أساليب الكلام العربي بين الدَّرس التّراثي وعلم اللغة الحديث

OMAR MUHAMMEDSADIK1 Dr. Öğr. Üyesi SELİM TEKİN1

1 جامعة كوتاهيا دوملوبينار، تركيا. Kütahya Dumlupınar Üniversitesi

HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/28

تنزيل الملف

تاريخ النشر: 01/12/2023م تاريخ القبول: 15/11/2023م

المستخلص

تناول البحث أساليبَ الكلام العربيّ بين التراث وعلم اللغة الحديث، ومفهوم التداولية، ونظرية أفعال الكلام، إذ قسَّمت البحث إلى مقدمةٍ ذكرت فيها موضوع البحث وأسبابه والخطة المتَّبعة فيه، وأربعة مباحث، ذكرت في المبحث الأول: مفهوم التداولية، وفيه نقطتان هما نظرية أفعال الكلام، وجذورها العربية، أما المبحث الثاني: تحدثت فيه عن أساليب الكلام العربي في الدرس التراثي، أما الثالث: تمحور حول أساليب الكلام العربي في علم اللغة الحديث، أما المبحث الرابع: فهو عبارة عن نقدٍ وتوجيهٍ عامٍّ حول البحث، ثم انتقلتُ إلى الخاتمة وتوصّلت فيها إلى بعض النتائج المستوحاة من ثنايا البحث، وانتهى البحث بذكر المصادر والمراجع التي تمَّ الرجوع إليها لجمع المعلومات حول ما تم كتابته، وتمت الاستعانة بالمنهج الوصفي التحليلي لوصف وتحليل الأبعاد التراثية والمحدثة لأساليب الكلام العربي، وكان الغرض من هذا البحث إبراز الجذور التراثية العربية للأساليب الكلامية، ومن ثم مقاربتها بجهود المحدثين. ولتحقيق هذا الغرض ارتأيت أن أستعين بالمنهج الوصفي التّحليلي القائم على وصف كل القضايا المعرفية، التي تعالج الجانب التداولي من جهة وأساليب الكلام العربي من جهةٍ أخرى، سواءً في بعدها التراثي أو الحداثي.

الكلمات المفتاحية: الكلام، الأفعال، أساليب، التراث، المحدثين، الخبر، الإنشاء، تمام حسان

مقدّمة

الحمد لله الكريم الرحمن الرحيم، الذي علم القرآن خلق الإنسان علَّمه البيان وخصّ وميَّز نبيه بالفصاحة، وآتاه الحكمة وأسرار البلاغة وفصل الخطاب. أمَّا بعد:

فإنَّ الله سبحانه وتعالى خصَّنا بأرفع العلوم وأنفعها، والتي من بينها العلوم اللسانية واللغوية، فقد كانت اللغة وما زالت مدار اشتغال الباحثين في شتّى التخصّصات بالنظر إلى طبيعتها التواصليّة، لذلك اهتمت الدّراسات اللسانية منذ نشأتها بدراسة اللغة ووصفها بمختلف المناهج والوسائل، وهذا ما تجلَّى في التيار التداولي الذي اهتم بكيفية استخدام العلامات اللغوية وكذلك البحث عن عوامل تجعل من الخطاب عملية تواصلية، وعدت التَّداولية علماً له مناهجه واتجاهاته، فقد ركزت في دراسة الأساليب الكلامية والآثار الدلالية المقترنة بالسياق المقامي، ويتجلى اهتمام التداولية باللّغة من خلال التركيز على طريقة الاستعمال وربطها بخطة الانجاز، ومدى تأثيرها في السامع ، فهي تعتمد على (الافتراض المسبق والاستلزام الحواري والإشاريات، والأفعال الكلامية)، وهذه الأخيرة تشكل النقطة المركزية للنظرية لذلك اخترت أن تكون (الأساليب الكلامية) هي المحور الرئيس للبحث، إذ إنّ دراسة هذه الأساليب تعدّ من أهم مجالات الدراسات التّداولية، وذلك بوصفها تمثّل البنية الصغرى التي يتعيّن تحليلها والوقوف عند طبيعتها قبل الانتقال إلى البنية الكبرى التي تتمثل في مختلف أنواع التبادل الكلامي في مجتمع من المجتمعات.

ولهذا اخترت أن يكون موضوع بحثي “أساليب الكلام العربي بين الدَّرس التّراثي وعلم اللغة الحديث“. وسأحاول فيه الإجابة على بعض التساؤلات المتمثِّلة في:

  1. ماهي التداولية، ونظرية أفعال الكلام؟
  2. هل ثمّة تقاطع بين أساليب الكلام في التراث وعلم اللغة الحديث؟
  3. كيف تعامل العرب المحدثون مع أساليب الكلام، أو هل أتوا بالجديد في هذا المجال؟

كما اعتمد بحثي على مصادرَ ومراجع عدة، أهمّها: كتاب “دلالة السياق” لـردَّة الله الطَّلحيّ، “التّداولية عند العلماء العرب” لمسعود صحراوي، ” آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر” لمحمود نخلة، كتاب “اللغة العربية معناها ومبناها” لتمّام حسَّان، كتاب “في أصول الحوار وتجديد علم الكلام” لطه عبد الرحمن.

وأخيراً أحمد الله تعالى الذي وفّقني في عملي هذا، فإن أصبت فبتوفيقٍ من الله، وإن أخطأت فمن نفسي وحسبي أنّي اجتهدت.

  1. التّداولية
    1. التداولية لغةً:

لقد أخذت المعاجم اللغوية مفهوم التداولية بالشرح الكافي وبعد الاطلاع على بعض منها وجدناها في لسان العرب لابن منظور على هذا التعريف.

إذ جاء في لسان العرب لابن منظور:

“تداولنا الأمر: أخذناه بالدُّل، وقالوا: دواليك أي مداولة على الأمر، قال سيبويه: وإن شئت حملته على أنه وقع في هذه الحال، ودالت الأيام أي دارت، والله يداولها بين الناس، وتداولية الأيدي: أخذته هذه مرة وهذه مرة، وتداولنا العمل والأمر بيننا: بمعنى تعاوناه فعمل هذا مرة وهذا مرة”.[1]

بمعنى أنَّ التداولية هي فرعٌ لسانيٌّ يعنى بدراسة الظاهرة اللغوية بمجال الاستعمال، وتدّل التعاريف اللغوية للتّداولية على التغيير والتحول والانتقال في جلّها كما نجدها في أغلب المعاجم.

2.1. التداولية اصطلاحاً:

فتحت التداولية حقلاً ضخمًا، ضم تخصصّات ونظريات وأفكار مختلفة، ذات مشارب ومستويات متعددة، من بين هذه التخصصّات: الفلسفة، علم النفس، علم الاجتماع، اللسانيات والبلاغة، السيمياء … الخ.

