِ تَـعَـالَى مِن عَـهْـدِ إِسْـمَـاعِـيـلَ نَـبِـيَّ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّم.
  4. أَنْ يَـتَـحَـمَّـلَ أَذَاهُ وَيَـتَـجَـاوَزَ عَن زَلَّاتِـهِ، فَـلَـيـسَ حَـقُّ الـجِـوَارِ كَـفَّ الأَذَى فَـقَـطْ، بَـلْ احْـتِـمَـالُ الأَذَى وَالتَّجَاوُزُ عَنِ الزَّلَّاتِ، فَـإِنَّ الـجَـارَ أَيَـضـًا كَـفَّ أَذَاهُ، ولَا يَـكْـفِـي اِحْـتِـمَـالُ الأَذَى بَـلْ لَا بُـدَّ مِـنْ الـرِّفْـقِ، وَإِسـدَاءِ الـخَـيـرِ والـمَـعْـرُوفِ([22]).
  5. أَنْ يُـعَـزِّيَـهُ عِـنْـدَ الـمُـصِـيـبَـةِ، فَـيَـقُـولُ لِـجَـارِهِ الـمُـسْـلِم كَـمَـا وَرَدَ فِي الـحَـدِيـثِ عَـنْ أُسَـامَـةَ بْـنِ زَيْـدٍ رَضِـيَ الـلَّـهُ تَـعَـالَى عَـنْـهُ، قَـالَ: قَـالَ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّـمَ لِـبـنَـتِـهِ يُـعَـزِّيـهَـا: (إِنَّ لِـلَّـهِ مَـا أَخَـذَ، وَلَـهُ مَـا أَعْـطَـى، وَكُـلُّ شَـيْءٍ عِـنْـدَهُ بِـأَجَـلٍ مُـسَـمًّـى، فَـلْـتَـصْـبِـرْ وَلْـتَـحْـتَـسِـبْ)([23]).

وَعَن الـحَـسَـنِ الـبَـصْـرِيِّ رَضِـيَ الـلَّـهُ عَـنْـهُ فِي الـتَّـعْـزِيـةِ: (أَعْـظَـمَ الـلَّـهُ أَجْـرَكُـمْ، وَغَـفَـرَ الـلَّـهُ لِـصَـاحِـبِـكُـمْ ([24])).

وَيَـقُولُ لِـغَـيـرِ الـمُـسـلِم: ((عَـلَـيْـكَ بِـتَـقْـوَى الـلَّـهِ وَالـصَّـبْـرِ – أَوْ يَـقُـولُ – لَا يُـصِـيـبُـكَ إِلَّا خَـيْـرٌ، أَكْـثَـرَ الـلَّـهُ مَـالَـكَ وَوَلَـدَكَ)) ([25]).

  1. أن يَـحْـفَـظَ عَـلَـيْـهِ دَارَهُ إِنْ غَـابَ، وَيُـبَـاحُ لَـهُ الانتفاع بملك الـجـار الـخَـالي من الضَّرر، ويَـحـرُمُ الانتفاعُ بملك الـجَـار إذا كان فـيـه إضـرار.
  2. أن يَـتَـلَـطَّـفَ بِـولَـدِهِ، وَيُرْشِـدُهُ إِلَى مَا يَـجْهَلُـهُ ‌مِنْ ‌أَمْرِ ‌دِيـنِهِ ‌وَدُنْـيَاهُ.

أن يَـعُـودَهُ في مَـرَضِـهِ، ويَـدْعُوهُ إِلَى الإِسْـلَامِ ويَـرْجُـو ذَلِـكَ مِـنْـهُ إِنْ لَـمْ يَـكُـن مُـسْـلِـمـًا([26])،لِـمَـا وَرَدَ فِي الـحَـدِيـثِ الـصَّـحِـيـحِ عَـنْ أَنَــسٍ رَضِـيَ الـلَّـهُ عَـنْـهُ، قَـالَ: (كَـانَ غُـلَامٌ يَـهُـودِيٌّ يَـخْـدُمُ الـنَّـبِـيَّ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّم فَـمَـرِضَ، فَـأَتَـاهُ الـنَّـبِـيُّ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّم يَـعُـودُهُ، فَـقَعَـدَ عِـنْـدَ رَأْسِـهِ، فَـقَـالَ لَـهُ: “أَسْـلِـمْ”. فَـنَـظَـرَ إِلَى أَبِـيـهِ وَهُـوَ عِـنْـدَهُ؟ فَـقَـالَ لَـهُ: أَطِـعْ أَبَـا الـقَـاسِـم، فَـأَسْـلَـمَ، فَـخَـرَجَ الـنَّـبِـيُّ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّـم، وَهُـوَ يَـقُـولُ: “الـحَـمْـدُ لِـلَّـهِ الَّـذِي أَنْـقَـذَهُ بِي مِنْ الـنَّـارِ”)([27]).

  1. وَيَدْعُو لِلْمَرِيضِ الـمُـسْـلِمِ بِـقَـولِـهِ: ((الـلَّـهُـمَّ رَبَّ الـنَّـاسِ، أذْهِـب الـبَـأسَ، اشْـفِ أنْـتَ الـشَّـافِي لَا شِــفَـاءَ إِلَّا شِـفَـاؤُكَ، شِــفَـاءً لَا يُـغَـادِرُ سَـقَـمـًا))([28]).

وَأَمَـا غَير الـمُـسْـلِم فَـكَـانَ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّم، إِذَا عَـادَ رَجُـلًا عَـلَى غَـيـرِ الإِسْـلَامِ لَـمْ يَـجْـلَـسْ عِـنـدَهُ، وقـال: (كَـيْـفَ أَنْـتَ يَـا يَـهُـودِيُّ؟ كَـيْـفَ أَنْـتَ يَـا نَـصْـرَانِيُّ؟ بِـدِيـنِـهِ الَّـذِي هُـوَ عَـلَـيْـهِ)) ([29]).

