البلاغة خارج كتب البلاغة (دراسة تحليلية)

ريما محمود كشكول1       Doç. Dr. Ahmet Türkan1

1 جامعة دوملوبينار – كوتاهيا – تركيا

بريد الكتروني: rimakashkoul1980@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/26

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2023م تاريخ القبول: 15/11/2023م

المستخلص

يُعتبر علم البلاغة من أهم علوم اللغة العربية، فقد عُرفَ العرب منذ القدم بالفصاحة والبلاغة وحُسنِ التعبير، وحين جاء الإسلام ونزل القرآن الكريم بمعانيه البليغة الوجيزة الجامعة ظهرت الحاجة بشكل أكبر لعلم البلاغة، كعلمٍ يساعد على فهم الغاية من سياق الكلمات، ويعمل على اقناع المخاطب مستخدماً الإثبات تارةً والنفي تارةً أخرى، ولربما جاءت إحدى أدوات التأكيد لتعطي المعنى المراد…، إلى غير ذلك من الأمور التي أثبتت بلاغة اللغة العربية، وقدرتها على الاقناع، وإضفاء الجمال والتميز على الكلام.

لهذا كله، جاء هذا البحث مبيناً وجود البلاغة في اللغة العربية، وموضحاً كونها عنصراً هاماً وجِدَ قبل أن يوجد علم البلاغة نفسه، وعاملاً على تقصي البلاغة خارج الكتب المختصة بها.

فالبلاغة في الكلام، والأسلوب المفيد الجامع في صوغ الأشعار قديماً، ثم إعجاز وقوة بيان القرآن الكريم، هو ما دفع العلماء للغوص في أسرارها، والتجول في ثناياها، فكان علم البلاغة.

وقد اتبعت الأسلوب التحليلي في هذا البحث، وبينت وجود البلاغة في أنواع العلوم المختلفة كالتفسير، والنحو، والحديث الشريف، والعقيدة، وغيرها من العلوم.

فخلصت إلى ضرورة اتقان البلاغة بكل أشكالها؛ لأنها حالة لغويَّة فكريَّة تتلازم مع معظم الفنون الأدبيَّة، حتى أنها قد توجد في الكلام اليومي المتبادل بين الناس، وهي ذات أهمية في نشأة علم التفسير البلاغي كتفسير الزمخشري وغيره، كما أنَّ لها حضور في عموم العلوم، وحتى يتم فهم المقصود لا بدَّ من أن نستعمل علم البلاغة في أبحاثنا.

Research title

Rhetoric outside rhetoric books

An analytical study

Rima Mahmoud Kashkoul1    Doç. Dr. Ahmet Türkan1

1 DUMLUPINAR University – Kütahya – Turkey

Email: rimakashkoul1980@gmail.com

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/26

Published at 01/12/2023 Accepted at 15/11/2023

Abstract

The science of rhetoric is considered one of the most important sciences of the Arabic language. Arabs have been known since ancient times for their eloquence, rhetoric, and good expression. When Islam came and the Quran was revealed with its concise and comprehensive eloquent meanings, the need for the science of rhetoric became even greater. It is a science that helps in understanding the purpose of the context of words, and works on persuading the addressee using affirmation at times and negation at other times. One of the tools of emphasis may be used to give the intended meaning, among other things that have proven the eloquence of the Arabic language, and its ability to persuade, and to give beauty and distinction to speech.

For all these reasons, this research came to demonstrate the existence of rhetoric in the Arabic language, and to clarify that it is an important element that existed before the science of rhetoric itself, and a factor in investigating rhetoric outside the books specialized in it.

Rhetoric in speech, and the useful comprehensive style in composing poetry in the past, then the miracle and power of expression in the Quran, is what prompted scholars to delve into its secrets and wander in its depths, and thus rhetoric became a science.

The analytical approach was followed in this research, and it showed the presence of rhetoric in various sciences such as interpretation, grammar, hadith, creed, and other sciences.

It concluded the necessity of mastering rhetoric in all its forms, because it is a linguistic and intellectual condition that is associated with most literary arts, to the extent that it may exist in the daily conversation between people, and it is important in the emergence of the rhetorical interpretation science such as Al-Zamakhshari’s interpretation and others. It also has a presence in general sciences, and in order to understand the intended meaning, it is necessary to use the science of rhetoric in our research.

مقدمة:

عُرف العرب منذ القدم بالفصاحة والبلاغة والبيان، وتفَوَّقُوا بذلك على كل الأمم في زمانهم؛ ليتنزل القرآن الكريم بعد ذلك بفصاحته وبلاغته في قوم هُم أهل الفصاحة والبلاغة؛ فيعرفوا قدره موقنين بأنَّه الكلام المعجز الذي لا يَتَأَتَّى لبشرٍ الإتيَان بمثله.

وقد ورد تعريف لفظ البلاغة مشافهةً قبل نشأتها، من ذلك جواب صحَّار بن عياش العبدي لمعاوية بن أبي سفيان بعد سؤاله: “ما تعدون البلاغة فيكم؟”، قال: “الإيجاز”، قال: “وما الإيجاز”، فقال صحَّار: “أنْ نُجيب فلا نبطئ ونقول فلا نخطئ” .

وفي العصر الإسلامي لم يختلف الحال عن العصر الجاهلي في تذوُّق العرب للبلاغة وتعشُّقهم للفصاحة، بل إنَّ نزول القرآن نمَّى مهارة التذوق الأدبيِّ لدى العرب، فهذا (الوليد بن المغيرة) وكان من عظماء قريش لمّا سمع من النبيِّ : {إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان} طلب إعادتها عليه ثمَّ قال لقومه بني مخزوم: “والله لقد سمعت من محمدٍ آنفاً[1] كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإنَّ له لحلاوة وإنَّ عليه لطلاوة[2]، وإنَّ أعلاه لمثمر، وإنَّ أسفله لمغدق[3]، وإنَّه يعلو وما يُعلَى”[4].

هذه شهادة عدوٍّ لدودٍ من قومٍ منطقهم بيان ودأبُهم فصاحة، وتبجحهم بلاغة.

وللحديث عن بلاغة النبيِّ ، وقُصَارى القول ما قاله فيه (الجاحظ) في وصف منطقه : “ثمَّ لم يسمع الناس بكلام قط أعمُّ نفعاً، ولا أقصد لفظاً، ولا أعدل وزناً، ولا أجمل مذهباً، ولا أكرم مطلباً، ولا أحسن موقعاً، ولا أسهل مخرجاً، ولا أفصح معنىً، ولا أبيَن في فحوى، من كلامه “[5].

وممَّا يدلُّ على علوِّ كعب سيدنا أبي بكر في تذوُّق البلاغة، وامتلاكه نصاعة البيان، قوله حينما عرض لرجلٍ معه ثوبٌ، فقال له: “أتبيع الثوب؟” فأجابه: لا عافاك الله، فتأذَّى أبو بكر ممَّا يوهِمُه ظاهر اللفظ، إذ قد يُظَنُّ أنَّ النفي مُسَلَّطٌ على الدعاء، وقال له: “لقد علمتم لو كنتم تعلمون، قل: لا، وعافاك الله”[6].

وهذا ما سمَّاه البلاغيون: (علم الفصل والوصل) وقال العرب فيه: “إنَّ البلاغة معرفة الفصل والوصل”[7].

فالبلاغة حالة لغويَّة تذوُّقيَّة، لا يخلو منها مجتمع ولا يعدمها لسان، وهي فنٌّ متلازمٌ مع العديد من الفنون.