وقد تداخلت هذه النظريات وامتزجت بطريقة فوضوية، ما نتج عنه إشكالات كثيرة يصعب حصرها وتنظيمها، وذلك جعل من التداولية كيانًا غامضًا غموض معظم مصطلحاته ومفاهيمه، حتى إن بعض الباحثين يفضل مصطلح “تداوليات” بصيغة الجمع بدل “التداولية” بصيغة المفرد، ربما أدركوا صعوبة توحيد التداولية ومناهجها ولا حتى أهدافها.[2]

وتعدّ التداولية علماً جديداً للتواصل، تطورت في السبعينات من القرن العشرين، وقد ظهرت ردًا على ما كان من قصور في المناهج والنظريات اللسانية السابقة كالبنيوية، والتوليدية التحويلية وغيرها من المناهج اللغوية التي ركّزت في دراستها على الجانب الشكلي للغة وعزلها عن سياقها الثقافي والاجتماعي وإهمالها للظروف النفسية والاجتماعية والمخاطب.[3]

وتعرف التداولية – كذلك – بأنها دراسة المنجز اللغوي أثناء الاستعمال، أي دراسة اللغة عند استعمالها في الطبقات المقامية المختلفة بوصفها كلامًا محدداً صادرًا من متكلم محدّد وموجها إلى مخاطب محدد بلفظ محدّد في مقام محدّد لتحقيق غرض تواصلي محدّد، فهي إذن تهتم بدراسة اللغة في حيّز الاستعمال وهي بالتالي تتجاوز المعاني الوضعية للمفردات والمتعلّقة بالبنية والدّلالة إلى معانٍ أخرى تكتسبها من السياق بنوعيه، (السياق الداخلي والسياق الخارجي)، ممثّلاً في المقامات التي ينجز فيها الخطاب.

كما أنّ أقرب حقل معرفي في منظورها هو “اللّسانيات” وإذا كان الأمر كذلك، فإنّه من المشروع البحث في صلة هذا العلم التّواصلي الجديد باللّسانيات وبغير اللّسانيات من الحقول المعرفية الأخرى، التي يشترك معها في بعض الأسس المعرفية، نظرية كانت أم إجرائية، وذلك قبل وضع تعريف للتداولية أو تحديد مفهومها، ومن ثم ترى أنه من الواجب التساؤل عن المعيار الذّي يكون أساسًا في تحديد “مفهوم التداولية”، فعلى أيّ معيار نحدّد هذا المفهوم؟ هل نحدّده بناءً على معيار البنية اللغوية وحدها؟ إنّ هذه الصّيغ يجعلها مساوية للّسانيات البنيوية فلا يكون هناك أيّ فرق بينهما، وليس هذا ما تقوله البحوث التداولية! هل نحدّده على معيار الاستعمال اللّغوي وحده؟

هذا الضابط فيه إقرار بأنّه لا صلة تذكر بينه وبين البنية اللّغوية، وهو ما يخالف أيضًا النتائج التي انتهت إليها آخر الأبحاث التداولية، هل نحدّده بناءً على تعلق البنية اللّغوية بمجال استعمالها؟[4]

إذن، فالتداولية ليست علمًا لغويًّا محضًا، بالمعنى التقليدي، علمًا يكتفي بوصف وتفسير البنى اللّغوية ويتوقف عند حدودها وأشكالها الظّاهرة، ولكنها علمٌ جديدٌ للتّواصل يدرس الظواهر اللّغوية في مجال الاستعمال، ومن ثمّ مشاريع معرفية متعدّدة في دراسة ظاهرة “التّواصل اللغوي وتفسيره”.

وعليه فإنّ الحديث عن “التداولية” وعن “شبكتها المفاهيمية” يقتضي الإشارة إلى العلاقات القائمة بينها وبين الحقول المختلفة؛ لأنها تنبني بانتمائها إلى حقول مفاهيمية تضمّ مستويات متداخلة، كالبنية اللّغوية وقواعد التخاطب، والاستدلالات التداولية والعمليات الذهنية المتحكّمة في الإنتاج والفهم اللّغويين وعلاقة البنية اللّغوية بظروف الاستعمال.[5]

فنحن نرى أنّ التداولية تمثل حلقة وصل مهمة بين حقول معرفية عدة، منها: الفلسفة التحليلية ممثلّة في فلسفة اللّغة العادية، ومنها علم النفس المعرفي ممّثلاً في: “نظرية الملائمة” على الخصوص ومنها علوم التّواصل، ومنها اللّسانيات بطبيعة الحال.[6]

يبدو مصطلح “التداولية” على درجة من الغموض، إذ يقترن به في اللّغة الفرنسية المعنيان التّاليان “ممسوس” و “ملائم للحقيقة” وأما في الانجليزية تدلّ في الغالب على “ما له علاقة بالأعمال والواقع الحقيقة”، إنّ الحقل الذّي فتحه هذا الاختصاص العلمي المسمى بالتداولية. يعد علمًا ضخمًا غامضًا إذ توضع فيه الأعمال الهامشية التي لا تنتمي إلى الاختصاصات المؤسّساتية، وهي اللّسانيات وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا.

إذن، التداولية تعنى بوصف العلاقات القائمة بين المرسل والمرسل إليه في إطار عملية التّواصل كما تعنى بالحدث اللّغوي بوصفه تعابير مدرجة في عملية التخاطب، وكلّ هذا يفرض مسبقًا وجود الأبعاد التركيبية والدلالية للعملية السيمائية، فالأهم في عملية الاتصال هو الشّكل الذي يقوم المرسل من خلاله بإفهام المرسل إليه ما يريد إيصاله إليه باللّجوء إلى سلاسل من العلامات وبعبارة أخرى هو مجموعة من البحوث المنطقية اللّسانية ، وهي كذلك الدراسة التي تعنى باستعمال اللّغة، وتهتم بقضية التلاؤم بين التعابير الرّمزية والسياقات المرجعية والمقامية والحديثة والبشرية، وإنّ مصطلح التداولية تتقاذفه مصادر معرفّية مختلفة لأنّه ملتقى لمصادر وأفكار وتأمّلات يصعب حصرها.

وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بين الدّارسين حول التّداولية وتساؤلاتهم عن القيمة العلمية للبحوث التداولية وتشكيكهم في جدواها، فإنّ معظمهم يقرّ بأنّ قضيّة التّداولية هي “إيجاد” القوانين الكليّة للاستعمال اللّغوي والتعرّف على القدرات الإنسانّية للتواصل اللّغوي.[7]

من هذا المنظور يعد الدّرس التداولي ثريًا جدًا، وذلك بما يقدمه من إجراءات عملية، سواء على مستوى الاستعمال اللّغوي الطبيعي أو على مستوى الخطاب الأدبي، حيث يحدد هذا المصطلح في مساحة واسعة من مساحات الدرس اللّغوي الحديث. وامتد ليتصل بدراسات أخرى لها صلة بالمنطق والسيمياء وعلم اللّغة الاجتماعي وغيرها.