  1. أَن يَـمـتَـنِـعَ الـجَـارُ الـمَـالِـكُ مِـنَ الـتَّـصَـرُّفِ فِي مُـلْـكِـهِ إذا نَـتَـجَ عَـنْـهُ إِضْـرَارٌ بِـالـجَـارِ، وَيَـجِـبُ عَـلَـيْـهِ الـضَّـمَـانُ، وَنَـعْـنِـي بِـالـضَّـرَرِ كُـلُّ مَـا يَـمْـنَـعُ الـمَـنْـفَـعَـةَ الأَصْـلِـيَّـةَ الـمَـقْـصُـودَةَ مِـن الـبِـنَـاءِ كَـالـسُّـكْـنَـى، أَوْ يَـضُـرُّ بِـالـبِـنَـاءِ أَيْ يَـجْـلِـبُ لَـهُ وَهْـنـًا وَيَـكُـونُ سَـبَـبَ انْـهِـدَامِـهِ([30]).
  2. أَن يُقْرِضَ الـمُسْلِمُ جَارَهُ، وَإِن كَانَ غَيرَ مُسْلِم – كِـتَـابي أَو وَثَـنِـي – فقد حَـضَّ عَلَى ذَلِكَ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّمَ، فقال: «رَأَيتُ لَيلَـةَ أُسْـرِيَ بِي عَلَى بَابِ الـجَـنَّـةِ مَـكْـتُـوبـًا: الصَّدَقَـةُ بِـعَـشْـرِ أَمـثَـالِـهَا، والـقَـرْضُ بِـثَـمَـانِـيـةَ عَـشَـرَ. فَـقُـلْـتُ: يا جِـبـرِيـلُ مَـا بَـالُ الـقَـرْضِ أَفْـضَـلُ مِن الـصَّـدَقَـةِ؟، قَـالَ: لِأَنَّ الـسَّـائِـلَ يَـسْـألُ وَعِـنْـدَهُ، وَالـمُـسْـتَـقْـرِضُ لَا يَـسْـتـقْـرِضُ إِلَّا مِنْ حَـاجَـةٍ» ([31])، عَلَى أَن يَـكونَ ذَلِكَ لِأَجلٍ مُسمَّى مَـحدد، وإن عجز الـمُستَدِين عن الوفاء وَكَانَ غَيرَ مُـوسِـرٍ، فعلى المسلم أن يُـحـدد لـه موعدًا آخر بحـيث يـتـمـكن من الـوفـاء، ولا يَـجـوز للمسلم أن يفرض على جـارِهِ فـائـدةً، فَـالـرِّبَـا مُـحـرمٌ في الإِسْـلَامِ ولو كـان مع كِـتـابي أو وَثـنـي أو أي دِين وَضعي، فالإِسلَامُ حَرَّمَ أخذَ الفائدةِ واعتبر النّاس كلهم سواءٌ، قَـالَ الـلَّـهُ تَعَالَى: ﴿يَـا أَيُّـهَـا الـنَّـاسُ إِنَّـا خَـلَـقْـنَـاكُـمْ مِـنْ ذَكَـرٍ وَأُنْـثَـى وَجَـعَـلْـنَـاكُـمْ شُـعُـوبـًا وَقَـبَـائِـلَ لِـتَـعَـارَفُـوا إِنَّ أَكْـرَمَـكُـمْ عِـنْـدَ الـلَّـهِ أَتْـقَـاكُمْ، إِنَّ الـلَّـهَ عَـلِـيمٌ خَـبِـيـرٌ﴾ [الـحُجرات: ١٣]([32]).

والـمسلم كَمَـا لَا يَـرضى الـرِّبـا الَّـذِي هو من أعـظمِ الذنوبِ لنفسه، فـإنَّـه لا يَـرضاه لغيره ولـو كـان غـيـر مسلم، كـمـا لا يَـجُـوز للمسلم أن يتقدم للقضاء بـغـيـة الـحُـصُـول على مـالـه إذا علم أن جاره غير قادر على تسديدِ الـدَّين، وقد أشار النَّبِيُّ صَـلَّى الـلَّـهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّمَ إلى ذلـك فـقـال: «لَيُّ الـوَاجِـدِ يُـحِـلُّ عُـقُـوبَـتَـهُ وَعِـرْضَـهُ»([33])، وَقَـالَ رَسُـولُ الـلَّـهِ صَـلَّى الـلَّــهُ عَـلَـيْـهِ وَسَـلَّمَ: «مَـطْـلُ الـغَـنِـيِّ ظُـلْـمٌ»([34])، وهـذا يعني أن الـمُـعْـسِـرَ لَا يَـحِـلُ حَـبْـسُـهُ، وَلَا مُـلَازَمَـتُـهُ، وَلَا مُـطَـالَـبـتُـهُ فِي الـحَـالِ حَـتَّـى يُـوسِـرَ، كـمـا نقله ابن العطار في العدة في شـرح العمدة عن الإمام مالك والـشَّـافِعي والـجمهور([35]).

أَدَاءُ حُـقُـوقِ الـجَـارِ مِنَ الـفِـطْـرَةِ:

ذَكَـرَ الإِمَامُ ابْنُ حَجَـرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ أَنَّ ابْنَ العَـرَبِيِّ قَـال: خِـصَـالُ الـفِـطْـرَةِ تَـبْـلُـغُ ثَـلَاثِـيـنَ خَـصْـلَـةً، وَقَـدْ عَـقَّـبَ عَـلَى هَـذَا الـقَـوْل، فَـقَال: فَـإِنْ أَرَادَ خُـصُـوصَ مَـا وَرَدَ بِـلَـفْـظِ الـفِـطْـرَةِ فَـلَـيْـسَ كَـذَلِـكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَعَمَّ مِـنْ ذَلِـكَ فَـلَا يَـنْـحَـصِـرُ فِي الـثَّـلَاثِـيـنَ بَـل يَـزِيـدُ كَـثِـيـرًا ([36]).

فَـخِـصَـال الـفِـطْـرَةِ إِذَنْ كَـثِـيـرَةٌ، مِـنْـهَـا: أُمَّـهَـاتُ الأخْـلَاقِ، وَكُـلُّ مَـا هُـوَ مِـن الـبِـرِّ كَـبِـرِّ الْـوَالِـدَيْنِ، وَصِـلَـةِ الـرَّحِـمِ، وَأَدَاءِ حُـقُـوقِ الـجَـارِ، وَمُـعَـاوَنَـةِ الـمُـحْـتَـاجِ مَـادِّيًّـا وَمَـعْـنَـوِيًّـا، وَإِكْـرَامِ الـضَّـيْـفِ، وَالـصِّـدْقِ فِي الـقَـوْل وَالـعَـمَـلِ، وَالْـوَفَـاءِ بِـالـوَعْـدِ وَبِـالـعَـهْـدِ، وَغَـيْـرِهَـا مِـنَ الـخِـصَـال الـحَـمِـيـدَةِ([37]).

