عادل العالي1 زبيدة أشهبون1
1 مختبر: الإنسان والمجتمعات والقيم/ مسللك : علم الإجتماع. تكوينات الدكتوراه: التاريخ والمجتمع في البحر الغربي المتوسط . كلية العلوم الانسانية والاجتماعية جامعة ابن طفيل القنيطرة، المغرب.
بريد الكتروني: adil.789.ali.123@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/8
تاريخ النشر: 01/12/2023م تاريخ القبول: 07/11/2023م
المستخلص
هدفت هذه الدراسة إلى الكشف عن ظاهرة التسول ومعرفة الخفايا والخبايا التي تكتنزها في عمقها الإجتماعي والثقافي والإقتصادي ….، مع الوقوف على تأثير المنظومة القيمية في كبح انتشار هذه الظاهرة ، بفعل تأثير القيم على البناء السوسيو ثقافي للمجتمع ، حيث اشتغلنا في هذا المضمار على مجالين مختلفين من ناحية المجال الجغرافي والبشري وكذلك الذهني ، وهما المجال الجغرافي لمدينة” وزان” الذي يتسم بخاصية التقليد وانتشار الأعراف والعادات التي تحتكم للمنظومة القيمية ، بالإضافة إلى تميزها بمجال ضيق ومحدود ، والذي بدوره يساهم في عدم انتشار التسول والمتسولين بشكل كبير ، عكس العاصمة الرباط التي تتميز بكثافة سكانية وحيز جغرافي شاسع ، إذ نجد تأثيرات العولمة واقتصاد السوق علامة مسجلة في سوق المعاملات والتبادلات الإجتماعية ، ما أفرز ” التسول الإحترافي ” بمختلف تمظهراته ، عكس المجال المدروس السابق الذي امتاز بتيمة “التسول الإضطراري “، ما وضعنا أمام سياق متعدد القراءات والتفسيرات والبراديغمات.
الكلمات المفتاحية: التسول _ المنظومة القيمية – الثقافة – التغير الإجتماعي
Begging and the value system: a comparative study
LAALI ADIl1 Zoubida Achahboun1
1 Faculty of Humanities and Social Sciences, Ibn Tofail University, Kenitra. Email: adil.789.ali.123@gmail.com
HNSJ, 2023, 4(12); https://doi.org/10.53796/hnsj412/8
Published at 01/12/2023 Accepted at 07/11/2023
Abstract
This study aimed to reveal the “phenomenon of begging” and to know the secrets and mysteries that it conceals in its social, cultural and economic depth…while examining the influence of the value system in curbing the spread of this phenomenon.
Due to the influence of values on the socio-cultural structure of society, we worked in this field on two different fields in terms of the geographical and human fields, as well as the mental field, namely the geographical field of the city of “Ouezanne”, which is characterized by the characteristic
Imitation and the spread of customs and customs that govern the value system, in addition to being characterized by a narrow and limited scope, which in turn contributes to the non-spread of begging and beggars to a large extent.
In contrast to the capital, Rabat, which is characterized by population density and a vast geographical area, we find the effects of globalization and the market economy a registered mark in the market of social transactions and exchanges, which has produced “professional begging” in its various manifestations.
In contrast to the previously studied field, which was characterized by the theme of “forced begging,” this placed us before a context of multiple readings, interpretations, and paradigms.
Key Words: begging / value system / culture / social change.
تقديم:
يعتبر التسول من الظواهر التي أفرزتها التغيرات الاجتماعية والقيمية المعاصرة، إذ يعد نتاجا للتداخل وتشابك مجموعة من العوامل والمسببات سواء منها الاقتصادية- الاجتماعية- الثقافية… وهذا ما سنعمل على مطارحته ومناقشته ضمن هاته الدراسة المقارنة لما بين أبعاد مجالية مختلفة على مستوى البنية الذهنية والثقافية والفكرية والمادية، أي بين مدينة وزان التي تتوجد في شمال المغرب حيث يغلب عليها الطابع الجبلي على مستوى التشكيلة الجغرافية والمورفولوجية، إضافة إلى اقتصاد الندرة والكفاف الذي يميز هاته المنطقة الثقافية، بمعنى أن “التضامن الآلي” بتعبير دور كهايم يظل سمة طابعة لهذا المجال الثقافي.
ومدينة الرباط التي تمتاز بشساعة المجال الجغرافي والبشري، حيث يظل “التضامن العضوي” والفردنة والتفكك القيمي والإنسلاخ الثقافي سمة مميزة لهذا المجال، ما يجعل التسول يختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى، بفعل الإحتكام إلى منظومة القيم التي تؤطر البناء السوسيوثقافي والمجالي لهاته المجالات المذكورة التي ستشملها دراستنا، حيث سنعمل في هذا المستوى على ملامسة أهم الفوارق التي تميز كل مجال على الآخر، علاوة على الإستناد بعض الدراسات والأبحاث الميدانية التي اهتمت بمقاربة الموضوع المدروس، وذلك بغية تعزيز المعارف النظرية والميدانية لإعطاء تصور متكامل حول البناء المنهجي والمعرفي للدراسة.
ما يفرض في هذا الإطار طرح السؤال الإشكالي التالي :
- ما نوع العلاقة التي تربط “ظاهرة التسول” بالقيم الاجتماعية؟
ومنه تتفرع الأسئلة الفرعية التالية :
- ما هي أهم نقاط التشابه والإختلاف الذي يجمع ما بين مدينتي وزان والرباط على مستوى ممارسة التسول؟
- كيف تؤثر “منظومة القيم” على التسول في المجالات المذكورة؟
- ما هو التغير الاجتماعي والقيمي الحاصل لمستويات التسول، لما بين الماضي والحاضر؟
- أهمية الدراسة :
تبرز أهمية الدراسة في نطاقين نظري وتطبيقي:.
- الأهمية النظرية: قد تفيد الدراسة المكتبات والجامعات ومراكز البحث في التعريف بظاهرة التسول ومقاربتها من مختلف زوايا نظر التفسيرية والتحليلية.
- الأهمية التطبيقية : قد تسهم هذه الدراسة إلى ملامسة “ظاهرة التسول” في المجتمع المغربي، ومعرفة كيفية اشتغال منظومة القيم للحد من هذه الظاهرة المستشرية، مع إمكانية تحديد العوامل المؤثرة سواء منها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية… والتي تتداخل جميعها لانتشار التسول داخل أروقة المجتمعات.
- منهجية الدراسة:
- أولا : المنهج الوصفي التحليلي :
يعد المنهج الوصفي التحليلي من أكثر المناهج استخداما في دراسة الظواهر الاجتماعية والانسانية، حيث يعد المنهج الوصفي أداة وطريقة لتحليل التسول ومنظومة القيم، لمعرفة الآثار التي يخلقها “التسول” على الفرد والمجتمع بالمغرب.
- ثانيا : المنهج المقارن
يستند المنهج المقارن على المقاربة المقارناتية التي تهتم بدراسة الخصائص التي تتميز بها الظاهرة المدروسة في مجال محدد، ومقارنة نفس الظاهرة بمجال محدد آخر، بغية معرفة نقاط التشابه والإختلاف.
والمنهج المقارن في هذا المضمار سيهتم بدراسة وملامسة الخصائص التي تميز مجال مدينة وزان والرباط بالمغرب.
- محددات الدراسة :
- المحدد الزمني : التسول ومنظومة القيم في الفترة المعاصرة.
- المحدد المكاني : وزان – الرباط، بالمملكة المغربية.
- المحدد الموضوع : التسول ومنظومة القيم: دراسة مقارنة بالمجتمع المغربي.