ومن ثم فالتداولية تعنى بدراسة:

  • كيفية تسيير الأقوال المستعملة، أو اعتمادها على المعرفة بالعالم الواقعي المحيط بالنص.
  • كيفية فهم المتحدثين للأحداث الكلامية.
  • كيفية تأثر تركيب الجمل بالعلاقة بين المتحدث والسامع.[8]

من هنا أوجز تعريف للتداولية وأقربه إلى القبول هو : دراسة اللّغة في الاستعمال أو في التواصل، لأنّه يشير إلى أنَّ المعنى ليس شيئًا متأصلاً في الكلمات وحدها، ولا يرتبط بالمتكلم وحده، ولا السامع وحده، فصناعة المعنى تتمثل في تداول اللغة بين المتكلم والسامع في سياق محدد (مادي، اجتماعي، ولغوي) وصولاً إلى المعنى الكامن في كلامٍ ما ، فإذا قال شخص ما : “أنا عطشان” فقد يكون المراد (احضر لي كوبًا من الماء) وليس الوارد إخبار المتكلم السامع بأنه عطشان، فالمتكلم كثيرًا ما يعني أكثر مما تقوله كلماته، ومن ثم كانت التداولية تبحث في كيفية اكتشاف السامع لمقاصد المتكلم[9].

من هذا المنطلق نصل إلى القول بأنّ “التداولية” قد شكلت مرحلة مهمة في مسار اللّسانيات، وهي المرحلة التي دشنها “هيمس Hymes ” عالم الأجناس الأمريكي. والذي قام بهجومٍ عنيفٍ على التصور التجريدي الذي انحصر فيه البحث اللّساني، سواء مع رائد اللّسانيات ” دي سوسير de Saussure” الذي حصر موضوع تنظيره في اللّغة دون الكلام، أو صاحب النظرية التوليدية التحويلية ” تشومسكي Chomsky “ الذي قصر موضوع تنظيره على القدرة اللّغوية دون الكلام أو الأداء الفعلي، وهكذا افتتح “هيمس” وعلماء الاجتماع من بعد اتجاهًا جديدًا للدّراسات اللّغوية يقوم على ما أصبح يعرف اليوم بـ ” القدرة التبليغية”.

بهذا الانتقال المشهور لـ “هيمس” أعيد الاعتبار للنظريات السياقية التي دخلت في مجال اللّسانيات بقوة نحو ” نظرية أفعال الكلام”.

    1. نظرية الأفعال الكلامية:

إنَّ جهود النحاة والبلاغيين والأصوليين في دراستهم للأساليب العربية من خبر وإنشاء، وتطبيقهم لمعانيها على موضوع بحثهم، وما نجم عن ذلك من ظواهر أطلق عليها في عصرنا (أفعالاً كلامية) في ضوء الرؤية التداولية المعاصرة إذ تعدُّ نظرية الأفعال الكلاميّة من أهم النظريات الحديثة التي شغلت الباحثين فإذا اعتبرنا التداولية هي فنّ الاستعمال اللغوي فإنّ الأفعال الكلاميّة في الدّرس اللغوي هي جوهر الاستعمال ولبّه، وقد اعتبرت من أهم مجالات التداولية. فالفعل الكلامي عند “أوستين” هو التصرّف الاجتماعي المؤسساتي الذي ينجزه الإنسان بالكلام كالأمر والنهي وغيرها، والتي تعتبر أغراضاً تواصليّة ترمي إلى صناعة مواقف اجتماعيّة أو فرديّة، ومن هنا فاللغة ليست أداةً للتواصل ولا رموزاً للتعبير عن الفكر، بل هي أداةٌ للتعبير عن العالم وصنع أحداثه والتأثير فيه.[10]

وممّا سبق يمكننا القول: إنَّ “أوستين Austin “ وضع “نظرية الأفعال الكلامية“، وقد ميز بين نوعين من الأفعال اللغوية.

  • أفعال إخبارية:

تتمثّل في جملة يمكن أن تتَّصف بالصدق أو الكذب، وذلك من خلال مطابقتها للواقع للحصول على صحتها وتأكيد صدقها.

وهذا ما آلَ إليه محمود نخلة إذ أشار إلى: “أنّها جملٌ تخبر عن وقائع العالم الخارجي وهي توصف بالصدق أو الكذب فقولنا مثلاً: الشمس تشرق من الشرق. فعلٌ إخباريٌ يتأكد صدقه؛ لمطابقته للواقع وقولنا: الأرض ثابتة لا تدور. فعلٌ إخباريٌّ كاذبٌ؛ لأنَّه مخالفٌ للواقع”،[11]بوصفها جملةً خبريّةً يُشترط فيها كل من المسند والمسند إليه (المخاطب والمستمع) هما شرطان أساسيان في تكوين الجملة الخبرية.

“إنَّ الجملة الخبريّة أنموذجٌ يسود فيها التمييز بين المسند والمسند إليه، فالمسند إليه صورة المركب الاسمي، أمّا المسند يدرج بفعل مصرّف مع فاعله (المتكلم والمخاطب)، حيث تكون خاصية العمل أنك تقول شيئاً ما عن شيء ما وأنها تحقق أخباراً، فللإخبار صورتان صورة موجبة، هي الإثبات، أما الصورة الثانية هي سالبة وهي الإنكار، لكنَّ طبيعة هذا العمل في إجمالها تمثّل حكماً بالصدق والكذب حالة الأشياء التي تمثلها الجملة”.[12]

  • أفعال أدائية أو إنشائية (إنجازية):

تتمثّل في الأفعال التي لا تصف الواقع، ولا نصفها بالصادقة والكاذبة، بل تذهب إلى معنى آخر وهو الإخفاق والنجاح أو التوفيق.

إنَّ نخلة ارتقى إلى أنَّ الأفعال الإنشائية: “هي التي ينطق بها المتكلم إذا أنجز فعلاً عكس النوع الأول الذي ينفي عنها الصدق والكذب”.[13]

وهي أفعال لا تصف الواقع ويحكم عليها بمعايير هي النجاح والتوفيق والإخفاق ويسمي (أوسيتن) هذه الأقوال بالأفعال الإنشائية.

ولا مناص من الاعتراف بأنَّ (نظرية أفعال الكلام) هي من بين أولى النظريات التي حاولت دراسة العلاقة بين اللّغة والاستعمال، والوقوف عند الإطار الذي يشمل كل ما له علاقة بالمؤشرات السياقية التي تخدم العملية التواصلية والقضايا المادية التي تحيط بها، كما مهدت لذلك العديد من المناهج والمدارس النقدية الحديثة التي أسّست لمفهوم التأويل والقصد، لذلك تظل هذه النظرية تمثل طفرة جديدة وعتبة استطاعت من خلالها الآداب أن تتخطى الكثير من العقبات التي وصلت إليها من قبل مدرسة النقد الجديد.[14]

ومن هنا نستنتج أنَّ “نظرية الأفعال الكلاميّة” حقلاً من الحقول اللسانية “التداولية”، وحتى إن توسعت الدّراسات التداولية وتفرعت منها نظريات عدة، فإنَّ نظرية الأفعال الكلامية من أهم الركائز الأساسية التي تنبني عليها التداولية بوصفها تياراً لسانياً يبحث في القدرة التّواصلية للمتكلم والمتلقي على حدٍّ سواء.