مِـن حَـقِّ الـجَـارِ مُـرَاعَـاةُ حَـقِّ الْـحَـافِـظِـيـنَ

قال الإمام ابن حجر العسقلاني: وَقَالَ بن أَبِي جَـمْرَةَ: (إِذَا أُكِّـدَ حَـقُّ الْـجَـارِ مَـعَ الْـحَـائِـلِ بَيْنَ الـشَّـخْصِ وَبَـيْـنَـهُ، وَأُمِـرَ بِـحِـفْـظِـهِ وَإِيـصَـالِ الْـخَـيْـرِ إِلَـيْـهِ، وَكَـفِّ أَسْـبَـابِ الـضَّـرَرِ عَـنْـهُ، فَـيَـنْـبَـغِـي لَـهُ أَنْ يُـرَاعِـيَ حَـقَّ الْـحَـافِـظِـيـنَ اللَّذِينِ لَـيْـسَ بَـيْـنَـهُ وَبَـيْـنَـهُـمَـا جِـدَارٌ وَلَا حَـائِـلٌ فَـلَا يُـؤْذِيـهِمَـا بِـإِيـقَـاعِ الْـمُـخَـالَـفَـاتِ فِي مُـرُورِ الـسَّـاعَـاتِ، فَـقَـدْ جَـاءَ أَنَّـهُـمَـا يُـسَـرَّانِ بِـوُقُـوعِ الْـحَـسَـنَـاتِ، وَيَـحْـزَنَـانِ بِـوُقُـوعِ الـسَّـيِّـئَـاتِ، فَـيَـنْـبَـغِـي مُـرَاعَـاةُ جَـانِـبِـهِـمَـا وَحِـفْـظُ خَـوَاطِـرِهِـمَـا بِـالـتَّـكْـثِـيـرِ مِنْ عَـمَـلِ الـطَّـاعَـاتِ وَالْـمُـوَاظَـبَـةِ عَـلَى اجْـتِـنَـابِ الْـمَـعْـصِـيَـةِ فَـهُـمَـا أَوْلَى بِـرِعَـايَـةِ الْـحَـقِّ مِنْ كَـثِـيـرٍ مِنَ الْـجِـيـرَانِ)([38]).

هَـذَا هُـوَ الإِسْـلَامُ الـعَـظِـيـمُ فِي مَـبَـادِئِـهِ وَقِـيـمِـهِ وَأَخْـلَاقِـهِ الَّـتِـي تَـنَـزَّلَـتْ مِـنْ عِـنـدِ الـعَـلِـيـمِ الـخَـبِـيـرِ الـقَـائِـل سـبـحـانـه: ﴿كُـتِـبَ عَـلَـيْـكُمْ إِذَا حَـضَـرَ أَحَـدَكُـمُ الْـمَـوْتُ إِنْ تَـرَكَ خَـيْـرًا الْـوَصِـيَّـةُ لِـلْـوَالِـدَيْـنِ وَالْأَقْـرَبِـيـنَ بِـالـْمَـعْـرُوفِ حَـقًّـا عَـلَى الـمُـتَّـقِـيـنَ﴾ [البقرة: ٢٨٠].

وَلَـوْ أَنَّ رَجُـلًا طَـالَـعَ كُـتُـبَ الـمُـسْـلِـمِـيـنَ لَـوجَـدَ فِـيـهَـا مِـن إِحْـسَـانِ الـمُـسْـلِـمِـيـنَ الـمُـحَـمَّـدِيـيـن لِـجِـوَارِهِـمْ مِـن أَهْـلِ الـذِّمَّـة مِن يَـهُـودٍ ونَـصَـارَى، ولِـجِـوَارِهِـمْ مِنَ الـوَثَـنِـيِّـيـنَ وَالـمَـجُـوسِ والـلادِيـنِـيِّـيـنَ مِـنَ الـمُـعَـامَـلَاتِ الـحَـسَـنَـةِ الـسَّـامِـيَـةِ مَـا تَـدْمَـعُ لَـهَـا الـعُـيُـونُ وتَـرِقُ لَـهَـا الـقُـلُـوبُ، وَهِـيَ كَـثِـيـرَةٌ جِـدًّا، تَـحْـتَـاجُ إِلَى عَـشَـرَاتِ الـمُـجَـلَّـدَاتِ، وَيُـسْـتَـنْـبَـطُ مِـنْـهَـا الْـكَـثِـيـرُ مِـنَ الْأَحْـكَـامِ الـشَّـرْعِـيَّـةِ الـقَـيِّـمَـةِ وَالآدَابِ الـلَّائِـقَـةِ الـلَّـطِـيـفَـةِ الَّـتِـي تَـدُلُّ عَـلَى عَـظَـمَـةِ الإِسْـلَامِ وَعَـظَـمَـةِ مَـنْ يُـطَـبِّـقُ الإِسْــلَامَ كَـمَـنـهَـجٍ رَبَّـانِيٍّ وَهِـدَايَـةٍ إِلَـهِـيَّـةٍ يَـسْـعَـى لِـرَحْـمَـةِ الإِنْـسَـانِ وَإِكْـرَامِـهِ وَسُـمُـوِّهِ.

وَسَـــلَامٌ عَـلَى الـمُـرْسَــلِـيـنَ

وَالْـحَـمْـدُ لِـلَّــهِ رَبِّ الْـعَـالَـمِـيـنَ.

وأَفْـضَـلُ الـصَّـلَاةِ والـتَّـسْـلِـيمِ عَـلَى سَـيِّـدِنَـا مُـحَـمَّـدٍ وَعَـلَى آلِـهِ وصَـحْـبِـهِ أَجْـمَـعِـين.

وقـد تَـمَّتْ هذه الرِّسالة بِـحَـمْـدِ الـلَّـهِ تَعَالَى ومَـنِّـهِ وَكَـرَمِـهِ وَرَحْـمَـتِـهِ في مدينة حَلب يوم11/ 2/2011م، الـمُـوافـق: 7/ربيع الأول/1432هـ.

مراجع الرسالة مرتبة حسب الورود فيها:

  1. فَتحُ البَاري شـرح صحيح البُخَارِيّ، للحافظ ابن حجر العسقلاني، حققه: عبد العزيز بار ومحمد فؤاد عبد الباقي.

دار الكتب العلمية، بيروت ط. 1، 1989م. وطبعة دار الرسالة، الرياض.