ولأهميتها في جُلِّ العلوم كتبت هذا البحث الذي يهدف إلى:

– تسليط الضوء على تاريخ البلاغة، وحقيقة وجودها حتى قبل أن توجد كتب متخصصة بها كعلم مستقل بذاته.

– تقصي ملامح البلاغة خارج كتب البلاغة، من ذلك البلاغة في كتب التفسير، والحديث الشريف، والنحو، وحتى في العقيدة وعلم الكلام.

وقد جاء بحثي على النحو التالي:

أولاً- البلاغة في تفسير القرآن الكريم:

  1. تفسير الكشاف للعلامة الزمخشري.
  2. تفسير الجامع لأحكام القرآن (القرطبي).

ثانياً- البلاغة في علم النحو:

  1. نماذج من إيجاز الحذف عند النحويين.

ثالثاً- البلاغة في كتب شرح الحديث النبوي:

  1. الكاشف عن حقائق السنن شرح مشكاة المصابيح لشرف الدين الطيبي.
  2. المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام النووي رحمه الله.
  3. كتاب الفائق في غريب الحديث للزمخشري.

رابعاً- البلاغة في كتب النقد الأدبي.

  1. كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر.
  2. كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه.
  3. كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري.

خامساً- البلاغة في كتب الفقه والأصول.

سادساً- البلاغة في كتب العقيدة وعلم الكلام.

وسنشرع الآن بتتبُّع الفنون التي اعتنت بالبلاغة…

أولاً- البلاغة في تفسير القرآن

نشأ علم البلاغة وتطوَّر في سبيل بيان ودراسة بلاغة القرآن، وكان للعلَّامة (الزمخشري) الأثر الجليل في تفسيره الشهير (الكشَّاف) الذي رسَّخ به أسس علوم البلاغة، التي كانت لم تزل وليدةً ناشئة، وغير واضحة المعالم، وكذلك ظهرت من بعده عدَّة تفاسير اعتنت بإظهار الوجوه البلاغيَّة في آيات الكتاب العزيز.

1- تفسير الكشَّاف للعلَّامة الزمخشري: يُعدُّ الزمخشري من أوائل الذين وضعوا اللَّبِنات الأولى في تأسيس علم البلاغة وبخاصَّة علم المعاني، وقد ذكر الوجوه البلاغيَّة للعديد من علوم البلاغة، ولو أنَّه كان يخلِط في تصنيف بعض موضوعات علم المعاني على أنَّها من علم البيان؛ وذلك لعدم اتِّضاح حدود هذين المصطلحين في المدوَّنات[8]، فقد صنَّف الالتفات من علم البيان، وهو أحد مسائل علم المعاني، مثاله قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين..} يقول الزمخشري: “فإنْ قلت: لم عدل من لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب، قلت: هذا يسمى الالتفات في علم البيان”[9].

وقد استعمل مصطلح علم البديع لبعض أنواعه، مثاله: “{وجئتك من سبأ بنبأ يقين..} قوله: {من سبأ بنبأ} من جنس الكلام الذي سمَّاه المحدثون البديع، وهو من محاسن الكلام الذي يتعلَّق باللفظ بشرط أنْ يجيء مطبوعاً..”[10].

ومن أهمِّ ما جاء به (الزمخشري) من ابتكار في تفسيره (الكشاف) في التقديم والتأخير، إذ جعله على نوعين، أحدهما: التقديم في الرتبة النحويَّة، والآخر: التقديم في الذكر.

مثال قوله تعالى: {إياك نعبد وإيَّاك نستعين} تقديم المفعول لقصد الاختصاص، كقوله تعالى: {قل أفغير الله تأمروني أعبد}، {قل أغير الله أبغي ربا}، والمعنى نخصُّك بالعبادة، ونخصُّك بطلب المعونة، ومثله: {عليه توكلت وإليه أنيب}[11].

وقوله: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} فإنْ قلت: فهلَّا قدَّم الظرف على الريب، كما قدَّم على الغول في قوله تعالى :”{لا فيها غول}؟ قلت: لأنَّ القصد في إيلاء الريب حرف النفي، نفي الريب عنه، وإثبات أنَّه حقٌّ وصدقٌ لا باطل وكذب، كما كان المشركون يدعونه، ولو أولى الظرف لقصد إلى ما يبعد عن المراد، وهو أنَّ كتاباً آخر فيه الريب لا فيه، كما قصد في قوله: {لا فيها غول} تفضيل خمر الجنَّة على خمور الدنيا؛ بأنَّها لا تغتال العقول كما تغتالها هي، كأنَّه قيل: ليس فيها[12].

ومن أمثلة ذلك:{ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أنْ نتكلَّم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم}.

يتساءل (الزمخشري) هنا بقوله: “فأي فائدة في تقديم الظرف حتَّى أوقع فاصلا؟ قلت: الفائدة فيه بيان أنَّه كان الواجب عليهم أنْ يتفادوا أوَّل ما سمعوا بالإفك عن التكلُّم به، فلمَّا كان ذكر الوقت أهمُّ وجب التقديم” [13] .

كما بسط العلَّامة (الزمخشري) القول في مسألة خروج الكلام على خلاف مقتضى المقام والظاهر، ومن أهمِّ هذه الأنواع الالتفات، والذي نسبه القزويني إلى (السكاكي) خطأ[14].

حيث قال (الزمخشري): “فإنْ قلت: لم عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ قلت: هذا يُسمَّى الالتفات في علم البيان قد يكون من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلُّم، كقوله تعالى: {حتَّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم}، وقوله تعالى: {والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه}، وقد التفت امرؤ القيس ثلاث التفاتات في ثلاثة أبيات:

تطـــــاول ليلك بالإثمـد ونــــــــام الخلي ولم ترقــــــــــــد

وبـــات وبــاتت له ليلة كليلـــــة ذي العائر الأرمد

وذلك من نبأ جــاءني وخبرتـــــــه عن أبى الأسود

وذلك على عادة افتنانهم في الكلام وتصرُّفهم فيه؛ ولأنَّ الكلام إذا نُقل من أسلوبٍ إلى أسلوبٍ، كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع، وإيقاظاً للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد[15].

– الفصل والوصل: مثال: قوله تعالى: {الشمس والقمر بحسبان، والنَّجم والشجر يسجدان}.

قال (الزمخشري): “فإنْ قلتَ: كيف اتصلت هاتان الجملتان بالرحمن؟ قلتُ: استغنى فيهما عن الوصل اللفظيِّ بالوصل المعنويِّ، لما علم أنَّ الحسبان حسبانه، والسجود له لا لغيره، كأنَّه قيل: الشمس والقمر بحسبانه، والنجم والشجر يسجدان له، فإنْ قلت: أيُّ تناسب بين هاتين الجملتين حتّى وسَّط بينهما العاطف؟ قلت: إنَّ الشمس والقمر سماويان، والنجم والشجر أرضيَّان، فبين القبيلين تناسب من حيث التقابل، وأنَّ السماء والأرض لا تزالان تذكران قرينتين”[16].