    1. الجذور العربية لنظرية أفعال الكلام:

تمتدُّ جذور هذه النظرية في التراث العربي، فقد وجدت لدى علمائنا القدماء على اختلاف مشاربهم وتخصصاتهم (أصوليين، بلاغيين، نحاة)

  • الأصوليون:

قسموا الأفعال الكلامية إلى ثلاثة أصناف: الأفعال الكلامية المنبثقة عن “الخبر”، الأفعال الكلامية المنبثقة عن “الإنشاء”، “ألفاظ العقود والمعاهدات”.

  1. الأفعال الكلامية المنبثقة عن الخبر:

تقسيم الآمدي: (ت 631ه).

تأثر “سيف الدين الآمدي” بقسمة العلماء المتقدمين عليه للخبر فقد قسمه “الجاحظ” قسمان حسب ما أورده “سعد الدين التفتازاني” (ت 255هـ)، فهو عنده إمّا صادق وإمّا كاذب، فالصادق ما كان مطابق للواقع مع اعتقاد المتكلم أنَّه مطابق والكاذب ما كان غير مطابق للواقع مع اعتقاد المتكلم أنه غير مطابق، وأضاف صنفاً ثالثاً يُعرف بأنَّه لا صادق ولا كاذب وهذا التقسيم الثّلاثي ناشئ عن اعتماد “الجاحظ” لمعيار تداولي في التصنيف هو: (اعتقاد المتكلم وقصده [15] (

  1. الأفعال الكلامية المنبثقة عن الإنشاء:

فكما استثمر الأصوليون ظاهرة ” الخبر “في استنباط ظواهر جديدة أو أفعال كلامية منبثقة قاموا بنفس الصّيغ مع ظاهرة “الإنشاء” فاستنبطوا منها وفرّعوا عنها ظواهر وأفعال كلامية جديدة منبثقة عن الأصلية فكلها تجدها عند غيرهم من الذين بحثوا في علم المعاني.[16]

والإنشاء هو مقابل الخبر أي إنّه: قولٌ لا يوصف صاحبه بصدقٍ ولا بكذب، كأن نقول لإنسان “قف”، فهذا أمر لا يقال لقائله صادق ولا كاذب، وهو نوعان: طلبي (الأمر، النهي، الاستفهام، التمني، النداء)، وغير طلبي (التعجب، المدح، الذم، القسم)، ولكل نوع من هذه الأنواع صوره وأنواعه وأغراضه البلاغية.[17]

. وما يميّز بحث الأصوليين لهذه الظاهرة الأسلوبية الكلامية أنَّهم جعلوها متنقلة بين الخبر والإنشاء بحسب السياق وقصد المتكلم وغرضه من المخاطب، الاستفهام الخبري نفي وإثبات في الوارد لنفي يسمى “استفهام إنكاري” والوارد الإثبات يسمى”استفهام تقرير”. أمَّا الاستفهام “الإنشائي” فقد قسَّمه الأصوليون إلى أصناف كثيرة حسب مقاصد المتكلمين ومرادهم من السامعين[18]، من أهمها: التحضيض، التحذير، التنبيه، الترغيب، واستدلوا على كل منها بعدد من الأدلة في القرآن الكريم.

3. ألفاظ العقود والمعاهدات:

إنَّ الصيغ الإنشائية المسماة “بألفاظ العقود” هي التي تصاغ بها العقود والمعاهدات في التراث النحوي والبلاغي، والتي لم تنل حقها من الدراسة والاهتمام إلَّا عند بعض الأصوليين، أمثال: (العرافي، الإسنوي، الآمدي)، وقد تطرقوا للظاهرة في ثنايا تنظيراتهم الأصولية ومناقشاتهم الفقهية، ومن بين تلك القضايا التداولية المبثوثة في كتبهم نجدها تتعلّق بإجراء المعاملات العامة، كالزواج والطلاق والبيع …. إلخ.

وقد تطرَّقوا إلى موضوعاتٍ عدَّة، منها:

1ـ ألفاظ وصيغ الطلاق.

2ـ القصد والنية في فعل الطلاق.

3ـ الصراحة والكناية في لفظ الطلاق.

ومن الملاحظ على علماء الأصول أنهم انطلقوا في دراستهم للأفعال الكلامية من نصوص دينية وفقهية، واستنبطوا أفعالاً كلاميّةً جديدةً من الأساليب الخبرية، كالرواية والشهادة والوعد والوعيد، وأفعالاً أخرى من الأساليب الإنشائية، كالاستفهام والتعجب، واهتموا في دراستهم بالمقاصد والأغراض لا بالصيغ البنائية لتلك الألفاظ.[19]

  • البلاغيون:

لقد قسّم ” البلاغيون ” الكلام إلى أفعالٍ كلاميّةٍ مباشرةٍ وغير مباشرة.

  1. الأفعال الكلامية المباشرة:

إنَّ التخاطب يتأسّس على تأدية المتخاطبين لأفعال الكلام، لذلك أحاط العرب بظاهرة الأغراض أو الأساليب الإنشائية إحاطةً شاملة ونظامية، إذ يرى البلاغيون أنَّ ثنائية الخبر والإنشاء هي الأصل في اللغة، أما ما يتفرع عنها من أساليب قد تبدو خبرية، ولكنها إنشائية في المضمون فهي فروع، مثل:

“رحمك االله” التي تقال لشخص عطش والتي تبدو إخبارًا ولكنها تعني “الدعاء” (أدعو الله أن يرحمك)[20]. فحسب “مسعود صحراوي “في كتابه” التداولية عند العلماء العرب” سلك الأصوليون والبلاغيون منحى واحد في دراستهم للأفعال الكلامية، وقد قسموها إلى النوعين السابق ذكرهما.

2. الأفعال الكلامية غير المباشرة:

يقول أحمد المتوكل: ” وتمتاز اقتراحات السكاكي في (مفتاحه) عن باقي ما ورد في وصف الظاهرة بأنها تجاوز الملاحظة الصرف وتحمل أهم بذور التحليل الملائم للظاهرة، أي التحليل الذي يضبط علاقة المعنى الصريح بالمعنى المستلزم مقاميا ويصف آلية الاستعمال من الأول إلى الثاني بوضع قواعد استلزامية واضحة، هذا بالإضافة إلى ميزة أخرى وهي أن تقعيد ” السكاكي ” وارد مؤطر داخل وصف لغوي شامل يطمح لتناول جميع المستويات اللغوية (أصوات، صرف، نحو، دلالة، … إلخ)”[21].

“عندما قسم الكلام إلى خبر وانشاء فقد وضع لكل قسم منهما شروط مقامية تتحكم في انجازه فبالنسبة للخبر يمكن ما أجري الكلام على غير أصله أن يخرج عن قصده إلى أغراض مختلفة كالتلويح والتجهيل وغيرها، أما بالنسبة للطلب فإنَّ أنواعه الأصلية تخرج إذا أنجزت في مقامات تتنافى وشروط إجرائها على الأصل إلى أغراض فرعية تناسب هذه المقامات كالابتكار والتوبيخ والتهديد” [22].