  1. صحيح البخاري، للإمام أبي عبد اللـه مُـحمَّد بن إسمـاعيل البُخاري، مكتبة دار السلام، الرياض ط: 2، 1419هـ ـ 1999م.
  2. صَحيح مُسلم، للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، دار السلام، الرياض ط: 1، 1419هـ ـ 1998م.
  3. الـمُجتبى (سنن النسائي الصغرى بشـرح السيوطي وحاشية السندي)، للإمام أبي عبد الرحـمن أحـمد بن شعيب النسائي، تـحقيق: مكتب تـحقيق التراث الإسلامي، دار المعرفة، بيروت، 1992م.
  4. السنن الكبرى، للإمام أبي عبد الرحـمن أحـمد بن شعيب النسائي، تـحقيق: حسن عبد المنعم شلبي. مؤسسة الرسالة ط: 1، 1421هـ ـ 2001م.
  5. السُّنن الكُبرى، الإمام أبو بكر أحمد بن الحُسَين بن عليٍّ البَيهَقِي، تحقيق: عبد اللـه بن عبد المحسن التركي، الناشر: مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلامية، الطبعة: الأولى، 1432هـ-2011م.
  6. شعب الإيمان، للإمام أبي بكر أحـمد بن الحسين البيهقي. تـحقيق: أبي هاجر محمد السعيد زغلول.

دار الكتب العلمية، بيروت ط: 1، 1410هـ ـ 1990م.

  1. الأدب المفرد، للإمام أبي عبد اللـه محمد بن إسمـاعيل البخاري. تـحقيق: صالح أحـمد الشامي، دار القلم، دمشق ط. 1، 1422هـ ـ 2001م.
  2. كشف الأستار عن زوائد البزار، للإمام نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثم، تحقيق: الشيخ حبيب الرحـمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة: الأولى، 1399 هـ – 1979 م.
  3. المستدرك على الصحيحين، للإمام أبي عبد اللـه الـحاكم النيسابوري مع التلخيص للذهبي بإشراف: يوسف عبد الرحـمن المرعشلي، دار المعرفة، بيروت.
  4. صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تأليف: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي. حققه: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت ط: 2، 1414هـ ـ 1993م.
  5. سنن ابن ماجه بشرح الإمام السندي مع تعليقات مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للإمام البوصيري، حققه: خليل شيحا، دار المعرفة، بيروت ط: 1، 1996م.
  6. مسند الإمام أحـمد بن حنبل (الموسوعة الحديثية)، بإشـراف: د. عبد اللـه التركي والشيخ شعيب الأرناؤوط وغيرهما، مؤسسة الرسالة، بيروت ط. 1، 1421هـ ـ 2001م، ونسخة دار الحديث، القاهرة.
  7. مسند الشاميين، للحافظ أبي القاسم سـليمـان بن أحـمد الطبراني. حـققه: حـمدي عبد الـمجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، ط:1، 1416هـ ـ 1996م.
  8. المنتقى من كتاب مكارم الأخلاق ومعاليها ومحمود طرائقها، الإمام أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل بن شاكر الخرائطي السامري، تحقيق: محمد مطيع الحافظ، وغزوة بدير، الناشر: دار الفكر – دمشق سورية، 1406هـ.
  9. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، للإمام أبي نعيم أحـمد الأصفهاني، دار الكتاب العربي، بيروت ط: 4، 1405هـ ـ 1985م.
  10. المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، في تخريج ما في الإحياء من الأخبار أو تـخريـج الإحـيـاء، الإمام أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، الناشر: دار ابن حزم، بيروت – لبنان العراقي، الطبعة: الأولى، 1426 هـ – 2005 م.
  11. الـجامع الصَّغير وزيادته، الإمام عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السُّيوطيّ، دار النشر: المكتبة التوفيقية، القاهرة، ط: 1، 2009م.
  12. الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، الإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني، المحقق: عبد الرحـمن بن يحي المعلمي اليماني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
  13. تذكـرة الـموضوعات الشيخ محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي، الناشر: إدارة الطباعة المنيرية، الطبعة: الأولى، 1343 هـ.
  14. كشف الخفاء ومزيل الإلباس، للإمام إسماعيل بن محمد العجلوني. تـحقيق: يوسف الحاج أحـمد، مكتبة العلم الحديث، دمشق، ط: 1، 1422هـ ـ 2001م.
  15. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي، تـحقيق: عبد اللـه درويش.

دار الفكر، بيروت 1414هـ ـ 1994م.

  1. مصنف عبد الرزاق، للإمام عبد الرزاق بن هـمـام الصنعاني مع كـتاب الجامع للإمام الأزدي، تـحقيق: حبيب الرحـمن الأعظمي، الـمكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، (ط: 2، 1403هـ – 1983م).
  2. سنن أبي داود، للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، دار السلام، الرياض ط: 1، 1420هـ ـ 1999م.
  3. شـرح النّووي على مُـسْـلِم أو صحيح مسلم بشرح الإمام النووي المسمى: (المنهاج شرح الجامع الصحيح). تـحقيق: د. مصطفى البغا، دار العلوم الإنسانية، دمشق ط: 1، 1997م.
  4. رَدَّ الْـمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْـمُخْتَارِ (حاشية ابن عابدين)، للإمام محمد أمين الشهير بابن عابدين الدمشقي. دار إحياء التراث، بيروت، والدر المختار لعلاء الدين الحصكفي، ط: 2، 1407هـ ـ 1987م.
  5. حاشية الدَّسوقي على الشـرح الكبير، للعلامة محمد عرفة الدسوقي والشـرح الكبير للدرديري، وبـهامشه تقديرات الشيخ محمد عليش. دار الفكر، بيروت.
  6. الـخرشـي على مـختصر سيدي خليل، للإمام محمد بن عبد اللـه الـخرشـي. دار الفكر، بيروت.
  7. المغني، للإمام موفق الدين عبد اللـه بن قدامة المقدسـي، تـحقيق: عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو، مؤسسة هجر، القاهرة، ط: 1، 1410هـ ـ 1990م.
  8. العُدة في شـرح العُمدة، للإمام عبد الرحـمن بن إبراهيم المقدسـي، مطبعة شركة الرياض، ط: 1، 1421هـ ـ 2000م.
  9. جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود، الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن علي بن عبد الخالق، المنهاجي الأسيوطي ثم القاهري الشافعي، تحقيق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1417 هـ – 1996 م.
  10. أحكام أهل الذمة، محمد بن أبي بكر شمس الدين ابن قيم الجوزية، لمحقق: يوسف البكري وشاكر العاروري، الناشر: رمادى للنشر، الدمام، الطبعة: الأولى، 1418هـ – 1997م.
  11. الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، ط: 2، 1404هـ ـ 1983م.