2– تفسير الجامع لأحكام القرآن (القرطبي): كذلك من التفاسير التي اعتنت ببيان الوجوه البلاغيَّة الدقيقة (تفسير القرطبي)، فقد سجلت له إضافات لغويَّة بلاغيَّة لم يسبق إليها غيره، وإنْ كان دون (تفسير الزمخشري) من حيث الاعتناء ببيان البلاغة القرآنيَّة، من ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى:{ويُطعمون الطَّعام على حُبِّه} “الضمير في “حُبه” اختلف في عوده، فقيل: يعود على المعطي للمال، وحذف المفعول وهو المال، ويجوز نصب “ذوي القربى” بالحبِّ، فيكون التقدير على حبِّ المعطي ذوي القربى، وقيل: يعود على المال، فيكون المصدر مضافاً إلى المفعول، قال ابن عطية: ويجيء قوله: “على حبه” اعتراضاً بليغاً أثناء القول، قلت: ونظيره قوله الحق: “ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً” فإنَّه جمع المعنيين، الاعتراض وإضافة المصدر إلى المفعول، أي: على حب الطعام، ومن الاعتراض قوله الحق: “ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك”، وهذا عندهم يسمَّى التتميم، وهو نوع من البلاغة، ويسمَّى أيضاً الاحتراس والاحتياط، فتمَّم بقوله: “على حبه”.[17]

ومن كتب التفسير البلاغية المعاصرة تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور: فقد اهتمَّ فيه بدقائق البلاغة في كلِّ آية من آياته، وأورد فيه بعض الحقائق العلميَّة، ولكن باعتدال ودون توسُّع أو إغراق في تفريعاتها ومسائلها، وقد ذكر ذلك في مقدمة كتابه حيث يقول:” ومما قاله المصنِّف في تقديمه لكتابه:

وقد اهتممت في تفسيري هذا ببيان وجوه الإعجاز، ونُكت البلاغة العربيَّة وأساليب الاستعمال”[18].

حتَّى إنَّه تطرَّق إلى علم البديع والمحسِّنات البديعيَّة، ومثال ما جاء به (ابن عاشور): قوله في تفسير قوله تعالى: {لا هُنَّ حِلٌّ لهم ولا هم يحلون لهن} ونظيره قوله تعالى: {هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهنَّ} في سورة البقرة [187] تأكيداً لشدَّة التلبُّس والاتصال من كلِّ جهةٍ، وفي الكلام محسن العكس من المحسنات البديعيَّة مع تغيير يسير بين حلٌّ ويحلون اقتضاه المقام، وإنَّما يوفِّر حظُّ التحسين بمقدار ما يسمح له به مقتضى حال البلاغة.[19]

ثانياً- البلاغة في علم النحو

العلاقة بين علمي النحو والبلاغة تمثِّل تشابكاً لا انفكاك له، وهذا ما ذهب إليه العلامة (عبد القاهر الجرجاني) الذي استطاع أنْ يفهم النحو فهماً صحيحاً جاعلاً، من ذلك مدخله لإعجاز القران الكريم، فالارتباط وثيق بين علمي النحو والبلاغة، ومعاني النحو تتحقَّق بالخروج عن المألوف والوجوب إلى الجائز والنادر، تحقيقاً للمقام ومراعاة لمقتضى الحال، وهو الذي أتت منه المعاني البلاغيَّة مثل: التأكيد والاختصاص والحذف، ويُعتبر موضوع الحذف من أوسع المباحث المشتركة بين هذين العلمين؛ لذا سنستفيض بالحديث عنه مع ذكر الأمثلة، ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ النحويين والبلاغيين قد اهتمُّوا بالحذف، ولكننا نجد أنَّ “نظرة البلاغيين للحذف نظرةٌ جماليَّةٌ دلاليةٌ؛ أي: للقيمة المعنوية الجمالية… وهى ليست نظرةٌ إلى كَمِّ التركيب أو قصره أو طوله أو إلى العامل أو المعمول أو تقدير المحذوف، فمجالُ الأسلوبِ وحُسْنُ العبارةِ، ووقعُ ذلك في نفسِ السَّامِعِ هي الأساسُ في تناولِ البلاغيين لظاهرةِ الحَذْفِ[20].

وإذا نظرنا في (كتاب سـيبويه) وجدناه ينصُّ في مواضع كثيرة على ضرورة الحذف؛ لأسباب أدخلها البحث الحديث في فنِّ البلاغة، كالتخفيف والإيجاز والسعة، ويبيِّن أنَّ العرب قد جرت عادتها على الحذف، وحبَّذتْه في غير موضع، يقول (سيبويه): “واعلم أنَّهم ممَّا يحذفون الكلم وإنْ كان أصله في الكلام غير ذلك، ويحذفون ويعوِّضون، ويستغنون بالشيء عن الشيء الَّذي أصله في كلامهم أنْ يُستعمل حتَّى يصير ساقطًا … “[21].

 ويري (ابن هشام) أنَّ “الحذف الذي يلزم النحويّ النظر فيه هو ما اقتضته الصِّنَاعَةُ، وذلك بأنْ يجد خبراً بدون مبتدأ أو بالعكس، أو شرطاً بدون جزاء أو بالعكس، أو معطوفاً أو معمولاً بدون عامل”[22].

ولإيجاز الحذف ضوابط ذكرها (ابن جني) بقوله: “حذفت العرب الجملة والمفرد والحرف والحركة, وليس شيء من ذلك إلَّا عن دليلٍ عليه, وإلَّا كان فيه ضربٌ من تكليف علم الغيب في معرفته”[23].

فإن لم يكن في الكلام قرينة تدلُّ على المحذوف، فإنَّ ذلك يُعدُّ ضرباً من ضروب التعمية في الكلام والألغاز؛ لذا يجب أنْ يكون هناك دليلٌ على المحذوف عند حذفه من الكلام.

نماذج من إيجاز الحذف عند النحويين:

– حذف الحرف: ومثاله ما ورد في كتاب (سيبويه): “ومن العرب من يقول: الله لأفعلنَّ، وذلك أنَّه أراد حرف الجر، وإيَّاه نوى، فجاز حيث كثر في كلامهم، وحذفوه تخفيفاً وهم ينوونه، كما حذف ربَّ في قوله:

وجدَّاءَ ما يُرْجَى بها ذو قرابةٍ لعطفٍ وما يخشى السُّماة رَبيبُها

إنَّما يريدون: ربَّ جدَّاء، وحذفوا الواو كما حذفوا اللامين، من قولهم: لاه أبوك، حذفوا لام الإضافة واللام الأخرى، ليخففِّوا الحرف على اللسان، وذلك ينوون”[24].

ومن الأمثلة التي أوردها (ابن جني) في هذا: في واو العطف قوله: ” أمَّا حذفها فكنحو ما حكاه أبو عثمان عن أبي زيد من حذف حرف العطف في نحو قولهم: أكلت لحماً سمكاً تمراً.

ومنه حذف همزة الاستفهام؛ نحو قوله:

فأصبحت فيهم آمنًا لا كمعشر أتوني وقالوا مِن ربيعة أو مضر؟

“يريد أمن ربيعة”, وقال (الكُميت):

لهذا ونحوه نظائر، وقد كثرت”[25].

– حذف المضاف: وذلك كثيرٌ واسعٌ، نحو قول الله سبحانه: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} أي: برّ من اتقى، ومنه قوله -عز اسمه-: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهلها.

وقد حذف المضاف مكرراً نحو قوله تعالى: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} أي: من تراب أثر حافر فرس الرسول”[26].

– حذف المفعول فيه (الظرف): يُحذف الظرف في كلام العرب إذا دلَّ عليه دليل، نحو قول (طرفة بن العبد) في معلَّقته:

فإنْ متُّ فانعيني بما أنا أهـــــــــله وشُقِّي علي الجيب يا ابنة معبد[27]

أي: مِتُّ قبلك، ومثله ما جاء في قول (نصيب):[28].