وإنَّ جهود علماؤنا القدامى من البلاغيين خاصة ًواضحة في هذا المجال) الأفعال الكلامية غير المباشرة) ونذكر من هؤلاء ” السكاكي ” و ” الجرجاني ” اللذين أدخلا ما يسمى (الاستدلال المنطقي) في تحليل اللغة عامةً وفي علم البلاغة خاصةً.

  • النحاة:

لقد أسهم بعض النحاة في صناعة بعض مقولات ومفاهيم (علم المعاني) وتطبيقها في مجال بحثهم النحوي على مستوى الجملة، فهم تقبلوا تقسيم الكلام إلى (خبر وإنشاء) ولكنهم نقلوه من تقسيم للكلام إلى تقسيم للجملة فصنفوا الجملة أسلوبيًا إلى صنفين: (الجملة الخبرية، والجملة الإنشائية). ولم يخالف تقسيمهم إلا ” رضي الدين الإسترابادي ” الذي قسَّم الجملة إلى (خبرية، إنشائية طلبية (.

أمّا جمهور النحاة فقد أخذوا بالتقسيم الثاني المشهور فرأوا أنَّ الجملة تدل على معنى أساسي واحد، هو نسبة مضمون المسند إلى المسند إليه، فإذا قصد المتكلم الكشف والإنباء عن ثبوت تلك النسبة من عدمه كانت جملة خبرية إمّا صادقة أو كاذبة، أمّا إذا قصد إيجاد النسبة الخارجية وإنشائها في الواقع فتكون الجملة حينئذ إنشائية.[23]

جاء فيما بعد علماء أكثر اهتماماً بالمنحى التداولي في الأساليب العربية مثل: “عبد القاهر الجرجاني “و” الرضي الإسترابادي”. ومن معاني الأساليب وأغراضها نذكر: التوكيد الذي حدد الغرض منه في ثلاثة أشياء:

أحدهما: أن يمنع المتكلّم الغفلة عن السامع.

ثانيهما: أن يدفع ظنَّه بالمتكلم الغلط.

ثالثهما: أن يدفع عن نفسه ظن السّامع به تجاوزاً.[24]

بهذا الشكل وصف للمعنى والطريقة التي أُدِّي بها الكلام فيحمل الطريقة والهدف (الغرض)

  1. أساليب الكلام العربي في الدرس التراثي

إنَّ للكلام العربي معانيَ هي المعاني العامة التي توصف بها الجمل والأساليب، وهي أحد الأسس التي ينبني عليها النظام النحوي في اللغة العربية،[25]ويطلق عليها معاني الكلام ،أو أقسامه، كما يطلق عليها مصطلح الأسلوب بوصفه يعني الطريقة التي تصاغ بها الجملة لتؤدي معناها العام ، وهذه الطريقة تحمل إضافة إلى المعنى المفرد المعجمي ، ومعنى العلاقة التركيبية فيما بين كل متطالبين نحوياً معنى تركيبيا عاماً هو نتيجة اختلاط هذه المعاني كلها ليخرج منها المعنى العام الذي يقف بإزاء أغراض الكلام ، وقصدية المتكلم ، وحال المخاطب لينقسم تبعاً لهذه الأخيرة إلى أقسام متنوعة ، أو أساليب متعددة ، فالأسلوب منه التي أسماها القدماء( معاني الكلام )، ويقال عنها أسلوب الخبر، وأسلوب الاستفهام ، وأسلوب التوكيد ،وأسلوب الشرط …إلخ .

وهناك آراء شتى للنحاة في أقسام الكلام باعتبار معناه العام، فقد ذهب قطرب إلى أنَّ ” أقسام الكلام أربعة: خبر، واستخبار وهو الاستفهام، وطلب، ونداء، فأدرج الأمر والنهي تحت الطلب “.[26]

أما الأخفش الأوسط (215) فذهب إلى أن ” معاني الكلام ستة، وهي محيطة بالكلام: خبر، واستخبار وهو الاستفهام، ودعاء نحو: يا زيدُ، ويا عبدَ الله، وتمنٍّ، نحو: ليت زيداً أتانا، وألا ماءً بارداً، وأمرٌ، نحو قولك: أقبِلْ وأدبِرْ، وطلب وهو بصيغة الأمر، كقولك للخليفة: أجزني، انظر في أمري، فالأمر لمن هو دونك، والطلب إلى من أنت دونه “[27].

وذهب أبو العباس ثعلب (291) الذي يطلق على معاني الكلام مصطلح ” قواعد الشعر”،” أنها أربعة: أمر، ونهي، وخبر، واستخبار”[28].

وذكر أبو سعيد السيرافي (368) عدداً من أقسام الكلام من الناحية المعنوية، “، هي: الإخبار، والاستخبار، والعرض، والتمني، والنهي، والحض، والدعاء، والنداء، والطلب “[29].

وقال ابن فارس: “وهي عند بعض أهل العلم عشرة: خبر، واستخبار، وأمر ونهي، ودعاء، وطلب، وعرض، وتحضيض، وتمنٍّ، وتعجب”[30].

قال ابن فارس أيضاً: ” وأهل النظر يقولون: الخبر ما جاز تصديق قائله أو تكذيبه، وهو إفادة المخاطب أمراً في ماضٍ من زمانٍ أو مستقبل أو دائم، نحو: (قام زيدٌ) و (قائمٌ زيدٌ)”.[31]

أما معاني أو أساليب الكلام التي ذكرها كل من ابن السيد والسيوطي، ” هي: الخبر، والاستخبار، والطلب، والأمر، والنهي، والتصريح، والتضرع، والتمني، والمسألة، والتشفع، والتعجب، والقسم، والشرط، والوضع، والشك، والنفي، والجحود، والإغلاظ، والتلهف، والاختبار، والتشبيه، والمجازاة، والدعاء، والاستثناء، والعَرض، والتحضيض، والرغبة، والإباحة، والندب، والترجي “[32].

أما ابن قتيبة (276): ” الكلام أربعة: أمرٌ، وخبرٌ، واستخبارٌ، ورغبة، ثلاثة لا يدخلها الصدق والكذب، وهي الأمر، والاستخبار، والرغبة، وواحد يدخله الصدق والكذب وهو الخير “.[33]

ونقل ابن قتيبة أيضاً عن أبرَوِيز قوله:” إنما الكلام أربعة: سؤالك الشيء، وسؤالك عن الشيء، وأمرك بالشيء، وخبرك عن الشيء”[34].

ويذهب الرضيّ إلى أن ” الجملة تنقسم إلى خبرية وإنشائية، ثم الإنشائية إلى طلبية وإيقاعية، وجع أقسام الطلبية الأمر والنهي، والاستفهام والتمني والعرض، أما الإنشائية فمثَّل لها بنحو: بِعْت وطلقت، وأنت حر، وهي الإيقاعية في تقسيمه الأول “.[35]

ممّا تقدم يظهر لنا أنَّ النحاة كانوا يرون الخبر قسيماً لكل واحد من هذه الأقسام المذكورة؛ بدليل أن بعض هذه الأقسام هي أساليب نحوية أو بلاغية لا تنتمي إلى الخبر أو الإنشاء كالتشبيه والاستثناء.