- مصطلحات الدراسة :
- التسول :
وردت كلمة تسول في قاموس la rouse كترجمة لكلمة Mendicité، وفعل تسول كترجمة لكلمة mendie، وتعني طلب الصدقة، وجاءت ترجمة كلمتي Mendijot و Mentsnt إلى المتسول، وهو الشخص الممارس لفعل التسول”[1]، أما vexlard Alexandre فإنه عرف التسول بأنه ” ظاهرة اجتماعية تظهر في ظروف اجتماعية معينة، يزيد حجمها أو حدتها أو يتقلصان حسب الظروف المعيشية التي ينتجها المجتمع[2]
- المنظومة القيمية :
تمثل المنظومة القيمية النسق القيمي للمجتمع، الذي يعتبر عند جيروشيه نموذج أو مثل عليا في نظر الفرد أو الجماعة، فيستمد منه كل شخص توجهه نحو سلوك معين، كما ذكر دور كهايم أن النسق القيمي للمجتمع يتسم بالموضوعية والعمومية، باعتبار أن القيم الخلقية تشكل البناء الاجتماعي وتثبت وجوده وتؤسسه قيميا، بمعنى أن النسق القيمي من أهم أسس بناء الإطار المرجعي والإرتكاز الإستدلالي للفرد والمجتمع.
- الثقافة :
هنالك العديد من التعريفات التي اهتمت وأحاطت بمفهوم “الثقافة” من مختلف الجوانب والزوايا، إلا أن أهمها هو ما عرف به “ادوارد تايلور” الثقافة بكونها: المفهوم الكلي الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون، والعادات والقدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع[3],
ومن التعريفات المختصرة للثقافة نجد بأنها هي ” جملة العلوم، والمعارف، والفنون التي يطلب الحذق بها”[4].
- التغيير الاجتماعي :
إن اصطلاح Change يعني “انتقال أي شيء أو ظاهرة من حالة إلى حالة أخرى، أو هو ذلك التعديل التي يتم في طبيعة أو مضمون أو هيكل شيء أو ظاهرة.
ويقصد باصطلاح Social الشخص وعلاقاته وتفاعله مع الآخرين.
أما مصطلح التغير الاجتماعي changement social فإنه يشير إلى تلك العملية المستمرة والتي تمتد على فترات زمنية متعاقبة يتم خلالها حدوث اختلافات أو تعديلات معينة في العلاقات الانسانية أو في المؤسسات أو التنظيمات أو في الأدوار الاجتماعية[5]
المبحث الأول : التسول ومنظومة القيم
يشكل التسول أحد أبرز الظواهر الاجتماعية المنتشرة في العالم، إذ تختلف الطرق والاستراتيجيات التسولية من رقعة جغرافية إلى أخرى، ما يجعل الباحث في هذه الظاهرة يجد نفسه أمام ظاهرة عابرة للحدود والقارات، والتي لايمكن فهمها واستيعابها إلا من خلال الإنغماس الكلي في تلابيها مع معرفة جزئياتها وتفاصيلها.
ومن المعلوم أن ظاهرة التسول ليست بظاهرة حديثة وإنما هي مرتبطة بالسياق التاريخي للمجتمع والتحولات التي شهدها ويشهدها في الوقت الراهن، هذه التحولات التي مست مختلف مكونات البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، والتي يكون لها الأثر الواضح على سلوكيات الأفراد، فتأتي سلوكيات بعض الأفراد منسجمة مع القيم والأعراف الاجتماعية التي تسود في الثقافة السائدة فتسمى سلوكيات محمودة وسوية، أو تأتي عكس ما هو متعارف عليه في الواقع المعاش فتوصف بكونها سلوكيات منحرفة، لأنها خرجت عن الإطار المعياري الذي رسخه العرف والقانون الاجتماعي، ما يبرز الدور الذي يلعبه المجتمع في تحديد السلوكات والمعايير التي تتوافق مع قيمة وثقافته، وهذا ما تحدث عنه السوسيولوجي الفرنسي إميل دور كهايم بقوله بأن ” الظواهر الاجتماعية الكبرى من دين أو أخلاق وقانون واقتصاد وجماليات؛ ليست سوى أنساق قيم، ومن ثم فهي أنساق مثاليات إذ يصف البيئة الاجتماعية في كتابه “الانتحار” وصفها وحداة من الأفكار والمعتقدات والعادات والتوجهات العامة”[6]
ما يوحي في هذا المضمار بأن هنالك علاقة جدلية ما بين “التسول والقيم”، باعتبار أن التسول هو إفراز طبيعي لمجموعة من العوامل والظروف المتداخلة والمتمازجة فيما بينها البين.
المطلب الأول : لمحة تاريخية عن ظاهرة التسول:
يعد التسول ظاهرة اجتماعية ضاربة جذورها في عمق التاريخ البشري، حيث مست هذه الظاهرة مجموعة من الدول سواء منها الغنية أو الفقيرة، فهي لا تخص مجالا اجتماعيا محددا، وإنما تعاني منها الدول الغربية والعربية على حد سواء، ما يجعلنا أمام ظاهرة ممتدة زمانيا ومكانيا.
لهذا أردنا من خلال هذا المطلب البحثي بأن تتعرض إلى الإمتدادات السوسيوتاريخية “ظاهرة التسول”، كون هذه الأخيرة ليست بظاهرة جديدة، وإنما هي ظاهرة قديمة قدم المجتمع الإنساني.
وفي هذا الصدد يرى الباحث ” ألكسندر” بأن ظاهرة التسول هي “ظاهرة تاريخية تعود نشأتها إلى ظهور العوامل التي شكلت الحضارة وهي : تفكك المجتمعات البدائية، ظهور الاقتصاد النقدي، والملكية الخاصة للأرض وتكون المدن والدول”[7]
وحسب castel (R) فإن التسول والتشرد اعتبر مشكلة اجتماعية منذ القدم، ففي عام 1349 أصدر ” إدوارد الثالث” البيان الذي يقر فيه أن الأشخاص بدون عمل يعتبرون عالة على المجتمع، ولا يحق لهم الحصول على الإعانة من طرف الهيئات المختصة إلا بعد إثبات عدم قدرتهم على العمل من جهة، وعدم استقرارهم الاجتماعي من جهة أخرى. [8]
ما يبرز في هذا المسار الكرونولوجي بأن التسول له جينيالوجيا تاريخية واجتماعية موغلة في القدم، حيث بدأ تشكلها بفعل التفكك السوسيواقتصادي وظهور الملكية الخاصة، إضافة إلى الانتقال من المجتمع البسيط إلى المعقد.
كما انتشر التسول في القرن 12 في حكم الدولتين المرابطية والموحدية كنتيجة للتحولات الاقتصادي التي شهدها المجتمع المغربي الأندلسي واستعجال الفوارق الطبقية وازدياد حركة البذخ والترف، وعرف انتماء المتسولين آنذاك إلى أصول اجتماعية فقيرة[9]
وفي هذا السياق التأريخي نجد بأن العلامة ابن خلدون قد أولى اهتماما بهذه الفئة، إذ ذكرها في مؤلفه “المقدمة” حيث قال ” واعتبر ذلك من أحوال الفقراء والسؤال، فإن السائل يقاس أحسن حالا من السائل في تلمسان أو وهران، ولقد شاهدت بفاس السؤال يسألون أيام الأضاحي اثمان ضحاياهم، ورأيتهم يسألون كثيرا منن أحوال الترف واقتراح المأكل، محل سؤال اللحم والسمن وعلاج الطبخ والملابس والماعون كالغريان والآية، ولو سأل سائل مثل هذا بتلمسان أو وهران لا ستنكر وعنف وزجر[10]
تأسيسا على ماسبق يمكن القول بأن “ظاهرة التسول” تتخذ صيغات وأشكال مختلفة في الأزمنة والأمكنة التي تطهر فيها، كما أنها ليست بظاهرة جديدة بل قديمة قدم المجتمع الإنساني، حيث يتخذ السلوك والثقافة التسولية وضعيات وطرق متنوعة، ما يضعنا كباحثين في هذا الحقل أمام معطى سوسيوتاريخي وجب مقاربته بعلمية وموضوعية وبعيدا عن لغة الحس المشترك.