كُـتُـبٌ لِـلـمُـؤلِـف:

  • العُـقُـوبَـةُ الـتَّـأْدِيـبِـيَّـةُ لِلـطِّـفْـلِ بَـيْـنَ الـنَّـظَـرِيَّـاتِ الـتَّـرْبَـوِيَّـةِ وَالأَحْـكَـامِ الـشَّـرْعِـيَّـةِ. يُطلب مِن دَار طَيبـة الدِّمشقِيَّـة- دِمشق- حَلبُونِي.
  • عُقُوبَـةُ القَتْلِ سِياسَـةً بَيْنَ الـشَّـرِيعَـةِ الإِسْـلَاميـة والقَوَانِينِ الوَضعِيَّـةِ.
  • حَـقُّ الـجَـارِ فِي الإِسْـلَامِ.
  • حُـكْـمُ الغِنَاءِ فِي ضَوءِ تَـفْـسِـيـرِ قَولِ الـلَّـهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَـهْـوَ الـحَدِيثِ لِـيُـضِلَّ عَنْ سَـبِيلِ الـلَّـهِ بِغَيْـرِ عِلْمٍ وَيَـتَّخِذَهَا هُـزُوًا أُولَئِكَ لَـهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [لقمـان: 6].
  • رِسَالـةٌ حَـولَ تَفسِيرِ سُـورَةِ الـبَـيِّـنَـة، وعَلَامَاتِ الـبَـيِّـنَـةِ الـمُحَـمَّـدِيَّـة.
  • أَربَـعُـونَ حَـدِيـثـًا فِي حُـرْمَــةِ دِمَـاءِ الـمُـسْـلِـمِـيـنَ.
  • الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ الـمُصْطَفَى صَلَّى الـلَّـهُ عَلَيْـهِ وَسَلَّمَ آخرَ أذكـارِ الصَّلاةِ.
  • أَوَّلُ مَـا خَـلَـقَ الـلَّـهُ تَعَالَى.
  • مَـقَـالَاتِي فِي مَـجَـلَـةِ الـمَـعْـرِفَـةِ.

الهوامش:

  1. () قَوْلُهُ: (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُـوصِيـنِـي بِالْـجَارِ حَـتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) أَيْ يَأْمُرُ عَنِ اللَّـهِ بِتَوْرِيثِ الْـجَارِ مِنْ جَارِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْـمُرَادِ بِـهَذَا التَّوْرِيثِ، فَقِيلَ: يَـجْعَلُ لَهُ مُشَاركَـة فِي المَال بِفَرْض سهم معطاه مَعَ الْأَقَارِبِ، وَقِيلَ: الْـمُرَادُ أَنْ يُـنَـزَّلَ مَنْزِلَـةَ مَنْ يَرِثُ بِالْبِرِّ وَالصِّلَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، فَإِنَّ الثَّانِي اسْتَمَرَّ. وَالـْخَبَرُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ التَّوْرِيثَ لَـمْ يَقَعْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ: (حَـتَّى ظَنَنْتُ أَنه يَـجْعَل لَـهُ مِيرَاثـًا. وَقَالَ بن أَبِي جَـمْرَةَ الْـمِيرَاثُ عَلَى قِسْمَيْنِ حِـسِّـيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ فَالْـحِـسِّـيُّ هُوَ الْـمُرَادُ هُنَا، وَالْـمَعْنَوِيُّ مِيرَاثُ الْعِلْمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُلْحَظَ هُنَا أَيْضًا، فَإِنَّ حَقَّ الْـجَارِ عَلَى الْـجَارِ أَنْ يُعَلِّمَهُ مَا يَـحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَاللَّـهُ أَعْلَمُ). فَتحُ البَاري شـرح صحيح البُخَارِيّ، لابن حجر، 10/441.
  2. () مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأدب، باب: الْـوَصَـاةِ بِـالْـجَـارِ، (6015)، وَمُـسْلِمٌ في البـر والـصلـة، باب: الـوَصِيَّـةِ بِـالـجَـارِ والإِحْـسَانِ إلَـيْـهِ، (6687) 141-(2625)، وغيرهـمـا.
  3. () قال الإمام ابن حجر العسقلاني: (وَقَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ نَفْيِ الْإِيمَـانِ فِي مِثْلِ هَذَا جَوَابَانِ أَحَدُهُـمَـا: أَنَّهُ فِي حَـقِّ الْـمُـسْـتَـحِـلِّ، وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَاهُ لَيْـسَ مُؤْمِنًا كَامِلًا اه وَيُـحْـتَـمِـلُ أَنْ يَـكُونَ الْـمُـرَادُ أَنَّـهُ لَا يُـجَـازَى مُـجَـازَاةَ الْـمُؤْمِنِ بِدُخُولِ الْـجَـنَّـةِ مِنْ أَوَّلِ وَهْـلَـةٍ مَـثَـلًا، أَوْ أَنَّ هَذَا خَرَجَ مَـخْرَجَ الـزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ، وَظَاهِرُهُ غَيْـرُ مُـرَادٍ. وَالـلَّـهُ أعلم). فَتحُ البَاري شـرح صحيح البُخَارِيّ، لابن حجر، 10/442.
  4. () مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأدب، باب: إِثْمِ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَـوَايِـقَـهُ، (6016)، وَمُـسْلِمٌ في الإيمـان، باب: بَـيـانِ تَـحْـرِيمِ إيـذَاءِ الـجَـارِ، (172) 73-(46)، وغيرهـمـا.
  5. () فَتحُ البَاري شـرح صحيح البُخَارِيّ، لابن حجر، 10/442.
  6. () قوله: (بِـحَـلِـيـلَـةِ جَـارِكَ) بِفَتْحِ الْـحَـاءِ الْـمُهْمَلَةِ وَزْنَ عَـظِـيـمَـةٍ أَيِ: الَّـتِـي يَـحِـلُّ لَهُ وَطْـؤُهَـا، وَقِـيـلَ: الَّـتِـي تَـحُـلُّ مَـعَـهُ فِي فِـرَاشٍ وَاحِـدٍ. فتح الباري، 12/142.
  7. () مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الدِّيات، باب: وقولُ الـلَّـهِ تَعالى: ﴿وَمَنْ يَـقْـتُـلْ مُـؤْمِنًا مُـتَـعَـمِّـدًا فَـجَـزَاؤُهُ جَـهَـنَّمُ خَـالِـدًا فِـيـهَـا﴾ [النِّساء: 93]، (6861)، وفي الـحدود، باب: إثم الزُّناة، (6811)، وفي الأدب، بَابُ: قَتْلِ الْوَلَدِ خَشْيَـةَ أَنْ يَـأْكُـلَ مَـعَـهُ، (6001)، وَمُسْلِمٌ في الإيمـان، بَابُ: كَوْنِ الـشِّـرْكِ أَقْـبَـحَ الذُّنُوبِ، وَبَيَانِ أَعْظَمِهَا بَعْدَهُ، (258) 142-(86)، وغيرهـمـا.
  8. () حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ في الـمُجتَبى، (5502)، وفي الكُبرَى، (5517)، والبَيهَقِي في السُّنن الكُبرى، (16968)، وفي شعب الإيمـان، (29996)، والبُخَارِيّ في الأدب الـمُفرد، (117)، والبزَّار، (8496)، وَصَحَّحَهُ الـحَـاكِمُ، (1951)، وابْنُ حِـبَّـانَ، (1033)، وغيرهم.