– حذف جملة جواب الشرط: مثاله قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} فحذف جواب الشرط، لو الشرطيَّة ولابدَّ لها من الجواب والتقدير فيه: ولو أنَّ قرآنا سيِّرت به الجبال أو قطِّعت به الأرض لكان هذا القرآن، فحذف العلم به توخياً للإيجاز والاختصار، وذهب (ابن هشام) إلى أنَّ “التقدير فيه: لما آمنوا، بدليل: {وهم يكفرون بالرحمن} والنحويون يقدِّرون لكان هذا القرآن وما قدَّرته أظهر، وهذا رأي وجيه لوجود الدليل عليه”[29].

ثالثاً- البلاغة في كتب شروح الحديث النبوي

لا شكَّ أنَّ كتب شروح الحديث تلي كتب التفسير أهميَّة، فنجد كثيراً من شراح الحديث يعتنون بإظهار الوجوه البلاغيَّة في حديث النبي ، وهو الذي أوتي جوامع الكلم، وقد سبق الحديث عن بلاغة سيدنا رسول الله ، ومن أهمِّ هذه الكتب:

1– الكاشف عن حقائق السنن شرح مشكاة المصابيح لشرف الدين الطيبي:

من ذلك استنباطه حكماً مخالفاً لحكم جمهور شرَّاح الحديث النبويِّ معتمداً على البلاغة، وهذا الحكم هو الحجُّ الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام يكفِّر كلَّ الذنوب، ففي الحديث عن عمرو بن العاص، قال: أتيت النبيَّ ، فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، فقبضتُ يدي، فقال: (مالك يا عمرو؟) قلت: أردتُ أن أشترط، فقال: (تشترطُ ماذا؟) قلت: أنْ يغفر لي، قال (أما علمت يا عمرو! أنَّ الإسلام يهدم ما كان قلبه، وأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحجَّ يهدمُ ما كان قبله؟!”[30] يبدأ ناقلاً عن (التوربشتي): “الإسلام يهدم ما كان قبله مطلقاً، مظلمة كانت أو غير مظلمة، كبيرة كانت أو صغيرة، فأمَّا الهجرة والحج فإنَّهما لا يكفِّران المظالم، ولا يقطع فيهما أيضاً بغفران الكبائر التي بين الله وبين العباد، فيحمل الحديث على أنَّ الحجَّ والهجرة يهدمان ما كان قبلهما من الصغائر، ويحتمل أنَّهما يهدمان الكبائر أيضاً فيما لا يتعلَّق به حقوق العباد بشرط التوبة، عرفنا ذلك من أصول الدين، فردَّدنا المجمل إلى المفصَّل، وعليه اتفاق الشارحين، أقول: نحن ما ننكر ما اتَّفق عليه الشارحون، لكن نتكلم في الحديث بحسب ما تقتضيه البلاغة”[31].

ومن أمثلة ما جاء فيه: ذكره الاستعارة في قول رسول الله ، عن أبي أمامة: “من صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض”[32].

قال (الطيبي): “قوله: “خندقاً” وهو استعارة تمثيليَّة عن الحاجز المانع، شبَّه الصوم بالحصن فجعل له خندقاً حاجزاً بينه وبين النار التي شبَّهت بالعدو، ثمَّ شبَّه الخندق في بُعد غوره بما بين السماء والأرض”[33].

ويعبِّر الطيبي عن المجاز بالاتِّساع ففي قوله : “لا يؤمن أحدكم حتَّى يكون هواه تبعاً لما جئت به”[34]

قال الطيبي: “الحديث محمولٌ على نفي الكمال اتِّساعاً”[35].

وقد ذكر الكناية والمسند والمسند إليه من حذف وذكر وتقديم وتأخير وإفراد وجمع.

2- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام النووي رحمه الله:

ومثال ما ورد فيه من البلاغة قوله : “فأقول إنْ يك من عند الله يمضه”[36].

يقول النووي: “لم يشك ولكن أخبر على التحقيق وأتى بصورة الشكّ كما قال: أأنت أم أمّ سالم، وهو نوع من البديع عند أهل البلاغة يسمُّونه تجاهل العارف، وسمَّاه بعضهم مزج الشكِّ باليقين”[37].

وفي موضع آخر يقول في شرح حديث: “وما بين القوم وبين أنْ ينظروا إلى ربِّهم إلَّا رداء الكبر في جنَّة عدن”[38] قال العلماء: “كان النبيُّ يُخاطب العرب بما يفهمونه، ويقرّب الكلام إلى أفهامهم، ويستعمل الاستعارة وغيرها من أنواع المجاز؛ ليقرب متناولها فعبَّر عن زوال المانع ورفعه عن الأبصار بإزالة الرداء قوله : “في جنة عدن)” أي: الناظرون في جنة عدن فهي ظرف للناظر[39].

3- كتاب الفائق في غريب الحديث للزمخشري:

حيث ذكر في مقدمة كتابه (قيمة اللغة العربية وبلاغتها) فيقول: “الحمد الله الذي فتق لسان الذبيح بالعربية البيِّنة والخطاب الفصيح، وتولَّاه بأثرة التقدُّم في النطق باللغة التي هي أفصح اللغات، وجعله أبا عَذر التصدي للبلاغة التي هي أتمُّ البلاغات ….”

ثمَّ مدح العرب بفصاحتهم العربيَّة، وكيف هم وما يتصرَّفون [عليه] فيها من الكناية والتعريض والاستعارة والتمثيل وأصناف البديع وضروب المجاز والافتنان في الإشباع والإيجاز[40].

مثاله: في قول رسول الله : “إذا لم يُنكر الناس المنكر فقد تودّع منهم”[41]، أي استريح منهم وخذلوا وخلي بينهم وبين ما يرتكبون من المعاصي، وهو من المجاز لأنَّ المعتني بإصلاح شأن الرجل إذا يئس من صلاحه تركه، ونفض منه يده، واستراح من معاناة النصب في استصلاحه[42].

وذكر الاستعارة في شرح حديث: “من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبو أمية إن وائلا يستسعى ويترفل على الاقوال حيث كانوا من حضرموت”

فشرح يستسعى أي يستعمل على الصدقات من الساعي وهو المصدق، وترفل يتسود ويترأس، يُقال: رفلته فترفل، قال ذو الرمة:

إذا نحن رفَّلنا امرأ ساد قومه وإنْ لم يكن من قبل ذلك يذكر

استعارة من ترفيل الثوب وهو إسباغه وإسباله”[43].

ومن ذلك الجهد الذي قام به شرَّاح الحديث النبوي (ابن حجر العسقلاني ت:852هـ) في “فتح الباري”، و(بدر الدين العيني ت:855هـ) في “عمدة القاري في شرح صحيح البخاري”، و(المناوي 1031ه) في “فيض القدير شرح الجامع الصغير”، ففيها شرح مطنب لقواعد البلاغة. أضف إليه ذلك ما قام به بعض الباحثين العصريين من محاولات طيّبة، وجهود مخلصة لدراسة البيان النبويِّ الشريف ككتاب البيان النبوي للأستاذ الدكتور (محمد رجب البيومي).