- التسول في المجتمع المغربي :
إن ما يثير الإنتباه في كل شوارع المغرب سواء منها الراقية أو الأحياء الشعبية، هو الانتشار المتزايد لأعداد المتسولين، فأينما وليت وجهك تجد متسولا يقف أمام المواطنين يطلب الصدقة، حيث أن الكثير منهم أصبح التسول بالنسبة له كمهنة مذرة للدخل، حيث يتموقع هؤلاء المتسولون على شاكلة أفراد وجماعات للإنتشار في المجال الذي يقتسمونه فيما بينهم.
ما يضعنا أمام ظاهرة تتداخل فيها مجموعة من المحددات والعوامل سواء منها التاريخية – الثقافية- الاقتصادية- الاجتماعية…، كما أن هنالك مدن مغربية ينتشر فيها التسول بكثرة وأخرى يتوجد فيها ولكن بشكل طفيف وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المتسولين يتبعون مفهوم الدورة الاقتصادية عند ممارستهم للتسول، فكلما كانت المدينة شاسعة وتتميز بامتداد جغرافي واجتماعي شاسع كلما اعتبرت مجالا جاذبا للمتسولين، وذلك بفعل الكثافة السكانية الإنتاج الاقتصادي الذي يتميز بالديناميكية بدل الاستاتيكية، حيث أننا في هذا المستوى من التحليل والتفسير أمام ظاهرة اتخذها معتنقوها كمهنة وجب معرفة قوانينها مع الإحاطة بكافة تفاصيلها، ” وتشير دراسة الرابطة المغربية لحماية الطفولة إلى أن الأسباب الرئيسية التي تدفع الأطفال إلى التسول تتمثل في المشاكل الاجتماعية المترتبة على الطلاق، والإهمال، وغياب أو وفاة الوالدين، وسوء المعاملة بالإضافة إلى عوامل الإنتماء إلى عائلة تحترف التسول”[11]
ما يوحي بأن الباثولوجيا الاجتماعية تساهم بشكل أو بآخر في استشراء بعض الظواهر ومن بينها التسول، تماما كما هو الأمر بالنسبة للتفكك الأسري، أو الوفاة، أو التشبع بثقافة التسول…، وفي هذا الصدد فسر أحد الباحثين بأن “التسول هو موقف اجتماعي يخضع فيه المتسول لعامل أو أكثر من العوامل ذات القوى السبيبة مما يؤدي إلى ممارسة هذه المهنة، أو السلوك الغير المتوافق عليه[12]
ما يجعلنا في هذا الاطار نرجع التسول إلى مجموعة من الأسباب كالبطالة والفقر والهشاشة الاجتماعية، حيث أن هذه العوامل جميعها تتظافر لتنتج لنا ما يسمى في اللغة الاجتماعية ب “المتسولين”، ما يوحي بأنهم لم يتبنو هذا الفعل الاجتماعي بعفوية وإنما بإشراطات سوسيواقتصادية فرضتها الظروف الاجتماعية التي تفرضها الإشراطات المسبقة.
وهذا ما قارب به إميل دور كهايم الظواهر من منطلق قاعدة ” تفسير بالإجتماعي”[13] حيث قال ” لقد بينا أنه لا يمكن أن نفسر ظاهرة اجتماعية ما إلا بظاهرة أخرى… وأن الشعور بالطابع الخاص للواقع الاجتماعي موجد ضروري لعالم الاجتماع، مما يجعل من الضرورة تمتعه بثقافة سوسيولوجية من شأنها أن تؤهله لفهم الظواهر الاجتماعية أمرا أساسيا[14]
فالتسول لا يمكن تفسيره من زاوية بعدية واحدة بل تتداخل في مقاربته عدة زوايا نظر، إذ يرتبط بما هو تاريخي، فبالعودة إلى الحقب التاريخية التي ميزت المجتمعات البشرية نجد بأنه (التسول) كان متواجدا في حضارات وثقافات موغلة في القدم، إذ كانت هذه الفئة تعبر عن الفقر و الهشاشة وعدم القدرة على تحصيل القوت والمعاش.
أما من الناحية الاجتماعية فإنه يعطينا تصورا عاما بأن البناء الاجتماعي يعاني من خلل في أحد مفاصله، ما يؤدي إلى إفراز وإنتاج ظواهر منحرفة من قبيل “التسول”، أو كما يعبر عنه علماء الاجتماعي ب “الباثولوجيا”.
أما من الناحية الاقتصادية فالتسول تعبير مباشر وصريح بأن الدورة الاقتصادية مصابة بأزمة ما يفرز نوعا من الهزاهز التي تصل تصدعاتها إلى كافة الفئات والطبقات، إلا أن تأثيرها الأكبر يبقى للفئة الأكثر هشاشة.
أولا : مميزات وخصائص التسول بمدينة وزان وارتباطها بالقيم:
تعتبر مدينة وزان من المدن التاريخية العريقة بالمغرب، إذ لها امتداد روحي وديني عميق، حيث ساهمت بفعل الثقل المادي واللامادي الذي كانت تشكله إلى إرساء ثوابت الهوية الثقافية والسوسيوتاريخة بالمغرب، ” حيث تمكنت الزاوية بفضل تواجدها في موقع إستراتيجي عند ملتقى الجبل والسهل من القيام بدور الحاجز الذي يفصل القبائل الجبلية وقبائل السهول، الشيء الذي دفع المخزن إلى محاولة التقرب منها والاستفادة من نفوذها الكبير فمن رأسمالها الرمزي والروحي وعمق إرتباطها وتلاحمها بكتلتها القبلية، وتسخيرها لخدمة مصالحه لضبط واحتواء الأوساط القبلية الجبلية”[15]
ما يبين أن المنطقة المدروسة تتميز بسلطة رمزية ومادية، أو كما عبر عنه الأنثريولوجي المغربي، عبد الله حمودي ب “الشيح والمريد”، ما جعل من المخزن المغربي يتقرب إلى هذه الزاوية بنية خلق جسور للتواصل والتفاعل على أساس المساعدة على خلق الهدنة والتوازن والضبط الاجتماعي ما يفسر في هذا الصدد القوة الرمزية والمادية التي تمثلها “القيم”، فعن طريق “السلطة الروحية” يخضع الأفراد الاجتماعيون إلى الأوامر والنواهي التي تؤطر منظومة الزاوية والمجال الجغرافي الذي يدور في فلكه.
- الخصائص الديموغرافية لساكنة إقليم وزان :
انتقل عدد سكان المجال المدروس من 194438 نسمة سنة 1971 إلى 300637 نسمة سنة 2014، بعدما مر من 225605 نسمة سنة 1982 إلى 284649 نسمة سنة 1994، ليرتفع إلى 303626 نسمة سنة 2004م، لينخفض هذا العدد إلى 298751 نسمة سنة 2011. [16]
ما يوضخ في هذا المسار بأن الإنتقال الديمغرافي في لساكنة وزان انتقل من المجتمع البسيط الذي يتسم بخاصية التعاون والتضامن فيما بين أعضاء الجسم الاجتماعي، إلى مجتمع أكثر تعقيدا بفعل التغير الديموغرافي والسوسيواقتصادي الحاصل في هذا المستوى، أو إن جاز لنا استعمال لغة هربرت سبنسر، ثم الإنتقال من “التباين” إلى “التباين”.
ما يجعل هذا التغير يحمل معه مجموعة من المؤشرات والدلالات، خصوصا وأن الأرقام والإحصائيات التي استندنا عليها هنا، وبالعودة إلى القراءة السوسيولوجية المتأنية التي تتسم بالقطيعة والموضوعية، تقحمنا في “مقاربة تفهمية” قادرة على تحليل وتفسير الأرقام والإحصائيات المعتمدة، خصوصا وأننا في بحثنا المعتمد في “سلك الدكتوراه” نشتغل على “ظاهرة التسول بين مدينتي وزان والقنيطرة”، فمن خلال المقابلات الميدانية” مع المبحوثين، توصلنا إلى أن التسول مرتبط بالمجال الذي تتم ممارسته فيه، فكلما ارتفع عدد الساكنة ازدادت نسبة المتسولين، ما يوحي بأن هنالك علاقة ديالكتيكية رابطة ما بين الكثافة السكانية والتسول.