    قوله: (دَارِ الْـمُـقَـامَـةِ): أَي الإِقَـامَـة، (جَـارَ الْـبَـادِي): الَّـذِي يَـسـكُـنُ الـبَـادِيَـةَ.

  9. () فَتحُ البَاري شـرح صحيح البُخَارِيّ، لابن حجر، 10/444.
  10. () مُـتَّـفَـقٌ عَـلَـيْـهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأدب، باب: مَنْ كَانَ يُؤْمِـنُ بِالـلَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، (6018)، وَمُـسْـلِـمٌ في الإيـمـان، بَابُ: الـحَـثِّ عَلَى إِكْرَامِ الـجَـارِ، (174) 75-(47)، وغيرهـمـا.
  11. () مُـتَّـفَـقٌ عَـلَـيْـهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأدب، بَاب: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالـلَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، (6019)، وَمُـسْـلِـمٌ في الإيـمـان، بَابُ: الْـحَـثِّ عَلَى إِكْرَامِ الـجَـارِ، (173) 74-(47)، وغيرهـمـا.
  12. () رَوَاهُ مُـسْـلِـمٌ في الإيـمـان، بَابُ: الْـحَـثِّ عَلَى إِكْرَامِ الـجَـارِ، (175) 77-(48)، والبُخَارِيُّ في الأدب المفرد، (102)، وابن ماجه، بَابُ: حَقِّ الْـجِوَارِ، (3672)، وأحـمد، (16370 و23496)، وغيرهـم.
  13. () حديث ضعيف. رواه البيهقي في شعب الإيمـان، (12/104)، رقم: (9113)، والطبراني في مسند الشاميين، (2430)، وقالا في أوله: (مَنْ أَغْـلَـقَ بَابَـهُ دُونَ جَـارِهِ مَـخَـافَـةً عَـلَى أَهْـلِـهِ وَمَـالِـهِ فَـلَـيْـسَ ذَاكَ بِمُؤْمِنٍ)، والخرائطي السامري في المنتقى من كتاب مكارم الأخلاق ومعاليها، (104)، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((أخرجه الطبراني من حديث بـَهز بن حكيم عن أبيه عن جده، والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ من حديث معاذ بن جبل: فذكره، وألفاظهم مُتقاربة والسياق أكـثره لعمرو بن شعيب، وفي حديث بـهز بن حكيم: (وَإِنْ أَعْوَزَ سَتَرْتَهُ)، وأسانيدهم واهية لكن اختلاف مـخارجها يشعر بأن للحديث أصلًا)). انظر: فتح الباري، 10/446.
  14. () قال الإِمَامُ ابن حجر العسقلاني: (قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْـجَارُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الدَّاخِلُ فِي الْـجِوَارِ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْـمُجَاوِرُ فِي الدَّارِ وَهُوَ الْأَغْلَبُ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّـهُ الْـمُرَادُ بِـهِ فِي الْـحَدِيثِ.. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُـحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَـمْرَةَ: حِفْظُ الْـجَارِ مِنْ كَـمَـالِ الْإِيمَـانِ وَكَانَ أَهْلُ الْـجَاهِلِيَّةِ يُـحَـافِـظُـونَ عَلَيْهِ وَيَـحْصُلُ امْـتِـثَـالُ الْوَصِـيَّـةِ بِـهِ بِـإِيصَالِ ضُـرُوبِ الْإِحْسَانِ إِلَـيْـهِ بِـحَـسَـبِ الـطَّـاقَـةِ كَالْـهَـدِيَّـةِ، وَالـسَّـلَامِ، وَطَـلَاقَـةِ الْوَجْهِ عِنْدَ لِـقَـائِـهِ، وَتَـفَـقُّـدِ حَـالِـهِ، وَمُـعَـاوَنَـتِـهِ فِـيـمَـا يَـحْـتَـاجُ إِلَـيْـهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِـكَ، وَكَفِّ أَسْبَـابِ الْأَذَى عَـنْهُ عَـلَى اخْـتِـلَافِ أَنْـوَاعِـهِ حِـسِّـيَّـةً كَـانَـتْ أَوْ مَـعْـنَـوِيَّـةً). فَتحُ البَاري، لابن حجر، 10/442.
  15. () حديث ضعيف. رَوَاهُ الـبَـزَّارُ في كشف الأستار، (1896)، الطَّبَرَانيُّ في مسند الشَّاميين، (2430 و 2458)، وَأَبُـو نُـعَـيْـمٍ فِي الـحُـلـيَـةِ، 5/207، والبيهقي في شعب الإيمـان، (9113)، وغيرهم، وقال الإمام العراقي في تـخريـج الإحـيـاء، 2/185: ((أخـرجـه الـحـسـن بن سفيان والـبـزَّار في مـسـنديـها، وأبو الـشـيخ في كـتاب الثواب، وأبو نعيم في الـحليـة من حديث جابـر، وابن عدي من حـديـث عـبـد اللَّـهِ بن عـمـر، وكـلاهـمـا ضـعـيـف))، وضعفه السُّيوطيّ في الـجامع الصَّغير، (3656)، انظر: الشَّوكاني في الفوائد الـمجموعة، 1/258، والفتني في تذكـرة الـموضوعات، 1/203، والعجلوني في كـشـف الـخفاء، (1055)، وقال الـهيثمي في مـجمع الزوائد، ( 8 / 300 ): (رواه البزَّار عن شَـيخه عبد اللَّـه بن مـحمَّد الـحارثي، وهو وضاع). فالـحديث ضعيف كمـا قال أكـثر الـحفاظ.
  16. () رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الـشُّـفعـة، باب: أَيُّ الـجِـوَارِ أَقْـرَب، (2259)، وفي الأَدَبِ الـمُفرد، (108)، وَأَحْـمَدُ، (25577)، عبدُ الرَّزَّاقِ، (14401)، وَأَبُو دَاوُدَ، (5155)، وغيرهم.
  17. () ويـتـحـقـق ذلـك بالـجـدار الـسّـاتـر وبالنّافـذة الّـتـي يُـطِـلّ منها الـجـارُ على حـريمِ جـارِهِ.