“ومعتمد النحاة والبلاغيين في تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء إنما هو قابلية الكلام للصدق والكذب؛ بمعنى إن كانت نسبة الكلام توافق نسبة خارجية صدقاً أو كذباً فهو الخبر، وإلا فهو الإنشاء”.[36]

  1. أساليب الكلام العربي في علم اللغة الحديث

برأينا أنَّ أفضل ما أنجز في مجال نظرية الأفعال الكلامية عند العرب المحدثين، والتي تميزت بخضوع أصحابها للدقة والصرامة العلميتين مجموعةٌ من الدراسات أولها عمل الدكتور” أحمد المتوكل” كتابه الذي في الأصل أطروحة نال بها شهادة الدكتوراه بجامعة محمّد الخامس.

ففي مجال نظرية الأفعال الكلامية أشار” المتوكل” في دراسة إلى اتفاق العرب القدامى على اختلاف مشاربهم على تمييز الإنشاء من الخبر، فقد كان هناك اتجاهان في دراسة هذه الأساليب. اتّجاهٌ نحويٌّ، ثم الاتجاه الذي يقسم الكلام إلى أفعال كلامية مباشرة وأخرى غير مباشرة، مذهب شكلي يمثله النحاة، ومذهب دلالي وتداولي يستند إلى أغراض المتكلم ويمثله علماء البلاغة.[37]

أمّا الأفعال الكلامية المباشرة، فقد وجد هناك مذهبان في تأويلهما:

  • مذهب يتجه إلى أن عدم مطابقته مقتضى الحال هو المتسبب في انتقال دلالة الفعل المباشرة إلى دلالة أخرى.
  • وهناك مذهب يعدُّ أن البنية المنجزة تمثل الفعل المباشر والفعل غير المباشر[38].

أمّا العمل الثاني فهو للدكتور ” خالد ميلاد ” بعنوان: ” الإنشاء في العربية بين التركيب والدلالة ” دراسة نحوية تداولية. وقد كان يسعى فيه إلى تقصي مفهوم الإنشاء في الدرس اللغوي العربي وبيان حدوده وأصوله وفروعه في مدّها وجزرها، وتولد بعضها من بعض وذلك للوقوف على الخصائص الدلالية للكلام الإنشائي وما يربط بينهما من تراكيب إعرابية مستندًا في ذلك على نصوص من التراث النحوي والبلاغي والأصولي سعيًا منه وراء ضبط مفهوم الإنشاء في مختلف المصنفات التي اعتنت بدراسة وتحديد مباحثه وبيان ما يتصل به من دلالات، وما يتصل بتلك الدلالات من أبنية مجردة ومصرفة ومنجزة.[39]

العمل الثالث هو ” لمسعود صحراوي ” تحت عنوان: ” التداولية عند العلماء العرب – دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي – ” حيث درس في كتابه ظاهرة الأفعال الكلامية من منظور علماء الأصول والنحاة وأشار في كتابه إلى أن هاتين المجموعتين تشتركان في تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء، وقدم نماذج كثيرة من التراث العربي ومن القرآن العظيم ، وتوصل إلى أنَّ الفعل الكلامي يتشعب إلى أربع شعب أساسية ، وتلك الشعب هي: فعل القول، الفعل المتضمن في القول والفعل المستدعي بالقول، والفعل الناتج عن القول.

ويندرج في شعبة الفعل المستدعي بالقول: الأمر والنهي، ويندرج في شعبة الفعل المتضمن في القول: ألفاظ العقود والمعاهدات (كالبيع والشراء والإدلاء بالشهادة).[40]

العمل الرابع للدكتور ” تمّام حسّان“: تحت عنوان ” اللغة العربية معناها ومبناها “، إذ تطرَّق في كتابه إلى جهود النحاة والبلاغيين وعلماء الأصول في مجال الأفعال الكلامية بالإضافة إلى: ” الفلاسفة، والمناطقة، والأدباء، والنّقاد ” وجهودهم واهتماماتهم لدراسة المعنى، يقول في تقديمه للكتاب: ” وإذا كان مجال هذا الكتاب هو الفروع المختلفة لدراسة اللغة العربية الفصحى فلا بد أن يكون المعنى هو الموضوع الأخص لهذا الكتاب؛ لأن كل دراسة لغوية – لا في الفصحى فقط بل في كل لغة من لغات العالم – لا بد أن يكون موضوعها الأول والأخير هو المعنى وكيفية ارتباطه بأشكال التعبير المختلفة، فالارتباط بين الشكل والوظيفة هو اللّغة وهو العرف وهو صلة المبنى بالمعنى[41] ” .

ويظهر من خلال عنوان كتابه ” اللغة العربية معناها ومبناها ” أنه قدَّم المعاني على المباني، أي الجواهر على الأشكال، ودرس قضية المعنى على المستويات، الأصوات، الصرف، النحو، التركيب، المعجم، الدلالة والمقام.

وقد تابع تمام حسان القدماء فيما استقر إليه في تقسيم الجملة من حيث معناها العام إلى جملة خبرية وإنشائية، لكنه خالفهم في أقسام الإنشائية حيث قسمها إلى طلبية، وشرطية، وإفصاحية.

إنّ تقسيم تمام حسّان للجملة جاء على الشكل التالي:[42]

  1. خبرية: (إثبات، نفي، تأكيد).
  2. إنشائية: (طلبية، شرطية، إفصاحية).

أ ـ الطلــــبية: (استفهام، أمر، نهي، عرض، تحقيق، تمنٍّ، ترجٍّ، دعاء، نداء)

ب ـ الشرطية: (امتناع، إمكان).

ج ـ الإفصاحية: (قسم، التزام، تعجب، مدح أو ذم، إحالة، صوت).

“أما البركاوي تبنى فكرة الوحدات الإنشائية والوحدات الخبرية، تسليما منه لانقسام الكلام إلى هذين ثم تفرع الإنشائية إلى طلبية وغير طلبية، والخبرية إلى مؤكدة، وغير مؤكدة، ومنفية ومثبتة “.[43]

إذ جاء تقسيمه للوحدات النحوية في اللغة العربية على الشكل الآتي:[44]

1ــــ إفرادية:

أ ــــ وحدات نحوية معجمية: مثل (المبتدأ والخبر والفاعل)، في نحو: زيد يقوم أبوه.

ب ــــ وحدات نحوية فقط: مثل (أدوات المعاني)، في نحو: في، إذا، من.

2 ــــــ تركيبية (معاني الكلام):

أ ـــــ وحدات نحوية إنشائية (تتعلق بموقف المتكلم)، وهي تقسم إلى:

  • طلبية: أمر، نهي، استفهام، تمني، ترجي، عرض، تحضيض، نداء، دعاء، التماس.
  • غير طلبية: شرط، تعجب، قسم، مدح أو ذم.