إلا أن ما يميز التسول في مدينة وزان هو أنه لا زال بطابعه الكلاسيكي (القديم)،حيث لا زال الأفراد سواء منهم الرجال أو النساء يقصدون المنازل ويطلبون الصدقة، كما أن الأفراد الذين يتسولون غالبيتهم ما يأتون من مناطق جبلية مجاورة للمدينة، حيث يحضر البعد الثقافي والعلائقي بقوة في هذا المضمار، لأن التسول في مجالك الذي تقطن فيه عيب وعار على المتسول نفسه وعلى المجال المشترك الذي يقتسمه مع الآخرين، ” فالمجال هو معطى قبلي سابق لكل فعل اجتماعي، وسابق لكل فعل تبادلي، إنه مجموع الأجزاء التي تنطلق منها التجارب التفاعلية”[17] فكما نحن نؤثر في المجال، فالمجال هو كذلك يؤثر فينا، إذ يتمظهر ذلك جليا من خلال “ظاهرة التسول” بوزان، حيث وجدنا بأن المتسولين يتفادون ما أمكن المجالات التي تتوجد فيها عائلاتهم ومعارفهم، وذلك تفاديا للإحراج الاجتماعي الذي قد يصيبهم في هذه الوضعية.
نحن هنا أمام وضعية سبق أن تطرق لها ” جورج هربرت ميد” الذي يرى أن الذات تحقق كامل تطورها ونموها بوساطة تنظيم المواقف الفردية للآخرين داخل نظام اجتماعي أو مواقف جماعة ما، أو يصبح انعكاسا فرديا للنموذج النسقي العام للسلوك الاجتماعي الذي ينخرط فيه جمع الأفراد، وفي الوقت نفسه تمتلك هذه الأنا جانبا ذاتيا خاصا، تنظم به علاقتها بالعالم الاجتماعي وإدراكها له بطريقة ذاتية[18].
فنحن في هذه الوضعية أمام تمثلات وتصورات مسبقة يفرضها المجتمع على الفرد المتسول، وهذا الأخير بدوره له منظار يعاير ويبرمج به النظرة السوسيومجالية إليه.
ما يجعل من المنظومة القيمية تشتغل بشكل مضمر وغير معلن، فرغم أن المتسول بمدينة وزان يطلب الصدقة ويقصد منازل معينة، لكنه في جانب آخر يراعي جانب المحافظة على “ماء الوجه” باعتباره ذاتا داخل نسق اجتماعي محافظ، لهذا وجدنا في بحثنا الميداني أن هنالك عملية للتبادل المجالي بين المتسولين، إذ أن إخفاء الهوية وعدم الظهور بالشخصية الحقيقية والفاعلة في هذا النسق يظل تيمة مميزة للمتسولين بالمجال المدروس.
علاوة على هذا وجدنا بأن مجموعة من النساء الذين شملتهم العينة يتسولن وهن يرتدين لباسا لا يظهر وجههن كالنقاب واللباس المغربي الإسلامي.
كما أشار كلا من الباحثين ” لارسون” و ” تشاستين Larson et chasotin ” إلى أن كلا من الإخفاء الذاتي ورفض الكشف عن الذات يعتبران بمثابة بنيات منفصلة تماما، حيث يرتبط إخفاء الذات بشكل كبير بالبنية النفسية التي لا تريد القيام بذلك الفعل، لكنها واقعيا ملزمة به بغية تحقيق الحاجة”[19]
ما يجعل من عدم الفصح عن الهوية وعدم التسول في المجال الذي يقطنه الفرد من التيمات المميزة التي شملتها الدراسة، إضافة إلى أن المتسولين بوزان يطلبون أي شيء سواء مواد غذائية – طعام- ألبسة- نقوذ…، فهم بهذا المعنى (المتسولون) لم يصلوا بعد إلى مستوى “التسول الاحترافي” المتوجد في المدن المتروبولية كالرباط والدار البيضاء… ما يظهر التأثير الثقافي على المجال والظاهرة، وهذا ما عبر عنه العلامة ابن خلدون بقوله ” الإنسان ابن بيئته وعوائده وطبائعه”[20]
حيث نجد بأن البعد الثقافي يحضر بقوة في ظاهرة التسول بمدينة وزان، إذ لازالت بعض العادات والتقاليد والأمثال الشعبية… تؤطر المخيال الجمعي للأفراد، هذا إلى جانب التأثير القيمي والوازع الديني الذي يخلق نوعا من التضامن بين الأفراد، ما جعل من التسول ممارسة يتم تبنيها عند الضرورة القصوى، فرغم أن الدورة الاقتصادي بالمدينة تتميز بالركود وعدم الدينامية، إلا أن البعد القيمي والتضامني لازال حاضرا في مفاصل وتلابيب المجتمع المدروس.
انطلاقا مما سبق يمكننا القول بأن “التسول” بالمجال الوزاني يطغي عليه الجانب التضامني المتجلي في التعاون والتآزر بين أعضاء المجتمع، كما أن البعد الديني في خطاب المتسولين يظل حاضرا بقوة، ما يبرز التماسك القيمي المؤطر ببنية ثقافية، والذي بدوره لازال لم يتصدع بالكامل بتأثيرات العولمة الجارفة، عكس مدينة الرباط المرتبطة مجاليا وبشريا وإدرايا باقتصاد السوق والحركية الدولية.
ثانيا: مميزات وخصائص التسول بمدينة الرباط
“تقع مدينة الرباط المغربية على سواحل المحيط الأطلسي في منطقة سهلية مبسطة، وهي العاصمة الإدارية للمملكة المغربية، إذ تمتد مساحتها إلى أكثر من 118,5 كم 2، وتعد بذلك المدينة الثالثة على مستوى المملكة من حيث المساحة، كما تتميز بمناخ رطب نسبيا نظرا لقربها من البحر ومن سد سيدي محمد بن عبد الله،
- أما على المستوى الديموغرافي:
فقد تجاوز عدد سكان مدينة الرباط 577,827 نسمة حسب إحصائيات التعداد السكاني لسنة 2014[21]
- أما على المستوى التاريخي :
“كانت الرباط قبل بنائها عبارة عن بقعة فسيحة متسعة ينزل بها جيوش الإسلام ذهابا وإيابا، فلكونها كانت رباط الملوك سميت بذلك، وبقي هذا الإسم يطلق عليها حتى بعد بنائها مدينة، وقبل فها رباط الفتح تذكارا للفتح الأندلسي الذي كان بناؤه من غنائمه، ولأنه إنما بني لغرض الجهاد والفتح وبه فتح على الموحدين”[22]
ما يظهر في هذا المسار الكرونولوجي من البحث أننا أمام مدينة لها تاريخ وثقافة متجذرة بعبق التاريخ الإنساني المنفتح على مكونات إثنية وعرقية مختلفة، كما توالى على تسييرها وحكمها ملوك وحكام في حقب متباينة من قبيل الأدارسة – المرابطين – الموحدين – الوطاسيين… وصولا إلى العلويين، ما يفسر بأننا أمام مجال يمتاز بالشساعة المجالية والبشرية.
وهكذا نجد بأن مدينة الرباط بحكم الدينامية التي تعرفها على مستويات عدة، قد جعل من الباحثين ومعاهد الدراسات يولونها أهمية في البحوث سواء منها النظرية أو الميدانية، عكس بعض المدن الهامشية الأخرى كوزان على سبيل الذكر لا الحصر.