    فإن لـم يـكـن الـجـدار الـسّاتر قـائـمـًا بين الـملكين من قديم، وأراد أحـدهـمـا أن يبنيه بالاشتراك مع الآخر ليحجز بين مـلـكـيـهـمـا، فامتنع الآخـر لـم يُـجـبـر عليـه. وإن أراد البناء وحـده لـم يـكـن له البناء إلّا في ملـكـه خـاصّـةً، لأنّـه لا يملكُ الـتّـصـرُّف في ملكِ جـارِهِ الـمخـتـصّ بـه، فإن كان الـجـدار قـديـمـًا، فَهُدِمَ، وأراد أحدهـمـا أن يبنيـه، وأبى الآخـر، فقيل: لا يُـجـبـر، وقيل: يُـجـبـر، وإذا كان الـجـدار لأحدهـمـا وهـدمـه إضـرارًا بـجـاره، فـإنّـه يـقـضـى عـلـيـه بإعـادتـه على مـا كـان عـلـيـه، لأجل أن يـسـتـر على جـاره.

    ومن كان سـطـحـه، وسـطـح جـاره سـواءٌ، وفي صـعودِهِ الـسّـطـحَ يـقعُ بـصـره في دار جـاره، فـلـلـجـار أن يـمـنـعـه من الـصّـعـود مـا لـم يـتّـخـذ سـتـرة، وإن كان بـصـره لا يـقـع في دار جاره، ولـكن يـقـع على جـيـرانـه إذا كـانـوا على الـسّـطـح لا يـمـنـع من ذلـك، وقـيـل: يـمـنـع.

    وأمّـا الـنّـافـذة: فقد اخـتـلـف الفقهاء في جـواز فـتـح صاحـب الـعـلـوّ بـابـًا أو كـوّةً تـطـلّ على سـاحـة الـجـار، فمنهم من مـنـع ذلـك، ومـنـهـم من أجـازه بـشـرط أن يَـبـنـي الـجـارُ ما يَـسـتـر جـهـتـه، ويُـمـنـع إن كـانـت الـكـوّةُ لـلـنّـظـرِ، وهـي تُـطِـلُّ عـلى سَـاحـةِ جُـلُـوسِ الـنِّـسـاءِ.

  18. () رَوَاه مُـسْـلِـمٌ في السَّلامِ، باب: الـنَّـهْـيِ عَنِ ابْـتِـدَاءِ أَهْلِ الـكِـتَـابِ بِالـسَّـلَامِ وَكَـيْـفَ يَرُدُّ عَـلَـيْـهِمْ، (5661) 13-(2167).

    قال الإمام النّووي: ((اخـتـلـف العلـمـاء في رَدّ السَّلَام على الـكَـفـار وابتدائهم بـه، فقال أكـثر العلـمـاء وعامـة الـسَّـلـف: تـحـريم ابـتـدائـهم بـه، ووجوب رده عليهم بأن يقول وعـلـيـكم، أو عـلـيـكم فقط.

    وذهبت طائفـة إلى جواز ابتدائنا لـهم بالسَّلام، رَوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ففي الأدب الـمفرد، 1/258، (1107) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَـالَ: ‌رُدُّوا ‌السَّلَامَ ‌عَـلَى ‌مَنْ ‌كَانَ ‌يَـهُودِيًّـا أَوْ نَصْرَانِـيًّـا أَوْ مَـجُوسِـيًّـا، ذَلِكَ بِأَنَّ الـلَّـهَ يَـقُولُ: (وَإِذَا حُـيِّـيـتُـمْ بِـتَـحِـيَّـةٍ فَـحَـيُّـوا بِـأَحْـسَـنَ مِـنْـهَـا أَوْ رُدُّوهَـًا) (النِّساء:86). وروي عن أبي أمامـة وابن أبي محيريز وهو وجـه لبعض الـشّـافـعـيـة حـكـاه الـمـاوردي.. واحـتج هؤلاء بعموم الأحاديث وبإفشاء السّلام وهي حـجـة باطلـة؛ لأنَّـه عام مـخصوص بحديث: ((لَا تَـبْـدَؤُوا اليَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالـسَّـلَامِ))، وقال بعض أصحابنا: يُـكـره ابتداؤهم بالسّلام ولا يَـحـرم، وهذا ضعيف أيـضـًا؛ لأن النهي للـتـحريم فالصـواب تـحريم ابتدائهم. وحـكـى القاضي عن جـمـاعـة: أنه يـجـوز ابتداؤهم بـه للضرورة والـحاجـة أو سـبب، وهو قول علقمة والنخعي والأوزاعي، وقالت طائفة من العلمـاء: لا يردّ عليهم السَّلام، رواه ابن وهب وأشـهب عن مالك. وقال بعض الشَّافعيـة: يـجـوز أن يقول في الـردِّ عليهم وعلـيـكم السَّلام، ولكن لا يقول ورحـمـة اللَّـهِ، حـكـاه الـمـاوردي، وهو ضعيف مـخالف للأحاديث. والـلَّـه أعلم. ويـجـوز الابـتـداء بالـسَّلام عـلى جـمـع فـيـهم مـسـلمون وكـفـار أو مسلم وكـفـار ويقصد الـمـسـلـمـيـن.

    شـرح النّووي على مُـسْـلِم، 4/2211. تح: مصطفى ديب البغا.