ب ـــــ وحدات نحوية خبرية، تقسم إلى:

  • مطلق الإخبار، الخبر الابتدائي لخالي الذهن: مثبت، منفي.
  • الطلبي للمتردد: مثبت، منفي.
  • الإنكاري للمنكر: مثبت، منفي.
  1. ــــ نقد وتوجيه

في نهاية المطاف إننا واثقون بأننا نبحث في أقدس ظاهرة إنسانية ألا وهي ظاهرة اللغة ، اللغة التي كرمنا بها الله بأن جعلها لغة القرآن الكريم ، لذلك لزاماً علينا الحفاظ عليها والغوص في مكنوناتها لاستخراج الدر الثمين الذي تمتلكه هذه اللغة، من هنا جاء الدافع لدراسة أساليب الكلام العربي ومحاولة تبيان جذور هذه الظاهرة بالمقارنة بين التراث وعلم اللغة الحديث ، حيث شاهدنا كيف أن جلّ الدارسين واللغويين عمدوا إلى تقسيم الكلام كتقسيمات أساسية إلى خبر وإنشاء، وذلك من منظور صدق الكلام وكذبه، بمعنى إن كانت نسبة الكلام توافق نسبة خارجية صدقاً أو كذباً فهو الخبر، وإلا فهو الإنشاء، وبالرغم مما يقدمه معيار الصدق والكذب في فاعلية الخبر والإنشاء إلا أنه ضيّق معاني الأساليب والجمل ومدلولاتها وارتباطها ووظيفة كل منهما باتجاه الآخر.

وأرى أن البحث في الأنواع أو معاني الكلام ليس في القضية المنطقية صدقاً أو كذباً، وإنما في مدلول الكلام برمته واتجاهه تعبيراً عن المتكلم، أو إفادة للمخاطب بوجه الخبر أو الطلب أو الإنشاء.

وأميل إلى تقسيم ردة الله الطلحي حيث يرى أنه يمكن تقسيمها بالنظر إلى المتكلم أو المخاطب أو الموضوع إلى أربعة أقسام، هي:

  1. المعاني التي تخص المتكلم أو موقفه وهي الاستفهام على أصله والتمني والترجي والتعجب والتلهف والتشفع والدعاء.
  2. المعاني التي تخص المخاطب وهي الخبر والأمر والنهي والقسم والنداء والعرض، والتحضيض.
  3. المعاني التي تخص الموضوع، وهي القسم والاستثناء والتشبيه، والشرط.
  4. المعاني المشتركة، كالمدح والذم، فهي تارة إفصاحية عن الذات، وأخرى باتجاه المخاطب، وثالثة باتجاه الموضوع ذاته.

الخاتمة

لعلّ أهم شيء نكون قد توصلنا إليه جراء هذه الدراسة هو أن “نظرية أفعال الكلام” ليست وليدة العصر الحديث مع “أوستين” وأتباعه، بل هي متأصلة في التراث اللغوي العربي لدى الجرجاني والجاحظ والآمدي وغيرهم من أصوليين ونحاة وبلاغيين، ومن ناحية (أساليب الكلام) فقد توجهت عنايتهم للتفريق بين الخبر والإنشاء وفق تقسيمات محددة لكل من التراثيين والمحدثين، حيث وضعوا ضوابط للكلام حتى يحقق الغرض المطلوب ألا وهو إفهام وإقناع المتلقي.

وقد توصلت بعد البحث في قضايا هذا الموضوع إلى مجموعة من النتائج وهي كالآتي:

  1. إنّ التداولية تدرس النّص في سياقه التخاطبي والتفاعلي والتحاوري، وتركز في ذلك على أفعال الكلام، وعمليات التخاطب والتفاعل. والتشديد أيضًا على الإحالة أو السياق أو المقصدية والوظيفية والتأويل والالتزام الحواري.
  2. بحثت ظاهرة ” الأفعال الكلامية” في التراث العربي ضمن نظرية الخبر والإنشاء، وقد احتفي بهذه الظاهرة احتفاءً خاصاً، فاشتغلت بها طوائف متعددة من (نحاة وبلاغيين، وأصوليين)
  3. إنّ المعايير التي اعتمدها العلماء العرب للتمييز بين الخبر والإنشاء متعدِّدة ومختلفة باختلاف المراحل وتطورها، وكان يسود في كل مرحلة منها معيار تصنيفي معين، فمن هذه المعايير، معيار (الصدق والكذب)، ومعيار (الخطاب والحوار، والتلقي).
  4. كان علماء الفقه من أحسن المستثمرين لظاهرة الخبر والإنشاء في إطارها التداولي معتمدين مقولات ومبادئ سياق الحال، ووضع المتكلم وموقعه من العملية التواصلية وغرضه من الخطاب، ودرسوا أيضًا ألفاظ العقود والمعاهدات وما تقتضيه من تشريعات اجتماعية، سياسية، ونتيجة لذلك استنبطوا أفعال كلام جديدة ضمن بحثهم لمعاني الخبر والإنشاء.
  5. صنّف علماء البلاغة أفعال الكلام إلى أفعال كلامية مباشرة وأخرى غير مباشرة. الفعل الكلامي المباشر هو كل فعل صريح في الدلالة على الغرض من الكلام إخبارًا وطلبًا وهي أساليب تدل عليها صيغ الجمل والأساليب لتعبير الظاهرة، أما الفعل الكلامي غير المباشر مشتقّ من الفعل الكلامي المباشر ومتولّد عن استعمال أساليب وعبارات للدلالة على غيرها.
  6. دراسة أفعال الكلام عند النحاة تختلف عن مثيلتها عند البلاغيين، فالنحاة ينطلقون من البنى للوصول إلى الدلالات المتضمنة، أما البلاغيون فيدرسون دلالات تلك الأشكال باعتبارها أفعال الكلام ذو وجه مستقل من الأشكال ذاتها التي ترد فيها.
  7. قسّم البلاغيون والنحاة الكلام أسلوبيّاً إلى خبر وإنشاء، ويمكن تصنيفه سياقياً إلى أساليب تخص المتكلم(إفصاحية)، وأساليب تخص المخاطب (إبلاغية)، وأساليب تخص النص وتحتفي به.
  8. ابتكار المحدثين كتمام حسان، والبركاوي تقسيمات جديدة في هذا الصدد، حيث قسّم تمام حسان الجملة الإنشائية إلى (طلبية، شرطية، إفصاحية)، في حين كان للبركاوي السبق في تبني فكرة الوحدات الإنشائية والخبرية، أيضاً عدول تمام حسان عن تقسيم الكلام إلى أقسامه المشهورة، وابتكار أقسام جديدة سبق ذكرها.

المصادر

ابن عاشور، محمد الطاهر. تفسير التحرير والتنوير. المجلد 30. تونس: الدار التونسية للنشر، 1984.

ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم. لسان العرب. المجلد 15. بيروت: دار صادر، الطبعة 3، 1999.

أبو موسى، محمد محمد. دلالات التراكيب دراسة بلاغية. مصر: مكتبة وهبة، الطبعة 2، 1987.

البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود. معالم التنزيل. تحقيق. محمد عبد الله النمر وآخرون. المجلد 8. الرياض: دار طيبة، 1409.

البيضاوي، ناصر الدين أبي سعيد عبد الله بن همر بن محمد الشيرازي. أنوار التنزيل وأسرار التأويل. تحقيق. محمود عبد القادر الأرناؤوط. المجلد 2. بيروت: دار صادر، الطبعة 1، 2001.