رابعاً- البلاغة في كتب النقد الأدبي

في القرن الرابع نشطت حركة التأليف في النقد الأدبي، الذي لا ينفكُّ عن علم البلاغة من حيث موضوعاته وتفريعاته في كتب الأدب، فهذا (أبو بكر بن دريد) قد وضع أسساً وضوابطاً تقوم عليها بلاغة الشعر فقال: “نقد الشعر وترتيب الكلام، ووضعه مواضعه، وحسن الأخذ، والاستعارة، ونفي المستكره والجاسي صنعةٌ برأسها، ولا تراه إلَّا لمن صحّت طباعهم، واتّقدت قرائحهم، وتنبهت فطنهم، وراضوا الكلام، ورووا وميَّزوا”[44].

ومن أهمِّ الكتب التي اعتنت ببيان الوجوه البلاغيَّة في الشعر:

1- كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: ويشتمل هذا الكتاب على العديد من الموضوعات اللغويَّة والبلاغيَّة، وهي ليست مصنَّفة كما في كتب البلاغة، مثاله ما ذكره من التكرير في اللفظ والمعنى، والكناية والتعريض والتخلص والاقتضاب، ويذكر أنَّ علماء البيان فوجدتهم قد خلطوا الكناية بالتعريض، ولم يفرِّقوا بينهما، ولا حدُّوا كلاً منهما بحدٍّ يفصله عن صاحبه، بل أوردوا لهما أمثلة من النظم والنثر، وأدخلوا أحدهما في الآخر فذكروا للكناية أمثلة من التعريض، وللتعريض أمثلة من الكناية، فممن فعل ذلك (الغانمي) و(ابن سنان الخفاجي) و(العسكري)، فأمَّا ابن سنان فإنَّه ذكر في الكناية قول (امرئ القيس):

فصرنا إلى الحسنى ورق كلامها ورضت فذلت صعبة أي إذلال

وهذا مثال ضربه للكناية على المباضعة، وهو مثال للتعريض”[45].

وذكر في موضع آخر قيمة البلاغة، وأنَّها فن مستقل عن علوم اللغة الأخرى بما نقله عن (ابن جني) في شرحه للأبيات:

كل جريحٍ ترجى سلامته إلَّا جريحًا دهته عيناها

تبل خدي كلما ابتسـمت من مطرٍ برقه ثناياها

فيقول : “والبيت الثاني من الأبيات الحسان التي تتواصف، وقد حسَّن الاستعارة التي فيه أنَّه جاء ذكر المطر مع البرق، وبلغني عن (أبي الفتح بن جني) -رحمه الله- أنه شرح ذلك في كتابه الموسوم بالمفسر، الذي ألَّفه في شرح شعر أبي الطيب، فقال: “إنَّها كانت تبزق في وجهه، فظنَّ أنَّ أبا الطيب أراد أنَّها كانت تبسم، فيخرج الريق من فمها ويقع على وجهه، فشبهه بالمطر”.

وما كنت أظن أن أحدًا من الناس يذهب وهمه، وخاطره حيث ذهب وهم هذا الرجل وخاطره.

وإذا كان هذا قول إمامٍ من أئمة العربية تُشدُ إليه الرحال، فما يقال في غيره? لكن فنَّ الفصاحة والبلاغة غير فنّ النحو والإعراب!!”[46]

2- كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه:

أبو الحسن علي بن عبد العزير القاضي الجرجاني (المتوفى: 392هـ) وهو سابق لعبد القاهر الجرجاني، حيث استفاض في الحديث عن الاستعارة، وأفرد باباً في الإفراط في الاستعارة مثاله قوله: “فلما أفْضى الشعر الى المحْدَثين، ورأوْا مواقعَ تلك الأبيات من الغرابة والحسن، وتميّزَها عن أخواتها في الرشاقة واللطف، تكلّفوا الاحتذاء عليها فسمّوْه البَديع؛ فمن محسنٍ ومسيءٍ، ومحمودٍ ومذمومٍ، ومقتصدٍ ومُفرطٍ، فإذا جاءتك الاستعارة كقول زهير:

وعُرّيَ أفراس الصِّبــــــــــــــا ورواحله

وقول لبيد:

إذ أصبحتْ بيد الشَّمال زِمامها

فاسدد مسامعك، واستغش ثيابك، وإياك والإصغاء إليه، واحذر الالتفاتَ نحوه؛ فإنَّه ممَّا يُصدئ القلب ويُعميه، ويطمس البصيرة، ويكدّ القريحة، وربما جاءَ من هذا الباب ما يظنّه الناس استعارةً وهو تشبيه أو مثَل؛ فقد رأيت بعض أهل الأدب ذكر أنواعاً من الاستعارة عدّ فيها قول أبي نواس:

والحبُّ ظهْرٌ أنت راكبُه فإذا صرفتَ عِنانه انصرفا

ولست أرى هذا وما أشبهَه استعارة، وإنَّما معنى البيت أنَّ الحبَّ مثل ظهْر، أو الحبُّ كظهْر تُديره كيف شئتَ إذا ملكتَ عِنانه؛ فهو إمّا ضرب مثَل أو تشبيه شيء بشيء؛ وإنَّما الاستعارةُ ما اكتُفِي فيها بالاسم المستعار عن الأصل”[47].

3– كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري (ت 395 هـ ):

حيث ميَّز مؤلِّفه بين الفصاحة والبلاغة، وممَّا ذكره قول (إبراهيم الإمام): حسبك من حظِّ البلاغة ألَّا يؤتى السامع من سوء إفهام الناطق، ولا يؤتى الناطق من سوء فهم السامع، وقال الهندي أيضاً: “البلاغة وضوح الدّلالة، وانتهاز الفرصة، وحسن الإشارة، وقول (عبيد الله بن عتبة): البلاغة دنوّ المأخذ، وقرع الحجة، وقليل من كثير”[48].

وقد تحدَّث عن العديد من الموضوعات البلاغيَّة كالإيجاز والاستعارة، فذكر قوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ}؛ أي: لا تعي شيئاً، لأنَ المكان إذا كان خالياً فهو هواء حتى يشغله شيء. وقولك: هذا أوجز من قولك: لا تعي شيئاً، فلإيجازة فضل الحقيقة، وكذلك قوله تعالى: {أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ}، معناه: أطلعنا عليهم، والاستعارة أبلغ؛ لأنَّها تتضمَّن غفلة القوم عنهم حتَّى اطَّلعوا عليهم، وأصله أنَّ من عثر بشيء وهو غافل نظر إليه حتى يعرفه، فاستعير الإعثار مكان التبيين والإظهار”[49].

خامساً- البلاغة في كتب الفقه والأصول:

لا شكَّ بوجود علاقةٍ وثيقة بين علمي الفقه والأصول من جهة وعلم البلاغة من جهة أخرى، وخاصَّة في علم أصول الفقه، إذ أنَّ الغرض من دراسة هذا العلم معرفة الأدلَّة والقواعد الشرعيَّة؛ للتوصُّل بها إلى استنباط الأحكام الشرعيَّة، وهذه القواعد الفقهيَّة مستمدَّة من اللغة العربيَّة والبلاغة جزء منها، فنجد جميع الفقهاء قد تعرَّضوا لذكر الحقيقة والمجاز، فأجمعوا على قاعدة: (إذا تعارضت الحقيقة والمجاز، فإنَّ حمل الكلام على الحقيقة أولى، إلَّا إذا تعذَّرت الحقيقة، لأنَّ الأصل في الكلام الحقيقة ولا يثبت إلَّا بقرينة)[50].