  19. () مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الاسـتئذان، باب: كـيـف الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الـذِّمَّةِ بالسَّلام، (6256)، وَمُـسْـلِـمٌ في السَّلامِ، باب: النَّهْيِ عَنِ ابْتِدَاءِ أَهْلِ الـكِـتَابِ بِالـسَّـلَامِ وَكَـيْفَ يَـرُدُّ عَلَيْهِمْ، (5652) 6-(2163).
  20. () أحكام أهل الذّمَّة، لابن القيّم، 1/441.
  21. () رَوَاهُ مُسْلِمٌ في البر والصّلة، بابُ: الوَصِيَّـةِ بِالجارِ وَالإِحْسَانِ إلَيْـهِ، (6688) 142-(2625)، وغيره.
  22. () إحياء علوم الدِّين، 3/136. أحكام أهل الذّمَّة، لابن القيّم، 1/438.
  23. () مُـتَّـفَـقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الـجَنَائِـزِ، بَاب: زِيَارَةِ القُبُورِ، (1284 و7377)، وَمُـسْـلِـمٌ فِي الـجَنَائِـزِ، بَابُ: الـبُـكَاءِ عَلَى الـمَيِّتِ (923)، وَأَحْـمَدُ، (21789)، والنَّسَائيُّ في الكُبرَى، (2007)، وَابنُ حِـبَّانَ، (461)، والبيهقي في الكُبرَى، (7380)، وغيرهم.
  24. () رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنفه عن الـحَسن مَوقُوفـًا، (6074)، 3/396.
  25. ()أحكام أهل الذّمَّة، لابن القيّم، 1/438.
  26. () انظر: تفصيل هذه المسألة في كـتاب: أحكام أهل الذمة، لابن القيم، 1/429.
  27. () رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الـجَنائِز، باب: إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَـمَـاتَ، هَلْ يُصَلَّى عَـلَـيْـهِ؟ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْـلَامُ؟ (1356)، وَأَبُو دَاوُدَ، في الـجنائز، باب: فِي عِيَادَةِ الذِّمِّيِّ. (3095)، وَابنُ حِبَّانَ، ذِكْـرُ جَـوَازِ عِـيَـادَةِ الـمَـرْءِ أَهْـلَ الـذِّمَّـةِ إِذَا طَـمِـعَ فِي إِسْـلَامِهِمْ (2960)، وَأَحْـمَدُ، (13375)، وغيرهم.
  28. () مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الطِّبِّ، باب: رُقـيـةُ النَّبِيِّ صَلَّى الـلَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (5743)، وَمُـسْـلِـمٌ في السَّلام، بابُ: اسْـتِحْبَـابِ رُقْـيَـةِ الـمَرِيضِ، (5707) 46-(2191).
  29. () رَوَاهُ البَيهَقِي في شُعب الإيـمـان، (9240)، 6 /547.
  30. () رَدَّ الْـمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْـمُخْتَارِ، 5 / 447، وحاشية الدَّسوقي، 3 / 369، الـخرشـي، 6 / 60، الـخرشـي، 3 / 408، والـمُغني، 4 / 572، جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود، 1/137.
  31. () رَوَاهُ ابْنُ مَاجـه في الصَّدقات، باب القرض، (2431). وقال الـهيثمي في مـجـمـع الزوائد، 4/159-160، (6622): (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الـكَـبِـيـرِ، وَفِيهِ عُـتْـبَـةُ بْنُ حُـمَيْدٍ؛ وَثَّـقَهُ ابْنُ حِـبَّانَ، وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ ضَعْفٌ)، وذكر العجلوني أن سنده ضعيف، كـشـف الـخفاء، 2/112، (1873).
  32. () تشير الآيـة إلى أن الـخالق للخلق جـميعـًا هو الـلَّـهُ سبحانه وتعالى، الذي خلقهم من سيدنا آدم والسيدة حواء عليهمـا السَّلام، ثم فرقهم شعوبـًا وقبائل بغيت طلب التَّعارف والتَّعاون لا ليتفاخروا بعلو النَّسبِ وإنمـا الفخر بالتَّقوى، فالتَّقيُ الذي يَعملُ بطاعـةِ الـلَّـهِ تعالى ويَتركُ مَعصِيتَـهُ ويَـخـاف من عذابِ الـلَّـهِ تعالى، هو الأكـرم على الـلَّـهِ سـبحانـه تعالى. جعلنا الـلَّـهُ تعالى منهم.. آمـيـن.
  33. () رَوَاهُ البُخَارِيُّ مُعَلَّـقًا ضمن عنوان الباب، في الاستقراض، باب لصاحب الـحـقِّ مقالٌ..، ووصله أَحْـمَدُ، (19348)، وَأَبُو دَاوُدَ في القضاء، باب: في الدين هل يـحـبـس بـه، (3628)، والنَّسَائِيُّ في الـمُـجـتَـبـى، كـتاب: البيوع، باب مـطل الغني، (4692)، والـحَـاكِمُ في الـمـسـتـدرك، كـتـاب الأحـكـام، (7065/63)، 4/115، وقال: (صحيح الإسناد)، ووافقـه الذّهبي.

    واللَيّ بفتح اللام وتشديد الياء ـ المُطل، والواجِد هو الـمُوسِـرُ، ومعنى الحديث أن مـمـاطـلـة الغني بتسديد الدَّين، تُـحِـلُ لصاحب المال عرضـهُ أي يقولُ: مَطلتني، وعـقـوبـتُـهُ: أي الـحـبـس.

  34. () رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الاستقراض، بَاب: مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، (2400) واللفظ لـه، وَمُـسْـلِـمٌ في المساقاة، باب: تَـحْرِيمِ مَطْلِ الغَنِـيِّ..، (4002)33- (1564).

    ويقول الإمام النووي: ((الـمَطْلُ: مَنْعُ قَضَاءِ مَا اُسْـتُحِقَّ أَدَاؤُهُ. فَـمَـطْـلُ الـغَـنِـيِّ ظُـلْـمٌ وَحَرَامٌ، ‌وَمَـطْـلُ ‌غَـيْـرِ ‌الْغَنِـيِّ لَيْـسَ بِظُلْمٍ وَلَا حَـرَامٍ.. لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَلَوْ كَانَ غَـنِـيًّـا وَلَـكِـنَّـهُ لَيْـسَ مُـتَـمَـكِّـنًـا مِنَ الْأَدَاءِ لِـغَـيْـبَـةِ الْـمَـالِ أَوْ لِغَيْـرِ ذَلِكَ جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ إِلَى الْإِمْـكَانِ.. وفـيـه دلالـة لـمذهب مالك والشافعي والجمهور أن الـمعسِـرَ لا يَـحِـلُ حـبـسـه، ولَا مُـلازمـتُـهُ، ‌وَلَا ‌مُطَالَـبَـتُـهُ ‌حَـتَّـى ‌يُـوسِـرَ، قَالَ الْعُلَمَـاءُ: يُـحِـلُّ عِـرْضَـهُ بِأَنْ يَـقُولَ: ظَـلَـمَـنِـي وَمَطَـلَـنِـي، وَعُـقُـوبَـتُـهُ: الْـحَـبْـسُ وَالتَّعْزِيـرُ)). شـرح النَّووي على مُـسْـلِمٍ، 3/1619.

  35. () العُدة في شـرح العُمدة، 1 /1185.
  36. () فتح الباري شرح البخاري 12 / 456 ط مطبعة مصطفى البابي الـحلبي سنة 1378هـ – 1959م.
  37. () الموسوعة الفقهية الكويتية، 32/184.
  38. () فَتحُ البَاري شـرح صحيح البُخَارِيّ، لابن حجر، 10/442.