وفي هذا الإطار نجد دراسة إحصائية قامت بها “وزارة التنمية الاجتماعية والتضامن” بمدينة الرباط، حيث تم عنونتها ب : ” enquétseur la mendicité ville de rabat” وهي عبارة عن دراسة إحصائية قام بها المعهد الوطني للإحصاء والإقتصاد التطبيقي، حيث هدفت إلى معرفة حجم ظاهرة التسول على مستوى مدينة الرباط، مع معرفة الخصائص والمميزات السوسيواقتصادية للمتسولين، إذ أن الدافع الأساسي للقيام بهذه الدراسة هو إحساس الفاعلين السياسين و الإقتصاديين باستشراء وكبر حجم الظاهرة التسول بجميع الأحياء المجالية بمدينة الرباط، سواء في المركز أو الهامش.
ما جعل المعنيين بهذه الدراسة يركزون على التسول الظاهر (أي الملاحظ) في شوارع وأحياء العاصمة الرباط.
كما أن أغلب المتسولين الذين شملتهم الدراسة تتراوح أعمارهم ما بين [ 30-60] سنة، حيث تم اختيار عينة تمثيلية قدرت ب 1118 متسول، من بينهم 632 إمرأة، و 486 من الرجال.
كما تم تسجيل 219 متسول لديه إعاقة، أي ما يمثل نسبة 19,57% من مجموع المبحوثين.
- مناقشة وتحليل لأهم تمظهرات ظاهرة التسول بمدينة الرباط “
من خلال هاته الدراسة الميدانية حول التسول بالرباط، نجد بأنها تختلف كثيرا عن التسول بمدينة وزان، ويعزى ذلك لحجم شساعة الكثافة السكانية التي تتموقع تشكيلات اجتماعية متباينة، ما يؤدي إلى خلق تفاوتات سوسيومجالية بين الأحياء، ما يفرز ثنائية “المركز والهامش” و “الراقية والشعبية”…، هذا إلى جانب التمايز على كافة الأصعدة الأخرى سواء منها الثقافية- الاقتصادية – الدخل الفردي… المستوى التعليمي والفكري…، ما يجعلنا أمام سلط رمزية ومادية تفرض نفسها بقوة في هذا المستوى من التحليل، و “ظاهرة التسول في هذا المسار هي إفراز طبيع لتمازج كل هذه العوامل والنتائج المذكورة.
إلا أن ما يميزها في هذا المجال الذي تعرض لهاته الدراسة الميدانية، هو تفردها بخصائص وتيمات منظورة من مستويات التسول.
فحسب النتائج التي تم الوصول إليها في الحقل الميداني[23] :
كشفت بأن 18,69% من المتسولين هم من النساء ويصطحب معهم أطفال، فتفسير ذلك يعود إلى المنظار الرمزي الذي ينظر به للمتسولين بمجهر المجتمع، حيث يعتبرون أن الفقر والهشاشة هو الدافع للنساء إلى التسول، لدى فالصدقة فرض عين لمساعدتهن.
كما أن النسبة التي قدرت ب 55% يمارسن التسول الثابت، يمكن تفسيره من منطلق سوسيولوجيا الصحة والمرض، فدينامية الحركة والتنقل مرتبطة بعامل السن والبدن القادر على الحركة، ما يضعنا أمام ثنائية “التسول الثابت والتحرك”[24] كما عبر عن ذلك أحد المهتمين.
وما أثار انتباهنا كذلك في هذه الدراسة هو أن نسبة 26,76% أصلهم ريفي، ونسبة 37,24% هم سكان حضريون، ما يجعل التسول عاملا مشتركا لسكان القرية والمدينة، حيث يبقى الهدف الأول من هذه العملية التسولية هو الحصول على موارد مادية تغطي احتياجاتهم ومطالبهم، ما يؤدي إلى خلق مجالات سوسيومجالي مرتبطة بالطبقة الهشة والمتسولة.
كما أن مؤشر الأمية يؤثر بشكل كبير على هاته الظاهرة الاجتماعية، إذ قدرت النسبة المئوية بالأفراد الذين ليس لهم أي مستوى تعليمي ب 70,80%، مع ارتفاعها في صفوف النساء بنسبة 48,65%، مقابل الرجال ب 22,22%، ما يعطينا تصورا دلاليا مفاده بأن الأمية والفقر يساهم بشكل مباشر في بزوغ الظواهر المنحرفة من قبيل الجريمة والتسول.
“وهكذا فالأمية والنقص الثقافي، وعدم الإنصهار في الجماعة يؤدي إلى ظهور ” التسول الإحترافي”، الذي يظل المورد المادي هدفا محوريا، بجميع الطرق والصفات المشروعة والممنوعة”[25]
ما يجعل من منطق شرعنة الحصول على المال والصدقة بكافة الطرق والآليات، غاية أسمى لدى هؤلاء المتسولين المحترفين.
إلا أن ما آثار انتباهنا في هذه الدراسة هو ان 45% من العائلات التي تمتهن التسول، ترى بأنه نشاط ومهنة كباقي المهن الممارسة الأخرى.
ما يجعلنا أمام براديغم تصوري مخالف لما اعتاده أفراد المجتمع، فالتسول من منطلق ممارسيه يعتبر حرفة وجب تعلمها واتقانها بأبجدياتها وميكانيزماتها، فكلما أتقن المتسول عمله تسنى له الحصول على موارد مادية ومالية جيدة.
هما يحيلنا إلى “التسول الإحترافي” الذي تستعمل فيه كافة الاستراتيجيات والتكتيكات، وهذا ما يتماشى مع إحدى الدراسات التي تحدثت على أن “المتسولين ينتشرون في محطات نقل المسافرين مدعي أنهم ما يرى سبيل أوضاع له المال فيطلب المساعدة، وذلك بالمناداة على أي فرد بالشارع ويدعي معرفته ولأسرته، وقد يدعي أنه صديق والده أو عمه أو خاله، ثم يروي له أي ظروف كاذبة ويطلب منه مساعدته إكراما لصلة المعرفة المزعومة”[26]
ما يجعل من توظيف الرابط الاجتماعي والعلائقي ولو كان بشكل وهمي، من الحيل المستعملة في طرق التسول، ” كما أن الظهور على هيئة مريض أو معاق أو مرض مزمن يعالج منه وذلك باتداع بمستحضرات التجميل فقط لإستعطاف الناس لأج الفوز بأكبر مبلغ”[27]
فالقراءة السوسيولوجية المتأنية “لظاهرة التسول” تقر بأنه مرتبط تاريخيا ببنية الفقر والهشاشة التي عانت منها المجتمعات والشعوب سواء في شكلها القروي أو الحضري، كما أن البناء السوسيواقتصادي مرتبط بشكل وثيق بهاته الظاهرة، فكلما كانت هنالك تفاوتات سوسيومجالية وثقافية واقتصادية، كلما اتسعت الهوة بين الطبقات الاجتماعية ما يفرز ظواهر متنوعة من بينها التسول.
وفي هذا التحليل الاستراتيجي الذي نعمل على تفكيك جزئياته ومعانيه، أو ضحت الدراسة التي أقيما حول المتسولين بالرباط أن نسبة 76% من المتسولين أعلنوا بأن دخلهم الفردي يقدر 50 درهم للفرد، بينا 24% الأخرى صرحت بأن دخلهم الفردي يتجاوز 100 درهم.
ما يفسر في هذا المسار بأننا أمام مهنة قائمة الذات، حيث يجني منها ممتهنوها مبالغ مالية مختلفة، فكلما كان المتسول قادرا على التفكير والعمل لساعات طويلة من اليوم، كلما تسنى له الحصول على موارد مادية مهمة، لهذا فإن استنطاق الأرقام والإحصائيات وتصريحات المبحوثين، لا تظل ذات أهمية قصوى في البحوث الميدانية، وخصوصا التي تدخل منها في حقل العلوم الانسانية والاجتماعية، وأبرز مثال على ذلك ما تم التطرق إليه في هذه الدراسة التي قاربت “ظاهرة التسول” بالعاصمة الرباط، كما أن ما أثار انتباهنا في هذه الدراسة هو أن “المنظومة القيمية” بالمجال الجغرافي الرباط وقع فيها نوع من التشظي وطغيان الفردنة في العلاقات الاجتماعية، إذ يرجع ذلك إلى شساعة المجال الجغرافي والبشري، وإلى التداخل الثقافي ما بين أجناس متنوعة، ما يجعل من مفاهيم “التضامن والتعاون”… لا تظهر إلا في أوقات وظروف ووضعيات اجتماعية معينة.