وقد اعتنى الأصوليون بدراسة اللغة والمعاني بخاصَّة؛ وذلك لتوقف الأدلَّة اللفظيَّة من الكتاب والسنَّة، وأقوال أهل الحلِّ والعقد من الأمَّة على معرفة موضوعاتها لغة من جهة: الحقيقة والمجاز، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، والحذف والإضمار، والمنطوق والمفهوم، والاقتضاء والإشارة، والتنبيه والإيماء، وغيره ممَّا لا يعرف في غير علم العربيَّة”[51].

وقد تناولت كتب الأصول في مقدماتها كثيراً من مباحث اللغة والبلاغة، وبخاصَّة علم دلالات الألفاظ في أصول الفقه يشبه إلى حدٍّ بعيد علم البلاغة، إذ قسَّم علماء الأصول فيه دلالة الألفاظ من حيث الضعف، من الأقلِّ ضعفاً إلى الأضعف: 1- الخفي 2- المشكل 3- المجمل 4- المتشابه

ومن حيث القوة من القوي إلى الأقوى: 1- الظاهر 2- النص 3- المفسر 4- المحكم.

وقد ذكر (ابن خلدون) حاجة دارس أصول الفقه بأنَه يتعيَّن عليه النظر في دلالة الألفاظ؛ وذلك أنَّ استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام يتوقف على معرفة الدلالات الوضعية مفردة ومركبة، ثمَّ إنَّ هناك استفادات أخرى خاصَّة من تراكـيب الكلام ..… فكانت كلُّها من قواعد هذا الفن، ولكونها من مباحث الدلالة كانت لغوية”[52]2.

وقد ذُكر تعريف البلاغة في كتاب (البيان والتحصيل) وهو كتاب فقهي لابن رشد القرطبي المتوفى سنة(250ه)، في باب كراهة كثرة الكلام بأنَّها: “إنَّ البلاغة والفصاحة إنَّما هي في قلَّة الكلام مع إدراك الصواب به، واستيفاء المعاني فيه، ومن عيِّ الرجل ألَّا يقدر على أنْ يعبِّر عمَّا في نفسه بكلام وجيزٍ حتى يأتي فيه بكلام طويلٍ يكون فيه ما يُستغنى عنه”[53].

فللبلاغة في كتب الفقه دورٌ وخاصَّة في المسائل القوليَّة، من أمثلة ذلك ما جاء في كتاب (بدائع الصنائع) للكاساني: “ولو حلف لا يأكل شعيراً فأكل حنطةً فيها حبَّات من شعير حَنَثَ، ولو كان اليمين على الشراء لم يحنث؛ لأنَّ من اشترى حنطةً فيها حبَّات شعير يُسمَّى مشتري الحنطة لا مشتري الشعير، وصرف الكلام إلى الحقيقة المستعملة في الجملة أولى من الصرف إلى المجاز، وإنْ كان استعماله في المجاز أكثر؛ لأنَّ الحقيقة شاركت المجاز في أصل الاستعمال والمجاز ما شارك الحقيقة في الوضع رأساً فكان العمل”[54].

ومن ذلك ذكرهم للمجاز العرفي، ومثاله ما جاء في (المجموع شرح المهذب): “وقد ذكر ابن مكي وغيره في لحن العوام إطلاقهم الحشيش على الرطب، قالوا: والصواب اختصاص الحشيش باليابس، قالوا: والكلأ مهموز يقع على الرطب واليابس، هذا كلام أهل اللغة، وأمَّا المصنِّف والاصحاب أطلقوا الحشيش على الرطب، وهذا يصحُّ على المجاز فسمِّي الرطب حشيشاً باسم ما يؤول إليه؛ لكونه أقرب إلى أفهام أهل العرف والله أعلم”[55].

مثال ذلك أيضاً لمَّا اختلف الفقهاء في لفظ اليوم: لفظ اليوم يُطلق على بياض النهار بطريق الحقيقة اتفاقاً، وعلى مطلق الوقت بطريق الحقيقة عند البعض، فيصير مشتركاً وبطريق المجاز عند الأكثر وهو الصحيح؛ لأنَّ حمل الكلام على المجاز أولى من حمله على الاشتراك؛ لما عرف في الأصول”[56]،وفي هذا بيان على ضبط الفقهاء للحقيقة والمجاز.

وكذلك الكناية فقد ذكرها الفقهاء كثيراً ، وهذا ما نجده في العديد من مسائل الأَيمان والطلاق والنكاح والبيوع والحدود، جاء في كتاب (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع): “(وأمَّا) الكناية فنوعان: نوع هو كناية بنفسه وضعاً، ونوع هو ملحق بها شرعاً في حق النيَّة، أمَّا النوع الأوَّل فهو كلُّ لفظ يُستعمل في الطلاق ويستعمل في غيره، نحو قوله: (أنت بائن، أنت علي حرام خليَّة، بريئة، بتَّة، أمرك بيدك، اختاري، اعتدي، استبرئي رحمك، أنت واحدة، خليت سبيلك، سرَّحتك، حبلك على غاربك، فارقتك، خالعتك”[57].

سادساً- البلاغة في كتب العقيدة وعلم الكلام

ورد ذكر المجاز في تأويل صفات الله تعالى، فجميع علماء الكلام حملوا بعض صفات الله تعالى على مقتضى المجاز، من ذلك ما جاء في كتاب (تمهيد الأوائل في تلخيص الدلائل): “والباري سُبْحَانَهُ حَيّ لَا يَسْتَحِيل عندنَا وعندكم أَنْ يكون قَائِلاً متكلِّماً فَوَجَبَ أَنْ يكون وَصفه لنَفسِهِ بالْقَوْل مَحْمُولا على الْحَقِيقَة دون الْمجَاز، وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن يكون وَصفه لنَفسِهِ بالْقَوْل مجَازًا ومقيساً على هَذِه الْأُمُور لوَجَبَ أَنْ يكون وَصفه لنَفسِهِ بالإرادة وَالْعلم وَالْقُدْرَة مجَازًا واتساعاً وعَلى معنى أَنه فَاعل فَقَط وَأَن الْأَشْيَاء لَا تتعذر عَلَيْهِ قِيَاساً على هَذِه المجازات الَّتِي ذكرتموها، فَإِن لم يجب هَذَا لِأَن الْمجَاز لَا يُقَاس عَلَيْهِ لم يجب مَا قُلْتُمْ”[58].

وكذلك وردت الكناية في كتب العقيدة، فمثالها ما ذكره الإمام الغزالي في حديث: ” قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن”[59] فيقول: “إذ لو فتَّشنا عن قلوب المؤمنين فلم نجد فيها أصابع فاعلم أنَّها كناية عن القدرة، التي هي سرُّ الأصابع وروحها الخفي، وكنَّى بالأصابع عن القدرة لأنَ ذلك أعظم وقعاً في تفهُّم تمام الاقتدار، ومن هذا القبيل في كنايته عن الاقتدار، قوله تعالى: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}”[60].

وجاء في (إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل):” وَإِذا جَاءَت الْأَلْفَاظ المحتملة الَّتِي تكون للكمال بِوَجْه وللنقصان بِوَجْه وَجب على كلِّ مُؤمنٍ حصيفٍ أَن يَجْعَلهَا كِنَايَة عَن الْمعَانِي الَّتِي تجوز عَلَيْهِ، وينفي مَا لَا يجوز عَلَيْهِ”[61].