بلخير، عمر، مقالات في التداولية والخطاب. تيزي وزو: دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، 2013.

حسان، تمام. اللغة العربية معناها ومبناها. الأردن: دار الثقافة، 1994.

التوحيدي، أبو حيان، الإمتاع والمؤانسة. تحقيق هيثم خليفة الطعيمي. بيروت: المكتبة العصرية، الطبعة 1، 2004.

ثعلب، أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار. قواعد الشعر. تحقيق. محمد عبد المنعم خفاجي. القاهرة: مكتبة مصطفى البابي الحلبي، 1367.

.الزركشي، بدر الدين. البرهان في علوم القرآن. تحقيق. محمد أبو فضل إبراهيم. المجلد 2. القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، الطبعة 1، 236.

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر. همع الهوامع في شرح جمع الجوامع. تحقيق عبد السلام هارون وزميله. الكويت: دار البحوث العلمية، 1394.

ابن الشجري، ضياء الدين أبو السعادات هبة الله بن علي بن حمزة. أمالي ابن الشجري. تحقيق. محمود الطناحي. القاهرة: مكتبة الخانجي، الطبعة 1، 1413.

صحراوي، مسعود. التداولية عند العلماء العرب. دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي. بيروت: دار الطليعة، الطبعة 1، 2005.

الطلحي، ردة الله. دلالة السياق. المجلد 2. السعودية: جامعة أم القرى، رسالة دكتوراه، 1418.

عبد الرحمن، طه. في أصول الحوار وتجديد علم الكلام. بيروت: الدار البيضاء، الطبعة 2، 2000.

عبد الغني، أيمن. الكافي في البلاغة (البيان والبديع والمعاني). القاهرة: دار التوفيقية للتراث، 2011.

عليان، يوسف سليمان. البعد التداولي عند الأصوليين. مكة المكرمة: جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية ، العدد 53.

ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكريا. الصاحبي في فقه اللغة. تحقيق. السيد صقر. القاهرة: مطبعة عيسى البابي الحلبي، د.ت.

ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن عبد المجيد بن مسلم بن قتيبة الدِّينَوَرِيُّ. أدب الكاتب. تحقيق. محمد الدالي. بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة 1، 1402.

مجذوب، عز الدين. القاموس الموسوعي للتداولية. مراجعة خالد ميلار. تونس: دار سيناترا المركز الوطني للترجمة، 2011.

ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم. لسان العرب. بيروت: دار صادر، 2000.

ميلاد، خالد. الإنشاء في العربية بين التركيب والدلالة. تونس: المؤسسة العربية للتوزيع، 2001.

النجار، نادية. الاتجاه التداولي والوظيفي في الدرس اللغوي. الاسكندرية: مؤسسة حوس الدولية للنشر والتوزيع، الطبعة 1، 2013.

نخلة، محمود أحمد. أفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر. مصر: دار المعرفة الجامعية ، الطبعة 1، 2002.

الهوامش:

  1. أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، لسان العرب (بيروت: دار صادر، 2000)، 252.
  2. طه عبد الرحمن، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام (بيروت: الدار البيضاء، 2000)، 27.
  3. يوسف سليمان عليان، البعد التداولي عند الأصوليين (مكة المكرمة: جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية ، العدد 53)، 479.
  4. مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي (بيروت: دار الطليعة، 2005)، 15.
  5. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 16.
  6. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 17.
  7. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 16-17.
  8. نادية النجار، الاتجاه التداولي والوظيفي في الدرس اللغوي (الاسكندرية: مؤسسة حوس الدولية للنشر والتوزيع، 2013)، 10.
  9. د. محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر (القاهرة: مكتبة الآداب، ط1، 1432هـ – 2011م)، 14.
  10. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 11.
  11. محمود أحمد نخلة، أفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر (مصر: دار المعرفة الجامعية ، 2002)، 79.
  12. عز الدين مجذوب، القاموس الموسوعي للتداولية. مراجعة خالد ميلار (تونس: دار سيناترا المركز الوطني للترجمة، 2011)، 54.
  13. محمود أحمد نخلة، أفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، 44.
  14. محمود أحمد نخلة، أفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر، 41.
  15. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 93-94. سعد الدين التفتازاني، المختصر في شرح تلخيص المفتاح للقزوني (ضمن شروح الترخيص)، (مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ١٩٤٤)، 1/40-41.
  16. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 147.
  17. أيمن عبد الغني، الكافي في البلاغة (البيان والبديع والمعاني) (القاهرة: دار التوفيقية للتراث، 2011)، 220.
  18. بدر الدين الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق. محمد أبو فضل إبراهيم (القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، 1376)، 2/236.
  19. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 165- 172.
  20. عمر بلخير، مقالات في التداولية والخطاب، (تيزي وزو: دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، 2013)، ص1 في 15/116.
  21. عمر بلخير، مقالات في التداولية والخطاب، 121.
  22. عمر بلخير، مقالات في التداولية والخطاب، 122.
  23. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 175.
  24. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 206.
  25. تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها (الأردن: دار الثقافة، 1994)، 178.
  26. جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، تحقيق عبد السلام هارون وزميله (الكويت: دار البحوث العلمية، 1394)، 34.
  27. ضياء الدين أبو السعادات هبة الله بن علي بن حمزة ابن الشجري، أمالي ابن الشجري، تحقيق محمود الطناحي (القاهرة: مكتبة الخانجي، 1413)، 388.
  28. أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الثعلب، قواعد الشعر، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي (القاهرة: مكتبة مصطفى البابي الحلبي، 1367)، 25.
  29. أبو حيان التوحيدي، الإمتاع والمؤانسة، تحقيق هيثم خليفة الطعيمي (بيروت: المكتبة العصرية، 2004)، 114.
  30.  أحمد بن فارس بن زكريا، الصاحبي في فقه اللغة، تحقيق السيد صقر (القاهرة: مطبعة عيسى البابي الحلبي، د.ت.)، 289.
  31. ابن فارس، الصاحبي في فقه اللغة، 289.
  32. السيوطي، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، 34.
  33. أبو محمد عبد الله بن عبد المجيد بن مسلم بن قتيبة الدِّينَوَرِيُّ ابن قتيبة، أدب الكاتب، تحقيق محمد الدالي (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1402)، 7.
  34. ابن قتيبة، أدب الكاتب، 19.
  35. ردة الله الطلحي، دلالة السياق (السعودية: جامعة أم القرى، رسالة دكتوراه، 1418)، 2/425.
  36. ابن قتيبة، أدب الكاتب، 7.
  37. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 220.
  38. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 220.
  39. خالد ميلاد، الإنشاء في العربية بين التركيب والدلالة، (تونس: المؤسسة العربية للتوزيع، 2001)، 617.
  40. صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، 224.
  41. تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، 9.
  42. تمام حسّان، اللغة العربية معناها ومبناها، 244.
  43. ردة الله الطلحي، دلالة السياق، 426.
  44. ردة الله الطلحي، دلالة السياق، 426.