- ظاهرة التسول: قراءة مقارناتية للمعطيات الميدانية لما بين مجال وزان والعاصمة الرباط.
من خلال الدراسة الميدانية التي استحضرناها في هذا المضمار، اتضح لنا بأن مدينة وزان لازالت المنظومة القيمية حاضرة في المخيال الاجتماعي لساكنيها، فانطلاقا من البحث الميداني الذي نشتغل عليه تسنى لنا الوصول إلى أن الوازع الديني المتمظهر في “التكافل” و”التضامن”… يساهم بشكل كبير في عدم انتشار التسول بتلك الدرجة المتوجدة في مجالات أخرى، ما يجعل التسول بالمجال المذكور لا زال في ثوب كلاسيكي، حيث يتوجه بعض المتسولين إلى المساجد الكبرى أو الأضرحة التي تتبع ل “الزاوية الوزانية” لأحذ “البركة” حسب المفهوم الشائع لهذا الحيز الجغرافي.
كما أن متسولي الطرقات والمقاهي ومحطات المسافرين… غير متوجدين بشكل كبير، إذ تقل عمليات النصب بالتسول، بمعنى أن هؤلاء المتسولون لا زالوا لم يصلوا بعد إلى مفهوم “التسول الإحترافي”، ما يظهر التأثير الثقافي على جانب العلاقات الاجتماعية والمعاملاتية,
وهذا ما تم التطرق إليه من خلال التأكيد على أن “البعد الثقافي والاجتماعي يؤثر على السلوكات والتمثلات الفردية والجماعية، فهنالك مجتمعات يغلب عليها اقتصاد النذرة، لكنها عينة على مستوى القيم والأعراف، وقد يحمل تمثلا بدخيا في هذا المستوى، لن بناءها الذهني يحمل الوفرة والكثرة”[28]
ما يدل على أن “التسول الحاجة” هو الذي يدفع بعض الأفراد لأمتهان التسول “بالمجال الوزاني”، حيث يظل الفقر والحاجة والهشاشة الاجتماعية من الدوافع الرئيسية للأستشراء الظاهرة بالمجال المذكور.
والذي يبقى من تيماته التقليد من قبيل أن بعض المنازل تعلق على واجهة أبوابها يافطة مكتوب عليها ” أفراد هذا المنزل يحتاجون مبلغا ماليا لاقتناء المواد الغذائية الأساسية، أو لدفع سومة الكراء…” حيث هنالك محسنين يساهمون بصدقة متخفية ودون أن يراهم أحد.
ما يجعل البعد الديني حاضرا في الصدقة على الأفراد والمحتاجين والمعوزين، فهذا التفسير يجد مؤداه في الأحاديث النبوية الشريفة وفي القرآن الكريم، مما يفسر بأن القراءة التحليلية لظاهرة التسول بوزان ترتبط بالمؤشر الديني والذي يؤطر من طرف العرف والتقاليد الاجتماعية.
أما في مدينة الرباط ومن خلال الاعتماد على الدراسة الميدانية السالفة الذكر، اتضح لنا بأن شساعة المجال الجغرافي والكثافة السكانية المتنوعة الأعراق والهويات تسهم في بزوغ مفهوم “التسول الإحترافي”، حيث يظل الحصول على الموارد المادية والمساعدات الاقتصادية هدفا أولا وأخيرا
كما أن المنظومة القيمية تعاني نوعا من التفسخ والإنحلال، إذ يرجع ذلك بالأساس إلى طغيان الجانب المادي على الزاوية الروحية.
حيث يعمل المتسولون في العاصمة الرباط على استعمال جميع الوسائل والطرق من أجل الحصول على المال، كما تعتبر الإعاقة بمختلف أنواعها: (الجسدية- الحركية – الذهنية والعقلية…)، إضافة نوعية لدى المتسولين حيث يعملون على استغلال هذه الإعاقة بغية الحصول على استعطاف أفراد المجتمع لمنحهم الصدقة، إضافة إلى جماعات وأفراد أخرى من المتسولين يبتكرون طرقا للنصب بالتسول كأبعاد الإصابة بأمراض خطيرة ومزمنة كالسرطان، “السيدا” أو الإحتياج إلى عملية جراحية مستعجلة…، أو الإدعاء بأنهم كانوا في سفر وتعرضوا للسرقة، ولم يبقى لهم أي مال للعودة إلى ديارهم، وهلم جرا من الطرق الأخرى المستعملة في هذا الصدد، إذ تظل هذه الحيل والآليات جميعا كمسار إستراتيجي بغية التأثير على الأفراد، والحصول منهم على المال، بمعنى استغلالهم ثقة الناس في الوضعية الوهمية التي اصطنعوها، وهذا ما يتماشى مع إحدى الدراسات التي اهتمت بظاهرة التسول” إذ اعتبرت بأن المتسول المحترف يمارس جميع فنون التسول، من خلال مواهب خاصة تمكنه من التأثير في الآخرين لحثهم على العطاء بما يملكه من مهارات في اختيار المكان والتوقيت وطبيعة من يسألهم، ومن يسألهم، حيث يعظم من عوائده أو أرباحه ويقلل من تكلفته المتمثلة في الوقت والجهد الذي يبدله في عملية التسول”[29].
ما يجعل التسول في المجالات الجغرافية والبشرية الكبرى كمهنة يجب فهم طرقها وآليات اشتغالها للحصول على الموارد المالية، لأن أمتهانها واحترافها يعني الحصول على مبالغ مالية وفيرة، ومدينة “الرباط” لاتخرج عن هذا المنحى التحليلي الذي قاربنا به الظاهرة المدروسة، حيث أنه لا يتسنى لنا فهمها واستيعابها إلا بالعودة المشروطة لمختلف المناهج والأدوات لسير أنوارها وفهم امتدادتها الآنية والماضية، إذ يظل دراسة القضايا الاجتماعية الساخنة بأدوار سوسيولوجية باردة منهجا وبراديغما أصيل في الحقل السوسيولوجي
وفي ذات السياق تعتبر الباحثة التونسية تركي الزناد” أن المدخل الرئيسي لفهم الحياة الاجتماعية يكمن في تتبع النظام والمخيال والفعل الاجتماعي، عن طريق خطاطات السلوك المعيشي، ففي ” الذاكرة والمخيال والأمكنة والعلاقات تتبنى سوسيولوجيا المعيش، وتنكشف حقيقة الأفعال الاجتماعية”[30].
فالتسول في هذه الزاوية المقارباتية لا يمكن تحليل مضامينه ومحتوياته إلا من خلال الملاحظة السوسيولوجية المتأنية ومعايشة أفراده وممارسيه، مع فهم الخلفية الذهنية المتبناة، حتى يستطيع الباحث في هذا الحقل التخصصي (التسول) من الإحاطة بتلابيب الظاهرة بمقاربة تفهمية قادرة على فهم الفعل الاجتماعي وتحليل وتفسيره.