وقد ذكر الإيجاز في الردِّ على المسائل العقدية، من ذلك ما ورد في كتاب (تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء): “فإنْ قال قائل فما معنى دخولهم في العدد مع الأنبياء وليسوا بأنبياء، والجواب أنَّ القرآن مقصود بالإيجاز الذي هو مخُّ البلاغة، وكانت النبوَّة تترى في بني إسرائيل، وكان أثلهم من أولاد يعقوب وهو إسرائيل، فلما عدَّد الله تعالى من كان قبل من الأنبياء على التفصيل، أوجز فقال: والأسباط يعني: أنبياء الأسباط على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، ثمَّ خصَّص بعد ذلك عظماءهم بالذكر”[62].

الخاتمة والنتائج:

وهكذا بعد هذه الجولة مع البلاغة خارج تصانيفها، يتبيَّن لنا حضور البلاغة في العديد من ميادين الفنون والعلوم، وبهذا دليل على ضرورة اتقان الباحثين والدارسين علاوة على الخطباء والمؤلفين، فهي حالة لغويَّة فكريَّة متلازمة مع معظم الفنون الأدبيَّة، حتى أنه لا يخلو منها كلام العامَّة، ويمكننا الخروج بالنتائج الآتية:

1- البلاغة حالة اجتماعيَّة قديمة عرفها الناس في الجاهليَّة والإسلام.

2- إظهار الوجوه البلاغيَّة في تفسير القرآن دفعت (الزمخشري) للبحث والتأمل، فخرج بتفسيره البلاغي الشهير (الكشاف عن حقائق التأويل والتنزيل).

3- كتب الأدب والنقد الأدبي تُعنَى بالبلاغة، وإنْ كان ترتيبها مختلف عن كتب البلاغة.

4- البلاغة فنٌّ له حضوره في عموم العلوم والفنون، كشرح الحديث والفقه والأصول وعلم الكلام وغيرها من الفنون، ولا يمكن لطالبٍ الاستغناء عن اتقانها ليتحصَّل له الفهم وتمام العلم.

والحمد لله رب العالمين.

قائمة المصادر والمراجع:

الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي سيف الدين علي بن محمد (ت 631هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، (1400هـ = 1980م)، (1/9).

إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن الكناني الحموي الشافعي، تحقيق: وهبي سليمان غاوجي الألباني، دار السلام للطباعة والنشر، مصر، الطبعة: الأولى، (1410هـ – 1990م).

الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني، ط:1، دار الغد الجديد.

البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم المصري، دار الكتاب الإسلامي، الطبعة: الثانية، (3/299).

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، (1406هـ – 1986م)، (3/61).

البيان والتبيين، عمرو بن بحر الجاحظ (المتوفى: 255هـ)، دار ومكتبة الهلال، بيروت-لبنان، (1423هـ)، (2/13).

البيان والتحصيل، ابن رشد القرطبي، تحقيق: د محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، (1408 هـ – 1988 م)، (18/483).

التحبير شرح التحرير في أصول الفقه، علاء الدين المرداوي، تحقيق: د. عبد الرحمن الجبرين، د. عوض القرني، د. أحمد السراح، مكتبة الرشد، السعودية / الرياض، الطبعة: الأولى، (1421هـ – 2000م)، (2/479).

  1. التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، محمد بن عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس، (1984ه)، (1/8).

تلوين الخطاب لابن كمال باشا دراسة وتحقيق، المؤلف: عبد الخالق بن مساعد الزهراني، الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: 33، (1421هـ)، (1/352).

تمهيد الأوائل في تلخيص الدلائل، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (المتوفى: 403هـ)، تحقيق: عماد الدين أحمد حيدر، مؤسسة الكتب الثقافية، لبنان، الطبعة: الأولى، (1407ه=1987م)، (ص:274)؛ وينظر: الاعتقاد، ابن أبي يعلى، المحقق : محمد بن عبد الرحمن الخميس، دار أطلس الخضراء، الطبعة: الأولى، (1423 هـ= 2002)، (1/31).

جامع البيان = تفسير القرطبي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، (1420 ه-2000م)، (2/242).

الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور، ضياء الدين ابن الأثير، (المتوفى: 637هـ)، تحقيق: مصطفى جواد، مطبعة المجمع العلمي، (1375ه).

الخصائص، ابن جني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة: الرابعة، (2/362).

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى بـ (الكاشف عن حقائق السنن)، شرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي (743هـ)، تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي، مكتبة نزار مصطفى الباز، (مكة المكرمة – الرياض)، الطبعة: الأولى، (1417هـ – 1997م)، (2/482).

شرح المعلقات السبع، حسين بن أحمد بن حسين الزَّوْزَني، دار احياء التراث العربي، الطبعة: الأولى، (1423هـ – 2002م).

الشفا بتعريف حقوق المصطفي، عياض بن موسى بن عياض، دار الفيحاء، عمان، الطبعة: الثانية (1407هـ)، (1/262).

لصناعتين، ابن العسكري، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العنصرية، بيروت-لبنان، (1419 هـ ).

الفائق في غريب الحديث والأثر، الزمخشري (المتوفى: 538هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي -محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، لبنان، الطبعة: الثانية، (4/50).

قواعد العقائد، أبو حامد الغزالي، تحقيق: موسى محمد علي، عالم الكتب، لبنان، الطبعة: الثانية، (1405هـ – 1985م).

الكشاف، الزمخشري، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة: الثالثة، ( 1407ه)، (1/13).

لحذف والتقدير في كتاب سيبويه، رسالة دكتوراه لفكري محمد أحمد سليمان، كلية الألسن، جامعة عين شمس، القاهرة، (1988م).

المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ضياء الدين بن الأثير، تحقيق: أحمد الحوفي، بدوي طبانة، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة ـ القاهرة، (3/50).

مسند الإمام احمد ابن حنبل.

المصون في الأدب، الحسن العسكري (المتوفى: 382هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مطبعة حكومة الكويت، الطبعة: الثانية، (1984م).

مغني اللبيب، ابن هشام، تحقيق: د. مازن المبارك / محمد علي حمد الله، دار الفكر – دمشق، الطبعة: السادسة، (1985م)، (2/176).

مفتاح العلوم، يوسف بن علي السكاكي (المتوفى: 626هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة: الثانية، (1407 هـ – 1987م).

مقدمة ابن خلدون، عبد الرحمن بن خلدون، دار العودة ، بيروت-لبنان ، 1981م.

المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (15/203).

الوساطة بين المتنبي وخصومه، القاضي الجرجاني (المتوفى: 392هـ)، تحقيق وشرح: محمد أبو الفضل إبراهيم، علي محمد البجاوي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه.

المجموع شرح المهذب، النووي، دار الفكر، دمشق-سوريا، (7/455).