- الخاتمة والنتائج والتوصيات :
أولا : الخاتمة :
شكلت خاتمة الدراسة حصيلة النتائج التي تمثل الإجابة عن أسئلة الدراسة بالإضافة إلى تقديم مجموعة من التوصيات، وقد تناولت الدراسة “التسول ومنظومة القيم، دراسة مقارنة”، لما بين مجالين مختلفين ” وزان_ الرباط”، وقد بينت الدراسة أن التسول له ارتباط بالبنية السوسيوتاريخية والاقتصادية والثقافية بالمجال الذي تتم فيه ممارسته، تماما كما هو الأمر بالنسبة للمجال الجغرافي بالرباط الذي وجدنا بأن “التسول الإحترافي”، يعد مظهرا مستشريا بشكل ملفت للنظر، ما يحيلنا إلى القول بأن هذه الظاهرة بهذا الحيز الجغرافي المدروس اتخذ صبغة “ثقافة التسول”، فكلما تم اتقان هذه الممارسة الحرفية بشروطها وتقنياتها المطلوبة، تسنى لذلك المتسول الحصول على موارد مالية مهمة، ما يساعده على الإذخار” وتحمل مسؤوليات الحياة الاجتماعية، وكلما كان المتسول عاديا ( لا يعرف تقنيات وتكتيكات التسول)، كان دخله الفردي منخفضا.
فنحن طبقا لهذا التحليل السوسيومعرفي أمام”حرفة اجتماعية” اتخذت شروطا واستراتيجيات قبلية لإكتسابها وممارستها، ومما يساعد على انتشارها بالمجال الجغرافي “الرباط” هو تفسخ “المنظومة القيمية” وغياب مفاهيم مثل التعاون – التضامن- والتكافل… ما يدل على أن طغيان الجانب المادي على الوازع الديني، لهذا المجال المدروس قد فاقم من الظاهرة وزاد من نسبة انتشارها.
عكس المجال الجغرافي “بوزان” الذي نشتغل عليه في بحثنا، إذ نجد بأن المنظومة القيمية في بعض تمظهراتها ك العرف- التضامن – البركة… لا زالت حاضرة وتمارس نوعا من أدوارها، ما يفرمل نوعا من انتشار “الظاهرة التسولية” على الشاكلة التي عليها بالرباط.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ان التسول بوزان لازل بحلة كلاسيكية ك “التوجه للمنازل لطلب الخبز أو بعض المواد الغذائية، أو الذهاب إلى المساجد والأضرحة، أو إلى أشخاص آخرين بعينهم… إلخ من الطرق المستعملة من طرف المتسولين بوزان، إذ لا حظنا بأن “التسول الإضطراري” هو الدافع الرئيسي لتسولهم.
كما تم التوصل إلى أن التسول بوزان ينتشر بكثرة في المواسم والأعياد ك : رمضان – عيد الأضحى – موسم الزاوية الوزانية …، ما يعطينا تصورا اجتماعيا بان ” ثقافة التسول” بوزان، تتسم بخاصية “التسول الموسمي” ما يجعل هذه الظاهرة بالمجال المدروس مغايرة لما هي عليه بباقي المجالات التسولية الأخرى بالمغرب، نظرا لضيق المساحة المجالية وعدم وفرة الكثافة السكانية، وما يمنع من استشراء التسول بتلك الطريقة الكثيفة.
ثانيا : النتائج .
بينت الدراسة أن ظاهرة التسول تنتشر في المجالات الجغرافية التي يقل فيها التضامن والتكافل وطغيان الفردية على الأنا الجمعية ما يبرز الدور المحوري للقيم في هذا الجانب.
أوضحت الدراسة بأن هنالك “التسول الإضطراري” الذي يدفع بالأفراد إلى التسول رغما عنهم، بحكم الطروف السوسيواقتصادية الهشة، وطروف الفقر المدقع الذي يعانون منه، تماما كما هو الأمر بالمجال الجغرافي بوزان.
أكدت الدراسة أن “التسول الاحترافي” ينتشر في المناطق الجغرافية ذات الكثافة السكانية والمجالية، والتي تتسم ب “التنوع الإثني والثقافي”، حيث يتخذ الكثير من الأفراد التسول كحرفة يجب فهم آليات إشتغالها حتى يتسنى للفرد المتسول اتقانها لكسب موارد مالية مهمة.
توصلت الدراسة على أن الإعاقة بمختلف تلاوينها وأطيافها يتم إستغلالها من طرف المتسولين، ويعد ذلك ميزة إضافية للاستعطاف الناس لمنحهم الصدقة.
أكدت الدراسة أن الأفراد الذين يتميزون بصحة بدنية جيدة يمارسون “التسول المتحرك” حيث ينتقلون من مكان جغرافي إلى آخر، أما الأفراد المسنين والمرضى فيمارسون “التسول الثابت” إذ يلازمون مكانا معينا ويستمرون فيه لوقت طويل من اليوم.
ثالثا: التوصيات :
- ضرورة تحقيق التوازن المجالي بين المدن المركزية والهامشية، للحد من الهجرة الداخلية بين المناطق الجاذبة والطاردة.
- إجراء بحوث علمية ودراسات مسحية للتعرف على الحجم الحقيقي الذي تغطيه ظاهرة التسول، مع نشر الإحصاءات الخاصة بالمتسولين سواء على مستوى الدولة أو المدن.
- ضرورة تقوية المنظومة القيمية من خلال البرامج والمناهج المعتمدة في التوجهات الاجتماعية والتربوية للدولة، مع التركيز على إيلاء الظواهر المنحرفة كالجريمة و التسول أهمية قصوى.
- إنشاء وزارة متخصصة بالفقر والهشاشة، بعيدا عن وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة”.
- تفعيل المقاربة الزجرية وتشديد العقوبات على المتسولين المحترفين، الذين يتسولون بالأطفال والأفراد الذين يعانون من إعاقة وأولئك المستغلين للوضعيات الوهمية من أجل النصب على المتصدقين.
قائمة المصادر والمراجع:
أ ب ت ث، مفهوم الثقافة وخصائصها، www.uobbylon.edu.iq أطلع عليه بتاريخ 20-10-2023 بتصرف.
أبو عبد الله محمد بوجندار، مقدمة الفتح من تاريخ رباط الفتح، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ووثائق، رقم 5، ط1.
جودت عبد الكريم يوسف، الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب الأوسط خلال القرنين 3 و 4 هـ (9و 10م)، بن عطنون (الجزائر): ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة غير مذكورة، 1992.
جيتيفرم ليمان، تفكيك دور كهايم نقد ما بعد بنيوي، ترجمة : محمود أحمد عبد الله، القاهرة، المركز القومي للترجمة 2013.
حجاج محمد، الزوايا : المجتمع والسلطة في المغرب” مقاربة سوسيو انثروبولوجة، فكر ونقد، السنة العاشرة، عدد 94، يناير 2001.
الرابطة المغربية لحماية الطفولة: ومديرية التعاون الوطني، التسول في المملكة المغربية، ط1، ع 200ن.
السروجي طلعت مصطفى، ظاهرة الإنحراف بين التبرير والمواجهة، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية: ط2، 1992.
السعيد الصمدي، الإصلاح الاجتماعي في الإسلام ظاهرة التسول أنموذجا، مجلة الألوكة، العدد 8، 2016/08/21.
سعيد سبعون: (2012): الدليل المنهجي في إعداد المذكرات والرسائل الجامعية في علم الاجتماع، ط2، دار القصبة للنشر، الجزائر.
صلاح أحمد مراد ( 2000)، الأساليب الإحصائية في العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية، دار الأنجلو المصرية القاهرة، ط1.
عادي الشرجبي: التسول، دراسة سوسيوأنثربولوجية عن التسول في العاصمة صنعاء، مكتبة النهضة للنشر والتوزيع، ط1.
عبد الرحمان بن محمد بن خلدون، المقدمة، الناشر: دار النهضة مصر 2012، ط1.
عبد الرحمان بن محمد بن خلدون، المقدمة، تحقيق (علي عبد الواحد وافي)، القاهرة : لجنة البيان العربي، الطبعة غير مذكورة، 1965.
قاسم الدماغ، أثر التسول في انحراف الأطفال بالعراق، مجلة دراسات اجتماعية، بيت الحكمة، بغداد العراق، 2011، العدد (62).
محمد عمر الطنوبي، التغير الاجتماعي، منشأة المعارف بالإسكندرية، جلال حزي وشركاؤه، جامعة الإسكندرية ج-م-ع، جامعة عمر المختار ليبيا، 1996.