الهوامش:

  1. – الابتداء، وكذلك الائتناف، وقلت كذا آنفاً وسالفاً، يُنظر: الصحاح تاج العربية وصحاح اللغة، باب: أنف، (4/1332).
  2. – الطلاوة: الحسن، يقال: سمعت كلاما عليه طلاوة، يُنظر: العين، باب: الطاء واللام، (4/453).
  3. – أغدق المطر إغداقاً، فهو مغدق، واغدودق: كثر قطره، يُنظر: تاج العروس، باب: غ د ق، (36/237).
  4. – يُنظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفي، عياض بن موسى بن عياض، دار الفيحاء، عمان، الطبعة: الثانية (1407هـ)، (1/262).
  5. – يُنظر: البيان والتبيين، عمرو بن بحر الجاحظ (المتوفى: 255هـ)، دار ومكتبة الهلال، بيروت-لبنان، (1423هـ)، (2/13).
  6. – يُنظر: البيان والتبيين، (1/219).
  7. – يُنظر: مفتاح العلوم، يوسف بن علي السكاكي (المتوفى: 626هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة: الثانية، (1407 هـ – 1987م)، (ص:251).
  8. – يُنظر: تلوين الخطاب لابن كمال باشا دراسة وتحقيق، المؤلف: عبد الخالق بن مساعد الزهراني، الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: 33، (1421هـ)، (1/352).
  9. – يُنظر: الكشاف، الزمخشري، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة: الثالثة، ( 1407ه)، (1/13).
  10. – يُنظر: المصدر السابق، (3/360).
  11. – يُنظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (1/13).
  12. – يُنظر: المصدر السابق، (1/34).
  13. – يُنظر: المصدر السابق، (3/220).
  14. – يُنظر: الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني، ط:1، دار الغد الجديد، (ص:94-95).
  15. – يُنظر: الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور، ضياء الدين ابن الأثير، (المتوفى: 637هـ)، تحقيق: مصطفى جواد، مطبعة المجمع العلمي، (1375ه)، (ص:98).
  16. – يُنظر: الكشاف، (4/443-444).
  17. – جامع البيان = تفسير القرطبي، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، (1420 ه-2000م)، (2/242).
  18. – يُنظر: التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، محمد بن عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس، (1984ه)، (1/8).
  19. – يُنظر: المصدر السابق، (28/158).
  20. – يُنظر: الحذف والتقدير في كتاب سيبويه، رسالة دكتوراه لفكري محمد أحمد سليمان، كلية الألسن، جامعة عين شمس، القاهرة، (1988م)، (ص249(.
  21. – يُنظر: الكتاب، سيبويه، (1/25).
  22. – يُنظر: مغني اللبيب، ابن هشام، تحقيق: د. مازن المبارك / محمد علي حمد الله، دار الفكر – دمشق، الطبعة: السادسة، (1985م)، (2/176).
  23. – يُنظر: الخصائص، ابن جني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة: الرابعة، (2/362).
  24. – يُنظر: الكتاب لسيبويه، (3/498).
  25. – يُنظر: الخصائص، (2/282-283).
  26. – يُنظر: الخصائص، (2/364).
  27. – يُنظر: شرح المعلقات السبع، حسين بن أحمد بن حسين الزَّوْزَني، دار احياء التراث العربي، الطبعة: الأولى، (1423هـ – 2002م)، (ص:93).
  28. – يُنظر: الخصائص، (2/385).
  29. – يُنظر: مغني اللبيب، (2/272).
  30. – رواه مسلم، باب: كون الإسلام يهدم ما كان قبله، (رقم:54)، (1/112).
  31. – يُنظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى بـ (الكاشف عن حقائق السنن)، شرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي (743هـ)، تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي، مكتبة نزار مصطفى الباز، (مكة المكرمة – الرياض)، الطبعة: الأولى، (1417هـ – 1997م)، (2/482).
  32. – رواه الترمذي، (رقم:2064).
  33. – يُنظر: شرح المشكاة للطيبي، (5/1614).
  34. – قال النووي في الأربعين النووية: حديث صحيح, ورويناه في “كتاب الحجة” بإسناد صحيح، يُنظر: الأربعين النووية، (ص:45).
  35. – شرح المشكاة، (2/636).
  36. – أخرجه مسلم، باب: فضل عائشة ، (رقم: 2438)، (4/1889).
  37. – يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (15/203).
  38. – رواه البخاري، باب: حور مقصورات في الخيام، (رقم:4879)، (6/145).
  39. – يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم، (3/16).
  40. – يُنظر: الفائق في غريب الحديث والأثر، (1/11).
  41. – أخرجه الإمام أحمد في مسنده، (رقم:6521)، (11/72).
  42. – يُنظر: الفائق في غريب الحديث والأثر، الزمخشري (المتوفى: 538هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي -محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، لبنان، الطبعة: الثانية، (4/50).
  43. – يُنظر: الفائق في غريب الحديث، (1/14).
  44. – يُنظر: المصون في الأدب، الحسن العسكري (المتوفى: 382هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مطبعة حكومة الكويت، الطبعة: الثانية، (1984م)، (ص 4-5).
  45. – يُنظر: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ضياء الدين بن الأثير، تحقيق: أحمد الحوفي، بدوي طبانة، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة ـ القاهرة، (3/50).
  46. – المصدر السابق، (2/87).
  47. – يُنظر: الوساطة بين المتنبي وخصومه، القاضي الجرجاني (المتوفى: 392هـ)، تحقيق وشرح: محمد أبو الفضل إبراهيم، علي محمد البجاوي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، (ص:34).
  48. – يُنظر: الصناعتين، ابن العسكري، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العنصرية، بيروت-لبنان، (1419 هـ )، (ص:16).
  49. – يُنظر: المصدر السابق، (ص:269).
  50. – يُنظر: التحبير شرح التحرير في أصول الفقه، علاء الدين المرداوي، تحقيق: د. عبد الرحمن الجبرين، د. عوض القرني، د. أحمد السراح، مكتبة الرشد، السعودية / الرياض، الطبعة: الأولى، (1421هـ – 2000م)، (2/479).
  51. – يُنظر: الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي سيف الدين علي بن محمد (ت 631هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، (1400هـ = 1980م)، (1/9).
  52. 3- يُنظر: مقدمة ابن خلدون، عبد الرحمن بن خلدون، دار العودة ، بيروت-لبنان ، 1981م، (ص:360).
  53. – يُنظر: البيان والتحصيل، ابن رشد القرطبي، تحقيق: د محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، (1408 هـ – 1988 م)، (18/483).
  54. – يُنظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني، دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، (1406هـ – 1986م)، (3/61).
  55. – يُنظر: المجموع شرح المهذب، النووي، دار الفكر، دمشق-سوريا، (7/455).
  56. – يُنظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم المصري، دار الكتاب الإسلامي، الطبعة: الثانية، (3/299).
  57. – يُنظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (3/105).
  58. – يُنظر: تمهيد الأوائل في تلخيص الدلائل، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (المتوفى: 403هـ)، تحقيق: عماد الدين أحمد حيدر، مؤسسة الكتب الثقافية، لبنان، الطبعة: الأولى، (1407ه=1987م)، (ص:274)؛ وينظر: الاعتقاد، ابن أبي يعلى، المحقق : محمد بن عبد الرحمن الخميس، دار أطلس الخضراء، الطبعة: الأولى، (1423 هـ= 2002)، (1/31).
  59. – أخرجه الطبراني في الأوسط، (رقم:124622)، (8/306).
  60. – يُنظر: قواعد العقائد، أبو حامد الغزالي، تحقيق: موسى محمد علي، عالم الكتب، لبنان، الطبعة: الثانية، (1405هـ – 1985م)، (ص:127).
  61. – يُنظر: إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن الكناني الحموي الشافعي، تحقيق: وهبي سليمان غاوجي الألباني، دار السلام للطباعة والنشر، مصر، الطبعة: الأولى، (1410هـ – 1990م)، (ص:63).
  62. – يُنظر: تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء، ابن خمير، (ص:142)