محمد لبيب النجيحي، الأسس الاجتماعية للتربية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ، 1981م.
مفرح بن سليمان الفوسي، مقدمات في الثقافة الاسلامية، ط3، الرياض 1424هـ.
المنجد صلاح الدين، الظرفاء والشحاذون في بغداد وباريس: الطبقات الاجتماعية في العصر العباسي، بيروت: دار الكتاب الجديد، الطبعة 4، 1993.
المندوبية السامية للتخطيط: مونوغرافية جهة الرباط سلا زمور زعير 2015.
المراجع الأجنبية:
Castel r , les métamorphoses de la question sociale ( une chronique du salariat , paris : fayord ; 1995.
Dictionnaire : le petit la rouse (grand format) paris : edition la rouse 2005.
George Herbert Mead , Mind , Self , and society : from the standpoint of a social Behaviorist ( chicago : the univesity of chicago press, 1997).
Jean – Michel Besier « l-espace dans la critique de la raison pure de kant , « in : thierry paquot et chris younés (eds) , espace et lieu dans la penseé occidentale (paris : la découverte , 2012).
Vescard alexander , la disparition du vgabomdage comme fléau universel , revue de sociologie , n 1, 1963.
Vexlard alexandre, introduction à la sociologie vagabondage , paris ; librairie riviére
Zannod Bouchrara , T, (2006) la mémoire du vécu : pour une sociologie vécu tunisie : srec.
الهوامش:
-
Dictionnaire : le petit la rouse (grand format) paris : edition la rouse 2005 , p 575 ↑
-
Vexlard alexandre, introduction à la sociologie vagabondage , paris ; librairie riviére ↑
- أ ب ت ث، مفهوم الثقافة وخصائصها، www.uobbylon.edu.iq أطلع عليه بتاريخ 20-10-2023 بتصرف. ↑
- مفرح بن سليمان الفوسي، مقدمات في الثقافة الاسلامية، ط3، الرياض 1424هـ، ص 36. ↑
- محمد عمر الطنوبي، التغير الاجتماعي، منشأة المعارف بالإسكندرية، جلال حزي وشركاؤه، جامعة الإسكندرية ج-م-ع، جامعة عمر المختار ليبيا، 1996، ص 52. ↑
- جيتيفرم ليمان، تفكيك دور كهايم نقد ما بعد بنيوي، ترجمة : محمود أحمد عبد الله، القاهرة، المركز القومي للترجمة 2013، ص 69. ↑
- Vescard alexander , la disparition du vgabomdage comme fléau universel , revue de sociologie , n 1, 1963 ; p 53. ↑
- Castel r , les métamorphoses de la question sociale ( une chronique du salariat , paris : fayord ; 1995 , p 49 ↑
- جودت عبد الكريم يوسف، الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب الأوسط خلال القرنين 3 و 4 هـ (9و 10م)، بن عطنون (الجزائر): ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة غير مذكورة، 1992، ص 460. ↑
- عبد الرحمان بن محمد بن خلدون، المقدمة، تحقيق (علي عبد الواحد وافي)، القاهرة : لجنة البيان العربي، الطبعة غير مذكورة، 1965، ص 285. ↑
- الرابطة المغربية لحماية الطفولة: ومديرية التعاون الوطني، التسول في المملكة المغربية، ط1، ع 200ن، ص 12. ↑
- عادي الشرجبي: التسول، دراسة سوسيوأنثربولوجية عن التسول في العاصمة صنعاء، مكتبة النهضة للنشر والتوزيع، ط1، ص 45. ↑
- سعيد سبعون: (2012): الدليل المنهجي في إعداد المذكرات والرسائل الجامعية في علم الاجتماع، ط2، دار القصبة للنشر، الجزائر، ص 267. ↑
- نفسه، ص 262. ↑
- حجاج محمد، الزوايا : المجتمع والسلطة في المغرب” مقاربة سوسيو انثروبولوجة، فكر ونقد، السنة العاشرة، عدد 94، يناير 2001، ص 50. ↑
- المصدر: نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنوات1971؛ 1982؛ 1994؛2004. ↑
- Jean – Michel Besier « l-espace dans la critique de la raison pure de kant , « in : thierry paquot et chris younés (eds) , espace et lieu dans la penseé occidentale (paris : la découverte , 2012) p 229. ↑
- George Herbert Mead , Mind , Self , and society : from the standpoint of a social Behaviorist ( chicago : the univesity of chicago press, 1997) p 156. ↑
- صلاح أحمد مراد ( 2000)، الأساليب الإحصائية في العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية، دار الأنجلو المصرية القاهرة، ط1، ص 38. ↑
- عبد الرحمان بن محمد بن خلدون، المقدمة، الناشر: دار النهضة مصر 2012، ط1، ص 100. ↑
- المندوبية السامية للتخطيط: مونوغرافية جهة الرباط سلا زمور زعير 2015، ص 18. ↑
- أبو عبد الله محمد بوجندار، مقدمة الفتح من تاريخ رباط الفتح، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ووثائق، رقم 5، ط1، ص 55. ↑
- نتائج البحث الميداني من الدراسة المعتمدة :Enquétesur la mendicité ville de rabat
كشف هذا البحث على أن 18,69% من المتسولين يمارسون العملية التسولية برفقة أشخاص آخرين، وأغلبهم أطفال يرافقن نساء
55% يمارسون التسول الثابت، إذ حسب الباحث يعود ذلك إلى عامل الإعاقة والسن، ما يحول دون القيام بعملية الحركة التنقل بشكل مستمر.
العديد من المتسولين يقومون بتغيير الأمكنة والمجالات التي يمارسن فيها التسول.
كشفت الدراسة الميدانية أن نسبة 26,76% هم من أصل ريفي، وأن نسبة 37,24% من أصل حضري، ما يعكس التفاوتات لما بين الخصائص المجالية.
أظهر البحث أن نسبة 42,04% من المبحوثين متزوجين، و 26,13% أرامل، ونسبة 11,11% مطلقين، ونسبة 22,72% غير متزوجين.
أورد البحث أن ما نسميه 70,80% هم أميون، مع ارتفاع ظاهرة الأمية في أوساط النساء بنسبة تصل 48,65% مقابل نسبة 22,22% من الرجال.
أظهرت الدراسة أن نسبة 45% من العائلات المتسولة، ترى أن التسول هو نشاط عادي مثله مثل باقي النشاطات المهنية الأخرى.
أظهرت الدراسة ان نسبة 76% من المتسولين صرحوا بأن دخلهم اليومي يقدر ب 50 درهم، بينما صرحت نسبة أخرى قدرت ب 24% بأن مدخولهم اليومي يتجاوز 100 درهم. ↑
- المنجد صلاح الدين، الظرفاء والشحاذون في بغداد وباريس: الطبقات الاجتماعية في العصر العباسي، بيروت: دار الكتاب الجديد، الطبعة 4، 1993، ص 116. ↑
- السروجي طلعت مصطفى، ظاهرة الإنحراف بين التبرير والمواجهة، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية: ط2، 1992، ص 114.↑
- السعيد الصمدي، الإصلاح الاجتماعي في الإسلام ظاهرة التسول أنموذجا، مجلة الألوكة، العدد 8، 2016/08/21، ص 12. ↑
- المرجع السابقة، ص 14. ↑
- محمد لبيب النجيحي، الأسس الاجتماعية للتربية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ، 1981م، ص 200.البركة : هو مفهوم يستعمله المتسولون بمدينة وزان، ويرمز إلى الصدقة التي يحصلون عليها من المحسنين والمتصدقين. ↑
- قاسم الدماغ، أثر التسول في انحراف الأطفال بالعراق، مجلة دراسات اجتماعية، بيت الحكمة، بغداد العراق، 2011، العدد (62)، ص 64. ↑
-
Zannod Bouchrara , T, (2006) la mémoire du vécu : pour une sociologie vécu tunisie : srec ; p 15 ↑